Professional Documents
Culture Documents
َِ بِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ
(ي ُ ْؤ يِت الْ يح ْْكَ َة َمن يَشَ ا ُء َو َمن ي ُ ْؤ َت الْ يح ْْكَ َة فَ َق ْد أُ ي َ
وِت خ ْ ًَْيا كَثي ًْيا)
صدقِهللاِالعظيم ِ
1
(حقيقة التصوف)
مقدمــــــــة
الحمد هلل والصالة والسالم علي سيدنا محمد حجة االكوان وصفوة
الرحمن و خير إنسان ،و رضي هللا عن مشايخنا العارفين باهلل و
بعد:
فإن رسالة الصوفية أعلي و أسمي بل أضخم و أكرم من أن تكون
رسالة محلية أو شخصية أو دعـــوة إنعزالية ،أو إنهزامية بل هي
صوفية رسالة حيوية إيجابية ِقطرية عالمية ربانية ،وهي حقيقة ُ
شرعية ،و عقيدة ٌ إصالحية روحية ،و فِكرة ٌ ِعلميةٌ بعيدة ُ المـــ َ َدي
تتعلق بها األمــال،وهي دعوة ُ التصوف اإلسالمي ال ُحر الكريم،
الشعوذة ،و الالعبين بالزجاج و النار ،و أَكلَةُ َ البعيد عن الفساد و
والزمر ،وفضيحةُ اإلسالِم باسم طبْل َّ َّار و ُمحتَرفي ال َ األفاعي و الصب ْ
التصوف المظلوم و َعق ِيدتُنا َ في الصوفية نحن مشيخة الطريقة
الخليلية.
إنّهــا وظيفية إلهيه ،وسفارة ٌ رباَّنيَّــــة يجعلُها هللا تعـــالي ِل َم ْن يجتبيه
ويختاره ِمن عباد ِه الصالحين و آوليائة الكاملين في إنسانيتهم،
الناس لغاي ِة إرشادِهم إلي ما فيه مصا ِلحهم و ِ فيُرسلُهم إلي سائر
مساوئ األخالق ِ َرض تزكيتهم ِمن منافعهم في الدُّنيا و اآلخرةَ ،و ِلغ ِ
الحكمةَ بالحكمة وال َم ْعرفةَ وبيان طريق ومفاس ِد العادات،و تعليمهم ِ
الالئق بها فترتف ُع إلي در َجتها ُ السعادةِ والخير ،لتبليغ اإلنسانية ك َماَل َها
(إن َهذِه ت َ ْذ ِك َرةٌ فَ َم ْنالرفيعة في الدارين،دار الدنيا و دار اآلخرة َّ
س ْبيلَال)19المزمل 29،اإلنسان . ي َربِه َ شا ْ َء ات َّخ َذ إل َ
َ
ير ٍة أَنَا ْ َو َم ِن اتَّبَعَ ِني)علَى بَ ِص َ س ِبي ِلي أ َ ْدعُو ِإلَى ِ
ّللا َ (قُ ْل َهـ ِذ ِه َ
108يوسف.
2
غ َدقًا) 16الجن.
َ سقَ ْينَا ُه ْم َما ًء ط ِريقَ ِة أل َ ْ
علَى ال َّ ( َوأ َ ْن لَ ِو ا ْ
ستَقَا ُموا َ
س ِبيلَهُ عز و َج َل .إ ْذ أ َ َّن َ
ي مسارا ً ِم ْن طر ِيق هللا َّ وليس أ َ ْفخَم وال أَر ْق َ
الطريق المستقيم،فإذا من َح هللاُ عبدا ً نعمةَ ُ سبحاَنهُ ُه َو ال َ
سبيِ ُل الق ِويم و ُ
ضا و فائز بالر َّ التوفيق ،فوضع قد َمهُ علي بداي ِة الطريق ،فإنه الشك ٌ
المزي َد مدا ً وعدا ً في ِ والحق يعطيه ُ الوصول و التحقيق ،و كيف ال
شرط ِه األكيد ذي المعني الساطع السديد،
شبرا تقربت إليه ذراعًا ،وإذاي العبد ً ب إل َّ
تقر َ
ففي الحديث القدسي(إذا َّ
تقرب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا ،وإذا أتى إلي مشيًا أتيته هرولةً( .
وأ َ ّما عن دُعاةِ الصوفية ،فَ ُهم ال ُمر ِش ُدونَ في سبيل هللا .
ق الدعوة إلي هللا ،و يُذ ِل ُلون يطيق غير ُه ْم ِم ْن مشا ِ ُ الذَّين يتحملون ماال
ب إلي تاب عب ٌد من ذنُوبه وأَنا َ عراقي َل الطريق ِل َم ْن يسترشد بهم إذا َ
َّت ي ُد هللا لتُبدي ِ إليه فَضلَه فكم من عصاه واعترف بِعيُوبِه ُمد ْ
َ ربِّه
صلُوا وك ْم من بَعيدِين تقرب َُّوا فا ْقتربُوا. صلُوا فَو َ
ات ّ َ
ش ِك فتنجيه ضا ِل فتهديِه ،وللحائِر ِمن غياَّهب ال ّ إذن فآيةُ الدعوة أنها لل ّ ْ
تطمها َ ت َ ْنت ِشلهُ وتُزكيَّه. ،وللغريق في بحار الذنُوب من بين ُم ْل ِ
نظرت َ ُهم إلي الدُّنيا َ هي سب ِ
ب َ ولَما َّ نظر ْنا َ إلي العامة وجدنا أ َ َّن
ع مكانا ً حو َل ِسراجٍ راش الذي يتناز ُ الناس كالفَ ِ
ُ صار
َ ُ
امة،حيث َّ
الط
يحت َ ِرق فليست عندهم كث فيِه ْ يم ُ
غلبت نُوره ،ما أق َّل ما ْ ْ َاره و َّه ٍ
اج ن ُ
خير و أبقي.نظرة موضوعية إلي الحياة اآلخره التي هي ٌ
ولو نظروا نظرة الحق إليها لوجدوا أن فيها ال ُمتعة ال ُكبري والراحة
العظمي ،و النعيم األسمي ،و الحياة األبدية التي ال فناء بعدها.
3
وما أعذب خطاب الحق عز وجل لعباده وهو يدعوهم لموائد الجنة و
يصف حالهم فيقولُ ( :كلُوا َواش َْربُوا َهنِيئ ًا ِب َما كُنت ُ ْم ت َ ْع َملُ َ
ون ُمت َّ ِكئِ َ
ين
ين) 19،20الطور ور ِع ٍصفُوفَ ٍة َو َز َّوجْ نَا ُهم ِب ُح ٍ علَى ُ
س ُر ٍر َّم ْ َ
(وأ َ ْم َد ْدنَا ُهم ِبفَا ِك َه ٍة
ثم يواصل ربنا سبحانه المدد و العطاء لهم فيقولَ :
سا َّّل لَ ْغ ٌو فِي َها َو َّل تَأْثِي ٌم
ُون فِي َها كَأ ْ ً ازع َ ون يَتَنَ َ
شت َ ُه َ َولَحْ ٍم ِم َّما يَ ْ
ون) 22:24الطور . ان لَّ ُه ْم كَأَنَّ ُه ْم لُ ْؤلُ ٌؤ َّم ْكنُ ٌ
علَ ْي ِه ْم ِغ ْل َم ٌ
وف َط ُ َويَ ُ
وعلي ذلك فرسالة الصوفيه دعاة ومرشدين هي تقريب النظرة
الموضوعية عند الناس حتي يُقدروا حجم متاع الدنيا ،وعظمة الحياة
الرشد و اإلرشاد ،و التبعية و اإلنقياد .إذا ً
اآلخرة و في هذا يكون ُّ
الكل في طريق هللا ورسوله خير نبي و أفخم ها ٍد لواؤهم كلمة التوحيد
"ال إله إال هللا" ونبراسهم "محمد رسول هللا" وهدفهم الرضا و القبول
والطاعة و الوصول علي قلب رجل واحد يتبعون شريعة اإلسالم
ويرفعون رايته وغايتهم نصرته ،حتي يعم السالم و السكينة و اإلكرام
بتوفيق العزيز العالّم.
4
(السالم و الشفافية)
من عظمة شريعة اإلسالم تهذيب النفوس وترقية األرواح وتصفية
القلوب وتطهير االشباح حتي تكون محال لتلقي األنوار من الرب الفتاح
فيغدوا المسلم إسالما ً حقيقيا ً والذي انهالت علي قلبة الذي صفا بنور
المصطفي ﷺ مرآة صافية تنعكس علي صفحة قلبه صور األشياء
منحة له وبشري عاجلة ،من بارئ األرض والسماء
) 64يونس (لَ ُه ُم ا ْلبُش َْرى فِي ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َوفِي ِ
اآلخ َر ِة
فضالً من هللا و نعمة فهو سبحانه واهب العطاء و اآلالء.
ولقد كانت للصحابة رضوان هللا عليهم ِمرآة قلبية و ُم َكاشفات و أحوال
ِي ِإلَى اَّلل فَقَ ْد ُهد َ
ربانية العتصامهم بحبل هللا تعالي ( َو َمن يَ ْعت َ ِصم ِب َّ ِ
يم) 15،16المائدة . ست َ ِق ٍ
اط ُّم ْ
ِص َر ٍ
ولقد كان أسوتهم ونبراسهم خير البرية ﷺوهو النور الذي نَزَ َل عليه
ابور َو ِكت َ ٌ النور،فكان نورا ً يتحرك بين الناس (قَ ْد َجا َء ُكم ِم َن َّ ِ
ّللا نُ ٌ
س َال ِم َويُ ْخ ِر ُج ُهم ِم َن سبُ َل ال َّض َوانَهُ ُ
ّللاُ َم ِن اتَّبَ َع ِر ْ ين يَ ْهدِي ِب ِه َّ ُّم ِب ٌ
يم)ستَ ِق ٍ
اط ُّم ْ ور ِب ِإ ْذنِ ِه َويَ ْهد ِ
ِيه ْم ِإلَى ِص َر ٍ ت ِإلَى النُّ ِ ال ُّ
ظلُ َما ِ
101آل عمـــران.
6
(ارشاقــــات)
إن الكشف شئ من وحي اإللهام يناله ِمن ورثة األنبياء والمرسلين من
فمنه ما يكون بواسطة َملَك من المألئكة األولياء الصالحين والعارفينِ ،
ث في ُرو ِعي أن نَ ْفسا ً ْ
لن ُس نَفَ َ
وهو مقتبس من قوله ﷺ (:إن ُرو َح القُد ِ
ست َ ْك ِم َل أ َجلَها) ،ومنه ما يكون عن طريق ُمرشد من ت َ ُموتَ َحتى ت َ ْ
ال ُمرشدين السالكين ،أو مباشرة من رب العالمين ،وذلك أن هللا تعالي
ينظر إلي قلب ال ُمر ِشد نظرة نور ويلهمه أن يفيضها عن طريق المدد
علي قلب مريده بتوجهة الروحي إلي قلب ال ُمريد ،أو ينظر الحق إلي
قلب العبد المستعد لقبول األنوار وتلقي الفيوضات واألسرار مباشرة ً
منه إليه.
علَى َم ْن يَشَا ُء ِم ْن ِعبَا ِد ِه)الرو َح ِم ْن أ َ ْم ِر ِه َ
كما قال تعالي( :يُ ْل ِقي ُّ
15غافر .وإذا ألهم هللا النحلة -أضعف الحشرات -أن تتخذ من الجبال بيوتا ً
ومن الشجر وغير ذلك ،ثم تأكل من الثمرات بأن تَسلُك السبل والطرق
خرج من بطنها شرابا ً مختلف التي تُسهل لها جمع ماتأكله حتي ت ُ ِ
األلوان فيه شفا ٌء للناس ،فما بالك باإلنسان المؤهل لقبول العلــم
والعطاء ،أفال يلهمه هللا أسباب اإلطالع علي خفيات اإلمور و دقائق
األحوال وغيبيات األسرار .
و الكشف إما بطريق الهبة من رب العباد:
وهو مقام الموصولين باهلل وإما بالكسب واإلجتهاد وهو مقام الواصلين
إليه ،فليس كل من قطع طريقا ً وصل ،وهلل قوم أختصهم وأ َّهل قلوبهم
لقبول أسراره وتلقي فيوضاته و أنواره كما جاء علي لسان الخق ،في
س َمائِي َوّل أ َ ْر ِضي َ ،ولَ ِك ِني
سعَنِي َمعني الحديث القدسيَ ( :ما َو ِ
ص َط ِفي ِم َن ع ْبدِي ا ْل ُم ْؤ ِم ِن) و في قوله تعاليَّ :
(ّللاُ يَ ْ ب َ سعَ ِني قَ ْل ُ َو ِ
س ًال َو ِم َن النَّ ِ
اس) 75الحج. ا ْل َم َالئِ َك ِة ُر ُ
7
ثم أن الكشف من المنح و الغيبيات التي أمرنا هللا باإليمان بها حيث
اإليمان بالغيب السمة اإلولي للمؤمنين المتقين و المهتدين ال ُمفلحين،
ابإقرأ إن شئت قول هللا تعالي في مستهل كالمه العزيز( :الم َذ ِل َك ا ْل ِكت َ ُ
ص َالةَ َو ِم َّماون ال َّ ون بِا ْلغَ ْي ِ
ب َويُ ِقي ُم َ ِين يُ ْؤ ِمنُ َ ين الَّذ َ ب فِي ِه ُهدًى ِل ْل ُمت َّ ِق َ َّل َر ْي َ
ون) 1:3البقرة. َر َز ْقنَا ُه ْم يُن ِفقُ َ
وهنا نتكلم عن الغيب فنقول :من الغيب ما هو قديم قائم بذات هللا تعالي
:ال يطلع عليه سواه ألنه صفه له تعالي ال يشاركه فيها نبي وال ولي ،
وال رسول وال َملَك،وهو المقصود بقول المصطفي ﷺَ ( :ولَ ْو ُكنتُ أ َ ْعلَ ُم
ء) 188األعراف. سو ُ ي ال ُّ
سنِ َ ست َ ْكث َ ْرتُ ِم َن ا ْل َخ ْي ِر َو َما َم َّ ب َّل ْ ا ْلغَ ْي َ
َّللِ) 20يونس . ب ِ َّ وقول هللا تعالي ( :فَقُ ْل إِنَّ َما ا ْلغَ ْي ُ
"،و ُه َو ِب ُك ِل
إذا فهو علم هللا المحيط بجميع األشياء ُكلياتها وجز ِئيا ِتها َ
َئ َع ِلي ٌم" .
ش ٍ
ومنه ما هو ُمحدث :يجوز أن يُطلع هللا بعض أنبيائه ورسله علي
علَى ب فَال يُ ْظ ِه ُر َ مايشاء منه وهو المقصود بقوله تعالي( :عَا ِل ُم ا ْلغَ ْي ِ
سو ٍل ) و لورثة المرسلين من ذلك ضى ِم ْن َر ُ غ ْي ِب ِه أ َ َحدًا ِإّل َم ِن ْ
ارت َ َ َ
نصيب وافر كما ورد في السنة الشريفة حيث يقول الحبيب محمد ﷺ
ون -أي ضى قَ ْبلَ ُك ْم ِم َن ْاأل ُ َم ِم ُم َح َّدث ُ َ َان فِي َما َم َ في حديث ما معناه " قَ ْد ك َ
ع َم ُر ". َان فِي أ ُ َّمتِي َه ِذ ِه ِم ْن ُه ْم فَ ِإنَّهُ ُ
ملهمونَ -و ِإنَّهُ ِإ ْن ك َ
وليس شئ أصدق تصويرا ً لذلك ِمما ذكرته في مقالتي السابقة "اإلسالم
والشفافية" وال أد َّل علي وجود الكشف و حصوله مما رآه رسول هللا
سري به من مكة إلي بيت المقدس ،فقد رأي أهل ﷺ في طريق ليلة أ ُ ِ
الربا وأهل الجرائم كلها وغيرهم وقد أخبر عليه الزنا َ و ما هم عليه أ َ َكلة ِ ِ
الصالة والسالم بما ال يُحصي وال يعد من الغيبيات حتي ظهر لنا ساطعا ً جليا ً
في زماننا هذا،فمن ذلك قوله ﷺ في الحديث الشريف:
8
( ِصنفان من أهل النار لم أرهما :قو ٌم معهم سياط كأذناب البقر
يضربون بها الناس ،ونساء كاسيات عاريات ،مميالت مائالت،
رؤوسهن كأسنمة البخت المائلةّ ،ل يد ُخ ْلن الجنة ،وّل يجدن ريحها،
وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) رواه مسلم
وفي حديث آخر رواه البخاري عن علي المرتضي كرم هللا وجهه
قال( :سمعت رسول هللا ﷺ يقول سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث
األسنان سفهاء األحالم يقولون من خير قول البرية يقرءون القرآن
ّل يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)
صدق رسول هللا ﷺ .
فأعلم ان الكشف إذا وافق الكتاب والسنه وما جاء بهما فهو كشف
رحماني يجب التصديق و اإليمان به ،و االخذ به و التعويل عليه،
وإال فهو شيطاني ال يجب اإللتفات إليه.
9
(س يدان معر بن اخلطاب و التصوف)
الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم علي اشرف المرسلين وخاتم
النبيين سيدنا محمد النبي األمي الهاشمي القرشي – من قال فيه العلي
ورك" وعلي آله وري و َخلً ْقتُ األَشيا َء ِم ْن نُ ِسبحانهَ " :خلَقتُك ِم ْن نُ ِ
وصحبه وسلم أجمعين -وبعد:
فالتصوف هو الصفا ،وهو لكل عليل ِشفا ،وهو القُرب والوفا والبُعد
الصدقعن الجفا ألنه السير في طريق الحبيب المصطفي ﷺ ،وهو ِ
والحب و التقرب والقرب ،أوله اإلقالع عن إرتكاب الذنوب النابعة من
القلب ثم اإلستقامة في التعبد طمعا ً في إحسان الرب سبحانه وتعالي.
فإذا استقام العبد وأناب وندم علي ما جنته يداه وتاب و وقف علي باب
الكريم الوهاب وراعي األداب عند عالي الجناب فتحت أمامه اوسع
الرحاب فتكون الخاتمة قرب من الرحمن وإقتراب فيرشف أحلي
الشراب والمعرفة وشهد الرضا و الرحاب.
فلقد شكا بعض الرعية لموالنا عمر بن الخطاب رضي هللا عنه من رجل َعيَّنهُ
إماما ً عليهم وقالوا لسيدنا عمر :إن هذا اإلمام يغني بعد الصالة فسأله
الخليفة فصدَّق الرجل علي كالمهم ،فأراد الخليفة أن يعرف نوع غنائه
فقال له :ماذا تتغني به؟ فقال منشداً:
عاد في اللذات يبغي تعبي وفــــؤادي كلــــما عـــاتبتـه o
فـي تمـاديه فقــد برح بي ّل أراد الــــدهـر إّل ّلهـيـــا o
ذهـب العمـر كــذا باللـعب يا قرين السوء ما هذا الصبا o
قبل أن أفضـي منـه أربي وشـــباب بـان مـني فمــضى o
اتقـي هللا وخاـفي وارهبي نفسي ّل كنت وّل كان الهوى o
إال أن قال لهم: رضي هللا عنه فما كان من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
:من كان منكم مغنيا فليغن هكذا"...
10
ولقد كان أميرالمؤمنين إماما للمتصوفين والعارفين والواصلين
الزاهدين وهو يجيز هذا اإلنشاد،ألن الرجل يلوم نفسه فجعل تقوي هللا
والخوف منه والرهبة من عذابه حياة ً لنفسه ،بعد أن شاب ومضي
عمره في اللهو واللعب.
فالتصوف تأديب للنفس ،ويبعد بها عن زيغ الهوي ،وغايته أن تكون
نفس المؤمن وفق هواه تبعا ً لربه عز وجل ،ال أن يكون هو ُمتبعا ً
لهواها وملذاتها ورضاها ،ولذلك يقول سادتنا الصوفية " :نفسك إن لم
تشغلها بالحق ،شغلتك بالباطل،ولن يشغل اإلنسان نفسه بالحق إّل
اذك ُُرونِي أ َ ْذك ُْر ُك ْم
بالعبادة و التقرب إلي الحق بالحق".قال تعالي ( :فَ ْ
ون﴾ 152البقرة. شك ُُروا ِلي َو َّل ت َ ْكفُ ُر َِوا ْ
سنَةٌ ِل َمن ك َ
َان س َوةٌ َح َّللا أ ُ ْ َان لَ ُك ْم فِي َر ُ
سو ِل َّ ِ وقال عز وجل( :لَّقَ ْد ك َ
يرا) 21االحزاب. ّللا َوا ْليَ ْو َم ْاآل ِخ َر َو َذك ََر َّ َ
ّللا َك ِث ً يَ ْر ُجو َّ َ
فالتصوف هو العبادة الحقة ،وذكر هلل سبحانه وتعالي ،وشكر علي
نعمته وتأسي برسول هللا ﷺ -وهوﷺ خير أُسوة وأعظم قدوة و إمام.
وفقنا هللا للذكر والشكر ومن علينا بعظيم اإلحسان واألجر،وكفانا هللا
شر هذا العصر إنه سبحانه نِعم المولي ونعم النصير،،،
11
(الشفاعة)
من جملة المذاهب التي ظهرت قبل قرن تقريبا ً هو مذهب (الوهابية)
ورئيس هذا المذهب هو "محمد بن عبد الوهاب"الذي يزعم أنه
الموحد الوحيد وغيره من المسلمين كفار مشركون ،وهذه بعض
مظاهر توحيده:
-إنه يعتقد أن هللا جالس علي العرش حقيقةً ،وأن له يدا ً و رجالً وساقا ً
وجنبا ً و عينا ً ووجها ً و نفسا ً ولسانا ً ،و أنه يتكلم بحرفٍ وصوتٍ،
وخالصة القول أنه يعتقد التجسم الذي أجمع المسلمون علي كفره.
-إن البن عبد الوهاب عقائد وأحكاما حول القبور واختصت بها،وأفتي
بها من غير دليل شرعي ،بل إن األدلة قائمة علي خالف ما َح َك َم به،
وأن مذهبه حول القبور :أنه يحرم ِعمارتها والبناء حولها،والدعاء
والصالة عندها ،بل يجب طمسها ومحو أثارها حتي قبر المصطفي
ﷺويزعم هو وأتباعه أن المشاهد ال ُمشرفة و القبور التي فيها بمنزلة
االصنام ،ويقولون في قبر النبي ﷺ أنه الصنم األكبر.
-وقال الوهابية :الشفاعة لألنبياء و األولياء منقطعة في الدنيا ،وإنما
هي ثابته لهم في اآلخرة ،فلو جعل العبد بينه و بين هللا تعالي وسائط
من خلقه يسأل ُهم الشفاعة كان ذلك شركاً ،وعبادة لغير هللا تعالي
َّلل فَ َال ت َ ْدعُوا َم َع َّ ِ
ّللا اج َد ِ َّ ِ
س ِمحتجين عليه بقوله تعاليَ ( :وأ َ َّن ا ْل َم َ
أَ َ
حدًا) 18الجن
ع ْن َدهُ ِإّل َّ ِب ِإ ْذنِ ِه) 255البقرة وقوله سبحانهَ ( :من َذا الَّذِي يَ ْ
شفَ ُع ِ
ارت َ َ
ضى) 28األنبياء ْ شفَعُ َ
ون إِ َّّل ِل َم ِن (و َّل يَ ْ
وقوله جل شأنهَ :
شفَاع ََة ِإ َّّل َم ِن ات َّ َخ َذ ِعن َد َّ
الرحْ َم ِن ُون ال َّوقوله عز من قائلَّّ ( :ل يَ ْم ِلك َ
ع ْهدًا) 87مريم.
َ
12
وهنا نتكلم عن الشفاعة فنقول:
إن الشفاعة ثابته للنبي ﷺ وآله وصالح المؤمنين والمالئكة المقربين
فيجوز اإلستشفاع بهم إلي هللا تعالي ،لنهوض الكتاب و السنة عليه.
فمن الكتاب قوله سبحانه:
ست َ ْغفَ َر لَ ُه ُم وك فَا ْ
ست َ ْغفَ ُروا َّ َ
ّللا َوا ْ (لَ ْو أَنَّ ُه ْم ِإ ْذ َظلَ ُموا أ َ ْنفُ َ
س ُه ْم َجا ُء َ
سو ُل لَ َو َجدُوا َّ َ
ّللا ت َ َّوابًا َر ِحي ًما) 64النساء الر ُ
َّ
دلت اآلية علي أن العاصين متي جاءوا إلي الرسول ﷺ تائبين،
وجعلوا يتوسلون به في طلب المغفرة من هللا واستغفر عند ذلك لهم
الرسول ﷺ لوجدوا هللا توابا ً رحيماَ.
فلو كان االستشفاع من النبي ﷺ وآله ِشركا ً باهلل لما وجدوا هللا توابا ً
رحيماً ،ألن هللا سبحانه ال يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن
يشاء.
قال الفخر الرازي في التفسير:
يعني لو أنهم عندما ظلموا أنفسهم بالتحا ُكم إلي الطاغوت و الفرار من
التحاكم إلي الرسول و جاءوا غلي الرسول وأظهروا الندم علي ما
فعلوه،و تابوا عنه واستغفروا منه و استغفر لهم الرسول بأن يسأل هللا
ان يغفر لهم عند توبتهم لوجدو هللا توابا ً رحيماً.
وقال أيضا ً – عند ذكر الفائدة للعدول عن الخطاب إلي الغيبة
وإنما قال:
واستغفر لهم الرسول ،ولم يقل :واستغفرت لهم إجالالً للرسول
13
و أنهم إذا جاءوه فقد جاءوا َمن خَصهُ هللا برسالته،وأكرمهُ وجعلهُ
سفيرا ً بينه وبين خلقه،ومن كان كذلك ،فاهلل ال يرد شفاعته.
أقول وما ذكره هللا تعالي من كون الرسولﷺسفيرا ً بين هللا تعالي و بين
العباد هي الواسطة التي اثبتناها لقارئ المقال ،بل أقول أن
في العدول من الخطاب إلي الغيبة هي اإلشارة و الداللة علي أن هذا
المقام الكريم ،و غفران هللا باستغفار الشفيع غير مختص يشخصية
النبي ﷺ وإنما هو عام لكل سفير ول َمن له جهة القرب من هللا المقتضية
لألهلية الشفاعة.
ومنها قوله تعالي -حكاية عن أوالد يعقوب ( :قَالُوا يَا أَبَانَا ا ْ
ست َ ْغ ِف ْر لَنَا
ين) 97يوسف ذُنُوبَنَا إِنَّا ُكنَّا َخ ِ
اطئِ َ
الر ِحي ُم) 98يوسف ور َّ ف أَ ْ
ست َ ْغ ِف ُر لَ ُك ْم َر ِبي ِإنَّهُ ُه َو ا ْلغَفُ ُ س ْو َ
و قول يعقوبَ ( :
فإنه صريح في سؤالهم وتوسلهم بأبيهم إلي هللا تعالي في اإلستغفار
وطلب العفو،ونزول الرحمة في الدنيا قبل اآلخرة.ومن الشفاعة ما
ست َ ْغ ِف ْر ِل َذن ِب َك
تضمن استغفار النبي ﷺ للمؤمنين من قوله تعاليَ ( :وا ْ
ين َوا ْل ُم ْؤ ِمنَا ِ
ت) 19محمد َو ِل ْل ُم ْؤ ِمنِ َ
لَ ُ
ه ْم) 103التوبة سك ٌَن علَ ْي ِه ْم إِ َّن َ
صالت َ َك َ ص ِل َ
وقوله سبحانهَ ( :و َ
ومن المعلوم أن األمر بإلستغفار يُالزم جواز اإلستشفاع بالنبي ﷺ
ألنه ال يأمر بالشرك و الكفر( :أَيَأ ْ ُم ُر ُك ْم ِبا ْل ُك ْف ِر بَ ْع َد ِإ ْذ أ َ ْنت ُ ْم ُم ْ
س ِل ُم َ
ون)
اآلية 80آل عمران
14
دلت علي جواز وقوع الشفاعة الحسنة من المؤمنين"بعضهم في حق
بعض"،ولو كان ذلك ِشركا ً لما صح اإلذن في الشفاعة ال عقالً وال
سمعا ً مع أنها مأذون فيها،و ُمرغب إليها بقوله سبحانه( :يَكُن لَّهُ نَ ِص ٌ
يب
ِم ْن َها ) .كما أن الشفاعة هي عبارة عن إجتماع الشفيع مع المشفوع
شفع وهو أن يصير له في الدعاء والمسألة،إذا الشفاعة مشتقة من ال َّ
اإلنسان نفسه مشفعا ً لصاحب الحاجة،كي يجتمع معه علي المسألة من
هللا تعالي،فهي دعاء وطلب من هللا تعالي وطلب لدعاء الشفيع إلي
هللا،ال دعاء مع هللا واآلية دالة علي حرمة الدعاء مع هللا سبحانه
وتعالي ،ال الدعاء من هللا تعالي،وأين هذا من ذاك؟
ولو كان التوسل بالشفيع عبادة له لنا جاز األمر بالتوسل في قوله
سيلَةَ َو َجا ِهدُوا
ّللا َوا ْبتَغُوا ِإلَ ْي ِه ا ْل َو ِ تعالي ( :يَا أَيُّ َها الَّذ َ
ِين آ َمنُوا اتَّقُوا َّ َ
ون) 35المائدة س ِبي ِل ِه لَعَلَّ ُك ْم ت ُ ْف ِل ُح َ
فِي َ
فإن قال المعارض:إن الوسيلة بالعمل الصالح -فلنقل:العمل الصالح
مخلوق ،وأفضل المخلوقات هو النبي ﷺ.
و في الحديث الشريف قد توسل آدم ابو البشر بالنبي ﷺلما اقترف
الخطيئة وأكل من الشجرة ،فغفر هللا له كما رواه الطبراني.
و في الحديث الشريف استشفع الضرير بالنبي ﷺ حين كف بصره
فأذِن له النبي ﷺ أن يصلي ركعتين ويقول" :اللهم أسألك وأتوجه إليك
بمحمد نبي الرحمة أن ترد علي بصري"فرد هللا عليه بصره".
فقول الوهابية :أن الواسطة ملغاة في الشريعة يرده الكتاب والسنة
الوارده عن النبي ﷺ وآله في أهل بينه وأصحابه بطرق صحيحة ،مثل
قوله ﷺ ( :أّل إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من قومه ،من
15
ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق) وقوله ﷺ في الحديث المتواتر( :
إني تارك فيكم الثقلين :كتاب هللا ،وعترتي أهل بيتي ،ما إن
تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا )ومعني التمسك بهما في الشدائد
وجعلهما سببا ً للنجاة من الهلكة في الدنيا واآلخرة.
البزار و غيره عن ابن عباس قال( :توفي ابن لصفية ،عمة وقد َر َوي َّ
رسول هللا ﷺ ،فبكت عليه وصاحت ،فأتاها النبي ﷺ فقال لها" :يا
عمة ،ما يبكيك؟" .قالت :توفي ابني .قال" :يا عمة ،من توفي له
ولد في اإلسالم فصبر بنى هللا له بيتا ً في الجنة" .فسكتت .ثم خرجت
من عند رسول هللا ﷺ فاستقبلها عمر بن الخطاب فقال :يا صفية ،قد
سمعت صراخك ،إن قرابتك من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم لن
تغني عنك من هللا شيئا ً .فبكت فسمعها النبي صلى هللا عليه وسلم،
وكان يكرمها ويحبها فقال" :يا عمة ،أتبكين وقد قلت لك ما قلت؟".
قالت :ليس ذاك أبكاني يا رسول هللا ،استقبلني عمر بن الخطاب
فقال :إن قرابتك من رسول هللا ﷺ لن تغني عنك من هللا شيئا ً .قال:
فغضب النبي ﷺ وقال" :يا بالل ،اجهر بالصالة" فصعد المنبر النبي
ﷺ ،فحمد هللا وأثنى عليه ثم قال" :ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي
ّل تنفع؟ كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إّل سببي ونسبي ،فإنها
سمعت موصولة في الدنيا واآلخرة) .قال عمر :فتزوجت أم كلثوم لما َ
رسول هللاﷺ يومئذٍ ،وأحببت أن يكون بيني و بين رسول هللا ﷺ نسب
و سبب.
فإنظر يا أخي كيف حرص عمر بن الخطاب رضي هللا عنه علي أن ينصهر
في آل البيت ليكون له من رسول هللا ﷺ نسب ينفعه يوم القيامة.
16
ثم إن الجواب عما استدل به الوهابي من قول هللا تعالي( :فَ َال ت َ ْدعُوا
ّللا أ َ َحدًا) 18الجن هو أن المنفي باآلية الدعوة مع هللا ،دون الدعوة َم َع َّ ِ
من هللا بواسطة الشفيع ،وطلب دعائه أيضا ً إلي هللا حسبما ذكرنا علي
أن المراد من النهي االنتهاء عن جعل شريك هلل تعالي في العبادة
اج َد ِ َّ ِ
لِل) 18الجن. س ِ،بقرينة قوله سبحانهَ ( :وأ َ َّن ْال َم َ
فالمعني كما بين المفسرون أن المساجد هلل ،فال تعبدوا مع هللا غيره.
آ َ
خ َر) 88القصص ّللا ِإلَ ًها كما في قوله تعاليَ ( :و َّل ت َ ْد ُ
ع َم َع َّ ِ
وهذا يقوله كل مخلص في عبادته،ولكنه ال دخل له بمسأله االستشفاع.
وأني ال أشك في أن الشفاعة ثابتة لمن إتخذ عند الرحمن عهدا ً أي
إيمانا ،فالمؤمنون يملكون الشفاعة ،ألن الشفاعة ثابتة بعد اإلذن و
شفَعُ َ
ون ِإ َّّل ِل َم ِن (و َّل يَ ْ
الرضا من هللا تعالي ،كما في قوله تعالي َ
ارت َ َ
ضى) 28األنبياء ْ
و لو أن الشفاعة شرك لما جاز اإلذن و الرضا بها.
17
(الوفاء لآل البيت)
إن زيارة قبور المؤمنين مستحبة شرعا ً فضالً عن زيارة قبر رسول
هللا ﷺ لتواتر األحاديث الصحيحة الصريحة في إستحبابها والدليل
كامن في زيارتة ﷺشهداء أُحد و ح ُ
ضوره لزيارة البقيع.
سلَّ َم ُ " :ز ُ
وروا صلَّى َّ
َللاُ َعلَ ْي ِه َو َ َع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرة َ ،قَا َل :قَا َل َر ُ
سو ُل َّ ِ
َللا َ
ور فَ ِإنَّ َها ت ُ َذ ِك ُر ُك ُم ْاآل ِخ َرةَ " وعن ابن أبي مليكه عن عائشة:أن ا ْلقُبُ َ
رسول هللاﷺ رخص في زيارة القبور.
عن أبي هريرة ،قال ( :زار رسول هللا ﷺ قبر أمه فبكى وأبكى من
حوله ،ثم قال " :استأذنت ربي أن أزور قبرها فأذن لي ،
واستأذنته أن أستغفر لها فلم يؤذن لي فزوروا القبور ،فإنها تذكركم
الموت).
و في اإلحياء عن عبد هللا بن أبي مليكة قال" :أن عائشة أقبلت ذات
يوم من المقابر ،فقلت لها :يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت :من
قبر عبد الرحمن بن أبي بكر .فقلت لها :أليس كان رسول هللا صلى
هللا عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت :نعم .ثم أمر بزيارتها"
والمعلوم أن النبي ﷺ قال في كالمه الشريف " ُك ْنتُ نَ َه ْيت ُ ُك ْم ع َْن ِز َ
يارة
ور فَ ُزوروها" وفعالً كان النبي قد نهي أتباعه عن زيارة القبور القُبُ ِ
في فجر اإلسالم وأراد بذلك أن يشدهم بعيدا ً عن التأثر بعبادة األصنام
الذين كانوا قربي العهد بعبادتها في الجاهلية و لما رسخ اإليمان بعد
ذلك في قلوبهم وإرتوت منه أرواحهم وتعمقت جذوره في صدرهم
18
وتفرع حبهُ بين أكبادهم حتي رقت وتشففت أذن لهم بزيارتها بتوجيه
من هللا تعالي .وخير قبر يزار هو قبر الشفيع المصطفي ﷺ ومشاهد
ّللاُ ِليُ ْذ ِه َ
ب عَن ُك ُم آل البيت الذين قال هللا تعالي في حقهم( :إنَّ َما يُ ِري ُد َّ
يرا) 33االحزاب ت َويُ َط ِه َر ُك ْم ت َ ْط ِه ً س أ َ ْه َل ا ْلبَ ْي ِ
الرجْ َ
ِ
علَ ْي ِه أَجْ ًرا ِإ َّّل ا ْل َم َو َّدةَ ِفي ا ْلقُ ْربَى) 23سورة الشوري سأَلُ ُك ْم َ
وقال( :قُل َّّل أ َ ْ
وعلي ذلك فالصالحين من المنتمين آلل البيت النبوي لهم علينا حقوق
في زيارة مشاهدهم.
عنق أتباعه و مريديه ،إذ أن من تمام فأضحي لكل إمام عهد في ُ
الوفاء وحسن األداء زيارة قبورهم ،فمن زارهم رغبة في زيارتهم
وتصديقا ً بما رغبوا فيه كانوا شفعاءهم يوم القيامة.
وكما أن الزيارة تزيد من رابطة الوالء و المحبة بين األئمة و أتباعهم
وتجدد في النفوس ذكر مناقبهم وأخالقهم الكريمة وجهادهم الذي
يعتصرون فيه أكبادهم ،حيث يحملون مشاق الدعوة بين مشارق
األرض و مغاربها ،فتنتشر أرواحهم في سبيل الحق وتظلل قلوبهم
الشوارد من الخلق إلي تهب عليهم نسمات الهدي و الرشاد فيعرفون
هللا ويشملهم رضاه.
كما أن زيارة مشاهد األئمة تجمع كثير من المسلمين المتعارفين علي
صعيد واحد،علي أتقي قلب رجل واحد،وكيف ال؟
وهم عباد ُمكرمون إختصهم هللا تعالي بكرامته و َحبا ُهم بواليته ،إذ هم
في أعلي و أسمي درجات الكمال الالئقة في البشر من العلم و التقي و
الورع والشجاعة ،والكرم والعفة وسمو االخالق و الصفات الحميدة.
19
وقد تواتر عن النبي ﷺ أن حبهم عالمة اإليمان وأن بغضهم عالمة
النفاق وأن من احبهم أحب هللا ومن أبغضهم أبغض هللا و رسوله وال
شك أن هللا سبحانه وتعالي لم يفرض حبهم و مودتهم إال ألنهم أهل
الحب والوفاء من ناحية قربهم إليه سبحانه و تعالي ورفع منزلتهم
عنده ،ومما الشك فيه أيضا :أنهم أولو األمر الذين أمر هللا تعالي
بطاعتهم فجعلهم الشهداء علي الناس و هم أبواب هللا والسبيل إليه
واألدالء عليه فهم الذين أذهب هللا عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً.
وفي إعتقادي أنه زيادة علي وجوب التمسك بآل البيت يجب علي كل
مسلم أن يدين بحبهم ومودتهم ألن الحق سبحانه و تعالي ييقول في
علَ ْي ِه أَجْ ًرا إِ َّّل ا ْل َم َو َّدةَ فِي ا ْلقُ ْربَى)23الشوري
سأَلُ ُك ْم َ
كتابه الحكيم( :قُل َّّل أ َ ْ
فاهلل تعالي في اآلية المذكورة وضع المسئول عليه الناس في دائرة
المودة في القربي"آل البيت" فبات واضحا ً أنه علي كل مسلم مؤمن أن
يلتزم إلتزاما ً بالمودة و القرب والوفاء والحب نحو أستاذه ومرشده،
وهو شيخه ومعلمه ،المنتسب إلي الحضرة النبوية الشريفة والملتزم
نحو أبنائه وتالميذه بالرعاية والهداية والتقوي إذ اليوجد علي مدار
فلك التاريخ أن لمع نجم في طريق اإلسالم من السادة السابقين
واألعالم اإل وله مرشد وإمام ،ذلك إلي أن نصل إلي المرشد األعظم
و السر األفخم سيدنا محمد ﷺ
20
وفي هذا يقول شيخنا أبوخليل رضي هللا عنه:
-يؤدبهـا بالـروح زاغـت عـن الســير oإذا لم يكن للنفس شيخ علي هدي
-سوي ماهر يدرى السباحة في البحر oوّل يعــبرالبحــر الخضــم ونـوأه
-علـي مـوجة التيار مـا نـورها يســري oولوّل اتصال الكهرباء بأصلــها
21
(أداب املريد مع نفسه)
ليعلم المريد أن هللا ناظرا ً إليه ومطلع عليه فى جميع األحوال •
فليشتغل بذكر هللا بقلبه دائما ً ماشيا ً كان أو قاعدا ً أو في أثناء
وظيفته أو صنعته أو تجارته ،بمعنى أن يجرى لفظ الجاللة على
قلبه .
أن يترك أصحاب السوء وأن يجالس األخيار :فقد أوحي هللا إلي •
موسي عليه السالم ال تجالس أهل الهوي فيحدثوا في قلبك مالم يكن.
مجالسة األخيار تورث الخير ،وصحبة األشرار تورث الشر •
.فقد قال أئمة الصوفيه :
23
أن يتحرى أكل الحالل وأن يصون لسانه عن لغو الحديث وعن •
كثره الضحك و الفكاهة وعن الغيبة و النميمة ،ويصون قلبه
عن الخواطر والشكوك فإن من حفظ لسانه و أستقام قلبه إنكشفت
ض بصره عن المحرمات ما أمكن فإن له األسرار ،وأن يَغُ َ
النظر إليها كالسم القاتل والسهم الصائب إلى قلبه فيقتله وال سيما
النظر إليها بشهوة ،وقد قال شيخنا سيدى الشيخ محمد محمد أبو
خليل الكبير :من أعظم األشياء التي تقطع المريد عن ربه وعن
شيخه أن يمأل قلبه بالشهوات وأن يدخل مع أهل الغفلة وأن
يسكن إليهم و يباشرهم ويصاحب أهل الهوى والنساء فإنه خوان
بشهواته مفتونا ً بنفسه ال يصل إلى ربه .
ترك الجدال والمناظرة مع أهل الجدال ألن ذلك يورث النسيان •
والحجاب ،وإذا وقع من ذلك فليستغفر هللا العظيم .
أن يجالس إخوانه عند ضيق صدره :ويتباحث معهم في آداب •
الطريق حتى ينشرح صدره وينفرج أمره ،وأال يقهقه في
الضحك ألنها تميت القلب ،وكان النبي ﷺ يبتسم وال يقهقه،وقال
شيخنا سيدي الشيخ محمد محمد أبو خليل الكبير " :من ضحك
بقهق ٍه فإن قلبه خوي من اإليمان و إمتأل بأالعيب الشيطان ،فال
تميتوا قلوبكم وأحيوها بالخوف من ربكم ".
حب الجاه و َ أن يترك البحث عن أحوال الناس وأن يترك •
الرياسة ،ألنها قاطعة عن طريق هللا قال صلى هللا عليه وسلم
ى َع ْن أ َ ِبي ِه قَا َل :قَا َل ار ِ ّ ب ب ِْن َما ِلكٍ األ َ ْن َ
ص ِ فيما معناه َع ِن اب ِْن َك ْع ِ
س َد لَ َها ِم ْن غنَ ٍم ِبأ َ ْف َ
سالَ ِفى َ ان أ ُ ْر ِ
ان َجائِعَ ِ َللاﷺ( َما ِذئْبَ ِ سو ُل َّ َِر ُ
ف ِلدِينِ ِه ) 2550الزهد سنن الترمذى علَى ا ْل َما ِل َوالش ََّر ِ
ص ا ْل َم ْر ِء َ
ِح ْر ِ
24
• أن يكون المريد متواضعا ً ألن التواضع :يزيده رفعة وأن يكون
خائفا من هللا عز وجل راجيا عفوه ،وال يتكبر ويتجبر بعبادته بل
على .
َ يقول أنا أه ُل للعقاب لوال فض ُل هللا
• أن يقدم المشيئة عند كل قول وأن يكتم ما يراه من األسرار مناما ً
أو يقظة إال لشيخة ،ومن أدعي مقاما ً لم يصل إليه حرم الوصول
إليه ،وإن أراد أن يبيح بهذه األسرار لكي يهتدي بها العاصي إذا
سمعها فعليه أن يقول سمعت بعض الفقراء يقولون كذا بحيث ال
يفهم الناس انه يقصد نفسه أو يستبطئ-الفتح عليه بل يعبد هللا
لوجهه سواء فتح عليه أو لم يفتح ،وإذا أراد أن يزور مقام ولي
من األولياء أو احد من األقطاب في مقامة فعليه أن يستأذن
شيخه،ثم يتبع اآلتي:
(أ) أن يسلم علي صاحب القبر أوال ثم يتجه إلي القبله ويقرأ
الفاتحه مرة و سورة اإلخالص إحدي عشر مرة و آية الكرسي
مرة و يهب ثوابها إلي صاحب هذا المقام،ولكي يستمد من
روح هذا الولي فيجب عليه أن يجرد نفسه من كل شئ حتي
يصير روحا ً صافيا ً ثم يتصور هذا الولي و روحانيته نورا ً
مجردا ً من الكيفيات المحسوسه و يحفظ ذلك النور في قلبه
حتي يحدث له فيضا ً من فيوضات هذا الولي،و ينبغي علي
المريد أن يستعين علي ذلك بإستحضار روح شيخه و
االستمداد من روحانيته وجعلها واسطه بينه و بين هذا الولي
ال َمزور ومن غير شيخه ال يصل له شئ.
26
أال ينظر إلى ما يفعله مع بعضهم فال ينظر إلى ما يفعله مع غيره •
أو يقول ِل َم فعل كذا لفالن ولم يفعل بى ؟ فمن فعل ذلك ال تصح
له تربية وقد يُطرد.
أن يمتثل أمر شيخه ويسلم له اإلنقياد ففي ذلك الخير و البركة. •
أال يبحث في أحوال شيخه مطلقا ً من عباده أو عاده وال يتدخل •
في أحواله المنزلية أو الشخصية وال يدخل عليه مكانا ً يختلي فيه
إال بإذنه.
أال يقدم علي محبته محبه أحد غيره إال هللا ورسوله. •
أال يعاشر من يبغضه الشيخ أو يطرده أو من يبغض الشيخ. •
والخالصه في ذلك:
أنه البد أن يتأدب بأدبه ويأتمر بأمره ويحفظ قلبه في حضرته،
فيسري إلي باطنه سراج يقتبس من نور الشيخ فيكون كالمه في
قلب المريد ثابتا كالحبة التي تنبت النبات.
ومقاله الذي يصدر من نفائس حاله ينتقل من الشيخ إلي المريد
يسر الذكر وبواسطة الصحبة وسماع المقال.
وال يكون ذلك إال لمن حصر نفسه مع شيخه،وانسلخ من إرادة
نفسه ،وترك أختيارها ،فإمتزج وارتبط بروحه وظهرت نفسه
بتآلف إلهي فيرتقي من ترك اإلختيار مع الشيخ إلي ترك
اآلختيار مع هللا تعالي فيتواله ربه.
27
(أداب املريد مع اخوانه)
وقال ﷺ ( :مثل األخوين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما األخرى
وما التقي مؤمنان قط إّل َّ أفاد هللا أحدهما من صاحبه خيرا ً) رواه بهذا
اللفظ أبو نعيم.
28
ّللا ﷺ « أ َ ْك َم ُل ا ْل ُم ْؤ ِمنِ َ
ين وقال ﷺ( :ع َْن أَبِى ُه َر ْي َرةَ قَا َل :قَا َل َر ُ
سو ُل َّ ِ
سنُ ُه ْم ُخلُقًا » ) حديث - 4684السنة -سنن أبى داود وقال ِإي َمانًا أَحْ َ
الجنيد( :أربعة ترفع العبد إلى أعلى الدرجات ولو ق َل ِعل ُمه :الحلم و
التواضع و السخاء و حسن الخلق ) .
ض َجنَا َح َك .4أن تتواضع إلخوانك لقوله تعالى َ (:و ْ
اخ ِف ْ
ِل ْل ُم ْؤ ِمنِ َ
ين)88الحجر.
وقال شيخنا سيدي الشيخ محمد محمد أبو خليل الكبير ( :إن التواضع
من شيم الكرام ،والتكبر من صفات اللئام ،وأعلى الناس قدرا ً من ّل
يرى لنفسه جاها ً ،وأعظمهم فضالً من ّل يرى لنفسه فضالً) .
اض ْب ِن ِح َم ٍار أَنَّهُّللا ع َْن ِعيَ ِ وقال ﷺ (:ع َْن قَتَا َدةَ ع َْن يَ ِزي َد ْب ِن َ
ع ْب ِد َّ ِ
ّللا أ َ ْو َحى ِإلَ َّى أ َ ْن ت َ َوا َ
ضعُوا َحتَّى ّلَ يَ ْب ِغ َى ّللا ﷺ « ِإ َّن َّ َ سو ُل َّ ِ قَا َل :قَا َل َر ُ
ح ٍد » ) حديث -4897األدب -سنن علَى أَ َ علَى أ َ َح ٍد َوّلَ يَ ْف َخ َر أ َ َح ٌد َ
أ َ َح ٌد َ
أبى داود.
وقال شيخنا الشيخ محمد محمد أبوخليل الكبير صاحب السيرة ( :إعلم
يا بني بأن كل نبات ّل يثمر إّل بوضعه تحت األرض ،تعلوه النِعال ،
وتدوسه األقدام ،فكذالك الرجال إن جعلوا نفوسهم أرضا ً لجميع
األخوان أثمرت ثمار الحقيقة وأشرقت عليها أنوار اإليمان ).
.5أن تتعاون معهم على البر والتقوى وحب هللا ،وترغبهم فيما
يرضى هللا وترشدهم إلى الصواب إن كنت كبيراً ،وتتعلم منهم إن
كنت صغيرا ً
ّللا -صلى هللا عليه وسلم- سو ُل َّ ِ :قَا َل َر ُ وقال ﷺ (:ع َْن عَائِشَةَ قَالَتْ
س َى َذك ََّرهُ َو ِإ ْن
ق ِإ ْن نَ ِ
ير ِص ْد ٍ َجعَ َل لَهُ َو ِز َ « ِإ َذا أ َ َرا َد َّ
ّللاُ ِباأل َ ِم ِير َخ ْي ًرا
29
س َى لَ ْم
وء ِإ ْن نَ ِ
س ٍ غ ْي َر ذَ ِل َك َجعَ َل لَهُ َو ِز َ
ير ُ َذك ََر أَعَانَهُ َوإِ َذا أ َ َرا َد َّ
ّللاُ بِ ِه َ
يُ َذ ِك ْرهُ َو ِإ ْن َذك ََر لَ ْم يُ ِع ْنهُ » ) حديث -2934الخراج -سنن أبى داود .
أن ترحم إخوانك بأن توقر الكبير،و تشفق علي الصغير لقوله ﷺ:
(ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا) رواه الترمذي .
و تخدم إخوانك ولو بتقديم النعال لهم ،ففي الحديث القدسي ( :إن كنتم
تُريدون رحمتي فار َحموا َخلقي).
وقال ﷺَ ( :م ْن َّل يَ ْر َح ِم النَّ َ
اس َّل يرحمه هللا) متفق عليه.
.6أن يتلطف اإلنسان في النصيحة ألخيه :فقد قال شيخنا الشيخ محمد
محمد أبو خليل الكبير ":من لم يستر على إخواننا ،ويستر ما يراه
منهم من الهفوات ،فقد فتح على نفسه باب كشف ستر عورته بقدر
ما فضحهم وأظهر من هفواتهم "وقال ﷺ ( :ع َْن ِع ْك ِر َمةَ ع َِن ا ْب ِن
ست َ َر ست َ َر ع َْو َرةَ أ َ ِخي ِه ا ْل ُم ْ
س ِل ِم َ اس :ع َِن النَّبِ ِى -ﷺ -قَا َل َ «:م ْن َ عبَّ ٍ َ
ّللاُ
َف َّس ِل ِم َكش َ َف ع َْو َرةَ أ َ ِخي ِه ا ْل ُم ْ
ّللاُ ع َْو َرتَهُ يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة َو َم ْن َكش َ
َّ
حهُ ِب َها فِى بَ ْيتِ ِه » ) حديث -2643الحدود -سنن ابن ض َ ع َْو َرتَهُ َحتَّى يَ ْف َ
ب شيخنا ً ص ِح َ ماجه .وقد جاء رجل من الصالحين وكان عالما و َ
صاحب السيرة ،فلما أراد أن يفارقه ويسافر إلى بلده قال (:يا
سيدي أريد أن تنبهني على ما فى نفسي من العيوب :فقال له الشيخ
:يا أخي لم أرى فيك عيبا ً ،ألني نظرت إليك بعين الوداد ،فاسأل
غيري عن عيبك ) .وقال أيضا ً شيخنا محمد محمد أبو خليل الكبير
ألحد إخوانه ( كن حريصا ً يا ولدى على نجاة أخيك مما تراه وّل
تهجره فإن ذلك أنفع لك من الهجر ،وإن رأيت يا ولدى فى أحد
إخوانك عيبا ً ففتش فى نفسك فربما كان هذا العيب فيك وأنت ّل
30
ُ
اإلنسان فى المرآة إّل تدرى ،ألن المسلم مرآة المسلم و ّل يرى
صورته ).
.7عليك أن تقبل عذر أخيك إذا أعتذر إليك ولو كان كاذبا :فقد
قالﷺ( :و من آتاه أخوه متنصالً من ذنبه ،فليقبل منه محقا ً كان أو
مبطالً ،فمن لم يفعل لم يرد على الحوض يوم القيامة) رواه الحاكم
.وقال سيدي الشيخ محمد محمد أبو خليل الكبير صاحب السيرة ( :من
أرضاك ظاهرا ً ولو أغضبك باطنا ً ،فإنه أطاعك وعظمك من حيث أنه
لم يجاهرك بعصيانه ).
.8ت ُصلح بين إخوانك إن حصل بينهم نزاع فى شئ وال تعين أحد
منهم على اآلخر بل تصلحهم بلين ورفق بحيث ال تدع ألحد الحق
ص ِل ُحوا بَ ْي َن أ َ َخ َو ْي ُك ْم
ون ِإ ْخ َوةٌ فَأ َ ْ
على األخر .قال تعالى ِ (:إنَّ َما ا ْل ُم ْؤ ِمنُ َ
ون ) 10الحجرات. َواتَّقُوا َّ َ
ّللا لَعَلَّ ُك ْم ت ُ ْر َح ُم َ
.9أن تكون صادقا ً معهم فى جميع األحوال وأن ال تنساهم فى دعاء
بمغفرة لهم بظاهر من الغيب ،وأن تسأل عن اسم أخيك وعن اسم
أبيه :لما رواه البهقى فى الشعب (:إذا أحببت رجالً فسأله عن إسمه
و إسم أبيه فإن كان غائبا ً حفظتهُ ،وإن كان مريضا ً عدته و إن مات
شهدتهُ )
ِ
ب أ َ َح ُد ُك ْم أ َ َخا ُه فَ ْليُ ْع ِل ْمهُ فإنه أبقى لأللفة و أثبت إلى
وقال ﷺ ِ ( :إ َذا أ َ َح َّ
المودة) رواه ابن أبى الدنيا و البخارى
32
(ما َو َرد يف اذلاكرين)
( يمن مأدبه رب العاملني)
قال تعالي:
ت هار َآليا ٍ الف اللَّ ْي ِل َوالنَّ ِ اخ ِت ِ ض َو ْ ت َو ْاأل َ ْر ِ سماوا ِ ق ال َّ ( إ َّن ِفي َخ ْل ِ •
ّللاَ قِيا ًما َوقُعُودًا َوعَلى ُجنُوبِ ِه ْم ون َّ ِين يَ ْذك ُُر َ ِألُو ِلي األلباب الَّذ َ
باط ًال ض َربَّنا ما َخلَ ْقتَ هذا ِ ت َو ْاأل َ ْر ِ سماوا ِ ق ال َّ ون فِي َخ ْل ِ َويَتَفَك َُّر َ
ار) ( 190،191سورة آل عمران) س ْبحانَ َك فَ ِقنا ع َ
َذاب النَّ ِ ُ
ّللاُ َو ِجلَتْ قُلُوبُ ُه ْم َوإِ َذا ت ُ ِليَتْ ِين إِ َذا ذُ ِك َر َّ ون الَّذ َ (إِنَّ َما ا ْل ُم ْؤ ِمنُ َ •
ون ِين يُ ِقي ُم َ ون الَّذ َعلَى َر ِب ِه ْم يَت َ َو َّكلُ َ علَ ْي ِه ْم آيَاتُهُ َزا َدتْ ُه ْم ِإي َمانًا َو َ َ
ون َحقًّا لَ ُه ْم ون أُولَ ِئ َك ُه ُم ا ْل ُم ْؤ ِمنُ َ ص َالةَ َو ِم َّما َر َز ْقنَا ُه ْم يُ ْن ِفقُ َ ال َّ
ق ك َِري ٌم)( 2:4سورة االنفال) د ََر َجاتٌ ِع ْن َد َربِ ِه ْم َو َم ْغ ِف َرةٌ َو ِر ْز ٌ
ّللا ت َ ْط َم ِئ ُّن ّللا أ َ َّل ِب ِذ ْك ِر َّ ِِين آ َمنُوا َوت َ ْط َم ِئ ُّن قُلُوبُ ُه ْم ِب ِذ ْك ِر َّ ِ (الَّذ َ •
س ُن طوبَى لَ ُه ْم َو ُح ْ ت ُ صا ِل َحا ِ ِين آ َمنُوا َوع َِملُوا ال َّ وب الَّذ َ ا ْلقُلُ ُ
ب)( 28:29سورة الرعد) َمآ ٍ
وع الش َّْم ِس طلُ ِ س ِبحْ بِ َح ْم ِد َر ِب َك قَ ْب َل ُ ون َو َ علَى َما يَقُولُ َ ص ِب ْر َ (فَا ْ •
اف النَّ َه ِار لَعَلَّ َك س ِبحْ َوأ َ ْط َر َ اء اللَّ ْي ِل فَ َ غ ُرو ِب َها َو ِم ْن آنَ ِ َوقَ ْب َل ُ
ضى)( 130سورة طه) ت َ ْر َ
ين صابِ ِر َ ّللاُ َو ِجلَتْ قُلُوبُ ُه ْم َوال َّ ِين إِ َذا ذُ ِك َر َّ ين الَّذ َ ش ِر ا ْل ُم ْخبِتِ َ( َوبَ ِ •
ون)(34:35 ص َال ِة َو ِم َّما َر َز ْقنَا ُه ْم يُ ْن ِفقُ َ يمي ال َّ صابَ ُه ْم َوا ْل ُم ِق ِ علَى َما أ َ َ َ
سورة الحج)
ق ِإ َّّل أ َ ْن يَقُولُوا َربُّنَا َّ
ّللاُ ِين أ ُ ْخ ِر ُجوا ِم ْن ِديَ ِار ِه ْم ِبغَ ْي ِر َح ٍ
(الَّذ َ •
ام ُع َو ِبيَ ٌع ض لَ ُه ِد َمتْ َ
ص َو ِ اس بَ ْع َ
ض ُه ْم ِببَ ْع ٍ َولَ ْو َّل د َْف ُع َّ ِ
ّللا النَّ َ
33
ّللاُ َم ْنص َر َّن َّ يرا َولَيَ ْن ُ ّللا َكثِ ً
س ُم َّ ِ اج ُد يُ ْذك َُر فِي َها ا ْ س ِ صلَ َواتٌ َو َم َ َو َ
يز)( 40سورة الحج) ّللا لَقَ ِوي ع َِز ٌ ص ُرهُ ِإ َّن َّ َ يَ ْن ُ
سبِ ُح لَهُ فِي َها س ُمهُ يُ َ ّللاُ أ َ ْن ت ُ ْرفَ َع َويُ ْذك ََر فِي َها ا ْ ِن َّ ت أَذ َ (فِي بُيُو ٍ •
ارةٌ َو َّل بَ ْي ٌع ع َْن ِذ ْك ِر َّ ِ
ّللا يه ْم تِ َج َ صا ِل ِر َجا ٌل َّل ت ُ ْل ِه ِ ِبا ْلغُ ُد ِو َو ْاآل َ
وب ب فِي ِه ا ْلقُلُ ُ ون يَ ْو ًما تَتَقَلَّ ُ الزكَا ِة يَ َخافُ َ اء َّ ص َال ِة َوإِيت َ ِ َو ِإقَ ِام ال َّ
ار)( 36:37سورة النور) ص ُ َوا ْأل َ ْب َ
ونون أَلَ ْم ت َ َر أَنَّ ُه ْم فِي ُك ِل َوا ٍد يَ ِهي ُم َ او َ شعَ َرا ُء يَت َّ ِبعُ ُه ُم ا ْلغَ ُ ( َوال ُّ •
تصا ِل َحا ِ ِين آ َمنُوا َوع َِملُوا ال َّ ون ِإ َّّل الَّذ َ ون َما َّل يَ ْفعَلُ َ َوأَنَّ ُه ْم يَقُولُ َ
ِينسيَ ْعلَ ُم الَّذ َظ ِل ُموا َو َ ص ُروا ِم ْن بَ ْع ِد َما ُ يرا َوا ْنت َ َ ّللا َكثِ ً َو َذك َُروا َّ َ
ون)( 224:227سورة الشعراء) ب يَ ْنقَ ِلبُ َ ي ُم ْنقَلَ ٍ َظلَ ُموا أ َ َّ
ّللاَ َان يَ ْر ُجو َّ سنَةٌ ِل َم ْن ك َ س َوةٌ َح َ ّللا أ ُ ْ
سو ِل َّ ِ َان لَ ُك ْم فِي َر ُ (لَقَ ْد ك َ •
يرا)( 21سورة األحزاب) ّللا َكثِ ًَوا ْليَ ْو َم ْاآل ِخ َر َو َذك ََر َّ َ
ُون شي ِ يُ ِريد َ ُون َربَّ ُه ْم ِبا ْلغَدَا ِة َوا ْلعَ ِ ِين يَ ْدع َ س َك َم َع الَّذ َ ص ِب ْر نَ ْف َ ( َوا ْ •
ع ْن ُه ْم ت ُ ِري ُد ِزينَةَ ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َو َّل ت ُ ِط ْع َم ْن اك َ ع ْينَ ََوجْ َههُ َو َّل ت َ ْع ُد َ
طا)( 28سورة َان أ َ ْم ُرهُ فُ ُر ً أ َ ْغفَ ْلنَا قَ ْلبَهُ ع َْن ِذ ْك ِرنَا َواتَّبَ َع َه َواهُ َوك َ
الكهف)
ّللاُ لَ ُه ْم َم ْغ ِف َرةً َوأَجْ ًرا
ع َّد َّت أَ َ يرا َوالذَّا ِك َرا ِّللا َكثِ ً
ين َّ َ • ( َوالذَّا ِك ِر َ
َظي ًما)( 35سورة األحزاب) ع ِ
ّللا فَا ْ
ست َ ْغفَ ُروا احشَةً أ َ ْو َظلَ ُموا أ َ ْنفُ َ
س ُه ْم َذك َُروا َّ َ ِين ِإ َذا فَعَلُوا فَ ِ (والَّذ َ َ
علَى َما فَعَلُوا َو ُه ْم ّللاُ َولَ ْم يُ ِص ُّروا َ ِلذُنُو ِب ِه ْم َو َم ْن يَ ْغ ِف ُر الذُّنُ َ
وب ِإ َّّل َّ
ون)( 135سورة آل عمران) يَ ْعلَ ُم َ
34
(التحذير من الغفةل)
ّللا َو َما نَ َز َل ِم َن ش َع قُلُوبُ ُه ْم ِل ِذ ْك ِر َّ ِ ِين آ َمنُوا أ َ ْن ت َ ْخ َ (أَلَ ْم يَأ ْ ِن ِللَّذ َ •
اب ِم ْن قَ ْب ُل فَ َطا َل َ
علَ ْي ِه ُم ِين أُوتُوا ا ْل ِكت َ َ ق َو َّل يَكُونُوا كَالَّذ َ ا ْل َح ِ
ون)( 16الحديد) سقُ َ ير ِم ْن ُه ْم فَا ِ ستْ قُلُوبُ ُه ْم َو َكثِ ٌ ْاأل َ َم ُد فَقَ َ
ش ْي َطانًا فَ ُه َو لَهُ ض لَهُ َ الرحْ َم ِن نُقَيِ ْ ش ع َْن ِذ ْك ِر َّ ( َو َم ْن يَ ْع ُ •
ين)( 36سورة الزخرف) قَ ِر ٌ
ور ِم ْن َر ِب ِه فَ َو ْي ٌل علَى نُ ٍ س َال ِم فَ ُه َو َ ْل ْ ص ْد َر ُه ِل ْ ِ
ّللاُ َ (أَفَ َم ْن ش ََر َح َّ •
ين)( 22سورة ّللا أُولَئِ َك فِي َ
ض َال ٍل ُمبِ ٍ سيَ ِة قُلُوبُ ُه ْم ِم ْن ِذ ْك ِر َّ ِ ِل ْلقَا ِ
الزمر)
ِين آ َمنُوا َّل ت ُ ْل ِه ُك ْم أ َ ْم َوالُ ُك ْم َو َّل أ َ ْو َّل ُد ُك ْم ع َْن ِذ ْك ِر َّ ِ
ّللا (يَا أَيُّ َها الَّذ َ •
ون)( 9سورة المنافقون) س ُر َ َو َم ْن يَ ْفعَ ْل َذ ِل َك فَأُولَئِ َك ُه ُم ا ْل َخا ِ
س ُه ْم أُولَئِ َك ُه ُم سا ُه ْم أ َ ْنفُ َ ّللاَ فَأ َ ْن َسوا َّ ِين نَ ُ ( َو َّل تَكُونُوا كَالَّذ َ •
ون)( 19سورة الحشر) سقُ َ ا ْلفَا ِ
ض ْنكًا َونَحْ ش ُُر ُه يَ ْو َم ض ع َْن ِذ ْك ِري فَ ِإ َّن لَهُ َم ِعيشَةً َ ( َو َم ْن أَع َْر َ •
ع َمى)( 124سورة طه) ا ْل ِقيَا َم ِة أ َ ْ
ع ُه ْم َو ِإ َذا قَا ُموا ِإلَى ّللا َو ُه َو َخا ِد ُ ُون َّ َ ين يُ َخا ِدع َ ( ِإ َّن ا ْل ُمنَا ِف ِق َ •
ّللا إِ َّّل
ون َّ َ اس َو َّل يَ ْذك ُُر َ ون النَّ َ سالَى يُ َرا ُء َ ص َال ِة قَا ُموا ُك َ ال َّ
يال)( 142سورة النساء) قَ ِل ً
صعَدًا)( 17سوره الجن) ع َذابًا َ سلُ ْكهُ َ ض ع َْن ِذ ْك ِر َربِ ِه يَ ْ ( َم ْن يُ ْع ِر ْ •
ستَحْ َو َذ َ
علَ ْي ِه ُم ش ْي ٍء أ َ َّل ِإنَّ ُه ْم ُه ُم ا ْلكَا ِذبُ َ
ون ا ْ علَى َ ون أَنَّ ُه ْم َ سب ُ َ
(ويَحْ َ َ
ب ان أ َ َّل إِ َّن ِح ْز َ
ش ْي َط ِ
ب ال َّ ّللا أُولَئِ َك ِح ْز ُ ان فَأ َ ْن َ
سا ُه ْم ِذ ْك َر َّ ِ ش ْي َط ُال َّ
ون)( 18:19سورة) س ُر َ ان ُه ُم ا ْل َخا ِش ْي َط ِ ال َّ
35
(اذلكر من حديث خْي اخللق ﷺ)
ير َ ،ع ِن ْاأل َ ْع َم ِش َ ،ع ْن أ َ ِبي س ِعي ٍد َ ،ح َّدثَنَا َج ِر ٌ • َح َّدثَنَا قُت َ ْيبَةُ ب ُْن َ
َللا ﷺ ِ " :إ َّن ِ َّلِلِ سو ُل َّ ِ ح َ ،ع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرة َ ،قَا َل :قَا َل َر ُ صا ِل ٍ َ
سونَ أ َ ْه َل ال ِذّ ْك ِر ،فَإِ َذا َو َجدُوا قَ ْو ًما ق يَ ْلت َ ِم ُ طوفُونَ ِفي ُّ
الط ُر ِ َم َالئِ َكةً يَ ُ
َللا تَنَا َد ْوا َ :هلُ ُّموا ِإلَى َحا َجتِ ُك ْم ،قَا َل :فَيَ ُحفُّونَ ُه ْم ِبأ َ ْجنِ َحتِ ِه ْم يَ ْذ ُك ُرونَ َّ َ
اء ال ُّد ْنيَا ،قَا َل :فَيَ ْسأَلُ ُه ْم َربُّ ُه ْم َو ُه َو أ َ ْعلَ ُم ِم ْن ُه ْم َما يَقُو ُل س َم ِِإلَى ال َّ
س ِبّ ُحون ََك َ ،ويُ َك ِبّ ُرون ََك َ ،ويَ ْح َمدُون ََك ، ِعبَادِي ؟ قَالُوا :يَقُولُونَ يُ َ
َويُ َم ِ ّجدُون ََك ،قَا َل :فَيَقُو ُل :ه َْل َرأَ ْونِي ؟ قَا َل :فَيَقُولُونَ َ :ال َو َّ ِ
َللا
ْف لَ ْو َرأ َ ْونِي ؟ قَا َل :يَقُولُونَ :لَ ْو َما َرأ َ ْو َك ،قَا َل :فَيَقُو ُل َ :و َكي َ
ش َّد لَ َك ت َ ْم ِجيدًا َ ،وتَ ْح ِميدًا َ ،وأ َ ْكث َ َر ش َّد لَ َك ِعبَا َدة ً َ ،وأ َ َ َرأ َ ْو َك َكانُوا أَ َ
لَ َك ت َ ْسبِي ًحا ،قَا َل :يَقُو ُل :فَ َما يَ ْسأَلُونِي ؟ قَا َل :يَ ْسأَلُون ََك ْال َجنَّةَ ،
ب َما َللا يَا َر ّ ِقَا َل :يَقُو ُل َ :وه َْل َرأ َ ْوهَا ؟ قَا َل :يَقُولُونَ َ :ال َ ،و َّ ِ
ْف لَ ْو أَنَّ ُه ْم َرأ َ ْوهَا ؟ قَا َل :يَقُولُونَ :لَ ْو َرأ َ ْوهَا ،قَا َل :يَقُو ُل :فَ َكي َ
ظ َم ِفي َها طلَبًا َ ،وأ َ ْع َ ش َّد لَ َها َ صا َ ،وأ َ َ ش َّد َعلَ ْي َها ِح ْر ً أَنَّ ُه ْم َرأ َ ْوهَا َكانُوا أ َ َ
ار ،قَا َل : َر ْغبَةً ،قَا َل :فَ ِم َّم يَتَعَ َّوذُونَ ؟ قَا َل :يَقُولُونَ ِ :منَ النَّ ِ
ب َما َرأ َ ْوهَا ، َللا يَا َر ّ ِيَقُو ُل َ :وه َْل َرأ َ ْوهَا ؟ قَا َل :يَقُولُونَ َ :ال َ ،و َّ ِ
ش َّد ْف لَ ْو َرأَ ْوهَا ؟ قَا َل :يَقُولُونَ :لَ ْو َرأ َ ْوهَا َكانُوا أ َ َ قَا َل :يَقُو ُل :فَ َكي َ
ش َّد لَ َها َمخَافَةً ،قَا َل :فَيَقُو ُل :فَأ ُ ْش ِه ُد ُك ْم أ َ ِنّي قَ ْد ارا َ ،وأَ َ ِم ْن َها فِ َر ً
ْس ِم ْن ُه ْم َغفَ ْرتُ لَ ُه ْم ،قَا َل :يَقُو ُل َ :ملَ ٌك ِمنَ ْال َم َالئِ َك ِة :فِي ِه ْم فُ َال ٌن لَي َ
س ُه ْم " َ ،ر َواهُ سا ُء َال يَ ْشقَى ِب ِه ْم َج ِلي ُ ِإنَّ َما َجا َء ِل َحا َج ٍة ،قَا َل ُ :ه ُم ْال ُجلَ َ
س َه ْي ٌل َ ،ع ْن أ َ ِبي ِه َ ،ع ْن ش ْعبَةُ َ ،ع ِن ْاأل َ ْع َم ِش َ ،ولَ ْم يَ ْرفَ ْعهُ َ ،و َر َواهُ ُ ُ
سلَّ َم .َللاُ َعلَ ْي ِه َو َصلَّى َّ يِ َ أَبِي ُه َري َْرة َ َ ،ع ِن النَّبِ ّ
36
ي َ ،و ُم َح َّم ُد ب ُْن ْالعَ َال ِء ،قَ َ
اال َ :ح َّدثَنَا َللا ب ُْن بَ َّرا ٍد ْاأل َ ْشعَ ِر ُّ
• َح َّدثَنَا َع ْب ُد َّ ِ
سا َمةَ َ ،ع ْن بُ َر ْي ٍد َ ،ع ْن أ َ ِبي بُ ْر َدة َ عن أبي موسى رضي هللا أَبُو أ ُ َ
عنه عن النبي ﷺ قال( :مثل البيت الذي يذكر هللا فيه والبيت الذي
ّل يذكر هللا فيه مثل الحي والميت).
س ِعي ٍد • عن ْاألَغ ِ َّر أ َ ِبي ُم ْس ِل ٍم أَنَّهُ قَا َل أ َ ْش َه ُد َعلَى أ َ ِبي ُه َري َْرة َ َوأ َ ِبي َ
وني ِ ﷺ أَنَّهُ قَا َلَّ ( :ل يَ ْقعُ ُد قَ ْو ٌم يَ ْذك ُُر َ ش ِه َدا َعلَى النَّبِ ّ ي ِ أَنَّ ُه َما َ ْال ُخ ْد ِر ّ
الرحْ َمةُ َونَ َزلَتْ َ
علَ ْي ِه ُم شيَتْ ُه ُم َّ
غ ِ ّللا ع ََّز َو َج َّل ِإ َّّل َحفَّتْ ُه ُم ا ْل َم َالئِكَةُ َو َ َّ َ
ّللاُ ِفي َم ْن ِع ْن َد ُه ) صحيح مسلم. س ِكينَةُ َو َذك ََر ُه ُم َّ ال َّ
• عن أبي هريرة -رضي هللا عنه -قال :قال النبيﷺ :يقول هللا تعالى :
( أنا عند ظن عبدي بي ،وأنا معه إذا ذكرني ،فإن ذكرني في
نفسه ذكرته في نفسي ،وإن ذكرني في مْل ذكرته في مْل خير
منهم ،وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ،وإن تقرب إلي
ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه
البخاري ومسلم .
وفي رواية أخري(وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى
أحبه ،فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ،وبصره الذي يبصر
به ،ويده التي يبطش بها ،ورجله التي يمشي بها ،وإن سألني
ألعطينه ،ولئن استعاذني ألعيذنه ) رواه البخاري.
• عن أبي أمامة رضي هللا عنه قال :سمعت رسول هللاﷺ يقول ( :من
آوى إلى فراشه طاهرا يذكر اسم هللا -تعالى -حتى يدركه
النعاس لم ينقلب ساعة من الليل يسأل هللا -عز وجل -فيها
شيئا من خير الدنيا واآلخرة إّل أعطاه هللا إياه) روى الترمذي
والطبراني.
37
َللا ﷺ( :ما عمل سو ُل َّ ِ عن معاذ بن جبل رضي هللا عنه قال :قَا َل َر ُ •
آدمي عمال أنجى له من عذاب هللا من ذكر هللا) أخرجه مالك.
عن أبي الدرداء رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا ﷺ( :أّل أنبئكم •
بخير أعمالكم و أزكاها عند مليككم و أرفعها في درجاتكم و خير
لكم من إنفاق الذهب و الورق و خير لكم من أن تلقوا عدوكم
فتضربوا أعناقهم و يضربوا أعناقكم ؟قالوا :بلى يا رسول هللا
قال " :ذكر هللا ") ( صحيح ).
ار َك ّللاُ تَبَ َ َللا ﷺ ( :يَقُو ُل َّ سو ُل َّ ِ َع ْن أَن َِس ب ِْن َما ِلكٍ قَا َل :قَا َل َر ُ •
َوتَعَالَى :أ َ ْخ ِر ُجوا ِم َن النَّ ِار َم ْن َذك ََرنِي يَ ْو ًما ،أ َ ْو َخافَنِي فِي َمقَ ٍام)
جامع الترمذي.
(أل َ ْن أ َ ْقعُ َد َم َع قَ ْو ٍم
َللا ﷺَ : سو ُل َّ ِ ع ْن أَن َِس ب ِْن َما ِلكٍ ،قَا َل :قَا َل َر ُ •
ب ِإلَ َّ
ي س أ َ َح ُّ ص َال ِة ا ْلغَدَا ِةَ ،حتَّى ت َ ْطلُ َع الش َّْم ُّللا تَعَالَى ِم ْن َ يَ ْذك ُُر َ
ون َّ َ
س َما ِعي َل َ ،و َأل َ ْن أَ ْقعُ َد َم َع قَ ْو ٍم ق أ َ ْربَعَةً ِم ْن َولَ ِد ِإ ِْم ْن أ َ ْن أ َ ْع ِت َ
ي ب إِلَ َّ س :أ َ َح ُّب الش َّْم ُ ص َال ِة ا ْلعَص ِْر إِلَى أ َ ْن ت َ ْغ ُر َ
ّللا ِم ْن َون َّ َ يَ ْذك ُُر َ
ق أ َ ْربَعَةً) أخرج أبو داود في سننه /حسنه األلباني. َم ْن أ َ ْن أ َ ْعتِ َ
عن أبو هريرة قال :سمعت رسول هللا ﷺ وهو يقول( :الدنيا •
ملعونة .ملعون مافيها ،إّل ذكر هللا وما واّله ،أو عالما أو
متعلما) 4112كتاب الزهد أبن ماجة.
عن جابر عن النبي ﷺ قال ( :إذا دخل الرجل بيته أو أوى إلى •
فراشه ابتدره ملك وشيطان فقال الملك اختم بخير وقال الشيطان
اختم بشر فان حمد هللا وذكره أطرده وبات يكأله(في رواية فإن ذكر
هللا طرد الملك الشيطان ،وظل يكلؤه) فإذا استيقظ ابتدره ملك وشيطان
فقاّل مثله (في رواية قال الملك :افتح بخير وقال الشيطان :افتح بشر) فإن
ذكر هللا وقال الحمد هلل الذي رد إلي نفسي بعد موتها ولم يمتها
38
ض أ َ ْن ت َ ُزوال
ت َو ْاأل َ ْر َ
س َم َاوا ِ في منامها الحمد هلل الذي (يُ ْم ِسكُ ال َّ
س َك ُه َما ِم ْن أ َ َح ٍد ِم ْن بَ ْع ِد ِه ِإنَّهُ َكانَ َح ِليما ً َغفُورا ً)
َولَئِ ْن زَ الَتَا ِإ ْن أ َ ْم َ
(سورة فاطر)41:
س َما َء أَ ْن تَقَ َع َعلَى ْاأل َ ْر ِ
ض ِإ َّال ِبإِ ْذ ِن ِه ِإ َّن الحمد هلل الذي ( َيُ ْم ِسكُ ال َّ
وف َر ِحي ٌم) (سورة الحج)65: اس لَ َرؤُ ٌ َللا بِالنَّ ِ
َّ َ
ش ْيءٍ قَدِير)فإن مات لِل الَّذِي يُ ْح ِيي ْال َم ْوتَى َو ُه َو َعلَى ُك ِّل َ( ْال َح ْم ُد ِ َّ ِ
مات شهيدا (في رواية فإن وقع من سريره فمات دخل الجنة) وإن قام
فصلى صلى في فضائل) أخرجه البخاري في األدب المفرد ص543
• عن ثوبان قال لما نزلت (والذين يكنزون الذهب والفضة) قال كنا
مع النبي ﷺ في بعض أسفاره فقال بعض أصحابه أنزل في الذهب
والفضة ما أنزل لو علمنا أي المال خير فنتخذه فقال( :أفضله
لسان ذاكر وقلب شاكر وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه) أخرجه
أحمد وابن ماجه
اف بِا ْلبَ ْي ِ
ت َللا ﷺ ( :إِنَّ َما ُج ِع َل ال َّ
ط َو ُ سو ُل َّ ِ ت :قَا َل َر ُ شةَ ،قَالَ ْ • َع ْن َعائِ َ
ّللا ) اخرجه أبو داود ي ا ْل ِج َم ِار ِ ِإلقَا َم ِة ِذ ْك ِر َّ ِ
صفَا َوا ْل َم ْر َو ِة َو َر ْم ُ
َوبَ ْي َن ال َّ
الترمذي.
• عن نبيشة الهذلي قال :قال رسول هللا ﷺ( :إنا كنا نهيناكم عن
لحومها أن تأكلوها فوق ثالث ،لكي تسعكم ،جاء هللا بالسعة ،
فكلوا ،وادخروا ،واتجروا ،أّل وإن هذه األيام أيام أكل وشرب
،وذكر هللا عز وجل) أخرجه أبو داود.
• وعن ابن عباس -رضي هللا عنهما -قال :قال رسول هللا ﷺ:
(الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ،فإذا ذكر هللا خنس ،وإذا غفل
وسوس ) رواه البخاري.
• عــن أبـي هـريـرة رضـي هللا عنـه قال:
39
• قـال رسول هللا ﷺّ( :ل وضـوء لـمـن لم يـذكـر اسم هللا عليـه)
خرجه أحمد ،وأبو داود ،وابن ماجه ،والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن
الكبرى.
• عن أبي هريرة قال :قال رسول هللا ﷺّ( :ل صالة لمن ّل وضوء
له ،وّل وضوء لمن لم يذكر اسم هللا تعالى عليه) أخرجه أبو داود.
• عن حذيفة قال كنا إذا حضرنا مع النبي ﷺ طعاما لم نضع أيدينا
حتى يبدأ رسول هللا ﷺ فيضع يده وإنا حضرنا معه مرة طعاما
فجاءت جارية كأنها تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ
رسول هللا ﷺ بيدها ثم جاء أعرابي كأنما يدفع فأخذ بيده فقال
رسول هللا ﷺ( :إن الشيطان يستحل الطعام أن ّل يذكر اسم هللا
عليه) وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها فجاء بهذا
األعرابي ليستحل به فأخذت بيده والذي نفسي بيده إن يده في يدي
مع يدها سنن أبي داود -األطعمة.
• عن أم المؤمنين عائشة رضي هللا عنها :أن رسول هللا قال ﷺ:
(إذا أكل أحدكم فليذكر اسم هللا تعالى ،فإن نسي أن يذكر اسم هللا
تعالى في أوله ،فليقل :بسم هللا أوله وآخره) رواه أبو داود والترمذي
وابن ماجه ،والنسائي في الكبرى والحاكم.
• عن جابر بن عبد هللا أنه سمع النبي ﷺ يقول( :إذا دخل الرجل
بيته فذكر هللا عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان ّل مبيت لكم
وّل عشاء وإذا دخل فلم يذكر هللا عند دخوله قال الشيطان أدركتم
المبيت وإذا لم يذكر هللا عند طعامه قال أدركتم المبيت والعشاء)
صحيح مسلم -األشربة /سنن أبي داود -األطعمة.
• عن أبي هريرة رضي هللا عنه عن النبي ﷺ قال ( :سبعة يظلهم هللا في
ظله يوم ّل ظل إّل ظله ،إمام عادل وشاب نشأ في عبادة هللا ،
40
ورجل قلبه معلق بالمساجد ،ورجالن تحابا في هللا اجتمعا عليه
وتفرقا عليه ،ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني
أخاف هللا ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى ّل تعلم شماله ما
تنفق يمينه ،ورجل ذكر هللا خاليا ً ففاضت عيناه ) متفق عليه
• عن أبي بن كعب -رضي هللا تعالى عنه -قال :كان رسول هللاﷺ إذا
ذهب ثلث الليل قام ،فقال :يا أيها الناس ،اذكروا هللا ،جاءت
الراجفة تتبعها الرادفة)...
ف ْاأل َ ْر ُ
ض (جاءت الراجفة) المقصود بها النفخة األولى (يَ ْو َم ت َ ْر ُج ُ
ت ا ْل ِجبَا ُل َك ِثيبًا َّم ِه ً
يال )المزمل.14 : َوا ْل ِجبَا ُل َوكَانَ ِ
(تتبعها الرادفة) وهي النفخة الثانية تكون رديفة لها ،وبها يحصل
البعث والنشور يوم القيامة.
ْ
فعثرت دابَّهٌ, يِ ﷺ
رديف النب ّ
َ يح عن رج ٍل قال :كنتُ • عن أبي الم ِل ِ
الشيطان! فإنَّك إذا
ُ سالشيطان ! فقالّ( :ل تقُ ْل :ت َ ِع َ
ُ فقلتُ ,ت َ ِع َ
س
ت ويقو ُل{ :صرعته} بقُوتي, َ
يكون مث َل البي ِ ذلك ,تعا َظ َم حتى قُ ْلتَ َ
َ
يكون مث َل صا َ
غ َر حتى بسم هللا ,فإنَّ َك إذا ق ْلتَ َذ ِل َك ت َ
ولكن ق ْلِ ": ْ
ب) رواه أبو داود. الذُّبا ِ
• عن أبي هريرة رضي هللا عنه ،قال :سمعت رسول هللا ﷺ يقول:
(من ذكر هللا تعالى أول وضوئه طهر جسده كله ،وإذا لم يذكر
اسم هللا لم يطهر منه إّل موضع الوضوء ) أخرجه رزين.
• عن وحشي بن حرب رضي هللا عنه أن أصحاب رسول هللا ﷺ
قالوا :يا رسول هللا إنا نأكل وال نشبع؟ قال( :فلعلكم تفترقون)
قالوا :نعم قال (فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم هللا يبارك لكم
فيه) رواه أبو داود.
41
عن عمر بن أبي سلمة يقول كنت غالما في حجر رسول هللا •
وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول هللا صلى هللا عليه
وسلمﷺ( :يا غالم سم هللا وكل بيمينك وكل مما يليك فما زالت تلك
طعمتي بعد)أخرجه الخمسه.
عن عمرو بن عبسة قال قال رسول هللا ﷺ ( :من بنى مسجدا ً •
يذكر هللا فيه بنى هللا له بيتا ً في الجنة) أخرجه أحمد والنسائي
عن أبي هريرة -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا ﷺ: •
(أمرني ربي بتسع :خشية هللا في السر والعالنية ،وكلمة العدل
في الغضب والرضى ،والقصد في الفقر والغنى ،وأن أصل من
قطعني ،وأعطي من حرمني ،وأعفو عمن ظلمني ،وأن يكون
صمتي فكرا ،ونطقي ذكرا ،ونظري عبرة ،وآمر بالعرف)
وعن أم حبيبة -رضي هللا عنها ، -قالت :قال رسول هللا ﷺ ( :كل •
كالم ابن آدم عليه ّل له ،إّل أمر بمعروف ،أو نهي عن منكر ،
أو ذكر هللا )رواه الترمذي وابن ماجه
عن ابن عمر عن النبي ﷺ ّ( :ل تكثروا الكالم بغير ذكر هللا فإن •
كثرة الكالم بغير ذكر هللا قسوة للقلب وإن أبعد الناس من هللا
القلب القاسي) سنن الترمذي –الزهد
عن عبد هللا بن عمر -رضي هللا عنهما عن النبي ﷺ أنه كان •
يقول ( :لكل شيء صقالة ،وصقالة القلوب ذكر هللا ،وما من
شيء أنجى من عذاب هللا من ذكر هللا قالوا :وّل الجهاد في
سبيل هللا ؟ قال " :وّل أن يضرب بسيفه حتى ينقطع ) رواه البيهقي
في -الدعوات الكبير.
42
• عمر بن الخطاب رضـي هللا عنـه قال قال رسول هللا ﷺ :قال هللا
سأَلَتِي أ َ ْع َط ْيتُهُ أ َ ْف َ
ض َل َما شغَلَهُ ِذ ْك ِري ع َْن َم ْ
سبحانه وتعاليَ ( :م ْن َ
ين ) رواه البخاري. أُع ِْطي ال َّ
سائِ ِل َ
• عن عبد هللا بن بسر رضي هللا عنه ،قال( :لما شكا الرجل حاله قال:
ي فأخبرني بأمر يا رسول هللا! إن شعائر اإلسالم قد كثرت عل َّ
ث (أتمسك) به ،قالّ :ل يزال لسانك رطبا ً من ذكر هللا) رواه أتشبَّ ُ
الترمذي -صححه األلباني.
• وفي الترمذي عن عبد هللا بن بشر أن رجال قال ( :يا رسول هللا
إن أبواب الخير كثيرة وال أستطيع القيام بكلها فأخبرني بما شئت
أتشبث به وال تكثر علي فأنسى وفي رواية :أن شرائع اإلسالم قد
كثرت علي وأنا كبرت فأخبرني بشئ أتشبث به قال ﷺ" :ال يزال
لسانك رطبا بذكر هللا تعالى")
• قال رسول هللا ﷺ ( :لو أن رجال في حجره دراهم يقسمها ،
وآخر يذكر هللا ؛ كان الذاكر هلل أفضل ) خرجه الطبراني في "األوسط"
43
ناداهم مناد من السماء :أن قوموا مغفورا لكم ،قد بدلت سيئاتكم
حسنات).
َللا ﷺ ،فَقَا َل ( :يَا أَيُّ َها سو ُل َّ ِ َع ْن َجا ِب ٍر ،قَا َل :خ ََر َج َعلَ ْينَا َر ُ •
علَى َم َجا ِل ِس ف َ س َرايَا ِم َن ا ْل َمال ِئ َك ِة ،ت َ ِح ُّل َوت َ ِق ُ َّلل َ اس ِ ،إ َّن ِ َّ ِ النَّ ُ
اضاض ا ْل َجنَّ ِة .قَالُوا َ :و َما ِريَ ُ ارتَعُوا فِي ِريَ ِ ض ،فَ ْ الذ ْك ِر فِي األ َ ْر ِ ِ
الذ ْك ِر ،فَا ْغدُوا َو ُرو ُحوا س ِ ّللا ؟ .قَا َل َ " :م َجا ِل ُ سو َل َّ ِ ا ْل َجنَّ ِة يَا َر ُ
ب أ َ ْن يَ ْعلَ َم َم ْن ِزلَتَهَُان يُ ِح ُّ س ُك ْم َ ،م ْن ك َ اذك ُُروهُ بِأ َ ْنفُ ِ ّللا َ ،و ْ فِي ِذ ْك ِر َّ ِ
س ِه ). ث أ َ ْن َزلَهُ ِم ْن نَ ْف ِ ّللا ،فَ ِإ َّن َّ َ
ّللا يُ ْن ِز ُل ا ْلعَ ْب َد ِم ْنهُ َح ْي ُ ِع ْن َد َّ ِ
قال عمر بن سعد ألبيه :أنت من أهل بدر ،وأنت ممن اختار •
عمر في الشورى ،قال :سمعت رسول هللا ﷺ يقول ( :خير
الرزق ما يكفي وخير الذكر الخفي).
وأخرج ابن أبي الدنيا ،عن أبي ذر ،عن النبي ﷺ قال ( :ما من •
يوم وليلة إّل وهلل عز وجل فيه صدقة يمن بها على من يشاء من
عباده ،وما من هللا على عبد بأفضل من أن يلهمه ذكره).
سئل رسول هللا ﷺ( :أي العباد أفضل وأرفع درجة عند هللا يوم ُ •
القيامة؟ فقال“ :الذاكرون هللا كثيرا” .قيل :ومن الغازي في
سبيل هللا؟ قال“ :لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى
ينكسر ويختضب دما فإن الذاكر هلل أفضل منه درجة”) .أخرجه
الترمذي عن أبي سعيد الخدري.
وعن أنس -رضي هللا عنه ، -قال :قال رسول هللا ﷺ "( :إذا •
مررتم برياض الجنة فارتعوا " قالوا :وما رياض الجنة ؟ قال :
" حلق الذكر) رواه الترمذي .
َللا ﷺ يَقُو ُلِ ( :إ َّن َّ َ
ّللا سو َل َّ ِ س ِم ْعتُ َر ُ ارة َ ب ِْن زَ ْع َك َرة َ ،قَا َلَ : ع َم ََع ْن ُ •
ِي الَّذِي يَ ْذك ُُرنِي َو ُه َو ُم َال ٍ
ق ع ْبد َع ْبدِي ُك َّل َ ع ََّز َو َج َّل يَقُو ُلِ " :إ َّن َ
44
ق قِ ْرنَهُ ،إِنَّ َما يَ ْعنِي قِ ْرنَهُ " يَ ْعنِيِ :ع ْن َد ال ِقتَا ِل َو َم ْعنَى قَ ْو ِل ِه َو ُه َو ُم َال ٍ
ع ِة") سنن الترمذي – سا َ ّللا فِي تِ ْل َك ال َّ ِع ْن َد ال ِقتَا ِل" :يَ ْعنِي أ َ ْن يَ ْذك َُر َّ َ
الدعوات.
ي ِ ﷺ ،أَنَّهُ َكانَ يَقُو ُل ِ "( :إ َّن ِلك ُِل ع َم َر َ ،ع ِن النَّبِ ّ َع ْن َع ْب ِد َّ ِ
َللا ب ِْن ُ •
ش ْي ٍء أ َ ْن َجى ّللا َ ،و َما ِم ْن َ ب ِذ ْك ُر َّ ِ سقَالَ َة ا ْلقُلُو ِ سقَالَةً َ ،و ِإ َّن ِ ش ْي ٍء ِ َ
ّللا ؟ س ِبي ِل َّ ِ ّللا " ،قَالُوا َ :وّل ا ْل ِج َها ُد فِي َ ّللا ِم ْن ِذ ْك ِر َّ ِ ب َّ ِ ع َذا ِ ِم ْن َ
س ْي ِف َك َحتَّى يَ ْنقَ ِط َع ") . ب بِ َ ض ِر َ قَا َل َ " :ولَ ْو أ َ ْن ت َ ْ
َللا َع َّز َو َج َّل يَقُو ُل :أَنَا َم َع ي ِ ﷺ قَا َلِ ( :إ َّن َّ َ َع ْن أ َ ِبي ُه َري َْرة ََ ،ع ِن النَّ ِب ّ •
شفَتَاهُ)رواه للبخاري. ت بِي َ َع ْبدِي ِإ َذا ُه َو َذ َك َرنِي َوت َ َح َّر َك ْ
ن معاذ بن جبل ـ رضي هللا عنه ـ أن رسول هللا ﷺ أخذ بيده •
وقال( :يا معاذ! وهللا إني ألحبك ،أوصيك يا معاذ ّل ت َدع ََّن في دبر
كل صالة تقول :اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)
رواه أبو داود.
(أي
َللا ﷺ ُّ سو ُل َّ ِ سئِ َل َر ُ وقد ذكر اب ُْن أَبِي ال ُّد ْنيَا حديثا ً مرسالً ان ُ •
از ِة َخ ْي ٌر؟ ي ا ْل َجنَ ََّلل ،قَا َل :فَأ َ ُّ س ِج ِد َخ ْي ٌر ؟ قَا َل :أ َ ْكث َ ُر ُه ْم ِذ ْك ًرا ِ َّ ِ ا ْل َم ْ
ي ا ْل ِج َها ِد َخ ْي ٌر ؟ قَا َل :أ َ ْكث َ ُر ُه ْم َّلل ،قَا َل :فَأ َ ُّ قَا َل :أ َ ْكث َ ُر ُه ْم ِذ ْك ًرا ِ َّ ِ
اج َخ ْي ٌر ؟ قَا َل :أ َ ْكث َ ُر ُه ْم ِذ ْك ًرا ِ ََّّللِ ،قِي َل : ي ا ْل ُح َّج ِ َّلل ،قَا َل :فَأ َ ُّ ِذ ْك ًرا ِ َّ ِ
ي ا ْلعُ َّوا ِد َّلل ،قِي َل :فَأ َ ُّ ِين َخ ْي ٌر ؟ قَا َل :أ َ ْكث َ ُر ُه ْم ِذ ْك ًرا ِ َّ ِ ي ا ْل ُم َجا ِهد َ فَأ َ ُّ
َخ ْي ٌر ؟ قَا َل :أ َ ْكث َ ُر ُه ْم ِذ ْك ًرا ِ ََّّللِ) البيهقي -شعب اإليمان.
في حديث عبد هللا بن بسر قال ( :جاء أعرابي فقال :يا رسول •
هللا كثرت علي خالل اإلسالم وشرائعه فأخبرني بأمر جامع
يكفيني قال :عليك بذكر هللا تعالى قال :ويكفيني يا رسول هللا ؟
قال :نعم ويفضل عنك).
45
هللا َم ْن أ َ ْ
سعَ ُد سو َل ِ يرة َ رضي هللا عنه قَا َل ( :قُ ْلتُ يَا َر ُ َع ْن أ َ ِبي ُه َر َ •
هللا ﷺ :لَقَ ْد َظنَ ْنتُ يَا سو ُل ِ ع ِت َك يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة ؟ قَا َل َر ُ شفَا َ
اس ِب َ النَّ ِ
ث أ َ َح ٌد أ َ َّو َل ِم ْن َك ِلما َرأَيْتُ سأَلَني ع َْن ه َذا ا ْل َح ِديِ ِ أَبَا ُه َر ْي َرةَ أ َ ْن ّل يَ ْ
عتِي يَ ْو َم ا ْل ِقيَا َم ِة َم ْن
شفَا َ اس ِب َ سعَ ُد النَّ ِ ث :أَ ْ علَى ا ْل َحدِي ِ ِم ْن ِح ْر ِص َك َ
س ِه) اخرجه البخاري. صا ً ِم ْن قَ ْل ِب ِه أ َ ْو نَ ْف ِ قَا َل ّ :ل ِإلهَ ِإّلَّ هللاُ َخا ِل َ
عن معاذ بن جبل عن النبي ﷺ قال( :ما من مسلم يبيت على ذكر •
طاهرا فيتعار من الليل فيسأل هللا خيرا من الدنيا واآلخرة إّل
أعطاه إياه)(قوله فيتعار:أي ينتبه) اخرجه أبو داود.
عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال ( :كان رسول هللا ﷺ يسير في •
طريق مكة فمر على جبل يقال له جمدان فقال :سيروا هذا
جمدان سبق المفردون ،قالوا :وما المفردون يا رسول هللا؟ قال:
الذاكرون هللا كثيرا والذاكرات).
ّللاُ _ عن جبري َل _ علي ِه ال َّسال ُم _ قال ( :قا َل َّ َللا ﷺ ْ حدَّثنا رسو ُل َّ ِ •
من َجا َءنِي ّللاُ ّلَ إِلَهَ إّلَّ أَنَا ،فاعبدوني ْ ، عز وج َّل _ :إنِي أَنَا َّ َّ
صنِي ،و َم ْن باإلخالص ؛ َد َخ َل ِح ْ ِ أن ّلَ ِإلَهَ إّلَّ َّ
ّللاُ ش َها َد ِة ْ ِم ْن ُك ْم ِب َ
الح ْل َي ِة.
عيم في ِ ع َذا ِبي)أخر َجهُ أبو نُ ٍ ص ِني أ َ ِم َن ََد َخ َل ِح ْ
هللا ﷺ( :الغناء واللهو ينبتان النفاق في سو ُل ِ عن أنس قَا َل :قَا َل َر ُ •
القلب ،كما ينبتُ الماء العشب ،والذي نفسي بيدِه إن القرآن
والذ ْكر ينبتان اإليمان في القلب كما ينبتُ الماء العشب) رواه
الديلمي.
وعن أبي هريرة -رضي هللا عنه -قال :قال رسول هللا ﷺ( :ما جلس •
قو ٌم مجلسا يذكرون هللا إّل حفت بهم المالئكة وغشيتهم الرحمة
وذكرهم هللا فيمن عنده ) أخرجه مسلم .
46
(ال َك َرامـــــــــة)
كرامات الفيض و اإللهام:
وأما عن كرامة الفيض و اإللهام للمريدين فال تسأل عن ذلك،فهي من
خصوصيات هذا الطريق و أية عظمي منآيات هللا تعالي.
فاأل ّمي يعرض الشعر الصوفي و يأتي بلمحات في التفسير وبعض
علوم الشريعة وكثيرون من أبناء الشيخ أحمد الشافعي في شتي البالد
و المحافظات ألهموا بذلك ،ولقد زاد المد و المدد والفيض و اإللهام
بفضل هللا سبحانه في هذه اآلونة األخيرة و لنترك المجال ألحد
اإلخوان الذي آثر أال يذكر إسمه بغية المزيد و الترقي قال:
قَدِمت علي شيخنا وأستاذنا العارف باهلل الشيخ صالح أحمد أبو خليل
رضي هللا عنهما من سفر ،فتلقاني بإبتسامته التي تشرح الصدور ،وبنور
محياه الذي إذا رأيته ذكرت هللا ،وأجلسني إلي جواره وسألني :ما آخر
كتاب قرأته و أعجبك؟ فقلت :كتاب "شاعر األولياء" وهو ترجمة
أعدها األستاذ حسن كامل الملطاوي خليفة سيدي أبي خليل عن الشيخ
علي عقل الخليلي الذي تعهده شيخنا حتي إرتجل الشعر إلهاما ً بعد أن
حاز في مراقي الطريق رضا ً و مددا ً و إنعاماً.
واستطرد شيخنا الصالح الكبير يسألني :وما القصيدة التي أعجبتك في
هذه الترجمة؟ فأجبت :قصيدة أتي بمطلعها أخذ المحبين عن الدنيا و
حالها وهو:
-وسيضحك الباقون بعدك -ستباشر الغبراء خدك
47
فشطر عليها األخ الشيخ علي عقل و أضفي من المعاني و الجمال ما
ألهمه هللا تعالي به ببركة شيخنا حتي فاقت العشرة أبيات
فقال شيخي :أما تعلم أن في إخوانك من أمثال الشيخ علي عقل
الكثير؟ فقلت :نعم،وسمعتهم ينشدون علي الذكر بالشعر إرتجاالً وأنا
في ركابكم في طنطا و نحن نحتفل بمولد سيدي احمد البدوي رضي هللا
عنه ،وفي غير طنطا من أنحاء مصر و غيرها ،فقال شيخي :نعم،
ويوجد منهم اآلن واحد ضمه هذا المكان.
فتساءلت في نفسي ولم ينطق لساني ومن هو ياتري؟
فأجابني :هو أنت ،وأنت هو.
وأشد ما كانت دهشتي حيث أنني لم أتعود كتابه الشعر من قبل وأن
هويت قراءته.
فقال شيخنا الحبيب :هات ورقة وقلما ،فأخرجتهما من حقيبتي،فقال:
أكتْب هنا البيت وشطر عليه كما يُله ُمك هللا وأكتب ما يوافيك من
المدد:
-و أحفظ علي األيام عهدك -إتبع رسول هللا جدك
فأمسكت بالقلم و كتبت مستفتحا بهذا الفتح العظيم و اإلستهالل
الكريم،و بعد أقل من نصف الساعة كنت علي مشارف الخمسين بيتاً.
ثم طلب عمي قراءتها فقرأت القصيدة و كان هناك بيت استعصي أن
يكمل ،وهو مدح لشيخنا وكانت تنقصه كلمات بالقافية ،فأدركت بنور
48
هللا أن شيخنا إمام المتواضعين و أن في هاتين الكلمتين مسالة فما أن
وصلت بالقراءة إليهما في البيت:
-هو صالح من صالح من صالحين........
فقلت لعمي :إن المدد لم يوافيني بالتكملة هنا؟
فأجاب شيخي الشيخ صالح الكبير قائالً( :إنما المدد يفيض ويزيد
بسر ربك).
فلتقطت الكلمتين األخيرتين (بسر ربك) وأكملت بهما البيت فاكتمل
المعني و الوزن و القافية و زاد جماالً وكماالً فصار:
-صالحين بسر ربك -هو صالح من صالح من
وبعد الفراغ من قراءة القصيدة كلها وجه عمي لي كلمة " مبروك "
فقبلت يده وعرفت أن األسرار واألنوار وااللهام والفيض واإلكرام من
كلمة يأذن بها شيخنا إلبنه فيغرد كما تغرد الطيور على األفنان بسر
الواحد الديان .والعجب فسبحان هللا حيث قال تعالى :
( لهم ما يشاءون عند ربهم ) 34الزمر.
وهاتيكم القصيدة :
واحفظ على األيام عهدك oأتبـع رســول هللا جــدك
ثم ينبئ عنـــك عجـــزك oاليــوم تزهو في شبابـك
ستــأكل الديــدان قــــدك oمهمـــا بلغت من الجمـال
ستدفــن األيـــام علمـــك oمهمـــا بلغت من العلــوم
لألفــول يصيــر بــــدرك oإن كــان بدرك في تمـــام
أو بلغت كمـــال مجــــدك oمهما ارتقيت من المرائب
49
مهما وصلت لغير ربـك oمهمــا ارتقيت من الذرى
مـا حـــازه أبـــدا نبيـــك ّ oل لن تحـوز من الرضـــا
هل امتثلـت ألمــــر ربــــك oهال اتبعــــــــت نبينـــــــا
هل ياترى؟ أديــت فرضـك oهال ارتضيــــت بسنتـــــه
وآيـــة هديــــــا ً لرشـــــدك oهال قرأت من الكتــــــــاب
ما عـن التقـــوى يصــــدك oهال هجرت من النــواهـي
عن الخطأ وحفظـت عهـــدك oهل ياترى؟رمضان صمت
يه أم روضـــــت نفســـــــك oهل ياترى زكيت روحك ف
الشــــافعــي إمــام قومــــك oهال أقتديــــت بـــأحمـــــــد
قمرا ً ينــير طريــق هديــــك oوهل أرتضيــت بنجلــــــــه
قطــب الزمــان ونــور ربـك oهو غوثنـــــا وإمامنــــــــا
من صالحين بســـر ربــــك oهو صالـــ ٌح مـن صالـــــحٍ
يز وصنت باّلسالم عرضك oهال ذكرت اســــم العــــــز
ثـــــم هــــزالنـــور قلبـــــك oهال تذوقـــــت المعــــــاني
رف والحقـــائق مـا يمـــدك oهال نهلـــــت من المعــــــا
في الحنايــا ؟ هــل أمــــدك؟ oهال أضــاء سنــا الحقيقــة
عرفت معنى الحـــب عنــدك oهال من الحــــب الكبــــــير
ق حتــى هـــاج وجـــــــدك oثم ارتويــت بخمرة العشـا
فـــأزهرت أشـــــواك وردك oهال مـن الذكـــــر انتشيت
ـؤاد فـــــزاد أ ُنســـــــــــــك oفتعطـرت آفــاق مملكة الفـ
قت المعـاني بــين جنبــــك oأم هل مــن التوحيد أشـــــر
بيب البيان وفـاض بحــرك oفترى وقـــد هطلـــــت شــآ
ل وصغت درا ً فيه نظمـــك oوغــدوت مـــــداح الجمــــا
لك تنطــق األخبــار عندك oوبترجمــان لســــان حـــــا
50
من فيض بحر الحق ربــك oمـــا العلــــــــم إّل قطـــــرة
من نــور مختـــ ٍار أمـــدك oأمـــا الجمــــــال فـــــــذرة
فهـي المروءة بين أهلـــــك oأمـــا الفتــــوة للفتـــــــى
ت تحمـــل األيـــام بعـــــدك oإن المـــروءة ذكـــريـــــا
فيــع فـ ِورده قـــرآن ربــــك oفـــإنـــهل من األدب الـــر
علَمـا ً يرفرف فــوق علمـــك َ oأدب النبـــــوة خلــــــــــه
وانقشه في صفحـات قلبــك oواحفظ لشـــيخك نُصحــــه
يطــول بالبركـــات عمــــرك oواعمل بما يرضي اإللــــه
سجل مع الرحمــن عهــــدك oوإذا اتبعـــت طريقنـــــــــا
فينــير فــي الظلمـات قــبرك oكي يرضى عنــك المصطفى
دنيــــــا تــروح وّل تمــــدك ّ oل تركنـــــن أبــــــدا ً إلـــــى
والفنـــــاء فثـــب لرشــــدك oدنيـــا الدنايــــا والخطايــــا
ـــق تحتقـــــرن نفســـــــــك oوانظـر إليهــا نظرة التحقيـ
مرت علــى أجفــان عينــــك oما العمــــــر إّل غفـــــــوة
ّل شــــئ إّل أن تغــــــــــرك oدنيــا الغــــــرور مآلهــــــا
ــك وكـن علـى ندم لذنبـــــك oفـــاحذر إذا ضحكت إليــــ
والمــر يبدأ بعـــد موتـــــــك oستزول عنـــــك بحلوهــــا
كي يضحك الباكون بعـــــدك oويــروح عنــك وفاؤهـــــا
واحفظ على األيــام عهــدك oفـــاتبع طريــــق خليلنـــــا
بقلم/أحد اإلخوان
51
(مقال نرشته جمهل "منرب السالم" العدد 7لس نه 36بتارخي
رجب 1398هـ -يونيو 1978م)
ُون ُون َربَّ ُهم بِا ْلغَدَا ِة َوا ْلعَ ِ
شي ِ يُ ِريد َ ِين يَ ْدع َ س َك َم َع الَّذ َصبِ ْر نَ ْف َ(وا ْ َ
ع ْن ُه ْم ت ُ ِري ُد ِزينَةَ ا ْل َ
حيَا ِة ال ُّد ْنيَا ۖ)من اآلية 28الكهف ع ْينَ َ
اك َ َوجْ َههُ ۖ َو َّل ت َ ْع ُد َ
هذا هو منهجه وتلك هي غايته محبة هللا في جالله ومحبة لألنبياء
جميعا ً ومحبة للبشر كافية ومحبة للخير علي تعدد ألوانه وصوره
مساعدة عليه بالنفس والمال ودفع لألذي عن كل روح أيا كان لونه أو
موطنها.
أحب هللا فأحبه هللا وأفاض عليه من نوره فغدا من الصالحين الخالدين
الذين أحالو الوجوه إلي محارب للعبادة و للطاعة وعطروا الدنيا
بالصفاء والمحبة و الطاعة وجعلوا حياتهم منائر ومنابر تهتف
بالرحمة وتتطلع في شوق ولهفة إلي الجمال األسمي والكمال األعلي
والقدسي الذي يترقرق حوله نور العزيز الرحيم.
ذلك هو سيدي محمد محمد أبوخليل الكبير الذي ينتسب إلي الدوحة
الحسينية ،حيث يرتفع نسبه وجده األكبر إلي األمام جعفر الصادق بن
سيدي محمد الباقر إبن سيدي علي زين العابدين بن موالنا الحسين-
رضي هللا عنه-وجدة شيخنا السيدة الشريفة(خضرة) وكانت من قبيلة بني
سليم الهاشمية من سادة العرب األشراف الذين قطنوا ناحية سنورس
من أعمال الفيوم.
52
وقد هاجر أجداده من بالد الحجاز إلي اليمن ثم إلي العراق ثم تركيا ثم
إلي مصر.
و والده الشيخ محمد أبو خليل الكائن ضريحة بالزقازيق وأمه
السيدة(ست أبوها) البازية فكانت فقيهة في دينها عارفة بربها تجيد
حفظ القرأن الكريم ،فصيحة البيان غزيرة العلم في الفقه والسيرة و
الحديث والتوحيد والتصوف.
في هذا النور عاش شيخنا وشرب من ينابيع اإليمان وارتوي فؤاده
منه فعشق الرحمن.
مولده ونشأته:
ولد رضي هللا عنه عام 1883في كفر النحال بالزقازيق – شرقية فشب
في نور التوحيد واإليمان وفي لسانه كلمات القرآن وفي روحه حرية
اإلسالم وفي قلبه شجاعة المؤمن وعطف المحسن.
وتلقته اكف الرحمة و الحنان في بيت صوفي فأقام فيه حلقات العلم
والذكر ،فلم يسمع إال كلمات التوحيد و ذكر الرحمن والصالة علي
النبي العدنان ووجد في والديه اإليمان و األمان ،وتعلم القرآن علي يد
استاذه الشيخ عبد الصمد الذي يقول عن طفولته :كنت إذا هممت
بضرب تلميذي محمد محمد أبوخليل الكبير إذا تأخر عن واجب
عجزت يدي وكأنها قد أصابها الشلل ،فال أستطيع ضربه .
وبعد أن أتم حفظ القرآن برواياته العشرين وتجويده إلتحق باألزهر
الشريف فاستزاد من ينابيع العلم والمعرفة وحصل علي الشهادة
العالمية ،فلم يرسب سنة واحدة في دراسته ،واشتغل بالتدريس
باألزهر وحصل علي المزيد من ألوان العلوم و الفنون من حلقات
53
العلم التي كان يعقدها و المناقشات التي كانت تدور فيها قكثرت
تأمالته في ملكوت هللا فجزبه الحب اإللهي فإذداد شوقا ً للذات العليه و
نسائم اإليمان التي تحمل عطر الجنة إلي القلب المتلهف الظامئ إلي
الجمال األسمي فترك التدريس ونشد الخلوة بعد وفاة والده.
خلواتـــــــه:
مع جمال الخلوة و الجلوة والنعيم والسرور ولذة العيش في رحاب
الرحمان قضي شيخنا ست سنوات و تسعة شهور في خلوتة في بلدة
بمركز بلبيس محافظة الشرقية ،عاكفا ً هلل ال يجتمع بأحد معتزالً جميع
الناس وهائما ً في حب الل تعالي ورسوله ﷺ ،قكان يسمع لغة الطيور
و النباتات واألشجار فيعرفها و يأنس بها.
وقضي مدة كبيرة تقرب الشهرين اليأكل وال ينام وهو هائم في حب
الرحمن ،ولما أراد هللا سبحانه وتعالي أن ينفع الناس به حبب إليه
الخروج من الخلوة وهو ال يزال في حالة الجذب و الوجد ،ويعد أن
خرج إنطلق لسانه بالعلوم المفيدة فأيده الحق فبرقت له العيون
وأنفتحت له القلوب والتف حوله األحبة والمريدون فأخذ بنشر آداب
الطريقة الخليلية طريقة والده.
وأخذ يعطي العهود ويتوب علي يديه العلصي ويقرب البعيد إلي
حضرة ربه المحبوب فكان يأخذ المريد للعهد بالطاعة ولزوم الجماعة
وإتباع القرآن وسنة النبي المختار صلوات هللا عليه حتي يرضي عنه
رب العباد ،وداوم ذكر هللا ،ويأمر المريد بخدمة الفقراء والضعفاء و
المساكين علي قدر طاقته وتجنب المعاصي وإتباع المأمورات و البعد
عن المنبهات فإزداد عدد المريدين.
54
من أدبــه وأقوالـــــه:
كان الحب اإللهي إلهامه ودليله ورائده ،فأصبحت رسالته عبادة
ومحبة وقد صبغ الوجود بحبه من شدة الوجد وحرقة الشوق للمحبوب
األعلي فنظم القصائد ،وها هو يقول مناجيا ً محبوبه األعظم:
oياحبيب الروح إني في محبتكم أغني
يـاحبيبي زاد ذلي فاكشف األغيار عني
oلم أّلحظ غير ربي قد جعلت العشق حصني
اعذروني في هواه واحملوا األنواء عني
oوصلة الرحمن روضي وشهود األنس فني
إن سألت الناس أحجب إن سألت هللا يغني
oإن سألت هللا أسمو في الهوي فاهلل مغني
ياإلهي زاد حزني قـــد تذارف دمـع عيني
oفي هواكم قد رقبتم ولكم إني أغني
قــد فقهنا العلــــم منكم و المعالي الهبتني
وله قصائد أخري في مدح الرسول ﷺ والمعراج و التقوي واألسماء
الحسني وغيرها كلها تفيض بالحب و الشوق للمحب األعظم ورسوله
الكريم .
ويقول في الزهد( :ليس الزاهد من زهدته الدنيا ،إنما الزاهد من
َملَك فزهد) وقولهّ( :لتفرح بموجود في الدنيا ،وّل تأسف علي مفقود
فيها) وقوله( :إذا تحقق زهد العارفين في الكونين وغاب عن حظه
مأموله وما ترجوه نفسه في الدارين أشرقت عليه أنوار اإليمان
ودخل في حضرة الرحمن).
55
ويقول عن طريقته وصوفيته:
سبيلي إلي ربي خروجي عن السوي و البقاء معه ،وال يصفو
الصوفي مقام في العبودية حتي تكون أفعاله محررة من الرياء
وأحواله كلها دعاء ،إذا أراد هللا بعب ٍد خيرا ً رزقه التوفيق وأدخله مقام
التشويق وسهل عليه سبل الخير وحجبه عن المعاصي والسيئات.
سئل شيخنا رضي هللا عنه عن الذكر فقال :هو طرد الغفلة والبعد عنو ُ
المعاصي ،وله مرتبتان :األولي ذكر اللسان و الثانية ذكر الجنان،وله
دليل في الكتاب و السنة والبد من ذكر اللسان حتي يصل إلي ذكر
الجنان.
من كراماتـــــه:
الكرامة :هبة من هللا لمن أحبه وغمره بنوره في مرحلة الفناء الكامل
و وصول النفس إلي مرتبة شهود الحق بالحق و إنكشاف و وضوح
العوالم و األسرار الربانية.
وهذه المرحلة ال تُكتب وال توصف ألنها خارجة عن نطاق التصور
العقلي والتخيلي اإلنساني ،فهناك من يشاهد المحب بعين القلب ،
فيري ماال عين رأت وال أذن سمعت وال خطر علي قلب بشر فال
عجب من عطاء ربك لعباد الرحمن.
كان الشيخ محمد محمد أبوخليل الكبير جالسا ً مع إخوانه و غذا برجل
يرتدي المالبس االفرنجية وله مسأله يريد أن يحكيها للشيخ ،فلما رأي
الشيخ وجده يرتدي أنظف المالبس فقال في نفسه أشيخ مؤنق و مهندم
بهذه الطريقة؟ فنظر إليه الشيخ وقال :حدثتك نفسك فقلت ":الشيخ
مؤنق ومهندم بهذه الطريقة؟...نعم اإلسالم أمر بالنظافة ولم يأمر
56
بالقذارة .إذهب فإن مسألتك قد أنتهت ،واألن وصل خطاب يرجوك
إلي وظيفتك في منزلك،فدُهش الرجل ألنه لم يخبر الشيخ بمقصوده
وهذه أول مرة يقابله فيها فذهب لمنزله فوجد الخطاب قد وصل فعاد
للشيخ يقبله ،ويقول نعم إن الكرامة حق واألولياء حق.
مــــن آداب الطــــريق:
إن التصوف عالم يذاق جماله كما يذاق خياله ،ثم يعجز اللسان عجز
القلم عن اإلفصاح و اإلبانة ،فالتصوف اشبه باللحن الموسيقي
أسراره وعجائبه في األجنحة الخطية التي تحمل الروح المنتشيه إلي
االفاق المسحورة الغامضة ،حتي إذا ترجم إلي حروف وكلمات رأته
العين ومرت به دون أن يخفق القلب لرنينه ،أو ترقص الروح
إللهامه .من هذه الرياحين وضعت الطريقة آدبها:
• أداب املريد مع ش يخه
• أداب املريد مع نفسه
• أداب املريد مع اخوانه
منهج يفوح منه اإليمان وعطر القرآن ونور السنة هو تقويم النفس
والخلق والتعاون وحسن المعاملة في الجملة هو ُخلق اإلسالم.
وفــــــاتـــه:
وأخذ شيخنا يغترف من فيض بحر إلهي ،ومدد رباني يرتل ألحان
اإليمان وينشد أنشودة الحب ويرسل هتاف الطاعة و اليقين حتي
حان موعد الرحيل إلي الحبيب األعظم فاختلي الشيخ في منزله بعد
57
أن ودع إخوانه ثالثة أيام ال يأكل وأخذ يذكر هللا آناء الليل وأطراف
النهار ،وأمتنع عن الكالم حتي كان يوم الخميس الموافق 20ذو
القعدة 1370هــ23/أغسطس 1951م عند صالة الفجر تهيأ
اضيَةً س ا ْل ُم ْط َم ِئنَّةُ ْ
ار ِج ِعي ِإلَى َر ِب ِك َر ِ للصالة وقرأ ( يَا أَيَّت ُ َها النَّ ْف ُ
جنَّتِي )27:30الفجر. َم ْر ِضيَّةً فَا ْد ُخ ِلي فِي ِعبَادِي َوا ْد ُخ ِلي َ
وصعد السر اإللهي إلي خالقه مع الذين يحبهم هللا و يحبونه ( َذ ِل َك ُه َو
ا ْلفَ ْو ُز ا ْلعَ ِظي ُم).
58
(لكمـــة وفــــاء)
إلي العارف باهلل فضيلة األستاذ الشيخ أحمــد الشافعي محمد محمد
أبوخليل الكبير ونجلة الشيخ صالـــح أبو خليل.
أعـــــدها:
األستاذ حسن المسلمي
الر ِح ِيم
الر ْح َم ِن َّ ِب ْس ِم َّ ِ
َللا َّ
علَ ْي ِه ُم ا ْل َم َالئِكَةُ أ َ َّّل ت َ َخافُوا
ستَقَا ُموا تَتَنَ َّز ُل َ ِين قَالُوا َربُّنَا َّ
ّللاُ ث ُ َّم ا ْ (إن الَّذ َ
َّ
ُون ( )30نَحْ ُن أ َ ْو ِليَا ُؤ ُك ْم عد َ ش ُروا ِبا ْل َجنَّ ِة الَّ ِتي ُك ْنت ُ ْم تُو َ َو َّل تَحْ َزنُوا َوأ َ ْب ِ
س ُك ْم َولَ ُك ْم فِي َها شت َ ِهي أ َ ْنفُ ُ فِي ا ْل َحيَا ِة ال ُّد ْنيَا َوفِي ْاآل ِخ َر ِة َولَ ُك ْم فِي َها َما ت َ ْ
س ُن قَ ْو ًّل ِم َّم ْن ور َر ِح ٍيم (َ )32و َم ْن أَحْ َ غفُ ٍ ُون ( )31نُ ُز ًّل ِم ْن َ َما ت َ َّدع َ
ين) 30:33فصلت س ِل ِم َ صا ِل ًحا َوقَا َل ِإنَّنِي ِم َن ا ْل ُم ْ ّللا َوع َِم َل َ َدعَا ِإلَى َّ ِ
صدق هللا العظيم
الر ِح ِيم والصالة والسالم علي سيد األنبياء والمرسلين
الر ْح َم ِن َّ بِ ْس ِم َّ ِ
َللا َّ
قائد الغر المحجلين وإمام الصوفية والمتقين سيدنا وإمامنا وقائدنا يوم
الحشر إلي الطريق المستقيم محمد بن عبد هللا وعلي آله وصحبه
شموس الهداية الربانية الذين أنار هللا بهم طريق الهداية للمهتدين
وعلي طريقهم سار من ُهدي إلي الطريق القويم وعلي قدر هديهم
استبان الطريق أمام المتقين فإلي هذا السلف الصالح وإلي كل من
سمت روحه وعاش مع هللا.
59
إلي من عرفوا الحياة وأيقنوا أن حاللها حساب وحرامها عقاب إلي
من تطهرت قلوبهم بذكر هللا فأنار هللا طريقهم ،إلي كل مؤمن عاش
علي نور التوحيد والهداية ،إلي النفوس المطمئنة بتسليم األمر
لصاحب األمر إلي هللا ،إلي من مأل اإليمان قلوبهم وهدوا إلي طريق
الصوفية العصماء إلي كل موحد باهلل ذاكرا ً بذاته شاكرا ً لنعماه ،إلي
كل عبد أسلم قياده للمالك الديان و صفت عبوديته هلل ،إلي إلي من
جعلوا من الدنيا غرسا ً لآلخرة فأحسنوا العمل فطوبي لهم و ُحسن مآب
إلي روح العارف باهلل فضيلة الشيخ أحمد الشافعي محمد محمد
أبوخليل الكبير وإلي نجلة الشيخ صالـــح أحمد أبو خليل.
فضيلة الغوث الجليل أحمد الشافعي أبوخليل
حياته رضي هللا عنه من
61
و يؤصل الشيخ في النفوس واألرواح منها في الطريق إلي هللا معتمدا ً
علي الحب و اإلخاء.
ومدامتي وجدي وعشقي مقصدي الحب ديني والصبابة مذهبي
وتسري فيوضات طبيب النفوس ،تعالج وتصلح ،وترشد ويتضح
المنهج التربوي في نفحات إلهاماته رضي هللا عنه فيقول محذرا ً من النفس
و الهوي:
وأحـذر تقـودك للطـريق األنكـ ِد إيـاك أن تعطي الغويـة طاعــة
واعصي هواها كي تفوز بسؤد ِد و جماحها فاكبح وخالف أمرها
ولقوة الشيخ رضي هللا عنه وصلته الشديدة الدائمة برب العزة سبحانة
وتعالي وحضرة المصطفي ﷺ تكاد تلمس كلماته و دقته في تحديد
منهجه التربوي يقول الشيخ:
أو تجن خيرا ً من سفيه معتدي هيهات تجني عنبرا ً من حنض ِل
فبخيــــر زاد فيــــها فتــــزود ما العمــر إّل ساعــةً في ليلـــة
ما أسطره هنا مجرد إشارة بسيطة وعاجلة عن منهجه فاسمح لي يا
أخي القارئ أن ننتقل إلي مشهده الرائع واآلالف التي جاءت غلي
مدينة الزقازيقلتلقي نظرة الوداع علي جثمانه الطاهر الشريف لقد
إنتقل الشيخ إلي دار الخلود بعد حياة يقف التاريخ أمامها ويقبل ثوانيها
تحية وتبجيالً لقد ترك لنا رضي هللا عنه منهجا ً تربويا ً و جامعة دينية في
آون ٍة تتطلع فيها إلي قيم تُتبَع ومثل دينية تحتذي و منارات تشرق و
تنير.
وقد تم مبايعة نجله الفاضل الشيخ
62
صالح أحمد الشافعي محمد محمد أبوخليل الكبير .
ـمِهللاِالرحنِالرحِي ـ ـم ِ
َِ بِس ـ ـ ـ ـ ـ ـ
63
(الكــــــرامــات)
الكرامات عطايا من هللا سبحانه وتعالي ألوليائه ،و مواهب ال تنال
بالطلب ،وليست هي المقصودة في العمل وأهل الكمال العاملين علي
النهج المستقيم والشرع القويم و السلوك المحمدي المبين في أحوالهم
و مقاماتهم ال يقصدون في عملهم نوال درجات أو عطايا إنما
مقصدهم هو هللا سبحانه و تعالي و الفناء في حبه و مطلوبهم إنما هو
رضاؤه عنهم – فإذا َم ّن هللا تعالي علي عبده الصالح بموهبة من
المواهب أو درجة من الدرجات أو كرامة من خوارق العادات :كان
قبوله لها علي أنها عطية من المحبوب ال إنها مطلوبة فال تشغله.
ولقد كان شيخنا أبو خليل رضي هللا عنه يقول للمبتدئين :اذكروا هللا ذكرا ً
خالصا ً لوجهه الكريم ال تقصدون منه والية وال درجة من الدرجات
وال عطية من العطايات إنما اذكروه عبادة محضة.
ق فَا ْعبُ ِد َّ َ
ّللا ُم ْخ ِل ً
صا لَهُ ال ِد َ
ين قال تعاليِ ) :إنَّا أ َ ْن َز ْلنَا ِإلَ ْي َك ا ْل ِكت َ َ
اب بِا ْل َح ِ
ص)2:3الزمر . ين ا ْل َخا ِل ُ )(2أ َ َّل ِ َّ ِ
َّلل ال ِد ُ
و الكرامة للولي معجزة للنبي – فهي تتفق مع المعجزة في أن كالً
منهما أمر خارق للعادة يظهره هللا تعالي و لكن المعجزة تختلف عن
الكرامة بأنها مقرونة بالتحدي – و الكرامة ال يتحدي بها .
و الولي إذا أخبر بشئ فظهر فإنما أخبر به بناء علي رؤياه أو
بالفراسة أو باإللهام أو الكشف أو بالسمع او بالبصر علي أن هللا
سبحانه وتعالي يُكرم الولي من حيث ال يشعر الولي نفسه ،ويكشفه
علي ما يشاء أن يكشفه عليه لمصلحة عامة أو أمر ضروري يؤدي
إلصالح الحال في الدين أو الدنيا لقوم مؤمنين.
64
والخالصة :أن هذة الكرامات والدرجات إنما هي نور يرسله هللا
سبحانه وتعالي في قلوبهم فيضئ علي أرواحهم فتشهد بدارك المعرفة
ما يريد هللا تعالي أن يشهدهم إياه.
والعطايا ال تعد وال تحصي ،ولكن أعظم كرامة هي اإلستفامة
فإستقامة اآلالف المؤلفة علي نهج اإلسالم الصحيح من أتباع طريقتنا
الخليلية – مع ما كان فيه الكثيرون منهم من جفاء للدين و إفتتان
بزخرف الحياةو إعراض عن عبادة هللا و حرص و مثابرة علي
معصية هللا – فتابوا و أنابوا وهتفت قلوبهم و ألسنتهم بأسماء هللا حتي
غدوا في النهج من خيرة خلق هللا ،و ذاق الكثير منهم طعم وصال هللا
و أشعت روح الشيخ علي أرواحهم فنطق البعض منهم بفيض هللا.
ومع ذلك العطاء الرباني في الهداية و االستقامة و تحمل امانة الدعوة
إلي هللا تعالي علي بصيرة اإليمان لهذه الطريقة المباركة فلقد حبا هللا
أشياخنا بكرامات غزيرة يتعذر و يتعسر إحصاؤها وال حرج علي
فضل هللا.
ذلك فضل هللا يؤتيه من يشاء وهللا ذو الفضل العظيم.
فعلي سبيل التعريف فقط ال الحصر داللة علي فضل هللا تعالي سيذكر
بعض اإلخوان بعض نماذج منها لإلستشهاد فحسب – و إن كان كل
واحد منهم يعد كرامة كبيرة :هداية و إستقامة و معرفة وصلة باهلل
تعالي .
فمن هؤالء :االستاذ حسن المسلمي الخليفة الخليلي:الذي روي كرامة
لسيدنا الشيخ احمد الشافعي رضي هللا عنه ،حدثت ببالد الصعيد وهي
كاآلتي:
65
ففي بلدة دشلوط مركز ديروط محافظة أسيوط ،كان سيدنا الشيخ
رضوان هللا عليه كلما ذهب إلي تلك البلدة أثناء سياحته ببالد الصعيد
هدي هللا تعالي علي يديه بعضا ً من العصاة و المجرمين فتسائل زعيم
عصابة في بلدة دشلوط عن سبب امتناع بعض المجرمين عن السير
معه كما كانو من قبل فقيل له :يحضر شيخ من الزقازيق شرقية
إسمه الشيخ أحمد الشافعي أبو خليل فيأخذون عليه عهدا ً و يتوبون-
فقال لبعض رفاقه إن حضر إلي بلدتنا ثانيا ً أخبروني.
فلما علم الرجل بقدوم الشيخ ذهب إليه في وسط إخوانه و قال له بعد
أن ألقي السالم :إن غداءك عندي غدا ً أيها الشيخ – فقبل الشيخ ذلك
ووافق – فقال له اإلخوان كيف هذا ياعم؟ و هذا ماله حرام وال نامن
عليك منه إلجرامه – فقال الشيخ :نذهب إليه بإذن هللا.
فلما كان الغد ذهب الشيخ و معه اإلخوان إلي بيت الرجل -و كان
الرجل قد أحضر الطعام و قدمه أمام الشيخ و اإلخوان – و لكنه
خص الشيخ بأنية من النحاس مغطاه ووضع فيها قططا ً محمرة دس
فيها السم ليتخلص من الشيخ الذي جعل رجال هذا الرجل الذين
يعاونونه في إجرامه وسطوه قد انفضوا عنه و اهتدوا.
فلما كشف الشيخ غطاء اآلنية ظن ان ما بداخلها أرانب وكان
رضي هللا عنه
ال يميل ألكلها فأراد أن يقول للرجل خذ هذة األرانب فإني ال أحبها –
ولكن لسان الشيخ نطق غير ذلك قائالً خذ هذة القطط المسمومة فأراد
الشيخ أن يكرر بلفظ اإلرانب و لكن لسانه نطق بالقطط المسمومة
مرات فتحفظ اإلخوان عليها و أحضروا ضابط نقطة بوليس البلدة
الذي احضر طبيب الوحدة الصحية – فقطع الطبيب قطعة منها وقذفها
66
لكلب فمات لتوه – فعلم الطبيب أنها قطط مسمومة و أخذ العهد علي
سيدي الشيخ هو و الضابط.
و أراد الضابط أن يقبض علي صاحب البيت بتهمة الشروع في قتل و
لكن الشيخ رضوان هللا عليه أصر علي تركه ألدب أحباب هللا فمرض
الرجل شهرا ً والزم فراشه.
و بعدها حضر إلي الزقازيق و تاب علي يد الشيخ رضي هللا عنه و أخذ
القبضة عليه و حسنت إنابته.
وأترك لحضراتكم التعليق منتقالً إلي كرامة ثانية وهي هذا السرادق
في االحتفال الديني الكبير والذي أُقيم بمناسبة زيارة فضيلة الشيخ
رضي هللا عنه إلي هذه البلدة وقف المنشد الديني ....وصلته األولي ليمدح
في رسول هللا ﷺ كإهداء إلي فضيلة الشيخ رضي هللا عنه قبل أن يبدأ في
سرد قصة أو غيرها علي نحو ما يتم في مثل هذه اإلحتفاالت ،وليس
ال ُمنشد بغريب فهو واحد من مريدي الشيخ نطق بالشعر الفصيح و
اإللهامات والمدائح النبوية بالمدد الخليلي ولم يستمر جلوس الشيخ
رضي هللا عنه إال خمس دقائق و نظر غلي من بجوار و قال له الشيخ
رضي هللا عنه :هيا بنا إلي المنزل فقال الرجل لقد خصص لحضرتك
هذه الوصلة من اإلنشاد الديني أال تسمعها يا عم؟
فقال الشيخ رضي هللا عنه :هيا بنا إلي المنزل هيا قبل أن تموت هيا...
ووصلنا إلي منزل صاحب الدعوة بالبلدة ،و ما أن وصلنا إال وقد
أسكت الميكروفون ،وقد بدأت همسات و أصوات تفيد بوقوع حدث
عكر صفو هذه الليلة الصافية.
67
لقد فاضت روح سيدة إلي بارئها .وكان منزلها بجوار اإلحتفال الذي
تحول إلي سرادق يتقبل فيه العزاء.
وسوف أترك لحضراتكم االجتهاد والتعليق ،وأود أن أضيف أنني
أقص الكرامة بإختصار شديد ،ألنه في أثناء الكرامة تري عشرات
الكرامات وكلها سلسلة من فيوضات شيخنا الولي رضي هللا عنه و
أرضاه و طيب ثراه.
68
(التصوف ل يتعارض مع تعالمي السالم)
حوار نشرته جريدة التعاون مع العارف باهلل الشيخ (أحمد الشافعي
أبوخليل)شيخ الطريقة الخليلية بتاريخ 30مارس 1976في عددها
الصادر برقم 852وقد شمل ما يأتي:
القرآن أهم مصادر نشاة وحياة التصوف . ▪
التصوف جوهر الدين وثمرته و مقام االحسان. ▪
نظرية الحلول و اإلتحاد والوحدة ليست من عناصر التصوف. ▪
إسقاط التكاليف عن الواصلين دعوي باطلة. ▪
إقامة الموالد بين المزايا األصلية و المفاسد الداخلية. ▪
الطريقة الخليلية من أبرز الطرق الصوفية في مصر وتضم ما يقرب
من مليون مسلم معظمهم يتركزون في 500قرية .
ومسجد و مقام الصوفي الكبير الشيخ أبي خليل مؤسس الطريقة
بمدينة الزقازيق....ال يخلو كل ساعة من جميع أنحاء الجمهورية.
ومع خليفته و نجله الشيخ أحمد الشافعي أبي خليل كان هذا الحوار
حول قضايا الصوفية و التصوف التي طرحها(التعاون) طوال
الشهور الماضية من أجل الوصول إلي الحقيقة حول ما يجري في
الطرق الصوفية في مصر.
ومن رأي خليفة الشيخ ابوخليل في الطرق الصوفية علي إختالف
منابرها ومذاهبها تتفق في تطهير النفس البشرية من الحقد و الحسد و
69
اإلستغالل .وتبني المواطن الصالح القوي المؤمن وأن التصوف أرقي
أنواع العبادات وفيما يلي الحوار:
س :ما رأيكم في النقد الموجه للطرق الصوفية ،وإنها ضد الدين و
تتعارض مع تعاليم اإلسالم؟
ج :إنني أرحب بكل نقد بناء فربما يسفر الصبح لكل ذي عينين
والحقيقة بنت البحث كما يقولون ،ولكن غالبا ً ما يكون النقد من طرف
واحد -والقضية التكون عادلة إال بإدالء حجة الطرفين ،والحقيقة أن
دعوي إن التصوف يتعارض مع تعاليم اإلسالم وضد الدين -مرفوضة
من أساسها وباطلة شكالً و موضوعا ً وإال فإن ذلك ي ُجرنا إلي سؤال
ما هو الغرض من التصوف؟
الشك أن الغرض منه رضاء هللا سبحانه وتعالي و حبه واالتصال به
و الفناء فيه -فهل يتصور أن شخصا ً يسعي إلي هذه األغراض أو
يحبها وليس بمؤمن؟ وإذن فما هو التصوف حتي نحكم له أو عليه؟
ومن أين أتت هذه الدعوي التي تعارضه؟
إذا أردنا تعريف التصوف فيما يتعلق بمعناه الحقيقي فإننا نجد أن كبار
الصوفية كالً منهم يعرف باألتي:
أبوسعيد الخرازَ ( :من صفي ربه فامتأل قلبه نورا ومن دخل في •
عين اللذة بذكر هللا).
إمام الطائفة الجنيد( :أن يُميتك الحق عنك ،و يحييك به). •
أبو بكر الكتابي( :صفاء و مشاهدة). •
جعفر الخلدي( :طرح النفس في العبودية ،والخروج من •
البشرية ،و النظر إلي الحق بالكلية).
70
• وسئل الشبلي عن التصوف فقال( :بدؤه معرفة هللا ،و نهايته
نوحيده).
ولكن فِكرية تعارض التصوف مع تعاليم اإلسالم أتت في المقام األول
من إدعاء المستشرقين من تأليفهم ،فالذين كتبوا في التصوف
اإلسالمي أدعوا أن التصوف مذهب دخيل في اإلسالم مأخوذا ً أما من
رهبانية الشام وهذا رأي (ميركس) وإما من أفالطونية اليونان
الجديدة ،و إما من زرادتشية الفرس و إما من فيد الهنود وهو
راي(جونس)وأخذ هؤالء يتضاربون في رأيهم هم و من علي شاكلتهم
فهذا (نيكلسون) يتحول عن رأيه حينما يكتب مادة التصوف في دائرة
معارف الدين واألخالق -ثم يأتي األستاذ (ماسينيون)فيشرح الفكرة
الجديدة التي تحول إليها (نيكلسون) -وإن كانت الفكرتان متقاربتين ف
(ماسينيون) يري :أن التصوف ال يرجع إلي مصدر واحد ،وإنما
يرجع اوالً إلي القرآن وهو أهم المصادر التي استمد منها التصوف
نشأته و حياته.
والمصدر الثاني هو الحديث والفقه و غيرهما من العلوم العربية
اإلسالمية.
أما المصدر األخير فهو :الثقافة العلمية األجنبية العامة التي وجدت
في البيئة اإلسالمية في عهودها األولي.
وهذه اإلختالفات استفاض فيها الكاتبون و ذهبوا فيها مناحي ِ شتي
وكانوا فيها فصوالً طواالً استنفدوا فيها الجهد..والتي ال تزال مع كل
ذلك مستمرة ال تنتهي.
71
وهذه االختالفات إن دلت علي شئ فإنها تدل علي أن وضع هذه
القضية بهذا الوضع إنما هو خطأ من أساسه وهذا الخطأ فيوضع
المشكلة مفهوم السبب و العلة.
لقد وقف الكاتبون من التصوف موقفهم من الثقافة الكسبية و الثقافة
المكتسبة التي يتأتي فيها التأثر و التطور و التقليد ,ولكن التصوف
ليس ثقافة كسبية تتأثر بهذا االتجاه أو ذاك ,وإنما التصوف ذوق و
مشاهدة،يصل اإلنسان إليها عن طريق الخلوة والرياضة و المجاهدة و
اإلشتياق بتزكية النفس و تهذيب األخالق و تصفية القلب لذكر هللا
تعالي وإن كان التصوف ال يتأتي ،إال بمجاهدة النفس و الهوي و
الشهوات حتي يصل اإلنسان إلي المثل العُليا و التخلق بأخالق هللا
تعالي ومعرفة الكمال اإللهي.
ولكن هذا الكمال و التخلق بأخالق هللا تعالي اليتأتي إال عن طريق
الوحي المعصوم فالبد إذا من إتباع تعاليم الرسول ﷺ إتباعا ً تاما ً
سليماً،ولقد قال النبي ﷺ بعد أن رجع من إحدي غزواته( :رجعنا من
الجهاد األصغر إلي الجهاد األكبر ،قيل وما الجهاد األكبر يارسول هللا
قال ﷺ جهاد النفس و الشيطان) .
وأما نظرية الحلول واإلتحاد والوحدة فهي من إتهامات أعدائهم و مما
قذفوا به وليس من عناصر التصوف.
س :قالوا أن القرآن يدعوا إلي الدنيا وإلي األخرة ،ولكن التصوف
توكل وذهد وليس له من الدنيا شئ ،فما رأيكم؟
جـ :مع أن القرآن يدعوا لكل ذلك فبالتأمل نري أن الحياة اآلخري فيه
خيرا ً و أبقي وأما أن الصوفي رجل آخرة فقط فهذا فيه وهم ،ألن
72
الصوفي يتزوج و يدعوا إلي أن اليد العليا خير من اليد السفلي وأن
المؤمن القوي خير وأحب غلي هللا من المؤمن الضعيف،وأن العيش
كسب حالل طيب خيرا ً من أن يتكفف الناس وأعطوه أو منعوه.
خير لك من
ولكنه مع ذلك يتمذهب بمذهب القرآن (وال األخرة ٌ
األولي).
فمعني إيثاره لآلخرة إذن :هو أن يريد لكل عمل من أعماله وجه هللا
تعالي.
ولقد كان من السادة الصوفية و الضالعين في معرف هللا:
النساج،الخراز،التاجر وصاحب الحرفة ،والمجاهد في سبيل هللا
والزارع ،و السقاء و الكيال و الوزان و القاضي و العالم و الحاكم و
الفقيه و المتحدث و القارئ وغير ذلك.
وكذا عن موضوع إسقاط التكاليف الشرعية:
إنها ليست من التصوف في شئ ولكنها ضاللة قديمة،و بدعة سقيمة،و
جهالة وخيمة نشأت في أوساط متحللة إنتسبت إلي التصوف إنتسابا ً
باطالً ،وحاربها ممثلوا التصوف في كل عصر و في كل بيئة.
ومن الحكمة و المنطق السليم أن أي مشكلة يكون القول الفصل فيها
للذين يمثلون موضوعها حقيقة و لهذا رجعنا إلي زعماء التصوف
الذين ال يختلف عليهم إثنين في زعامتهم نجد القدماء منهم و
المتحدثون ينكرون فكرة إسقاط التكاليف الشرعية إنكارا ً تاما ً و
يرونها زيفا ً وضالله و إنسالخا ً عن الدين بالكلية.
73
و قال أبو يزيد البسطامي ألحد ُجلسائه( قم بنا حتي ننظر إلي هذا
الرجل الذي قد شهر نفسه بالوالية ،وكان رجالً مشهورا ً بالزهد
،فمضينا إليه فلما خرج من بيته ودخل المسجد رمي بساقه تجاه القبلة،
فإنصرف ابو يزيد ولم يسلم عليه ،وقال هذا غير مأمون علي أدب من
آداب الرسول ﷺ فكيف يكون مأمونا ً علي ما يدعيه؟
ومن كالم أبي يزيد أيضا ً (لو نظرتم إلي رجل أعطي من الكرامات
حتي تنظروا كيف تجدونه عند األمر و النهي وحفظ الحدود و أداء
الشريعة).
ويقول سهل التستري معبرا ً عن أصول التصوف(أصول طريقتنا
سبعة :التمسك بالكتاب ،واإلقتداء بالسنه ،وأكل الحالل ،وكف األذي
وتجنب المعاصي ،ولزوم التوبة ،وأداء الحقوق).
و يقول الجنيد( :من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث ،ال يقتدي به
في هذا األمر ،ألن علمنا حدا ً مقيد بأصول الكتاب و السنه).
وقال :علمنا هذا مشيد بحديث الرسول ﷺ و قال الطرق كلها مسدودة
علي الخلق إال علي من إقتفي أثر الرسول عليه السالم و اتبع
سنته،ولزم طريقته.
والرسول ﷺ كان المثل األعلي في أداء الشعائر إلي آخر لحظة في
سإل النبي ﷺ عن قوم تركوا العمل بالدين وحياته الطاهرة و لقد ُ
أحسنوا الظن باهلل تعالي فقال( :كذبوا لو أحسنوا الظن ألحسنوا
العمل).
74
فالتصوف هو جوهر الدين وثمرته و هو مقام اإلحسان الذي قال فيه
سئل بعد اإلسالم و اإليمان عن اإلحسان فقال المصطفي ﷺ حين ُ
النبي ﷺ( :أن تعبد هللا كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
ويقول النبي ﷺَ ( :من َع ِمل بما َع ِلم أورثه هللا علم مالم يعلم).
وقال ﷺ( :ما فضلكم أبو بكر بكثرة صالته وال صيامه وال صدقه
ولكن بشئ وقر في قلبه).
وقال ﷺ( :العلم ِعلمان ِعلم في القلب ،فذلك العلم النافع،وعلم
اللسان،فذلك ُحجة هللا علي ابن آدم).
ونخلص من هذا إلي أن الشريعة :هي أقوال الرسول ﷺ وأفعاله
و الطريقة :هي العمل بأقوال الرسول ﷺو أفعاله.
أي أن العمل بالطريقة و الحقيقة هي :ثمرة العمل بالشريعة،فالشريعة
أمر بإلتزام العبودية ،والحقيقة :مشاهد الربوبية فكل شريعة غير
مؤيده بالحقيقة غير مقبولة،وكل حقيقة غير مقيدة بالشريعة غير
محصولة.
(وإقامــة المــوالــد)
س :ما رأيكم في الموالد و إنها صورة مشوهة لإلسالم؟
جـ :الموالد في أصلها عبارة عن إحتفاالت شعبية يقوم بها الشعب
إلحياء ذكري بعض األولياء الذين صفت أرواحهم ،و تسامت نفوسهم
و تخلصت من نوازع الهوي و عمي البصائر و القلوب ،بسبب
عكوفهم علي طاعة هللا وقوة صلتهم باهلل وإعراض قلوبهم عن
زخرف الحياة ،وزهدهم فيما يتهافت عليه الناس من لذة و مال وجاه.
75
والواضح من سلوك الناس أن أرواحهم إذا صفت وبلغت في التسامي
الروحي أكثر من العادة تغلبت عندهم عوامل الروح علي عوامل
البدن -فكان ألرواحهم تأثيرا ً خاصا ً يُري أثره وال يُعلم سببه ،كالعائن
يتوجه بنفسه الحاده إلي ما يبدو عجيبا ً من إنسان أو حيوان فيخر لوقته
سريعا ً من غير أن يعلم سببا ً لهذا التأثير العجيب حتي إذا وريت
أجسامهم في التراب أقاموا لهم هذه اإلحتفاالت الشعبية كذكريات لهم
وإحياء لمآثرهم التي لمسوها و عاينوها فيتحدثون بما عاينوا
ويتندرون بما لمسوا ملتمسين من وراء ذلك الحصول علي دعوة
صالحة أو بركة شاملة من روح ذلك الولي معتقدين بحق أن الروح
لن يلحقها الفناء و إنها بسبب تجردها عن بشريتها بالموت أصفي في
نفسها و أقرب إلي رضاء ربها ،و أرجي في نفعها بما كانت عليه
زمن الحياة.
هذا هو األصل في إقامة هذه الموالد الشعبية التي تقام بإسم األولياء
وهي بإعتبار هذا األصل ال غبار عليه ،ألن إقامة اإلحتفاالت الشعبية
أمر شائع في كل شعوب العالم يقيمونها بتقديس قائد أو تكريم عظيم ،
والموالد بقد ما هي ذكريات هي أيضا ً تستنهض الهمم الوانية و
القلوب الضالة و تستنفر الناس ليعملوا عمالً صالحا ً يخلد لهم ذكري
حسنة ويبقي لهم لسان صدق في اآلخرين.
والموالد مواسم للبر واإلحسانو التعاطف ،وسوق رائجة للتجارة و
معارض للصناعة و اإلنتاج ،وفترة إستجمام روحية ونفسية.
و للموالد بصورتها الحاليا عيوب يجب أن نتخلص منها وهي هذه
المظاهر الفاضحة من إختالط الرجال والنساء وعرض الفنون
76
الهابطة و المهازل التي تشوه صورة الدين واإلحتفال باطنا ً
بالمناسبات الكريمة.
فالمحاسن ناشئة من طبيعة المولد وتُحسب من حسناتها ،و المفاسد
ليست من طبيعة الموالد فال نأخذ عليها .أما المسالب التي تدخل في
نطاق المزارات فأمرها يسير وعالجها يكون بتثقيف الجهلة آلداب
الزيارة و توجبههم بواسطة القائمين بأمر هذه المزارات توجيها ً دينيا ً
يتماشي مع تعاليم الدين وحكمته.
77
)(أوراد الطريقة اخلليلية
▪ الصالة على النبى صلى هللا عليه وسلم عقب الصالوات مكتوبة:
اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا وموالنا محمد وعلى اله وصحبه
و عدد حروف القرأن حرفا ً حرفا ً وعدد كل حرف الفا ً الفا ً وعدد
صفوف المالئكة صفا ً صفا ً وعدد كل صف الفا ً الفا ً وعدد الرمال ذرة
ذرة وعدد كل ذرة الف الف مرة عدد ما احاط به علمك وجرى به
قلمك ونفذ به حكمك فى برك وبحرك وسائر خلقك عدد ما احاط به
علمك القديم من الواجب والجائز والمستحيل اللهم صلى وسلم وبارك
على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه مثل ذلك.
(تتلي عقب كل صالة ثالث مرات)
79
(خــــــــامتـــــــة)
التصوف علم تزكية األخالق،وتطهير القلوب مما يشوبها ويدنسها،
وتحلية األسرار بوصف التوحيد الكامل.
فلقد أمرنا هللا سبحانه وتعالي بالتقوي وهي ال تخرج عن أمرين:
أعمال القلوب ،و أعمال الجوارح ،ولن يستقيم ظاهر العبد إال
بإستقامة باطنه كما قال ﷺ( وهللا ال يستقيم غيمان عبد حتي يستقيم
قلبه).
فللباطن تموجات كتموجات البحر لن ينجو منها إال عبد أخذتة جذبة
العناية إلي ساحل السالمة من أول أمرة أو أبصر علة باطنه وقدر
خطرها فأتي األمر من بابه وتوجه إلي ربه توجه الصادقين (إن
ذاهب إلي ربي سيهدين) 99الصافات
أن ينشله هللا تعالي من ورطنه بال وساطة ،وإما أن يدله هللا علي
بعض عباده من أرباب األحوال الشريفة و المقامات المنيفة.
الذين يداوون أمراض األرواح بنظرة أو كلمة.
فهؤالء وإن قال الناس قد مضي عهدهم ،ولكن وهللا لن يخلو الوقت
منهم أبدا ً حتي يأتي أمر هللا تعالي كما تشهد بذلك السنن الصحيحة.
صادِقا ً تجد مرشداً ،وأمر هؤالء ال يغني عنه علوم
وقد قالوُ :جد َ
الولين و اإلخرين حفظا ً عن ظهر قلب.
80
وكيف يغني المريض حفظ اسم الدواء عن الطبيب الذي يعرف مقداره
وتركيبه وما يمثله عند فقده؛ فهذا ال يصح عقالً بل كيف يكون العبد
في الصالة يقف بين يدي هللا و قلبه مصروف عن ربه مقبل علي
الدنيا والحق ينظر إلي سره فيراه مصروفا ً ،وإلي نفسة فيراها خارجة
عن طاعته،وإلي هواه فيراه إلي غيرة.
وفي الحديث الشريف :إن هللا ال ينظر إلي صوركم ،ولكن إنما ينظر
إلي قلوبكم و أعمالكم).
صلوا
فو َوهلل د َُّر رجال عرفوا هللا بعرفانه ،والذوا بجنابه األقدس َ
ووصلوا وشربوا و سقوا ،فهنيئا ً لمن شرب من راحتهم ،ونهل من ِ
وردهم ،و ذاق مذاقهم ،وصلي هللا علي سيدنا محمد وعلي آله
وصحبه وسلم.آمين.
(المـــؤلف)
81
(حلفت برسك المسي)
بأني قد وقفت لــــــك اليمينا حلفت بسرك األسمي يمينا
فسألت من شهودك لي معينـا بسطت لها لتمنحني شهودا ً
هللا هللا هللا هللا
به عرف الكرام الســـــابقونا وقد توجتني يارب تاجـــــا
أقول هللا رب العالمــــــــــينـا اذا ما قيـل لي ما أنت راج
هللا هللا هللا هللا
سوي حبي أظل لـه أمينــــــا وما نفسي أشتهت يوما ً لشئ
لوجهك زاد بالتقوي حنينـــــا أحبك حب عبد في حيـــــــاء
هللا هللا هللا هللا
يشاهد قوة الرحمــــــن فينـــا وحق هللا ال أنسي وقلبـــــــي
فنحــن بحبلكــم متمسكونــــــا صلوا حبلي بكم ال تقطعـــوه
فلم أري غيركم يسقي اليقينــا وقد دارت علي الكاست روحي
هللا هللا هللا هللا
82
(ايل ابب الكرمي)
وباب هللا مأمول الصالت الى باب الكريم أشــد رحلــى
ت
أغثنى يامغيث الالهفـــا ِ أتيت اليـك فـارا ً مــن ذنوبـى
هللا هللا هللا هللا
ووجهها سبيل الناجيــــات اليك يدى فخذها حيث ترضى
وأوصلنى بأهل ال ُمكرمات وذلل لـى عراقيــل الطـريـــق
هللا هللا هللا هللا
يُسبح فى الحياة وللممـــات ببابــك واقف والقلــب يبكــى
ت
فــال راد ألمــ ٍر كــــان آ ِ رجائى اللطف فى كل األمور
هللا هللا هللا هللا
ت
فوصلها رحـــاب الفــائزا ِ الهـى قد أتت روحــى حمــاك
عبيدك من صالت
والتحرم ُ وسامحنــى وسانـــد ياكريــــم
هللا هللا هللا هللا
وقوينى على فروض الصالة وقــوى فيـــك يـــارب يقينـــى
ت
ووجهنى طريـق الصالحــا ِ وأدبنــى بــــآداب الرســــــول
وأعذنى من فعال ال ُمنكـــرات ونور لـى البصيــرة َ والفــــؤاد
83
هللا هللا هللا هللا
وقربى منك يجلو الصاديــات الهــى أنت معبــودى وربــــى
بجـاه محمـــد ُمنجى العصــاة فعفــوا ً عـن ذنـو ٍ
ب هاطــــالت
هللا هللا هللا هللا
وقصدى منك محو السيئــــات إلهـــى أنـت للغفـــران أهـــــ ٌل
من الشيطان وأقبل ضارعات فأصلح كـل أحوالــى وعذنــى
هللا هللا هللا هللا
ولطفٍ منك يامعطى الهبــات وداو الجســم بالطــب االلهــى
وأمي و األقارب جمعـــاوات وسامح والــدي وكذا أبـــــــاه
وأمه و األقارب جمعــــاوات وسـامح شيخنـا وكذا أبـــــــاه
رســــول جاءنــا بالبينـــــات وصلـي لـي علي طـه وسـلـم
هللا هللا هللا هللا
84
(التوسل)
كـــل البريــة يــا مفرج هولــها *** في كربــة أنعـــم بسرعــة حلــها
هذا توســـل مــن غــدا متولــها *** بمحمـــــد و ببنتــــه و ببعلــــــها
ببنيهمـا الحسنين أعــالم الهدي
الخلق غرقي في موارد روعهم ***يشكون لوعة االغتصاص بدمعهم
فبحق طــه أمنن ببـارق نفعهــم *** واألنبيـــاء والمــرســـلين بجمعهم
وكذا المالئكة الكرام أولي الهدي
والسـادة الخلفـاء و رونق عدلهم*** وبقية العشــــر الكــــرام وفضلهم
سحب الندى أهل الهدي وبنسلهم*** وبأهـــل بــدر بالصحـــابة كـــلهم
بالتـــابعين لــهم دومــا ً سرمـــدا ً
و بـزينب..و سـكينـة..و نفيسـة *** و البـدر زين العــابـدين زخـيرتي
و بكــل آل البيــت ثـم رقيــــــة *** و ببضعـة الزهــراء فاطمــة التي
مـن أمها نـال المني و الســـؤددا
وبكـل عبد في البريــة ســــالك *** والقائمــين بـجنح ليـــل حـــــالك
إنقـــذ عبـــادك إنــهم بمهــــالك *** و بــــــعبدك النعمـــان ثم بمــالك
بالشافعي قطب الوجود و أحمدا
يارب إن الحطب زاد بال خفــا *** وغدت جميع الناس منه علي شفا
85
والسيد البــدوي بـاب المصطــفي فأغث بحق أولي العناية والصفا
بحــر الفتوة والمكارم والندى
يارب إن الهول قد مأل الفضـــا*** والخلق منه علي لظى جمر الفضا
فرحم بمن توجتهم تاج الرضى *** بالشَاذُلــي وبالدسوقـي المرتضـى
بالقــادرى وبالرفاعــى أحمـدا
بعلي نـور الدين كــوكب قطره*** مــن قــد أمــد الســـالكين بســـره
و هداهـم نــور الــيقين بنــوره*** هـو شيخنا البيومـي سـيد عصـره
مــن قد أتي للعــالمين مـوحدا
يا رب إن الكرب زاد مع العنا *** وبـدت جيوش الـهم منــه تخيفنــا
فـأزل همـوم الدهـر عنا وأهدنا *** بأبــي خـــليل شيخنــا و مــــالذنا
قطب الزمان من اصطفيت محمدا
بمحمـــد نـجل الــخليل المخبت *** المرتضى الصمدانى بحر الحكمة
سيب الرحمة
يــارب هبنــا منك أكـــبر ِمنــة *** و أفض عليــه رب َ
حتــي يفـــوز مـقربـــا ً ومـــؤيــدا ً
الدهـر ســـاء فنجنا مـن حالـــه *** وأنشـــر عـلينا األمـن مـن أهواله
وأمنح رضاك لشيخنــا وآللـــه *** ولكــل مـــن يُهـدى علـى مــنواله
ولمن رعـي حـق الطريقة و اهتدى
يا رب ال تجعـل بـــحقك ذنبنا *** سبب العنا وأفض لنــا سحب ال ُمنا
86
فإذا شكونا الكرب يا أهل الثنا *** فـرج بفضـلك يـا إلهـي كـربنا
ياخير من بسط األنام له يدا
واغفـر بعفـوك يـا إلهـي ذنبنـا *** وارحم بلطفك يا إلهي ضعفنا
وابسط بجودك يــا إلهي رزقنا *** وأضئ بــعلمك يا إلهي قــلبنا
يا خير من مد األنام له يدا
واسكب علي من في جاللك هيموا***سحب الرضى وانشر نداك إليهم
وابــعث تحياتــي الكـــرام إليهـــم *** وأدم صــالتك والســالم عليهـم
أضعاف مخلوق إلي يوم الندا
الساطع
ِ السيمــا المختــار أفخــم شـــافـ ٍع *** شمس الهدي بدر الكمال
و أفض لهذا الجمـع لمعـة المــع *** مــن نـــوره ولكـــل عب ٍد ســ ِ
امع
ولمنشئ التخميس عبدك أحمدا
يـــارب سامحــه و أهــــل وداده *** وأغثه فـــي الدنيـا ويــوم ِمعــاده
وألطــف بنــا يـا راحمـا ً بعبـاده *** وبأمــة الهــادي وحـزب رشــاده
وأختم بخير يا كريم وأسعدا
آمين
87
(فهرس الكتاب)
الصفحة الموضــــوع م
2 مقدمة(حقيقة التصوف) 1
5 اإلسالم والشفافية 2
7 إشراقات 3
10 سيدنا عمر إبن الخطاب(والتصوف) 4
12 الشفاعة 5
18 الوفاء آلل البيت 6
22 آداب المريد مع نفسة 7
26 آداب المريد مع أستاذه 8
28 آداب المريد مع إخوانه 9
33 ماورد في الذاكرين من مآدبة رب العالمين 10
35 التحذير من الغفلة 11
36 الذكر من حديث خير الخلق ﷺ 12
47 الكرامة 13
52 مقال نشرته مجلة منبر اإلسالم 14
59 كلمة وفاء 15
64 الكرامات 16
69 التصوف ال يتعارض مع تعاليم اإلسالم 17
78 أوراد الطرريقة الخليلية 18
80 خاتمة 19
82 حلفت بسرك االسمي 20
83 إلي باب الكريم 21
85 التوسل 22
88 فهرس الكتاب 23
88
مت حبمد هللا
رقم اإليداع بدار الكتب 87/1805
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
الطبعة الثانية
1417هـ1996/م
89