You are on page 1of 47

‫جامعة القاهرة‬

‫كلية القاتصاد والعلوم السياسية‬


‫دبلوم الدارة المحلية‬

‫تطبيق اللماركزية في التجارب الدولية دراسة حالة‬


‫دولة سنغافورة‬
‫مع التطبيق على مصر‬
‫بحث مقدم في مادة قااعة البحث ضمن متطلبات الحصول على درجة دبلوم الدارة المحلية‬

‫مقدم إلى أ‪.‬د‪::‬‬

‫مقدم من‪ :‬عمر سرحان‬


‫ماادة‪ :‬قاعة البحث‬
‫دبلوم الدارة المحلية‬

‫‪2017‬‬

‫‪0‬‬
‫قائمة المحتويات‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪3-4‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪5‬‬ ‫المشكلة البحثية والتساؤلت‬
‫‪6‬‬ ‫الهمية البحثية‬
‫‪7‬‬ ‫الهداف البحثية‬
‫‪7‬‬ ‫الحدود البحثية‬
‫‪8-9‬‬ ‫الدراسات السابقة‬
‫‪10‬‬ ‫المنهج البحثي‬
‫‪10‬‬ ‫تقسيم البحث‬
‫الفصل الول‬
‫‪11-20‬‬
‫تطبيق اللمركزية والعوامل المؤثرة فيها‬
‫‪12-15‬‬ ‫المبحث الول‪ :‬اللمركزية ومميزات وسلبيات تطبيقها‬
‫‪12-13‬‬ ‫ل‪ً:‬ا التعريف بالمركزية الدارية‬
‫أو ل‬
‫‪13-14‬‬ ‫ثانيلا‪ً:‬ا التعريف باللمركزية الدارية‬
‫‪14-15‬‬ ‫ثالثلا‪ً:‬ا مميزات تطبيق اللمركزية‬
‫‪15‬‬ ‫رابعلا‪ً:‬ا سلبيات تطبيق اللمركزية‬
‫‪16-20‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬خصائص اللمركزية والعوامل المؤثرة فيها‬
‫‪16‬‬ ‫ل‪ً:‬ا خصائص تطبيق اللمركزية‬
‫أو ل‬
‫‪17-19‬‬ ‫ثانيلا‪ً:‬ا أهمية اللمركزية وأنواعها وعناصرها‬
‫‪19-20‬‬ ‫ثالثلا‪ً:‬ا العوامل المؤثرة في اللمركزية‬
‫‪20‬‬ ‫رابعلا‪ً:‬ا أدوات تحقيق اللمركزية‬
‫الفصل الثاني‬
‫‪21-32‬‬
‫واقع تطبيق اللمركزية في تجربة سنغافورة كتجربة دولية ومحاولة تطبيقها في مصر‬
‫‪22-27‬‬ ‫المبحث الول‪ :‬تحليل لواقع تطبيق نظام اللمركزية في تجربة سنغافورة كتجربة دولية‬
‫‪22-25‬‬ ‫أول‪ً:‬ا جذور التجربة التنموية في سنغافورة‬
‫‪25-27‬‬ ‫ثانيا‪ً:‬ا مجالت تطبيق اللمركزية في تجربة سنغافورة التنموية‬
‫‪28-32‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تطبيق اللمركزية في المحليات في مصر في ضوء تجربة سنغافورة التنموية‬
‫‪29-30‬‬ ‫أول‪ً:‬ا مرتكزات برنامج التحول نحو تطبيق اللمركزية‬
‫‪31-32‬‬ ‫ثانيا‪ً:‬ا ملمح بنية النظام المحلي المقترح في ظل تطبيق اللمركزية في مصر‬

‫‪1‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫‪33-41‬‬
‫تطبيق اللمركزية في المحليات في مصر‬
‫المبحث الول‪ :‬تحليل وصفي لما ألت له اللمركزية في مصر ومحاولة التطبيق في ضوء القانون‬
‫‪34-37‬‬
‫الدستوري لعام ‪2014‬‬
‫‪34-35‬‬ ‫ل‪ً:‬ا تطبيق نظام اللمركزية في مصر في ضوء مواد دستور ‪2014‬‬
‫أو ل‬
‫‪35-37‬‬ ‫ثانيا‪ً:‬ا تطبيق اللمركزية في ضوء دستور ‪ 2014‬يعالج ضعف المحليات ويحارب الفساد‬
‫‪38-41‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬ايجابيات تطبيق اللمركزية وآفاق ما توصلت إليه في مصر‬
‫‪38-39‬‬ ‫أول‪ً:‬ا محاور تطبيق اللمركزية في مصر‬
‫‪39-40‬‬ ‫ثانيا‪ً:‬ا ايجابيات تطبيق اللمركزية في مصر‬
‫‪40-41‬‬ ‫ثالثا‪ً:‬ا آفاق تطبيق اللمركزية في مصر وتشغيل النظام بفعالية‬
‫‪42-44‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪42‬‬ ‫‪ (1‬نتائج البحث‬
‫‪43‬‬ ‫‪ (2‬التوصيات‬
‫‪45-46‬‬ ‫قائمة المراجع‬

‫قائمة الشأكال‬
‫الصفحة‬ ‫الشأكل‬
‫‪17‬‬ ‫الشكل رقام )‪ (1‬أشكال نقل السلطة والختصاصات في اللمركزية‬
‫‪24‬‬ ‫الشكل رقام )‪ (2‬معدل النمو السنوي لسنغافورة منذ عام ‪ 1970‬وحتى عام ‪2015‬‬
‫‪33‬‬ ‫الشكل رقام )‪ (3‬مراحل تطبيق اللمركزية في مصر‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫لما كانت اللمركزية الحقيقية هي الوعاء الذي يستوعب مشاركة المواطنين في إدارة‬
‫شأنهـم المحلي بشكل مؤسسي‪ ،‬وبالتالي فهي ضمانة لمزيد من المشاركة الشعبية وشرط لرقاابة‬
‫مجتمعية حقيقية على آليات صنع القرار التنموي المحلي‪.‬‬
‫وبما أن تطوير الدارة المحلية أصبح أولوية أولى على أجندة المجتمع النمائية‪،‬‬
‫فالتطوير الداري هو الذي يستهدف أولل خلق إدارة قاادرة على التنمية‪ ،‬وبإمعان الحديث عن إدارة‬
‫التنمية فإن البحث سيجد أن في خلق الدارة المحلية المؤهلة خطوة أساسية على هذا الطريق‪.‬‬
‫وبالطبع فإن بناء نظام متطور للدارة المحلية ل يأتي بمجرد إصدار قاوانين أو مراسيم خاصة‬
‫بذلك‪ .‬إوانما لبد من النسجام بين ما تقدمه القوانين وبين ظروف ومقتضيات التطور‪.‬‬
‫فمع بداية العقد الخير – التسعينيات ‪ -‬من القرن العشرين الماضي ومع مطلع القرن‬
‫اهتماما متزايدال بموضوع تطبيق اللمركزية في الدارة المحلية‪ .‬وقاد جاء‬
‫ل‬ ‫الحادي والعشرين ششهد‬
‫هذا الهتمام في إطار التجاه إلى توسيع نطاق مشاركة المواطنين ودورهـم في عملية الحكم‬
‫‪ Governance‬وتقليص أدوار الدولة ومنح القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني دو الر‬
‫أكبر في عملية التنمية‪ .‬وقاد عبر عن ذلك الهتمام تقارير المؤسسات الدولية عن التنمية في‬
‫العالم تحت العديد من العناوين مثل "جعل الدولة أكثر قاربال من الناس"‪ ،‬و"التحول إلى المحليات"‪،‬‬
‫هاما في نظام الحكم‬
‫و"تحقيق اللمركزية إواعادة التفكير")‪ .(1‬لذا فإن الدارة المحلية تحتل مرك ازل ل‬
‫الداخلي‪ ،‬كما تقوم بدور فعال في التنمية الوطنية‪ ،‬وتتميز بأنها إدارة قاريبة من المواطنين نابعة‬
‫من صميم الشعب‪.‬‬
‫إن تبنى اللمركزية وتطبيقها أصبح ضرورة لزمة تزداد أهميتها بازدياد قادرتها على‬
‫تحقيق متطلبات المواطنين على المستوى المحلي‪ ،‬ومنها بالذات ما يتعلق بالمواطنين المحليين‬
‫في مصر‪ ،‬مادام أن الواقاع الجديد يوضح بما ل يدع مجال للشك أن هناك تغييرات ملموسة على‬
‫مفهوم نظام الدارة المحلية المعتمدة خلل الفترات السابقة‪ ،‬ومن أجل ذلك‪ ،‬يتوجب العتماد على‬
‫توسيع نطاق مشاركة المواطنين في عملية إدارة شؤونهم وتقليص دور الدولة في النتاج والدارة‬
‫المباشرة لمؤسساته لصالح المؤسسات اللمركزية ومنح القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع‬
‫المدني دو لار أكبر في عملية التنمية‪ ،‬وتعزيز المساءلة والشفافية لتقوية نظام الدارة المحلية‪،‬‬
‫والعتماد على الطاقاات الشبابية والخبرات المحلية التي تمكن من تحقيق التنمية الشاملة‬
‫والمستدامة‪.‬‬

‫‪ ()1‬د‪.‬سمير محمد عبد الوهاب‪ ،‬النظم المحلية‪ :‬إطار عام مع التركيز على النظام المحلي المصري‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية‬
‫القاتصاد والعلوم السياسية‪ ،2000 ،‬ص ص ‪.133-131‬‬

‫‪3‬‬
‫فلقد ظلت مصر بمؤسساتها ترغب إل تبارح مركزيتها التاريخية‪ ،‬رغم انتهاء مبرراتها‪،‬‬
‫بالتردد غير المبرر والطويل في منح مزيد من السلطات للمحليات‪ ،‬وكانت النتيجة أن العاصمة‬
‫المصرية – القاهرة – ظلت مركز السلطات‪ ،‬فل يمكن تطوير وحدة صحية أو بناء مدرسة دون‬
‫أن يمر القرار عليها‪ ،‬وكان لهذا المركزية الشديدة آثار سلبية خطيرة على تنمية المناطق البعيدة‬
‫عن العاصمة المركز سواء كانت محافظات الوجه القبلي أم الحدود أو حتى الوجه البحري)‪.(2‬‬
‫وعليه‪ ،‬أصبحت اللمركزية تمثل الطرح القارب لمعرفة جانب هام من حقيقة ومشاكل مصر‬
‫الحديثة والمعاصرة‪ ،‬فإن المر يستدعى من صانع القرار إيلءها ما تستحقها من اهتمام‪،‬‬
‫والعكس قاد ينتج عنه تضاعف الثار السلبية التي تستهدف كل فرد من أفراد المجتمع المصري‬
‫المحلي‪.‬‬
‫فإن دعاة تطبيق اللمركزية رغم اختلف اتجاهاتهم يرو أن هناك إمكانية لتحقيق التنمية‬
‫المحلية من خلل التقارب والتكامل بين النظام المركزي واللمركزية‪ ،‬لكن شريطة إحداث تغييرات‬
‫جوهرية على مستويات اقاتصادية‪ ،‬وسياسية واجتماعية‪ ،‬وثقافية ‪ ..‬الخ‪ ،‬في الدول بكيفية تؤدى‬
‫إلى تحقيق الرفاهية القاتصادية والستقرار الجتماعي للشعوب في مختلف أقااليم هذه الدول‪.‬‬
‫وبالنظر إلى التجارب الدولية نجد أن تجربة سنغافورة من أكثر التجارب الواقاعية الناجحة‬
‫والفضل في حالة التطبيق بما يتماشى والحالة المصرية المحلية‪ ،‬والفضل يعود إلى اعتماد‬
‫اللمركزية وتطبيقها‪ ،‬حيث أثبتت تجربة سنغافورة أن المساحة ليست عاملل هامال في نهضة‬
‫الدول‪ ،‬حيث نجحت في أقال من أربعة عقود بدءلا من ستينيات القرن العشرين – الماضي –‬
‫وحتى مطلع اللفية الثالثة في تحقيق قافزة تنموية‪ ،‬فتلك الدولة الحديثة التي يبلغ مساحتها قارابة‬
‫‪ 700‬كم ‪ ،2‬أي عشر مساحة سيناء على سبيل المثال‪ ،‬وخمس تلك المساحة لم تكن موجودة عند‬
‫التأسيس‪ ،‬بل تم ردم المياه لتوسيع مساحتها‪ ،‬كما أن عدد سكانها يبلغ ‪ 5.5‬مليون نسمة فقط‪،‬‬
‫ومع ذلك احتفلت عام ‪ 2014‬بمرور خمسين عاملا على تأسيسها‪ ،‬حيث شهدت في تلك الفترة‬
‫تحولل كبي لار من بلد فقير يبلغ متوسط دخل الفرد فيه قارابة الـ ‪ 500‬دولر‪ ،‬لبلد متقدم أغلب شعبه‬
‫متعلم ويبلغ متوسط الدخل فيه الن ‪ 70‬ألف دولر‪ ،‬فعندما يزيد دخل الفرد ‪ 140‬ضعفال في‬
‫غضون خمسون عام)‪ ،(3‬فهذا إنجاز كبير يستحق الدراسة عن كثب لستنباط مواضع القوة‬
‫الحقيقة لهذه التجربة وكيفية الستفادة منها في مصر‪.‬‬

‫‪ ()2‬د‪.‬هويدا عدلي‪" ،‬اللمركزية في مصر‪ً:‬ا بوابة التنمية"‪ ،‬مجلة أحوال مصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مركز الهرام للدراسات السياسية‬
‫والستراتيجية‪ ،‬السنة الرابعة عشر‪ ،‬العدد ‪ ،61‬صيف ‪ ،2016‬ص ‪.74‬‬
‫‪ ()3‬فيروز الدولتلي‪" ،‬تجارب التنمية‪ً:‬ا سنغافورة"‪ ،‬دورية رؤيتنا لمصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مركز البديل للتخطيط والدراسات‬
‫الستراتيجية‪ ،‬السنة الولى‪ ،‬العدد ‪ ،3‬سبتمبر أكتوبر نوفمبر ‪ ،2016‬ص ص ‪.99-98‬‬

‫‪4‬‬
‫المشكلة البحثية والتساؤلتا‪:‬‬
‫تنحصر المشكلة البحثية لهذا البحث من الموضوع ذاته‪ ،‬حيث ل يزال تطبيق اللمركزية‬
‫يواجه جملة من المشكلت والصعوبات‪ ،‬التحديات والمعوقاات‪ ،‬في مصر‪ ،‬من حيث البناء‬
‫التنظيمي‪ ،‬وأساليب وأنماط تشكيل المجالس المحلية‪ ،‬ومحدودية قادرات الوحدات المحلية‬
‫التمويلية‪ ،‬والرقاابة الدارية المشددة على أعمال وأشخاص وقا اررات المحليين‪ .‬وانطلقاال من أن‬
‫المركزية في إدارة الخدمات العامة في مصر تعد واحدة من أهم العقبات التي تحول دون تطوير‬
‫هذه الخدمات‪ ،‬فقد نص دستور مصر لسنة ‪ ،(4)2014‬وبشكل صريح على تطبيق اللمركزية‬
‫الدارية والمالية والقاتصادية كنظام إداري من أجل تحقيق التنمية الشاملة عبر تمكين السلطات‬
‫المحلية من الصلحيات والموارد اللزمة لتحقيق ذلك‪ ،‬فتطبيق اللمركزية يرجع إلى عدم رضا‬
‫المواطنين على جودة الخدمات العامة وأداء الموظفين المحليين‪ ،‬وكما أوضح البعض)‪ ،(5‬أنه‬
‫غنى عن البيان أن جزءال كبي لار من سوء الخدمات العامة في مصر مرجعه القيود الدارية‬
‫المفروضة على المحليات في التصرف في الموارد المالية وتخصيص النفاق العام على‬
‫ل عن ضعف الصلحيات المخولة للمحليات في رقاابة‬ ‫الخدمات المحلية‪ ،‬فالعائق المالي‪ ،‬فض ل‬
‫الخدمات العامة من أهم المشكلت التي تحلها اللمركزية الدارية والمالية‪ .‬وعلى ضوء ذلك‪،‬‬
‫تتجلى المشكلة البحثية لهذا البحث في التساؤل الرئيس التالي‪ً:‬ا‬
‫)كيف يمكن تطبيق اللمركزية بفعالية في مصر بما يعمل على‬
‫تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة؟(‬
‫ومن هذا التساؤل الرئيس تبع عدة تساؤلت فرعية أخرى‪ ،‬منها‪ً:‬ا‬
‫‪ -1‬ما هي آليات ومتطلبات تطبيق اللمركزية في الخبرات الدولية‪ ،‬وما مدى توافر مقومات‬
‫تطبيق اللمركزية في مصر؟‬
‫‪ -2‬ما هي طبيعة العلقاة بين اللمركزية والدارة المحلية بشكل عام‪ ،‬وفي مصر بشكل‬
‫خاص؟‬
‫‪ -3‬ما هو الدور المنوط بالدارة المحلية واللمركزية؟‬
‫‪ -4‬ما هي معوقاات تطبيق اللمركزية في محليات مصر؟‬
‫‪ -5‬إلى أي مدى تتجلى خصائص اللمركزية في المحليات وبالتحديد المحليات في مصر؟‬
‫‪ -6‬هل البيان الدستوري والقانوني الجديد لنظام الدارة المحلية في مصر عائق أمام تفعيل‬
‫دورها أم دافعال لها وداعما؟‬

‫‪ ()4‬شمل الدستور المصري الجديد ‪ ، 2014‬تسعة مواد عن الدارة المحلية أساسا دستوريا جديد للتحول نحو تطبيق‬
‫اللمركزية من المادة )‪ (175‬إلى المادة )‪ ،(183‬دستور مصر لسنة ‪.2014‬‬
‫‪ ()5‬د‪.‬هويدا عدلي‪" ،‬اللمركزية في مصر‪ً:‬ا بوابة التنمية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬

‫‪5‬‬
‫الهأمية البحثية‪:‬‬
‫تنقسم الهمية البحثية إلى أهمية علمية نظرية‪ ،‬وعملية تطبيقية موضحة في التالي‪ً:‬ا‬
‫‪ (1‬الهأمية العلمية النظرية‪:‬‬
‫تكمن الهمية النظرية للبحث في تناوله لموضوع تطبيق اللمركزية الدارية من المنظور‬
‫اليجابي للمركزية‪ ،‬ومن منظور الحاجة الجتماعية والقاتصادية والسياسية‪ ..‬الخ لها في هذه‬
‫المرحلة‪ ،‬وتسليط الضوء على بعض السس الخاطئة في تطبيقها من كافة المناحي‪ ،‬كما يرى‬
‫البحث أن تطبيق اللمركزية يحظى بأهمية خاصة لدى المشرع في مصر‪ ،‬والمؤسسات الحكومية‬
‫باعتبارها أداة من أدوات التقدم‪ ،‬ووسيلة لتحقيق التنمية الشاملة في ظل الخفاق الداري في‬
‫الفترات السابقة‪ ،‬والذي أدى إلى حالة من عدم الرضا لدى الموطنين عن الداء الحكومي في‬
‫مصر بشكل عام‪.‬‬
‫‪ (2‬الهأمية العملية التطبيقية‪:‬‬
‫تبرز الهمية البحثية لهذا البحث في النقاط التالية‪ً:‬ا‬
‫‪ (1‬محاولة التعرف على اللمركزية وكيفية معالجتها لعيوب وفساد الدارة المحلية في ظل‬
‫التجارب الدولية‪.‬‬
‫‪ (2‬التعرف على المعوقاات والمشكلت والتحديات التي تواجه تطبيق اللمركزية في محليات‬
‫مصر‪.‬‬
‫‪ (3‬تحديد العوامل المؤثرة في تطبيق اللمركزية في ظل نظم المحليات الحالي في مصر‪.‬‬
‫‪ (4‬إبراز الدور المتزايد الذي تلعبه الوحدات المحلية على جميع الصعدة القاتصادية‬
‫والسياسية‪ ،‬الجتماعية والدارية والثقافية‪ ،‬وكذلك أهمية الستكشاف الذي يعكسه التنظيم‬
‫الدستوري والقانوني الجديد في تطبيق اللمركزية في المحليات في مصر‪.‬‬
‫‪ (5‬بالنظر إلى الهتمام المتزايد باللمركزية وتطبيقها فإن البحث سيحاول أن يبادر التركيز‬
‫على الجوانب في نظم الدارة المحلية في مصر‪ ،‬وكيفية تطوير نظمها اللمركزية في‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫‪ (6‬محاولة التوصل إلى نقاط التوافق والختلف في نظم الدارة المحلية في مصر‪.‬‬
‫‪ (7‬محاولة تطبيق أفضل ما توصلت إليه التجارب الدولية في مجالت تطبيق اللمركزية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الهأداف البحثية‪:‬‬
‫في إطار ما سبق‪ ،‬يهدف البحث ما يلي‪ً:‬ا‬
‫‪ (1‬التعرف على أفضل التجارب الدولية في تطبيق اللمركزية ومحاولة تطبيقها في مصر‪.‬‬
‫‪ (2‬التعرف على دور اللمركزية في المحليات في تحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬
‫‪ (3‬الوقاوف على مدى مساهمة اللمركزية في تحسين أوضاع المجتمع المحلي في مصر‪.‬‬
‫‪ (4‬تحليل دور اللمركزية في التنمية المحلية في مصر‪.‬‬
‫‪ (5‬الطلع على الساليب الجديدة حول تطبيق اللمركزية وتعزيز قادرة الوحدات المحلية‬
‫على مسايرة التقدم التكنولوجي‪ ،‬والقيم الدارية المتمثلة في الشراكة والشفافية والمساءلة‬
‫والقضاء على الفساد‪.‬‬
‫‪ (6‬الكشف على واقاع ومستقبل تطبيق اللمركزية في المحليات في مصر في ضوء التجارب‬
‫الدولية الرائدة‪.‬‬
‫‪ (7‬محاولة طرح رؤية مستقبلية لتطبيق اللمركزية في المحليات في مصر‪ ،‬وبناء نموذج في‬
‫الدارة المحلية يتلءم مع العوامل والظروف التي تواجه الدارة المحلية في مصر‪.‬‬
‫الحدود البحثية‪:‬‬
‫يتحدد هذا البحث في الحدود البحثية التالية‪ً:‬ا‬
‫‪ (1‬الحدود الجرائية‪:‬‬
‫يختص الموضوع ببحث كيفية تطبيق اللمركزية في التجارب الدولية‪ ،‬وبالتحديد حالة‬
‫التجربة التنموية لسنغافورة‪ ،‬وكيفية تطبيقها في مصر‪.‬‬
‫‪ (2‬الحدود الزمانية‪:‬‬
‫يتناول البحث موضوع كيفية تطبيق اللمركزية في مصر منذ مطلع القرن الحادي‬
‫والعشرين‪ ،‬ومرو ار بثورتي ‪ 25‬يناير ‪ ،2011‬و ‪ 30‬يونيو ‪ ،2013‬والتركيز على دستور ‪،2014‬‬
‫والمواد التي تحدد عمل وتطبيق اللمركزية الدارية في مصر‪.‬‬
‫‪ (3‬الحدود المكانية‪:‬‬
‫البحث بصدد محاولة تطبيق اللمركزية في المجال الداري في جمهورية مصر العربية‪،‬‬
‫مع الخذ بالحالة التطبيقية لدولة سنغافورة في تحقيق التنمية الشاملة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الدراساتا السابقة‪:‬‬
‫في ضوء إطلع الباحث حول الدبيات السابقة التي تناولت متغيرات البحث تم التوصل‬
‫إلى مجموعة تدعم وتسهم في التوصل إلى تحقيق أهأداف البحث‪ ،‬وتم تقسيمها إلى ثلث‬
‫محاور كما هأو موضح‪:‬‬
‫‪ (1‬المحور الول الدراسات التي اهتمت بتطبيق اللماركزية بشكل‬
‫عام‪:‬‬
‫‪ (1‬أحمد الرشيدي‪ ،‬الطار القانوني لسياسات اللمركزية في مصر‪ ،‬سلسلة اللمركزية‬
‫وقضايا المحليات‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز دراسات واستشارات الدارة العامة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية‬
‫القاتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬يناير ‪.2004‬‬
‫‪ (2‬زهير الحسني‪ ،‬اللمركزية الدارية في النظام القانوني للمحافظات التي لم تنتظم في‬
‫إقليم‪ ،‬أوراق عمل مؤتمر اللمركزية المنعقد في بغداد في الفترة ‪ 28 – 27‬فبراير‬
‫الرابط‪ً:‬ا ‪ً://www.hdf-‬ا‪http‬‬ ‫‪ ،2012‬الجزء الثاني‪ ،‬متاح على‬
‫‪iq.org/ar/images/decenteralization_research.pdf‬‬
‫‪ (3‬سمير محمد عبد الوهاب‪ ،‬المجالس الشعبية المحلية والمجالس التنفيذية‪ً:‬ا الدوار‬
‫والعلقاات‪ ،‬سلسلة اللمركزية وقضايا المحليات‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز دراسات واستشارات‬
‫الدارة العامة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية القاتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪ ، 7‬يناير ‪.2004‬‬
‫‪ (4‬عمر محمد الحسني عبد السلم‪ ،‬غادة فاروق حسن‪ ،‬تأثير اللمركزية للدارة الحضرية‬
‫ولدعم اتخاذ القرار في ترسيخ أركان التنمية الحضرية المستدامة للمناطق المستهدفة‪،‬‬
‫في‪ :‬تأثير الظروف المعيشأية من خلل التنمية الحضرية المستدامة‪ ،‬أورق عمل‬
‫المؤتمر العربي القاليمي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬كلية الهندسة‪ ،‬في الفترة ‪18-15‬‬
‫ديسمبر ‪.2003‬‬
‫‪ (2‬المحور الثاني الدراسات التي اهتمت بتطبيق اللماركزية في‬
‫التجارب الدولية‪:‬‬
‫‪ (1‬إيمان احمد عزمي‪ ،‬الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في المملكة العربية‬
‫السعودية‪ً:‬ا المعوقاات المدانة والمأمول في التنمية المستدامة‪ ،‬ورقاة عمل مقدمة للمشأاركة‬
‫في المؤتمر الدولي للتنمية الدارية‪ ،‬الرياض‪ ،‬معهد الدارة العامة‪ ،‬نوفمبر ‪.2009‬‬
‫‪ (2‬أيمن عبد القادر عبد الرحيم راضي‪ ،‬دور اللمركزية في فاعلية إدارة الصراع التنظيمي‬
‫في و ازرات السلطة الوطنية الفلسطينية – قطاع غزة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬غزة‪ ،‬الجامعة‬
‫السلمية‪ ،‬كلية التجارة‪ ،‬سبتمبر ‪.2010‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ (3‬أسماء رمضان شيبة‪ ،‬الدارة المحلية والتنمية في ظل إعادة صياغة دور الدولة‪ ،‬المجلد‬
‫الثاني‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز دراسات واستشارات الدارة العامة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية القاتصاد‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬العدد السابع ‪ ،‬يناير ‪.2004‬‬
‫‪ (3‬المحور الثالث الدراسات التي اهتمت بتطبيق اللماركزية في‬
‫ماصر‪:‬‬
‫‪ (1‬محمود شريف‪ ،‬اللمركزية ومستقبل الدارة المحلية في مصر‪ ،‬سلسلة اللمركزية‬
‫وقضايا المحليات‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز دراسات واستشارات الدارة العامة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية‬
‫القاتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬العدد الول‪ ،‬يناير ‪.2004‬‬
‫‪ (2‬احمد دسوقاي محمد إسماعيل‪ ،‬تجارب ناجحة في التنمية المحلية‪ً:‬ا دروس من الدول‬
‫النامية ومراجعة للحالة المصرية‪ ،‬في‪ً:‬ا كمال المنوفي‪ ،‬تجارب ناجحة في التنمية‬
‫المحلية‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز دراسات واستشارات الدارة العامة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية القاتصاد‬
‫والعلوم السياسية‪.2007 ،‬‬
‫‪ (3‬صالح الشيخ‪ ،‬مدخل إصلح النظام المحلي في مصر في ضوء الستحقاقاات الدستورية‬
‫والتجارب الدولية‪ ،‬دورية بدائل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مركز الهرام للدراسات السياسية والستراتيجية‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،6‬العدد ‪.12،2015‬‬
‫‪ (4‬عبد ال شحاتة خطاب‪ ،‬المشاركة بين القطاعين العام والخاص وتقديم الخدمات العامة‬
‫على مستوى المحليات‪ً:‬ا المكانات والتحديات‪ ،‬في‪ً:‬ا علء الدين عرفات )محررا(‪ ،‬الدارة‬
‫المحلية في مصر‪ :‬الواقع وآفاق المستقبل‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مركز شركاء التنمية‪.2011 ،‬‬
‫‪ (5‬محمد إبراهيم الشافعي‪" ،‬تمويل اللمركزية المحلية في مصر‪ً:‬ا طبيعته ومشكلته وسبل‬
‫معالجته"‪ ،‬مجلة الشأريعة والقانون‪ ،‬المارات العربية المتحدة‪ ،‬جامعة المارات العربية‬
‫المتحدة‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬السنة ‪ ،27‬العدد ‪ ،56‬أكتوبر ‪.2013‬‬
‫‪ (4‬التعقيب على كافة ماحور الدراسات السابقة‪:‬‬
‫بعد استعرض الدراسات والدبيات السابقة فان البحث يخلص إلى‪ً:‬ا‬
‫‪ -1‬اختلفت الهداف التي سعت إليها كل دراسة من الدراسات السابقة عن أهداف البحث‬
‫الحالي‪ ،‬بسبب اختلفات الموضوعات التي تناولتها الدراسات السابقة عن الموضوع‬
‫الذي ينصب عليه محور اهتمام البحث‪.‬‬
‫‪ -2‬اختلف المجال الزمني للدراسات السابقة عن المجال الزمني للبحث الحالي‪ ،‬فالدراسات‬
‫السابقة أجريت في فترات زمنية متفاوتة ومختلفة نسبيلا عن فترة البحث الحالي‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المنهج البحثي‪:‬‬
‫سوف يعتمد الباحث على المنهج الوصفي‪ ،‬حيث أن إتباع طريقة الوصف تؤدى إلى‬
‫تبيان الطر النظرية والمفاهيمية للمركزية‪ ،‬لسيما مقوماتها وتصوراتها وأهدافها‪ ،‬ليتم تمييزها‬
‫هن المركزية الدارية‪ ،‬وكما يمكن من خلل المنهج الوصفي وصف النظمة والقوانين المطبقة‬
‫في مصر عند التعرض لتطبيقها‪ .‬بالضافة إلى العتماد على منهج دراسة الحالة‪ ،‬حيث أن‬
‫البحث سيركز على حالة تطبيق اللمركزية في سنغافورة كتجربة دولية جديرة بالبحث‪ ،‬ومحاولة‬
‫تطبيقها في الحالة المصرية‪.‬‬
‫كما سيعتمد الباحث على أسلوب تحليل المضمون‪ ،‬حيث أن هذا السلوب تحليل‬
‫المضمون المقترن بالسلوب الوصفي‪ ،‬وذلك للكشف عن مواضيع الخلل التي تعتري نصوص‬
‫القانون الدستوري الخاص بالدارة المحلية وما يتعلق بهما من نصوص أخرى تنظمها مع‬
‫استنتاج واستنباط البدائل لسد الثغرات الموجودة والقاتراح إن أمكن‪ ،‬وهذا السلوب سوف يساهم‬
‫في إجراء مقارنة بين القانون الدستوري الجديد والقديم الخاص بالدارة المحلية لضبط المميزات‬
‫العامة التي تتميز به نظام اللمركزية‪.‬‬

‫تقسيم البحث‪:‬‬
‫المقدمة‪ً:‬ا الطار العام للبحث‪.‬‬
‫الفصل الول‪ :‬تطبيق اللمركزية والعوامل المؤثرة فيها‪ ،‬وفيه نتناول‪ً:‬ا‬
‫المبحث الول‪ ،‬اللمركزية ومميزات وسلبيات تطبيقها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ ،‬خصائص اللمركزية والعوامل المؤثرة فيها‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬واقاع تطبيق اللمركزية في تجربة سنغافورة كتجربة دولية ومحاولة‬
‫تطبيقها في مصر‪ ،‬وفيه نتناول‪ً:‬ا‬
‫المبحث الول‪ ،‬تحليل لواقاع تطبيق نظام اللمركزية في تجربة سنغافورة كتجربة دولية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ ،‬تطبيق اللمركزية في المحليات في مصر في ضوء تجربة سنغافورة التنموية‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬تطبيق اللمركزية في المحليات في مصر‪ ،‬وفيه نتناول‪ً:‬ا‬


‫المبحث الول ‪ ،‬تحليل وصفي لما ألت له اللمركزية في مصر ومحاولة التطبيق في ضوء‬
‫القانون الدستوري لعام ‪.2014‬‬
‫المبحث الثاني‪ ،‬ايجابيات تطبيق اللمركزية وآفاق ما توصلت إليه في مصر‪.‬‬

‫الخاتمة‪ً:‬ا ذكر خلصة ما توصل إليه البحث‪ ،‬بالضافة إلى أهم النتائج والتوصيات‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل الول‬
‫تطبيق اللمركزية والعوامل المؤثرة فيها‬
‫لقد اقاتصرت دراسة التنظيم الداري منذ بدايتها على وجهة قاانونية بحتة‪ ،‬وكانت تبحث‬
‫على كيفية إنشاء الجهزة الدارية‪ ،‬وتوزيع الختصاصات الدارية بينها‪ ،‬والنشطة التي تقوم بها‬
‫هذه الجهزة في إطار تنفيذ السياسة العامة للدولة‪ ،‬ولكن ببروز اهتمامات علم الدارة في دراسة‬
‫التنظيم الداري‪ ،‬أصبح ينظر إليه ليس فقط من الناحية القانونية إوانما من الناحية الفنية أيضلا‪،‬‬
‫إذ يهتم بمستويات التنظيم الداري‪ ،‬والموارد البشرية والعناصر المادية المستخدمة لتسيير العمل‬
‫الداري لتحقيق أهدافه المرسومة‪ ،‬ووصف وتصنيف الوظائف وتوزيع وتقسيم المهام بين مختلف‬
‫الوحدات الدارية في التنظيم)‪.(6‬‬
‫فالتنظيم الداري بمثابة العمود الفقري لتقدم الدولة في كافة ميادينها‪ ،‬ومن عوامل نجاح‬
‫الدارة تمتعها بالثبات في مبادئها‪ ،‬والمرونة في قاواعدها التنظيمية‪ ،‬والدارة المحلية تعد نظام‬
‫إصلحي إداري مرن تال للمركزية الدارية التي لم تعد قاادرة على تلبية حاجات المجتمعات‬
‫المعاصرة وتفاعل مقتضياتها ومستجداتها‪ ،‬فتتطلب المر المزيد من العناية والبحث والتجديد‪،‬‬
‫وهنا برزت اللمركزية‪ ،‬والتي هي على عكس النظام المركزي‪ ،‬حيث تقوم اللمركزية على أساس‬
‫توزيع الوظيفة الدارية بين السلطة التنفيذية وهيئات عامة محلية أو مصلحية مستقلة تقوم إلى‬
‫جانب شخص الدولة‪ ،‬بمعنى آخر‪ ،‬اللمركزية تعنى توزيع الوظائف الدارية بين الحكومة‬
‫المركزية في العاصمة وبين هيئات محلية أو مصلحية منتخبة بحيث تخضع هذه الهيئات في‬
‫ممارستها لوظيفتها الدارية إواشراف والرقاابة الحكومة المركزية‪ ،‬وفي نفس السياق يتناول الفصل‬
‫المبحثين التاليين‪ً:‬ا‬
‫المبحث الول‪ ،‬اللمركزية ومميزات وسلبيات تطبيقها‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ ،‬خصائص اللمركزية والعوامل المؤثرة فيها‪.‬‬

‫‪ ()6‬احمد رشيد‪ ،‬التنظيم الداري وتحليل النظم‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1989 ،‬ص ص ‪.9-8‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث الول‬

‫اللمركزية ومميزات وسلبيات تطبيقها‬


‫انطلقالا من أن اللمركزية هي تقاسم السلطة والختصاصات والمسئوليات عبر السلطة‬
‫المركزية والسلطات الحكومية المحلية من ناحية وبين الحكومة بكل مستوياتها والقطاع الخاص‬
‫والمجتمع المدني من جانب آخر‪ ،‬فمعرفة اللمركزية الدارية كأسلوب جديد للتنظيم الداري‬
‫أستوجب من البحث إلقاء الضوء بشكل مبدئي على المركزية الدارية‪ ،‬لن هذا السلوب سعت‬
‫إليه الدول النامية‪ ،‬كخيار لتنظيم إدارتها بما يتلءم مع ظروفها القاتصادية والسياسية‬
‫والجتماعية والثقافية‪..‬الخ‪ ،‬في بداية نشأتها‪.‬‬
‫أولل‪ :‬التعريف بالمركزية الدارية‪:‬‬
‫المركزية الدارية في أبسط تعريفاتها هي عبارة عن تركيز السلطة في المركز‪ ،‬حيث‬
‫تتضمن تجميع الصلحيات والسلطات في أيدي موظفين القطاع العام في العاصمة‪ ،‬وينطبق‬
‫مبدأ المركزية الدارية من المقولة التي تدعى أن كفاءة وفعالية المؤسسة تتزايد من خلل اتخاذ‬
‫الق اررات من طرف شخص واحد‪ ،‬أو رئيس منسق واحد‪ ،‬فهو متخذ القرار النهائي لكل موضوع‬
‫يعرض عليه‪ ،‬ويمكن تفويض اتخاذ بعض الق اررات إلى مرؤوسيه أو إلغاء هذه الق اررات بغض‬
‫النظر عن مشروعيتها)‪.(7‬‬
‫كما وتعـرف المركزيـة الداريــة علـى أنهــا حصــر المهــام والمســؤوليات والوظــائف فــي نقطـة‬
‫واحدة مـن الدولـة تمثـل عاصـمتها مثـل رئيـس الحكومـة والبرلمـان والمحكمـة العليـا للدولة والمجلـس‬
‫لمركزية فلسفة للتنظيم والدارة تتضممن عنصرين أساسين هما)‪ً:(8‬ا‬ ‫العلى للقضاء‪ ،‬وتعتبر ال م‬
‫‪ -1‬التوزيع الختياري‪ ،‬ويقصد به أنواع السلطات الممنوحة لتطــوير الخطــط القائمــة مثــل‬
‫السياسات واختيار الوسيلة المناسبة للرقاابة على الداء وتمركز السلطة‪.‬‬
‫‪ -2‬تمركز السلطة‪ ،‬حيث أن الق اررات الهامـة والحيويـة ل تفـوض إلـى الدارات والقاسـام‬
‫نظ ار لخطورتها وحساسيتها بالنسبة للتنظيم‪ ،‬إوانما تقوم بها الدارة العليا‪.‬‬
‫ولكن هناك مجالت أخرى متعددة يمكن تفويض السلطة فيها‪ ،‬من بينها)‪ً:(9‬ا‬
‫تــوفير المــديرين الكفــاء الــذين بإمكــانهم تحمــل المســؤولية والقــدرة علــى اتخــاذ‬ ‫‪(1‬‬
‫الق اررات السليمة عند الحاجة‪.‬‬

‫‪ ()7‬كمال المنوفي وآخرون‪ ،‬الصلحا المؤسسي بين المركزية واللمركزية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز دراسات واستشارات‬
‫الدارة المحلية‪ ،2001 ،‬ص ص ‪.45-41‬‬
‫‪ ()8‬محمد الهماوندي‪ ،‬الحكم الذاتي والنظم اللمركزية الدارية والسياسية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المستقبل العربي‪ ،1990 ،‬ص ص‬
‫‪.79-74‬‬
‫‪ ()9‬طعيمة الجرف‪ ،‬القانون الداري ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة القاهرة الحديثة‪ ،1969 ،‬ص ص ‪.38-36‬‬

‫‪12‬‬
‫تـ ــوفر طـ ــرق الرقاابـ ــة المناسـ ــبة علـ ــى أداء الجهـ ــاز التنظيمـ ــي المف ـ ـموض إليـ ــه‬ ‫‪(2‬‬
‫السلطة‪.‬‬
‫فلسفة القيادة العليا للتنظيم ونظرتها اللمركزية وتطبيقاتها‪.‬‬ ‫‪(3‬‬
‫ثانيلا‪ :‬التعريف باللمركزية الدارية‪:‬‬
‫لقد تعددت التعاريف التي تناولت مفهوم اللمركزية‪ ،‬تبعا لوجهة نظر الفقهاء والمفكرين‪،‬‬
‫ولعل السبب في ذلك يرجع أن كل مفكر ينظر إلى الدارة المحلية من زاوية معينة مبنية على‬
‫الفلسفة الفكرية السياسية والقانونية للدولة التي ينتمي إليها‪ .‬ولشك أن اختلف الجوانب التي‬
‫يهتمون بها‪ ،‬والهداف التي يرمون إلى تحقيقها‪ ،‬تدعو إلى التعرف على بعض هذه التعاريف‬
‫ذات العلقاة بمفهوم نظام اللمركزية الدارية ‪ ،Administrative Decentralization‬ويمكم‬
‫ذكر أهم هذه التعاريف ما يلي‪ً:‬ا‬
‫ف شير مفهوم اللمركزية إلى تفويض كل أو بعض سلطات المركز إلى الوحدات‬
‫والوظائف الدنى في الجهاز الداري‪ ،‬وهذا يعنى تمتع هذه الوحدات الدارية والوظائف‬
‫بصلحية وسلطة صنع القرار‪ ،‬والتصرف المستقل‪ ،‬وفق ما يمليه عليها تقديرها للحالت‬
‫والمشاكل التي تواجهها)‪.(10‬‬
‫فعندما تصنع الق اررات على مستوى الوحدة‪ ،‬أو الوظيفة القائمة بالتنفيذ‪ ،‬دون أن تصعد‬
‫هذه الق اررات إلى مستويات أعلى‪ ،‬وعندما ل تقيد تصرفات الوحدات والوظائف بلوائح مقيدة‬
‫لسلطتها وصلحيتها التقديرية‪ ،‬فإن اللمركزية تكون هي الصفة الغالبة‪.‬‬
‫كما يقصد باللمركزية بأنها مجلس منتخب تتركز فيه الوحدة المحلية ويكون عرضة‬
‫للمسؤولية السياسية أمام الناخبين – قااطني الوحدة المحلية – وتعتبر مكملل لجهزة الدولة)‪.(11‬‬
‫وهي عبارة عن أسلوب إداري يقوم على توزيع الوظيفة الدارية بين الجهاز الداري‬
‫المركزي وهيئات أخرى مستقلة على أساس إقاليمي أو موضوعي)‪.(12‬‬
‫كما تعنى اللمركزية المرونة في التبعية الدارية‪ ،‬بحيث ل ترتبط الجهزة الدارية في‬
‫إقاليم الدولة ارتباطا رأسيا‪ ،‬إذ تتدرج تدرجا هرميا في الجهاز الداري الرئيسي في عاصمة الدولة‪،‬‬
‫وفق الق اررات التي تحكمها‪ ،‬وتحدد علقاتها ببعضها‪ ،‬بحيث تكفل تأدية الوظيفة الدارية للدولة‬

‫)( كمال المنوفي وآخرون‪ ،‬الصلح المؤسسي بين المركزية واللمركزية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.52-50‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪11‬‬
‫‪() John Agnew, "Symposium on Political Centralization And Decontralization", Policy‬‬
‫‪Studies, Vol.18, No.3, 1999, pp.13-18.‬‬
‫‪ ()12‬حسن العلواني‪ ،‬اللمركزية في الدول النامية من منظور أسلوب الحكم المحلي الرشأيد‪ ،‬في مصطفي كامل السيد‪،‬‬
‫الحكم الرشيد والتنمية في مصر‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز دراسات وبحوث الدول النامية‪ ،2006 ،‬ص ص ‪.77-74‬‬

‫‪13‬‬
‫على وجه ل يتعارض مع بعضه‪ ،‬وعلى وجه ل يحدث تباينا وتعارضا في أهداف الدولة‪ ،‬ول‬
‫يتعارض كل ذلك مع الق اررات الدستورية والتشريعية أو القضائية للدولة)‪.(13‬‬
‫وفي رأي آخر يقصد باللمركزية تقاسم الوظيفة الدارية بين الدولة‪ ،‬وتمثلها الحكومة من‬
‫جهة‪ ،‬والوحدات الدارية المحلية من جهة أخرى‪ ،‬بحيث تتولي السلطات المركزية مهمة إشباع‬
‫الحاجات العامة القومية التي يستفيد منها عموم أبناء الشعب في مختلف أنحاء البلد‪ ،‬في حين‬
‫يلقي على عاتق هيئات الدارة المحلية مهمة إشباع الحاجات المحلية التي يقتصر الستفادة منها‬
‫على أفراد منطقة جغرافية معينة بذاتها)‪.(14‬‬
‫إن اللمركزية ل يمكن أن تكون مطلقة‪ .‬بما يعنى أن أي تنظيم إداري لمنظمة ما‪ ،‬لبد‬
‫أن يتضمن قاد الر من المركزية وقاد الر من اللمركزية‪.‬‬
‫ثالثلا‪ :‬مميزات تطبيق اللمركزية‪:‬‬
‫لتطبيق اللمركزية عدة مميزات منها ما يلي)‪ً:(15‬ا‬
‫‪ (1‬تحقق اللمركزية مبد هام من مبادئ التنظيم إل وهو توازن السلطات‬
‫والمستويات‪.‬‬
‫‪ (2‬سرعة اتخاذ الق اررات وحل المشكلت‪.‬‬
‫‪ (3‬تفرغ المسؤولين للق اررات الهامة‪ ،‬وعدم انشغالهم بالمشكلت الفرعية‪.‬‬
‫‪ (4‬اتخاذ قا اررات مناسبة وأفضل لن متخذ القرار إذا كان يعايش المشكلة فهو أقادر‬
‫من المدير الذي ل يعرف تفاصيلها‪.‬‬
‫‪ (5‬رفع الروح المعنوية للمسؤولين والرؤساء في المستويات الدارية المختلفة نتيجة‬
‫لشعورهم بالمشاركة اليجابية‪.‬‬
‫‪ (6‬زيادة حماس أعضاء المستويات الدارية المختلفة ورغبتهم واهتمامهم بحل‬
‫المشكلت التي تواجههم‪ ،‬وبالتالي ظهور الفكار الجديدة والحلول المبتكرة‪.‬‬
‫‪ (7‬مخاطر الق اررات الضعيفة موزعة‪ ،‬فهي تؤثر على إدارة واحدة أو قاسم واحد بدل‬
‫من التأثير على المنظمة كلها أو عدد كبير الدارات‪.‬‬
‫‪ (8‬تدريب المسؤولين والرؤساء على المستويات القال‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪() Vivien Schmidit, Democratizing France: The Political and Administrative History Of‬‬
‫‪Decontralization, New York, Combridge University Press, 2007, pp.14-20.‬‬
‫‪ ()14‬محمد عمر مولود‪ ،‬الفيدرالية إوامكانية تطبيقها في العراق ‪ ،‬بيروت‪ ،‬مؤسسة مجد للنشر والتوزيع‪ ،2009 ،‬ص ص‬
‫‪.142-141‬‬
‫‪ ()15‬د‪.‬سمير محمد عبد الوهاب‪ ،‬النظم المحلية‪ً:‬ا إطار عام مع التركيز على النظام المحلي المصري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫ص ‪.133-131‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ (9‬سرعة أكبر في التصرف واتخاذ القرار‪ ،‬لن الوحدة التنظيمية الدنى معايشة‬
‫للمشكلة وقاادرة على التصرف دون الرجوع إلى المستويات العلى‪.‬‬
‫رابعلا‪ :‬سلبيات تطبيق اللمركزية‪:‬‬
‫تنشأ العديد من المشكلت والصعوبات عند تطبيق اللمركزية وتتمثل في النقاط‬
‫التالية)‪ً:(16‬ا‬
‫‪ (1‬يترتب على تطبيق اللمركزية إضعاف السلطة المركزية مما يؤدى إلى ضعف‬
‫التنسيق بين الجهزة اللمركزية‪.‬‬
‫‪ (2‬تساعد اللمركزية على صعوبة التصال بين الدارات المتحاورة مما يؤدى إلى‬
‫عدم وجود صلت وثيقة بين تلك الدارات‪.‬‬
‫‪ (3‬يحتاج تطبيق اللمركزية إلى توافر طرق وأساليب رقاابية مركزية ملئمة حتى‬
‫يمكن تحقيق التساق والتكامل بين الوحدات المختلفة للمنظمة وصول لتحقيق‬
‫الهداف المنشودة‪.‬‬
‫‪ (4‬ل تستطيع الوحدات المحلية الستفادة من خبرات المستشارين في المركز‪.‬‬
‫‪ (5‬زيادة النفقات نتيجة ازدواجية الخدمات المساندة في كل قاطاع أو دائرة‪.‬‬
‫‪ (6‬صعوبة الرقاابة‪.‬‬
‫‪ (7‬ازدياد أمكانية ازدواجية العمل فيما بين الوحدات المختلفة‪.‬‬
‫‪ (8‬يمكن أن تؤثر عكسيا على معنويات العاملين إذا لم يكونوا مهتمين بزيادة‬
‫مسؤولياتهم‪.‬‬
‫‪ (9‬المغالة في التركيز على مراكز الربح قاد يؤدى إلى أن مسؤولي هذه المراكز‬
‫يضحون بالنظرة الشمولية لهداف المنظمة من أجل مصلحة وأهداف المركز‪.‬‬
‫‪ (10‬نشوء استقللية كبيرة ومنافسة بين القطاعان مما قاد ينتج عنهما تضارب‬
‫المصالح في المؤسسة أو المنشأة‪.‬‬
‫‪ (11‬ل تشجع تبني البتكارات الرئيسية‪ ،‬لن سلطة اتخاذ الق اررات الرئيسية موزعة‬
‫وبعيدة‪.‬‬
‫‪ (12‬تتطلب تطبيق اللمركزية توفير عدد كبير من المديرين الكفاء لنجاحها‪.‬‬

‫‪ ()16‬أحمد الرشيدي‪ ،‬الطار القانوني لسياسات اللمركزية في مصر‪ ،‬سلسلة اللمركزية وقضايا المحليات‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز‬
‫دراسات واستشارات الدارة العامة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية القاتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬يناير ‪ ،2004‬ص ص ‪،12-11‬‬
‫أيمن عبد القادر عبد الرحيم راضي‪ ،‬دور اللمركزية في فاعلية إدارة الصراع التنظيمي في و ازرات السلطة الوطنية‬
‫الفلسطينية – قطاع غزة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬غزة‪ ،‬الجامعة السلمية‪ ،‬كلية التجارة‪ ،‬سبتمبر ‪ ،2010‬ص ص ‪.19-18‬‬

‫‪15‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫خصائص اللمركزية والعوامل المؤثرة فيها‬

‫باعتبار اللمركزية الدارية أسلوب من أساليب التنظيم الداري تقوم بتوزيع الوظيفة‬

‫الدارية في الدولة‪ ،‬حيث تقدم لهم فرصة ممارسة التجارب الدارية المتعددة للوصول إلى أفضل‬

‫الوضاع لشباع حاجات الفراد‪ ،‬رغبة في النهوض بمستوى الدارة المحلية‪ ،‬إل أن المجالس‬

‫المحلية تمارس عدة وظائف وصلحيات متعلقة بالتنمية الشاملة في جميع مجالتها للمشاركة في‬

‫تسيير الدارة العامة‪.‬‬

‫أولل‪ :‬خصائص تطبيق اللمركزية‪:‬‬

‫لعل ما يميز اللمركزية الدارية هو تطبيق الديمقراطية في النظم الدارية للدولة‪ ،‬بحيث‬

‫يتم تمثيل موطني الوحدة الدارية في إدارة شؤونهم المحلية بشكل ديمقراطي وبشكل يساعدهم‬

‫على تنمية مصالحهم والدفاع عنها بأنفسهم بطريقة أفضل مما تقوم به السلطة المركزية‪ .‬ومن‬

‫هنا جاء انتخاب المجالس المحلية باعتباره طريقة ديمقراطية لدارة هذه المجالس‪ .‬إواذا كانت‬

‫العلقاة مع المركز جيدة بحيث تقوم السلطة المركزية برعاية هذا النظام عن طريق التنسيق‬

‫والرقاابة‪ ،‬فإن هذه العلقاة من شأنها أن تحقق نجاح هذا النظام الداري)‪.(17‬‬

‫لكن انعدام هذا التنسيق والرقاابة على أعمال المجالس المحلية‪ ،‬من شأنه أن يؤدى إلى‬

‫مشاكل بين الطرفين تؤثر على قادرة هذه المجالس على إدارة شؤونها المحلية أو تضعف العلقاة‬

‫مع المركز مما يؤثر على تماسك الدولة وقادرتها على حماية مصالحها الوطنية‪ ،‬وهذا هو جوهر‬

‫خصائص تطبيق اللمركزية الدارية‪.‬‬

‫ومن أهم خصائص اللمركزية أنها تفوض السلطة إلى المرؤوسين لق اررات كثيرة‪ ،‬مع‬

‫الحتفاظ بالرقاابة على أحداث معينة أساسية‪،‬‬

‫)( زهير الحسني‪ ،‬اللمركزية الدارية في النظام القانوني للمحافظات التي لم تنتظم في إقاليم‪ ،‬أوراق عمل مؤتمر‬ ‫‪17‬‬

‫اللمركزية المنعقد في بغداد في الفترة ‪ 28 – 27‬فبراير ‪ ،2012‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ص ‪ ،37-1‬متاح على الرابط‪ً:‬ا‬
‫‪ً://www.hdf-iq.org/ar/images/decenteralization_research.pdf‬ا‪http‬‬

‫‪16‬‬
‫ثانيلا‪ :‬أهأمية اللمركزية وأنواعها وعناصرهأا‪:‬‬
‫تكمن أهمية اللمركزية في ارتباطها بنقل الختصاصات واستقللية اتخاذ القرار بهدف‬
‫رفع مستوى تقديم الخدمات الساسية)‪ ،(18‬وهناك ثلثة أنواع أو أشكال لنقل السلطة كما هو‬
‫موضح في الشكل رقام )‪ً:(1‬ا‬
‫‪ (1‬اللمركزية الدارية‪ ،‬التي تنقل سلطة اتخاذ القرار إلى مستويات أدني في السلم الداري‬
‫من أجل الستجابة لحتياجات القاعدة العريضة من المواطنين‪.‬‬
‫‪ (2‬اللمركزية السياسية‪ ،‬وتتعلق بتوفير درجة أعلى من الديمقراطية على المستويات المحلية‬
‫لضمان درجة عالية من المشاركة الشعبية والمجتمعية في صنع القرار‪.‬‬
‫‪ (3‬اللمركزية المالية‪ ،‬وهي التي تمنح صلحيات أكبر في جمع إوانفاق الموال مما يحقق‬
‫استخداما أفضل للموارد‪.‬‬
‫الشأكل التالي رقم )‪ (1‬يوضح أشأكال نقل السلطة والختصاصات في اللمركزية‬

‫تتعدد صور اللمركزية في كافة النظمة السياسية منها والدارية والقاتصادية‪ ..‬وغيرها‪،‬‬
‫فمبدئيا اللمركزية تعتبر أسلوب من أساليب العمل الداري الذي ينصب على توزيع‬
‫الختصاصات الوظيفية الدارية بين السلطة المركزية وبين هيئات أو مجالس منتخبة أو مستقلة‬
‫عن السلطة المركزية‪ ،‬ولكنها تباشر اختصاصاتها في هذا الشأن تحت إشراف الدولة المتمثلة‬
‫بسلطتها المركزية)‪.(19‬‬
‫بحسب القانونيين يؤخذ باللمركزية لوجود نوعين من المصالح في الدولة‪ ،‬المصالح‬
‫العامة القومية‪ ،‬وهي التي تهم الشعب وجميع السكان‪ ،‬ومصالح محلية خاصة‪ ،‬وهي التي تهم‬
‫إقاليما أو أكثر في الدولة الوحدة‪ ،‬بحيث تتولى السلطات التحادية مهمة إشباع الحاجات‬

‫)(طعيمة الجرف‪ ،‬القانون الداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.83-80‬‬ ‫‪18‬‬

‫‪ ()19‬كمال المنوفي وآخرون‪ ،‬الصلح المؤسسي بين المركزية واللمركزية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.57-55‬‬

‫‪17‬‬
‫والرغبات العامة القومية‪ ،‬في حين يلقى على عاتق هيئات الدارة المحلية مهمة إشباع الحاجات‬
‫والرغبات المحلية)‪.(20‬‬
‫إذن فاللمركزية ما هي إل أسلوب في التنظيم يقوم على توزيع الختصاصات بين‬
‫السلطة المركزية وهيئات أخرى مستقلة عنها قاانونيا‪ ،‬وهي بهذا المعنى قاد تكون ل مركزية‬
‫سياسية أو لمركزية مالية‪ ،‬أو لمركزية اقاتصادية‪ ،‬أو لمركزية إدارية وكل ذلك يمثل جملة أنواع‬
‫اللمركزية‪.‬‬
‫كما تمارس الهيئات المحلية سلطاتها بموجب القانون‪ ،‬وتحل محل السلطة المركزية‬
‫استنادا إلى مبدأ الحلول في السلطة‪ ،‬وذلك لن الهيئات الدارية المحلية تستمد سلطاتها من‬
‫انتخاب المواطنين للسلطات المحلية‪ ،‬وتكون صلحياتها بناء على ذلك صلحيات أصلية غير‬
‫مفوضة إليها من قابل السلطة المركزية‪ ،‬وعلى ضوء ذلك فإن عناصر اللمركزية الدارية‬
‫الساسية تتمثل في النقاط التالية)‪ً:(21‬ا‬
‫‪ ‬مرافق عامة محلية ذات شخصية اعتبارية ومعنوية‪.‬‬
‫‪ ‬استقلل الهيئات اللمركزية عن السلطات المركزية إداريا وماليا‪.‬‬
‫‪ ‬رقاابة إدارية عضوية أو موضوعية للسلطة المركزية‪.‬‬
‫كما وهناك مجموعة من المبررات والدوافع التي تدفع نحو اللمركزية بشكل عام وتتمثل في)‪ً:(22‬ا‬
‫‪ ‬توجد في معظم الدول مناطق معينة تربط بين سكانها روابط خاصة قاوامها المصالح‬
‫المشتركة بين هؤلء السكان‪.‬‬
‫‪ ‬النمو المتزايد في نشاط الدولة‪ ،‬سواء كان ذلك في الدارة الحكومية أو في الميدان‬
‫القاتصادي أو الجتماعي ‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫‪ ‬ظهور فكرة الخذ بالتخطيط في شتى الميادين‪ ،‬إوامكانية الستفادة من هذا التخطيط في‬
‫المجالت القاتصادية والجتماعية‪ ،‬والتي عملت الدولة الحديثة جاهدة على منافسة‬
‫الفراد بشأنها‪.‬‬
‫ازدياد وتشعب وظائف الدولة بشكل أدي إلى استحالة تركيز النشاط الحكومي في المركز أو‬
‫العاصمة‪ ،‬وما يصاحب هذا التركيز من عرقالة وعقبات تقف حجر عثرة في طريق الحياة‬
‫الديمقراطية وخطط التنمية الشاملة‪.‬‬
‫‪ ()20‬زهير الحسني‪ ،‬اللمركزية الدارية في النظام القانوني للمحافظات التي لم تنتظم في إقاليم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪ ()21‬محمد الهماوندي‪ ،‬الحكم الذاتي والنظم اللمركزية الدارية والسياسية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.98-96‬‬
‫‪ ()22‬محمد الهماوندي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬

‫‪18‬‬
‫ثالثلا‪ :‬العوامل المؤثرة في اللمركزية‪:‬‬
‫ترتبط المركزية باللمركزية بتفويض السلطة أي أنه كلما زاد تفويض السلطة كلما زادت‬
‫اللمركزية والعكس صحيح‪ ،‬ويمكن النظر إلى المركزية واللمركزية على إنهما يمثلن قاطبين أو‬
‫حدين متباعدين يندر وجود أي منهما كامل ومنفردا في التطبيق الفعلي والعملي‪ ،‬وتحاول كل‬
‫مؤسسة أو منشأة معرفة الدرجة المناسبة التي تحتاج إليها من كليهما في ضوء طبيعة أعمالها‬
‫وأهدافها والظروف البيئية التي تعمل بها)‪ ،(23‬ويعتمد التوازن بين المركزية واللمركزية على قادرة‬
‫الدارة العليا على فحص ودراسة العوامل المؤثرة على درجة اعتماد اللمركزية‪ ،‬ومن أهم العوامل‬
‫التي تؤثر في اعتماد اللمركزية ما يلي)‪ً:(24‬ا‬
‫‪ (1‬كفاءة والتزام المرؤوسين‪ ،‬كلما ارتفعت كفاءة المرؤوسين في المستويات الدارية‬
‫الدني والتزام بأداء العمل أمكن إذن الوثوق في أن تفويض السلطات واللمركزية‬
‫يمكنها أن تؤدى إلى نتائج إيجابية‪.‬‬
‫‪ (2‬حجم المؤسسة أو المنشأة‪ ،‬كلما كبر حجم المؤسسة أو المنشأة كان ذلك سببا يدفع‬
‫إلى تفويض السلطة ومنح مزيد من الحرية إلى المستويات الدنى‪ ،‬لنه من الصعب‬
‫جدا أن يكون لدى المديرين في الدارة العليا في المنظمات الكبرى الوقات والمعرفة‬
‫لتخاذ جميع الق اررات الرئيسية‪.‬‬
‫‪ (3‬البتكار ‪ ،‬كلما رغبت المؤسسة في مزيد من البداع والبتكار والفكار الجديدة في‬
‫العمل‪ ،‬فعليها أن تشجع الديمقراطية في العمل‪ ،‬ومنح مزيد من الحرية وجماعات‬
‫العمل والجتماعات واللجان وفرق العمل وكلها أدوات لتحقيق اللمركزية‪.‬‬
‫‪ (4‬السرعة في اتخاذ الق اررات ‪ ،‬كلما احتاجت المؤسسة إلى السرعة في اتخاذ الق اررات‪،‬‬
‫فعليها أن تمنح كل مسؤول يواجه مواقاف ومشاكل تحتاج إلى اتخاذ قارار مزيدا من‬
‫السلطة‪ ،‬حتى يتمكن من الحركة السريعة واتخاذ القرار‪.‬‬
‫‪ (5‬تكلفه القرار وخطورته‪ ،‬كقاعدة عامة كلما زادت خطورة القرار وأهميته بالنسبة‬
‫للمؤسسة ككل كلما زاد احتمال اتخاذه بواسطة الدارة العليا‪.‬‬

‫)(أحمد الرشيدي‪ ،‬الطار القانوني لسياسات اللمركزية في مصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.9-7‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪ ()24‬أيمن عبد القادر عبد الرحيم راضي‪ ،‬دور اللمركزية في فاعلية إدارة الصراع التنظيمي في و ازرات السلطة الوطنية‬
‫الفلسطينية – قاطاع غزة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.16-14‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ (6‬كفاية نظام التصالت‪ ،‬يكون استخدام أسلوب اللمركزية أكثر فعالية إذا وفر نظام‬
‫التصالت والسرعة والدقاة في نقل المعلومات‪ ،‬وأدى استعمال الحاسب اللي والبريد‬
‫اللكتروني إلى احتمالية اتخاذ الق اررات السريعة والفورية‪.‬‬
‫‪ (7‬تحفيز العاملين‪ ،‬فهي من العوامل المساعدة على تطبيق اللمركزية وذات تأثير‬
‫إيجابي‪ ،‬فالفراد يلتزمون بأهداف المنظمة بحماس ورغبة‪ ،‬وهذا يجعلهم يمارسون‬
‫توجيها ورقاابة ذاتية من أجل تحقيق هذه الهداف‪ ،‬وبهذا توظف إمكانات العاملين‬
‫وجهودهم وقادراتهم البداعية لمصلحة المؤسسة بدل من تعطيل هذه المكانات‬
‫والطاقاات وخنقها تحت غيوم السلطة المركزية‪.‬‬
‫‪ (8‬وسائل الرقاابة‪ ،‬حينما يقوم أي مدير بتفويض السلطة يجب عليه أن يتأكد من أن‬
‫هذه السلطة ستستخدم بشكل مناسب وافتقار المدير إلى وسائل رقاابة فعالة ل‬
‫يشجعه على التفويض‪ ،‬ويدعم وجهة نظره القائلة أن تصحيح الخطاء أو مراقابة‬
‫العمل يتطلب وقاتا أكثر مما يتطلبه أداء العمل‪.‬‬
‫‪ (9‬ديناميكية المؤسسة أو المنشأة‪ ،‬إن ديناميكية نشاط المؤسسة وعملها يؤثر في درجة‬
‫اللمركزية المناسبة‪ ،‬فإذا كان هذا النشاط سريع التغير ويواجه مشكلت معقدة‬
‫نتيجة التوسع فمن المتوقاع أن يضطر المسؤولون إلى المشاركة في اتخاذ الق اررات‪.‬‬
‫رابعلا‪ :‬أدوات تحقيق اللمركزية‪:‬‬
‫هناك عدة أدوات لتحقيق اللمركزية‪ ،‬ومن أهمها)‪ً:(25‬ا‬
‫‪ -1‬تمكين العاملين‪.‬‬
‫‪ -2‬إعادة توزيع السلطات والصلحيات‪.‬‬
‫‪ -3‬التفويض‪.‬‬
‫‪ -4‬استخدام اللجان وفرق العمل‪.‬‬
‫‪ -5‬آلية المؤتمرات والجتماعات للتشاور‪.‬‬
‫وعلى ضوء ما ورد في سياق الفصل الول فإن اللمركزية تعتبر وسيلة لتقريب خطوط‬
‫السلطة من المواطن بما يسهل عليه مراقابتها ومحاسبتها بما يصب في النهاية في مصلحة‬
‫الدولة‪.‬‬

‫‪()25‬أحمد الرشيدي‪ ،‬الطار القانوني لسياسات اللمركزية في مصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.18-15‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫واقع تطبيق اللمركزية في تجربة سنغافورة كتجربة دولية‬
‫ومحاولة تطبيقها في مصر‬
‫إن الخذ بتطبيق اللمركزية من شأنه أن يساهم في إشراك المواطنين في إدارة وحداتهم‬
‫المحلية‪ ,‬فمن مقومات هذا النظام اعتماد مبدأ النتخاب لرؤساء وأعضاء المجالس المحلية‪،‬‬
‫وأنماط العمل السياسي الذي سيرافقه هذا المبدأ‪ ،‬ومن ثم ستتحقق التعددية‪ ،‬ويترسخ النهج‬
‫الديمقراطي وفكرة حكم الشعب لنفسه بنفسه لتنطلق من الصعيد المحلي لتكون المحصلة النهائية‬
‫هي ممارسة الديمقراطية على المستوى الوطني)‪.(26‬‬
‫ولعل أفضل وصف للمسوغات أو الهداف المرجو تحقيقها من تطبيق اللمركزية على‬
‫اختلف درجاتها هو ما يوجد في نص تقرير المم المتحدة الذي صدر في مايو ‪،(27)2003‬‬
‫والذي يرمي إلى‪ ،‬ل تختلف دول العالم في السباب التي من أجلها أنشئ نظام الحكم المحلي‪،‬‬
‫فالغرض أو الهدف من إنشاء نظام حكم محلي أو إدارة محلية هو تقديم خدمات للناس في‬
‫مناطق أقاامتهم المحلية‪ ،‬وتحسين الخدمات القائمة‪ ،‬وتقليل تكلفتها المالية‪ ،‬ولصنع علقاة وثيقة‬
‫بين الحكومة القومية والمناطق المحلية تساعد على تبادل المعلومات وبين المركز والمنطقة‬
‫المحلية‪ ،‬وتساعد على شرح السياسة المركزية‪ ،‬وخلق القبول لها محليا‪ ،‬ونقل متطلبات المناطق‬
‫المحلية واحتياجاتها للجهزة العليا‪ ،‬وصنع مشاركة أو تكثيف مشاركة سكان المناطق المحلية في‬
‫الحكم‪ ،‬ولتدريب القادة المحليين على إدارة شؤون مناطقهم وتجهيزهم لدور قايادي قاومي‪ ،‬ولتشجيع‬
‫سكان المناطق المحلية للهتمام بأمورهم الحياتية‪ ،‬والعمل على قابولهم للتغيير الذي ينجم عن‬
‫التنمية‪ ،‬ولقاناعهم وتشجيعهم على دفع الضرائب‪ .‬وعليه‪ ،‬يبحث الفصل المبحثين التاليين‪ً:‬ا‬
‫المبحث الول‪ ،‬تحليل لواقاع تطبيق نظام اللمركزية في تجربة سنغافورة كتجربة دولية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ ،‬تطبيق اللمركزية في المحليات في مصر في ضوء تجربة سنغافورة التنموية‪.‬‬

‫‪ ()26‬عباس فاضل‪ ،‬تجربة الحكم المحلي في العراق بين الواقاع والطموح‪ ،‬بحث منشور في‪ً:‬ا المجلة العراقية للعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬العدد الول‪ ،2008 ،‬ص ص ‪.114-112‬‬
‫‪ ()27‬المم المتحدة‪ ،‬تقرير المدير التنفيذي ‪ :‬حوارات بشأأن فعالية تطبيق اللمركزية وتعزيز السلطات المحلية‪ ،‬الدورة‬
‫التاسعة عشرة‪ 9-5 ،‬مايو ‪.2003‬‬

‫‪21‬‬
‫المبحث الول‬
‫تحليل لواقع تطبيق نظام اللمركزية في تجربة سنغافورة كتجربة دولية‬
‫يكمن جوهر اللمركزية الدارية والسياسية في عملية تحديد شكل وجوهر إدارة العلقاة ما‬
‫بين المركز والطراف وذلك على المستويات الجغرافية والسياسية والقاتصادية والجتماعية‪ ..‬الخ‪،‬‬
‫فسنغافورة كدولة تندرج ضمن الدول النامية والفقيرة في الموارد الطبيعية كالمعادن والنفط‪ ،‬لكن‬
‫ذلك لم يعق خطواتها الطموحة نحو تطبيق اللمركزية وتحقيق التنمية بقيادة رئيس وزرائها "لي‬
‫كوان يو" فاستطاعت أن تضع لنفسها على الخريطة كمركز مالي ولوجيستي عالمي‪ ،‬واستطاعت‬
‫التركيز على الصناعات التكنولوجية‪ ،‬مما أدى لزيادة إنتاجية ودخل الفرد بشكل كبير لتصنف‬
‫ضمن النمور السيوية الربعة بجانب كوريا الجنوبية‪ ،‬تايوان‪ ،‬هونج كونج‪ ،‬حيث ‪ %90‬من نمو‬
‫القاتصاد العالمي يحدث في قاارة آسيا)‪.(28‬‬
‫أول‪ :‬جذور التجربة التنموية في سنغافورة‪:‬‬
‫شعرفت سنغافورة قاديملا بأنها محط الغزاة من جميع دول العالم‪ ،‬فمن فرنسا إلى بريطانيا‬
‫إلى اليابان ثم الصين‪ ،‬أرض ل يتوفر فيها أي نوع من أنواع المصادر الطبيعية التي يمكن‬
‫العتماد عليها لتطويرها‪ ،‬كما أنها تضم خليطال سكانيال متناف لار من الرحالة من الدول المجاورة لها‬
‫مثل الصين وماليزيا والهند وعديد من القاليات السيوية والوروبية‪ ،‬ويعاملون معاملة السكان من‬
‫الدرجة الثانية داخل وطنهم من قابل غزاتهم‪ ،‬وتمتاز سنغافورة بتوليفة عرقاية يطغى عليها العرق‬
‫الصيني الذي يمثل غالبية السكان بجانب أعراق أخرى كالهنود والماليزيين‪ ،‬استطاعوا جميلعا‬
‫التعايش في سلم رغم اختلفاتهم العرقاية والدينية‪ ،‬وذلك لن الدولة سعت ليجاد هوية واحدة‬
‫استطاعت تجميع الكل‪ ،‬وكذلك الحفاظ على التوزيع النسبي لتلك العراق منذ التأسيس)‪.(29‬‬
‫برزت أهميتها اللوجيستية عندما أقاامت شركة الهند الشرقاية التابعة للمبراطورية‬
‫البريطانية أحد الموانئ بها عام ‪ ،1819‬في نطاق التوسع الوروبي في آسيا من أجل السواق‬
‫والموارد الطبيعية‪ .‬وفي أواخر ستينيات القرن الماضي عندما بدأت شمس المبراطورية البريطانية‬
‫في الفول تم تقليص القواعد العسكرية البريطانية‪ ،‬بما في ذلك قاواعدها في سنغافورة‪ ،‬وخلل هذه‬
‫الفترة بدأت المطالبة المحلية باستقلل سنغافورة‪ ،‬وأعلنت الستقلل عن بريطانيا من طرف واحد‬
‫في أغسطس عام ‪ ،1963‬غير أنه في ‪ 9‬أغسطس ‪ 1965‬صوت البرلمان الماليزي بالغلبية‬
‫على طرد سنغافورة من التحاد بسبب العديد من الختلفات اليديولوجية‪ ،‬وبالتبعية أعلن‬
‫البرلمان السنغافوري النفصال إواعلن جمهورية سنغافورة المستقلة بعدها بعدة ساعات‪ ،‬ثم تأدية‬

‫‪ ()28‬فيروز الدولتلي‪" ،‬تجارب التنمية‪ً:‬ا سنغافورة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.99-98‬‬


‫‪ ()29‬فيروز الدولتلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬

‫‪22‬‬
‫"يوسف بن إسحاق" اليمين الدستورية لمنصب الرئيس ليكون بذلك أول رئيس لها‪ ،‬وأصبح "لي‬
‫كوان يو" أول رئيس وزراء‪ ،‬وهيمن حزب العمل الشعبي على المسرح السياسي حتى تاريخه ‪.‬‬
‫)‪(30‬‬

‫عندما انفصلت سنغافورة عام ‪ 1965‬عن ماليزيا لم تكن تملك من الموارد الطبيعية‬
‫ورأس المال ما يمكنها من التأسيس لنهضتها‪ ،‬إل أن "لي كوان يو" بذل العديد من المحاولت‬
‫للعتماد على التصنيع التكنولوجي والسياحة واللوجيستيات واستقطاب الستثمارات الجنبية في‬
‫هذه المجالت التي كانت تبحث عن عمالة رخيصة وقارب من السواق‪ ،‬خاصة أن هذه‬
‫الستثمارات لم تكن مرغوبة في تلك الفترة من قابل الدول المحيطة بسنغافورة كالصين والهند‬
‫إواندونيسيا‪ ،‬نظ لار لتوجهاتها السياسية المعادية للرأسمالية بوجه عام‪ ،‬مما أتاح لسنغافورة فرصة‬
‫ذهبية أحسنت الستفادة منها‪ ،‬ونجحت في تحقق قافزة تنموية انعكست على معدلت دخل الفرد‬
‫السنوي لتزداد من ‪ 500‬دولر عند الستقلل إلى أكثر من ‪ 700‬ألف دولر في بداية اللفية‬
‫الثالثة)‪.(31‬‬
‫لقد وجدت سنغافورة نفسها بعد انسحاب القوات البريطانية وخروجها من اتحاد ماليزيا‬
‫تواجه جيرانها كإندونيسيا وماليزيا وهونج كونج والصين وتدخل معهم في مضمار المنافسة‬
‫الصناعية والتجارية‪ ،‬بل والعسكرية من أجل الحفاظ على أمن أراضيها وردع أي محاولت‬
‫لنتزاع حرية قا ارراتها من قابل الدول المحيطة بها‪ .‬وكانت أكثر مهام “لي كوان يو” إلحالحا تتمثل‬
‫في توفير فرص عمل مستقرة لبناء شعبه بعد الستقلل‪ ،‬نظ لار لنسب البطالة المرتفعة حينها‬
‫والتي قادرت بـ ‪ ،%10‬بعد أن كان ‪ ،%14‬بيد أنه كان يؤمن بضرورة تحقيق "مجتمع العدالة‬
‫الجتماعية وليس الرعاية الجتماعية")‪ .(32‬ولذلك‪ ،‬سعى إلى الهتمام بالعديد من المجالت وهي‬
‫وفلقا لمعيار التجربة التنموية وقاياس النتائج على مجمل مؤشرات القاتصاد الكلي‪ ،‬على النحو‬
‫التالي‪ً:‬ا‬
‫‪ ‬السياحة‪.‬‬
‫‪ ‬الصناعة‪.‬‬
‫‪ ‬الستثمارات الجنبية‪.‬‬
‫‪ ‬القطاع المالي‪.‬‬
‫في عام ‪ ،2004‬اختيرت سنغافورة ضمن العشرة الوائل الكثر تقدلما على مستوى‬
‫السواق المالية عالمليا‪ ،‬وجاء هذا الختيار ضمن تقرير المنافسة العالمية للملتقى القاتصادي‬

‫)(إزلتكو إسكربس‪ ،‬مايمل دي بار‪ ،‬بناء سنغافورة النخبوية والثنية ومشأروع بناء المة‪ ،‬ترجمة‪ً:‬ا حازم نهار‪ ،‬عرض‪ً:‬ا‬ ‫‪30‬‬

‫إبراهيم غرايبة‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث‪ ،2011 ،‬ص ص ‪.56-51‬‬
‫‪ ()31‬فيروز الدولتلي‪" ،‬تجارب التنمية‪ً:‬ا سنغافورة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ ()32‬مارون بدران‪ ،‬تجربة سنغافورة الحديثة وباني نهضتها‪ً:‬ا حكاية فرد صنع تاريخ دولة‪ ،‬جريدة القبس الكويتية‪22 ،‬يوليو‬
‫‪ ،2008‬متاح على الربط‪ً:‬ا ‪ً://alwatan.wordpress.com/2008/07/22/%D9%85%D8%A4%D8‬ا‪https‬‬

‫‪23‬‬
‫العالمي‪ ،‬ولديها احتياطي عملت أجنبية يتخطى حاجز الـ ‪ 60‬مليالرا‪ ،‬ومن أبرز شركائها‬
‫التجاريين الوليات المتحدة واليابان وماليزيا والصين وألمانيا وتايوان وهونج كونج‪ ،‬وأصبحت أحد‬
‫أسرع مراكز إدارة الثروات نملوا في العالم‪ ،‬حيث أعلنت سلطة النقد السنغافورية )البنك المركزي(‬
‫نهاية عام ‪ 2013‬أن حجم الموال المدارة ارتفع بنسبة ‪ %22‬في عام ‪ 2012‬ليصل إلى رقام‬
‫قاياسي عند ‪ 1.63‬تريليون دولر سنغافوري )‪ 1.29‬تريليون دولر أمريكي( مقابل ‪ 1.34‬تريليون‬
‫دولر سنغافوري سنة ‪ ،(33)2011‬والشكل التالي رقام )‪ (2‬يوضح معدل النمو السنوي لسنغافورة‬
‫منذ عام ‪ 1970‬وحتى عام ‪.2015‬‬
‫الشأكل رقم )‪ (2‬يوضح معدل النمو السنوي لسنغافورة‬
‫منذ عام ‪ 1970‬وحتى عام ‪2015‬‬

‫تتضح من الشكل السابق مراحل تطور معدلت النمو السنوي لسنغافورة والتي مرت‬
‫بالعديد من الصدمات القاتصادية بدلءا من السبعينيات وحتى الزمة السيوية التي بدأت في‬
‫يوليو ‪ ،1997‬وأثارت مخاوف من انهيار اقاتصادي عالمي بسبب العدوى المالية‪ ،‬حيث بدأت‬
‫الزمة في تايلند بالنهيار المالي للعملة المحلية بعد أن أجبرت الحكومة التايلندية على تعويم‬
‫عملتها المحلية‪ ،‬تبعها انهيار حاد في السواق المالية للدول السيوية خاصة النمور السيوية‪ ،‬إل‬
‫أن القاتصاد السنغافوري استطاع تخطي هذه الزمة وما تبعها من أزمات مثل الزمة المالية‬
‫العالمية التي أطاحت بمعدلت النمو ليصل إلى ‪ 0,6-‬في ‪ ،2009‬إل أن هذه المعدلت‬

‫‪ ()33‬عبد المحسن الداود‪ ،‬سنغافورة من جزيرة مقفرة إلى لعب رئيس في نادي الغنياء‪ً:‬ا ‪ 31,040‬دول الر معدل الدخل‬
‫السنوي للفرد في جمهورية تحولت إلى أهم المراكز المالية في العالم‪ ،‬صحيفة الرياض‪ ،‬متاح على الرابط‪ً:‬ا‬
‫‪ً://www.alriyadh.com/145354‬ا‪http‬‬

‫‪24‬‬
‫ارتفعت بعدها لتصل إلى ‪ %15‬في ‪ ،2010‬وبذلك تكون حكومة "لي كوان" قاد نجحت في‬
‫تحقيق معدلت نمو مرتفعة وجمح معدلت البطالة التي وصلت أقاصى تقديرات لها في ‪2013‬‬
‫إلى ‪ ،%2‬وبمتوسط دخل للفرد يتجاوز الـ ‪ 80‬ألف دولر في ‪.(34)2014‬‬
‫ثانيا‪ :‬مجالت تطبيق اللمركزية في تجربة سنغافورة التنموية‪:‬‬

‫استفاد لي كوان يو" من تجربة الدراسة في المملكة المتحدة‪ ،‬فسعى ليجاد رؤية تنموية‬
‫إنسانية اقاتصادية تدفع ببلده المتخلف والمتأخر والمتناحر مع الخرين من خلل إعادة روح‬
‫اليمان لبناء دولته معتمدا على تطبيق اللمركزية‪ ،‬من خلل دفعهم نحو التعلم والعمل من أجل‬
‫إيجاد وطن يعتزون به جميلعا بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقاية‪ ,‬وتعد الخطوة الولى‬
‫التي انطلق منها هي إيجاد نظام تعليمي متميز وقاوي في محاوره المختلفة‪ً:‬ا المنهج‪ ,‬المشعلم‪,‬‬
‫المكان‪ ,‬السرة‪ ,‬الدارة‪ ,‬ثم الطالب كمستفيد من هذا الربط التعليمي المتميز والمتقن‪ ،‬وعليه يرصد‬
‫البحث أهم مجالت تطبيق اللمركزية في التجربة التنموية لسنغافورة‪ ،‬ومنها‪ً:‬ا‬
‫‪ (1‬اللمركزية في التجارة الدولية واللوجيستيات‪:‬‬
‫لزالت تلعب سنغافورة دولار تاريخليا بارلاز في منظومة التجارة العالمية واللوجستيات بما‬
‫يماثل دولتي بنما ومصر معال‪ ،‬فبجانب دورها في تجمع السيان الذي كانت من الدول المؤسسة‬
‫له وعضويتها في منظمة التعاون القاتصادي للسيا باسيفيك )‪ (APEC‬ومجموعة )السيان ‪+‬‬
‫‪ (3‬ومجموعة شرق آسيا‪ ،‬إل أنها تملك موانئ جوية وبحرية ساعدتها في تحقيق ‪ 21‬مليار دولر‬
‫سنوليا كعائد للخدمات المقدمة في موانئها في مطلع اللفية الثالثة‪ ،‬وساهم قاطاع الملحة بنسبة‬
‫‪ %7‬من الناتج المحلي الجمالي وتوفير ‪ 170,000‬وظيفة إلى المواطنين المحليين)‪.(35‬‬
‫تضم البلدة الميناء الشهر في آسيا “ميناء سنغافورة” ‪ ،‬كما أنها تحوي ‪ 4‬محطات‬
‫لمناولة الحاويات بطاقاة إجمالية تصل إلى ‪ 20‬مليون حاوية مكافئة ‪ 20‬قادلما سنوليا‪ ،‬وبمتوسط‬
‫يبلغ ‪ 35‬حاوية للمشغل الواحد خلل الساعة‪ ،‬وبمعدل ‪ 1000‬عملية للمرشد الواحد خلل السنة‪،‬‬

‫‪ ()34‬فيروز الدولتلي‪" ،‬تجارب التنمية‪ً:‬ا سنغافورة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬


‫‪ ()35‬مارون بدران‪ ،‬تجربة سنغافورة الحديثة وباني نهضتها‪ً:‬ا حكاية فرد صنع تاريخ دولة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫حيث إن هذه المعدلت المرتفعة جاءت نتيجة استخدام أحدث المعدات والتدريب المستمر‬
‫والمكثف للعنصر البشري‪ ،‬وهي تستقبل نحو ‪ %70‬من تجارة الحاويات في العالم)‪.(36‬‬
‫يقوم الميناء بدور كبير ومهم في اقاتصاد سنغافورة‪ ،‬إذ تمر به خشمس حاويات الشحن‬
‫العالمية وخاصة شاحنات إمداد النفط‪ ،‬ويتبادل الميناء سفن البضائع مع ‪ 600‬ميناء في ‪123‬‬
‫دولة حول العالم‪ ،‬حيث يصل للميناء حوالي ‪ 1,15‬مليار طن من البضائع في عام ‪ ،2005‬هذا‬
‫بخلف القيام بدور الترانزيت في تزويد السفن المارة بالوقاود‪ ،‬وقاد اعتبر ميناء سنغافورة في عام‬
‫‪ 2011‬أكثر الموانئ العالمية ازدحالما‪ .‬هذا‪ ،‬إلى جانب موانئها الجوية حيث تصنف الخطوط‬
‫السنغافورية كأحد أفضل الخطوط في العالم‪ ،‬واستطاعت سنغافورة أن تجعل من خطوطها‬
‫ومطارها مجال استقطاب للربط بين الشرق والغرب وأستراليا وأمريكا الجنوبية والشمالية)‪.(37‬‬
‫‪ (2‬اللمركزية في التعليم‪:‬‬

‫ل في وجهة نظر المسئولين المفتاح الحقيقي للنتقال للعالم الول‬


‫شكل التعليم إجما ل‬
‫والمنافسة القاتصادية العالمية من خلل الستثمار الحقيقي في العنصر أو الموارد البشرية‪,‬‬
‫بحيث مكن سنغافورة من استقطاب كبرى الشركات العالمية للعمل فيها نظ لار لحسن تعليم وتدريب‬
‫ل ونساء‪ ,‬وانطلقاهم من رؤية وطنية تجعل حب الوطن الساس في‬
‫وانضباط السنغافوريين رجا ل‬
‫العمل‪ ,‬بحيث ل تضعف القدرة على الستمرار وحسن العطاء وتطويره)‪.(38‬‬
‫إن تجربة سنغافورة بدأت منذ إصرار المهات على تدريس العلوم والرياضيات بشكل‬
‫مكثف في المدارس الحكومية‪ ،‬ففي العام ‪ 1968‬لم تخرج الجامعات أي مهندس‪ ،‬أما حالليا فهي‬
‫تخرج نحو ‪ 20‬ألف مهندس سنوليا‪ ،‬إلى جانب المئات من المعاهد الفنية والمهنية المتطورة‪ ،‬وقاد‬
‫أسهم التنوع الثني التي تتمتع به سنغافورة في تكوين ثقافة فريدة لشعبها في المنطقة‪ ،‬فالتعليم‬
‫بكامله من المرحلة التمهيدية وحتى الجامعية باللغة النجليزية‪ ،‬واللغة الرسمية للدولة هي اللغة‬
‫النجليزية‪ ،‬ولكن ذلك لم يمنع من أن يكون لكل عرق لغته الخاصة به‪ ،‬فالصينيون يدرسون اللغة‬
‫ضا‬
‫الصينية كلغة رسمية ثانية‪ ،‬والملويون يدرسون اللغة المالوية كلغة ثانية‪ ،‬والهنود يدرسون أي ل‬

‫‪ ()36‬عبد المحسن الداود‪ ،‬سنغافورة من جزيرة مقفرة إلى لعب رئيس في نادي الغنياء‪ً:‬ا ‪ 31,040‬دول الر معدل الدخل‬
‫السنوي للفرد في جمهورية تحولت إلى أهم المراكز المالية في العالم‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪()37‬عبد المحسن الداود‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ ()38‬فيروز الدولتلي‪" ،‬تجارب التنمية‪ً:‬ا سنغافورة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬

‫‪26‬‬
‫لغتهم كلغة ثانية‪ ،‬وهكذا يبقى التواصل بين الجميع هو اللغة النجليزية المعتمدة بينهم‪ ،‬وتبقى‬
‫اللغة الثانية خيا لار لكل فئة من فئات الشعب حتى اللغة العربية‪ ،‬إوان لم تكن معتمدة رسمليا في‬
‫و ازرة التربية والتعليم السنغافورية‪ ،‬إل أنه بدأت تنتشر مدارس لتعليمها)‪.(39‬‬
‫‪ (3‬اللمركزية في الصحة‪:‬‬

‫رسخت سنغافورة نظام صحي شبه متكامل جعلها تجتذب الراغبين في العلج ليس من‬
‫قابل آسيا المجاورة فقط‪ ،‬بل امتد ذلك إلى دول أفريقيا والشرق الوسط وحالليا دول الخليج‪ ،‬حيث‬
‫تتمتع العناية الصحية بمستويات متقدمة بفضل نظامها الطبي المتكامل‪ ،‬هذا بخلف الرعاية‬
‫الجتماعية لسكانها‪ ،‬فهناك طبيب لكل ‪ 837‬مواطلنا‪ ،‬وسرير في مستشفى حكومي لكل ‪269‬‬
‫مواطلنا‪ .‬علوة على ذلك‪ ،‬طبقت الحكومة إبان خطتها التنموية سياسات رقاابية دقايقة على‬
‫التناسل السكاني لتكون الزيادة في عدد السكان الحالي بنسبة ل تتجاوز ‪ ٪2‬كأقاصى حد للنسل‪،‬‬
‫نظ لار للمخاوف من صغر مساحة الدولة وزيادة أعداد العمالة الجنبية‪ ،‬لكنها انتهجت سياسات‬
‫سكانية مغايرة مؤخ لار بتشجيع المواطنين على إنجاب مزيد من الطفال‪ ،‬حيث ارتفع عدد سكان‬
‫سنغافورة بنسبة ‪ %1.2‬خلل العام الماضي في أبطأ وتيرة له منذ أكثر من عشر سنوات‪ ،‬وذلك‬
‫في الوقات الذي تحاول فيه تقليص عدد العمالة الجنبية‪ ،‬وبلغ إجمالي عدد سكان سنغافورة‬
‫‪ 5.54‬مليون حتى يونيو ‪.(40)2015‬‬
‫وعلى الرغم من ذلك واجهت البلد العديد من الزمات‪ ،‬إذ وصل عدد العاطلين عن‬
‫العمل إلى أكثر من ثلثة مليين شخص‪ ،‬وكان أكثر من شثلثي سكانها يعيشون في أحياء فقيرة‪،‬‬
‫وتفتقر إلى الموارد الطبيعية‪ ،‬والصرف الصحي‪ ،‬والبنية التحتية المناسبة‪ ،‬إوامدادات كافية من‬
‫الماء‪ ،‬إل أنها بفضل سياستها المحكمة في إدارة مواردها المحدودة استطاعت التغلب على هذه‬
‫الزمات لحلقا‪.‬‬

‫‪ ()39‬إزلتكو إسكربس‪ ،‬مايمل دي بار‪ ،‬بناء سنغافورة النخبوية والثنية ومشروع بناء المة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪-171‬‬
‫‪.178‬‬
‫‪ ()40‬فيروز الدولتلي‪" ،‬تجارب التنمية‪ً:‬ا سنغافورة"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.103-102‬‬

‫‪27‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫تطبيق اللمركزية في المحليات في مصر في ضوء تجربة سنغافورة التنموية‬


‫مصر وسنغافورة دولتان ل تتشابهان كثي لار في التاريخ أو المحددات المحلية أو‬
‫القاتصادية‪ ..‬الخ‪ ،‬فاقاتصاد هذه الدولة أقارب إلى حد كبير بتجارب التنمية لدول مجلس التعاون‬
‫الخليجي خاصة المارات العربية المتحدة‪ ،‬لكن بالتأكيد يوجد العديد من الدروس المستفادة لمصر‬
‫من هذه التجربة التنموية الفريدة ‪ ،‬ففي مصر وبشكل واقاعي يواجه النظام المحلي العديد من‬
‫التحديات التي تؤدى ظواهر تحتاج إلى معالجة لعل أهمها يتمثل في ضعف قادرة المؤسسات‬
‫المحلية سواء المنتخبة أو المعينة على مقابلة مطالب المواطنين على هذا المستوى‪ ،‬وتصاعد‬
‫درجات ضعف الرضا بل ويمكن القول الستياء عن أداء الجهزة المحلية‪.‬‬
‫وعلى ضوء ذلك‪ ،‬ظهرت حاجة ماسة إلى مواجهة هذه التحديات‪ ،‬وذلك من خلل تزويد‬
‫المؤسسات المحلية بالصلحيات اللزمة لدارة شئونها المحلية‪ ،‬وتمكينها من القيام بمهامها‬
‫وأدوارها ويحقق التنمية المحلية ويستجيب لحتياجات المواطنين وأولوياتهم‪ ،‬ويحقق مستويات‬
‫أعلى من المشاركة المجتمعية في الشئون المحلية‪ ،‬وبالتأكيد فإن تطبيق اللمركزية يقع في القلب‬
‫من هذه الصلحات حيث تعتبر الوسيلة المؤدية لكل ذلك‪.‬‬
‫اتخذت الحكومات المصرية المتعاقابة منذ عام ‪ 2006‬عدة خطوات فعلية في سبيل‬
‫تطبيق اللمركزية‪ ،‬وشرعت الدولة في محاولة لتطبيق اللمركزية في إجراء تطوير تشريعي‬
‫للنظام المحلي المعمول قابل اندلع الثورة في ‪ 25‬يناير ‪ ،2011‬وتصحيح مسارها في ‪ 30‬يونيو‬
‫‪ ،2013‬وكذلك إعادة النظر في عملية التخطيط والتمويل‪ ،‬وتبنت العديد من برامج بناء وتنمية‬
‫القدرات على المستويين المحلي والمركزي‪ ،‬ول شك أن إعادة النظر في الهياكل التنظيمية‬
‫للمؤسسات المحلية يعد أحد الخطوات الضرورية للتحول من النظام المركزي إلى اللمركزية‪،‬‬
‫ومن هذه الخطوات التي تمثل عناصر القوة في النظام اللمركزي المقترح ما يلي)‪ً:(41‬ا‬

‫‪ ()41‬تم العتماد على ‪ً:‬ا د‪.‬صالح عبد الرحمن احمد الشيخ‪ ،‬تجربة تطبيق اللمركزية في مصر‪ً:‬ا دراسة رصدية توثيقية‪،‬‬
‫مجلة أحوال مصرية ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مركز الهرام للدراسات السياسية والستراتيجية‪ ،‬السنة الرابعة عشر‪ ،‬العدد ‪ ،61‬صيف‬
‫‪ ،2016‬ص ص ‪ ،87-86‬وهذا لعدم نشر وثيقة استراتيجية التنمية المحلية المعتمدة على اللمركزية من قابل و ازرة الدولة‬
‫للتنمية المحلية‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫أول‪ :‬مرتكزات برنامج التحول نحو تطبيق اللمركزية)‪:(42‬‬

‫البناء على ما هو قاائم ‪ ،‬قاامت استراتيجية اللمركزية على تفعيل الهياكل والمؤسسات‬ ‫‪(1‬‬

‫الموجودة في النظام المحلي مع منح كل منها مزيد من الدوار‪ ،‬بحيث تؤدى الدور الذي‬

‫ل وفقا للطار الدستوري والقانوني المنظم للشأن المحلي‪ ،‬فالستراتيجية لم‬


‫كلفت به أص ل‬

‫تتضمن إنشاء أية مستويات محلية جديدة بل عملت على تضمين بعضها في البعض‬

‫الخر إواعادة هيكلتها حتى تؤدى أدوارها بشكل أكثر فاعلية‪.‬‬

‫التحول نحو اللمركزية مع المحافظة على استقرار النظام القائم‪ ،‬أكدت الستراتيجية‬ ‫‪(2‬‬

‫وخطة تنفيذها على أهمية التطبيق التدريجي للمركزية سواء من ناحية القطاعات‬

‫المطبقة أي الختصاصات والوظائف التي ستمنح للمحليات‪ ،‬أو من حيث النطاق‬

‫الجغرافي الذي سوف تطبق فيه‪ .‬حيث قاامت وحدة دعم اللمركزية بو ازرة التنمية المحلية‬

‫بالتفاوض مع مجموعة من الو ازرات القطاعية والتي لديها بالفعل خططا لتحويل بعض‬

‫من اختصاصاتها نقل أو تفويضا إلى السلطات المحلية وكذلك الو ازرات التي توافر لديها‬

‫الستعداد لدمج خططها للتوجه نحو اللمركزية في الطار العام المقترح من قابل و ازرة‬

‫التنمية المحلية‪.‬‬

‫الهادفية‪ ،‬اللمركزية وسيلة وليست غاية‪ ،‬فقد تم تحديد عدة أهداف لبرنامج اللمركزية‬ ‫‪(3‬‬

‫في مصر تمثل في النقاط التالية‪ً:‬ا‬

‫‪ ‬تحقيق التوازن التنموي جغرافيا ومكانيا )بين جميع المحافظات وبين جميع‬

‫المناطق داخل كل محافظة(‪.‬‬

‫‪ ‬تحسين كفاءة استخدام المال العام من خلل جعل خطط التنمية المحلية‬

‫معبرة عن احتياجات وأولويات المواطنين‪.‬‬

‫‪ ()42‬ورقة عمل عن مشأروع مبادرة اللمركزية المصرية‪ ،‬متاح على الرابط‪ً:‬ا‬


‫‪ً://www.pidegypt.org/download/Local-election/Salah%20Helmy.pdf‬ا‪http‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ ‬تمكين المستوى المركزي من القيام بمهام التخطيط الستراتيجي والتنظيم‬

‫والتقييم والمساءلة‪.‬‬

‫‪ ‬تعزيز تدفق المعلومات على المستويين القومي والمحلي‪.‬‬

‫‪ ‬رفع مستوى الرضا الشعبي عن أسلوب تقديم الخدمات العامة‪ .‬كما ويترتب‬

‫على هذا المنطلق أن ليس جميع الوظائف – الختصاصات – داخل الدولة‬

‫يمكن أن يتم تطبيق اللمركزية فيها فهناك اختصاصات مركزية في جميع‬

‫الدول مثل الدفاع والعدل والخارجية‪.‬‬

‫تقوية الدولة وضمان وحدتها‪ ،‬صيغت استراتيجية اللمركزية في مصر وفقا لرؤية‬ ‫‪(4‬‬

‫محورها تقوية دور الدولة المركزية وذلك إيمانا من أن كفاءة تقديم الخدمات العامة‬

‫للمواطنين يضمن تحقيق هدف الدولة أل وهو زيادة الرتباط بين المواطن والدولة‪ ،‬إذ أن‬

‫اللمركزية هي وسيلة لتقريب خطوط السلطة من المواطن بما يسهل عليه مراقابتها‬

‫ومحاسبتها بما يصب في النهاية في مصلحة الدولة‪ .‬فتحميل السلطة المركزية أخطاء‬

‫المستويات الدنى من السلطة يفقد الثقة بين المواطن والدولة‪ ،‬في حين إذا إدراك‬

‫المواطن أن المسئول أمامه في وظيفة معينة هو مستوى السلطة الذي يتعامل معه فإن‬

‫ذلك لن يحمل السلطة المركزية أخطاء المسئولين المحليين‪.‬‬

‫عدم تحميل الموازنة العامة للدولة أعباء إضافية‪ ،‬من القواعد الساسية التي تأسست‬ ‫‪(5‬‬

‫عليها استراتيجية اللمركزية المصرية أنها ل تحمل الدولة أعباء جديدة فهي قاائمة على‬

‫اللتزام بـ وتطبيق مبدأ الحياد المالي‪ .‬فالتغيير المقترح في وظائف مستويات السلطة‬

‫المحلية – المحافظة والمركز – بتقسيماتها وهياكلها الدارية المختلفة ل يرتب عليه أية‬

‫أعباء مالية جديدة على الحكومة المركزية‪ .‬فالذي سوف يحدث هو تغيير لدوار‬

‫الفاعلين في مستويات السلطة على نحو يضمن كفاءة تقديم الخدمات العامة ودون أية‬

‫نفقات إضافية‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫ثانيا‪ :‬ملمح بنية النظام المحلي المقترحا في ظل تطبيق اللمركزية في مصر‪:‬‬

‫تضمنت وثيقة استراتيجية التنمية المحلية القائمة على اللمركزية العديد من النقاط التي‬

‫يجب التطرق إلى أهمها ومنها)‪ً:(43‬ا‬

‫مع التسليم بأن ليس كل وظائف الحكومة المركزية قاابلة للتقاسم والتشارك مع المحليات‪،‬‬ ‫‪(1‬‬

‫إل أنه ينبغي التأكيد على الدور الستراتيجي للحكومة المركزية‪ ،‬بحيث تصبح الو ازرات‬

‫المركزية هي المسئولة عن حالة القطاع )الصحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬النقل والموصلت‪ ،‬أو‬

‫السكان‪ (...‬في جميع أنحاء البلد‪ ،‬وعليها عبء وضع السياسات والستراتيجيات‬

‫والمعايير والدلة الرشادية والمفاوضات حول المخصصات المالية للقطاع‪ ،‬وكذلك‬

‫المتابعة والرقاابة لحالة القطاع في جميع المحافظات إواصدار تقارير حول ترتيب‬

‫الوحدات المحلية في هذا الشأن وللوزراء حق المساعدة والتدخل‪.‬‬

‫تشكيل مستويين للنظام المحلي أسوة بالوضع القائم في الكثير من دول العالم وتفعيل‬ ‫‪(2‬‬

‫للنظام القائم في مصر من ناحية ثانية‪ ،‬وتوظيفا للمؤسسات الموجودة على المستوى‬

‫المحلي من ناحية ثالثة )فروع الو ازرات‪ً:‬ا مديريات في المحافظات إوادارات بالمراكز(‪.‬‬

‫وهذان المستويان هما‪ً:‬ا‬

‫‪ ‬مستوى المحافظة‪.‬‬

‫‪ ‬مستوى المركز‪.‬‬

‫مع إعطاء كل مستوى منهما سلطات أصلية منقولة وأخرى مفوضة من المستوى‬

‫المركزي‪ ،‬واستمرار المستوى المركزي في الشراف والرقاابة على المستويات المحلية‬

‫وفقا لما يضعه من معايير‪ .‬ونظ ار لتساع مساحة الدولة المصرية والتي تشغل‬

‫المرتبة رقام ‪ 30‬على مستوى العالم من حيث المساحة يتم في مرحلة لحقة تفعيل‬

‫مستوى ثالث وهو مستوى القرية الم والمدينة‪ ،‬مع ضرورة التفرقاة بين المدينة‬

‫)( نقل عن‪ً:‬ا د‪.‬صالح عبد الرحمن احمد الشيخ‪ ،‬تجربة تطبيق اللمركزية في مصر‪ً:‬ا دراسة رصدية توثيقية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪43‬‬

‫ص ص ‪ ، 88 -87‬وهذا لعدم نشر وثيقة استراتيجية التنمية المحلية المعتمدة على اللمركزية من قابل و ازرة الدولة للتنمية‬
‫المحلية‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الكبيرة‪ ،‬والتي يمكن أن تكون في نفس مستوى المركز وتعامل ذات المعاملة مثل‬

‫مدن )المنصورة‪ ،‬المحلة‪ ،‬طنطا(‪ ،‬والمدينة الصغيرة‪ ,‬وأيضا يجب أن يكون للقاهرة –‬

‫العاصمة – قاانون خاص بها‪.‬‬

‫المحافظ هو ممثل الدولة المركزية على المستوى المحلي ويعهد إليه الدور المحوري في‬ ‫‪(3‬‬

‫ضمان تنفيذ سياسات الدولة على المستوى المحلي وفي ضمان التزام السلطات المحلية‬

‫في نطاق محافظته بالقوانين المعمول بها في الدولة ومن ثم يتمتع بحق الفيتو – أي حق‬

‫العتراض على قا اررات السلطات المحلية في حالة مخالفتها للنظام العام أو الضرار‬

‫بالمصلحة العامة أو قاوانين الدولة وسياساتها – ومن ثم فإن هذا الوضع يتلءم مع ما‬

‫الخاصة بجواز قايام رئيس الجمهورية‬ ‫نص عليه دستور ‪ 2014‬في المادة ‪148‬‬
‫)‪(44‬‬

‫بتفويض بعضا من اختصاصاته لبعض مسئولي السلطة التنفيذية من رئيس مجلس‬

‫الوزراء ونوابه‪ ،‬والوزراء‪ ،‬والمحافظين‪ ،‬ومن الواضح أن منح المحافظ صفة ممثل الدولة‬

‫المركزية على المستوى المحلي يحتوى في مضمونه تمثيل السلطة التنفيذية‪ .‬من ناحية‬

‫أخرى‪ ،‬يتفق هذا الوضع مع ما ورد في المادة ‪ 180‬من الدستور فيما يتعلق بالدوات‬

‫الرقاابية وحق الستجواب)‪ ،(45‬والذي يمكن تفسيره أنه ينطبق على رؤساء الوحدات‬

‫الدارية أو المحلية دون المحافظ‪.‬‬

‫التأكيد على حيوية دور المجلس العلى للدارة المحلية برئاسة السيد رئيس مجلس‬ ‫‪(4‬‬

‫الوزراء وعضوية المحافظين ورؤساء المجالس الشعبية المحلية على مستوى المحافظة‬

‫وعضوية الوزير المختص بالدارة المحلية‪.‬‬

‫‪ ()44‬أنظر نص المادة ‪ ،148‬دستور مصر لعام ‪.2014‬‬


‫‪ ()45‬أنظر نص المادة ‪ ،180‬دستور مصر لعام ‪.2014‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫تطبيق اللمركزية في المحليات في مصر‬
‫بعد ثورتي ‪ 25‬يناير ‪ ،2011‬و ‪ 30‬يونيو ‪ ،2013‬التي شاهدتهم مصر‪ ،‬وبعد الستقرار‬
‫الذي عرفته الدولة في أركانها وبعد تثبيت أقادامها تقوم بدعم النظام المركزي المطلق بالنظام‬
‫اللمركزي المصلحي والمرفقي‪ ،‬فقد وجدت الدولة نفسها مضطرة وملزمة للخذ باللمركزية‬
‫الدارية بعد تعدد وتنوع الواجبات الملقاة على عاتقها واتساع نطاق تدخل الحكومة‪ ،‬فتعددت‬
‫وتنوعات الخدمات التي يتوجب عليها تقديمها إلى الفراد بصورة خيالية غير معقولة بما يتواكب‬
‫مع مستجدات العصر‪.‬‬
‫فقد مر تطبيق اللمركزية في مصر خلل الفترة من عام ‪ 2006‬إلى عام ‪ 2011‬بعدة‬
‫مراحل كما هو موضح بالشكل التالي رقام )‪.(3‬‬
‫الشأكل رقم )‪ (3‬يوضح مراحل تطبيق اللمركزية في مصر‬
‫التواصل‬
‫التواصل‬
‫السياسي‬
‫السياسي‬

‫بناء‬ ‫التنسيق‬
‫تطوير‬ ‫بناء‬ ‫التنسيق‬
‫كافة‬
‫تطوير‬
‫الرؤية‬
‫القدرات‬
‫القدرات‬ ‫معمعكافة‬ ‫التطبيق‬
‫التطبيق‬
‫مأسسة‬ ‫الرؤية‬ ‫المحلية‬ ‫الطأراف‬
‫مأسسة‬ ‫المحلية‬ ‫الطأراف‬
‫عملية‬
‫عملية‬
‫الصلحا‬
‫الصلحا‬

‫‪ -1‬مرحلة التهيئة وتطوير النظام‬ ‫‪ -2‬مرحلة توفير المتطلبات‬ ‫‪-3‬مرحلة التطبيق‬


‫المصدر‪ً:‬ا د‪.‬صالح عبد الرحمن احمد الشيخ‪ ،‬تجربة تطبيق اللمركزية في مصر‪ً:‬ا دراسة رصدية توثيقية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫يوضح الشكل رقام )‪ (3‬أن مرحلة تطبيق اللمركزية في مصر مر بثلثة مخرجات‬
‫رئيسية لهذه المرحلة‪ ،‬تمثلت في)‪ً:(46‬ا‬
‫‪ (1‬مأسسة عملية إصلح النظام المحلي من خلل إنشاء مؤسسات تكون مسئولة عن‬
‫تطوير النظام المقترح وعن الدعم الفني والتوعية وكسب التأييد لعملية الصلح وبناء‬
‫القدرات البشرية والمؤسسية على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ (2‬تطوير رؤية الصلح من خلل إعداد وثيقة استراتيجية التحول نحو اللمركزية متوافق‬
‫عليها سياسيا ومجتمعيا‪.‬‬
‫‪ (3‬التواصل السياسي مع مؤسسة الرئاسة والحكومة‪ ،‬أو الحزب الحاكم‪ ،‬والبرلمان‪ ،‬والحزاب‬
‫السياسية والقوى السياسية والمجتمعية الفاعلة‪ .‬وعليه‪ ،‬يبحث الفصل المبحثين التاليين‪ً:‬ا‬
‫المبحث الول‪ ،‬تحليل وصفي لما ألت له اللمركزية في مصر ومحاولة التطبيق في ضوء‬
‫القانون الدستوري لعام ‪.2014‬‬
‫المبحث الثاني‪ ،‬ايجابيات تطبيق اللمركزية وآفاق ما توصلت إليه في مصر‪.‬‬

‫)( د‪.‬صالح عبد الرحمن احمد الشيخ‪ ،‬تجربة تطبيق اللمركزية في مصر‪ً:‬ا دراسة رصدية توثيقية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.89‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪33‬‬
‫المبحث الول‬
‫تحليل وصفي لما ألت له اللمركزية في مصر ومحاولة التطبيق‬
‫في ضوء القانون الدستوري لعام ‪2014‬‬
‫وجود اللمركزية الدارية يرتبط في الوقات الحاضر باتجاه اغلب الدول والمجتمعات‬
‫السياسية المعاصرة نحو الديمقراطية والمشاركة بمفهومها الموسع السياسي والداري والجتماعي‬
‫والقاتصادي وبرغبة أكثر للدول الموحدة في توزيع الوظيفة الدارية بين الحكومة المركزية في‬
‫العاصمة وبين الهيئات المحلية القاليمية أو المصلحية المرفقية التي تمارس سلطاتها مستقلة في‬
‫المسائل الجتماعية والقاتصادية والثقافية والخدمية بوجه عام وفي الحدود المرسومة لها من قابل‬
‫المشرع وتحت رقاابة ووصاية الدارة المركزية‪.‬‬
‫أولل‪ :‬تطبيق نظام اللمركزية في مصر في ضوء مواد دستور ‪:2014‬‬
‫يعد ما ورد من مواد تخص تطبيق اللمركزية في دستور ‪ 2014‬في مصر عن الدارة‬
‫المحلية أساسا دستوريا جيدا للتحول نحو تطبيق اللمركزية بفعالية‪ ،‬حيث شمل تسعة مواد من‬
‫المادة )‪ (175‬إلى المادة )‪ ،(183‬أشارت المادة )‪ (176‬إلى اللمركزية الدارية والمالية‬
‫والقاتصادية بشكل واضح من خلل النص على أن "تكفل الدولة دعم اللمركزية الدارية والمالية‬
‫والقاتصادية‪ ،‬وينظم القانون وسائل تمكين الوحدات الدارية من توفير المرافق المحلية‪ ،‬والنهوض‬
‫بها‪ ،‬وحسن إدارتها‪ ،‬ويحدد البرنامج الزمني لنقل السلطات والموازنات إلى وحدات الدارة‬
‫المحلية"‪ .‬أما المادة )‪ (177‬فقد كانت استجابة واضحة لشكالية التنمية الساسية في مصر‪،‬‬
‫وهي الفجوة التنموية الجغرافية‪ .‬وقاد نصت المادة على أن "تكفل الدولة توفير ما تحتاجه الوحدات‬
‫المحلية من معاونة علمية‪ ،‬وفنية‪ ،‬إوادارية‪ ،‬ومالية‪ ،‬وتضمن التوزيع العادل للمرافق‪ ،‬والخدمات‪،‬‬
‫والموارد‪ ،‬وتقريب مستويات التنمية‪ ،‬وتحقيق العدالة الجتماعية بين هذه الوحدات‪ ،‬طبقا لما‬
‫ينظمه القانون"‪.‬‬
‫فقد نص دستور ‪ 2014‬بشكل صريح على تطبيق اللمركزية الدارية والمالية‬
‫والقاتصادية كنظام إداري من أجل تحقيق التنمية الشاملة عبر تمكين السلطات المحلية من‬
‫الصلحيات والموارد اللزمة لتحقيق ذلك)‪ .(47‬كما أن التوجه نحو تطبيق اللمركزية أضحى‬
‫توجها عالميا‪ ،‬تفرضه متغيرات عدة مثل التحول لقاتصاد السوق وازدياد أدوار المجتمع المدني‬
‫التنموية وبروز المسئولية الجتماعية للشركات‪ ،‬وكذلك العمل على مزيد من دمقراطة العملية‬

‫)( د‪.‬هويدا عدلي‪" ،‬اللمركزية في مصر‪ً:‬ا بوابة التنمية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.75-74‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪34‬‬
‫السياسية‪ ،‬وتحديدا عملية صنع القرار خاصة على المستوى المحلي كي يكون أكثر استجابة‬
‫لحتياجات المواطنين‪.‬‬
‫فكل المتغيرات تدفع نحو مزيد من تطبيق اللمركزية الدارية والمالية‪ ،‬وربما من أكثر‬
‫المتغيرات أهمية جلب المواطن المحلي لقلب العملية السياسية من خلل تمكينه من التعبير عن‬
‫مطالبه وأولوياته من ناحية‪ ،‬ودعم قادراته على مساءلة السلطات المحلية سواء كانت معينة أم‬
‫منتجة من ناحية أخرى‪ ،‬وأيضلا تعميق إحساسه بالمسئولية الجتماعية تجاه مجتمعه المحلي من‬
‫ناحية ثالثة‪ ،‬فتطبيق اللمركزية في كثير من المجتمعات كان نتاجا لعدم رضا المواطنين على‬
‫جودة الخدمات العامة أداء الموظفين المحليين‪ .‬وغني عن البيان أن جزءا كبي ار من سوء‬
‫الخدمات العامة مرجعه القيود الدارية المفروضة على المحليات في التصرف في الموارد المالية‬
‫وتخصيص النفاق العام على الخدمات المحلية‪ .‬فالعائق المالي‪ ،‬فضل عن ضعف الصلحيات‬
‫المخولة للمحليات في رقاابة الخدمات العامة من أهم المشكلت التي تحلها اللمركزية الدارية‬
‫والمالية)‪.(48‬‬
‫ثانيا‪ :‬تطبيق اللمركزية في ضوء دستور ‪ 2014‬يعالج ضعف المحليات ويحارب الفساد‪:‬‬
‫توقاف نظام الدارة المحلية‪ ،‬المطبق في مصر قابل ثورة ‪ 30‬يونيو ‪ ،2013‬بشكل نهائي‬
‫بالنسبة لممارسة المجالس الشعبية المحلية سلطاتها كاملة‪ ،‬ولم يتحقق في ظله نقل السلطة من‬
‫المستوى المركزي إلى المستويات المحلية‪ ،‬وأعتمد بصفة أساسية على تفويض الختصاصات‬
‫من الو ازرات المركزية إلى المحليات‪ ،‬ونشأت نتيجة لذلك العديد من الثغرات في الدارة المحلية‬
‫ساهمت بشكل كبير في الحد من فاعليتها وتحقيقها لهدافها‪ ،‬خاصة وأن أسلوب التفويض ل‬
‫يمكن السلطات من مواجهة المشاكل مواجهة فعالة لعدة أسباب جوهرية‪ ،‬منها)‪ً:(49‬ا‬
‫‪ (1‬المفروض أن يقوم نظام الدارة المحلية على تمتع أجهزتها المنتخبة والتنفيذية بسلطات‬
‫أصلية يقابلها مسئولية‪ ،‬والتفويض ل يعطى هذه السلطة الصلية‪.‬‬
‫‪ (2‬من يعطى التفويض يملك أن يلغيه أو يعدله في أي وقات مما يؤدى إلى اضطراب‬
‫الداء‪.‬‬

‫)(د‪.‬هويدا عدلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪ ()49‬د‪ .‬محمود شريف‪ ،‬اللمركزية ومستقبل الدارة المحلية في مصر‪ ،‬سلسلة اللمركزية وقضايا المحليات‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز‬
‫دراسات واستشارات الدارة العامة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية القاتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬العدد الول‪ ،‬يناير ‪ ،2004‬ص ص‬
‫‪.22-18‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ (3‬من يفوض غيره في بعض سلطاته يملك أن يتخذ قا ار ار في الموضوع الذي فوض فيه‬
‫غيره‪ ،‬فالتفويض ل يلغى حق المفوض تماما‪ ،‬وقاد يؤدى هذا إلى التضارب في اتخاذ‬
‫الق اررات‪.‬‬
‫ومن هنا طرحت مسألة تطبيق اللمركزية بإلحاح كحل لمشاكل وقاصور الدارة المحلية في‬
‫مصر‪ ،‬فالمقصود بتطبيق اللمركزية هنا هو نقل جزء كبير من السلطات والمسئوليات والوظائف‬
‫من المستوى القومي إلى المستوى المحلي‪ ،‬ومن أهم العوامل التي ساعدت على ازدياد أهمية‬
‫الخذ باللمركزية في الدارة في مصر التوجه إلى اقاتصاد السوق الذي ل تصبح الدولة معه‬
‫الفاعل الوحيد بل يبرز إلى جانبها القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني‪ ،‬وتنشأ بين‬
‫الطراف الثلثة شراكة تتكامل في ظلها أدوار الطراف الثلثة‪ ،‬وتتخفف الدولة من بعض‬
‫أعبائها‪ .‬وبالضافة إلى التحول للقاتصاد السوق والخصخصة‪ ،‬هناك أيضا فشل الحكومات‬
‫المركزية للدول النامية في إدارة التنمية وزيادة الحاجة إلى الخدمات المحلية والبنية الساسية‬
‫المادية في الدول النامية بسبب زيادة النمو السكاني الحضري‪ ،‬وكذلك تبنى الديمقراطية كمنهج‬
‫لنظام الحكم حيث يقوم أساس المشاركة في صنع قا اررات التنمية وفي التنفيذ والرقاابة على تقييم‬
‫الداء)‪.(50‬‬
‫ومن أهم العوامل المشجعة على الخذ بتطبيق اللمركزية هو التطورات الديمقراطية‬
‫وضرورة تشجيع المشاركة السياسية مما يساعد على رفع مستوى الثقافة السياسية وتكوين قايادات‬
‫محلية يمكن أن تكون نواة لقيادات سياسية قاومية مستقبل‪ ،‬ولهذه العوامل عدة أسباب تدعو إلى‬
‫الخذ بنظام اللمركزية منها)‪ً:(51‬ا‬
‫‪ -1‬تعظم وتشعب دور الدولة وتنوع أنشطتها وتوغله‪.‬‬
‫‪ -2‬تساعد اللمركزية بما توفره من فرص للتدريب والمشاركة أن تكون مدخل لرساء‬
‫قايم الديمقراطية وحقوق النسان وعلى رأسها الحق في المشاركة السياسية وصول‬
‫إلى مستوى أفضل من مستويات الحكم الجيد‪.‬‬

‫‪ ()50‬د‪.‬سمير محمد عبد الوهاب‪ ،‬المجالس الشعبية المحلية والمجالس التنفيذية‪ً:‬ا الدوار والعلقاات‪ ،‬سلسلة اللمركزية‬
‫وقضايا المحليات ‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز دراسات واستشارات الدارة العامة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية القاتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬العدد‬
‫‪ ، 7‬يناير ‪ ،2004‬ص ص ‪.9-6‬‬
‫‪ ()51‬د‪.‬أحمد الرشيدي‪ ،‬الطار القانوني لسياسات اللمركزية في مصر‪ ،‬سلسلة اللمركزية وقضايا المحليات‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز‬
‫دراسات واستشارات الدارة العامة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية القاتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬يناير ‪ ،2004‬ص ص ‪-10‬‬
‫‪.15‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ -3‬اللمركزية تساعد على تحقيق قادر مناسب من النمو المتوازن بين المناطق‬
‫الجغرافية المختلفة التي يتكون منها إقاليم الدولة‪ ،‬كما أنها تساعد على التعامل‬
‫بإيجابية مع مشكلت التنوع واختللت معدل الداء التنموي على المستوى الوطني‪.‬‬
‫‪ -4‬تحقق اللمركزية مزيدا من التطور الديمقراطي وتفاعل ثلث ثقافات مهمة هي ثقافة‬
‫اللمركزية وثقافة المشاركة وثقافة حقوق النسان‪.‬‬
‫‪ -5‬اللمركزية تخفف العباء عن الحكومة اللمركزية بإشراك المجتمع المدني في‬
‫التصدي للمشكلت المجتمعية‪.‬‬
‫كما إن اللمركزية المالية تعد حجر الساس في تحقيق التنمية الشاملة‪ ،‬فبدون‬
‫اللمركزية المالية يصبح الحديث عن اللمركزية الدارية حديثا لهيا‪ ،‬ل معنى له‪ ،‬أن اضطلع‬
‫المؤسسات المحلية بدورها يتطلب توفر إيرادات لزمة لداء هذه الدوار‪ ،‬ويمكن أن تأخذ‬
‫اللمركزية المالية أشكال كثيرة مثل التمويل الذاتي عبر تعبئة الموارد المحلية أو التحويلت التي‬
‫تأتي من الحكومة المركزية أو تطبيق نظام القااليم القاتصادية لضمان تعبئة مزيد من الموارد‬
‫المحلية)‪.(52‬‬
‫كما تهدف اللمركزية المالية إلى الستغلل الكفء للموارد والتوصل لقدر مناسب‬
‫ومستدام من الموارد المحلية مع الحصول على سلطة صنع قا اررات النفاق على المستوى‬
‫المحلي‪ ،‬وما يعنيه ذلك من إعداد خطة التنمية المحلية‪ ،‬وتوفير متطلباتها المالية‪ ،‬وتنفيذها‬
‫ومتابعتها ورقاابتها من قابل المواطنين المحليين ومنظماتهم المختلفة وأيضا من قابل المجالس‬
‫الشعبية المنتخبة)‪.(53‬‬
‫كما يلزم تحسين الخدمات العامة يشمل بجانب التاحة‪ ،‬تقديمها بجودة عالية وتمكين‬
‫الفئات الفقر والضعف في المجتمع من الحصول على هذه الخدمة‪ ،‬وأيضا ضمان استدامة‬
‫الستفادة منها‪ ،‬إن توفير ما سبق يتطلب ضخ مزيد من الموارد لتحسين خدمات الصحة والتعليم‬
‫من قابل الدولة والحكومة المركزية‪ ،‬كما يتضمن ضرورة إشراك الناس أصحاب المصلحة‬
‫والمستفيدين في دعم ومتابعة مراقابة أداء هذه الخدمات العامة في مصر ليس فقط سببها قاصور‬
‫التمويل‪ ،‬ولكن جزءا كبي ار من المشكلة يعود إلى سوء إدارة ما هو متوافر في موارد نتيجة ترهل‬
‫الجهاز الداري المصري وانتشار الفساد وكثير من العوامل ذات الصلة‪ ,‬والتي يتطلب التعامل‬
‫معها طرح نظام إداري جديد تماما قاائم على معايير الكفاءة والنجاز وتعزيز المشاركة‬
‫الشعبية)‪.(54‬‬

‫‪ ()52‬د‪.‬هويدا عدلي‪" ،‬اللمركزية في مصر‪ً:‬ا بوابة التنمية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.77-76‬‬
‫‪ ()53‬د‪.‬هويدا عدلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ ()54‬د‪.‬هويدا عدلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.76‬‬

‫‪37‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫ايجابيات تطبيق اللمركزية وآفاق ما توصلت إليه في مصر‬
‫رغم أهمية تحديد المقصود باللمركزية والسباب التي تدعو إلى الخذ بها في الدارة‬
‫المحلية‪ ،‬ورغم أهمية التفاق على استراتيجية محددة للوصول إليها‪ ،‬إل أن ذلك ل يكفى للنجاح‬
‫في تطبيقها‪ ،‬بل يتعين صياغة نقاط ما – كتوصيات مثل ‪ -‬أو دليل عمل بشكل واقاعي قاابل‬
‫للتنفيذ يحدد الخطوات المطلوب انتهاجها لتطبيق اللمركزية في مصر‪ ،‬وتحديد أولويات هذه‬
‫الخطوات‪ ،‬علوة على تحديد كيفية حل المشاكل التي تحول دون تطبيق اللمركزية‪ .‬وعليه‪،‬‬
‫يعرض المبحث الثاني محاور وآفاق تطبيق اللمركزية في مصر في النقاط التالية‪ً:‬ا‬
‫أول‪ :‬محاور تطبيق اللمركزية في مصر‪:‬‬
‫ترتكز اللمركزية على ثلثة محاور لبد من توفرها‪ ،‬حتى يمكن للمركزية أن تؤدى إلى‬
‫كفاءة العمل وضمان تحقيق الهداف‪ ،‬مع التقليل إلى أكبر درجة ممكنة من اللبس والغموض في‬
‫توزيع السلطات والمستويات بين السلطة المركزية والسلطة المحلية وهذا المحاور تتمثل في)‪ً:(55‬ا‬
‫الطار التشريعي‪ ،‬رغم أن موارد الدستور الخاصة باللمركزية والدارة المحلية جاءت‬ ‫‪(1‬‬
‫مقتضبة للغاية ول تتناسب مع الهمية الكبير التي تمثلها اللمركزية كنظام يسهم في إدارة‬
‫شئون السياسة والحكم في المجتمع‪ ،‬إل أن ما تضمنه الدستور من أحكام حول الدارة‬
‫المحلية يوفر المقومات الساسية المتعارف عليها في الفقه الدستوري والداري‪ ،‬وفي‬
‫أدبيات العلوم السياسية والدارة العامة بشأن النظام اللمركزي الفعال والتي توجز في‬
‫المقومات التالية‪ً:‬ا‬
‫‪ ‬التمتع بالشخصية العتبارية‪.‬‬
‫‪ ‬وجود مجالس محلية منتخبة‪.‬‬
‫‪ ‬التمتع بسلطات حقيقة وأصلية‪.‬‬
‫‪ ‬الحق في تدبير الموارد المالية المحلية اللزمة‪.‬‬
‫‪ ‬وجود نوع من الرقاابة الحكومية المناسبة‪.‬‬
‫تمويل الحكم المحلي‪ ،‬ل يمكن تحقيق لمركزية حقيقية بدون تمويل محلي‪ ،‬ول يمكم‬ ‫‪(2‬‬
‫تحقيق تنمية محلية بدون تمويل محلي‪ ،‬وذلك لن الدوار والمسئوليات المحلية‪ ،‬وكذلك‬
‫سلطة اتخاذ الق اررات المستقلة في النفاق وتوزيع الموارد تكتسب أهمية متزايدة في جميع‬
‫أنحاء العالم‪.‬‬

‫‪ ()55‬د‪.‬أحمد الرشيدي‪ ،‬الطار القانوني لسياسات اللمركزية في مصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.22-19‬‬

‫‪38‬‬
‫ثقافة الديمقراطية‪ ،‬فليس المهم هو العلن عن نظام الحكم ديمقراطي بل الهم هو قايام‬ ‫‪(3‬‬
‫مؤسسات تعزز الديمقراطية يدعمها سلوك المواطنين المتشبع بالقيم الديمقراطية مثل قايم‬
‫المشاركة والشفافية والمساءلة وتكوين الكوادر البشرية المؤهلة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ايجابيات تطبيق اللمركزية في مصر‪:‬‬
‫تتعد الثار اليجابية المترتبة على تطبيق اللمركزية الدارية والمالية فيما يتعلق بتحقيق‬
‫التنمية الشاملة‪ ،‬ومن أهم المظاهر اليجابية لتطبيق اللمركزية ما يلي)‪ً:(56‬ا‬
‫‪ -1‬تحسين الخدمات العامة في مجالت الصحة والتعليم والبيئة والمياه الصالحة للشرب‬
‫والصرف الصحي والطرق والنارة وغيرها من الخدمات بناء على المؤشرات المستقر‬
‫عليها في تقييم أداء الخدمات العامة سواء التاحة أو الجودة أو السعر المناسب أو قادرة‬
‫القطاعات والفئات السكانية الفقر والكثر هشاشة على الستفادة منها‪ ،‬كذلك‬
‫الستدامة‪.‬‬
‫‪ -2‬تطوير نظم محلية قاوية للحوكمة‪ ،‬فانتقال عملية صنع القرار من المستوى المركزي‬
‫للمستوى المحلي يؤدي إلى تعزيز ثقافة المساءلة والمحاسبة لدى المواطن المحلي‪،‬‬
‫ولذلك ل يكن غريبا أن تق أر عن منتديات أصحاب المصلحة‪ ،‬التي تتشكل في نظم‬
‫طبقت اللمركزية الدارية والمالية‪ ،‬التي تراقاب وتقيم أداء الخدمات العامة‪ ،‬بل ول‬
‫تقتصر مهمتها على ذلك بل تعمل على التعاون مع المسئولين المحليين لحل أي مشكلة‬
‫تؤثر بالسلب على أداء الخدمات العامة‪.‬‬
‫‪ -3‬تؤدي اللمركزية الدارية والمالية إلى زيادة قادرات الناخبين المحليين على ممارسة‬
‫الضغوط النتخابية على الجهات المحلية المنتخبة‪ ،‬وما يفترضه ذلك من اختيار أفضل‬
‫العناصر لتلك المواقاع إوادراك تلك العناصر المنتخبة أن بقاءها إواعادة انتخابها مرهونان‬
‫برضا المواطن المحلي‪ ,‬والحقيقة أن الساحة الولى للممارسة الديمقراطية هي المحليات‪.‬‬
‫‪ -4‬تتيح اللمركزية الدارية والمالية مساحة أكبر للمحليات في تصميم التدخلت التنموية‬
‫الكثر ملئمة للسكان المحليين‪ ،‬التي بالطبع تختلف بين من يسكن في المدينة ومن‬
‫يقطن الريف ومن يعيش في البادية‪.‬‬
‫‪ -5‬تتيح اللمركزية تصميم تدخلت سريعة للتعامل مع جيوب الفقر في هذه المجتمعات‪ .‬ل‬
‫يتوافر هذا في الخدمات العامة التي تقدم عبر الحكومة المركزية التي تتسم بالنمطية‬
‫بغض النظر عن اختلف ظروف كل مجتمع محلي وخصوصيته‪.‬‬

‫‪ ()56‬د‪.‬هويدا عدلي‪" ،‬اللمركزية في مصر‪ً:‬ا بوابة التنمية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.87-77‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ -6‬نتيجة حصول المواطنين المحليين على خدمات جيدة يزداد استعدادهم لدفع الضرائب‬
‫المستحقة عليهم ما دامت تعود إليهم في صورة خدمات‪.‬‬
‫‪ -7‬توفر اللمركزية الدارية والمالية آليات أفضل وأكثر دقاة لستهداف الفقراء ببرامج‬
‫الرعاية أو الحماية الجتماعية‪ .‬وجدير بالذكر أن من أكبر الشكاليات التي تعرقال جهود‬
‫مكافحة الفقر في كل المجتمعات سواء كانت متقدمة أو نامية أو أقال نموا هي دقاة‬
‫الستهداف‪ .‬إن دقاة استهداف الفقراء والفئات الهشة في المجتمع يوفر كثي ار من الموارد‬
‫التي يتم هد ار نتيجة عدم وصول برامج الرعاية والحماية الجتماعية لمستحقيها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬آفاق تطبيق اللمركزية في مصر وتشأغيل النظام بفعالية‪:‬‬

‫ل يزال مشروع القانون والذي استوحى دستور ‪ 2014‬كثير من مواده من محتواه صالحا‬
‫للبناء عليه وتطويره عوضا عن تشكيل لجان متتالية مع كل تغيير وزاري لعداد مشروع قاانون‬
‫للدارة المحلية‪ ،‬حيث يمكن أن يطرح المشروع للنقاش العام وتطوير بعض المواد بما يتلءم‬
‫وطبيعة المرحلة والهدف المطلوب الوصول إليها‪ ،‬وعليه يمكن القول بأن أهم نتائج هذه المرحلة‬
‫تمثل في)‪ً:(57‬ا‬
‫تأسيس وحدة دعم اللمركزية في و ازرة التنمية المحلية وتكوين وحدات تنظيمية‬ ‫‪(2‬‬
‫مماثلة في الو ازرات المعنية – المالية‪ ،‬التعليم‪ ،‬السكان‪ ،‬التضامن‪ – ...‬وبعض‬
‫المحافظات‪.‬‬
‫العمل من خلل الطار التشريعي الحالي وتفعيل المواد غير المفعلة من قاانون‬ ‫‪(3‬‬
‫نظام الدارة المحلية رقام ‪ 43‬لسنة ‪ 1979‬وتعديلته‪.‬‬
‫إصدار ورقاة بيضاء حول استراتيجية تطبيق اللمركزية في مصر‪.‬‬ ‫‪(4‬‬
‫إعداد مشروع تعديل قاانون نظام الدارة المحلية في مصر‪.‬‬ ‫‪(5‬‬
‫دراسة الوضاع التنظيمية الحالية للمؤسسات المحلية من ديوان عام المحافظة‬ ‫‪(6‬‬
‫والمديريات وديوان عام المركز والدارات على مستويي المحافظة والمركز والدوار‬
‫التي تقوم بها كل منها‪.‬‬

‫)( د‪.‬صالح عبد الرحمن احمد الشيخ‪ ،‬تجربة تطبيق اللمركزية في مصر‪ً:‬ا دراسة رصدية توثيقية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.90‬‬ ‫‪57‬‬

‫‪40‬‬
‫تقييم قادرات المؤسسات المحلية الحالية من مجالس شعبية محلية ومجالس تنفيذية‬ ‫‪(7‬‬
‫على مستويي المحافظة والمركز‪ ،‬مع دراسة الحتياجات المؤسسية والتدريبية‬
‫لجميع المؤسسات المحلية سواء التنفيذية والشعبية والعاملين فيها‪.‬‬
‫الشروع في تدريب الكوادر والقيادات المحلية الشعبية والتنفيذية على المهارات‬ ‫‪(8‬‬
‫الساسية‪.‬‬
‫التوصل إلى وتطبيق معادلة مؤقاتة لتوزيع العتمادات المركزية المخصصة‬ ‫‪(9‬‬
‫للمحليات في الموازنة العامة للدولة بين المحافظات والوحدات المحلية وفقا لسس‬
‫تضمن مراعاة مبادئ المواطنة والتنمية المتوازنة‪.‬‬
‫ولتطبيق اللمركزية في مصر بفعالية في ضوء ما سبق‪ ،‬لبد من)‪:(58‬‬

‫‪ -1‬بدء عمل مؤسسة المحافظ‪.‬‬


‫‪ -2‬بدء السلطات المحلية في القيام بأنشطتها بحيث يكون المجالس المحلية المنتخبة هي‬
‫المسئولة فعليا عن إدارة الشأن المحلي وفي توجيه المسئولين التنفيذيين‪ ،‬وكل ذلك دون‬
‫الخلل برقاابة الدولة والحكومة المركزية‪.‬‬
‫‪ -3‬تحويل المحافظات والمراكز والمدن الكبيرة إلى هيئات موازنية تدرج موازناتها في الموازنة‬
‫العامة للدولة‪.‬‬
‫‪ -4‬الشروع في نقل الختصاصات والصلحيات من الو ازرات المركزية والمحليات مع بدء‬
‫تشغيل النظام الجديد القائم على تحديد وأضح للعلقاات المؤسسية بين جميع الفاعلين‬
‫على المستويين المركزي والمحلي‪.‬‬
‫‪ -5‬التدرج والمرونة في عملية التطبيق مع متابعة ورقاابة عمليات التطبيق في جميع‬
‫القطاعات والوحدات المحلية‪.‬‬

‫)(د‪.‬صالح عبد الرحمن احمد الشيخ‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.94-93‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪41‬‬
‫الخاتمة‪u0080:‬‬
‫تمثل اعتماد اللمركزية في مصر كوسيلة أو كمدخل تنموي من أجل تمكين المجتمع‬
‫المحلي سياسيا واقاتصاديا واجتماعيا إواداريا من القيام بدوره في عملية التنمية الشاملة‪.‬‬
‫فقد طرحت مسألة تطبيق اللمركزية كحل لمشاكل وقاصور الدارة المحلية في مصر‪،‬‬
‫وعلى ضوء القانون الجديد للدارة المحلية ينظر جملة المجتمع المصري إلى هذا القانون على‬
‫أنه يعد أول تطبيق فعلي لنصوص دستور ‪ ،2014‬والذي ينص على عدة مواد إيجابية تخص‬
‫هذا الشأن‪ ،‬ويترقاب البعض تطبيق هذا القانون للقضاء على تدهور المحليات في مصر هذا من‬
‫جانب‪ ،‬ومن جانب آخر‪ ،‬ينظر إلى حالة التأهب القصوى المرفوع من الحزاب والشباب‬
‫للنتخابات المحلية‪ ،‬خاصة مع الشعارات التي رفعت بعد ‪ 30‬يونيو ‪ 2013‬بأن المحليات‬
‫للشباب‪ ،‬ثالثهما‪ ،‬النتهاء من تشكيل آخر مؤسسات منتخبة‪ ،‬والتي لم تجرى انتخاباتها منذ تسعة‬
‫أعوام‪ ،‬رابعهما‪ ،‬الدور المنتظر الذي يفترض أن تقوم بها المحليات ليس فقط في مجال التنمية‬
‫ولكن لمواجهة الفساد بمعناه المادي والمعنوي‪ ،‬ويقصد بالفساد المادي هنا الحصول على الرشاى‬
‫للقيام أو المتناع عن قايام مصلحة ما تخص بعض المواطنين‪ ،‬أما المعنوي‪ ،‬فيقصد به التقصير‬
‫في أداء العمل اليومي الروتيني‪ ،‬وأخرهما‪ ،‬تخفيف العبء عن الواقاع الن على أعضاء مجلس‬
‫النواب بسبب عدم وجود مجالس شعبية محلية تقوم بتأدية وظائفها الطبيعية في الرقاابة والتشريع‬
‫على المستوى المحلي‪ ،‬وهو ما أدى إلى مزيد من اعتماد المواطنين على أعضاء مجلس الشعب‬
‫– نواب البرلمان – من أجل الحصول على خدمات هي في الصل حقوقاهم الطبيعية‪ ،‬ولكن‬
‫نتيجة البيروقاراطية الراسخة يصعب الحصول عليها‪.‬‬
‫لقد حاولت مصر منذ سنوات تطبيق اللمركزية التي تعتبر الوسيلة الهم لتحقيق التنمية‬
‫الشاملة سواء على المستوى المحلي أو الوطني‪ ،‬ويتضح هذا من خلل الصلحيات الواسعة التي‬
‫تقوم بها المجالس المحلية في كافة المجالت القاتصادية والجتماعية والثقافية والسياسية ‪..‬الخ‬
‫حاليا‪ .‬وعليه‪ ،‬خلص البحث إلى مجموعة من النتائج والتوصيات جاءت على النحو التالي‪ً:‬ا‬
‫‪ (1‬نتائج البحث‪:‬‬
‫جاءت أهم نتائج البحث متمثلة في‪ً:‬ا‬
‫‪ (1‬التداخل بين صلحيات الدارات التابعة للو ازرات والمحافظات مما يؤدى إلى تداخل في‬
‫الق اررات والمسئوليات مما يضر بعملية التنمية الشاملة والمستدامة‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ (2‬الحجام عن المشاركة السياسية والشعبية في اتخاذ الق اررات وغياب روح النتماء‪ ،‬وعدم‬
‫الوعي بأهمية التنمية القومية وحماية الموارد‪ ،‬وتغليب المصالح الشخصية وعدم وجود‬
‫تمثيل شعبي قاوى في إجراءات اتخاذ قا اررات التنمية‪ ،‬حيث التعيين بدل من النتخاب‬
‫لمتخذي القرار‪.‬‬
‫‪ (3‬عدم وجود منظومة متكاملة لتطبيق اللمركزية في مصر‪.‬‬
‫‪ (4‬عدم وجود منظومة متكاملة الدارية والمالية بمستوياتها الثلث )الستقللية‪ ،‬التفويض‪،‬‬
‫خلخلة السلطات( واقاتصارها على تطبيق أسلوب الخلخلة المحددة للسلطات فقط وهو‬
‫السلوب القارب للمركزية نفسها‪.‬‬
‫‪ (5‬عدم تطبيق اللمركزية المالية في المحليات‪ ،‬حيث ليس للمحليات الحق في الستفادة‬
‫المباشرة من مواردها أو إداراتها وتعتمد في تنفيذ مشروعاتها على العتمادات‬
‫والتحويلت التي تأتيها من الحكومة المركزية في ضوء أولوياتها مما يؤدى إلى قاصور‬
‫في قادرة المحليات على سد احتياجاتها وتمويل مشروعات التنمية بها‪.‬‬
‫‪ (6‬ضعف المحليات وعدم قادرتها على دراسة احتياجاتها أو وضع مخططات التنمية لها‬
‫لفتقارها للكوادر اللزمة لذلك‪.‬‬
‫‪ (7‬عدم وجود قااعدة اقاتصادية بكل وحدة محلية تديرها لخدمة مشروعاتها‪.‬‬
‫‪ (2‬التوصيات‪:‬‬
‫يوصي البحث بتحقيق وتطبيق التوصيات التالية‪ ،‬حتى يتم الوصول إلى اعتماد‬
‫اللمركزية كوسيلة أو كمدخل يحقق التنمية الشاملة المرغوبة‪ ،‬التي تخدم وتقدم أفضل الخدمات‬
‫للمواطنين داخليا وخارجيا‪ ،‬وحتى المستثمرين من الداخل أو الخارج ‪ ،‬ومن أهم هذا التوصيات‪ً:‬ا‬
‫‪ (1‬الهتمام بنشر ثقافة اللمركزية خصوصا وثقافة الديمقراطية بشكل عام كأساس‬
‫للجهود المبذولة التي تبذل في اتجاه تطبيق اللمركزية‪.‬‬
‫‪ (2‬تعزيز التنمية القاتصادية والسياسية والدارية على المستوى المحلي‪ ،‬حيث إن‬
‫المحصلة النهائية المتحققة من وراء التطبيق الناجح للمركزية يتمثل في دعم‬
‫مسيرة الديمقراطية إواشراك المواطنين بالوحدات المحلية المختلفة في تسيير شئونه‬
‫اليومية‪.‬‬
‫‪ (3‬الوعي بأن تطبيق اللمركزية سوف يكون جزءا من التطور الديمقراطي للمجتمع‬
‫ككل‪ ،‬مما يدعوا إلى إعطاء أهمية للمشاركة في الجهود المبذولة من أجل تحقيق‬

‫‪43‬‬
‫خطوات ملموسة لتوسيع الطار الديمقراطي في المجتمع وتوسيع الممارسة‬
‫الديمقراطية‪.‬‬
‫‪ (4‬أهمية العمل من أجل التوسع في إعداد القيادات والكوادر المؤهلة بالعلم والخبرة‬
‫الميدانية للمشاركة في انتخابات البرلمانية والمحليات‪ ..‬وغيرها‪ ،‬لتكون قاوة دافعة‬
‫نحو النجاح لتطبيق اللمركزية‪.‬‬
‫‪ (5‬الدفع في اتجاه توافر الرادة السياسية لتطبيق اللمركزية‪ ،‬والتي ل يوجد مؤشر‬
‫عليها حتى تاريخه‪ ،‬خاصة وأنه قاد تم بالفعل إعداد الخطط والستراتيجيات‬
‫والقوانين لتطبيق اللمركزية‪.‬‬
‫‪ (6‬توسيع إطار اللمركزية ليشمل المكانات المادية والمالية والبشرية‪ ..‬كافة‪ ،‬وقايام‬
‫الحكومة المركزية بدور أساسي في توفير شروط تطبيق اللمركزية‪ ،‬إواعداد‬
‫الكوادر المؤهلة لذلك لتحمل مسئولية التطبيق‪.‬‬
‫‪ (7‬التمهيد للتطبيق اللمركزية بشكل كامل متكامل وممنهج في إطار قاانون الدارة‬
‫المحلية‪.‬‬
‫‪ (8‬في ضوء تطبيق اللمركزية لبد من وضع خطط لشبكات البنية التحتية الساسية‬
‫تكون مناسبة لهداف التنمية الشاملة والمستدامة‪.‬‬
‫‪ (9‬بناء قااعدة اقاتصادية ومالية منفصلة بكل وحدة محلية أو مجموعة من الوحدات‬
‫تقوم بإدارتها لدعم مشروعات التنمية الشاملة المستدامة بها وتحقق اللمركزية‬
‫المالية‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫أول‪ :‬المراجع العربية‪:‬‬
‫‪ (1‬أحمد الرشيدي‪ ،‬الطار القانوني لسياسات اللمركزية في مصر‪ ،‬سلسلة اللمركزية وقضايا‬
‫المحليات‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز دراسات واستشارات الدارة العامة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية‬
‫القاتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪ ،2‬يناير ‪.2004‬‬
‫‪ (2‬احمد رشيد‪ ،‬التنظيم الداري وتحليل النظم ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار النهضة العربية‪.1989 ،‬‬
‫‪ (3‬إزلتكو إسكربس‪ ،‬مايمل دي بار‪ ،‬بناء سنغافورة النخبوية والثنية ومشأروع بناء المة‪ ،‬ترجمة‪ً:‬ا‬
‫حازم نهار‪ ،‬عرض‪ً:‬ا إبراهيم غرايبة‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث‪.2011 ،‬‬
‫‪ (4‬المم المتحدة‪ ،‬تقرير المدير التنفيذي ‪ :‬حوارات بشأأن فعالية تطبيق اللمركزية وتعزيز السلطات‬
‫المحلية‪ ،‬الدورة التاسعة عشرة‪ 9-5 ،‬مايو ‪.2003‬‬
‫‪ (5‬أيمن عبد القادر عبد الرحيم راضي‪ ،‬دور اللمركزية في فاعلية إدارة الصراع التنظيمي في و ازرات‬
‫السلطة الوطنية الفلسطينية – قطاع غزة ‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬غزة‪ ،‬الجامعة السلمية‪،‬‬
‫كلية التجارة‪ ،‬سبتمبر ‪.2010‬‬
‫‪ (6‬حسن العلواني‪ ،‬اللمركزية في الدول النامية من منظور أسلوب الحكم المحلي الرشأيد‪ ،‬في‬
‫مصطفي كامل السيد‪ ،‬الحكم الرشيد والتنمية في مصر‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز دراسات وبحوث‬
‫الدول النامية‪.2006 ،‬‬
‫‪ (7‬دستور مصر لسنة ‪.2014‬‬
‫‪ (8‬زهير الحسني‪ ،‬اللمركزية الدارية في النظام القانوني للمحافظات التي لم تنتظم في إقاليم‪ ،‬أوراق‬
‫عمل مؤتمر اللمركزية المنعقد في بغداد في الفترة ‪ 28 – 27‬فبراير ‪ ،2012‬الجزء‬
‫الثاني‪ ،‬متاح على الرابط‪ً:‬ا‬
‫‪ً://www.hdf-iq.org/ar/images/decenteralization_research.pdf‬ا‪http‬‬
‫‪ (9‬سمير محمد عبد الوهاب‪ ،‬المجالس الشعبية المحلية والمجالس التنفيذية‪ً:‬ا الدوار والعلقاات‪ ،‬سلسلة‬
‫اللمركزية وقضايا المحليات ‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز دراسات واستشارات الدارة العامة‪ ،‬جامعة‬
‫القاهرة‪ ،‬كلية القاتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬العدد ‪ ، 7‬يناير ‪.2004‬‬
‫‪(10‬سمير محمد عبد الوهاب‪ ،‬النظم المحلية‪ :‬إطار عام مع التركيز على النظام المحلي المصري‪،‬‬
‫جامعة القاهرة‪ ،‬كلية القاتصاد والعلوم السياسية‪.2000 ،‬‬
‫‪ (11‬صالح عبد الرحمن احمد الشيخ‪ ،‬تجربة تطبيق اللمركزية في مصر‪ً:‬ا دراسة رصدية توثيقية‪ ،‬مجلة‬
‫أحوال مصرية ‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مركز الهرام للدراسات السياسية والستراتيجية‪ ،‬السنة الرابعة‬
‫عشر‪ ،‬العدد ‪ ،61‬صيف ‪.2016‬‬
‫‪(12‬طعيمة الجرف‪ ،‬القانون الداري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة القاهرة الحديثة‪.1969 ،‬‬
‫‪ (13‬عباس فاضل‪ ،‬تجربة الحكم المحلي في العراق بين الواقاع والطموح‪ ،‬بحث منشور في‪ً:‬ا المجلة‬
‫العراقية للعلوم السياسية‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬العدد الول‪.2008 ،‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ (14‬عبد المحسن الداود‪ ،‬سنغافورة من جزيرة مقفرة إلى لعب رئيس في نادي الغنياء‪ً:‬ا ‪ 31,040‬دول الر‬
‫معدل الدخل السنوي للفرد في جمهورية تحولت إلى أهم المراكز المالية في العالم‪،‬‬
‫صحيفة الرياض‪ ،‬متاح على الرابط‪ً:‬ا‬
‫‪ً://www.alriyadh.com/145354‬ا‪http‬‬
‫‪ (15‬فيروز الدولتلي‪" ،‬تجارب التنمية‪ً:‬ا سنغافورة"‪ ،‬دورية رؤيتنا لمصر‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مركز البديل للتخطيط‬
‫والدراسات الستراتيجية‪ ،‬السنة الولى‪ ،‬العدد ‪ ،3‬سبتمبر أكتوبر نوفمبر ‪.2016‬‬
‫‪(16‬كمال المنوفي وآخرون‪ ،‬الصلحا المؤسسي بين المركزية واللمركزية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز‬
‫دراسات واستشارات الدارة المحلية‪.2001 ،‬‬
‫‪(17‬المادة ‪ ،148‬دستور مصر لعام ‪.2014‬‬
‫‪(18‬المادة ‪ ،180‬دستور مصر لعام ‪.2014‬‬
‫‪ (19‬مارون بدران‪ ،‬تجربة سنغافورة الحديثة وباني نهضتها‪ً:‬ا حكاية فرد صنع تاريخ دولة‪ ،‬جريدة القبس‬
‫الكويتية‪22 ،‬يوليو ‪ ،2008‬متاح على الربط‪ً:‬ا‬
‫‪ً://alwatan.wordpress.com/2008/07/22/%D9%85%D8%A4%D8‬ا‪https‬‬
‫‪(20‬محمد الهماوندي‪ ،‬الحكم الذاتي والنظم اللمركزية الدارية والسياسية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار المستقبل‬
‫العربي‪.1990 ،‬‬
‫‪(21‬محمد عمر مولود‪ ،‬الفيدرالية إوامكانية تطبيقها في العراق‪ ،‬بيروت‪ ،‬مؤسسة مجد للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫‪.2009‬‬
‫‪ (22‬محمود شريف‪ ،‬اللمركزية ومستقبل الدارة المحلية في مصر‪ ،‬سلسلة اللمركزية وقضايا‬
‫المحليات ‪ ،‬الجيزة‪ ،‬مركز دراسات واستشارات الدارة العامة‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬كلية‬
‫القاتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬العدد الول‪ ،‬يناير ‪.2004‬‬
‫‪ (23‬هويدا عدلي‪" ،‬اللمركزية في مصر‪ً:‬ا بوابة التنمية"‪ ،‬مجلة أحوال مصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مركز الهرام‬
‫للدراسات السياسية والستراتيجية‪ ،‬السنة الرابعة عشر‪ ،‬العدد ‪ ،61‬صيف ‪.2016‬‬
‫‪ (24‬ورقة عمل عن مشأروع مبادرة اللمركزية المصرية‪ ،‬متاح على الرابط‪ً:‬ا‬
‫‪ً://www.pidegypt.org/download/Local-election/Salah%20Helmy.pdf‬ا‪http‬‬
‫ثانيا‪ :‬المراجع الجنبية‪:‬‬
‫‪1) John Agnew, "Symposium on Political Centralization And Decontralization",‬‬
‫‪Policy Studies, Vol.18, No.3, 1999.‬‬
‫‪2) Vivien Schmidit, Democratizing France: The Political and‬‬
‫‪Administrative History Of Decontralization, New York, Combridge‬‬
‫‪University Press, 2007.‬‬

‫‪46‬‬

You might also like