You are on page 1of 88

‫التحفة الربانية‬

‫في شرح الرأبعين‬


‫حديثا النووية‬
‫ومعها شرح الحاديث التي زادها ابن‬
‫رأجب الحنبلي‬
‫تأليف‬
‫فضيلة الشيخ العلماة ‪ /‬إسماعيل بن ماحمد النأصاري‬
‫) يرحمه الله (‬
‫الباحث في دار الفتاء بالمملكة العربية السعودية‬

‫ماكتبة الماام الشافعي‬


‫الطبعة الوألى‬
‫‪1415‬ه‪1995 -‬م‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫الحمد ل الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ‪ ،‬نسأله جل شأنه أن يهدينا صراطه‬
‫المستقيم ‪ ،‬و يحمينا من مضلتا المفتنين ‪ ،‬وموبقاتا الملحدين ‪ ،‬و أصلي وأسلم على من أرسله‬
‫ال رحمة للعالمين ‪ ،‬هدى وذكرى للمؤمنين ‪ ،‬وعلى آله وصحبه الذين جاهدوا في ال حق الجهاد‬
‫‪ ،‬فبلغوا الرسالة إلى كافة العباد‪ ،‬وفازوا بالعز والسعادة في الدنيا والمعاد ‪.‬‬

‫وبعد ‪ :‬فللمام النووي قدم راسخة في السنة المطهرة ‪ ،‬آثاره فيها حميدة ‪ ،‬ومكانته فيها مكانة‬
‫الراسخين في العمل ‪ ،‬فقد خدم صحيح مسلم أجل خدمة ‪ ،‬وساق إلى من يريد الصلحا كتابه‬
‫)) رياض الصالحين (( ‪ ،‬ثم استخلص من الصحاحا الربعين حديثا المشهورة التي أنزلها العلماء‬
‫منزلة القبول والستحسان ‪ ،‬لشتمالها على أصول الحكام وشرائع السلم فتعهدوها بالشرحا‬
‫والبيان ‪ ،‬ومن أجل شروحها هذا الشرحا الوجيز ‪ ،‬الذي ألفه أستاذنا الشيخ إسماعيل النصاري _‬
‫وفقه ال _ فقد أحسن الجميل إلى طلبة العلم ‪ ،‬وأبدع التنسيق في بيان مقاصد الحديث ‪ ،‬حيث‬
‫سار على الطريقة الستنتاجية بعد شرحا المفرداتا اللغوية ‪ ،‬وكانت الغأراض التي تستنبط منكل‬
‫حديث خير ما امتاز به هذا الشرحا المفيد‪.‬‬
‫سائلين ال تعالى أن يجعله عمل صالحا خالصا لوجه الكريم ‪ .‬وصلى ال على سيدنا محمد وآله‬
‫وسلم ‪،‬‬
‫الحديث الول‬

‫عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي ال تعالى عنه قال ‪ :‬سمعت رسول ال صلى‬
‫ال تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول ‪ )) :‬إنما العمال بالنياتا وإنما لكل امريء ما نوى ‪ ،‬فمن‬
‫كانت هجرته إلى ال ورسوله فهجرته إلى ال ورسوله ‪ ،‬ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة‬
‫ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ((‪ .‬رواه إماما المحدثين ‪ :‬أبو عبد ال محمد ابن إسماعيل بن‬
‫إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري ‪ ،‬وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري‬
‫النيسابوري في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫إنما ‪ :‬للحصر ‪ ،‬وهو إثباتا الحكم في المذكور ونفيه عما عداه ‪.‬‬
‫العمال ‪ :‬الشرعية المفتقرة إلى النية ‪.‬‬
‫بالنياتا ‪ :‬بتشديد الياء وتخفيفها جمع نية وهي عزم القلب‪.‬‬
‫وإنما لكل امريء ما نوى ‪ :‬فمن نوى شيئا لم يحصل له غأيره ‪.‬‬
‫فمن كانت هجرته ‪ :‬إنتقاله من دار الشرك إلى دار السلم ‪.‬‬
‫إلى ال ورسوله ‪ :‬بأن يكون قصده بالهجرة طاعة ال عز وجل ورسوله صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫فهجرته إلى ال ورسوله ‪ :‬ثوابا وأجرا ‪.‬‬
‫لدنيا ‪ :‬بضم الدال وكسرها من الدنو‪ ،‬أي القرب سميت بذلك لسبقها للخرى ‪ ،‬أو لدنوها إلى‬
‫الزوال ‪ ،‬وهي ما على الرض مع الهواء والجو مما قبل قيام الساعة ‪ .‬وقيل ‪ :‬المراد بها هنا المال‬
‫بقرينة عطف المرأة عليها ‪.‬‬
‫يصيبها ‪ :‬يحصيها ‪.‬‬
‫ينكحها ‪ :‬يتزوجها ‪.‬‬
‫فهجرته إلى ما هاجر إليه ‪ :‬كائنا ما كان ‪ ،‬فالول تاجر والثاني خاطب‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫الحث على الخلصا ‪ ،‬فإن ال ل يقبل من العمل إل ما كان صوابا وابتغي به وجهه‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ .‬ولهذا استحب العلماء استفتاحا المصنفاتا بهذا الحديث تنبيها للطالب على تصحيح النية‪.‬‬
‫أن الفعال التي يتقرب بها إلى ال عز وجل إذا فعلها المكلف على سبيل العادة لم‬ ‫‪-2‬‬
‫يترتب الثواب على مجرد ذلك الفعل وإن كان صحيحا ‪ ،‬حتى يقصد بها التقرب إلى ال ‪.‬‬
‫فضل الهجرة إلى ال ورسوله ‪ .‬وقد وقعت الهجرة في السلم على وجهين ‪ :‬الول‬ ‫‪-3‬‬
‫_ النتقال من دار الخوف إلى دار المن ‪ ،‬كما في هجرتي الحبشة ‪ ،‬وابتداء الهجرة من‬
‫مكة إلى المدينة ‪ ،‬الثاني _ الهجرة من دار الكفر إلى دار اليمان ‪ ،‬وذلك بعد أن استقر‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين ‪ .‬وكانت‬
‫الهجرة إذ ذاك تختص بالنتقال إلى المدينة ‪ ،‬إلى أن فتحت مكة فانقطع الختصاصا ‪.‬‬
‫وبقي عموم النتقال من دار الكفر إلى دار السلم لمن قدر عليه واجبا ‪.‬‬
‫الحديث الثاني‬
‫عن عمر رضي ال تعالى عنه أيضا قال ‪ :‬بينما نحن جلوس عند رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫ذاتا يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ل يرى عليه أثر السفر ول يعرفه‬
‫منا أحد ‪ ،‬حتى جلس إلى النبي صلى ال عليه وآله وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على‬
‫فخذيه وقال ‪ :‬يا محمد أخبرني عن السلم ؟ فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ )) :‬السلم أن‬
‫تشهد أن ل إله إل ال وأن محمد رسول ال ‪ ،‬وتقيم الصلة ‪ ،‬وتؤتي الزكاة ‪ ،‬وتصوم رمضان ‪،‬‬
‫وتحج البيت إن استطعت إليه سبيل ‪ .‬قال صدقت ‪ ،‬فعجبنا له ‪ ،‬يسأله ويصدقه ‪ ،‬قال ‪ :‬فأخبرني‬
‫عن اليمان ؟ قال ‪ :‬أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر ‪ ،‬وتؤمن بالقدر خيره وشره ‪.‬‬
‫قال صدقت ‪ .‬قال‪ :‬فأخبرني عن الحسان ؟ قال ‪ :‬أن تبعد ال كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه‬
‫يراك ‪ .‬قال ‪ :‬فأخبرني عن الساعة ‪ ،‬قال ‪ :‬ما لمسئول عنها بأعلم من السائل ‪ ،‬قال فأخبرني عن‬
‫أماراتها ‪ ،‬قال ‪ :‬أن تلد المة ربتها ‪ ،‬وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ‪.‬‬
‫ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال ‪ :‬يا عمر ‪ ،‬أتدري من السائل ؟ قلت ال ورسوله أعلم ‪ ،‬قال ‪ :‬فإنه‬
‫جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ((‪ .‬رواه مسلم‬

‫المفرداتا‪:‬‬

‫رجل ‪ :‬ملك في صورة رجل ‪.‬‬


‫ل يرى عليه ‪ :‬بالياء المثناة من تحت المضمومة على المشهور ‪ .‬ورواه بعضهم بالنون المفتوحة ‪،‬‬
‫وكلهما صحيح ‪.‬‬
‫على فخذيه ‪ :‬على فخذي النبي صلى ال عليه وسلم كما يفهم من رواية النسائي ‪.‬‬
‫أن تشهد أن ل إله إل ال ‪ :‬يبين معنى هذه الكلمة ما في الرواية الخرى لبي هريرة بلفظ )) أن‬
‫تعبد ال ول تشرك به شيئا ((‬
‫وأن محمد رسول ال ‪ :‬يجب على الخلق تصديقه وطاعته فيما أمر به ‪ ،‬والنتهاء عما نهى عنه ‪.‬‬
‫وتقيم الصلة ‪ :‬المكتوبة ‪ .‬أما صلة النافلة فإنها وإن كانت من وظائف السلم فليست من أركانه ‪.‬‬
‫وكذلك الزائد على الفرض من الزكاة والصوم والحج‪.‬‬
‫تؤتي الزكاة ‪ :‬المفروضة لمستحقيها ‪.‬‬
‫وتصوم رمضان ‪ :‬تمسك نهاره عن المفطراتا بنية ‪.‬‬
‫وتحج البيت ‪ :‬تقصده لداء النسك المعدود من أركان السلم إن استطعت إليه سبيل ‪ :‬وهو الزاد‬
‫والراحلة ‪.‬‬
‫فعجبنا له يسأله ويصدقه ‪ :‬لن ما أجا ب به النبي صلى ال عليه وسلم ل يعرف إل من جهته ‪،‬‬
‫وليس هذا السائل ممن عرف بلقاء النبي صلى ال عليه وسلم والسماع منه ‪ .‬ثم هو قد سأل سؤال‬
‫عارف بما يسأل عنه ‪ .‬لنه لم يخبره بأنه صادق فيه ‪.‬‬
‫أن تؤمن بال ‪ :‬أنه متصف بصفاتا الكمال ‪ ،‬منزه عن صفاتا النقائص ‪ .‬ل شريك له ‪.‬‬
‫وملئكته ‪ :‬أنهم كما وصفهم ال ‪ :‬عباد مكرمون ‪ ،‬ل يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ‪.‬‬
‫وكتبه ‪ :‬أنها كلم ال ‪ ،‬وأن ما تضمنته حق ‪.‬‬
‫ورسله ‪ :‬أنهم صادقون ‪ ،‬وأنهم بلغوا كل ما أمرهم ال بتبليغه ‪.‬‬
‫واليوم الخر‪ :‬يوم القيامة بما أشتمل عليه من البعث والحساب والميزان والصراط والجنة والنار ‪،‬‬
‫إلى غأير ذلك مما صحت فيه النصوصا ‪.‬‬
‫وتؤمن بالقدر خيره وشره ‪ :‬أن ال علم مقادير الشياء وأزمانها قبل إيجادها ‪ ،‬ثم أوجد ما سبق في‬
‫عمله أن يوجد ‪ ،‬فكل محدث صادر عن علمه وقدرته وإرادته ‪ ،‬خيرا كان أو شرا ‪ ,‬وتعلم أن ما‬
‫أصابك لم يكن ليخطئك ‪ ،‬وما أخطئك لم يكن ليصيبك ‪.‬‬
‫فإن لم تكن تراه فإنه يراك ‪ :‬أي فاستمر على إحسان العبادة فإنه يراك ‪.‬‬
‫عن الساعة ‪ :‬متى تقوم ‪ .‬والمراد بالساعة يوم القيامة ‪.‬‬
‫ما المسئول عنها بأعلم من السائل ‪ :‬ل أعلم وقتها أنا ول أنت ‪ ،‬بل هو مما استأثر ال بعلمه ‪.‬‬
‫أماراتها ‪ :‬بفتح الهمزة ‪ :‬علماتها ‪.‬‬
‫أن تلد المة ربتها‪ :‬سيدتها فسر هذا باتساع السلم واستيلء أهله على بلك الشرك فيكثر التسرى‬
‫‪ ،‬فيكون ولد المة من سيدها بمنزلة سيدها لشرفه بأبيه ‪ ،‬وفسر أيضا بكثرة العقوق ‪ :‬حتى يعامل‬
‫الولد أمه معاملة السيد أمته من الهانة بالسب والضرب والستخدام ‪ .‬واختاره الحافظ ابن حجر‬
‫قال ‪ :‬لن المقام يدل على أن المراد حالة تكون مع كونها تدل على فساد الحوال مستغربة ‪،‬‬
‫وذكر أن التسرى كان موجود حين المقالة ‪ ،‬فحمل الحديث عليه فيه نظر‪.‬‬
‫الحفاة ‪ :‬جمع حاف ‪ .‬وهو غأير المنتعل ‪.‬‬
‫العراة ‪ :‬جمع عار ‪ ،‬وهو من ل شيء على جسده ‪.‬‬
‫العالة ‪ :‬الفقراء ‪.‬‬
‫رعاء الشاء‪ :‬بكسر الراء ‪ .‬حراسها ‪ ،‬والشاء ‪ :‬جمع شاة ‪.‬‬
‫يتطاولون في البنيان ‪ :‬يتفاخرون في تطويل البنيان ويتكاثرون به ‪.‬‬
‫فلبثت ‪ :‬أقمت بعد انصرافه ‪.‬‬
‫مليا ‪ :‬بتشديد الياء ‪ .‬زمانا كثيرا ‪ ،‬تبينه رواية النسائي والترمذي ‪ ) :‬فلبثت ثلثا (‬
‫يعلمكم دينكم ‪ :‬كلياتا دينكم ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫تحسين الثياب والهيئة والنظافة عند الدخول على الفضلء ‪ ،‬فإن جبريل أتى معلما‬ ‫‪-1‬‬
‫للناس بحاله ومقاله ‪.‬‬
‫الرفق بالسائل وإدناؤه ‪،‬ليتمكن من السؤال غأير منقبض ول هائب ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫سؤال العالم مال يجهله السائل ‪ ،‬ليعلمه السامع ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫بيان السلم واليمان والحسان ‪ ،‬وتسميتها كلها دينا ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫التفرقة بين مسمى السلم ‪ ،‬ومسمى اليمان ‪ ،‬حيث جعل السلم في الحديث‬ ‫‪-5‬‬
‫اسما لما ظهر من العمال ‪ ،‬واليمان اسما لما بطن منها ‪ ،‬وقد جمع العلماء بين هذا وبين‬
‫ما دلت عليه النصوصا المتواترة من كون اليمان قول وعمل ‪ ،‬بأن هذين السمين إذا أفرد‬
‫أحدهما دخل فيه الخر ‪ ،‬ودل بانفراده على ما يدل عليه الخر بانفراده ‪ ،‬وإذا قرن بينها‬
‫دل أحدهما على بعض ما يدل عليه بانفراده ودل الخر على الباقي ‪.‬‬
‫وجوب اليمان بالقدر ‪ ،‬وهو على درجتين إحداهما _ اليمان بأن ال سبق في علمه‬ ‫‪-6‬‬
‫ما يعلمه العباد من خير وشر وطاعة ومعصية قبل خلقهم وإيجادهم ‪ ،‬ومن هو منهم من أهل‬
‫الجنة ‪ ،‬ومن هو منهم من أهل النار ‪ ،‬وأعد لهم الثواب والعقاب جزاء لعمالهم قبل خلقهم‬
‫وتكوينهم وأنه كتب ذلك عنده وأحصاه ‪ .‬الثانية _ أن ال خلق أفعال العباد كلها من الكفر‬
‫واليمان والطاعة والعصيان ‪ .‬وشاءها منهم ‪ ،‬ومع ذلك ل يحتج به في المعاصي ‪.‬‬
‫أن وقعت قيام الساعة مما استأثر ال بعلمه ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫أن العالم إذا سئل عما ل يعلم يصرحا بأنه ل يعلمه ‪ .‬ول يعبر بعباراتا مترددة بين‬ ‫‪-8‬‬
‫الجواب والعتراف بعد م العلم ‪ ،‬وأن ذلك ل ينقصه ‪ ،‬بل هو دليل على ورعه وتقواه ‪ ،‬وعد‬
‫تكثره بما ليس عنده ‪.‬‬
‫أن من أشراط الساعة انعكاس المور بحيث يصير المربي مربيا ‪ .‬والسافل عاليا ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫أن السؤال الحسن يسمى علما وتعليما ‪ ،‬لقول النبي صلى ال عليه وسلم في جبريل‪:‬‬ ‫‪-10‬‬
‫)) يعلمكم دينكم ‪ ،‬مع أنه لم يصدر منه سوى السؤال (( ‪.‬‬
‫الحديث الثالث‬
‫عن أبي عبد الرحمن عبد ال بن عمر بن الخطاب رضي ال تعالى عنهما قال ‪ :‬سمعت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآل وسلم يقول ‪ )) :‬بني السلم على خمس ‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن محمد ا‬
‫رسول ال ‪ ،‬وإقام الصلة ‪ ،‬وإيتاء الزكاة ‪ ،‬وحج البيت ‪ ،‬وصوم رمضان (( رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫بني ‪ :‬أسس ‪.‬‬


‫على خمس ‪ :‬دعائم ‪.‬‬
‫شهادة أن ل إله إل ال ‪ :‬في رواية ))بني السلم على خمس على ان يعبد ال ويكفر بما دونه ((‪،‬‬
‫وهي مبينه لمعنى كلمة التوحيد‪.‬‬
‫وإقام الصلة ‪ :‬المداومة عليها بشروطها ‪.‬‬
‫وإيتاء الزكاة ‪ :‬إعطائها لمستحقيها ‪.‬‬
‫وحج البيت ‪ :‬قصده لداء النسك المعدود من أركان السلم وصوم رمضان ‪ :‬المساك نهاره عن‬
‫المفطراتا بنية ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫معرفة أركان الدين ‪ ،‬وهو داخل في ضمن حديث جبريل المتقدم ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن هذه الفروض الخمسة من فروض العيان ‪ ،‬ل تسقط بإقامة البعض عن الباقين ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫جواز إطلق رمضان من غأير لفظ ) شهر( ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الحديث الرابع‬

‫عن أبي عبد الرحمن عبد ال بن مسعود رضي ال تعالى عنه قال ‪ :‬حدثنا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم وهو الصادق المصدوق ‪ )) :‬إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة‬
‫ثم يكو علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروحا ويؤمر بأربع‬
‫كلماتا ‪ :‬يكتب رزقه وأجله ‪ ،‬وعمله ‪ ،‬وشقي أو سعيد ‪ ،‬فو ال الذي ل إله غأيره إن أحدكم ليعمل‬
‫بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إل ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار‬
‫فيدخلها ‪ ،‬وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إل ذراع فيسبق عليه الكتاب‬
‫فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها (( رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫الصادق ‪ :‬المخبر بالحق ‪.‬‬


‫المصدوق‪ :‬الذي صدقه ال وعده ‪.‬‬
‫إن أحدكم ‪ :‬بكسر همزة ))إن (( على حكاية لفظ النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ويجوز الفتح ‪.‬‬
‫يجمع خلقه ‪ :‬بضم بعضه إلى بعض بعد النتشار ‪ .‬والمراد بالخلق مادته ‪ ،‬وهو الماء الذي يخلق‬
‫منه ‪.‬‬
‫في بطن أمه ‪ :‬في رحمها ‪.‬‬
‫نظفه ‪ :‬منيا ‪ .‬وأصل النطفة ‪ :‬الماء القليل ‪.‬‬
‫علقة ‪ :‬قطعة دم ‪.‬‬
‫مثل ذلك ‪ :‬الزمن ‪ ،‬وهو الربعون ‪.‬‬
‫مضغة ‪ .‬قطعة لحم ‪.‬‬
‫مثل ذلك ‪ :‬الزمن ‪ ،‬وهو الربعون ‪.‬‬
‫ثم يرسل إليه الملك ‪ :‬الموكل بالرحم ‪.‬‬
‫بكتب ‪ :‬ضبط بوجهين ‪ :‬أحدهما بموحدة مكسورة وكاف مفتوحة مثناة ساكنة ثم موحدة ‪ ،‬على‬
‫البدل ‪ .‬والخر مفتوحة بصيغة المضارع ‪ ،‬وهو أوجه ‪ :‬لنه وقع في رواية )) فيؤذن بأربع كلماتا‬
‫فيكتب (( وكذا في رواية أبي داود وغأيره ‪.‬‬
‫رزقه ‪ :‬تقديره ‪ ،‬قليل أو كثيرا ‪ ،‬وصفته حراما أو حلل ‪.‬‬
‫وأجله ‪ :‬طويل كان أو قصيرا ‪ ،‬وهو مدة الحياة ‪.‬‬
‫وعمله ‪ :‬صالحا كان أو فاسدا ‪.‬‬
‫وشقي أو سعيد ‪ :‬بالرفع خبر مبتدأ محذوف ‪ ،‬أي هو شقي أو سعيد والمراد أنه تعالى يظهر ما ذكر‬
‫من الرزق والجل والعمل والشقاوة والسعادة للملك ‪ ،‬ويأمره بكتابته وإنفاذه ‪.‬‬
‫بعمل أهل الجنة ‪ :‬من الطاعاتا ‪.‬‬
‫حتى ما يكون ‪ :‬حتى هنا ناصبة ‪ ،‬وما نافية ‪ .‬ويجوز رفع ) يكون ( على أن ) حتى ( ابتدائية ‪.‬‬
‫فيسبق عليه الكتاب ‪ :‬يغلب عليه ما تضمنه ‪.‬‬
‫بعمل أهل النار ‪ :‬من المعاصي‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫الشارة إلى علم المبدأ والمعاد ‪ ،‬وما يتعلق ببدن النسان وحاله في الشقاوة‬ ‫‪-1‬‬
‫والسعادة ‪.‬‬
‫القسم على الخبر الصادق لتأكيده في نفس السامع ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫التنبيه على صدق البعث بعد الموتا ‪ ،‬لن من قدر على خلق الشخص من ماء مهين‬ ‫‪-3‬‬
‫ينقله إلى العلقه ثم إلى المضغة ثم ينفخ الروحا فيه ‪ ،‬قادر على نفخ الروحا فيه بعد أن يصير‬
‫ترابا ‪ ،‬وجمع أجزائه بعد تفريغها ‪ ،‬ولقد كان قادرا على أن يخلقه دفعة واحدة ‪ .‬ولكن‬
‫اقتضت الحكمة نقله في الطوار المذكورة رفقا بالم ‪ ،‬لنها لم تكن معتادة فكانت المشقة‬
‫تعظم عليها ‪ ،‬فهيأه في بطنها بالتدريج إلى أن تكامل ‪ .‬ومن تأمل أصل خلقته كان حقا‬
‫عليه أن يعبد ربه حق عبادته ‪ ،‬ويطيعه ول يعصيه ‪.‬‬
‫إثباتا القدر ‪ ،‬وأن جميع الواقعاتا بقضاء ال وقدره ‪ :‬خيرها وشرها ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الحث على القناعة ‪ .‬والزجر على الحرصا الشديد ‪ ،‬لن الرزق قد سبق تقد يره ‪،‬‬ ‫‪-5‬‬
‫وإنما شرع الكتساب لنه من جملة السباب التي اقتضتها الحكمة في دار الدنيا ‪.‬‬
‫أنه ل ينبغي لحد أن يغتر بظاهر الحال لجهالة العاقبة ‪ ،‬ومن ثم شرع الدعاء بالثباتا‬ ‫‪-6‬‬
‫على الدين وحسن الخاتمة ‪.‬‬
‫أن التوبة تهدم ما قبلها ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫أن من ماتا على شيء حكم له به من خير أو شر ‪ ،‬إل أن أصحاب المعاصي غأير‬ ‫‪-8‬‬
‫الكفر تحت المشيئة ‪.‬‬
‫الشقاوة والسعادة قد سبق الكتاب بهما ‪ ،‬وأنهما مقدرتان بحسب خواتم العمال ‪،‬‬ ‫‪-9‬‬
‫وأن كل ميسر لما خلق له ‪.‬‬
‫الحديث الخامس‬

‫عن أم المؤمنين أم عبد ال عائشة رضي ال عنها قالت ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ‪:‬‬
‫)) من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (( رواه البخاري ومسلم ‪ .‬وفي رواية لمسلم )) من‬
‫عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد (( ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫أحدث ‪ :‬أنشأ واخترع ‪.‬‬


‫في أمرنا ‪ :‬ديننا ‪.‬‬
‫ما ليس منه ‪ :‬من الدين ‪ ،‬بأن ل يشهد له شيء من أدلة الشرع و قواعده العامة ‪.‬‬
‫فهو ‪ :‬المر المحدث ‪.‬‬
‫رد ‪ :‬مردود غأير مقبول ‪ :‬من إطلق المصدر وإرادة إسم المفعول ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬

‫رد كل محدثة في الدين ل توافق الشرع ‪ ،‬وفي الرواية الثانية التصريح بترك كل‬ ‫‪-1‬‬
‫محدثة سواء أحدثها فاعلها أو سبق إليها ‪ ،‬فإنه قد يحتج بعض المعاندين إذا فعل البدعة‬
‫يقول ‪ :‬ما أحدثت شيئا ‪ ،‬فيحتج عليه بالرواية الثانية ) من عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد‬
‫( ‪ ،‬وينبغي حفظ هذا الحديث ‪ ،‬واستعماله في رد المنكراتا ‪.‬‬
‫أن كل ما شهد له شيء من أدلة الشرع أو قواعده العامة ليس يرد بل هو مقبول ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫إبطال جميع العقود المنهي عنها ‪ ،‬وعدم جود ثمراتها المترتبة عليها ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أن النهي يقتضي الفساد ‪ ،‬لن المنهياتا كلها ليست من أمر الدين فيجب ردها ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أن حكم الحاكم ل يغير ما في باطن المر ‪ ،‬لقوله ) ليس عليه أمرنا ( والمراد به‬ ‫‪-5‬‬
‫الدين ‪.‬‬
‫أن الصلح الفاسد منتقض ‪ ،‬والمأخوذ عنه مستحق للرد‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫الحديث السادس‬

‫عن أبي عبد ال النعمان بن بشير رضي ال عنهما قال سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم يقول ‪ ) :‬إن الحلل بين ‪ ،‬وإن الحرام بين ‪ ،‬وبينهما أمور مشتبهاتا ل يعلمهن كثير من‬
‫الناس ‪ ،‬فمن اتقى الشبهاتا فقد استبرأ لدينه وعرضه ‪ ،‬ومن وقع في الشبهاتا وقع في الحرام ‪،‬‬
‫كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه أل وإن لكل ملك حمى ‪ ،‬أل وإن حمى ال‬
‫محارمه ‪ ،‬أل وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدتا فسد الجسد‬
‫كله ‪ ،‬أل وهي القلب (( ‪ .‬رواه البخاري و مسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫الحلل ‪ :‬وهو ما نص ال ورسوله ‪ ،‬أو أجمع المسلمون على تحليله ‪ .‬أو لم يعلم فيه منع ‪.‬‬
‫بين ‪ :‬ظاهر ‪.‬‬
‫الحرام ‪ :‬وهو ما نص أو أجمع على تحريمه ‪ ،‬أو على أن فيه حدا أو تعزيزا ‪ ،‬أو وعيدا ‪.‬‬
‫أمور‪ :‬شئون وأحوال ‪.‬‬
‫مشتبهاتا ‪ :‬ليست بواضحة الحل ول الحرمة ‪.‬‬
‫ل يعلمهن كثير من الناس ‪ :‬في راية الترمذي‪ ،‬ل يدري كثير من الناس أمن الحلل هي أم من‬
‫الحرام ‪.‬‬
‫اتقى الشبهاتا ‪ :‬تركها وحذر منها ‪ .‬وفيه إيقاع الظاهر موقع المضمر تفخيما لشأن اجتناب‬
‫الشبهاتا ‪ ،‬إذا هي المشتبهاتا بعينها ‪.‬‬
‫استبرأ لدينه ‪ :‬طلب البراءة له من الذم الشرعي وحصلها له ‪.‬‬
‫وعرضه ‪ :‬يصونه عن كلم الناس فيه بما يشينه ويعيبه ‪ .‬والعرض ‪ :‬موضع المدحا والذم من‬
‫النسان ‪.‬‬
‫ومن وقع في الشبهاتا وقع في الحرام ‪ :‬إي إذا اعتادها واستمر عليها ‪ .‬أدته إلى التجاسر إلى‬
‫الوقوع في الحرام ‪.‬‬
‫حول الحمى ‪ :‬المحمى المحظور عن غأير مالكه ‪.‬‬
‫يرتع فيه ‪ :‬بفتح التاء ‪ ،‬تأكل ماشيته منه فيعاقب ‪.‬‬
‫وأن لكل ملك ‪ :‬من ملوك العرب ‪.‬‬
‫حمى ‪ :‬موضعا يحميه عن الناس ‪ ،‬ويتوعد من دخل إليه أو قرب منه ‪ ،‬بالعقوبة الشديدة ‪.‬‬
‫محارمه ‪ :‬جمع محرم ‪ ،‬وهو فعل المنهي عنه ‪ ،‬أو ترك المأمور به الواجب ‪.‬‬
‫أل ‪ :‬حرف استفتاحا ‪ ،‬يدل على تحقق ما بعدها ‪ .‬وفي تكرير ها دليل على عظم شأن مدخولها‬
‫وعظم موقعه‪.‬‬
‫مضغة ‪ :‬قطعة لحم ‪.‬‬
‫صلحت ‪ :‬بفتح اللم وضمها ‪ ،‬والفتح أشهر وقيد بعضهم الضم بالصلحا الذي صار سجية ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫الحث على فعل الحلل ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اجتناب الحرام والشبهاتا ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن للشبهاتا حكما خاصا بها ‪ ،‬عليه دليل شرعي يمكن أن يصل إليه بعض الناس‬ ‫‪-3‬‬
‫وإن خفي على الكثير ‪.‬‬
‫المحافظة على أمور الدين ومراعاة المروءة ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أن من لم يتوق الشبهة في كسبه ومعاشه فقد عرض نفسه للطعن فيه ‪ ،‬ويعتبر هذا‬ ‫‪-5‬‬
‫الحديث من أصول الجرحا والتعديل لما ذكر ‪.‬‬
‫سد الذرائع إلى المحرماتا ‪ ،‬وأدلة ذلك في الشريعة كثيرة ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ضرب المثال للمعاني الشرعية العملية ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫التنبيه على تعظيم قدر القلب والحث على إصلحه ‪ ،‬فإن أمير البدن بصلحه يصلح‬ ‫‪-8‬‬
‫‪ ،‬وبفساده يفسد ‪.‬‬
‫إن لطيب الكسب أثرا في إصلحه ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫الحديث السابع‬

‫عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي ال تعالى عنه أن النبي صلى ال عليه وآله وسلم قال ‪:‬‬
‫)) الدين النصيحة ‪ ،‬قلنا لمن ؟ قال ل ولكتابه ولرسوله ولئمة المسلمين وعامتهم (( رواه مسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫الدين ‪ :‬دين السلم ‪.‬‬


‫النصيحة ‪ :‬تصفية النفس من الغش للمنصوحا له ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬معشر السامعين ‪.‬‬
‫ل ‪ :‬باليمان به ونفي الشريك عنه ‪ ،‬وترك اللحاد في صفاته ‪ ،‬ووصفه بما وصف به نفسه ووصفه‬
‫به رسوله ‪ ،‬وتنزيهه عن جميع النقائص‪ .‬والرغأبة في محابه بفعل طاعته ‪ ،‬الرهبة من مساخطه بترك‬
‫معصيته ‪ ،‬والجتهاد في رد العصاة إليه ‪.‬‬
‫ولكتابه ‪ :‬باليمان ‪ ،‬بأنه كلمه وتنزيله ‪ ،‬وتلوته حق تلوته وتعظيمه ‪ ،‬والعمل بما فيه والدعاء إليه ‪.‬‬
‫ولرسوله ‪ :‬بتصديق رسالته ‪ ،‬واليمان بجميع ما جاء به وطاعته ‪ ،‬وإحياء سنته بتعلمها وتعليمها ‪،‬‬
‫والقتداء به في أقوله وأفعاله ‪ ،‬ومحبته ومحبة أتباعه ‪.‬‬
‫ولئمة المسلمين ‪ :‬الولة بإعانتهم على ما حملوا القيام به وطاعتهم وجمع الكلمة عليهم ‪ ،‬وأمرهم‬
‫بالحق ورد القلوب النافرة إليهم ‪ ،‬وتبليغهم حاجاتا المسلمين ‪ ،‬والجهاد معهم والصلة خلفهم ‪،‬‬
‫وأداء الزكاة إليهم وترك الخروج عنهم بالسيف إذا ظهر منهم حيف ‪ ،‬والدعاء لهم بالصلحا ‪ .‬وأما‬
‫أئمة العلم فالنصيحة لهم بث علومهم ونشر مناقبهم ‪ ،‬وتحسين الظن بهم ‪.‬‬
‫وعامتهم ‪ :‬بالشفقة عليهم ‪ ،‬وإرشادهم إلى مصالحهم ‪ ،‬والسعي فيما يعود نفعه عليهم ‪ ،‬وكف الذى‬
‫عنهم ‪ ،‬وأن بحب لهم ما يحب لنفسه ‪،‬و يكره لهم ما يكره لنفسه ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫المر بالنصيحة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أنها تسمى دينا وإسلما ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن الدين يقع على العمل كما يقع على القول ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أن للعالم أن يكل فهم ما يلقيه إلى السامع ‪،‬ول يزيد له في البيان حتى يسأله السامع‬ ‫‪-4‬‬
‫لتشوق نفسه حينئذ إليه ‪ ،‬فيكون أوقع في نفسه مما إذا هجمه به من أول وهلة ‪.‬‬
‫الحديث الثامن‬

‫عن ابن عمر رضي ال تعالى عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم قال ‪ )) :‬أمرتا‬
‫أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال ‪ ،‬ويقيموا الصلة ‪ ،‬ويؤتوا‬
‫الزكاة ‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إل بحق السلم وحسابهم على ال تعالى‬
‫(( رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫أمرتا ‪ :‬أمرني ربي ‪ ،‬لنه ل آمر لرسول ال صلى ال عليه وسلم إل ال عز وجل ‪.‬‬
‫أن أقاتل ‪ :‬بأن أقاتل ‪ ،‬وحذف الجار من ) أن ( كثير‪.‬‬
‫الناس ‪ :‬المشركين من غأير أهل الكتاب ‪ ،‬لرواية النسائي )) أمرتا أن أقاتل المشركين حتى‬
‫يشهدوا أن ل إله إل ال ‪ ،‬يبين معنى هذه الكلمة ‪ ،‬رواية مسلم عن طارق ) من وحد ال وكفر‬
‫بما يعبد من دون ال حرم ماله ودمه (‪.‬‬
‫ويقيموا الصلة ‪ :‬يداوموا على التيان بها بشروطها ‪ .‬والمراد بالصلة هنا المفروضة ل جنسها ‪.‬‬
‫ويؤتوا الزكاة ‪ :‬يعطوا الزكاة المفروضة لمستحقيها ‪.‬‬
‫فإذا فعلوا ذلك ‪ :‬عبر بالفعل هنا عما بعضه قول على سبيل التغليب ( أو إرادة المعنى العم ‪،‬‬
‫إذ القول فعل اللسان ‪.‬‬
‫عصموا ‪ :‬منعوا وحفظوا ‪.‬‬
‫إل بحق السلم ‪ :‬بأن يصدر منهم ما يقتضي حكم السلم مؤاخذتهم به من قصاصا أو حد أو‬
‫غأرامة متلف أو نحو ذلك ‪.‬‬
‫وحسابهم ‪ :‬في سرائرهم ‪.‬‬
‫على ال ‪ :‬إذ هو المطلع وحده على ما في القلوب من كفر ونفاق وغأير ذلك فمن أخلص في‬
‫إيمانه جازاه جزاء المخلصين ‪ ،‬ومن ل ‪ ،‬أجرى عليه في الدنيا أحكام المسلمين ‪ ،‬وعذب في‬
‫الخرة ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫اشتراط التلفظ بكلمتي الشهادة في الحكم بالسلم ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أنه ل يكف عن قتال المشركين إل بالنطق بهما ‪ ,‬وأما أهل الكتاب فيقاتلون إلى‬ ‫‪-2‬‬
‫إحدى غأايتين ‪ :‬السلم ‪ ،‬أو أداء الجزية ‪ ،‬للنصوصا الدالة على ذلك ‪.‬‬
‫مقاتلة تاركي الصلة والزكاة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أن السلم يعصم الدم والمال ‪ ،‬وكذلك العرض ‪ ،‬الحديث ) إن دماءكم وأموالكم‬ ‫‪-4‬‬
‫وأعراضكم عليكم حرام ‪ ((......‬الحديث ‪.‬‬
‫أن الحكام إنما تجري على الظواهر ‪ ،‬وال يتولى السرائر ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أنه ل يجب تعلم أدلة المتكلمين ومعرفة ال بهما ‪ ،‬فإن النبي صلى ال عليه وسلم‬ ‫‪-6‬‬
‫اكتفى بما ذكر في الحديث ولم يشترط معرفة الدلة الكلمية ‪ ،‬والنصوصا المتظاهرة بعدم‬
‫اشتراطها يحصل بمجموعها التواتر والعلم القطعي ‪.‬‬
‫مؤاخذه من أتى بالشهادتين وأقام الصلة وآتى الزكاة بالحقوق السلمية ‪ ،‬من‬ ‫‪-7‬‬
‫قصاصا أو حد أو غأرامة متلف ونحو ذلك ‪.‬‬
‫الحديث التاسع‬

‫عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي ال تعلى عنه قال سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم يقول ‪ )) :‬ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم فإنما أهلك الذين من‬
‫قبلكم كثرة مسائلهم واختلفهم على أنبيائهم (( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫فاجتنبوه ‪ :‬باعدوا منه حتما في المحرم ‪ ،‬وندبا في المكروه ‪.‬‬
‫فأتوا منه ‪ :‬وجوبا في الواجب ‪ ،‬وندبا في المندوب ‪.‬‬
‫استطعتم ‪ :‬أطقتم ‪.‬‬
‫واختلفهم ‪ :‬بالرفع ‪ ،‬لنه أبلغ في ذم الختلف ‪ ،‬إذ ل يتقيد حينئذ بكثرة خلفه لو جر ‪ ،‬ومعنى‬
‫الختلف على النبياء مخالفتهم ‪ .‬وهي تستلزم اختلف المة فيما بينها ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫المر بامتثال الوامر ‪ ،‬واجتناب النواهي ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن النهي أشد من المر ‪ ،‬لن النهي لم يرخص في ارتكاب شيء منه ‪ ،‬وأمر قيد‬ ‫‪-2‬‬
‫بالستطاعة ‪ ،‬ولهذا قال بعض السلف ‪ :‬أعمال البر يعملها البار والفاجر ‪ ،‬والمعاصي ل‬
‫يتركها إل صديق ‪.‬‬
‫أن العجز عن الواجب أو عن بعضه مسقط للمعجوز عنه ‪ ،‬لن ال ل يكلف نفسا‬ ‫‪-3‬‬
‫إل وسعها ‪ ،‬إل أن المعجوز عنه إن كان له بدل فأتى به فقد أتى بما عليه ‪ ،‬كمن عجز عن‬
‫القيام في الصلة فانتقل إلى الصلة قاعدا ‪ ،‬أو على جنب ‪ ،‬وإن عجز عن أصل العبادة فلم‬
‫يأتا بها كالمريض يعجز عن الصيام سقطت عنه المباشرة حالة العجز ‪ ،‬ووجب عليه القضاء‬
‫بعده ‪ .‬وقد يكون الوجوب منوطا بالقدرة حالة الوجوب فقط ‪ ،‬فإذا عجز عنه سقط رأسا‬
‫كزكاة الفطر لمن عجز عن قوته وقوتا عياله ‪.‬‬
‫النهي عن كثرة السؤال ‪ .‬وقد قسم العلماء السؤال إلى قسمين ‪ :‬أحدهما _ ما كان‬ ‫‪-4‬‬
‫على وجه التعليم لما يحتاج إليه من أمر الدين ‪ ،‬فهذا مأمور به لقوله تعالى ‪ ) :‬فاسألوا أهل‬
‫الذكر إن كنتم ل تعلمون ( وعلى هذا النوع تتنزل أسئلة الصحابة عن النفال والكللة‬
‫وغأيرهما ‪ .‬والثاني _ ما كان على وجه التعنت والتكلف وهذا هو المنهي عنه ‪.‬‬
‫تحذير هذه المة من مخالفة نبيها ‪ ،‬كما وقع في المم التي قبلها ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫الحديث العاشر‬

‫عن أبي هريرة رضي ال تعالى عنه قال قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ‪ )) :‬إن ال تعالى‬
‫طيب ل يقبل إل طيبا ‪ ،‬وإن ال أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى ‪ ) :‬يا أيها الرسل كلوا‬
‫من الطيباتا واعملوا صالحا( وقال تعالى ‪ ) :‬يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيباتا ما رزقناكم ( ثم‬
‫ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغأبر يمد يديه إلى السماء يا رب ‪ ،‬يا رب ‪ ،‬ومطعمه حرام ومشربه‬
‫حرام ‪ ،‬وملبسه حرام ‪ ،‬وغأذي بالحرام فأنى يستجاب له (( رواه مسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫طيب ‪ :‬مقدس منزه عن النقائص والعيوب ‪.‬‬


‫ل يقبل ‪ :‬من العمال والموال ‪.‬‬
‫إل طيبا ‪ :‬وهو من العمال ما كان خاليا من الرياء والعجب ‪ ،‬و غأيرهما من المفسداتا ‪ ،‬ومن‬
‫الموال الحلل الخالص ‪.‬‬
‫بما أمر به المرسلين ‪ :‬من الكل من الطيباتا والعمل الصالح ‪.‬‬
‫أشعث ‪ .‬جعد الرأس ‪.‬‬
‫أغأبر ‪ :‬مغبر اللون لطول سفره في الطاعاتا ‪.‬‬
‫يمد يديه ‪ :‬يرفعها بالدعاء إلى ال تعالى ‪.‬‬
‫غأذى ‪ :‬بضم الغين المعجمة وتخفيف الذال المكسورة ‪.‬‬
‫فأنى يستجاب له ‪ :‬من أين يستجاب لمن هذه صفته ‪ .‬والمراد أنه ليس أهل للجابة ‪ ،‬وليس صريحا‬
‫في استحالتها بالكلية ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫المر بإخلصا العمل ل عز وجل ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الحث على النفاق من الحلل‬ ‫‪-2‬‬
‫النهي عن النفاق من غأيره ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أن الصل استواء النبياء مع أممهم في الحكام الشرعية ‪ ،‬إل ما قام الدليل على أنه‬ ‫‪-4‬‬
‫مختص بهم ‪.‬‬
‫أن التوسع في الحرام يمنع قبول العمل وإجابة الدعاء ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أن من أسباب إجابة الدعاء أربعة أشياء ‪ :‬أحدها _ إطالة السفر لما فيه من النكسار‬ ‫‪-6‬‬
‫الذي هو من أعظم أسباب الجابة ‪ .‬الثاني ‪ :‬رثاثة الهيئة ‪ ،‬ومن ثم قال النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ) :‬رب أشعث أغأبر ذي طمرين مدفوع بالبواب لو أقسم على ال لبره ‪ .‬الثالث ‪:‬‬
‫مد اليدين إلى السما ء فإن ال حيي كريم ‪ ،‬يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفر‬
‫خائبتين ‪ .‬الرابع ‪ :‬اللحاحا على ال بتكرير ذكر ربوبيته ‪ ،‬وهو من أعظم ما يطلب به إجابة‬
‫الدعاء ‪.‬‬
‫الحديث الحادي عشر‬

‫عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم وريحانته‬
‫رضي ال عنهما قال ‪ :‬حفظت من رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ‪ )) :‬دع ما يريبك إلى ما ل‬
‫يريبك (( رواه الترمذي والنسائي ‪ .‬وقال الترمذي حديث حسن صحيح ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫سبط رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ابن ابنته فاطمة رضي ال عنها ‪.‬‬
‫وريحانته ‪ :‬شبهه لسروره وفرحه به وإقبال نفسه عليه بريحان طيب الرائحة ‪ ،‬تهش إليه النفس وترتاحا‬
‫له ‪.‬‬
‫دع ‪ :‬اترك ‪.‬‬
‫ما يريبك ‪ :‬بفتح ياء المضارعة وضمها ‪ ،‬والفتح أفصح وأشهر ‪ :‬أي ما تشك فيه ‪.‬‬
‫إلى مال يريبك ‪ :‬ما ل تشك فيه ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫أن على المسلم بناء أموره على اليقين ‪ .‬وأن يكون في دينه على بصيرة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫النهي عن الوقوع في الشبهاتا ‪ ،‬والحديث أصل عظيم في الورع وقد روى الترمذي‬ ‫‪-2‬‬
‫من حديث عطية السعدي مرفوعا )) ل يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما ل بأس‬
‫به حذرا مما به البأس ((‪.‬‬
‫الحديث الثاني عشر‬

‫عن أبي هريرة رضي ال تعالى عنه قال قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ‪ )) :‬من حسن‬
‫إسلم المرء تركه ما ل يعنيه (( حديث حسن ‪ ،‬رواه الترمذي وغأيره هكذا ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫من ‪ :‬تبعيضية ‪ ،‬أو بيانية ‪.‬‬
‫ما ل يعنيه ‪ :‬بفتح ياء المضارعة ‪ ،‬من عناء المر إذا تعلقت به عنايته ‪ ،‬وكان من قصده وإرادته ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫أن من قبح إسلم المرء أخذه فيما ل يعنيه ‪ ،‬وهو الفضول كله على اختلف أنواعه‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ ،‬فإن معاناته ضياع للوقت النفيس الذي ل يمكن أن يعوض فائته فيما لم يخلق لجله ‪.‬‬
‫الحث على الشتغال بما يعني ‪ ،‬وهو ما يفوز به المرء في معاده من السلم واليمان‬ ‫‪-2‬‬
‫والحسان ‪ ،‬وما يتعلق بضرورة حياته في معاشه ‪ ،‬فإن المشتغل بهذا يسلم من المخاصماتا‬
‫وجميع الشرور ‪.‬‬
‫الحديث الثالث عشر‬

‫عن أبي حمزة أنس بن مالك رضي ال تعالى عنه خادم رسول ال صلى ال عليه وسلم عن النبي‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم قال ‪ )) :‬ل يؤمن أحدكم حتى يحب لخيه ما يحب لنفسه (( رواه‬
‫البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫ل يؤمن ‪ :‬يفسر هذا النفي رواية أحمد بلفظ ) ل يبلغ عبد حقيقة اليمان حتى يحب للناس ما‬
‫يحب لنفسه من الخير ‪ ،‬وكثيرا ما يأتي هذا النفي لنتفاء بعض واجباتا اليمان وإن بقي أصله ‪.‬‬
‫لخيه ‪ :‬في السلم ‪.‬‬
‫ما يحب لنفسه ‪ :‬من الخير كما في رواية أحمد المتقدمة ‪ .‬والخير كلمة جامعة تعم الطاعاتا و‬
‫المباحاتا الدينية والدنيوية ‪ .‬وتخرج المنهياتا ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -‬أن من خصال اليمان أن يحب المرء لخيه ما يحب لنفسه ‪ ،‬ويستلزم ذلك أن يبغض له ما‬
‫يبغض لنفسه ‪ ،‬وبهذا تنتظم أحوال المعاش والمعاد ‪ ،‬ويجري الناس على مطابقة قوله تعالى ‪:‬‬
‫) واعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا ‪ ،‬وعماد ذلك وأساسه ‪ :‬السلمة من المراض القلبية‬
‫‪ ،‬كالحسد وغأيره ‪.‬‬
‫الحديث الرابع عشر‬

‫عن ابن مسعود رضي ال تعالى عنه قال قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ )) :‬ل يحل دم امريء‬
‫مسلم إل بإحدى ثلث ‪ :‬الثيب الزاني ‪ ،‬والنفس بالنفس ‪ ،‬والتارك لدينه المفارق للجماعة (( ‪ .‬رواه‬
‫البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫ل يحل دم امريء ‪ :‬ل تجوز إراقة دمه ‪ .‬والمراد النهي عن قتله ولو لم يرق دمه ‪.‬‬
‫مسلم ‪ :‬في رواية )) يشهد أن ل إله إل ال وأني رسول ال (( وهي صفة كاشفة ‪.‬‬
‫إل بإحدى ثلث ‪ :‬خصال يجب على المام القتل بها لما فيه من المصلحة العامة ‪،‬وهي حفظ‬
‫النفوس والنساب والدين ‪.‬‬
‫الثيب الزاني ‪ :‬من تزوج ووطي في نكاحا صحيح ثم زنى بعد ذلك فإنه يرجم حتى يموتا ‪.‬‬
‫والنفس بالنفس ‪ :‬من قتل عمدا بغير حق فإنه يقتل بشرط المكافأة في الدين والحرية ‪ .‬فل يقتل‬
‫المسلم بالكافر ‪ ،‬ول الحر بالعيد ‪.‬‬
‫والتارك لدينه ‪ :‬السلم بالرتداد ‪.‬‬
‫المفارق للجماعة ‪ :‬جماعة المسلمين ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬

‫أن دم المسلم ل يباحا إل بإحدى ثلثة أنواع ‪ :‬ترك دين السلم ‪ ،‬وقتل النفس‬ ‫‪-1‬‬
‫بالشروط المتقدمة ‪ ،‬وانتهاك حرمة الفرج المحرم بالزنى بعد الوطء في نكاحا صحيح ‪.‬‬
‫جواز وصف الشخص بما كان عليه أول ‪ ،‬وانتقل عنه لستثناء المرتد من المسلمين‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ ،‬اعتبارا لما كان عليه قبل مفارقة دينه ‪.‬‬
‫الحديث الخامس عشر‬

‫عن أبي هريرة رضي ال تعالى عنه أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال ‪ )) :‬من كان يؤمن‬
‫بال واليوم الخر فليقل خيرا أو ليصمت ‪ ،‬ومن كان يؤمن بال واليوم الخر فليكرم جاره ‪ ،‬ومن‬
‫كان يؤمن بال واليوم الخر فليكرم ضيفه (( رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫يؤمن ‪ :‬اليمان الكامل المنجي من عذاب ال الموصل إلى رضاه‬
‫بال ‪ :‬أنه الذي خلقه ‪.‬‬
‫واليوم الخر ‪ :‬أنه سيجازى فيه بعمله ‪.‬‬
‫فليقل ‪ :‬هذه اللم لم المر ‪ ،‬ويجوز سكونها وكسرها لكونها بعد الفاء ‪.‬‬
‫خيرا ‪ :‬كالبلغا عن ال وعن رسوله ‪ ،‬وتعليم الخير والمر بالمعروف عن علم وحلم ‪ ،‬والنهي عن‬
‫المنكر عن علم ورفق ‪ ،‬والصلحا بين الناس ‪ ،‬والقول الحسن لهم ‪ ،‬وكلمة حق عند من يخاف‬
‫شره ويرجى خيره ‪ ،‬في ثباتا وحسن قصد ‪.‬‬
‫ليصمت ‪ :‬بضم الميم وكسرها ‪ ،‬ليسكت ‪.‬‬
‫فليكرم جاره ‪ :‬بالحسان إليه وكف الذى عنه ‪ ،‬وتحمل ما يصدر منه ‪ ،‬والبشر في وجهه ‪ ،‬وغأير‬
‫ذلك من وجوه الكرام ‪.‬‬
‫فليكرم ضيفه ‪ :‬بالبشر في وجهه ‪ ،‬وطيب الحديث معه ‪ ،‬وإحضار المتيسر ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬

‫التحذير من آفاتا اللسان ‪ ،‬وأن على المرء أن يتفكر فيما يريد أن يتكلم به ‪ ،‬فإذا‬ ‫‪-1‬‬
‫ظهر له أنه ل ضرر عليه في التكلم به تكلم به ‪ ،‬وإن ظهر له فيه ضرر أو شك فيه أمسك ‪،‬‬
‫وقد ندب الشارع إلى المساك عن كثير من المباحاتا ‪ ،‬لئل تجر صاحبها إلى المحرماتا‬
‫والمكروهاتا ‪.‬‬
‫تعريف حق الجار ‪ ،‬والحث على حفظ جواره وإكرامه وجاء في تفسير هذا الكرام‬ ‫‪-2‬‬
‫عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪ )) :‬إن إستقرضك أقرضته ‪ ،‬وإن استعانك أعنته ‪ ،‬وإن‬
‫مرض عدته ‪ ،‬وإن احتاج أعطيته ‪ ،‬وإن افتقر عدتا عليه ‪ ،‬وأصابه خير هنيته ‪ ،‬وإن أصابته‬
‫مصيبة عزيته ‪ ،‬وإذا ماتا اتبعت جنازته ‪ ،‬ول تستطيل عليه بالبناء فتحجب عنه الرياحا إل‬
‫بإذنه ‪ ،‬ول تؤذيه بريح قدرك إل أن تغرف له منها ‪ ،‬وإن اشتريت فاكهة فأهد له ‪ ،‬وإن لم‬
‫تفعل فأدخلها سرا ‪ ،‬ول تخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده‪ .‬وفي بغض رواياته )) وإن أعوز‬
‫سترته ‪ ،‬وأسانيد هذا الحديث واهية ‪ ،‬لكن اختلف مخارجها يشعر بأن له أصل في فتح‬
‫الباري ‪.‬‬
‫المر بإكرام الضيف ‪ ،‬وهو من آداب السلم وخلق النبيين ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أن هذه الخصال من شعب اليمان ‪.‬وفي ذلك دليل على دخول العمال في اليمان‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ .‬والخصال المذكورة في الحديث ترجع إلى التخلي عن الرذيلة ‪ ،‬والتحلي بالفضيلة ‪.‬‬
‫الحديث السادس عشر‬

‫عن أبي هريرة رضي ال تعالى عنه أن رجل قال للنبي صلى ال عليه وآله وسلم ‪ :‬أوصني ‪ ،‬قال ‪)) :‬‬
‫ل تغضب فردد مرارا قال ل تغضب (( ‪ .‬رواه البخاري ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫رجل ‪ :‬لعله أبو الدرداء ‪ ،‬والقول بأنه جارية بن قدامة عارضه يحيى القطان بأن جارية المذكور تابعي‬
‫ل صحابي ‪.‬‬
‫أوصني ‪ :‬وصية وجيزة جامعة لخصال الخير ‪.‬‬
‫ل تغضب ‪ :‬ل تتعرض لما يجلب الغضب ‪ ،‬ول تفعل ما يأمرك به ‪.‬‬
‫فردد‪ :‬كرر ذلك الرجل قوله )) أوصني (( يلتمس أنفع من ذلك ‪ ،‬أو أبلغ أو أعم ‪.‬‬
‫مرارا‪ :‬في رواية عثمان بن أبي شيبة بيان عددها ‪ ،‬فإنها بلفظ )) ل تغضب ثلث مراتا ((‪.‬‬
‫قال ‪ :‬النبي صلى ال عليه وسلم له في المرة الثانية والثالثة ‪.‬‬
‫ل تغضب ‪ :‬فيه بتكرارها على عظيم نفعها وعمومه ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫معالجة كل ذي مرض بما يناسب مرضه ‪ ،‬إن صح أن النبي صلى ال عليه وسلم‬ ‫‪-1‬‬
‫خص هذا الرجل بهذه الوصية ‪ .‬لنه كان غأضوبا ‪.‬‬
‫التحذير من الغضب فإنه جماع الشر ‪ ،‬و التحرز منه جماع الخير ‪ ،‬وفي هذا الوصية‬ ‫‪-2‬‬
‫استجلب المصلحة ‪ ،‬ودرء المفسدة ما يتعذر إحصاؤه ‪ ،‬فإن الغضب يترتب عليه من‬
‫المفاسد تغير الظاهر والباطن والثر القبيح في اللسان ‪ ،‬أما تغير الظاهر ‪ ،‬فبتغير اللون‬
‫والرعدة في الطراف ‪ ،‬وخروج الفعال من غأير ترتيب ‪ ،‬واستحالة الخلقة ‪ ،‬بحيث لو رأى‬
‫الغضبان نفسه ل ستحيا من قبح صورته ‪ ،‬وأما الباطن أشد ‪ ،‬لنه يولد الحقد في القلب‬
‫والحسد ‪ ،‬وإضمار السوء على اختلف أنواعه ‪ ،‬بل تغير ظاهره ثمرةتغير باطنه ‪ ،‬وأما أثره في‬
‫اللسان فانطلقه بالشتم والفحش الذي يستحى منه العاقل ‪ ،‬ويندم قائله عند سكون الغضب‬
‫‪ ،‬ويظهر أثر الغضب أيضا في الفعل بالضرب أو القتل ‪ ،‬وإن فاتا ذلك بهروب المغضوب‬
‫عليه رجع الغضبان إلى نفسه فيمزق ثوبه ‪ ،‬ويلطم خده ‪ ،‬وربما سقط صريعا ‪ ،‬وربما أغأمى‬
‫عليه ‪ ،‬وربما كسر النية ‪ ،‬أو ضرب من ليس له جريمة في ذلك ‪.‬‬
‫المر بالخلق التي إذا تخلق بها المرء وصارتا له عادة دفعت عنه الغضب عند‬ ‫‪-3‬‬
‫حصول أسبابه ‪ ،‬كالكرم والسخاء ‪ ،‬والحلم والحياء ‪ ،‬والتواضع والحتمال ‪ ،‬وكف الذى‬
‫‪،‬والصفح والعفو‪ ،‬وكظم الغيظ والشر ‪ ،‬ونحو ذلك من الخلق الجميلة ‪.‬‬
‫الحديث السابع عشر‬

‫عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي ال تعالى عنه عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال ‪:‬‬
‫)) إن ال كتب الحسان على كل شيء ‪ ،‬فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ‪ ،‬وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة‬
‫‪ ،‬وليحد أحدكم شفرته ‪ ،‬وليرحا ذبيحته (( ‪ .‬رواه مسلم‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫كتب ‪ :‬أوجب ‪.‬‬


‫على كل شيء ‪ )) :‬على (( هنا بمعنى )) إلى (( أو )) في ((‬
‫فإذا قتلتم ‪ :‬قودا أو حدا ‪.‬‬
‫فأحسنوا القتلة ‪ :‬بأن تختاروا أسهل الطرق وأخفها وأسرعها زهوقا ‪ ،‬القتلة بكسر القاف ‪.‬‬
‫وإذا ذبحتم ‪ :‬ما يحل ذبحه من البهائم ‪.‬‬
‫فأحسنوا الذبحة ‪ :‬بأن ترفقوا بالبهيمة وبإحداد اللة ‪ ،‬وتوجيهها القبلة والتسمية ‪ ،‬ونية التقرب‬
‫بذبحها إلى ال ‪.‬‬
‫وليحد ‪ :‬بضم الياء ‪ ،‬من حد السكين ‪ ،‬وبفتحها من حد شفرته بفتح الشين ‪ ،‬آلة الذبح ‪.‬‬
‫وليرحا ‪ :‬بضم الياء ‪.‬‬
‫ذبيحته‪ :‬مذبوحته ‪ ،‬فعيلة بمعنى مفعولة ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫المر بالحسان وهو في كل شيء بحسبه ‪ ،‬فالحسان في التيان بالواجباتا‬ ‫‪-1‬‬
‫الظاهرة والباطنة ‪:‬التيان بها على وجه كمال واجباتها ‪ ،‬فهذا القدر من الحسان فيها واجب‬
‫‪ ،‬وأما الحسان بإكمال مستحباتها فمستحب ‪ ،‬والحسان في ترك المحرماتا ‪ :‬النتهاء‬
‫عنها وترك ظاهرها وباطنها ‪ ،‬وهذا القدر منه واجب ‪ ،‬والحسان في الصبر على المقدوراتا‬
‫‪ ،‬الصبر عليها من غأير تسخط ‪ ،‬ول جزع ‪ .‬والحسان الواجب في معاملة الخلق ومعاشرتهم‬
‫‪ :‬القيام بما أوجب ال من حقوقهم ‪ .‬والحسان الواجب في ولية الخلق ‪ :‬القيام فيهم‬
‫بواجباتا الولية المشروعة ‪ .‬والحسان في قتل ما يجوز قتله من الدواب ‪ :‬إزهاق نفسه‬
‫على أسرع الوجوه وأسهلها وأرجاها ‪ ،‬من غأير زيادة في التعذيب ‪ ،‬فإنه إيلم ل حاجة إليه ‪.‬‬
‫النهي عما كانت عليه الجاهلية من التمثيل في القتل بجدع النوف وقطع الذان‬ ‫‪-2‬‬
‫واليدي والرجل ‪ ،‬ومن الذبح بالمدى الكالة ونحوها مما يعذب الحيوان ‪ ،‬ومن أكلهم‬
‫المنخنقة ‪ ،‬وما ذكر معها في آية المائدة ‪.‬‬
‫الحديث الثامن عشر‬

‫عن أبي ذر جندب بن جنادة ‪ ،‬وأبي عبد الرحمن معاذ ابن جبل رضي ال تعالى عنهما عن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله وسلم قال ‪ )) :‬اتق ال حيثما كنت ‪ ،‬وأتبع السيئة الحسنة تمحها ‪ ،‬وخالق‬
‫الناس بخلق حسن (( رواه الترمذي وقال ‪ :‬حديث حسن ‪ ،‬وفي بعض النسخ ‪ :‬حسن صحبح‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫اتق ال ‪ :‬بامتثال أمره واجتناب نهيه ‪ ،‬والوقوف عند حده ‪.‬‬
‫حيثما كنت ‪ :‬في أي مكان كنت فيه حيث يراك الناس ‪ ،‬وحيث ل يرونك ‪ ،‬فإنه مطلع عليك ‪.‬‬
‫وأتبع ‪ :‬بالهمزة ‪ ،‬وسكون المثناة فوق ‪ ،‬وكسر الموحدة ‪ :‬ألحق ‪.‬‬
‫السيئة ‪ :‬وهي ترك بعض الواجباتا ‪ ،‬أو ارتكاب بعض المحظوراتا ‪.‬‬
‫الحسنة ‪ :‬التوبه منها ‪ .‬أو التيان بحسنة أخرى ‪.‬‬
‫تمحها ‪ :‬تمح عقابها من صحف الملئكة وأثرها السيء في القلب ‪.‬‬
‫وخالق الناس ‪ :‬عاملهم ‪.‬‬
‫بخلق حسن ‪ :‬وهو أن تفعل معهم ما تحب أن يفعلوه معك ‪ ،‬فبذلك تجمع القلوب ‪ ،‬وتتفق الكلمة‬
‫‪ ،‬وتنتظم الحوال ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬المر بتقوى ال ‪ ،‬وهو وصية ال لجميع خلقه ‪ ،‬ووصية الرسول صلى ال عليه وسلم لمته ‪.‬‬
‫‪ -2‬إن التيان بالحسنة عقب السيئة يمحو السيئة ‪ .‬وهذا من فضل ال تعالى على عبده ‪ ،‬فإنه ل‬
‫بد أن يقع منه أحيانا تفريط في التقوى ‪ :‬إما بترك بعض المأموراتا ‪ ،‬أو بارتكاب بعض‬
‫المحظوراتا ‪ ،‬فأمره ال بفعل ما يمحو ذلك التفريط ‪ ،‬وهو أن يتبعه بالحسنة ‪.‬‬
‫‪ -3‬الترغأيب في حسن الخلق ‪ ،‬وهو من خصال التقوى التي ل تتم التقوى إل به ‪ ،‬وإنما أفرد‬
‫بالذكر للحاجة إلى بيانه ‪ ،‬فإن كثيرا من الناس يظن أن التقوى بمجرد القيام بحق ال دون‬
‫حقوق عباده ‪ ،‬وليس المر كذلك ‪ ،‬بل الجمع بين حقوق ال وبين حقوق عباده هو‬
‫المطلوب شرعا ‪ ،‬وهو عزيز ل يقوى عليه إل الكمل ‪.‬‬
‫الحديث التاسع عشر‬

‫عن أبي العباس عبد ال بن عباس رضي ال تعالى عنهما قال ‪ :‬كنت خلف النبي صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم يوما ‪ ،‬فقال ‪ )) :‬ياغألم إني أعلمك كلماتا ‪ :‬أحفظ ال يحفظك ‪ ،‬احفظ ال تجده تجاهك‬
‫‪ ،‬إذا سألت فاسأل ال ‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن بال وأعلم أن المة لو اجتمعت على أن ينفعوك‬
‫بشيء لم ينفعوك إل بشيء قد كتبه ال لك ‪ ،‬وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إل‬
‫بشيء قد كتبه ال عليك ‪ .‬رفعت القلم وجفت الصحف ((‪ .‬رواه الترمذي وقال ‪ :‬حديث حسن‬
‫صحيح ‪ .‬وفي رواية غأير الترمذي ‪ )) :‬احفظ ال تجده أمامك ‪ ،‬تعرف إلى ال في الرخاء يعرفك في‬
‫الشدة ‪ ،‬واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ‪ ،‬وما أصابك لم يكن ليخطئك ‪ ،‬واعلم أن النصر مع‬
‫الصبر وأن الفرج مع الكرب ‪ ،‬وأن مع العسر يسرا ((‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫خلف النبي صلى ال عليه وسلم ‪ :‬على دابته رديفا ‪.‬‬
‫يا غألم ‪ :‬بضم الميم ‪ ،‬لنه نكره مقصودة بالنداء ‪ ،‬وهو الصبي حين يفطم إلى تسع سنين ‪ ،‬وسنه‬
‫إذ ذلك كانت نحو عشر سنين ‪.‬‬
‫إني أعلمك كلماتا ‪ :‬ينفعك ال بها ‪ ،‬والتنوين هنا للتعظيم ‪.‬‬
‫احفظ ال ‪ :‬بملزمة تقواه ‪ ،‬واجتناب نواهيه ‪.‬‬
‫يحفظك ‪ :‬في نفسك وأهلك ‪ ،‬ودنياك ودينك ‪ ،‬سيما عند الموتا ‪.‬‬
‫احفظ ال ‪ :‬بما مر‪.‬‬
‫تجاهك ‪ :‬بضم التاء ‪ ،‬أمامك كما في الرواية التية ‪.‬‬
‫إذا سألت ‪ :‬أردتا السؤال ‪.‬‬
‫فاسأل ال ‪ :‬أن يعطيك مطلوبك ‪ ،‬ول تسأل غأيره ‪ ،‬فإنه ل يملك تنفسه نفعا ول ضرا ‪ ،‬فضل عن‬
‫غأيره ‪.‬‬
‫استعنت ‪ :‬طلبت العانة على أمر من أمور الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫فاستعن بال ‪ :‬لنه القادر على كل شيء ‪ ،‬وغأيره عاجز حتى عن طلب مصالح نفسه ودفع مضارها‬
‫‪.‬‬
‫المة ‪ :‬المراد بها هنا سائر المخلوقاتا ‪.‬‬
‫رفعت القلم وجفت الصحف ‪ :‬كناية عن تقدم كتابة المقادير كلها ‪ ،‬والفراغا منها من أمد بعيد ‪.‬‬
‫تعرف ‪ :‬بتشديد الراء ‪.‬‬
‫إلى ال في الرخاء ‪ :‬بملزمة طاعته ‪ ،‬والنفاق في جوه القرب ‪.‬‬
‫يعرفك في الشدة ‪ :‬بتفريجها عنك ‪ ،‬وجعله لك من كل ضيق فرجا ‪ ،‬ومن كل هم مخرجا ‪.‬‬
‫واعلم أن ما أخطأك ‪ :‬من المقادير فلم يصل إليك ‪.‬‬
‫لم يكن ليصيبك ‪ :‬لنه مقدر على غأيرك ‪.‬‬
‫وما أصابك ‪ :‬منها ‪.‬‬
‫لم يكن ليخطئك ‪ :‬لنه مقدر عليك ‪.‬‬
‫واعلم ‪ :‬تنبيه ‪.‬‬
‫أن النصر ‪ :‬من ال للعبد على جميع أعداء دينه ودنياه أينما يوجد ‪.‬‬
‫مع الصبر‪ :‬على طاعة ال ‪ ،‬وعن معصيته ‪ ،‬وعن المصائب ‪.‬‬
‫الفرج ‪ :‬الخروج من الغم ‪.‬‬
‫الكرب ‪ :‬الغم الذي يأخذ النفس ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬جواز الرداف على الدابة إن أطاقته ‪.‬‬
‫‪ -2‬ذكر المعلم للمتعلم أنه يريد أن يعلمه قبل فعله ‪ ،‬ليشتد شوقه إلى ما يعلم وتقبل نفسه عليه‬
‫‪.‬‬
‫‪ -3‬المر بالمحافظة على رعاية حقوق ال تعالى ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن الجزاء قد يكون من جنس العمل ‪.‬‬
‫‪ -5‬المر بالعتماد على ال ‪ ،‬والتوكل عليه دون غأيره ‪ ،‬إذ هو النافع الضار ‪ ،‬قال ال تعالى ‪)) :‬‬
‫وإن يمسسك ال بضر فل كاشف له إل هو ‪ ،‬وإن يردك بخير فل راد لفضله ( ( وقدر ما يركن‬
‫الشخص إلى غأير ال عز وجل بطلبه ‪ ،‬أو بقلبه أو بأمله قد أعرض عن ربه بمن ل يضره ول‬
‫ينفعه ‪ ،‬خصوصا إذا كانت الحاجة التي يسألها مما لم تجر العادة بجريانه على أيدي الخلق‬
‫كالهداية ‪ ،‬وشفاء المرض ‪ ،‬وحصول العافية من بلء الدنيا وعذاب الخرة ‪ ،‬ونحو ذلك مما ل‬
‫يقدر عليه إل ال عز وجل ‪.‬‬
‫‪ -6‬عجز الخلئق كلهم ‪ ،‬وافتقارهم إلى ال عز وجل ‪.‬‬
‫‪ -7‬التنبيه على أن هذه الدار عرضة للمصائب ‪ ،‬فينبغي الصبر عليها ‪.‬‬
‫‪ -8‬الرضاء بالقضاء والقدر ‪.‬‬
‫الحديث العشرون‬

‫عن أبي مسعود عقبة بن عمرو النصاري البدري رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ )) :‬إن مما أدرك الناس من كلم النبوة الولى ‪ :‬إذا لم تستح فاصنع ما شئت (( رواه‬
‫البخاري ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫أدرك الناس ‪ :‬توارثوه قرنا بعد قرن ‪ ،‬والناس بالرفع والعائد على ما محذوف ‪،‬ويجوز النصب على أن‬
‫العائد ضمير الفاعل ‪.‬‬
‫من كلم النبوة الولى ‪ :‬التي قبل نبينا محمد صلى ال عليه وسلم ‪ .‬والمراد أنه مما اتفقت عليه‬
‫الشرائع ‪ ،‬لنه جاء في أولها ‪ ،‬ثم تتابعت بقيتها عليه ‪.‬‬
‫إذا لم تستح ‪ :‬من الحياء ‪ ،‬وهو خلق يحث على فعل الجميل ‪ ،‬وترك القبيح ‪ ،‬ويمنع من التفريط‬
‫في الحق ‪ ،‬أما ما ينشأ عنه الخلل بالحق فليس هو حياء شرعيا ‪ ،‬بل هو خور وضعف ‪.‬‬
‫فاصنع ما شئت ‪ :‬في هذا المر ثلثة أقوال ‪ :‬أحدها _ أنها بمعنى الخبر كأنه يقول ‪ :‬إذا لم يمنعك‬
‫الحياء فعلت ما شئت ‪ ،‬أي ما تدعوك إليه نفسك من القبيح ‪ .‬الثاني _ أنه للوعيد ‪ ،‬كقوله تعالى ‪:‬‬
‫)) اعملوا ما شئتم (( والثالث أنه للباحة ‪ ،‬أي انظر على الفعل الذي تريد أن تفعله ‪ ،‬فإن كان مما‬
‫ل يستحى منه فافعله ‪ ،‬و إل فل‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫شرف الحياء ‪ ،‬فإنه ما من نبي إل وقد حث عليه ‪ ،‬ولم نسخ فيما نسخ من شرائع‬ ‫‪-1‬‬
‫النبياء ‪ ،‬ولم يبدل فيما بدل منها ‪ ،‬وذلك لنه أمر قد على صوابه وبان فضله ‪ ،‬واتفقت‬
‫العقول على حسنه _ وما كان كذلك ل ينسخ ‪.‬‬
‫أن الحياء هو الذي يكف النسان ويردعه عن مواقعة السوء ‪ ،‬فإذا رفضه وخلع‬ ‫‪-2‬‬
‫ربقته كان كالمأمور بارتكاب كل ضللة ‪ ،‬تعاطي كل سيئة ‪.‬‬
‫الحديث الحادي والعشرون‬

‫عن أبي عمرو _ وقيل أبي عمرة _ سفيان بن عبد ال رضي ال عنه قال ‪ :‬قلت يا رسول ال ‪ ،‬قل‬
‫لي في السلم قول ل أسأل عنه أحدا غأيرك ‪ .‬قال ‪ )) :‬قل آمنت بال ‪ ،‬ثم استقم (( رواه مسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫قل لي في السلم ‪ :‬في دينه وشريعته ‪.‬‬


‫قول ‪ :‬جامعا لمعاني الدين ‪ ،‬واضحا في نفسه ‪ ،‬اكتفى به واعمل عليه ‪.‬‬
‫استقم ‪ :‬الزم عمل الطاعاتا ‪ ،‬وانته عن جميع المخالفاتا ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬

‫‪ -1‬المر بالستقامة ‪ ،‬وهي الصابة في جميع القوال والفعال والمقاصد ‪ .‬وأصلها استقامة‬
‫القلب على التوحيد التي فسر بها أبو بكر الصديق قوله تعالى ‪ )) :‬إن الذين قالوا ربنا ال ثم‬
‫استقاموا (( فمتى استقام القلب على معرفة ال وخشيته ‪ ،‬وإجلله ‪ ،‬ومهابته ‪ ،‬ومحبته ‪،‬‬
‫وإرادته ‪ ،‬ورجائه ‪ ،‬ودعائه ‪ ،‬والتوكل عليه ‪ ،‬والعراض عما سواه ‪ ،‬استقامت الجوارحا كلها‬
‫على طاعته ‪ ،‬فإن القلب ملك العضاء وهي جنوده ‪ ،‬فإذا استقام الملك استقامت ج‬
‫الحديث الثاني والعشرون‬

‫عن أبي عبد ال جابر بن عبد ال النصاري رضي ال عنهما ‪ :‬أن رجل سأل رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‬
‫وسلم فقال ‪ :‬أرأيت إذا صليت المكتوباتا ‪ ،‬وصمت رمضان ‪ ،‬وأحللت الحلل ‪ ،‬وحرمت الحرام‬
‫‪ ،‬ولم أزد على ذلك شيئا ‪،‬أأدخل الجنة ؟ قال )نعم ( ‪ .‬رواه مسلم ‪ .‬ومعنى حرمت الحرام ‪ :‬اجتنبته‬
‫‪ .‬ومعنى أحللت الحلل فعلته معتقدا حله ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫أن رجل ‪ :‬هو النعمان بن قوفل ‪.‬‬


‫أرأيت ‪ :‬أخبرني ‪.‬‬
‫المكتوباتا ‪ :‬المفروضاتا الخمس ‪.‬‬
‫وصمت رمضان ‪ :‬أمسكت نهاره عن المفطراتا بنية‪.‬‬
‫وأحللت الحلل ‪ :‬فعلته معتقدا حله ‪.‬‬
‫وحرمت الحرام ‪ :‬اجتنبته ‪.‬‬
‫ولم أزد على ذلك شيئا ‪ :‬من التطوع ‪.‬‬
‫أأدخل الجنة ‪ :‬ابتداء من غأير عقاب ‪ ،‬لنه مطلق الدخول يتوقف على التوحيد ‪.‬‬
‫نعم ‪ :‬تدخل الجنة ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬أن من قام بالواجباتا ‪ ،‬وانتهى عن المحرماتا دخل الجنة ‪ .‬وقد تواترتا النصوصا بهذا‬
‫المعنى ‪.‬‬
‫‪ -2‬جواز ترك التطوعاتا على الجملة إذا لم يكن من قبيل التهاون ‪ ،‬ول ينافي ذلك أن تاركها‬
‫فوتا نفسه ربحا عظيما ‪ .‬وقد كان الصحابة ومن بعدهم يثابرون على فعل السنن والفضائل‬
‫مثابرتهم على الفرائض ‪ ،‬ولم يكونوا يفرقون بينها في اغأتنام الثواب ‪ ،‬إنما احتاج الفقهاء ذكر‬
‫الفرق لما يترتب عليه من وجوب العادة وتركها وخوف العقاب على الترك ‪ .‬ونفيه إن حصل‬
‫ترك بوجه ما ‪ .‬وقد قيل ‪ :‬إنما ترك النبي صلى ال عليه وسلم تنبيه هذا السائل على السنن‬
‫والفضائل تسهيل وتيسيرا لقرب عهده بالسلم ‪ ،‬لئل يكون الكثار من ذلك تنفيرا له ‪،‬‬
‫وعلم أنه إذا تمكن في السلم ‪ ،‬وشرحا ال صدره ‪ ،‬رغأب فيما رغأب فيه غأيره أو لئل يعتقد‬
‫أن السنن و التطوعاتا واجبة ‪.‬‬
‫الحديث الثالث والعشرون‬

‫عن أبي مالك الحارث بن عاصم الشعري رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم ‪ )) :‬الطهور شطر اليمان ‪ ،‬والحمد ل تمل الميزان ‪ ،‬وسبحان ال والحمد ل تملن _ أو‬
‫تمل _ ما بين السماء والرض ‪ ،‬والصلة نور ‪ ،‬والصدقة برهان ‪ ،‬والصبر ضياء ‪ ،‬والقرآن حجة لك‬
‫أو عليك ‪ .‬كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها ‪ ،‬أو موبقها (( ‪ .‬رواه مسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫الطهور‪ :‬بضم الطاء _ التطهير بالماء من الحداث‪.‬‬
‫شطر اليمان ‪ :‬نصف اليمان ‪ ،‬لن خصال اليمان على قسين ‪ :‬أحدهما ‪ :‬يطهر القلب ويزكيه ‪،‬‬
‫والخر ‪ :‬يطهر الظاهر فهما تصفان بهذا العتبار ‪ ،‬و في توجيه كون الطهور شطر اليمان أقوال‬
‫أخر ‪ ،‬وال أعلم بمراد رسوله ‪.‬‬
‫تمل الميزان ‪ :‬لعظم أجرها ‪ ،‬وسبب ذلك أن التحميد إثباتا المحامد كلها ل ‪.‬‬
‫تملن أو تمل ما بين السماء والرض ‪ :‬لو قدر ثوابهما جسما لمل ما بين السماء والرض ‪،‬‬
‫لتضمنهما التنزيه والثناء على ال عز وجل و ) أو ( للشك من الراوي ‪.‬‬
‫والصلة ‪ :‬الجامعة لشروطها و مكملتها ‪.‬‬
‫نور ‪ :‬يستنير بها قلب المؤمن في الدنيا ‪ ،‬وربما يظهر على وجهه البهاء ‪ ،‬وتكون له نورا في ظلماتا‬
‫يوم القيامة ‪.‬‬
‫والصدقة برهان ‪ :‬حجة على إيمان فاعلها بمجازاة يوم القيامة ‪ ،‬لن المنافق يمتنع منها لكونه ل‬
‫يعتقد الثواب فيها ‪.‬‬
‫والصبر ‪ :‬المحمود ‪ ،‬وهو الصبر على طاعة ال عز وجل ‪ ،‬والصبر عن المعاصي ‪ ،‬والصبر على‬
‫القدار المؤلمة ‪.‬‬
‫والقرآن حجة لك ‪ :‬يدلك على النجاة إن عملت به ‪.‬‬
‫أو عليك ‪ :‬إن أعرضت عنه ‪ ،‬فيدل على سوء عاقبتك ‪.‬‬
‫يغدو ‪ :‬يسعى بنفسه ‪.‬‬
‫فبائع نفسه ‪ :‬ل بطاعته ‪.‬‬
‫فمعتقها ‪ :‬من العذاب ‪.‬‬
‫أو موبقها ‪ :‬مهلكها ببيعها للشيطان والهوى باتباعهما ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫فضل الطهور‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫فضل التسبيح و التحميد ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫إثباتا الميزان الذي توزن به العمال يوم القيامة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫عظم ثواب الصلة والصدقة والصبر‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أن من تبع القرآن قاده إلى الجنة ‪ ،‬ومن جعله خلف ظهره وأعرض عنه قذف في‬ ‫‪-5‬‬
‫النار ‪.‬‬
‫إن كل إنسان إما ساع في إهلك نفسه ‪ ،‬أو في فكاكها ‪ ،‬فمن سعى في طاعة ال‬ ‫‪-6‬‬
‫فقد باع نفسه ل ‪ .‬وأعتقها من عذابه ‪ ،‬ومن سعى في معصية ال فقد باع نفسه بالهوان ‪،‬‬
‫وأوبقها بالثام الموجبة لغضب ال وعقابه ‪.‬‬
‫الحديث الرابع والعشرون‬

‫عن أبي ذر الغفاري رضي ال تعالى عنه عن النبي صلى ال تعالى عليه وآله وسلم فيما يرويه عن ربه‬
‫عز وجل أنه قال ‪ )) :‬يا عبادي ‪ ،‬إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فل تظالموا ‪،‬‬
‫يا عبادي ‪ ،‬كلكم ضال إل من هديته فاستهدوني أهدكم ‪ ،‬يا عبادي ‪ ،‬كلكم جائع إل من أطعمته‬
‫فاستطعموني أطعمكم ‪ ،‬يا عبادي ‪ ،‬كلكم عار إل من كسوته فاستكسوني أكسكم ‪ ،‬يا عبادي ‪،‬‬
‫إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغأفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغأفر لكم ‪ .‬يا عبادي إنكم لن‬
‫تبلغوا ضري فتضروني ‪ ،‬ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ‪ ،‬يا عبادي ‪ ،‬لو أن أولكم و آخر كم ‪,‬و إنسكم‬
‫وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ‪ ،‬يا عبادي ‪ ،‬لو أن‬
‫أولكم و آخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي‬
‫شيئا ‪ .‬يا عبادي لو أن أولكم واخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل‬
‫واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إل كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ‪ ،‬يا عبادي ‪ ،‬إنما‬
‫هي أعمالكم أحصيها لكم ‪ ،‬ثم أوفيكم إياها ‪ ،‬فمن وجد خير فليحمد ال ‪ ،‬ومن وجد غأير ذلك فل‬
‫يلومن إل نفسه (( رواه مسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫حرمت ‪ :‬منعت ‪.‬‬
‫الظلم ‪ :‬وهو لغة وضع الشيء في غأير موضعه ‪.‬‬
‫على نفسي ‪ :‬فضل مني ‪ ،‬وجود و إحسانا إلى عبادي ‪ ،‬فل أعاقب البريء على ما لم يفعل من‬
‫السيئاتا ‪ ،‬ول أعاقب أحدا بذنب غأيره ‪ ،‬ول أنقص المحسن شيئا من جزاء حسناته ‪ ،‬ول أحكم‬
‫بين الناس إل بالعدل والقسط ‪.‬‬
‫وجعلته بينكم محرما ‪ :‬حكمت بتحريمه عليكم ‪.‬‬
‫فل تظالموا ‪ :‬بتشديد الظاء وبتخفيفها أصله تتظالموا ‪ ،‬ل يظلم بعضكم بعضا ‪.‬‬
‫كلكم ضال ‪ :‬عن الحق لو ترك ‪ ،‬وما يدعوا الطبع من الراحة وإهمال الشرع ‪.‬‬
‫إل من هديته ‪ :‬وفقته ل متثال المر واحتناب النهي ‪.‬‬
‫فاستهدوني ‪ :‬اطلبوا مني الدللة على طريق الحق واليصال إليها ‪.‬‬
‫أهدكم ‪ :‬أنصب لكم أدلة ذلك الواضحة ‪ ،‬وأوفقكم لها ‪.‬‬
‫فاستطعموني ‪ :‬اطلبوا مني الطعام ‪.‬‬
‫تخطئون ‪ :‬بضم التاء على الرواية المشهورة ‪ ،‬وروي بفتحها وفتح الطاء ‪ :‬تأثمون ‪.‬‬
‫وأنا أغأفر الذنوب جميعا ‪ :‬غأير الشرك وما ل يشاء مغفرته ‪.‬‬
‫فاستغفروني ‪ :‬سلوني المغفرة ‪ ،‬وهي ستر الذنب ومحو أثره ‪ .‬وأمن عاقبته ‪.‬‬
‫قاموا في صعيد واحد ‪ :‬في أرض واحدة ومقام واحد ‪.‬‬
‫المخيط ‪ :‬بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الياء _ البرة ‪.‬‬
‫أحصيها ‪ :‬أضبطها وأحفظها بعلمي وملئكتي ‪.‬‬
‫أوفيكم إياها ‪ :‬أعطيكم جزاءها وافيا تاما ‪.‬‬
‫فمن وجد خيرا ‪ :‬ثوابا ونعيما بأن وفق لسبابهما ‪ .‬أو حياة طيبة هنيئة ‪.‬‬
‫فليحمد ال ‪ :‬على توفيقه للطاعاتا التي ترتب عليها ذلك الخير والثواب ‪ ،‬فضل منه ورحمة ‪.‬‬
‫غأير ذلك ‪ :‬شرا ‪.‬‬
‫فل يلومن إل نفسه ‪ :‬فإنها آثرتا شهواتها على رضا رازقها ‪ ،‬فكفرتا بأنعمه ‪ ،‬ولم تذعن لحكامه ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬

‫تحريم الظلم ‪ ،‬وذلك متفق عليه في كل ملة ‪ ،‬لتفاق سائر الملل على مراعاة حفظ‬ ‫‪-1‬‬
‫النفس والنساب والعراض والعقول والموال ‪ ،‬والظلم يقع في هذه أو بعضها ‪ ،‬وأعظم‬
‫الظلم الشرك ‪ ،‬قال تعالى ‪ ) :‬إن الشرك لظلم عظيم ‪.‬‬
‫وجوب القبال على المولى في جميع ما ينزل بالنسان لفتقار سائر الخلق إليه‬ ‫‪-2‬‬
‫وعجزهم عن جلب منافعهم ودفع مضارهم إل بتيسيره ‪ .‬فيجب إفراده بأنواع العبادة ‪ :‬من‬
‫السؤال والتضرع والستعانة وغأيرها ‪ ،‬فإنه المتفرد بخلق العبد وبهدايته وبرزقه ‪ ،‬وإحيائه‬
‫وإماتته ‪ ،‬ومغفرة ذنوبه ‪.‬‬
‫كمال فعله تعالى لتنزيهه عن الظلم وكمال ملكه فل يزاد بالطاعة ول ينقص بالمعاصي‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ .‬وكما غأناه فإن خزائنه ل تنفد ول تنقص بالعطاء ‪ .‬وكمال إحسانه إلى عباده فإنه يجب أن‬
‫يسألوه جميع مصالحهم الدينية والدنيوية كما يسألونه الهداية والمغفرة ‪ ،‬فله تعالى الكمال‬
‫المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله ‪.‬‬
‫أن الصل في التقوى والفجور هو القلوب ‪ ،‬فإذا بر القلب وأتقى برتا الجوارحا ‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫وإذا فجر القلب فجرتا الجوارحا ‪.‬‬
‫أن الخير كله من فضل ال تعالى على عباده من غأير استحقاق ‪ .‬والشر كله من عند‬ ‫‪-5‬‬
‫ابن آدم من إتباع‬
‫هوى نفسه ‪.‬‬
‫الحديث الخامس والعشرون‬

‫عن أبي ذر رضي ال عنه أيضا ‪ :‬أن ناسا من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال‬
‫للنبي صلى ال تعالى عليه وآله وسلم ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬ذهب أهل الدثور بالجور ‪ ،‬يصلون كما‬
‫نصلي ‪ ،‬ويصومون كما نصوم ‪ ،‬ويتصدقون بفضول أموالهم ‪ ،‬قال ‪ )) :‬أوليس قد جعل ال لكم‬
‫ما تصدقون ؟ إن بكل تسبيحة صدقة ‪ ،‬وكل تهليله صدقة ‪ ،‬وكل تحميدة صدقه ‪ ،‬وكل تهليلة‬
‫صدقه ‪ .‬وأمر بمعروف صدقه ‪ ،‬ونهي عن منكر صدقه ‪ ،‬وفي بضع أحدكم صدقه (( قالوا ‪ :‬يا‬
‫رسول ال ‪ ،‬أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال ‪ )) :‬أرأيتم لو وضعها في حرام أكان‬
‫عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلل كان له به أجر (( ‪ .‬رواه مسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫ناسا ‪ :‬هم فقراء المهاجرين ‪ ،‬كما في الرواية الخرى ‪.‬‬


‫من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬جمع صاحب بمعنى الصحابي ‪ :‬و هو من اجتمع‬
‫بمحمد صلى ال عليه وسلم بعد النبوة وقبل وفاته مؤمنا به وماتا على ذلك ‪ ،‬وإن لم يره كابن‬
‫أم مكتوم ‪.‬‬
‫الدثور ‪ :‬بضم الدال و بالمثلثه ‪ ،‬جمع دثر بفتح فسكون ‪ ،‬وهو المال الكثير‪ ،‬بفضول أموالهم ‪:‬‬
‫بأموالهم الفاضلة عن كفايتهم ‪.‬‬
‫تصدقون ‪ :‬الرواية في هذه اللفظة بتشديد الصاد والدال جميعا ‪ ،‬ويجوز في اللغة تخفيف‬
‫الصاد‪.‬‬
‫وبكل تكبيرة صدقة ‪ :‬روى برفع صدقة ونصبه ‪ ،‬فالرفع على الستئناف ‪ .‬والنصب عطف على‬
‫)) إن بكل تسبيحة صدقة (( وكذلك ما بعده ‪.‬‬
‫بضع ‪ :‬بضم فسكون ‪ ،‬يطلق على الجماع وعلى الفرج نفسه ‪ ،‬وكلهما تصلح إرادته هنا ‪.‬‬
‫وزر ‪ :‬إثم ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬حرصا الصحابة على العمال الصالحة وقوة رغأبتهم في الخير بحيث كان أحدهم يحزن‬
‫على ما يتعذر عليه من الخير مما يقدر عليه غأيره ‪ .‬لكان الفقراء يحزنون على فواتا الصدقة‬
‫بالمال التي يقدر عليها الغأنياء ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن الصدقة ل تختص بالمال بل ربما كانت الصدقة بغيره أفضل ‪ ،‬مثل المر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر ‪ ،‬فإنه دعاء إلى طاعة ال وكف عن معاصيه ‪ ،‬وذلك خير من النفع بالمال‬
‫‪ ،‬وكذلك تعليم العلم النافع ‪ ،‬وإقراء القرآن ‪ ،‬وإزالة الذى عن الطريق ‪ ،‬والسعي في جلب‬
‫النفع للناس ودفع الذى عنهم ‪ ،‬والدعاء للمسلمين ‪ ،‬والستغفار لهم ‪.‬‬
‫فضيلة التسبيح والتكبير و التحميد والتهليل ‪ ،‬والمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -4‬سؤال المستفتي عن بعض ما يخفى من الدليل ‪ ،‬إذا علم من حال المسئول أنه ل يكره ذلك‬
‫‪ ،‬ولم يكن فيه سوء أدب ‪.‬‬
‫‪ -5‬ذكر العالم دليل لبعض المسائل التي تخفى ‪ ،‬وتنبيه المفتي على مختصر الدلة ‪.‬‬
‫‪ -6‬إحضار النية في المباحاتا ‪ ،‬وأنها تصير طاعاتا بالنية الصادقة ‪: ،‬كأن ينوي بالجماع قضاء‬
‫حق الزوجة ‪ ،‬ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر ال به ‪ ،‬أو طلب ولد صالح ‪ ،‬إو إعفاف نفسه‬
‫‪ ،‬أو إعفاف زوجته ‪ ،‬وغأير ذلك من المقاصد الصالحة ‪.‬‬
‫جواز القياس ‪ .‬وما نقل عن السلف من ذم القياس ‪ :‬المراد به القياس المصادم للنص ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫الحديث السادس والعشرون‬

‫عن أبي هريرة رضي ال تعالى عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ‪ )) :‬كل سلمى‬
‫من الناس عليه صدقه ‪ ،‬كل يوم تطلع فيه الشمس ‪ :‬تعدل بين اثنين صدقة ‪ ،‬وتعين الرجل في دابته‬
‫فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة ‪ ،‬والكلمة الطيبة صدقة ‪ ،‬وبكل خطوة تمشيها إلى‬
‫الصلة صدقة ‪ ،‬وتميط الذى عن الطريق صدقة (( ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫سلمى ‪ :‬بضم السين المهملة وتخفيف اللم مع القصر ‪ ،‬وهي المفاصل ‪ .‬وقد ثبت في صحيح‬
‫مسلم أنها ثلثمائة‬
‫وستون ‪.‬‬
‫عليه ‪ :‬تذكير الضمير مع عوده إلى المؤنث باعتبار المعنى وهو المفصل ‪.‬‬
‫صدقة ‪ :‬في مقابلة ما أنعم ال به عليه في تلك السلمياتا ‪ ،‬إذ لو شاء لسلبها القدرة وهو في ذلك‬
‫عادل ‪ .‬فإبقاؤها يوجب دوام الشكر بالتصدق ‪ ،‬إذ لو فقد له عظم واحد ‪ ،‬أو يبس ‪ ،‬أو لم ينبسط‬
‫أو ينقبض لختلت حياته ‪ ،‬وعظم بلؤه ‪،‬والصدقة تدفع البلء ‪.‬‬
‫تطلع فيه الشمس ‪ :‬إتى بهذا القيد لئل يتوهم أن المراد باليوم هنا المدة الطويلة ‪ ،‬كما يقال ‪ :‬يوم‬
‫صفين ‪ .‬وهو أيام كثيرة ‪ .‬أو مطلق الوقت كما في آية ‪ )) :‬يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم (( ‪.‬‬
‫تعدل بين اثنين ‪ :‬متحاكمين ‪ ،‬أومتخاصمين ‪ ،‬أو متهاجرين ‪.‬‬
‫صدقة ‪ :‬عليهما لوقايتهما مما يتسبب على الخصام من قبيح القوال والفعال ‪.‬‬
‫فتحمله عليها ‪ :‬كما هو أو تعينه على الركوب ‪.‬‬
‫والكلمة الطيبة‪ :‬وهي الذكر والدعاء للنفس والغير ‪ ،‬ومخاطبة الناس بما فيه السرور ‪،‬و اجتماع في‬
‫القلوب و تألفها ‪.‬‬
‫خطوة ‪ :‬بفتح الخاء ‪:‬المرة الواحدة ‪ ،‬وبضمها ‪ :‬ما بين القدمين ‪.‬‬
‫تميط ‪ :‬بضم أوله _ تنحى ‪.‬‬
‫الذى ‪ :‬ما يؤذي المارة ‪ :‬من قذر و نجس وحجر وشوك ‪ ،‬ونحو ذلك ‪.‬‬
‫يستفاد منه ‪:‬‬
‫أن تركيب عظام الدمي وسلمتها من أعظم نعم ال تعالى عليه ‪ ،‬فيحتاج كل عظم‬ ‫‪-1‬‬
‫منها إلى تصدق عنه بخصوصه ليتم شكر تلك النعمة ‪.‬‬
‫المداومة على النوافل كل يوم ‪ ،‬وأن العبادة إذا وقعت في يوم ل يعني عن يوم آخر ‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫فل يقول القائل مثل ‪ :‬قد فعلت أمس فأجزأ عني اليوم ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ )) :‬كل‬
‫يوم تطلع فيه الشمس ((‪.‬‬
‫أن الصدقة ل تنحصر في المال ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫فضل الصلحا بين الناس ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الحث على حضور الجماعاتا والمشي إليها ‪ ،‬وعمارة المساجد بذلك ‪ ،‬إذ لو لى‬ ‫‪-5‬‬
‫في بيته فإنه الجر المذكور في الحديث ‪.‬‬
‫الترغأيب في إماطة الذى ‪ ،‬وفي معنا ه ‪ :‬توسيع الطرق التي تضيق على المارة ‪،‬‬ ‫‪-6‬‬
‫وإقامة من يبيع ويشتري في وسط الطرق العامة ‪.‬‬
‫أن قليل الخير يحصل به كثير الجر بفضل ال تعالى‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫الحديث السابع والعشرون‬

‫عن النواس بن سمعان رضي ال تعالى عنه عن النبي صلى ال عليه وآله وسلم قال ‪ )) :‬البر حسن‬
‫الخلق ‪ ،‬والثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس (( ‪ .‬رواه مسلم ‪.‬‬

‫وعن وابصة بن معبد رضي ال تعالى عنه قال ‪ :‬أتيت رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم فقال ‪)) :‬‬
‫جئت تسأل عن البر ؟ قلت نعم قال _ استفت قلبك ‪ ،‬البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه‬
‫القلب ‪ ،‬والثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ‪ ،‬وإن أفتاك الناس وأفتوك (( حديث حسن ‪،‬‬
‫رويناه في مسندي المامين أحمد بن حنبل ‪ ،‬والدارمي بإسناد صحيح ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫البر ‪ :‬معظمه ‪ ،‬وهو عبارة عما اقتضاه الشرع وجوبا أو ندبا ‪.‬‬
‫حسن الخلق ‪ :‬وهو النصاف في المعاملة ‪ ،‬والرفق في المجادلة ‪ ،‬والعدل في الحكام ‪ ،‬والبذل و‬
‫الحسان في اليسر ‪ ،‬واليثار في العسر ‪ ،‬وغأير ذلك ‪ ،‬من الصفاتا الحميدة ‪.‬‬
‫والثم ‪ :‬الذنب ‪.‬‬
‫حالك في صدرك ‪ :‬اختلج في النفس وتردد في القلب ‪ ،‬ولم يطمئن إليه ‪.‬‬
‫وكرهت ‪ :‬كراهة دينية ‪.‬‬
‫أن يطلع عليه الناس ‪ :‬وجوههم وأماثلهم الذين يستحى منهم ‪.‬‬
‫اطمأنت إليه النفس ‪ :‬سكنت إليه النفس الطيبة ‪.‬‬
‫أفتاك الناس ‪ :‬علماؤهم ‪ ،‬كما في الرواية ‪ ) ،‬وإن أفتاك المفتون (‪.‬‬
‫وأفتوك ‪ :‬بخلفه ‪ ،‬لنهم إنما يقولون على ظواهر المور دون بواطنها ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫ضابط البر والثم ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الترغأيب في حسن الخلق ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن الحق والباطل ل يلتبس أمرهما على المؤمن البصير ‪ ،‬بل يعرف الحق بالنور الذي‬ ‫‪-3‬‬
‫في قلبه ‪ ،‬وينفر عن الباطل فينكره ‪.‬‬
‫معجزة عظيمة للنبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬حيث أخبر وابصة بما في نفسه قبل أن‬ ‫‪-4‬‬
‫يتكلم به ‪ ،‬وأبرزه في حيز الستفهام التقريري مبالغة في إيضاحا إطلعه عليه و احاطته به ‪.‬‬
‫أن الفتوى ل تزيل الشبهة إذا كان المستفتي ممن شرحا ال صدره ‪ .‬وكان المفتي‬ ‫‪-5‬‬
‫إنما أفتى بمجرد ظن ‪ ،‬أو ميل إلى الهوى من غأير دليل شرعي ‪ ،‬فأما ما كان له مع المفتي‬
‫به دليل شرعي فيجب على المستفتي قبوله وإن لم ينشرحا صدره ‪ ،‬كالمطر في السفر‬
‫والمرض ‪ ،‬وقصر الصلة في السفر ‪ ،‬ونحو ذلك مما ل ينشرحا به صدور كثير من الجهال‬
‫‪.‬‬
‫الحديث الثامن والعشرون‬

‫عن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي ال تعالى عنه قال ‪ :‬وعظنا رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم موعظة وجلت منها القلوب ‪ ،‬وذرفت منها العيون ‪ ،‬فقلنا ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬كأنها موعظة مودع‬
‫‪ ،‬فأوصنا ‪ .‬قال ‪ )) :‬أوصيكم بتقوى ال عز وجل ‪ ،‬والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد ‪ ،‬فإنه من‬
‫يعش منكم فسيرى اختلفا كثيرا فعليك بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ‪ ،‬عضوا عليها‬
‫بالنواجذ ‪ ،‬وإياكم ومحدثاتا المور ‪ ،‬فإن كل بدعة ضللة (( رواه أبو داود والترمذي وقال ‪:‬‬
‫حديث حسن صحيح ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪ :‬وعظنا ‪ :‬نصحنا وذكرنا ‪.‬‬


‫موعظة ‪ :‬تنويها للتعظيم ‪ ،‬أي موعظة جليلة ‪.‬‬
‫وجلت ‪ :‬خافت ‪.‬‬
‫منها ‪ :‬من أجلها ‪.‬‬
‫ذرفت ‪ :‬سالت بالدموع ‪.‬‬
‫كأنها موعظة مودع ‪ :‬فهموا ذلك من مبالغته صلى ال عليه وسلم في تخويفهم وتحذيرهم ‪ ،‬فظنوا‬
‫أن ذلك لقرب مفارقته لهم ‪ ،‬فإن المودع يستقصي ما ل يستقصي غأير في القول والفعل ‪.‬‬
‫فأوصنا ‪ :‬وصية جامعة كافية ‪.‬‬
‫بتقوى ال ‪ :‬امتثال أوامره ‪،‬و اجتناب نواهيه ‪.‬‬
‫والسمع والطاعة ‪ :‬لولة المور ‪ ،‬فيجب الصغاء إلى كلم ولي المر ‪ ،‬ليفهم ويعرف ‪ ،‬وتجب‬
‫طاعته ‪.‬‬
‫فسيرى اختلفا‪ :‬في القوال والعمال والعتقاداتا ‪.‬‬
‫فعليكم بسنتي ‪ :‬الزموا التمسك بها ‪ ،‬وهي طريقته صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬مما أصله من الحكام‬
‫العتقادية والعملية الواجبة والمندوبة وغأيرها ‪.‬‬
‫الراشدين ‪ :‬الذين عرفوا الحق واتبعوه ‪ ،‬والمراد بالخلفاء الراشدين ‪ :‬أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ‪.‬‬
‫عضوا ‪ :‬بفتح العين وضمها غألط ‪.‬‬
‫بالنواجذ‪ :‬أواخر الضراس ‪.‬‬
‫بدعة ‪ :‬وهي ما أحدث على خلف أمر الشارع ‪ ،‬ودليله الخاصا أو العام ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫المبالغة في الموعظة ‪ ،‬لما في ذلك من ترقيق القلوب ‪ ،‬فتكون أسرع إلى الجابة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫العتماد على القرائن في بعض الحوال ‪ ،‬لنهم إنما فهموا توديعه إياهم بإبلغأه في‬ ‫‪-2‬‬
‫الموعظة أكثر من العادة ‪.‬‬
‫أنه ينبغي سؤال الواعظ الزيادة في الوعظ والتخويف والنصح ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫علم من أعلم النبوة ‪ ،‬فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر بما يقع بعده في أمته من‬ ‫‪-4‬‬
‫كثرة الختلف _ ووقع المر كذلك ‪.‬‬
‫المر بتقوى ال والسمع والطاعة ‪ ،‬وفي هذه الوصية سعادة الدنيا والخرة ‪ ،‬أما‬ ‫‪-5‬‬
‫التقوى فهي وصية ال للولين والخرين ‪ ،‬وأما السمع والطاعة فبهما تنتظم مصالح العباد في‬
‫معاشهم ‪ ،‬ويستطيعون إظهار دينهم وطاعاتهم ‪.‬‬
‫التمسك بالسنة والصبر على ما يصيب المتمسك من المضض في ذلك ‪ ،‬وقد قيل ‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫إن هذا هو المراد بعض النواجذ عليها ‪.‬‬
‫أن الواحد من الخلفاء الراشدين إذا قال قول وخالفه فيه غأيره كان المصير إلى قول‬ ‫‪-7‬‬
‫الخليفة أولى ‪.‬‬
‫التحذير من ابتداع المور التي ليس لها أصل في الشرع ‪ ،‬أما ما كان مبنيا على‬ ‫‪-8‬‬
‫قواعد الصول ومردودا إليها ‪ .‬فليس ببدعة ول ضللة ‪.‬‬
‫الحديث التاسع والعشرون‬

‫عن معاذ بن جبل رضي ال عنه قال قلت ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬أخبرني بعمل يدخلني الجنة ‪ ،‬ويباعدني‬
‫عن النار ‪ ،‬قال ‪ )) :‬لقد سألت عن عظيم ‪ ،‬وإنه ليسير على من يسره ال تعلى عليه‪ :‬تعبد ال ل‬
‫تشرك به شيئا ‪ ،‬وتقيم الصلة ‪ ،‬وتؤتي الزكاة ‪ ،‬وتصوم رمضان ‪ ،‬وتحج البيت ‪ ،‬ثم قال _ أل أدلك‬
‫على أبواب الخير ‪ :‬الصوم جنة ‪ ،‬والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار ‪ ،‬وصلة الرجل‬
‫في جوف الليل ‪ ،‬ثم تل )) تتجافى جنوبهم عن المضاجع _ حتى بلغ _ يعملون (( ثم قال ‪ )) :‬أل‬
‫أخبرك برأس المر و عموده وذروة سنامه ؟ _ الجهاد _ ثم قال _ أل أخبرك بملك ذلك كله ؟‬
‫قلت ‪ :‬بلى يا رسول ال ‪ ،‬فأخذ بلسانه وقال ‪ :‬كف عليك هذا ‪ .‬قلت ‪ :‬يا نبي ال ‪ ،‬وإنا لمؤاخذون‬
‫بما نتكلم به ؟ فقال ‪ :‬ثكلتك أمك ‪ ،‬وهل يكب الناس في النار على وجوههم _ أو قال على‬
‫مناخرهم _ إل حصائد ألسنتهم (( رواه الترمذي وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫لقد سألت عن عظيم ‪ :‬عن عمل عظيم ‪ ،‬لن دخول الجنة والنجاة من النار أمر عظيم جدا ‪ ،‬لجله‬
‫أنزل ال الكتب ‪ ،‬وأرسل الرسل ‪.‬‬
‫من يسره ال عليه ‪ :‬بتوفيقه إلى القيام بالطاعاتا على ما ينبغي ‪.‬‬
‫تعبد ال ‪ :‬توحده ‪.‬‬
‫على أبواب الخير ‪ :‬من النوافل ‪ ،‬لنه قد دله على واجباتا السلم قبل ‪.‬‬
‫الصوم ‪ :‬الكثار من نفله ‪ ،‬لن فرضه مر ذكره قريبا ‪.‬‬
‫جنة ‪ :‬بضم الجيم _ وقاية لصاحبه من المعاصي في الدنيا ‪ ،‬ومن النار في الخرة ‪.‬‬
‫الصدقة ‪ :‬نفلها ‪ ،‬لن فرضها مر‪.‬‬
‫وصلة الرجل في جوف الليل ‪ :‬يعني أنها تطفيء الخطيئة ‪ ،‬والمرأة مثل الرجل في ذلك ‪ ،‬وإنما‬
‫خص الرجل بالذكر لغلبة الخير في الرجال ‪ ،‬أو لن السائل رجل ‪.‬‬
‫تل ‪ :‬النبي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ليبين فضل صلة الليل ‪.‬‬
‫تتجافى ‪ :‬تتنحى ‪.‬‬
‫المضاجع ‪ :‬مواضع الضطجاع للنوم ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ :‬النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫برأس المر ‪ :‬الذي سألت عنه ‪.‬‬
‫ذروة ‪ :‬بضم الذال وكسرها _ الطرف العلى ‪.‬‬
‫بملك ذلك كله ‪ :‬بمقصوده وجماعه ‪ ،‬وما يعتمد عليك ‪ .‬والملك بكسر الميم وفتحها ‪.‬‬
‫فأخذ بلسانه‪ :‬أمسك النبي صلى ال عليه وسلم لسان نفسه ‪.‬‬
‫كف عليك ‪ :‬عنك ‪ .‬أو ضمن )) كف (( معنى أحبس ‪.‬‬
‫ثكلتك ‪ :‬فقدتك ‪ .‬ولم يقصد رسول ال حقيقة الدعاء ‪ .‬بل جرى ذلك على عادة العرب في‬
‫المخاطباتا ‪.‬‬
‫وهل ‪ :‬استفهام إنكار ‪ ،‬بمعنى النفي ‪.‬‬
‫يكب ‪ :‬بضم الكاف _ يصرع ‪.‬‬
‫الناس ‪ :‬أكثرهم ‪.‬‬
‫حصائد ألسنتهم ‪ :‬ما يقتطعونه من الكلم الذي ل خير فيه ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫شدة اهتمام معاذ رضي ال عنه بالعمال الصالحة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن العمال الصالحة سبب لدخول الجنة ‪ ،‬كما قال تعالى ‪ )) :‬وتلك الجنة التي‬ ‫‪-2‬‬
‫أورثتموها بما كنتم تعملون (( وأما قوله صلى ال عليه وسلم ‪ )) :‬لن يدخل الجنة أحد منكم‬
‫بعمله ‪ ،‬فالمراد أن العمل بنفسه ل يستحق به أحد الجنة ‪ ،‬لول أن ال جعله بفضله ورحمته‬
‫سببا لذلك ‪ ،‬والعمل نفسه من فضل ال ورحمته على عبده ‪ ،‬فالجنة وأسبابها كل من فضل‬
‫ال ورحمته ‪.‬‬
‫أن التوفيق بيد ال عز وجل ‪ ،‬فمن يسر عليه الهداية اهتدى ‪ .‬ومن لم ييسر عليه ‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫لم ييسر له ذلك ‪.‬‬
‫ترتب دخوله الجنة على التيان بأركان السلم الخمسة ‪ ،‬وهي ‪ :‬التوحيد والصلة‬ ‫‪-4‬‬
‫والزكاة والصيام والحج ‪.‬‬
‫فضل التقرب بالنوافل بعد أداء الفرائض ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫أن الصدقة تكفر بها السيئاتا ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫فضل الصلة في جوف الليل ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫أن الصلة من السلم بمنزلة العمود الذي تقوم عليه الخيمة ‪ ،‬يذهب السلم‬ ‫‪-8‬‬
‫بذهابها ‪ ،‬كما تسقط الخيمة بسقوط عمودها ‪.‬‬
‫فضل الجهاد ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫أن كف اللسان وضبطه وحبسه هو أصل الخير كله ‪ ،‬فإن معصية النطق يدخل فيها‬ ‫‪-10‬‬
‫الشرك الذي هو أعظم الذنوب عند ال عز وجل ‪ ،‬والقول على ال بغير علم ‪ ،‬وهو قرين‬
‫الشرك وشهادة الزور والسحر والقذف والغيبة والنميمة ‪ ،‬وسائر المعاصي القولية ‪ .‬بل‬
‫المعاصي الفعلية ل تخلو غأالبا من قول يقترن بها يكون معينا عليها ‪.‬‬
‫الحديث الثلثون‬
‫عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي ال تعالى عنه عن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم‬
‫قال ‪ )) :‬إن ال تعالى فرض فرائض فل تضيعوها ‪ ،‬وحد حدودا فل تعتدوها ‪ ،‬وحرم أشياء فل‬
‫تنتهكوها ‪ ،‬وسكت عن أشياء رحمة لكم غأير نسيان فل تبحثوا عنها (( ‪ .‬حديث حسن ‪ .‬رواه‬
‫الدارقطني وغأيره‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫فرض ‪ :‬أوجب وألزم ‪.‬‬


‫فرائض ‪ :‬وهي ما فرض ال على عباده ‪ ،‬وألزمهم القيام به ‪.‬‬
‫فل تضيعوها ‪ :‬بالترك أو التهاون فيها حتى يخرج وقتها ‪ ،‬بل قوموا بها كما فرض عليكم ‪.‬‬
‫وحد حدودا ‪ :‬وهي جملة ما أذن ال في فعله ‪ ،‬سواء كان على طريق الوجوب أو الندب أو الباحة‬
‫‪.‬‬
‫فل تعتدوها ‪ :‬فل تجاوزوا ما حد لكم بمخالفة المأمور وارتكاب المحظور‪.‬‬
‫فل تنتهكوها ‪ :‬ل تتناولوها ول تقربوها ‪.‬‬
‫وسكت عن أشياء ‪ :‬فلم يحكم فيها بوجوب ول حل ول حرمة ‪.‬‬
‫رحمة لكم ‪ :‬بعدم تحريمها حتى يعاقب على فعلها ‪ ،‬وعدم إيجابها حتى يعاقب على تركها ‪.‬‬
‫غأير نسيان ‪ :‬لحكامها _ ل يضل ربي ول ينسى ‪.‬‬
‫فل تبحثوا عنها ‪ :‬ل تفتشوا عنها ‪ ،‬لن ذلك ربما يفضي إلى التكليف الشاق ‪.‬‬
‫يستفاد منه ‪:‬‬

‫تقسيم أحكام الدين إلى أربعة أقسام ‪ :‬فرائض حقها أل تضيع ‪ ،‬ومحارم حقها أن ل تقرب ‪ ،‬وحدود‬
‫حقها عدم مجاوزتها ‪ ،‬ومسكوتا عنه حقه أل يبحث عنه ‪ ،‬وهذا يجمع أحكام الدين كلها ‪ ،‬ومن‬
‫عمل به حاز الثواب وأمن العقاب ‪ ،‬ولهذا قال بعض العلماء ‪ :‬ليس في الحاديث حديث واحد‬
‫أجمع بانفراده لصول الدين وفروعه من هذا الحديث ‪.‬‬
‫الحديث الحادي والثلثون‬

‫عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي ال تعالى عنه قال ‪ :‬جاء رجل إلى النبي صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم فقال ‪ :‬يا رسول ال دلني على عمل إذا عملته أحبني ال وأحبني الناس ‪ ،‬فقال ‪)) :‬‬
‫ازهد في الدنيا يحبك ال ‪ ،‬وازهد فيما عند الناس يحبك الناس (( ‪ .‬حديث حسن ‪ ،‬رواه ابن ماجه‬
‫وغأيره بأسانيد حسنة ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫دلني ‪ :‬أرشدني ‪.‬‬


‫ازهد في الدنيا ‪ :‬اقتصر على قدر الضرورة منها ‪.‬‬
‫يحبك ال ‪ :‬لعراضك عما أمر بالعراض عنه ‪.‬‬
‫وازهد فيما عند الناس ‪:‬من الدنيا ‪.‬‬
‫يحبك الناس ‪ :‬لن قلوبهم مجبولة على حب الدنيا ‪ ،‬ومن نازع إنسانا في محبوبه كرهه و قله ‪،‬‬
‫ومن لم يعارضه فيه أحبه ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫أن الزهد في الدنيا من أسباب محبة ال تعالى لعبده ‪ ،‬ومحبة الناس له ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أنه ل بأس بالسعي فيما تكتسب به محبة العباد مما ليس بمحرم ‪ ،‬بل هو مندوب‬ ‫‪-2‬‬
‫إليه ‪ ،‬كما يدل عليه المر بإفشاء السلم ‪ ،‬وغأير ذلك من جوالب المحبة التي أمر بها‬
‫الشارع ‪.‬‬
‫الحديث الثاني والثلثون‬

‫عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي ال تعالى عنه أن رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم قال ‪ )) :‬ل ضرر ول ضرار (( حديث حسن ‪ .‬رواه ابن ماجة والدارقطني وغأيرهما مسندا ‪،‬‬
‫ورواه مالك في الموطأ مرسل عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي صلى ال عليه وسلم _ فأسقط‬
‫أبا سعيد ‪ ،‬وله طرق بقوي بعضها بعضا ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫ل ضرر‪ :‬ل يضر الرجل أخاه فينقصه شيئا من حقه ‪.‬‬


‫ول ضرار ‪ :‬ل يجازي من ضره بأكثر من المقابلة بالمثل ‪ ،‬والنتصار بالحق ‪ .‬وفي تفسير )ل ضرر‬
‫ول ضرار ( أقوال غأير هذا ل نطيل بذكرها ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫أن الضرر يزال ‪ ،‬وينبني على ذلك كثير من أبواب الفقه ‪ ،‬كالرد بالعيب ‪ ،‬وغأيره مما‬ ‫‪-1‬‬
‫يدخل تحت هذه القاعدة المأخوذة من الحديث ‪.‬‬
‫منع التصرف في ملك النسان بما يتعدى ضرره إلى الغير على غأير الوجه المعتاد ‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫مثل أن يؤجج في أرضه نارا في يوم عاصف فيحترق ما يليه ‪ ،‬فإنه متعد بذلك وعليك‬
‫الضمان ‪.‬‬
‫النهي عن المجازاة بأكثر من المثل ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أن ما أمر ال به عباده هو عين صلحا دينهم ‪ ،‬ودنياهم ‪ .‬وما نهاهم عنه هو عين‬ ‫‪-4‬‬
‫فساد دينهم ‪ ،‬ودنياهم ‪ ،‬ولم يأمرهم بشيء يضرهم ‪ ،‬ولذلك أسقط الطهارة بالماء عن‬
‫المريض ‪ ،‬وأسقط المطالبة بالدين عند إعسار المدين إلى الميسرة ‪ ،‬إلى غأير ذلك مما يدل‬
‫على أن شريعتنا سمحة ‪.‬‬
‫الحديث الثالث والثلثون‬

‫عن ابن عباس رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم قال ‪ )) :‬لو يعطى الناس‬
‫بدعواهم لدعى رجال أموال قوم ودماءهم ‪ ،‬لكن البينة على المدعي ‪ ،‬واليمين على من أنكر ((‬
‫حديث حسن ‪ ،‬رواه البيهقي وغأيره هكذا ‪ ،‬وبعضه في الصحيحين ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫بدعواهم ‪ :‬بمجرد إخبارهم عن لزوم حق لهم على آخرين عند حاكم ‪ ،‬ل ادعى رجال خصوا بالذكر‬
‫لن ذلك من شأنهم غأالبا ‪.‬‬
‫دماء رجال وأموالهم ‪ :‬فل يتمكن المدعى عليه من صون دمه وماله ‪.‬‬
‫المدعى ‪ :‬هو من يذكر أمرا خفيا يخالف الظاهر ‪.‬‬
‫واليمين على من أنكر ‪ :‬لن الصل براءة ذمته ‪ ،‬مما طلب منه وهو متمسك به ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫أنه ل يحكم لحد بمجرد دعواه ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أنه ل يجوز الحكم إل بما رتبه الشرع ‪ ،‬وإن غألب على الظن صدق المدعى ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن اليمين على المدعى عليه مطلقا ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الحديث الرابع والثلثون‬

‫عن أبي سعيد الخدري رضي ال عنه قال ‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم يقول ‪:‬‬
‫)) من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ‪ ،‬فإن لم يستطع فبلسانه ‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه ‪ ،‬وذلك‬
‫أضعف اليمان ((‪.‬رواه مسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫رأى ‪ :‬علم ‪.‬‬


‫منكم ‪ :‬معشر المسلمين المكلفين ‪.‬‬
‫منكرا ‪ :‬شيئا قبحه الشرع فعل وقول ‪ ،‬ولو صغيرا‪.‬‬
‫فليغيره ‪ :‬فليزله ‪.‬‬
‫بيده ‪ :‬حيث كان مما يزال بها ‪ ،‬ككسر آلة لهو ‪ ،‬وآنية خمر ‪.‬‬
‫فإن لم يستطع ‪ :‬النكار بيده ‪ ،‬لكون فاعله أقوى منه ‪ ،‬ويلحقه الضرر بالتغيير باليد ‪.‬‬
‫فبلسانه ‪ :‬بالقول ‪ :‬كالتذكير ‪ ،‬أو بالتوبيخ ‪.‬‬
‫فإن لم يستطع ‪ :‬ذلك بلسانه لوجود ما نع ‪ ،‬كخوف فتنة ‪ ،‬أو خوف على نفس ‪ ،‬أو نحو ذلك ‪.‬‬
‫فبقلبه ‪ :‬ينكره وجوبا بأن يكرهه به ‪ ،‬ويعزم أنه لو قدر يقول ‪ ،‬أو فعل لقال وفعل ‪.‬‬
‫وذلك ‪ :‬النكار بالقلب ‪.‬‬
‫أضعف اليمان ‪ :‬أقله ثمرة ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬

‫وجوب تغيير المنكر بكل ما أمكنه مما ذكر ‪ ،‬فل يكفي الوعظ لمن تمكنه إزالته بيده‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ ،‬ول القلب لمن تمكنه إزالته باللسان ‪.‬‬
‫أن النكار إنما يتعلق بتحقيق الشيء ‪ ،‬وليس على المر بالمعروف ‪ ،‬والناهي عن‬ ‫‪-2‬‬
‫المنكر اقتحام الدور بالظنون ‪ ،‬إل إذا أخبره من يثق بقوله ‪ :‬أن رجل خل برجل ليقتله ‪ ،‬أو‬
‫بامرأة ليزني بها ‪ ،‬أو نحو ذلك مما ل يتدارك ‪ ،‬فإنه يجب عليه البحث خوف الفواتا ‪.‬‬
‫أن من قدر على خصلة من خصال اليمان ‪ ،‬وفعلها أفضل ممن تركها عجزا ‪ ،‬كما‬ ‫‪-3‬‬
‫يدل عليه أيضا قوله صلى ال عليه وسلم في النساء ‪ :‬أما نقصان دينها فإنها تمكث اليام‬
‫والليالي ل تصلي ‪ ،‬فدل على أن من قدر على الواجب وفعله أولى ‪ ،‬وأفضل ممن تركه عجزا‬
‫‪ ،‬أو معذورا ‪.‬‬
‫أن عدم إنكار المنكر بالقلب دليل على ذهاب اليمان منه ‪ ،‬ولهذا قال ابن مسعود‬ ‫‪-4‬‬
‫رضي ال ع نه ‪ )) :‬هلك من لم يعرف بقلبه المعروف والمنكر ((‬
‫الحديث الخامس والثلثون‬

‫عن أبي هريرة رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم ‪ )) :‬ل تحاسدوا ‪ ،‬ول‬
‫تناجشوا ول تباغأضوا ‪،‬ول تدابروا ‪ ،‬ول يبع بعضكم على بيع بعض ‪ ،‬وكونوا عباد ال إخوانا ‪،‬‬
‫المسلم أخو المسلم ‪ ،‬ل يظلمه ول يخذله ‪ ،‬ول يكذبه ‪ ،‬ول يحقره ‪ .‬التقوى ههنا _ ويشير إلى‬
‫صدره ثلث مراتا _ بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم ‪ .‬كل المسلم على المسلم‬
‫حرام ‪ :‬دمه وماله وعرضه (( ‪ .‬رواه مسلم‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫ل تحاسدوا ‪ :‬ل يحسد بعضكم بعضا ‪.‬‬


‫ول تناجشوا ‪ :‬ل يزد بعضكم في ثمن سلعة ل يريد شراءها ‪ .‬ليخدع بذلك غأيره ممن يرغأب فيها ‪.‬‬
‫ول تباغأضوا ‪ :‬ل تتعاطوا أسباب التباغأض ‪.‬‬
‫ول تدابروا ‪ :‬ل يعط أحد منكم أخاه دبره حين يلقاه مقاطعة له ‪.‬‬
‫ول يبع بعضكم على بيع بعض ‪ :‬بأن يقول لمن اشترى سلعة في مدة الخيار ‪ :‬افسخ هذا البيع ‪،‬‬
‫وأنا أبيعك مثله بأرخص منه ثمنه ‪ ،‬أو أجود منه بثمنه ‪ .‬أو يكون المتبايعان قد تقرر الثمن بينهما‬
‫وتراضيا ‪ ،‬ولم يبق إل العقد فيزيد عليه ‪ ،‬أو يعطيه بأنقص ‪ ،‬وهذا بعد استقرار الثمن ‪ ،‬أما قبل الرضا‬
‫فليس بحرام ‪.‬‬
‫وكونوا عباد ال أخوانا ‪ :‬كالتعليل لما تقدم ‪ ،‬أي تعاملوا معاملة الخوة في المودة ‪ ،‬والرفق والشفقة‬
‫والملطفة ‪ ،‬والتعاون في الخير ‪ ،‬ونحو ذلك مع صفاء القلوب ‪.‬‬
‫المسلم أخو المسلم ‪ :‬لنه يجمعهما دين واحد ‪ ،‬قال تعالى ‪ )) :‬إنما المؤمنون أخوة (( ‪.‬‬
‫ل يظلمه ‪ :‬ل يدخل عليه ضررا في نفسه ‪ ،‬أو دينه ‪ ،‬أو عرضه ‪ ،‬أو ماله بغير إذن شرعي ‪.‬‬
‫ول يخذله ‪ :‬ل يترك نصرته المشروعة ‪ ،‬لن من حق حقوق أخوة السلم ‪ :‬التناصر ‪.‬‬
‫ول يكذبه ‪ :‬بفتح ياء المضارعة ‪ ،‬وتخفيف الذال المكسورة على الشهر ‪ ،‬ويجوز ضم أوله وإسكان‬
‫ثانية _ ل يخبره بأمر خلف الواقع ‪.‬‬
‫ول يحقره ‪ :‬بالحاء المهملة والقاف _ ل يستصغر شأنه ويضع من قدره ‪ ،‬لن ال لما خلقه لم‬
‫يحقره بل رفعه وخاطبه وكلفه ‪.‬‬
‫التقوى ‪ :‬اجتناب عذاب ال بفعل المأمور ‪،‬و ترك المحظور ‪.‬‬
‫بحسب امريء من الشر ‪ :‬يكفيه من الشر ‪.‬‬
‫عرضه ‪ :‬حسبه ‪ ،‬وهو مفاخره ومفاخر آبائه ‪ ،‬وقد يراد به النفس ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬تحريم الحسد ‪،‬والتباغأض ‪ ،‬و التدابر ‪ ،‬وبيع البعض على بيع البعض ‪.‬‬
‫‪ -2‬النهي عن أذية المسلم بأي وجه من الوجوه من قول أو فعل ‪.‬‬
‫‪ -3‬النهي عن الهواء المضلة ‪ ،‬لنها توجب التباغأض ‪.‬‬
‫‪ -4‬المر باكتساب ما يصير به المسلمون إخوانا على الطلق ‪ ،‬ويدخل في ذلك أداء حقوق‬
‫المسلم على المسلم ‪ :‬كر د السلم ‪ ،‬وابتدائه ‪ ،‬وتشميت العاطس ‪ ،‬وعيادة المريض ‪ ،‬وتشييع‬
‫الجنائز ‪ ،‬وإجابة الدعوة ‪ ،‬والنصح ‪.‬‬
‫‪ -5‬تحريم الظلم ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن من حقوق المسلم على المسلم نصره إذا احتاج إليه ‪ ،‬سواء كان ذلك المر دنيويا مثل أن‬
‫يقدر على دفع عدو يريد أن يبطش به ‪ ،‬فيجب عليه دفعه ‪ ،‬أو دينيا مثل أن يقدر على نصحه عن‬
‫غأيه بنحو وعظ فيجب عليه حينئذ النصح ‪ ،‬وتركه هو الخذلن المحرم ‪.‬‬
‫‪ -7‬التحذير من تحقير المسلم ‪ ،‬فإن ال لم يحقره إذ خلقه ‪ ،‬وسخر له ما في السماواتا وما في‬
‫الرض ‪ ،‬وسماه مسلما ‪ ،‬ومؤمنا ‪ ،‬وعبدا ‪ ،‬وجعل الرسول منه إليه محمدا صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫فمن حقر مسلما من المسلمين فقد حقر ما عظمه ال تعالى ‪.‬‬
‫‪ -8‬إن عمدة التقوى ما في القلب من عظمة ال ‪ ،‬وخشيته ومراقبته ‪ ،‬ول اعتبار بمجر د العمال‬
‫الصالحة بدون ذلك ‪.‬‬
‫‪ -9‬تحريم دماء المسلمين ‪ ،‬وأموالهم وأعراضهم ‪.‬‬
‫الحديث السادس والثلثون‬

‫عن أبي هريرة رضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪ )) :‬من نفس عن مؤمن كربة ن‬
‫كرب الدنيا نفس ال عنه كربة من كرب يوم القيامة ‪ ،‬ومن يسر على معسر يسر ال عليه في الدنيا‬
‫والخرة ‪ .‬ومن ستر مسلما ستره ال في الدنيا والخرة ‪ ،‬وال في عون العبد ما كان العبد في عون‬
‫أخيه ‪ .‬ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل ال له به طريقا إلى الجنة ‪ ،‬وما اجتمع قوم في بيت‬
‫من بيوتا ال يتلون كتاب ال ويتدارسونه بينهم إل نزلت عليهم السكينة وغأشيتهم الرحمة ‪ ،‬وحفتهم‬
‫الملئكة ‪ ،‬وذكرهم ال فيمن عنده ‪ ،‬ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه (( رواه مسلم بهذا اللفظ ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫نفس ‪ :‬أزال وفرج ‪.‬‬
‫كربة ‪ :‬شدة عظيمة ‪ ،‬وهي ما أهم النفس ‪ ،‬وغأم القلب ‪.‬‬
‫ومن يسر على معسر ‪ :‬بإنظاره إلى الميسرة ‪ ،‬أو بإعطائه ما يزول به إعساره ‪،‬أو بالوضع عنه إن كان‬
‫غأريما ‪.‬‬
‫يسر ال عليه ‪ :‬أموره ومطالبه ‪.‬‬
‫ومن ستر مسلما ‪ :‬لم يعرف بأذى ‪ ،‬أو فساد ‪ ،‬بأن علم منه وقوع معصية فيما مضى ‪ ،‬لم يخبر بها‬
‫أحدا ‪.‬‬
‫ستره ال في الدنيا والخرة ‪ :‬بأل يعاقبه على ما فرط منه ‪.‬‬
‫من سلك طريقا ‪ :‬بالمشي بالقدام إلى مجالس العلم ‪ ،‬ويتناول أيضا الطريق المعنوي ‪ :‬كالحفظ‬
‫والمذاكرة والمطالعة والتفهم ‪.‬‬
‫يلتمس ‪ :‬يطلب ‪.‬‬
‫علما ‪ :‬شرعيا ‪ ،‬قاصدا به وجه ال تعالى‪.‬‬
‫سهل ال له طريقا إلى الجنة ‪ :‬بتيسير ذلك العلم الذي طلبه والعمل بمقتضاه أو علوم أخرى توصله‬
‫إلى الجنة ‪ ،‬ويحتمل أن يراد به تسهيل طريق الجنة الحسي يوم القيامة وهو الصراط ‪.‬‬
‫من بيوتا ال ‪ :‬المساجد ‪.‬‬
‫السكينة ‪ :‬الطمأنينة والوقار ‪.‬‬
‫غأشيتهم الرحمة ‪ :‬شملتهم من كل جهة ‪.‬‬
‫حفتهم الملئكة ‪ :‬أحاطت بهم بحيث ل يدعون للشيطان فرجة يتوصل منها للذاكرين ‪.‬‬
‫وذكرهم ال ‪ :‬أثنى عليهم ‪.‬‬
‫فيمن عنده ‪ :‬من الملئكة ‪.‬‬
‫بطأ ‪ :‬قصر ‪ ،‬لفقد بعض شروط الصحة أو الكمال ‪.‬‬
‫لم يسرع به نسبه ‪ :‬لم يلحقه برتب أصحاب العمال الكاملة ‪ :‬لن المسارعة إلى السعادة بالعمال‬
‫ل بالحساب ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬فضل قضاء حاجاتا المسلمين ونفعهم بما تيسر من علم ‪ .‬أو جاه أو مال ‪ ،‬أو إشارة ‪ ،‬أو‬
‫نصح ‪ ،‬أو دللة على خير ‪ ،‬أو إعانة بنفسه ‪ ،‬أو بوساطته ‪ ،‬أو الدعاء بظهر الغيب ‪.‬‬
‫‪ -2‬الترغأيب في التيسير على المعسر ‪ .‬والحاديث في فضل ذلك كثيرة ‪ ،‬منها خبر مسلم ‪:‬‬
‫)) من سره أن ينجيه ال تعالى من كرب يوم القيامة ‪ ،‬فليقض عن معسر أو يضع عنه (( ‪.‬‬
‫‪ -3‬الترغأيب في ستر المسلم الذي لم يكن معروفا بالفساد أما المعروف الذي ل يبالي ما ارتكب‬
‫منه ‪ ،‬ول بما قيل له ‪ ،‬فل يستر عليه ‪ ،‬بل ترفع قضيته إلى ولي المر إن لم يخف من ذلك‬
‫مفسدة ‪ ،‬لن الستر على ذلك يطغيه في الفساد وانتهاك الحرماتا ‪ ،‬ويجزيء غأيره على مثل‬
‫فعله ‪ .‬وهذا كله إنما هو في معصية انقضت ‪ ،‬أما التي رآه عليها وهو بعد متلبس بها فتجب‬
‫المبادرة بإنكارها ‪ ،‬ومنعه منها على من قدر على ذلك‪ ،‬ول يحل له التأخير ‪ ،‬فإن عجز‬
‫لزمه رفع ذلك إلى ولي المر إذا لم تترتب على ذلك مفسدة‪.‬‬
‫‪ -4‬أن العبد إذا عزم على معاونة أخيه فينبغي له أن ل يجبن عن إنفاذ قوله وصدعه بالحق ‪ ،‬إيمانا‬
‫بأن ال تعالى في عونه ‪.‬‬
‫‪ -5‬فضل الشتغال بطلب العلم ‪.‬‬
‫‪ -6‬الحث على الجتماع على تلوة القرآن في المساجد ‪.‬‬
‫‪ -7‬أن الجزاء إنما رتبه ال على العمال ل على النساب ‪.‬‬
‫‪ -8‬أن الجزاء تارة يكون من جنس الفعل ‪.‬‬
‫الحديث السابع والثلثون‬

‫عن ابن عباس رضي ال عنهما عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى‬
‫قال ‪ )) :‬إن ال كتب الحسناتا والسيئاتا ثم بين ذلك ‪ ،‬فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها ال‬
‫عنده حسنة كاملة ‪ ،‬وإن هم بها فعملها كتبها ال عنده عشر حسناتا إلى سبعمائة ضعف إلى‬
‫أضعاف كثيرة ‪ ،‬إن هم بسيئة فلم يعملها كتبها ال عنده حسنة كاملة ‪ ،‬وإن هم بها فعملها كتبها‬
‫ال سيئة واحدة (( رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بهذه الحروف ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫تبارك ‪ :‬تعاظم ‪.‬‬
‫وتعالى ‪ :‬تنزه عما ل يليق بكماله ‪.‬‬
‫كتب الحسناتا والسيئاتا ‪ :‬قدرهما في علمه على وفق الواقع ‪.‬‬
‫بين ذلك ‪ :‬للكتبة من الملئكة ‪.‬‬
‫كتبها ال ‪ :‬للذي هم بها ‪ ،‬أي أمر الحفظة بكتابتها ‪.‬‬
‫حسنة كاملة ‪ :‬ل نقص فيها ‪ ،‬وإن نشأتا عن مجرد الهم ‪.‬‬
‫ضعف ‪ :‬بكسر الضاد مثل وقيل مثلين ‪.‬‬
‫إلى أضعاف كثيرة ‪ :‬بحسب الزيادة في الخلصا وصدق العزم ‪ ،‬وحضور القلب ‪ ،‬وتعدى النفع ‪.‬‬
‫سيئة واحدة ‪:‬تفضل منه سبحانه ‪ ،‬حيث لم يأخذ عبده بمجرد الهم في جانب السيئة ‪ ،‬ولم‬
‫يضاعفها عليه بعد وقوعها ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫بيان فضل ال العظيم على هذه المة ‪ ،‬إذ لو ما ذكر في الحديث لعظمت المصيبة ‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫لن عمل العباد للسيئاتا أكثر ‪.‬‬
‫أن الحفظة يكتبون أعمال القلوب ‪ ،‬خلفا لمن قال إنهم ل يكتبون إل ألعمال‬ ‫‪-2‬‬
‫الظاهرة ‪.‬‬
‫أن الهم بالحسنة يكتب حسنة كاملة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أن من هم بالحسنة فعلمها كتبها ال عنده عشر حسناتا ‪ ،‬إل أن يشاء الزيادة على‬ ‫‪-4‬‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫أن الهم بالسيئة من غأير عمل يكتب حسنة ‪ ،‬لكن الترك الذي يثاب عليه هو الترك‬ ‫‪-5‬‬
‫مع القدرة لوجه ال عز وجل ‪ ،‬لما في بعض رواياتا هذا الحديث ))‪......‬إ‪،‬ما تركها من‬
‫جرائى ((‪.‬‬
‫أن السيئة تكتب بمثلها من غأير مضاعفة ول ينافي ذلك أنها تعظم بشرف الزمان‬ ‫‪-6‬‬
‫والمكان ‪ ،‬أو قوة معرفة الفاعل ل وقربه منه ‪.‬‬
‫أن التضعف ل يتقيد بسبعمائة ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫الحديث الثامن والثلثون‬

‫عن أبي هريرة رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ )) :‬إن ال تعالى قال ‪:‬من‬
‫عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ‪ ،‬وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ‪ ،‬ول‬
‫يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ‪ ،‬وبصره الذي‬
‫يبصر به ‪ ،‬ويده التي يبطش بها ‪ ،‬ورجله التي يمشي بها ‪ ،‬ولئن سألني لعطينه ‪ ،‬ولئن استعاذني‬
‫لعيذنه ((‪ .‬رواه البخاري ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫عادى ‪ :‬من المعاداة ضد الموالة ‪ ،‬وفي رواية ‪ )) :‬من أهان ((‬
‫وليا ‪ :‬وهو العالم به ‪ ،‬المواظب على طاعته ‪ ،‬المخلص في عبادته ‪.‬‬
‫آذنته بالحرب ‪ :‬أعلمته بأني محارب له ‪.‬‬
‫عبدي ‪ :‬هذه الضافة للتشريف ‪.‬‬
‫يتقرب إلي ‪ :‬يطلب القرب مني ‪ ،‬وفي رواية ‪ )) :‬يتحبب إلى ((‬
‫بالنوافل ‪ :‬التطوعاتا من جميع أصناف العباداتا ‪.‬‬
‫كنت سمعه إلخ ‪ :‬المراد بهذا حفظ هذه المذكوراتا من أن تستعمل في معصية ‪ ،‬فل يسمع ما لم‬
‫يأذن له الشرع بسماعه ‪ ،‬ول يبصر ما لم يأذن له في إبصاره ‪ ،‬ول يمد يده إلى شيء لم يأذن له في‬
‫مدها إليه ‪ ،‬ول يسعى إل فيما أذن الشرع في السعي إليه ‪.‬‬
‫لعطينه ‪ :‬ما سأل ‪.‬‬
‫ولئن استعادني ‪ :‬بنون الوقاية وروي بباء موحدة تحتية ‪ ,‬والول أشهر ‪.‬‬
‫لعيذنه ‪ :‬مما يخاف ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫أن ال سبحانه وتعالى قدم العذار إلى كل من عادى وليا أنه قد آذنه بأنه محاربه‬ ‫‪-1‬‬
‫بنفس المعاداة ‪ .‬ول يدخل في ذلك ما تقتضيه الحوال في بعض المراتا من النزاع بين‬
‫وليين ل تعلى في محاكمة أو خصومة راجعة لستخراج حق غأامض ‪ ،‬فإن هذا قد وقع بين‬
‫كثير من أولياء ال عز وجل ‪.‬‬
‫أن أداء الفرائض هو أحب العمال إلى ال تعالى ‪ ،‬وذلك لما فيها من إظهار عظمة‬ ‫‪-2‬‬
‫الربوبية ‪ ،‬وذل العبودية ‪.‬‬
‫أن النافلة إنما تقبل إذا أديت الفريضة ‪ ،‬لنها ل تسمى نافلة إل إذا قضيت الفريضة‬ ‫‪-3‬‬
‫‪.‬‬
‫أن أولياء ال تعالى هم الذين يتقربون إليه بما يقربهم منه ‪ ،‬فظهر بذلك بطلن دعوى‬ ‫‪-4‬‬
‫أن هناك طريقا إلى الولية غأير التقرب إلى ال تعالى بطاعاته التي شرعها ‪.‬‬
‫أن من أتى بما وجب عليه ‪ ،‬وتقرب بالنوافل وفقه ال بحيث ل يسمع ما لم يأذن به‬ ‫‪-5‬‬
‫الشرع ‪ ،‬ول يبصر ما لم يأذن له في إبصاره ‪ ،‬ول يمد يده إلى شيء لم يأذن له الشرع في‬
‫مدها إليه ‪ ،‬ول يسعى إل فيما أذن له في السعي إليه ‪ .‬وهذا هو المراد بقوله ‪ )) :‬كنت‬
‫سمعه إلخ (( ل ما يذكره التحادية و الحلولية ‪ .‬تعالى ال عن قولهم ‪.‬‬
‫أن من كان بالمنزلة المذكورة صار مجاب الدعوة ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫أن العبد ولو بلغ أعلى الدرجاتا ل ينقطع عن الطلب من ربه لما في ذلك من‬ ‫‪-7‬‬
‫الخضوع له ‪ ،‬وإظهار العبودية ‪.‬‬
‫الحديث التاسع والثلثون‬

‫عن ابن عباس رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ )) :‬إن ال تجاوز لي عن‬
‫أمتي ‪ :‬الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه (( حديث حسن رواه بان ماجه ‪ ،‬والبيهقي وغأيرهما ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫تجاوز ‪ :‬رفع ‪.‬‬


‫عن أمتي ‪ :‬أمة الجابة ‪.‬‬
‫الخطأ ‪ :‬وهو أن يقصد بفعله شيئا فيصادف غأير ما قصد ‪.‬‬
‫والنسيان ‪ :‬بكسر النون _ ضد الذكر ‪.‬‬
‫استكرهوا عليه ‪ :‬حملوا عليه قهرا ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫رفع الثم عن المخطىء والناسي والمستكره ‪ ،‬وأما الحكم فغير مرفوع ‪ ،‬فلو أتلف شيئا خطأ ‪ ،‬أو‬
‫ضاعت منه الوديعة نسيانا ضمن ‪ ،‬ويستثنى من الكراه ‪ :‬الزنى والقتل فل يباحان بالكراه ‪ ،‬ويستثنى‬
‫من النسيان ‪ :‬ما تعاطى النسان سببه ‪ ،‬فإنه يأثم بفعله لتقصيره ‪.‬‬
‫الحديث الربعون‬

‫عن ابن عمر رضي ال عنهما قال ‪ :‬أخذ رسول ال صلى ال عليه وآله وسلم بمنكبي فقال ‪:‬‬
‫)) كن في الدنيا كأنك غأريب أو عابر سبيل _ وكان ابن عمر رضي ال تعالى عنهما يقول _ إذا‬
‫أمسيت فل تنتظر الصباحا ‪ ،‬وإذا أصبحت فل تنتظر المساء ‪ ،‬وخذ من صحتك لمرضك ‪ ،‬ومن‬
‫حياتك لموتك (( رواه البخاري‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫بمنكبي ‪ :‬بفتح الميم وكسر الكاف _ مجمع العضد والكتف ‪ .‬ويروى بالفراد والتثنية ‪.‬‬
‫كأنك غأريب ‪ :‬ل يجد من يستأنس به ‪ ،‬ول مقصد له إل الخروج عن غأربته إلى وطنه من غأير أن‬
‫ينافس أحدا‪.‬‬
‫أو عابر سبيل ‪ :‬المار في الطريق ‪ ،‬الطالب وطنه ‪ ،‬و)أو( بمعنى بل ‪ ،‬من قبيل الترقي من الغريب‬
‫الذي ربما تطمئن نفسه إلى بلد الغربة إلى عابر السبيل الذي ليس كذلك ‪.‬‬
‫فل تنتظر الصباحا ‪ :‬بأعمال الليل ‪.‬‬
‫فل تنتظر المساء ‪ :‬لن لكل من الصباحا والمساء عمل يخصه إذا أخر عنه لم يستدرك كماله وإن‬
‫شرع قضاؤه ‪.‬‬
‫وخذ من صحتك لمرضك ‪ :‬اغأتنم العمل حال الصحة فإنه ربما عرض مرض مانع منه ‪ ،‬فتقدم‬
‫الميعاد بغير زاد ‪.‬‬
‫ومن حياتك لموتك ‪ :‬اعمل في حياتك ما تلقى نفعه بعد موتك ‪ ،‬فإنه ليس بعد الموتا إل انقطاع‬
‫العمل ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫مس المعلم أعضاء المتعلم عند التعليم للتأنيس والتنبيه ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫البتداء بالنصيحة والرشاد لمن لم يطلب ذلك ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫مخاطبة الواحد وإرادة الجمع ‪ ،‬فإن هذا ل يخص ابن عمر ‪ ،‬بل يعم جميع المة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الحض على ترك الدنيا والزهد فيها ‪ ،‬وأل يأخذ منها النسان إل مقدار الضرورة‬ ‫‪-4‬‬
‫المعينة على الخرة‪.‬‬
‫التحذير من الرذائل ‪ ،‬إذ الغريب لقلة معرفته بالناس قليل الحسد والعداوة ‪ ،‬والحقد‬ ‫‪-5‬‬
‫والنفاق ‪ ،‬والنزاع وجميع الرذائل التي تنشأ بالختلط بالخلئق ولقلة إقامته قليل الدار‬
‫والبستان والمزرعة ‪ ،‬وسائر الشياء التي تشغل عن الخالق من لم يوفقه ال ‪.‬‬
‫تقصير المل ‪ ،‬والستعداد للموتا ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫المسارعة إلى العمال الصالحة قبل أن ل يقدر عليها ‪ ،‬ويحول مرض أو موتا ‪ ،‬أو‬ ‫‪-7‬‬
‫بعض الياتا التي ل يقبل معها عمل ‪.‬‬
‫الحديث الحادي والربعون‬

‫عن أبي محمد عبد ال بن عمرو بن العاصا رضي ال عنهما قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ )) :‬ل يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به (( حديث حسن صحيح ‪ ،‬رويناه في‬
‫كتاب الحجة بإسناد صحيح ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫ل يؤمن أحدكم ‪ :‬اليمان الكامل ‪ ،‬الذي وعد ال أهله بدخول الجنة ‪ ،‬والنجاة من النار‪.‬‬
‫هواه ‪ :‬بالقصر _ ما تحبه وتميل نفسه إليه ‪.‬‬
‫تبعا لما جئت به ‪ :‬من هذه الشريعة المطهرة الكاملة ‪ ،‬بأن يميل قلبه وطبعه إليه كميله لمحبوباته‬
‫الدنيوية التي جبل على الميل بها ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬

‫أن من كان هواه تابعا لجميع ما جاء به النبي صلى ال عليه وسلم كان مؤمنا كامل‬ ‫‪-1‬‬
‫‪.‬‬
‫الحديث الثاني والربعون‬

‫عن أنس رضي ال عنه قال ‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ )) :‬قال ال تعالى يا‬
‫بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غأفرتا لك على ما كان منك ول أبالي ‪ .‬يا بن آدم لو بلغت‬
‫ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غأفرتا لك ‪ .‬يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الرض خطايا ثم‬
‫لقيتني ل تشرك بي شيئا لتيتك بقرابها مغفرة (( رواه الترمذي وقال ‪ :‬حديث حسن صحيح ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬
‫ما دعوتني ‪ :‬لمغفرة ذنوبك و )) ما (( مصدرية ظرفية ‪.‬‬
‫ورجوتني ‪ :‬والحال أنك ترجو تفضلي عليك ‪ .‬وإجابة دعائك ‪.‬‬
‫غأفرتا لك ‪ :‬ذنوبك ‪ ،‬أي سترتها عليك ول أعاقبك بها في الخرة ‪.‬‬
‫على ما كان منك ‪ :‬من تكرار المعاصي ‪.‬‬
‫ول أبالي ‪ :‬ل أكترث بذنوبك ول أستكثرها وإن كثرتا إذ ل يتعاظمني شيء‪.‬‬
‫عنان ‪ :‬بفتح المهملة _ سحاب ‪.‬‬
‫استغفرتني ‪ :‬طلبت مني وقاية شرها مع سترها ‪.‬‬
‫بقراب الرض ‪ :‬بضم القاف وكسرها ‪ ،‬والضم أشهر ‪ ،‬أي بقريب ملئها ‪ ،‬أو بمثلها ‪.‬‬
‫لقيتني ‪ :‬مت على اليمان ‪.‬‬
‫ل تشرك بي شيئا ‪ :‬لعتقادك توحيدي ‪ ،‬والتصديق برسلي وبما جاءوا به ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬سعة كرم ال تعالى وجوده ‪.‬‬
‫‪ -2‬الرد على الذين يكفرون المسلمين بالذنوب ‪ ،‬وعلى المعتزلة القائلين بالمنزلة بين المنزلتين‬
‫‪ ،‬بمعنى أنه ليس بمؤمن و ل كافر في الدنيا ‪ ،‬ويخلد في النار في الخرة ‪ .‬والصواب قول أهل‬
‫السنة ‪ :‬أن العاصي ل يسلب عنه اسم اليمان ‪ ،‬ول يعطاه على الطلق ‪ ،‬بل يقال ‪ :‬هو مؤمن‬
‫عاصا ‪ ،‬أو مؤمن بإيمانه ‪ ،‬فاسق بكبيرته ‪ ،‬وعلى هذا يدل الكتاب والسنة ‪ ،‬وأجماع سلف المة ‪.‬‬
‫‪ -3‬بيان معنى ل إله إل ال ‪ :‬أنه هو إفراد ال بالعبادة ‪ ،‬وترك الشرك قليله وكثيره ‪.‬‬
‫‪ -4‬حصول المغفرة بهذه السباب الثلثة ‪:‬‬
‫الدعاء مع الرجاء ‪ ،‬والستغفار والتوحيد وهو السبب العظم الذي فقه فقد المغفرة ‪ ،‬ومن جاء‬
‫به فقد جاء بأعظم أسباب المغفرة ‪.‬‬
‫الحديث الثالث والربعون‬

‫عن ابن عباس رضي ال عنهما قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ )) :‬ألحقوا الفرائض‬
‫بأهلها ‪ ،‬فما أبقت الفرائض فلولى رجل ذكر (( أخرجه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫الفرائض ‪ :‬النصباء المقررة في كتاب ال تعالى ‪ ،‬وهي ‪ :‬النصف ‪ ،‬ونصفه ‪ ،‬وهو الربع ‪ .‬ونصف‬
‫نصفه ‪ ،‬وهو الثمن ‪ .‬والثلثان ‪ ،‬ونصفهما ‪ ،‬وهو الثلث ‪ .‬ونصف نصفهما ‪ ،‬وهو السدس ‪.‬‬
‫بأهلها ‪ :‬من يستحقها بنص القرآن ‪.‬‬
‫فما أبقت الفرائض ‪ :‬بعد أخذ كل ذي فرض فرضه ‪.‬‬
‫فلولى رجل ‪ :‬أقرب رجل في النسب إلى المورث ‪.‬‬
‫ذكر‪ :‬هذا الوصف للتنبيه على سبب استحقاقه ‪ ،‬وهو الذكورة التي هي سبب العضوية ‪ ،‬وسبب‬
‫الترجيح في الرث ‪ ،‬ولذلك جعل للذكر مثل حظ النثيين ‪ .‬وحكمته أن الرجال تلحقهم مؤن‬
‫كثيرة بالقيام بالعيال والضيوف ‪ ،‬والرقاء والقاصدين ‪ ،‬ومواساة السائلين ‪ ،‬وتحمل الغرماتا ‪،‬‬
‫ونحو ذلك ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬أن ما يبقى بعد الفروض للعصبة ‪ ،‬وهو كل ذكر يدلي بنفسه بالقرابة ليس بينه وبين الميت‬
‫أنثى ‪.‬‬
‫‪ -2‬تقديم القرب فالقرب ‪ ،‬فل يرث عاصب بعيد مع عاصب قريب ‪.‬‬
‫‪ -3‬أنه ل شيء للعاصب إذا استغرقت الفروض التركة ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن العاصب إذا انفرد أخذ جميع المال ‪.‬‬
‫الحديث الرابع والربعون‬

‫عن عائشة رضي ال عنها عن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪ )) :‬الرضاعة تحرم ما تحرم الولدة‬
‫(( ‪ .‬أخرجه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫الرضاعة ‪ :‬بفتح الراء ‪ ،‬الرضاع ‪.‬‬


‫تحرم ‪ :‬بتشديد الراء المكسورة مع ضم أوله ‪.‬‬
‫ما تحرم الولدة ‪ :‬مثل ما تحرمه ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬أن الرضاع كالنسب في التحريم ‪ .‬وهو بالجماع فيما يتعلق بتحريم التناكح وتوابعه ‪،‬‬
‫والجمع بين قريبتين وانتشار الحرمة بين الرضيع والولد المرضعة ‪ ،‬وتنزيلهم منزلة القارب في‬
‫حل نحو نظر وخلوة وسفر ‪ ،‬ل في باقي الحكام ‪ ،‬كتوارث ووجوب النفاق ونحو ذلك ‪ ،‬ثم‬
‫التحريم المذكور بالنظر إلى المرضع فإن أقاربه أقارب للرضيع وأما أقارب الرضيع ما عدا أولده‬
‫فل علقة بينهم وبين المرضع ‪ ،‬فل يثبت لهم شيء من الحكام ‪.‬‬
‫الحديث الخامس والربعون‬
‫عن جابر رضي ال تعالى عنه أنه سمع النبي صلى ال عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول ‪)) :‬‬
‫إن ال عز وجل ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والصنام ‪ .‬فقيل ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬أرأيت‬
‫شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ‪ ،‬ويذهن بها الجلود ‪ ،‬ويستصبح بها الناس ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬هو‬
‫حرام ‪ ،‬ثم قال رسول ال صلى ال عليه وسلم عند ذلك ‪ :‬قاتل ال اليهود ‪ ،‬إن ال حرم عليهم‬
‫الشحوم فأجملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه (( أخرجه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫عام الفتح ‪ :‬فتح مكة ‪ ،‬وكان في رمضان سنة ثمان من الهجرة ‪.‬‬
‫حرم ‪ :‬بإفراد الضمير ‪ ،‬وإن كان المقام يقتضي التثنية ‪ ،‬إشارة إلى أن أمر النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم ناشيء عن أمر ال ‪ ،‬وهو نحو قوله تعالى ‪ ) :‬وال ورسوله أحق أن يرضوه (‪.‬‬
‫الميتة ‪ :‬بفتح الميم ‪ ،‬ما زالت عنه الحياة ل بذكاة شرعية ‪.‬‬
‫الصنام ‪ :‬جمع صنم ‪ ،‬قال الجوهري ‪ :‬هو الوثن ‪ ،‬وقال غأيره ‪ :‬الوثن ماله جثة ‪ ،‬والصنم ما كان‬
‫مصورا ‪.‬‬
‫هو حرام ‪ :‬بيعها حرام ‪ ،‬ومن العلماء من حمل قوله )وهو حرام ( على النتفاع فقال ‪ :‬يحرم‬
‫النتفاع بها ‪.‬‬
‫جملوه ‪ :‬أذابوه ‪.‬‬

‫ما يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والصنام ‪.‬‬
‫‪ -2‬إن كل ما حرم ال النتفاع به يحرم بيعه وأكل ثمنه وهذا عام في كل ما كان المقصور‬
‫من النتفاع به حراما ‪ ،‬وهو قسمان ‪ :‬أحدهما ما ينتفع به مع بقاء عينه كالصنام فإن منفعتها‬
‫المقصودة منه الشرك بال عز وجل ‪ ،‬وهو أقبح المعاصي على الطلق ‪ ،‬ويلتحق بذلك ما كانت‬
‫منفعته محرمة ككتب الشرك والسحر والبدع والضلل ونحوها ‪ .‬والثاني ‪ :‬ما ل ينتفع به إل مع‬
‫إتلف عينه ‪ ،‬فإذا كان المقصود العظم منه محرما فإنه يحرم بيعه كما يحرم بيع الخنزير والخمر‬
‫والميتة مع أن في بعضها منافع غأير محرمة ‪ ،‬كأكل الميتة للمضطر ‪ ،‬ودفع الغصة بالخمر ‪،‬‬
‫وإطفاء الحريق به ‪ ،‬والخرز بشعر الخنزير ‪ ،‬والنتفاع بشعره وجلده ‪ ،‬فهذه المنافع لما كانت غأير‬
‫مقصودة لم يعبا به وحرم البيع ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن كل حيلة يتوصل بها إلى تحليل محرم فهي باطلة ‪.‬‬
‫الحديث السادس والربعون‬
‫عن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى الشعري )) أن النبي بعثه إلى اليمن يسأله عن اللشربة‬
‫تصنع بها ؟ فقال ‪ :‬وما هي ؟ قال البتع والمزر ‪ .‬فقيل لبي بردة ‪ :‬ما البتع ؟ قال ‪ :‬نبيذ العسل ‪،‬‬
‫والمزر ‪ :‬نبيذ الشعير ‪ .‬فقال ‪ :‬كل منكر حرام (( ‪ .‬خرجه البخاري ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬فضيلة أبي موسى الشعري ‪ ،‬لن النبي صلى ال عليه وسلم لم يوله المارة إل لكونه‬
‫عامل فطنا حاذقا ‪ ،‬ولذلك اعتمد عليه عمر ‪ ،‬ثم عثمان ‪ ،‬ثم علي خلفا للخوارج والروافض‬
‫فإنهم طعنوا فيه ‪.‬‬
‫‪ -2‬تحريم تناول جميع أنواع المسكراتا ‪ ،‬سواء كانت من عصير العنب أو غأيره ‪ ،‬وقد‬
‫تواترتا بذلك الحاديث عن النبي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -3‬إن المفتي يجيب السائل بزيادة عما سأله عنه ‪ ،‬إذا كان ذلك مما يحتاج إليه السائل ‪.‬‬
‫‪ -4‬إن علة التحريم السكار فافتضى ذلك تحريم ما يسكر ‪ ،‬ولو لم يكن شرابا كالحشيش‬
‫ونحوها ‪.‬‬
‫الحديث السابع والربعون‬

‫عن المقدام بن معد يكرب قال ‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ )):‬ما مل ابن آدم‬
‫وعاء شر من بطنه ‪ ،‬بحسب ابن آدم لقيمان يقمن صلبه ‪ ،‬فإن كان ل محالة فثلث لطعامه وثلث‬
‫لشرابه وثلث لنفسه (( رواه المام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه ‪ ،‬وقال الترمذي ‪ :‬حديث‬
‫حسن ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫بحسب ابن آدم ‪ :‬يكفيه لسد الرمق ‪ ،‬وإمساك القوة ‪.‬‬


‫لقيماتا ‪ :‬جمع لقيمة ‪ ،‬تصغير لقمة‬
‫يقمن صلبه ‪ :‬ظهره ليتقوى على الطاعة ‪.‬‬
‫فإن كان ل محالة ‪ :‬من التجاوز عما ذكر فلتكن أثلثا ‪.‬‬
‫فثلث لطعامه ‪ :‬مأكوله يجعله له ‪.‬‬
‫وثلث لشرابه ‪ :‬مشروبه يجعله له ‪.‬‬
‫وثلث لنفسه ‪ :‬بالتحريك يدعه له ليتمكن من التنفس ‪ ،‬ويحصل له نوع صفاء ورقة ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬عدم التوسع في الكل والشرب ‪ ،‬وهذا أصل جامع لصول الطب كلها ‪ ،‬لو استعمله‬
‫الناس لتعطلت دكاكين الصيادلة لن أصل كل داء التخمة ‪ ،‬فهذا بعض منافع قلة الغذاء وترك‬
‫التملؤ من الطعام بالنسبة إلى صحة البدن ‪ ،‬وأما منافعها بالنسبة إلى القلب ‪ ،‬فهي أنها توجب رقة‬
‫القلب وقوة الفهم وانكسار النفس ‪ ،‬وضعف الهوى والغضب ‪ ،‬بخلف التوسع في الكل‬
‫والشرب فإنه يثقل البدن ويزيل الفطنة ‪ ،‬ويجلب النوم ‪ ،‬ويضعف صاحبه عن العبادة ‪.‬‬
‫الحديث الثامن والربعون‬

‫عن عبد ال بن عمرو عن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪ )) :‬أربع من كن فيه كان منافقا ‪ ،‬ومن‬
‫كانت فيهن خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ‪ :‬إذا حدث كذب ‪ ،‬وإذا وعد‬
‫أخلف ‪ ،‬وإذا خاصم فجر ‪ ،‬وإذا عاهد غأدر (( أخرجه البخاري ومسلم ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫أربع ‪ :‬من الخصال ‪.‬‬


‫كان منافقا خالصا ‪ :‬نفاق عمل ‪.‬‬
‫منهن ‪ :‬من هؤلء الربع ‪.‬‬
‫خصلة ‪ :‬بفتح الخاء ‪ ،‬خلة ‪.‬‬
‫يدعها ‪ :‬يتركها ‪.‬‬
‫حدث ‪ :‬أخبر عن ماضي الحوال ‪.‬‬
‫وإذا وعد ‪ :‬الخير ‪.‬‬
‫أخلف ‪ :‬لم يف ‪.‬‬
‫فجر ‪ :‬مال في الخصومة عن الحق ‪ ،‬واحتال في رده ‪.‬‬
‫غأدر ‪ :‬نقض العهد ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬التحذير من التخلق بهذه الخلق الخبيئة التي يرجع إليها أصول النفاق الصغر نفاق‬
‫العمل وهو‬
‫أن يظهر النسان علنية صالحة ‪ .‬ويبطن ما يخالف ذلك ‪ .‬وأما النفاق الكبر فهو أن يظهر‬
‫النسان اليمان بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر ‪ ،‬ويطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه ‪،‬‬
‫وهذا النفاق الذي كان على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ونزل القرآن بذم أهله ‪،‬‬
‫وأخبر أنهم في الدرك السفل من النار ‪.‬‬
‫‪ -2‬الحث على سلمة القول والفعل والنية ‪ ،‬فإن فساد القول بالكذب وفساد النية بالخلف‬
‫‪ ،‬وفساد الفعل بالغدر ‪.‬‬
‫الحديث التاسع والربعون‬

‫عن عمر بن الخطاب رضي ال تعالى عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪ )) :‬لو أنكم‬
‫توكلون على ال حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروحا بطانا (( رواه المام أحمد‬
‫والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم ‪ ،‬وقال الترمذي حسن صحيح ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫حق توكله ‪ :‬بالعتماد على ال عز وجل دون غأيره في استجلب المصالح ‪ ،‬ودفع المضار من‬
‫أمور الدنيا والخرة ‪ ،‬مع اليمان بأنه ل يعطي ول يمنع ول ينفع سوى ال تعالى ‪.‬‬
‫خماصا ‪:‬ضامرة البطون من الجوع ‪.‬‬
‫تروحا ‪ :‬ترجع آخر النهار ‪.‬‬
‫بطانا ‪ :‬ممتلئة البطون ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬فضيلة التوكل ‪ ،‬وأنه من أعظم السباب التي يستجلب بها الرزق ‪ ،‬قال ال تعالى ) ومن‬
‫يتوكل على ال فهو حسبه (‬
‫‪ -2‬أن التوكل ل ينافي النظر إلى السباب ‪ ،‬فإنه أخبر أن التوكل الحقيقي ل يضاده الغدو‬
‫والرواحا في طلب الرزق ‪ ،‬ولهذا سئل المام أحمد عن رجل جلس في بيته ‪ ،‬أو في المسجد‬
‫وقال ‪ :‬ل أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي ‪ ،‬قال أحمد ‪ :‬هذا رجل جهل العلم واستدل بهذا‬
‫الحديث ‪.‬‬
‫الحديث الخمسون‬

‫عن عبد ال بن بسر قال ‪ :‬أتى النبي صلى ال عليه وسلم رجل فقال ‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬إن شرائع‬
‫السلم قد كثرتا علي فباب نتمسك به جامع ؟ قال ‪ )) :‬ل يزال لسانك رطبا من ذكر ال ((‬
‫خرجه المام أحمد بهذا اللفظ ‪.‬‬

‫المفرداتا ‪:‬‬

‫فباب نتمسك به جامع ‪ :‬ليسهل عني أداءها ‪ ،‬أو يحصل به فضل ما فاتا منها من غأير الفرائض‬
‫‪ ،‬ولم يرد الكتفاء به عن الفرائض والواجباتا ‪.‬‬

‫يستفاد منه ‪:‬‬


‫‪ -1‬فضل المداومة على ذكر ال تعالى ‪ .‬نسأل ال تعلى التوفيق وصلى ال عليه نبينا محمد‬
‫وعلى آله وصحبة أجمعين ‪.‬‬

‫أخي الكريم ‪:‬‬


‫هذا الكتاب يحتوي على الحأاديث النبوية المشهورة التي أنزلها‬
‫العلماء منزلة القبول والساتحسان ‪ ،‬وهي مما ينصح أهل العلم‬
‫بقراءتها والتعلم منها ‪ ،‬لذا نأمل منكم بعد قراءتكم لهذا الكتاب‬
‫المساهمة معنا في نشره وذلك بإرسااله إلى من تحبون ‪.‬‬
‫وجزاكم ا خير الجزاء‬

‫مع تحيات أخوكم ‪ :‬حأسان بن إساماعيل النصاري‬

You might also like