Professional Documents
Culture Documents
1
بسم الله الرحمن الرحيم
محتويات الكتاب
3 الدقدمة
2
الدقدمة
ل يمكن فهم الظاهرة الهرهابية إل بوضعها ف ي لسياقها العال ي ،ونعن بذلك التوصيف الدقيق
للتحول ت الكب ى الت أحدثها نظا م العولة ،الذي لسنته المبيالية والصهيونية بغية التحككم
والسيطرة والهيمنة على'' الدقرية القتصادية '' ،ولم يدقتص نظامها فدقط على البعد الال ي
والقتصادي ،بل تع كد ذلك إلى بعد حيوي ثدقاف ي لغزو الفكر ومسخ الهوية ،وهذا ما مككنها من
الهيمنة الطلدقة على كافة الاجال ت الحيوية ،فتحولت العولة من كونها نظاماا إلى نمط حياة
تسكب ب ف ي"تشكيوء" النسان عن طريق العدقلنية اللستهلكية ،حيث أصبحت اليشياء تتحكم فيه
عن طريق قواني ل يستطيع هر كدها ،فتحول من الناحية الذاتية والوضوعية الى يشخص لسلب
وهكذا تاجرد من إنسانيته وه ي اللساس الوضوع ي للشعوهر الذات ي بالتغتاب ،وأصبح جزءاا
خاضعا للدقواني اللية .
وبحكم النفوذ السياس والضغط القتصادي ،والتغلغل العلومات ي والعلم ي فرضت إيديولوجيتها
الت فتك كرس النعة النانية وتطمس الروح الاجماعية ،وتؤجج الفتنة وتزهرع الففرقة لتسود ،لذا
هيأ ت البيئة اللمئمة ' 'للفوض الخكلقة '' أي الهرهاب ،وأع كد ت له اللواز م التدقنية ليصبح أكث فتكاا
وأيشد دماهراا لم يسبق لهما مثيل فى التاهريخ ،فأمس العالم يعيش الفوض الخكلقة ـ عص الهرهاب ـ
الت ترت ب عنها تمزيق نسيج الاجتمع البشي ،تغي أن عواصف الهرهاب الهوجاء الدمرة أصابت
العالم اللسلم ي أكث من تغيه ،لذا إهرتأيت أن أتطرق ف ي هذه الدهرالسة إلى الهرهاب الصادهر عن
السلمي ،وأنا براء من إلصاق هذه التهمة باللسل م ،ولكن بما أنن مسلم فواقع المة هو الذي
دينهم وكانوا يشيعا لست منهم ف ي شء ،إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ''
ـ النعا م 159ـ
3
الفيصل بي الدين والتدين
العلقة بي الدين والتدين ف ي الاجتمع اللسلم ي مشويشة بسب ب إهرتباك دللة الفهومي ،الناتج عن
تشوه الدهراك البستمولوج ي ،مما أد ى إلى إعتباهر الدين موهروث إجتماع ي يتاجسد ف ي العبادا ت
والشعامئر الشكلية ،لياجد التدين نفسه أما م واقع متناقض يدقود إلى لسلوكيا ت خاطئة ،تنعكس
لسلبي اا على مفهو م الدين ،لذا نحن ف ي أمس الحاجة إلى فهم الدين بطريدقة مختلفة عن التلدقينا ت
والتعريفا ت الوهروثة ،الت تثي إيشكالت ت أوهرد ت المة الهالك ،بسب ب تمييع الفاهيم والتنطع
الفكري .
إن الدين عند الله هو اللسل م ،وهو جوهر العدقيدة ومرتكز الفطرة ،ولدقد نزل خالصاا ،قال تعالى :
ونزل ميكس اا ،قال تعالى '' :ولدقد يسنا الدقرآن للذكر فهل من مدكر '' ـ الدقمر 43ـ
ونزل محفوظاا ،قال تعالى '' :إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون '' ـ الحاجر 9ـ
والتدين هو التأثي الذي يحدثه التشيع الله ي ،بحيث ياجد له قابلية إكتباعية تسليمية من طرف
التدين ،ويفض ف ي النهاية إلى تحدقيق متطلبا ت العدقيدة إما تطبيدقاا وإلتاماا ،أو إفراطاا وإمتهاناا
وبالتال ي يتفاو ت الناس ف ي اللتا م والتطبيق لتطلبا ت هذه العدقيدة من خلل مفهو م التدين .
والراد من ثنامئية الدين والتدين هو ثنامئية النظرية والماهرلسة ،أي توضيح العلقة بي الحكا م
والتعاليم اللهية وتطبيدقها الواقع ي ،قال تعالى '' :وما أومروا إل ليعبدوا الله مخلصي له الدين
ونستنتج من هذا الطرح بأن الدين هو نظا م علقة ،وإتصال بي النسان والنسان والنسان
والله ،وهو مطلق ثابت ل يتغي كنص مدقدس .والتدين هو فهمنا وتأويلنا للنص ،وكيفية
مماهرلستنا للتعاليم والحكا م ،وبالتال ي فهو ليس مدقدلساا وليس ثابتاا بالرة .
وتعود إهرهاصا ت التدين الولى إلى زمن هرلسول الله صلى الله عليه ولسلم ،حيث كان السلمون
يلاجأون ف ي معرفة أموهر دينهم إليه ،وكان مصدهر الحكا م وقتئتذ هو الوح ي أو السنة النبوية ،وبدق ي
الحال على ذلك إلى أن إلتحق بالرفيق العلى ،فأصبحوا يسألون الخلفاء خاصة والصحابة عامة
4
لنهم كانوا أقرب الناس إليه وأعرفهم بأحكا م الدين ،دون أن يتمذهبوا بدقول واحد بعينه .
وبعد تول ي عثمان هرض الله عنه الخلفة إنطلدقت بداية الفتنة الكب ى ،وكانت بداية الففرقة والتفرقة
بي السلمي ،فأحدثت شوخ عميدقة ف ي النظومة الفكرية فظهر ت الشيعة بطوامئفها ،كما ظهر
الخواهرج الذين قاموا بمحاهربة عل ي هرض الله عنه فى معركة النهروان ،ثم أفتوا بتكفيه ووجوب
قتله ،وبالفعل ناجح عبد الرحمن بن ملاجم ف ي قتله يو م 18هرمضان عا م 40هاجرية ،فانطلدقت
بداية جدلية الدين والسيالسة ،وأثي ت ف ي ذلك الاجدل أدكق قضايا الفكر الجتماع ي والقتصادي
وأكث مشكل ت الحكم تعدقيداا وتشعباا ،وبدأ يتعمق الاجدل الفدقه ي السياس ،فظهر الخلف التمثل
ف ي تباين الهراء والصالح ،وما يهمنا إلستخلصه من هذا الخلف هو أنه كان النطلق الحدقيدق ي
الول لظهوهر النتماءا ت الطامئفية والذهبية ،الت أد ت إلى إنشطاهر الصفوة الفكرية كنتياجة حتمية
لبداية التعص ب الدين ف ي التاهريخ اللسلم ي ،واختلفت الذاه ب بإختلف أصحابها ف ي مناهج
الجتهاد واللستنباط ،ومرد ذلك إلى الخلفا ت السيالسية والفكرية – الصولية والفدقهية – الت
حدثت بي السلمي ،ثم تشكعبت بسب ب إختلفا ت كثية ف ي الفروع والصول بسب ب الهاترا ت ،الت
وقعت بي أهل الحديث وأهل الرأي ،فبدأ ت هروح التعص ب تدب ف ي النفوس ،وأجاجته التغراض
النظاهر عن وعاظ المة ،مما أد ى إلى إبتعاد الفدقهاء عن الواقع العيش ،وإنشغالهم بالدقضايا
الهامشية ،فازداد الصاع الذهب تأكزماا وأصبح مألسوياا ،وتغكي الدين من حالته الصفة إكما عن
زيغ وهو ى أو عن جهالة ولسفاهة ،أو لوالة أتغراض طامئفية ومذهبية لتحدقيق مرآهرب دنيوية ،مما
أد ى إلى الغلو أي الفراط ف ي التفاعل مع الدين ،لسواء ف ي الاجال العدقامئدي أو الفكري .
ومن الؤلسف أن بعض الفدقهاء إتخذوا الجتهاد كمطية لضفاء الشعية على الحمولة البشية ،الت
أضيفت إلى الدين لتصبح مصدهراا ألسالسياا ،مكتسية لبولساا دينياا وه ي منه عراء ،قال تعالى '' :ول
تدقولوا لا تصف ألسنتكم الكذب هذا حلل وهذا حرا م لتفتوا على الله الكذب ،إن الذين يفتون على
الله الكذب ل يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم '' ـ النحل 116ـ
5
فطرة الدين وتشككل الهوية
إن الرتغبة ف ي التدين ه ي إحساس يظهر فطرياا عند النسان ،يشأن بدقية الحالسيس والشاعر
النسانية الفطرية الخر ى ،لذا الدقرآن الكريم يعتب الشعوهر الدين أمراا نابعاا من الفطرة وهراجعاا
إليها ،قال تعالى '' :فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله الت فطر الناس عليها ل تبديل لخلق الله
ولدقـد أثبـت علمـاء النفـس أن ه إضـافة للبع اد الغرامئزي ة الثلث الوج ودة فـ ي النس ان ،يوجـد بعـد
1ـ تغريزة ح ب اللستطلع :تدفع الفكر النسان ي إلى البحث ،وإلستطلع السامئل والشــاكل والســع ي
لكتشاف الاجهول ت ،وفك الرموز وإلستكناه الحدقامئق ،وف ي ظلها نشأ ت العلو م .
2ـ تغريزة ح ب الخي :ه ي منشأ ظهوهر الخلق عند النسان ،ومعتمد الفضامئل والساجايا النسانية
3ـ تغريزة ح ب الاجمال :ه ي منشأ الرقة والتأنق ،ولسب ب ظهوهر العمال الفنية ف ي يش كت ماجال ت
الحياة .
4ـ تغريزة التدكين :النسان يناجذب عفوياا إلى معرفة ماوهراء الطبيعة ،وبالتال ي فهو يميل إلى التدكين
إن الدين يشككل جدلية وجودية أزلية ،لنه حاجة بشية فيعكب عنها بنوع تدين ،يتألسس على
اليمان بأن لهذا الكون خالدقاا ،يتصف بصفا ت الكمال والدقدهرة الطلدقة ،وجملة من التعليما ت النظرية
الت تحدد صفا ت تلك الدقوة اللهية ،وقواعد عملية ترلسم طريق اليمان ،الذي هو النواة الت
تتألسس عليها ماهية النسان والوجود بحس ب التصوهر الدين ،الذي هو حالة إعتدقادية تاجعل
الرء يتخذه منهاجاا لرضاة الله ،أي العبود عن طريق الطاعة والندقياد ،بحيث ل يستطيع أن
يعيش بدون إيمان وتدقديس ،فإن لم يؤمن بدين معي فسيؤمن بفمفثل عليا أخر ى بإعتباهرها الحدقيدقة
اللسمى ،وي كتخذ منها موضواعا ليمانه ليو ك سلسع آفاق نظرته للحياة ،بدل التيه ف ي سادي ب الدقلق
الذي يتأكتى منها الشك والت كدد ،لذا فعلماء النفس ياجمعون على أن اليمان الدين قادهر على أن
6
يصهر ف ي بوتدقته كل الذاتيا ت والنانيا ت ،بحيث يدفع التدين إلى أن يبذل مساع ي قد تتعاهرض مع
ميولته الطبيعة ،لن الدقوة اليمانية وحدها قادهرة أن فتضف ي على البادئ طابع الدقدلسية ،فيدقـ كد م
وهكذا تبدأ تتشكل الهوية الدينية للفرد ف ي الاجتمع التدين كحالة نفسية ،وقد يختلف أفراد الاجتمع
الواحد ف ي تمثل هذه الهوية الدينية ،بمدقداهر فهمهم وإدهراكهم لنظومة الدين ،فيختلفون ف ي مماهرلسة
الطدقوس والشعامئر والعبادا ت بمدقداهر إختلف الفهم والدهراك ،فتتشككل الهوية الدينية لد ى التدين
بفضل عامل النضج الذات ي وعامل البيئة الجتماعية ،وبعد اليمان الفطري الدقبل ي يبدأ النتماء
الدين الذي يتبلوهر داخل الطاهر السي ،عن أب ي هريرة هرض الله عنه أنه قال :قال هرلسول الله
صلى الله عليه ولسلم '' :ما من مولود إل يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصانه ويماجسانه ،
كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ؟ ثم يدقول أبو هريرة واقرؤوا إن يشئتم ''
فطرة الله الت فطر الناس عليها ل تبديل لخلق الله '' ـ هرواه البخاهري ـ
ولدقد أيشاهر ت إحد ى الدهرالسا ت الت فنش ت ف ي صحيفة "الديل ي تلغراف" ف ي عددها الصادهر ف ي 16
حزيران ، 2009حيث أكد الدكتوهر " جستون باهريت" الباحث بمركز النثوبولوجيا والعدقل باجامعة
ص ك سمممت
أكسفوهرد ببيطانيا '' :إن الطفال يولدون مؤمني بالله ،ولسب ب إيمانهم أن أدمغتهم ف
بطريدقة تاجعلهم يؤمنون ''
وكما أكد كذلك الدكتوهر "بروس هود" البيطان ي '' :إن اليمان بالله ينبع من برماجة معينة ف ي
عدقول البش منذ الولدة ،وأن البش مبماجون للتمتع بشعوهر هروحان ي ،إنطلقاا من نشاط كهربامئ ي
إن الطفل يتدقبل النتماء الدين الختاهر له من قبل والديه ،ويتدقكبله من تغي أن يع ي تفاصيل هذا
النتماء ومدلولته ،وبدون معرفة وإدهراك الحق بمفهومه التعدقل ي ،بحيث يتمثل له الحق والصواب
ببساطة ف ي أفعال وأقوال الوالدين ،ثم يتطوهر هذا النتماء وينمو لد ى الطفل فيتاجاوز دامئرة
السة ،فيشعر بالنتماء إلى جماعة لها نفس العدقيدة ،فتتشككل عنده الهوية الدينية من خلل
العلقة مع الخر ،فيبدأ ف ي إكتشاف ما ياجمعه بالخر وما يميه عنه ،ومن خلل هذا الشعوهر
يحمل وعي اا بالنتماء الشتك ،الذي يندقله من طوهر '' الدين الفطري '' إلى طوهر '' الدين الواع ي”
7
الذي ياجعله مدهركاا لخصامئص إنتمامئه ،وياجعل لها مساهراا ذا معن يعتمده بنااء على تاهريخه الذات ي
والسي والنفس والثدقاف ي ، ...وهكذا ينتدقل الفرد من معرفة أنه ''صاح ب دين'' إلى النخراط ف ي
دامئرة '' التديني” ،والطالبة بأن يعامل على هذا اللساس لصياتغة هويته الدينية الذاتية ،من خلل
كيفية مماهرلسته للدين الذي يستدقر ف ي وعيه وإدهراكه ،وف ي هذه الرحلة تظهر الفواهرق ف ي الخطاب
والماهرلسة الت تتاجسد ف ي ظاهرة التدين ،فيعب كل متدين عن إنتمامئه من خلل التصوهر العتدقادي
8
أنسنة السل م
قال تعالى '' :وما أهرلسلناك إل كافة للناس بشيا ونذيرا ولكن أكث الناس ل يعلمون '' ـ لسبأ 28ـ
إن دين اللسل م ليس ماجموعة منظمة من العتدقدا ت والطدقوس ،تتكز حول إله /معبود خاص
بالسلمي ،بل هو منظومة فكرية تمنح الناس كافة نظاما للتكيف وهدفا للعبادة ،وحافزاا ملحاا
للستعادة الوحدة والتوازن النفس والفكري ،بوالسطة تكوين صوهرة يشاملة للوجود لتكون مرجعاا
يستعي به النسان ،للحصول على التوافق والنساجا م ف ي حياته بفضل الدقيم العدقامئدية الت تدقوده
إلى التحكم ف ي نزواته ،ومن خلل ال يمان الذي يح كدد له النتياجة الدقبلة لتصفاته ف ي واقعه
السيكولوج ي ،ونتياجة لذلك فإنه يتمكن من السيطرة وتوجيه لسلوكه ،طبدقاا للمنهج الربان ي الذي
يريشده ويهديه إلى أفضل مبادئ السلوك ،الت توصيله إلى تحدقيق الذا ت عن طريق الفهم والتميي
واللسل م بإعتباهره دينا ومنظومة فكرية تعتب أنسنة الدين حدقيدقة لسيكولوجية ،تنشد لسعادة
وطمأنينة النسان بألسلوب يشامل وفكعال ،ومن ثم فإنه يركز على إثبا ت أهمية كرامة النسان
لتكون نظرته الدهراكية للحياة فكعالة ،بإعتباهر اللسل م ألسلوباا للحياة ونظاما يدق كد م أبعد أثراا
بالنسبة لهؤلء الذين يدقبلون أو يرفضون هرلسالته ،قال تعالى '' :ولدقد كرمنا بن آد م وحملناهم ف ي
الب والبحر وهرزقناهم من الطيبا ت وفضلناهم على كثي ممن خلدقنا تفضيل ''
ـ الساء 70ـ
إن الحق لسبحانه فيؤ ك س
صل ف ي الية للنسان مبدأ الكرامة الدمية أول ا أي إنسانيته ،فمن أي عرق
إنحدهر ،ومن أي دين أوعدقيدة إنتمى فهو آدم ي له كرامته الذاتية ،ولدقد فس اللوس البغدادي قوله
تعالى '' :ولدقد كرمنا بن آد م '' فدقال '' :جعلناهم قاطبة بكرهم وفاجرهم ذوي كرامة ،أي شف
ومحالسن جمة ل يحيط بها نطاق الحص '' ،وبالضافة إلى التكريم البدأي فالنسان له أفضليته
ليصبح أكر م عن طريق اللستعداد والسع ي ،قال تعالى '':إن أكرمكم عند الله أتدقاكم''ـ الحاجرا ت 13ـ
أكر م وأتدقى هما صيغت تفضيل ،وصفة أكر م ه ي أفضل من مكرر م لنها عدل عن الصفة الاجاهرية
'' إلسم مفعول'' الذي يطلق بظاهر الحال ،أما صفة أكر م ل تطلق إل بعد الخبة والعاينة .
9
والسبيل لنيل هذه النلة '' أكر م'' ه ي التدقو ى ،وه ي عباهرة عن ملكة نفسانية تص كد النفس عن
الوقوع ف ي العاص والحاهر م وتحملها على الطاعا ت ،وه ي معياهر التفاضل وشط الدقبول ف ي
اللسل م ،قال تعالى '':إنما يتدقبل الله من التدقي ''ـ الامئدة 27ـ
إن الهدف الوظيف ي لنسنة الدين هو أن يدهرك النسان قيمة نعمة الكرامة ،ليتمكن من التويض
والسيطرة على تغرامئزه لتحدقيق ذاته ،الت تتفق مع طبيعة حدقيدقة الدين وتشكل الشخصية العياهرية
وهذا يتطل ب منه فهماا متايداا لدقدهراته العدقلية والنفسية ليستمر ف ي السمو والرق ي النسان ي ،ولدقد
لحظ الحللون النفسيون بأن إحتدقاهر الذا ت وهدهر الكرامة ،مر كده إلى إعتناق النسان لفكاهر تتضمن
قكيم تدقييمية مغاسلطة ،تتكه ليولته ونزواته وإختياهرته الشخصية ،الت تمنحه يدقيناا زامئفاا بأهمية
'' حرية الفرد '' ،وهنا يكمن الخطر بسب ب التكي فدقط على الشاعر والنوا ت ،لنها تغي قادهرة أن
تريشده ف ي لسعيه ،فه ي ليست أدوا ت ملمئمة للدهراك والعرفة لتحدقيق الكرامة ،فالتشيع النسان ي
مهما عظم يشأنه لسيبدقى ناقصاا ،عكس التشيع الربان ي فهو منه عن العبثية ،ومؤ ك س
صل لنظرية
النسنة للتأثي ف ي ماجر ى النمو السيكولوج ي للنسان ،لنه لسبحانه يرعى النسان بألسلوب ياجعله
يرتدق ي من حالة بعد أخر ى حت يصل إلى هدفه من الكمال ،ذلك الهدف التمي الذي يشح بطريدقة
يشاملة علقة الله بالنسان ،التاجلية ف ي هرحمته الت ولسعت كل شء ،وعلقة النسان بالله
التاجلية ف ي العبودية كسلوك ،يمنح التدين تمالسكاا فكرياا من خلل العبادة ،قال تعالى '':إن
الصلة تنه ي عن الفحشاء والنكر ولذكر الله أكب '' ـ العنكبو ت 45ـ
عندما نتحدث عن العبادة فإننا نعن كيفية لسلوك الشخص ،وليس ثمة مبالغة أن ندقول إن
العبادة ه ي الت تح سكدد لسما ت يشخصية النسان ،لن من الفروض أن تستخرج من التدين أفضل ما
به ،بحيث تم ككنه من الحساس الستمر بالتوازن والتوافق الفكري والنفس ،لن الله لسبحانه تغن
عن العالي ،فهو ل يريد للنسان لسو ى أن يحدقق كرامته ،ويتفاد ى إحتمال ت الفساد والفساد
ومن ثم فإن النسان هو الستفيد من العبودية والعبادة ،قال تعالى " :فمن اهتد ى فإنما يهتدي
إن دين اللسل م ير ى بأن النسان هوأصتل جوهري ف ي الحكا م الشعية ،وأككد على هذا من خلل
مركزيته داخل النسق الدقرآن ي ،وحكث على تحكرهره العدقل ي من قيود لهو ت التدقليد والتبعية ،قال
10
تعالى '' :اليو م أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمت وهرضيت لكم اللسل م ديناا '' ـ الامئدة 3ـ
ونعمة اللسل م تتاجلى ف ي إحياء هروح النسان وعدقله ،بعدما أعلنت الاجاهلية الاجهلء موته الدقيم ي
كما تتاجلى ف ي الدعوة إلى تحرهره من فساد التصوهرا ت ،والعوامئد الباطلة للسمو بالوجود الحيات ي
إنطلقاا من تد كبر معان ي النسق الدقرآن ي ،الذي يستهدف تكوين الشخصية النسانية ،وإعطامئها
كرامتها وقيمتها العليا ،حيث يتبي للمتد ك سبر أن مدقاصد الدين جاء ت للسعاد النسان وتكريمه وليس
لتهميشه والتدقليل من قدهره ،لذا حكذهر الحق لسبحانه من خضوع الـشع لهواء النسان وملذاته لنه
إن فعل فمرآله إلى الضياع والفساد ،قال تعالى" :ولو إتبع الحق أهواءهم لفسد ت السموا ت والهرض
ومن مظاهر النسنة ف ي اللسل م كذلك الهتما م بالفطرة النسانية وه ي هراجعة إلى الاجبلة ،لذا
فاجميع أصول وقواعد الشع تنفاجر من ينبوع معن الفطرة ،قال تعالى '' :ويريد الله أن يخفف
عنكم وخلق النسان ضعيفا '' ـ النساء 28ـ لدقد شع الله التخفيف لعلمه الزل ي بماهية النسان
فاجعل له منهاجاا هربانياا قادهراا على خلق علقة متوازنة وتوافدقية بي النسان ،وبي إحتياجاته
الحياتية دون متـش كيوء كينونته أوتحويله إلى حيوان لذامئذي .فالنعة الفطرية ف ي الدقرآن تعد من
توابث الشيعة ،ومن خللها فبنكيت مدقاصد الشيعة ،قال تعالى '':فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة
الله الت فطر الناس عليها ،ل تبديل لخلق الله ذلك الدين الدقيم ولكن أكث الناس ل يعلمون ''
ـ الرو م 30ـ
وهذا الصل الفطري ل ينبغ ي أن يغي ب ف ي كل تشيعا ت اللسل م بأصولها وفروعها ،وأكي تعاهرض
بي مطال ب النسان وماجاء ف ي الشيعة فمرجعه إلى إنحراف الفطرة ،أو إنحراف التأويل
للشيعة ،لذا فأعظم أوصاف النسان الت تدقو م عليها مدقاصد الشيعة ه ي الفطرة ،وبالتال ي
فالكثي من اليا ت الدقرآنية تبي الصفا ت الاجبلية للنسان :هلوع ـ جزوع ـ يؤوس ـ كفوهر ـ كنود
ظلو م ـ عاجول … ،والنسان إذا تغل ب عليه اليمان إضمحلت هذه الصفا ت الخالفة للنسانية .
11
عدقلنة السل م
لدهراك مفهو م عدقلنة اللسل م يستلز م طرح لسؤال محوهري :هل الهدف من دين اللسل م هو خدمة
العدقلنة ه ي التفكي بعمق من أجل أن فيفهم اللسل م عدقيداة وشيعاة ،حت ل يتحرك التدين من
موقع الاجهل أو من موقع الغفلة ،بل ياج ب أن ينطلق من موقع العلم والعرفة والخبة .فالعدقل إذا
انساجم مع الدين قبل به وإن لم ينساجم هرفضه ،لن العلقة بي الدين والعدقل علقة توافدقية وليست
تنافرية ،وبالتال ي فكلهما يساهمان بشكل فكعال ف ي بناء وخدمة النسان .
والعلو م من الدين بالضوهرة هو أنه مدقدس وثابت وقطع ي ،والتدين هو تاجربة إنسانية تغي مدقدلسة
لنها مبنية على فهم بشي تغي معصو م فيها ،وهذا يؤدي إلى وجود أفها م مختلفة للدين ومنهاجيا ت
متعددة ،يت كم تنيلها على الواقع ،وبالتال ي نحن أما م أنماط من التدين أخذ ت بناصية الناس إلى
نواح متباعدة ومصامئر متناقضة ،مما جعل من الدين ولسيلة مؤدية إلى ما هو ندقيض له .
إن الراد من التدين هو إلتا م التدين بتعاليم الدين الخالص ،وتدقديمها ف ي صوهرة متكاملة ويشمولية
وجعلها مرجعاا له ف ي السلوكا ت والعامل ت والعبادا ت ،ول يصح إطلق صفة متدين إل على من
إلت م بالتصكوهر الشمول ي لفهو م الدين ،وهذا اللتا م ياج ب أن يرتبط بالتصوهر التعكدقل ي ،لن المر
الدين بضوهرة إعمال العدقل يؤكد بأن بالنظر العدقل ي ،هو السبيل لعدقلنة التدين وتدين العدقل ،يدقول
عبد الله العروي ف ي كتابه '' مفهو م العدقل'' ":اللسل م هو الدين الذي ينته ي إليه وبه العدقل".
ومن الؤلسف والحزن أن التدين السامئد يسي لسياا معكولساا ف ي مدقا م فهم الدين ،بسب ب عد م الهتما م
بالبعاد النسانية ف ي تعاليم الدين وتشيعاته ،والتكي عليها وتاجليتها للناس لجلء الغبش
الذي يحاج ب الاجوهر الصيل للدين ،لخلق علقة ترابطية بي النعة النسانية ف ي الدين ،وبي
العدقلنة ف ي التدين من أجل خدمة النسانية جمعاء ،إنطلقاا من تفعيل البعد الفكري الستند إلى أن
النسان صاح ب عدقل وإهرادة ،قال تعالى '' :إن ف ي خلق السماوا ت والهرض وإختلف الليل والنهاهر
ليا ت لول ي اللباب .الذين يذكرون الله قياما وقعودا ،وعلى جنوبهم ويتفكرون ف ي خلق السماوا ت
والهرض ،هربنا ما خلدقت هذا باطل لسبحانك فدقنا عذاب الناهر '' ـ آل عمران 190ـ 191ـ
12
سلطة الدين وتس لل ط الغلو
لسلطة الدين :تعن ف ي طبيعتها وجود علقة أمرية بي الخالق والخلوق ،ل يسودها الجباهر
والكراه ،أو إلستخدا م الدقوة لينصاع النسان للوامر اللهية ،بل تستمد مصداقيتها من قدهرة
النسان على تأمل الحق وتدبره لسواء ف ي الكون النظوهر أو الكون السطوهر ،قال تعالى '':فاعتبوا
أنزله على هرلسله لهداية الناس كافة على ،وحاجته الخاتمة ه ي الدقـرآن ،و أكي زيغ عنه لسيؤدي ل
محالة إلى الفوض والفساد ،فل ينتظم حال ول يستدقر قراهر للبشية جمعاء ،ول يمكن إلستدقامة
أمرها وإعتداله إل بسلطة الدقرآن ،النه عن العبثية والنفعية والكيدية ،لنه حاجة الله على الخلق
أجمعي ،لذا وج ب أن يرجع إليها كل من يماهرس وظيفة السلطة ،وأن يستمد علمه وكفاءته وخبته
ونزاهته وإلستدقامته وحكمته من الدين ،وهولء هم أهل الدين ،قال تعالى '' :والرالسخون ف ي العلم
يدقولون آمنا به كل من عند هربنا وما يذكر إل أولو اللباب ''ـ آل عمران 7ـ
تسل ط الغلو :قال تعالى '' :يا أهل الكتاب ل تغلوا ف ي دينكم ول تدقولوا على الله إل الحق ''
ـ النساء 171ـ
التسلط هو النفوذ والهيمنة والسيطرة والدقدهرة على التأثي ،عن طريق إلستخدا م الدقوة لسواء كانت
والغلو هو التنطع والبتداع ف ي الماهرلسا ت والعدقامئد والفكاهر ،أي الزيادة على ما شعه الله
والخروج عن ح كد التزان ،والبتعاد عن الولسطية والعتدال وهما هروح اللسل م ،عن عبد الله بن
مسعود قال :قال هرلسول الله صلى الله عليه ولسلم '' :فهلك التنطعون '' قالها ثل ت مرا ت .
ـ هرواه مسلم ـ والدعاء عليهم بالهلك دللة على ذ م ما هم فيه من حال التشدد ،الناتج عن كثة
السؤال عن أموهر مغ كيبة ،والبالغة ف ي التدقيق والتفريع إلى دهرجة الخروج عن أمر الشع ،مما
يؤدي إلى الشدقة الزامئدة ،والشيعة لم تأمر إل بما فيه يس ولسماحة ،ونهت عن التشدد ف ي الدين
13
قال تعالى '' :يريد الله بكم اليس ول يريد بكم العس ''ـ البدقرة 185ـ
إن فتاو ى الغلو الت أحدثها الفدقهاء وأقحموها ف ي التدين ،أد ت إلى فصل النصوص الدينية عن
لسياقاتها ،مما أكسبها قوة تدميية إلستحدثت صوهر من العبادا ت واللزاما ت ما أنزل الله بهما من
لسلطان ،وه ي ل تكاد تحص بعدد ،عن أب ي هريرة هرض الله عنه قال :قال هرلسول الله صلى الله
عليه ولسلم '' :إن الدين يس ولن يشاد الدين أحد إل تغلبه ،فسددوا وقاهربوا وأبشوا والستعينوا
والغلو ل يمكن التخلص من أوزاهره إل بإعادة الصداقية للخطاب الدين ،وتندقيته من الشوامئ ب
العالدقة به ،وإعطاء التدين بعده التوافدق ي ليحصل توافق ف ي الوع ي الاجماع ي بي مفهوم ي الدين
والتدين ،لن بدون توافق لسيسود الغلكو ف ي التدين ويصبح واقعاا مهيمناا ،يثي الشكوك حول قيم
الدين الخالص لتح كل محلها الدقيم ،الت تنساجم مع الصالح الشخصية والفئوية ،وتنالس ب العدو قبل
الصديق .فالغلو هو ف ي واقعه تسلط بشي ،إكتس ب شعيته بفضل جهود فدقهاء التسلط ،الذين
يستمدون مكانتهم من إهرادة وإكراها ت الحاكم الستبد ،ولدقد أوجدوا واقعاا مستعصياا أقو ى مما
نتصكوهر ،وزحزحتة أو تفكيكه عملية معكدقدة بالغة التعدقيد ،لن '' التدين '' يعطيه طابعاا قدلسياا
مساوي اا لدقدالسة الدين الخالص ،بسب ب إنعدا م الدقدهرة على التميي بي الدين والتدين ،فهو ير ى
بأنهما وجهان لعملة واحدة ،وهؤلء هم أتباع التدين ،قال تعالى '' :فأما الذين ف ي قلوبهم زيغ
فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إل الله '' ـ آل عمران 7ـ
إن الذين يشتون بسلطة الدين ثمناا قليلا يصكيون لسلطة الدين تس كلطاا ،ليسيطروا وويتحكموا ف ي
هرقاب أتباع التدين ،بوالسطة تحريف وتشويه التعاليم والشامئع ،وندقلها من فضامئها الله ي إلى
فضامئها النسان ي ،فيفتون الكذب على الله وهرلسوله إنتصاهراا للمذاه ب ،وهكذا إنتش ت النرآويل
والتفالسي الؤ كلبة ،وهراجت الحاديث الضعيفة والوضوعة بي الناس ،واتسعت حلدقا ت الحواهرا ت
الت مت فؤول إلى لساجال دين عرق ي ومذهب ،يعرقل التواصل ويؤلسس لقصاء الخر ،ويكرس الهراء
الفالسدة والحكا م الباطلة ،فيتحكول تس كلط الغلو إلى لسلطة ملزمة تلدق ي بظللها على ماجمل الحياة
وفتو كظف كمبهر لللستبداد ،خاصة عندما فتطل هرؤوس الفت الذهبية ،فيختلط فيه الثابت بالتحول
إلى دهرجة أصبحت فيها فتاو ى الغلو مساوية وموازية للحكا م الربانية ،فظهر ت أيشباه ديانا ت
14
تؤازهرها الفرق الذهبية وتذوذ عن حماها وأنزلتها منلة التدقديس ،فالستعص على التدين فك
اللتباس الح سدق بالعلقة بي الدين والتدين من جهة ،وبي السلطة والتسلط من جهة أخر ى ،قال
تعالى'' :فتدقطعوا أمرهم بينهم زبراا كل حزب بما لديهم فرحون'' ـ الؤمنون 43ـ
إن تسلط الغلو أد ى إلى تدقليص لسلطة الدين ،فانتش ت البدع السلوكية والعتدقادية عن طريق
قنوا ت مغرضة ،مرتبطة بكهنو ت الفرق الذهبية وبأيشكالها الوظيفية ،أكث من إهرتباطها بالدين ذاته
الذي تعرض إلى السحجاجر ،لتحكل مكانه نصوص وضعية كتست طابع الدقدالسة وأصبح لها تأثي
تس كلط ي ،وحينها صاهر ت السلطة الدينية ذا ت مرجعية مزدوجة ،متكونة من مستو ى علوي مدقدس
ومستو ى لسفل ي تغي مدقدس ،والستو ى الول يمثله توجيها ت وتكليفا ت الحق لسبحانه ،أما الستو ى
الثان ي فتمثله مرجعيا ت الفرق الذهبية ،الت اقتبست من الدين الخالص ما يتماش مع أطروحتها
فأولت ثم أنزلت تدين موازي للدين ،وهكذا صاهر ت كل فرقة تلعن أختها ،وتنعتها بالضلل والحياد
عن الدين ،وتدع ي لذهبها العصمة والصواب ،قال تعالى '' :إن الذين فرقوا دينهم وكانوا يشيعا
لست منهم ف ي شء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون '' ـ النعا م 159ـ
إن واقع الحال يؤكد بأن للتدين لسلطته النافذة ،بسب ب تأثيه الذي لبس العدقول لسواء كان نزيهاا
لسلبت منه إهرادته
أ م كان منحرفاا ،وهو ف ي حالته الثانية أكث تأثياا وأبلغ لسلطاناا ،لن التدين ف
الحرة البنية على ألساس الهلية التكليفية ،لينساق مع الدقطيع ويكرس التبعية والخنوع والخضوع
لتس كلط '' الفدقيه '' ،وكان من نتامئج ذلك ظهوهر أنموذج ''التدين الدقهوهر'' الستل ب ،الذي ضاعت
كرامته الت منحها له الدين الخالص ،بفعل نه ب مباش من طرف لسلطة متسلطة ألساس مرجعيتها
التدين ل الدين ،قال تعالى '':اتخذوا أحباهرهم وهرهبانهم أهربابا من دون الله ''ـ التوبة 31ـ
معن الية أي أطاعوا فدقاءهم فالستحلوا ما أحلوا وحرموا ما حرموا ،لنهم أنزلوهم منلة الحق
لسبحانه ،قال عبد الله بن الباهرك '' :وهل بدل الدين إل اللوك وأحباهر لسوء وهرهبانها ''
إن تسلط الغلو قامئم على لسلطة الدين ،والفصل بينهما واج ب عند التدقييم والندقد ،والخلط بينهما
أد ى إلى تشويه صوهرة الدين الخالص بسب ب الاجهل أو لسوء الفهم ،مما كان له مرآل ت أض ت
بالنسان ف ي تواصله مع الدين ،وجسد ت مرتكزاا إهرتدقى عليه اللحدة للطعن ف ي مصداقيته
فوصموا اللسل م بأيشنع النعو ت لنهم وقعوا ف ي عملية خلط جاهل مغرض بي الدين وبي التدين.
15
دين الوسطية وتدين التطرف
الولسطية :منهج فكري ي كتسم بالعتدال تغايته تحدقيق التوازن ف ي الحياة ،وتحكري متواصل بغية
التوصل للصواب ف ي التوجها ت ،والختياهرا ت والواقف السلوكية ،قال تعالى '' :وكذلك جعلناكم
أمة ولسطاا لتكونوا يشهداء على الناس ويكون الرلسول عليكم يشهيداا ''ـ لبدقرة 143ـ
والشاهد الدقبول عند الله هو الذي يشهد بعلم وصدق فيخب بالحق ،قال تعالى '' :إل من يشهد
إن ولسطية الدين يشاملة لاجميع جوان ب الحياة ،تتاجلى ف ي يسه ولسماحته على كافة الصعدة ،لذا
فاللسل م بممراء من النحراف لسواء الاجانح إلى الغلو ،أو الاجانح إلى التدقصي ،فهو دين العتدال
بمفهومه الوالسع ،قال تعالى '' :ول تاجعل يدك مغلولة إلى عندقك ،ول تبسطها كل البسط فتدقعد
لدقد كان التطرف وما زال معول هدت م ف ي اللسل م ،وهو أيشد خطراا لنه ك كدهر صفاء وندقاء جوهر
م
سا يعب عليه التطرفون لنسف كيان المة ،لدقد هرو ى البخاهري ف ي الصحيح العدقيدة ،وأصبح ج ا
بسنده إلى حذيفة بن اليمان هرض الله عنه أنه قال '' :كان الناس يسألون هرلسول الله صلى الله
عليه ولسلم عن الخي ،وكنت ألسأله عن الش مخافة أن فيدسهركن ،فدقلت :يا هرلسول الله إنا كنا ف ي
جاهلية وش فاجاءنا الله بهذا الخي ،فهل بعد هذا الخي من ش؟ قال :نعم ،قلت :وهل بعد ذلك
فيها ،قلت :يا هرلسول الله صفهم لنا ؟ قال :هم من سجلمدستنا ،ويتكلمون بألسنتنا ،قلت :فما تأمرن ي
إن أدهركن ذلك؟ قال :تلز م جماعة السلمي وإمامهم ،قلت :فإن لم يكن لهم جماعة ول إما م ؟ قال:
فاعتل تلك الفرق كلها ،ولو أن متمعرض بأصل يشاجرة حت فيدسهرمكك الو ت وأنت على ذلك '' .
إن عد م اللتا م بالولسطية على مستو ى الشاعر والفكاهر والسلوكيا ت ،يؤدي إلى التطرف أي
تاجاوز حد العتدال وإتخاذ الفرد موقفاا متش كدداا ،وهو موقف إنفعال ي إقصامئ ي يظهر من خلل
مماهرلسا ت ومواقف متمتة ،ينطوي عليها إحتدقاهر الخر وعد م العتاف بحدقوقه وإنسانيته ،وله
16
خلفيا ت ثدقافية لساهمت ف ي تشكيل صوهرة قاتمة عن دين اللسل م ،بسب ب تسلطه الذي ه كد قيم
ومباديء الدين الخالص ،مما أد ى إلى إنتشاهر ثدقافة التكفي والتفسيق ،والتبديع والقصاء بوتية
تصاعدية تدعو إلى الحية والرهبة ،بدل ثدقافة التعايش والتساكن وإحتا م الخر ،وهكذا صنع كل
مذه ب لنفسه لسياجاا ناهرياا ملغماا بالحدقد والسخط والكراهية ،وأوهم نفسه بأنه يمثل الحق وأن
تغيه يمثل الباطل ،ول توجد عنده منطدقة ولسطى بي الوضعي ،عن أبن عباس هرض الله عنهما
قال :قال هرلسول الله صلى الله عليه ولسلم '' :يا أيها الناس إياكم والغلو ف ي الدين ،فإنه أهلك من
كان قبلكم الغلو ف ي الدين " ـ هرواه ابن ماجة وصححه اللبان ي ـ
والتطرف هو ألسالساا فكر يؤدي بمعتندقه إلى التشدد ف ي مواقفه وألفاظه ولسلوكه ،ويدعو إلى إقصاء
كل حواهر يسعى للتواصل بالفكر والوع ي والثدقافة البناءة ،وهكذا أصبح '' الدين '' مصدهر هرع ب
وخوف بعد أن كان هرمز المن والحياة ،ومكرد ذلك إلى لسيالسة اللستبداد ،وندهرك ذلك من خلل
قراءة التاهريخ اللسلم ي إبتدا اء من حدقبة '' الفتنة الكب ى'' ،حيث لم تعد النظومة الفكرية متمالسكة
كما كانت من قبل ،لنها دخلت ف ي دامئرة الجتهاد الكيدي ،وككرلست التباع الساذج والتدقليد
العمى ،مما أد ى إلى إنزياح خطي إلى دهرجة أصبح كل فريق يدع ي أنه'' الفرقة الناجية '' ،الت
تمثل الدين الخاالص وه ي وحدها معنية بالخلص ،وهكذا هيمن كل م الفدقهاء على عدقول التديني
وأصبح ل يدقل قدلسية عن كل م الله لسبحانه ،فتشابك الذات ي مع الوضوع ي والحال أن الدين واحد
لن مصدهره الواحد الحد تعالى علواا كبياا ،قال تعالى '' :قل إن الذين يفتون على الله الكذب ل
يفلحون ،متاع ف ي الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيدقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ''ـ يونس 69ـ
إن أصول الدين ومدقاصده تعكس قيماا كونية ل إختلف عليها ،وإنما الهتما م بالفروع والهوامش
هو الذي ولسع هكوة الخلف ،وحكرض على التعص ب وإذكاء الناعا ت ،وإطالة أمد الخلف والشدقاق
مما أد ى إلى ترلسيخ التطرف ،الذي ما هو ف ي واقع المر إل هوس بأفكاهر مغلوطة ،يعتندقها التدين
عن جهالة متوكهماا بأنها تمثل الدين الخالص ،ومعتدقداا بأنه قد إمتلك الحدقيدقة الطلدقة الت تدقوده إلى
الخلص ،وبالتال ي فل يمكن ان يدقبل بأي إختلف ف ي ماجال عدقيدته ،لن قبوله بالختلف يعن
تخليه عن الحدقيدقة الطلدقة ،أو مساواتها بالخطأ والنحراف والزندقة ،فإذا كان السلف الصالح قد
اجتهد لصياتغة الحكا م إنطلقاا من واقعه السياس والجتماع ي والثدقاف ي ،أل يحق لنا اليو م إعادة
17
فتح باب الجتهاد ،والتعامل مع نصوص الدقرآن والنظر ف ي مسامئله بعيداا عن التشدد ،وعن
الولسامئط من شوح وتفالسي مذهبية لدقاصد الدقرآن ،حت نتمكن من النظر ف ي قضايا العص
الحديث بألسلوب تعدقـل ي ،دون الخروج عن مدقاصد الشيعة للحد من إلستفحال التطرف ،هذا الداء
العضال الذي أصاب المة اللسلمية ف ي صميمها ،فشل أهركانها وإلستنف قدهراتها ،وما أعدق ب ذلك
عن ثوبان هرض الله عنه قال :قال هرلسول الله صلى الله عليه ولسلم '' :يويشك أن تداعى عليكم
المم من كل أفق ،كما تداعى الكلة على قصعتها ،قال قلنا :يا هرلسول الله أمن قلة بنا يومئذ ؟
قال :أنتم يومئذ كثي ،ولكن تكونون تغثاء كغثاء السيل ،ينتع الهابة من قلوب عدوكم ،وياجعل
ف ي قلوبكم الوهن ،قال قلنا :وما الوهن ؟ قال :ح ب الحياة وكراهية الو ت'' ـ هرواه أحمد ـ
ـ البعد الول :يتمثل ف ي دهرجة العنف الدقاتل الغي السبوق ،الذي يماهرلسه السلمون بعضهم ضد
بعض ،حيث لم يستثنوا ل بش ول حاجر ،لدقد إلستح كلوا الدماء العصومة والموال الصونة وأباحوا
ـ البعد الثان ي :يتمثل ف ي إنتشاهر العنف الدقاتل ،الذي يشمل هرقعة والسعة من البلد العربية
ـ البعد الثالث :يتمثل ف ي إلستمراهر الناعا ت ،الت تضعف كل عوامل الناعة الذاتية ،ف ي مواجهة
ـ البعد الرابع :يتمثل ف ي السيل العاهر م من فتاو ى التشديد والتكفي ،والتضليل والتفسيق والتبديع
ودعو ى الاجهاد بغي ضوابطه ،وزهرع الضغامئن والحدقاد وتأجبج ناهر الفتنة بي أتباع وأنصاهر
الذاه ب ،وهذا البعد الخي هو الذي يغذي البعاد الثلثة السالفة الذكر ،حيث ل تلوح له نهاية ف ي
الفق .
ـ البعد الخامس :يتمثل ف ي تشويه صوهرة اللسل م ،ووصفه بنعو ت بشيعة على الصعيد العال ي
حيث أصبح فيوصف باجرأة تغي مسبوقة ف ي التاهريخ العاص بأنه “دين إهرهاب” .
18
التطرف جس عبوهر إلى الهرهاب
إن إقصاء اليا ت الت تعتب النسانية أمة واحدة ،أد ى إلى تحول التطرف من دامئرة العتدقاد
والشعوهر النفس إلى دامئرة الماهرلسة والسلوك الجتماع ي ،وأصبح التطرف هو أحد ألسباب الهرهاب
وليس هو الهرهاب نفسه ،فالتطرف كما ذكرنا لسابدقاا زيغ وميل عن لسواء السبيل ،وهو عكس
التولسط والعتدال ،وكما يعن كذلك الغلو أي ماجاوزة الحدود واليل عن الدقصد ،وهو نتاج
ماجموعة من العتدقدا ت والفكاهر التعنتية التاجاوزة للحق والصواب ،الرتبطة بما هو فكري باللساس
وتتاجلى بوضوح ل تغبش فيه من خلل كافة صوهر السلوك ،الـم كتسم بالندفاع وعد م ضبط النفس
والدقسوة والغلظة ف ي العاملة والتشدد ف ي الرأي ،مما يؤدي إلى الخروج عن الولسطية والبتعاد عن
العتدال الفكري ،الذي يعتب السلمي أمة واحدة ،قال تعالى '' :إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا
والهرهاب هو عندما تتحول العتدقدا ت والفكاهر إلى لسلوكيا ت مادية عنيفة ف ي مواجهة الاجتمع أو
الدولة ،وهذا يبي بأن التطرف يرتبط بالفكر والهرهاب يرتبط بالفعل ،ويمكن الدقول بأن التطرف
هو مدقدمة الهرهاب ،وبالتال ي فطرق علج التطرف تختلف عن مواجهة الهرهاب والتعامل معه .
أول :إحتواء التطرف الذهب الدقامئم على''الفرقة الناجية'' ،الت تهمش باق ي الفرق الخر ى ،وتغكي ب
التنوع الفدقه ي وتدقحمه ف ي بوثدقة الختلف الصاع ي بدل الختلف التلف ي ،وتككرس نظرية
الزاحة و تحص النطق والتفكي النساجم مع ذاته ف ي منظومتها العرفية فدقط ،وتدقود إلى التعص ب
والتطرف على ألساس أن الذه ب الذي تعتندقه هو جوهر الدين ،وهذا ما أد ى إلى تطرف تدين أعمى
أقص قيم ومباديء الدين الخالص ،الت تثي حياة السلم وتصون كرامته بغض النظر عن إنتمامئه
الذهب .
ثانيا :إلستبداد النظم السيالسية ،وإنسداد الفاق العرفية والبداعية ،وهيمنة ثدقافة التسليم بالظلم
ثالثا :الفدقر والاجهل وهما يمثلن الشكلة اللسالسية الت أد ت إلى تفاقمه ،وإنتشاهره كما ينتش
19
اللهي ب ف ي الهشيم .
هرابعا :العناجهة المبيالية والغطرلسة الصهيونية ،والرجعية العربية وهوان المة .
كل هذه اللسباب حاضة بنس ب متفاوتة ،وعاملة على تفريخ التطرف والهرهاب ،والقتصاهر على
العالاجة المنية له قد يم كد ف ي حياة الظاهرة ،ويدقوي هذه السلبية الدقيتة الت أقحمت المة ف ي
بوثدقة الضياع ،ولسوف فتود ى بها إلى الهلك الاحق نسأل الله السلم والسلمة ،لذا ياج ب أن يكون
النطلق الول لواجهة الهرهاب هو ندقد الذا ت ،والرجوع إلى الدين الخالص النه من يشوامئ ب
التدين ،قال تعالى '' :الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم ياجعل له عوجا .قيما لينذهر بألسا
يشديدا من لدنه ،ويبش الؤمني الذين يعملون الصالحا ت أن لهم أجرا حسنا '' ـ الكهف 1ـ 2ـ
عن جندب بن عبد الله اجلبمماجسل ك س ي قال :قال هرلسول الله صلى الله عليه ولسلم '' :من فقتل تحت هراية
سع ك سمريتة يدعو عصبية ،أو ينص عصبية فمسدقجتلمةم جاهليمة '' ـ هرواه مسلم ـ
20