Professional Documents
Culture Documents
1
محتويات البحث
2
الـمقـدمـة
قاال تعالى " :ولقمد صفنا في هذا القمرآن للناس من كل مثلل ،وكان النسان أكث شءي جدل ل "
ـ الكهف 54ـ
إن الثـل هـو من أكثـر اﻷشكال التعبييإة الت لها دللة شاملة على أبلغ الحكمة ،و الـراد مـنه هـو
التأمل و التدبر و التفكر في الآمل والحال ،إل أن النـسان بسبب عناده ومكابرته قاـد يإغفل عـن كـل
هـذا ويإخـوض في الجادلة ،و في هـذه الحالة وجب الجـدل الحسن كأسلوب تفكي ومنهج لتعـديإل
التصوورُّ ،لكي يإكـون مطابقم لا للتصـديإق بالبــرهان الـصادق والـحجة الـساطعة ،وهـذه مهمة العرفة
النسانية البنـيـة على علـوم شتـى مـن ضمنها الفلسفة ،الت هـي ليست ملحـدة بطبعها أو تقمـود
لللحاد ضـرورُّة ،و لذلك فإنه ليس من النطقمي أن تكون النظـرة إلى الفلسفة كالنظـرة إلى اللحاد
أو إعتبارُّها طــريإلقما واض لحا إليه .فالفـلسفة والــديإن هما اللذان يإهتمان باﻷسئلة الـوجـوديإة فـي كـل
أبعادها ،وهـذا يإعن أن من الـممكن الـتـوفـيق بي الـفـلسفة الـحقمـة والنطق القمرآني ،إل أن بعـض
التفلسفي بفعل الحيـرة و الـقمـصـورُّ الفكـري أصابتهم لـوثـة التفلسف ،فاستعملوا حيلل للهـروب من
قاضايإا غيبية لم يإستطعوا تفسيها ،فكان أن نظمـوها في فلسفة الوهم البنية على العرفة الـظـ ن ننية
الـدسـوسة بالسـتدللتا الـسفسطـائية التـي ل تتلءيم مع الحكـمة والعقمـلنية ،و ليـس لـها شـأن
بالستـدلل والـ ندحض سـوى الغالطة ،أي التفكيـر بإستعمال النطـق الـتضليلي عـن طـريإق البهـارُّ
والدهشة من أجل قالب الحقميقمة إلى وهم ،للوصول إلى إستدللتا خاطئة من الصعب التخلص منها
نظرال لنجاعتها في القاناع ،بحيث توهم السامع بأنها حق ل يإمكن دفعه .وهكـذا تمككن رُّواد فلسفة
سائــر التصــوورُّاتا ،هــذه الخـصائص تـتعـ ندد ولكـنها تـتجكمع فــي خاصـية واحـدة هــي الخاصية
الربانية ،الت تعنـي أنـه مـن عنـد الله تعالى بكـل مواصفاته و مقموماته ،يإقمـول سيـد قاطـب رُّحمه
3
الله فـي كـتابه ) خصائص التصـورُّ السلمـي ومقمـوماته ( ":الــربانية أولـى خصائص التصــورُّ
السلمي ومصـدرُّ هــذه الخصائص كـذلك ،فهــو تصـورُّ إعتقمادي مـوحى بـه من الله ،ومحصورُّ في
الـمصـدرُّ ل ليإستـمـد مـن غيــره ،وذلـك تمـييـز لا لـه عـن التـصـورُّاتا الفـلسفـية ،التـي يإنشئها الفكـر
البشي حول الحقميقمة اللهية ،أو الحقميقمة الكونية أو الحقميقمة النسانية ،والرُّتباطـاتا القمـائمة بيـن
هـذه الحقمـائق ،وتمييـز لا لـه كـذلك عـن العتقمـداتا الوثـنية ،التـي تنشئها الشاعر واﻷخيلة واﻷوهام
إن النطـق القمـرآني استأثــر بأسلـوب يإتماهـى مـع العقمـل البشـري ،و جعـل آيإاتـه أدلـة مـتلئمة مـع
التنيإل الحكـيـم ،و ليإس ن نهــل عـليه وجــود دليـل قااطـع كافـي مـقمـنع بـحسـب مستـواه الفكـري ،و لـم
يإتعـ كمـد الـمهاتـراتا والـمطارُّحاتا العقمدة كفلسفة الــوهم ،بل لـقمـد أقاـنر مـوضوع السـتـدلل العقمـلي
و دعـا إلى التأمـل والتـدبـر ،و عـدم قابـول شـيءي بغيـر حجة ول برهان ،قاال تعالى " :قال هاتوا
و كـما عـالـج بقمـياس مـنـتظـم جــوانب الحيـاة بصفـتها نـسقمـال مـتـكـاملل تقمــود أسـسه إلـى إكـتمال
العـرفـة ،لتصبح مـقمياسال للحقميقمـة وقااعــدلة عقمـليلة تــدفـع بالنسان إلـى التنــوع العرفي والتبوصـر
لدرُّاك الحـق والـخضوع لـه ،و ل يإقمتص حيـن إلقمـائه الحقمائـق على الطرح العقمـلي فقمـط ،وإنما
يإستعـرض العبـرة و إظهارُّ العاقاـبة ،و السـبـب في ذلك هـو أن غـرضه الهدايإة التـي ل تتحقمـق إل
بالجاهدة ،و العزم على تحدي كل العوقااتا والثبطاتا لبلوغ منلـة عـباد الـرحمـن ،قاال تعالى :
" إن فـي خلـق السماواتا واﻷرُّض واختلفا الليل والنهارُّ ليإاتا ﻷولي اﻷلباب .الذيإن يإذكرون الله
قاـيامال وقاـعـود لا وعـلى جنوبهم ،ويإتفكرون في خلق السماواتا واﻷرُّض ،رُّبنا ما خلقمت هذا باطلل
سبحانك فقمنا عذاب النارُّ " ـ آل عمران 190ـ 191ـ
و ما توفيقمي إل بالله
4
ثـقـافـة الـسـؤال
النسان كائن متسائل يإستفهـم عن سـبب وجـوده وكينـونته ،وسـبب وجـود هذا الكـون من حـوله
وهو إستفهام فطري ،نجده لصيقملا بالنسان كيفما كان مستواه العرفي ،وبفـضل السـؤال يإستعيـد
الفرد وعيه بذاته كوجود وفعل وهويإة ،ويإقم ن نربـه شيـئال فـشيئال مـن الحقميقمة ومجابهتها ،ﻷن الحقميقمة
غانفكيضة ل يإوقاظها إل السؤال التجنذرُّ عميقمـلا فـي طبيعة النسان ،ﻷنه عندما يإندهش يإتساءيل عن ع ننلة
اﻷشياءي وهـذه مـزيإة فـطـريإة من مــزايإا العـقمـل ،بــل هـي السبيـل اﻷوحـد لكـتسـاب العـلم والعـرفـة
ﻷن بمقمدارُّ ما يإسأل النسان فهـو يإكتشـف ذاتـه فـي فرادتهـا ،ويإكـتـنهها إكـتناهال أفـضل ويإتـقمـدم فـي
تحقميقمها ،فيكتشف آفاق العرفة الدائمة التج ودد لتجاوز خطأ اﻷفكارُّ الثابتة ،ولنيل هذا البتغى على
السائـل اللتـزام بمشـروعية السـؤال التـي يإستمـدها من التفكيـر النطقمـي ،وهـذا يإعنـي أنـه ل يإكفي
ط،رُّح سـؤال إعتباطي بـدون قاصديإة ،بـل يإجب أن نحسن صـوغه بشكل ملهم و نتعامل معه بعقمل
نقمدي ،ل بعقمل إستسلمي يإفض بنـا إلى الهـذرُّ و الـتشـتيت التواصل للـذهـن ،مما يإجعـل القمضايإا
الـماثـلة أمـام الفـكـر تظــل عالـقمـة يإصعـب القاتـراب مـنهـا ،بـسـبب العتقمـاداتا الـيقميـنية الـمسبـقمـة
واﻷحكـام الـ نتح ويـزيإـة الجـاهـزة ،و التـفسيـراتا الـنمـطيـة العتـادة التـي تـرسـخِّ يإـقمـينـية ثـقمـافــة
التلقمي ،السكـونة بالـفكر الستحـواذي والهـووسة بالـورُّوث الفـكري إلـى درُّجـة التقمـديإـس ،ﻷن
الفكـر ل ليإنتيله بشءي مثلما يإتيه حي ليإس ننلم نعنالنه للسائد والألـوفا والـورُّوث ،وحي يإغتال قاـدرُّته
الطبيعية على الساءيلة والستشكال والنقمد ،لـحص تـدوفـق التساؤلتا التحفيـزنيإة للعقمل التـي لتعـ ود
البـدايإة النطقمية لدرُّاك الحقمـيقمة التـي تـ نتسع ﻷكثــر من تفسيـر ،ومن غيـر ســؤال يإبقمـى النـسان
لمتل ن نقمنال جيـد لا للسائد الجاهـز و النمطـي ،و الـبـون شـاسع بي تلقمي جــواب تتلقمـاه كللقمطـة ،وبي
الـبحث عـنه ثـم إكـتشافـه كمعرفة ذاتية توحي بالـثـقمـة بعـد عنـاءي السـؤال .
جـنلـ يي بـي سـؤال محمــود هـدفـه إظهـارُّ الـحـق والـدللة عليه والدعــوة إلـيه
و بالطبع هنـاك فــرق ل
و سؤال مذموم هدفه طمس نورُّ الحق والتشغيب عليه وشغل أهل الحق عنه ،رُّغـم وجـود الحجج
والباهي الدامغة واليإاتا الساطعة التعددة ،و يإبدو أن سؤال " :لاذا أوجد الله الشـر ؟ قاد شنكــل
5
قاضية كبـرى شغـلت بـال الفلسفـة ،ﻷنـه ليإمثـل مشكـلة لهـوتية وعقملية في جـوهـر تارُّيإخِّ الفلسفة
القمـديإمة والحديإثـة ،ﻷنـه يإتضمن في طياته محاججة لتبحـر في الــوهم وتبتعد عن الـواقاع ،و تنشـر
ضبابها على كـل فكـر قااصـر لـم ليإـدرُّك بـأن قاضية الش ليسـت مشكلة علمية ،يإمكـن للنسان ح ولهـا
بالـزيإد من اللحظة والتجـريإب حتـى يإقمـف علـى العاني الحقميقمية التـي تجنســدها فلسفيال ،بـل هـي
أكث تعقميد لا من أن يإفهمها العقمل الجرد ﻷنها أعقمد من التصنيفاتا الذهنية البسطة للعقمـل ،ول يإمكن
فـهـمها إل من خلل الخـروج من حيـز اﻷنا الهـتاجة بالكـابـرة ،والـتماهية مع وهـم التفلسف الــذي
تــو نلـدتا عـنه أفـكـارُّ خاطئة ترسبت في زيإف النطق .و هذا الضـرب من التفكيـر يإفضـي إلى وجـوب
وجــود عالـم كالحلـم واقاـعـي بقمــدرُّ ما هــو خـيالـي ،وإفتـراضـي بـقمـدرُّ ما هــو حقمـيقمــي ،عـالـم لـه
مـواصفـاتا خاصة يإحـ ننددها اللحد ،و يإجب أن يإننفـذهـا الخالق حسب الطلب ليعيش اللحد في عالم
الثـل ،ل يإجوع فيه ول يإعرى ول يإظمأ فيه ول يإضحى ،عالم خيالي يإعطيه شهوة الحلم بعنفوانه
ودهشته الدائمة ،لـملءي الخـواءي الفجع الذي يإجعل الحياة أسطورُّة شخصية .
وبـما أن الله لـم يإستجب لطـلب اللحد فـقمـد نـكصب نـفسـه حكـمال وخصمال ومنفـذال ،و أعطـى لنفـسه
اﻷحقمية في أن ليإحـ ندد من هـو الله ،و ما هــو دورُّه وكـيف يإجـب أن يإتصـرفا ،إنها فـكـرة لهــرللطنقمـكية
تفـضـي إلــى الشبهـاتا التـي قاــد ليإبتلى بهـا النسان بفعـلل من طـبيعة قاصـورُّه وجهـله الكامني فـيه
مما يإجعله يإطغى و يإشعر بالستعلءي الذاتي ،ويإذهب بعيـدال متجـاوزال الحـدود التـي ل يإنبغـي له أن
يإتجـاوزها ،حتـى ل يإبقمـى حـ يد يإحجـزه عــن التألـه ليبقمى مختلفال ومتعاليال و فــريإدال بإمتياز ،ل يإجد
صه فـي محيط ضيـق ل يإتعـدى مطـالب الـجسدبدايإته إل في اﻷنـا اـلممتـدة خارُّج الـذاتا ،الت تللح ن
ومــدرُّكاتا الحـس ،و لتنكـر علـيه النــوازع الــروحية والثـل الـعليا ،ومـن هنا كـان الـمدخل اﻷخطــر
لفـكـرة أنسنـة الله عـبـر إسباغ صفـاتا إنـسانـية عـليه ،مـما جعـل الـملحد ليإسائـل اللـه عـنما يإفعـل
وليإــوكجه إلـيه النقمــد ضمن الشـرط النساني الناقاـض لحقمـيقمـة هـذا الـوجـود ،ولن تجتمع الـحقمـيقمـة
والـوهم فـي شـيءي واحـد على الطلق ،لـذلك ل يإمكـن إعلءي شـأن الـوهم وإثباتا صحته بأي شكل
كان ،بـل الـواجـب هـو اقاتـرابنا مـن حقميقمـة ما هـو كائن بعقمـولنا لـدعم لأسس الحقميقمـة الصائبة التـي
تمكننا من إقاصاءي الـوهم ،لكـي ل نفـقمـد واقاـعنا الحقميقمي و نتجـنرد من واقاـعيتنا .فالهـروب مما هـو
6
كائن ليس الـوسيلة الثلى حقمـلا ،ولكـن مـواجهته هـي النفــذ ﻷنـه يإمثل ما يإجب علينا فعله لنتقمي
بالواقاع ،وهذا ما يإجب أن يإنشغـل به ذهننا حتـى نتمنكـن من معرفـة ما هـو صحيح ومـا هـو خاطـئ
لنفـصل بيـن ما هــو كائـن وما يإنبغي أن يإكــون أي بي الـواقاعي والثالـي ،ونحـن نأمـل أن لنحـننول
الـواقاع إلى ماهـو أفضل فـي ما هـو كائن ،وعنـدما نكتشف أننا نعيش في عالم ليس له علم بما هـو
كائن ويإفلسف ما يإجب أن يإكون ،تأكد أنن عالنا هذا هو عالم مزكيإف و لمخيف !
7
فـلسفـة الـوهـم
الـوهم هـو معـرفة ظنية ل تغنـي عن الحقميقمة شيئلا ،ﻷنه ل يإمـر بسلسلة القمواعد التعلقمة بالعـرفة
الـوضوعية ،التـي تـؤكد أو تنفـي البـرهان مـن أجـل تفسيـر واقاـعة ،أو فـهـم ظاهـرة تأسيسال على
اﻷسباب والشـروط التـي ل تنفصل عنها ،وكـل أشكـال الــوهم هـي ثمــرة لسـؤال مـتعلـق بـما ليس
واقاـعـ لا أمـام الحـواس ،يإنتـج عـنه وعـي عـبارُّة عـن أحكـام متعـددة التـصـورُّاتا غيـر الواقاعية التـي
والفـلسفـة ليسـت مـسارُّل لتحـورلرُّ مـن اﻷوهام فـقمـط ،بـل ومسارُّ إنتاج الـوهم وتأكيده أيإضال ،وبالتالي
ففـلسفـة الـوهم هي التـي تبن أفكارُّها على تبـريإـر غيـر معقمـول ،ليإقمـ ندم صورُّة معكـوسة عـن الـواقاع
الحقميقمي ل وجـود لهـا ،لـقمـلـب الحقمائـق وتشـويإـهـها بأسلـوب ماكـر ل يإرقاـى إلـيه الشك ،وهـو أسوأ
أنواع الوعي ﻷنه ناتج عن العناد والكابرة وليس عن عقميدة .قاال تعالى " :ومن الناس من يإقمول
آمنا بالله ،فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله "ـ العنكبوتا 10ـ
تب ني اليإة الكريإمة صورُّة واضحة عن أصحاب العقمول العليلة والنفوس الضعيفة ،الذي يإقمولون :
منكرال من القمول وزورُّال ،مما جعل أمرهم عليهم متلبسلا فـزعمـوا أنهم محقمون بأن ما تعيشه البشيإة
ولتعـانيإ لنه من سفـك الـدماءي ،وإنـتشارُّ الفقمـر والعـوز والبـؤس والتعاسة ،وسـيادة الظـلم والطغيان
والكـراهية وأنــواع التعصب السيطــرة ،كل هـذه الساوئ و الشــرورُّ ليإعيـدونها إلـى معـتقمـد تبكنـوه
وتــر لكسخِّ فـي عقمـولـهم ،هــو أن الله كــان ومـازال السـؤول عـن وجــود الشـر .معتقمـد كهـذا يإــؤجج
الـشـك ليإجـاد حال لة مـن الهتـزاز الروحي والفكـري في إيإمان السلمي الطـيبيـن ،الـذيإن قاـد يإعيش
بعضهم بساطة العقميـدة وسـذاجة الفكـر ،الت ل تتيح لهم الدخول في متاهاتا الجـدل الفكـري الـذي
يإثيــره اللحـدون ،الـذيإـن يإــرون بأن "معضلة الشــر"سـبب كـالفا لللحاد ،ولـذلك أقاـول لهؤلءي لقمـد
لقاـلفـلو لتم ما ليس لـكم بـه علـم ،وخضتم مع الخائضي بـدون عـلم أو إستـدلل لفـراغ اليإمان بالله
وليإـعـ ود الفـيلسـوفا الغـريإقمي إبيقمــورُّ هــو أول مـن طــرح "معضلة الشـر" من خـلل تساؤلـه :كـيـف
8
يإـمكن وجـود الشـر والعاناة في العالم ،مع فكرة وجود إله ذي قادرُّة ومعرفة وخي مطلق ؟
ش.
1ـ إذا كان يإوجد إله كامل القمدرُّة والعرفة والخي بالعالم إذال لن يإوجد ال و
ش في العالم .
2ـ يإوجد ي
3ـ إذلا فإنه ل يإوجد إله كامل القمدرُّة والعرفة والخي في الن ذاته .
إن ظاهـر هــذه الحاجـجـة "العقملنـية" وباطـنها يإع ن نبــر عـن الـوهـم ،ﻷنها تتضمن مقمـدمة تفتـرض
القمضية الـمراد البـرهنة عليها ،وبالتالي كانت النتيجة مصادرُّة الحقميقمة ،و هذا ليس طرحال منطقميال
فـلسفـي لا ،ﻷن إكـتشـافا الحقمـيقمـة يإـكـون بأسئلة مجـردة تـبحث عـن إجابـة حقمـيقمية ،يإمكـن قاـياسها
وقاـياس دلئلها ،فهــو ليإحـانجج بمنطـق متكـ نلـف يإـصب فـي خـانة الـوهم والخبـل ليتـيه فـكـر التلقمـي
في فرضياتا المكناتا ،وهكـذا هـو حـال اللحـد يإستـدنل بالوهم إذا أعـوزه البـرهان الصادق ،هـدفـه
من خلل محاججته هو أن نعرفا ماهية الله من خلل إحتمالته النغلقمة على ذاتها ،الت طـرحها
بنالءي على شبهة "معضلة الش" الفضية ضمنيال بالتل ن نقمي إلى ثلث إحتمالتا :
* الحتمال الثاني :الله شيإر بذاته ﻷنه سمح لهذه الشورُّ الكثية أن تسكن العالم .
* الحتمال الثالث :الله غي موجود و كل ما يإحصل هو عشوائية أساسال ل مغزى لها .
إحتمالت واهـية لـو كـ كررُّهـا الـملحد آلفا الراتا في اليوم ،فهـو فـقمـط يإستهلك ذاته فـي لهو يإلرللثى لـه
وسيجد نفسه دوملا عند نفس النقمطة يإدورُّ ببلهة إلى اﻷبد ،و لـن يإتمكـن أبدال من إيإجاد أي علة في
سلسلة الحتمالتا المكنة ،الت يإمكن أن تفس له لاذا الحياة على هذا النحو وليس غيه ؟
إن الفـلسفـة اللحاديإة حـ نلـت التفـسيـر الــوهمي للـوجـود مـحـنل التفـسيـر العقملي الغائي الكامـن فـي
اليإـاتا الكــونـية ،و ألغـت باقاـي اﻷدواتا الدرُّاكــية الـتعـددة التـي تتكـامـل فـيـما بينها مـن أجـل
اسـتكنـاه الحقمائـق الغيـبـية ،إذ يإستحيـل على النسان تحـديإـد ما هـو مـمكـن أو ضـرورُّي في عالم
9
الـماورُّائياتا ،ﻷنه عـالم يإقمـع خارُّج دائـرة الدرُّاك العقمـلي التجـريإب الـذي يإتـوقاـف علـى الـقمـياس
عنها تصورُّاتا حسية سابقمـة و لكننا لم نـدرُّك الـحكمة من وجـودها ،التـي يإمكـن لكل فطـرة سليـمة
أن لتـد ننلـل عليها بأبسط الـبـديإهياتا العقمـلية بل نفــورُّ ،ﻷنها متوافـقمـة مع الــقمـيم والثــوابـت العـقمـلية
الـغـيـر الخـاضعة لــوجهاتا النـظــر أو الـنــزواتا والـشطـحاتا و اﻷهــواءي الـنضـويإـة تـحـت عـنـوان
الحجج والبـراهي ،و ماهـي فـي واقاـع اﻷمــر إل سفـسطة و شـبهـة ذاتا الـتـأثيـر الـسلبـى ،التـي
يإمـكـن أن لتشــلونشـ لر علـى الفطـرة السليـمة لـتبعـدها عـن الدرُّاك اليإماني الفـضـي إلـى التصديإـق
ص وورُّي ،الــذي يإـنسـب اﻷشـياءي إلـى الـحقمـيقمـة ل الـحقمـيقمـة إلــى اﻷشـيـاءي ،ﻷن ل أحــد يإعـلم كــل
ال كت ل
الحقمـيـقمـة عـن هــذا الـوجـود أي يإحيط بـه إحاطـة تامـة ،وإنـما يإعـرفــه معـرفـة نسـبية نـاتجة عــن
معتقمده و قاـدرُّاته العقمـلية في إطارُّ المكن ،ومـن هـنا يإبـدأ الـخلفا حـول إدرُّاك الحقميقمة .فالـمـؤمن
يإــرى بأن كــل أفـعال الله تجـري بـإرُّادتـه ومـشيئتـه وحـكـمتـه ،بينما الـملحد يإـستقمطع كـل هـذا
ويإتخطـاه إلـى مـا يإتعـارُّض معـه لنفـي الغيبياتا بالكـلية ،لجـرد أنها ل تخـضع ﻷدواتا إدرُّاكـه
الفـكـري ،وهـذا مــؤشـر عـقمـلي كـافـي بالنسبـة إلـيه ليعـطـي تـفسيـراتـه الــوهـمية ،قاـصـد سـ نند
فــراغـاتـه الـعـرفـية ،لبغـيـة إظهـارُّ إدرُّاك الوجود مـوقاـوفا على الحسوس فـقمـط و إدرُّاك النسان
محصـورُّ في العقمـل ،نافـي لا الدرُّاك بالبديإهية الـذي ل يإحتاج فــي ذهـن العاقاـل إلـى شـرح وتفسيـر
ﻷن البديإهية سليلظهــر حـتلمـا صـد لقاـها إذا تكاتـفـت كــل القمـدرُّاتا العقمـلية والعقمائـديإة وتكـاملت ملعـا
بـكـل إتـزان وتناسـق ،لـبيان أن ل تـعـارُّض و ل تناقاـض بـيـن وجـود الشـر و الحـكمة مـن وجـوده
وبالتالي فإفلتا الحكمة من آلتنا الدرُّاكنية البشنيإة يإجب أن ل يإفض بنا إلى التشكيك في حقميقمة
اللـه أو القمـول بعـدمـه ،ذلـك أن عـدم الفـهـم أو عـدم الدرُّاك ﻷبعاد ومعالـم أي أمـر مـن اﻷمـورُّ
الغيـبية ،يإـجـب أن ليإــؤدي إلى رُّفـضه أو معاداته ﻷنه اسـتنتـاج منافـي للتفكـيـر الـمتم ن نعـن إلـى
حـ ند الخــروج عـن التــزان الفكـري ،الـذي يإـدعـو إلى ال كتكـامـل بيـن الـملكـاتا الدرُّاكـية .
10
11
حكمة الش الطبيعي
الـحكمة هـي إدرُّاك الغايإـة مـن حقمائـق اﻷشياءي على ما هـي عليه في الـوجود بقمـدرُّ الطاقاة البشيإة
واليإمان بالحكمة الـربانية ل يإنبنـي على إدرُّاك حقميقمة وجـود اﻷشياءي فقمط ،ولـكـن يإتأسس كـذلك
علـى الـثـقمــة فــي خالـقمها ومبـدعـها ،هــذه الـثـقمــة التـي يإـجـب أن تـتجــذرُّ وتـسـتـقمــر فــي العـقمــل
والـوجـدان ،لتـرسيـخِّ العتـقمـاد بأن الحكـمة هي الشـرط الضـرورُّي لتقمـبل الوجود على ما هو عليه
وهـذا الفهـوم ل ليإـد نرُّكه اللحلد الذي ل تهـمه الآملتا والقمـاصد الت توصله إلى الحكمة ،وإنما شغله
الشاغـل هـو نيـل حـظه مـن الخيـر دون الشـر فـي هـذه الحياة وهـذا منتهى ما يإطمح إليه ،و بسبب
مكابـرته فهو يإرى أن أي نعيم عاقاـب ل يإبـنررُّ أذى عاجلل ،قاــال تعالى " :الله خالـق كـل شءي وهو
اليإة تـشيـر إلى كـمال الربوبية وشموليتها ليكون الروب رُّبال لك ن نل شءي ،وخالقمال لكل شءي للخي وال ن
ش
مـعـال ،كـما خـلـق السبباتا ســوا لءي النافــذة لحصـول الـسـبب أو الـمانعـة لحصـوله ،وجميعها ناقاـصة
ومفـتقمـرة إلى خالـقمها سبحانـه ،و عاجـزة عـن الحـدوث إل بإذنـه ،فا"الشـر الـطبيعي" الـذي تعاني
مـنه الخلئــق إنما هــو مـن مقمــدورُّاته ،لـكـي يإـظهــر قاــدرُّته لـخلقمـه على أنــه التـفــ ن نرد بخلـق الشءي
وضـده بـل مـمانـع ول منـازع ،لـقمـد خـلقمـه و وضع لـه قاـوانـي وضـوابط وحـ كدد لـه غـايإة نـاتجـة
عـن حـكـمـة ،وجعـله قاـائمال فـي مفعـولته ل فـي أفـعـاله ،ومتع ننلضق بقمصورُّ الـادة وضعف إمكـاناتها
و انتسامهــا بالـمحـدودكيإـة ،وهـذا الـنقمـص لـيس نـابع لا عــن عـجـز القمــدرُّة اللهية بـل هـو مـن ذاتياتا
الطـبيعة الـاديإة و لــوازمهـا ،التـي س كخرها سبحانه بإرُّادتـه الكــونيـة ل بإرُّادتـه الشعـية .و مــن
الـبديإهي أن يإكـون الخالـق عز وجل أكمـل مـن الخلوق الـذي ل يإخلـو مـن نقمـص يإتنه عـنه الخالـق
وإتفاقاهما فـي الكـمال الطلـق مستحيـل يإمتنع عـن التصورُّ ،ﻷنه شاءي سبحانه أن يإكون لكل مخلوق
نقمـص هـو مظهـر كـمالـه فــل يإجـوز تعطـيـله ،إذ لـو اقاـتصــرتا مـشيئـته علـى مـقمــدورُّ واحـد مــن
مقمــدورُّاتـه ،معنـى ذلك أنه عاجـز عـن غيـره فـتـركه عجـلزا ،قاال تعالى :ولنبلـونكم بشـيءي من
الخوفا والجوع ونقمص من اﻷموال واﻷنفس والثمراتا وبش الصابريإن "ـ البقمرة 155ـ
12
إن اليإة تبي بوضوح بأن "الش الطبيعي" ما هو إل عبارُّة عن قاواني ونظم مسنخرة بإذن الله ،قاد
لتفض إلى نقمص في الخي وليست شــرال مطلقمال ،فالخوفا ما هو إل نقمص في اﻷمـن ،والجـوع نقمـص
في الشبع ،والفـقمـر نـقمص في الغن ....لونقاـلس على ذلك ،و ذلـك دلـيـل عقمـلي قااطـع علـى حـتمـية
الـنـقمـص في الوجوداتا الـذي هـو عيـن البتلءي ،وبالتالي فـي إستطاعـة النـسان أن يإختـزل هــذا
النقمـص بـفـضل العـلم والعـر فة وحسـن الـتـوكل على خالـق اﻷسباب ،و لـكنه ل يإستطيع رُّكد تلك
القمــواني والنظـم ﻷنـها رُّهـينة بـمشيئـته سبحانـه ،لتحـدث اﻷشياءي كما يإـريإدها على الصيغة التـي
يإـريإدها ،و لها معن وهـدفال وغايإـ لة أعمـق من الحـركاتا الجـزئية الـوقاتية الـدائمة ،وهي قاـائمة على
أسـاس الـحكمة التـي تعنـي الغائية ونـفـي العبثيـة ،قاال ابن تيمية رُّحمه الله " :وقاـد يإـعلم بعض
الـعباد بعـض حكـمته ،وقاـد يإخفـى عـليهـم منهـا ما يإـخفـى ،والناس يإتفاضلـون فـي العلم بـحكمته
ورُّحـمته وعـدله ،وكـلما ازداد العبـد عللما بحقمائـق اﻷمـورُّ ،ازداد علـلما بحكمة الله وعدله ورُّحمته
وهـذا دلـيـل على أن الـسبيل اﻷوحـد للحكمـة هـو العـلم ،فـمـن آمـن بالعـلم وحـده فـقمـد قاــدح فـي
الحكـمة وع كطـلها ،وإن آمـن بالحكمة وحـدها فـقمـد قاــدح فـي العلم ونقمـصه ،بـل الـواجب رُّبط العلم
بالحكـمة ليكتمـل اليإمان الـذي ليس كـلمة يإكفـي قاـولها ،إنما هـو إلـتـزام يإتطـلب الصـدق والجاهـدة
والستعـداد لـتحمـل الـشاق ،فـإذا ألـمـت بالـؤمن الشـدائـد تــذكـر أن نسـعلتها إنـما تكــون بتحقمـيـق
العبـوديإة لن بيـده اﻷمـر ،مـع اﻷخـذ باﻷسباب للتعبيـر عـن مدى نجاحه في الستجابة لقمتضياتا
التكليف الشـرعـي والحياتـي ،ونجاعـة أدائه فـي مياديإـن الحياة وحســن تدبيه لشؤونه ،فـتتحرك
القمابلياتا للحـ نند مـن اﻷضـرارُّ وتهـيـئة ما يإلــزم للـرقاـي إلـى مــدارُّج التـكمـال ،ولـن يإستطيع النسان
تحقمـيـق هـذه الغايإة وهـو غـيـر مــدرُّك لقمــواني الطبيعة الجـزئـية ،الـنضـويإة تـحت نظـام ك نلـي عام
شامـل ،وغيـر لمـلـم بأســرارُّها وخصائصها بعـد أن زوده الله سبحانـه بقمـدرُّاتا عقمـلية ،وسـنخـر لـه
مـا فـي اﻷرُّض جـميعـال وأمــ نده باﻷدواتا الـلزمـة ،لـيحقمــق خـيـرال أكـبـر للنسانـيـة مـن ورُّاءي هــذا
"الشـر" ،بــوصفه مخلـولقاا قاـابلل للفهـم ول يإلنحيل إلى أيإـة غائياتا خارُّجة عـنه ،وهـذا الفهـم أداته
القمـصوى هـي الـعلـوم والـمعارُّفا الـتـي هـي أداة الـعقمـل ،التـي مـككنـت النسـان مـن إبتكـارُّ أفـضـل
13
الـوسائــل لـجعـل الطبيعة تـلم لتـثـل لرُّادتـه ،لختـزال "الـشـر" بـغـية تـحقميـق الـخيــر .فالكـوارُّث
الطبيعية التـي نـراها "شـرلا" تسي وتفعـل وفـق قاواني يإسـودها النتظام وثباتا أصـل السببية ،مما
يإــو نفـر للنسان الـبيـئة الضـرورُّيإة لسلمـة التفكيـر العقملي وإستنباطاته وتـوقاعاتـه إذ بالعلم يإمكـن
تـعليـل كــل ظاهـرة كـونية بـواسطة القمـواني الت تهيمن عليها ،فـإذا تمنكن من فهمها وإستيعابها
ومما سبـق ذكره نرى أن حـ كد العلم هـو النظـر في الـمـوجوداتا للبحث عن النعلـل الفاعلة فيها ،وذلك
لغـرض فـهـمها وتفسيـرها وإستخـراج قاواعدها وقاـوانينها ،إما لتجنب أضارُّها وإما لتطويإع فـوائـدها
وهـكـذا تصبح الكــوارُّث الطبيعية هـي الـمـرجع الـذي يإـستمـ ند مـنـه النسـان العــرفـة ،الت تساعـده
على إكتشافا الخيــر الللمـلسـلتتـر فيما كان يإــراه "شــلرا مـستطيـرلا" ،الــذي جعـله الله قاابـلل للختـزال
و مـرتهنال بعملية التطـورُّ الخكلق طبقمال للـمشيئة اللهية ،ليعيش الناس نـوعـال مـن السعادة فـي إطارُّ
حدود مـا يإسمح بـه التجلي اللهـي ،وهذا ما جعـل كــبارُّ عـلماءي الكــونـياتا اليـوم ل ليإنكـرون التنظيم
الغائي أي الـحكمة فـي ما يإــكتشفــونه ،مـما جعلهـم يإـقمــورون بــوجـود حـكـمـة فائـقمـة ومـذهـلـة فـي
التـركـيب البـديإع ﻷجـزاءي الكـون ،بحيث وجـدوا أن كــل مـخلـوق تحكـمه قاـواني ومباديءي لها طابع
الشمـول كـامنة فـي فـيه ولـيس خارُّجه ،و تخضع لتسلسـل منطـقمي سببـي محـ كدد سلفال ،ليسيـر كـل
شءي وفقمها بما في ذلك النسان نفسه .والقاـرارُّ بحقميقمة هـذا التـقمـان الغائي يإب ني بـجلءي ل غبش
فيه أن ما يإبدو من "شـر" في بعض أوجه الـحياة إنـما هــو مقمصــود ،فـلـو دقاـقمـنا النظــر فـيه لعلمنا
أنـه صادرُّ عـن مـحض الحكـمة الـمتجليـة فـي قاـوله تعالى " :و يإستخلفكم فـي اﻷرُّض فينظـر كيف
الحكـمة الـربانية تكمـن فـي "كيف تعملون" فـيما سكخـر الله سبحانه للنسان في هذه الدنيا ،حيث
جعـل كـل مـوجـود خاضعال لس ننة التغييـر مـن خـلل اﻷسباب الـطبيعية الـودعة في كـل كائن ،وقاـد
سكخـر بعـضها و جعـلها خاضعـة للتغيـيـر والتبديإل ،تـبعال لرُّادة النسـان لليقمــننوي الخيـر ل ويإللضنعلف
"الشـر" ،وجعـل بعضها ظاهـلرا وبعضها خـفـليا لليتـونسـل بالجـلني إلـى معـرفـة الخفــي بالجتهـاد
وإتعاب النفس وإعمال الفكـر ،حتـى يإتبني الجـ ند مـن القمنص والجتهد مـن الفنرط ،فيكـون ثوابهـم
14
بقمدرُّ إجتهادهم ومراتبهم على قادرُّ علومهم ،طبقمال لقمـولـه تعالى " :قال هل يإستوي الذيإن يإعلمون
الـرتـيبة ليإصال النـفـع إلى خـلقمـه ،فـل مـجـال لحـوادث عشـوائية غيـر محـددة اﻷسباب ،فكل ما
يإحـدث قاـابـل للتفسيـر والتنبـؤ مـن حيث البـدأ ،ﻷن الخالق سبحانه شاءي أن تكون بنية العالم على
صـورُّة تسمـح بـتنبـلؤ عقملي لكـ ن نل ظاهرة أو حـدث ،قاال تعالى ":سـنـريإهـم آيإـاتنا فـي الفاق وفي
أنفسهم حت يإتبي لهم أنه الحق ،أو ل يإكفي بأن رُّبك على كل شهيد "ـ فصلت 53ـ
ومعن :سنيإهم آيإاتنا" أي سنمكن النسان بفضل قادرُّاته العقملية من إكتشافا القمواني الللملضلمـر لنة
في كـنـه اﻷشياءي ،الت لتم ن نكـ لنها من أداءي وظائـفها فـي هـذا الـوجـود ،و ل يإمـكن للنسان أن يإغ ن نيـر
هـذه القمـواني أو الخروج عليها ،بل قاـدرُّتـه تتمثـل في إتخاذ قاـرارُّاتا مـؤثرة ومهمة من خلل هذه
القمواني الحتمية ،الت سكخرها الله إيإاه دون قايود قااهـرة لتطـويإر سبـل الحياة و إعمارُّ اﻷرُّض
وإصلحها .
ومن الـؤسف أن بعض التفيقمهي جعلـوا "الش الطبيعي" قاضالءي ل مـر كد له لتبـريإـر أخطـاءي النسان
وفشله في تدبيـر وإدارُّة شـؤونه ،وأبشع ما في هذا الفتاءي هـو أنهم ليإر ن نسخـون في عقمـول السلمي
الطيبي ،الذيإـن قاد يإعيش بعضهم بساطة العقميـدة وسذاجة الفكر رُّوح الستسلم والنهزامية ،ولـو
تـدبروا قاوله تعالى " :قال سيوا في اﻷرُّض فانظروا كيف بدأ الخلق ،ثم الله يإنش النشأة الخرة
لعلموا بأن الحق سبحانه يإدعوهم ويإأمرهم بضورُّة النظر العقملني اللزم للتفكر والتدبر ،لكتشافا
القمواني والنظم الـربانية التحكمة فـي اﻷرُّض ومن عليهـا ،إضافـة إلى أخـذ العبـرة من آثارُّ اﻷقاـوام
الغابـرة مـن أجـل إكتساب مـزيإد مـن الخبـرة والبحـث عـن الـحكـمـة ،لستكمـال السيـرة الـحضارُّيإـة
النسانية بمنهجية أكثـر رُّشدال وأقاـل أخطالءي ،وهـذا التـوجيه الــربانـي يإحثـنا علـى تـوظيف " الـشـر
الطبيعي" تـوظيفال عملي لا في حياتنا بغـية إختـزال معانـاة النسان ،بـدل أن نضفـي عليـه الغمـوض
15
حتمي بسبب القمواني والنظم الجارُّيإة فـي هـذا الــوجـود ،و ليـس أمــرال طارُّئال أو نازللة مفـردلة ،بـل
هــو عــلةل وغـايإـة خلـ لق النسان بـما تقمـتضيه حكـمة الله مـن وجــود تكـاليـف شـرعـية وضـرورُّاتا
حياتية ،ونوازل كونية ومدافعاتا بشيإة ،للكشف عن من أحسن العمل ومن أساءيه ،لتقمام الـحجة
16
عبثية الش الخلقاي
العبثية تتنافى مع النطق ول تحتم قاواعده ول تخضع لها ،ولتفض بالنسان إلى إجتارُّ أفكارُّه
الجوفاءي الت ل مضمون لها ،ﻷنه فقمد القمدرُّة على رُّؤيإة اﻷشياءي بحجمها الطبيعي ،فلم يإعد لسلوكه
و الش اﻷخلقاي ليإقمصد به الجوانب السلبية في تفكي النسان وسلوكه ،بحيث تصبح عنده رُّغبة
لملكحة في إستعمال إرُّادته الحـ نرة لرُّتكاب الشـر في حـق الخـريإن ،و هـذه الرُّادة الحـرة هي قاـدرُّة
واعية مـدنرُّكة و لمو نجهة ،تستخلص الفاهيم والبادئ اﻷخلقاية من اﻷحاسيس والنفعالتا اﻷولية
اﻷصلية من إسـتحسان أو إسـتنكـارُّ للفعـل الـفض إما للخيـر أو الشـر ،وبالتالـي فإن لتنبلعـة أعـمال
النسان ومسـؤولياته تـقمـع عليه وحـده .ومعنــى هذا أن الخيـر و الشـر ليسـا متأصليـن في فطــرة
خللنقمـنية ،وإنما ليإلستـندول عليهما بقمـدرُّاته العقملية ويإختارُّ أحدهما بإرُّادته الحـرة ،وهـذه
النسان الل ل
القمدرُّاتا قاابلة للتبية والتـوجيه نحـو الخيـر أو الشـر وهنا مـحك البتلءي و الفـتنة ،قاـال تعالى :
و الهدى في لغة العرب :هو كل ما يإدل على سبيل النجاة ويإدل على الخي والسعادة ،و هـدايإة الله
تـعالى تـتـم بــواسطة الـبــراهي واﻷدلــة العـقمـلية و الحجـج القمـرآنية الـدامغة ،التـي لتــو نجـه الرُّادة
الحـرة لتحقميق الخيــر ونـبـذ الشــر ،لذا جعل الله النسان هو الكائن الـوا حد الذي يإستدل على الله
من خلل آيإاتا اﻷنفـس و الفاق ،بـحيث جعـله سبحانه فـي مـركزيإة هذا الكـون دون غيـره وكــنرمـه
دون ســواه بالعـقمـل ،وليـس لـه أفـضلية إل بالـقمــدرُّة عـلى فـعــل الـخيــر ونـبـذ الـشــر لـيكــون أحـ نق
بالسـتخلفا فـي اﻷرُّض ،و عندما استخلفه كـ نلـفـه بإعـمارُّ اﻷرُّض وإصلحهـا وأمـره بأن ل يإبتغـي
الـفـساد فـي اﻷرُّض ،فــوكفــر لــه المـكانـاتا والــوسائـل وزنوده بالـقمــدرُّاتا الـعـقمـلية الـتـي تـجـعـلـه
قاــادرُّ لا علـى الستفـادة مـن تـلك الـمقمـوماتا ،لجـلب الـخيـر والسعادة لبنـي الـبشـر من خـلل اللتام
بالنطـق القمرآني ،الـذي يإحـوث عـلى قاـنيـم الـحـق والخيـر والـجمال ،إل أن النسـان ليإـغـتــنر وليإـطـغـى
فـيــزيإـغ عــن الـسبيــل الـقمـويإـم ،ويإــصـ ود عـن الـمنطــق الـرباني و يإـحتكم إلـى الطاغــوتا ،و يإنقمـلـب
17
وضعـه مـن إعـتنـاق الـفـضيلـة لـيسقمـط فـي بـؤرُّة الرذيإلة ،فيتكب اﻷخطاءي والزلتا والوبقماتا
وليإلبتنغي الفساد ،قاال تعالى " :كل إن النسان ليطغى أن رُّآه استغن"ـ العلق 6ـ
تـشيـر هـذه اليإـة الـكريإمة إلى حقمـيقمـة سـلـوكية شـديإـدة اﻷهميـة ،يإـجب عـلى كـل عاقاـل رُّشـيـد أن
يإحتاط لها وهي الستغناءي ،بحيث يإتصورُّ النسان في كثيـر من اﻷحيان أنه قاد وصل إلى قامة العلم
و الجـاه و السلطان و القموة ،فـيقمـع صـريإلع جـنــون العـظـمـة بـسـبب غـــرورُّه ونكـلبــنره فـليقمبـل عـلـى
كــل فـعـل يإــوافق هــواه ويإـميـل إلـيه بإرُّادته الـحـرة ،والنتيجة الحتمية لـذلك هـو الطغيان الــذي
ليإـعـ ود أعظـم الفـاسد اﻷخلقاية التـي يإتعـرض لها اﻷفـراد والجتمعاتا ،إذ ل يإـتــوكرُّع الـطـاغـية عـن
إستخدام كل أسـاليب الـعنف والكـراه لتحقميـق رُّغباته وأهـوائـه لـيفسد فـي اﻷرُّض ويإهـلك الحـرث
والنسل ،وقاـد يإـتمادى أكـثـر من ذلك كـما فـعـل فـرعــون ،إذ قاال ":أنا رُّبـكـم اﻷعلى" وما أكـثــر
فــراعنة هـذا الـزمن اﻷغـبـر ،لذا اقاـتضت حكـمته سبحانه أن ليإسأل النسان عن أعماله الغيـر الكـره
على فعلها ،قاال تعالى " :ل ليإسأل عما يإفعل وهم ليإسألون "ـ اﻷنبياءي 23ـ
ومن النطـق ان ل ليإسأل الله سبحانـه عـما يإفعـل ﻷن عـلمه مطلق و أزلي وهو الحكيم الخبيـر ،كـل
فعـل هـو واقاع بقمـدرُّته و محـض مشيئته وصـرفا إرُّادته ال ن
نهة عن العبث ،ل يإـكــون في ملـكـه إل
ما يإـريإد ،ولـه في جميع أفعاله حكمة بالغة لتـفض إلى مصلحة الخلـق ﻷنـه سبحانه غـنـي بـكمـاله
الطـلـق ،ومـا كــان كـمـال ل مطـلقمـال و واجـبـال بالــذاتا كــان واجـبال يإشـمـل جـميع أفـعـاله فـي الـغايإـة
القمصـوى من الكمـال الـممكن ،و عليه يإكـون هـذا النظام الكـلـي الوجود أمكن اﻷنظمة التصورُّة .
و من الـمنطـق أن يإللسـأ لل النسالن عـما يإـفـعـل ﻷن عـلمه عـلمـال نسبيـال مـكتسبـال ،و فـعله ليس مجـرلد
ل
حـركـلة جسميـلة بـل هـو تصـورُّ يإحمـل رُّؤى وتصـورُّاتا ،بـحيث ل يإفعـل فعـلل إل إذا رُّأى أن نتيجتـه
تعـود عـليه بنفـع أو دفع ضـررُّ ،وبالتالي فـهــو يإسعى مـن أجــل الـكمال والخـروج من النقمـص بنـالءي
على الظـروفا والصالح والـرغباتا والعـرفة ،وقاـد تأتي قاــرارُّته أحيانال بما ل يإشتهيه بسبب ال نتبايإـن
الـحاصل فـي تفسيـر ما يإقمـوم بـه وبيـن ما يإللحـندلثه الفعل ،ومـر ود ذلـك إلـى جهـله وعجـزه عـن إدرُّاك
الخي في صورُّته الكلية ،قاال تعالى " :ولو كنت أعلم الغيب لستكثتا من الخي وما مسن السوءي
18
خلـق
وهـذه الحقمية تـقمـضـي بأن يإسعي النسان مـنـذ إدرُّاكـه بإتـجاه الكمال اللئـق والمكـن الـذي ل
ﻷجـلـه ،و أن ل يإبـق عـالقمـال في الحيـز الض ن نيق من النقمص ،وبلـوغ هـذا القمام يإتطلب العلم الخنلق
والب نناءي لعمارُّ اﻷرُّض ،وإصلحها بما فيه الكفايإة لجعـل الخيـر يإظهـر في الـوجـود ﻷن به تـتقمـوى
إرُّادة النسـان ،ويإــرتـقمي فـكـره ويإـتحقمـق لـه النـسجام الطلـوب عـند بلـوغ الغـايإاتا ،التـي تمثـل
الكـمالتا الـواقاعية النسجمة مـع طبيعة النسان و مع ممـن حـوله مـن الناس والطبيعة ،لكـن هـذا
ل يإلعنـي أن الكـون لسليغني طـريإقمة عمله لتنالسلبنا أو تـناسـب أفـكارُّنا ،ولكن يإعنـي بأنـنا يإمكـننا أن
نخـلـق عـلقاـة منسجمة مـع الوجـود نبن عليها كــل تصفاتنا وأفعالنا ،و إذا تمنكنا مـن فهـم هـذه
الحقميقمة سيكون أسهل علينا أن ندرُّك بأن منشأ الوعي اليقمظ يإتأسس على إمتلك الحقميقمة ل على
ومن الحزن أن الجتمعاتا البشيإة تعاني اليوم الكثي من اﻷزماتا الزمنة في ظل واقاع فاسد يإضج
صـل النسان إلـى حافـة التطـرفا ،فاتخـذ مـن بالظـلم والستبـداد ،بسـبب جنـون العظـمة الـذي نأو
ل ل ل
العنف والرُّهاب وسيلة لنش الخراب والدمارُّ والضطراب والفوض ،وما يإتبع ذلك من فقمـر وجهـل
وتفش اﻷمـراض واﻷوبئة والجاعة وتدهـورُّ البيئة الحيـويإة ،مما أدى إلى ثقمب اﻷوزون والتغياتا
الناخية وخطر الشعاعاتا التايإد ،و قاـد أفـض هـذا الواقاع الزرُّي إلـى غياب حالة اﻷمـن وإزديإاد
حالتا الـخاوفا ونسـب الجـرائم ،وإنتهاك لجميع العاني النسانية إلـى درُّجة أن أصبحت مهـمـة
التنبؤ بمصي النسان أمرال عسيال ومستحيلل ،لقمد أصبحت صورُّ الجازرُّ جزلءي من مخيلتنا ،و فوبيا
تكـرارُّ الآمس النسانية تلزمنا كـما يإلزمنا ظـ ولنـا ،وثقمافـة الخـوفا تنتج حاضـرال جـامحال متسارُّعال
ليإغرق البشيإة في اليأس والقمنوط وفقمدان اﻷمل في حياة حرة و مستقمبل آمن ،وهكـذا أصبح الشـر
يإتكي بألوان رُّائعة وزاهية ،ليخدع النناس ويإدفعهم إلى النسقمـوط في مستنقمع االعنف ،الذي يإنتهي
بالشـر على الصعيد الفــردي و الجتماعي كحتـمـية لـتطلعاتا اﻷنا الـمركزيإة الت ل تـرى غيـر ذاتها
وتخفق في معايإنة الحقميقمة الت تخفيها شمولية الحياة ،قاال تعالى " :ظهر الفساد في الب والبحر
بما كسبت أيإدي الناس ليذيإقمهم بعض الذي عملوا لعلهم يإرجعون"ـ الروم 41ـ
إن النسان هذا الخلوق الذى فضله الله على سائر مخلوقااته بالعقمـل الـرشيد كفر بأنعم الله جهلل
19
وحمقمال ،وقاـد تحـ كول إلي كائن عبثـي و فـوضوي أكث ضاوة على وجه اﻷرُّض ،و جعل الش طريإقمال
وأسلـوبال لتحقميـق أهـدافه ،وأصبح قاـادرُّال على فعل الشـر و نشـره وتبـريإـره ،وإعادة إنتـاجه بشكـل
تلقمائي إلى أن أصبح مألوفال لديإه ل يإبعث فعله على اﻷس و الندم ،بل لشـرللعن له بطـريإقمة عقملنية
و نـ كظــر له ،وهكـذا أصبح " النسان ذئب النسان" ،إنـها مقمــولـة صادقاـة تصـننورُّ الـواقاع البشـري
كغابة مستـوحشـة ،أصبح فيها النسان كائنال دمــويإال كــوحش ضالرُّ كاشـلر عن أنيابه لليس ن نبـب اﻷلـم
والشقماءي ﻷخيه النسان .إنه قاانـون الغاب القمــوي يإسيطــر على الـضعيف و يإخـضعـه و يإستعمـلـه
كـأداة و وسيلـة مـن أجـل تحقمـيـق مـصالحه الـخاصة دون مـراعاة لنسانيته و كـرامـته ،مما جعـل
رُّقاعة الشـر تتـوكسع ويإـزداد حجم الخيـر تقم ولصال بشكـلل مقمـزلز جلدا حتـى انعكس على الـواقاع كـفـكـر
وممارُّسة ،و ترك الجال فسيلحا أمام تعاظم نذلئنبكية النسان حت أصبح رُّمزال للش ،فأصبح العالم
مجا لل للقموة الباطشة عند اﻷقاويإاءي ،وللخداع والكر والتحايإـل عنـد الضعفاءي ،وعلى هـذا النحو إزداد
النسان رُّغب لة في الستحواذ على الزيإد من القمـوة لشباع الرغباتا ،وإشباع الرغباتا يإتطلب البحث
عن أسباب القموة وإكتسابها ،وهكذا أصبح من له الحـق فـي الغايإة لـه الحـق في الوسيلة ،التـي
يإـراها مناسبة لتحقميـق غايإته ،وذلـك نـتيـجة للعقمـل الحسابي النفعي الذي يإجمع ويإطـرح ثـم يإختارُّ
اﻷنفع دون ما أدنى إعتبارُّ للخـريإن إلى أن دنمـر النسان نفسه جسديإال وعقمليال ونفسيال وبيئيال ،كل
ذلك أثبت أن عملية سيطرة النسان على البيئة بهدفا تـوسيع دائـرة نفـوذه وسلطته ،أصبحت في
الحقميقمـة لتهــ ندد بـقمـاءي النسان على قاـيـد الحياة ،وهذا البقماءي هـو مـن اﻷهـمية بحيـث يإشكـل الـشـرط
اﻷساسـي لسـتـتباب اﻷمــن الــوجـودي ،الـذي هـو مـن الـمبادئ الكــونية والحقمـائـق العلـويإـة التـي
يإمكـنهـا أن تـحـ ن نررُّ النسان من اﻷنـا التـي تـحتجـزه داخـل متاهـة الـتعصب والـتسلط واللإنسانـية
و من الذهبية والعقمائديإة الغارُّقاة في العتقماد بإمتلك القموة الطلقمة ،ومن ثمة تمكينه من الح نند من
غلواءي حب الذاتا لتوسيع مجال التعاطف الجتماعي ،وخلـق الناخ الـذي يإشجـع علـى تحقميق الخي
و السعي الحثيت لتعطيل عبثية الشـر اﻷخلقاي ،الذي حـرم النسان لـذة الحياة وسبب له ألال أعظم
و لـو أننـنـا حسـبنـا الـحصيلة بالـنسب الئــويإة فـل رُّيإب أنن نـصيب مـآمسـي الشـر اﻷخلقاـي ستكـون
أضعافا مضاعفة بكثي مما يإسببه الش الطبيعي ،الذي من المكن أن يإختله النسان إذا بذل جهده
20
في طلب العلم الفض إلى إعمارُّ اﻷرُّض وجعل الدنيا مطية للدارُّ الخرة ،أما إذا اختل وجـوده في
هـذه الحياة الدنيا وقاطعه عن كـل وجـود آخـر ،سينظـر إلى الدنيا كـرحلة تنتهي عنـد حافـة القمبـر
دون أن يإجعلها مـرحلة أنولى في رُّحلة أطـول ل تنتهـي أبـلدا ،ﻷن الحياة اﻷخـرى من منظورُّ النطق
الـرباني هـي تـتـ نمـة لزمـة للفـصل اﻷول مـن رُّحلة النسان فـي دنـيا البتلءي ،فـلـو إلتـزم النسان
بالـرحمة ونبـذ القمسـوة لكانت اﻷرُّض دارُّ أمـن وسلم ورُّخاءي ،وهـذا يإتطـلب سعيـال دائـمال و جهـدا
متـواصلل ،ولقمـد نكبـأنا الحـق سبحانـه عـن حـال أولئك الـذيإن تعـنودوا أن يإفكـروا بسطحية ،قاال
تعالى " :يإعلمون ظاهرال من الحياة الدنيا وهم عن الخرة هم غافلون "ـ الروم – 7
إن كـل الـمآمسـي الت نعانيها مـر ودها إلى إقاتصارُّ عقمـولنا على زخـرفا الحياة الـدنيا ،الـذي انغمسنا
بالكلية في حبه وعشـق بـريإقمه الفـاني والتكالب عـليه ،مـما أدى بنـا إلى الغفلة عـن الخرة ونسينا
نصيبنا منها ،ﻷننا ألقمينا ورُّاءي ظهورُّنا النطق الرباني وتغافلنا عن منطق العقمل السليم ،مما أدى
بنـا إلى عجـزنا عن تحـويإل الدنيا إلى مـطـية للخرة ،قاال تعالى " :وابـتغ فـيما آتـاك الله الـدارُّ
الخرة ول تنس نصيبك من الدنيا ،وأحسن كما أحسن الله إليك ،ول تبغ الفساد في اﻷرُّض إن
اليإة الكريإمة تتضنمن مشوع أخلقاي يإرتكز على الننـزعة النسانية لتحريإر النسان والرُّتقماءي به في
أفق العن والقميمة ،أي الرُّتقماءي به إلى الراقاي الروحية والنفسية والعرفية والعمرانية ،الت تكنون
الصورُّة التكيبية التكاملة بواسطة تظافر العقمل واليإمان ،من أجل ترشيد إستخلفا النسان عـن
طريإق ترويإض الرُّادة النسانية ،على أساس أن اﻷصل في الكمال النسانني يإكمن في رُّقايه العقملي
و اﻷخلقاـي ،الذي يإحصل عـن طريإق تحصيل العلوم و كسب اللكاتا الفاضلة ،وليس عـن طـريإـق
وكـل مستحيلل ممكن ،بدل من أن ليإواجهوا الواقاع الـذي يإرلفضونه وليإلحتللمـون منـه بالصـورُّة الـوهمية
الـخزونة لديإهم لم ن
صـ ن نريإن على عناديإتهم ،وسيبقمـون في غ ن نيهم يإعمهون مقمـتفيـن أثـر من سبقموهم في
الكابرة ،ﻷن اللحاد عناد واستكبارُّ وليس قاناعة ،ومعن هذا أنهم حت و لو وجدوا عالم خالل من
21
الشـر فـلن ليإلسللمـوا من الـوهم بـل سيتسلمـون له ويإـرتضونه منهجال وغايإلة ،قاال تعالى " :وقاالـوا لـن
نؤمن لك حت تف نجر لنا من اﻷرُّض يإنبوعا .أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر اﻷنهارُّ خللها
تفجيا .أو تسقمط السماءي كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله واللئكة قابيل .أو يإكون لك بيت من
زخرفا أو ترقاى في السماءي ،ولن نؤمن لرقايك حت تنل علينا كتابا نقمرؤه ،قال سبحان رُّبي هل
*****
22