You are on page 1of 35

‫إطار عمل منطقي للدإارة بإالبإداع‬

‫الدكتور سليم إبراهيم الحسنية‬


‫عميد المعهد العالي للتنمية الدارية‬
‫جامعة دمشق – سورية‬

‫‪1‬‬
‫المحتويات‬
‫إطار عمل منطقي للدإارة بالبداع‬

‫‪2‬‬ ‫أولل ـ عوص مصطلحات البإداع و أشكلتها‬


‫‪2‬‬ ‫آ ـ البإداع والبإتداع‪ :‬دللتان مختلفتان عربإي ا وأعجمي ا‬
‫ب ـ البإتكار في اللغة العربإية‪ :‬المبإكر في الوقت ‪5‬‬

‫‪5‬‬ ‫ثانيال ـ تأصيل المفاهيم‬


‫آ ـ البإداع في الدارة ‪5‬‬
‫ب ـ البإداع والتطوير والتغيير الداري ‪7‬‬
‫ج ـ الفرق بإين الذكاء والبإداع ‪8‬‬
‫‪9‬‬ ‫د ـ النظام البإداعي حسب وودمان‬

‫ثالثال ـ الدارة بإالبإداع‪ :‬في مواجهة التحديات ‪12‬‬


‫‪12‬‬ ‫أ ـ التغيير والنمو‬
‫‪16‬‬ ‫ب ـ انتهى عصر النظريات والدارة الخطية‬
‫‪19‬‬ ‫ج ـ من يجيب على السئلة الكبإرى؟‬

‫‪19‬‬ ‫رابإعال ـ إطار العمل المنطقي للدارة بإالبإداع‬


‫‪19‬‬ ‫آ – متطلبإات الطار المنطقي للدارة بإالبإداع‬
‫ب ـ الطار المنطقي للدارة بإالبإداع على المستوى الفردي ‪20‬‬
‫ج ـ الطار المنطقي للدارة بإالبإداع على المستوى الجماعي والتنظيمي ‪24‬‬

‫‪27‬‬ ‫الخلصة‪ :‬حاولنا أن يكون إطا ارل منطقيال وعمليال للبإداع‬


‫الملخص النكلزي‪32...........................................................................‬‬
‫قائمة المراجع‪33 .............................................................................‬‬

‫‪2‬‬
‫المقدمة‬
‫هل يمكن زراعة العقليات المبإدعة في المنظمات العربإية؟ أو هــل يمكــن النتقــال مــن حالــة طلــب اللحــاق‪،‬‬
‫أو حالــة طلــب البإقــاء‪ ،‬إلــى حالــة طلــب البإــداع فالزادهــار فــالنمو؟ كــاتب هــذه الســطور يزاعــم بإــأن ذلــك ممكــن‪،‬‬
‫وســيبإرهن علــى ذلــك عــبإر تحليل جذور هــذه المشــكلة‪ ،‬وبإيــان كيفيــة تأسيس بإنيــة تحتيــة لنظــام الدارة بإالبإــداع‬
‫بإتكلفــة شــبإه مجانيــة‪ ،‬و مــن ثــم كيــف يمكــن تشييد أعمــدة تحممــل النظــام وتحميــه مــن النهيــار‪ ،‬بإتكلفــة معقولــة‪،‬‬
‫بإاستطاعة كل الفراد والمنظمات والدول توفيرهــا مــن مواردهــا الخاصــة‪ ،‬إوالي ل يكــون نظامـا للدارة بإالبإــداع‪،‬‬
‫وأخي ارا‪ ،‬كيف يمكــن تشغيل نظــام الدارة بإالبإــداع‪ ،‬الــذي ينتظــر منــه تحقيــق الزادهــار والنمــو غيــر المحــدودين‪،‬‬
‫لنه يستند إلى طاقة النسان البإداعية غير المحدودة‪.‬‬

‫فبإقدر ما أقرت قيادات المجتمع بإالبإداع كحقيقة‪ ،‬ريكـزات عمومـ ا علـى السـماح للظـواهر الدبإيـة والعلميـة‬
‫فــي البإــداعات الظاهريــة‪ ،‬بإــدلا مــن الــتركيزا علــى تطــوير أو " زا ارعــة" أنـواع أوســع وأعمــق مــن البإــداع الدبإــي‬
‫أو وصفات للبإداع‪ ،‬بإدلا من وضــع الترتيبإــات الــتي تمطــور‬ ‫‪Techniques‬‬ ‫والفني‪ ،‬وقد ركزات على دور التقنيات‬
‫البإداع العام‪ ،‬والبإداع الخاص في المنظمات و لدى جميع العاملين فيها‪.‬‬

‫ه ــذا الط ــار المنطق ــي يق ــترح إص ــلح الميـ ـزاان بإال ــدفاع ع ــن ع ــادات العق ــل البإاعث ــة عل ــى البإ ــداع الوس ــع‬
‫والعمــق‪ ،‬ويريكــزا علــى بإعــض الســمات الموجــودة فــي المنظمــات وقاعــات الجتماعــات والــدروس الــتي تبإــدو‬
‫لتكون بإاعثة على تطوير هذه العادات من البإداعي‪ .‬إن التجـارب فـي الدارة الميدانيـة وقاعـات التـدريس الـتي‬
‫شاهدها الكاتب‪ ,‬في العقود الخيرة‪ ،‬تدعم هذه الطرح‪.‬‬

‫يقــترح المؤلــف علــى الكــاديميين والمــديرين‪ ،‬هــذا النــوع مــن القنــاع اللطيــف أو )زا ارعــة البإــداع( الــذي‬
‫سيكون له عائد ذو قيمة طويلة المدى‪ ،‬أعظم بإكثير من نوع إطلق الزاناد لـردود فعـل احتفاليـة نشـاهدها أحيانـا‬
‫بإالعين المجيردة في معظم المناسبإات "البإداعيـة"‪ ،‬آمليـن أن يتحـول البإـداع إلـى نشـاط يـومي يمارسـه كـل أفـراد‬
‫التنظيم‪.‬‬

‫إن أول بإذور القناع ما يقوله الستاذ الروسي ب‪.‬ك‪.‬أنوخين)في بإوزاان‪ (31 ،2006 ،‬في نتائج بإحوثه‬
‫عن المخ البإشري‪ ،‬التي دامت ستين عاماا‪" :،‬إن إجمالي عدد التراكيب المحتملة في العقل –إن تم تدوينها‪-‬‬
‫فسوف تقدر بإرقم واحد وعلى يمينه ‪ 10,5‬مليون كم من الصفار!‪ ....‬وأنه لم يظهر إلى الن أي كائن بإشري‬
‫يملك القدرة على توظيف كل إمكانات عقله"‪ .‬لذلك يجب أن نقبإل بإالحقيقة المطلقة التي يزايد إثبإاتها يوم ا بإعد‬
‫يوم‪ ،‬أن ل حدود لطاقات العقل البإشري ولنهاية معروفة له حتى الن‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫فإذا ما أقارررنا بإهذه الحقيقة‪ ،‬فنحن من أغنى دول العالم‪ ،‬إذا ما ضربإنا عدد الرؤوس بإمليين الصفار‪،‬‬
‫وضربإنا ذلك بإالثروات الطبإيعية التي تحت أقدامنا‪ ،‬والتاريخ الحضاري الذي وراء ظهورنا‪ ،‬ولكننا أضعنا مفتاح‬
‫العقل وزارعنا الطريق بإالشوك‪ ،‬وعزااؤنا أن العقل نفسه قادرر على العثور على المفاتيح وتعبإيد الطريق‪ ،‬والتقدم‬
‫نحو الزادهار‪.‬‬

‫مــن ععببإر التاريخ أن يشــهد القــرن الثــالث عشــر الميلدي التحــولت الكــبإرى فــي العــالم‪ ,‬الــتي نعيــش تبإعاتهــا‬
‫حــتى الن‪ ،‬ففــي أوربإــا شــهد مخــاض ميلد عصــر النهضــة والعلــم الحــديث‪ ,‬وبإــالوقت نفســه ذبإــول وهــج العلــم‬
‫والزادهــار فــي العــالم العربإــي والســلمي ودخــوله فــي عصــور النحطــاط‪ .‬ففــي عــام ‪ 1257‬تأسســت جامعــة‬
‫السـ ـربإون ف ــي بإ ــاريس‪ ،‬وم ــا ازال ــت تش ــمخ بإعراقته ــا وبإمريقه ــا الع ــالمي ح ــتى الي ــوم‪ ,‬ناهي ــك ع ــن تفريخه ــا لعشـ ـرات‬
‫الجامعات الفرنسـية‪ ،‬أمـا كمـبإردج فقـد ولـدت عـام ‪ 1284‬ومـا ازالـت تزاهـو بإقوتهـا وخريجيهـا وأبإحاثهـا ومنشـوراتها‬
‫التي تغزاو كل أصقاع العالم‪.‬‬

‫هــذا القــرن العجيــب شــهد فــي العــالم العربإــي والســلمي ضــعف الدولــة المركزايــة فــي بإغــداد‪ ,‬وقيــام حركــات‬
‫انفصالية في جناحيه المشرقي والمغربإي‪ ،‬وسقطت بإغداد على أيدي المغول‪ ،‬واشتدت الحملت الصليبإية‪ ،‬ومــن‬
‫غرائب مصادفات التاريخ أن المغول قــد أحرقـوا مكتبإـة "بإيـت الحكمــة" فــي بإغــداد عــام ‪ ،1258‬وسـقطت الخلفــة‬
‫العبإاسية عملي ا عندما قااتل هولكو أخر خلفائها المعتصم في العــام نفســه‪ ،‬وتوقــف تقــدم العــرب فــي أوربإــا علــى يــد‬
‫فيرديناند الثالث عام ‪.1236‬‬

‫العبإرة من هذه المقارنة هي أن المشكلة مــع الحضــارة الغربإيـة مـازاالت تزادهــر منـذ نحــو ثمانيــة قـرون متواصـلة‬
‫دون انقطــاع أو تـراخ‪ ،‬وأن حضــارتنا العربإيــة الحديثــة الــتي بإــدأت منــذ نحــو مئــة عــام مــع محمــد عبإــده والكواكــبإي‬
‫وقاسم أمين‪ ....،‬لم يقـو عودهـا بإعـد‪ .‬فالطموحــات الكـبإرى لــم يتحقـق منهــا شـيء يســتحق التفـاخر بإـه؛ فالسياسـة‬
‫متعثرة‪ ،‬ومخرجات التعليم ل تلبإي حاجات المجتمع‪ ،‬والمساهمات العلمية ل تستحق الذكر‪ ،‬والقتصــاد والتجــارة‬
‫يعتمد بإشكل أساسي على الموارد الطبإيعية )زاراعة‪ ،‬بإترول‪ .(....،‬ماذا نفعل حيال ذلك‪ ،‬أمامنا ثلثة خيارات‪:‬‬

‫الول‪ :‬تقليد الغرب‪ ،‬وذلك بإاستعارة المعرفة والخبإرة الغربإيتين وتقليـدهما‪ ،‬علينـا نسـير علـى مـا سـار عليـه وأن‬
‫يحدث لنا ما حدث له؟‬

‫الثاني‪ :‬الستثمار في مخزوننا من رأس المــال الفكــري‪ ،‬إيقــاظ دافعيــة النســان للتحــدي والعمــل‪ ،‬واليمــان‬
‫بإقدراته لنجازا الهداف الكبإرى من خلل التفكير بإطريقــة علميــة منهجيــة إبإداعيـة لمواجهــة مشــكلتنا‪ ،‬والبإحــث‬
‫عن حلول من صنع عقولنا وأيدينا‪ ,‬ولم ل؟‬

‫الثالث‪ :‬الجلوس والنتظار‪ ،‬عيل القدار تأتينا بإحلول‪ ،‬من غائب علمه‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫للام ل نختار الحل الثاني‪ ،‬هل هذا حلماا؟ نعم حلماا‪ ،‬لن كل المشاريع العظيمة تبإدأ بإالحلم‪ ،‬وتتحول إلى‬
‫رؤى‪ ،‬فاســتراتيجيات‪ ،‬فمخططــات‪ ،‬فبإ ارمــج تشــغيلية‪ ،‬فنتائــج عمليــة ملموســة‪ .‬لقــد راود العــرب حلــم اجتيــازا بإحــر‬
‫الظلمات‪ ،‬ولكن كولومبإس حقق الحلم‪ ،‬غزاو الفضاء كان حلماا‪ ،‬ولكن الروس والمريكان يسبإحان فيه الن‪.‬‬

‫يمكــن أن نقــول متقســم المشــكلت إلــى ثلثــة أنـواع‪ :‬روتينية مهيكلة ومــا أكــثر عــددها وتكرارهــا‪ ،‬مثــل تعطــل‬
‫جهــازا مــا‪ ,‬ووظيفيــة شبإه مهيكلة‪،‬مثــل تحقيــق كفــاءة أعلــى‪ ,‬إوابإداعية ومــا أنــدرها ومــا أقــل حــدوثها‪ ,‬مثــل إنتــاج‬
‫سلعة أو خدمة أو نظرية جديدة‪.‬‬

‫إذا كانت المشكلت التي تواجهك هي من النوع الثالث‪ ،‬وتتصف بإالضبإابإية والغموض‪ ،‬فأنت أمام مشكلت‬
‫إبإداعية‪ ،‬وهذا شيء رائع بإحد ذاته‪ .‬لكـن مثـل هــذه المشــكلت ل تحــل بإـالطرق التقليديـة الروتينيـة المعروفـة‪ ،‬ول‬
‫بإالطرق الوظيفية والتشغيلية شبإه المهيكلة‪ ،‬في هذه الحالة يصبإح أسلوب الدارة بإالبإداع أداة فعالــة للتعامــل مــع‬
‫تحديات هذه المشكلت البإداعية المرغوب فيها‪ .‬هــذه هــي الوظيفــة الخامســة للمــدير والدارة‪" :‬وظيفة البإداع"‬
‫التي نقترحها على المدير العربإي‪.‬‬

‫تتمثــل الهداف العظمى للمنظمـات اليــوم بإالكفـاءة‪ ،‬والفاعليـة‪ ،‬والزدهـار والنمـو‪ ،‬وقــد أعــد "الطـار المنطقـي‬
‫للدارة بإالبإداع" أو "الزدهار للكثر إبإداعلا‪ "...‬ليساعد على تحقيق هذه الهداف)انظر الشكل التالي(‪.‬‬

‫فالبإداية تفتح مدخلا إلى عالم مصطلحات البإداع العويصة‪ ،‬من خلل توضيح الفرق بإيــن البإداع والبإتداع‬
‫والبإتكار‪ .‬وننتقل‪ ,‬في ثانياا‪ ,‬إلى تأصــيل مفاهيم البإداع في عالم الدارة‪ ,‬ومــن ثــم نبإحــث فــي دور البإداع فــي‬
‫مواجهة التحـديات المعاصـرة‪ ,‬وأخي ـ ار نقــدم الطــار المنطقــي للدارة بإالبإـداع‪ ,‬ونســتخلص الــدروس المســتفادة‪.‬‬
‫طموحنا أكثر من الكفاءة والفعالية‪ ،‬طموحنا الزدهار والنمو‪ ،‬فالدارة بإالبإداع تقــدم لنــا الدوات والوســائل الــتي‬
‫مــن خللهــا يمكــن لمنظماتنــا تحقيــق الزادهــار والنمــو‪ ،‬فتشــغيل الســلوك البإــداعي فــي كــل مفاصــل المنظمــة‪،‬‬
‫إوادارته وتنميته بإاستخدام التقنيات المتوائمة مع البإداع‪ ،‬يضمن تحقيق النتاج البإداعي الذي سيكون من أبإــرزا‬
‫نتائجه الزدهار والنمو‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫؟‬

‫النمو‬
‫تشغيل نظام الدارة بالبداع‬

‫الفعالية‬
‫بناء نظام الدارة بالبداع‬

‫الكفاءة‬
‫تأسيس البنية التحتية للدارة بالبداع‬

‫التحضير والستعداد‬
‫وضع إطار العمل المنطقي للدارة بالبداع‬

‫في الختام‬

‫لبإد من الشارة إلـى أن هـذا الطـار مـن تصـميم المؤلـف‪ ،‬وأخـص بإالشـكر فريـق قسـم البإحـوث فـي المنظمـة‬
‫العربإيــة للتنميــة الداريــة علــى تبإنيــه الفكـرة لصــدارها فــي كتــاب‪ ,‬وتظــل المســؤولية الولــى والنهائيــة علــى عــاتق‬
‫المؤلف‪.‬‬

‫نأمل أن يساهم هذا العمـل فـي فتـح آفـاق جديـدة نحـو بإنـاء نمـوذج عربإـي للدارة بإالبإـداع‪ ،‬كـم يرحـب المؤلـف‬
‫بإأي تعليقات‪ ،‬ونسأل ال التوفيق‪.‬‬

‫سليم إبإراهيم الحسنيية‬


‫‪shassanieh@yahoo.com‬‬

‫أول ل ـ عوص مصطلحات البإداع و أشكلتها‬


‫‪6‬‬
‫آ ـ البإداع والبإتداع‪ :‬دإللتان مختلفتان عربإيا ا وأعجميا ل‬
‫عــوص مصــطلحات البإــداع و اشــكالياتها قضــية واقعيــة قديمــة متجــددة فــي كــل اللغــات‬
‫الحية الـتي تنمـو وتتطـور‪ ،‬ولكنهـا لـم تلـق الهتمـام اللزام للتصـدي لهـا‪ ،‬علـى الرغـم مـن كـثرة‬
‫خريج ــي الدب العربإ ــي‪ ،‬وتع ــدد الجه ــات ال ــتي ترع ــى اللغ ــة والمص ــطلح مث ــل مج ــامع اللغ ــة‬
‫العربإية المنتشرة في الوطن العربإي‪.‬‬

‫المشكلة ل تقتصر على مجال الدارة بإل تضرب في كل حقول المعرفة‪ ،‬ففــي سلســلة مــن‬
‫المقــالت كتبإتهــا عــن عــوص المصــطلحات فــي مجــال نظــم المعلومــات )مجلــة المعلوماتيــة‬
‫العــداد ‪ 3‬و ‪ 4‬و ‪ 5‬و ‪ 6‬عــام ‪ (2006‬وجــدت أن هنــاك ثمــاني عشـرة تســمية بإاللغــة العربإيــة‬
‫للجهازا العجيب الحاسوب‪.‬‬

‫أم ــا ف ــي مجــال " البإــداع" فل أكــون مغاليـ ـ ا إذا قل ــت إن لكــل معج ــم مصــطلحه الخ ــاص‬
‫عل ى الرغ ــم م ــن وض ــوح تعريفهم ــا ف ــي المع ــاجم‬ ‫‪Creativity‬‬ ‫و‬ ‫‪Innovation‬‬ ‫كترجم ــة لكلم ــتي‬
‫والمصادر النكليزاية وحتى الفرنسية‪ .‬فنجد في المعاجم العربإية الرصينة علـى سـبإيل المثـال ـ‬
‫وهذا النقــد ل يقلـل مــن قيمتهـا وخـدماتها الجليلـة‪ ،‬ولكنــه ينبإـه إلــى نقطــة ضـعف خطيـرة تتعلــق‬
‫ل م تـ ــرد فـ ــي "مـ ــورد" البإعلبإكـ ــي )ط‪.‬‬ ‫‪Creativity‬‬ ‫بإتغذيـ ــة العقـ ــل بإالمعلومـ ــات ــ ـ نجـ ــد أن كلمـ ــة‬
‫)ابإتداع وابإتكار وتجديد(‪ ،‬أما مكتب تنسيق التعريب فــي‬ ‫‪Innovation‬‬ ‫‪ ،(2001‬وترجمة كلمة‬
‫م رة تجديـد )فــي حقــل الفلسـفة( ومـرة ابإتكــار )فـي‬ ‫‪Innovation‬‬ ‫المغــرب فيـترجم الكلمـة نفســها‬
‫)المعج م الموح ـ ــد لمص ـ ــطلحات العل ـ ــوم النس ـ ــانية‪،‬‬ ‫‪Creativity‬‬ ‫حق ـ ــل الجتم ـ ــاع(‪ ،‬وغي ـ ــاب‬
‫بإالبإ داع‬ ‫‪Creation‬‬ ‫بإالبإتك ار و‬ ‫‪Creativity‬‬ ‫‪ .(1997‬ومجم ع اللغــة العربإيــة بإالقــاهرة يــترجم‬
‫ترجمه ا بإـ ـ " بإدعــة" وهــو عمــل محــرم شــرع ا و بإـ ـ ابإتــداع دون شــرح‬ ‫‪Innovation‬‬ ‫والخلــق‪ ،‬و‬
‫للخيرة‪.‬‬

‫أما الصحاف صاحب " معجم إدارة الموارد البإشرية" )‪ (1997‬الصادر عن أعــرق وأكــبإر‬
‫استمرارية‬
‫بإـ‬ ‫‪Creativity‬‬ ‫دار متخصصـ ــة فـ ــي الصـ ــناعة المعجميـ ــة‪ ،‬مكتبإـ ــة لبإنـ ــان ناشـ ــرون‪ ،‬فيـ ــترجم‬ ‫حياة‬
‫الفأرادإ‬
‫بإـ )البإتداع والتجديد(‪ .‬أما الشـامل‪ :‬قـاموس مصـطلحات‬ ‫و ‪Innovation‬‬ ‫)بإالبإتكار والبإداع(‬ ‫والمنظما‬
‫ت‬
‫و ‪Creativity‬‬ ‫بإـ )تجديــد‪ ،‬ابإتكــار‪ ،‬إبإــداع(‬ ‫‪Innovation‬‬ ‫العلــوم الجتماعيــة )‪ (1999‬فيــترجم‬ ‫والشعوب‬
‫مرتبط‬
‫بإـ )إبإداع‪ ،‬ابإتكار(‪ ،‬وكفى ال المؤمنين شر الختيار‪.‬‬ ‫و ‪Creativeness‬‬ ‫بإالطاقة البإداعية‪،‬‬ ‫باستمراري‬
‫ة إبداعها‬
‫أكتفي بإهذا القـدر مـن عـرض لعـوص المصـطلحات و أشـكلتها‪ ،‬كـان الـ فـي عون القـارئ المتمعـن‪ ،‬وانتقـل‬
‫)‪Oxford, 2006- Bretannica,2007- McLeod‬‬ ‫إلى التمييزا الممييسر بإين المفهومين‪ ،‬من المصادر النكليزاية أولا‬
‫‪.(& Thomson, 2002: 5, 13‬‬

‫‪7‬‬
‫تعني تأليف أفكار غيـر مترابإطـة مـن العناصـر والمعلومـات لعمـل شـيء جديـد‪ .‬ونعتمـد ترجمـة‬ ‫‪Creativity‬‬

‫لها بإالبإداع‪ ،‬فالتأليف هو جوهر البإداع‪ ،‬والبإداع هو توليد الفكار‪.‬‬

‫تعني عمليات تحويل الفكار الجديدة إلى حقيقة عملية‪ ،‬أي التطبإيق العملي للبإــداع ونعتمــد‬ ‫‪Innovation‬‬

‫ترجمــة لهــا بإالبإتداع)أو بإالبإتكــار كمــا هــو شــائع خطـأا(‪ ،‬فالفكــار قــد ل تكــون جديــد ولكــن إدخالهــا فــي الحيـاة‬
‫العمليية هو البإتداع الجديد‪.‬‬

‫هذا مـا يتسـق مـع مـا ذهـب إليـه التهـاانوي ومحقـق مصـنفه الشـهير بإ ـ " موسـوعة كشـاف مصـطلحات الفنـون‬
‫بإالبإداع‪ ":‬في اللغة إحداث شيء على غير مثــال مســبإق‪،‬‬ ‫‪Creativity‬‬ ‫والعلوم" )‪ ،(1996‬حيث ترجمت كلمة‬
‫وفي اصطلح الحكماء إيجاد شيء غير مسبإوق بإالعدم‪ ...‬وأن البإداع أعلى رتبإــة مــن التكــوين والحــداث‪"...‬‬
‫)انظر إطار رقم ‪.(1‬‬

‫ف ترجمت بإالبإتــداع‪" :‬وهــي لغــة مــن ابإتــدع المــر )أو الشــيء( إذا أحــدثه" وأوجــده‪.‬‬ ‫‪Innovation‬‬ ‫أمـا كلمـة‬
‫بإـ )بإدعـة( وهـذا محـرم إذا كــان مخالفـ ا لمــا جــاء‬ ‫‪Innovation‬‬ ‫وكذلك فعل مجمع اللغة العربإيــة فـي القــاهرة فــترجم‬
‫فـي الكتــاب والســنة‪ ،‬وفــي غيــر ذلـك مبإـاح‪ ،‬وترجمهــا أيضـ ا بإ ـ )ابإتــداع(‪ ،‬دون شـرح كمـا ألمحنـا سـابإق ا وأعتقــد أن‬
‫المقصود هو المر الجديد المستحدث في غير الدين‪ ،‬وهذا ما اعتمدناه في هذا الطار‪.‬‬

‫نلحظ أن دللت التهاانوي تتسق تمام ا مع الدللت الـتي وردت فـي المصـادر النكليزايـة‪ ،‬علـى الرغـم مـن‬
‫أنه ــا تس ــبإقها بإنح ــو أل ــف ع ــام عص ــر ابإ ــن س ــينا )‪1037-980‬م(‪ ،‬ل ــذلك نعتم ــد مص ــطلح البإت ــداع‪ ،‬كمقابإ ــل‬
‫ولكن خــارج الســياق الشــرعي والــديني الــذي اتلبإــس دللــة هــذه "الكلمــة"‪ ،‬وتحـيد مــن اســتخداماتها فــي‬ ‫‪Innovation‬‬

‫الحياة العامة والعمران وفي العمل والعلوم والصناعة والتجارة‪...‬‬

‫ونخل ــص إل ــى التميي ــزا بإدق ــة متناهي ــة بإي ــن البإ ــداع والبإت ــداع‪ ،‬فالبإــداع يتعل ــق بإت ــأليف الفك ــار وتولي ــدها‪،‬‬
‫والبإتداع)البإتكــار( يتعلــق بإتطــبإيق هــذه الفكــار وتحويلهــا إلــى واقــع عملــي ملمــوس‪ .‬معظــم الدبإيــات الغربإيــة‬
‫لن ه عملــي وميــداني‪ ،‬وتقــل فــي‬ ‫‪Innovation‬‬ ‫تقــوم علــى هــذا التمييــزا‪ ،‬لــذلك تكــثر البإحــوث فــي مجــال البإتــداع‬
‫لنه نظري وبإحثي أكاديمي كما يقول وودمان )‪.(Woodman, 1993‬‬ ‫‪Creativity‬‬ ‫مجال البإداع‬

‫للتوسع في هذا الموضوع‪ ،‬انظر محمد عمارة‪ ،‬البإداع الفكري والخصوصية الحضارية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الرشاد‪.1998 ،‬‬ ‫‪‬‬

‫‪8‬‬
‫إطار رقم )‪ (1‬ـ البإداع عند الشيخ الرئيس‬

‫"‪ ،‬فــي اللغــة إحــداث شــيءء علــى غيــر مثــاءل مســبإق‪ .‬وفــي اصــطلح الحكمــاء إيجــاد‬ ‫" البإــداع‪:‬‬ ‫‪Creativity‬‬

‫شــيءء غيــر مســبإوق بإالعــدم‪ ،‬كــذا ذكــر شــارح الشــارات فــي صــدر النمــط الخــامس‪ .‬قــال الشــيخ ابإــن ســينا فــي‬
‫الشارات ‪ 1‬البإداع هو أن يكون من الشيء وجورد لغيره متعلق بإه فقط دون متوســط مــن مــادة أو آلــة أو زامــان‪،‬‬
‫وما يتقدمه عدم زامان ا لم يستغن عن متوسـط‪ .‬وقـال شـارحه‪ :‬هـذا تنـبإيه علـى أن كـل مسـبإوق بإعـدم فهـو مسـبإوق‬
‫بإزامان ومادة‪ ،‬والغرض منه عكس نقيضه‪ ،‬وهو أن كل ما لم يكـن مســبإوق ا بإمــادة وزامــان فلــم يكـن مســبإوق ا بإعــدم‪.‬‬
‫وتبإين من إضافة تفسير البإداع إليه أن البإداع هــو أن يكــون مــن الشــيء وجــورد لغيـره مــن غيــر أن يســبإقه عــدرم‬
‫ســبإقا زاماني ـاا‪ .‬وعنــد هــذا يظهــر أن الصــنع والبإــداع يتقــابإلن علــى مــا اســتعملهما الشــيخ فــي صــدر هــذا النمــط‬
‫الخامس‪.‬‬
‫ثم البإداع أعلى رتبإةا من التكوين والحداث‪ ،‬فإن التكوين هو أن يكون من الشــيء وجــورد مــادي‪ ،‬والحــداث‬
‫أن يكون من الشيء وجورد زاماني‪ ،‬وكل واحد منهما يقابإل البإداع من وجه‪ .‬والبإــداع أقــدم منهمــا لن المــادة ل‬
‫يمكــن أن تحصــل بإــالتكوين‪ ،‬والزامــان ل يمكــن أن يحصــل بإالحــداث لمتنــاع كونهمــا مســبإوقين بإمــادة أخــرى‬
‫وزامان آخر‪ .‬فإذا التكوين والحداث مترتبإان على البإداع‪ ،‬وهو أقرب منهما إلى العلة الولى‪ ،‬فهـو أعلـى رتبإـة‬
‫منهما‪ ،‬وليس في هذا البإيان موضع خطاب ‪ 3‬كما وهم‪ ،‬انتهى‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫وقال السيد السند في حاشــية شــرح خطبإــة الشمســية ‪ 4‬البإداع فــي الصــطلح إخـراج الشــيء مــن العــدم إلــى‬
‫الوجود بإغير مادة‪ ،‬انتهى‪ .‬أقول والمراد بإالعدم السابإق على ذلك الشيء المخـرج هـو السـابإق ســبإقا غيـر زامــاني‪،‬‬
‫فإن المجردات قديمة عندهم‪ ،‬فل يخالف هذا ما سبإق‪ ،‬وسيجيء ما يتعلق بإهذا في لفظ التكوين‪.‬‬

‫وعند البإلغاء هو أن يشتمل الكلم على عدة ضروب من البإديع‪.‬‬

‫‪ -1‬الشــارات والتنبإهــات لبإــي علــي الحســين بإــن عبإــد ال ـ بإــن علــي بإــن ســينا‪ ،‬الشــيخ الرئيــس )‪428 -‬ه ــ‪1036 /‬م( نش ـره ‪ P.J.Forget‬م ع ترجمــة إلــى‬
‫الفرنسية في ليدن سنة ‪1892‬م في ‪10 + 224‬صــفحة‪ .‬كشـف الظنــون ‪ 95 -1/94‬معجـم المطبإوعــات العربإيـة ‪) .128‬صــاحب كتــاب " القـانون"‬
‫المرجع في الطب للجامعات الوربإية حتى نهاية القرن السابإع عشر(‪.‬‬
‫‪ -2‬مرتبإة )م(‪.‬‬
‫‪ -3‬خطأ )م(‪.‬‬
‫‪ -4‬حاشــية خطبإــة القطــبإي أو حاشــية علــى شــرح القطــب ال ـرازاي علــى شمســية القزاوينــي لعلــي بإــن محمــد بإــن علــي الســيد الش ـريف الجرجــاني )‪816 -‬ه ــ‪/‬‬
‫‪1413‬م(‪ ،‬استانه ‪1289‬هـ‪ .‬معجم المطبإوعات العربإية ‪.679‬‬

‫المصدر‪ :‬التهابنوي‪ ،‬موسوعة كشاف العلوم والفنون‪.1996 ،‬‬

‫‪9‬‬
‫ب ـ البإتكار في اللغة العربإية‪ :‬المبكر في الوقت‬
‫مترجمت كلمة ‪ Innovation‬في بإعض الكتب‪ ،‬والمعاجم؛ ترجمة غير موفقة كمــا شــاهدنا ســابإقا إلــى "ابإتكــار"‪.‬‬
‫البإتكــار فــي اللغــة حســب لســان العــرب مرتبإــط بإــالزامن‪ " :‬ابإتكــر‪ :‬أدرك الخطبإة من أولها‪ ،‬وهو من البإـاكورة‪،‬‬
‫وأول كل شيء"‪ ،‬وابإتكار الشيء هو إدراك أول وقته‪ ،‬والسبإق في الوصل إليـه‪" :‬أمــا ابإتكارهــا ـ خطبإــة الجمعــة ـ‬
‫فأن يدرك أول وقتها‪ "...‬وابإتكر الفاكهة‪ :‬أكل بإاكورتها وقال سيبإويه‪" :‬ل أدلج الليل ولكن أبإتكر"‪.‬‬

‫وجــاء فــي كتــاب العيــن‪" :‬ابإتكــر‪ :‬جمــع البإك ـرة وهــي الغــداة‪ .‬والتبإكيــر والبإكــور والبإتكــار‪ :‬المضــي فــي ذلــك‬
‫الوقت‪ ،"...‬واللبإكر هو الول من الولد‪.‬‬

‫وفي القاموس المحيط‪" :‬بإكير وابإتكر وأبإكـر وبإـاكره‪ :‬أتـاه بإكـرة‪ ،‬وكـل مـن بإـادر إلـى شـيء‪ :‬فقـد أبإكـر إليه فـي‬
‫أي وقت كان"‪.‬‬

‫إذا ل وج ــه هن ــاك للتجدي ــد‪ ،‬أو التك ــوين‪ ،‬أو الح ــداث‪ ،‬أو الخل ــق وه ــي م ــن س ــمات النش ــاط البإ ــداعي‪ ،‬أي‬
‫شيء‪ ،‬إلي السبإق بإالزامن للوصول إلى شيء موجود‪ ،‬من هنا ظهر اللتبإاس بإين البإداع والبإتكار‪.‬‬

‫ثانيا ل ـ تأصيل المفاهيم‬


‫آ ـ البإداع في الدإارة‬
‫‪Organizational Creativity (Woodman et‬‬ ‫‪ 1‬ـ البإداع الداري‪ ،‬ويطلــق عليــه أحيان ـ ا البإداع التنظيمــي‬
‫ويقصد بإه خلق قيمة أو إنتاج فكرة جديدة مفيدة سـواء كـانت تتعلـق بإإنتـاج سـلعة أو خدمـة‪ ،‬أو‬ ‫)‪al, 1993, 293‬‬

‫تتعلــق بإالوســائل والجـراءات والعملييــات‪ ،‬أو تتعلــق بإالســتراتيجيات والسياســات والبإ ارمــج التنظيميــة‪ ،‬وذلــك مــن‬
‫قبإل أفراد يعملون مع ا في نظام اجتماعي معقد‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ إدارة البإداع‪ :‬البإــداع هــو العنصــر الوحيــد الخلق فــي المنظمــة‪ ،‬إوادارة البإداع هي المعمليــة الــتي ترعــى‬
‫البإـــداع وتنميـــه‪ ,‬مـ ــن خلل عمليـ ــات التفكيـ ــر والتخطيـ ــط والتنظيـ ــم والقيـ ــادة والرقابإـ ــة الواقعـ ــة علـ ــى المبإـ ــدعين‬
‫ونشاطاتهم البإداعية‪ ،‬وتوفير الموقـف البإـداعي‪ ,‬مثـل إيجـاد الليـات المسـاعد علـى البإـداع‪ ,‬واسـتثمار النواتـج‬
‫البإداعية‪ .‬فإدارة البإداع تنصب على إدارة الفكـار والمفـاهيم إوابإـداعات الفـراد الجديـدة‪ .‬ويمكـن أن تجـرى هـذه‬
‫العملية من خلل اكتشاف المبإـدعين ود ارسـة إبإـداعاتهم وتقييمهـا وتوظيفهـا فـي العمـل‪ ،‬بإهـدف إحـداث الزادهـار‬
‫المستدام‪ .‬ول ننسى أن جـوهر الدارة ووظيفتهــا الساسـية هــي توظيـف المـوارد‪ ،‬وأهـم هــذه المـوارد هــي إبإـداعات‬
‫النسان‪ ،‬في إنتاج أفكار وخدمات وسلع جديدة للمجتمع‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ المدير المبإدع‪ ،‬في الصل البإداع هو الوظيفة الولى لي إداري أو هي الوظيفة الداريـة الــتي تســبإق‬
‫جميــع العملييــات الداريــة‪ ،‬وبإخاصــة تلــك المكتشــفة مــن قبإــل المهنــدس الفرنســي فــايول)التخطيــط‪ ،‬والتنظيــم‪،‬‬
‫والقيــادة‪ ،‬والرقابإــة(‪ .‬كــذلك البإــداع هــو المظلــة الــتي تســتظل بإهــا النمــاط الداريــة الحديثــة الــتي أبإــدعها الفكــر‬

‫‪10‬‬
‫الداري خاصة تلك التي ظهرت في النصــف الثـاني مــن القـرن العشـرين مثـل )إعــادة هندســة العمــال‪ ،‬الجــودة‬
‫الشاملة‪ ،‬الدارة بإالهداف‪ ،‬الدارة على المكشوف‪ ،‬التعلم التنظيمي‪ ،‬المزاايا التنافســية‪ ،‬الدارة بإل إدارة‪ ،‬الدارة‬
‫بإالتجوال‪.(،‬‬

‫ذلــك لســبإب وحيــد جلــي هــو أن وظيفــة البإــداع‪ ,‬عنــد المــدير‪ ,‬هــي المســؤولة عــن إنجــازا جميــع الوظــائف‬
‫والنماط الدارية بإشكل مختلف وممييزا‪ .‬فعملية البإداع التي قام بإها فايول هي التي أوجدت الوظائف الدارية‬
‫التي وصـفها‪ ،‬وهـي عمليـات يمارسـها النسـان منـذ وعيـه لـذاته ومحيطـه‪ ,‬وعمليـة البإـداع الـتي قـام بإهـا دروكـر‬
‫هي التي أوجدت الدارة بإالهداف‪ ،‬وعملية البإداع التي قــام بإهـا بإـورتر هــي الــتي جــاءت بإالم ازايــا التنافســية‪...،‬‬
‫الفكر الداري المبإدع هو الذي نقل الفكر الستراتيجي من الميـدان الحربإـي إلـى الميـدان الداري‪ ،‬وكـذلك يفعـل‬
‫الن بإنقل نظم البإداع من مجالت الدب والفن والتقنية إلى مجالت النظم الدارية*‪.‬‬

‫عمليــة البإــداع هــي الوظيفــة الخامســة‪ ,‬كامتــداد لوظــائف فــايول الربإعــة‪ ,‬إوان كــانت عملي ـ ا تســبإق جميــع‬
‫الوظائف‪ .‬فالمدير المبإدع‪ ،‬هو المــدير الذي يلتزم شخصيال بإاستخدام تفكيـره وقــدراته العقليـة‪ ،‬ومـا يحيــط بإــه‬
‫من مؤثرات مختلفة‪ ،‬ويقع تحت تصرفه من موارد بإشرية ومادية ومعرفية‪ ،‬لطرح فكرة جديدة أو تقديم خدمة‬
‫جديدة أو إنتاج سلعة جديدة‪ ،‬أو استخدام أسلوب عمل جديد بإالنسبإة له أو بإالنسبإة لــبإيئته‪ ،‬علــى أن يكــون‬
‫نافعال له وللمنظمة والمجتمع الذي يعيش فيه‪.‬‬

‫نسـتنتج مـن هــذه التعـاريف أن النشـاط البإــداعي يكــون لفرعلا إبإـداعيا بإقــدر مــا يكــون جديــدا ومفيــدا وصــحيحا‬
‫وذا قيمـة‪ ،‬وأن البإـداع عمليـة تجديديــة وليسـت تك ارريـة‪ .‬فالبإداع عمليـة إحـداث وتكـوين مسـتمرة غيـر محــددة‪،‬‬
‫ول توجــد وصــفة ســهلة المنــال للوصــول إليــه‪ ،‬بإينمــا التكرارية هـي عمليــة منطقيــة إجرائيــة تخضــع لقواعــد ثابإتــة‬
‫والطريق إلى الحل واضح ومبإاشر الوصول‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ الدارة بإالبإــداع‪ ،‬تعنــي النظــر إلــى الظ ـواهر والشــياء والمشــكلت الداريــة والفنيــة بإمنظــور وعلقــات‬
‫جديدة )غير مألوفة أو فريدة من نوعها( لتفاعلت الفرد والعمل والمنظمة والمجتمــع لتحقيــق التقــدم والزادهــار‪.‬‬
‫في الدارة بإالبإداع يقوم المدير بإالتفكير والتصور والبإحث والستقصاء وحتى التخميــن والحــدس‪ ،‬وذلــك بإهــدف‬
‫فهـم الشـياء والعملييـات والربإـط بإينهـا بإمـا يـؤدي إلـى اسـتنبإاط إواحـداث أو تكـوين )إنتـاج( شـيء جديـد‪ ،‬وأصـيل‪،‬‬
‫وذي قيمة‪ ،‬للفرد والمنظمة والمجتمع‪ .‬قد يتعلــق هـذا الناتـج الجديــد بإسـلعة أو خدمـة أو أسـلوب عمـل أو أداة أو‬
‫عمليــة‪ .‬ومــن المثلــة علــى الدارة بإالبإــداع‪ ،‬إيجــاد أفكــار جديــدة فــي القيــادة‪ ،‬وابإتكــار أســاليب جديــدة فــي اتخــاذ‬
‫الق ـ اررات‪ ،‬وإعــادة تصــميم الهيكــل التنظيمــي‪ ،‬وإعــادة توزايــع المســؤوليات والســلطات‪ ،‬إيجــاد طريقــة لتخفيــض‬
‫التكاليف والمحافظة على الجودة‪ ،‬إيجاد طريقة أفضل للوصول إلى الزابإائن إوارضائهم‪.‬‬

‫المفوضية الوربإية‪ ،‬شكلت فريق )كونسورتيوم( من عدة مؤسسات علمية ومؤسسات أعمال‪ ،‬لشرح عملية البإداع وبإيان أهميتها وتسـهيلها‬ ‫*‬

‫ونقلها إلى مجال المشروعات )انظر الملحق رقم ‪.(1‬‬

‫‪11‬‬
‫فــالدارة بإالبإــداع هــي مزايــج مــن ثلثــة عناصــر أساســية‪ :‬إيجــاد رؤيــة أو فكــرة جديــدة )مســألة( متميــزة‬
‫)التفكير البإداعي(‪ ،‬إجراء بإحــث وتقصــي حلولهــا لمعرفــة فائــدتها )الحــل البإــداعي للمشــكلت(‪ ،‬اتخــاذ قــرار‬
‫تنفيــذي فيهــا وتطبإيقهــا )بإنــاء نظــام للدارة بإالبإــداع(‪ ،‬وهــو مــا يعــرف بإم ارحــل البإــداع الساســية‪ .‬و مــن ثــم‬
‫الدارة بإالبإــداع تشــمل البإــداع‪ ،‬والبإــداع الداري‪ ،‬إوادارة البإــداع نفســه مــن حيــث خصائصــه وشــروطه وكيفيــة‬
‫استثماره إوادارته‪.‬‬
‫ب ـ البإداع والتطوير والتغيير الدإاري‬
‫يــبإين ســيزالقي و والس‪ ،‬فــي كتابإهمــا القييــم "الســلوك التنظيمــي والداء" )‪:1991‬ـ ‪ (544‬أنــه ل يوجــد فــرق‬
‫جوهري بإين التطوير الداري والتغيير الداري‪ ،‬ويعالجان هذا الموضوع في فصل واحد وبإتعبإير واحد)التطوير‬
‫والتغيير(‪.‬‬

‫يمكــن تحديــد الفــرق بإيــن البإــداع الداري والتطــوير والتغييــر الداري مــن خلل المقارنــة بإيــن أهــداف كــل‬
‫منهما‪ .‬فمن الهداف الشائعة المعروفة كأهداف لعمليات التطوير والتغيير الداري ـ الرتفــاع بإمســتوى الداء‪،‬‬
‫وتحقيــق مســتوى عــال مــن الدافعيــة‪ ،‬ودرجــة عاليــة مــن التعــاون‪ ،‬وأســاليب أوضــح للتصــال‪ ،‬وخفــض معــدلت‬
‫الغياب ودوران اليدي العاملة‪ ،‬وخفض التكاليف‪ ،‬والوصول إلى الحد الدنى من النزااعات‪...‬‬

‫فنلحــظ أن التطــوير الداري يسعى غالبإ ـ ا إلى زيادة الفيعالية الداريــة عــن طريــق تحســين أدوات وأســاليب‬
‫العمــل الموجــودة مــن أجــل رفــع مســتوى الدافعيــة عنــد الفـ ـراد و مــن ثــم زايــادة النتاجيــة‪ .‬بإينمــا تركــزا الدارة‬
‫بإالبإداع على خلق الفيعالية الدارية من خلل إيجاد سلع وخدمات حديثة وابإتداع أدوات وأساليب عمل جديدة‬
‫لم تكن موجودة‪ ،‬أي ليس تطوير )تحسين( الشياء والمور القائمة‪ ،‬بإل ابإتداع أشـياء )سـلع وخــدمات( جديـدة‪،‬‬
‫وابإتداع أدوات وأسـاليب عمل جديـدة‪ ،‬وليـس ذلـك بإهـدف زايـادة الفيعاليـة )أو الكفـاءة( القائمـة فحسـب‪ ،‬بإـل لخلـق‬
‫فاعلية جديدة‪ ،‬حالة إبإداع كاملة )إنتاج جديد(‪.‬‬

‫وهكذا بإالتحليل نفسه يمكننــا أن نقـول إن الدارة بإالبإـداع تختلــف عـن كــل أنمـاط الدارة الخــرى مثــل إعـادة‬
‫الهيكلة‪ ،‬إوادارة المعرفة‪ ،‬والتعليــم التنظيمـي‪ ..،‬إوان أقـرب أنمــاط الدارة المعروفـة فـي أدبإيــات الدارة اليــوم‪ ،‬إلـى‬
‫الدارة بإالبإداع‪ ،‬هي إعادة هندسة العمال )الهندرة(‪ ،‬وهي أكثر النماط شيوعاا‪ ،‬وتظل الهندرة تستظل بإمظلة‬
‫الدارة بإالبإداع‪ ،‬لن البإداع هو الذي أوجد الهندرة وليس العكس‪.‬‬

‫إعــادة الهندســة الداريــة أو الهنــدرة هــي مــن أكــثر النمــاط الداريــة انتشــا ار فــي التســعينات‪ .‬كثقافــة يقــال إن‬
‫كتــاب هــاو وشــامبإي فــي إعــادة هندســة نظــم العمــل فــي المنظمــات كــان الكــثر مبإيع ـا ومترجــم إلــى ثلثيــن لغــة‪.‬‬
‫المبإــدأ الســاس فــي هــذا النمــط مــن الدارة هــو البإــدء مــن جديــد إواحــداث تغييـرات جذريــة وسـريعة‪ ،‬أي إن جميــع‬
‫عمليات الهندرة تحتاج إلى عمليات تجديد إوابإداع في كل شيء‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫يقـ ــول مصـ ــطفى )فـ ــي المفرجـ ــي وصـ ــالح ‪:2003‬ـ ـ ‪ (64‬إن الهنـ ــدرة تقـ ــوم علـ ــى سـ ــمتين بإشـ ـريتين‪ .‬النظـ ـرة‬
‫النتقادية والتفكير البإتكاري و هاتان السمتان هما جوهر العمليية البإداعية‪.‬‬
‫ج ـ الفرق بإين الذكاء والبإداع‬
‫عبإر‬
‫كثير من الناس يخلط بإيــن البإــداع والــذكاء‪ ،‬علــى الرغــم مــن وجــود فــروق واضــحة فــي ذلــك‪ .‬فالذكاء‪ُ ،‬ي ي‬
‫عن القدرات الذهنية والفكرية التي تساعد النسان على الفهم والتكيف والستجابإة الملئمــة‪ .‬الــذكاء يشــمل‬
‫أيضـا القـدرات الــتي تســاعد النســان علـى أداء وظيفـة مـا بإصـورة أفضــل مـن غيـره أو علــى مواجهــة المشـكلت‬
‫بإنجاح‪ .‬لذلك فإن اختبإارات الذكاء هي أسئلة تتطلب إجابإات منطقية ومحددة على عكس أسئلة البإداع‪.‬‬

‫أما البإداع‪ ،‬فهو النشاط الذي يستند إلى التفكير البإداعي الذي يتسم بإالجليدة ويتضمن توليد أو خلــق أفكــار‬
‫جديـدة أو إيجــاد علقــات لــم تكــن معروفـة‪ ،‬أي إيجـاد شــيء لــم يكــن موجـودا مـن قبإــل أو تقـديم أفكـار لـم يتطـرق‬
‫إليهــا أحــد مــن قبإــل وتســاهم فــي تطــوير الحيــاة وتحســينها‪ .‬التفكير البإداعي هـو تفكيــر إنتــاجي حــر غيــر مقيــد‪,‬‬
‫بإينما الذكاء هو تفكر استهلكي مقيد بإشروط الستقبإال‪ .‬ومن أمثلة التفكير البإداعي التفكيــر المتشــعب الــذي‬
‫ينتهــي بإعــدد غيــر قليــل مــن الحلــول للمشــكلت الــتي ليــس لهــا حــل واحــد صــحيح‪ ،‬أو يتحســس مشــكلت يعجــزا‬
‫الخــرون عــن إدراكهــا‪ ،‬وتقلقــه حــتى يجــد لهــا حلا صــحيحاا‪ ,‬بإينمــا تفكيــر الــذكاء يجهــد لدراك وفهــم الشــياء‬
‫والمور المعروضة‪ ,‬ولكن ليس بإالضرورة أن ينتهي بإحل‪ .‬اختبإارات البإداع عادة تتضمن أســئلة مفتوحــة غيــر‬
‫مقيـ ــدة الجابإـ ــة تحتـ ــاج إلـ ــى إجابإـ ــات متعـ ــددة وأحيانـ ـ ا كـ ــثيرة غامضـ ــة ويصـ ــعب البإرهـ ــان عليهـ ــا‪ ،‬مثـ ــل تـ ــداعي‬
‫المفردات‪ ،‬وقصص يطلب من المشارك أن يضع لها نهايات‪ ،‬وذكر أكبإر عدد من الســتخدامات غيــر العاديــة‬
‫للشياء‪...،‬‬

‫إن الــذكاء ضــروري للبإــداع ولكــن ليــس مــن الضــروري أن يكــون الذكيــاء مبإــدعين‪ .‬فالذكيــاء يســجلون‬
‫درجــات عاليــة فــي المــدارس‪ ،‬وعلــى مقيــاس الــذكاء يســجلون )‪ ،(1160-150‬بإينمــا المبإــدعون يســجلون عــادة‬
‫درجات أقل من الذكياء في المدارس ومتوســطة علــى مقيــاس الــذكاء )‪ .(120-110‬علــى ســبإيل المثــال يقــال‬
‫إن اينشتين لم يكن يصلح للمدرسة بإحسب رأي مدرسيه‪ ،‬وقالوا لوالده يفضل لـك أن تأخـذ ابإنـك وتعلمه صـنعة‪،‬‬
‫والرازاي لم يتعلم الطب ويبإرع فيه إل بإعد الثلثين من عمره‪ ،‬لذلك يقال إن العبإقرية أو النبإــوغ هــي قــدرات خارقــة‬
‫تظهر في أي عمر‪ ،‬فهناك من يحفظ القرآن الكريم وعمره ل يتجاوزا سبإع سنوات‪.‬‬
‫دإ ـ النظام البإداعي حسب وودإمان‬
‫م ا زاال قي ــد الت ــأطير والتأص ــيل العلم ــي‪،‬‬ ‫‪Organizational‬‬ ‫مفه ــوم البإ ــداع التنظيم ــي )الداري( ‪Creativity‬‬

‫وحفنـة قليلــة مـن علمـاء الدارة الــذين درسـوا البإـداع كمتغيــر رئيســي لفهـم نظريـة الدارة‪ .‬لــذلك يمكــن أن نعتــبإر‬
‫مقالة وودمان ورفاقه )‪" (Woodman et al, 1993‬نحو نظرية للبإداع التنظيمي" المقالة المرجعية في هذا الحقل‬
‫النـ ــامي‪ .‬يعالـ ــج وودمـ ــان موضـ ــوع البإـ ــداع التنظيمـ ــي وفـ ــق منهجيـ ــة النظـ ــم التفاعليـ ــة‪ ،‬فيعـ ــرف نظـ ــام البإـ ــداع‬

‫‪ 1‬ثلثي الناس ‪ ,‬حسب الموسوعة البريطانية ‪ , Britannica, 2006‬يقعون بين ‪ 85‬و ‪ 115‬درجة‪ ,‬ومن هم حول ‪ 130‬ومافوق يحسبوا على‬
‫الموهوبين ‪ ,‬ومن هم حول ‪ 70‬درجة وما دون يحسبوا على الموعوقين‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫التنظيمــي علــى أنــه‪" :‬تخليــق للقيمــة"‪ ،‬بإمعنــى خلــق شــيء مــا أو أمــر مــا جديــد ولكنــه فــي الن نفســه مفيــد‪ ،‬مثــل‬
‫منتــج جديــد ومفيــد‪ ،‬وخدمــة جديــدة ومفيــدة‪ ،‬وفكـ ـرة جديــدة وعمليــة‪ ،‬إجـ ـراءات جديــدة وعمليــة‪ ،‬عمليــات جديــدة‬
‫وناجحة‪ ،‬يمكن أن يكون هذا التخليق من قبإل الفرد نفســه‪ ،‬أو مـن قبإــل جماعـة مــن الفـراد‪ ،‬أو مـن قبإــل التنظيــم‬
‫ككل‪.‬‬

‫وضـح وودمــان أن د ارســة البإــداع التنظيمــي قــد تســاعد فــي فهــم الســلوك البإــداعي فــي النظمــة الجتماعيــة‬
‫المعقـدة‪ ،‬وظـاهرة التغييــر‪ ،‬وفيعاليـة المنظمــة واســتم ارريتها‪ .‬مـن أجــل فهـم أفضــل لنظـام البإــداع التنظيمـي يقسـم‬
‫دراساته إلى خمسة حقول فرعية أساسية‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ عملية البإداع‪ ،‬كيف يعمل البإداع؟‬
‫‪ 2‬ـ الناتج البإداعي‪ ،‬ما نتيجة العمل البإداعي؟‬
‫‪ 3‬ـ الشخص المبإدع‪ ،‬ما صفاته وخصائصه؟‬
‫‪ 4‬ـ الموقف البإداعي‪ ،‬ما الظروف التي يحدث فيها البإداع؟‬
‫‪ 5‬ـ ديناميات البإداع‪ ،‬تفاعل المكيونات الربإعة السابإقة مع بإعضها‪ ،‬هل هناك تناغم أم تناحر أم ماذا؟‬

‫متركزا المقالة على أهمية التفاعلت السيكولوجية )النفسية( بإيــن المكيونــات الربإعــة الساســية للنمــوذج الــذي‬
‫يقترحه وودمان ورفاقه للبإداعي التنظيمي فـي النظـم الجتماعيـة المعقـدة مثـل المنظمـات‪ ،‬ويقصـد بإهـا بإـالطبإع‬
‫النظم الغربإية)انظر الشكل رقم ‪.(1‬‬

‫‪14‬‬
‫شكل رقم )‪ (1‬ـ نموذج تفاعلي للسلوك البداعي التنظيمي‬

‫المصدر‪ ،Woodman et al, 1993 :‬بتصرف أساسي‪ ،‬السهم المتعرجة تشير إلى عمليات التفاعل والتغذية الراجعة‪ ,‬هذا النموذج سيجري استخدامه بإتعمق في البإاب الثالث من الكتاب‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ثالثا ل ـ الدإارة بإالبإداع‪ :‬في مواجهة التحديات‬
‫أ ـ التغيير والنمو‬
‫‪ ‬التغيير والنمو هما الصفتان الملزامتان للحياة‪،‬وهما مظهران من أبإرزا مظاهر النشاط النساني‪ ،‬وهما‬
‫ض ــر النس ــان وتق ــدمه‪ ،‬وهم ــا أعظ ــم تح ــديين يواجه ــان النس ــان والمنظم ــات‬
‫المعي ــاران الل ــذان يق ــاس بإهم ــا تح ي‬
‫والمجتمعات بإشكل خاص‪.‬‬

‫فــالتغيير قــد يكــون فــي الفكــر والمعتقــدات‪ ،‬وفــي الثقافــة والجتمــاع‪ ،‬وفــي السياســة والقتصــاد‪ ،‬وفــي التقــدم‬
‫العلمــي والتقانــة‪ ،‬وفــي التجــارب والمســتقبإليات‪ ،‬كــل هــذه التغيـرات الظــاهرة والضــمنية يمكــن أن تشــكل للنســان‬
‫والجماعات والمنظمات والمجتمعات فرصا وتحـديات بإـآن واحــد‪ ،‬حسـب نظـرة النسـان إليهـا‪ .‬فكلمـا نظرنــا إلـى‬
‫ه ــذه التغييـ ـرات بإتف ــاؤل وأم ــل ودافعي ــة وثق ــة بإ ــالنفس‪ ،‬وج ــدنا فيه ــا فرصـ ـ ا جاذبإ ــة ت ــدفعنا إل ــى العم ــل والجته ــاد‬
‫)بإــالمعنيين(‪ ،‬فالبإــداع‪ ،‬فالســبإق؛ وكلمــا نظرنــا إليهــا بإتشــاؤم ويــأس وخمــول وجــدنا فيهــا معوقــات وصــعوبإات‬
‫وحـ ـواجزا نابإــذة تــدفعنا إلــى الكســل والتقليــد و التبإــاع‪ .‬التحــديات الــتي تـ ـواجه البإلــدان العربإيــة‪ ،‬أصــبإحت الن‬
‫واضحة لعامة الناس‪ ،‬ول أجد هناك ضرورة لكثر من الشارة إلى عناوينها حسب الجدول التالي‪:‬‬

‫الجدول رقم)‪ (1‬ـ تحديات العصر الكبإرى‬

‫تحديات العصر الكبإرى‬

‫الحداثة وما بإعد الحداثة‬ ‫‪ 1‬الفكرية‪:‬‬

‫التراث الثقافي والغزاو الثقافي‬ ‫‪ 2‬الثقافية‪:‬‬

‫سياسة الستقطاب والتدخلت الخارجية والتشتت العربإي والقليمي‬ ‫‪ 3‬السياسية‪:‬‬

‫العولمة‪ ،‬التجارة الدولية‪ ،‬والمنافسة الحادة‪ ,‬وأخي ار الزامات‪...‬‬ ‫‪ 4‬القتصادية‪:‬‬

‫التراكم السريع للمعرفة‪ ،‬وتطويع العلم لخدمة الصناعة والتجارة‬ ‫‪ 5‬التقدم العلمي‪:‬‬

‫التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات والتصالت‬ ‫‪ 6‬التقنية‪:‬‬

‫تصميم التجارب العالمية الناجحة‪ ،‬توحيد النمط الغذائي والدوائي‪...‬‬ ‫‪ 7‬التجارب‪:‬‬


‫السواق الكبإيرة)السوبإر ماركت(‬

‫الصراع على فرص المستقبإل)الفضاء‪ ،‬النفط‪ ،‬المياه‪(...‬‬ ‫‪ 8‬المستقبإليات‪:‬‬

‫إن أفضل ما نقوله في سياق هذا الطار إن هذه التغيرات‪ ،‬التي تهب علينـا مـن كــل حـدب وصـوب‪ ،‬تمشــكل‬
‫مظه ار من مظاهر التحديات‪ ،‬ملزامة لكل عصر و أوان‪ .‬فإذا كانت لــدينا الدافعيــة والبإــداع الم ارفــق أكــبإر مــن‬
‫التحــديات حــدث النمــو والتقــدم‪ ،‬إواذا كــانت مســاوية للتحــديات حــدث التبإــاع والتقليــد والمراوحــة‪ ،‬إواذا كــانت أقــل‬

‫‪16‬‬
‫حدث التخلف النسبإي أو التراجع النسبإي )أي إننا نتطور ولكن بإوتيرة أقل مــن وتيـرة التطــور العــام للمجتمعــات‪،‬‬
‫في ضـوء ذلـك نجـد أن النمـو والتقـدم تحكمـه قوتـان متضـادتان‪ :‬وهمـا )دوافـع النمـو( و)تحـديات النمـو( )انظـر‬
‫الجدول رقم ‪.(2‬‬

‫جدول رقم )‪ -(2‬الدافعية والتحديات‬

‫تقدم ونمو‬ ‫‪‬‬ ‫التحديات‬ ‫>‬ ‫قوى الدافعية‬

‫إتبإاع وتقليد ومراوحة‬ ‫‪‬‬ ‫التحديات‬ ‫=‬ ‫قوى الدافعية‬

‫تراجع نسبإي‬ ‫‪‬‬ ‫التحديات‬ ‫<‬ ‫قوى الدافعية‬

‫الب الروحــي لنظريــات الحاجــة إلــى النجــازا عنــد‬ ‫‪MCCLELLAND‬‬ ‫منــذ بإدايــة الخمســينات يعــد ماكليلنــد‬
‫النســان‪ ،‬الــتي يعــدها عــاملا طبإيعيـا عنــد كــل النــاس‪ ،‬وتظهــر فــي كــل موقــف يتســم بإالمنافســة والتحــدي‪ .‬وفــي‬
‫بإداية الستينيات طور ماكليلند نفسـه هـذه النظرييـة بإهـدف تطبإيقهـا علـى مسـتوى المجتمعـات مبإينـ ا العلقـة بإيـن‬
‫التقدم القتصادي الفعلي للشعوب ودافعية أبإنائها إلى النجازا والتحصيل )الحسنيية‪.(1997 ،‬‬

‫في هذا السياق‪ ،‬فإن الدول النامية أحوج من غيرهـا إلـى متابإعـة وقيـاس دافعيـة أبإنائهـا نحـو العمـل والنجـازا‬
‫والتحصيل العلمي‪ ،‬وهي أحوج ما تكون إلى إثارة أبإنائها وتعليمهــم كيفيــة اســتثمار قــدراتهم وعقـولهم فــي النشــاط‬
‫التعليمي والمهني بإفاعلية أكثر‪.‬‬

‫هذا هـو الطريـق الصـحيح للتغلـب علـى العـدو الرئيســي للـدول الناميـة‪ ،‬أل وهـو " الجهـل بإالسـتثمار الرشـيد‬
‫للقدرات والعقول البإشرية"‪ ،‬وهو رأس المال الكثر حاجة للدول العربإية؛ كي تستطيع التقدم بإسـرعة لتسـد الفجـوة‬
‫بإينها وبإين الدول المتقدمة في عصر تزاداد وتعظم التحديات‪ ،‬والفجوات)راجع الكتاب القيم للدكتور نبإيــل علــي‪:‬‬
‫"الفجوة الرقمية‪. (2005"...‬‬

‫النمو على مستوى المنظمات يمكن أن يعني واحدا أو أكثر مما يأتي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫ـ زايادة في حجم المنظمة )دمج‪ ،‬توسع‪.(...،‬‬

‫ـ التوسع في الهيكل )زايادة عدد التشكيلت الدارية‪ ...‬أقسام جديدة‪.(...،‬‬

‫ـ التوســع فــي إنتــاج الســلع والخــدمات )زايــادة عــدد الســلع والخــدمات‪ ،‬وتطــوير وتحســين الســلع والخــدمات‬
‫العائمة‪ ،‬وخلق إوانتاج سلع وخدمات جديدة‪...،‬‬

‫ـ زايادة في حجم السوق والمبإيعات‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ـ زايادة في الربإاح والمعدل العام للنمو وزايادة الدخل والرفاهية‪.‬‬

‫إن النمو هـو السـمة الساسـية والمطلوبإـة لجميـع المنظمـات والـدول‪ ،‬وذلــك لن النمــو يحقــق للمنظمــات‬
‫بإشكل خاص‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ المان للمنظمة في دورة حياتها ضمن المجتمع‪ ،‬وللدولة في علقاتها مع الدول الخرى‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ القــوة اللزامــة للمنظمــة والدولــة لمواجهــة القــوى الضــاغطة‪ ،‬والخطــاء المحتملــة‪ ،‬ويســاعدها علــى مواجهــة‬
‫التحديات التي ذكرناها سابإقاا‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ السمعة الجيدة للمنظمة والدولة‪ ،‬وبإناء علقات ثقة داخلية وخارجية‪ ،‬ويحسن صورتها في نظر الخرين‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ الحصــول علــى حصــة أكــبإر مــن الســوق لتوســيع نشــاطاتها وفيعالياتهــا‪ ،‬وكــذلك يمكــن الحكومــة مــن تقــديم‬
‫خدمات أفضل للمواطنين‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ زايــادة فــي الربإــاح للمنظمــات القتصــادية‪ ،‬وزايــادة فــي قيمــة خــدمات الم ارفــق العامــة الــتي تقــدمها الدولــة‬
‫للمواطن مما يحقق فائدة أكبإر للجميع‪.‬‬

‫‪ 6‬ـ للمنظمة سيطرة على السوق من خلل قيادة السعار والجودة والخدمات‪ ..‬و من ثم توجيه السوق والتحكــم‬
‫بإه‪ ،‬وهذا ما تستطيع فعله المنظمات الحكومية من خلل وضـع المعـايير وآلية الجـودة للخـدمات والمنـافع الـتي‬
‫تقدمها للناس‪.‬‬

‫إذن النمو هو تطوير وتنمية للمنظمات‪ ،‬هو العمليية الــتي تجعــل المخرجــات أكــبإر مــن المــدخلت )الكفــاءة(‬
‫والعملييـ ــة الـ ــتي تحقـ ــق الهـ ــداف السـ ــامية للمنظمـ ــة )فاعليـ ــة( مـ ــن خلل السـ ــتخدام المثـ ــل للم ـ ـوارد المتاحـ ــة‬
‫)الدارة(‪ ،‬والنم ــو عملي ــة)إبإداعي ــة( مس ــتمرة ومتط ــورة ‪ ،‬إوان ك ــان يق ــاس دوريـ ـاا‪ ،‬فه ــو أح ــد أه ــم مق ــاييس الميـ ـزاة‬
‫التنافســية‪ .‬هــل يمكــن تحقيــق معظــم هــذه الهــداف أوكلهــا‪ ،‬بإــالدوات والوســائل الداريــة التقليديــة‪ ،‬مــن مركزايــة‬
‫شديدة‪ ،‬وسلطة قوية‪.‬‬
‫ب ـ انتهى عصر النظريات والدإارة الخطية‬
‫أظهرت الدراسات المسـحية‪ ،‬حـول نمـو الشـركات المريكيـة‪ ،‬الـتي غطـت كـل أشـكال الشـركات وعلـى مـدى‬
‫نصف قرن تقريبإاا‪ ،‬أن الشركات التي استطاعت أن تحقق نمو دائم وأعلى من المعدل لمدة عشــر ســنوات تقــدر‬
‫بإحوالي ‪ %10‬فقط )‪.(Christensen and Raynor, 2003: 7, 20‬‬

‫وأظهــرت هــذه الد ارســات أنــه ل يوجــد نظريــة‪ ،‬بإخاصــة فــي مجــال الدارة والعمــال‪ ،‬صــالحة لكــل مجتمــع‪،‬‬
‫حــتى فــي المجتمــع الواحــد‪ ،‬ولكــل عصــر‪ ،‬حــتى علــى المــدى القصــير‪ .‬فإدخــال التكنولوجيــا الحديثــة نجــح فــي‬
‫شــركات وأخفقــت فــي شــركات أخــرى‪ ،‬والســتثمارات الجديــدة نجحــت أحيانـ ـا وأخفقــت أحيانـ ـا أخــرى والتطــوير‬
‫التنظيمي والهتمام بإالموارد البإشرية حقق مكاسب في جوانب وحقق خسائر كبإيرة في جـوانب أخـرى وهكـذا فـي‬
‫إدارة الجودة الشاملة وغيرها‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫إن دراسة سـريعة للنظريـات الداريـة الـتي ظهـرت خلل المئـة عـام المنصـرمة‪ ،‬الـتي سـادت لفـترات وخفتـت‬
‫في فترات أخرى سنجد أن أكثر من ‪ %90‬منها قد حدث عليه تبإديل وتعديل‪.‬‬

‫فمبإــادئ فــايول الربإعــة عشــر لــم تعــد مبإــادئ ســائدة‪ ،‬مثــل "مبإــدأ وحــدة القيــادة"‪ ،‬و"الدارة العلميــة" لتــايلور‬
‫مانتقــدت بإســخط مــن قبإــل مدرســة العلقــات النســانية ووصــفت بإـ ـ "التايلوريــة الروتينيــة"‪ ،‬وهــرم ماســلو أصــبإح‬
‫حلزاوني ا أكثر منه هرمياا‪ ،‬والدارة بإالهداف‪ ،‬حلت محلها حلقات الجودة الشاملة اليابإانية‪...،‬‬

‫وهكــذا نتحــدث الن عــن الميـزاة التنافســية الســتراتيجية‪ ،‬وعــن النمــو المســتدام‪ ،‬والجــودة المتفوقــة‪ ،‬والمنظمــة‬
‫الرشيقة‪ ،‬والدارة التشاركية‪ ،‬والدارة الستراتيجية‪ ،‬إوارضاء الزابإون )العميل(‪...،‬‬

‫الخــط المشــترك‪ ،‬عــبإر كــل هــذه النظريــات‪ ،‬الــذي مــا زاال مســتم ار حــتى الن‪ ,‬هــو خــط البإــداع‪ .‬البإــداع هــو‬
‫العمليية الوحيـدة الـتي كـانت وستسـتمر وراء هـذه النظريـات والمبإـادئ والفكـار الداريـة‪ .‬فالتحـديات الـتي تـواجه‬
‫الفكر الداري‪ ،‬والفكر الداري العربإي بإشكل خـاص‪ ،‬المتمثيلـة بإـالتغيير والنمـو السـريعين والعميقيـن لكـل منـاحي‬
‫الحيــاة بإمــا فيهــا النشــاط الداري‪ ،‬تتطلــب أســاليب عمــل جديــدة ومتجــددة‪ .‬هــذا ل نعنــي بإــه اســتعارة النظريــات‬
‫القائمة بإـل يحتــاج إلــى ابإتــداع أفكـار ونظريـات وأســاليب عمـل جديــدة‪ .‬أن نفعـل كمــا فعــل أســلفنا فــي العصـور‬
‫العربإيـة الســلمية الذهبإيــة‪ ،‬أو كمــا فعــل بإنــاة الحضـارة الغربإيـة الحديثــة والمعاصـرة أمثــال فــايول وتــايلور ومـايو‬
‫ودروكر في الدارة‪ .‬أن نواجه تحديات الحاضر بإاستشـراف آفـاق المسـتقبإل بإمـا يحمـل فـي طيـاته مـن متغيـرات‬
‫)حبإلى( بإالمفاجأة تتطلب منا ـ وخاصة بإالمنطقـة العربإيـة ـ إعمـال الفكـر والبإـداع لبإتـداع نمـاذج جديـدة للدارة‬
‫تتناسب مع التغييرات التي تصاحب القرن الجديد‪.‬‬

‫إن القــارئ سيكتشــف فــي هــذا الطــار أن مجــال البإــداع لــم يحــظ بإشــيء مــن تلــك الد ارســات إل فــي العقــود‬
‫الخيـرة‪ ،‬فالبإــداع لــم يكــن فــي بإــؤرة اهتمــام الفكــر الداري الغربإــي إلي فــي العقــود الخيـرة‪ .‬أمــا الن فالكــل يهتــم‬
‫بإالبإداع‪ :‬البإتـداع التقنـي‪ ،‬والبإـداع العلمـي‪ ،‬والبإـداع الداري‪ ،‬والبإـداع المحاسـبإي‪ ،‬والبإـداع للمنظمـات غيـر‬
‫الحكومية‪ ...،‬العصر عصر البإداع‪...‬‬

‫إن الم ــدير مس ــتهلك شـ ـره للنظريـ ــات‪ ،‬والم ــدير العربإ ــي إوان ك ــان مقلا بإ ــذلك‪ ،‬فه ــو يس ــتخدم ف ــي ك ــثير م ــن‬
‫الحيان‪ ،‬النظريية الصحيحة في الحالة الخاطئة‪ ،‬أو يطبإق النظريية الخاطئة على حالة خاصة‪.‬‬

‫فالسؤال الجوهري‪ ،‬الذي يجب أن يطرحــه المـدير علـى نفسـه‪ ،‬والـذي يفسـر النظرييـة‪ ،‬هـو‪ ،‬مـا هـي الظـروف‬
‫الــتي ســتطبإق فيهــا النظرييــة‪ ،‬وأي مــن اســتراتيجيات وأســاليب التطــبإيق المناســبإة‪ .‬حــتى يتمكــن الداريــون مــن‬
‫تحقيـ ــق النجـ ــاح‪ ,‬يحتـ ــاجون إلـ ــى أن تكـ ــون ظـ ــروف وحـ ــدود الحالـ ــة واضـ ــحة تمام ـ ـاا‪ ,‬لن اسـ ــتخدام النظريـ ــات‬
‫والستراتيجيات الدارية يختلف بإاختلف الظروف وحدودها‪.‬‬

‫مل‪ :‬صنع ومهن‪ .‬وفي الصطلح الحديث يدل على من تعامله ويعاملك في‬ ‫‪ ‬العميل في اللغة مشتق من فعل‪ :‬ع ا م‬
‫التجارة؛ بإينما الزبإون من فعل‪ :‬ازابإن‪ ،‬والزبإون هو المشتري‪ ،‬والذي يتردإدإ في الشراء على بإائع واحد‪ .‬بإكل الحوال‬
‫سنستخدم اللفظتين دإون تمييز‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫إن الفكــر الداري الن يركــزا علــى العملييــات أكــثر مــن تركي ـزاه علــى النتائــج‪ ،‬أي مــا العملييــات الــتي تجعــل‬
‫النتائج تتحقق‪ ،‬وما العملييات التي تجعل من الدارة بإالبإداع عملية ناجحة‪.‬‬

‫قبإـل ثلثيـن ســنة كـان التكامــل العمــودي هـو مفتــاح النجـاح غيـر العــادي لشـركة أي بإـي إم‪ ،‬ولكــن فـي نهايــة‬
‫)‪Christenson and‬‬ ‫التسعينات كان عدم التكامل ـ التوريد الخارجي ـ هو الذي فسر نجاح شركتي ديــل وسيســكو‬
‫‪.(Raynor, 2003‬‬

‫كــانت النظريــات الســابإقة تعتمــد فــي تصــنيف الظ ـواهر علــى الصــفات وليــس علــى الســبإاب‪ ،‬مثــل محاولــة‬
‫عبإاس بإن فرناس الطيران‪ ،‬تقليــدا للطيـور‪ ،‬الــذي ربإــط بإيــن الجنحـة ومحاولـة الطيـران‪ ،‬دون البإحـث عـن عمليـة‬
‫الطيـ ـران نفس ــها وأس ــبإابإها‪ .‬قياسـ ـ ا عل ــى ذل ــك‪ ،‬ف ــي مج ــال الدارة‪ ،‬يج ــب ال ــذهاب أبإع ــد م ــن إيج ــاد العلق ــة بإي ــن‬
‫الظواهر‪ ،‬بإل يجب البإحث في الظروف والسبإاب الحقيقية التي تسبإب الظاهرة التي تحقق النجاح‪.‬‬
‫ج ـ من سيجيب على السئلة الكبرى؟‬
‫تبإح ــث الدارة بإالبإ ــداع ع ــن إجابإ ــة فيم ــا وراء الجنح ــة ولي ــس الربإ ــط الميك ــانيكي بإي ــن الظـ ـواهر‪ ،‬أو نس ــخ‬
‫التجارب الناجحة لبإعض الشركات‪ ،‬معتقدين أن نجاحها في شركتين أو أكثر يعني نجاحها بإالطلق‪.‬‬

‫وعندما يسأل المدير نفسه أسئلة من مثل‪:‬‬


‫ـ هل هذه النظريية قابإلة للتطبإيق في منظمتي‪ ،‬في صناعتي؟‬

‫ـ هل هذه النظريية قابإلة للتطبإيق في مجال الخدمات كما هي قابإلة للتطبإيق في مجال السلع؟ وهكذا‪.‬‬

‫يكون في تلك الحالة أمام اختبإار لفهم ظروف الموقف الذي تعيشه المنظمة‪.‬‬

‫و من ثم نحن ل نثق بإالنظريية إذا لم تشرح حالت الفعل الـذي يقود إلـى النجـاح وكيـف يختلـف مـن منظمـة‬
‫إلى أخرى‪ ،‬وما هي العملييات التي يجب أن تبإرهن على العلقــة الســبإبإية بإيــن العملييـة والنتيجــة أو مــا الظــروف‬
‫)الشروط( التي يجب أن تطبإق فيها‪.‬‬

‫من النظريية إلى التطبإيق‪ :‬الطريق الخاطئ؟‬

‫تعج الكتب الجامعية في معظم الجامعات العربإية بإالنظريات الدارية الغربإية‪ ،‬وبإخاصة المريكية*‪ .‬ميجبإر‬
‫الطلبإة على دراستها وحفظهـا إواجـراء امتحانـات فيهـا‪ ،‬ل لشـيء إل للنجـاح فـي المتحـان‪ .‬هـذا السـلوب يخلـق‬
‫بإونـ ا شاســعأا بإيـن مــا يتعلمــه طـالب الدارة مـن مبإــادئ ونظريـات إداريــة‪ ،‬مــا يشــاهده ويعيشــه فـي الواقــع العملــي‪،‬‬

‫الكــاتب علــى اطلع مقبإــول علــى كتــب الدارة فــي خمــس دول عربإيــة‪ ،‬ودرس د ارســة معمقــة الكتــب الــتي تـمـدرس فــي إحــدى كليــات القتصــاد والدارة فــي‬ ‫*‬

‫إحدى هذه الدول وتبإين له بإالدراسة الكمية والنوعية أن أكثر من ‪ %95‬من مضـامين هـذه الكتـب هـي نظريـات وأمثلـة غربإيـة ص رفة‪ ،‬مضـى علـى بإعضـها‬
‫ل‪ ،‬وأن بإعضها مترجم بإشكل ملتو ومشوش مثل نظر هيرزابإيرغ في الدافعية‪.‬‬
‫أكثر من ربإع قرن‪ ،‬ومترجمة ترجمة حرفية مضموم ا وشك ا‬

‫‪20‬‬
‫ومما يخلق لديه غربإة داخلية‪ ،‬يدفع المجتمع ثمنها من تقدمه ونموه غالبإاا‪ .‬على سبإيل المثال نظرية تــايلور فــي‬
‫الدارة العلميــة ونظريــة فــايول فــي وظــائف الدارة‪ ،‬ل ت ـزاال تأخــذ مســاحة واســعة فــي كتــب مبإــادئ الدارة‪ ،‬كمــا‬
‫وضعتا قبإل نحو ‪90‬عام ا من الن‪ .‬فعلى الرغم من سـلمة بإعـض مـن أجزاائهمـا إلي أن الكـثير مـن بإنودهمـا قـد‬
‫منقــض أو جــرى عليهــا تعــديل أو تطــوير‪ .‬ل أحــد ينســى الحملــة الشــعواء الــتي شــنت عليهمــا مــن قبإــل المــدارس‬
‫اللحقة‪.‬‬

‫الن‪ ،‬أكاديميون وتطبإيقيون‪ ،‬الكل يدعو إلى إدخال التكنولوجيا الحديثـة‪ ،‬علـى أسـاس نظريـة أن التكنولوجيـا‬
‫تســبإب النجــاح والنمــو‪ ،‬وهــذا اســتنتاج قــد ل يكــون صــحيح ا بإــالمطلق‪ .‬فقــد كتــب كريستنسـن فــي عــام ‪1997‬‬
‫كتابإ ـا‪ ‬يــبإرهن فيــه علــىمعضــلة الخت ارعــاتالــتي قــد تقــود أعظــم الشــركاتإلــى الخفــاق‪ .‬فكيــفيمكــن‬
‫الخـ ــروج مـ ــنهـ ــذه المعضـ ــلة ؟ نقـ ــول‪ :‬إذا كـ ــان تعليـ ــم المبإـ ــادئوالنظريـ ــات يـ ــوقظ فينـ ــا الحـ ــدس والحـ ــس‬
‫بإالمشكلت‪ ،‬وهذا هوأملنا‪ ،‬وهذا هوالهدفالنهائ ي من تعلم وتعليم المبإادئالنظريية‪ ،‬فــإن البإــداع هـوالــذي‬
‫يقودنا الحل الناجعة‪ ,‬وليس تطبإيقها بإشكل ميكانيكيجاهل‪.‬‬

‫السئلة التي تواجه الفكر الداري الن‪ ،‬لم تعد كما كانت في النصــف الول مــن القــرن العشـرين أســئلة حــول‬
‫الدارة التشــغيلية والروتينيــة )فــايول‪ ،‬و تــايلو‪ ،‬و ويــبإر‪ ،(...،‬أو كمــا كــانت فــي النصــف الثــاني منــه‪ ،‬أســئلة‬
‫تعبإويــة تكتيكيــة )دروكــر‪ ،‬كتلــر‪ ،‬هيرزابإيــرغ‪ ،(...،‬بإــل أصــبإحت إدارة إســتراتيجية مســتقبإلية )بإــورتر ‪ ،‬تشــامبإي‬
‫وهامر‪ ،‬كيم ومــاوبإرغن‪ ،(...،‬إدارة إبإداعيـة‪ :‬إدارة تصــنع المســتقبإل الن‪ .‬فالســئلة الكــبإرى المطروحــة الن‪،‬‬
‫هي‪:‬‬

‫لماذا تفشل منظمات وتنجح أخرى؟‬

‫لماذا تفشل المنظمات الناجحة؟‬

‫كيف يمكن إزااحة المنافسين؟‬

‫كيف يمكن تحقيق الزادهار والوصول إلى القمة؟‬

‫لماذا توجد صعوبإة بإالغة للبإقاء في القمة؟‬

‫كيف نصنع المستقبإل الن‪ ،‬الن الذي يقود إلى النجاح غداا؟‬

‫القضـية ليـس بإتعليـم الدارييـن كيـف يمكنهـم أن يبإـدعوا ويــأتوا بإأفكــار جديـدة‪ ،‬القضـية فـي د ارســة القـوى الــتي‬
‫تؤثر فيهم لتجعلهم منغمسين بإالبإداع‪ ،‬وتلك التي تبإعدهم عنه‪.‬‬

‫فالفكرة المبإدعة ل تبإزاغ من رأس الداري كاملة التشكيل‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪Clayton M.Christensen, The Innovator's Dilemma: When New technologies Cause Great Firms to Fail, Harvard Business‬‬
‫‪school Press, 1997‬‬

‫‪21‬‬
‫قصة جمع السر والبإاء والمهات والولد والطلب منهم تقــديم أفكـار لصــناعة ألعــاب جديــدة غيـر معروفـة‪،‬‬
‫أو غير متبإادلة لولدهم‪ ،‬كانت فكرة رائعة لولت ديزاني‪.‬‬

‫إن جــوهر المشــكلة فــي الدارة اليــوم ليــس نــدرة الفكــار الجديــدة لطلق مشــروعات ناجحــة‪ .‬المشــكلة فــي‬
‫تأطير العملييات التي تغلف الفكار الجديدة‪ ،‬وتحدد العملييات التي تقود إلى النتائج المأمولة‪ .‬هذا ما نحاول‬
‫تقديمه‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫رابإعا ل ـ إطار العمل المنطقي للدإارة بإالبإداع‬
‫أسلوب إطار العمــل المنطقــي ‪ Logical Framework‬ه و أداة تحليليــة إواداريــة فعالــة لنجــازا‬
‫مشروعات البإحوث والتطوير‪ ،‬فالمنطق يــدل علــى ترتيـب عناصـر)متغيـرات( البإحــث وعلقاتهـا الســبإبإية وآليـات‬
‫عمله ــا‪ ،‬أم ــا إطــار العمــل فه ــو يش ــير إل ــى اس ــتخراج الخط ــوط العام ــة الرئيس ــية للبإح ــث وتمثي ــل أفك ــاره وطريق ــة‬
‫معالجتهــا وعرضــها‪ .‬إن اســتخدام مفهــوم المنطــق وأطــر العمــل يعــود إلــى حقــب قديمــة فــي التفكيــر النســاني‬
‫)أرســطو‪ ،‬كــانت‪ (.... ،‬ولكــن الســتخدام الحــديث الميــداني لســلوب إطــار العمــل المنطقــي ينســب إلــى الوكالــة‬
‫المريكية للتنمية الدولية في نهاية الستينات )المفوضية الوربإية‪ ،‬دليل تسيير المشرع‪.(2005 ،‬‬

‫يســتخدم أســلوب إطــار العمــل المنطقــي فــي مشــروعات البإحــوث العمليــة والتطبإيقيــة والمشــروعات الميدانيــة‬
‫ليس ــاعدنا عل ــى إدراك متغيـ ـرات الموض ــوع المط ــروق وفهمه ــا وبإي ــان ت ــداخلت ت ــأثيرات علقاته ــا ف ــي بإعض ــها‬
‫البإعـض‪ ،‬وهـو تجسـيد واقعـي لنظـام البإحـث وخطـة العمـل فيـه‪ .‬كمـا هـو ملحـظ فـي الشـكل رقـم )‪ ،(3‬فـإن إطـار‬
‫ل‪ :‬الهــداف‪ ،‬والمتغيـرات‪ ،‬والمؤشـرات‬
‫العمل المنطقي )المصفوفة( يعطي ملخص ا كاملا لعناصــر البإحــث شــام ا‬
‫الموضــوعية‪ ،‬واســتراتيجيات التنفيــذ‪ ،‬موضــحنا ترتيبإاتهــا وعلقاتهــا المنطقيــة‪ ،‬ممــا يســاعد البإــاحث و الكــاتب و‬
‫المدير والقارئ على السير بإمشروعه بإطريقة واضحة وميسره‪ ,‬ويوفر له أداة فعالة للمتابإعة و التقييم‪.‬‬

‫آ – متطلبات الطار المنطقي للدإارة بإالبإداع‬


‫حــتى يتمكــن المــديرون والكــاديميون مــن الســتفادة مــن إطــار العمــل المنطقــي للدارة بإالبإــداع وأثرهــا فــي‬
‫الداء‪ ،‬لبإد لهذا الطار من الوفاء بإمطلبإين أساسيين‪:‬‬

‫الول‪ ،‬أن يكون الطار سهلل بإالقدر الذي يسمح لنا بإتنظيم المتغيـرات الرئيســية المــؤثرة فــي البإــداع إوادراك‬
‫معناها إوامكان ملحظتها‪.‬‬

‫الثاني‪ ،‬أن يكون الطار شاملل ودقيقال إلى درجة يجعله أداة تنبإؤ وقياس موثوق للسلوك البإداعي‪.‬‬

‫لكــن قبإــل عــرض إطــار العمــل المنطقــي لبإــد مــن الشــارة إلــى أن البإــداع والبإــداع الداري بإشــكل خــاص‬
‫عملية معقدة‪.‬‬

‫ذلك أن البإداع خارج المنظمة غالبإ ا ما يكون إبإداع ا عفوي ا تلقائياا‪ ،‬إوابإداع ا بإدافع ذاتي قوي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أما البإداع داخـل المنظمـة‪ ،‬بإـالطبإع يوجـد منـه جـزاء عفـوي وتلقـائي ل بإـأس بإه‪ ،‬لكنـه غيـر فيعـال‪ ،‬أمـا الجـزاء‬ ‫‪‬‬

‫العظم فسيكون موجها ومـدفوعا بإشـكل مقصـود‪ ،‬مثـل فـرق البإحـث والتطـوير الـتي ميطلـب منهـا حـل مشـكلة‬
‫مــا‪ ،‬أو تصــمم وابإتــداع أســلوب عمــل جديــد‪ ،‬أو تقــديم خدمــة جديــدة‪ ،‬أو إنتــاج ســلعة جديــدة‪ ،‬هــذا مــا نعنيــه‬
‫بإالدارة بإالبإـداع‪ ،‬أي تشـجيع الفـراد والجماعـات ودفعهـم إلـى البإـداع فـي أي مجـال مـن مجـالت العمـال‬
‫والنظم الدارية‪ ،‬وأن ل يقتصر البإداع على فرق البإحث والتطوير أو اللجان الفنية والستشارية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫التساؤل المنطقي‪ ،‬هو‪ :‬هـل التشـجيع والـدفع إلـى البإـداع ممكـن أن يـؤتي ثمـاره؟ الجـواب‪ :‬نعـم هـذا ممكـن‪،‬‬
‫وأمامنــا كــم هائــل ومــتراكم مــن التجــارب الفاشــلة والناجمــة علــى مســتويات العمــال والدارة العامــة والمنظمــات‬
‫الدوليــة‪ .‬التجــارب الناجحمــة )اليابإــان‪ ،‬الصــين‪ ،‬ماليزايــا‪ (...،‬هــي الــتي تمهــذب وتمصــقل وتمســتخدم‪ ،‬أمــا التجــارب‬
‫الفاشلة فيمكن تجنبإها أو البإتعاد عن المغامرة بإإعادة تجربإتها‪.‬‬

‫هذه هي مرحلة التعلم الدينامي التي تسبإق وتلحق عملية البإداع؛ فالبإداع ل يمكن أن يحــدث دون قــدر مــا‬
‫مــن التعلــم‪ ،‬والتعلــم نفســه ل يتقــدم إلــى المــام دون قــدر مــا مــن البإــداع‪ .‬هــذه العلقــة الجدليــة بإيــن التعلــم علــى‬
‫المستويين‪ :‬الفردي والتنظيمي‪ ،‬والبإداع أيض ا على كل المستويين ينبإغي أن يحصل على الهتمام الكبإير مــن‬
‫قبإل قيادات المنظمات المعاص رة*‪ ،‬لذلك وجب علينا أن ل نتوقف عند عملية التعلم‪ ،‬بإل يجب تتبإعها بإعملية‬
‫البإ ــداع‪ ،‬إوال سنض ــطر إل ــى الس ــتمرار ف ــي تقلي ــد تج ــارب الخري ــن الناجح ــة أو الفاش ــلة‪ ،‬ونحــن غي ــر واثقي ــن‬
‫بإنجاحها وفشلها لدينا‪ .‬استنادا إلى هذه الحقيقة علينا أن نأخذ زامام المبإادرة فو ار ونلعب دورنا في إنتاج تجاربإنــا‬
‫وخبإراتنا الذاتية الفاشلة أو الناجحة )المارات‪ ،‬بإعض المنظمات العربإية‪ ،(...،‬عنــدها يمكــن أن نقــول إننــا بإــدأنا‬
‫مرحلة الدارة بإالبإداع‪.‬‬

‫فيم ــا يتعلــق بإســهولة إطــار العمــل المنطقــي للدارة بإالبإــداع‪ ،‬ف ــإن البإح ــوث العلمي ــة ف ــي الس ــلوك الداري‬
‫)التنظيمـ ــي( )الحسـ ــنيية‪ 1999 ،‬ـ ـ سـ ــيزالقي و والس‪ ،(1991 ،‬ترشـ ــدنا إلـ ــى أن السـ ــلوك الداري‪ ،‬والسـ ــلوك‬
‫البإــداعي أحــد أشــكاله‪ ،‬يمكــن تــوجيهه إوادارتــه‪ ،‬إذا أدرك المــدير العوامــل المرئيــة وغيــر المرئيــة الــتي تــؤثر فــي‬
‫السلوك القابإل للملحظة مــن خلل نتـائجه‪ .‬بإنـااء علـى هـذه المعطيــات‪ ،‬يمكــن أن نضــع إطــار العمـل المنطقـي‬
‫للدارة بإالبإداع على مستويين‪:‬المستوى الفردي‪ ،‬والمستوى الجماعي والتنظيمي‪.‬‬

‫بإينمــا شــمولية إطــار العمــل المنطقــي للدارة بإالبإــداع لبإــد أن تشــمل كــل أف ـراد المنظمــة فالكــل مبإــدع فــي‬
‫مجــال نشــاطه وتغطــي كــل نشــاطاتها‪ ,‬ويــؤثر فــي جميــع متغيراتهــا الرئيســية والفرعيــة‪ .‬يتعيــن علــى البإــداع أن‬
‫يشمل كل مستويات عمل المنظمة؛ من المســتوى الســتراتيجي إلــى المســتوى التشــغيلي الــوظيفي‪ ،‬مثــل تحســين‬
‫عمليــات التصــنيع والتســويق‪ ,‬ومســتوى التوســع‪ ،‬مثــل التفكيــر فــي مجــالت العمــال الــتي يجــب أن تــدخل فيهــا‬
‫المنظمــة لتعظيــم أربإاحهــا علــى المــدى الطويــل‪ .‬ومســتوى قطــاع النشــاط مثــل النشــاطات المرتبإطــة بإالمنافســين‪،‬‬
‫مثل الريادة في مجــال نشــاط المنظمـة‪ ،‬والمســتوى العــالمي‪ ،‬التوســع خـارج حـدود الـوطن الم‪ .‬فــالدارة بإالبإـداع‬
‫تشمل بإرعايتها كل مناحي المنظمة ونشاطاتها الداخلية والمحلية والعالمية‬
‫ب ـ الطار المنطقي للدإارة بإالبإداع على المستوى الفردإي‬
‫إذا نظرنــا إلــى الشــكل رقــم )‪ (2‬نلحــظ أن الســلوك البإــداعي هــو نتيجــة لمتغي ـرات عديــدة )ماديــة‪ ،‬وذهنيــة‪،‬‬
‫وتنظيميــة‪ ،‬وبإيئــة‪ ،‬ووراثيــة‪ ،‬وتقنيــة(‪ .‬عــادة مــا ينظــر المــدير أو يســأل عــن أداء أو ســلوك الموظــف النهــائي‪،‬‬

‫كما نعلم فإن نظرية التعلم التنظيمي والمنظمة المتعلمة حصلت في الونة الخيرة على مساحة واسعة من البإحث والدراسة في أدبإيات الدارة‪ ،‬لــذلك لــن‬ ‫*‬

‫نخصص لها المساحة التي تستحقها في هذا الكتاب‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ويغرب عـن بإـاله ـ وبإالنـا ـ أن هـذا السـلوك يتحــدد نتيجـة تفاعـل عــدد مـن المتغيـرات‪ ،‬هــي الــتي تحــدد الختلف‬
‫بإالداء بإين الفراد؛ وأن التأثير في هذه المتغيرات هو الذي يؤدي إلى السلوك المرغوب أو غيــر المرغــوب مــن‬
‫الموظف‪.‬‬

‫يبإين لنا الشكل رقم )‪ (2‬أن السـلوك البإــداعي يتــأثر بإمجموعـتين مــن المتغيـرات‪ :‬مجموعـة العوامــل الكامنـة‬
‫في الفرد نفسه التي تتوسط مثيرات البإيئة الخارجية‪ ،‬والسلوك البإداعي الملحظ‪ ،‬وفق التسلسل التي لعمليات‬
‫السلوك‪) :‬مثيرات خارجية ‪ ‬استجابإة داخلية ‪ ‬سلوك خارجي(‪.‬‬

‫يقول علماء السلوك )سيزالقي و والس‪:1991 ،‬ـ ‪ ،(54‬إن هناك خمسة عوامل نفســية داخليــة تتــدخل بإيــن‬
‫أحداث )المثيرات الخارجية الملحظة علمياا( وأحداث الســلوك البإـداعي المشـاهد والملحــظ أيضـا علميـا )مـن‬
‫خلل نواتـ ــج البإـ ــداع(‪ .‬هـ ــذه العوامـ ــل هـ ــي )الدراك‪ ،‬والتعلـ ــم‪ ،‬والقـ ــدرات‪ ،‬والشخصـ ــية‪ ،‬والـ ــدوافع(‪ ،‬وبإخاصـ ــة‬
‫الشخصية‪ ،‬تساعد على تفسير سبإب حدوث سلوك معين مثل البإداع الداري‪.‬‬

‫فالدراك يعــد الركــن الساســي الــذي تســتند إليــه التفــاعلت الداخليــة والخارجيــة الخــرى‪ ،‬فــالدراك المختلــف‬ ‫‪‬‬

‫بإين المدير والموظف حول قيمة المكافأة أو كميتها يؤدي إلى نتائج عكسية لما هو متوقع‪.‬‬
‫التعلم )الستيعاب( يشكل النسق الدينامي المؤثر في السلوك‪ ،‬ويوضــح بإكـل جلء كيـف أن السـلوك يتغيــر‬ ‫‪‬‬

‫)في حالة التعلم( أو يبإقى على حاله بإمرور الزامن‪ ،‬كما نشاهد تطور وترقي العاملون داخل المنظمات‪ ،‬ول‬
‫ننســى أن المعرفــة والقــدرة ل يمكــن أن تكتســب إل عــن طريــق التعلــم‪ ،‬فــالتعلم هــو البإوابإــة الرئيســية لــتراكم‬
‫المعرفة‪.‬‬
‫وهكذا القدرات والمها ارت‪ :‬فالقــدرات تــوفر الهليــة اللزامــة للعمــل بإنجــاح‪ ،‬والمهــارات تســاعد النســان علــى‬ ‫‪‬‬

‫إتقان ورفع كفاءة الداء‪.‬‬


‫الدوافع والرغبإات تنشط السلوك وتثيره وتوجهه نحو الداء‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫أما الشخصية فتلعب دور الضابإط والموجه العام للسلوك الداخلي والخارجي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فإذا سارت الحداث )المثيرات( الخارجية‪ ،‬مثل التكليف الفرد بإمهمة عمل أو مواجهة مشكلة ما‪ ،‬وتناغمت‬
‫مــع الســتجابإات الداخليــة‪ ،‬مثــل الدراك الصــحيح‪ ،‬والتعلــم الصــحيح‪ ...‬ووصــلت إلــى مرحلــة المهــارة والتقــان‬
‫يكون بإاب البإداع قد مفتح على مصراعيه‪ ،‬ذلك لنه ابإعد التقان التام للداء المتعارف عليه‪ ،‬تظهر الحاجة أو‬
‫الرغبإــة بإالمبإــادرة الذاتيــة عنــد الفــرد لتطــوير هــذا الداء إواحــداث نقلــه نوعيــة إلــى الفضــل‪ ،‬كــأن يفكــر كيميــائي‬
‫صــناعة الــدهانات‪ ،‬الــذي أتقــن كــل فنــون وأسـرار هــذه الصــناعة‪ ،‬بإابإتــداع صــيغة )خلطــة( كيماويــة‪ ،‬تمكنــه مــن‬
‫إلغــاء مفعــول الرائحــة الكريهــة للــدهان‪ ،‬واختصــار وقــت الجفــاف إلــى الصــفر‪ ،‬هــذا مــا حــدث فعلا فــي صــناعة‬
‫الدهانات‪ ،‬وشكل ثورة في هذه الصناعة‪ ،‬وقدم خدمة ممتازاة الجــودة إلــى كــل مـن عمــال الـدهانات والمسـتهلكين‬
‫على حد سواء‪ .‬لكن إذا كان العائد على هذا البإتداع ل يساوي ما يتوقعه المبإتـدع‪ ،‬فـإن عمليـات البإتـداع عنـد‬
‫كيميائي صناعة الدهانات قد يصيبإها خلل نتيجة التغذية الراجعة السلبإية‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫إن إطار العمل المنطقي للسلوك البإداعي الفردي الــذي نقــترحه علــى المــدير العربإـي يلـبإي شـرطي الســهولة‬
‫والتنبإؤية‪ .‬إن فهم إطار العمل المنطقي للدارة بإالبإداع إوادراكه‪ ،‬كما شرحنا سابإقاا‪ ،‬متاح لي مدير لديه الحــد‬
‫الدنى من العلوم الجتماعية والسلوكية أو يمكنه اكتسابإها بإالتعلم الذاتي أو النظامي)انظر الشكل رقم ‪.(1‬‬

‫‪26‬‬
‫شكل رقم )‪ (2‬ـ إطار العمل المنطقي للسلوك البإداعي على المستوى الفردي‬

‫‪27‬‬
‫هذا الطار المنطقي‪ ،‬يرشدنا إلى أنه يمكـن التنبإـؤ‪ ،‬بإاحتمـال كـبإير‪ ،‬بإـأن السـلوك البإـداعي يمكـن أن يحـدث‬
‫إذا تناس ــقت الم ــثيرات الخارجي ــة م ــع العوام ــل النفس ــية الداخلي ــة للف ــرد وم ــع المن ــاخ التنظيم ــي الس ــائد والعوائ ــد‬
‫المتوقعة أو المحصلة من السلوك البإداعي‪ ،‬وأي خلــل فـي تنــاغم هــذه الحـداث سـوف يـؤدي إلـى تشـويش فـي‬
‫عملية البإداع‪ ،‬كأن تحدث لمرة واحدة‪ ،‬أو أن تحدث مصادفة‪ ،‬أو أن ل تحدث مطلقاا‪.‬‬
‫ج ـ الطار المنطقي للدإارة بإالبإداع على المستوى الجماعي والتنظيمي‬
‫يؤصل هذا الطـار لموضـوع يشـغل الفكـر الداري فـي الغـرب منـذ أكـثر مـن ثلثـة عقود‪ ،‬وبإـدأ يأخـذ أبإعـاده‬
‫فــي الدبإيــات العربإيــة خلل الســنوات الماضــية ونكتفــي بإالشــارة إلــى سلســلة المــؤتمرات الــتي عقــدتها المنظمــة‬
‫العربإية للتنمية الدارية* وخصصتها للقيادة البإداعية‪...‬‬

‫موضوع البإداع في الدارة هو القضية التي تشغل الفكر الداري الن‪ ،‬وهذا يشمل البإــداع الداري‪ ،‬إوادارة‬
‫البإداع‪ ،‬ونقترح في هذا الطار مفهوم ا جديدا يغطي هذين الجناحين ويظلل كل نشاطات المنظمــة‪ ،‬أل وهــو "‬
‫الدارة بإالبإداع"‪.‬‬

‫فالبإداع هو خلق شيء أو أمر جديد يتصف بإالصالة والفائدة‪.‬‬

‫أما البإداع الداري فهو الناتج الذي نحصل عليه من عملية البإداع في مجال الدارة والعمــال )مخرجــات‬
‫أو ثمرات البإداع(‪ ،‬مثل إنتاج سلع جديدة أو خدمة جديدة‪.‬‬

‫الدارة بإالبإــداع ه ــي العمليي ــة الداري ــة‪ ،‬أو الوظيف ــة الداري ــة الول ــى لك ــل إداري وعام ــل يق ــوم م ــن خلله ــا‬
‫بإتوظيــف رأس المــال الفكــري الــذي يمتلكــه هــو نفســه أو تمتلكــه المنظمــة مــن أجــل تحقيــق نواتــج البإــداع‪ ،‬وذلــك‬
‫بإاستخدام أساليب الدارة بإالبإداع وليس بإالتبإاع والتقليد‪.‬‬

‫صــل موضــوعات هــذا الحقــل الجديــد مــن الســلوك التنظيمــي إلــى الكــاديميين والعملييــن وذلــك‬
‫هــدفنا أن نو ي‬
‫بإ ــالتركيزا عل ــى توض ــيح المف ــاهيم الرئيس ــية العام ــة‪ ،‬وكيفي ــة تحويله ــا إل ــى ممارس ــات عملي ــة )انظ ــر الش ــكل ‪3‬‬
‫بإتمعن(‪.‬‬

‫لذلك قسمنا الطار إلى ثلثة مســتويات‪ :‬الول يؤسس للبإنيــة التحتيــة للدارة بإالبإــداع‪ ،‬والثــاني لرفع أبإنية‬
‫نظام الدارة بإالبإداع‪ ،‬والثالث لتشغيل نظام الدارة بإالبإداع‪.‬‬

‫المستوى الول يبإدأ بإتأسيس البإنية التحتية للدارة بإالبإداع‪ ،‬مــن خلل الكشــف عــن الجــذر المشــترك لي‬
‫نشـاط إنســاني ميعـيول عليـه بإالتقــدم والزادهـار وهـو " التفكير"‪ ،‬وينتقـل إلــى أهــم جــذعين مـن جــذوع شــجرة الدارة‬

‫نــذكر منهــا المــؤتمر العربإــي الثــاني فــي الدارة‪ :‬القيــادة البإداعيــة فــي مواجهــة التحــديات المعاصــرة للدارة العربإيــة‪ ،‬القــاهرة نوفمــبإر )تش ـرين ثــاني(‪،‬‬ ‫*‬

‫‪ .2001‬المــؤتمر العربإــي الثــالث فــي الدارة‪ :‬القيــادة البإداعيــة والتجديــد فــي ظــل الن ازهــة والشــفافية‪ ،‬بإيــروت أكت ـوبإر )تش ـرين أول(‪ .2002 ،‬المــؤتمر‬
‫العربإي الرابإع في الدارة‪ :‬القيادة البإداعية لتطوير وتنمية المؤسسات في الوطن العربإي‪ ،‬أكتـوبإر )تشـرين أول(‪ ،‬دمشــق ‪ ،2003‬وغيرهــا مــن المــؤتمرات‬
‫التي كان البإداع احد محاورها وأحيان ا أهما‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫ظمي"‪ ،‬وجــذع " التفكير الســتراتيجي"‪،‬‬
‫بإالبإداع في مجالي العمال والدارة العامة وهمــا‪ :‬جــذع " التفكير الُن ُ‬
‫الذي يغذيهما " التفكير البإداعي" بإالطبإع في مجالي العمال والدارة العامة‪.‬‬

‫ثم ننتقل إلى المستوى الثاني لنبإحث فــي كيفية بإناء نظام للدارة بإالبإـداع‪ ،‬فنبإــدأ بإــأهم تح ـءد ي ـواجه الدارات‬
‫العربإية‪ ،‬وهو كيفية تحويل المشكلت التي تعاني منها إلى فــرص وأهــداف قابإلــة للتحقيــق‪ ،‬وننتقــل بإعــدها إلــى‬
‫بإناء قواعد معرفة‪ ،‬نستخدمها لتغذية عقولنا بإمـا هو متـاح مـن معـارف وخـبإرات وحلـول علميـة وعمليـة‪ ،‬وننهـي‬
‫بإضــرورة تحويــل هــذه الفكــار إلــى مشــروع قابإــل للحيــاة والســتمرار وذلــك مــن خلل إدخالهــا فــي دورة حيــاة‬
‫المنظمة‪ ،‬تطبإيق ا لمقولة البإقاء للكثر إبإداعال‪.‬‬

‫من ثم يأتي المستوى الثالث‪ ،‬الذي يرشدنا إلى أهم العملييات والجراءات اللزمة لتشغيل نظام الدارة‬
‫بإالبإداع‪ ،‬بإدءا من تحليل مكونات نظام الدارة بإالبإداع‪ ،‬والطلع على عملياته وكيفية تشغيلها وانتهاء بإإدارة‬
‫النظام ونواتجه البإداعية وتنميته المستدامة )انظر الشكل رقم ‪.(3‬‬

‫‪29‬‬
‫شكل رقم )‪ (3‬ـ إطار العمل المنطقي للدارة بإالبإداع‬

‫ف‪10‬‬ ‫ف‪9‬‬ ‫ف‪8‬‬

‫ف‪11‬‬ ‫ف‪11‬‬

‫الزادهار للكثر إبداعا ا‬

‫‪30‬‬
‫الخلصة‪ :‬حاولنا أن يكون إطارا ل منطقيا ل وعمليا ل للبإداع‬
‫وضحنا في هذا العرض السريع الطار المنطقي الذي حددناه للدارة بإالبإداع‪ .‬فقمنا بإتأصيل المفاهيم‬
‫والمصطلحات وفك التشابإك فيما بإينها‪ ،‬مثل التمييز بإين البإداع والبإتداع والبإتكار‪ :‬فالبإداع يتعلق بإتأليف الفكار‬
‫وتوليدها‪ ،‬والبإتداع يتعلق بإتطبإيق هذه الفكار بإأساليب عمل مبإتدعة‪ ،‬أما كلمة البإتكار" إدراك أول الشيء"‪ ،‬التي‬
‫استخدمت كمرادف للبإتداع فقد أثرنا استخدام الصل‪.‬وهكذا فعلنا مع مفاهيم البإداع المرتبإطة مع مناهج الدارة مثل‬
‫البإداع الداري‪ ،‬والتطوير الداري وغيرها‪.‬‬

‫ثم تعرضنا إلى أهمية استخدام أسلوب الدارية بإالبإداع لمواجهة التحديات التي تواجهها البإلدان العربإية مثل‬
‫انخفاض معدلت النمو‪ ،‬والتغييرات المتسارعة في العلوم والتكنولوجيا‪ ،‬والضغوطات في القتصاد والسياسة ‪ ،‬وما‬
‫يرتبإط بإها من نظريات وأساليب عمل دشنت انتهاء عصر الدارة الخطية‪ ،‬وحلول عصر الدارة البإداعية الموقفية‪،‬‬
‫فالمشكلة اليوم بإتحديد العمليات التي تقود إلى النتائج أكثر من غيرها‪.‬‬

‫وقد بإذلنا جهدا خاص ا فيما يخص وضع الطار المنطقي لبإناء منهج نظمي متميز للدارة بإالبإداع‪ ،‬محاولين أن‬
‫يكون متماسكا نظريا وعملياا‪ .‬فالبإداع هو القضية الشاغلة لمنظمات القرن الحادي والعشرين التي أمنت بإأن البإداع‬
‫المنهجي هو المفتاح الرئيسي للنمو والتقدم‪ ،‬هذا الطار يأخذ بإيدنا عبإر بإدايات التفكير المنطقي والمنهجي البإداعي‪،‬‬
‫مرو ار بإتشييد أعمدة البإداع الداري‪ ،‬منتهي ا بإكيفية تشغيل نظام الدارة بإالبإداع في الواقع العملي‪.‬‬

‫كلمات مفتاحية‪ :‬البإداع‪ ,‬البإتداع‪ ,‬البإتكار‪ ,‬الدارة بإالبإداع‪ ,‬إطار عمل منطقي‪ ,‬إدارة‪.‬‬

‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫‪31‬‬
Abstract

A Logical and Practical Framework for Management


by Creativity(MBC)
Salim Ibrahim Al-hassanieh
Dean of
Higher Institute for Administrative Development (HIAD)
Damascus University- Syria
shassanieh@yahoo.com
Mobile: 0096311932511851
P.O. Box: 91, Sehanaya, Syria

We clarified in this brief summery our logical framework for Management by


Creativity (MBC). We tried to define precisely the terminology and concepts relative
to MBC such as creativity, innovation, and innovating. Creativity is related to creating
ideas, whereas innovation is about applying these ideas in innovated methods. On the
other hand, invention is commonly translated to Arabic by IBTIKAR. However,
IBTIKAR, in Arabic, means the recognition of the very commencement of things
which has been wrongly used as the translation of innovation. So, we used IBDA’A
for creativity and IBTEDA’A, not IBTIKAR, for innovation.

We also referred to the importance of using MBC methods to face challenges that
could face Arabic countries, such as growth rates, quick changes in science and
technology, pressures in economics and politics. We review the associated theories
and methods of business administration which inaugurated the end of linear
management and the beginning of MBC. Hence, today, right methods should be
defined in order to reach better results.

We gave hard efforts to put a logical framework to build a special, coherent and
practical systematic approach to MBC. Creativity is the concern of the twenty first
century’s organizations which believed that systematic creativity and innovation are
the key issue of growth and progress. This framework guides us through the very
beginning of logical thinking and systematic creativity and innovation, and then takes
us through the construction of the pillars of MBC, to end up with how to implement
or operate the MBC system in practice.

Keywords: Creativity, Innovation, Systems, Management, Management by


Creativity, Logical Framework.

32
‫قائمة المراجع‬

‫الته ــاانوي‪ ,‬محم ــد عل ــي‪ ،‬موســوعة كشــاف اصــطلحات الفنــون والعلــوم ج ‪+1‬ج ‪ ،2‬تق ــديم إواشـ ـراف‬ ‫‪.1‬‬
‫ومراجعة رفيق العجم‪ ،‬بإيروت‪ ،‬مكتبإة لبإنان ناشرون‪.1996 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ن‬
‫الحس ــنيية‪ ,‬ســليم‪ ،‬آراء الطلبإــة الجــامعيين حــول ط ارئــق د ارســتهم فــي المرحلــتين الثانويــة والجامعيــة‬ ‫‪.3‬‬
‫دراسة ميدانية في جامعة حلب )‪ ،(1995-1991‬مجلة بإحوث جامعة حلب‪ ،‬العدد ‪.1997 ،20‬‬

‫الحسنيية‪ ,‬سليم‪ ،‬السلوك الداري )التنظيمي( والعلوم السلوكية‪ ،‬عمان‪ ،‬دار الويراق‪.1999 ،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫المنظمة العربإية للتربإية والثقافة والعلوم‪/‬مكتب التنسيق‪ ،‬المعجم الموحد لمصطلحات العلوم النســانية‬ ‫‪.5‬‬
‫)إنكليزي ـ فرنسي ـ عربإي(‪ ،‬تونس‪ ،‬المنظمة‪.1997 ،‬‬

‫توفيق‪ ,‬عبإد الرحمن‪ 50 ،‬كتابإال في الدارة‪ :‬صنعت فكر القادة ورجال العمــال‪ ،‬ج ‪ 1‬وج ‪ ،2‬القــاهرة‪،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫بإميك‪.1999 ،‬‬

‫جـ ــروان‪ ,‬فتحـ ــي عبإـ ــد الرحمـ ــن‪ ،‬تعليـــم التفكيـــر‪ :‬مفـــاهيم وتطبإيقـــات‪ ،‬العيـ ــن‪ ،‬دار الكتـ ــاب الجـ ــامعي‪،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫‪.1999‬‬

‫مدورلنــغ‪ ,‬لكنادرســلي‪ ،‬التفكيــر البإــداعي‪ ،‬ترجمــة مكتبإــة لبإنــان ناشــرون‪ ،‬بإيــروت‪ ،‬مكتبإــة لبإنــان ناشــرون‪،‬‬ ‫‪.8‬‬
‫‪.2005‬‬

‫دي بإونــو‪ ,‬إدوار‪ ،‬البإـداع الجـاد‪ :‬اسـتخدام قـوة التفكيـر الجـانبإي لخل ق أفكـار جديـدة‪ ،‬تعريــب بإاســمة‬ ‫‪.9‬‬
‫النوري‪ ،‬الرياض‪ ،‬العبإيكان‪.2005 ،‬‬

‫دي بإون ــو‪ ,‬إدوار‪ ،‬تعليــم التفكيــر‪ ،‬ترجم ــة ع ــادل عبإ ــد الكري ــم ياس ــين وآخ ــرون‪ ،‬دمش ــق‪ ،‬دار الرض ــا‪،‬‬ ‫‪.10‬‬
‫‪.2001‬‬

‫ديكون‪ ,‬ديان‪ ،‬فانس‪ ,‬مايك‪ ،‬التفكير خارج الصندوق‪ ،‬الرياض‪ ،‬مكتبإة جرير‪.2002 ،‬‬ ‫‪.11‬‬

‫‪33‬‬
‫زاكريا‪ ,‬فؤاد‪ ،‬التفكير العلمي‪ ،‬دمشق‪ ،‬جامعة دمشق‪.2000/2001 ،‬‬ ‫‪.12‬‬
‫ض‬
‫ســيزالقى‪ ,‬أنــدرو د‪ .‬و والس‪ ,‬مــارك ج‪ ، .‬الســلوك التنظيمــي والداء‪ ،‬ترجمــة علــي محمــد‬ ‫‪.13‬‬

‫عبإد الوهاب‪ ،‬الرياض‪ ،‬معهد الدارة العامة‪.1991 ،‬‬


‫علي‪ ,‬نبإيل وحجازاي‪ ,‬نادية‪ ،‬الفجوة الرقمية‪ :‬رؤية عربإية لمجتمع المعرفة‪ ،‬سلسلة عالم المعرفة‪ ،‬آب‬ ‫‪.14‬‬
‫)أغسطس(‪.2005 ،‬‬

‫هل‪ ,‬شارلزا وجونزا‪ ,‬جاريث‪ ،‬الدارة الستراتيجية‪ :‬ج ‪ + 1‬ج ‪ ،2‬ترجمة رفاعي محمد رفاعي ومحمد‬ ‫‪.15‬‬
‫سيد أحمد عبإد المتعال‪ ،‬الرياض‪ ،‬دار المريخ‪.2001 ،‬‬

‫هيجان‪ ,‬عبإد الرحمن‪" ،‬معوقات البإداع في المنظمات السعودية"‪ ،‬مجلة معهد الدارة العامة‪ ،‬الع ــدد )‬ ‫‪.16‬‬
‫‪1420 ،(1‬هـ‪.‬‬

‫‪1. -‬‬ ‫‪Ghristensen, C. M. & Raynor. M. E., The Innovator's Solutions: Creating And‬‬
‫‪Sustaining Successful Growth, Boston, Harvard School Press, 2003.‬‬
‫‪2. -‬‬ ‫‪Hey, J., The Data Information Wisdom Chain The Metaphorical Link‬‬
‫‪Intergovermmental Oceanographic Commission, Paris, Unesco, 2004.‬‬
‫‪3. -‬‬ ‫‪McLeod, F. & Thomson, R., Non-stop Creativity and Innovation: How to Generate‬‬
‫‪and Implement Winning Ideas, London, McGraw-Hell professional, 2002.‬‬
‫‪4. -‬‬ ‫‪Woodman, R. W. et al, "Toward a theory of creativity", Academy of Management‬‬
‫‪Review, 1993, vol. 18 Nº 2, 294-321.‬‬

‫‪34‬‬
CREATE Project ( 1 ) ‫ملحق رقم‬

35

You might also like