You are on page 1of 25

‫سلسلة‬

‫كيف تجدد إيمانك‬

‫تجار الدين ونهرالدماء‬

‫الستاذ التهامي الشامي‬

‫‪1‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫محتويات البحث‬

‫الدقدمة ………………………………………………………………………‪ 3...‬ـ ‪4‬‬

‫مرحلة التبليغ ……………………………………………………………‪ 5 ...….‬ـ ‪8‬‬

‫مرحلة الدعوة…………………………………………………………………‪ 9...‬ـ ‪17‬‬

‫دعاة مذاهب ل دعاة دين………………………………………………………‪18 ..‬ـ ‪19‬‬

‫ل كهنوت في اللسل…م…………………………………………………………‪ 20 ..‬ـ ‪22‬‬

‫تجار الدين ونهر الدماء………………………………………………………… ‪ 23‬ـ ‪25‬‬

‫‪2‬‬
‫الدقدمـــة‬

‫قال تعالى ‪ '' :‬إنا أنزلناه قرآناا عربياا لعلكم تعدقلون ''ـ يولسف ‪ 2‬ـ‬

‫يتبي من الية بأن الرجعية العرفية للدقرآن هي اللغة العربية ‪ ،‬وعلى ألسالسها يجب أن ييهفهم‬

‫الدقرآن ‪ ،‬شيطة أن لن نتعامل مع اللغة بأنها ولسيلة للتخاطب فدقط ‪ ،‬بل هي أداة ثدقافة بمهفهومها‬

‫الشمولي من حيث العن والدللة ‪ ،‬ومن حث بعدها العرفي والتصور الذهن ‪ ،‬بالتالي فالهفاهيم‬

‫تتطور لنها متلمزمة مع التطور الهفكري ‪.‬‬

‫حوصت‬
‫إن أمزمة الهفاهيم في الثات الدين هي بحاجة الى ندقلة نوعية ‪ ،‬لتطوير اللغة العربية الت ي‬
‫ل بي دفت كتب الثات الدين ‪ ،‬وعد…م إجتار التهفالسي السلهفية وإعتبارها حدقيدقة ثابة ل‬
‫حصاراا كام ا‬
‫تدقبل الندقد ‪ ،‬ول يمكن إعادة إنتجاها وبلورتها ‪ .‬ولتجاومز المزمة وجب تطوير منظومة الهفاهيم ‪ ،‬لن‬

‫أي منظومة لغوية تدقاس مصداقيتها بإرتباطها ل بتهفكككها ‪ ،‬فالنظومة الرتبطة هي الت تجعل المة‬

‫ذات مهفاهيم مووحدة تدرك بها ضميمة الفكار ‪ ،‬دون تيه أو شود عن جوهر الهفهو…م ‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬

‫'' الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبي ''ـ هود ‪ 1‬ـ‬

‫معن يأحكمت ‪ :‬أحكم المر أتدقنه وضبطه ‪ .‬وفيوصلت ‪ :‬تموي بعضها عن بعض ‪ ،‬وب يوينت بياناا ل يلبس‬

‫فيه ‪ ،‬لن الذي أبدع خلق هذا الكون وأتدقن صنعته ‪ ،‬أحكم كلمه وأدق الهفاهيم ليدرك عباده دقائق‬

‫العاني ولي ودبروها دون عناء ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬أفل يتدبرون الدقرآن ولو كان من عند غي الله لوجدوا‬

‫فيه إختلفاا كثياا ''ـ النساء ‪ 82‬ـ‬

‫إن اللهفاظ الدقرآنية تصف وتسمي اليشياء بشكل ب و يي ‪ ،‬يتنالسب وعظمة الدقائل لسبحانه ‪ ،‬بحيث تندقل‬

‫الهفاهيم بشكل مجرد عن الزمن لتتنالسب مع التطور اللغوي ‪ ،‬لذا ل توجد في الدقرآن الكريم كلمة‬

‫مرادفة لكلمة أخرى بالعن الذي يتصوره البش ‪ ،‬فلكل كلمة من الكلمات الدقرآنية مهفهومها الخاص‬

‫الذي يميها عن غيها ‪ ،‬وكما أنها يتعطي في كل عبارة قرآنية صورة لها خاصيتها الت تميها‬

‫ضمن السياق ‪ ،‬مما يجعل منظومة الهفاهيم دائمة الحيوية والتطور ‪ ،‬وبالتالي ل يمكن إعتبار كلمة‬

‫التبليغ مرادفة لكلمة الدعوة ‪ ،‬لن مهفهو…م ك ولا منهما يمع دد بحكمة ووفق معادلة توامزن مطلق ‪ ،‬فكل‬

‫لهفظة في الدقران الكريم تنهفرد بمعن عن غيها من اللهفاظ التدقاربة أو التشابهة أو التناظرة ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وإذا كان البعض يستعملهما بمعن واحد غي مكت ث بما بينهما من فروق دقيدقة ‪ ،‬فهذا مروده إلى‬

‫الخهفايا والرسار الكامنة في اللهفظتي ‪ ،‬وجهل علل الوضع وألسباب التسمية ‪ ،‬وعد…م مراعاة السياق‬

‫الذي يدعو إلى تهفضيل لهفظة على أخرى ‪.‬‬

‫إن العجامز اللغوي في الدقرآن الكريم ‪ ،‬هو عبارة عن نظرية تشمل جميع اللهفاظ ‪ ،‬بل تشمل حت‬

‫الحروف الدق وطعة ‪ ،‬وهذا الس اللغوي يتنالسب مع تطورنا العلمي والحضاري ‪ ،‬لذلك فإن إدراكنا‬

‫للس يرتبط بإدراكنا للحدقيدقة الت يصهفها ويسميها اللهفظ الدقرآني ‪ ،‬إل أن تلكبس الهفاهيم في الهفكر‬

‫اللسلمي يشوكل عائدقاا ثدقافياا ‪ ،‬بسبب طغيان لغة التجريد ‪ ،‬وفرض السلمات الدقهرية وفدقدان الرؤية‬

‫الشمولية ‪ ،‬مما أدى إلى الختلف حول البدهيات من اليشياء والعاني الواضحة ‪ ،‬الت ييهفتض أنها‬

‫محل إجماع ‪ ،‬أو على القل محل إتهفاق الغلبية ‪.‬‬

‫ومن السؤلسف أن الهفكر اللسلمي أصبح رهي دوامة الهفاهيم ‪ ،‬الت أفرمزتها التيارات الهفكرية الذهبية‬

‫لساندة تيار مرجعيتها ‪ ،‬ول نبيء أي تيار فكري من الوقوع في هذه الدوامة ‪ ،‬الت جعلت الهفاهيم‬

‫ليست فدقط أنها غي محددة ‪ ،‬بل ومشويشة حت عند كثي من التحمسي لها ‪ ،‬ورغم ذلك فإنهم‬

‫صون على ترويجها وترلسيخها دون ندقاش تدقديساا لشايخهم ‪ ،‬وهذا ليس من الدين في شء ‪ ،‬قال‬
‫يي ك‬
‫علي بن أبي طالب رض الله عنه ‪ '' :‬الحق ل يعرف بالرجال ‪ ،‬وإنما يعرف الرجال بالحق ‪ ،‬فاعرف‬

‫الحق تعرف أهله '' ‪ ،‬وكما قال الما…م مالك وهو يشي إلى قب العصو…م عليه الصلة السل…م ‪" :‬كدل‬

‫يسؤخذ من كلمه ويتك إل صاحب هذا الدقب " ‪.‬‬

‫وفي هذا البحث التواضع لسأبذل جهدي بإذن الله ‪ ،‬لتهفكيك أمزمة الهفاهيم التلبسة عن التبليغ‬

‫والدعوة ‪ ،‬فأرجو من الله العون والسداد ‪ ،‬وهو ولي التوفيق ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مرحلة التبليغ‬

‫نزول الوحي وبدايه التبليغ ‪ :‬لدقد بعث الله لسبحانه رلسوله عليه السل…م في قومه ‪ ،‬حيث لم يكن‬

‫خيبوا أخلقه‬
‫غريباا عنهم ‪ ،‬بل يولد فيهم وعاش بي ظهرانيهم أربعي لسنة كاملة قبل بعثته ‪ ،‬وقد خ‬
‫وعلموا فضله ‪ ،‬وكانت الغاية من بعثته تبليغ الوحي اللهي ‪ ،‬الذي هو مصدر الرلسالة الخالصة الت‬

‫يتض ومنها الدقرآن الكريم ‪ ،‬ليكون حلدقة وصل بي العباد وخالدقهم ‪ ،‬ولدقد أنزله الحق لسبحانه بالحق‬

‫ونزل به الروح المي على قلب رلسوله عليه السل…م ‪ ،‬ليكون للعالي بشياا ونذيراا ‪ ،‬وفي هذا إعلن‬

‫عن بدء الرلسالة ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬يا أيها الدثر ‪ .‬قم فأنذر''ـ الدثر ‪ 1‬ـ ‪ 2‬ـ‬

‫والراد من المرين ‪'' :‬قم'' ‪ :‬أمر قويا…م عز…م وتصميم ‪'' ،‬فأنذر'' ‪ :‬تبيان مهمة التبليغ وهي إعل…م وأخبار‬

‫الناس بما قد يحد ث لهم إذا هم لم يأخذوا يحذرهم ‪ .‬والنذار متضومن في الرلسالة ـ الدقرآن ـ الت يك ولف‬

‫الرلسول بتبليغها ‪ ،‬ليكصد الناس عوما هم فيه من الغي والضلل ‪ ،‬وكان عليه السل…م أول من نطق‬

‫بالوحي ‪ ،‬وأول من يينهفـذه و ييطيعه ‪.‬‬

‫ومرحلة التبليغ كان هدفها هو ظهور اللسل…م ‪ ،‬ولدقد اعتمدت على التبليغ الدقرآنوي إنطلقاا من‬

‫مصدرين هما ‪:‬‬

‫ـ الصدر الول ‪ :‬التبليغ اللهي ‪ :‬قال تعالى ‪ '':‬فإنه نززله على قلبك بإذن الله مصدقا لا بي يديه‬

‫وهدى وبشى للمسؤمني '' ـ البدقرة ‪ 97‬ـ لدقد خأنزل لسبحانه الوحي بشكل خاص وعلى رلسول خاص ‪.‬‬

‫ـ الصدر الثاني ‪ :‬التبليغ ال ورلسولي ‪ :‬قال تعالى ‪ '' :‬وما ينطق عن الهوى ‪ .‬إن هو إل وحي يوحى ''‬

‫ـ النجم ‪ 3‬ـ ‪ 4‬ـ‬

‫إنه رلسول خاص يأنزل عليه وحي خاص ‪ ،‬ليبلغــه أول ا لعشــيته القربـــي ‪ ،‬ثانيــاا لــن اتبعــه ‪ ،‬قــال‬

‫تعالى ‪ '' :‬وأنذر عشيتك القربي ‪ .‬واخهفض جناحك لن اتبعك من الومني''ـ الشعراء ‪ 213‬ـ ‪ 214‬ـ‬

‫وهذا يوضح ويبي بجلء بأن هدف التبليغ هو ظهور اللسل…م بعد خهفاء ‪ ،‬ثم إثبات وجوده في‬

‫البيئة الكية ‪ ،‬لذا كانت أنجع ولسيلة للتبليغ تتجسد في مصداقية يشخصية الرلسول عليه السل…م‬

‫ورصيده السلوكي ‪ ،‬حيث كان يلدقبونه ب'' المي ''‪.‬‬

‫مفهوم التبليغ ‪ :‬قال تعالى ‪ '' :‬ياأيها الرلسول ب ولغ ما يأنزل إليك من ربك ‪ ،‬وإن لم تهفعل فما ب ولغت‬

‫‪5‬‬
‫رلسالته ‪ ،‬والله يعصمك من الناس إن الله ل يهدي الدقو…م الكافرين '' ـ الائدة ‪ 67‬ـ‬

‫جاء في تاج العروس ‪ :‬بخلغ الكان بلوغاا ‪ :‬وصل إليه ويشارف عليه وانتهى ‪ .‬قال تعالى ‪'' :‬حت إذا‬

‫بخلغ أيشده '' يراد به بلوغ غاية مزمانية ‪.‬‬

‫قال تعالى ‪ '':‬قد بلغت من ل كدني عذراا '' ‪ :‬قد وصلليت إلى الح ود الذي ل ييدقبل عنده عذري ‪.‬‬

‫وأبلغ الخب إبلغاا ‪ :‬أوصله إلى من يعنيه المر إيصال ا ‪.‬‬

‫وب ولغ الخب تبليغاا ‪ :‬التوصيل ‪ :‬أوصله من يشخص إلى آخر ‪ ،‬وغالباا ما ييستعمل معن التبليغ في‬

‫المور العنووية ويدقول في المور الحسولسة ‪.‬‬

‫'' ب يولغ ما يأنزل إليك '' بمعن ‪ :‬إنك مك ولف بتوصيل وعرض الوحي ‪ ،‬الذي أنزلته عليك إلى الناس‬

‫وصيغة ''ب يولغ '' لغة تهفيد التكرار والتتابع ‪ ،‬كما تعن الخصوصية أي الهتما…م الخاص بالهفعل‬

‫بالنسبة للهفاعل ‪ ،‬وهذا يب و ييـن بأن الهدف من ورود هذه الصيغة في الية ‪ ،‬هو الدللة أن رلسول الله‬

‫عليه السل…م كان يتلدقى الوحي تلودقياا خاصاا ‪ ،‬كرلسول مخصوص تتوفر فيه مواصهفات الورلسولوية‬

‫الخاصة ‪ ،‬الت تسؤهله ليب ولغ الدقرآن إلى الناس ليصبح حجة وبوينة عليهم خاصة ‪ ،‬وهذه مية‬

‫مخصوصة بالرلسل صلوات الله عليهم أجمعي ‪ ،‬وليست متعدية إلى غيهم ‪ ،‬قال تعالى في حق‬

‫الرلسل ‪ '' :‬الذين يبلغون رلسالت الله ويخشونه ‪ ،‬ول يخشون أحداا إل الله وكهفى بالله حسيبا '' ـ‬

‫الحزاب ‪ 39‬ـ‬

‫ونستنتج مما لسبق ذكره بأن التبليغ هو توصيل الدقرآن كما يأنزل للناس ‪ ،‬وهذا تكليف خزص به الله‬

‫لسبحانه رلسوله الكريم دون غيه ‪ ،‬فكان شف الرلسول من شف الرلسالة ‪ ،‬ولدقد كان عليه السل…م‬

‫صا ‪ ،‬فل مكان فيها للرأي والرأي الخر ‪ ،‬لن‬


‫معصواما في تلدقي الرلسالة ـ الدقرآن ـ وتبليغها ح ا‬
‫نصوص الدقرآن قطعية الثبوت ‪ ،‬لذلك وجبت طاعته فيما يب ولغ عن ربه ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬من يطع‬

‫الرلسول فدقد أطاع الله ‪ ،‬ومن تولى فما أرلسلناك عليهم حهفيظا '' ـ النساء ‪ 80‬ـ‬

‫وإذا كان عليه السل…م قد تلدقى الوحي من الله لسبحانه ‪ ،‬فالصحابة رضوان الله عليهم تلودقوه‬

‫بوالسطة التبليغ الورلسولي ‪ ،‬فتلدقوا الدقرآن الكريم غدض من الذي ل ينطق عن الهوى ‪ ،‬وتشبعوا بالدين‬

‫الخالص الذي ل تشوبه يشوائب التآويل ‪ ،‬والتهفالسي التسمة بالراء الذهبية ‪ ،‬الت قد يتخكل بوظيهفة‬

‫التبليغ الصف والحض ‪ ،‬وهولء هم ''جيل الدقرآن''‪ ،‬الذين قال في حدقهم لسبحانه وتعالى ‪ '' :‬إذا‬

‫يتلى عليهم يخرون للذقان لسجداا ‪ .‬ويدقولون لسبحان ربنا إن كان وعد ربنا لهفعوال ‪ .‬ويخرون‬

‫‪6‬‬
‫للذقان يبكون ويزيدهم خشوعاا ''ـ الرساء ‪ 107‬ـ ‪109‬‬

‫رس قوة إيمانهم الت تميوا بها ‪ ،‬حيث‬


‫إن منلة الدقرآن الكريم كانت عند الصحابة عظيمة ‪ ،‬وهذا هو ك‬
‫كانوا يلدقيبلون على الدقرآن بهمة عالية ‪ ،‬وعدقول يمتيدق يوظة مع صدق توجههم لله ‪ ،‬لزنهم عرفوا قدر الله‬

‫فعرفوا قدر كلمه ‪ ،‬لذا كانوا يتدبرونه ليلا وينهفذونه نهاراا ‪ ،‬لنهم أدركوا بأن العمل به من أعظم‬

‫الدقربات إلى الله ‪ ،‬فاتخذوه مريشداا في يشسؤون دينهم ودنياهم ‪ ،‬وتخلدقوا بأخلقه وتأدبوا بآدابه‬

‫إقتدااء برلسول الله عليه السل…م ‪ ،‬وعملا بدقوله تعالى‪ " :‬كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته‬

‫وليتذكر أولوا اللباب" ـ ص ‪ 29‬ـ‬

‫بيداغوجية التبليغ ‪ :‬البيداغوجية هي منهجية ندقل وتدقديم العرفة من خلل خطة لها قواعدها‬

‫الحددة ‪ ،‬تلئم قدرات التعلم ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬لدقد خمـزن الله على السؤمني إذ بعث فيهم رلسول من‬

‫أنهفسهم ‪ ،‬يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ‪ ،‬وإن كانوا من قبل لهفي ضلل مبي'‬

‫'ـ آل عمران ‪ 164‬ـ‬

‫إن الية تب وي لنا أهداف خطة التبليغ ‪ :‬الهدف الول ‪'' :‬يتلو عليهم'' أي يدقرأ الدقرآن عليهم بصوت‬

‫مرتهفع ‪ ،‬قال تعالى‪ '':‬أو لم يكهفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم''ـ العنكبوت ‪ 51‬ـ‬

‫الهدف الثاني‪'' :‬ويزكيهم'' أي يهدي ويريشد عدقولهم ‪ ،‬ويصلح ويطهر نهفولسهم بوالسطة تدكبر الدقرآن‬

‫وتهفكهمه وتعكدقله ‪ ،‬قال تعالى‪ '':‬قد أفلح من مزكاها ‪ .‬وقد خاب من دلساها ''ـ الشمس ‪ 9‬ـ ‪10‬ـ‬

‫الهدف الثالث ‪'' :‬ويعلمهم الكتاب والحكمة'' أي جعلهم يعرفون ويهفهمون أول ا كتاب الله ‪ ،‬ثم إبداء‬

‫الرأي الحق الوافق للصواب في حالة إذا يأيشكل عليهم فهم شء من الدقرآن ‪ ،‬وهذا يبوي بأن مهومته‬

‫عليه السل…م لم تدقتص على تبليغ الدقرآن فدقط ‪ ،‬بل اهتزم إلى جانب ذلك بكيهفية تبليغ الهفاهيم‬

‫والدقاصد الدقرآنية ‪ ،‬وإريشاد الصحابة إلى لسبل الحكمة وإلستخلص العب ‪ ،‬لكتساب الدقيم النشودة‬

‫الت يحتاجون إليها ‪ ،‬للنتدقال من حالة عدقلية الجاهلية الى حالة عدقلية اللسل…م ‪ ،‬اللئمة لحاجاتهم‬

‫البشية والن وظمة لها ‪.‬‬

‫ولدقد جعل الحق لسبحانه التكية لسابدقة عن التعليم ‪ ،‬إيشارة إلى أهمية التخلية قبل التحلية ‪ ،‬أي أن‬

‫النسان يجب عليه أن ييخلي نهفسه أول من الجهل قبل أن ييحليها بالعلم ‪ ،‬قال تعالى ‪ ":‬مثل الذين‬

‫‪7‬‬
‫حملوا التوراة ثم لم يحملوها ‪ ،‬كمثل الحمار يحمل ألسهفارا ‪ ،‬بئس مثل الدقو…م الذين كذبوا بآيات الله‬

‫والله ل يهدي الدقو…م الظالي ''ـ الجمعة ‪ 5‬ـ‬

‫تبي الية بأن على النسان أن يتخ ولص أول ا من الجهل ‪ ،‬ثم يبدأ في ترلسيخ العلم ‪ ،‬وهذا هو عي‬

‫الصواب لتححدقيق التوافق العرفي والذهن بدل التنافر والتناقض ‪ ،‬ومن خلل بيداغوجية التبليغ‬

‫يتب وي لنا بأن مرحلة التبليغ هي بمثابة تمهيد الدعوة ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬يا أيها النب إنا أرلسلناك‬

‫يشاهداا ومبشاا ونذيراا ‪ .‬وداعياا إلى الله بإذنه ورساجاا منياا ‪ .‬وبش السؤمني بأن لهم من الله فضلا‬
‫كبياا '' ـ الحزاب ‪ 45‬ـ ‪ 47‬ـ‬

‫يتح يودد الية الكريمة وظيهفة الدعوة بعد وظيهفة التبليغ ‪ ،‬قال ابن عباس رض الله عنهما ‪ :‬لا نزلت‬

‫هذه الية دعا رلسول الله صلى الله عليه ولسلم علوياا ومعاذاا فبعثهما إلى اليمن ‪ ،‬وقال‪» :‬اذهبا فب ويشا‬

‫ول تن و يهفرا‪ ،‬وي و يسا ول تع و يسا ‪ ،‬فإنه قد يأنزل علي‪ '' :‬يا أيها النب إنا أرلسلناك يشاهداا ومبشاا ونذيراا ''‬

‫ـ رواه الطباني ـ‬

‫‪8‬‬
‫مرحلة الدعوة‬

‫بعد دخول الناس أفواجاا في اللسل…م وإتساع رقعة البلد ‪ ،‬أرلسل رلسول الله عليه السل…م الصحابة‬

‫إلى بلدان الهفتوحات ‪ ،‬لنش تعاليم الشيعة وتنيليها على واقع حياة الناس ‪ ،‬وهكذا بعد مرحلة‬

‫التبليغ الت كانت هدفها هو ظهور اللسل…م ‪ ،‬لسيتم النتدقال إلى مرحلة الدعوة ‪ ،‬وهدفها هو نش‬

‫اللسل…م أي إذاعته وإيشاعته بي الناس كافة ‪ ،‬وغايتها هي حهفظ اللسل…م الذي يتموثـل في العدقيدة‬

‫والهفكر ‪ .‬والدعوة إلى اللسل…م مرتبطة بالهفطرة والشاعر ‪ ،‬وتنطلق من منطلق اليمان ‪ ،‬ومبنية على‬

‫عامل حب الله ورلسوله ‪ ،‬رجااء في الثواب من الله لسبحانه وحسن الجزاء ‪.‬‬

‫مفهوم الدعوة ‪ :‬تعريف الدعوة لغة ‪ :‬يدقول صاحب الحيط ‪ :‬دعا دعاء ودعوى ‪ :‬طلب المالة إلى‬

‫فعل شء أو تركه ‪ ،‬ومشتدقات هذا الهفعل لم تخرج في مدلولتها عن هذا العن أبداا ‪.‬‬

‫و الدقرآن الكريم الستعمل لهفظ الدعوة للدللة على معاني متعددة ‪ ،‬وإذا نظرنا بشء من المعان إلى‬

‫تلك العاني ‪ ،‬لسوف نجد أنها تعود جميعها إلى أصل واحد ‪ ،‬وهو معن الطلب والرجاء ‪ ،‬قال‬

‫تعالى ‪ '' :‬وقال ربكم ادعوني ألستجب لكم '' ـ غافر ‪ 60‬ـ وقال تعالى ‪ '' :‬ول تدع مع الله إلها آخر ل‬

‫إله إل هو كل شء هالك إل وجهه له الحكم وإليه ترجعون ''ـ الدقصص ‪ 88‬ـ‬

‫أسس الدعوة ‪ :‬الدعوة عند السلف لم تكن أمراا خاصاا بل كانت واجباا عينياا ‪ ،‬ييدرك من خلل‬

‫معرض كلمهم الوظيهفي ومهفهومه اليومي ‪ ،‬إنطلقاا من قناعتهم اليمانية ‪ ،‬ومن أهم ألسسها ‪:‬‬

‫ـ الساس الول ‪ :‬دافع الحب ‪ :‬دافع وجوب الدعوة وحده غي كافي ‪ ،‬لنه ل يكتمل ويصبح فوعال ا‬
‫إل إذا اقتن بدافع حب الله ‪ ،‬قال تعالى ‪'' :‬ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه ‪ ،‬فسوف يأتي‬

‫الله بدقو…م يحبهم ويحبونه ‪ ،‬أذلة على السؤمني أعزة على الكافرين ‪ ،‬يجاهدون في لسبيل الله ول‬

‫يخافون لومة لئم ‪ ،‬ذلك فضل الله يسؤتيه من يشاء والله والسع عليم '' ـ الائدة ‪ 54‬ـ‬

‫لدقد ذكر حبه لسبحانه وتعالى لعباده أولا ثم عطف عليه حبهم له ‪ ،‬فلول أن الله أحبهم ما أحبوه ‪.‬‬

‫ثم دافع حب رلسوله عليه السل…م ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله‬

‫ويغهفر لكم ذنبوكم والله غهفور رحيم ''ـ آل عمران ‪ 31‬ـ‬

‫ ث من كن فيه وجد بهن‬


‫عن أنس رض الله عنه قال ‪ :‬قال رلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪ '':‬ثل ٌث‬

‫‪9‬‬
‫حلوة اليمان ‪ ،‬من كان الله ورلسوله أحوب إليه مما لسواهما ‪ ،‬وأن يحب الرء ل يحبه إل لله ‪ ،‬وأن‬

‫يكره أن يعود في الكهفر بعد أن أندقذه الله منه ‪ ،‬كما يكره أن يدقذف في النار'' ـ رواه البخاري ـ‬

‫دافع حب عباده السؤمني ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬والسؤمنون والسؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون‬

‫بالعروف وينهون عن النكر ويدقيمون الصلة ويسؤتون الزكاة ويطيعون الله ورلسوله أولئك لسيحمهم‬

‫الله إن الله عزيز حكيم ''ـ التوبة ‪ 71‬ـ‬

‫عن لسهل بن معاذ عن أبيه رض الله عنه قال ‪ :‬قال رلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪ '' :‬من أعطى‬

‫لله ومنع لله ‪ ،‬وأحب لله وأبغض لله ‪ ،‬وأنكح لله فدقد الستكمل اليمان ''ـ رواه مسلم ـ‬

‫ـ الساس الثاني ‪ :‬الصدق ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد‬

‫ما بيناه للناس في الكتاب ‪ ،‬أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللعنون ‪ ،‬إل الذين تابوا وأصلحوا وبينوا‬

‫فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ''ـ البدقرة ‪ 158‬ـ ‪ 159‬ـ‬

‫قال الراغب الصهفهاني‪ '' :‬الصدق مطابدقة الدقول الضمي والخخب عنه ماعا ‪ ،‬ومت انخر…م ش ط من‬

‫ذلك لم يكن صداقا تامما '' ‪ ،‬وهو أيضاا الدقول الطابق للواقع والحدقيدقة ‪.‬‬

‫والصدق هو روح الدعوة وجذر ألسسها ‪ ،‬وهو نتاج اليمان والعتدقاد الحخسن ‪ ،‬ويعتمد على شف‬

‫يا صاداقا عن الواقع ‪ ،‬وعوما في نهفس قائلها فذلك كذب‬


‫الكلمة ‪ ،‬فإذا لم تكن الكلمة معبة تعب ا‬
‫وبهتان ومزيف ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬ول تدقولوا لا تصف ألسنتكم الكذب هذا حلل وهذا حرا…م لتهفتوا على‬

‫الله الكذب ‪ ،‬إن الذين يهفتون على الله الكذب ل يهفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم ''ـ النحل ‪ 116‬ـ‬

‫وأصدق داعية هو من صوح إخلصه لله ولرلسوله وللناس أجمعي ‪ ،‬وتحرى المانة وق ودرالسسؤولية‬

‫وب ولغ على الوجه الذي أراده منه لسبحانه ‪ ،‬لن لول الثدقة بشف الكلمة وصدقها ‪ ،‬لتهفككت معظم‬

‫الروابط الجتماعية بي الناس ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬ياأيها الذين آمنوا اتدقوا الله وكونوا مع الصادقي ''‬

‫ـ التوبة ‪ 119‬ـ‬

‫صدق الدقول ليس يشيئاا ينج و يمل به الدعوة ‪ ،‬وندقنع به الناس وندع العمل ‪ ،‬بل صدق الدقول يجب‬
‫و ي‬

‫أن يلمزمه العمل الخالص ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬يا أيها الذين آمنوا لم تدقولون ما ل تهفعلون ‪ .‬كب مدقتا عند‬

‫الله أن تدقولوا ما ل تهفعلون ''ـ الصف ‪2‬ـ ‪ 3‬ـ‬

‫ـ الساس الثالث‪ :‬إرادة الخي ‪ ،‬قال تعالى‪'':‬ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخي ‪ ،‬ويأمرون بالعروف‬

‫وينهون عن النكر وأولئك هم الهفلحون '' ـ آل عمران ‪ 104‬ـ‬

‫‪10‬‬
‫إن دخول ل…م المر على الهفعل الضارع الجزو…م بها ''ولتكن'' يدقووي معن المرية في الجملة ‪ ،‬ويهفيد‬

‫لزو…م المر والتيان بالهفعل ‪ ،‬إلستجابة لدقا…م المر من باب الوجوب الشعي ‪ ،‬وهو وجوب عين يلز…م‬

‫كل مسلم أن تكون دعوته مبنية أول ا على إرادة الخي ‪ ،‬ثانياا أن تطابق إرادته لسلوكه وأخلقه ‪.‬‬

‫ومعن ''منكم'' من حرف جر يهفيد بيان الجنس ‪ ،‬أي لتكون المة اللسلمية ممية عن باقي المم‬

‫الخرى بإرادتها للخي ‪ ،‬والعمل على إيشاعته بي الناس ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬كنتم خي أمة أخرجت‬

‫للناس تأمرون بالعروف وتنهون عن النكر وتسؤمنون بالله ''ـ آل عمران ‪ 110‬ـ‬

‫والية تبي بأن خليزية المة رهي بإرادة الخي ''تأمرون بالعروف''‪ ،‬ورفض الش''تنهون عن النكر''‬

‫‪ .‬والرا بلهفظ اليومة ‪ :‬جماعة من الناس تجمعهم أهداف مشتكة في العدقيدة ‪ ،‬التمثلة بالنسبة للمة‬

‫في إرادة الخي ونبذ الش ‪ .‬ومهفهو…م الخي من منظور النظومة الدقرآنية مطلق ‪ ،‬وليس مدقيداا بشكل‬

‫يشخص أو موضوعي ‪ ،‬لنه يستمد مصداقيته من معايي ربانية يدقينية ‪ ،‬وتوقعات جزائية موالية‬

‫حتمية ‪.‬‬

‫والخي لغة ‪ :‬العطف واليل ‪ ،‬لن كل أحد يميل إليه ‪ ،‬ويعطف على صاحبه وهو أكس الهفضيلة‬

‫ندقول رجل خ و يي ‪ :‬فاضل ‪ ،‬وقو…م أخيار‪ :‬من أفاضل الناس‪.‬‬

‫وإصطلح اا ‪ :‬الخي هو كل شء نافع مرغوب فيه ‪ ،‬يحبه النسان ويرغب فيه ‪ .‬ولدقد ورد لهفظ الخي‬

‫مدقابلا للش مرة ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬فمن يعمل مثدقال ذرة خياا يره ‪ .‬ومن يعمل مثدقال ذرة شاا يره ''‬

‫ـ الزلزلة ‪ 7‬ـ ‪ 8‬ـ كما ورد مدقابلا للوض ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬وإن يمسسك الله بض فل كايشف له إل هو ‪،‬‬

‫وإن يمسسك بخي فهو على كل شء قدير '' ـ النعا…م ‪ 17‬ـ‬

‫ولدقد أثن الحق لسبحانه على أحسن خلدقه وهم النبياء عليهم السل…م ‪ ،‬لن من أوصافهم النبيلة‬

‫صف الهومة لسلك كل لسبل الخي ‪ ،‬وهم‬


‫الدأب على السارعة في فعل الخيات ‪ ،‬أي طلب الحرص و خ ل‬
‫اللسوة والدقدوة لنا ‪ ،‬وهذا يبي بأن فعل الخيات هو بمنلة التعليل لا نالوه من من مكانة رفيعة‬

‫ومنلة عالية ‪ ،‬ونص وإلستجابة دعاء …‪.‬‬

‫ولهفظ الخي جاء بصيغة الجمع ليشمل صور الخي كله وهذه مسألة جديرة بالعناية ‪ ،‬لن تنويع‬
‫خ‬
‫أعمال الخي وتولسيع دائرته يحدقق تكامل خيية المة ‪ ،‬وما يأمر به الرلسلون يأمر به السؤمنون ‪ ،‬قال‬

‫تعالى ‪ '' :‬إن الذين هم من خشية ربهم مشهفدقون ‪ .‬والذين هم بآيات ربهم يسؤمنون‪ .‬والذين هم بربهم‬

‫ل يشكون ‪ .‬والذين يسؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ‪ .‬أولئك يسارعون في‬

‫‪11‬‬
‫الخيات وهم لها لسابدقون '' ـ الومنون ‪ 57‬ـ ‪ 61‬ـ‬

‫معن''يسارعون في الخيات'' أي يرغبون في اللستكثار منه والبادرة إليه ‪ ،‬وتأمل قوله تعالى ‪:‬‬

‫'' يسارعون في'' ولم يدقل يسارعون إلى ‪ ،‬فالدقرآن الكريم جاء بـ ''في'' الدالة على الظرفية الزمانية‬

‫الجامزية لتشبيه حرص السؤمني الشديد على فعل الخيات ‪ ،‬كالسائر الذي يخو كد السي إلى هدف ما‬

‫فييسع في لسيه يشوقا إلى الوصول ‪ ،‬غي متثاقل فيه لعلمه بحسن العاقبة ‪.‬‬

‫قال تعالى ‪ '' :‬ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخي ويأمرون بالعروف وينهون عن النكر ‪ ،‬أولئك هم‬

‫الهفلحون ''ـ آل عمران ‪ 104‬ـ وبما أن الهفعل''ولتكن'' اقتن بل…م المر ‪ ،‬فالدقاعدة الهفدقهية تدقول ظاهر‬

‫المر اليجاب ‪ ،‬لذا أك ود أغلب الهفدقهاء على أن المر والنهي واجبان وجوب عين ‪ ،‬لنهما منهج حياة‬

‫واقعي ‪ ،‬وضورة شعية تدعو إلى تدقوية إرادة الخي ‪ ،‬وضحد ونبذ إرادة الش ‪ ،‬لتجسيد النهج‬

‫الرباني بصورة عملية ‪.‬‬

‫ـ الساس الرابع ‪ :‬النصح والتناصح ‪ ،‬عن تميم بن أوس رض الله عنه قال ‪ :‬قال رلسول الله‬

‫صلى الله عليه ولسلم ‪ '' :‬الدين النصيحة ‪ ،‬قلنا ‪ :‬لن يا رلسول الله ؟ قال ‪ :‬لله ‪ ،‬ولكتابه ‪،‬‬

‫ولرلسوله ‪ ،‬ولئمة السلمي وعامتهم '' ـ رواه البخاري ـ‬

‫وال كنصح هو إخلص الشورة ‪ ،‬والكل…م الناصح هو الخالص من الزيف والكذب ‪ ،‬الذي ييراد به‬

‫الخي للمنصوح له ‪ ،‬والنصيحة هي قول فيه طلب إلى صلح ونهي عن فساد ‪.‬‬

‫والصل في النصيحة الوجوب ‪ ،‬تعالى ‪ '' :‬وتعاونوا على الب والتدقوى ول تعاونوا على الثم‬

‫والعدوان ‪ ،‬واتدقوا الله إن الله يشديد العدقاب '' ـ الائدة ‪ 2‬ـ‬

‫ومعن النصيحة في هذا الحديث هو طلب ورجاء الخي للمنصوح له ‪ ،‬وهذه الرادة لن تتحدقق إل‬

‫باللسباب التالية ‪:‬‬

‫السبب الول ‪ :‬النصيحة لله ‪ :‬مراقبة العبد ربه دائما في الس والعلن ‪ ،‬وأن يعبده كأنه يراه ‪.‬‬

‫السبب الثاني ‪ :‬وكتابه ‪ :‬أن يوقن العبد أن الدقرآن هو حجة الله البالغة إلى يو…م الدقيامة ‪.‬‬

‫شع رلسوله عليه السل…م ‪ ،‬مع القتداء‬


‫السبب الثالث ‪ :‬ولرلسوله ‪ :‬أن ل يعبد السلم الله إل بما ز‬
‫والتأ و يس به في كل جوانب الحياة ‪.‬‬

‫السبب الرابع ‪ :‬ولئمة السلمي ‪ :‬أن ييطيعهم السلم في العروف ‪ ،‬ويجتمع معهم على الحق والهدى‬

‫ويعارضهم في العصيه وينهاهم عن الظلم والجور ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫السبب الخامس ‪ :‬وعامتهم ‪ :‬أن يحب العبد لخيه السلم مايحب لنهفسه ‪ ،‬وييثيه على نهفسه حت‬

‫ولو كانت به خصاصة ‪ ،‬وييدق يوومه إذا مزاغ عن السبيل ‪ ،‬ويسؤلف بي الدقلوب ما الستطع إلى ذلك‬

‫لسبيلا ‪.‬‬

‫واللسل…م ل يدعو فدقط إلى تدقديم النصيحة وإحتكارها من جهة معينة ‪ ،‬بل يدعو كذلك إلى‬

‫التناصح أي تبادل النصيحة ‪ ،‬لن ومزن تهفاعل يدل على الشاركة ‪ ،‬فالسلم يجب أن يكون ناصحاا‬
‫ومنصوحاا في آن واحد ‪.‬‬

‫ـ الساس الخامس ‪ :‬التناهي عن النكر ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬كانوا ل يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما‬

‫كانوا يهفعلون''ـ الائدة ‪ 79‬ـ‬

‫ومعن ''يتناهون'' ‪ :‬النهي ‪ :‬طلب المتناع عن الشء ‪ .‬والزنيهي ‪ :‬من يبيلغ الغاية في لسلمة التهفكي‬

‫والجمع ‪ ،‬ويح ورك الهمة والعزيمة للنهوض بالتكاليف اللهية ‪ ،‬ول يستمريء الخاطب مهما كان مدقامه‬

‫لن هدفه هو توصيل الدين الخالص إلى أذهان الناس ‪ ،‬وإخراجهم من عنجهية التمذهب الغرض ‪.‬‬

‫والتناهي عن النكر ضمنياا هو حدض على العروف ‪ ،‬جاء في معاجم اللغة العربية ‪ :‬العروف‬

‫حسنه بالعدقل أو الشع ‪ ،‬والنكر هو كل فعل ختحيكم الشيعة والعدقول الصحيحة‬


‫هو كل فعل ييعرف ي‬
‫بدقبحه ‪ .‬وعبارات الهفسين ل تتجاومز ذلك ‪ ،‬حيث قيل ‪ :‬العروف ‪ :‬الخي كله ‪ ،‬والنكر ‪ :‬جميع الش‬

‫عن أبي ذر رض الله عنه قال ‪ :‬قال لي رلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪ '' :‬ل تحدقرزن من العروف‬

‫يشيئا ‪ ،‬ولو أن تلدقى أخاك بوجه طلق ''ـ رواه مسلم ـ‬

‫ويتب وي لنا من الحديث بأن المر بالعروف والنهي عن النكر تأثيهما ييعكم كل جوانب الحياة‬

‫ويشمل كل أبعاد السلوك النساني الهفكري والعاطهفي ‪ ،‬ويضم كل جوانب الجتماع النساني من‬

‫علقات ومعاملت ‪ ،‬بحيث يجب أن يكون المر والنهي متطابدقان على صعيد الهفرد والجتمع على‬

‫ح دود لسواء ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماا الله مهلكهم ‪ ،‬أو معذبهم عذاباا يشديداا‬
‫قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتدقون ‪ .‬فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء ‪ ،‬وأخذنا‬

‫الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يهفسدقون ‪ .‬فلما عتوا عن ما نهوا عنه ‪ ،‬قلنا لهم كونوا قردة‬

‫خالسئي '' ـ العراف ‪ 164‬ـ ‪ 166‬ـ‬

‫يرى الهفسون بأن الله لسبحانه يخبنا عن أهل قرية من بن إرسائيل ‪ ،‬صاروا إلى ثلثة فرق ‪:‬‬

‫فرقة ارتكبت النكر ‪ ،‬وفرقة نهت عن النكر ‪ ،‬وفرقة لمزمت الصمت ولم تنه ‪ ،‬ولكنها قالت للهفرقة‬

‫‪13‬‬
‫الناهية ‪ :‬لم تنهونهم فإنهم مهلكون ‪ ،‬فل فائدة من نهيكم إياهم ؟‬

‫فاجابتهم الهفرقة الناهية ‪ :‬نهفعل ذلك فيما يأخذ علينا من المر بالعروف والنهي عن النكر ‪ ،‬لعول بهذا‬

‫المر ي وتدقون ما هم فيه ‪ ،‬ويتكونه ويرجعون إلى الله تائبي ‪ ،‬فإذا تابوا تاب الله عليهم ‪ ،‬وحت‬

‫ل يننعت بالتدقصي وعد…م المتثال لمر الله ‪ ،‬عن حذيهفة بن اليمان رض الله عنه قال ‪ :‬قال رلسول‬

‫الله صلى الله عليه ولسلم قال ‪'' :‬والذي نهفس بيده لتأمرن بالعروف ‪ ،‬ولتنهون عن النكر ‪ ،‬أو‬

‫ليويشكن الله أن يبعث عليكم عدقاباا من عنده ‪ ،‬ثم لتدعونه فل يستجاب لكم ''ـ رواه التمذي ـ‬

‫ـ الساس السادس ‪ :‬الندقد الذاتي ‪ :‬الداعية الكيس هو الذي يكون على إطلع ودراية بمدقاصده‬

‫وأهدافه وخهفاياه ‪ ،‬وهذه يشسؤون ليدركها الخرون ‪ ،‬لذا فهو وحده أقدر على إنتدقاد نهفسه ‪ ،‬وتصحيح‬

‫ما أل وم بها من عيوب ‪ ،‬ومن الضآلة أن تجد من يمارس الندقد الذاتي ‪ ،‬وهناك حدقيدقة يجب التأكيد‬

‫عليها وهي أنه ليس غياب الندقد الذتي بالنسبة للهفرد هو الذي نعاني منه فدقط ‪ ،‬بل نعاني من‬

‫غياب مناهج الندقد الذاتي في كافة مجالت حياتنا ‪ :‬التبوية والجتماعية والثدقافية والسيالسية …‬

‫و الندقد لغة ‪ :‬جاء في الدقاموس الحيط '' الندقد ‪ :‬هو التميي بي اليشياء ‪ ،‬ندقول ‪ :‬ندقدت الدراهم أي‬

‫ميت الجيد منها من الزائف ‪ ،‬والندقد هو الناقشة ‪ ،‬ندقول‪ :‬ناقده في السألة أي ناقشه ‪ ،‬ويطلق الندقد‬

‫على الوامزن من اليشياء أي‪ :‬الراجح منها ''‬

‫والندقد الذاتي من النظور الدقرآني ييع ود بونـااء وإيجابياا ‪ ،‬ولدقد حوث الحق لسبحانه السلمي على‬

‫اللتا…م به ‪ ،‬من أجل تدارك الخطاء والعيوب وإصلحها ‪ ،‬حت يبدقى الحق فاعل ومسؤثر في الهفرد‬

‫الذي هو نواة الجتمع ‪ ،‬قال تعالى ''‪ :‬والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنهفسهم ‪ ،‬ذكروا الله‬

‫فالستغهفروا لذنوبهم ومن يغهفر الذنوب إل الله ‪ ،‬ولم يصوا على ما فعلوا وهم يعلمون ''‬

‫ـ آل عمران ‪ 135‬ـ‬

‫عن ثابت بن حجاج قال ‪ :‬قال عمر بن الخطاب رض الله عنه ‪'' :‬حالسبوا أنهفسكم قبل أن تحالسبوا‬

‫ومزنوا أنهفسكم قبل أن تومزنوا ‪ ،‬فإنه أهون عليكم في الحساب غداا أن تحالسبوا انهفسكم اليو…م ‪ ،‬وتزينوا‬

‫للعرض الكب ‪ ،‬ثم قرأ '' يومئذ تعرضون ل تخهفى منكم خافية '' ـ حديث موقوف ـ وبعد ممارلسة‬

‫الندقد الذاتي آنذاك يمكن التط كلع للندقد الوضوعي ‪ ،‬الذي قورره النظور الدقيمي اللسلمى ‪.‬‬

‫إن الغاية من الندقد الذاتي هي نيل التدقوى لن بها تتم الخيية ‪ ،‬الت يتع ود من ضوابط الندقد‬

‫الوضوعي والسؤهل اللساس لمارلسته ‪ ،‬وبالتالي فالندقد الوضوعي ليس حكراا على فئة معينة تنهفرد‬

‫‪14‬‬
‫به دون الجماعة ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬إن أكرمكم عند الله أتدقاكم إن الله عليم خبي '' ـ الحجرات ‪ 13‬ـ‬

‫إن الندقد الذاتي ييع ود من ألسس الدعوة إلى الله ‪ ،‬بمعن أن النسان يجب أن يصحح مساره الهفكري‬

‫والسلوكي ‪ ،‬ويدقتنع بصواب التجاه الدعوي ‪ ،‬ثم يختار تألسيساا عليه الواصهفات اللئدقة بالداعية‬

‫والدقائمة على بينة من الله ‪ ،‬مع حسن الدقصد والتوجه لثراء الخطاب الدعوي ‪ ،‬لينسجم مع روح‬

‫الدقرآن الكريم ‪.‬‬

‫والداعية الوصدوق هو الذي يعلم بأن الدعوة إلى الله ليست ملكاا له وحده ‪ ،‬وإنما هي ملك المة‬

‫اللسلمية كلها ‪ ،‬شيطة اللتا…م بالنهج الرباني والتعامل معه بمناهج ‪ ،‬وآليات تتنالسب مع طبيعة‬

‫الواقع الحالي ‪ ،‬لن اللسل…م له الدقدرة على تجديد ذاته ‪ ،‬ونبذ ما يألصق بالخطاب ال ودعوي من جهل‬

‫وخرافات وألساطي ‪ ،‬نتيجة لغهفلة الدعاة أو ركونهم للتدقليد ‪ ،‬للجا…م الندقد اليديولوجي الذي ينهال‬

‫على اللسل…م هدماا وندقضاا ‪ ،‬تحت لستار الندقد العرفي الذي يتخذ موقهفاا عدائياا من اللسل…م ‪ ،‬بهدف‬

‫تشويهه وإلصاق جميع الصهفات السلبية به ‪ ،‬وهو ما أصبح يعرف اليو…م بظاهرة '' اللسل…م فوبيا ''‪.‬‬

‫وهذه إيشكالية حدقيدقية ل يمكن تجاهلها أو الدقهفز عليها ‪ ،‬من دون إدراك حدقيدقي لطبيعتها ‪ ،‬وتراكماتها‬

‫عب مراحل طويلة بسبب نهفور المة من الندقد الذاتي ‪ ،‬وإنهفصامها عن قضايا الواقع ‪.‬‬

‫قال تعالى ‪ '' :‬إن الله ل يغي ما بدقو…م حت يغيوا ما بأنهفسهم '' ـ الرعد ‪ 15‬ـ‬

‫إن الحق لسبحانه قد أجمل كل هذه اللسس في قوله تعالى‪ '':‬ومن أحسن قول ا ممن دعا إلى الله‬

‫وعمل صالحاا ‪ ،‬وقال إنن من السلمي ''ـ فصلت ‪ 32‬ـ‬

‫إن الية الكريمة تبتديء بإلستهفها…م يهفيد النهفي التدقورر ‪ ،‬بمعن أن ل أحد'' أحسن قول ا '' ممن وعظ‬

‫الغافلي والعرضي ‪ ،‬وجادل البطلي لمالتهم إلى الحق والصواب ‪ .‬والدقول الحسن هو الذي يكون‬

‫مبني اا على الصدق والدلئل اليدقينية والباهي الدقطعية ‪ .‬ومعن '' وعمل صالحاا '' أي نصح‬

‫وتناصح ونهى وتناهى ‪ ،‬وكان من البادرين الوائل إلى المتثال للمنهج الرباني بالعمل الصالح ‪.‬‬

‫والعمل الصالح يكون بعمل العدقل وتوظيف العلم والعرفة ‪ ،‬وعمل الجوارح فيما يرض الله ‪.‬‬

‫ومعن ''وقال إنن من السلمي'' أي كان من الندقادين لمر الله والسالكي طريدقه ‪.‬‬

‫والتشبت باللسل…م يكون بإنضما…م عمل العدقل والدقلب إلى الجوارح ‪ ،‬لقامة الحجة والشهادة العملية‬

‫لطاعة الله لسبحانه ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫مصادر الدعوة ‪ :‬إن الدعوة تستمد مصداقيتها من مصادر متع وددة ‪ ،‬كما هو مبوي في وصية رلسول‬

‫الله عليه السل…م لعاذ بن جبل رض الله عنه لا يأرلسل إلى اليمن ‪ .‬عن أناس من أهل حمص من‬

‫أصحاب معاذ بن جبل قال ‪ :‬إن رلسول الله صلى الله عليه ولسلم لا أراد أن يبعث معاذاا إلى اليمن‬

‫قال ‪ '' :‬كيف تدقض إذا عرض لك قضاء ؟ قال ‪ :‬أقض بكتاب الله ‪ ،‬قال ‪ :‬فإن لم تجد في كتاب‬

‫الله ‪ ،‬قال ‪ :‬فبسنة رلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪ ،‬قال ‪ :‬فإن لم تجد في لسنة رلسول الله صلى‬

‫الله عليه ولسلم ‪ ،‬ول في كتاب الله ‪ ،‬قال ‪ :‬أجتهد رأيي ول آلو ‪ ،‬فضب رلسول الله صلى الله عليه‬

‫ولسلم صدره ‪ ،‬وقال ‪ :‬الحمد لله الذي وفق رلسول رلسول الله لا يرض رلسول الله '' ـ رواه البيهدقي ـ‬

‫إذ اا فالدعوة ليست أحادية الصدر كالتبليغ ‪ ،‬بل تعتمد على الصادر التالية ‪ :‬كتاب الله ‪ +‬لسنة‬

‫رلسول الله ‪ +‬الجتهاد التمثل في إبداء الرأي ‪ ،‬بالضافة إلى النهج اللسلوبي الذي حدوده الحق‬

‫لسبحانه لرلسوله عليه السل…م في قوله تعالى ‪ '' :‬ادع إلى لسبيل ربك بالحكمة والوعظة الحسنة‬

‫وجادلهم بالت هي أحسن ‪ ،‬إن ربك هو أعلم بمن ضل عن لسبيله وهو أعلم بالهتدين '' ـ النحل ‪ 125‬ـ‬

‫إن الحق لسبحانه بوي لرلسوله عليه السل…م ألسلوب البلغ ‪ ،‬ليصل عن طريدقه إلى التأثي في‬

‫الدعو وإقناعه بإعتناق اللسل…م ‪ ،‬لن اللسلوب هو الذي يعكس يشخصية الهفرد ‪ ،‬ويبويَـن نمط‬

‫تهفكيه ونظرته لليشياء ‪ ،‬و تهفسيه لها وطبيعة إنهفعالته ‪ ،‬ولدقد ح ودد لسبحانه عناص النهج‬

‫اللسلوبي في ثلثة عناص ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الحكمة ‪ :‬جاء في معجم العاني ‪ '' :‬الحكمة هي معرفة أفضل اليشياء بأفضل العلو…م ''‬

‫ولكي تكون حكيم اا يجب أن تعمل بما عرفت من علم ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬ومن يسؤت الحكمة فدقد يأوتي‬

‫خياا كثياا '' ـ البدقرة ‪ 269‬ـ‬

‫وألسلوب الحكمة هو أهدأ اللساليب ‪ ،‬وأكثها إحتياجاا إلى النطق السليم والهفكر الستدقيم ‪ ،‬وقوته‬

‫حخججه ‪.‬‬ ‫ي‬


‫في لسطوع بيانه ورصانة ي‬
‫‪ 2‬ـ الوعظة الحسنة‪ :‬جاء في لسان العرب ‪ '' :‬الوعظة النصح والتذكي بالعواقب ''‬

‫وألسلوب الوعظة يناجي الهفكر ‪ ،‬ويعتمد على المر والنهي ‪ ،‬الدقرون بالتغيب والتهيب لتللييي‬

‫الدقلوب ‪ ،‬والتأثي في النهفوس وكبح جماحها ‪ ،‬وهو يزيد النهفوس الهذبة إيماناا وهداية ‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ الجادلة ‪ :‬الحتجاج لتصويب رأي ورد ما يخالهفه ‪ ،‬بوالسطة مدقابلة الحجة بالحجة ‪ ،‬وتبادل‬

‫‪16‬‬
‫الدلة ومناقشتها ‪ ،‬لن من الناس من ل تدقنعه الحكمة ول الوعظة ‪ ،‬فيحتاج إلى مجادلة ومناظرة‬

‫لقناعه وتوجيهه ‪.‬‬

‫واللسلوب الجدلي يخاطب العدقل ‪ ،‬ويشح الحدقائق الت تلكهفها الشبهات ‪ ،‬وي وتسم بالوضوح وحسن‬

‫تدقرير العن في الفها…م من أقرب وجوه الكل…م ‪ ،‬مع قوة الحوجة والبهان ‪.‬‬

‫قال ابن تيمية ‪ '' :‬ذكر لسبحانه مراتب الدعوة ‪ ،‬وجعلها ثلثة أقسا…م بحسب الدعو ‪ ،‬فإنه إما يكون‬

‫طالباا للحق محباا له ‪ ،‬مخسؤ و يثره على غيه إذا عرفه ‪ ،‬فهذا ييدعى بالحكمة ول يحتاج إلى موعظة أو‬

‫جدال ‪ .‬وإما أن يكون منشغلا بضد الحق ‪ ،‬ولكن لو عرفه آثره واتوبعه ‪ ،‬فهذا يحتاج إلى الوعظة‬

‫بالتغيب والتهيب ‪ .‬وإما يكون معانداا معارضاا ‪ ،‬فهذا ييجادل بالت هي أحسن ‪ ،‬فإن رجع فيها‬

‫ونعما ‪ ،‬وإل انتدقل معه إلى الباهلة أي الدعاء بنول اللعنة على الكاذب ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬فمن حاجك‬

‫فيه من بعد ما جاءك من العلم ‪ ،‬فدقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ‪ ،‬ونساءنا ونساءكم وأنهفسنا‬

‫وأنهفسكم ‪ ،‬ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبي ''ـ آل عمران ‪ 61‬ـ‬

‫والدعوة ليست شط اا أن يلدقيها الشايخ من فوق النابر وأما…م الجموع الغهفية ‪ ،‬لن طرقها يشت‬

‫ومجالتها متع وددة وألساليبها متنوعة ‪ .‬فالخلق الحميدة دعوة عملية ‪ ،‬والحسان إلى خلق الله‬

‫مدقا…م دعوي رفيع ‪ ،‬والعمل على تذليل طرق العلم والعرفة هو لسبيل صدق الدعوة ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫دعاة مذاهب أم دعاة دين ؟‬

‫الفرق بي الدين والذهب ‪ :‬الدين منسوب إلى الله تعالى ‪ ،‬وهو أولسع مهفهوماا من الذهب لنه‬

‫يشمل كل ما كلف الله به المة من مجموع العدقائد ‪ ،‬والعمال والشائع والنظم ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬أمر‬

‫أل تعبدوا إل إياه ذلك الدين الدقيم ‪ ،‬ولكن أكث الناس ل يعلمون''ـ يولسف ‪ 40‬ـ‬

‫أما الذهب فهو منسوب إلى فدقيه مجتهد ‪ ،‬أخذ الهفدقه من الكتاب والسنة ‪ ،‬وهو مجتهد في ذلك‬

‫ويشمل إجتهاده بعض الراء التهفصلية في أمور العدقيدة أو الشيعة قصد البيان ‪ ،‬والجتهد يصيب‬

‫ويخطيء ‪ ،‬وبالتالي يي وتبع الحق من أقواله الت قا…م عليه الدليل ‪ ،‬حت ل يضويق والسعاا بغي دليل ‪.‬‬

‫إن الصحابة رضوان الله عليهم بعد وفاة رلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪ ،‬وردت عليهم مسائل لم‬

‫يكن النص الشعي صيحاا فيها ‪ ،‬وأصبح من الضوري أن يلتجيء الصحابة إلى الجتهاد ‪ ،‬فيما‬

‫يستجد من حياتهم من مسائل وأحوال ل يعرفون الحكم الشعي فيها ‪ ،‬فاجتهدوا في فهم النصوص‬

‫الشعية لتنيل تلك النوامزل عليها ‪ ،‬فنظروا فيها نظرة تهفدقه وقياس ‪ ،‬وكان كل واحد منهم يطلب‬

‫الحق بطرقه وولسائله ‪ ،‬ولم ي زدع أحد منهم بأنه يمتلك الحدقيدقة ‪ ،‬بل كان إذا تبي له الحق كان‬

‫أرسع الناس رجوعاا إليه ‪ ،‬وأيشد حرصاا عليه وتعلدقاا به ‪ ،‬وترتب عن ذلك أن الخلف لم يسؤد إلى‬

‫التعصب ‪ ،‬ولم يكن لسبب اا في الدقطيعة والتدابر ‪ ،‬لن الجتهاد في تظرهم ملمز…م لحتمال الخطأ‬

‫والصواب ‪ ،‬وبالتالي فهو متوك للندقد والراجعة حت من الجتهد نهفسه ‪.‬‬

‫وفي عص التابعي حصل أن أهل كل بلد أصبحوا أميل إلى فدقائهم ‪ ،‬فأخذوا عنهم أقوالهم دون‬

‫غيهم ‪ ،‬إعتدقاد اا بهفضلهم وعلمهم وأصولهم ‪ ،‬بالضافة إلى مسالك النظر في النصوص عندهم ‪ ،‬وما‬

‫جروا عليه من تراتيب الدلة ‪ ،‬فنشأت طبدقة ممن أخذ عن التابعي كأبي حنيهفة ومالك ‪ ،‬ثم جاء بعد‬

‫ذلك الشافعي وعنه أخذ الما…م أحمد ‪ ،‬وعن هسؤلء الربعة نشأ أتباع تهفرقوا في الفاق ‪ ،‬ونشوا ما‬

‫ذهب إليه الئمة من أقوال في العدقيدة والشيعة ‪ ،‬وهكذا بدأت تظهر البوادر الولى للتمذهب ‪.‬‬

‫إن وعاظ السلطان رلسخوا لسلطة اللتا…م الذهب لدقضاء حاجة في نهفس الحكا…م ‪ ،‬منذ الدقرن السادس‬

‫يا ما أدى التمذهب إلى التعصب ‪ ،‬ومصادرة الذاهب الهفدقهية الخرى‬


‫الهجري إلى يومنا هذا ‪ ،‬وكث ا‬
‫وإتباع الذهب حت ولو خالف الدليل ‪ ،‬مما أدى إلى إنحسار حركات التصحيح والجتهاد ‪ ،‬والجمود‬

‫‪18‬‬
‫الهفدقهي بسبب ''تغكول''لسدنة الذاهب ‪.‬‬

‫من التمذهب إلى التعصب ‪ :‬التمذهب هو إلتا…م بالدقواعد الهفدقهية الت أقورها الذهب ‪ ،‬إنطلقاا من‬

‫منهج ومعيار ابتكره الهفدقيه للنظر في السائل الهفدقهية ‪ .‬والتعصب هو إلتا…م بآراء فدقهية دون إعتبار‬

‫الدلئل الشعية النضبطة ‪ ،‬الوجبة للدقول في مسألة العدقيدة أو الشيعة ‪ ،‬بسبب التعصب الذهب‬

‫الذي يعن إعتدقاد عصمة الما…م ‪ ،‬والدقول بوجوب إتباعه دون غيه من الئمة ‪ ،‬ومعاداة من خالهفه‬

‫لنهم يرون بأن إما…م الذهب على الحق الذي ل مراء فيه ‪ ،‬وأن بدقية الذاهب على باطل ‪ ،‬وهكذا‬

‫تحوول التمذهب إلى تدين ‪ ،‬وتحوول الذهب إلى دين قائم بذاته ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ل كهنوت في السلم‬

‫مفهوم الكهنوت ‪ :‬كهن كهنة وكهنوت ‪ :‬في الديانة اليهودية كخهن تعن أنبأ الناس بإرادة الله‬

‫والكوهي هو النبء بأمر الله أي الكاهن ‪.‬‬

‫وفي الديانة السيحية الكاهن يعن رجل الدين ‪ ،‬الذي يتجمل بالدقدالسة والطهارة في حياته ‪ ،‬ويخد…م‬

‫الله ‪.‬‬

‫لرسار كذبا‬
‫وفي الديانة اللسلمية ‪ :‬كهن يعن قض له بالغيب ‪ ،‬والكاهن ‪ :‬الذي ي زدعي معرفة ا خ‬
‫ويعمل في أمور السحر والتنجيم ‪ ،‬ولدقد حور…م اللسل…م الكهانة ‪ ،‬قال تعالى‪ '' :‬فل أقسم بما تبصون ‪.‬‬

‫وما ل تبصون ‪ .‬إنه لدقول رلسول كريم‪ .‬وما هو بدقول يشاعر قليل ما تسؤمنون ‪ .‬ول بدقول كاهن قليل‬

‫ما تذكرون ‪ .‬تنيل من رب العالي '' ‪ 38‬ـ ‪ 43‬ـ‬

‫ح وذٌث…م للرلسالة الت يبعث بها ‪ ،‬وهذا‬


‫إن الحق لسبحانه يعتب وصف الرلسول عليه السل…م بالكاهن قد ٌث‬
‫يبي بأن الكهنوت مرفوض في اللسل…م لرتباطه بالشك ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬قل ل يعلم من في‬

‫السموات والرض الغيب إل الله ‪ ،‬وما يشعرون أيان يبعثون '' ـ النمل ‪ 65‬ـ‬

‫عن أبي هريرة رض الله عنه قال ‪ :‬قال رلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪":‬من أتى عورافاا أو كاهناا‬
‫فص ودقه بما يدقول ‪ ،‬فدقد كهفر بما يأنزل على محمد"ـ رواه التمذي ـ‬

‫إن الكهنوت في اليهودية والسيحية ييعتب لدقب تدقديس لرجال الدين ‪ ،‬باعتبارهم صهفوة الخلق‬

‫وحماة أرسار النص اللهي ‪ ،‬وخ ودا…م العبد الدقدس والشفون على الطدقوس والشعائر ‪ ،‬لذا وجب‬

‫على أتباع العبد أن يدق يودلسوهم ليدقربوهم إلى الله مزلهفى ‪.‬‬

‫ولا جاء اللسل…م دعا إلى تحرير فكر النسان من العبودية الصنمية ‪ ،‬ومن هيمنة رجال الدين‬

‫البنية على الخداع والوها…م ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والسيح‬

‫ابن مريم ‪ ،‬وما يأمروا إل ليعبدوا إلها واحدا ل إله إل هو لسبحانه عما يشكون ''ـ التوبة ‪ 31‬ـ‬

‫الية الكريمة تبي بأن الحق لسبحانه يدعو إلى تحكرر النسان من هيمنة رجال الدين ‪ ،‬لتكون‬

‫الحاكمية له وحده ‪ ،‬ولتجاومز علقة النسان بخالدقه رجال الدين وتصبح مباشة ‪.‬‬

‫ولدقد هاجم الدقرآن في آيات عديدة الذين ي ودعون بأنهم رجال الدين وهم منه عراء ‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫'' وإن منهم لهفريدقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ‪ ،‬ويدقولون هو من‬

‫عند الله وما هو من عند الله ‪ ،‬ويدقولون على الله الكذب وهم يعلمون '' ـ آل عمران ‪ 78‬ـ‬

‫و النصوص الدقرآنية خالية من أية إيشارة تمنح التهفدقه في الدين لسلطة رعوية أو تمايازا إجتماعايا‬

‫لكن في بداية العص الموي طهفت على السطح ظاهرة خطية ‪ ،‬وهي تدقديس ''ووعاظ السلطان ''‬

‫ونعتهم بالعلماء ‪ ،‬وجعل تهفسي وتأويل النصوص الدينية حكراا عليهم ‪ ،‬مع الدعوة إلى اللتا…م‬

‫بآرائهم الهفدقهية ‪ ،‬وإلجا…م وعاظ المة عن ندقدها أو معارضتها ‪ ،‬حت ولو كانت أحياناا مناقضة‬

‫لباديء اللسل…م ‪ .‬وهكذا أصبحت قدالستهم تضاهي قدالسة كتاب الله ‪ ،‬ولسنة رلسوله عليه السل…م‬

‫فتحولوا من نصة الدين إلى نصة آرائهم وفتواهم ‪ ،‬قال تعالى ‪'' :‬ول تكونوا كالذين تهفرقوا‬

‫واختلهفوا من بعد ما جاءهم البينات ‪ ،‬وأولئك لهم عذاب عظيم '' ـ آل عمران ‪ 105‬ـ‬

‫ورغم كل هذا فبعض رجال الدين ينهفون الكهنوت في اللسل…م ‪ ،‬بينما الواقع يسؤكد بأنهم يمارلسون‬

‫الهفهومي السابدقي معاا ‪:‬‬

‫الهفهو…م الول ‪ :‬إنهم يشوكلون في واقع المر فئة تتموي بهيئاتها ‪ ،‬وأمزيائها وألدقابها ومسؤلسساتها‬

‫فضال عن فحوى خطاباتها ومعجم مهفرداتها ‪ ،‬وهي مواصهفات تكاد تكون حكراا على فئة الشايخ‬

‫وكل الذاهب والنحل الت نشأت في اللسل…م لها رجال دين ‪ ،‬ويظهر أثرهم بجلء في توجيه الرأي‬

‫العا…م وتحديد مساره ‪ ،‬لن العامة تستأرس لرائهم وتندقاد لها ‪ ،‬من منظور التمذهب ل من منظور‬

‫الدين ‪.‬‬

‫الهفهو…م الثاني ‪ :‬إتخاذ الدقرآن يشهفاءاا لكل المراض النهفسية والعضوية ‪ ،‬وإبطال أعمال السحر‪...‬‬

‫حيث الستغ ول التبحون قوله تعالى ‪ " :‬ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ‪ ،‬ويشهفاء لا في‬

‫الصدور وهدى ورحمة للمسؤمني '' ـ يونس ‪ 57‬ـ‬

‫ل على مدقدرة الدقرآن لشهفاء كل المراض دون إلستثناء ‪ ،‬ولنتدبر معن لهفظة‬
‫فجعلوا من الية دلي ا‬
‫يشهفاء ‪ :‬اليبليء من الرض ‪ ،‬والباء يحتاج إلى الدواء ‪ :‬ما ييتخخداخوى به وييعالج ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬يخرج‬

‫من بطونها شاب مختلف ألوانه فيه يشهفاء للناس ‪ ،‬إن في ذلك لية لدقو…م يتهفكرون ''ـ النحل ‪ 69‬ـ‬

‫أخبنا لسبحانه بأنه ييخرج من بطون النحل شابا مختلهفا ألوانه ‪ ،‬هذا الشاب جعله الله دواء فيه‬

‫يشهفاء للناس ‪ ،‬عن جابر رض الله عنه قال ‪ :‬قال رلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪ " :‬لكل داء دواء‬

‫فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله '' ـ رواه مسلم ـ‬

‫‪21‬‬
‫والتداوي والشهفاء كلهما رهي بمشيئة الله ‪ ،‬ولهذا ختم الله الية بدقوله ‪ '' :‬إن في ذلك لية لدقو…م‬

‫يتهفكرون '' ‪ ،‬كما ختمت اليتان الت قبلها بدقوله‪ '' :‬لدقو…م يسمعون'' ـ النحل ‪ 65‬ـ ثم '' لدقو…م يعدقلون ''‬

‫ـ النحل ‪ 67‬ـ‬

‫وهذا يبي بأن المراض العضوية يكون علجها بالدوية الت لسخرها الله للناس ‪ ،‬أما الدقرآن فهو‬

‫يشهفاء لا في الصدور من الشك والحية والضلل ‪ ،‬وهو يهدي للت هي أقو…م ‪ ،‬ولدقد ورد في الدعاء‬

‫الأثور عن رلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪ '' :‬اللهم اجعل الدقرآن ربيع قلب ونور صدري ‪ ،‬وجلء‬

‫حزني وذهاب همي وغمي ‪ ،"...‬والدعاء كله مرتبط بأمور معنوية ‪.‬‬

‫والشهفاء بالدقرآن خاص بمن أخلص دينه لله وصدق إيمانه ‪ ،‬قال تعالى ‪ '' :‬قل هو للذين آمنوا هدى‬

‫ويشهفاء ''ـ فصلت ‪ 44‬ـ‬

‫‪22‬‬
‫تجار الدين ونهرالدماء‬

‫عن أبي هريرة رض الله عنه أنه قال‪ :‬قال رلسول الله صلى الله عليه ولسلم‪ '' :‬حق السلم على‬

‫السلم لست ‪ ،‬قيل‪ :‬ما هن يا رلسول الله ؟ قال‪ :‬إذا لدقيته فسلم عليه ‪ ،‬وإذا دعاك فأجبه ‪ ،‬وإذا‬

‫الستنصحك فانصح له ‪ ،‬وإذا عطس فحمد الله فش و يمته ‪ ،‬وإذا مرض فعده ‪ ،‬وإذا مات فاتبعه ''‬

‫ـ رواه التمذي ـ‬

‫الشاهد قوله عليه السل…م ‪'' :‬وإذا الستنصحك فانصح له ''ومعن الستنصحك أي طلب منك النصيحة‬

‫فالواجب عليك أن تنصحه بما تحكبه لنهفسك ‪ ،‬وتبي له الصواب من الخطأ وتوامزن بي الصالح‬

‫والهفالسد ‪ ،‬والنصح بغي طلب مندوب لنه من الدللة على الخي والعروف ‪.‬‬

‫ومن السؤلسف بعد أن كان الدين النصيحة ‪ ،‬أصبحت النصيحة مدفوعة الجر تخضع لدقانون العرض‬

‫والطلب كبدقية العروض اللستهلكية ‪ ،‬من ييريلدها يجب أن يدفع ندقداا ومدق ودماا ‪ ،‬وهكذا تحوول رجال‬

‫الدين إلى تجار الدين ‪ ،‬يدقول الطبي في تهفسي قوله تعالى ‪ '' :‬ول تشتوا بآياتي ثمناا قليلا وإياي‬

‫فاتدقون ''ـ البدقرة ‪ 41‬ـ‬

‫'' قال أبو جعهفر ‪ '' :‬اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ‪ ،‬فحدثن الثن بن إبراهيم قال ‪ :‬حدثنا آد…م‬

‫قال ‪ :‬حدثنا أبو جعهفر عن الربيع عن أبي العالية '' ول تشتوا بآياتي ثمناا قليلا '' يدقول ‪ :‬ل‬

‫تأخذوا عليه أجر اا '' وقال آخرون ‪ :‬حدثن به موس بن هارون قال ‪ :‬حدثنا عمرو بن حماد قال ‪:‬‬

‫حدثنا ألسبا ط عن السدي ‪ '' :‬ول تشتوا بآياتي ثمناا قليل '' يدقول ‪ '' :‬ل تأخذوا طعما قليل وتكتموا‬

‫السم الله ‪ ،‬فذلك الطعم هو الثمن ‪ .‬فتأويل الية إذا ‪ :‬ل تبيعوا ما آتيتكم من العلم بكتابي وآياته‬

‫بثمن خسيس وع خرض من الدنيا قليل ‪ .‬وختم تهفسيه بدقوله ‪ '' :‬إنما معناه على ما تأوله أبو‬

‫العالية ‪ '' :‬بينوا للناس أمر محمد صلى الله عليه ولسلم ‪ ،‬ول تبتغوا عليه منهم أجراا ‪ ،‬فيكون حينئذ‬

‫نهيه عن أخذ الجر على تبيينه ‪ ،‬هو النهي عن شاء الثمن الدقليل بآياته ‪.‬‬

‫والدقول في تهفسي قوله تعالى ‪ '' :‬وإياي فاتدقون '' قال أبو جعهفر ‪ :‬يدقول ‪ '' :‬فاتدقون في بيعكم آياتي‬

‫بالخسيس من الثمن ‪ ،‬وشائكم بها الدقليل من العخرض ''‬

‫قال تعالى‪ '':‬يا أيها الذين أمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ‪ ،‬تسؤمنون بالله ورلسوله‬

‫‪23‬‬
‫وتجاهدون في لسبيل الله بأموالكم وأنهفسكم ‪ ،‬ذلكم خي لكم إن كنتم تعلمون ''ـ الصف ‪12‬‬

‫عن أبي هريرة رض الله عنه قال ‪ :‬قال رلسول الله صلى الله عليه ولسلم ‪ '' :‬من خاف أدلج ومن‬

‫أدلج بلغ النل ‪ ،‬أل إن لسلعة الله غالية أل إن لسلعة الله الجنة ''ـ رواه التمذي ـ‬

‫ومعن فعل أدلج كما ورد في الحديث ‪ ،‬أي جاهد نهفسه وتحومل تعب السي على الصا ط الستدقيم‬

‫إبتغاء مرضاة الله ‪ ،‬لن الخائف من الله يدلج في الطاعة ‪ ،‬يعن يجتهد في ليله ونهاره ليبلغ‬

‫النل بإذن الله في وقدت أرسع ‪ ،‬ولسلعة الله جديرة بأن تشتى بالنهفس والال والصب على‬

‫البتلء ‪ ،‬والسؤمن الصدوق هو الذي يبدل الغالي والنهفيس ‪ ،‬حت يدرك هذه السلعة العظيمة وهي‬

‫الجنة ‪.‬‬

‫وهذا يب وي بأن التجارة مع الله هي ألساس الدين واليمان ‪ ،‬ورأس مالها هو ما يدقدمه السؤمن من خي‬

‫قال تعالى ‪ '' :‬وما تدقدموا لنهفسكم من خي تجدوه عند الله ‪ ،‬هو خياا وأعظم أجراا ‪ ،‬والستغهفروا الله‬

‫إن الله غهفور رحيم ''ـ الزمل ‪20‬‬

‫وبالتالي فالداعية الصدوق هو الذي يدق ود…م علمه بي يدي الله كثمن لشاء لسلعة الله الغالية والغريب‬

‫أن الكثي من الدعاة لم يهفهموا قيمة هذه التجارة ‪ ،‬فدقد صاروا يحرصون على الخذ بدل العطاء‬

‫طامعي في العرض الدقليل ‪ ،‬يتهالكون للحصول على الال والشهرة والنجومية ‪ ،‬وهم يتووهمون بإن‬

‫الله لسبحانه كالتاجر الذي لسوف تبور تجارته إذا لم يكون لديه مزبائن يبيعون لهم لسلعته ‪ ،‬فتعالى‬

‫الله أن يستميله الرياء أو ينخدع بالنهفاق ‪.‬‬

‫إن تجار الدين جعلوا التجارة مع الله لسبحانه حكراا عليهم ‪ ،‬ونوصبوا أنهفسهم يولسطاء ليديروا أعماله‬

‫في بورصة الصكوك ‪ ،‬يرتدقون النابر ويتص ودرون الدقنوات الهفضائية ‪ ،‬ويتلعلع أصواتهم عب الثي‬

‫ليوهموك بأنهم حماة الدين ‪ ،‬وبأن هم أفضل من يتحد ث بإلسمه ‪ ،‬وألسنتهم ترودد قال الله وقال‬

‫رلسوله ‪ ،‬وعينهم على الكالسب والرباح والجاه والسلطة ‪ ،‬ولدقد نهج تجار الدين خطة ‪ :‬أفضل‬

‫ولسلية للدفاع هي الهجو…م ‪ ،‬فكل من لسوولت نهفسه وتجورأ على مناقشتهم أو ندقدهم ‪ ،‬نعتوه بالجهل‬

‫والتطاول على أهل العلم ‪ ،‬وألصدقوا به تهمة العلماني بمعن أنه ضد اللسل…م ويحارب رفعة الدين‬

‫وكلما ناصتهم ووقهفت في صهفهم فأنت مسؤمن تذوذ عن عزة اللسل…م ‪ ،‬وتدافع عن دينك الذي يحاربه‬

‫العداء حسداا من عندهم ‪ ،‬وختموا الصك بأن لك الجنة ‪.‬‬

‫وتجار الدين ل يعدمون موهبة لتسويق منتوجهم ‪ ،‬ول ولسيلة لجذب إهتما…م التديني الذين لهم‬

‫‪24‬‬
‫يشعور دين جياش ‪ ،‬لشاء ما ييدق ود…م وييعرض عليهم ‪ ،‬بعد أن غزوا أفكارهم وهم ل يشعرون ‪ ،‬ولم‬

‫يكتهفوا بتجارة الدين بل قد تع ودوها إلى تجارة الد…م عن طريق الهفتاوى التحريضية والتكهفيية‬

‫فأيشعلوا الحروب بي أبناء المة ‪ ،‬وخيشخطيروها نصهفي ‪ :‬لسنة ويشيعة ‪ ،‬ثم بعد ذلك يتيمموا الخبيث‬

‫ومنه ينهفدقون ‪ ،‬لتستعر الحروب العدقدية حت ل تدقو…م لللسل…م قائمة أبداا ‪.‬‬

‫فلينتبه وليحذر كل مسلم غيور على دينه من الهفتنة ‪ ،‬وليهفورق بي تجارة الله الت يدعوك إليها‬
‫لسبحانه ‪ ،‬وبي تجارة تجار الدين الذين ل يهكمهم من أين أو كيف ييح و ي‬
‫صلون على مكالسبهم‬

‫الشخصية والذهبية ‪ ،‬وإياك أن تكون جزءاا من هذه التجارة ‪ ،‬بحيث تعتدقد أنك تتدقرب إلى الله‬

‫بها ‪ ،‬وأنت في الحدقيدقة يتنعش تجارتهم وتولسع من نهفوذهم لينشوا الهفتنة ‪ ،‬قال تعالي ‪ '' :‬ومن‬

‫الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصا…م''ـ البدقرة ‪ 204‬ـ‬

‫جاء في تهفسي بن كثي …‪ .‬عن نوف وهو البكالي ‪ ،‬وكان ممن يدقرأ الكتب قال ‪ '' :‬إني لجد صهفة‬

‫ناس من هذه المة في كتاب الله النل ‪ :‬قو…م يحتالون على الدنيا بالدين ‪ ،‬ألسنتهم أحلى من‬

‫العسل ‪ ،‬وقلوبهم أمر من الصب ‪ ،‬يلبسون للناس مسوك الضأن ‪ ،‬وقلوبهم قلوب الذئاب ''‪.‬‬

‫انتهى بعون الله وتوفيقه‬

‫‪25‬‬

You might also like