You are on page 1of 6

‫الخطبة األولى‪:‬‬

‫إن الحمد هلل‪ ،‬نحمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا‪ ،‬وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال‬
‫مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هللا‪ ،‬وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده‬
‫ورسوله‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن أصدق الحديث كتاب هللا‪ ،‬وخير الهدي؛ هدي محمد صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وشر األمور محدثاتها‪ ،‬وكل‬
‫محدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضاللة‪ ،‬وكل ضاللة في النار‪.‬‬
‫سبب تسمية سورة الكهف بهذا االسم‪.‬‬
‫عباد هللا‪:‬‬
‫هذه سورة الكهف التي نقرؤها كل جمعة‪ ،‬هذه التي أرشد النبي صلى هللا عليه وسلم من يريد الوقاية من‬
‫فتن ة الدجال إلى حفظ مطلعها‪ ،‬وأن يقرؤه على الدجال إذا خرج‪ ،‬سميت السورة بأعجب ما فيها على عادة‬
‫العرب في التسمية‪ ،‬واختيار الكلمة العجيبة الالفتة للنظر في تسمية قصائدهم‪ ،‬وهذا نزل بلسان عربي‬
‫مبين‪ ،‬فإذا بالسورة تسمى بسورة الكهف‪ ،‬لماذا؟ ألنه ذكر فيها قصة أصحاب الكهف‪ ،‬ما هو الكهف؟ من‬
‫هم أصحابه؟ ما هي القصة؟ إنها سورة تلفت العقول‪ ،‬والقلوب إليها‪ ،‬من اسمها العجيب‪ ،‬سورة الكهف‪ ،‬أ َ ْم‬
‫يمسورة الكهف‪.9‬الرقيم‪ ،‬المرقوم المكتوب‪( ،‬إال رقما ً في ثوب) ِكتَابٌ‬‫الرقِ ِ‬ ‫اب ْال َك ْه ِ‬
‫ف َو َّ‬ ‫َح ِسبْتَ أ َ َّن أ َ ْ‬
‫ص َح َ‬
‫َّم ْرقُو ٌمسورة المطففين‪ .9‬مكتوب فيه ما هو مكتوب‪.‬‬
‫قصة أصحاب الكهف‪.‬‬
‫إذن لقد كان من أمر هذه القصة شيء عجب دعا إلى كتابتها‪ ،‬وتسطيرها‪ ،‬كأنهم أرادوا أن يذكروا شأن‬
‫هؤالء لألجيال القادمة‪ ،‬ولكن يذهب الكاتب والمكتوب‪ ،‬ويبقى ما أراد إبقاؤه عالم الغيوب‪ ،‬أ َ ْم َح ِسبْتَ أ َ َّن‬
‫الرقِ ِيم فصارت القصة في كتاب هللا‪ ،‬فال حاجة إلى كتابتها في ألواح‪ ،‬أو البحث في آثار‬ ‫ف َو َّ‬ ‫اب ْال َك ْه ِ‬‫ص َح َ‬‫أَ ْ‬
‫األقدمين عن تفاصيل القصة؛ ألن هللا أغنانا‪ ،‬فيا أصحاب المتاحف واآلثار كفوا عنا‪ ،‬لم نعد نرد مصدرا ً‬
‫اب‬ ‫ص َح َ‬ ‫آخر لمعرفة األخبار وخصوصا ً ما قد سبق إال هذا الكتاب – الوحي من هللا تعالى ‪ -‬أ َ ْم َح ِسبْتَ أ َ َّن أ َ ْ‬
‫يمسورة الكهف‪ .9‬هلل آيات في السماوات‪ ،‬وآيات في األرض‪ ،‬وآيات في كتابه الذي أنزله‪،‬‬ ‫الرقِ ِ‬
‫ف َو َّ‬ ‫ْال َك ْه ِ‬
‫هنالك آيات للتحدي واإلعجاز‪ ،‬وهنالك آيات تبرهن لهؤالء الناس على أمور كثيرة من قدرته سبحانه‬
‫ع َجبا ً * ِإ ْذ أ َ َوى ْال ِفتْ َيةُ إِلَى ْال َك ْه ِفسورة الكهف‬
‫الرقِ ِيم َكانُوا ِم ْن آ َياتِنَا َ‬‫ف َو َّ‬ ‫اب ْال َك ْه ِ‬ ‫وتعال‪ ،‬أ َ ْم َح ِسبْتَ أ َ َّن أ َ ْ‬
‫ص َح َ‬
‫‪. 10-9‬فروا إليه مم؟ العادة أن اإلنسان يأوي إلى أبيه وأمه‪ ،‬يأوي إلى بيته‪ ،‬لكن هؤالء أووا إلى الكهف‪،‬‬
‫والكهف موحش‪ ،‬الكهف مقفر‪ ،‬الكهف بعيد‪ ،‬الكهف ليس فيه أهل‪ ،‬الكهف ليس فيه متاع‪ ،‬وال أثاث‪ ،‬ليس‬
‫مجهزا ً ليأوي إليه اإلنسان‪ ،‬لكن هؤالء أووا إلى هللا‪ ،‬أووا إلى الكهف في سبيل هللا‪ ،‬ولذلك صار الكهف‬
‫مأوى‪ ،‬صار الكهف على بعده‪ ،‬وعلى بساطته وبدائيته‪ ،‬وعلى خلوه من األثاث‪ ،‬والرياش‪ ،‬والمتاع صار‬
‫بالنسبة لهم مأوى‪ ،‬لماذا؟ ألن اإليواء في الحقيقة؛ ألنهم آووا في الحقيقة إلى هللا‪ ،‬أوى إلى هللا فآواه هللا‪،‬‬
‫ف فرارا ً بدينهم من أجل ربهم‪ ،‬خوفا ً من الفتنة التي‬ ‫ومن آواه هللا فال ضيعة عليه‪ِ ،‬إ ْذ أ َ َوى ْال ِفتْيَةُ ِإلَى ْال َك ْه ِ‬
‫تفتنهم فتردهم عن دينهم‪ ،‬إنهم اعتنقوا التوحيد‪ ،‬وعرفوا الحق فاتبعوه‪ ،‬والعجب أنهم فتية‪ ،‬فيا عبد هللا‪ :‬ال‬
‫ي‪ ،‬ويا أيها الشاب الذي نشأ في طاعة هللا‪ :‬هنيئا ً لك‬ ‫يغررك السِن فقد يوجد على الحق من هو صغير فت ٌ‬
‫فربما تعرف حقا ً لم يعرفه الكبار‪ ،‬وانظر حولك في الدنيا‪ ،‬كم من الكبراء والخبراء؟ كم من هؤالء لم‬
‫يعرفوا الحق‪ ،‬لكن الصغير إذا عرف الحق‪ ،‬ونشأ عليه فإنه يبقى يسري في جسده منذ صغره‪ ،‬وشاب نشأ‬
‫في طاعة هللا‪ ،‬هذا تأسيس من مرحلة مبكرة أدعى للثبات‪ ،‬ولذلك نشئوا فتيانكم على طاعة هللا ذكورا ً‬
‫وإناثاً‪ ،‬عرفوهم الحق يا أيها اآلباء‪ ،‬عرفوهم الحق‪.‬‬
‫ف فَقَالُوا َربَّنَا آتِنَا ِم ْن َلدُ ْنكَ َرحْ َمةًسورة الكهف‪10‬حيث أن هؤالء الناس الذين حولنا‬ ‫ِإ ْذ أ َ َوى ْال ِفتْيَةُ ِإلَى ْال َك ْه ِ‬
‫ما عندهم رحمة‪ ،‬يريدون أن يصدونا عن الحق‪ ،‬يريدون أن يفتنونا‪ ،‬فأنت يا هللا آتنا من لدنك رحمة‪،‬‬
‫رحمة‪ ،‬هل هي الرحمة طعام؟ الرحمة غذاء‪ ،‬كساء‪ ،‬مأوى‪ ،‬الرحمة سكن‪ ،‬الرحمة أمان؟ الرحمة قبل ذلك‬
‫هداية‪ ،‬الرحمة علم من هللا‪ ،‬الرحمة تثبيت‪ ،‬الرحمة هذه طمأنينة‪ ،‬وسكينة‪ ،‬وما أحوج الخائفين إليها‪ ،‬وقد‬
‫جاءت الرحمة بمعنى النبوة في آيات أخرى‪ ،‬ولكن هي أعم من النبوة كما في هذه القصة‪ ،‬فإن هؤالء‬
‫أولياء وليسوا بأنبياء‪ ،‬آتِنَا ِم ْن لَدُ ْنكَ َرحْ َمةً َوهَيِئْ لَنَا ِم ْن أ َ ْم ِرنَا َرشَدا ًسورة الكهف‪ .10‬رحمة في اللغة‬
‫معرفة ب(ال) التعريف (الرحمة)‪ ،‬وإنما هي منكرة (رحمة)‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫العربية نكرة‪ ،‬وليست معرفة‪ ،‬ليست‬
‫والمن َّكر إذا جاء في سياق الطلب يفيد العموم‪ ،‬آتِنَا ِم ْن لَدُ ْنكَ َرحْ َمةً رحمة تشمل كل األنواع المطلوبة‪ ،‬كل‬
‫سنَةًسورة البقرة‪ .201‬تشمل حسنة الرزق‪ ،‬وحسنة الزوجة الصالحة‪،‬‬ ‫شيء نحتاجه‪َ ،‬ربَّنَا آ ِتنَا ِفي الدُّ ْن َيا َح َ‬
‫وحسنة الولد البار‪ ،‬وحسنة المسكن الواسع‪ ،‬وحسنة الذكر الحسن‪ ،‬والرغد العيش‪ ،‬والرزق الوفير‪ ،‬كما‬
‫أنها في اآلخرة رزق الجنة‪ ،‬حسنة الجنة‪ ،‬حسنة ظل العرش‪ ،‬حسنة تيسير الحساب‪ ،‬حسنة سرعة دخول‬
‫الجنة‪ ،‬حسنة النجاة على الصراط‪ ،‬وفي اآلخرة حسنات كثيرة‪ ،‬فقه الدعاء آ ِتنَا ِم ْن لَدُ ْنكَ َرحْ َمةً فيها كل ما‬
‫نحتاج وأكثر مما نحتاج‪َ ،‬وه َِيئْ لَنَا ِم ْن أ َ ْم ِرنَا َرشَدا ً‪ ،‬فقه الدعاء يا عباد هللا‪ :‬أن بعض الناس ربما يطلب‬
‫تفاصيل؛ آتني سيارة‪ ،‬وآتني وظيفة‪ ،‬وآتني بيتاً‪ ،‬وآتني ماالً‪ ،‬وآتني‪ ،‬ولكن عندما يسأل هللا من فضله فضل‬
‫هللا فيه كل هذه وزيادة عما سألت‪ ،‬كذلك العافية‪ ،‬فإذن سؤال هللا للعمومات من فقه الدعاء‪( ،‬أجملوا في‬
‫الطلب) ‪( .‬أجملوا في الطلب)‪َ ،‬وهَيِئْ لَنَا ِم ْن أ َ ْم ِرنَا َرشَدا ً‪ ،‬ما أحسن الرشد‪ ،‬الرشد‪ :‬إصابة الحق‪ ،‬الرشد‪:‬‬
‫المسلك الصحيح‪ ،‬الرشد‪ :‬ضد الضالل‪ ،‬والغواية‪ ،‬الرشد‪ :‬ما أجمله وما أحسن من أوتيه‪َ ،‬وهَيِئْ لَنَا ِم ْن‬
‫أ َ ْم ِرنَا َرشَدا ً‪ ،‬نحن فتية صغار‪ ،‬ما عندنا خبرة‪ ،‬نحن فتية نحتاج إلى حماية‪ ،‬ليس عندنا حماية‪ ،‬نحن فتية‬
‫خرجنا ما نعرف إال بيوتنا‪ ،‬وبلدنا إلى أين نتجه‪ ،‬ليس لنا خبرة بالطرقات‪ ،‬والدروب‪ ،‬واألسفار‪ ،‬ال نعرف‬
‫علَ ْي ُك ْم َي ْر ُج ُمو ُك ْم‪،‬‬ ‫إلى أين نتجه‪ ،‬لكن المهم أن نفر بديننا‪ ،‬المهم أن ننجو من هؤالء الظلمة‪ِ ،‬إنَّ ُه ْم إِن َي ْ‬
‫ظ َه ُروا َ‬
‫فيها هالك‪ ،‬وإذا ما كانت هذه فاألسوأ أ َ ْو يُ ِعيدُو ُك ْم فِي ِملَّتِ ِه ْم َولَن ت ُ ْف ِل ُحوا ِإذًا أَبَدًاسورة الكهف‪20‬إذا عادوا‬
‫في الملة بعد إذ نجاهم هللا منها ملة الكفر‪ ،‬ولذلك الفتية صغار ال عندهم خبرة‪ ،‬وال عندهم ما يستعينون به‬
‫غير هللا‪ ،‬فقالوا‪َ :‬وه َِيئْ لَنَا ِم ْن أ َ ْم ِرنَا َرشَدا ً‪ ،‬دبرنا‪ ،‬وعندما تقول يا مسلم يا عبد هللا‪ :‬دبرني فإني ال أحسن‬
‫التدبير‪ ،‬أنت ال تعرف كل االحتماالت في البيت إذا نزلت‪ ،‬وال تعرف كل االحتماالت في الوظيفة‪ ،‬إذا‬
‫توظفت فيها‪ ،‬وال تعرف كل االحتماالت في نوعية السيارة إذا اخترتها‪ ،‬وال تعرف كل االحتماالت في‬
‫أشياء كثيرة‪ ،‬فماذا ستفعل للوقاية من االحتماالت‪ ،‬تتبع االحتماالت عملية منهكة جداً‪ ،‬تحتاج حسابياً‪،‬‬
‫ورياضياً‪ ،‬إلى أعمال ذهنية كثيرة‪ ،‬ثم أنت ستجلس إذا صار كذا‪ ،‬ال بد أن أفعل كذا‪ ،‬وإذا صار كذا‪ ،‬ال بد‬
‫أن أفعل كذا‪ ،‬لدرجة أنه يضيق الوقت‪ ،‬والمصادر‪ ،‬والجهد‪ ،‬عن الوفاء بمواجهة كل االحتماالت‪ ،‬لكن‬
‫عندما تقول‪ :‬هيئ لي من أمري رشداً‪ ،‬هللا يدلك‪ ،‬هللا يسلك بك المسالك‪ ،‬والدروب‬

‫عندما تقول يا مسلم يا عبد هللا‪ :‬دبرني فإني ال أحسن التدبير‪ ،‬أنت ال تعرف كل االحتماالت في البيت إذا‬
‫نزلت‪ ،‬وال تعرف كل االحتماالت في الوظيفة‪ ،‬إذا توظفت فيها‪ ،‬وال تعرف كل االحتماالت في نوعية‬
‫السيارة إذا اخترتها‪ ،‬وال تعرف كل االحتماالت في أشياء كثيرة‪ ،‬فماذا ستفعل للوقاية من االحتماالت‪ ،‬تتبع‬
‫االحتماالت عملية منهكة جداً‪ ،‬تحتاج حسابياً‪ ،‬ورياضياً‪ ،‬إلى أعمال ذهنية كثيرة‪ ،‬ثم أنت ستجلس إذا صار‬
‫كذا‪ ،‬ال بد أن أفعل كذا‪ ،‬وإذا صار كذا‪ ،‬ال بد أن أفعل كذا‪ ،‬لدرجة أنه يضيق الوقت‪ ،‬والمصادر‪ ،‬والجهد‪،‬‬
‫عن الوفاء بمواجهة كل االحتماالت‪ ،‬لكن عندما تقول‪ :‬هيئ لي من أمري رشداً‪ ،‬هللا يدلك‪ ،‬هللا يسلك بك‬
‫المسالك‪ ،‬والدروب‬

‫‪ ،‬هللا الذي يقيك من االحتماالت السيئة‪ ،‬هللا الذي يدلك على الخير‪ ،‬واألحسن‪ ،‬واألفضل‪ ،‬بالنسبة‬
‫لك‪َ ،‬وهَيِئْ لَنَا ِم ْن أ َ ْم ِرنَا َرشَدا ً‪ ،‬وهكذا يا عباد هللا‪ :‬هكذا كان في حال هؤالء‪ ،‬الذين أعطاهم هللا مكافآت‬
‫ف هذه أول شيء؛ ألن هؤالء يحتاجون إلى طمأنينة‬ ‫علَى آذَانِ ِه ْم فِي ْال َك ْه ِ‬ ‫ض َر ْبنَا َ‬ ‫كثيرة‪ ،‬مقابل هذا الدعاء‪َ ،‬ف َ‬
‫وأمان‪ ،‬يحتاجون إلى سكينة‪ ،‬ما أحسن للمنهك المتعب الخائف من النوم‪ ،‬واحد فار هارب من بلده‪،‬‬
‫هارب من قوم جبارين‪ ،‬ظلمة يرجمون حتى الموت‪ ،‬ماذا يحتاج اآلن؟ يحتاج إلى نوم‪ ،‬اآلن قد فارقوا‬
‫البلد‪ ،‬ورحلوا هذه المسافة حتى وصلوا إلى هذا الكهف البعيد في الصحراء‪ ،‬في المكان المقفر الموحش‪،‬‬
‫علَى‬ ‫ض َر ْبنَا َ‬ ‫ماذا يحتاجون اآلن؟ نوم‪ ،‬نوم‪ ،‬النوم راحة‪ ،‬النوم راحة ونعمة من هللا عز وجل‪ ،‬ولذلك فَ َ‬
‫عدَدًا‪ ،‬لكن صار نقاش طويل‬ ‫عدَدًاسورة الكهف‪ .11‬ما أخبرنا عن العدد اآلن‪َ ،‬‬ ‫ف ِسنِينَ َ‬ ‫آذَا ِن ِه ْم ِفي ْال َك ْه ِ‬
‫حول العدد في هذه القصة‪ ،‬عدد هؤالء‪ ،‬وكم السنوات التي لبثوها؛ ألن القصة عجيبة‪ ،‬في البداية ما‬
‫ي ْال ِح ْزبَي ِْن‬ ‫عدَدًا‪ ،‬انتظر يا متعلم حتى يأتي الوقت المناسب لتصل المعلومة إليك‪ ،‬ث ُ َّم بَعَثْنَا ُه ْم ِلنَ ْعلَ َم أ َ ُّ‬ ‫أخبرنا َ‬
‫صىسورة الكهف‪ .12‬الحزبان الذين اختلفوا أيهما أحصى ِل َما لَ ِبثُوا أ َ َمدا ً؟ هللا يعلم من هو المصيب من‬ ‫أَحْ َ‬
‫الحزبين ‪ ،‬وهللا يعلم الحق أين هو مع المختلفين‪ ،‬ولكن ليظهر علمه في الواقع‪ ،‬وهذا معنى (لنعلم) أو‬
‫(ليعلم) في القرآن‪َ ،‬ولَ َّما يَ ْعلَ ِم ّللاُ الَّذِينَ َجا َهدُواْسورة آل عمران‪َ .142‬و ْليَ ْعلَ َم الَّذِينَ نَافَقُواْسورة آل‬
‫عمران‪ .167‬ونعلم الصادقين‪ ،‬هو يعلمهم قبل أن يخلقكم‪ ،‬ولكن ليظهر علمه في الواقع‪ ،‬ث ُ َّم َبعَثْنَا ُه ْم ِلنَ ْعلَ َم‬
‫علَيْكَ نَبَأ َ ُه ْم بِ ْال َح ِقسورة الكهف‪13-12‬؛ ألن هناك مصادر‬ ‫ص َ‬‫صى ِل َما لَبِثُوا أ َ َمدا ً * نَحْ ُن نَقُ ُّ‬ ‫ي ْال ِح ْزبَي ِْن أَحْ َ‬ ‫أ َ ُّ‬
‫كثيرة تقص على الناس‪ ،‬في إعالم‪ ،‬وفي أخبار‪ ،‬في كتب قديمة‪ ،‬وفي روايات‪ ،‬وقصص‪ ،‬وفي فيس بوك‪،‬‬
‫وتويتر‪ ،‬وفي مصادر كثيرة للمعلومات اآلن‪ ،‬لكن من الذي يفوز‪ ،‬ما هي المعلومة الصحيحة؟ كل واحد‬
‫يتكلم‪ ،‬ما هي المعلومة الصحيحة؟ التي تأتي من الوحي‪ ،‬هذه قضية المصدر الصحيح للمعلومة‪ ،‬المصدر‬
‫الوحيد للمعلومة الصحيحة‪ ،‬المعلومة الصحيحة عن الغيب‪ ،‬سوا ًء كان غيبا ً ماضياً‪ ،‬أو غيبا ً حاضرا ً غاب‬
‫عنا اآلن‪ ،‬أو غيبا ً مستقبلياً‪ ،‬ال مصدر صحيحا ً لكل المعلومات عن الغيب إال الوحي فقط‪ ،‬الباقي رجم‬
‫بالغيب‪ ،‬استنباطات‪ ،‬استنتاجات‪ ،‬قد تخطئ وقد تصيب‪ ،‬وقد تكون مجرد حتى ما فيها استنتاج أصالً إال‬
‫ق‪ ،‬وليس غيرنا‪ ،‬اعتمد مصدرنا‪ ،‬وليس المصادر األخرى‪ ،‬ال‬ ‫علَيْكَ نَ َبأ َ ُه ْم ِب ْال َح ِ‬
‫ص َ‬ ‫المجازفة‪ ،‬إذن نَحْ ُن نَقُ ُّ‬
‫كتب أهل الكتاب المحرفة‪ ،‬وال كتب التواريخ التي كتبها علماء اآلثار‪ ،‬واألخبار‪ ،‬علماء التواريخ‪ ،‬نَحْ ُن‬
‫ق‪ ،‬نحن فقطإِنَّ ُه ْم ِفتْ َيةٌ آ َمنُوا ِب َر ِب ِه ْم َو ِز ْدنَا ُه ْم ُهدًى‪ ،‬هذا ملخص القصة‪ ،‬هللا كريم‪،‬‬ ‫علَيْكَ نَ َبأ َ ُه ْم ِب ْال َح ِ‬
‫ص َ‬‫نَقُ ُّ‬
‫العبد يريد الخير هللا يعطيه أكثر‪ ،‬يريد هدى هللا يعطيه الهدى‪ ،‬وزيادة‪ ،‬يريد علماً؟ هللا يعطيه العلم الذي‬
‫أراده وزيادة‪ ،‬وهكذا‪ ،‬إِنَّ ُه ْم فِتْيَةٌ آ َمنُوا بِ َربِ ِه ْم َو ِز ْدنَا ُه ْم ُهدًى‪ ،‬كل هذا أعطاهم؛ إذن ناموا في الكهف‪،‬‬
‫واطمأنوا‪ ،‬وسكنوا‪ ،‬وذهب الخوف‪ ،‬وجاءت الراحة بعد التعب‪ ،‬والنصب‪ ،‬بعد التعب النفسي‪ ،‬والجسدي‬
‫علَى قُلُو ِب ِه ْم بعد أن زادهم هدى‪ ،‬ربط على‬ ‫من هذا االنتقال‪ ،‬وزالت الوحشة من هذا الكهف‪َ ،‬و َربَ ْ‬
‫طنَا َ‬
‫قلوبهم إِ ْذ قَا ُموا في البداية لما آمنوا‪ ،‬واتفقوا‪ ،‬وتعارفوا فيما بينهم في بلدهم‪ ،‬وترجع القصة للبداية‪ ،‬وهذه‬
‫قضية ذكر تفصيل في منتصف القصة ثم العودة للبداية‪ ،‬ثم العودة لإلتمام‪ ،‬عملية نقل الذهن‪ ،‬والقلب‪،‬‬
‫وجذب الذهن‪ ،‬والقلب في سياق تشويقي حتى يتنقل السامع بين المدد الزمنية في هذه القصة‪ ،‬فهو يقول‬
‫ماذا فعل لهم في الكهف ثم يرجع إلى أصل القصة ويقول‪ِ :‬إنَّ ُه ْم ِفتْ َيةٌ اجتمعوا في بلدهم‪ ،‬وتعارفوا‪ ،‬والذي‬
‫ت‬ ‫س َم َاوا ِ‬ ‫علَى قُلُو ِب ِه ْم ِإ ْذ قَا ُموا فَقَالُوا َربُّنَا َربُّ ال َّ‬‫طنَا َ‬ ‫جمعهم هو اإليمان‪ ،‬آ َمنُوا بِ َر ِب ِه ْم َو ِز ْدنَا ُه ْم ُهدًى* َو َربَ ْ‬
‫ضسورة الكهف‪ .14‬ال هذا الصنم‪ ،‬وال هذا الوثن‪ ،‬ال بشر‪ ،‬وال غير البشر‪ ،‬وال كواكب‪َ ،‬ربُّنَا َربُّ‬ ‫َو ْاأل َ ْر ِ‬
‫طا‪ ،‬لو ابتعدنا عن الحق لو فعلنا ذلك هذا كبيرة‪،‬‬ ‫ط ً‬‫ع َو ِمن دُونِ ِه ِإلَ ًها لَقَ ْد قُ ْلنَا ِإذًا َش َ‬‫ض لَن نَّ ْد ُ‬‫ت َو ْاأل َ ْر ِ‬ ‫س َم َاوا ِ‬ ‫ال َّ‬
‫هذه مصيبة كبيرة‪ ،‬وبعد عن الحق‪ ،‬ولن نمشي مع ركاب الضالين‪ ،‬ولو كثروا‪ ،‬ولو كانوا أقاربنا‪ ،‬ولو‬
‫كانوا من حولنا‪ ،‬البيئة كلها فاسدة‪ ،‬هَؤُ َالء قَ ْو ُمنَا ات َّ َخذُوا ِمن دُونِ ِه آ ِل َهةًسورة الكهف‪ .15‬ال تساير الواقع إذا‬
‫كان الواقع منحرفاً‪ ،‬يا عبد هللا هذا درس لنا‪ ،‬أننا لو قالت المرأة على سبيل المثال‪ :‬أكثر الالبسات‪ ،‬أو‬
‫القادمات‪ ،‬أو الحاضرات في العرس لباسهن غير شرعي‪ ،‬فيه تعري‪ ،‬يمكن في واحدة‪ ،‬أو اثنتين‬
‫متسترات‪ ،‬يعني ما أكثر المنكرات في بعض األماكن‪ ،‬واألحيان‪ ،‬والمناسبات‪ ،‬يكون عامة من يحضر‪ ،‬أو‬
‫يأتي‪ ،‬أو يجتمع أكثرهم على ضالل‪ ،‬أو على خطأ‪ ،‬أو على معصية‪ ،‬فهل نساير‪ ،‬هل نمشي الحال‪ ،‬هل‬
‫نتابع‪ ،‬هل نكون مع الخيل كما يقولون؟ ال‪ ،‬هَؤُ َالء قَ ْو ُمنَا ات َّ َخذُوا ِمن دُونِ ِه آ ِل َهةً‪ ،‬وال يمكن أن نتابع قومنا لو‬
‫ان‬
‫ط ٍ‬ ‫س ْل َ‬ ‫كانوا أكبر منا‪ ،‬ولو كانوا أكثر منا‪ ،‬ولو كانوا عالقتهم بها ما هي‪ ،‬لكن ال يمكن لَ ْوال َيأْتُونَ َ‬
‫علَ ْي ِه ْم ِب ُ‬
‫بَيِ ٍن ‪ ،‬وين الدليل على ما ادعوه من آلهة غير هللا‪ ،‬وين‪ ،‬وين السلطان البين‪ ،‬أين الدليل؟ أين األثارة من‬
‫ّللاِ َكذِبا ً‪ ،‬فما هو الحل؟ آمنا واللي حولنا كثر على الشرك‪ ،‬وما في فائدة‬ ‫علَى َّ‬ ‫علم؟ فَ َم ْن أ َ ْ‬
‫ظلَ ُم ِم َّم ْن ا ْفت ََرى َ‬
‫من دعوتهم‪ ،‬ولن يقبلوا منا بل سيعذبوننا‪ ،‬ويفتنونا‪ ،‬ما هو الحل؟ إذن الحل‪َ :‬و ِإ ْذ ا ْعت َزَ ْلت ُ ُمو ُه ْم َو َما َي ْعبُد ُونَ‬
‫ّللاَ‪ ،‬أنت إذا غلبت في مكان عملك‪ ،‬في مكان دراستك‪ ،‬في مكان إقامتك من قوم حولك‪ ،‬يأتي البيئة‬ ‫إِالَّ َّ‬
‫فاسدة‪ ،‬حتى لو عامل بين عمال في بيئة‪ ،‬لكن أكثرهم ما في صالة‪ ،‬وربما أفالم عارية‪ ،‬مخدرات‪ ،‬هو‬
‫ش ْر لَ ُك ْم َربُّ ُك ْم ِم ْن‬
‫ف يَن ُ‬ ‫ّللاَ فَأ ْ ُووا ِإلَى ْال َك ْه ِ‬
‫نفسه يستقيم حتى لو كان وحده‪َ ،‬و ِإ ْذ ا ْعت َزَ ْلت ُ ُمو ُه ْم َو َما يَ ْعبُدُونَ إِالَّ َّ‬
‫ش ْر لَ ُك ْم َربُّ ُك ْم ِم ْن َرحْ َمتِ ِه‪ ،‬وفي هذه الحالة؛ فإنه‬ ‫َرحْ َمتِ ِه‪ ،‬في عند الفتية إيمان أنه سيأتيهم خير عظيم‪ ،‬يَن ُ‬
‫سبحانه وتعالى سيهيئ لهم من أمرهم مرفقاً‪ ،‬وييسر لهم إنه جواد كريم‪.‬‬
‫أقول قولي هذا‪ ،‬وأستغفر هللا لي ولكم‪ ،‬فاستغفروه‪ ،‬إنه هو الغفور الرحيم‪.‬‬
‫الخطبة الثانية‪:‬‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال هو‪ ،‬الملك الحق المبين‪ ،‬خلق األولين‪ ،‬واآلخرين‪ ،‬والسماوات‬
‫واألرضين‪ ،‬ربنا ورب كل شيء‪ ،‬مالك الملك‪ ،‬يفعل ما يشاء‪ ،‬الحي القيوم‪ ،‬القائم على كل نفس بما كسبت‪،‬‬
‫يعلم السر وأخفى‪ ،‬هللا ال إله إال هو له األسماء الحسنى‪ ،‬العليم الخبير القدوس السالم المؤمن المهيمن‬
‫العزيز الجبار المتكبر‪ ،‬هو هللا عرفنا بنفسه‪ ،‬وعرفه المؤمنون‪ ،‬ومنهم هؤالء الفتية‪ ،‬بعض الناس يقولون‬
‫اليوم‪ :‬الطبيعة التي خلقتهم‪ ،‬وبعضهم يزعمون الكواكب‪ ،‬وبعضهم يزعمون أن مع هللا آلهة أخرى‪،‬‬
‫وبعضهم يقولون‪ :‬في قوة خفية في الكون هي الخالقة‪ ،‬وال يعرفون ما هي‪ ،‬يقولون‪ :‬قوة خفية‪ ،‬وبعضهم‬
‫يقولون‪ :‬الطاقة‪ ،‬من الذين يدرسون في الجامعات يقولون‪ :‬الطاقة‪ ،‬الخالق هو الطاقة‪ ،‬هناك قوة خفية‬
‫ش َهادَةِسورة الحشر‪ّ .22‬للاُ ال ِإلَهَ ِإالَّ ُه َو‬ ‫عا ِل ُم ْالغَ ْي ِ‬
‫ب َوال َّ‬ ‫ّللاُ الَّذِي َال ِإلَهَ ِإ َّال ُه َو َ‬
‫الطاقة‪ ،‬هللا عرفنا بنفسه ُه َو َّ‬
‫ي ْالقَيُّو ُمسورة آل عمران‪ .2‬هو هللا الملك القدوس السالم المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر‪ ،‬هو‬ ‫ْال َح ُّ‬
‫هللا الرحمن الرحيم الخالق البارئ المصور له األسماء الحسنى‪ ،‬هو هللا وليس قوة خفية وطاقة‪ ،‬عرف‬
‫أصحاب الكهف من هو‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله‪ ،‬إمام المتقين‪ ،‬وقائد الغر المحجلين‪ ،‬صلوات‬
‫ربي وسالمه عليه إلى يوم الدين‪ ،‬اللهم صل وسلم‪ ،‬وزد وبارك على عبدك‪ ،‬ونبيك محمد‪ ،‬وعلى آله‪،‬‬
‫وصحبه أجمعين‪ ،‬وذريته الطيبين‪ ،‬وأزواجه‪ ،‬وخلفائه الميامين‪ ،‬والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫عباد هللا‪:‬‬
‫من آوى إلى هللا‪ ،‬وتوكل على هللا‪ ،‬وفوض أمره إلى هللا‪ ،‬ودعا هللا‪ ،‬ولجأ إلى هللا‪ ،‬ال يضيعه هللا بل يعتني‬
‫ض ُه ْم ذَاتَ‬ ‫ين َو ِإذَا غ ََر َبت ت َّ ْق ِر ُ‬ ‫عن َك ْه ِف ِه ْم ذَاتَ ْال َي ِم ِ‬ ‫طلَ َعت تَّزَ َاو ُر َ‬ ‫س ِإذَا َ‬ ‫به‪ ،‬انظروا للعناية‪َ ،‬وت ََرى ال َّ‬
‫ش ْم َ‬
‫الش َما ِل َو ُه ْم فِي فَجْ َوةٍ ِم ْن ُها سورة الكهف‪ .17‬جعلهم هللا في مكان‪ ،‬وفقهم لمكان‪ ،‬ساقهم إلى مكان‪ ،‬حتى‬ ‫ِ‬
‫ّللاِ‬‫ت َّ‬ ‫المكان الذي أنامهم فيه مختار بعناية من هللا‪ ،‬هللا يختار التفاصيل لعبده المؤمن‪ ،‬تفاصيلذَلِكَ ِم ْن آيَا ِ‬
‫ظا‬ ‫سبُ ُه ْم أ َ ْيقَا ً‬
‫ض ِل ْل فَلَن ت َِجدَ لَهُ َو ِليًّا ُّم ْر ِشدًاسورة الكهف‪.17‬ثم العناية َوتَحْ َ‬ ‫ّللاُ فَ ُه َو ْال ُم ْهتَدِي َو َمن يُ ْ‬ ‫َمن َي ْه ِد َّ‬
‫صي ِد‪ ،‬وألقى‬ ‫ع ْي ِه بِ ْال َو ِ‬
‫ط ذ َِرا َ‬ ‫الش َما ِلوفي حارس في الخارج‪َ ،‬و َك ْلبُ ُه ْم بَا ِس ٌ‬ ‫ين َوذَاتَ ِ‬ ‫َو ُه ْم ُرقُودٌ َونُقَ ِلبُ ُه ْم ذَاتَ ْاليَ ِم ِ‬
‫علَ ْي ِه ْم لَ َولَّيْتَ ِم ْن ُه ْم ِف َرارا ً َولَ ُم ِلئْتَ ِم ْن ُه ْم ُرعْبا ًسورة الكهف‪ .18‬فمن الذي‬ ‫اطلَعْتَ َ‬ ‫هللا عليهم مهابة لَ ْو َّ‬
‫سا َءلُوا بَ ْينَ ُه ْم‬ ‫سيجترئ على االقتراب؟ هذا الحفظ‪ ،‬هذه الصيانة‪ ،‬هذه العناية‪ ،‬ثم بعثهم َو َكذَلِكَ بَ َعثْنَا ُه ْم ِليَت َ َ‬
‫قَا َل قَائِ ٌل ِم ْن ُه ْم َك ْم لَبِثْت ُ ْم‪ ،‬إذن ما أحسوا‪ ،‬ما أحسوا كم لبثوا‪ ،‬هذه من تمام النعمة‪ ،‬ولكن فوضوا أمرهم إلى‬
‫هللا على عقيدة التوحيد َربُّ ُك ْم أ َ ْعلَ ُم ِب َما لَبِثْت ُ ْمسورة الكهف‪ .19‬هذه عقيدة التوحيد‪ ،‬رد األمر إلى هللا في‬
‫المختلف فيه الذي ال نعلم حقيقته‪ ،‬وهكذا أعثر هللا عليهم بعد ذلك‪ ،‬وتنازع الناس في عددهم‪ ،‬والراجح أنهم‬
‫سيَقُولُونَ‬ ‫كما قال ابن عباس‪ :‬سبعة؛ ألن هللا ذكر قولين أعقبهما وصف الرجم بالغيب‪ ،‬والثالث سكت عنه‪َ ،‬‬
‫امنُ ُه ْم َك ْلبُ ُه ْمسورة‬ ‫س ْب َعةٌ َوث َ ِ‬‫ب َو َيقُولُونَ َ‬ ‫س ُه ْم َك ْلبُ ُه ْم َرجْ ما ً ِب ْالغَ ْي ِ‬ ‫ثَالثَةٌ َرا ِبعُ ُه ْم َك ْلبُ ُه ْم َو َيقُولُونَ خ َْم َ‬
‫سةٌ َ‬
‫سا ِد ُ‬
‫الكهف‪ .22‬ما قال عن هذا‪ :‬أنه رجم بالغيب‪ ،‬وأفرده عن األولين‪ ،‬وليس هناك قول رابع‪ ،‬فلم يذكر ربنا إال‬
‫ثالثة أقوال‪ ،‬قال عن اثنين‪ :‬رجم بالغيب‪ ،‬وهذا الثالث‪ ،‬فذهب ابن عباس رضي هللا عنه إلى أن هذا‬
‫عددهم‪ ،‬لكن ما هي قيمة العدد وأهمية العدد؟ َّر ِبي أ َ ْعلَ ُم ِب ِعدَّتِ ِهم َّما يَ ْعلَ ُم ُه ْم ِإ َّال قَ ِليلٌوانتهينا‪ ،‬المهم العبرة في‬
‫القصة‪ ،‬لقد خرجوا‪ ،‬وعرف الناس حالهم‪ ،‬وأمرهم‪ ،‬وكان قد شاع خبرهم‪ ،‬وتناقلته األجيال‪ ،‬وقيل من‬
‫العملة التي معهم‪ ،‬المهم أن هللا أعثر عليهم‪ ،‬حتى يعرف الناس اآلية‪ ،‬ويعرف الناس العبرة‪ ،‬ويعرف‬
‫الناس الكرامة‪ ،‬ويعرف الناس خرق العادة‪ ،‬أنها ألجل هؤالء الفتية الصالحين‪ ،‬ليس نمت أظفارهم‪،‬‬
‫وشعورهم‪ ،‬كما يتصور البعض‪ ،‬بل هذا غير صحيح؛ ألنهم هم لم يشعروا‬

‫لقد خرجوا‪ ،‬وعرف الناس حالهم‪ ،‬وأمرهم‪ ،‬وكان قد شاع خبرهم‪ ،‬وتناقلته األجيال‪ ،‬وقيل من العملة التي‬
‫معهم‪ ،‬المهم أن هللا أعثر عليهم‪ ،‬حتى يعرف الناس اآلية‪ ،‬ويعرف الناس العبرة‪ ،‬ويعرف الناس الكرامة‪،‬‬
‫ويعرف الناس خرق العادة‪ ،‬أنها ألجل هؤالء الفتية الصالحين‪ ،‬ليس نمت أظفارهم‪ ،‬وشعورهم‪ ،‬كما‬
‫يتصور البعض‪ ،‬بل هذا غير صحيح؛ ألنهم هم لم يشعروا‬

‫ض يَ ْو ٍم‪ ،‬لو كان نمت األظفار‪ ،‬والشعور‪ ،‬وصار المنظر كئيبا ً مزرياً‪ ،‬لرأوا هم هذا‪ ،‬لكن لم‬‫‪ ،‬يَ ْو ًما أ َ ْو بَ ْع َ‬
‫يروا ذلك‪ ،‬هذه من تمام عناية هللا أنهم ما نمت األظفار‪ ،‬ونمت الشعور بشكل مزري‪ ،‬هذه عناية من هللا أن‬
‫هذا ما حدث‪ ،‬حتى أنهم هم ما أحسوا عند قيامهم كم لبثوا‪ ،‬الغلو بالصالحين هذا بدعة‪ ،‬وطريقة شيطانية‪،‬‬
‫حتى هؤالء أصحاب الكهف الشيطان ما ترك الناس فيما يتعلق بهم‪ ،‬فقد أغرى بعضهم أن يبنوا عليهم‬
‫مسجداً‪ ،‬ونحن نعلم أنه ال يجوز بناء المساجد على القبور‪ ،‬وأن القبر إذا كان في مسجد يخرج القبر إذا‬
‫كان المسجد أوالً‪ ،‬والقبر جاء بعد ذلك‪ ،‬هذا منكر إذن يخرج القبر ينقل إلى المقبرة‪ ،‬وإذا كان القبر أوالً‪،‬‬
‫ثم بني عليه المسجد فما بني على باطل فهو باطل‪ ،‬فيزال المسجد‪ ،‬ويكشف القبر‪ ،‬وال تجوز الصالة في‬
‫مسجد فيه قبر‪ ،‬كما أخبرنا النبي عليه الصالة والسالم‪ ،‬وسأل ربه هذا‪.‬‬
‫ماذا نستفيد من قصة أصحاب الكهف‪.‬‬
‫عباد هللا‪:‬‬
‫إن هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬يخبرنا بأخبار من قبلنا لنتعظ‪ ،‬ويكون عندنا من العلم‪ ،‬والهدى ما نهتدي به‪ ،‬وهذه‬
‫قصة يصلح يا مسلم‪ :‬أن تربي عليها أوالدك‪ ،‬نحن نسأل اآلن‪ ،‬ماذا نعمل للمراهقين؟ ماذا نقول‬
‫للمراهقين؟ خذها هدية يا مسلم من رب العالمين واستعن في تربية أوالدك وتثبيت نفسك وآلك‪ ،‬آل بيتك‪.‬‬
‫اللهم أحيينا مؤمنين‪ ،‬وتوفنا مسلمين‪ ،‬وألحقنا بالصالحين‪ ،‬غير خزايا‪ ،‬وال مفتونين‪ ،‬اللهم إنا نسألك فعل‬
‫الخيرات‪ ،‬وترك المنكرات‪ ،‬وحب المساكين‪ ،‬اللهم ارحم ضعفنا‪ ،‬واجبر كسرنا‪ ،‬واشف مريضنا‪ ،‬وارحم‬
‫ميتنا‪ ،‬واقض ديوننا‪ ،‬واستر عيوبنا‪ ،‬واجمع على الحق شملنا‪ ،‬آمنا في األوطان‪ ،‬والدور‪ ،‬وأصلح األئمة‪،‬‬
‫ووالة األمور‪ ،‬واغفر لنا يا عزيز يا غفور‪ ،‬اللهم إنا نسألك العون للمسلمين في الشام‪ ،‬وسائر األرض يا‬
‫رب العالمين‪ ،‬اللهم أطعم جائعهم‪ ،‬وآ ِو شريدهم‪ ،‬واكس عاريهم‪ ،‬واحمل حافيهم‪ ،‬اللهم اجمع كلمتهم على‬
‫الحق يا رب العالمين‪ ،‬واحفظهم من بين أيديهم‪ ،‬ومن خلفهم‪ ،‬وعن أيمانهم‪ ،‬وعن شمائلهم‪ ،‬ومن فوقهم‪،‬‬
‫ومن أسفل منهم‪ ،‬يا رب العالمين‪ ،‬طائرات تضرب من فوق‪ ،‬وألغام من تحت‪ ،‬وقذائف من جميع الجهات‪،‬‬
‫ما أحوجنا‪ ،‬وأحوج أهل الشام‪ ،‬وبورما‪ ،‬والمستضعفين في األرض إلى هذا الدعاء‪ ،‬احفظنا من بين أيدينا‬
‫ومن فوقنا‪ ،‬ومن فوقنا‪ ،‬والقصف عليهم‪ ،‬نسأل هللا سبحانه وتعالى أن يحفظهم‪ ،‬نسأل هللا سبحانه وتعالى أن‬
‫ينصرهم‪ ،‬نسأل هللا سبحانه وتعالى أن يكألهم‪ ،‬نسأل هللا سبحانه وتعالى أن يرد عنهم الكيد‪ ،‬وأن يرفع‬
‫عنهم البأس‪ ،‬وأن يفرج همهم‪ ،‬ونسأل هللا أن ينقذهم وأن ينجيهم‪ ،‬وهو أرحم الراحمين‪ ،‬اللهم إنا نسألك أن‬
‫تنصر من نصر الدين‪ ،‬وأن تعلي شأن المسلمين‪ ،‬وأن تنصرهم على عدوك‪ ،‬وعدوهم يا رب العالمين‪،‬‬
‫اللهم عليك بالطغاة المجرمين‪ ،‬اللهم عليك بالجبابرة الظالمين‪ ،‬أنزل بهم بأسك الذي ال يرد عن القوم‬
‫المجرمين‪ ،‬فرق شملهم‪ ،‬وشتت جمعهم‪ ،‬واجعل دائرة السوء عليهم‪ ،‬وائتهم من حيث ال يحتسبون‪ ،‬وابطش‬
‫بهم بطشتك الكبرى يا جبار خذهم‪ ،‬خذهم أخذا ً أليما‪ ،‬خذهم أخذا ً وبيالً‪ ،‬واجعل دائرة السوء عليهم‪ ،‬وأقر‬
‫أعيننا‪ ،‬وأفرحنا‪ ،‬وأفرح المسلمين بنصر عاجل قريب‪ ،‬تعز فيه دينك‪ ،‬وعبادك الصالحين‪.‬‬
‫سبحان ربك رب العزة عما يصفون‪ ،‬وسالم على المرسلين‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬
‫‪1 -‬رواه البخاري‪.5958‬‬
‫( ‪2 -‬رواه ابن ماجه بمعناه‪).2142‬‬

You might also like