You are on page 1of 4

‫إختالالت تدبير المرافق العامة المحلية‬

‫‪November 16, 2017‬‬


‫|‬

‫يوسف التونسي*‬

‫تجربة التسيير المباشر للمرافق العامة رغم أهميتها خصوصا‬


‫على المستوى اإلجتماعي من حيث تكلفة الخدمات المنخفضة‬
‫نسبيا‪ ،‬إال أن مردوديتها العامة إتسمت بضعف األداء ومحدودية‬
‫الجودة‪ ،‬وهذه الخالصة كانت نتيجة طبيعية لمجموعة من‬
‫العوامل التي ترتبط بواقع الجماعات الترابية‪.‬‬
‫أهمها سوء التدبير وقلة تجربة المسيريين المحليين وهشاشة‬
‫البنيات المالية ألغلب الجماعات الترابية‪ ،‬وبالتالي كان من‬
‫المحتم اإلتجاه إلى عقد شراكات مع القطاع الخاص بهدف ضمان‬
‫تدبير أفضل للمرافق العامة المحلية وتقديم خدمات أكثر جودة‬
‫للمرتفقين‪]1[.‬‬
‫وذلك باإلستفادة من المؤهالت المالية والتقنية التي يوفرها‬
‫القطاع الخاص وتجاوز نقط ضعف التسيير المباشر‪ ،‬كالبطء‬
‫وتعقد المساطر واإلجراءات اإلدارية وضعف جودة الخدمات‬
‫المقدمة للمرتفقين وعدم قابليته للتطور بالموازاة بتزايد وتنوع‬
‫المتطلبات‪.‬‬
‫وخاصة على مستوى المرافق الحيوية واألساسية كخدمات‬
‫التزويد بالماء والكهرباء و إنجاز شبكات التطهير‪ ،‬وهي‬
‫المجاالت التي تواجه الجماعات صعوبات كبيرة في تدبيرها لما‬
‫تستوجبه من إستثمارات مالية مهمة ال توازي واقع ميزانيتها‪.‬‬
‫وتتخذ أساليب تدبير المرافق العامة المحلية من لدن الخواص‬
‫عدة صور تختلف تبعا لطبيعة عالقة اإلدارة بالمرفق العام ذو‬
‫التسيير الخاص‪ ،‬ويبقى أهمها التدبير المفوض‪ ،‬التي شكل أحد‬
‫الحلول الفاعلة لعصرنة تدبير المرافق األساسية و تحقيق‬
‫المردودية والجودة‪]2[.‬‬
‫وذلك من خالل تحسين نوعية المرافق والبنيات التحتية اإلدارية‬
‫واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬لإلستجابة لتزايد الحاجيات ومتطلبات‬
‫التنمية الترابية‪]3[.‬‬
‫إال أن تفويض مسؤولية تدبير المرافق الجماعية للخواص لم‬
‫يسلم هو اآلخر من عدة إختالالت ونقائص في الواقع العملي‪،‬‬
‫أثرت سلبا على جودة الخدمات المرفقية المقدمة للمواطنين‪.‬‬
‫ومن بين هذه أبرز هذه اإلختالالت عدم تنفيذ المقتضيات‬
‫المنصوص عليها في دفاتر التحمالت‪ ،‬سواء من السلطة‬
‫المفوضة أو المفوض إليه كما أن مجموعة من المرافق تدبر‬
‫وفق المنظور الخاص للشركة بعيدا عن المعايير المعهودة في‬
‫عقود التدبير المفوض‪.‬‬
‫األمر الذي يزيد من حدته ضعف الدور الرقابي المفترض من‬
‫الجماعات ممارسته على الشركات المفوض لها‪ ]4[.‬في ظل‬
‫غياب دوريات توضيحية أو دورات تكوينية أو عقود نموذجية‬
‫تهم عمليات المراقبة ‪]5[.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يسجل بطء في اتخاذ القرارات من طرف‬
‫السلطات المفوضة حيث تستوجب الموافقة على بعض قرارات‬
‫تعديل ومالءمة بعض بنود العقود في بعض الحاالت مصادقة كل‬
‫المجالس الجماعية التي تشكل السلطة المفوضة‪.‬‬
‫األمر الذي يتسبب في عرقلة السير العادي للمرافق العامة‪ ،‬هذا‬
‫باإلضافة إلى النواقص المرتبطة باللجان المختصة بتتبع التدبير‬
‫المفوض والتي تتكون من السلطة المفوضة و المفوض له و‬
‫سلطة الوصاية‪]6[ .‬‬
‫ذلك أن عدم ضبط و وضوح بعض مقتضيات العقود وعدم‬
‫تطرقها لبعض المواضيع يفتح الباب لقراءات وتأويالت مختلفة‬
‫تؤثر سلبا على سالسة إتخاذ القرارات داخل هذه اللجن مما‬
‫يؤدي بالضرورة إلى صعوبة تنفيذ العقود خاصة في غياب هيئة‬
‫دائمة للتحكيم والوساطة‪]7[.‬‬
‫على صعيد آخر يسجل ضعف كبير بالنسبة للموارد البشرية على‬
‫المستويين النوعي والعددي في هذا المجال مما يعيق عملية‬
‫التدبير المفوض طيلة جميع مراحلها‪ ،‬بدءا بمرحلة إعداد العقود‬
‫إلى مرحلتي التتبع والمراقبة‪]8[.‬‬
‫حيث تجد الجماعات المفوضة نفسها غير مؤهلة إزاء الشركات‬
‫المفوض لها ذلك أن نظام التوظيف واألجور وتدبير المسار‬
‫المهني لموظفي وأعوان السلطات المفوضة ال يسمح بتعبئة‬
‫الكفاءات المطلوبة لتوفير المخاطبين األكفاء للشركات المفوض‬
‫إليها‪ ،‬في ظل غياب آليات لتكوين وتأهيل الموارد البشرية لدى‬
‫الجماعات‪]9[.‬‬
‫كما أن تدخل سلطات الوصاية والسيما في إبرام وتنفيذ مراقبة‬
‫عقود التدبير المفوض ليس موحدا بحيث يتم التعامل مع كل‬
‫حالة على حدة‪]11[.‬‬
‫وبصفة عامة خلص المجلس األعلى للحسابات في تقرير حول‬
‫تدبير المرافق العامة المحلية‪ ،‬إلى تحديد مجموعة من أهم‬
‫الصعوبات التي تعيق تنفيذ عقود التدبير المفوض وذلك بناء‬
‫على إستمارة موجهة من المجلس إلى عينة من مجالس‬
‫الجماعات الحضرية والقروية في هذا الشأن حيث كانت النتائج‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫نقص في المراقبة بسبب عدم كفاية الوسائل البشرية‬ ‫‪‬‬

‫واللوجسيتية‪.31% :‬‬
‫عدم اإلدالء بالمعلومات التعاقدية‪.14 % :‬‬ ‫‪‬‬

‫تعدد المتدخلين‪.12 % :‬‬ ‫‪‬‬

‫أجرة المفوض إليه ‪.11 %‬‬ ‫‪‬‬

‫تعبئة العقار والمساطر اإلدارية التي تعترض اإلستثمار‪.8 % :‬‬ ‫‪‬‬


‫اإلختالف في تأويل البنود التعاقدية‪.7 % :‬‬ ‫‪‬‬

‫طريقة إتخاذ القرار والتمثيل داخل لجنة التتبع‪7 % :‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫* باحث في القانون العام‪،‬‬

‫المراجع المعتمدة ‪:‬‬

‫[‪ ]1‬سعيد الميري‪ ،‬التدبير االقتصادي للجماعات المحلية بالمغرب‪،‬‬


‫أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬جامعة دمحم الخامس السويسي كلية الحقوق‬
‫الرباط‪ ،‬ص ‪2116 ،167‬‬
‫[‪ ]2‬إبراهيم كومغار‪ ،‬المرافق العامة الكبرى على نهج التحديث‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2119‬ص‬
‫‪168‬‬
‫[‪ ]3‬التدبير المفوض للمرافق العمومية في خدمة المرتفق‪ ،‬المجلس‬
‫االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،2115 ،‬ص ‪13‬‬
‫[‪ ]4‬تقرير المجلس الجهوي للحسابات باكادير‪ ، 2112 ،‬ص ‪187‬‬
‫[‪ ]5‬ندوة "التدبير اإلداري الجماعي ووقعه على جودة الخدمات‬
‫العمومية الجماعية"‪ ،‬المديرية العامة للجماعات المحلية‪ ،‬الرباط‬
‫‪ 23-22‬يناير ‪2113‬‬
‫[‪ ]6‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات‪ ، 2112 ،‬ص ‪581‬‬
‫[‪ ]7‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪582‬‬
‫[‪ ]8‬تقرير حول التدبير المفوض للمرافق العامة المحلية‪ ،‬المجلس‬
‫األعلى للحسابات‪ ،‬أكتوبر ‪ ،2114‬ص ‪36‬‬
‫[‪ ]9‬نفس المرجع‪ ،‬نفس الصفحة‬
‫[‪ ]11‬تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪52‬‬

You might also like