You are on page 1of 2

‫إعداد‪ -‬د‪.

‬حسين حسين شحاته‪:‬‬


‫مفهوم الضريبة‪:‬‬
‫هي اقتطاع إجباري من دخول األفراد والشركات ونحوها لتمويل خزينة‬
‫الدولة لإلنفاق منها على الخدمات العامة وفقًا للتشريع الضريبي الوضعي‬
‫والذي يختلف من مكان إلى مكان ومن زمان‪ ،‬وقد تكون الضريبة عادلة‬
‫وقد تكون ظالمة‪.‬‬
‫ما هي الضريبة العادلة في المنظور اإلسالمي‪:‬‬
‫في المجتمع العلماني الذي ال تطبق فيه الزكاة‪ ،‬يجب أن يتوافر في‬
‫الضريبة العادلة من المنظور اإلسالمي ثالثة شروط أساسية هي‪:‬‬
‫‪-‬أن تؤخذ بالعدل‪.‬‬
‫‪-‬أن تنفق بالعدل‪.‬‬
‫‪-‬أن تمنع من الباطل‪.‬‬
‫ولقد حدد فقهاء المسلمين معنى العدل الذي يتضمن فيما يتضمن‪ :‬المقدرة‬
‫على األداء‪ ،‬والمساواة بين الناس‪ ،‬ومراعاة الحاجات األصلية للمعيشة‪.‬‬
‫ما هي الضريبة الظالمة في المنظور اإلسالمي‪:‬‬
‫هي التي فيها ظلم واعتداء على أموال الناس بدون حق‪ ،‬ويطلق عليها‬
‫"ال ُم ُكوس" وهي محرمة بإجماع الفقهاء‪ ،‬ويجوز لدافعها تجنبها وليس‬
‫عليه إثم أو معصية في ذلك‪ ،‬فمن مات دون ماله فهو شهيد‪.‬‬
‫وليس هناك معايير موضوعية واضحة المعالم لقياس الظلم الضريبي حتى‬
‫يمكن تجنبه‪ ،‬كما أن ذلك ال يترك لهوى األفراد أو الحكومات‪ ،‬ولكن هناك‬
‫قواعد شرعية كلية عامة هي ما تخالف‪ :‬العدل‪ ،‬والمساواة‪ ،‬والمقدرة على‬
‫األداء‪ ،‬وحماية الملكية الخاصة من االعتداء‪ ،‬والمصداقية‪ ،‬والشفافية‪،‬‬
‫وما يتفرع عن ذلك‪.‬‬
‫حكم التهرب من الضريبة في ضوء الشريعة اإلسالمية‪:‬‬
‫ال يجوز التهرب من الضريبة العادلة التي يتوافر فيها الشروط السابقة‬
‫حيث إن من حصيلتها تدفع النفقات العامة لتقديم الخدمات للناس جمي ًعا‬
‫مثل‪ :‬خدمة الدين‪ ،‬والتعليم‪ ،‬والعالج‪ ،‬والمياه‪ ،‬واإلنارة‪ ،‬واألمن‪ ،‬والجهاد‬
‫في سبيل هللا‪ ،‬والتكافل والرعاية االجتماعية‪ ،‬وحفظ األغراض‪ ،‬وكل ما‬
‫يدخل في نطاق مقاصد الشريعة اإلسالمية والتي تتلخص في حفظ الدين‬
‫والنفس والعقل والعرض والمال‪.‬‬
‫وال يحق لولِ ِّي األمر أن ينحرف عن العدل والحق في تحصيلها‪ ،‬وتعتبر‬
‫الضريبة العادلة من المال العام الذي يجب حمايته ويعتبر سرقته أو‬
‫اإلسراف فيه والتبذير من المحرمات‪ ،‬يحاسب عليها الراعي والرعية‪.‬‬
‫أما بخصوص الضريبة الظالمة (ال ُم ُكوس) فقد قال الفقهاء إنها اعتداء‬
‫على مال الناس بدون وجه حق مشروع‪ ،‬ويجب على صاحب المال حماية‬
‫ماله حتى ولو استشهد في سبيل ذلك‪ ،‬فمن مات دون ماله فهو شهيد وفي‬
‫الجنة‪ ،‬واألدلة على ذلك كثيرة ليس هذا هو المجال للدخول في تفاصيلها‪،‬‬
‫ويجوز للفرد أو المنشآت ونحوهما اتخاذ الوسائل واألساليب المشروعة‬
‫للدفاع عن ماله ضد الضرائب الظالمة وال يعتبر في هذا المقام آث ًما‪.‬‬
‫كما يأثم ولي األمر الذي يفرض على الناس ضرائب ظالمة أو إنه يأخذ‬
‫الضريبة وينفقها في غير مقاصد الشريعة اإلسالمية أو ضد تلك المقاصد‪،‬‬
‫ومنها على سبيل المثال‪ :‬تمويل األنشطة غير المشروعة والتي تقود إلى‬
‫المساس بالعقيدة وباألخالق‪ ،‬أو أن يستأثر بها فئة دون األخرى‪ ،‬أو أنه‬
‫يحابي األغنياء على حساب الفقراء‪.‬‬
‫ومما يؤسف له بسبب سوء األخالق وضعف القيم اإليمانية أصبحت معظم‬
‫الضرائب ظالمة أو تلوثت بالظلم‪ ،‬فقد انتشرت الرشوة والمجامالت‬
‫والوساطات التي تساعد بعض الناس على التهرب من الضريبة العادلة‪،‬‬
‫ويقع عبؤها على الطبقة الفقيرة وهذا يتطلب من ولي األمر أن يوجد لديه‬
‫أجهزة الرقابة الفعالة للقضاء على الفساد الضريبي الذي انتشر في معظم‬
‫الدول‪.‬‬
‫ولو أن واضعي التشريع الضريبي المعاصر استمدوا القوانين الضريبية‬
‫من فقه الزكاة والفرائض المالية اإلسالمية األخرى؛ لتحولت الضرائب‬
‫الظالمة إلى ضرائب عادلة‪ .‬ألم يأن لهم ذلك؟‬

You might also like