You are on page 1of 20

‫سلسلة‬

‫كيف تجدد إيمانك‬

‫أهل الدين و أتباع التدين‬

‫الستاذ التهامي الشامي‬

‫‪1‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫محتويات الكتاب‬

‫الصفحة‬ ‫العناص ‪:‬‬

‫‪3‬‬ ‫الدقدمة‬

‫‪4‬ـ‪5‬‬ ‫الفيصل بي الدين والتدين‬

‫‪6‬ـ‪8‬‬ ‫فطرة الدين وتش ككل الهوية‬

‫‪ 9‬ـ ‪11‬‬ ‫أنسنة اللسل م‬

‫‪12‬‬ ‫عدقلنة اللسل م‬

‫‪ 13‬ـ ‪15‬‬ ‫لسلطة الدين وتسلط التدين‬

‫‪ 16‬ـ ‪18‬‬ ‫دين الولسطية وتدين التطرف‬

‫‪ 19‬ـ ‪20‬‬ ‫التطرف جس عبوهر للهرهاب‬

‫‪2‬‬
‫الدقدمة‬

‫ل يمكن فهم الظاهرة الهرهابية إل بوضعها ف ي لسياقها العال ي ‪ ،‬ونعن بذلك التوصيف الدقيق‬

‫للتحول ت الكب ى الت أحدثها نظا م العولة ‪ ،‬الذي لسنته المبيالية والصهيونية بغية التحككم‬

‫والسيطرة والهيمنة على'' الدقرية القتصادية ''‪ ،‬ولم يدقتص نظامها فدقط على البعد الال ي‬

‫والقتصادي ‪ ،‬بل تع كد ذلك إلى بعد حيوي ثدقاف ي لغزو الفكر ومسخ الهوية ‪ ،‬وهذا ما مككنها من‬

‫الهيمنة الطلدقة على كافة الاجال ت الحيوية ‪ ،‬فتحولت العولة من كونها نظاماا إلى نمط حياة‬

‫تسكب ب ف ي"تشكيوء" النسان عن طريق العدقلنية اللستهلكية ‪ ،‬حيث أصبحت اليشياء تتحكم فيه‬

‫عن طريق قواني ل يستطيع هر كدها ‪ ،‬فتحول من الناحية الذاتية والوضوعية الى يشخص لسلب‬

‫وهكذا تاجرد من إنسانيته وه ي اللساس الوضوع ي للشعوهر الذات ي بالتغتاب ‪ ،‬وأصبح جزءاا‬
‫خاضعا للدقواني اللية ‪.‬‬

‫وبحكم النفوذ السياس والضغط القتصادي ‪ ،‬والتغلغل العلومات ي والعلم ي فرضت إيديولوجيتها‬

‫الت فتك كرس النعة النانية وتطمس الروح الاجماعية ‪ ،‬وتؤجج الفتنة وتزهرع الففرقة لتسود ‪ ،‬لذا‬

‫هيأ ت البيئة اللمئمة ' 'للفوض الخكلقة '' أي الهرهاب ‪ ،‬وأع كد ت له اللواز م التدقنية ليصبح أكث فتكاا‬
‫وأيشد دماهراا لم يسبق لهما مثيل فى التاهريخ ‪ ،‬فأمس العالم يعيش الفوض الخكلقة ـ عص الهرهاب ـ‬

‫الت ترت ب عنها تمزيق نسيج الاجتمع البشي ‪ ،‬تغي أن عواصف الهرهاب الهوجاء الدمرة أصابت‬

‫العالم اللسلم ي أكث من تغيه ‪ ،‬لذا إهرتأيت أن أتطرق ف ي هذه الدهرالسة إلى الهرهاب الصادهر عن‬

‫السلمي ‪ ،‬وأنا براء من إلصاق هذه التهمة باللسل م ‪ ،‬ولكن بما أنن مسلم فواقع المة هو الذي‬

‫يشغلن الن أكث من تغيه ‪ ،‬نظراا لاجسامة آثاهره الدمرة ‪.‬‬

‫ض تغيها ‪ ،‬والواقع الدام ي يشهد‬


‫ض بالمة أكث مما ي ك‬
‫إن الهرهاب الصادهر من بعض السلمي ي ك‬
‫يشكوهت صوهرة اللسل م وفأعط ي للغي الذهريعة ‪ ،‬للتهاجم عليه بكل الصيغ الشينة‬
‫بذلك ‪ ،‬حيث ف‬
‫الدقادحة الت قد فتنكفر الناس منه ‪ ،‬و تاجعله دامئما ف ي قفص التها م ‪ ،‬قال تعالى ‪ '':‬إن الذين فرقوا‬

‫دينهم وكانوا يشيعا لست منهم ف ي شء ‪ ،‬إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ''‬

‫ـ النعا م ‪ 159‬ـ‬

‫‪3‬‬
‫الفيصل بي الدين والتدين‬

‫العلقة بي الدين والتدين ف ي الاجتمع اللسلم ي مشويشة بسب ب إهرتباك دللة الفهومي ‪ ،‬الناتج عن‬

‫تشوه الدهراك البستمولوج ي ‪ ،‬مما أد ى إلى إعتباهر الدين موهروث إجتماع ي يتاجسد ف ي العبادا ت‬

‫والشعامئر الشكلية ‪ ،‬لياجد التدين نفسه أما م واقع متناقض يدقود إلى لسلوكيا ت خاطئة ‪ ،‬تنعكس‬

‫لسلبي اا على مفهو م الدين ‪ ،‬لذا نحن ف ي أمس الحاجة إلى فهم الدين بطريدقة مختلفة عن التلدقينا ت‬

‫والتعريفا ت الوهروثة ‪ ،‬الت تثي إيشكالت ت أوهرد ت المة الهالك ‪ ،‬بسب ب تمييع الفاهيم والتنطع‬

‫الفكري ‪.‬‬

‫إن الدين عند الله هو اللسل م ‪ ،‬وهو جوهر العدقيدة ومرتكز الفطرة ‪ ،‬ولدقد نزل خالصاا ‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬

‫'' أل لله الدين الخالص'' ـ الزمر ‪ 3‬ـ‬

‫ونزل ميكس اا ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬ولدقد يسنا الدقرآن للذكر فهل من مدكر '' ـ الدقمر ‪ 43‬ـ‬

‫ونزل محفوظاا ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون '' ـ الحاجر ‪ 9‬ـ‬

‫والتدين هو التأثي الذي يحدثه التشيع الله ي ‪ ،‬بحيث ياجد له قابلية إكتباعية تسليمية من طرف‬

‫التدين ‪ ،‬ويفض ف ي النهاية إلى تحدقيق متطلبا ت العدقيدة إما تطبيدقاا وإلتاماا ‪ ،‬أو إفراطاا وإمتهاناا‬
‫وبالتال ي يتفاو ت الناس ف ي اللتا م والتطبيق لتطلبا ت هذه العدقيدة من خلل مفهو م التدين ‪.‬‬

‫والراد من ثنامئية الدين والتدين هو ثنامئية النظرية والماهرلسة ‪ ،‬أي توضيح العلقة بي الحكا م‬

‫والتعاليم اللهية وتطبيدقها الواقع ي ‪ ،‬قال تعالى ‪'' :‬وما أومروا إل ليعبدوا الله مخلصي له الدين‬

‫حنفاء '' ـ البينة ‪ 5‬ـ‬

‫ونستنتج من هذا الطرح بأن الدين هو نظا م علقة ‪ ،‬وإتصال بي النسان والنسان والنسان‬

‫والله ‪ ،‬وهو مطلق ثابت ل يتغي كنص مدقدس ‪ .‬والتدين هو فهمنا وتأويلنا للنص ‪ ،‬وكيفية‬

‫مماهرلستنا للتعاليم والحكا م ‪ ،‬وبالتال ي فهو ليس مدقدلساا وليس ثابتاا بالرة ‪.‬‬

‫وتعود إهرهاصا ت التدين الولى إلى زمن هرلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪ ،‬حيث كان السلمون‬

‫يلاجأون ف ي معرفة أموهر دينهم إليه ‪ ،‬وكان مصدهر الحكا م وقتئتذ هو الوح ي أو السنة النبوية ‪ ،‬وبدق ي‬

‫الحال على ذلك إلى أن إلتحق بالرفيق العلى ‪ ،‬فأصبحوا يسألون الخلفاء خاصة والصحابة عامة‬

‫‪4‬‬
‫لنهم كانوا أقرب الناس إليه وأعرفهم بأحكا م الدين ‪ ،‬دون أن يتمذهبوا بدقول واحد بعينه ‪.‬‬

‫وبعد تول ي عثمان هرض الله عنه الخلفة إنطلدقت بداية الفتنة الكب ى ‪ ،‬وكانت بداية الففرقة والتفرقة‬

‫بي السلمي ‪ ،‬فأحدثت شوخ عميدقة ف ي النظومة الفكرية فظهر ت الشيعة بطوامئفها ‪ ،‬كما ظهر‬

‫الخواهرج الذين قاموا بمحاهربة عل ي هرض الله عنه فى معركة النهروان ‪ ،‬ثم أفتوا بتكفيه ووجوب‬

‫قتله ‪ ،‬وبالفعل ناجح عبد الرحمن بن ملاجم ف ي قتله يو م ‪ 18‬هرمضان عا م ‪ 40‬هاجرية ‪ ،‬فانطلدقت‬

‫بداية جدلية الدين والسيالسة ‪ ،‬وأثي ت ف ي ذلك الاجدل أدكق قضايا الفكر الجتماع ي والقتصادي‬

‫وأكث مشكل ت الحكم تعدقيداا وتشعباا ‪ ،‬وبدأ يتعمق الاجدل الفدقه ي السياس ‪ ،‬فظهر الخلف التمثل‬

‫ف ي تباين الهراء والصالح ‪ ،‬وما يهمنا إلستخلصه من هذا الخلف هو أنه كان النطلق الحدقيدق ي‬

‫الول لظهوهر النتماءا ت الطامئفية والذهبية ‪ ،‬الت أد ت إلى إنشطاهر الصفوة الفكرية كنتياجة حتمية‬

‫لبداية التعص ب الدين ف ي التاهريخ اللسلم ي ‪ ،‬واختلفت الذاه ب بإختلف أصحابها ف ي مناهج‬

‫الجتهاد واللستنباط ‪ ،‬ومرد ذلك إلى الخلفا ت السيالسية والفكرية – الصولية والفدقهية – الت‬

‫حدثت بي السلمي ‪ ،‬ثم تشكعبت بسب ب إختلفا ت كثية ف ي الفروع والصول بسب ب الهاترا ت ‪ ،‬الت‬

‫وقعت بي أهل الحديث وأهل الرأي ‪ ،‬فبدأ ت هروح التعص ب تدب ف ي النفوس ‪ ،‬وأجاجته التغراض‬

‫حككا م دوهر فكعال وهراء دعم‬


‫السيالسية والرآهرب الدنيوية ‪ ،‬فأصبح لكل مذه ب أتباعه وأنصاهره ‪ ،‬وكان لل ف‬
‫فو كعاظ السلطان ‪ ،‬لتكون لهم الكانة السامية عند الناس بإعتباهرهم أمئمة ف ي الدين ‪ ،‬وليصفوا‬

‫النظاهر عن وعاظ المة ‪ ،‬مما أد ى إلى إبتعاد الفدقهاء عن الواقع العيش ‪ ،‬وإنشغالهم بالدقضايا‬

‫الهامشية ‪ ،‬فازداد الصاع الذهب تأكزماا وأصبح مألسوياا ‪ ،‬وتغكي الدين من حالته الصفة إكما عن‬

‫زيغ وهو ى أو عن جهالة ولسفاهة ‪ ،‬أو لوالة أتغراض طامئفية ومذهبية لتحدقيق مرآهرب دنيوية ‪ ،‬مما‬

‫أد ى إلى الغلو أي الفراط ف ي التفاعل مع الدين ‪ ،‬لسواء ف ي الاجال العدقامئدي أو الفكري ‪.‬‬

‫ومن الؤلسف أن بعض الفدقهاء إتخذوا الجتهاد كمطية لضفاء الشعية على الحمولة البشية ‪ ،‬الت‬

‫أضيفت إلى الدين لتصبح مصدهراا ألسالسياا ‪ ،‬مكتسية لبولساا دينياا وه ي منه عراء ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬ول‬

‫تدقولوا لا تصف ألسنتكم الكذب هذا حلل وهذا حرا م لتفتوا على الله الكذب ‪ ،‬إن الذين يفتون على‬

‫الله الكذب ل يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم '' ـ النحل ‪ 116‬ـ‬

‫‪5‬‬
‫فطرة الدين وتشككل الهوية‬

‫إن الرتغبة ف ي التدين ه ي إحساس يظهر فطرياا عند النسان ‪ ،‬يشأن بدقية الحالسيس والشاعر‬

‫النسانية الفطرية الخر ى ‪ ،‬لذا الدقرآن الكريم يعتب الشعوهر الدين أمراا نابعاا من الفطرة وهراجعاا‬
‫إليها ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله الت فطر الناس عليها ل تبديل لخلق الله‬

‫ذلك الدين الدقيم ولكن أكث الناس ل يعلمون'' ـ الرو م ‪ 30‬ـ‬

‫ولدقـد أثبـت علمـاء النفـس أن ه إضـافة للبع اد الغرامئزي ة الثلث الوج ودة فـ ي النس ان ‪ ،‬يوجـد بعـد‬

‫تغرامئزي هرابع ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ تغريزة ح ب اللستطلع ‪ :‬تدفع الفكر النسان ي إلى البحث ‪ ،‬وإلستطلع السامئل والشــاكل والســع ي‬

‫لكتشاف الاجهول ت ‪ ،‬وفك الرموز وإلستكناه الحدقامئق ‪ ،‬وف ي ظلها نشأ ت العلو م ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ تغريزة ح ب الخي ‪ :‬ه ي منشأ ظهوهر الخلق عند النسان ‪ ،‬ومعتمد الفضامئل والساجايا النسانية‬

‫والصفا ت السلوكية التعالية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ تغريزة ح ب الاجمال ‪ :‬ه ي منشأ الرقة والتأنق ‪ ،‬ولسب ب ظهوهر العمال الفنية ف ي يش كت ماجال ت‬

‫الحياة ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ تغريزة التدكين ‪ :‬النسان يناجذب عفوياا إلى معرفة ماوهراء الطبيعة ‪ ،‬وبالتال ي فهو يميل إلى التدكين‬

‫لدهراك الدقوة الحاكمة ف ي هذا الكون الذي يعيش ضمنه ‪.‬‬

‫إن الدين يشككل جدلية وجودية أزلية ‪ ،‬لنه حاجة بشية فيعكب عنها بنوع تدين ‪ ،‬يتألسس على‬

‫اليمان بأن لهذا الكون خالدقاا ‪ ،‬يتصف بصفا ت الكمال والدقدهرة الطلدقة ‪ ،‬وجملة من التعليما ت النظرية‬

‫الت تحدد صفا ت تلك الدقوة اللهية ‪ ،‬وقواعد عملية ترلسم طريق اليمان ‪ ،‬الذي هو النواة الت‬

‫تتألسس عليها ماهية النسان والوجود بحس ب التصوهر الدين ‪ ،‬الذي هو حالة إعتدقادية تاجعل‬

‫الرء يتخذه منهاجاا لرضاة الله ‪ ،‬أي العبود عن طريق الطاعة والندقياد ‪ ،‬بحيث ل يستطيع أن‬

‫يعيش بدون إيمان وتدقديس ‪ ،‬فإن لم يؤمن بدين معي فسيؤمن بفمفثل عليا أخر ى بإعتباهرها الحدقيدقة‬

‫اللسمى ‪ ،‬وي كتخذ منها موضواعا ليمانه ليو ك سلسع آفاق نظرته للحياة ‪ ،‬بدل التيه ف ي سادي ب الدقلق‬

‫الذي يتأكتى منها الشك والت كدد ‪ ،‬لذا فعلماء النفس ياجمعون على أن اليمان الدين قادهر على أن‬

‫‪6‬‬
‫يصهر ف ي بوتدقته كل الذاتيا ت والنانيا ت ‪ ،‬بحيث يدفع التدين إلى أن يبذل مساع ي قد تتعاهرض مع‬

‫ميولته الطبيعة ‪ ،‬لن الدقوة اليمانية وحدها قادهرة أن فتضف ي على البادئ طابع الدقدلسية ‪ ،‬فيدقـ كد م‬

‫التدين التضحيا ت برض تا م وبشكل طبيع ي ‪.‬‬

‫وهكذا تبدأ تتشكل الهوية الدينية للفرد ف ي الاجتمع التدين كحالة نفسية ‪ ،‬وقد يختلف أفراد الاجتمع‬

‫الواحد ف ي تمثل هذه الهوية الدينية ‪ ،‬بمدقداهر فهمهم وإدهراكهم لنظومة الدين ‪ ،‬فيختلفون ف ي مماهرلسة‬

‫الطدقوس والشعامئر والعبادا ت بمدقداهر إختلف الفهم والدهراك ‪ ،‬فتتشككل الهوية الدينية لد ى التدين‬

‫بفضل عامل النضج الذات ي وعامل البيئة الجتماعية ‪ ،‬وبعد اليمان الفطري الدقبل ي يبدأ النتماء‬

‫الدين الذي يتبلوهر داخل الطاهر السي ‪ ،‬عن أب ي هريرة هرض الله عنه أنه قال ‪ :‬قال هرلسول الله‬

‫صلى الله عليه ولسلم ‪'' :‬ما من مولود إل يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصانه ويماجسانه ‪،‬‬

‫كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ؟ ثم يدقول أبو هريرة واقرؤوا إن يشئتم ''‬

‫فطرة الله الت فطر الناس عليها ل تبديل لخلق الله '' ـ هرواه البخاهري ـ‬

‫ولدقد أيشاهر ت إحد ى الدهرالسا ت الت فنش ت ف ي صحيفة "الديل ي تلغراف" ف ي عددها الصادهر ف ي ‪16‬‬

‫حزيران ‪، 2009‬حيث أكد الدكتوهر " جستون باهريت" الباحث بمركز النثوبولوجيا والعدقل باجامعة‬

‫ص ك سمممت‬
‫أكسفوهرد ببيطانيا ‪ '' :‬إن الطفال يولدون مؤمني بالله ‪ ،‬ولسب ب إيمانهم أن أدمغتهم ف‬
‫بطريدقة تاجعلهم يؤمنون ''‬

‫وكما أكد كذلك الدكتوهر "بروس هود" البيطان ي ‪ '' :‬إن اليمان بالله ينبع من برماجة معينة ف ي‬

‫عدقول البش منذ الولدة ‪ ،‬وأن البش مبماجون للتمتع بشعوهر هروحان ي ‪ ،‬إنطلقاا من نشاط كهربامئ ي‬

‫ف ي مناطق معينة ف ي الدماغ "‬

‫إن الطفل يتدقبل النتماء الدين الختاهر له من قبل والديه ‪ ،‬ويتدقكبله من تغي أن يع ي تفاصيل هذا‬

‫النتماء ومدلولته ‪ ،‬وبدون معرفة وإدهراك الحق بمفهومه التعدقل ي ‪ ،‬بحيث يتمثل له الحق والصواب‬

‫ببساطة ف ي أفعال وأقوال الوالدين ‪ ،‬ثم يتطوهر هذا النتماء وينمو لد ى الطفل فيتاجاوز دامئرة‬

‫السة ‪ ،‬فيشعر بالنتماء إلى جماعة لها نفس العدقيدة ‪ ،‬فتتشككل عنده الهوية الدينية من خلل‬

‫العلقة مع الخر ‪ ،‬فيبدأ ف ي إكتشاف ما ياجمعه بالخر وما يميه عنه ‪ ،‬ومن خلل هذا الشعوهر‬

‫يحمل وعي اا بالنتماء الشتك ‪ ،‬الذي يندقله من طوهر '' الدين الفطري '' إلى طوهر '' الدين الواع ي”‬

‫‪7‬‬
‫الذي ياجعله مدهركاا لخصامئص إنتمامئه ‪ ،‬وياجعل لها مساهراا ذا معن يعتمده بنااء على تاهريخه الذات ي‬

‫والسي والنفس والثدقاف ي ‪ ، ...‬وهكذا ينتدقل الفرد من معرفة أنه ''صاح ب دين'' إلى النخراط ف ي‬

‫دامئرة '' التديني” ‪ ،‬والطالبة بأن يعامل على هذا اللساس لصياتغة هويته الدينية الذاتية ‪ ،‬من خلل‬

‫كيفية مماهرلسته للدين الذي يستدقر ف ي وعيه وإدهراكه ‪ ،‬وف ي هذه الرحلة تظهر الفواهرق ف ي الخطاب‬

‫والماهرلسة الت تتاجسد ف ي ظاهرة التدين ‪ ،‬فيعب كل متدين عن إنتمامئه من خلل التصوهر العتدقادي‬

‫ف ي التطبيدقا ت الرتبطة به ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أنسنة السلم‬

‫قال تعالى ‪ '' :‬وما أهرلسلناك إل كافة للناس بشيا ونذيرا ولكن أكث الناس ل يعلمون '' ـ لسبأ ‪ 28‬ـ‬

‫إن دين اللسل م ليس ماجموعة منظمة من العتدقدا ت والطدقوس ‪ ،‬تتكز حول إله‪ /‬معبود خاص‬

‫بالسلمي ‪ ،‬بل هو منظومة فكرية تمنح الناس كافة نظاما للتكيف وهدفا للعبادة ‪ ،‬وحافزاا ملحاا‬

‫للستعادة الوحدة والتوازن النفس والفكري ‪ ،‬بوالسطة تكوين صوهرة يشاملة للوجود لتكون مرجعاا‬
‫يستعي به النسان ‪ ،‬للحصول على التوافق والنساجا م ف ي حياته بفضل الدقيم العدقامئدية الت تدقوده‬

‫إلى التحكم ف ي نزواته ‪ ،‬ومن خلل ال يمان الذي يح كدد له النتياجة الدقبلة لتصفاته ف ي واقعه‬

‫السيكولوج ي ‪ ،‬ونتياجة لذلك فإنه يتمكن من السيطرة وتوجيه لسلوكه ‪ ،‬طبدقاا للمنهج الربان ي الذي‬

‫يريشده ويهديه إلى أفضل مبادئ السلوك ‪ ،‬الت توصيله إلى تحدقيق الذا ت عن طريق الفهم والتميي‬

‫بي الخي والش ‪.‬‬

‫واللسل م بإعتباهره دينا ومنظومة فكرية تعتب أنسنة الدين حدقيدقة لسيكولوجية ‪ ،‬تنشد لسعادة‬

‫وطمأنينة النسان بألسلوب يشامل وفكعال ‪ ،‬ومن ثم فإنه يركز على إثبا ت أهمية كرامة النسان‬

‫لتكون نظرته الدهراكية للحياة فكعالة ‪ ،‬بإعتباهر اللسل م ألسلوباا للحياة ونظاما يدق كد م أبعد أثراا‬
‫بالنسبة لهؤلء الذين يدقبلون أو يرفضون هرلسالته ‪ ،‬قال تعالى ‪'' :‬ولدقد كرمنا بن آد م وحملناهم ف ي‬

‫الب والبحر وهرزقناهم من الطيبا ت وفضلناهم على كثي ممن خلدقنا تفضيل ''‬

‫ـ الساء ‪ 70‬ـ‬
‫إن الحق لسبحانه فيؤ ك س‬
‫صل ف ي الية للنسان مبدأ الكرامة الدمية أول ا أي إنسانيته ‪ ،‬فمن أي عرق‬

‫إنحدهر ‪ ،‬ومن أي دين أوعدقيدة إنتمى فهو آدم ي له كرامته الذاتية ‪ ،‬ولدقد فس اللوس البغدادي قوله‬

‫تعالى‪ '' :‬ولدقد كرمنا بن آد م '' فدقال ‪ '' :‬جعلناهم قاطبة بكرهم وفاجرهم ذوي كرامة ‪ ،‬أي شف‬

‫ومحالسن جمة ل يحيط بها نطاق الحص '' ‪ ،‬وبالضافة إلى التكريم البدأي فالنسان له أفضليته‬

‫ليصبح أكر م عن طريق اللستعداد والسع ي ‪ ،‬قال تعالى‪ '':‬إن أكرمكم عند الله أتدقاكم''ـ الحاجرا ت ‪ 13‬ـ‬

‫أكر م وأتدقى هما صيغت تفضيل ‪ ،‬وصفة أكر م ه ي أفضل من مكرر م لنها عدل عن الصفة الاجاهرية‬

‫'' إلسم مفعول'' الذي يطلق بظاهر الحال ‪ ،‬أما صفة أكر م ل تطلق إل بعد الخبة والعاينة ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫والسبيل لنيل هذه النلة '' أكر م'' ه ي التدقو ى ‪ ،‬وه ي عباهرة عن ملكة نفسانية تص كد النفس عن‬

‫الوقوع ف ي العاص والحاهر م وتحملها على الطاعا ت ‪ ،‬وه ي معياهر التفاضل وشط الدقبول ف ي‬

‫اللسل م ‪ ،‬قال تعالى‪ '':‬إنما يتدقبل الله من التدقي ''ـ الامئدة ‪ 27‬ـ‬

‫إن الهدف الوظيف ي لنسنة الدين هو أن يدهرك النسان قيمة نعمة الكرامة ‪ ،‬ليتمكن من التويض‬

‫والسيطرة على تغرامئزه لتحدقيق ذاته ‪ ،‬الت تتفق مع طبيعة حدقيدقة الدين وتشكل الشخصية العياهرية‬

‫وهذا يتطل ب منه فهماا متايداا لدقدهراته العدقلية والنفسية ليستمر ف ي السمو والرق ي النسان ي ‪ ،‬ولدقد‬

‫لحظ الحللون النفسيون بأن إحتدقاهر الذا ت وهدهر الكرامة ‪ ،‬مر كده إلى إعتناق النسان لفكاهر تتضمن‬

‫قكيم تدقييمية مغاسلطة ‪ ،‬تتكه ليولته ونزواته وإختياهرته الشخصية ‪ ،‬الت تمنحه يدقيناا زامئفاا بأهمية‬

‫'' حرية الفرد ''‪ ،‬وهنا يكمن الخطر بسب ب التكي فدقط على الشاعر والنوا ت ‪ ،‬لنها تغي قادهرة أن‬

‫تريشده ف ي لسعيه ‪ ،‬فه ي ليست أدوا ت ملمئمة للدهراك والعرفة لتحدقيق الكرامة ‪ ،‬فالتشيع النسان ي‬
‫مهما عظم يشأنه لسيبدقى ناقصاا ‪ ،‬عكس التشيع الربان ي فهو منه عن العبثية ‪ ،‬ومؤ ك س‬
‫صل لنظرية‬

‫النسنة للتأثي ف ي ماجر ى النمو السيكولوج ي للنسان ‪ ،‬لنه لسبحانه يرعى النسان بألسلوب ياجعله‬

‫يرتدق ي من حالة بعد أخر ى حت يصل إلى هدفه من الكمال ‪ ،‬ذلك الهدف التمي الذي يشح بطريدقة‬

‫يشاملة علقة الله بالنسان ‪ ،‬التاجلية ف ي هرحمته الت ولسعت كل شء ‪ ،‬وعلقة النسان بالله‬

‫التاجلية ف ي العبودية كسلوك ‪ ،‬يمنح التدين تمالسكاا فكرياا من خلل العبادة ‪ ،‬قال تعالى ‪ '':‬إن‬

‫الصلة تنه ي عن الفحشاء والنكر ولذكر الله أكب '' ـ العنكبو ت ‪ 45‬ـ‬

‫عندما نتحدث عن العبادة فإننا نعن كيفية لسلوك الشخص ‪ ،‬وليس ثمة مبالغة أن ندقول إن‬

‫العبادة ه ي الت تح سكدد لسما ت يشخصية النسان ‪ ،‬لن من الفروض أن تستخرج من التدين أفضل ما‬

‫به ‪ ،‬بحيث تم ككنه من الحساس الستمر بالتوازن والتوافق الفكري والنفس ‪ ،‬لن الله لسبحانه تغن‬

‫عن العالي ‪ ،‬فهو ل يريد للنسان لسو ى أن يحدقق كرامته ‪ ،‬ويتفاد ى إحتمال ت الفساد والفساد‬

‫ومن ثم فإن النسان هو الستفيد من العبودية والعبادة ‪ ،‬قال تعالى ‪ " :‬فمن اهتد ى فإنما يهتدي‬

‫لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها " ـ الساء ‪ 15‬ـ‬

‫إن دين اللسل م ير ى بأن النسان هوأصتل جوهري ف ي الحكا م الشعية ‪ ،‬وأككد على هذا من خلل‬

‫مركزيته داخل النسق الدقرآن ي ‪ ،‬وحكث على تحكرهره العدقل ي من قيود لهو ت التدقليد والتبعية ‪ ،‬قال‬

‫‪10‬‬
‫تعالى ‪ '' :‬اليو م أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمت وهرضيت لكم اللسل م ديناا '' ـ الامئدة ‪ 3‬ـ‬

‫ونعمة اللسل م تتاجلى ف ي إحياء هروح النسان وعدقله ‪ ،‬بعدما أعلنت الاجاهلية الاجهلء موته الدقيم ي‬

‫كما تتاجلى ف ي الدعوة إلى تحرهره من فساد التصوهرا ت ‪ ،‬والعوامئد الباطلة للسمو بالوجود الحيات ي‬

‫إنطلقاا من تد كبر معان ي النسق الدقرآن ي ‪ ،‬الذي يستهدف تكوين الشخصية النسانية ‪ ،‬وإعطامئها‬

‫كرامتها وقيمتها العليا ‪ ،‬حيث يتبي للمتد ك سبر أن مدقاصد الدين جاء ت للسعاد النسان وتكريمه وليس‬

‫لتهميشه والتدقليل من قدهره ‪ ،‬لذا حكذهر الحق لسبحانه من خضوع الـشع لهواء النسان وملذاته لنه‬

‫إن فعل فمرآله إلى الضياع والفساد ‪ ،‬قال تعالى‪" :‬ولو إتبع الحق أهواءهم لفسد ت السموا ت والهرض‬

‫ومن فيهن" ـ الؤمنون ‪ 18‬ـ‬

‫ومن مظاهر النسنة ف ي اللسل م كذلك الهتما م بالفطرة النسانية وه ي هراجعة إلى الاجبلة ‪ ،‬لذا‬

‫فاجميع أصول وقواعد الشع تنفاجر من ينبوع معن الفطرة ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬ويريد الله أن يخفف‬

‫عنكم وخلق النسان ضعيفا '' ـ النساء ‪ 28‬ـ لدقد شع الله التخفيف لعلمه الزل ي بماهية النسان‬

‫فاجعل له منهاجاا هربانياا قادهراا على خلق علقة متوازنة وتوافدقية بي النسان ‪ ،‬وبي إحتياجاته‬

‫الحياتية دون متـش كيوء كينونته أوتحويله إلى حيوان لذامئذي ‪ .‬فالنعة الفطرية ف ي الدقرآن تعد من‬

‫توابث الشيعة ‪ ،‬ومن خللها فبنكيت مدقاصد الشيعة ‪ ،‬قال تعالى ‪ '':‬فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة‬

‫الله الت فطر الناس عليها ‪ ،‬ل تبديل لخلق الله ذلك الدين الدقيم ولكن أكث الناس ل يعلمون ''‬

‫ـ الرو م ‪ 30‬ـ‬

‫وهذا الصل الفطري ل ينبغ ي أن يغي ب ف ي كل تشيعا ت اللسل م بأصولها وفروعها ‪ ،‬وأكي تعاهرض‬

‫بي مطال ب النسان وماجاء ف ي الشيعة فمرجعه إلى إنحراف الفطرة ‪ ،‬أو إنحراف التأويل‬

‫للشيعة ‪ ،‬لذا فأعظم أوصاف النسان الت تدقو م عليها مدقاصد الشيعة ه ي الفطرة ‪ ،‬وبالتال ي‬

‫فالكثي من اليا ت الدقرآنية تبي الصفا ت الاجبلية للنسان ‪ :‬هلوع ـ جزوع ـ يؤوس ـ كفوهر ـ كنود‬

‫ظلو م ـ عاجول … ‪ ،‬والنسان إذا تغل ب عليه اليمان إضمحلت هذه الصفا ت الخالفة للنسانية ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫عدقلنة السلم‬

‫لدهراك مفهو م عدقلنة اللسل م يستلز م طرح لسؤال محوهري ‪ :‬هل الهدف من دين اللسل م هو خدمة‬

‫النسان ‪ ،‬أ م فوجد النسان لخدمة الدين ؟‬

‫العدقلنة ه ي التفكي بعمق من أجل أن فيفهم اللسل م عدقيداة وشيعاة ‪ ،‬حت ل يتحرك التدين من‬

‫موقع الاجهل أو من موقع الغفلة ‪ ،‬بل ياج ب أن ينطلق من موقع العلم والعرفة والخبة ‪ .‬فالعدقل إذا‬

‫انساجم مع الدين قبل به وإن لم ينساجم هرفضه ‪ ،‬لن العلقة بي الدين والعدقل علقة توافدقية وليست‬

‫تنافرية ‪ ،‬وبالتال ي فكلهما يساهمان بشكل فكعال ف ي بناء وخدمة النسان ‪.‬‬

‫والعلو م من الدين بالضوهرة هو أنه مدقدس وثابت وقطع ي ‪ ،‬والتدين هو تاجربة إنسانية تغي مدقدلسة‬

‫لنها مبنية على فهم بشي تغي معصو م فيها ‪ ،‬وهذا يؤدي إلى وجود أفها م مختلفة للدين ومنهاجيا ت‬

‫متعددة ‪ ،‬يت كم تنيلها على الواقع ‪ ،‬وبالتال ي نحن أما م أنماط من التدين أخذ ت بناصية الناس إلى‬

‫نواح متباعدة ومصامئر متناقضة ‪ ،‬مما جعل من الدين ولسيلة مؤدية إلى ما هو ندقيض له ‪.‬‬

‫إن الراد من التدين هو إلتا م التدين بتعاليم الدين الخالص ‪ ،‬وتدقديمها ف ي صوهرة متكاملة ويشمولية‬

‫وجعلها مرجعاا له ف ي السلوكا ت والعامل ت والعبادا ت ‪ ،‬ول يصح إطلق صفة متدين إل على من‬

‫إلت م بالتصكوهر الشمول ي لفهو م الدين ‪ ،‬وهذا اللتا م ياج ب أن يرتبط بالتصوهر التعكدقل ي ‪ ،‬لن المر‬

‫الدين بضوهرة إعمال العدقل يؤكد بأن بالنظر العدقل ي ‪ ،‬هو السبيل لعدقلنة التدين وتدين العدقل ‪ ،‬يدقول‬

‫عبد الله العروي ف ي كتابه '' مفهو م العدقل'' ‪ ":‬اللسل م هو الدين الذي ينته ي إليه وبه العدقل"‪.‬‬

‫ومن الؤلسف والحزن أن التدين السامئد يسي لسياا معكولساا ف ي مدقا م فهم الدين ‪ ،‬بسب ب عد م الهتما م‬

‫بالبعاد النسانية ف ي تعاليم الدين وتشيعاته ‪ ،‬والتكي عليها وتاجليتها للناس لجلء الغبش‬

‫الذي يحاج ب الاجوهر الصيل للدين ‪ ،‬لخلق علقة ترابطية بي النعة النسانية ف ي الدين ‪ ،‬وبي‬

‫العدقلنة ف ي التدين من أجل خدمة النسانية جمعاء ‪ ،‬إنطلقاا من تفعيل البعد الفكري الستند إلى أن‬

‫النسان صاح ب عدقل وإهرادة ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬إن ف ي خلق السماوا ت والهرض وإختلف الليل والنهاهر‬

‫ليا ت لول ي اللباب ‪ .‬الذين يذكرون الله قياما وقعودا ‪ ،‬وعلى جنوبهم ويتفكرون ف ي خلق السماوا ت‬

‫والهرض ‪ ،‬هربنا ما خلدقت هذا باطل لسبحانك فدقنا عذاب الناهر '' ـ آل عمران ‪ 190‬ـ ‪ 191‬ـ‬

‫‪12‬‬
‫سلطة الدين وتس لل ط الغلو‬

‫لسلطة الدين ‪ :‬تعن ف ي طبيعتها وجود علقة أمرية بي الخالق والخلوق ‪ ،‬ل يسودها الجباهر‬

‫والكراه ‪ ،‬أو إلستخدا م الدقوة لينصاع النسان للوامر اللهية ‪ ،‬بل تستمد مصداقيتها من قدهرة‬

‫النسان على تأمل الحق وتدبره لسواء ف ي الكون النظوهر أو الكون السطوهر ‪ ،‬قال تعالى ‪ '':‬فاعتبوا‬

‫يا أول ي البصاهر '' ـ الحش ‪ 2‬ـ‬

‫حراجة الدامغة والبهان الساطع ‪ ،‬قال تعالى‪ '' :‬قل‬


‫إذاا الحق لسبحانه يستمد لسلطته من لسلطان ال ف‬
‫فلله الحاجة البالغة فلو يشاء لهداكم أجمعي ''ـ النعا م ‪ 149‬ـ والحاجة البالغة الراد بها كل م الله الذي‬

‫أنزله على هرلسله لهداية الناس كافة على ‪ ،‬وحاجته الخاتمة ه ي الدقـرآن ‪ ،‬و أكي زيغ عنه لسيؤدي ل‬

‫محالة إلى الفوض والفساد ‪ ،‬فل ينتظم حال ول يستدقر قراهر للبشية جمعاء ‪ ،‬ول يمكن إلستدقامة‬

‫أمرها وإعتداله إل بسلطة الدقرآن ‪ ،‬النه عن العبثية والنفعية والكيدية ‪ ،‬لنه حاجة الله على الخلق‬

‫أجمعي ‪ ،‬لذا وج ب أن يرجع إليها كل من يماهرس وظيفة السلطة ‪ ،‬وأن يستمد علمه وكفاءته وخبته‬

‫ونزاهته وإلستدقامته وحكمته من الدين ‪ ،‬وهولء هم أهل الدين ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬والرالسخون ف ي العلم‬

‫يدقولون آمنا به كل من عند هربنا وما يذكر إل أولو اللباب ''ـ آل عمران ‪ 7‬ـ‬

‫تسل ط الغلو ‪ :‬قال تعالى‪ '' :‬يا أهل الكتاب ل تغلوا ف ي دينكم ول تدقولوا على الله إل الحق ''‬

‫ـ النساء ‪ 171‬ـ‬

‫التسلط هو النفوذ والهيمنة والسيطرة والدقدهرة على التأثي ‪ ،‬عن طريق إلستخدا م الدقوة لسواء كانت‬

‫مادية أو معنوية ‪.‬‬

‫والغلو هو التنطع والبتداع ف ي الماهرلسا ت والعدقامئد والفكاهر ‪ ،‬أي الزيادة على ما شعه الله‬

‫والخروج عن ح كد التزان ‪ ،‬والبتعاد عن الولسطية والعتدال وهما هروح اللسل م ‪ ،‬عن عبد الله بن‬

‫مسعود قال ‪ :‬قال هرلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪'' :‬فهلك التنطعون '' قالها ثل ت مرا ت ‪.‬‬

‫ـ هرواه مسلم ـ والدعاء عليهم بالهلك دللة على ذ م ما هم فيه من حال التشدد ‪ ،‬الناتج عن كثة‬

‫السؤال عن أموهر مغ كيبة ‪ ،‬والبالغة ف ي التدقيق والتفريع إلى دهرجة الخروج عن أمر الشع ‪ ،‬مما‬

‫يؤدي إلى الشدقة الزامئدة ‪ ،‬والشيعة لم تأمر إل بما فيه يس ولسماحة ‪ ،‬ونهت عن التشدد ف ي الدين‬

‫‪13‬‬
‫قال تعالى‪ '' :‬يريد الله بكم اليس ول يريد بكم العس ''ـ البدقرة ‪ 185‬ـ‬

‫إن فتاو ى الغلو الت أحدثها الفدقهاء وأقحموها ف ي التدين ‪ ،‬أد ت إلى فصل النصوص الدينية عن‬

‫لسياقاتها ‪ ،‬مما أكسبها قوة تدميية إلستحدثت صوهر من العبادا ت واللزاما ت ما أنزل الله بهما من‬

‫لسلطان ‪ ،‬وه ي ل تكاد تحص بعدد ‪ ،‬عن أب ي هريرة هرض الله عنه قال ‪ :‬قال هرلسول الله صلى الله‬

‫عليه ولسلم ‪ '' :‬إن الدين يس ولن يشاد الدين أحد إل تغلبه ‪ ،‬فسددوا وقاهربوا وأبشوا والستعينوا‬

‫بالغدوة والروحة وشء من الدلاجة '' ـ هرواه البخاهري ـ‬

‫والغلو ل يمكن التخلص من أوزاهره إل بإعادة الصداقية للخطاب الدين ‪ ،‬وتندقيته من الشوامئ ب‬

‫العالدقة به ‪ ،‬وإعطاء التدين بعده التوافدق ي ليحصل توافق ف ي الوع ي الاجماع ي بي مفهوم ي الدين‬

‫والتدين ‪ ،‬لن بدون توافق لسيسود الغلكو ف ي التدين ويصبح واقعاا مهيمناا ‪ ،‬يثي الشكوك حول قيم‬

‫الدين الخالص لتح كل محلها الدقيم ‪ ،‬الت تنساجم مع الصالح الشخصية والفئوية ‪ ،‬وتنالس ب العدو قبل‬

‫الصديق ‪ .‬فالغلو هو ف ي واقعه تسلط بشي ‪ ،‬إكتس ب شعيته بفضل جهود فدقهاء التسلط ‪ ،‬الذين‬

‫يستمدون مكانتهم من إهرادة وإكراها ت الحاكم الستبد ‪ ،‬ولدقد أوجدوا واقعاا مستعصياا أقو ى مما‬

‫نتصكوهر ‪ ،‬وزحزحتة أو تفكيكه عملية معكدقدة بالغة التعدقيد ‪ ،‬لن '' التدين '' يعطيه طابعاا قدلسياا‬
‫مساوي اا لدقدالسة الدين الخالص ‪ ،‬بسب ب إنعدا م الدقدهرة على التميي بي الدين والتدين ‪ ،‬فهو ير ى‬

‫بأنهما وجهان لعملة واحدة ‪ ،‬وهؤلء هم أتباع التدين ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬فأما الذين ف ي قلوبهم زيغ‬

‫فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إل الله '' ـ آل عمران ‪ 7‬ـ‬

‫إن الذين يشتون بسلطة الدين ثمناا قليلا يصكيون لسلطة الدين تس كلطاا ‪ ،‬ليسيطروا وويتحكموا ف ي‬

‫هرقاب أتباع التدين ‪ ،‬بوالسطة تحريف وتشويه التعاليم والشامئع ‪ ،‬وندقلها من فضامئها الله ي إلى‬

‫فضامئها النسان ي ‪ ،‬فيفتون الكذب على الله وهرلسوله إنتصاهراا للمذاه ب ‪ ،‬وهكذا إنتش ت النرآويل‬

‫والتفالسي الؤ كلبة ‪ ،‬وهراجت الحاديث الضعيفة والوضوعة بي الناس ‪ ،‬واتسعت حلدقا ت الحواهرا ت‬

‫الت مت فؤول إلى لساجال دين عرق ي ومذهب ‪ ،‬يعرقل التواصل ويؤلسس لقصاء الخر ‪ ،‬ويكرس الهراء‬

‫الفالسدة والحكا م الباطلة ‪ ،‬فيتحكول تس كلط الغلو إلى لسلطة ملزمة تلدق ي بظللها على ماجمل الحياة‬

‫وفتو كظف كمبهر لللستبداد ‪ ،‬خاصة عندما فتطل هرؤوس الفت الذهبية ‪ ،‬فيختلط فيه الثابت بالتحول‬

‫إلى دهرجة أصبحت فيها فتاو ى الغلو مساوية وموازية للحكا م الربانية ‪ ،‬فظهر ت أيشباه ديانا ت‬

‫‪14‬‬
‫تؤازهرها الفرق الذهبية وتذوذ عن حماها وأنزلتها منلة التدقديس ‪ ،‬فالستعص على التدين فك‬

‫اللتباس الح سدق بالعلقة بي الدين والتدين من جهة ‪ ،‬وبي السلطة والتسلط من جهة أخر ى ‪ ،‬قال‬

‫تعالى‪'' :‬فتدقطعوا أمرهم بينهم زبراا كل حزب بما لديهم فرحون'' ـ الؤمنون ‪ 43‬ـ‬

‫إن تسلط الغلو أد ى إلى تدقليص لسلطة الدين ‪ ،‬فانتش ت البدع السلوكية والعتدقادية عن طريق‬

‫قنوا ت مغرضة ‪ ،‬مرتبطة بكهنو ت الفرق الذهبية وبأيشكالها الوظيفية ‪ ،‬أكث من إهرتباطها بالدين ذاته‬

‫الذي تعرض إلى السحجاجر ‪ ،‬لتحكل مكانه نصوص وضعية كتست طابع الدقدالسة وأصبح لها تأثي‬

‫تس كلط ي ‪ ،‬وحينها صاهر ت السلطة الدينية ذا ت مرجعية مزدوجة ‪ ،‬متكونة من مستو ى علوي مدقدس‬

‫ومستو ى لسفل ي تغي مدقدس ‪ ،‬والستو ى الول يمثله توجيها ت وتكليفا ت الحق لسبحانه ‪ ،‬أما الستو ى‬

‫الثان ي فتمثله مرجعيا ت الفرق الذهبية ‪ ،‬الت اقتبست من الدين الخالص ما يتماش مع أطروحتها‬

‫فأولت ثم أنزلت تدين موازي للدين ‪ ،‬وهكذا صاهر ت كل فرقة تلعن أختها ‪ ،‬وتنعتها بالضلل والحياد‬

‫عن الدين ‪ ،‬وتدع ي لذهبها العصمة والصواب ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬إن الذين فرقوا دينهم وكانوا يشيعا‬

‫لست منهم ف ي شء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون '' ـ النعا م ‪ 159‬ـ‬

‫إن واقع الحال يؤكد بأن للتدين لسلطته النافذة ‪ ،‬بسب ب تأثيه الذي لبس العدقول لسواء كان نزيهاا‬
‫لسلبت منه إهرادته‬
‫أ م كان منحرفاا ‪ ،‬وهو ف ي حالته الثانية أكث تأثياا وأبلغ لسلطاناا ‪ ،‬لن التدين ف‬
‫الحرة البنية على ألساس الهلية التكليفية ‪ ،‬لينساق مع الدقطيع ويكرس التبعية والخنوع والخضوع‬

‫لتس كلط '' الفدقيه ''‪ ،‬وكان من نتامئج ذلك ظهوهر أنموذج ''التدين الدقهوهر'' الستل ب ‪ ،‬الذي ضاعت‬

‫كرامته الت منحها له الدين الخالص ‪ ،‬بفعل نه ب مباش من طرف لسلطة متسلطة ألساس مرجعيتها‬

‫التدين ل الدين ‪ ،‬قال تعالى‪ '':‬اتخذوا أحباهرهم وهرهبانهم أهربابا من دون الله ''ـ التوبة ‪ 31‬ـ‬

‫معن الية أي أطاعوا فدقاءهم فالستحلوا ما أحلوا وحرموا ما حرموا ‪ ،‬لنهم أنزلوهم منلة الحق‬

‫لسبحانه ‪ ،‬قال عبد الله بن الباهرك ‪ '' :‬وهل بدل الدين إل اللوك وأحباهر لسوء وهرهبانها ''‬

‫إن تسلط الغلو قامئم على لسلطة الدين ‪ ،‬والفصل بينهما واج ب عند التدقييم والندقد ‪ ،‬والخلط بينهما‬

‫أد ى إلى تشويه صوهرة الدين الخالص بسب ب الاجهل أو لسوء الفهم ‪ ،‬مما كان له مرآل ت أض ت‬

‫بالنسان ف ي تواصله مع الدين ‪ ،‬وجسد ت مرتكزاا إهرتدقى عليه اللحدة للطعن ف ي مصداقيته‬

‫فوصموا اللسل م بأيشنع النعو ت لنهم وقعوا ف ي عملية خلط جاهل مغرض بي الدين وبي التدين‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫دين الوسطية وتدين التطرف‬

‫الولسطية ‪ :‬منهج فكري ي كتسم بالعتدال تغايته تحدقيق التوازن ف ي الحياة ‪ ،‬وتحكري متواصل بغية‬

‫التوصل للصواب ف ي التوجها ت ‪ ،‬والختياهرا ت والواقف السلوكية ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬وكذلك جعلناكم‬

‫أمة ولسطاا لتكونوا يشهداء على الناس ويكون الرلسول عليكم يشهيداا ''ـ لبدقرة ‪ 143‬ـ‬

‫والشاهد الدقبول عند الله هو الذي يشهد بعلم وصدق فيخب بالحق ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬إل من يشهد‬

‫بالحق وهم يعلمون '' ـ الزخرف ‪ 86‬ـ‬

‫إن ولسطية الدين يشاملة لاجميع جوان ب الحياة ‪ ،‬تتاجلى ف ي يسه ولسماحته على كافة الصعدة ‪ ،‬لذا‬

‫فاللسل م بممراء من النحراف لسواء الاجانح إلى الغلو ‪ ،‬أو الاجانح إلى التدقصي ‪ ،‬فهو دين العتدال‬

‫بمفهومه الوالسع ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬ول تاجعل يدك مغلولة إلى عندقك ‪ ،‬ول تبسطها كل البسط فتدقعد‬

‫ملوما محسوهرا '' ـ الساء ‪ 29‬ـ‬

‫لدقد كان التطرف وما زال معول هدت م ف ي اللسل م ‪ ،‬وهو أيشد خطراا لنه ك كدهر صفاء وندقاء جوهر‬
‫م‬
‫سا يعب عليه التطرفون لنسف كيان المة ‪ ،‬لدقد هرو ى البخاهري ف ي الصحيح‬ ‫العدقيدة ‪ ،‬وأصبح ج ا‬
‫بسنده إلى حذيفة بن اليمان هرض الله عنه أنه قال ‪ '' :‬كان الناس يسألون هرلسول الله صلى الله‬

‫عليه ولسلم عن الخي ‪ ،‬وكنت ألسأله عن الش مخافة أن فيدسهركن‪ ،‬فدقلت ‪ :‬يا هرلسول الله إنا كنا ف ي‬

‫جاهلية وش فاجاءنا الله بهذا الخي ‪ ،‬فهل بعد هذا الخي من ش؟ قال‪ :‬نعم ‪ ،‬قلت ‪ :‬وهل بعد ذلك‬

‫خفنه ؟ قال‪ :‬قوم م يهدون بغي هدي ي ‪ ،‬تعسرف منهم‬


‫خمن ‪ ،‬قلت ‪ :‬وما مد م‬
‫الش من خي؟ قال ‪ :‬نعم وفيه مد م‬
‫وفتن سكر ‪ ،‬قلت ‪ :‬فهل بعد ذلك الخي من ش؟ قال‪ :‬نعم دعاة على أبواب جهنم ممن أجابهم إليها قذفوه‬

‫فيها ‪ ،‬قلت ‪ :‬يا هرلسول الله صفهم لنا ؟ قال ‪ :‬هم من سجلمدستنا ‪ ،‬ويتكلمون بألسنتنا ‪ ،‬قلت ‪ :‬فما تأمرن ي‬

‫إن أدهركن ذلك؟ قال‪ :‬تلز م جماعة السلمي وإمامهم ‪ ،‬قلت ‪ :‬فإن لم يكن لهم جماعة ول إما م ؟ قال‪:‬‬

‫فاعتل تلك الفرق كلها ‪ ،‬ولو أن متمعرض بأصل يشاجرة حت فيدسهرمكك الو ت وأنت على ذلك '' ‪.‬‬

‫إن عد م اللتا م بالولسطية على مستو ى الشاعر والفكاهر والسلوكيا ت ‪ ،‬يؤدي إلى التطرف أي‬

‫تاجاوز حد العتدال وإتخاذ الفرد موقفاا متش كدداا ‪ ،‬وهو موقف إنفعال ي إقصامئ ي يظهر من خلل‬

‫مماهرلسا ت ومواقف متمتة ‪ ،‬ينطوي عليها إحتدقاهر الخر وعد م العتاف بحدقوقه وإنسانيته ‪ ،‬وله‬

‫‪16‬‬
‫خلفيا ت ثدقافية لساهمت ف ي تشكيل صوهرة قاتمة عن دين اللسل م ‪ ،‬بسب ب تسلطه الذي ه كد قيم‬

‫ومباديء الدين الخالص ‪ ،‬مما أد ى إلى إنتشاهر ثدقافة التكفي والتفسيق ‪ ،‬والتبديع والقصاء بوتية‬

‫تصاعدية تدعو إلى الحية والرهبة ‪ ،‬بدل ثدقافة التعايش والتساكن وإحتا م الخر ‪ ،‬وهكذا صنع كل‬

‫مذه ب لنفسه لسياجاا ناهرياا ملغماا بالحدقد والسخط والكراهية ‪ ،‬وأوهم نفسه بأنه يمثل الحق وأن‬

‫تغيه يمثل الباطل ‪ ،‬ول توجد عنده منطدقة ولسطى بي الوضعي ‪ ،‬عن أبن عباس هرض الله عنهما‬

‫قال ‪ :‬قال هرلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪ '' :‬يا أيها الناس إياكم والغلو ف ي الدين ‪ ،‬فإنه أهلك من‬

‫كان قبلكم الغلو ف ي الدين " ـ هرواه ابن ماجة وصححه اللبان ي ـ‬

‫والتطرف هو ألسالساا فكر يؤدي بمعتندقه إلى التشدد ف ي مواقفه وألفاظه ولسلوكه ‪ ،‬ويدعو إلى إقصاء‬

‫كل حواهر يسعى للتواصل بالفكر والوع ي والثدقافة البناءة ‪ ،‬وهكذا أصبح '' الدين '' مصدهر هرع ب‬

‫وخوف بعد أن كان هرمز المن والحياة ‪ ،‬ومكرد ذلك إلى لسيالسة اللستبداد ‪ ،‬وندهرك ذلك من خلل‬

‫قراءة التاهريخ اللسلم ي إبتدا اء من حدقبة '' الفتنة الكب ى'' ‪ ،‬حيث لم تعد النظومة الفكرية متمالسكة‬

‫كما كانت من قبل ‪ ،‬لنها دخلت ف ي دامئرة الجتهاد الكيدي ‪ ،‬وككرلست التباع الساذج والتدقليد‬

‫العمى ‪ ،‬مما أد ى إلى إنزياح خطي إلى دهرجة أصبح كل فريق يدع ي أنه'' الفرقة الناجية ''‪ ،‬الت‬

‫تمثل الدين الخاالص وه ي وحدها معنية بالخلص ‪ ،‬وهكذا هيمن كل م الفدقهاء على عدقول التديني‬

‫وأصبح ل يدقل قدلسية عن كل م الله لسبحانه ‪ ،‬فتشابك الذات ي مع الوضوع ي والحال أن الدين واحد‬

‫لن مصدهره الواحد الحد تعالى علواا كبياا ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬قل إن الذين يفتون على الله الكذب ل‬

‫يفلحون ‪ ،‬متاع ف ي الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيدقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ''ـ يونس ‪ 69‬ـ‬

‫إن أصول الدين ومدقاصده تعكس قيماا كونية ل إختلف عليها ‪ ،‬وإنما الهتما م بالفروع والهوامش‬

‫هو الذي ولسع هكوة الخلف ‪ ،‬وحكرض على التعص ب وإذكاء الناعا ت ‪ ،‬وإطالة أمد الخلف والشدقاق‬

‫مما أد ى إلى ترلسيخ التطرف ‪ ،‬الذي ما هو ف ي واقع المر إل هوس بأفكاهر مغلوطة ‪ ،‬يعتندقها التدين‬

‫عن جهالة متوكهماا بأنها تمثل الدين الخالص ‪ ،‬ومعتدقداا بأنه قد إمتلك الحدقيدقة الطلدقة الت تدقوده إلى‬

‫الخلص ‪ ،‬وبالتال ي فل يمكن ان يدقبل بأي إختلف ف ي ماجال عدقيدته ‪ ،‬لن قبوله بالختلف يعن‬

‫تخليه عن الحدقيدقة الطلدقة ‪ ،‬أو مساواتها بالخطأ والنحراف والزندقة ‪ ،‬فإذا كان السلف الصالح قد‬

‫اجتهد لصياتغة الحكا م إنطلقاا من واقعه السياس والجتماع ي والثدقاف ي ‪ ،‬أل يحق لنا اليو م إعادة‬

‫‪17‬‬
‫فتح باب الجتهاد ‪ ،‬والتعامل مع نصوص الدقرآن والنظر ف ي مسامئله بعيداا عن التشدد ‪ ،‬وعن‬

‫الولسامئط من شوح وتفالسي مذهبية لدقاصد الدقرآن ‪ ،‬حت نتمكن من النظر ف ي قضايا العص‬

‫الحديث بألسلوب تعدقـل ي ‪ ،‬دون الخروج عن مدقاصد الشيعة للحد من إلستفحال التطرف ‪ ،‬هذا الداء‬

‫العضال الذي أصاب المة اللسلمية ف ي صميمها ‪ ،‬فشل أهركانها وإلستنف قدهراتها ‪ ،‬وما أعدق ب ذلك‬

‫من تمزق وفوض وتدمي وخراب ‪.‬‬

‫عن ثوبان هرض الله عنه قال ‪ :‬قال هرلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪ '' :‬يويشك أن تداعى عليكم‬

‫المم من كل أفق ‪ ،‬كما تداعى الكلة على قصعتها ‪ ،‬قال قلنا ‪ :‬يا هرلسول الله أمن قلة بنا يومئذ ؟‬

‫قال ‪ :‬أنتم يومئذ كثي ‪ ،‬ولكن تكونون تغثاء كغثاء السيل ‪ ،‬ينتع الهابة من قلوب عدوكم ‪ ،‬وياجعل‬

‫ف ي قلوبكم الوهن ‪ ،‬قال قلنا ‪ :‬وما الوهن ؟ قال ‪ :‬ح ب الحياة وكراهية الو ت'' ـ هرواه أحمد ـ‬

‫والتطرف ف ي وقتنا الراهن له خمسة أبعاد ‪:‬‬

‫ـ البعد الول ‪ :‬يتمثل ف ي دهرجة العنف الدقاتل الغي السبوق ‪ ،‬الذي يماهرلسه السلمون بعضهم ضد‬

‫بعض ‪ ،‬حيث لم يستثنوا ل بش ول حاجر ‪ ،‬لدقد إلستح كلوا الدماء العصومة والموال الصونة وأباحوا‬

‫العراض والذما م ‪.‬‬

‫ـ البعد الثان ي ‪ :‬يتمثل ف ي إنتشاهر العنف الدقاتل ‪ ،‬الذي يشمل هرقعة والسعة من البلد العربية‬

‫واللسلمية ‪ ،‬والريشح للتصعيد ليشمل مناطق أخر ى ل ق كدهر الله ‪.‬‬

‫ـ البعد الثالث ‪ :‬يتمثل ف ي إلستمراهر الناعا ت ‪ ،‬الت تضعف كل عوامل الناعة الذاتية ‪ ،‬ف ي مواجهة‬

‫التحديا ت والطماع والؤامرا ت الداخلية والخاهرجية ‪.‬‬

‫ـ البعد الرابع ‪ :‬يتمثل ف ي السيل العاهر م من فتاو ى التشديد والتكفي ‪ ،‬والتضليل والتفسيق والتبديع‬

‫ودعو ى الاجهاد بغي ضوابطه ‪ ،‬وزهرع الضغامئن والحدقاد وتأجبج ناهر الفتنة بي أتباع وأنصاهر‬

‫الذاه ب ‪ ،‬وهذا البعد الخي هو الذي يغذي البعاد الثلثة السالفة الذكر ‪ ،‬حيث ل تلوح له نهاية ف ي‬

‫الفق ‪.‬‬

‫ـ البعد الخامس ‪ :‬يتمثل ف ي تشويه صوهرة اللسل م ‪ ،‬ووصفه بنعو ت بشيعة على الصعيد العال ي‬

‫حيث أصبح فيوصف باجرأة تغي مسبوقة ف ي التاهريخ العاص بأنه “دين إهرهاب” ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫التطرف جس عبوهر إلى الهرهاب‬

‫إن إقصاء اليا ت الت تعتب النسانية أمة واحدة ‪ ،‬أد ى إلى تحول التطرف من دامئرة العتدقاد‬

‫والشعوهر النفس إلى دامئرة الماهرلسة والسلوك الجتماع ي ‪ ،‬وأصبح التطرف هو أحد ألسباب الهرهاب‬

‫وليس هو الهرهاب نفسه ‪ ،‬فالتطرف كما ذكرنا لسابدقاا زيغ وميل عن لسواء السبيل ‪ ،‬وهو عكس‬

‫التولسط والعتدال ‪ ،‬وكما يعن كذلك الغلو أي ماجاوزة الحدود واليل عن الدقصد ‪ ،‬وهو نتاج‬

‫ماجموعة من العتدقدا ت والفكاهر التعنتية التاجاوزة للحق والصواب ‪ ،‬الرتبطة بما هو فكري باللساس‬

‫وتتاجلى بوضوح ل تغبش فيه من خلل كافة صوهر السلوك ‪ ،‬الـم كتسم بالندفاع وعد م ضبط النفس‬

‫والدقسوة والغلظة ف ي العاملة والتشدد ف ي الرأي ‪ ،‬مما يؤدي إلى الخروج عن الولسطية والبتعاد عن‬

‫العتدال الفكري ‪ ،‬الذي يعتب السلمي أمة واحدة ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا‬

‫هربكم فاعبدون ـ النبياء ‪ 92‬ـ‬

‫والهرهاب هو عندما تتحول العتدقدا ت والفكاهر إلى لسلوكيا ت مادية عنيفة ف ي مواجهة الاجتمع أو‬

‫الدولة ‪ ،‬وهذا يبي بأن التطرف يرتبط بالفكر والهرهاب يرتبط بالفعل ‪ ،‬ويمكن الدقول بأن التطرف‬

‫هو مدقدمة الهرهاب ‪ ،‬وبالتال ي فطرق علج التطرف تختلف عن مواجهة الهرهاب والتعامل معه ‪.‬‬

‫والدقضاء على التطرف يتطل ب ‪:‬‬

‫أول ‪ :‬إحتواء التطرف الذهب الدقامئم على''الفرقة الناجية''‪ ،‬الت تهمش باق ي الفرق الخر ى ‪ ،‬وتغكي ب‬

‫التنوع الفدقه ي وتدقحمه ف ي بوثدقة الختلف الصاع ي بدل الختلف التلف ي ‪ ،‬وتككرس نظرية‬

‫الزاحة و تحص النطق والتفكي النساجم مع ذاته ف ي منظومتها العرفية فدقط ‪ ،‬وتدقود إلى التعص ب‬

‫والتطرف على ألساس أن الذه ب الذي تعتندقه هو جوهر الدين ‪ ،‬وهذا ما أد ى إلى تطرف تدين أعمى‬

‫أقص قيم ومباديء الدين الخالص ‪ ،‬الت تثي حياة السلم وتصون كرامته بغض النظر عن إنتمامئه‬

‫الذهب ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إلستبداد النظم السيالسية ‪ ،‬وإنسداد الفاق العرفية والبداعية ‪ ،‬وهيمنة ثدقافة التسليم بالظلم‬

‫والرض بغياب العدل والحرية ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الفدقر والاجهل وهما يمثلن الشكلة اللسالسية الت أد ت إلى تفاقمه ‪ ،‬وإنتشاهره كما ينتش‬

‫‪19‬‬
‫اللهي ب ف ي الهشيم ‪.‬‬

‫هرابعا ‪ :‬العناجهة المبيالية والغطرلسة الصهيونية ‪ ،‬والرجعية العربية وهوان المة ‪.‬‬

‫كل هذه اللسباب حاضة بنس ب متفاوتة ‪ ،‬وعاملة على تفريخ التطرف والهرهاب ‪ ،‬والقتصاهر على‬

‫العالاجة المنية له قد يم كد ف ي حياة الظاهرة ‪ ،‬ويدقوي هذه السلبية الدقيتة الت أقحمت المة ف ي‬

‫بوثدقة الضياع ‪ ،‬ولسوف فتود ى بها إلى الهلك الاحق نسأل الله السلم والسلمة ‪ ،‬لذا ياج ب أن يكون‬

‫النطلق الول لواجهة الهرهاب هو ندقد الذا ت ‪ ،‬والرجوع إلى الدين الخالص النه من يشوامئ ب‬

‫التدين ‪ ،‬قال تعالى ‪'' :‬الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم ياجعل له عوجا ‪ .‬قيما لينذهر بألسا‬

‫يشديدا من لدنه ‪ ،‬ويبش الؤمني الذين يعملون الصالحا ت أن لهم أجرا حسنا '' ـ الكهف ‪ 1‬ـ ‪ 2‬ـ‬

‫عن جندب بن عبد الله اجلبمماجسل ك س ي قال ‪ :‬قال هرلسول الله صلى الله عليه ولسلم‪ '' :‬من فقتل تحت هراية‬

‫سع ك سمريتة يدعو عصبية ‪ ،‬أو ينص عصبية فمسدقجتلمةم جاهليمة '' ـ هرواه مسلم ـ‬

‫انتهى بعون الله وحمده‬

‫‪20‬‬

You might also like