Professional Documents
Culture Documents
التربية عموما تسعى إلى تحويل كائن غير اجتماعي ليصبح اجتماعيا ،ومن هذا المنطلق فإن
سوسيولوجيا التربية تهتم بدراسة األنظمة التربوية و الظواهر المدرسية و دورها في تغيير
المجتمع من خالل عالقتها مع األسرة و المحيط… و تأثرها بالمرجعية الثقافية و الدينية… و
… تفاعلها مع الظروف السياسية و االقتصادية
إن سوسيولوجيا التربية تركز على ثالثة عناصر رئيسية و هي :مدخالت التربية ( المتعلمون و
رجال التعليم و أطر اإلدارة و اآلباء و المفتشون…) ،وآلياتها البيداغوجية و الديداكتيكية،
)…التقويم ،واالنتقاء ،و االصطفاء ( ومخرجاتها
خاتمة
ستعرض هذا البحث المتواضع أبرز النظريات االجتماعية في الميدان التربوي على وجه العموم،والتي ظهرت منذ عصر التنوير إلى يومنا
هذا،وهي التفاعلية الرمزية،النظرية البراجماتية،النظرية الطبيعية والنظرية الرأس مال الثقافي،إال أنه تجدر اإلشارة التنبيه إلى أننا لم
نراعي في طرحنا لهذه لتسلسل هذه النظريات من حيث تاريخيتها،أي منذ ظهورها زمنيا،لكننا أخذنا معيار آخر وهو مدى أهميتها
وانتشارها،وهذا ربما اجتهاد منا ال أكثر وال أقل،ولعل أبرز نقطة يدور حولها البحث هي محاولة تحليل ونقد لهذه النظريات،وذلك من خالل
كشف أهم المبادئ التي ترتكز عليها ،ومن هم روادها واألوضاع التي ساعدتهم في السعي وراء إبداع هذه النظريات ويمكننا أن نلفت النظر
إلى حقيقة حول هذه النظريات الغربية على تعددها وتباينها في بعض الخصائص والصفات ،تكاد يجمعها قاسم مشترك أساسه مفاده -كونها
صادرة عن مصدر وحيد في المعرفة -هوا لعقل البشري في حركت ومعاناته وقلقه المأساوي في البحث عن الحقيقة ،وكونها صادرة عن
تصور واحد للكون واإلنسان والحياة،والجدير باالعتبار أنه ما من نظرية في التربية إال وهي انعكاس لمذهب فلسفي ما ،وهذه قاعدة عامة
ال يمكن أن يند عنها أي مذهب تربوي ،وال تعدو االختالفات التي تظهر بين نظرية وأخرى أن تكون تعبيراً عن االختالف والتنوع في
المالبسات والتطورات التاريخية التي مرت بها المجتمعات الغربية ،بكل ما تحمله تلك التطورات من أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية
.وعلمية وغيرها
لكن ما تشهده المجتمعات من تغير في بنيتها وثقافتها،كفيل أن تظهر على السطح نظريات أخرى غير نلك الكالسيكية ،وظيفتها إعطاء بعد
سوسيولوجي جديد للوقائع والظواهر االجتماعية التي تحدث في عصرنا هذا،ولعل أبرز هذا االتجاه الجديد هي ما يطلق عليها اآلن باسم
الحداثة أو ما بعد الحداثة،فهل ياترى أن النظريات التي قمنا بعرضها أصبحت عاجزة عن تفسير الظواهر؟ وهل بالضرورة إتباع ما يدعوا
إليه أصحاب االتجاه الحداثي إلى ابستمولوجية المعرفية أو بمعنى أدق القطيعة بين النظريات الكالسيكية من اجل إعطاء تحليل واضح
وأشمل لتغيرات المجتمع؟
تلعب العوامل االجتماعية والثقافية واالقتصادية الدور األهم و األكبر في اختيار الفرد آلفاقه
.الدراسية و المهنية ،دون أن ننسى كذلك العوامل التي تناولتها نظريات علم النفس
فبالنسبة للمجتمعات العربية الطامحة لالرتقاء بمنظومتها التعليمية و تطوير بنيتها التربوية ،عليها
األخذ بعين االعتبار مختلف التحليالت االجتماعية ،و ذلك بدراسة مختلف بنيات المؤسسة
.التعليمية و تفاعالت عناصرها ،و عوامل التوازن داخل المنظومة التربوية و مكامن الخلل فيها
فدراسة مكامن الخلل في البنية المدرسية من المنظور االجتماعي ،قد يساعد على تمحيصها
وتفكيك أسبابها بشكل دقيق داخل المؤسسات التعليمية ،مثل عدم تكافؤ الفرص أو عدم بلورة
المواهب الفطرية للتلميذ في المراحل التعليمية ،أو االنتقائية والمحاباة داخل المؤسسة التعليمية أو
.غيرها من الظواهر السلبية المؤثرة في المردودية التعليمية بشكل عام
فمنهجـة الفكر اإلصالحي على أساس دراسة اجتماعية شاملة ،قد تكون سبيال أكثر فعالية لتحسين
األداء التعليمي العربي دون الحاجة إلى مزيد من المشاريع االستعجالية و التدابير اإلصالحية
.الترقيعية و التي تستنزف ميزانيات ضخمة بدون نتائج ملحوظة
فإن أصحاب هذه المقاربة ذات النموذج التفسيري ،اهتموا فقط بدراسة المنظومة التربوية من الخارج ،من خالل دراسة التأثيرات المدرسية
التعليمية،معتمدين على ترسانة من اإلجراءات اإلحصائية والوصفية واالستداللية ،محاولين باألرقام واإلحصائيات تبيان محدودية عالقة
.المدرسة بالحراك االجتماعي
وهناك عدة أطروحات التي اعتمدت نموذجا معينا للتفسير،
ينطلق بودون من مبدإ مفاده أن مشكلة الحراك االجتماعي أو عدم تكافؤ الفرص،هي نتيجة لمجموعة من المحددات التي اليمكن تصورها
منعزلة بعضها عن البعض ،وإنما يجب التعامل معها كمجموعة تشكل نسقا.وانطالقا من معطيات أمبريقية إحصائية،حاول بودون تقديم
نموذج نسقي تفسيري لمسارت التمدرس والتراتبية االجتماعية في المجتمع الصناعي الليبرالي،انطالقا من متغيرات المنشأ العائلي ومستوى
الدراسة والوضع االجتماعي...وقدم نموذج بودون تفسيرا إجماليا نسقيا لعدد من الظواهر اإلحصائية(كمنافذ الشغل والدراسة والمواقع)
والمعطيات السوسيولوجية(المرتبطة أساسا باإلواليات المولدة لعدم المساواة).وكأمثلة لبعض النتائج التي توصل إليها بودون :في مجتمع
تراتبي يستعمل نظاما متنوعا وهرميا من الكفاءات،فإن الدمقرطة تعرف بالضرورة حدودا اليمكن تجاوزها؛عدم تكافؤ الفرص ينجم
بالضرورة عن التقاء نسقين:نسق المواقع االجتماعية ونسق المسارات الدراسية،حيث نظام اجتماعي تراتبي ونظام تربوي هرمي ال يمكن
إال أن ينتج عنهما ال مساواة وعدم تكافؤ الفرص؛الحراك االجتماعي يتأثر كثيرا بالتركيب بين بنية الهيمنة وبنية الجدارة واالستحقاق،إذ أن
بنية الجدارة واالستحقاق تعني أن مستوى الدراسة هو الذي يحدد الموقع االجتماعي لألفراد،أما بنية الهيمنة فهي على عكس بنية
االستحقاق ،تقلل أو تضعف من فعل الجدارة أو االستحقاقات،ألنها نابعة من كفاءات األفراد ذوي المنشأ االجتماعي المرتفع ،حيث يهيمنون
على أحسن المواقع ،وهكذا يكون األفراد الذين لهم نفس المستوى الدراسي(نفس الشهادات الدراسية) يحصلون على موقع اجتماعي مرتفع
بقدر ما يكون مستواهم(موقعهم)االجتماعي مرتفعا(.سلسلة التكوين التربوي،عدد ،5،2001 .5بتصرف
:تعقيب في نظرية التفاعلية الرمزية)4
إن النظريةَ التفاعليةَ الرمزيةَ ،ال تقد ّم مفهوما ً شامالً للشخصية ،فأصحابُ النظرية وعلى رأسِهم بلومر ّ
يقرون بأن هذه النظرية يجب أال -
ومبرر جوهري على قِلة االستفادة من هذه النظرية في
ٌ سها بموضوع الشخصية كما ينشغل بها علم النفس .وهذا سبب واض ٌح، تُشغِل نف َ
.الميدان التربوي ،على الرغم من وجود بعض األبحاث القليلة المنشورة هنا وهناك
كالقوة -
ّ ظواهر اجتماعية
َ الجوانب الواسع ِة للبُنية االجتماعية لذلك نجدها ال تستطيع قو َل أي شئ عن
َ كما أن التفاعليةَ الرمزية أغفلت
.والصراع والتغيّر ،وأن صياغت َها النظرية ُمغرقةٌ في الغموض ،وأنها تقدم صورة ناقصة عن الفرد
تفتقد الصرامة العلمية وال تستخدم االستنباط المنطقي،بل تقدم سلسلة من األفكار التي يمكن للباحث أن يوظفها في عمله بصفتها توجيهات -
.عامة،كما أنها تقدم للباحث أثناء توظيفها في عمله تفسيرات منخفضة نسبيا
م Paul Rock" " 1979التفاعلية الرمزية نظرية تختص في دراسة األفراد،وتحديدا ً بالفعل االجتماعي،وبالرغم من وصف بول روك
بالغموض المتعمد،وقد اعتمدت على إلقاء محاضرات جامعية شفاهية أكثر من اعتمادها على شكل كتب مدرسية معتمدة،لكن في الوقت ذاته
.يعتقد أصحاب النظرية الوظيفية أن النظرية التفاعلية الرمزية أكثر النظريات قوة من الناحية البحث التجريبي
:مع هلمسليف )) (glossématiqueالمدرسة ال َّنسقية مدرسة (كوبنهاكن )(3
:ومن أهم مبادئ هذه المدرسة
.اللغة ليست مادة ،وإنَّما هي صورة أو شكل :أول ا
.جميع اللُّغات تشترك في أنها ُتعبِّر عن محتوى :ثانياا
.يوضع لتحليل اللغة نظرية صورية رياضية تصدق على جميع اللغات :ثال اثا
التي سبقتها وحادت في نظرها عن مجال اللغة بانتصابها خارج للسانيات تقوم على النقد الحاد :راب اعا
.الشبكة اللغوية
ا
:خامسا تقوم على النسقية التي تنصب على داخل اللغة ،فهي تصدر منها وإليها ول تخرج عن دائرة اللغة
.المنظور إليها على أنَّها حقل مغلق على نفسه وبنية لذاتها
ا
:سادسا تسعى إلى إبراز كل ما هو ُمشترك بين جميع اللغات البشرية ،وتكون اللغة بسببه هي مهما تبدل
.الزمن وتغيرت األحداث