You are on page 1of 8

‫جــودة الخـدمــة العـمـومـية‬ ‫العدد الرابع‬

‫ديسمبر‪2016‬‬

‫جــودة الخـدمــة العـمـومـية‬


‫الدكتورة ‪ :‬ضريفي نادية‬
‫جامعة محمد بوضياف ‪ -‬املسيلة‪.‬‬
‫الخدمة العمومية هي نتاج عمل املرافق العمومية بصفة عامة‪ ،‬و هي حلقة الوصل بين الدولة و املرتفق أي املواطن املتلقي‬
‫للخدمة العمومية و بذلك هي الحلقة األهم لضمان ر�ضى هذا املرتفق و ملحاولة تحسين العالقة بين الدولة و املواطن‪ ،‬هذه العالقة التي‬
‫عرفت تذبذب و كل اإلصالحات تنادي بتحسينها خاصة خالل سنوات الثمانينات‪ ،‬و لكن تركيز املنظومة الجزائرية في كل الفترات كان على‬
‫تطويرو إصالح الهياكل دون التطرق للخدمة العمومية كنتيجة لعمل هذه الهياكل‪ ،‬لعل أهم نص صدرفي هذه الفترة هو املرسوم رقم ‪88-‬‬
‫‪ 131‬الذي ينظم عالقة اإلدارة باملواطنين‪ ،‬الذي يعتبر من أهم نصوص القانون اإلداري في الجزائر‪ ،‬و يعتبر بمثابة تقنين لحقوق املواطن‬
‫و التزامات اإلدارة تجاه املواطن‪ ،‬في محاولة لتحسين العالقة بين اإلدارة واملواطن بعد تفطن الدولة أن أهم محور لإلصالح اإلداري يجب‬
‫أن يكون تحسين هذه العالقة‪.‬‬
‫و مع بداية سنوات األلفينيات بدأت هذه العالقة تتوتر أكثر بسبب الفساد و البيروقراطية مما دفع بالحكومة ملحاولة احتواء‬
‫الوضع و إعادة ثقة املواطن في الدولة من خالل تحسين الخدمة العمومية ‪ ،‬و ترجم ذلك من خالل استحداث وزارة مكلفة بإصالح الخدمة‬
‫العمومية (املرسوم الرئا�سي ‪ ،)13-312‬هذه األخيرة بدأت مباشر ة العمل من خالل تعليمات حتى قبل صدور املرسوم املنظم للوزارة‪ ،‬و‬
‫التي هي في الحقيقة تطبيق و ترجمة ملا جاء في املرسوم ‪ ،88-131‬و صدرفيما بعد املرسوم التنفيذي رقم ‪ ( 13-381‬يحدد صالحيات الوزير‬
‫لدى الوزيراألول املكلف بإصالح الخدمة العمومية) و املرسوم التنفيذي ‪( 13-382‬املحدد لتنظيم اإلدارة املركزية للوزارة لدى الوزيراألول‬
‫املكلفة بإصالح الخدمة العمومية) و اللذان أعطيا تصورا لكيفية تحسين الخدمة العمومية‪ ،‬و بطريقة غير مباشرة هذا الهيكل الوزاري‬
‫الجديد جاء لتطبيق مضمون املرسوم السابق الذكر ( املرسوم ‪.)88-131‬‬
‫و هي أول مرة يتم التركيز على الخدمة العمومية في اإلصالح و كأن الدولة تيقنت أخيرا أن محور اإلصالح يجب أن يكون املواطن و‬
‫عالقته باإلدارة من خالل تحسين الخدمة املقدمة له‪.‬‬
‫هذه الخدمة املقدمة للمواطن هي حق أقرته الدساتير و القوانين املنظمة للمرافق العامة‪ ،‬فهي بذلك ليست منحة من الدولة أو‬
‫املرافق‪ ،‬و لكن هل هذا الحق هو حق في الحصول على الخدمة مهما كانت نوعيتها و جودتها‪ ،‬أم أنه حق مرتبط بشروط و مقاييس تسمح‬
‫بتقديم خدمة عمومية ذات جودة و نوعية؟ أي ما مدى تطبيق مقاربة الجودة في الخدمات العمومية ؟ و كيف تبنتها املنظومة القانونية‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫سنعالج هذه اإلشكالية من خالل النقاط ألساسية التالية ‪:‬‬
‫ •الجودة كمقاربة جديدة في الخدمة العمومية‪.‬‬
‫•الجودة كقيمة إلعادة الثقة للمواطن في املرافق العامة‪ ،‬و تجديد عالقته بالدولة‪.‬‬ ‫ ‬
‫•التبني التدريجي للجودة في املنظومة القانونية الجزائرية‪.‬‬ ‫ ‬
‫•تقييم جودة الخدمة العمومية و إشكاالت تطبيقها على املرافق العامة‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ -‬خاتمة ‪.‬‬

‫‪1‬الجودة كمقاربة جديدة في الخدمة العمومية‪.‬‬ ‫‪1-‬‬


‫‪ 1-1‬تعريف الجودة بصورة عامة ‪:‬‬
‫الجودة من املصطلحات التي إرتبطت بالقطاع الخاص و املنافسة كمفهوم إقتصادي مرتبط بنوعية السلع و الخدمات و‬
‫بخصائص و بسمات تجعل من املنتج و الخدمة قادرة على املنافسة و إرضاء الزبائم من خالل خصائص تقنية تجعل منها األحسن ‪.‬‬
‫واذاحاولناتقديمتعريفللجودةفهي«مجموعالخصائصوالسماتالتييجبتوافرهافياملنتجأوالخدمةبحيثتجعله‬ ‫ ‬
‫‪1‬‬
‫يقوم بوظيفته على أكمل وجه و ير�ضي املستهلك‪.‬‬
‫و يستعمل مصطلح الجودة على املنتوج أو الخدمة الجيدة ‪ ،‬و يعرفها األستاذ جونسن بأنها « القدرة على تحقيق‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪134‬‬
‫العدد الرابع‬ ‫جــودة الخـدمــة العـمـومـية‬
‫ديسمبر‪2016‬‬

‫‪2‬‬
‫رغبات املستهلك بالشكل الذي يتطابق مع توقعاته و يحقق رضاه التام عن السلعة أو الخدمة التي تقدم له»‬
‫نظرا لصعوبة تقديم تعريف دقيق للجودة قام الباحث ‪ David Garvin‬بوضع جملة من املعاييرلتعريف الجودة في عام ‪1988‬‬ ‫ ‬
‫‪3‬‬
‫و هي ‪:‬‬
‫•مدخل التفوق‪.‬‬ ‫ ‬
‫•مدخل مواصفات املنتج أو الخدمة‪.‬‬ ‫ ‬
‫•مدخل رضا الزبون‪.‬‬ ‫ ‬
‫•مدخل التصنيع و كيفيات تقديم الخدمة ( خالية من العيوب )‪.‬‬ ‫ ‬
‫•مدخل القيمة (القيمة و تطابقها مع السعر)‪.‬‬ ‫ ‬
‫و في إطار البحث عن الجودة ووضع مقاييس دقيقة تم خلق عدة منظمات وطنية و دولية لتوحيد مقاييس الجودة حسب كل‬
‫سلعة أو خدمة منها املنظمة العاملية للقييس‪.‬‬
‫إن الحصول على شهادة الجودة العاملية ‪ ISO‬ال يعني الكمال ‪ ،‬إنما يعني أن جميع و األعمال و اإلجراءات‬
‫التي تؤدي في نهاية املطاف إلى إنتاج سلعة أو خدمة ما‪ ،‬هي إجراءات مكتوبة و مراقبة و مطبقة بشكل فعال‪.‬‬

‫‪ - 1-2‬الجودة كمقاربة جديدة في الخدمة العمومية‪.‬‬


‫تعود الجودة في أصولها للقواعد املطبقة على الخدمات التي يؤديها القطاع الخاص لكن التطور الحاصل وكذا أهمية املصلحة العامة‬
‫فرضت ضرورة وجود وخضوع الخدمة املقدمة من طرف املرافق العامة ملراقبة النوعية وضرورة تحسينها وفقا ملقتضيات املصلحة العامة ‪.‬‬
‫ويقصد بمبدأ النوعية في املرافق العامة أنه يحق للمنتفع الحصول على خدمة بأفضل نوعية وجودة وبأحسن األسعار ولهذا‬
‫املبدأ عالقة وطيدة بمبدأ قابلية املرفق للتطور والتكيف حيث هذا التكيف يفرض تحسين النوعية وتطويرها‪ ،‬ويمكن أن ينص على نوعية‬
‫الخدمة املقدمة بنص قانوني أو في إطار عقود االمتياز‪ ،‬حيث يبين القانون أو العقد نوعية الخدمة املراد تقديمها وكيفيات تحسينها ‪.‬‬
‫فالخدمة العمومية تتحمل مسؤوليتها الدولة بكل مستوياتها سواء بطريقة مباشرة أو غيرمباشرة تتمثل هذه الخدمات أساسا في‬
‫تلك الخدمات التي أعطاها القانون صفة املرفق العام كالتعليم و الصحة و املياه و الكهرباء‪.....‬إلخ ‪ ،‬لكن نجاحها في التوفيراملتزايد للخدمات‬
‫العمومة و إنجازات املرافق العامة و الحصيلة الكمية اإليجابية غالبا ما تصطدم بواقع سيئ على املستوى النوعي و الجودة‪ ،‬و لعل أهم‬
‫األسباب‪:‬‬
‫ ‪-‬عدم تطابق الخدمة املقدمة مع الخدمة املنتظرة و املتوقعة و هذا راجع لعدم مشاركة املواطن في رسم هذه اإلحتياجات‪.‬‬
‫ ‪ -‬و كما تبرر دائما الدولة كطرف في هذه املعادلة بأن عدد طالبي الخدمة الكبيرهو ما أثرعلى نوعية الخدمة‪.‬‬
‫ ‪ -‬و مجانيتها في بعض األحيان زاد من الطلب على هذه الخدمات مما ولد ضغطا كبيرا على هذه املرافق إنعكس سلبا على‬
‫نوعية الخدمة العمومية املقدمة‪.‬‬
‫لكن املرافق العمومية اليوم مدعوة للمواكبة متطلبات الجودة و تقديم أحسن األنواع فلم يعد من حق املواطن فقط الحصول‬ ‫ ‬
‫على الخدمة بل الحصول على خدمة جيدة ‪ ،‬لم تعد الخدمة منحة من الدولة للمواطن بل حق في الخدمة و بنوعية جيدة خاصة مع‬
‫التطورات الحاصلة و املنافسة خاصة في ظل فتح الخدمات العمومية للخواص في إطار عقود اإلمتياز التي من خاللها فرضت الدولة على‬
‫صاحب اإلمتيازجملة من الشروط املتعلقة خاصة بالجودة‪.‬‬
‫فالخدمة العمومية اليوم سواء كانت إدارية أو صناعية و تجارية يجب أن تتميز بالجودة التي لم تعد مرتبطة فقط بالقطاع‬
‫الخاص بل حتى بالخدمات العمومية بسبب دخول الخواص حقل املرافق العامة من جهة و خصوصية تحسين نوعية الخدمات العمومية‬
‫كوسيلة إلعادة ثقة املواطن في الدولة من جهة أخرى‪ ،‬باإلضافة إلى املنافسة التي أصبحت حتى الخدمات العمومية محور لها ال سيما‬
‫الخدمات الصحية و التعليمية و اإلتصاالت ‪...‬الخ ‪.‬‬
‫فمفهومالجودةأصبحيقدمنفسهكمبدأمناملبادئالتيتحكمسيراملرافقالعامةإبتداءا منسنواتالثمانينات‪،‬إذأنهيشكلتجسيدا‬
‫للرغبةفيتحديثاملرافقالعامة‪،‬وعلىهذااألساستأتيالرغبةمنالسلطاتالعموميةفيالتخليعناملنطقالكميواإلستجابةللنوعية‪،‬فاملواطن‬
‫‪4‬‬
‫أصبح يطالب بالخدمة مع ضمان الجودة‪ ،‬فتغيرت نظرة املرتفق من النظرة له كهبة أومنحة من الدولة إلى نظرة كحق ينتزعه بشروط الخاصة‪.‬‬

‫‪135‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫جــودة الخـدمــة العـمـومـية‬ ‫العدد الرابع‬
‫ديسمبر‪2016‬‬

‫‪ -2‬الجودة كقيمة إلعادة الثقة للمواطن في املرافق العامة‪ ،‬و تجديد عالقته بالدولة(مبرراته)‪:‬‬
‫يعرف العالم اليوم إنفتاحا كبيرا أثرعلى السوق و زاد من حجم املنافسة سواء في القطاع الخاص أو حتى في بعض األحيان بين القطاع‬
‫العام والخاص‪ ،‬وفي املرافق العامة فيما بينها‪ ،‬مما ولد ضرورة تقديم خدمة عمومية ذات جودة قادرة من جهة على تلبية حاجات املرتفقين‬
‫و قادرة على تحديات املنافسة املفروضة عليها من جهة أخرى‪.‬‬
‫فالخدمة العمومية تحولت من التلبية العشوائية الكمية إلى التلبية الجيدة أي مقاربة الجودة كمعيار و محدد جديد في الخدمة‬
‫العمومية‪.‬‬
‫فاملرافق العامة اليوم أصبحت مدعوة لتحيين معايير خدمتها و تقديم األجود و األحسن للمرتفق من منطلق تزايد متطلبات و نوع‬
‫الخدمة التي يطلبها املرتفق ‪ ،‬وإذا كانت الجودة وإرضاء الزبائن هي هاجس القطاع الخاص في ظل املنافسة الت يعرفها والضامن إلستمراريها‬
‫في السوق‪ ،‬فالدولة اليوم تبحث عن تحسين جودة خدماتها لترميم عالقتها باملواطن و الوصول لرضا املواطن كمدخل لإلستقراراإلجتماعي‬
‫من جهة و إعادة ثقة املوطن في الدولة التي هدمتها جملة من املعطيات ( كالفساد ‪ ،‬و رداءة الخدمات العمومية‪ ،‬و بعد املواطن عن املرافق‬
‫العامة و عدم ثقته في الخدمات التي تقدمها‪.)......‬‬
‫فتحسين جودة الخدمات العمومية في هذه الفترة بالذات جاء كمدخل لإلصالحات التي تبنتها الدولة في جميع املجاالت‪ ،‬و كمدخل‬
‫لتجديد عالقة اإلدارة باملواطن بثوب جديد من خال تحسين جودة ما تقدمه من خدمات قد تكون السبب في تحسين صورة الدولة لدى‬
‫املواطن‪.‬‬
‫و هناك مبررات أخرى لتبني مقاربة الجودة‪:‬‬
‫‪ -1‬املنافسة و ما تقتضيه خاصة في الخدمات العمومية التي تكلف بها عدة مرافق عامة و خاصة في نفس الوقت‪ ،‬أو املرافق املسيرة في إطار‬
‫عقود اإلمتياز‪.‬‬
‫‪ -2‬ر�ضى املرتفقين على الخدمة العمومية و منه الوصول للر�ضى اإلجتماعي املعبرعن نجاح السياسات العامة‪ ،‬و قياس ر�ضى الزبون يكون‬
‫من خالل‪:‬‬
‫* تقليل الوقت بين وقت طلب الخدمة و تقديمها الفعلي‪.‬‬
‫* تبسيط عملية تقديم الخدمة‪.‬‬
‫* التحسين املستمرللخدمة و ملناخ تقديم الخدمة العمومية‪.‬‬
‫ن‪5‬‬
‫* ضرورة وجود أعون يعرفون التعامل مع الزبو ‪.‬‬

‫‪ -3‬إعادة الثقة للمواطن في املرافق العامة و في سياسات الدولة و بذلك تحسين عالقته به‪ ،‬ألن الخدمات العمومية في األخير هي حلقة‬
‫الوصل بين الدولة و املواطن‪.‬‬

‫‪ -4‬الجودة هي مطلب داخلي و خارجي من منطلق التقييمات الدورية ملنظمات دولية تنطلق من تقييم جودة الخدمات العمومية « مثال‬
‫ترتيب الجامعات أو املستشفيات يكون أهم معيارالجودة»‪.‬‬

‫‪ -5‬تحسين صورة الدولة تتطلب تحسين نوعية و جودة الخدمة العمومية‪ ،‬و قياس نجاح السياسات العمومية و البرامج يكون من خالل‬
‫تقييم هذه القيمة «الجودة»‪.‬‬

‫‪ -3‬التبني التدريجي للجودة في املنظومة القانونية الجزائرية‪.‬‬


‫تبنت الجزائرو تدريجيا مبدأ نوعية و جودة الخدمات العمومية من خالل منظومتها القانونية سواء تعلق األمربالخدمات اإلدارية‬
‫أو اإلقتصادية و لعل أهم النصوص التي كرست النوعيية هي تلك النصوص املتضمنة مرافق عامة صناعية و تجارية و خاصة منها املسيرة‬
‫عن طريق عقود إمتياز ( اإلتصاالت‪ ،‬املياه‪ ،‬لكهرباء‪ ،‬الطيران‪ ،)........‬لكن حتى الخدمات إلدارية و تلك الخدمات املقدمة مباشرة من طرف‬
‫الدولة و مرافقها العامة كذلك تبنت نصوصها القانونية مقاربة الجودة و النوعية و و لعل أهم الخدمات التي عرفت تبني هذا املبدأ هو‬
‫الحالة املدنية ‪ ،‬مرافق الصحة ‪....‬ألخ‪ .‬و التي هي من املرافق التي إرتبطت في ذهن املواطن بتدني مستوى الخدمات املقدمة‪ ،‬سأحاول في هذه‬
‫العجالة تقديم مثال نموذجين عن تبني مقاربة الجودة ‪ ،‬املثال األول اإلدارات العمومية‪ ،‬وكذلك خدمات اإلتصاالت السلكية والالسلكية‬
‫التي عرفت تطور نوعي و معالجة قنونية متميزة للجودة و النوعية خاصةأنها مسيرة في إطارعقود اإلمتياز‪.‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪136‬‬
‫العدد الرابع‬ ‫جــودة الخـدمــة العـمـومـية‬
‫ديسمبر‪2016‬‬

‫‪1‬النوعية و الجودة في ظل املرسوم ‪ 88-131‬الذي ينظم العالقة بين اإلدارة و املواطنين ( الخدمات اإلدارية)‪:‬‬ ‫‪1-1‬‬
‫يعتبرهذا النص من أحسن النصوص القانونية في الجزائر‪ ،‬و يعطي تصور و إلتزامات طرفي العالقة إدارة‪/‬مواطن‪ ،‬و يعتبرقفزة‬
‫لم َي َر النور بالصورة التي طمحت لها الجزائر‪.‬‬
‫نوعية من حيث املضمون لكن و لألسف ْ‬
‫و هو من أولى النصوص التي تطرقت للنوعية و أعطت معنى للجودة كمعيار لتحسين عالقة اإلدارة باملواطن‪ ،‬بعدما إعترفت‬
‫املادة الثانية منه على أن املؤسسات و اإلدارات و الهيئات العمومية يجب عليها حماية حريات املواطن و حقوقه التي أقرها الدستور و‬
‫التشريع‪ ،‬فعلى اإلدارة حسب املادة ضمان الحصول على الخدمات التي أقرت للمواطن و بالكيفيات التي تحددها القوانين‪.‬‬
‫و عدد القانون إلتزامات اإلدارة إتجاه املواطن من خالل الفصل الثاني و املتكون من ‪ 4‬أقسام ( تتضمن ‪ 4‬إلتزامات لإلدارة)‪،‬‬
‫من الناحية الشكلية فقط تم معالجة اإللتزام املتعلق باإلعالم (القسم األول) في ‪ 4‬مواد‪ ،‬و اإللتزام املتعلق بإستقبال املواطنين في ‪ 3‬مواد‬
‫‪ ،‬و استدعاء املواطن في ‪ 6‬مواد‪ ،‬بينما عالج إلتزام اإلدارة بالتحسيين الدائم لنوعية الخدمة التي تقدمها في ‪ 9‬مواد ( من املادة ‪ 21‬إلى املادة‬
‫‪ ،)30‬و هذا مايجعلنا نستنتج األهمية الكبيرة التي أعطاها املرسوم ملقاربة النوعية للخدمة املقدمة و ربطها بالتحسيين الدائم‪.‬‬
‫لقد كرس هذا املرسوم صراحة النوعية كمطلب جديد و كآلية لتحسين العالقة إدارة‪/‬مواطن لكن مع ربطه دائم بالتكييف‬
‫و هو أمر ضروري و مبدأ يحكم كل املرافق العامة‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 6‬منه على « تسهر اإلدارة دوما على تكييف مهامها و هياكلها مع‬
‫إتياجات املواطنين‪.‬‬
‫و يجب أن تضع تحت تصرف املواطن خدمة جيدة»‬
‫فهذه املادة نصت صراحة على ضرورة الجودة في الخدمة املقدمة من طرف اإلدارة‪ ،‬أي التحول من اإللتزام في ضرورة تقديم‬
‫الخدمة إللتزم تقديم خدمة عمومية جيدة‪ ،‬و هو تطور نوعي في الجزائرخاصة في الفترة التي صدرفيها النص‪.‬‬
‫و قد نصت املادة ‪ 21‬على»ضرورة أن تحرص اإلدارة على تحسين نوعية خدماتها بإستمرار و تسهر على تحسين صورتها العامة‬
‫بإعتبارها تعبيرا عن السلطة العمومية»‬
‫فاملادة أعطت تصورا واسع للجودة بعدم اإلكتفاء بتقديم خدمة جيدة فقط بل ضرورة اإلستمرار الدائم في تقديم أحسن‬
‫الخدمات و بينت الهدف املنشود من تقديم خدمة عمومية ذات جودة هو تحسيين صورة السلطات العمومية و الدولة بصفة عامة‪.‬‬

‫و بينت املادة ‪ 21‬مرتكزات جودة الخدمات العمومية اإلدارية أي مجموع السبل و اإلجراءات التي من شأنها الوصول بالخدمات‬
‫العمومية للجودة وهي صور «جودة الخدمات اإلدارية» التي يصعب في أغلب األحيان قياسها لغياب معاييرتقنية كما هوالحال في الخدمات‬
‫التجارية و اإلقتصادية‪ ،‬و عددت املواد من ‪ 21‬إلى ‪ 30‬هذه الصور و املظاهر التي يمكن أن تسمح لنا بقياس الجودة من جهة و عددتها‬
‫كإلتزامات على اإلدارة من جهة أخرى‪ ،‬و لعل أهم هذه اإللتزامات و صور الجودة و تحسين الخدمة العمومية هي ‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫ ‪‬تبسيط اإلجراءات اإلدارية‪ ،‬و التنظيم اإلداري‪ ،‬و إستعمال سبل البريد و الهاتف‪.‬‬
‫ ‪‬إعداد مطبوعات و إستمارات بسيطة و مختصرة و مفيدة‪ ،‬و سهلة القراءة و جذابة في شكلها‪ ،‬و تحديد بدقة مكونات‬
‫امللفات‪،7.‬‬
‫‪8‬‬
‫ ‪‬تطويرإجراءات التنظيم و التسيير‪.‬‬
‫ ‪‬الحرص على تقليل الوثائق املطلوبة في امللفات‪ ،‬و إمكانية أن تحل اإلدارة محل املواطن في طلب بعض املعلومات من‬
‫ى‪9‬‬
‫اإلدارات األخر ‪.‬‬
‫ ‪‬اإلستعجال قدر املستطاع في معالجة الطلبات‪ ،‬و التنسيق بين اإلدارات في تطلب الطلب عدة متدخلين ‪ ،‬دون إرهاق‬
‫‪10‬‬
‫املواطن بعناء التنقل بينها‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫ ‪‬الفورية و السرعة في تسليم األوراق و الوثائق و في اآلجال املحددة قانونا‪ ،‬أو فوريا إذا لم ينص القانون على أجل‪.‬‬
‫ ‪‬تبريررفض تسليم الوثائق‪.12‬‬
‫‪13‬‬
‫ ‪‬التحديد الدقيق ألوقات العمل‪.‬‬
‫و بينت املادة ‪ 29‬و ‪ 30‬جملة من إلتزامات املوظفيين خاصة املكلفين باإلستقبال ألنهم في عالقة مباشرة باملواطن و منه هم من‬
‫يتحملون الجزء األكبر من مسؤولية تحسين صورة اإلدارة لدى املواطن و تحسين الخدمة و جودتها تتطلب منهم تحسين تعاملهم و جودة‬
‫‪137‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬
‫جــودة الخـدمــة العـمـومـية‬ ‫العدد الرابع‬
‫ديسمبر‪2016‬‬

‫خدماتهم و معاملتهم‪ ،‬لذى جودة الخدمة العمومية تقاس بجودة إختيار موظفي اإلستقبال من جهة و تصرفات هؤالء املوظفين من جهة‬
‫أخرى و من هنا ألزم القانون املوظفين بجملة من اإللتزامات للوصول لجودة الخدمة املقدمة و أرضاء املواطن‪ ،‬و على سبيل املثال على هذه‬
‫اإللتزامات ‪ :‬البذلة املوحدة و وضع الشارات‪ ،‬عدم رفض تقديم الخدمة‪ ،‬أو رفض إعطاء معلومات للمواطن‪ ،‬املساس بكرامة املواطن‪.‬‬
‫من خالل هذا التحليل للمرسوم ‪ 131 -88‬و هو تطور نوعي في القانون اإلداري الجزائري‪ ،‬نجده قد كرس صراحة الجودة كمقاربة‬ ‫ ‬
‫لتحسين الخدمة العمومية اإلدارية و أهم مقاربة لتحسين العالقة إدارة مواطن‪ ،‬لكن هذا النص لم يطبق واقعيا ليبقى حبر على ورق و‬
‫يعود ذلك لعدة أسباب و لعل أهمها الفترة التي عقبت صدوره ( فترة التسعينات)‪ ،‬و غياب إرادة حقيقة في التحسين في تلك الفترة‪.‬‬
‫لكن هذا ال ينقص من قيمة النص النوعية التي و إنه لخير دليل هو تلك اإلجراءات املتخدة أخيرا بعد إستحداث الوزارة املكلفة‬ ‫ ‬
‫بإصالح الخدمة العمومية ‪ ،‬و التي في مضمونها هي تكريس ملا جاء به هذا املرسوم‪.‬‬
‫و في هذا الخصوص نجد املرسوم التنفيذي ‪ 13-381‬الذي يحدد صالحيات الوزير لدى الوزير األول املكلف بإصالح الخدمة‬ ‫ ‬
‫العمومية من خالل مادته الثانية أحيى املرسوم السابق الذكر‪ ،‬خاصة من خالل مادته الثانية التي عددت مهام الوزيرو التي تكاد تتطابق‬
‫مع ما جاء في مرسوم ‪ ،1988‬مع التركيز على تحسين الخدمة العمومية في عدة مستويات و جوانب سواء تعلق األمر بالخدمة أو حتى املورد‬
‫البشري املكلف بتقديم الخدمة ‪ ،.......‬لكن ما يهمنا في هذا اإلطار هو كذلك تكريسه املباشر للجودة في الخدمة العمومية‪ ،‬من خالل دائما‬
‫املادة ‪ « 2‬يتولى الوزير‪ - ......‬ترقية األعمال املوجهة لتحسين نوعية الخدمة العمومية‪».......‬‬
‫من هنا فاإلدارة العمومية املكلفة بتقديم خدمات إدارية هي كذلك مدعوة ملقاربة الجودة و النوعية في أعمالها و هو مهم لضمان‬ ‫ ‬
‫اإلستمرارية و تحسين صورة الدولة لدى املواطن‪.‬‬

‫‪ 3-2‬تكريس الجودة في خدمات اإلتصاالت السلكية و الالسلكية ‪:‬‬


‫نص على هذا املبدأ و بأكثرتفصيل املرسوم التنفيذي ‪ 1405/174‬من خالل دفترالشروط في مادته ‪ « 15/2‬يلتزم صاحب الرخصة‬
‫برصد كل الوسائل لتوفير خدمات بنوعيات تكون مستوياتها مطابقة للمقاييس الدولية‪ ،‬و يلتزم كذلك باإلحترام الدقيق ملعايير النوعية‬
‫الدنيا املحددة من خالل امللحق»‪ ،‬و هذا تكريس ألهمية هذا املبدأ خاصة في مجال اإلتصاالت‪ ،‬ليخصص املرسوم ملحق كامل معنون بـ «‬
‫نوعية الخدمة» و ضع معاييردقيقة متعلقة بالحد األدنى لنوعية الخدمات املقدمة سواء من حيث النفاذ و السرعة و النوعية الصوت‪....‬‬
‫إلخ‪.‬‬

‫‪ -3-3‬تكريس الجودة في خدمات النقل البري‪.‬‬


‫وقد كرس املشرع الجزائري مبدأ النوعية والجودة من خالل املرسوم التنفيذي رقم‪ 03/435 :‬من خالل املادة ‪ 03‬من دفتر‬
‫الشروط امللحق حيث نصت ‪ « :‬يجب أن تساهم الخدمات املنتظمة في النقل التي تستغلها املؤسسة في توفير حاجيات التنقل في أحسن‬
‫الظروف من حيث التكلفة وجودة الخدمة واألمن للجماعة واملستعملين « ‪،‬كما نصت كذلك املادة ‪ «: 09‬يمكن للدولة في أي وقت وبواسطة‬
‫املصالح واألعوان املؤهلين قانونا أن تفتش وتراقب حالة وسائل النقل واملنشآت وجودة الخدمات املقدمة للمستعملين»‪ ،‬و املادة ‪10‬‬
‫« يتعين على املؤسسة ان تجدد ‪.......‬وتضمن جودة الخدمات املقدمة‪».‬‬

‫‪15‬‬
‫أما تطبيقات املبدأ فهي تغلب في املرافق العامة االستثمارية أكثرمما هي عليه الحالة في املرافق العامة اإلدارية‪.‬‬

‫‪ -4‬تقييم جودة الخدمة العمومية و إشكاالت تطبيقها على املرافق العامة‪.‬‬

‫وإذا حاولنا دراسة وتقييم جودة الخدمات العمومية نجد أن املرافق العامة الصناعية والتجارية هي محور هذا املبدأ ففي أغلب‬
‫األحيان تنص على النوعية القوانين أو عقود اإلمتياز‪ ،‬أما املرافق اإلدارية فتطبيق املبدأ محدود جدا‪.‬‬

‫لكن النص على هذا املبدأ في النصوص املتعلقة باإلدارات العمومية و التحسين النوعي لخدماتها لهو خير دليل على وجود نية في‬
‫اإلصالح و اإلنتقال من التقديم الكمي للخدمات العمومية إلى التقديم النوعي املتميزبالجودة‪.‬‬
‫و لعل أهم إشكال يطرح هنا و في الجزائر من خالل التجارب السابقة في هذا املجال هو ظرفية التعامل مع هذا التحسين‪ ،‬و عدم‬
‫تطبيقه الفعلي ألن النوعية كمصطلح في املنظومة القانونية ليس بالجديد لكنه إنحصر خاصة في املرافق العامة املسيرة عن طريق عقود‬
‫إمتياز خاصة اإلقتصادية التي تخضع لدفاترشروط في أغلب األحيان تقرنوعية خدمات معينة كما هو الحال في مجال اإلتصاالت‪.‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪138‬‬
‫العدد الرابع‬ ‫جــودة الخـدمــة العـمـومـية‬
‫ديسمبر‪2016‬‬

‫و رغم انتقاد بعض الباحثين لعدم تبني الجودة و التحسين و اإلصالح ككل من خالل غياب اإلرادة السياسية الفعلية‪ ،‬و رغم‬
‫الحاجة اليوم لتبني هذه املقاربة‪ ،‬و الفترة التي نعيشها في الجزائر‪ ،‬نلمس في هذه السنة بالذات وجود اإلرادة لتحسين نوعية الخدمات‬
‫العمومية و مقاربة الجودة بعد إستحداث هذه الوزارة الجديدة‪ ،‬و رغم العمل بمجرد تعليمات حتى قبل صدور تنظيم الوزارة و مهامها إال‬
‫أن املواطن ملس التحسين و التحول في نوعية و كيفيات تقديم الخدمة العمومية خاصة ما تعلق بالحالة املدنية و تبسيط اإلجراءات و‬
‫آجال دراسة امللفات و كيفيات التحول في طرق إستقبال املواطن في املرافق العامة و حتى أن بعض اإلدارات و ضعت أعوان مساعدين على‬
‫مستواها يسمعون مشاكل املواطن و يمدون له يد العون كسونلغازمثال‪.‬‬

‫لكن طرح فكرة الجودة في النصوص القانونية ال يكفي وحده بل يجب تفعيل بعض اآلليات املكملة التي تسمح بالرقابة و التقييم‪،‬‬
‫ألن الواقع أثبت أن النص اليكفي بل يجب إعمال رقابة دورية و دقيقة حول النوعية و الجودة من خالل هياكل متخصصة‪ ،‬فالبنسبة‬
‫للقطاعات املسيرة في إطار عقود اإلمتياو و القطاعات املؤطرة بسلطات ضبط في املجال لم تعد تطرح إشكال املراقب للنوعية من منطلق‬
‫أن سلطات الضبط مكلفة بضبط املجال و الرقابة و التقييم و التحيين الدوري ملقاييس النوعية حسب التطورات التي يعرفها املجال‪.‬‬
‫فاملشكل يطرح خاصة في اإلدارات العمومية و في املجاالت اإلقتصادية غيراملنظمة بسلطات ضبط‪.‬‬
‫إن التقييم و الرقاية الدورية هي السبيل الوحيد إلنجاح مقاربة الجودة‪ ،‬فالتقييم هو عملية قياس جودة األداء في كل األنشطة‬
‫‪16‬‬
‫بهدف التحسين املستمرلألداء املستقبلي‪.‬‬
‫و لهذا نجد املرسوم املحدد لصالحيات الوزير املكلف بإصالح الخدمة العمومية على هذه النقطة من خالل املادة ‪ 2‬التي تنص‬
‫على مهام الوزير « ‪...‬‬
‫‪ -‬دراسة و تقييم تنظيم الخدمة العمومية‪،.....‬‬
‫‪ -‬وضع آليات مالئمة للمتابعة و التقييم الدوري للخدمات املرفق العام‪»........‬‬
‫و من خالل املرسوم التنفيذي ‪ 13-382‬الذي يحدد تنظيم اإلدارة املركزية للوزير لدى الوزير األول املكلف بإصالح الخدمة‬
‫العمومية‪ ،‬نجده إستحدث هيكل داخلي في اإلدارة املركزية « املفتشية العامة» و الي تكلف حسب املادة ‪ 02‬من املرسوم « تكلف بمهمة‬
‫إعالم و تقييم و سير مصالح الدولة و الجماعات املحلية و املؤسسات و الهيئات العمومية التابعة لها و الخدمات العمومية و اإلجراءات‬
‫‪17‬‬
‫اإلدارية و كذا ترشيد الوسائل املوضوعة تحت تصرفها و تقترح كل تدبيريهدف لضمان التحسين في هذه املجاالت»‪.‬‬
‫فهذا التقييم يتضمن « قياس الجودة» في الخدمة العمومية كآلية للتحسين‪ ،‬أما عن كيفيات تدخلها فهي ‪:‬‬

‫ ‪-‬الرقابة املبرمجة‪ :‬و تكون وفق البرنامج السنوي املعد مسبقا‪.‬‬


‫ ‪-‬الرقابة الفجائية‪ ،‬و الرقابة في قضايا خاصة بطلب من الوزير‪.18‬‬

‫املؤسسات الخاصة ‪ ،‬لكنه يزداد حدة إذا تعلق األمر بالخدمات‬


‫طرح أشكال قياس الجودة ال يطرح فقط في الخدمات العمومية حتى في ِ‬
‫العمومية‪ ،‬و خاصة الخدمات اإلدارية‪.‬‬
‫كما أعلن الوزيرلدى الوزيراألول مكلف بإصالح الخدمة العمومية محمد الغازي في أكثرمن مناسبة عن استحداث‬
‫قريب ملرصد للخدمة العمومية‪ ،‬حيث يجري على مستوى الوزارة املكلفة بإصالح الخدمة العمومية « إعداد نص تنظيمي‬
‫إلنشاء هذه املؤسسة بمساهمة املجتمع املدني و الحركة الجمعوية و الهيئات العمومية و شبه عمومية‪.» ‬‬
‫وأوضح الغازي في هذا السياق أن هذه الهيئة «ستفكرفي كيفية تحسين الخدمة العمومية و مستقبلها في الجزائرمن خالل تقييم‬
‫أثراإلجراءات املتخذة لحد اآلن و إحصاء النقائص بغرض تصحيحها‪ ،‬كما وضح الوزير أن األمريتعلق بجهازاستشاري يعد إطارا تشاوريا‬
‫للتحليل والتقييم واالقتراح في مجال تنظيم وسيرالخدمة العمومية‪ ،‬على أن يضم املرصد كافة شركاء الخدمة العمومية السيما اإلدارات‬
‫ومستعملي الخدمة العمومية واملجتمع املدني والخبراء والشخصيات التي تتوفرعلى كفاءة في مجال الخدمة العمومية‪ ،‬و حسب تصريحات‬
‫الوزيرفاملرصد سيكلف بالتقييم و اإلقتراح لتحسين نوعية الخدمة العمومية‪.‬‬
‫ و حتى املجتمع املدني و الجمعيات لها دور في تحسين الجودة من خالل تدخلها في الرقابة سواء من خالل إدخال املواطن كمتعامل‬
‫في رسم اإلحتياجات و تحديد سبل تحسين جودة الخدمات من خالل آلية مشاركة املواطن سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق الجمعيات‪.‬‬

‫‪139‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫جــودة الخـدمــة العـمـومـية‬ ‫العدد الرابع‬
‫ديسمبر‪2016‬‬

‫و في نفس الوقت تعرف الجودة كمقاربة في الخدمات العمومية عدة معوقات خاصة في بعض املرافق ‪:‬‬
‫•عدم وجود منافسة في بعض الخدمات العمومية‪ ،‬فاإلحتكارية تفرض الرضا بالخدمة املوجودة‪.‬‬ ‫ ‬
‫•غياب معاييردقيقة و تقنية لقياس الجودة أو حتى وضع نوعيات محددة قانونا‪.‬‬ ‫ ‬
‫•تأثيرالقرارات السياسية على بعض الخدمات العمومية‪.‬‬ ‫ ‬
‫•عدم تأهيل بعض املوظفين لتقديم خدة عمومية جيدة ‪ ،‬و غياب التحفيز‪.‬‬ ‫ ‬
‫• عدم وضع برامج و مخططات للجودة الخدمات العمومية حسب طبيعة كل خدمة عمومية‪.‬‬ ‫ ‬
‫•غياب ثقافة الجودة لدى املواطن و املوظف العون املقدم للخدمة‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ -‬خاتمة‬
‫الجودة كمفهوم إقصادي دخل تدريجيا حقل املرافق العامة رغم صعوبة تقييمها خاصة في الخدمات العمومية اإلدارية‪ ،‬لكن‬ ‫ ‬
‫يمكن القول أن الجودة هي النتيجة التي تظهر عليها الخدمات العمومية في صورتها النهائية و رضا املرتفقين هو املقياس األهم‪ ،‬رغم مرونة‬
‫هذا املعيار‪ .‬لكن للوصول لهده الصورة النهائية يجب أن تتظافرمجموعة من املعطيات واملرتكزات منها تطويراملورد البشري وترقية ثقافة‬
‫الخدمة العمومية و تحويلها من الكم للنوع‪ ،‬و ترقية اإلتصال ‪ ،.....‬ألن الجودة أذا كانت تقاس في املرافق التجارية و الصناعية بمواصفات‬
‫تقنية دقيقة فإن هذه املواصفات والتحسينات ترتقي أكثرفي حالة وجود منافسة ألن أصل ظهور الجودة هومواكبة املنافسة وما تقتضيه‪.‬‬
‫و الوصول للجودة يكون من خالل إعادة تأهيل العنصرالبشري و إستخدام التكنولوجيا الحديثة و املوازنة بين النوعيات و حسن‬
‫اإلختياروفق آليات السوق و متطلبات املرتفقين ‪ ،‬و يكون ذلك من خالل خاصة إستطالعات الرأي و دراسة نفسية للمرتفقين‪ ،19‬و إشراك‬
‫جميع الفاعلين في الخدمة العمومية‪ ،‬و إعادة اإلعتبار للبعد األخالقي للخدمة العمومية‪ ،‬ووضع مواثيق و نصوص قانونية للجودة تحدد‬
‫بدقة املواصفات‪ ،‬و تعبئة الألعوان املقدمين للخدمة العمومية من خالل ‪:‬‬
‫ •سماع املوظفين العامليين في الشبابيك ‪ ،‬و حسن إختيارهم و تحفيزهم‪.‬‬
‫ •إستعمال معيارالجودة كمعيارلتقييم األعوان املقدمين للخدمة‪.‬‬
‫ •تحسين مناخ العمل خاصة لألعوان املتعاملين مباشرة مع املواطن‪.‬‬

‫فالجودة كمقاربة كلية لتحسين الخدمة العمومية و كمقاربة شاملة ال تتحملها املرافق العمومية و مقدمي الخدمات العمومية‬
‫فقط ( و إن كانو يتحملون الجزء األكبر)‪ ،‬لكن حتى متلقي الخدمة ( املوطن ) يتحمل جزء من مسؤولية تحسين جودة الخدمات العمومية‬
‫من خالل أوال سلوكه و تعامله مع املرافق و إحترامه للنظم القانونية من جهة و معرفته بحقوقه و منها الحق في خدمة عمومية من جهة‬
‫و كيفية املطالبة بهذا الحق و فرض إحترامه ‪ ،‬و من هنا نستطيع القول أننا نجحنا في خلق ثقافة جودة الخدمة العمومية لها خصوصيتها‬
‫النابعة من خصوصية الخدمة العمومية‪.‬‬

‫الهوامش ‪:‬‬

‫قاموس الجودة و اإلعتماد ‪ ،‬صادرعن مركزضمان الجودة بجامعة إسكندرية ‘ سنة ‪ ،2012‬ص ‪.18 :‬‬ ‫‪ 1‬‬
‫فريد عبد الفتاح زين الدين‪ ،‬النهج العلمي لتطبيق إدارة لجودة الشاملة في املؤسسات العربية‪ ،‬دارالكتاب للنشرو التوزيع‪ ،‬مصر ‪ ،1996 ،‬ص‪.10 :‬‬ ‫‪ 2‬‬
‫قاسم نايف علوان ادارة لجودة الشاملة و متطبات اإليزو ‪ 9001‬و ‪ ،2000‬ط ‪ ، 01‬درالثقافة للنشرو التوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ،2005 ،‬ص ‪ 21‬و ‪.22‬‬ ‫‪ 3‬‬
‫خربوش العربي‪ ،‬تسييراملرافق العامة بواسطة شركات االقتصاد املختلط‪ ،‬رسالة ماسترفي القانون املعمق‪ ،‬جامعة طنجة املغرب‪ 2008 ،‬ص‪.61 :‬‬ ‫‪ 4‬‬
‫ايمن علي عمر‪ ،‬مادة جودة الخدمة العمومية‪ ،‬جامعة القاهرة‪.2013/2012 ،‬‬ ‫‪ 5‬‬
‫املادة ‪ 21‬و املادة ‪ 26‬من املرسوم ‪131-88‬‬ ‫‪ 6‬‬
‫املادة ‪ 21‬و املادة ‪ 24‬من املرسوم ‪.131-88‬‬ ‫‪ 7‬‬
‫املادة ‪ 21‬من املرسوم ‪.131/88‬‬ ‫‪ 8‬‬
‫املادة ‪ 22‬من املرسوم ‪.131/88‬‬ ‫‪ 9‬‬
‫املادة ‪ 23‬من املرسوم ‪.131/88‬‬ ‫‪ 10‬‬

‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬


‫‪140‬‬
‫العدد الرابع‬ ‫جــودة الخـدمــة العـمـومـية‬
‫ديسمبر‪2016‬‬

‫املادة ‪ 25‬من املرسوم ‪.131/88‬‬ ‫‪ 11‬‬


‫املادة ‪ 25‬من املرسوم ‪.131/88‬‬ ‫‪ 12‬‬
‫املادة ‪ 28‬من املرسوم ‪.131/88‬‬ ‫‪ 13‬‬
‫املرسوم التنفيذي ‪ ، 174/05‬املؤرخ في ‪ 9‬ماي ‪ 2005‬و املتضمن املوافقة على رخصة إقامة شبكة عمومية للمواصالت السلكية و الالسلكية و‬ ‫‪ 14‬‬
‫إستغاللها و توفيرخدمات هاتفية ثابتة دولية و ما بين املدن في الحلقة املحلية للجمهور ‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬رقم ‪.2005/34 :‬‬
‫وليد حيدرجابر‪ ،‬التفويض في إدارة و إستثماراملرافق العامة ‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪، 2009 ،‬ص ‪94‬‬ ‫‪ 15‬‬
‫قاموس الجودة‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13 :‬‬ ‫‪ 16‬‬
‫املرسوم التنفيذي ‪ ، 382-13‬ج‪.‬ر‪ .‬رقم ‪ 59‬سنة ‪.2013‬‬ ‫‪ 17‬‬
‫املادة ‪ 06‬من املرسوم التنفيذي ‪. 382-13‬‬ ‫‪ 18‬‬
‫إبراهيم كومغار‪ ،‬املرافق العامة الكبرى على نهج التحديث‪ ،‬مطبعة النجاح الحديثة‪ ،‬املغرب‪ ،2009 ،‬ص‪.281 :‬‬ ‫‪ 19‬‬

‫‪141‬‬ ‫مجلة األستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية‬

You might also like