You are on page 1of 89

‫ـمِهللاِالرحنِالرحِي ـ ـم ِ‬

‫َِ‬ ‫بِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬
‫(ي ُ ْؤ يِت الْ يح ْْكَ َة َمن يَشَ ا ُء َو َمن ي ُ ْؤ َت الْ يح ْْكَ َة فَ َق ْد أُ ي َ‬
‫وِت خ ْ ًَْيا كَثي ًْيا)‬
‫صدقِهللاِالعظيم ِ‬

‫ارشاقـــــات يف طريق هللا‬


‫تأليف‬

‫العارف ابهلل الش يخ‬


‫صالــح أمحد الشافعي محمد محمد أبو خليل الكــبيــر‬

‫‪1‬‬
‫(حقيقة التصوف)‬
‫مقدمــــــــة‬
‫الحمد هلل والصالة والسالم علي سيدنا محمد حجة االكوان وصفوة‬
‫الرحمن و خير إنسان‪ ،‬و رضي هللا عن مشايخنا العارفين باهلل و‬
‫بعد‪:‬‬
‫فإن رسالة الصوفية أعلي و أسمي بل أضخم و أكرم من أن تكون‬
‫رسالة محلية أو شخصية أو دعـــوة إنعزالية ‪ ،‬أو إنهزامية بل هي‬
‫صوفية‬ ‫رسالة حيوية إيجابية ِقطرية عالمية ربانية ‪ ،‬وهي حقيقة ُ‬
‫شرعية ‪ ،‬و عقيدة ٌ إصالحية روحية‪ ،‬و فِكرة ٌ ِعلميةٌ بعيدة ُ المـــ َ َدي‬
‫تتعلق بها األمــال‪،‬وهي دعوة ُ التصوف اإلسالمي ال ُحر الكريم‪،‬‬
‫الشعوذة‪ ،‬و الالعبين بالزجاج و النار‪ ،‬و أَكلَةُ‬ ‫َ‬ ‫البعيد عن الفساد و‬
‫والزمر‪ ،‬وفضيحةُ اإلسالِم باسم‬ ‫طبْل َّ‬ ‫َّار و ُمحتَرفي ال َ‬ ‫األفاعي و الصب ْ‬
‫التصوف المظلوم و َعق ِيدتُنا َ في الصوفية نحن مشيخة الطريقة‬
‫الخليلية‪.‬‬
‫إنّهــا وظيفية إلهيه‪ ،‬وسفارة ٌ رباَّنيَّــــة يجعلُها هللا تعـــالي ِل َم ْن يجتبيه‬
‫ويختاره ِمن عباد ِه الصالحين و آوليائة الكاملين في إنسانيتهم‪،‬‬
‫الناس لغاي ِة إرشادِهم إلي ما فيه مصا ِلحهم و‬ ‫ِ‬ ‫فيُرسلُهم إلي سائر‬
‫مساوئ األخالق‬ ‫ِ‬ ‫َرض تزكيتهم ِمن‬ ‫منافعهم في الدُّنيا و اآلخرة‪َ ،‬و ِلغ ِ‬
‫الحكمةَ بالحكمة وال َم ْعرفةَ وبيان طريق‬ ‫ومفاس ِد العادات‪،‬و تعليمهم ِ‬
‫الالئق بها فترتف ُع إلي در َجتها‬ ‫ُ‬ ‫السعادةِ والخير‪ ،‬لتبليغ اإلنسانية ك َماَل َها‬
‫(إن َهذِه ت َ ْذ ِك َرةٌ فَ َم ْن‬‫الرفيعة في الدارين‪،‬دار الدنيا و دار اآلخرة َّ‬
‫س ْبيلَال)‪19‬المزمل ‪ 29،‬اإلنسان ‪.‬‬ ‫ي َربِه َ‬ ‫شا ْ َء ات َّخ َذ إل َ‬
‫َ‬
‫ير ٍة أَنَا ْ َو َم ِن اتَّبَعَ ِني)‬‫علَى بَ ِص َ‬ ‫س ِبي ِلي أ َ ْدعُو ِإلَى ِ‬
‫ّللا َ‬ ‫(قُ ْل َهـ ِذ ِه َ‬
‫‪ 108‬يوسف‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫غ َدقًا) ‪ 16‬الجن‪.‬‬
‫َ‬ ‫سقَ ْينَا ُه ْم َما ًء‬ ‫ط ِريقَ ِة أل َ ْ‬
‫علَى ال َّ‬ ‫( َوأ َ ْن لَ ِو ا ْ‬
‫ستَقَا ُموا َ‬
‫س ِبيلَهُ‬ ‫عز و َج َل ‪ .‬إ ْذ أ َ َّن َ‬
‫ي مسارا ً ِم ْن طر ِيق هللا َّ‬ ‫وليس أ َ ْفخَم وال أَر ْق َ‬
‫الطريق المستقيم‪،‬فإذا من َح هللاُ عبدا ً نعمةَ‬ ‫ُ‬ ‫سبحاَنهُ ُه َو ال َ‬
‫سبيِ ُل الق ِويم و‬ ‫ُ‬
‫ضا و‬ ‫فائز بالر َّ‬ ‫التوفيق‪ ،‬فوضع قد َمهُ علي بداي ِة الطريق‪ ،‬فإنه الشك ٌ‬
‫المزي َد مدا ً وعدا ً في‬ ‫ِ‬ ‫والحق يعطيه‬ ‫ُ‬ ‫الوصول و التحقيق‪ ،‬و كيف ال‬
‫شرط ِه األكيد ذي المعني الساطع السديد‪،‬‬
‫شبرا تقربت إليه ذراعًا‪ ،‬وإذا‬‫ي العبد ً‬ ‫ب إل َّ‬
‫تقر َ‬
‫ففي الحديث القدسي(إذا َّ‬
‫تقرب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا‪ ،‬وإذا أتى إلي مشيًا أتيته هرولةً( ‪.‬‬
‫وأ َ ّما عن دُعاةِ الصوفية‪ ،‬فَ ُهم ال ُمر ِش ُدونَ في سبيل هللا ‪.‬‬
‫ق الدعوة إلي هللا‪ ،‬و يُذ ِل ُلون‬ ‫يطيق غير ُه ْم ِم ْن مشا ِ‬ ‫ُ‬ ‫الذَّين يتحملون ماال‬
‫ب إلي‬ ‫تاب عب ٌد من ذنُوبه وأَنا َ‬ ‫عراقي َل الطريق ِل َم ْن يسترشد بهم إذا َ‬
‫َّت ي ُد هللا لتُبدي ِ إليه فَضلَه فكم من عصاه‬ ‫واعترف بِعيُوبِه ُمد ْ‬
‫َ‬ ‫ربِّه‬
‫صلُوا وك ْم من بَعيدِين تقرب َُّوا فا ْقتربُوا‪.‬‬ ‫صلُوا فَو َ‬
‫ات ّ َ‬
‫ش ِك فتنجيه‬ ‫ضا ِل فتهديِه‪ ،‬وللحائِر ِمن غياَّهب ال ّ‬ ‫إذن فآيةُ الدعوة أنها لل ّ‬ ‫ْ‬
‫تطمها َ ت َ ْنت ِشلهُ وتُزكيَّه‪.‬‬ ‫‪ ،‬وللغريق في بحار الذنُوب من بين ُم ْل ِ‬
‫نظرت َ ُهم إلي الدُّنيا َ هي سب ِ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫ولَما َّ نظر ْنا َ إلي العامة وجدنا أ َ َّن‬
‫ع مكانا ً حو َل ِسراجٍ‬ ‫راش الذي يتناز ُ‬ ‫الناس كالفَ ِ‬
‫ُ‬ ‫صار‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫امة‪،‬حيث‬ ‫َّ‬
‫الط‬
‫يحت َ ِرق فليست عندهم‬ ‫كث فيِه ْ‬ ‫يم ُ‬
‫غلبت نُوره‪ ،‬ما أق َّل ما ْ‬ ‫ْ‬ ‫َاره‬ ‫و َّه ٍ‬
‫اج ن ُ‬
‫خير و أبقي‪.‬‬‫نظرة موضوعية إلي الحياة اآلخره التي هي ٌ‬
‫ولو نظروا نظرة الحق إليها لوجدوا أن فيها ال ُمتعة ال ُكبري والراحة‬
‫العظمي‪ ،‬و النعيم األسمي‪ ،‬و الحياة األبدية التي ال فناء بعدها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وما أعذب خطاب الحق عز وجل لعباده وهو يدعوهم لموائد الجنة و‬
‫يصف حالهم فيقول‪ُ ( :‬كلُوا َواش َْربُوا َهنِيئ ًا ِب َما كُنت ُ ْم ت َ ْع َملُ َ‬
‫ون ُمت َّ ِكئِ َ‬
‫ين‬
‫ين) ‪ 19،20‬الطور‬ ‫ور ِع ٍ‬‫صفُوفَ ٍة َو َز َّوجْ نَا ُهم ِب ُح ٍ‬ ‫علَى ُ‬
‫س ُر ٍر َّم ْ‬ ‫َ‬
‫(وأ َ ْم َد ْدنَا ُهم ِبفَا ِك َه ٍة‬
‫ثم يواصل ربنا سبحانه المدد و العطاء لهم فيقول‪َ :‬‬
‫سا َّّل لَ ْغ ٌو فِي َها َو َّل تَأْثِي ٌم‬
‫ُون فِي َها كَأ ْ ً‬ ‫ازع َ‬ ‫ون يَتَنَ َ‬
‫شت َ ُه َ‬ ‫َولَحْ ٍم ِم َّما يَ ْ‬
‫ون) ‪ 22:24‬الطور ‪.‬‬ ‫ان لَّ ُه ْم كَأَنَّ ُه ْم لُ ْؤلُ ٌؤ َّم ْكنُ ٌ‬
‫علَ ْي ِه ْم ِغ ْل َم ٌ‬
‫وف َ‬‫ط ُ‬ ‫َويَ ُ‬
‫وعلي ذلك فرسالة الصوفيه دعاة ومرشدين هي تقريب النظرة‬
‫الموضوعية عند الناس حتي يُقدروا حجم متاع الدنيا‪ ،‬وعظمة الحياة‬
‫الرشد و اإلرشاد‪ ،‬و التبعية و اإلنقياد‪ .‬إذا ً‬
‫اآلخرة و في هذا يكون ُّ‬
‫الكل في طريق هللا ورسوله خير نبي و أفخم ها ٍد لواؤهم كلمة التوحيد‬
‫"ال إله إال هللا" ونبراسهم "محمد رسول هللا" وهدفهم الرضا و القبول‬
‫والطاعة و الوصول علي قلب رجل واحد يتبعون شريعة اإلسالم‬
‫ويرفعون رايته وغايتهم نصرته‪ ،‬حتي يعم السالم و السكينة و اإلكرام‬
‫بتوفيق العزيز العالّم‪.‬‬

‫‪ -‬نسأله التوفيق وعلينا وعلي الجميع السالم‪،،،‬‬

‫"صالــح أحمد أبو خليل"‬

‫‪4‬‬
‫(السالم و الشفافية)‬
‫من عظمة شريعة اإلسالم تهذيب النفوس وترقية األرواح وتصفية‬
‫القلوب وتطهير االشباح حتي تكون محال لتلقي األنوار من الرب الفتاح‬
‫فيغدوا المسلم إسالما ً حقيقيا ً والذي انهالت علي قلبة الذي صفا بنور‬
‫المصطفي ﷺ مرآة صافية تنعكس علي صفحة قلبه صور األشياء‬
‫منحة له وبشري عاجلة‪ ،‬من بارئ األرض والسماء‬
‫) ‪ 64‬يونس‬ ‫(لَ ُه ُم ا ْلبُش َْرى فِي ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َوفِي ِ‬
‫اآلخ َر ِة‬
‫فضالً من هللا و نعمة فهو سبحانه واهب العطاء و اآلالء‪.‬‬
‫ولقد كانت للصحابة رضوان هللا عليهم ِمرآة قلبية و ُم َكاشفات و أحوال‬
‫ِي ِإلَى‬ ‫اَّلل فَقَ ْد ُهد َ‬
‫ربانية العتصامهم بحبل هللا تعالي ( َو َمن يَ ْعت َ ِصم ِب َّ ِ‬
‫يم) ‪ 15،16‬المائدة ‪.‬‬ ‫ست َ ِق ٍ‬
‫اط ُّم ْ‬
‫ِص َر ٍ‬
‫ولقد كان أسوتهم ونبراسهم خير البرية ﷺوهو النور الذي نَزَ َل عليه‬
‫اب‬‫ور َو ِكت َ ٌ‬ ‫النور‪،‬فكان نورا ً يتحرك بين الناس (قَ ْد َجا َء ُكم ِم َن َّ ِ‬
‫ّللا نُ ٌ‬
‫س َال ِم َويُ ْخ ِر ُج ُهم ِم َن‬ ‫سبُ َل ال َّ‬‫ض َوانَهُ ُ‬
‫ّللاُ َم ِن اتَّبَ َع ِر ْ‬ ‫ين يَ ْهدِي ِب ِه َّ‬ ‫ُّم ِب ٌ‬
‫يم)‬‫ستَ ِق ٍ‬
‫اط ُّم ْ‬ ‫ور ِب ِإ ْذنِ ِه َويَ ْهد ِ‬
‫ِيه ْم ِإلَى ِص َر ٍ‬ ‫ت ِإلَى النُّ ِ‬ ‫ال ُّ‬
‫ظلُ َما ِ‬
‫‪101‬آل عمـــران‪.‬‬

‫فكانوا نِ ْع َم المتقين هلل والمتآسين برسول هللاﷺ فمنحهم هللا السكينة و‬


‫األمن وغشاهم برحمته وكشف لهم عين البصير فساروا علي نور هللا‬
‫حتي ملكوا الخافقين و امتدت دعوتهم حتي طوقت المشرقين‬
‫سو ِل ِه يُ ْؤتِ ُك ْم ِك ْفلَ ْي ِن ِم ْن َرحْ َمتِ ِه‬
‫آمنُوا ِب َر ُ‬ ‫ّللا َو ِ‬ ‫﴿ يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َمنُوا اتَّقُوا َّ َ‬
‫ور َر ِحي ٌم ﴾‪28‬من سورة الحديد‪.‬‬ ‫غفُ ٌ‬ ‫ّللاُ َ‬‫ُون ِب ِه َويَ ْغ ِف ْر لَ ُك ْم َو َّ‬
‫ورا تَ ْمش َ‬ ‫َويَجْ َع ْل لَ ُك ْم نُ ً‬
‫فهذا سيدنا عمر بن الخطاب رضي هللا عنه يخطب المسلمين علي منبر‬
‫النبي ﷺ في المدينة وكان قد سير جيش المسلمين بنهاوند لقتال الكفار‬
‫‪5‬‬
‫هناك فبينما سيدناعمر رضي هللا عنه يخطب علي منبر الرسولﷺ إذا‬
‫به يري بنور هللا تعالي الذي في قلب الجيش و يكشف خطة االعداء‬
‫التي حيكت لتطويق الجيش بواسطة فرقة الفرسان من خلف الجبل‬
‫الذي يحمي ظهر المسلمين فنادي علي قائد جيش المسلمين(يا سارية‬
‫الجبل) فيسمع القائد المؤمن نداء الخليفة المؤمن فتضيع خطة جيش‬
‫الكفار وينتصر المسلمون‪.‬‬
‫وهذا سيدنا عثمـــان بن عفان رضي هللا عنه وفي خالفته يجلس وقد‬
‫دخل عليه أحد المسلمين وقد نظر إلي امرأة في الطريق و تأمل‬
‫محاسنها فقال الخليفة لمن حوله وهو فيهم (يدخل علي احدكم و آثار‬
‫الزنا علي عينيه) فقال الرجل مغضباً‪ :‬أوح ٌ‬
‫ي ُم ْنزَ ُل بعد رسول هللا؟‬
‫فقال سيدنا عثمـــان‪ :‬ال ولكنها فراسة و بصيرة و نور إيمان (إتقوا‬
‫فراسة المؤمن فإنه يري بنور هللا)‪.‬‬
‫فهذه بعض نماذج من شفافية المسلمين تحي موات القلوب و تنير‬
‫الطريق للسالكين بغية رضاء عالم الغيوب‪.‬‬
‫و الحمد هلل الذي جعل في أُمة سيدنا محمدﷺ هذه النماذج الداعية إلي‬
‫هللا تعالي علي بصيرة اإليمان إلي قيام الساعة فال تَقُ ْل ذهب األولون‬
‫ولكن قُل من سار علي الدرب وصل‪.‬‬
‫‪ -‬فنرجو هللا سبحانه و تعالي أن ينفعنا بنور اإلسالم و شفافية اإليمان‪،‬‬
‫وأن يوفقنا سيرا ً علي َدرب النبي العدنان‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪،،،‬‬

‫‪6‬‬
‫(ارشاقــــات)‬
‫إن الكشف شئ من وحي اإللهام يناله ِمن ورثة األنبياء والمرسلين من‬
‫فمنه ما يكون بواسطة َملَك من المألئكة‬ ‫األولياء الصالحين والعارفين‪ِ ،‬‬
‫ث في ُرو ِعي أن نَ ْفسا ً ْ‬
‫لن‬ ‫ُس نَفَ َ‬
‫وهو مقتبس من قوله ﷺ ‪(:‬إن ُرو َح القُد ِ‬
‫ست َ ْك ِم َل أ َجلَها) ‪،‬ومنه ما يكون عن طريق ُمرشد من‬ ‫ت َ ُموتَ َحتى ت َ ْ‬
‫ال ُمرشدين السالكين ‪،‬أو مباشرة من رب العالمين ‪،‬وذلك أن هللا تعالي‬
‫ينظر إلي قلب ال ُمر ِشد نظرة نور ويلهمه أن يفيضها عن طريق المدد‬
‫علي قلب مريده بتوجهة الروحي إلي قلب ال ُمريد ‪،‬أو ينظر الحق إلي‬
‫قلب العبد المستعد لقبول األنوار وتلقي الفيوضات واألسرار مباشرة ً‬
‫منه إليه‪.‬‬
‫علَى َم ْن يَشَا ُء ِم ْن ِعبَا ِد ِه)‬‫الرو َح ِم ْن أ َ ْم ِر ِه َ‬
‫كما قال تعالي‪( :‬يُ ْل ِقي ُّ‬
‫‪15‬غافر‪ .‬وإذا ألهم هللا النحلة‪ -‬أضعف الحشرات‪ -‬أن تتخذ من الجبال بيوتا ً‬
‫ومن الشجر وغير ذلك ‪،‬ثم تأكل من الثمرات بأن تَسلُك السبل والطرق‬
‫خرج من بطنها شرابا ً مختلف‬ ‫التي تُسهل لها جمع ماتأكله حتي ت ُ ِ‬
‫األلوان فيه شفا ٌء للناس ‪،‬فما بالك باإلنسان المؤهل لقبول العلــم‬
‫والعطاء ‪،‬أفال يلهمه هللا أسباب اإلطالع علي خفيات اإلمور و دقائق‬
‫األحوال وغيبيات األسرار ‪.‬‬
‫و الكشف إما بطريق الهبة من رب العباد‪:‬‬
‫وهو مقام الموصولين باهلل وإما بالكسب واإلجتهاد وهو مقام الواصلين‬
‫إليه ‪ ،‬فليس كل من قطع طريقا ً وصل ‪،‬وهلل قوم أختصهم وأ َّهل قلوبهم‬
‫لقبول أسراره وتلقي فيوضاته و أنواره كما جاء علي لسان الخق ‪،‬في‬
‫س َمائِي َوّل أ َ ْر ِضي ‪َ ،‬ولَ ِك ِني‬
‫سعَنِي َ‬‫معني الحديث القدسي‪َ ( :‬ما َو ِ‬
‫ص َط ِفي ِم َن‬ ‫ع ْبدِي ا ْل ُم ْؤ ِم ِن) و في قوله تعالي‪َّ :‬‬
‫(ّللاُ يَ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫سعَ ِني قَ ْل ُ‬ ‫َو ِ‬
‫س ًال َو ِم َن النَّ ِ‬
‫اس) ‪ 75‬الحج‪.‬‬ ‫ا ْل َم َالئِ َك ِة ُر ُ‬

‫‪7‬‬
‫ثم أن الكشف من المنح و الغيبيات التي أمرنا هللا باإليمان بها حيث‬
‫اإليمان بالغيب السمة اإلولي للمؤمنين المتقين و المهتدين ال ُمفلحين‪،‬‬
‫اب‬‫إقرأ إن شئت قول هللا تعالي في مستهل كالمه العزيز‪( :‬الم َذ ِل َك ا ْل ِكت َ ُ‬
‫ص َالةَ َو ِم َّما‬‫ون ال َّ‬ ‫ون بِا ْلغَ ْي ِ‬
‫ب َويُ ِقي ُم َ‬ ‫ِين يُ ْؤ ِمنُ َ‬ ‫ين الَّذ َ‬ ‫ب فِي ِه ُهدًى ِل ْل ُمت َّ ِق َ‬ ‫َّل َر ْي َ‬
‫ون) ‪ 1:3‬البقرة‪.‬‬ ‫َر َز ْقنَا ُه ْم يُن ِفقُ َ‬
‫وهنا نتكلم عن الغيب فنقول‪ :‬من الغيب ما هو قديم قائم بذات هللا تعالي‬
‫‪:‬ال يطلع عليه سواه ألنه صفه له تعالي ال يشاركه فيها نبي وال ولي ‪،‬‬
‫وال رسول وال َملَك‪،‬وهو المقصود بقول المصطفي ﷺ‪َ ( :‬ولَ ْو ُكنتُ أ َ ْعلَ ُم‬
‫ء) ‪ 188‬األعراف‪.‬‬ ‫سو ُ‬ ‫ي ال ُّ‬
‫سنِ َ‬ ‫ست َ ْكث َ ْرتُ ِم َن ا ْل َخ ْي ِر َو َما َم َّ‬ ‫ب َّل ْ‬ ‫ا ْلغَ ْي َ‬
‫َّللِ) ‪ 20‬يونس ‪.‬‬ ‫ب ِ َّ‬ ‫وقول هللا تعالي ‪( :‬فَقُ ْل إِنَّ َما ا ْلغَ ْي ُ‬
‫‪"،‬و ُه َو ِب ُك ِل‬
‫إذا فهو علم هللا المحيط بجميع األشياء ُكلياتها وجز ِئيا ِتها َ‬
‫َئ َع ِلي ٌم" ‪.‬‬
‫ش ٍ‬
‫ومنه ما هو ُمحدث‪ :‬يجوز أن يُطلع هللا بعض أنبيائه ورسله علي‬
‫علَى‬ ‫ب فَال يُ ْظ ِه ُر َ‬ ‫مايشاء منه وهو المقصود بقوله تعالي‪( :‬عَا ِل ُم ا ْلغَ ْي ِ‬
‫سو ٍل ) و لورثة المرسلين من ذلك‬ ‫ضى ِم ْن َر ُ‬ ‫غ ْي ِب ِه أ َ َحدًا ِإّل َم ِن ْ‬
‫ارت َ َ‬ ‫َ‬
‫نصيب وافر كما ورد في السنة الشريفة حيث يقول الحبيب محمد ﷺ‬
‫ون‪ -‬أي‬ ‫ضى قَ ْبلَ ُك ْم ِم َن ْاأل ُ َم ِم ُم َح َّدث ُ َ‬ ‫َان فِي َما َم َ‬ ‫في حديث ما معناه " قَ ْد ك َ‬
‫ع َم ُر "‪.‬‬ ‫َان فِي أ ُ َّمتِي َه ِذ ِه ِم ْن ُه ْم فَ ِإنَّهُ ُ‬
‫ملهمون‪َ -‬و ِإنَّهُ ِإ ْن ك َ‬
‫وليس شئ أصدق تصويرا ً لذلك ِمما ذكرته في مقالتي السابقة "اإلسالم‬
‫والشفافية" وال أد َّل علي وجود الكشف و حصوله مما رآه رسول هللا‬
‫سري به من مكة إلي بيت المقدس‪ ،‬فقد رأي أهل‬ ‫ﷺ في طريق ليلة أ ُ ِ‬
‫الربا وأهل الجرائم كلها وغيرهم وقد أخبر عليه‬ ‫الزنا َ و ما هم عليه أ َ َكلة ِ‬ ‫ِ‬
‫الصالة والسالم بما ال يُحصي وال يعد من الغيبيات حتي ظهر لنا ساطعا ً جليا ً‬
‫في زماننا هذا‪،‬فمن ذلك قوله ﷺ في الحديث الشريف‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫( ِصنفان من أهل النار لم أرهما‪ :‬قو ٌم معهم سياط كأذناب البقر‬
‫يضربون بها الناس‪ ،‬ونساء كاسيات عاريات‪ ،‬مميالت مائالت‪،‬‬
‫رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة‪ّ ،‬ل يد ُخ ْلن الجنة‪ ،‬وّل يجدن ريحها‪،‬‬
‫وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) رواه مسلم‬
‫وفي حديث آخر رواه البخاري عن علي المرتضي كرم هللا وجهه‬
‫قال‪( :‬سمعت رسول هللا ﷺ يقول سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث‬
‫األسنان سفهاء األحالم يقولون من خير قول البرية يقرءون القرآن‬
‫ّل يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)‬
‫صدق رسول هللا ﷺ ‪.‬‬
‫فأعلم ان الكشف إذا وافق الكتاب والسنه وما جاء بهما فهو كشف‬
‫رحماني يجب التصديق و اإليمان به‪ ،‬و االخذ به و التعويل عليه‪،‬‬
‫وإال فهو شيطاني ال يجب اإللتفات إليه‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫(س يدان معر بن اخلطاب و التصوف)‬
‫الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم علي اشرف المرسلين وخاتم‬
‫النبيين سيدنا محمد النبي األمي الهاشمي القرشي – من قال فيه العلي‬
‫ورك" وعلي آله‬ ‫وري و َخلً ْقتُ األَشيا َء ِم ْن نُ ِ‬‫سبحانه‪َ " :‬خلَقتُك ِم ْن نُ ِ‬
‫وصحبه وسلم أجمعين‪ -‬وبعد‪:‬‬
‫فالتصوف هو الصفا ‪،‬وهو لكل عليل ِشفا ‪،‬وهو القُرب والوفا والبُعد‬
‫الصدق‬‫عن الجفا ألنه السير في طريق الحبيب المصطفي ﷺ‪ ،‬وهو ِ‬
‫والحب و التقرب والقرب ‪،‬أوله اإلقالع عن إرتكاب الذنوب النابعة من‬
‫القلب ثم اإلستقامة في التعبد طمعا ً في إحسان الرب سبحانه وتعالي‪.‬‬
‫فإذا استقام العبد وأناب وندم علي ما جنته يداه وتاب و وقف علي باب‬
‫الكريم الوهاب وراعي األداب عند عالي الجناب فتحت أمامه اوسع‬
‫الرحاب فتكون الخاتمة قرب من الرحمن وإقتراب فيرشف أحلي‬
‫الشراب والمعرفة وشهد الرضا و الرحاب‪.‬‬
‫فلقد شكا بعض الرعية لموالنا عمر بن الخطاب رضي هللا عنه من رجل َعيَّنهُ‬
‫إماما ً عليهم وقالوا لسيدنا عمر ‪:‬إن هذا اإلمام يغني بعد الصالة فسأله‬
‫الخليفة فصدَّق الرجل علي كالمهم‪ ،‬فأراد الخليفة أن يعرف نوع غنائه‬
‫فقال له‪ :‬ماذا تتغني به؟ فقال منشداً‪:‬‬
‫عاد في اللذات يبغي تعبي‬ ‫وفــــؤادي كلــــما عـــاتبتـه‬ ‫‪o‬‬
‫فـي تمـاديه فقــد برح بي‬ ‫ّل أراد الــــدهـر إّل ّلهـيـــا‬ ‫‪o‬‬
‫ذهـب العمـر كــذا باللـعب‬ ‫يا قرين السوء ما هذا الصبا‬ ‫‪o‬‬
‫قبل أن أفضـي منـه أربي‬ ‫وشـــباب بـان مـني فمــضى‬ ‫‪o‬‬
‫اتقـي هللا وخاـفي وارهبي‬ ‫نفسي ّل كنت وّل كان الهوى‬ ‫‪o‬‬

‫إال أن قال لهم‪:‬‬ ‫رضي هللا عنه‬ ‫فما كان من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب‬
‫‪:‬من كان منكم مغنيا فليغن هكذا‪"...‬‬
‫‪10‬‬
‫ولقد كان أميرالمؤمنين إماما للمتصوفين والعارفين والواصلين‬
‫الزاهدين وهو يجيز هذا اإلنشاد‪،‬ألن الرجل يلوم نفسه فجعل تقوي هللا‬
‫والخوف منه والرهبة من عذابه حياة ً لنفسه‪ ،‬بعد أن شاب ومضي‬
‫عمره في اللهو واللعب‪.‬‬
‫فالتصوف تأديب للنفس ‪،‬ويبعد بها عن زيغ الهوي ‪،‬وغايته أن تكون‬
‫نفس المؤمن وفق هواه تبعا ً لربه عز وجل ‪،‬ال أن يكون هو ُمتبعا ً‬
‫لهواها وملذاتها ورضاها ‪،‬ولذلك يقول سادتنا الصوفية‪ " :‬نفسك إن لم‬
‫تشغلها بالحق‪ ،‬شغلتك بالباطل‪،‬ولن يشغل اإلنسان نفسه بالحق إّل‬
‫اذك ُُرونِي أ َ ْذك ُْر ُك ْم‬
‫بالعبادة و التقرب إلي الحق بالحق"‪.‬قال تعالي‪ ( :‬فَ ْ‬
‫ون﴾‪ 152‬البقرة‪.‬‬ ‫شك ُُروا ِلي َو َّل ت َ ْكفُ ُر ِ‬‫َوا ْ‬
‫سنَةٌ ِل َمن ك َ‬
‫َان‬ ‫س َوةٌ َح َ‬‫ّللا أ ُ ْ‬ ‫َان لَ ُك ْم فِي َر ُ‬
‫سو ِل َّ ِ‬ ‫وقال عز وجل‪( :‬لَّقَ ْد ك َ‬
‫يرا) ‪ 21‬االحزاب‪.‬‬ ‫ّللا َوا ْليَ ْو َم ْاآل ِخ َر َو َذك ََر َّ َ‬
‫ّللا َك ِث ً‬ ‫يَ ْر ُجو َّ َ‬
‫فالتصوف هو العبادة الحقة ‪،‬وذكر هلل سبحانه وتعالي ‪،‬وشكر علي‬
‫نعمته وتأسي برسول هللا ﷺ‪ -‬وهوﷺ خير أُسوة وأعظم قدوة و إمام‪.‬‬
‫وفقنا هللا للذكر والشكر ومن علينا بعظيم اإلحسان واألجر‪،‬وكفانا هللا‬
‫شر هذا العصر إنه سبحانه نِعم المولي ونعم النصير‪،،،‬‬

‫‪11‬‬
‫(الشفاعة)‬
‫من جملة المذاهب التي ظهرت قبل قرن تقريبا ً هو مذهب (الوهابية)‬
‫ورئيس هذا المذهب هو "محمد بن عبد الوهاب"الذي يزعم أنه‬
‫الموحد الوحيد وغيره من المسلمين كفار مشركون‪ ،‬وهذه بعض‬
‫مظاهر توحيده‪:‬‬
‫‪ -‬إنه يعتقد أن هللا جالس علي العرش حقيقةً‪ ،‬وأن له يدا ً و رجالً وساقا ً‬
‫وجنبا ً و عينا ً ووجها ً و نفسا ً ولسانا ً‪ ،‬و أنه يتكلم بحرفٍ وصوتٍ‪،‬‬
‫وخالصة القول أنه يعتقد التجسم الذي أجمع المسلمون علي كفره‪.‬‬
‫‪-‬إن البن عبد الوهاب عقائد وأحكاما حول القبور واختصت بها‪،‬وأفتي‬
‫بها من غير دليل شرعي‪ ،‬بل إن األدلة قائمة علي خالف ما َح َك َم به‪،‬‬
‫وأن مذهبه حول القبور‪ :‬أنه يحرم ِعمارتها والبناء حولها‪،‬والدعاء‬
‫والصالة عندها‪ ،‬بل يجب طمسها ومحو أثارها حتي قبر المصطفي‬
‫ﷺويزعم هو وأتباعه أن المشاهد ال ُمشرفة و القبور التي فيها بمنزلة‬
‫االصنام‪ ،‬ويقولون في قبر النبي ﷺ أنه الصنم األكبر‪.‬‬
‫‪ -‬وقال الوهابية‪ :‬الشفاعة لألنبياء و األولياء منقطعة في الدنيا ‪،‬وإنما‬
‫هي ثابته لهم في اآلخرة‪ ،‬فلو جعل العبد بينه و بين هللا تعالي وسائط‬
‫من خلقه يسأل ُهم الشفاعة كان ذلك شركاً‪ ،‬وعبادة لغير هللا تعالي‬
‫َّلل فَ َال ت َ ْدعُوا َم َع َّ ِ‬
‫ّللا‬ ‫اج َد ِ َّ ِ‬
‫س ِ‬‫محتجين عليه بقوله تعالي‪َ ( :‬وأ َ َّن ا ْل َم َ‬
‫أَ َ‬
‫حدًا) ‪ 18‬الجن‬

‫ع ْن َدهُ ِإّل َّ ِب ِإ ْذنِ ِه) ‪ 255‬البقرة‬ ‫وقوله سبحانه‪َ ( :‬من َذا الَّذِي يَ ْ‬
‫شفَ ُع ِ‬
‫ارت َ َ‬
‫ضى)‪ 28‬األنبياء‬ ‫ْ‬ ‫شفَعُ َ‬
‫ون إِ َّّل ِل َم ِن‬ ‫(و َّل يَ ْ‬
‫وقوله جل شأنه‪َ :‬‬
‫شفَاع ََة ِإ َّّل َم ِن ات َّ َخ َذ ِعن َد َّ‬
‫الرحْ َم ِن‬ ‫ُون ال َّ‬‫وقوله عز من قائل‪َّّ ( :‬ل يَ ْم ِلك َ‬
‫ع ْهدًا) ‪ 87‬مريم‪.‬‬
‫َ‬

‫‪12‬‬
‫وهنا نتكلم عن الشفاعة فنقول‪:‬‬
‫إن الشفاعة ثابته للنبي ﷺ وآله وصالح المؤمنين والمالئكة المقربين‬
‫فيجوز اإلستشفاع بهم إلي هللا تعالي‪ ،‬لنهوض الكتاب و السنة عليه‪.‬‬
‫فمن الكتاب قوله سبحانه‪:‬‬
‫ست َ ْغفَ َر لَ ُه ُم‬ ‫وك فَا ْ‬
‫ست َ ْغفَ ُروا َّ َ‬
‫ّللا َوا ْ‬ ‫(لَ ْو أَنَّ ُه ْم ِإ ْذ َظلَ ُموا أ َ ْنفُ َ‬
‫س ُه ْم َجا ُء َ‬
‫سو ُل لَ َو َجدُوا َّ َ‬
‫ّللا ت َ َّوابًا َر ِحي ًما) ‪ 64‬النساء‬ ‫الر ُ‬
‫َّ‬
‫دلت اآلية علي أن العاصين متي جاءوا إلي الرسول ﷺ تائبين‪،‬‬
‫وجعلوا يتوسلون به في طلب المغفرة من هللا واستغفر عند ذلك لهم‬
‫الرسول ﷺ لوجدوا هللا توابا ً رحيماَ‪.‬‬
‫فلو كان االستشفاع من النبي ﷺ وآله ِشركا ً باهلل لما وجدوا هللا توابا ً‬
‫رحيماً‪ ،‬ألن هللا سبحانه ال يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن‬
‫يشاء‪.‬‬
‫قال الفخر الرازي في التفسير‪:‬‬
‫يعني لو أنهم عندما ظلموا أنفسهم بالتحا ُكم إلي الطاغوت و الفرار من‬
‫التحاكم إلي الرسول و جاءوا غلي الرسول وأظهروا الندم علي ما‬
‫فعلوه‪،‬و تابوا عنه واستغفروا منه و استغفر لهم الرسول بأن يسأل هللا‬
‫ان يغفر لهم عند توبتهم لوجدو هللا توابا ً رحيماً‪.‬‬
‫وقال أيضا ً – عند ذكر الفائدة للعدول عن الخطاب إلي الغيبة‬
‫وإنما قال‪:‬‬
‫واستغفر لهم الرسول ‪،‬ولم يقل‪ :‬واستغفرت لهم إجالالً للرسول‬

‫‪13‬‬
‫و أنهم إذا جاءوه فقد جاءوا َمن خَصهُ هللا برسالته‪،‬وأكرمهُ وجعلهُ‬
‫سفيرا ً بينه وبين خلقه‪،‬ومن كان كذلك ‪،‬فاهلل ال يرد شفاعته‪.‬‬
‫أقول وما ذكره هللا تعالي من كون الرسولﷺسفيرا ً بين هللا تعالي و بين‬
‫العباد هي الواسطة التي اثبتناها لقارئ المقال ‪،‬بل أقول أن‬
‫في العدول من الخطاب إلي الغيبة هي اإلشارة و الداللة علي أن هذا‬
‫المقام الكريم‪ ،‬و غفران هللا باستغفار الشفيع غير مختص يشخصية‬
‫النبي ﷺ وإنما هو عام لكل سفير ول َمن له جهة القرب من هللا المقتضية‬
‫لألهلية الشفاعة‪.‬‬
‫ومنها قوله تعالي‪ -‬حكاية عن أوالد يعقوب‪ ( :‬قَالُوا يَا أَبَانَا ا ْ‬
‫ست َ ْغ ِف ْر لَنَا‬
‫ين)‪ 97‬يوسف‬ ‫ذُنُوبَنَا إِنَّا ُكنَّا َخ ِ‬
‫اطئِ َ‬
‫الر ِحي ُم) ‪98‬يوسف‬ ‫ور َّ‬ ‫ف أَ ْ‬
‫ست َ ْغ ِف ُر لَ ُك ْم َر ِبي ِإنَّهُ ُه َو ا ْلغَفُ ُ‬ ‫س ْو َ‬
‫و قول يعقوب‪َ ( :‬‬
‫فإنه صريح في سؤالهم وتوسلهم بأبيهم إلي هللا تعالي في اإلستغفار‬
‫وطلب العفو‪،‬ونزول الرحمة في الدنيا قبل اآلخرة‪.‬ومن الشفاعة ما‬
‫ست َ ْغ ِف ْر ِل َذن ِب َك‬
‫تضمن استغفار النبي ﷺ للمؤمنين من قوله تعالي‪َ ( :‬وا ْ‬
‫ين َوا ْل ُم ْؤ ِمنَا ِ‬
‫ت) ‪ 19‬محمد‬ ‫َو ِل ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫لَ ُ‬
‫ه ْم) ‪ 103‬التوبة‬ ‫سك ٌَن‬ ‫علَ ْي ِه ْم إِ َّن َ‬
‫صالت َ َك َ‬ ‫ص ِل َ‬
‫وقوله سبحانه‪َ ( :‬و َ‬
‫ومن المعلوم أن األمر بإلستغفار يُالزم جواز اإلستشفاع بالنبي ﷺ‬
‫ألنه ال يأمر بالشرك و الكفر‪( :‬أَيَأ ْ ُم ُر ُك ْم ِبا ْل ُك ْف ِر بَ ْع َد ِإ ْذ أ َ ْنت ُ ْم ُم ْ‬
‫س ِل ُم َ‬
‫ون)‬
‫اآلية‪ 80‬آل عمران‬

‫سنَةً يَكُن لَّهُ نَ ِص ٌ‬


‫يب‬ ‫شفَاعَةً َح َ‬
‫شفَ ْع َ‬
‫ومن الشفاعة قولة تعالي‪َّ ( :‬من يَ ْ‬
‫ِم ْن َ‬
‫ها) ‪ 85‬النساء‬

‫‪14‬‬
‫دلت علي جواز وقوع الشفاعة الحسنة من المؤمنين"بعضهم في حق‬
‫بعض"‪،‬ولو كان ذلك ِشركا ً لما صح اإلذن في الشفاعة ال عقالً وال‬
‫سمعا ً مع أنها مأذون فيها‪،‬و ُمرغب إليها بقوله سبحانه‪( :‬يَكُن لَّهُ نَ ِص ٌ‬
‫يب‬
‫ِم ْن َها )‪ .‬كما أن الشفاعة هي عبارة عن إجتماع الشفيع مع المشفوع‬
‫شفع وهو أن يصير‬ ‫له في الدعاء والمسألة‪،‬إذا الشفاعة مشتقة من ال َّ‬
‫اإلنسان نفسه مشفعا ً لصاحب الحاجة‪،‬كي يجتمع معه علي المسألة من‬
‫هللا تعالي‪،‬فهي دعاء وطلب من هللا تعالي وطلب لدعاء الشفيع إلي‬
‫هللا‪،‬ال دعاء مع هللا واآلية دالة علي حرمة الدعاء مع هللا سبحانه‬
‫وتعالي‪ ،‬ال الدعاء من هللا تعالي‪،‬وأين هذا من ذاك؟‬
‫ولو كان التوسل بالشفيع عبادة له لنا جاز األمر بالتوسل في قوله‬
‫سيلَةَ َو َجا ِهدُوا‬
‫ّللا َوا ْبتَغُوا ِإلَ ْي ِه ا ْل َو ِ‬ ‫تعالي‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬
‫ِين آ َمنُوا اتَّقُوا َّ َ‬
‫ون) ‪ 35‬المائدة‬ ‫س ِبي ِل ِه لَعَلَّ ُك ْم ت ُ ْف ِل ُح َ‬
‫فِي َ‬
‫فإن قال المعارض‪:‬إن الوسيلة بالعمل الصالح ‪ -‬فلنقل‪:‬العمل الصالح‬
‫مخلوق‪ ،‬وأفضل المخلوقات هو النبي ﷺ‪.‬‬
‫و في الحديث الشريف قد توسل آدم ابو البشر بالنبي ﷺلما اقترف‬
‫الخطيئة وأكل من الشجرة‪ ،‬فغفر هللا له كما رواه الطبراني‪.‬‬
‫و في الحديث الشريف استشفع الضرير بالنبي ﷺ حين كف بصره‬
‫فأذِن له النبي ﷺ أن يصلي ركعتين ويقول‪" :‬اللهم أسألك وأتوجه إليك‬
‫بمحمد نبي الرحمة أن ترد علي بصري"فرد هللا عليه بصره"‪.‬‬
‫فقول الوهابية‪ :‬أن الواسطة ملغاة في الشريعة يرده الكتاب والسنة‬
‫الوارده عن النبي ﷺ وآله في أهل بينه وأصحابه بطرق صحيحة‪ ،‬مثل‬
‫قوله ﷺ‪ ( :‬أّل إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من قومه‪ ،‬من‬
‫‪15‬‬
‫ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق) وقوله ﷺ في الحديث المتواتر‪( :‬‬
‫إني تارك فيكم الثقلين ‪ :‬كتاب هللا ‪ ،‬وعترتي أهل بيتي ‪ ،‬ما إن‬
‫تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا )ومعني التمسك بهما في الشدائد‬
‫وجعلهما سببا ً للنجاة من الهلكة في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫البزار و غيره عن ابن عباس قال‪( :‬توفي ابن لصفية‪ ،‬عمة‬ ‫وقد َر َوي َّ‬
‫رسول هللا ﷺ ‪ ،‬فبكت عليه وصاحت‪ ،‬فأتاها النبي ﷺ فقال لها‪" :‬يا‬
‫عمة‪ ،‬ما يبكيك؟"‪ .‬قالت‪ :‬توفي ابني‪ .‬قال‪" :‬يا عمة‪ ،‬من توفي له‬
‫ولد في اإلسالم فصبر بنى هللا له بيتا ً في الجنة"‪ .‬فسكتت‪ .‬ثم خرجت‬
‫من عند رسول هللا ﷺ فاستقبلها عمر بن الخطاب فقال‪ :‬يا صفية‪ ،‬قد‬
‫سمعت صراخك‪ ،‬إن قرابتك من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لن‬
‫تغني عنك من هللا شيئا ً‪ .‬فبكت فسمعها النبي صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫وكان يكرمها ويحبها فقال‪" :‬يا عمة‪ ،‬أتبكين وقد قلت لك ما قلت؟"‪.‬‬
‫قالت‪ :‬ليس ذاك أبكاني يا رسول هللا‪ ،‬استقبلني عمر بن الخطاب‬
‫فقال‪ :‬إن قرابتك من رسول هللا ﷺ لن تغني عنك من هللا شيئا ً‪ .‬قال‪:‬‬
‫فغضب النبي ﷺ وقال‪" :‬يا بالل‪ ،‬اجهر بالصالة" فصعد المنبر النبي‬
‫ﷺ‪ ،‬فحمد هللا وأثنى عليه ثم قال‪" :‬ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي‬
‫ّل تنفع؟ كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إّل سببي ونسبي‪ ،‬فإنها‬
‫سمعت‬ ‫موصولة في الدنيا واآلخرة)‪ .‬قال عمر‪ :‬فتزوجت أم كلثوم لما َ‬
‫رسول هللاﷺ يومئذٍ‪ ،‬وأحببت أن يكون بيني و بين رسول هللا ﷺ نسب‬
‫و سبب‪.‬‬
‫فإنظر يا أخي كيف حرص عمر بن الخطاب رضي هللا عنه علي أن ينصهر‬
‫في آل البيت ليكون له من رسول هللا ﷺ نسب ينفعه يوم القيامة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ثم إن الجواب عما استدل به الوهابي من قول هللا تعالي‪( :‬فَ َال ت َ ْدعُوا‬
‫ّللا أ َ َحدًا) ‪ 18‬الجن هو أن المنفي باآلية الدعوة مع هللا ‪،‬دون الدعوة‬ ‫َم َع َّ ِ‬
‫من هللا بواسطة الشفيع ‪،‬وطلب دعائه أيضا ً إلي هللا حسبما ذكرنا علي‬
‫أن المراد من النهي االنتهاء عن جعل شريك هلل تعالي في العبادة‬
‫اج َد ِ َّ ِ‬
‫لِل) ‪18‬الجن‪.‬‬ ‫س ِ‬‫‪،‬بقرينة قوله سبحانه‪َ ( :‬وأ َ َّن ْال َم َ‬
‫فالمعني كما بين المفسرون أن المساجد هلل‪ ،‬فال تعبدوا مع هللا غيره‪.‬‬
‫آ َ‬
‫خ َر) ‪ 88‬القصص‬ ‫ّللا ِإلَ ًها‬ ‫كما في قوله تعالي‪َ ( :‬و َّل ت َ ْد ُ‬
‫ع َم َع َّ ِ‬
‫وهذا يقوله كل مخلص في عبادته‪،‬ولكنه ال دخل له بمسأله االستشفاع‪.‬‬
‫وأني ال أشك في أن الشفاعة ثابتة لمن إتخذ عند الرحمن عهدا ً أي‬
‫إيمانا‪ ،‬فالمؤمنون يملكون الشفاعة‪ ،‬ألن الشفاعة ثابتة بعد اإلذن و‬
‫شفَعُ َ‬
‫ون ِإ َّّل ِل َم ِن‬ ‫(و َّل يَ ْ‬
‫الرضا من هللا تعالي ‪،‬كما في قوله تعالي َ‬
‫ارت َ َ‬
‫ضى) ‪ 28‬األنبياء‬ ‫ْ‬
‫و لو أن الشفاعة شرك لما جاز اإلذن و الرضا بها‪.‬‬

‫نسأل هللا التوفيق والسعادة في الدارين‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫(الوفاء لآل البيت)‬
‫إن زيارة قبور المؤمنين مستحبة شرعا ً فضالً عن زيارة قبر رسول‬
‫هللا ﷺ لتواتر األحاديث الصحيحة الصريحة في إستحبابها والدليل‬
‫كامن في زيارتة ﷺشهداء أُحد و ح ُ‬
‫ضوره لزيارة البقيع‪.‬‬
‫سلَّ َم ‪ُ " :‬ز ُ‬
‫وروا‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َللاُ َعلَ ْي ِه َو َ‬ ‫َع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرة َ ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬قَا َل َر ُ‬
‫سو ُل َّ ِ‬
‫َللا َ‬
‫ور فَ ِإنَّ َها ت ُ َذ ِك ُر ُك ُم ْاآل ِخ َرةَ " وعن ابن أبي مليكه عن عائشة‪:‬أن‬ ‫ا ْلقُبُ َ‬
‫رسول هللاﷺ رخص في زيارة القبور‪.‬‬
‫عن أبي هريرة ‪ ،‬قال ‪( :‬زار رسول هللا ﷺ قبر أمه فبكى وأبكى من‬
‫حوله ‪ ،‬ثم قال ‪ " :‬استأذنت ربي أن أزور قبرها فأذن لي ‪،‬‬
‫واستأذنته أن أستغفر لها فلم يؤذن لي فزوروا القبور ‪ ،‬فإنها تذكركم‬
‫الموت)‪.‬‬
‫و في اإلحياء عن عبد هللا بن أبي مليكة قال‪" :‬أن عائشة أقبلت ذات‬
‫يوم من المقابر‪ ،‬فقلت لها‪ :‬يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت‪ :‬من‬
‫قبر عبد الرحمن بن أبي بكر‪ .‬فقلت لها‪ :‬أليس كان رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت‪ :‬نعم‪ .‬ثم أمر بزيارتها"‬
‫والمعلوم أن النبي ﷺ قال في كالمه الشريف " ُك ْنتُ نَ َه ْيت ُ ُك ْم ع َْن ِز َ‬
‫يارة‬
‫ور فَ ُزوروها" وفعالً كان النبي قد نهي أتباعه عن زيارة القبور‬ ‫القُبُ ِ‬
‫في فجر اإلسالم وأراد بذلك أن يشدهم بعيدا ً عن التأثر بعبادة األصنام‬
‫الذين كانوا قربي العهد بعبادتها في الجاهلية و لما رسخ اإليمان بعد‬
‫ذلك في قلوبهم وإرتوت منه أرواحهم وتعمقت جذوره في صدرهم‬
‫‪18‬‬
‫وتفرع حبهُ بين أكبادهم حتي رقت وتشففت أذن لهم بزيارتها بتوجيه‬
‫من هللا تعالي‪ .‬وخير قبر يزار هو قبر الشفيع المصطفي ﷺ ومشاهد‬
‫ّللاُ ِليُ ْذ ِه َ‬
‫ب عَن ُك ُم‬ ‫آل البيت الذين قال هللا تعالي في حقهم‪( :‬إنَّ َما يُ ِري ُد َّ‬
‫يرا) ‪ 33‬االحزاب‬ ‫ت َويُ َط ِه َر ُك ْم ت َ ْط ِه ً‬ ‫س أ َ ْه َل ا ْلبَ ْي ِ‬
‫الرجْ َ‬
‫ِ‬
‫علَ ْي ِه أَجْ ًرا ِإ َّّل ا ْل َم َو َّدةَ ِفي ا ْلقُ ْربَى) ‪ 23‬سورة الشوري‬ ‫سأَلُ ُك ْم َ‬
‫وقال‪( :‬قُل َّّل أ َ ْ‬
‫وعلي ذلك فالصالحين من المنتمين آلل البيت النبوي لهم علينا حقوق‬
‫في زيارة مشاهدهم‪.‬‬
‫عنق أتباعه و مريديه‪ ،‬إذ أن من تمام‬ ‫فأضحي لكل إمام عهد في ُ‬
‫الوفاء وحسن األداء زيارة قبورهم ‪،‬فمن زارهم رغبة في زيارتهم‬
‫وتصديقا ً بما رغبوا فيه كانوا شفعاءهم يوم القيامة‪.‬‬
‫وكما أن الزيارة تزيد من رابطة الوالء و المحبة بين األئمة و أتباعهم‬
‫وتجدد في النفوس ذكر مناقبهم وأخالقهم الكريمة وجهادهم الذي‬
‫يعتصرون فيه أكبادهم ‪،‬حيث يحملون مشاق الدعوة بين مشارق‬
‫األرض و مغاربها ‪ ،‬فتنتشر أرواحهم في سبيل الحق وتظلل قلوبهم‬
‫الشوارد من الخلق إلي تهب عليهم نسمات الهدي و الرشاد فيعرفون‬
‫هللا ويشملهم رضاه‪.‬‬
‫كما أن زيارة مشاهد األئمة تجمع كثير من المسلمين المتعارفين علي‬
‫صعيد واحد‪،‬علي أتقي قلب رجل واحد‪،‬وكيف ال؟‬
‫وهم عباد ُمكرمون إختصهم هللا تعالي بكرامته و َحبا ُهم بواليته ‪،‬إذ هم‬
‫في أعلي و أسمي درجات الكمال الالئقة في البشر من العلم و التقي و‬
‫الورع والشجاعة‪ ،‬والكرم والعفة وسمو االخالق و الصفات الحميدة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫وقد تواتر عن النبي ﷺ أن حبهم عالمة اإليمان وأن بغضهم عالمة‬
‫النفاق وأن من احبهم أحب هللا ومن أبغضهم أبغض هللا و رسوله وال‬
‫شك أن هللا سبحانه وتعالي لم يفرض حبهم و مودتهم إال ألنهم أهل‬
‫الحب والوفاء من ناحية قربهم إليه سبحانه و تعالي ورفع منزلتهم‬
‫عنده ‪،‬ومما الشك فيه أيضا‪ :‬أنهم أولو األمر الذين أمر هللا تعالي‬
‫بطاعتهم فجعلهم الشهداء علي الناس و هم أبواب هللا والسبيل إليه‬
‫واألدالء عليه فهم الذين أذهب هللا عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً‪.‬‬
‫وفي إعتقادي أنه زيادة علي وجوب التمسك بآل البيت يجب علي كل‬
‫مسلم أن يدين بحبهم ومودتهم ألن الحق سبحانه و تعالي ييقول في‬
‫علَ ْي ِه أَجْ ًرا إِ َّّل ا ْل َم َو َّدةَ فِي ا ْلقُ ْربَى)‪23‬الشوري‬
‫سأَلُ ُك ْم َ‬
‫كتابه الحكيم‪( :‬قُل َّّل أ َ ْ‬
‫فاهلل تعالي في اآلية المذكورة وضع المسئول عليه الناس في دائرة‬
‫المودة في القربي"آل البيت" فبات واضحا ً أنه علي كل مسلم مؤمن أن‬
‫يلتزم إلتزاما ً بالمودة و القرب والوفاء والحب نحو أستاذه ومرشده‪،‬‬
‫وهو شيخه ومعلمه ‪،‬المنتسب إلي الحضرة النبوية الشريفة والملتزم‬
‫نحو أبنائه وتالميذه بالرعاية والهداية والتقوي إذ اليوجد علي مدار‬
‫فلك التاريخ أن لمع نجم في طريق اإلسالم من السادة السابقين‬
‫واألعالم اإل وله مرشد وإمام ‪،‬ذلك إلي أن نصل إلي المرشد األعظم‬
‫و السر األفخم سيدنا محمد ﷺ‬

‫‪20‬‬
‫وفي هذا يقول شيخنا أبوخليل رضي هللا عنه‪:‬‬

‫‪ -‬يؤدبهـا بالـروح زاغـت عـن الســير‬ ‫‪ o‬إذا لم يكن للنفس شيخ علي هدي‬
‫‪ -‬سوي ماهر يدرى السباحة في البحر‬ ‫‪ o‬وّل يعــبرالبحــر الخضــم ونـوأه‬
‫‪ -‬علـي مـوجة التيار مـا نـورها يســري‬ ‫‪ o‬ولوّل اتصال الكهرباء بأصلــها‬

‫من يهدي هللا فهو المهتدي و باهلل التوفيق‪،،،‬‬

‫‪21‬‬
‫(أداب املريد مع نفسه)‬
‫ليعلم المريد أن هللا ناظرا ً إليه ومطلع عليه فى جميع األحوال‬ ‫•‬
‫فليشتغل بذكر هللا بقلبه دائما ً ماشيا ً كان أو قاعدا ً أو في أثناء‬
‫وظيفته أو صنعته أو تجارته‪ ،‬بمعنى أن يجرى لفظ الجاللة على‬
‫قلبه ‪.‬‬
‫أن يترك أصحاب السوء وأن يجالس األخيار‪ :‬فقد أوحي هللا إلي‬ ‫•‬
‫موسي عليه السالم ال تجالس أهل الهوي فيحدثوا في قلبك مالم يكن‪.‬‬
‫مجالسة األخيار تورث الخير ‪ ،‬وصحبة األشرار تورث الشر‬ ‫•‬
‫‪.‬فقد قال أئمة الصوفيه ‪:‬‬

‫‪-‬الروح كالريح إن مرت على عطر‬


‫‪ -‬طابت وتخبث إن مرت على الجيف ‪.‬‬

‫ومجالسة الصالحين هي شفاء القلوب ‪ ،‬بل إكسيرها باليقين لكن ال‬


‫يشترط ظهور األثر حاالً ولكن سيظهر بصحبته ولو بعد حين ‪َ .‬ع ْن‬
‫صا ِلحِ‬ ‫يس ال َّ‬ ‫ي ﷺ قَا َل‪َ ( :‬مث َ ُل ا ْل َج ِل ِ‬ ‫َللاُ َع ْنهُ َعن النَّ ِب ِّ‬
‫ي َّ‬ ‫ض َ‬ ‫سى َر ِ‬ ‫أَبِي ُمو َ‬
‫س ِك ِإ َّما أ َ ْن يُحْ ِذيَ َك‪,‬‬ ‫س ِك َونَافِخِ ا ْل ِك ِير؛ فَ َح ِ‬
‫ام ُل ا ْل ِم ْ‬ ‫ام ِل ا ْل ِم ْ‬‫س ْو ِء َك َح ِ‬ ‫َوال َّ‬
‫ع ِم ْنهُ‪َ ,‬و ِإ َّما أ َ ْن ت َ ِج َد ِم ْنهُ ِري ًحا َط ِيبَةً‪َ ,‬ونَافِ ُخ ا ْل ِك ِير ِإ َّما‬ ‫َو ِإ َّما أ َ ْن ت َ ْبتَا َ‬
‫ق ثِيَابَ َك‪َ ,‬وإِ َّما أ َ ْن ت َ ِج َد ِري ًحا َخبِيثَةً) رواه البخاري‬ ‫أ َ ْن يُحْ ِر َ‬
‫• إذا كانت للمريد زوجة و أوالد وأراد الذكر فال يتركُ لهم الدار‬
‫بل يعتكف في مكان بالقرب منه في بيته ‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫أن ال يفرط في المأكل و المشرب و الملبس و المنكح‪ ،‬قال‬ ‫•‬
‫الغزالي رضي هللا عنه(جعل هللا فضول المطعم‪ -‬أي إفراط فيه‪-‬‬
‫والمشرب في الدنيا سببا ً لقسوة القلب وإبطاء الجوارح عن‬
‫الطاعة‪ ،‬والصمم عن سماع الموعظة‪.‬‬
‫أن يترك حب الدنيا ناظرا ً إلي األخرة ألن محبة هللا التدخل قلبا ً‬ ‫•‬
‫فيه حب الدنيا‪ .‬قال رسول هللاﷺ (بحسب امرئ من الشر أن‬
‫يشار إليه باألصابع في دين أو دنيا إال من عصمه هللا تعالى)‪.‬‬
‫رواه الطبراني والبيهقي في الشعب‬
‫أن ال ينام المريد علي جنابة وأن يكون مديم الطهارة‪.‬‬ ‫•‬
‫ال يطمع فيما في أيدي الناس‪ ،‬وال يلتفت إلي أحد من المخلوقين‬ ‫•‬
‫أقبل عليه عليه أو أدبر‪.‬‬
‫إذا تعسر رزقه وقست عليه قلوب العباد فليصبر وال يضجر‬ ‫•‬
‫فكثير ما يُختبر المريد فى بدء الطريق فال يقول ما كان لى حاجة‬
‫بالطريق ‪ ،‬فإن قالها نقض عهده فال يفلح أبدا ً ‪ ،‬فإن وقع له‬
‫العُسر فليعلم أن هللا يريد أن يفتح عن بصيرته ثم يرزقه بعد ذلك‬
‫رزقا ً مدرارا كثيرا في الدنيا و اآلخرة ‪.‬‬
‫يجب على المريد أن يُحاسب نفسه ويحثها على السير في‬ ‫•‬
‫الطريق إذا أمرته نفسه األمارة بالسوء أن ال يحضر الحضرة أو‬
‫يحب المالهي أو يتوقف عن سيره‪ ،‬فيجب عليه أن يقول لنفسه "‬
‫أصبري يا نفس فإن الراحة أمامك غدا ً في اآلخرة وإنما أ ُريد‬
‫بتعبك في الدنيا أن تستريحي في جنات النعيم " ‪.‬‬
‫أن يقلل النوم السيما وقت األسحار فإنه وقت التجلي واإلجابة‪.‬‬ ‫•‬

‫‪23‬‬
‫أن يتحرى أكل الحالل وأن يصون لسانه عن لغو الحديث وعن‬ ‫•‬
‫كثره الضحك و الفكاهة وعن الغيبة و النميمة ‪ ،‬ويصون قلبه‬
‫عن الخواطر والشكوك فإن من حفظ لسانه و أستقام قلبه إنكشفت‬
‫ض بصره عن المحرمات ما أمكن فإن‬ ‫له األسرار ‪ ،‬وأن يَغُ َ‬
‫النظر إليها كالسم القاتل والسهم الصائب إلى قلبه فيقتله وال سيما‬
‫النظر إليها بشهوة ‪ ،‬وقد قال شيخنا سيدى الشيخ محمد محمد أبو‬
‫خليل الكبير ‪ :‬من أعظم األشياء التي تقطع المريد عن ربه وعن‬
‫شيخه أن يمأل قلبه بالشهوات وأن يدخل مع أهل الغفلة وأن‬
‫يسكن إليهم و يباشرهم ويصاحب أهل الهوى والنساء فإنه خوان‬
‫بشهواته مفتونا ً بنفسه ال يصل إلى ربه ‪.‬‬
‫ترك الجدال والمناظرة مع أهل الجدال ألن ذلك يورث النسيان‬ ‫•‬
‫والحجاب ‪،‬وإذا وقع من ذلك فليستغفر هللا العظيم ‪.‬‬
‫أن يجالس إخوانه عند ضيق صدره ‪ :‬ويتباحث معهم في آداب‬ ‫•‬
‫الطريق حتى ينشرح صدره وينفرج أمره ‪ ،‬وأال يقهقه في‬
‫الضحك ألنها تميت القلب ‪ ،‬وكان النبي ﷺ يبتسم وال يقهقه‪،‬وقال‬
‫شيخنا سيدي الشيخ محمد محمد أبو خليل الكبير ‪ " :‬من ضحك‬
‫بقهق ٍه فإن قلبه خوي من اإليمان و إمتأل بأالعيب الشيطان‪ ،‬فال‬
‫تميتوا قلوبكم وأحيوها بالخوف من ربكم "‪.‬‬
‫حب الجاه و‬ ‫َ‬ ‫أن يترك البحث عن أحوال الناس وأن يترك‬ ‫•‬
‫الرياسة ‪،‬ألنها قاطعة عن طريق هللا قال صلى هللا عليه وسلم‬
‫ى َع ْن أ َ ِبي ِه قَا َل ‪ :‬قَا َل‬ ‫ار ِ ّ‬ ‫ب ب ِْن َما ِلكٍ األ َ ْن َ‬
‫ص ِ‬ ‫فيما معناه َع ِن اب ِْن َك ْع ِ‬
‫س َد لَ َها ِم ْن‬ ‫غنَ ٍم ِبأ َ ْف َ‬
‫سالَ ِفى َ‬ ‫ان أ ُ ْر ِ‬
‫ان َجائِعَ ِ‬ ‫َللاﷺ( َما ِذئْبَ ِ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬‫َر ُ‬
‫ف ِلدِينِ ِه ) ‪ 2550‬الزهد سنن الترمذى‬ ‫علَى ا ْل َما ِل َوالش ََّر ِ‬
‫ص ا ْل َم ْر ِء َ‬
‫ِح ْر ِ‬

‫‪24‬‬
‫• أن يكون المريد متواضعا ً ألن التواضع ‪ :‬يزيده رفعة وأن يكون‬
‫خائفا من هللا عز وجل راجيا عفوه‪ ،‬وال يتكبر ويتجبر بعبادته بل‬
‫على ‪.‬‬
‫َ‬ ‫يقول أنا أه ُل للعقاب لوال فض ُل هللا‬
‫• أن يقدم المشيئة عند كل قول وأن يكتم ما يراه من األسرار مناما ً‬
‫أو يقظة إال لشيخة‪ ،‬ومن أدعي مقاما ً لم يصل إليه حرم الوصول‬
‫إليه‪ ،‬وإن أراد أن يبيح بهذه األسرار لكي يهتدي بها العاصي إذا‬
‫سمعها فعليه أن يقول سمعت بعض الفقراء يقولون كذا بحيث ال‬
‫يفهم الناس انه يقصد نفسه أو يستبطئ‪-‬الفتح عليه بل يعبد هللا‬
‫لوجهه سواء فتح عليه أو لم يفتح‪ ،‬وإذا أراد أن يزور مقام ولي‬
‫من األولياء أو احد من األقطاب في مقامة فعليه أن يستأذن‬
‫شيخه‪،‬ثم يتبع اآلتي‪:‬‬
‫(أ) أن يسلم علي صاحب القبر أوال ثم يتجه إلي القبله ويقرأ‬
‫الفاتحه مرة و سورة اإلخالص إحدي عشر مرة و آية الكرسي‬
‫مرة و يهب ثوابها إلي صاحب هذا المقام‪،‬ولكي يستمد من‬
‫روح هذا الولي فيجب عليه أن يجرد نفسه من كل شئ حتي‬
‫يصير روحا ً صافيا ً ثم يتصور هذا الولي و روحانيته نورا ً‬
‫مجردا ً من الكيفيات المحسوسه و يحفظ ذلك النور في قلبه‬
‫حتي يحدث له فيضا ً من فيوضات هذا الولي‪،‬و ينبغي علي‬
‫المريد أن يستعين علي ذلك بإستحضار روح شيخه و‬
‫االستمداد من روحانيته وجعلها واسطه بينه و بين هذا الولي‬
‫ال َمزور ومن غير شيخه ال يصل له شئ‪.‬‬

‫وهذه يابني آداب المريد مع نفسه‪.‬‬


‫‪25‬‬
‫(أداب املريد مع أس تاذه)‬
‫يقول العارفون باهلل تعالي إذا راعي المريد آداب المريد مع شيخه‬
‫ظاهرا ً و باطنا ً وطبقها علي نفسه بدقه أثناء جلوسه مع شيخه وصل‬
‫إلي هللا تعالي في جلسه واحدة‪ -‬وها هي هذه اآلداب‪-:‬‬
‫أن يج َل شيخه ويحترمه في غيبته وفى حضوره وهذه من‬ ‫•‬
‫خواص الذكر الذي يورث القلب قوة كلما أكثر منه فيدرك بهذه‬
‫القوة قوى األرواح األخرى ‪ .‬فإذا جلس في حضرته يجلس مع‬
‫األدب ظاهرا ً وباطنا ً وال يؤل ما أُبهم عليه من أحواله‪.‬‬
‫أال يقدم أحدا ً مطلقا ً على شيخه وال يلتجأ ألحد من الصالحين‬ ‫•‬
‫مطلقا ً فال يزور وليا ً إال بإذنه فيحصل له بركة الزيارة بسبب‬
‫اإلذن‪.‬‬
‫أال يتكلم إال بالذكر القلبي حافظا ً قلبه في حضرة شيخه ‪ .‬فال‬ ‫•‬
‫يجلس وشيخه واقف ‪ .‬وال يجلس في المكان المعد له ‪ .‬وال ينام‬
‫بحضرته إال إذا أذن له وأغلظ عليه‪.‬‬
‫أاليلح عليه في أمر وإذا أستشارة شيخه فال يبدي مشورة أبدا ً ألنه‬ ‫•‬
‫ربما كان يختبره أو يطيب قلبه بذلك‪.‬‬
‫أال يسافر وال يتزوج وال يفعل فعالً من األوامر المهمه إال بإذنه‪.‬‬ ‫•‬
‫أال يمشي أمامه وال يساويه في مشيته إال إذا كان في ليل أو في‬ ‫•‬
‫طريق غير منتظم صونا ً له عن مصادفة شئ يتضرر به‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫أال ينظر إلى ما يفعله مع بعضهم فال ينظر إلى ما يفعله مع غيره‬ ‫•‬
‫أو يقول ِل َم فعل كذا لفالن ولم يفعل بى ؟ فمن فعل ذلك ال تصح‬
‫له تربية وقد يُطرد‪.‬‬
‫أن يمتثل أمر شيخه ويسلم له اإلنقياد ففي ذلك الخير و البركة‪.‬‬ ‫•‬
‫أال يبحث في أحوال شيخه مطلقا ً من عباده أو عاده وال يتدخل‬ ‫•‬
‫في أحواله المنزلية أو الشخصية وال يدخل عليه مكانا ً يختلي فيه‬
‫إال بإذنه‪.‬‬
‫أال يقدم علي محبته محبه أحد غيره إال هللا ورسوله‪.‬‬ ‫•‬
‫أال يعاشر من يبغضه الشيخ أو يطرده أو من يبغض الشيخ‪.‬‬ ‫•‬
‫والخالصه في ذلك‪:‬‬
‫أنه البد أن يتأدب بأدبه ويأتمر بأمره ويحفظ قلبه في حضرته‪،‬‬
‫فيسري إلي باطنه سراج يقتبس من نور الشيخ فيكون كالمه في‬
‫قلب المريد ثابتا كالحبة التي تنبت النبات‪.‬‬
‫ومقاله الذي يصدر من نفائس حاله ينتقل من الشيخ إلي المريد‬
‫يسر الذكر وبواسطة الصحبة وسماع المقال‪.‬‬
‫وال يكون ذلك إال لمن حصر نفسه مع شيخه‪،‬وانسلخ من إرادة‬
‫نفسه ‪،‬وترك أختيارها ‪،‬فإمتزج وارتبط بروحه وظهرت نفسه‬
‫بتآلف إلهي فيرتقي من ترك اإلختيار مع الشيخ إلي ترك‬
‫اآلختيار مع هللا تعالي فيتواله ربه‪.‬‬

‫وهللا يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم‪,,,‬‬

‫‪27‬‬
‫(أداب املريد مع اخوانه)‬
‫وقال ﷺ‪ ( :‬مثل األخوين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما األخرى‬
‫وما التقي مؤمنان قط إّل َّ أفاد هللا أحدهما من صاحبه خيرا ً) رواه بهذا‬
‫اللفظ أبو نعيم‪.‬‬

‫حديث ‪- 6750‬‬ ‫ضهُ بَ ْعضًا)‬ ‫من ل ْل ُم ْؤ ِم ِن كَا ْلبُ ْنيَ ِ‬


‫ان يَش ُّد ب ْع ُ‬ ‫وقال ﷺ‪( :‬ا ْل ُم ْؤ ُ‬
‫البر والصلة واألدب ‪ -‬صحيح مسلم‪.‬‬
‫وقال شيخنا محمد محمد أبوخليل الكبير‪( :‬مامن صاحب يصحب أخا ً‬
‫نهار إّل ويسئل عن صحبته‪ ،‬هل أقام فيها حق‬
‫في هللا ولو ساعة من ٍ‬
‫هللا تعالي أو أضاعه؟ )‪.‬‬
‫إذن فآداب المريد مع إخوانه هو كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تحب إلخوانك ما تحب لنفسك ‪ ،‬وال تخصص لنفسك شيئا ً‬
‫دونهم‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تبدأهم بالسالم والمصافحة وحالوة اللسان كلما لقيتهم ‪.‬‬
‫ان لم تفرق أكفهما حتى يغفر هللا لهما)‬ ‫قال ﷺ‪ِ (:‬إ َذا تصافح ا ْل ُم ْ‬
‫س ِل َم ِ‬
‫رواه الطبرانى‪.‬‬

‫‪ .3‬معاشرتهم بحسن الخلق ‪ ،‬وهو أن تعاملهم بما تحب أن يعاملوك به‬


‫من المحبه والشفقة ‪ ،‬فإن هللا مدح نبيه بقوله ‪َ (:‬و ِإنَّ َك لَعَلى ُخلُ ٍ‬
‫ق‬
‫ع َِظ ٍيم) "القلم ‪"4 :‬‬

‫‪28‬‬
‫ّللا ﷺ « أ َ ْك َم ُل ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫ين‬ ‫وقال ﷺ‪( :‬ع َْن أَبِى ُه َر ْي َرةَ قَا َل ‪ :‬قَا َل َر ُ‬
‫سو ُل َّ ِ‬
‫سنُ ُه ْم ُخلُقًا » ) حديث ‪ - 4684‬السنة ‪ -‬سنن أبى داود وقال‬ ‫ِإي َمانًا أَحْ َ‬
‫الجنيد‪( :‬أربعة ترفع العبد إلى أعلى الدرجات ولو ق َل ِعل ُمه ‪ :‬الحلم و‬
‫التواضع و السخاء و حسن الخلق ) ‪.‬‬
‫ض َجنَا َح َك‬ ‫‪ .4‬أن تتواضع إلخوانك لقوله تعالى ‪َ (:‬و ْ‬
‫اخ ِف ْ‬
‫ِل ْل ُم ْؤ ِمنِ َ‬
‫ين)‪88‬الحجر‪.‬‬

‫وقال شيخنا سيدي الشيخ محمد محمد أبو خليل الكبير ‪( :‬إن التواضع‬
‫من شيم الكرام ‪ ،‬والتكبر من صفات اللئام ‪ ،‬وأعلى الناس قدرا ً من ّل‬
‫يرى لنفسه جاها ً ‪ ،‬وأعظمهم فضالً من ّل يرى لنفسه فضالً) ‪.‬‬
‫اض ْب ِن ِح َم ٍار أَنَّهُ‬‫ّللا ع َْن ِعيَ ِ‬ ‫وقال ﷺ‪ (:‬ع َْن قَتَا َدةَ ع َْن يَ ِزي َد ْب ِن َ‬
‫ع ْب ِد َّ ِ‬
‫ّللا أ َ ْو َحى ِإلَ َّى أ َ ْن ت َ َوا َ‬
‫ضعُوا َحتَّى ّلَ يَ ْب ِغ َى‬ ‫ّللا ﷺ « ِإ َّن َّ َ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫قَا َل ‪:‬قَا َل َر ُ‬
‫ح ٍد » ) حديث ‪ -4897‬األدب ‪ -‬سنن‬ ‫علَى أَ َ‬ ‫علَى أ َ َح ٍد َوّلَ يَ ْف َخ َر أ َ َح ٌد َ‬
‫أ َ َح ٌد َ‬
‫أبى داود‪.‬‬

‫وقال شيخنا الشيخ محمد محمد أبوخليل الكبير صاحب السيرة ‪( :‬إعلم‬
‫يا بني بأن كل نبات ّل يثمر إّل بوضعه تحت األرض ‪ ،‬تعلوه النِعال ‪،‬‬
‫وتدوسه األقدام ‪ ،‬فكذالك الرجال إن جعلوا نفوسهم أرضا ً لجميع‬
‫األخوان أثمرت ثمار الحقيقة وأشرقت عليها أنوار اإليمان )‪.‬‬
‫‪ .5‬أن تتعاون معهم على البر والتقوى وحب هللا ‪ ،‬وترغبهم فيما‬
‫يرضى هللا وترشدهم إلى الصواب إن كنت كبيراً‪ ،‬وتتعلم منهم إن‬
‫كنت صغيرا ً‬
‫ّللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪-‬‬ ‫سو ُل َّ ِ‬‫‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫وقال ﷺ ‪ (:‬ع َْن عَائِشَةَ قَالَتْ‬
‫س َى َذك ََّرهُ َو ِإ ْن‬
‫ق ِإ ْن نَ ِ‬
‫ير ِص ْد ٍ‬ ‫َجعَ َل لَهُ َو ِز َ‬ ‫« ِإ َذا أ َ َرا َد َّ‬
‫ّللاُ ِباأل َ ِم ِير َخ ْي ًرا‬
‫‪29‬‬
‫س َى لَ ْم‬
‫وء ِإ ْن نَ ِ‬
‫س ٍ‬ ‫غ ْي َر ذَ ِل َك َجعَ َل لَهُ َو ِز َ‬
‫ير ُ‬ ‫َذك ََر أَعَانَهُ َوإِ َذا أ َ َرا َد َّ‬
‫ّللاُ بِ ِه َ‬
‫يُ َذ ِك ْرهُ َو ِإ ْن َذك ََر لَ ْم يُ ِع ْنهُ » ) حديث ‪ -2934‬الخراج ‪ -‬سنن أبى داود ‪.‬‬

‫أن ترحم إخوانك بأن توقر الكبير‪،‬و تشفق علي الصغير لقوله ﷺ‪:‬‬
‫(ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا) رواه الترمذي ‪.‬‬
‫و تخدم إخوانك ولو بتقديم النعال لهم‪ ،‬ففي الحديث القدسي‪ ( :‬إن كنتم‬
‫تُريدون رحمتي فار َحموا َخلقي)‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪َ ( :‬م ْن َّل يَ ْر َح ِم النَّ َ‬
‫اس َّل يرحمه هللا) متفق عليه‪.‬‬
‫‪ .6‬أن يتلطف اإلنسان في النصيحة ألخيه ‪:‬فقد قال شيخنا الشيخ محمد‬
‫محمد أبو خليل الكبير ‪ ":‬من لم يستر على إخواننا ‪ ،‬ويستر ما يراه‬
‫منهم من الهفوات ‪ ،‬فقد فتح على نفسه باب كشف ستر عورته بقدر‬
‫ما فضحهم وأظهر من هفواتهم "وقال ﷺ ‪ ( :‬ع َْن ِع ْك ِر َمةَ ع َِن ا ْب ِن‬
‫ست َ َر‬ ‫ست َ َر ع َْو َرةَ أ َ ِخي ِه ا ْل ُم ْ‬
‫س ِل ِم َ‬ ‫اس ‪ :‬ع َِن النَّبِ ِى ‪ -‬ﷺ ‪ -‬قَا َل ‪َ «:‬م ْن َ‬ ‫عبَّ ٍ‬ ‫َ‬
‫ّللاُ‬
‫َف َّ‬‫س ِل ِم َكش َ‬ ‫َف ع َْو َرةَ أ َ ِخي ِه ا ْل ُم ْ‬
‫ّللاُ ع َْو َرتَهُ يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة َو َم ْن َكش َ‬
‫َّ‬
‫حهُ ِب َها فِى بَ ْيتِ ِه » ) حديث ‪ -2643‬الحدود ‪ -‬سنن ابن‬ ‫ض َ‬ ‫ع َْو َرتَهُ َحتَّى يَ ْف َ‬
‫ب شيخنا ً‬ ‫ص ِح َ‬ ‫ماجه‪ .‬وقد جاء رجل من الصالحين وكان عالما و َ‬
‫صاحب السيرة ‪ ،‬فلما أراد أن يفارقه ويسافر إلى بلده قال ‪ (:‬يا‬
‫سيدي أريد أن تنبهني على ما فى نفسي من العيوب ‪:‬فقال له الشيخ‬
‫‪ :‬يا أخي لم أرى فيك عيبا ً ‪ ،‬ألني نظرت إليك بعين الوداد ‪ ،‬فاسأل‬
‫غيري عن عيبك ) ‪.‬وقال أيضا ً شيخنا محمد محمد أبو خليل الكبير‬
‫ألحد إخوانه ( كن حريصا ً يا ولدى على نجاة أخيك مما تراه وّل‬
‫تهجره فإن ذلك أنفع لك من الهجر ‪ ،‬وإن رأيت يا ولدى فى أحد‬
‫إخوانك عيبا ً ففتش فى نفسك فربما كان هذا العيب فيك وأنت ّل‬

‫‪30‬‬
‫ُ‬
‫اإلنسان فى المرآة إّل‬ ‫تدرى ‪ ،‬ألن المسلم مرآة المسلم و ّل يرى‬
‫صورته )‪.‬‬
‫‪ .7‬عليك أن تقبل عذر أخيك إذا أعتذر إليك ولو كان كاذبا ‪:‬فقد‬
‫قالﷺ‪( :‬و من آتاه أخوه متنصالً من ذنبه ‪ ،‬فليقبل منه محقا ً كان أو‬
‫مبطالً ‪ ،‬فمن لم يفعل لم يرد على الحوض يوم القيامة) رواه الحاكم‬
‫‪.‬وقال سيدي الشيخ محمد محمد أبو خليل الكبير صاحب السيرة ‪( :‬من‬
‫أرضاك ظاهرا ً ولو أغضبك باطنا ً ‪ ،‬فإنه أطاعك وعظمك من حيث أنه‬
‫لم يجاهرك بعصيانه )‪.‬‬
‫‪.8‬ت ُصلح بين إخوانك إن حصل بينهم نزاع فى شئ وال تعين أحد‬
‫منهم على اآلخر بل تصلحهم بلين ورفق بحيث ال تدع ألحد الحق‬
‫ص ِل ُحوا بَ ْي َن أ َ َخ َو ْي ُك ْم‬
‫ون ِإ ْخ َوةٌ فَأ َ ْ‬
‫على األخر ‪ .‬قال تعالى ‪ِ (:‬إنَّ َما ا ْل ُم ْؤ ِمنُ َ‬
‫ون ) ‪ 10‬الحجرات‪.‬‬ ‫َواتَّقُوا َّ َ‬
‫ّللا لَعَلَّ ُك ْم ت ُ ْر َح ُم َ‬
‫‪ .9‬أن تكون صادقا ً معهم فى جميع األحوال وأن ال تنساهم فى دعاء‬
‫بمغفرة لهم بظاهر من الغيب ‪ ،‬وأن تسأل عن اسم أخيك وعن اسم‬
‫أبيه‪ :‬لما رواه البهقى فى الشعب ‪(:‬إذا أحببت رجالً فسأله عن إسمه‬
‫و إسم أبيه فإن كان غائبا ً حفظتهُ ‪ ،‬وإن كان مريضا ً عدته و إن مات‬
‫شهدتهُ )‬
‫ِ‬
‫ب أ َ َح ُد ُك ْم أ َ َخا ُه فَ ْليُ ْع ِل ْمهُ فإنه أبقى لأللفة و أثبت إلى‬
‫وقال ﷺ ‪ِ ( :‬إ َذا أ َ َح َّ‬
‫المودة) رواه ابن أبى الدنيا و البخارى‬

‫‪ .10‬أن تذب عن أعراضهم ‪ :‬أي إن كنت فى مجلس و إغتابهم أحدا ً‬


‫فلترد عنهم هذه الغيبه وتنصرهم بظاهر الغيب حيث تنتهك حرماتهم‬
‫ض‬ ‫‪.‬قال ﷺ‪ (:‬ع َْن أ َ ِبى الد َّْرد ِ‬
‫َاء ‪ :‬ع َِن النَّ ِب ِى ﷺ قَا َل‪َ ( :‬م ْن َر َّد ع َْن ِع ْر ِ‬
‫‪31‬‬
‫ار َج َهنَّ َم يَ ْو َم‬ ‫ّللا ع ََّز َو َج َّل أ َ ْن يَ ُر َّد َ‬
‫ع ْنهُ نَ َ‬ ‫َان َحقًّا َ‬
‫علَى َّ ِ‬ ‫أ َ ِخي ِه ا ْل ُم ْ‬
‫س ِل ِم ك َ‬
‫ا ْل ِقيَا َم ِة)حديث ‪ -28301‬بقية حديث أبى الدرداء ‪ -‬مسند أحمد ‪.‬‬
‫• إنجاز الوعد إن وعدت أحدا ً منهم ‪ ،‬وقد اعترى بعض اإلخوان‬
‫فى هذا الزمان خل ٌل كثير فصاروا يبغض بعضهم بعضا ‪ ،‬وال‬
‫يحبون الخير لبعضهم ويتحاسدون ‪ ،‬ويخفون الكراهة ويظهرون‬
‫المودة ‪ ،‬حتى إذا قابل أحدهم اآلخر يظهر له الفرح و البشاشة‬
‫ويبتسم فى وجهه وعندما يفارقه يتكلم فى حقه بما ال يُرضى هللا‬
‫ورسوله ‪ ،‬فهؤالء ال يحبهم هللا وال ينظر إليهم يوم القيامة وال‬
‫يزكيهم ولهم عذاب أليم بما كانوا يعملون ما لم يتوبوا‪.‬‬

‫فاهلل نسأل ‪ ،‬األمان من فتن الزمان ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫(ما َو َرد يف اذلاكرين)‬
‫( يمن مأدبه رب العاملني)‬
‫قال تعالي‪:‬‬
‫ت‬ ‫هار َآليا ٍ‬ ‫الف اللَّ ْي ِل َوالنَّ ِ‬ ‫اخ ِت ِ‬ ‫ض َو ْ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِ‬ ‫سماوا ِ‬ ‫ق ال َّ‬ ‫( إ َّن ِفي َخ ْل ِ‬ ‫•‬
‫ّللاَ قِيا ًما َوقُعُودًا َوعَلى ُجنُوبِ ِه ْم‬ ‫ون َّ‬ ‫ِين يَ ْذك ُُر َ‬ ‫ِألُو ِلي األلباب الَّذ َ‬
‫باط ًال‬ ‫ض َربَّنا ما َخلَ ْقتَ هذا ِ‬ ‫ت َو ْاأل َ ْر ِ‬ ‫سماوا ِ‬ ‫ق ال َّ‬ ‫ون فِي َخ ْل ِ‬ ‫َويَتَفَك َُّر َ‬
‫ار) (‪ 190،191‬سورة آل عمران)‬ ‫س ْبحانَ َك فَ ِقنا ع َ‬
‫َذاب النَّ ِ‬ ‫ُ‬
‫ّللاُ َو ِجلَتْ قُلُوبُ ُه ْم َوإِ َذا ت ُ ِليَتْ‬ ‫ِين إِ َذا ذُ ِك َر َّ‬ ‫ون الَّذ َ‬ ‫(إِنَّ َما ا ْل ُم ْؤ ِمنُ َ‬ ‫•‬
‫ون‬ ‫ِين يُ ِقي ُم َ‬ ‫ون الَّذ َ‬‫علَى َر ِب ِه ْم يَت َ َو َّكلُ َ‬ ‫علَ ْي ِه ْم آيَاتُهُ َزا َدتْ ُه ْم ِإي َمانًا َو َ‬ ‫َ‬
‫ون َحقًّا لَ ُه ْم‬ ‫ون أُولَ ِئ َك ُه ُم ا ْل ُم ْؤ ِمنُ َ‬ ‫ص َالةَ َو ِم َّما َر َز ْقنَا ُه ْم يُ ْن ِفقُ َ‬ ‫ال َّ‬
‫ق ك َِري ٌم)(‪ 2:4‬سورة االنفال)‬ ‫د ََر َجاتٌ ِع ْن َد َربِ ِه ْم َو َم ْغ ِف َرةٌ َو ِر ْز ٌ‬
‫ّللا ت َ ْط َم ِئ ُّن‬ ‫ّللا أ َ َّل ِب ِذ ْك ِر َّ ِ‬‫ِين آ َمنُوا َوت َ ْط َم ِئ ُّن قُلُوبُ ُه ْم ِب ِذ ْك ِر َّ ِ‬ ‫(الَّذ َ‬ ‫•‬
‫س ُن‬ ‫طوبَى لَ ُه ْم َو ُح ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫صا ِل َحا ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا َوع َِملُوا ال َّ‬ ‫وب الَّذ َ‬ ‫ا ْلقُلُ ُ‬
‫ب)(‪ 28:29‬سورة الرعد)‬ ‫َمآ ٍ‬
‫وع الش َّْم ِس‬ ‫طلُ ِ‬ ‫س ِبحْ بِ َح ْم ِد َر ِب َك قَ ْب َل ُ‬ ‫ون َو َ‬ ‫علَى َما يَقُولُ َ‬ ‫ص ِب ْر َ‬ ‫(فَا ْ‬ ‫•‬
‫اف النَّ َه ِار لَعَلَّ َك‬ ‫س ِبحْ َوأ َ ْط َر َ‬ ‫اء اللَّ ْي ِل فَ َ‬ ‫غ ُرو ِب َها َو ِم ْن آنَ ِ‬ ‫َوقَ ْب َل ُ‬
‫ضى)(‪ 130‬سورة طه)‬ ‫ت َ ْر َ‬
‫ين‬ ‫صابِ ِر َ‬ ‫ّللاُ َو ِجلَتْ قُلُوبُ ُه ْم َوال َّ‬ ‫ِين إِ َذا ذُ ِك َر َّ‬ ‫ين الَّذ َ‬ ‫ش ِر ا ْل ُم ْخبِتِ َ‬‫( َوبَ ِ‬ ‫•‬
‫ون)(‪34:35‬‬ ‫ص َال ِة َو ِم َّما َر َز ْقنَا ُه ْم يُ ْن ِفقُ َ‬ ‫يمي ال َّ‬ ‫صابَ ُه ْم َوا ْل ُم ِق ِ‬ ‫علَى َما أ َ َ‬ ‫َ‬
‫سورة الحج)‬
‫ق ِإ َّّل أ َ ْن يَقُولُوا َربُّنَا َّ‬
‫ّللاُ‬ ‫ِين أ ُ ْخ ِر ُجوا ِم ْن ِديَ ِار ِه ْم ِبغَ ْي ِر َح ٍ‬
‫(الَّذ َ‬ ‫•‬
‫ام ُع َو ِبيَ ٌع‬ ‫ض لَ ُه ِد َمتْ َ‬
‫ص َو ِ‬ ‫اس بَ ْع َ‬
‫ض ُه ْم ِببَ ْع ٍ‬ ‫َولَ ْو َّل د َْف ُع َّ ِ‬
‫ّللا النَّ َ‬
‫‪33‬‬
‫ّللاُ َم ْن‬‫ص َر َّن َّ‬ ‫يرا َولَيَ ْن ُ‬ ‫ّللا َكثِ ً‬
‫س ُم َّ ِ‬ ‫اج ُد يُ ْذك َُر فِي َها ا ْ‬ ‫س ِ‬ ‫صلَ َواتٌ َو َم َ‬ ‫َو َ‬
‫يز)(‪ 40‬سورة الحج)‬ ‫ّللا لَقَ ِوي ع َِز ٌ‬ ‫ص ُرهُ ِإ َّن َّ َ‬ ‫يَ ْن ُ‬
‫سبِ ُح لَهُ فِي َها‬ ‫س ُمهُ يُ َ‬ ‫ّللاُ أ َ ْن ت ُ ْرفَ َع َويُ ْذك ََر فِي َها ا ْ‬ ‫ِن َّ‬ ‫ت أَذ َ‬ ‫(فِي بُيُو ٍ‬ ‫•‬
‫ارةٌ َو َّل بَ ْي ٌع ع َْن ِذ ْك ِر َّ ِ‬
‫ّللا‬ ‫يه ْم تِ َج َ‬ ‫صا ِل ِر َجا ٌل َّل ت ُ ْل ِه ِ‬ ‫ِبا ْلغُ ُد ِو َو ْاآل َ‬
‫وب‬ ‫ب فِي ِه ا ْلقُلُ ُ‬ ‫ون يَ ْو ًما تَتَقَلَّ ُ‬ ‫الزكَا ِة يَ َخافُ َ‬ ‫اء َّ‬ ‫ص َال ِة َوإِيت َ ِ‬ ‫َو ِإقَ ِام ال َّ‬
‫ار)(‪ 36:37‬سورة النور)‬ ‫ص ُ‬ ‫َوا ْأل َ ْب َ‬
‫ون‬‫ون أَلَ ْم ت َ َر أَنَّ ُه ْم فِي ُك ِل َوا ٍد يَ ِهي ُم َ‬ ‫او َ‬ ‫شعَ َرا ُء يَت َّ ِبعُ ُه ُم ا ْلغَ ُ‬ ‫( َوال ُّ‬ ‫•‬
‫ت‬‫صا ِل َحا ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا َوع َِملُوا ال َّ‬ ‫ون ِإ َّّل الَّذ َ‬ ‫ون َما َّل يَ ْفعَلُ َ‬ ‫َوأَنَّ ُه ْم يَقُولُ َ‬
‫ِين‬‫سيَ ْعلَ ُم الَّذ َ‬‫ظ ِل ُموا َو َ‬ ‫ص ُروا ِم ْن بَ ْع ِد َما ُ‬ ‫يرا َوا ْنت َ َ‬ ‫ّللا َكثِ ً‬ ‫َو َذك َُروا َّ َ‬
‫ون)(‪ 224:227‬سورة الشعراء)‬ ‫ب يَ ْنقَ ِلبُ َ‬ ‫ي ُم ْنقَلَ ٍ‬ ‫َظلَ ُموا أ َ َّ‬
‫ّللاَ‬ ‫َان يَ ْر ُجو َّ‬ ‫سنَةٌ ِل َم ْن ك َ‬ ‫س َوةٌ َح َ‬ ‫ّللا أ ُ ْ‬
‫سو ِل َّ ِ‬ ‫َان لَ ُك ْم فِي َر ُ‬ ‫(لَقَ ْد ك َ‬ ‫•‬
‫يرا)(‪ 21‬سورة األحزاب)‬ ‫ّللا َكثِ ً‬‫َوا ْليَ ْو َم ْاآل ِخ َر َو َذك ََر َّ َ‬
‫ُون‬ ‫شي ِ يُ ِريد َ‬ ‫ُون َربَّ ُه ْم ِبا ْلغَدَا ِة َوا ْلعَ ِ‬ ‫ِين يَ ْدع َ‬ ‫س َك َم َع الَّذ َ‬ ‫ص ِب ْر نَ ْف َ‬ ‫( َوا ْ‬ ‫•‬
‫ع ْن ُه ْم ت ُ ِري ُد ِزينَةَ ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َو َّل ت ُ ِط ْع َم ْن‬ ‫اك َ‬ ‫ع ْينَ َ‬‫َوجْ َههُ َو َّل ت َ ْع ُد َ‬
‫طا)(‪ 28‬سورة‬ ‫َان أ َ ْم ُرهُ فُ ُر ً‬ ‫أ َ ْغفَ ْلنَا قَ ْلبَهُ ع َْن ِذ ْك ِرنَا َواتَّبَ َع َه َواهُ َوك َ‬
‫الكهف)‬
‫ّللاُ لَ ُه ْم َم ْغ ِف َرةً َوأَجْ ًرا‬
‫ع َّد َّ‬‫ت أَ َ‬ ‫يرا َوالذَّا ِك َرا ِ‬‫ّللا َكثِ ً‬
‫ين َّ َ‬ ‫• ( َوالذَّا ِك ِر َ‬
‫َظي ًما)(‪ 35‬سورة األحزاب)‬ ‫ع ِ‬
‫ّللا فَا ْ‬
‫ست َ ْغفَ ُروا‬ ‫احشَةً أ َ ْو َظلَ ُموا أ َ ْنفُ َ‬
‫س ُه ْم َذك َُروا َّ َ‬ ‫ِين ِإ َذا فَعَلُوا فَ ِ‬ ‫(والَّذ َ‬ ‫َ‬
‫علَى َما فَعَلُوا َو ُه ْم‬ ‫ّللاُ َولَ ْم يُ ِص ُّروا َ‬ ‫ِلذُنُو ِب ِه ْم َو َم ْن يَ ْغ ِف ُر الذُّنُ َ‬
‫وب ِإ َّّل َّ‬
‫ون)(‪ 135‬سورة آل عمران)‬ ‫يَ ْعلَ ُم َ‬

‫‪34‬‬
‫(التحذير من الغفةل)‬
‫ّللا َو َما نَ َز َل ِم َن‬ ‫ش َع قُلُوبُ ُه ْم ِل ِذ ْك ِر َّ ِ‬ ‫ِين آ َمنُوا أ َ ْن ت َ ْخ َ‬ ‫(أَلَ ْم يَأ ْ ِن ِللَّذ َ‬ ‫•‬
‫اب ِم ْن قَ ْب ُل فَ َطا َل َ‬
‫علَ ْي ِه ُم‬ ‫ِين أُوتُوا ا ْل ِكت َ َ‬ ‫ق َو َّل يَكُونُوا كَالَّذ َ‬ ‫ا ْل َح ِ‬
‫ون)(‪ 16‬الحديد)‬ ‫سقُ َ‬ ‫ير ِم ْن ُه ْم فَا ِ‬ ‫ستْ قُلُوبُ ُه ْم َو َكثِ ٌ‬ ‫ْاأل َ َم ُد فَقَ َ‬
‫ش ْي َطانًا فَ ُه َو لَهُ‬ ‫ض لَهُ َ‬ ‫الرحْ َم ِن نُقَيِ ْ‬ ‫ش ع َْن ِذ ْك ِر َّ‬ ‫( َو َم ْن يَ ْع ُ‬ ‫•‬
‫ين)(‪ 36‬سورة الزخرف)‬ ‫قَ ِر ٌ‬
‫ور ِم ْن َر ِب ِه فَ َو ْي ٌل‬ ‫علَى نُ ٍ‬ ‫س َال ِم فَ ُه َو َ‬ ‫ْل ْ‬ ‫ص ْد َر ُه ِل ْ ِ‬
‫ّللاُ َ‬ ‫(أَفَ َم ْن ش ََر َح َّ‬ ‫•‬
‫ين)(‪ 22‬سورة‬ ‫ّللا أُولَئِ َك فِي َ‬
‫ض َال ٍل ُمبِ ٍ‬ ‫سيَ ِة قُلُوبُ ُه ْم ِم ْن ِذ ْك ِر َّ ِ‬ ‫ِل ْلقَا ِ‬
‫الزمر)‬
‫ِين آ َمنُوا َّل ت ُ ْل ِه ُك ْم أ َ ْم َوالُ ُك ْم َو َّل أ َ ْو َّل ُد ُك ْم ع َْن ِذ ْك ِر َّ ِ‬
‫ّللا‬ ‫(يَا أَيُّ َها الَّذ َ‬ ‫•‬
‫ون)(‪ 9‬سورة المنافقون)‬ ‫س ُر َ‬ ‫َو َم ْن يَ ْفعَ ْل َذ ِل َك فَأُولَئِ َك ُه ُم ا ْل َخا ِ‬
‫س ُه ْم أُولَئِ َك ُه ُم‬ ‫سا ُه ْم أ َ ْنفُ َ‬ ‫ّللاَ فَأ َ ْن َ‬‫سوا َّ‬ ‫ِين نَ ُ‬ ‫( َو َّل تَكُونُوا كَالَّذ َ‬ ‫•‬
‫ون)(‪ 19‬سورة الحشر)‬ ‫سقُ َ‬ ‫ا ْلفَا ِ‬
‫ض ْنكًا َونَحْ ش ُُر ُه يَ ْو َم‬ ‫ض ع َْن ِذ ْك ِري فَ ِإ َّن لَهُ َم ِعيشَةً َ‬ ‫( َو َم ْن أَع َْر َ‬ ‫•‬
‫ع َمى)(‪ 124‬سورة طه)‬ ‫ا ْل ِقيَا َم ِة أ َ ْ‬
‫ع ُه ْم َو ِإ َذا قَا ُموا ِإلَى‬ ‫ّللا َو ُه َو َخا ِد ُ‬ ‫ُون َّ َ‬ ‫ين يُ َخا ِدع َ‬ ‫( ِإ َّن ا ْل ُمنَا ِف ِق َ‬ ‫•‬
‫ّللا إِ َّّل‬
‫ون َّ َ‬ ‫اس َو َّل يَ ْذك ُُر َ‬ ‫ون النَّ َ‬ ‫سالَى يُ َرا ُء َ‬ ‫ص َال ِة قَا ُموا ُك َ‬ ‫ال َّ‬
‫يال)(‪ 142‬سورة النساء)‬ ‫قَ ِل ً‬
‫صعَدًا)(‪ 17‬سوره الجن)‬ ‫ع َذابًا َ‬ ‫سلُ ْكهُ َ‬ ‫ض ع َْن ِذ ْك ِر َربِ ِه يَ ْ‬ ‫( َم ْن يُ ْع ِر ْ‬ ‫•‬
‫ستَحْ َو َذ َ‬
‫علَ ْي ِه ُم‬ ‫ش ْي ٍء أ َ َّل ِإنَّ ُه ْم ُه ُم ا ْلكَا ِذبُ َ‬
‫ون ا ْ‬ ‫علَى َ‬ ‫ون أَنَّ ُه ْم َ‬ ‫سب ُ َ‬
‫(ويَحْ َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ان أ َ َّل إِ َّن ِح ْز َ‬
‫ش ْي َط ِ‬
‫ب ال َّ‬ ‫ّللا أُولَئِ َك ِح ْز ُ‬ ‫ان فَأ َ ْن َ‬
‫سا ُه ْم ِذ ْك َر َّ ِ‬ ‫ش ْي َط ُ‬‫ال َّ‬
‫ون)(‪ 18:19‬سورة)‬ ‫س ُر َ‬ ‫ان ُه ُم ا ْل َخا ِ‬‫ش ْي َط ِ‬ ‫ال َّ‬

‫‪35‬‬
‫(اذلكر من حديث خْي اخللق ﷺ)‬
‫ير ‪َ ،‬ع ِن ْاأل َ ْع َم ِش ‪َ ،‬ع ْن أ َ ِبي‬ ‫س ِعي ٍد ‪َ ،‬ح َّدثَنَا َج ِر ٌ‬ ‫• َح َّدثَنَا قُت َ ْيبَةُ ب ُْن َ‬
‫َللا ﷺ ‪ِ " :‬إ َّن ِ َّلِلِ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫ح ‪َ ،‬ع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرة َ ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫صا ِل ٍ‬ ‫َ‬
‫سونَ أ َ ْه َل ال ِذّ ْك ِر ‪ ،‬فَإِ َذا َو َجدُوا قَ ْو ًما‬ ‫ق يَ ْلت َ ِم ُ‬ ‫طوفُونَ ِفي ُّ‬
‫الط ُر ِ‬ ‫َم َالئِ َكةً يَ ُ‬
‫َللا تَنَا َد ْوا ‪َ :‬هلُ ُّموا ِإلَى َحا َجتِ ُك ْم ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬فَيَ ُحفُّونَ ُه ْم ِبأ َ ْجنِ َحتِ ِه ْم‬ ‫يَ ْذ ُك ُرونَ َّ َ‬
‫اء ال ُّد ْنيَا ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬فَيَ ْسأَلُ ُه ْم َربُّ ُه ْم َو ُه َو أ َ ْعلَ ُم ِم ْن ُه ْم َما يَقُو ُل‬ ‫س َم ِ‬‫ِإلَى ال َّ‬
‫س ِبّ ُحون ََك ‪َ ،‬ويُ َك ِبّ ُرون ََك ‪َ ،‬ويَ ْح َمدُون ََك ‪،‬‬ ‫ِعبَادِي ؟ قَالُوا ‪ :‬يَقُولُونَ يُ َ‬
‫َويُ َم ِ ّجدُون ََك ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬فَيَقُو ُل ‪ :‬ه َْل َرأَ ْونِي ؟ قَا َل ‪ :‬فَيَقُولُونَ ‪َ :‬ال َو َّ ِ‬
‫َللا‬
‫ْف لَ ْو َرأ َ ْونِي ؟ قَا َل ‪ :‬يَقُولُونَ ‪ :‬لَ ْو‬ ‫َما َرأ َ ْو َك ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬فَيَقُو ُل ‪َ :‬و َكي َ‬
‫ش َّد لَ َك ت َ ْم ِجيدًا ‪َ ،‬وتَ ْح ِميدًا ‪َ ،‬وأ َ ْكث َ َر‬ ‫ش َّد لَ َك ِعبَا َدة ً ‪َ ،‬وأ َ َ‬ ‫َرأ َ ْو َك َكانُوا أَ َ‬
‫لَ َك ت َ ْسبِي ًحا ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬يَقُو ُل ‪ :‬فَ َما يَ ْسأَلُونِي ؟ قَا َل ‪ :‬يَ ْسأَلُون ََك ْال َجنَّةَ ‪،‬‬
‫ب َما‬ ‫َللا يَا َر ّ ِ‬‫قَا َل ‪ :‬يَقُو ُل ‪َ :‬وه َْل َرأ َ ْوهَا ؟ قَا َل ‪ :‬يَقُولُونَ ‪َ :‬ال ‪َ ،‬و َّ ِ‬
‫ْف لَ ْو أَنَّ ُه ْم َرأ َ ْوهَا ؟ قَا َل ‪ :‬يَقُولُونَ ‪ :‬لَ ْو‬ ‫َرأ َ ْوهَا ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬يَقُو ُل ‪ :‬فَ َكي َ‬
‫ظ َم ِفي َها‬ ‫طلَبًا ‪َ ،‬وأ َ ْع َ‬ ‫ش َّد لَ َها َ‬ ‫صا ‪َ ،‬وأ َ َ‬ ‫ش َّد َعلَ ْي َها ِح ْر ً‬ ‫أَنَّ ُه ْم َرأ َ ْوهَا َكانُوا أ َ َ‬
‫ار ‪ ،‬قَا َل ‪:‬‬ ‫َر ْغبَةً ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬فَ ِم َّم يَتَعَ َّوذُونَ ؟ قَا َل ‪ :‬يَقُولُونَ ‪ِ :‬منَ النَّ ِ‬
‫ب َما َرأ َ ْوهَا ‪،‬‬ ‫َللا يَا َر ّ ِ‬‫يَقُو ُل ‪َ :‬وه َْل َرأ َ ْوهَا ؟ قَا َل ‪ :‬يَقُولُونَ ‪َ :‬ال ‪َ ،‬و َّ ِ‬
‫ش َّد‬ ‫ْف لَ ْو َرأَ ْوهَا ؟ قَا َل ‪ :‬يَقُولُونَ ‪ :‬لَ ْو َرأ َ ْوهَا َكانُوا أ َ َ‬ ‫قَا َل ‪ :‬يَقُو ُل ‪ :‬فَ َكي َ‬
‫ش َّد لَ َها َمخَافَةً ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬فَيَقُو ُل ‪ :‬فَأ ُ ْش ِه ُد ُك ْم أ َ ِنّي قَ ْد‬ ‫ارا ‪َ ،‬وأَ َ‬ ‫ِم ْن َها فِ َر ً‬
‫ْس ِم ْن ُه ْم‬ ‫َغفَ ْرتُ لَ ُه ْم ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬يَقُو ُل ‪َ :‬ملَ ٌك ِمنَ ْال َم َالئِ َك ِة ‪ :‬فِي ِه ْم فُ َال ٌن لَي َ‬
‫س ُه ْم " ‪َ ،‬ر َواهُ‬ ‫سا ُء َال يَ ْشقَى ِب ِه ْم َج ِلي ُ‬ ‫ِإنَّ َما َجا َء ِل َحا َج ٍة ‪ ،‬قَا َل ‪ُ :‬ه ُم ْال ُجلَ َ‬
‫س َه ْي ٌل ‪َ ،‬ع ْن أ َ ِبي ِه ‪َ ،‬ع ْن‬ ‫ش ْعبَةُ ‪َ ،‬ع ِن ْاأل َ ْع َم ِش ‪َ ،‬ولَ ْم يَ ْرفَ ْعهُ ‪َ ،‬و َر َواهُ ُ‬ ‫ُ‬
‫سلَّ َم ‪.‬‬‫َللاُ َعلَ ْي ِه َو َ‬‫صلَّى َّ‬ ‫يِ َ‬ ‫أَبِي ُه َري َْرة َ ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ّ‬
‫‪36‬‬
‫ي ‪َ ،‬و ُم َح َّم ُد ب ُْن ْالعَ َال ِء ‪ ،‬قَ َ‬
‫اال ‪َ :‬ح َّدثَنَا‬ ‫َللا ب ُْن بَ َّرا ٍد ْاأل َ ْشعَ ِر ُّ‬
‫• َح َّدثَنَا َع ْب ُد َّ ِ‬
‫سا َمةَ ‪َ ،‬ع ْن بُ َر ْي ٍد ‪َ ،‬ع ْن أ َ ِبي بُ ْر َدة َ عن أبي موسى رضي هللا‬ ‫أَبُو أ ُ َ‬
‫عنه عن النبي ﷺ قال‪( :‬مثل البيت الذي يذكر هللا فيه والبيت الذي‬
‫ّل يذكر هللا فيه مثل الحي والميت)‪.‬‬
‫س ِعي ٍد‬ ‫• عن ْاألَغ ِ َّر أ َ ِبي ُم ْس ِل ٍم أَنَّهُ قَا َل أ َ ْش َه ُد َعلَى أ َ ِبي ُه َري َْرة َ َوأ َ ِبي َ‬
‫ون‬‫ي ِ ﷺ أَنَّهُ قَا َل‪َّ ( :‬ل يَ ْقعُ ُد قَ ْو ٌم يَ ْذك ُُر َ‬ ‫ش ِه َدا َعلَى النَّبِ ّ‬ ‫ي ِ أَنَّ ُه َما َ‬ ‫ْال ُخ ْد ِر ّ‬
‫الرحْ َمةُ َونَ َزلَتْ َ‬
‫علَ ْي ِه ُم‬ ‫شيَتْ ُه ُم َّ‬
‫غ ِ‬ ‫ّللا ع ََّز َو َج َّل ِإ َّّل َحفَّتْ ُه ُم ا ْل َم َالئِكَةُ َو َ‬ ‫َّ َ‬
‫ّللاُ ِفي َم ْن ِع ْن َد ُه ) صحيح مسلم‪.‬‬ ‫س ِكينَةُ َو َذك ََر ُه ُم َّ‬ ‫ال َّ‬
‫• عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال النبيﷺ ‪ :‬يقول هللا تعالى ‪:‬‬
‫( أنا عند ظن عبدي بي ‪ ،‬وأنا معه إذا ذكرني ‪ ،‬فإن ذكرني في‬
‫نفسه ذكرته في نفسي ‪ ،‬وإن ذكرني في مْل ذكرته في مْل خير‬
‫منهم ‪ ،‬وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ‪ ،‬وإن تقرب إلي‬
‫ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه‬
‫البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫وفي رواية أخري(وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى‬
‫أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر‬
‫به‪ ،‬ويده التي يبطش بها‪ ،‬ورجله التي يمشي بها‪ ،‬وإن سألني‬
‫ألعطينه‪ ،‬ولئن استعاذني ألعيذنه ) رواه البخاري‪.‬‬
‫• عن أبي أمامة رضي هللا عنه قال ‪ :‬سمعت رسول هللاﷺ يقول‪ ( :‬من‬
‫آوى إلى فراشه طاهرا يذكر اسم هللا ‪ -‬تعالى ‪ -‬حتى يدركه‬
‫النعاس لم ينقلب ساعة من الليل يسأل هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬فيها‬
‫شيئا من خير الدنيا واآلخرة إّل أعطاه هللا إياه) روى الترمذي‬
‫والطبراني‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫َللا ﷺ‪( :‬ما عمل‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫عن معاذ بن جبل رضي هللا عنه قال‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫•‬
‫آدمي عمال أنجى له من عذاب هللا من ذكر هللا) أخرجه مالك‪.‬‬
‫عن أبي الدرداء رضي هللا عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪( :‬أّل أنبئكم‬ ‫•‬
‫بخير أعمالكم و أزكاها عند مليككم و أرفعها في درجاتكم و خير‬
‫لكم من إنفاق الذهب و الورق و خير لكم من أن تلقوا عدوكم‬
‫فتضربوا أعناقهم و يضربوا أعناقكم ؟قالوا ‪ :‬بلى يا رسول هللا‬
‫قال ‪ " :‬ذكر هللا ") ( صحيح )‪.‬‬
‫ار َك‬ ‫ّللاُ تَبَ َ‬ ‫َللا ﷺ‪ ( :‬يَقُو ُل َّ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫َع ْن أَن َِس ب ِْن َما ِلكٍ قَا َل ‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫•‬
‫َوتَعَالَى ‪ :‬أ َ ْخ ِر ُجوا ِم َن النَّ ِار َم ْن َذك ََرنِي يَ ْو ًما ‪ ،‬أ َ ْو َخافَنِي فِي َمقَ ٍام)‬
‫جامع الترمذي‪.‬‬
‫(أل َ ْن أ َ ْقعُ َد َم َع قَ ْو ٍم‬
‫َللا ﷺ‪َ :‬‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫ع ْن أَن َِس ب ِْن َما ِلكٍ ‪ ،‬قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫•‬
‫ب ِإلَ َّ‬
‫ي‬ ‫س أ َ َح ُّ‬ ‫ص َال ِة ا ْلغَدَا ِة‪َ ،‬حتَّى ت َ ْطلُ َع الش َّْم ُ‬‫ّللا تَعَالَى ِم ْن َ‬ ‫يَ ْذك ُُر َ‬
‫ون َّ َ‬
‫س َما ِعي َل ‪َ ،‬و َأل َ ْن أَ ْقعُ َد َم َع قَ ْو ٍم‬ ‫ق أ َ ْربَعَةً ِم ْن َولَ ِد ِإ ْ‬‫ِم ْن أ َ ْن أ َ ْع ِت َ‬
‫ي‬ ‫ب إِلَ َّ‬ ‫س ‪ :‬أ َ َح ُّ‬‫ب الش َّْم ُ‬ ‫ص َال ِة ا ْلعَص ِْر إِلَى أ َ ْن ت َ ْغ ُر َ‬
‫ّللا ِم ْن َ‬‫ون َّ َ‬ ‫يَ ْذك ُُر َ‬
‫ق أ َ ْربَعَةً) أخرج أبو داود في سننه ‪ /‬حسنه األلباني‪.‬‬ ‫َم ْن أ َ ْن أ َ ْعتِ َ‬
‫عن أبو هريرة قال‪ :‬سمعت رسول هللا ﷺ وهو يقول‪( :‬الدنيا‬ ‫•‬
‫ملعونة‪ .‬ملعون مافيها‪ ،‬إّل ذكر هللا وما واّله‪ ،‬أو عالما أو‬
‫متعلما) ‪ 4112‬كتاب الزهد أبن ماجة‪.‬‬
‫عن جابر عن النبي ﷺ قال ‪ ( :‬إذا دخل الرجل بيته أو أوى إلى‬ ‫•‬
‫فراشه ابتدره ملك وشيطان فقال الملك اختم بخير وقال الشيطان‬
‫اختم بشر فان حمد هللا وذكره أطرده وبات يكأله(في رواية فإن ذكر‬
‫هللا طرد الملك الشيطان ‪ ،‬وظل يكلؤه) فإذا استيقظ ابتدره ملك وشيطان‬
‫فقاّل مثله (في رواية قال الملك ‪ :‬افتح بخير وقال الشيطان ‪ :‬افتح بشر) فإن‬
‫ذكر هللا وقال الحمد هلل الذي رد إلي نفسي بعد موتها ولم يمتها‬
‫‪38‬‬
‫ض أ َ ْن ت َ ُزوال‬
‫ت َو ْاأل َ ْر َ‬
‫س َم َاوا ِ‬ ‫في منامها الحمد هلل الذي (يُ ْم ِسكُ ال َّ‬
‫س َك ُه َما ِم ْن أ َ َح ٍد ِم ْن بَ ْع ِد ِه ِإنَّهُ َكانَ َح ِليما ً َغفُورا ً)‬
‫َولَئِ ْن زَ الَتَا ِإ ْن أ َ ْم َ‬
‫(سورة فاطر‪)41:‬‬
‫س َما َء أَ ْن تَقَ َع َعلَى ْاأل َ ْر ِ‬
‫ض ِإ َّال ِبإِ ْذ ِن ِه ِإ َّن‬ ‫الحمد هلل الذي ( َيُ ْم ِسكُ ال َّ‬
‫وف َر ِحي ٌم) (سورة الحج‪)65:‬‬ ‫اس لَ َرؤُ ٌ‬ ‫َللا بِالنَّ ِ‬
‫َّ َ‬
‫ش ْيءٍ قَدِير)فإن مات‬ ‫لِل الَّذِي يُ ْح ِيي ْال َم ْوتَى َو ُه َو َعلَى ُك ِّل َ‬‫( ْال َح ْم ُد ِ َّ ِ‬
‫مات شهيدا (في رواية فإن وقع من سريره فمات دخل الجنة) وإن قام‬
‫فصلى صلى في فضائل) أخرجه البخاري في األدب المفرد ص‪543‬‬
‫• عن ثوبان قال لما نزلت (والذين يكنزون الذهب والفضة) قال كنا‬
‫مع النبي ﷺ في بعض أسفاره فقال بعض أصحابه أنزل في الذهب‬
‫والفضة ما أنزل لو علمنا أي المال خير فنتخذه فقال‪( :‬أفضله‬
‫لسان ذاكر وقلب شاكر وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه) أخرجه‬
‫أحمد وابن ماجه‬
‫اف بِا ْلبَ ْي ِ‬
‫ت‬ ‫َللا ﷺ‪ ( :‬إِنَّ َما ُج ِع َل ال َّ‬
‫ط َو ُ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫ت‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫شةَ‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫• َع ْن َعائِ َ‬
‫ّللا ) اخرجه أبو داود‬ ‫ي ا ْل ِج َم ِار ِ ِإلقَا َم ِة ِذ ْك ِر َّ ِ‬
‫صفَا َوا ْل َم ْر َو ِة َو َر ْم ُ‬
‫َوبَ ْي َن ال َّ‬
‫الترمذي‪.‬‬
‫• عن نبيشة الهذلي قال ‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪( :‬إنا كنا نهيناكم عن‬
‫لحومها أن تأكلوها فوق ثالث ‪ ،‬لكي تسعكم ‪ ،‬جاء هللا بالسعة ‪،‬‬
‫فكلوا ‪ ،‬وادخروا ‪ ،‬واتجروا ‪ ،‬أّل وإن هذه األيام أيام أكل وشرب‬
‫‪ ،‬وذكر هللا عز وجل) أخرجه أبو داود‪.‬‬
‫• وعن ابن عباس ‪ -‬رضي هللا عنهما ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬
‫(الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ‪ ،‬فإذا ذكر هللا خنس ‪ ،‬وإذا غفل‬
‫وسوس ) رواه البخاري‪.‬‬
‫• عــن أبـي هـريـرة رضـي هللا عنـه قال‪:‬‬
‫‪39‬‬
‫• قـال رسول هللا ﷺ‪ّ( :‬ل وضـوء لـمـن لم يـذكـر اسم هللا عليـه)‬
‫خرجه أحمد ‪ ،‬وأبو داود ‪ ،‬وابن ماجه‪ ،‬والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن‬
‫الكبرى‪.‬‬
‫• عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪ّ( :‬ل صالة لمن ّل وضوء‬
‫له‪ ،‬وّل وضوء لمن لم يذكر اسم هللا تعالى عليه) أخرجه أبو داود‪.‬‬
‫• عن حذيفة قال كنا إذا حضرنا مع النبي ﷺ طعاما لم نضع أيدينا‬
‫حتى يبدأ رسول هللا ﷺ فيضع يده وإنا حضرنا معه مرة طعاما‬
‫فجاءت جارية كأنها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ‬
‫رسول هللا ﷺ بيدها ثم جاء أعرابي كأنما يدفع فأخذ بيده فقال‬
‫رسول هللا ﷺ‪( :‬إن الشيطان يستحل الطعام أن ّل يذكر اسم هللا‬
‫عليه) وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها فجاء بهذا‬
‫األعرابي ليستحل به فأخذت بيده والذي نفسي بيده إن يده في يدي‬
‫مع يدها سنن أبي داود‪ -‬األطعمة‪.‬‬
‫• عن أم المؤمنين عائشة رضي هللا عنها‪ :‬أن رسول هللا قال ﷺ‪:‬‬
‫(إذا أكل أحدكم فليذكر اسم هللا تعالى‪ ،‬فإن نسي أن يذكر اسم هللا‬
‫تعالى في أوله‪ ،‬فليقل‪ :‬بسم هللا أوله وآخره) رواه أبو داود والترمذي‬
‫وابن ماجه‪ ،‬والنسائي في الكبرى والحاكم‪.‬‬
‫• عن جابر بن عبد هللا أنه سمع النبي ﷺ يقول‪( :‬إذا دخل الرجل‬
‫بيته فذكر هللا عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان ّل مبيت لكم‬
‫وّل عشاء وإذا دخل فلم يذكر هللا عند دخوله قال الشيطان أدركتم‬
‫المبيت وإذا لم يذكر هللا عند طعامه قال أدركتم المبيت والعشاء)‬
‫صحيح مسلم‪ -‬األشربة‪ /‬سنن أبي داود‪ -‬األطعمة‪.‬‬
‫• عن أبي هريرة رضي هللا عنه عن النبي ﷺ قال ‪( :‬سبعة يظلهم هللا في‬
‫ظله يوم ّل ظل إّل ظله ‪ ،‬إمام عادل وشاب نشأ في عبادة هللا ‪،‬‬
‫‪40‬‬
‫ورجل قلبه معلق بالمساجد ‪ ،‬ورجالن تحابا في هللا اجتمعا عليه‬
‫وتفرقا عليه ‪ ،‬ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني‬
‫أخاف هللا ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى ّل تعلم شماله ما‬
‫تنفق يمينه ‪ ،‬ورجل ذكر هللا خاليا ً ففاضت عيناه ) متفق عليه‬
‫• عن أبي بن كعب ‪ -‬رضي هللا تعالى عنه‪ -‬قال‪ :‬كان رسول هللاﷺ إذا‬
‫ذهب ثلث الليل قام‪ ،‬فقال‪ :‬يا أيها الناس‪ ،‬اذكروا هللا‪ ،‬جاءت‬
‫الراجفة تتبعها الرادفة‪)...‬‬
‫ف ْاأل َ ْر ُ‬
‫ض‬ ‫(جاءت الراجفة) المقصود بها النفخة األولى (يَ ْو َم ت َ ْر ُج ُ‬
‫ت ا ْل ِجبَا ُل َك ِثيبًا َّم ِه ً‬
‫يال )المزمل‪.14 :‬‬ ‫َوا ْل ِجبَا ُل َوكَانَ ِ‬
‫(تتبعها الرادفة) وهي النفخة الثانية تكون رديفة لها‪ ،‬وبها يحصل‬
‫البعث والنشور يوم القيامة‪.‬‬
‫ْ‬
‫فعثرت دابَّهٌ‪,‬‬ ‫يِ ﷺ‬
‫رديف النب ّ‬
‫َ‬ ‫يح عن رج ٍل قال‪ :‬كنتُ‬ ‫• عن أبي الم ِل ِ‬
‫الشيطان! فإنَّك إذا‬
‫ُ‬ ‫س‬‫الشيطان ! فقال‪ّ( :‬ل تقُ ْل‪ :‬ت َ ِع َ‬
‫ُ‬ ‫فقلتُ ‪ ,‬ت َ ِع َ‬
‫س‬
‫ت ويقو ُل‪{ :‬صرعته} بقُوتي‪,‬‬ ‫َ‬
‫يكون مث َل البي ِ‬ ‫ذلك‪ ,‬تعا َظ َم حتى‬ ‫قُ ْلتَ َ‬
‫َ‬
‫يكون مث َل‬ ‫صا َ‬
‫غ َر حتى‬ ‫بسم هللا‪ ,‬فإنَّ َك إذا ق ْلتَ َذ ِل َك ت َ‬
‫ولكن ق ْل‪ِ ":‬‬ ‫ْ‬
‫ب) رواه أبو داود‪.‬‬ ‫الذُّبا ِ‬
‫• عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪ ،‬قال‪ :‬سمعت رسول هللا ﷺ يقول‪:‬‬
‫(من ذكر هللا تعالى أول وضوئه طهر جسده كله‪ ،‬وإذا لم يذكر‬
‫اسم هللا لم يطهر منه إّل موضع الوضوء ) أخرجه رزين‪.‬‬
‫• عن وحشي بن حرب رضي هللا عنه أن أصحاب رسول هللا ﷺ‬
‫قالوا‪ :‬يا رسول هللا إنا نأكل وال نشبع؟ قال‪( :‬فلعلكم تفترقون)‬
‫قالوا‪ :‬نعم قال (فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم هللا يبارك لكم‬
‫فيه) رواه أبو داود‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫عن عمر بن أبي سلمة يقول كنت غالما في حجر رسول هللا‬ ‫•‬
‫وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلمﷺ‪( :‬يا غالم سم هللا وكل بيمينك وكل مما يليك فما زالت تلك‬
‫طعمتي بعد)أخرجه الخمسه‪.‬‬
‫عن عمرو بن عبسة قال قال رسول هللا ﷺ ‪( :‬من بنى مسجدا ً‬ ‫•‬
‫يذكر هللا فيه بنى هللا له بيتا ً في الجنة) أخرجه أحمد والنسائي‬
‫عن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪:‬‬ ‫•‬
‫(أمرني ربي بتسع ‪ :‬خشية هللا في السر والعالنية ‪ ،‬وكلمة العدل‬
‫في الغضب والرضى ‪ ،‬والقصد في الفقر والغنى ‪ ،‬وأن أصل من‬
‫قطعني ‪ ،‬وأعطي من حرمني ‪ ،‬وأعفو عمن ظلمني ‪ ،‬وأن يكون‬
‫صمتي فكرا ‪ ،‬ونطقي ذكرا ‪ ،‬ونظري عبرة ‪ ،‬وآمر بالعرف)‬
‫وعن أم حبيبة ‪ -‬رضي هللا عنها ‪ ، -‬قالت ‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪ ( :‬كل‬ ‫•‬
‫كالم ابن آدم عليه ّل له ‪ ،‬إّل أمر بمعروف ‪ ،‬أو نهي عن منكر ‪،‬‬
‫أو ذكر هللا )رواه الترمذي وابن ماجه‬
‫عن ابن عمر عن النبي ﷺ ‪ّ( :‬ل تكثروا الكالم بغير ذكر هللا فإن‬ ‫•‬
‫كثرة الكالم بغير ذكر هللا قسوة للقلب وإن أبعد الناس من هللا‬
‫القلب القاسي) سنن الترمذي –الزهد‬
‫عن عبد هللا بن عمر ‪ -‬رضي هللا عنهما عن النبي ﷺ أنه كان‬ ‫•‬
‫يقول ‪ ( :‬لكل شيء صقالة ‪ ،‬وصقالة القلوب ذكر هللا ‪ ،‬وما من‬
‫شيء أنجى من عذاب هللا من ذكر هللا قالوا ‪ :‬وّل الجهاد في‬
‫سبيل هللا ؟ قال ‪ " :‬وّل أن يضرب بسيفه حتى ينقطع ) رواه البيهقي‬
‫في ‪-‬الدعوات الكبير‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫• عمر بن الخطاب رضـي هللا عنـه قال قال رسول هللا ﷺ‪ :‬قال هللا‬
‫سأَلَتِي أ َ ْع َط ْيتُهُ أ َ ْف َ‬
‫ض َل َما‬ ‫شغَلَهُ ِذ ْك ِري ع َْن َم ْ‬
‫سبحانه وتعالي‪َ ( :‬م ْن َ‬
‫ين ) رواه البخاري‪.‬‬ ‫أُع ِْطي ال َّ‬
‫سائِ ِل َ‬
‫• عن عبد هللا بن بسر رضي هللا عنه‪ ،‬قال‪( :‬لما شكا الرجل حاله قال‪:‬‬
‫ي فأخبرني بأمر‬ ‫يا رسول هللا! إن شعائر اإلسالم قد كثرت عل َّ‬
‫ث (أتمسك) به‪ ،‬قال‪ّ :‬ل يزال لسانك رطبا ً من ذكر هللا) رواه‬ ‫أتشبَّ ُ‬
‫الترمذي‪ -‬صححه األلباني‪.‬‬
‫• وفي الترمذي عن عبد هللا بن بشر أن رجال قال ‪( :‬يا رسول هللا‬
‫إن أبواب الخير كثيرة وال أستطيع القيام بكلها فأخبرني بما شئت‬
‫أتشبث به وال تكثر علي فأنسى وفي رواية ‪ :‬أن شرائع اإلسالم قد‬
‫كثرت علي وأنا كبرت فأخبرني بشئ أتشبث به قال ﷺ‪" :‬ال يزال‬
‫لسانك رطبا بذكر هللا تعالى")‬
‫• قال رسول هللا ﷺ ‪ ( :‬لو أن رجال في حجره دراهم يقسمها ‪،‬‬
‫وآخر يذكر هللا ؛ كان الذاكر هلل أفضل ) خرجه الطبراني في "األوسط"‬

‫س ُك ْم‬ ‫َللا ﷺ خ ََر َج َعلَى َح ْلقَ ٍة ِم ْن أ َ ْ‬


‫ص َحا ِب ِه ‪ ،‬فَقَا َل ‪َ ( :‬ما أَجْ لَ َ‬ ‫•‬
‫ِإ َّن َر ُ‬
‫سو َل َّ ِ‬
‫الم ‪َ ،‬و َم َّن‬ ‫س ِ‬ ‫ْل ْ‬‫علَى َما َهدَانَا ِل ِ‬ ‫ّللا َونَحْ َم ُدهُ َ‬ ‫سنَا نَ ْذك ُُر َّ َ‬‫؟ قَالُوا ‪َ :‬جلَ ْ‬
‫سنَا‬ ‫ّللا َما أَجْ لَ َ‬
‫س ُك ْم إِّل َذ ِل َك ؟ قَالُوا ‪َ :‬و َّ ِ‬ ‫آَّللُ َما أَجْ لَ َ‬
‫علَ ْينَا بِ َك ‪ ،‬قَا َل ‪َّ :‬‬ ‫َ‬
‫ستَحْ ِل ْف ُك ْم ت ُ ْه َمةً لَ ُك ْم ‪َ ،‬ولَ ِكنَّهُ أَتَانِي‬
‫ِإّل َذ ِل َك ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬أ َ َما ِإنِي لَ ْم أ َ ْ‬
‫ّللا يُبَا ِهي ِب ُك ُم ا ْل َمالئِكَةَ ) َر َواهُ‬ ‫سال ُم فَأ َ ْخبَ َرنِي أ َ َّن َّ َ‬ ‫علَ ْي ِه ال َّ‬‫ِج ْب ِري ُل َ‬
‫يح‪.‬‬
‫ص ِح ِ‬ ‫ُم ْس ِل ٌم ِفي ال َّ‬
‫• عن أنس بن مالك ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪( :‬ما‬
‫من قوم اجتمعوا يذكرون هللا‪ّ ،‬ل يريدون بذلك إّل وجهه‪ ،‬إّل‬

‫‪43‬‬
‫ناداهم مناد من السماء‪ :‬أن قوموا مغفورا لكم‪ ،‬قد بدلت سيئاتكم‬
‫حسنات)‪.‬‬
‫َللا ﷺ ‪ ،‬فَقَا َل ‪( :‬يَا أَيُّ َها‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫َع ْن َجا ِب ٍر ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬خ ََر َج َعلَ ْينَا َر ُ‬ ‫•‬
‫علَى َم َجا ِل ِس‬ ‫ف َ‬ ‫س َرايَا ِم َن ا ْل َمال ِئ َك ِة ‪ ،‬ت َ ِح ُّل َوت َ ِق ُ‬ ‫َّلل َ‬ ‫اس ‪ِ ،‬إ َّن ِ َّ ِ‬ ‫النَّ ُ‬
‫اض‬‫اض ا ْل َجنَّ ِة ‪ .‬قَالُوا ‪َ :‬و َما ِريَ ُ‬ ‫ارتَعُوا فِي ِريَ ِ‬ ‫ض ‪ ،‬فَ ْ‬ ‫الذ ْك ِر فِي األ َ ْر ِ‬ ‫ِ‬
‫الذ ْك ِر ‪ ،‬فَا ْغدُوا َو ُرو ُحوا‬ ‫س ِ‬ ‫ّللا ؟ ‪ .‬قَا َل ‪َ " :‬م َجا ِل ُ‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫ا ْل َجنَّ ِة يَا َر ُ‬
‫ب أ َ ْن يَ ْعلَ َم َم ْن ِزلَتَهُ‬‫َان يُ ِح ُّ‬ ‫س ُك ْم ‪َ ،‬م ْن ك َ‬ ‫اذك ُُروهُ بِأ َ ْنفُ ِ‬ ‫ّللا ‪َ ،‬و ْ‬ ‫فِي ِذ ْك ِر َّ ِ‬
‫س ِه )‪.‬‬ ‫ث أ َ ْن َزلَهُ ِم ْن نَ ْف ِ‬ ‫ّللا ‪ ،‬فَ ِإ َّن َّ َ‬
‫ّللا يُ ْن ِز ُل ا ْلعَ ْب َد ِم ْنهُ َح ْي ُ‬ ‫ِع ْن َد َّ ِ‬
‫قال عمر بن سعد ألبيه ‪ :‬أنت من أهل بدر ‪ ،‬وأنت ممن اختار‬ ‫•‬
‫عمر في الشورى ‪ ،‬قال ‪ :‬سمعت رسول هللا ﷺ يقول ‪( :‬خير‬
‫الرزق ما يكفي وخير الذكر الخفي)‪.‬‬
‫وأخرج ابن أبي الدنيا‪ ،‬عن أبي ذر‪ ،‬عن النبي ﷺ قال ‪( :‬ما من‬ ‫•‬
‫يوم وليلة إّل وهلل عز وجل فيه صدقة يمن بها على من يشاء من‬
‫عباده‪ ،‬وما من هللا على عبد بأفضل من أن يلهمه ذكره)‪.‬‬
‫سئل رسول هللا ﷺ‪( :‬أي العباد أفضل وأرفع درجة عند هللا يوم‬ ‫ُ‬ ‫•‬
‫القيامة؟ فقال‪“ :‬الذاكرون هللا كثيرا”‪ .‬قيل‪ :‬ومن الغازي في‬
‫سبيل هللا؟ قال‪“ :‬لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى‬
‫ينكسر ويختضب دما فإن الذاكر هلل أفضل منه درجة”)‪ .‬أخرجه‬
‫الترمذي عن أبي سعيد الخدري‪.‬‬
‫وعن أنس ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ ، -‬قال ‪ :‬قال رسول هللا ﷺ ‪"( :‬إذا‬ ‫•‬
‫مررتم برياض الجنة فارتعوا " قالوا ‪ :‬وما رياض الجنة ؟ قال ‪:‬‬
‫" حلق الذكر) رواه الترمذي ‪.‬‬
‫َللا ﷺ يَقُو ُل‪ِ ( :‬إ َّن َّ َ‬
‫ّللا‬ ‫سو َل َّ ِ‬ ‫س ِم ْعتُ َر ُ‬ ‫ارة َ ب ِْن زَ ْع َك َرة َ‪ ،‬قَا َل‪َ :‬‬ ‫ع َم َ‬‫َع ْن ُ‬ ‫•‬
‫ِي الَّذِي يَ ْذك ُُرنِي َو ُه َو ُم َال ٍ‬
‫ق‬ ‫ع ْبد َ‬‫ع ْبدِي ُك َّل َ‬ ‫ع ََّز َو َج َّل يَقُو ُل‪ِ " :‬إ َّن َ‬
‫‪44‬‬
‫ق قِ ْرنَهُ‪ ،‬إِنَّ َما يَ ْعنِي‬ ‫قِ ْرنَهُ " يَ ْعنِي‪ِ :‬ع ْن َد ال ِقتَا ِل َو َم ْعنَى قَ ْو ِل ِه َو ُه َو ُم َال ٍ‬
‫ع ِة") سنن الترمذي –‬ ‫سا َ‬ ‫ّللا فِي تِ ْل َك ال َّ‬ ‫ِع ْن َد ال ِقتَا ِل‪" :‬يَ ْعنِي أ َ ْن يَ ْذك َُر َّ َ‬
‫الدعوات‪.‬‬
‫ي ِ ﷺ ‪ ،‬أَنَّهُ َكانَ يَقُو ُل ‪ِ "( :‬إ َّن ِلك ُِل‬ ‫ع َم َر ‪َ ،‬ع ِن النَّبِ ّ‬ ‫َع ْن َع ْب ِد َّ ِ‬
‫َللا ب ِْن ُ‬ ‫•‬
‫ش ْي ٍء أ َ ْن َجى‬ ‫ّللا ‪َ ،‬و َما ِم ْن َ‬ ‫ب ِذ ْك ُر َّ ِ‬ ‫سقَالَ َة ا ْلقُلُو ِ‬ ‫سقَالَةً ‪َ ،‬و ِإ َّن ِ‬ ‫ش ْي ٍء ِ‬ ‫َ‬
‫ّللا ؟‬ ‫س ِبي ِل َّ ِ‬ ‫ّللا " ‪ ،‬قَالُوا ‪َ :‬وّل ا ْل ِج َها ُد فِي َ‬ ‫ّللا ِم ْن ِذ ْك ِر َّ ِ‬ ‫ب َّ ِ‬ ‫ع َذا ِ‬ ‫ِم ْن َ‬
‫س ْي ِف َك َحتَّى يَ ْنقَ ِط َع ") ‪.‬‬ ‫ب بِ َ‬ ‫ض ِر َ‬ ‫قَا َل ‪َ " :‬ولَ ْو أ َ ْن ت َ ْ‬
‫َللا َع َّز َو َج َّل يَقُو ُل‪ :‬أَنَا َم َع‬ ‫ي ِ ﷺ قَا َل‪ِ ( :‬إ َّن َّ َ‬ ‫َع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرة َ‪َ ،‬ع ِن النَّ ِب ّ‬ ‫•‬
‫شفَتَاهُ)رواه للبخاري‪.‬‬ ‫ت بِي َ‬ ‫َع ْبدِي ِإ َذا ُه َو َذ َك َرنِي َوت َ َح َّر َك ْ‬
‫ن معاذ بن جبل ـ رضي هللا عنه ـ أن رسول هللا ﷺ أخذ بيده‬ ‫•‬
‫وقال‪( :‬يا معاذ! وهللا إني ألحبك‪ ،‬أوصيك يا معاذ ّل ت َدع ََّن في دبر‬
‫كل صالة تقول‪ :‬اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)‬
‫رواه أبو داود‪.‬‬
‫(أي‬
‫َللا ﷺ ُّ‬ ‫سو ُل َّ ِ‬ ‫سئِ َل َر ُ‬ ‫وقد ذكر اب ُْن أَبِي ال ُّد ْنيَا حديثا ً مرسالً ان ُ‬ ‫•‬
‫از ِة َخ ْي ٌر؟‬ ‫ي ا ْل َجنَ َ‬‫َّلل ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬فَأ َ ُّ‬ ‫س ِج ِد َخ ْي ٌر ؟ قَا َل ‪ :‬أ َ ْكث َ ُر ُه ْم ِذ ْك ًرا ِ َّ ِ‬ ‫ا ْل َم ْ‬
‫ي ا ْل ِج َها ِد َخ ْي ٌر ؟ قَا َل ‪ :‬أ َ ْكث َ ُر ُه ْم‬ ‫َّلل ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬فَأ َ ُّ‬ ‫قَا َل ‪ :‬أ َ ْكث َ ُر ُه ْم ِذ ْك ًرا ِ َّ ِ‬
‫اج َخ ْي ٌر ؟ قَا َل ‪ :‬أ َ ْكث َ ُر ُه ْم ِذ ْك ًرا ِ ََّّللِ‪ ،‬قِي َل ‪:‬‬ ‫ي ا ْل ُح َّج ِ‬ ‫َّلل ‪ ،‬قَا َل ‪ :‬فَأ َ ُّ‬ ‫ِذ ْك ًرا ِ َّ ِ‬
‫ي ا ْلعُ َّوا ِد‬ ‫َّلل ‪ ،‬قِي َل ‪ :‬فَأ َ ُّ‬ ‫ِين َخ ْي ٌر ؟ قَا َل ‪ :‬أ َ ْكث َ ُر ُه ْم ِذ ْك ًرا ِ َّ ِ‬ ‫ي ا ْل ُم َجا ِهد َ‬ ‫فَأ َ ُّ‬
‫َخ ْي ٌر ؟ قَا َل ‪ :‬أ َ ْكث َ ُر ُه ْم ِذ ْك ًرا ِ ََّّللِ) البيهقي‪ -‬شعب اإليمان‪.‬‬
‫في حديث عبد هللا بن بسر قال ‪ ( :‬جاء أعرابي فقال ‪ :‬يا رسول‬ ‫•‬
‫هللا كثرت علي خالل اإلسالم وشرائعه فأخبرني بأمر جامع‬
‫يكفيني قال ‪ :‬عليك بذكر هللا تعالى قال ‪ :‬ويكفيني يا رسول هللا ؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ويفضل عنك)‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫هللا َم ْن أ َ ْ‬
‫سعَ ُد‬ ‫سو َل ِ‬ ‫يرة َ رضي هللا عنه قَا َل ‪( :‬قُ ْلتُ يَا َر ُ‬ ‫َع ْن أ َ ِبي ُه َر َ‬ ‫•‬
‫هللا ﷺ‪ :‬لَقَ ْد َظنَ ْنتُ يَا‬ ‫سو ُل ِ‬ ‫ع ِت َك يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ؟ قَا َل َر ُ‬ ‫شفَا َ‬
‫اس ِب َ‬ ‫النَّ ِ‬
‫ث أ َ َح ٌد أ َ َّو َل ِم ْن َك ِلما َرأَيْتُ‬ ‫سأَلَني ع َْن ه َذا ا ْل َح ِديِ ِ‬ ‫أَبَا ُه َر ْي َرةَ أ َ ْن ّل يَ ْ‬
‫عتِي يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة َم ْن‬
‫شفَا َ‬ ‫اس ِب َ‬ ‫سعَ ُد النَّ ِ‬ ‫ث ‪ :‬أَ ْ‬ ‫علَى ا ْل َحدِي ِ‬ ‫ِم ْن ِح ْر ِص َك َ‬
‫س ِه) اخرجه البخاري‪.‬‬ ‫صا ً ِم ْن قَ ْل ِب ِه أ َ ْو نَ ْف ِ‬ ‫قَا َل ‪ّ :‬ل ِإلهَ ِإّلَّ هللاُ َخا ِل َ‬
‫عن معاذ بن جبل عن النبي ﷺ قال‪( :‬ما من مسلم يبيت على ذكر‬ ‫•‬
‫طاهرا فيتعار من الليل فيسأل هللا خيرا من الدنيا واآلخرة إّل‬
‫أعطاه إياه)(قوله فيتعار‪:‬أي ينتبه) اخرجه أبو داود‪.‬‬
‫عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال ‪( :‬كان رسول هللا ﷺ يسير في‬ ‫•‬
‫طريق مكة فمر على جبل يقال له جمدان فقال‪ :‬سيروا هذا‬
‫جمدان سبق المفردون‪ ،‬قالوا‪ :‬وما المفردون يا رسول هللا؟ قال‪:‬‬
‫الذاكرون هللا كثيرا والذاكرات)‪.‬‬
‫ّللاُ _‬ ‫عن جبري َل _ علي ِه ال َّسال ُم _ قال ‪ ( :‬قا َل َّ‬ ‫َللا ﷺ ْ‬ ‫حدَّثنا رسو ُل َّ ِ‬ ‫•‬
‫من َجا َءنِي‬ ‫ّللاُ ّلَ إِلَهَ إّلَّ أَنَا ‪ ،‬فاعبدوني ‪ْ ،‬‬ ‫عز وج َّل _ ‪ :‬إنِي أَنَا َّ‬ ‫َّ‬
‫صنِي ‪ ،‬و َم ْن‬ ‫باإلخالص ؛ َد َخ َل ِح ْ‬ ‫ِ‬ ‫أن ّلَ ِإلَهَ إّلَّ َّ‬
‫ّللاُ‬ ‫ش َها َد ِة ْ‬ ‫ِم ْن ُك ْم ِب َ‬
‫الح ْل َي ِة‪.‬‬
‫عيم في ِ‬ ‫ع َذا ِبي)أخر َجهُ أبو نُ ٍ‬ ‫ص ِني أ َ ِم َن َ‬‫َد َخ َل ِح ْ‬
‫هللا ﷺ‪( :‬الغناء واللهو ينبتان النفاق في‬ ‫سو ُل ِ‬ ‫عن أنس قَا َل‪ :‬قَا َل َر ُ‬ ‫•‬
‫القلب ‪ ،‬كما ينبتُ الماء العشب ‪ ،‬والذي نفسي بيدِه إن القرآن‬
‫والذ ْكر ينبتان اإليمان في القلب كما ينبتُ الماء العشب) رواه‬
‫الديلمي‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هللا ﷺ‪( :‬ما جلس‬ ‫•‬
‫قو ٌم مجلسا يذكرون هللا إّل حفت بهم المالئكة وغشيتهم الرحمة‬
‫وذكرهم هللا فيمن عنده ) أخرجه مسلم ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫(ال َك َرامـــــــــة)‬
‫كرامات الفيض و اإللهام‪:‬‬
‫وأما عن كرامة الفيض و اإللهام للمريدين فال تسأل عن ذلك‪،‬فهي من‬
‫خصوصيات هذا الطريق و أية عظمي منآيات هللا تعالي‪.‬‬
‫فاأل ّمي يعرض الشعر الصوفي و يأتي بلمحات في التفسير وبعض‬
‫علوم الشريعة وكثيرون من أبناء الشيخ أحمد الشافعي في شتي البالد‬
‫و المحافظات ألهموا بذلك ‪،‬ولقد زاد المد و المدد والفيض و اإللهام‬
‫بفضل هللا سبحانه في هذه اآلونة األخيرة و لنترك المجال ألحد‬
‫اإلخوان الذي آثر أال يذكر إسمه بغية المزيد و الترقي قال‪:‬‬
‫قَدِمت علي شيخنا وأستاذنا العارف باهلل الشيخ صالح أحمد أبو خليل‬
‫رضي هللا عنهما من سفر ‪،‬فتلقاني بإبتسامته التي تشرح الصدور ‪،‬وبنور‬
‫محياه الذي إذا رأيته ذكرت هللا ‪،‬وأجلسني إلي جواره وسألني‪ :‬ما آخر‬
‫كتاب قرأته و أعجبك؟ فقلت‪ :‬كتاب "شاعر األولياء" وهو ترجمة‬
‫أعدها األستاذ حسن كامل الملطاوي خليفة سيدي أبي خليل عن الشيخ‬
‫علي عقل الخليلي الذي تعهده شيخنا حتي إرتجل الشعر إلهاما ً بعد أن‬
‫حاز في مراقي الطريق رضا ً و مددا ً و إنعاماً‪.‬‬
‫واستطرد شيخنا الصالح الكبير يسألني‪ :‬وما القصيدة التي أعجبتك في‬
‫هذه الترجمة؟ فأجبت‪ :‬قصيدة أتي بمطلعها أخذ المحبين عن الدنيا و‬
‫حالها وهو‪:‬‬
‫‪ -‬وسيضحك الباقون بعدك‬ ‫‪ -‬ستباشر الغبراء خدك‬
‫‪47‬‬
‫فشطر عليها األخ الشيخ علي عقل و أضفي من المعاني و الجمال ما‬
‫ألهمه هللا تعالي به ببركة شيخنا حتي فاقت العشرة أبيات‬
‫فقال شيخي‪ :‬أما تعلم أن في إخوانك من أمثال الشيخ علي عقل‬
‫الكثير؟ فقلت‪ :‬نعم‪،‬وسمعتهم ينشدون علي الذكر بالشعر إرتجاالً وأنا‬
‫في ركابكم في طنطا و نحن نحتفل بمولد سيدي احمد البدوي رضي هللا‬
‫عنه‪ ،‬وفي غير طنطا من أنحاء مصر و غيرها‪ ،‬فقال شيخي‪ :‬نعم‪،‬‬
‫ويوجد منهم اآلن واحد ضمه هذا المكان‪.‬‬
‫فتساءلت في نفسي ولم ينطق لساني ومن هو ياتري؟‬
‫فأجابني‪ :‬هو أنت ‪،‬وأنت هو‪.‬‬
‫وأشد ما كانت دهشتي حيث أنني لم أتعود كتابه الشعر من قبل وأن‬
‫هويت قراءته‪.‬‬
‫فقال شيخنا الحبيب‪ :‬هات ورقة وقلما‪ ،‬فأخرجتهما من حقيبتي‪،‬فقال‪:‬‬
‫أكتْب هنا البيت وشطر عليه كما يُله ُمك هللا وأكتب ما يوافيك من‬
‫المدد‪:‬‬
‫‪ -‬و أحفظ علي األيام عهدك‬ ‫‪ -‬إتبع رسول هللا جدك‬
‫فأمسكت بالقلم و كتبت مستفتحا بهذا الفتح العظيم و اإلستهالل‬
‫الكريم‪،‬و بعد أقل من نصف الساعة كنت علي مشارف الخمسين بيتاً‪.‬‬
‫ثم طلب عمي قراءتها فقرأت القصيدة و كان هناك بيت استعصي أن‬
‫يكمل‪ ،‬وهو مدح لشيخنا وكانت تنقصه كلمات بالقافية‪ ،‬فأدركت بنور‬

‫‪48‬‬
‫هللا أن شيخنا إمام المتواضعين و أن في هاتين الكلمتين مسالة فما أن‬
‫وصلت بالقراءة إليهما في البيت‪:‬‬
‫‪ -‬هو صالح من صالح من صالحين‪........‬‬
‫فقلت لعمي‪ :‬إن المدد لم يوافيني بالتكملة هنا؟‬
‫فأجاب شيخي الشيخ صالح الكبير قائالً‪( :‬إنما المدد يفيض ويزيد‬
‫بسر ربك)‪.‬‬
‫فلتقطت الكلمتين األخيرتين (بسر ربك) وأكملت بهما البيت فاكتمل‬
‫المعني و الوزن و القافية و زاد جماالً وكماالً فصار‪:‬‬
‫‪ -‬صالحين بسر ربك‬ ‫‪ -‬هو صالح من صالح من‬
‫وبعد الفراغ من قراءة القصيدة كلها وجه عمي لي كلمة " مبروك "‬
‫فقبلت يده وعرفت أن األسرار واألنوار وااللهام والفيض واإلكرام من‬
‫كلمة يأذن بها شيخنا إلبنه فيغرد كما تغرد الطيور على األفنان بسر‬
‫الواحد الديان‪ .‬والعجب فسبحان هللا حيث قال تعالى ‪:‬‬
‫( لهم ما يشاءون عند ربهم )‪ 34‬الزمر‪.‬‬
‫وهاتيكم القصيدة ‪:‬‬
‫واحفظ على األيام عهدك‬ ‫‪ o‬أتبـع رســول هللا جــدك‬
‫ثم ينبئ عنـــك عجـــزك‬ ‫‪ o‬اليــوم تزهو في شبابـك‬
‫ستــأكل الديــدان قــــدك‬ ‫‪ o‬مهمـــا بلغت من الجمـال‬
‫ستدفــن األيـــام علمـــك‬ ‫‪ o‬مهمـــا بلغت من العلــوم‬
‫لألفــول يصيــر بــــدرك‬ ‫‪ o‬إن كــان بدرك في تمـــام‬
‫أو بلغت كمـــال مجــــدك‬ ‫‪ o‬مهما ارتقيت من المرائب‬
‫‪49‬‬
‫مهما وصلت لغير ربـك‬ ‫‪ o‬مهمــا ارتقيت من الذرى‬
‫مـا حـــازه أبـــدا نبيـــك‬ ‫‪ّ o‬ل لن تحـوز من الرضـــا‬
‫هل امتثلـت ألمــــر ربــــك‬ ‫‪ o‬هال اتبعــــــــت نبينـــــــا‬
‫هل ياترى؟ أديــت فرضـك‬ ‫‪ o‬هال ارتضيــــت بسنتـــــه‬
‫وآيـــة هديــــــا ً لرشـــــدك‬ ‫‪ o‬هال قرأت من الكتــــــــاب‬
‫ما عـن التقـــوى يصــــدك‬ ‫‪ o‬هال هجرت من النــواهـي‬
‫عن الخطأ وحفظـت عهـــدك‬ ‫‪ o‬هل ياترى؟رمضان صمت‬
‫يه أم روضـــــت نفســـــــك‬ ‫‪ o‬هل ياترى زكيت روحك ف‬
‫الشــــافعــي إمــام قومــــك‬ ‫‪ o‬هال أقتديــــت بـــأحمـــــــد‬
‫قمرا ً ينــير طريــق هديــــك‬ ‫‪ o‬وهل أرتضيــت بنجلــــــــه‬
‫قطــب الزمــان ونــور ربـك‬ ‫‪ o‬هو غوثنـــــا وإمامنــــــــا‬
‫من صالحين بســـر ربــــك‬ ‫‪ o‬هو صالـــ ٌح مـن صالـــــحٍ‬
‫يز وصنت باّلسالم عرضك‬ ‫‪ o‬هال ذكرت اســــم العــــــز‬
‫ثـــــم هــــزالنـــور قلبـــــك‬ ‫‪ o‬هال تذوقـــــت المعــــــاني‬
‫رف والحقـــائق مـا يمـــدك‬ ‫‪ o‬هال نهلـــــت من المعــــــا‬
‫في الحنايــا ؟ هــل أمــــدك؟‬ ‫‪ o‬هال أضــاء سنــا الحقيقــة‬
‫عرفت معنى الحـــب عنــدك‬ ‫‪ o‬هال من الحــــب الكبــــــير‬
‫ق حتــى هـــاج وجـــــــدك‬ ‫‪ o‬ثم ارتويــت بخمرة العشـا‬
‫فـــأزهرت أشـــــواك وردك‬ ‫‪ o‬هال مـن الذكـــــر انتشيت‬
‫ـؤاد فـــــزاد أ ُنســـــــــــــك‬ ‫‪ o‬فتعطـرت آفــاق مملكة الفـ‬
‫قت المعـاني بــين جنبــــك‬ ‫‪ o‬أم هل مــن التوحيد أشـــــر‬
‫بيب البيان وفـاض بحــرك‬ ‫‪ o‬فترى وقـــد هطلـــــت شــآ‬
‫ل وصغت درا ً فيه نظمـــك‬ ‫‪ o‬وغــدوت مـــــداح الجمــــا‬
‫لك تنطــق األخبــار عندك‬ ‫‪ o‬وبترجمــان لســــان حـــــا‬
‫‪50‬‬
‫من فيض بحر الحق ربــك‬ ‫‪ o‬مـــا العلــــــــم إّل قطـــــرة‬
‫من نــور مختـــ ٍار أمـــدك‬ ‫‪ o‬أمـــا الجمــــــال فـــــــذرة‬
‫فهـي المروءة بين أهلـــــك‬ ‫‪ o‬أمـــا الفتــــوة للفتـــــــى‬
‫ت تحمـــل األيـــام بعـــــدك‬ ‫‪ o‬إن المـــروءة ذكـــريـــــا‬
‫فيــع فـ ِورده قـــرآن ربــــك‬ ‫‪ o‬فـــإنـــهل من األدب الـــر‬
‫علَمـا ً يرفرف فــوق علمـــك‬ ‫َ‬ ‫‪ o‬أدب النبـــــوة خلــــــــــه‬
‫وانقشه في صفحـات قلبــك‬ ‫‪ o‬واحفظ لشـــيخك نُصحــــه‬
‫يطــول بالبركـــات عمــــرك‬ ‫‪ o‬واعمل بما يرضي اإللــــه‬
‫سجل مع الرحمــن عهــــدك‬ ‫‪ o‬وإذا اتبعـــت طريقنـــــــــا‬
‫فينــير فــي الظلمـات قــبرك‬ ‫‪ o‬كي يرضى عنــك المصطفى‬
‫دنيــــــا تــروح وّل تمــــدك‬ ‫‪ّ o‬ل تركنـــــن أبــــــدا ً إلـــــى‬
‫والفنـــــاء فثـــب لرشــــدك‬ ‫‪ o‬دنيـــا الدنايــــا والخطايــــا‬
‫ـــق تحتقـــــرن نفســـــــــك‬ ‫‪ o‬وانظـر إليهــا نظرة التحقيـ‬
‫مرت علــى أجفــان عينــــك‬ ‫‪ o‬ما العمــــــر إّل غفـــــــوة‬
‫ّل شــــئ إّل أن تغــــــــــرك‬ ‫‪ o‬دنيــا الغــــــرور مآلهــــــا‬
‫ــك وكـن علـى ندم لذنبـــــك‬ ‫‪ o‬فـــاحذر إذا ضحكت إليــــ‬
‫والمــر يبدأ بعـــد موتـــــــك‬ ‫‪ o‬ستزول عنـــــك بحلوهــــا‬
‫كي يضحك الباكون بعـــــدك‬ ‫‪ o‬ويــروح عنــك وفاؤهـــــا‬
‫واحفظ على األيــام عهــدك‬ ‫‪ o‬فـــاتبع طريــــق خليلنـــــا‬

‫بقلم‪/‬أحد اإلخوان‬

‫‪51‬‬
‫(مقال نرشته جمهل "منرب السالم" العدد ‪ 7‬لس نه ‪ 36‬بتارخي‬
‫رجب ‪1398‬هـ ‪-‬يونيو ‪1978‬م)‬
‫ُون‬ ‫ُون َربَّ ُهم بِا ْلغَدَا ِة َوا ْلعَ ِ‬
‫شي ِ يُ ِريد َ‬ ‫ِين يَ ْدع َ‬ ‫س َك َم َع الَّذ َ‬‫صبِ ْر نَ ْف َ‬‫(وا ْ‬ ‫َ‬
‫ع ْن ُه ْم ت ُ ِري ُد ِزينَةَ ا ْل َ‬
‫حيَا ِة ال ُّد ْنيَا ۖ)من اآلية‪ 28‬الكهف‬ ‫ع ْينَ َ‬
‫اك َ‬ ‫َوجْ َههُ ۖ َو َّل ت َ ْع ُد َ‬
‫هذا هو منهجه وتلك هي غايته محبة هللا في جالله ومحبة لألنبياء‬
‫جميعا ً ومحبة للبشر كافية ومحبة للخير علي تعدد ألوانه وصوره‬
‫مساعدة عليه بالنفس والمال ودفع لألذي عن كل روح أيا كان لونه أو‬
‫موطنها‪.‬‬
‫أحب هللا فأحبه هللا وأفاض عليه من نوره فغدا من الصالحين الخالدين‬
‫الذين أحالو الوجوه إلي محارب للعبادة و للطاعة وعطروا الدنيا‬
‫بالصفاء والمحبة و الطاعة وجعلوا حياتهم منائر ومنابر تهتف‬
‫بالرحمة وتتطلع في شوق ولهفة إلي الجمال األسمي والكمال األعلي‬
‫والقدسي الذي يترقرق حوله نور العزيز الرحيم‪.‬‬
‫ذلك هو سيدي محمد محمد أبوخليل الكبير الذي ينتسب إلي الدوحة‬
‫الحسينية ‪ ،‬حيث يرتفع نسبه وجده األكبر إلي األمام جعفر الصادق بن‬
‫سيدي محمد الباقر إبن سيدي علي زين العابدين بن موالنا الحسين‪-‬‬
‫رضي هللا عنه‪-‬وجدة شيخنا السيدة الشريفة(خضرة) وكانت من قبيلة بني‬
‫سليم الهاشمية من سادة العرب األشراف الذين قطنوا ناحية سنورس‬
‫من أعمال الفيوم‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫وقد هاجر أجداده من بالد الحجاز إلي اليمن ثم إلي العراق ثم تركيا ثم‬
‫إلي مصر‪.‬‬
‫و والده الشيخ محمد أبو خليل الكائن ضريحة بالزقازيق وأمه‬
‫السيدة(ست أبوها) البازية فكانت فقيهة في دينها عارفة بربها تجيد‬
‫حفظ القرأن الكريم‪ ،‬فصيحة البيان غزيرة العلم في الفقه والسيرة و‬
‫الحديث والتوحيد والتصوف‪.‬‬
‫في هذا النور عاش شيخنا وشرب من ينابيع اإليمان وارتوي فؤاده‬
‫منه فعشق الرحمن‪.‬‬
‫مولده ونشأته‪:‬‬
‫ولد رضي هللا عنه عام ‪ 1883‬في كفر النحال بالزقازيق – شرقية فشب‬
‫في نور التوحيد واإليمان وفي لسانه كلمات القرآن وفي روحه حرية‬
‫اإلسالم وفي قلبه شجاعة المؤمن وعطف المحسن‪.‬‬
‫وتلقته اكف الرحمة و الحنان في بيت صوفي فأقام فيه حلقات العلم‬
‫والذكر ‪،‬فلم يسمع إال كلمات التوحيد و ذكر الرحمن والصالة علي‬
‫النبي العدنان ووجد في والديه اإليمان و األمان‪ ،‬وتعلم القرآن علي يد‬
‫استاذه الشيخ عبد الصمد الذي يقول عن طفولته‪ :‬كنت إذا هممت‬
‫بضرب تلميذي محمد محمد أبوخليل الكبير إذا تأخر عن واجب‬
‫عجزت يدي وكأنها قد أصابها الشلل‪ ،‬فال أستطيع ضربه ‪.‬‬
‫وبعد أن أتم حفظ القرآن برواياته العشرين وتجويده إلتحق باألزهر‬
‫الشريف فاستزاد من ينابيع العلم والمعرفة وحصل علي الشهادة‬
‫العالمية ‪،‬فلم يرسب سنة واحدة في دراسته ‪ ،‬واشتغل بالتدريس‬
‫باألزهر وحصل علي المزيد من ألوان العلوم و الفنون من حلقات‬
‫‪53‬‬
‫العلم التي كان يعقدها و المناقشات التي كانت تدور فيها قكثرت‬
‫تأمالته في ملكوت هللا فجزبه الحب اإللهي فإذداد شوقا ً للذات العليه و‬
‫نسائم اإليمان التي تحمل عطر الجنة إلي القلب المتلهف الظامئ إلي‬
‫الجمال األسمي فترك التدريس ونشد الخلوة بعد وفاة والده‪.‬‬
‫خلواتـــــــه‪:‬‬
‫مع جمال الخلوة و الجلوة والنعيم والسرور ولذة العيش في رحاب‬
‫الرحمان قضي شيخنا ست سنوات و تسعة شهور في خلوتة في بلدة‬
‫بمركز بلبيس محافظة الشرقية ‪،‬عاكفا ً هلل ال يجتمع بأحد معتزالً جميع‬
‫الناس وهائما ً في حب الل تعالي ورسوله ﷺ ‪،‬قكان يسمع لغة الطيور‬
‫و النباتات واألشجار فيعرفها و يأنس بها‪.‬‬
‫وقضي مدة كبيرة تقرب الشهرين اليأكل وال ينام وهو هائم في حب‬
‫الرحمن ‪،‬ولما أراد هللا سبحانه وتعالي أن ينفع الناس به حبب إليه‬
‫الخروج من الخلوة وهو ال يزال في حالة الجذب و الوجد ‪،‬ويعد أن‬
‫خرج إنطلق لسانه بالعلوم المفيدة فأيده الحق فبرقت له العيون‬
‫وأنفتحت له القلوب والتف حوله األحبة والمريدون فأخذ بنشر آداب‬
‫الطريقة الخليلية طريقة والده‪.‬‬
‫وأخذ يعطي العهود ويتوب علي يديه العلصي ويقرب البعيد إلي‬
‫حضرة ربه المحبوب فكان يأخذ المريد للعهد بالطاعة ولزوم الجماعة‬
‫وإتباع القرآن وسنة النبي المختار صلوات هللا عليه حتي يرضي عنه‬
‫رب العباد ‪،‬وداوم ذكر هللا ‪،‬ويأمر المريد بخدمة الفقراء والضعفاء و‬
‫المساكين علي قدر طاقته وتجنب المعاصي وإتباع المأمورات و البعد‬
‫عن المنبهات فإزداد عدد المريدين‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫من أدبــه وأقوالـــــه‪:‬‬
‫كان الحب اإللهي إلهامه ودليله ورائده ‪ ،‬فأصبحت رسالته عبادة‬
‫ومحبة وقد صبغ الوجود بحبه من شدة الوجد وحرقة الشوق للمحبوب‬
‫األعلي فنظم القصائد ‪،‬وها هو يقول مناجيا ً محبوبه األعظم‪:‬‬
‫‪ o‬ياحبيب الروح إني في محبتكم أغني‬
‫يـاحبيبي زاد ذلي فاكشف األغيار عني‬
‫‪ o‬لم أّلحظ غير ربي قد جعلت العشق حصني‬
‫اعذروني في هواه واحملوا األنواء عني‬
‫‪ o‬وصلة الرحمن روضي وشهود األنس فني‬
‫إن سألت الناس أحجب إن سألت هللا يغني‬
‫‪ o‬إن سألت هللا أسمو في الهوي فاهلل مغني‬
‫ياإلهي زاد حزني قـــد تذارف دمـع عيني‬
‫‪ o‬في هواكم قد رقبتم ولكم إني أغني‬
‫قــد فقهنا العلــــم منكم و المعالي الهبتني‬
‫وله قصائد أخري في مدح الرسول ﷺ والمعراج و التقوي واألسماء‬
‫الحسني وغيرها كلها تفيض بالحب و الشوق للمحب األعظم ورسوله‬
‫الكريم ‪.‬‬
‫ويقول في الزهد‪( :‬ليس الزاهد من زهدته الدنيا ‪ ،‬إنما الزاهد من‬
‫َملَك فزهد) وقوله‪ّ( :‬لتفرح بموجود في الدنيا ‪،‬وّل تأسف علي مفقود‬
‫فيها) وقوله‪( :‬إذا تحقق زهد العارفين في الكونين وغاب عن حظه‬
‫مأموله وما ترجوه نفسه في الدارين أشرقت عليه أنوار اإليمان‬
‫ودخل في حضرة الرحمن)‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫ويقول عن طريقته وصوفيته‪:‬‬
‫سبيلي إلي ربي خروجي عن السوي و البقاء معه ‪،‬وال يصفو‬
‫الصوفي مقام في العبودية حتي تكون أفعاله محررة من الرياء‬
‫وأحواله كلها دعاء ‪ ،‬إذا أراد هللا بعب ٍد خيرا ً رزقه التوفيق وأدخله مقام‬
‫التشويق وسهل عليه سبل الخير وحجبه عن المعاصي والسيئات‪.‬‬
‫سئل شيخنا رضي هللا عنه عن الذكر فقال‪ :‬هو طرد الغفلة والبعد عن‬‫و ُ‬
‫المعاصي ‪،‬وله مرتبتان‪ :‬األولي ذكر اللسان و الثانية ذكر الجنان‪،‬وله‬
‫دليل في الكتاب و السنة والبد من ذكر اللسان حتي يصل إلي ذكر‬
‫الجنان‪.‬‬
‫من كراماتـــــه‪:‬‬
‫الكرامة‪ :‬هبة من هللا لمن أحبه وغمره بنوره في مرحلة الفناء الكامل‬
‫و وصول النفس إلي مرتبة شهود الحق بالحق و إنكشاف و وضوح‬
‫العوالم و األسرار الربانية‪.‬‬
‫وهذه المرحلة ال تُكتب وال توصف ألنها خارجة عن نطاق التصور‬
‫العقلي والتخيلي اإلنساني ‪ ،‬فهناك من يشاهد المحب بعين القلب ‪،‬‬
‫فيري ماال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر علي قلب بشر فال‬
‫عجب من عطاء ربك لعباد الرحمن‪.‬‬
‫كان الشيخ محمد محمد أبوخليل الكبير جالسا ً مع إخوانه و غذا برجل‬
‫يرتدي المالبس االفرنجية وله مسأله يريد أن يحكيها للشيخ ‪،‬فلما رأي‬
‫الشيخ وجده يرتدي أنظف المالبس فقال في نفسه أشيخ مؤنق و مهندم‬
‫بهذه الطريقة؟ فنظر إليه الشيخ وقال‪ :‬حدثتك نفسك فقلت‪ ":‬الشيخ‬
‫مؤنق ومهندم بهذه الطريقة؟‪...‬نعم اإلسالم أمر بالنظافة ولم يأمر‬
‫‪56‬‬
‫بالقذارة‪ .‬إذهب فإن مسألتك قد أنتهت ‪ ،‬واألن وصل خطاب يرجوك‬
‫إلي وظيفتك في منزلك‪،‬فدُهش الرجل ألنه لم يخبر الشيخ بمقصوده‬
‫وهذه أول مرة يقابله فيها فذهب لمنزله فوجد الخطاب قد وصل فعاد‬
‫للشيخ يقبله‪ ،‬ويقول نعم إن الكرامة حق واألولياء حق‪.‬‬
‫مــــن آداب الطــــريق‪:‬‬
‫إن التصوف عالم يذاق جماله كما يذاق خياله ‪ ،‬ثم يعجز اللسان عجز‬
‫القلم عن اإلفصاح و اإلبانة ‪ ،‬فالتصوف اشبه باللحن الموسيقي‬
‫أسراره وعجائبه في األجنحة الخطية التي تحمل الروح المنتشيه إلي‬
‫االفاق المسحورة الغامضة ‪ ،‬حتي إذا ترجم إلي حروف وكلمات رأته‬
‫العين ومرت به دون أن يخفق القلب لرنينه ‪ ،‬أو ترقص الروح‬
‫إللهامه‪ .‬من هذه الرياحين وضعت الطريقة آدبها‪:‬‬
‫• أداب املريد مع ش يخه‬
‫• أداب املريد مع نفسه‬
‫• أداب املريد مع اخوانه‬
‫منهج يفوح منه اإليمان وعطر القرآن ونور السنة هو تقويم النفس‬
‫والخلق والتعاون وحسن المعاملة في الجملة هو ُخلق اإلسالم‪.‬‬
‫وفــــــاتـــه‪:‬‬
‫وأخذ شيخنا يغترف من فيض بحر إلهي ‪ ،‬ومدد رباني يرتل ألحان‬
‫اإليمان وينشد أنشودة الحب ويرسل هتاف الطاعة و اليقين حتي‬
‫حان موعد الرحيل إلي الحبيب األعظم فاختلي الشيخ في منزله بعد‬
‫‪57‬‬
‫أن ودع إخوانه ثالثة أيام ال يأكل وأخذ يذكر هللا آناء الليل وأطراف‬
‫النهار ‪ ،‬وأمتنع عن الكالم حتي كان يوم الخميس الموافق ‪ 20‬ذو‬
‫القعدة ‪1370‬هــ‪23/‬أغسطس ‪1951‬م عند صالة الفجر تهيأ‬
‫اضيَةً‬ ‫س ا ْل ُم ْط َم ِئنَّةُ ْ‬
‫ار ِج ِعي ِإلَى َر ِب ِك َر ِ‬ ‫للصالة وقرأ ( يَا أَيَّت ُ َها النَّ ْف ُ‬
‫جنَّتِي )‪27:30‬الفجر‪.‬‬ ‫َم ْر ِضيَّةً فَا ْد ُخ ِلي فِي ِعبَادِي َوا ْد ُخ ِلي َ‬
‫وصعد السر اإللهي إلي خالقه مع الذين يحبهم هللا و يحبونه ( َذ ِل َك ُه َو‬
‫ا ْلفَ ْو ُز ا ْلعَ ِظي ُم)‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫(لكمـــة وفــــاء)‬
‫إلي العارف باهلل فضيلة األستاذ الشيخ أحمــد الشافعي محمد محمد‬
‫أبوخليل الكبير ونجلة الشيخ صالـــح أبو خليل‪.‬‬
‫أعـــــدها‪:‬‬
‫األستاذ حسن المسلمي‬
‫الر ِح ِيم‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫ِب ْس ِم َّ ِ‬
‫َللا َّ‬
‫علَ ْي ِه ُم ا ْل َم َالئِكَةُ أ َ َّّل ت َ َخافُوا‬
‫ستَقَا ُموا تَتَنَ َّز ُل َ‬ ‫ِين قَالُوا َربُّنَا َّ‬
‫ّللاُ ث ُ َّم ا ْ‬ ‫(إن الَّذ َ‬
‫َّ‬
‫ُون (‪ )30‬نَحْ ُن أ َ ْو ِليَا ُؤ ُك ْم‬ ‫عد َ‬ ‫ش ُروا ِبا ْل َجنَّ ِة الَّ ِتي ُك ْنت ُ ْم تُو َ‬ ‫َو َّل تَحْ َزنُوا َوأ َ ْب ِ‬
‫س ُك ْم َولَ ُك ْم فِي َها‬ ‫شت َ ِهي أ َ ْنفُ ُ‬ ‫فِي ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َوفِي ْاآل ِخ َر ِة َولَ ُك ْم فِي َها َما ت َ ْ‬
‫س ُن قَ ْو ًّل ِم َّم ْن‬ ‫ور َر ِح ٍيم (‪َ )32‬و َم ْن أَحْ َ‬ ‫غفُ ٍ‬ ‫ُون (‪ )31‬نُ ُز ًّل ِم ْن َ‬ ‫َما ت َ َّدع َ‬
‫ين)‪ 30:33‬فصلت‬ ‫س ِل ِم َ‬ ‫صا ِل ًحا َوقَا َل ِإنَّنِي ِم َن ا ْل ُم ْ‬ ‫ّللا َوع َِم َل َ‬ ‫َدعَا ِإلَى َّ ِ‬
‫صدق هللا العظيم‬
‫الر ِح ِيم والصالة والسالم علي سيد األنبياء والمرسلين‬
‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫بِ ْس ِم َّ ِ‬
‫َللا َّ‬
‫قائد الغر المحجلين وإمام الصوفية والمتقين سيدنا وإمامنا وقائدنا يوم‬
‫الحشر إلي الطريق المستقيم محمد بن عبد هللا وعلي آله وصحبه‬
‫شموس الهداية الربانية الذين أنار هللا بهم طريق الهداية للمهتدين‬
‫وعلي طريقهم سار من ُهدي إلي الطريق القويم وعلي قدر هديهم‬
‫استبان الطريق أمام المتقين فإلي هذا السلف الصالح وإلي كل من‬
‫سمت روحه وعاش مع هللا‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫إلي من عرفوا الحياة وأيقنوا أن حاللها حساب وحرامها عقاب إلي‬
‫من تطهرت قلوبهم بذكر هللا فأنار هللا طريقهم ‪ ،‬إلي كل مؤمن عاش‬
‫علي نور التوحيد والهداية ‪ ،‬إلي النفوس المطمئنة بتسليم األمر‬
‫لصاحب األمر إلي هللا ‪ ،‬إلي من مأل اإليمان قلوبهم وهدوا إلي طريق‬
‫الصوفية العصماء إلي كل موحد باهلل ذاكرا ً بذاته شاكرا ً لنعماه ‪ ،‬إلي‬
‫كل عبد أسلم قياده للمالك الديان و صفت عبوديته هلل ‪ ،‬إلي إلي من‬
‫جعلوا من الدنيا غرسا ً لآلخرة فأحسنوا العمل فطوبي لهم و ُحسن مآب‬
‫إلي روح العارف باهلل فضيلة الشيخ أحمد الشافعي محمد محمد‬
‫أبوخليل الكبير وإلي نجلة الشيخ صالـــح أحمد أبو خليل‪.‬‬
‫فضيلة الغوث الجليل أحمد الشافعي أبوخليل‬
‫حياته رضي هللا عنه‬ ‫من‬

‫ليس بمستطاعي أن أسجل كل تاريخ فضيلة العارف باهلل االستاذ‬


‫الشيخ أحمد الشافعي محمد محمد أبوخليل الكبير رضي هللا عنه كما أنه‬
‫ليس بمستطاع احد أن يسجل كل تاريخه ولكمه وعد بأن تحاول‬
‫األسرة الخليلية بالغار أن تقدم لحضراتكم في العدد القادم بمشيئة هللا‬
‫تكملة في مساحة أكبر ال تحدنا فيها طباعة وال ورق‪.‬‬
‫وهيا بنا غلي الساحة المباركة والروضة الطيبة والفيوضات اللدنية‬
‫في النظرة اإللهية لنقف علي فصول من إلهامات الشيخ الذي تحمل‬
‫مسئوليتة في البناء وتربيه األنفس واألرواح بهمة وفتوة‪.‬‬
‫يقول الشيخ‪:‬‬
‫حتي تبدي لألنام تسهدي‬ ‫وكتمت حبي عن جميع معارفي‬
‫‪60‬‬
‫هكذا حاول رضي هللا عنه ولكنه لم يستطع مداراة أحواله وشواهده فقد‬
‫غلبه الشوق وغالبه سابحا في بحور العشق والغرام عبدا ً من عباد هللا‬
‫المخلصين ويقول الشيخ ‪:‬‬
‫ُحبا ً يفتت كل صخر جلمــــد‬ ‫يا من ملك القلب ثم مــألته‬
‫إّل رضاك فجد به يا سيــدي‬ ‫صب ببابك واقف ّل يبتغــي‬
‫هكذا يقول رضي هللا عنه رغم الدرجات العالية العلية والمقامات المراقبة‬
‫المرقية واألبواب السامية التيجانية صب ببابك ثم يقول رضي هللا عنه‬
‫وارضاه‪:‬‬

‫ألقيت نفسك في الهوي فتجلد‬ ‫ياقلب ّلتشكو الصبابة بعدما‬


‫لقد جاهد الشيخ جهادا ً كبيرا ً طارقا ً قلبه كل مقام استطيع أن اقول لك‬
‫أن مقام رضي هللا عنه خشية فقط أو مقام زهد فقط أو خوف أو صمت أو‬
‫رجاء أو بكاء أو غيرها من مقامات السادة الصوفية أو التي حدث‬
‫عنها اإلمام أبي القاسم القشيري في رسالته (‪465-276‬هـ)‪.‬‬
‫ولكن شيخنا رضي هللا عنه وارضاه ماترك مقاما ً إال و طرقه وهكذا حتي‬
‫أصبح في فترة وجيزة من أكبر أعالم المشرق والمغرب وما خلفهما‬
‫و حسبك مريدوه و أتباعه في كل مكان شاهد و دليل علي صحة ما‬
‫أرويه‪.‬‬
‫ويقول رضي هللا عنه‪:‬‬
‫ووهبت روحــي للنبـي محمــد‬ ‫ضاقت بي اّلمصار حتي هجرتها‬
‫أضحت بحا ٍل ذي ضمير شارد‬ ‫فانظر إلــي تــلك النفــوس فإنهـــا‬

‫‪61‬‬
‫و يؤصل الشيخ في النفوس واألرواح منها في الطريق إلي هللا معتمدا ً‬
‫علي الحب و اإلخاء‪.‬‬
‫ومدامتي وجدي وعشقي مقصدي‬ ‫الحب ديني والصبابة مذهبي‬
‫وتسري فيوضات طبيب النفوس‪ ،‬تعالج وتصلح‪ ،‬وترشد ويتضح‬
‫المنهج التربوي في نفحات إلهاماته رضي هللا عنه فيقول محذرا ً من النفس‬
‫و الهوي‪:‬‬
‫وأحـذر تقـودك للطـريق األنكـ ِد‬ ‫إيـاك أن تعطي الغويـة طاعــة‬
‫واعصي هواها كي تفوز بسؤد ِد‬ ‫و جماحها فاكبح وخالف أمرها‬
‫ولقوة الشيخ رضي هللا عنه وصلته الشديدة الدائمة برب العزة سبحانة‬
‫وتعالي وحضرة المصطفي ﷺ تكاد تلمس كلماته و دقته في تحديد‬
‫منهجه التربوي يقول الشيخ‪:‬‬
‫أو تجن خيرا ً من سفيه معتدي‬ ‫هيهات تجني عنبرا ً من حنض ِل‬
‫فبخيــــر زاد فيــــها فتــــزود‬ ‫ما العمــر إّل ساعــةً في ليلـــة‬
‫ما أسطره هنا مجرد إشارة بسيطة وعاجلة عن منهجه فاسمح لي يا‬
‫أخي القارئ أن ننتقل إلي مشهده الرائع واآلالف التي جاءت غلي‬
‫مدينة الزقازيقلتلقي نظرة الوداع علي جثمانه الطاهر الشريف لقد‬
‫إنتقل الشيخ إلي دار الخلود بعد حياة يقف التاريخ أمامها ويقبل ثوانيها‬
‫تحية وتبجيالً لقد ترك لنا رضي هللا عنه منهجا ً تربويا ً و جامعة دينية في‬
‫آون ٍة تتطلع فيها إلي قيم تُتبَع ومثل دينية تحتذي و منارات تشرق و‬
‫تنير‪.‬‬
‫وقد تم مبايعة نجله الفاضل الشيخ‬
‫‪62‬‬
‫صالح أحمد الشافعي محمد محمد أبوخليل الكبير ‪.‬‬
‫ـمِهللاِالرحنِالرحِي ـ ـم ِ‬
‫َِ‬ ‫بِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ‬

‫‪ 34‬آل عمران‬ ‫ع ِلي ٌم)‬


‫س ِمي ٌع َ‬
‫ّللاُ َ‬
‫ض ۗ َو َّ‬ ‫(ذُ ِريَّةً بَ ْع ُ‬
‫ض َها ِمن بَ ْع ٍ‬
‫صدقِهللاِالعظيم ِ‬
‫و ارتفعت النداءات و الصيحات ( هللا أكبر )‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫(الكــــــرامــات)‬
‫الكرامات عطايا من هللا سبحانه وتعالي ألوليائه ‪ ،‬و مواهب ال تنال‬
‫بالطلب ‪،‬وليست هي المقصودة في العمل وأهل الكمال العاملين علي‬
‫النهج المستقيم والشرع القويم و السلوك المحمدي المبين في أحوالهم‬
‫و مقاماتهم ال يقصدون في عملهم نوال درجات أو عطايا إنما‬
‫مقصدهم هو هللا سبحانه و تعالي و الفناء في حبه و مطلوبهم إنما هو‬
‫رضاؤه عنهم – فإذا َم ّن هللا تعالي علي عبده الصالح بموهبة من‬
‫المواهب أو درجة من الدرجات أو كرامة من خوارق العادات ‪:‬كان‬
‫قبوله لها علي أنها عطية من المحبوب ال إنها مطلوبة فال تشغله‪.‬‬
‫ولقد كان شيخنا أبو خليل رضي هللا عنه يقول للمبتدئين ‪:‬اذكروا هللا ذكرا ً‬
‫خالصا ً لوجهه الكريم ال تقصدون منه والية وال درجة من الدرجات‬
‫وال عطية من العطايات إنما اذكروه عبادة محضة‪.‬‬
‫ق فَا ْعبُ ِد َّ َ‬
‫ّللا ُم ْخ ِل ً‬
‫صا لَهُ ال ِد َ‬
‫ين‬ ‫قال تعالي‪ِ ) :‬إنَّا أ َ ْن َز ْلنَا ِإلَ ْي َك ا ْل ِكت َ َ‬
‫اب بِا ْل َح ِ‬
‫ص)‪2:3‬الزمر ‪.‬‬ ‫ين ا ْل َخا ِل ُ‬ ‫)‪(2‬أ َ َّل ِ َّ ِ‬
‫َّلل ال ِد ُ‬
‫و الكرامة للولي معجزة للنبي – فهي تتفق مع المعجزة في أن كالً‬
‫منهما أمر خارق للعادة يظهره هللا تعالي و لكن المعجزة تختلف عن‬
‫الكرامة بأنها مقرونة بالتحدي – و الكرامة ال يتحدي بها ‪.‬‬
‫و الولي إذا أخبر بشئ فظهر فإنما أخبر به بناء علي رؤياه أو‬
‫بالفراسة أو باإللهام أو الكشف أو بالسمع او بالبصر علي أن هللا‬
‫سبحانه وتعالي يُكرم الولي من حيث ال يشعر الولي نفسه ‪ ،‬ويكشفه‬
‫علي ما يشاء أن يكشفه عليه لمصلحة عامة أو أمر ضروري يؤدي‬
‫إلصالح الحال في الدين أو الدنيا لقوم مؤمنين‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫والخالصة‪ :‬أن هذة الكرامات والدرجات إنما هي نور يرسله هللا‬
‫سبحانه وتعالي في قلوبهم فيضئ علي أرواحهم فتشهد بدارك المعرفة‬
‫ما يريد هللا تعالي أن يشهدهم إياه‪.‬‬
‫والعطايا ال تعد وال تحصي ‪ ،‬ولكن أعظم كرامة هي اإلستفامة‬
‫فإستقامة اآلالف المؤلفة علي نهج اإلسالم الصحيح من أتباع طريقتنا‬
‫الخليلية – مع ما كان فيه الكثيرون منهم من جفاء للدين و إفتتان‬
‫بزخرف الحياةو إعراض عن عبادة هللا و حرص و مثابرة علي‬
‫معصية هللا – فتابوا و أنابوا وهتفت قلوبهم و ألسنتهم بأسماء هللا حتي‬
‫غدوا في النهج من خيرة خلق هللا ‪ ،‬و ذاق الكثير منهم طعم وصال هللا‬
‫و أشعت روح الشيخ علي أرواحهم فنطق البعض منهم بفيض هللا‪.‬‬
‫ومع ذلك العطاء الرباني في الهداية و االستقامة و تحمل امانة الدعوة‬
‫إلي هللا تعالي علي بصيرة اإليمان لهذه الطريقة المباركة فلقد حبا هللا‬
‫أشياخنا بكرامات غزيرة يتعذر و يتعسر إحصاؤها وال حرج علي‬
‫فضل هللا‪.‬‬
‫ذلك فضل هللا يؤتيه من يشاء وهللا ذو الفضل العظيم‪.‬‬
‫فعلي سبيل التعريف فقط ال الحصر داللة علي فضل هللا تعالي سيذكر‬
‫بعض اإلخوان بعض نماذج منها لإلستشهاد فحسب – و إن كان كل‬
‫واحد منهم يعد كرامة كبيرة ‪ :‬هداية و إستقامة و معرفة وصلة باهلل‬
‫تعالي ‪.‬‬
‫فمن هؤالء‪ :‬االستاذ حسن المسلمي الخليفة الخليلي‪:‬الذي روي كرامة‬
‫لسيدنا الشيخ احمد الشافعي رضي هللا عنه ‪،‬حدثت ببالد الصعيد وهي‬
‫كاآلتي‪:‬‬
‫‪65‬‬
‫ففي بلدة دشلوط مركز ديروط محافظة أسيوط ‪،‬كان سيدنا الشيخ‬
‫رضوان هللا عليه كلما ذهب إلي تلك البلدة أثناء سياحته ببالد الصعيد‬
‫هدي هللا تعالي علي يديه بعضا ً من العصاة و المجرمين فتسائل زعيم‬
‫عصابة في بلدة دشلوط عن سبب امتناع بعض المجرمين عن السير‬
‫معه كما كانو من قبل فقيل له ‪ :‬يحضر شيخ من الزقازيق شرقية‬
‫إسمه الشيخ أحمد الشافعي أبو خليل فيأخذون عليه عهدا ً و يتوبون‪-‬‬
‫فقال لبعض رفاقه إن حضر إلي بلدتنا ثانيا ً أخبروني‪.‬‬
‫فلما علم الرجل بقدوم الشيخ ذهب إليه في وسط إخوانه و قال له بعد‬
‫أن ألقي السالم ‪ :‬إن غداءك عندي غدا ً أيها الشيخ – فقبل الشيخ ذلك‬
‫ووافق – فقال له اإلخوان كيف هذا ياعم؟ و هذا ماله حرام وال نامن‬
‫عليك منه إلجرامه – فقال الشيخ‪ :‬نذهب إليه بإذن هللا‪.‬‬
‫فلما كان الغد ذهب الشيخ و معه اإلخوان إلي بيت الرجل‪ -‬و كان‬
‫الرجل قد أحضر الطعام و قدمه أمام الشيخ و اإلخوان – و لكنه‬
‫خص الشيخ بأنية من النحاس مغطاه ووضع فيها قططا ً محمرة دس‬
‫فيها السم ليتخلص من الشيخ الذي جعل رجال هذا الرجل الذين‬
‫يعاونونه في إجرامه وسطوه قد انفضوا عنه و اهتدوا‪.‬‬
‫فلما كشف الشيخ غطاء اآلنية ظن ان ما بداخلها أرانب وكان‬
‫رضي هللا عنه‬

‫ال يميل ألكلها فأراد أن يقول للرجل خذ هذة األرانب فإني ال أحبها –‬
‫ولكن لسان الشيخ نطق غير ذلك قائالً خذ هذة القطط المسمومة فأراد‬
‫الشيخ أن يكرر بلفظ اإلرانب و لكن لسانه نطق بالقطط المسمومة‬
‫مرات فتحفظ اإلخوان عليها و أحضروا ضابط نقطة بوليس البلدة‬
‫الذي احضر طبيب الوحدة الصحية – فقطع الطبيب قطعة منها وقذفها‬

‫‪66‬‬
‫لكلب فمات لتوه – فعلم الطبيب أنها قطط مسمومة و أخذ العهد علي‬
‫سيدي الشيخ هو و الضابط‪.‬‬
‫و أراد الضابط أن يقبض علي صاحب البيت بتهمة الشروع في قتل و‬
‫لكن الشيخ رضوان هللا عليه أصر علي تركه ألدب أحباب هللا فمرض‬
‫الرجل شهرا ً والزم فراشه‪.‬‬
‫و بعدها حضر إلي الزقازيق و تاب علي يد الشيخ رضي هللا عنه و أخذ‬
‫القبضة عليه و حسنت إنابته‪.‬‬
‫وأترك لحضراتكم التعليق منتقالً إلي كرامة ثانية وهي هذا السرادق‬
‫في االحتفال الديني الكبير والذي أُقيم بمناسبة زيارة فضيلة الشيخ‬
‫رضي هللا عنه إلي هذه البلدة وقف المنشد الديني‪ ....‬وصلته األولي ليمدح‬
‫في رسول هللا ﷺ كإهداء إلي فضيلة الشيخ رضي هللا عنه قبل أن يبدأ في‬
‫سرد قصة أو غيرها علي نحو ما يتم في مثل هذه اإلحتفاالت ‪ ،‬وليس‬
‫ال ُمنشد بغريب فهو واحد من مريدي الشيخ نطق بالشعر الفصيح و‬
‫اإللهامات والمدائح النبوية بالمدد الخليلي ولم يستمر جلوس الشيخ‬
‫رضي هللا عنه إال خمس دقائق و نظر غلي من بجوار و قال له الشيخ‬
‫رضي هللا عنه ‪ :‬هيا بنا إلي المنزل فقال الرجل لقد خصص لحضرتك‬
‫هذه الوصلة من اإلنشاد الديني أال تسمعها يا عم؟‬
‫فقال الشيخ رضي هللا عنه‪ :‬هيا بنا إلي المنزل هيا قبل أن تموت هيا‪...‬‬
‫ووصلنا إلي منزل صاحب الدعوة بالبلدة ‪ ،‬و ما أن وصلنا إال وقد‬
‫أسكت الميكروفون ‪ ،‬وقد بدأت همسات و أصوات تفيد بوقوع حدث‬
‫عكر صفو هذه الليلة الصافية‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫لقد فاضت روح سيدة إلي بارئها‪ .‬وكان منزلها بجوار اإلحتفال الذي‬
‫تحول إلي سرادق يتقبل فيه العزاء‪.‬‬
‫وسوف أترك لحضراتكم االجتهاد والتعليق ‪ ،‬وأود أن أضيف أنني‬
‫أقص الكرامة بإختصار شديد ‪ ،‬ألنه في أثناء الكرامة تري عشرات‬
‫الكرامات وكلها سلسلة من فيوضات شيخنا الولي رضي هللا عنه و‬
‫أرضاه و طيب ثراه‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫(التصوف ل يتعارض مع تعالمي السالم)‬
‫حوار نشرته جريدة التعاون مع العارف باهلل الشيخ (أحمد الشافعي‬
‫أبوخليل)شيخ الطريقة الخليلية بتاريخ ‪30‬مارس‪ 1976‬في عددها‬
‫الصادر برقم ‪ 852‬وقد شمل ما يأتي‪:‬‬
‫القرآن أهم مصادر نشاة وحياة التصوف ‪.‬‬ ‫▪‬
‫التصوف جوهر الدين وثمرته و مقام االحسان‪.‬‬ ‫▪‬
‫نظرية الحلول و اإلتحاد والوحدة ليست من عناصر التصوف‪.‬‬ ‫▪‬
‫إسقاط التكاليف عن الواصلين دعوي باطلة‪.‬‬ ‫▪‬
‫إقامة الموالد بين المزايا األصلية و المفاسد الداخلية‪.‬‬ ‫▪‬
‫الطريقة الخليلية من أبرز الطرق الصوفية في مصر وتضم ما يقرب‬
‫من مليون مسلم معظمهم يتركزون في ‪ 500‬قرية ‪.‬‬
‫ومسجد و مقام الصوفي الكبير الشيخ أبي خليل مؤسس الطريقة‬
‫بمدينة الزقازيق‪....‬ال يخلو كل ساعة من جميع أنحاء الجمهورية‪.‬‬
‫ومع خليفته و نجله الشيخ أحمد الشافعي أبي خليل كان هذا الحوار‬
‫حول قضايا الصوفية و التصوف التي طرحها(التعاون) طوال‬
‫الشهور الماضية من أجل الوصول إلي الحقيقة حول ما يجري في‬
‫الطرق الصوفية في مصر‪.‬‬
‫ومن رأي خليفة الشيخ ابوخليل في الطرق الصوفية علي إختالف‬
‫منابرها ومذاهبها تتفق في تطهير النفس البشرية من الحقد و الحسد و‬

‫‪69‬‬
‫اإلستغالل‪ .‬وتبني المواطن الصالح القوي المؤمن وأن التصوف أرقي‬
‫أنواع العبادات وفيما يلي الحوار‪:‬‬
‫س ‪:‬ما رأيكم في النقد الموجه للطرق الصوفية ‪ ،‬وإنها ضد الدين و‬
‫تتعارض مع تعاليم اإلسالم؟‬
‫ج ‪:‬إنني أرحب بكل نقد بناء فربما يسفر الصبح لكل ذي عينين‬
‫والحقيقة بنت البحث كما يقولون ‪،‬ولكن غالبا ً ما يكون النقد من طرف‬
‫واحد‪ -‬والقضية التكون عادلة إال بإدالء حجة الطرفين ‪ ،‬والحقيقة أن‬
‫دعوي إن التصوف يتعارض مع تعاليم اإلسالم وضد الدين‪ -‬مرفوضة‬
‫من أساسها وباطلة شكالً و موضوعا ً وإال فإن ذلك ي ُجرنا إلي سؤال‬
‫ما هو الغرض من التصوف؟‬
‫الشك أن الغرض منه رضاء هللا سبحانه وتعالي و حبه واالتصال به‬
‫و الفناء فيه‪ -‬فهل يتصور أن شخصا ً يسعي إلي هذه األغراض أو‬
‫يحبها وليس بمؤمن؟ وإذن فما هو التصوف حتي نحكم له أو عليه؟‬
‫ومن أين أتت هذه الدعوي التي تعارضه؟‬
‫إذا أردنا تعريف التصوف فيما يتعلق بمعناه الحقيقي فإننا نجد أن كبار‬
‫الصوفية كالً منهم يعرف باألتي‪:‬‬
‫أبوسعيد الخراز‪َ ( :‬من صفي ربه فامتأل قلبه نورا ومن دخل في‬ ‫•‬
‫عين اللذة بذكر هللا)‪.‬‬
‫إمام الطائفة الجنيد‪( :‬أن يُميتك الحق عنك‪ ،‬و يحييك به)‪.‬‬ ‫•‬
‫أبو بكر الكتابي‪( :‬صفاء و مشاهدة)‪.‬‬ ‫•‬
‫جعفر الخلدي‪( :‬طرح النفس في العبودية‪ ،‬والخروج من‬ ‫•‬
‫البشرية‪ ،‬و النظر إلي الحق بالكلية)‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫• وسئل الشبلي عن التصوف فقال‪( :‬بدؤه معرفة هللا‪ ،‬و نهايته‬
‫نوحيده)‪.‬‬
‫ولكن فِكرية تعارض التصوف مع تعاليم اإلسالم أتت في المقام األول‬
‫من إدعاء المستشرقين من تأليفهم ‪ ،‬فالذين كتبوا في التصوف‬
‫اإلسالمي أدعوا أن التصوف مذهب دخيل في اإلسالم مأخوذا ً أما من‬
‫رهبانية الشام وهذا رأي (ميركس) وإما من أفالطونية اليونان‬
‫الجديدة‪ ،‬و إما من زرادتشية الفرس و إما من فيد الهنود وهو‬
‫راي(جونس)وأخذ هؤالء يتضاربون في رأيهم هم و من علي شاكلتهم‬
‫فهذا (نيكلسون) يتحول عن رأيه حينما يكتب مادة التصوف في دائرة‬
‫معارف الدين واألخالق‪ -‬ثم يأتي األستاذ (ماسينيون)فيشرح الفكرة‬
‫الجديدة التي تحول إليها (نيكلسون)‪ -‬وإن كانت الفكرتان متقاربتين ف‬
‫(ماسينيون) يري‪ :‬أن التصوف ال يرجع إلي مصدر واحد‪ ،‬وإنما‬
‫يرجع اوالً إلي القرآن وهو أهم المصادر التي استمد منها التصوف‬
‫نشأته و حياته‪.‬‬
‫والمصدر الثاني هو الحديث والفقه و غيرهما من العلوم العربية‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫أما المصدر األخير فهو‪ :‬الثقافة العلمية األجنبية العامة التي وجدت‬
‫في البيئة اإلسالمية في عهودها األولي‪.‬‬
‫وهذه اإلختالفات استفاض فيها الكاتبون و ذهبوا فيها مناحي ِ شتي‬
‫وكانوا فيها فصوالً طواالً استنفدوا فيها الجهد‪..‬والتي ال تزال مع كل‬
‫ذلك مستمرة ال تنتهي‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫وهذه االختالفات إن دلت علي شئ فإنها تدل علي أن وضع هذه‬
‫القضية بهذا الوضع إنما هو خطأ من أساسه وهذا الخطأ فيوضع‬
‫المشكلة مفهوم السبب و العلة‪.‬‬
‫لقد وقف الكاتبون من التصوف موقفهم من الثقافة الكسبية و الثقافة‬
‫المكتسبة التي يتأتي فيها التأثر و التطور و التقليد‪ ,‬ولكن التصوف‬
‫ليس ثقافة كسبية تتأثر بهذا االتجاه أو ذاك‪ ,‬وإنما التصوف ذوق و‬
‫مشاهدة‪،‬يصل اإلنسان إليها عن طريق الخلوة والرياضة و المجاهدة و‬
‫اإلشتياق بتزكية النفس و تهذيب األخالق و تصفية القلب لذكر هللا‬
‫تعالي وإن كان التصوف ال يتأتي‪ ،‬إال بمجاهدة النفس و الهوي و‬
‫الشهوات حتي يصل اإلنسان إلي المثل العُليا و التخلق بأخالق هللا‬
‫تعالي ومعرفة الكمال اإللهي‪.‬‬
‫ولكن هذا الكمال و التخلق بأخالق هللا تعالي اليتأتي إال عن طريق‬
‫الوحي المعصوم فالبد إذا من إتباع تعاليم الرسول ﷺ إتباعا ً تاما ً‬
‫سليماً‪،‬ولقد قال النبي ﷺ بعد أن رجع من إحدي غزواته‪( :‬رجعنا من‬
‫الجهاد األصغر إلي الجهاد األكبر ‪،‬قيل وما الجهاد األكبر يارسول هللا‬
‫قال ﷺ جهاد النفس و الشيطان) ‪.‬‬
‫وأما نظرية الحلول واإلتحاد والوحدة فهي من إتهامات أعدائهم و مما‬
‫قذفوا به وليس من عناصر التصوف‪.‬‬
‫س‪ :‬قالوا أن القرآن يدعوا إلي الدنيا وإلي األخرة‪ ،‬ولكن التصوف‬
‫توكل وذهد وليس له من الدنيا شئ‪ ،‬فما رأيكم؟‬
‫جـ ‪:‬مع أن القرآن يدعوا لكل ذلك فبالتأمل نري أن الحياة اآلخري فيه‬
‫خيرا ً و أبقي وأما أن الصوفي رجل آخرة فقط فهذا فيه وهم ‪ ،‬ألن‬
‫‪72‬‬
‫الصوفي يتزوج و يدعوا إلي أن اليد العليا خير من اليد السفلي وأن‬
‫المؤمن القوي خير وأحب غلي هللا من المؤمن الضعيف‪،‬وأن العيش‬
‫كسب حالل طيب خيرا ً من أن يتكفف الناس وأعطوه أو منعوه‪.‬‬
‫خير لك من‬
‫ولكنه مع ذلك يتمذهب بمذهب القرآن (وال األخرة ٌ‬
‫األولي)‪.‬‬
‫فمعني إيثاره لآلخرة إذن‪ :‬هو أن يريد لكل عمل من أعماله وجه هللا‬
‫تعالي‪.‬‬
‫ولقد كان من السادة الصوفية و الضالعين في معرف هللا‪:‬‬
‫النساج‪،‬الخراز‪،‬التاجر وصاحب الحرفة ‪،‬والمجاهد في سبيل هللا‬
‫والزارع‪ ،‬و السقاء و الكيال و الوزان و القاضي و العالم و الحاكم و‬
‫الفقيه و المتحدث و القارئ وغير ذلك‪.‬‬
‫وكذا عن موضوع إسقاط التكاليف الشرعية‪:‬‬
‫إنها ليست من التصوف في شئ ولكنها ضاللة قديمة‪،‬و بدعة سقيمة‪،‬و‬
‫جهالة وخيمة نشأت في أوساط متحللة إنتسبت إلي التصوف إنتسابا ً‬
‫باطالً ‪،‬وحاربها ممثلوا التصوف في كل عصر و في كل بيئة‪.‬‬
‫ومن الحكمة و المنطق السليم أن أي مشكلة يكون القول الفصل فيها‬
‫للذين يمثلون موضوعها حقيقة و لهذا رجعنا إلي زعماء التصوف‬
‫الذين ال يختلف عليهم إثنين في زعامتهم نجد القدماء منهم و‬
‫المتحدثون ينكرون فكرة إسقاط التكاليف الشرعية إنكارا ً تاما ً و‬
‫يرونها زيفا ً وضالله و إنسالخا ً عن الدين بالكلية‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫و قال أبو يزيد البسطامي ألحد ُجلسائه( قم بنا حتي ننظر إلي هذا‬
‫الرجل الذي قد شهر نفسه بالوالية‪ ،‬وكان رجالً مشهورا ً بالزهد‬
‫‪،‬فمضينا إليه فلما خرج من بيته ودخل المسجد رمي بساقه تجاه القبلة‪،‬‬
‫فإنصرف ابو يزيد ولم يسلم عليه‪ ،‬وقال هذا غير مأمون علي أدب من‬
‫آداب الرسول ﷺ فكيف يكون مأمونا ً علي ما يدعيه؟‬
‫ومن كالم أبي يزيد أيضا ً (لو نظرتم إلي رجل أعطي من الكرامات‬
‫حتي تنظروا كيف تجدونه عند األمر و النهي وحفظ الحدود و أداء‬
‫الشريعة)‪.‬‬
‫ويقول سهل التستري معبرا ً عن أصول التصوف(أصول طريقتنا‬
‫سبعة‪ :‬التمسك بالكتاب ‪،‬واإلقتداء بالسنه‪ ،‬وأكل الحالل‪ ،‬وكف األذي‬
‫وتجنب المعاصي‪ ،‬ولزوم التوبة‪ ،‬وأداء الحقوق)‪.‬‬
‫و يقول الجنيد‪( :‬من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث‪ ،‬ال يقتدي به‬
‫في هذا األمر‪ ،‬ألن علمنا حدا ً مقيد بأصول الكتاب و السنه)‪.‬‬
‫وقال‪ :‬علمنا هذا مشيد بحديث الرسول ﷺ و قال الطرق كلها مسدودة‬
‫علي الخلق إال علي من إقتفي أثر الرسول عليه السالم و اتبع‬
‫سنته‪،‬ولزم طريقته‪.‬‬
‫والرسول ﷺ كان المثل األعلي في أداء الشعائر إلي آخر لحظة في‬
‫سإل النبي ﷺ عن قوم تركوا العمل بالدين و‬‫حياته الطاهرة و لقد ُ‬
‫أحسنوا الظن باهلل تعالي فقال‪( :‬كذبوا لو أحسنوا الظن ألحسنوا‬
‫العمل)‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫فالتصوف هو جوهر الدين وثمرته و هو مقام اإلحسان الذي قال فيه‬
‫سئل بعد اإلسالم و اإليمان عن اإلحسان فقال‬ ‫المصطفي ﷺ حين ُ‬
‫النبي ﷺ‪( :‬أن تعبد هللا كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)‪.‬‬
‫ويقول النبي ﷺ‪َ ( :‬من َع ِمل بما َع ِلم أورثه هللا علم مالم يعلم)‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪( :‬ما فضلكم أبو بكر بكثرة صالته وال صيامه وال صدقه‬
‫ولكن بشئ وقر في قلبه)‪.‬‬
‫وقال ﷺ‪( :‬العلم ِعلمان ِعلم في القلب‪ ،‬فذلك العلم النافع‪،‬وعلم‬
‫اللسان‪،‬فذلك ُحجة هللا علي ابن آدم)‪.‬‬
‫ونخلص من هذا إلي أن الشريعة‪ :‬هي أقوال الرسول ﷺ وأفعاله‬
‫و الطريقة‪ :‬هي العمل بأقوال الرسول ﷺو أفعاله‪.‬‬
‫أي أن العمل بالطريقة و الحقيقة هي ‪:‬ثمرة العمل بالشريعة‪،‬فالشريعة‬
‫أمر بإلتزام العبودية‪ ،‬والحقيقة‪ :‬مشاهد الربوبية فكل شريعة غير‬
‫مؤيده بالحقيقة غير مقبولة‪،‬وكل حقيقة غير مقيدة بالشريعة غير‬
‫محصولة‪.‬‬

‫(وإقامــة المــوالــد)‬
‫س‪ :‬ما رأيكم في الموالد و إنها صورة مشوهة لإلسالم؟‬
‫جـ‪ :‬الموالد في أصلها عبارة عن إحتفاالت شعبية يقوم بها الشعب‬
‫إلحياء ذكري بعض األولياء الذين صفت أرواحهم‪ ،‬و تسامت نفوسهم‬
‫و تخلصت من نوازع الهوي و عمي البصائر و القلوب‪ ،‬بسبب‬
‫عكوفهم علي طاعة هللا وقوة صلتهم باهلل وإعراض قلوبهم عن‬
‫زخرف الحياة‪ ،‬وزهدهم فيما يتهافت عليه الناس من لذة و مال وجاه‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫والواضح من سلوك الناس أن أرواحهم إذا صفت وبلغت في التسامي‬
‫الروحي أكثر من العادة تغلبت عندهم عوامل الروح علي عوامل‬
‫البدن‪ -‬فكان ألرواحهم تأثيرا ً خاصا ً يُري أثره وال يُعلم سببه‪ ،‬كالعائن‬
‫يتوجه بنفسه الحاده إلي ما يبدو عجيبا ً من إنسان أو حيوان فيخر لوقته‬
‫سريعا ً من غير أن يعلم سببا ً لهذا التأثير العجيب حتي إذا وريت‬
‫أجسامهم في التراب أقاموا لهم هذه اإلحتفاالت الشعبية كذكريات لهم‬
‫وإحياء لمآثرهم التي لمسوها و عاينوها فيتحدثون بما عاينوا‬
‫ويتندرون بما لمسوا ملتمسين من وراء ذلك الحصول علي دعوة‬
‫صالحة أو بركة شاملة من روح ذلك الولي معتقدين بحق أن الروح‬
‫لن يلحقها الفناء و إنها بسبب تجردها عن بشريتها بالموت أصفي في‬
‫نفسها و أقرب إلي رضاء ربها‪ ،‬و أرجي في نفعها بما كانت عليه‬
‫زمن الحياة‪.‬‬
‫هذا هو األصل في إقامة هذه الموالد الشعبية التي تقام بإسم األولياء‬
‫وهي بإعتبار هذا األصل ال غبار عليه‪ ،‬ألن إقامة اإلحتفاالت الشعبية‬
‫أمر شائع في كل شعوب العالم يقيمونها بتقديس قائد أو تكريم عظيم ‪،‬‬
‫والموالد بقد ما هي ذكريات هي أيضا ً تستنهض الهمم الوانية و‬
‫القلوب الضالة و تستنفر الناس ليعملوا عمالً صالحا ً يخلد لهم ذكري‬
‫حسنة ويبقي لهم لسان صدق في اآلخرين‪.‬‬
‫والموالد مواسم للبر واإلحسانو التعاطف ‪،‬وسوق رائجة للتجارة و‬
‫معارض للصناعة و اإلنتاج‪ ،‬وفترة إستجمام روحية ونفسية‪.‬‬
‫و للموالد بصورتها الحاليا عيوب يجب أن نتخلص منها وهي هذه‬
‫المظاهر الفاضحة من إختالط الرجال والنساء وعرض الفنون‬

‫‪76‬‬
‫الهابطة و المهازل التي تشوه صورة الدين واإلحتفال باطنا ً‬
‫بالمناسبات الكريمة‪.‬‬
‫فالمحاسن ناشئة من طبيعة المولد وتُحسب من حسناتها‪ ،‬و المفاسد‬
‫ليست من طبيعة الموالد فال نأخذ عليها‪ .‬أما المسالب التي تدخل في‬
‫نطاق المزارات فأمرها يسير وعالجها يكون بتثقيف الجهلة آلداب‬
‫الزيارة و توجبههم بواسطة القائمين بأمر هذه المزارات توجيها ً دينيا ً‬
‫يتماشي مع تعاليم الدين وحكمته‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫)‬‫(أوراد الطريقة اخلليلية‬
‫▪ الصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم عقب الصالوات مكتوبة‪:‬‬
‫اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا وموالنا محمد وعلى اله وصحبه‬
‫و عدد حروف القرأن حرفا ً حرفا ً وعدد كل حرف الفا ً الفا ً وعدد‬
‫صفوف المالئكة صفا ً صفا ً وعدد كل صف الفا ً الفا ً وعدد الرمال ذرة‬
‫ذرة وعدد كل ذرة الف الف مرة عدد ما احاط به علمك وجرى به‬
‫قلمك ونفذ به حكمك فى برك وبحرك وسائر خلقك عدد ما احاط به‬
‫علمك القديم من الواجب والجائز والمستحيل اللهم صلى وسلم وبارك‬
‫على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه مثل ذلك‪.‬‬
‫(تتلي عقب كل صالة ثالث مرات)‬

‫▪ الصالة علي النبي ﷺ‪:‬‬


‫صيغة الصالة على حضرة المصطفي ﷺ وتتلي مابين الفجر و‬
‫العصر " اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا وموالنا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه عدد ما فى علم هللا صالة دائمة بدوام ملك هللا "‬
‫▪ صيغة اإلستغفار‪:‬‬
‫و تتلي ما بين صالة العصر و صالة المغرب‪ " :‬أستغفر هللا العظيم‬
‫وهو التواب الرحيم " بقدر المستطاع‪.‬‬
‫(األسماء التي تذكر ليالً)‬
‫و يذكر كل إسم مائة ألف مرة ليالً‪ ،‬و يكون الذكر ما بين المغرب و‬
‫الفجر علي قدر الطاقة حتي يكمل العدد مائة ألف‪،‬ثم يذكر اإلسم الذي‬
‫يليه علي حسب الترتيب‪ ،‬حتي غذا إنتهي منها جميعا ً عاد إليها من‬
‫‪78‬‬
‫أولها وهكذا ‪ ،‬علي أن يكون الذاكر مستحضرا ً معني اإلسم وأن يكون‬
‫علي طهارة تامة بدنا ً و ثوبا ً و مكاناً‪،‬علي أن يراعي أال ينشغل بأمر‬
‫من أمور الدنيا سوي الذات العليه‪.‬‬
‫وأن يبدأ بقراءة الفاتحة لحضرة النبي ﷺ وآل بيته‪ ،‬ثم الفاتحة لحضرة‬
‫فضيلة الشيخ صالح ابوخليل و رجال سنده ثم يبدأفي ذكر اإلسم وهذه‬
‫األسماء هي‪:‬‬
‫الـــمعني‬ ‫األســـم‬ ‫م‬
‫ال معبود بحق إال هللا‬ ‫ال إله إال هللا‬ ‫‪1‬‬
‫َعلم علي الذات العليه‬ ‫هللا‬ ‫‪2‬‬
‫حاضر ال يغيب‬ ‫هو‬ ‫‪3‬‬
‫دائم الحياة‬ ‫حي‬ ‫‪4‬‬
‫ال ثاني له‬ ‫واحد‬ ‫‪5‬‬
‫ال نظير له‬ ‫عزيز‬ ‫‪6‬‬
‫كثير الود لعباده‬ ‫ودود‬ ‫‪7‬‬
‫ثابت ال يتغير‬ ‫حق‬ ‫‪8‬‬
‫يَقهر وال يُقهر‬ ‫قهار‬ ‫‪9‬‬
‫قائم بأسباب مخلوقاته‬ ‫قيوم‬ ‫‪10‬‬
‫كثير العطاء‬ ‫وهاب‬ ‫‪11‬‬
‫مطلع علي افعال مخلوقاته‬ ‫مهيمن‬ ‫‪12‬‬
‫يبسط الرزق لمن يشاء من عباده‬ ‫باسط‬ ‫‪13‬‬

‫‪79‬‬
‫(خــــــــامتـــــــة)‬
‫التصوف علم تزكية األخالق‪،‬وتطهير القلوب مما يشوبها ويدنسها‪،‬‬
‫وتحلية األسرار بوصف التوحيد الكامل‪.‬‬
‫فلقد أمرنا هللا سبحانه وتعالي بالتقوي وهي ال تخرج عن أمرين‪:‬‬
‫أعمال القلوب‪ ،‬و أعمال الجوارح‪ ،‬ولن يستقيم ظاهر العبد إال‬
‫بإستقامة باطنه كما قال ﷺ( وهللا ال يستقيم غيمان عبد حتي يستقيم‬
‫قلبه)‪.‬‬
‫فللباطن تموجات كتموجات البحر لن ينجو منها إال عبد أخذتة جذبة‬
‫العناية إلي ساحل السالمة من أول أمرة أو أبصر علة باطنه وقدر‬
‫خطرها فأتي األمر من بابه وتوجه إلي ربه توجه الصادقين (إن‬
‫ذاهب إلي ربي سيهدين) ‪99‬الصافات‬

‫أن ينشله هللا تعالي من ورطنه بال وساطة‪ ،‬وإما أن يدله هللا علي‬
‫بعض عباده من أرباب األحوال الشريفة و المقامات المنيفة‪.‬‬
‫الذين يداوون أمراض األرواح بنظرة أو كلمة‪.‬‬
‫فهؤالء وإن قال الناس قد مضي عهدهم ‪،‬ولكن وهللا لن يخلو الوقت‬
‫منهم أبدا ً حتي يأتي أمر هللا تعالي كما تشهد بذلك السنن الصحيحة‪.‬‬
‫صادِقا ً تجد مرشداً‪ ،‬وأمر هؤالء ال يغني عنه علوم‬
‫وقد قالو‪ُ :‬جد َ‬
‫الولين و اإلخرين حفظا ً عن ظهر قلب‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫وكيف يغني المريض حفظ اسم الدواء عن الطبيب الذي يعرف مقداره‬
‫وتركيبه وما يمثله عند فقده؛ فهذا ال يصح عقالً بل كيف يكون العبد‬
‫في الصالة يقف بين يدي هللا و قلبه مصروف عن ربه مقبل علي‬
‫الدنيا والحق ينظر إلي سره فيراه مصروفا ً ‪،‬وإلي نفسة فيراها خارجة‬
‫عن طاعته‪،‬وإلي هواه فيراه إلي غيرة‪.‬‬
‫وفي الحديث الشريف‪ :‬إن هللا ال ينظر إلي صوركم‪ ،‬ولكن إنما ينظر‬
‫إلي قلوبكم و أعمالكم)‪.‬‬
‫صلوا‬
‫فو َ‬‫وهلل د َُّر رجال عرفوا هللا بعرفانه ‪،‬والذوا بجنابه األقدس َ‬
‫ووصلوا وشربوا و سقوا‪ ،‬فهنيئا ً لمن شرب من راحتهم‪ ،‬ونهل من‬ ‫ِ‬
‫وردهم‪ ،‬و ذاق مذاقهم‪ ،‬وصلي هللا علي سيدنا محمد وعلي آله‬
‫وصحبه وسلم‪.‬آمين‪.‬‬

‫(المـــؤلف)‬

‫(‪15‬يوليو‪1978‬م)‬ ‫تحريرا ً في ‪:‬‬


‫(‪10‬شعبان‪1398‬هـ)‬

‫‪81‬‬
‫(حلفت برسك المسي)‬
‫بأني قد وقفت لــــــك اليمينا‬ ‫حلفت بسرك األسمي يمينا‬
‫فسألت من شهودك لي معينـا‬ ‫بسطت لها لتمنحني شهودا ً‬
‫هللا هللا هللا هللا‬
‫به عرف الكرام الســـــابقونا‬ ‫وقد توجتني يارب تاجـــــا‬
‫أقول هللا رب العالمــــــــــينـا‬ ‫اذا ما قيـل لي ما أنت راج‬
‫هللا هللا هللا هللا‬
‫سوي حبي أظل لـه أمينــــــا‬ ‫وما نفسي أشتهت يوما ً لشئ‬
‫لوجهك زاد بالتقوي حنينـــــا‬ ‫أحبك حب عبد في حيـــــــاء‬
‫هللا هللا هللا هللا‬
‫يشاهد قوة الرحمــــــن فينـــا‬ ‫وحق هللا ال أنسي وقلبـــــــي‬
‫فنحــن بحبلكــم متمسكونــــــا‬ ‫صلوا حبلي بكم ال تقطعـــوه‬
‫فلم أري غيركم يسقي اليقينــا‬ ‫وقد دارت علي الكاست روحي‬
‫هللا هللا هللا هللا‬

‫‪82‬‬
‫(ايل ابب الكرمي)‬
‫وباب هللا مأمول الصالت‬ ‫الى باب الكريم أشــد رحلــى‬
‫ت‬
‫أغثنى يامغيث الالهفـــا ِ‬ ‫أتيت اليـك فـارا ً مــن ذنوبـى‬
‫هللا هللا هللا هللا‬
‫ووجهها سبيل الناجيــــات‬ ‫اليك يدى فخذها حيث ترضى‬
‫وأوصلنى بأهل ال ُمكرمات‬ ‫وذلل لـى عراقيــل الطـريـــق‬
‫هللا هللا هللا هللا‬
‫يُسبح فى الحياة وللممـــات‬ ‫ببابــك واقف والقلــب يبكــى‬
‫ت‬
‫فــال راد ألمــ ٍر كــــان آ ِ‬ ‫رجائى اللطف فى كل األمور‬
‫هللا هللا هللا هللا‬
‫ت‬
‫فوصلها رحـــاب الفــائزا ِ‬ ‫الهـى قد أتت روحــى حمــاك‬
‫عبيدك من صالت‬
‫والتحرم ُ‬ ‫وسامحنــى وسانـــد ياكريــــم‬
‫هللا هللا هللا هللا‬
‫وقوينى على فروض الصالة‬ ‫وقــوى فيـــك يـــارب يقينـــى‬
‫ت‬
‫ووجهنى طريـق الصالحــا ِ‬ ‫وأدبنــى بــــآداب الرســــــول‬
‫وأعذنى من فعال ال ُمنكـــرات‬ ‫ونور لـى البصيــرة َ والفــــؤاد‬

‫‪83‬‬
‫هللا هللا هللا هللا‬
‫وقربى منك يجلو الصاديــات‬ ‫الهــى أنت معبــودى وربــــى‬
‫بجـاه محمـــد ُمنجى العصــاة‬ ‫فعفــوا ً عـن ذنـو ٍ‬
‫ب هاطــــالت‬
‫هللا هللا هللا هللا‬
‫وقصدى منك محو السيئــــات‬ ‫إلهـــى أنـت للغفـــران أهـــــ ٌل‬
‫من الشيطان وأقبل ضارعات‬ ‫فأصلح كـل أحوالــى وعذنــى‬
‫هللا هللا هللا هللا‬
‫ولطفٍ منك يامعطى الهبــات‬ ‫وداو الجســم بالطــب االلهــى‬
‫وأمي و األقارب جمعـــاوات‬ ‫وسامح والــدي وكذا أبـــــــاه‬
‫وأمه و األقارب جمعــــاوات‬ ‫وسـامح شيخنـا وكذا أبـــــــاه‬
‫رســــول جاءنــا بالبينـــــات‬ ‫وصلـي لـي علي طـه وسـلـم‬
‫هللا هللا هللا هللا‬

‫‪84‬‬
‫(التوسل)‬
‫كـــل البريــة يــا مفرج هولــها *** في كربــة أنعـــم بسرعــة حلــها‬
‫هذا توســـل مــن غــدا متولــها *** بمحمـــــد و ببنتــــه و ببعلــــــها‬
‫ببنيهمـا الحسنين أعــالم الهدي‬
‫الخلق غرقي في موارد روعهم ***يشكون لوعة االغتصاص بدمعهم‬
‫فبحق طــه أمنن ببـارق نفعهــم *** واألنبيـــاء والمــرســـلين بجمعهم‬
‫وكذا المالئكة الكرام أولي الهدي‬
‫والسـادة الخلفـاء و رونق عدلهم*** وبقية العشــــر الكــــرام وفضلهم‬
‫سحب الندى أهل الهدي وبنسلهم*** وبأهـــل بــدر بالصحـــابة كـــلهم‬
‫بالتـــابعين لــهم دومــا ً سرمـــدا ً‬
‫و بـزينب‪..‬و سـكينـة‪..‬و نفيسـة *** و البـدر زين العــابـدين زخـيرتي‬
‫و بكــل آل البيــت ثـم رقيــــــة *** و ببضعـة الزهــراء فاطمــة التي‬
‫مـن أمها نـال المني و الســـؤددا‬
‫وبكـل عبد في البريــة ســــالك *** والقائمــين بـجنح ليـــل حـــــالك‬
‫إنقـــذ عبـــادك إنــهم بمهــــالك *** و بــــــعبدك النعمـــان ثم بمــالك‬
‫بالشافعي قطب الوجود و أحمدا‬
‫يارب إن الحطب زاد بال خفــا *** وغدت جميع الناس منه علي شفا‬

‫‪85‬‬
‫والسيد البــدوي بـاب المصطــفي‬ ‫فأغث بحق أولي العناية والصفا‬
‫بحــر الفتوة والمكارم والندى‬
‫يارب إن الهول قد مأل الفضـــا*** والخلق منه علي لظى جمر الفضا‬
‫فرحم بمن توجتهم تاج الرضى *** بالشَاذُلــي وبالدسوقـي المرتضـى‬
‫بالقــادرى وبالرفاعــى أحمـدا‬
‫بعلي نـور الدين كــوكب قطره*** مــن قــد أمــد الســـالكين بســـره‬
‫و هداهـم نــور الــيقين بنــوره*** هـو شيخنا البيومـي سـيد عصـره‬
‫مــن قد أتي للعــالمين مـوحدا‬
‫يا رب إن الكرب زاد مع العنا *** وبـدت جيوش الـهم منــه تخيفنــا‬
‫فـأزل همـوم الدهـر عنا وأهدنا *** بأبــي خـــليل شيخنــا و مــــالذنا‬
‫قطب الزمان من اصطفيت محمدا‬
‫بمحمـــد نـجل الــخليل المخبت *** المرتضى الصمدانى بحر الحكمة‬
‫سيب الرحمة‬
‫يــارب هبنــا منك أكـــبر ِمنــة *** و أفض عليــه رب َ‬
‫حتــي يفـــوز مـقربـــا ً ومـــؤيــدا ً‬
‫الدهـر ســـاء فنجنا مـن حالـــه *** وأنشـــر عـلينا األمـن مـن أهواله‬
‫وأمنح رضاك لشيخنــا وآللـــه *** ولكــل مـــن يُهـدى علـى مــنواله‬
‫ولمن رعـي حـق الطريقة و اهتدى‬
‫يا رب ال تجعـل بـــحقك ذنبنا *** سبب العنا وأفض لنــا سحب ال ُمنا‬
‫‪86‬‬
‫فإذا شكونا الكرب يا أهل الثنا *** فـرج بفضـلك يـا إلهـي كـربنا‬
‫ياخير من بسط األنام له يدا‬
‫واغفـر بعفـوك يـا إلهـي ذنبنـا *** وارحم بلطفك يا إلهي ضعفنا‬
‫وابسط بجودك يــا إلهي رزقنا *** وأضئ بــعلمك يا إلهي قــلبنا‬
‫يا خير من مد األنام له يدا‬
‫واسكب علي من في جاللك هيموا***سحب الرضى وانشر نداك إليهم‬
‫وابــعث تحياتــي الكـــرام إليهـــم *** وأدم صــالتك والســالم عليهـم‬
‫أضعاف مخلوق إلي يوم الندا‬
‫الساطع‬
‫ِ‬ ‫السيمــا المختــار أفخــم شـــافـ ٍع *** شمس الهدي بدر الكمال‬

‫و أفض لهذا الجمـع لمعـة المــع *** مــن نـــوره ولكـــل عب ٍد ســ ِ‬
‫امع‬
‫ولمنشئ التخميس عبدك أحمدا‬
‫يـــارب سامحــه و أهــــل وداده *** وأغثه فـــي الدنيـا ويــوم ِمعــاده‬
‫وألطــف بنــا يـا راحمـا ً بعبـاده *** وبأمــة الهــادي وحـزب رشــاده‬
‫وأختم بخير يا كريم وأسعدا‬
‫آمين‬

‫‪87‬‬
‫(فهرس الكتاب)‬
‫الصفحة‬ ‫الموضــــوع‬ ‫م‬
‫‪2‬‬ ‫مقدمة(حقيقة التصوف)‬ ‫‪1‬‬
‫‪5‬‬ ‫اإلسالم والشفافية‬ ‫‪2‬‬
‫‪7‬‬ ‫إشراقات‬ ‫‪3‬‬
‫‪10‬‬ ‫سيدنا عمر إبن الخطاب(والتصوف)‬ ‫‪4‬‬
‫‪12‬‬ ‫الشفاعة‬ ‫‪5‬‬
‫‪18‬‬ ‫الوفاء آلل البيت‬ ‫‪6‬‬
‫‪22‬‬ ‫آداب المريد مع نفسة‬ ‫‪7‬‬
‫‪26‬‬ ‫آداب المريد مع أستاذه‬ ‫‪8‬‬
‫‪28‬‬ ‫آداب المريد مع إخوانه‬ ‫‪9‬‬
‫‪33‬‬ ‫ماورد في الذاكرين من مآدبة رب العالمين‬ ‫‪10‬‬
‫‪35‬‬ ‫التحذير من الغفلة‬ ‫‪11‬‬
‫‪36‬‬ ‫الذكر من حديث خير الخلق ﷺ‬ ‫‪12‬‬
‫‪47‬‬ ‫الكرامة‬ ‫‪13‬‬
‫‪52‬‬ ‫مقال نشرته مجلة منبر اإلسالم‬ ‫‪14‬‬
‫‪59‬‬ ‫كلمة وفاء‬ ‫‪15‬‬
‫‪64‬‬ ‫الكرامات‬ ‫‪16‬‬
‫‪69‬‬ ‫التصوف ال يتعارض مع تعاليم اإلسالم‬ ‫‪17‬‬
‫‪78‬‬ ‫أوراد الطرريقة الخليلية‬ ‫‪18‬‬
‫‪80‬‬ ‫خاتمة‬ ‫‪19‬‬
‫‪82‬‬ ‫حلفت بسرك االسمي‬ ‫‪20‬‬
‫‪83‬‬ ‫إلي باب الكريم‬ ‫‪21‬‬
‫‪85‬‬ ‫التوسل‬ ‫‪22‬‬
‫‪88‬‬ ‫فهرس الكتاب‬ ‫‪23‬‬
‫‪88‬‬
‫مت حبمد هللا‬
‫رقم اإليداع بدار الكتب ‪87/1805‬‬
‫حقوق الطبع محفوظة للمؤلف‬
‫الطبعة الثانية‬
‫‪1417‬هـ‪1996/‬م‬

‫‪89‬‬

You might also like