Professional Documents
Culture Documents
العلم وأثره في بناء الأمم والمجتمعات
العلم وأثره في بناء الأمم والمجتمعات
7333
قراءة
د .عبد الحق حميش 19-22:45 /ابريل 2015
+ع -ع
تتطور األمم والمجتمعات وتنهض ،وبالجهل تتخلّف وتضمحل ،العلم نور والجهل ظالم ،قال تعالى: ّ بالعلم
المجادلة. 11 دَ َر َجات” ْ ْ
ال ِعل َم أوتُوا ُ َّ
ِمن ُك ْم َوالذِينَ آ َمنُوا َّ
الذِينَ هللاُ ”يَ ْرفَ ِع
ال ِعلم هو أحد أعمدة بناء األمم وتقدّمها ،به تُبنى األمم وتتقدّم ،ويساعد على النّهوض باألمم المتأ ّخرة ،ويقضي
والرجعية والفقر والجهل واألمية وغيرها من األمور الّتي تؤ ّخر األ ّمة. ّ على التخلّف
تطور المجتمع ،ال فالعلم من أهم ضروريات الحياة ،كالمأكل والمشرب وغيرها ،وهو العمود األساسي في ّ
ي أ ّمة مرتبط بالعلم ،وال يُنكر كذلك دوره في أن النّمو االجتماعي واالقتصادي في أ ّ يستطيع أحد أن يُنكر ّ
التطور ،ألنّه
ّ التقدّم والنّهوض بالدول ،والبحث العلمي هو أحد أهم مستحدثات العلم الحديث الّذي يُساعد على
ي مجتمع ،فال بدّ أن تنظر ي مجتمع ،ألنّك إذا أردتَ أن تعرف وتقيس ّ
تطور أ ّ تطور أ ّ
الركيزة األساسية في ّ ّ
أن البحث العلمي ال تظهر أه ّميتُه الكبيرة إالّ في إلى مستواه العلمي بجانب المستوى التّربوي ،باإلضافة إلى ّ
والتلوث ،فمن هنا يأتي دور ّ ّ
والزراعة والنقل المجتمعات الّتي تمتلك مشكالت حقيقية كاإلسكان والبيئة
المستمرة عبر
ّ الباحث العلمي لتقديم المساعدة من خالل الدّراسات التّحليلية والميدانية ،واألبحاث الكثيرة
سنين ،والّذي يتم ّكن في نهاية األمر من إيجاد حلول حقيقية لتلك المشكالت ،حيث يتم القضاء عليها نهائيا،
إن غرض العلم والتعلّم هو التح ّكم شأن طبقًا لمقولةّ ” : وبالتّالي يؤدّي العلم غرضه المطلوب منه في هذا ال ّ
شعلة خالجة ال ونور هللا ال يُؤتي لعاص” ،والعلم ُ ُ نور
الطبيعة واستغاللها لصالح اإلنسان” .والعلم ” ٌ بعناصر ّ
تنطفئ ،والعلم جذوة تشعلها النّخبة المتعلّمة لتضيء اآلخرين ،والعلم منارة تستهدي بها األجيال واألجيال
المتعاقبة ،فبالعلم والمعرفة يمكنك أن ترى العالم من حولك بعيون مستبصرة ،وبالعلم يمكنك االستفادة من
صحة الراقية في الملبس وال ّ الوقت والحياة ،وبالعلم وحده يكون بناء الفرد والمجتمع ،وبالعلم تصنع الحياة ّ
والمحيط والبيئة ،وبه تتغيّر مظاهر األشياء نحو األفضل واألجمل ،وبالعلم يزدان اإلنسان ليكون أهالً لخالفة
الرجال ،ويستنبط من بطون هللا على األرض ،ومن أهم أسباب أخذه عن طريق التمدرس ،ويؤخذ من أفواه ّ
كثير. وغيرها الدّائمة والقراءة المكتبات ورفوف الكتب
والعلم ال يُكتسب بمجرد إرادة اإلنسان ذلك ،أو بمجرد إعجاب الفرد بالعلم والتّعليم ،وبذلك يصبح عال ًما ،لكن
والركيزة األولى المقوم األساسي ّ ّ مقومات ووسائل تساعد على اكتساب العلم ،من أه ّمها :األسرة ،وهي هناك ّ
ضا في المحافظة على هذه المعرفة وتنميتها. في معرفة اإلنسان بشتى نواحي الحياة ،وأي ً
ً ً ً
أن تحضّرها ورقيِّها كان مرتبطا بالعلم ارتباطا وثيقا، وإن النّاظر في تاريخ األمم ،قديمها وحديثها ،يالحظ ّ ّ
ْ
كما أن تخلفها وانحطاطها كان مرتبطا بالجهل ارتباطا وطيدًا .ولذا ،فليس غريبًا أن يرتبط التحضّر والتقدّم ً ً ّ ّ
بالعلم ،والتخلّف والتدهور بالجهل .فبالعلم تحضّرت أمم وتركت تراثًا شاهدًا على مدى مبلّغها من العلم
والرقي ،وبالجهل وعدم االعتناء بالعلم والتّعليم تخلّفت وتدهورت أمم ،فلم تذكر في التاريخ إالّ ّ والتحضّر
أن األمم الّتي أصيبت حضارتها بتراجع ،فوقعت في مأزق موصومة بالتخلّف والبداوة والهمجيّة .ناهيك عن ّ
التخلّف والجمود واالنحطاط ،لم يكن أمامها سبيل للنّجاة من ذلك كله إالّ بالعلم ومعرفة.
ّ
ضا سبيالً للنّجاة والخالص من المأزق فإن التّعليم ليس سبيالً مهما للتحضّر فحسب ،بل يعدّ أي ً ومن ث َ ّمّ ،
وازدهارا.
ً تطو ًرا ورقيا ّ الحضاري الذي تتردّى فيه أ ّمة من األمم بعد أن شهدت ّ
الرسالة لم تبدأ بالدّعوة إلى إن ّ ولقد اقترن ظهور اإلسالم بالدّعوة إلى العلم والتعلّم منذ بداية التّنزيل ،حيث ّ
شعائر -بمعناها الخاص من صوم وصالة وح ّج وزكاة ،-وال بالحديث عن أركان اإلسالم وأسس بنائه، إقامة ال ّ
ومقوماتها ،وال ببيان القيم األخالقيّة ،وال ّ سياسيّة وال ببيان نظام الت ّعامل االقتصادي ،وال بمرتكزات الحياة ال ّ
ْ
حتّى ببيان أركان العقيدة ،وإنّما بدأ بمفتاح ذلك كلّه ومحور ذلك كلّه ،بدأ بـ”ٱ ْق َرأ ِبٱس ِْم َر ِبّكَ ٱلَّذِي َخلَقَ ”.
حث القرآن الكريم على ذلك في فاإلسالم الدّين الّذي جاء لهداية البشر كان من أولوياته االهتمام بالعلم ،فقد ّ
ب” ْ ُ
مواضع عدّة ،منها قوله تعالى” :ه َْل يَ ْست َ ِوي الَّذِينَ يَ ْعلَ ُمونَ َوالَّذِينَ الَ يَ ْعلَ ُمونَ إِنَّ َما يَتَذَ َّك َر أولُوا ْاألَلبَا ِ
ُ
يرا” البقرة ،269كما ّ
حث ي َخي ًْرا َكثِ ً الزمر ،9وقوله تعالى” :يُؤْ تِي ْال ِح ْك َمةَ َمن يَشَا ُء َو َمن يُؤْ تَ ْال ِح ْك َمةَ فَقَ ْد أوتِ َ ُّ
ُ
ي في ذ ّل الجهل أبدًا”، ّ ُ
على ذلك رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بقولهَ ” :من لم يَصبِر على ذ ّل التعلم ساعة ،ب ِق َ ّ ّ
سالم” :قَ ِيّدوا العلم” ،قيل وما تقييده؟ قال” :كتابته”. صالة وال ّ وقوله عليه ال ّ
ّ
وبالرغم من ك ّل هذه المشقة إال أننا نجد أفضل العلماء خرجوا ّ ّ ّ ّ
والعلم يحتاج إلى صبر ومشقة ومجاهدة نفس،
ميسرا بدون تعب ووصب، ً ً ْ
من َر ِحم هذه المشقّة ،فكلّما زادت مشقّتهم زاد ِعل ُمهم ،أ ّما لو جاء ال ِعلم سهال
لذهب سهالً بدون تعب ووصب ،فكما يقول الناس ”الشيء الذي يأتي سهالً ،يذهب سهالً”.
كلية الدراسات اإلسالمية