You are on page 1of 9

‫نبذة عن حياة أم المؤمنين‬

‫خديجة بنت خويلد ( رضي الله‬


‫عنها )‬
‫أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي‪ ،‬القرشية األسدية‪ ،‬زوجة‬
‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم)‪ ،‬أول امرأة تزوجها‪ ،‬وأول من أسلم بإجماع المسلمين‪ ،‬لم يتقدمها‬
‫رجل وال امرأة‪.‬‬
‫كانت تدعى في الجاهلية الطاهرة‪ ،‬أوسط نساء قريش نسبا‪ ،‬وأعظمهم شرفا‪ ،‬وأكثرهم ماال‪،‬‬
‫تستأجر الرجال في مالها تضاربهم إياه‪.‬‬
‫ولما بلغها عن رسول اهلل (صلى اهلل عليه وسلم) ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم‬
‫أخالقه بعثت إليه وعرضت عليه‪ ‬أن يخرج في مالها إلى الشام تاجرا على أن تعطيه أفضل ما‬
‫كانت تعطي غيره من التجار‪ ،‬فقبل النبي (صلى اهلل عليه وسلم( ذلك منها‪ ،‬وتاجر في مالها‪،‬‬
‫فأضعف وأربح‪ ،‬ونما مالها وأفلح‪.‬‬
‫وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة مع ما أراد اهلل من كرامتها‪ ،‬فعرضت نفسها على‬
‫رسول اهلل (صلى اهلل عليه وسلم)‪ ،‬فذكر ذلك ألعمامه‪ ،‬فخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب‬
‫حتى دخل على خويلد بن أسد‪ ،‬فخطبها إليه‪ ،‬فتزوجها رسول اهلل‪) ‬صلى اهلل عليه وسلم) وهو‬
‫ابن خمس وعشرين سنة‪ ،‬وكان عمرها يومئذ أربعين سنة وقد تزوجت قبله برجلين‪،‬‬
‫فولدت‪  ‬لرسول اهلل (صلى اهلل عليه وسلم) ولده كلهم إال إبراهيم فإنه كان من مارية القبطية‪،‬‬
‫وأكبر أوالده من خديجة القاسم‪ ‬وبه يكنى (صلى اهلل عليه وسلم)‪ ،‬وعبد اهلل ويسمى الطاهر‬
‫والطيب‪ ،‬وماتا قبل البعثة‪ ،‬أما بناته منها فهن رقية أكبرهن‪ ‬ثم زينب ثم أم كلثوم‪ ،‬ثم فاطمة‪،‬‬
‫وكلهن أدركن اإلسالم فأسلمن وهاجرن معه صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ومن كرامتها )صلى اهلل عليه‬
‫وسلم) أنه لم يتزوج امرأة قبلها‪ ،‬ولم يتزوج عليها قط‪ ،‬وال تسرى إلى أن قضت نحبها‪،‬‬
‫فحزن‪  ‬لفقدها‪ ،‬وحزن النبي (صلى اهلل عليه وسلم) حزنا شديدا مع كامل الصبر والتسليم هلل رب‬
‫العالمين‪ ،‬حتى سمي ذلك العام بعام الحزن‪.‬‬
‫وكانت رضي اهلل عنها رابطة الجأش‪ ،‬عاقلة مصونة‪ ،‬ثبتت جأش النبي (صلى اهلل عليه وسلم)‬
‫لما فاجأه الوحي أول مرة‪ ‬في غار حراء‪ ،‬فرجع إليها يرجف فؤاده‪ ،‬يقول لها‪" :‬زملوني لقد‬
‫خشيت على نفسي"‪.‬‬
‫فلم تفقدها شدة الصدمة وعيها‪ ،‬بل كلها رزانة وتعقل‪ ،‬وصبر وتحمل‪ ،‬ونطقت بالحكمة‪ ،‬وقامت‬
‫بالخدمة‪ ،‬قالت له‪" :‬كال واهلل‪ ‬ال يخزيك اهلل أبدا‪ ،‬واهلل إنك لتصل الرحم‪ ،‬وتصدق الحديث‪ ،‬وتحمل‬
‫الكل (أي التعب)‪ ،‬وتكسب المعدوم‪ ،‬وتقري الضيف‪ ،‬وتعين على نوائب الحق"‪ .‬‬
‫فخففت بهذه الكلمات الطيبات ما كان يجده النبي (صلى اهلل عليه وسلم) في نفسه في ثوان‬
‫معدودات‪ ،‬ولم يجف ريقها رضي اهلل‪ ‬عنها من هذا الكالم حتى انطلقت مسرعة إلى ابن عمها‬
‫ورقة بن نوفل‪ ،‬تنقل له خبر ما وقع لزوجها‪ ،‬فطمأنها بأنه رسول‪ ‬هذه األمة وأن الوحي قد‬
‫جاءه كما جاء لموسى ومن قبله من األنبياء‪.‬‬
‫وهكذا كان لخديجة شرف اإلسالم األول‪ ،‬وشرف العلم بالوحي المنزل وشرف احتضانها لرسول‬
‫اهلل (صلى اهلل عليه وسلم(‪ ‬بعد األمر الذي نابه‪ ،‬وتخفيفها لشدة ما أصابه‪ ،‬وكان هذا دأبها معه‬
‫(صلى اهلل عليه وسلم) حتى ماتت‪.‬‬
‫وقد حفظ لها النبي (صلى اهلل عليه وسلم) هذه الخدمة الجليلة‪ ،‬فكان يذكرها بها بعد موتها‪،‬‬
‫ويثني عليها‪.‬‬
‫ومن عالمات تعظيمه لخديجة أنه كان يمضي عهدها القديم بعد موتها بين نسائه‪ ،‬ويسير‬
‫بسيرتها المحمودة في عالقتها مع األهل‪ ‬والجيران‪ ،‬وكأنها معه حاضرة كأحسن ما يعيش‬
‫الزوجان‪ ،‬قالت السيدة عائشة رضي اهلل عنها‪" :‬ما غرت على أحد‪ ‬من نساء النبي (صلى اهلل‬
‫عليه وسلم)‪ ،‬ما غرت على خديجة‪ ،‬وما رأيتها‪ ،‬ولكن كان النبي (صلى اهلل عليه وسلم(‪ ‬يكثر‬
‫ذكرها‪ ،‬وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء‪ ،‬ثم يبعثها في صدائق خديجة‪ ،‬فربما قلت له‪ :‬كأنه لم‬
‫يكن في الدنيا امرأة‪ ‬‬
‫إال خديجة‪ ،‬فيقول‪" :‬إنها كانت‪ ،‬وكانت‪ ،‬وكان لي منها ولد" رواه البخاري‪.‬‬
‫وكم كان ينبعث من وجه رسول اهلل (صلى اهلل عليه وسلم) البشر والسرور‪ ،‬لما يحظى بزيارة‬
‫صديقات لخديجة بعد وفاتها‪ ،‬فما هو إذا رءاهن حتى يطيب بذكرها‪ ،‬وتتحرك فيه الشجون‬
‫عرفانا لفضلها وقدرها‪.‬‬
‫روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة رضي اهلل عنها‪ ،‬قالت‪" :‬استأذنت هالة بنت خويلد‪،‬‬
‫أخت خديجة‪ ،‬على رسول اهلل‪( ‬صلى اهلل عليه وسلم)‪ ،‬فعرف استئذان خديجة‪( ،‬أي صفته لشبه‬
‫صوتها بصوت أختها فتذكر خديجة بذلك(‪ ‬‬
‫فارتاع لذلك (تغير واهتز سرورا)‪ ،‬فقال‪ " :‬اللهم هالة" (أي اجعلها يا اهلل هالة‪ ،‬أو‪ :‬هي هالة)‪.‬‬
‫وهكذا فإن الجزاء من جنس العمل‪ ،‬فإنها رضي اهلل عنها لما قامت بنبي اهلل (أي خدمته) الذي‬
‫هو زوجها خير قيام‪ ،‬وأحسنت‪ ‬إليه بإنفاقها من مالها عليه‪ ،‬ولم تتبرم (أي تتضجر) من‬
‫معاشرتها له مع طول المدة‪ ،‬بل لم تسمعه ما يؤذي من قبيح الكالم‪ ‬وسوء الفعال‪ .‬‬
‫بل آمنت به وصدقته وثبتته وربت أوالده وصبرت على ما يلقاه من أذى قومه فأحسن إليها‬
‫النبي (صلى اهلل عليه وسلم(بعد موتها بدوام ذكرها واالستغفار لها والثناء عليها‪.‬‬
‫ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي اهلل عنه‪ ،‬قال‪":‬أتى جبريل النبي (صلى اهلل عليه وسلم) ‪،‬‬
‫فقال‪":‬يا رسول اهلل‪ :‬هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام‪ ،‬أو طعام أو شراب‪ ،‬فإذا هي أتتك‬
‫فاقرأ عليها السالم من ربها‪ ‬ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب ال صخب فيه‪ ،‬وال نصب"‪.‬‬
‫وكان ذلك في حياتها رضي اهلل عنها‪.‬‬
‫زاد الطبراني في الرواية المذكورة‪ :‬فقالت‪" :‬هو السالم ومنه السالم وعلى جبريل‬
‫السالم"‪ .‬وللنسائي من حديث أنس قال‪" :‬جاء جبريل إلى النبي (صلى اهلل عليه وسلم)‪ ،‬وعنده‬
‫خديجة قال‪  :‬إن اهلل يقرئ خديجة السالم" فقالت‪" :‬إن اهلل هو السالم (أي السالم من كل نقص‬
‫وعيب)‪ ،‬وعلى جبريل السالم‪ ،‬وعليك السالم‪ ،‬ورحمة اهلل وبركاته"‪.‬فرضي اهلل عنها وأرضاها‬
‫وأكرم مثواها وحشرنا معها تحت لواء حبيبه محمد (صلى اهلل عليه وسلم(‬

‫نبذة عن حياة الصديق أبو بكر‬


‫الصديق ( رضي الله عنه )‬
‫أبو بكر الصديق عبد اهلل بن أبي قحافة‬
‫هوأول الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة عند المسلمين‬
‫كان من أوائل من أسلم من أهل قريش‪ .‬وهو والد عائشة بنت أبي بكر زوجة الرسول‪ ،‬وأم‬
‫المؤمنين‪.‬‬
‫وكان –رضوان اهلل عليه – اسمه في الجاهلية (عبد الكعبة ) ولكن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫سماه ‪ :‬عبد اهلل كما سمي أيضا بالعتيق وذلك لما روته عائشة رضي اهلل عنها أن أبا بكر دخل‬
‫على ر سول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ( يا أبا بكر أنت عتيق اهلل من النار)‬
‫وأما اشهر ما لقب به فهو لقب الصديق بويع بالخالفة يوم وفاة النبي سنة ‪ 11‬للهجرة‬
‫توفي ليلة الثالثاء لثمان خلون من جمادى اآلخرة وهو ابن ثالث وستين سنة‪.‬‬

‫‪:‬نسبه‬
‫أبو بكر الصديق عبد اهلل بن أبي قحافة عثمان بن كعب التيمي القرشي‬
‫أمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر التيمي ولد سنة ‪ 51‬ق‪.‬هـ ( ‪ 573‬م)‬
‫‪ :‬مولده‬
‫ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر‪ .‬قالت عائشة رضي اهلل عنها‪ :‬تذاكر رسول اهلل‪ -‬صلى اهلل‬
‫عليه وسلم‪ -‬وأبو بكر ميالدهما عندي‪ ،‬فكان النبي‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬أكبر ‪.‬‬
‫مواقفه بداية الدعوة ‪:‬‬
‫كان أبو بكر رضي اللّه عنه من رؤساء قريش في الجاهلية محبباً فيهم ُمؤلفاً لهم‪ ،‬وكان إذا عمل‬
‫شيئاً صدقته قريش فلما جاء اإلسالم سبق إليه‪ ،‬وأسلم من الصحابة على يديه خمسة من العشرة‬
‫العوام‪ ،‬وعبد الرحمن بن عوف‪ ،‬وسعد بن‬ ‫المبشرين بالجنة وهم‪ :‬عثمان بن عفان‪ُّ ،‬‬
‫والزَبير بن َّ‬
‫أبي وقاص‪ ،‬وطلحة بن عبيد اللّه‪ ‬‬
‫وكان أعلم العرب بأنساب قريش وما كان فيها من خير وشر‪ .‬وكان تاجراً ذا ثروة طائلة‪ ،‬حسن‬
‫المجالسة‪ ،‬عالماً بتعبير الرؤيا‪ ،‬وقد حرم الخمر على نفسه في الجاهلية هو وعثمان بن عفان‪ .‬ولما‬
‫أسلم جعل يدعو الناس إلى اإلسالم‪ ‬‬
‫قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‪" :‬ما دعوت أحداً إلى اإلسالم إال كانت عنده َك ْب َوة ونظر‬
‫وتردد إال ما كان من أبي بكر رضي اللّه عنه ما َعلَ َم عنه حين ذكرته له" أي أنه بادر به‪ .‬‬
‫ودفع أبو بكر عقبة بن أبي معيط عن رسول اللّه لما خنق رسول اللّه وهو يصلي عند الكعبة خنقاً‬
‫ات ِم ْن َرِّب ُك ْم}‪.‬‬
‫ول ربِّي اللّه وقَ ْد جاء ُكم بِاْلبيَِّن ِ‬
‫َن َيقُ َ َ َ ُ َ َ َ ْ َ‬ ‫ون َر ُجالً أ ْ‬
‫شديداً‪ .‬وقال‪{ :‬أَتَ ْقتُلُ َ‬

‫هجرته مع رسول اهلل – صلى اهلل علية وسلم‪:‬‬


‫قام مع رسول اهلل في الغار ثالثة أيام؛ قال اللّه تعالى‪{ :‬ثَانِ َي اثَْن ْي ِن ِإ ْذ ُه َما ِفي َ‬
‫الغ ِار ِإ ْذ َيقُو ُل‬
‫احبِ ِه الَ تَ ْح َز ْن ِإ َّن اللّهَ َم َعَنا}‪ .‬‬
‫ِلص ِ‬
‫َ‬
‫ولما كانت الهجرة جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه إلى أبي بكر وهو نائم فأيقظه‪ ،‬فقال رسول اللّه‬
‫صلى اللّه عليه وسلم‪ :‬قد أذن لي في الخروج‪ ‬‬
‫قالت عائشة‪ :‬فلقد رأيت أبا بكر يبكي من الفرح‪ ،‬‬
‫ثم خرجا حتى دخال الغار فأقاما فيه ثالثة أيام‪ .‬وأن رسول اللّه لوال ثقته التامة بأبي بكر لما‬
‫صاحبه في هجرته فاستخلصه لنفسه‪ .‬وكل من سوى أبي بكر فارق رسول اللّه‪ ،‬وإ ن اللّه تعالى‬
‫سماه "ثاني اثنين"‪ .‬‬
‫قال رسول صلى اللّه عليه وسلم لحسان بن ثابت‪" :‬هل قلت في أبي بكر شيئاً؟" فقال‪ :‬نعم‪ .‬‬
‫فقال‪" :‬قل وأنا أسمع"‪ .‬‬
‫العدو به إذ صعَّد الجبال‪ ‬‬
‫ّ‬ ‫فقال‪ :‬وثاني اثنين في الغار المنيف وقد * طاف‬
‫وكان ِح ِّ‬
‫ب رسول اللّه قد علموا * من البرية لم يعدل به رجالً‪ ‬‬
‫فضحك رسول اللّه حتى بدت نواجذه‪ ،‬ثم قال‪" :‬صدقت يا حسان هو كما قلت"‪.‬‬
‫أعماله ‪:‬‬
‫من أعظم أعماله سبقه إلى اإلسالم وهجرته مع النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬وثباته يوم موت النبي‬
‫صلى اهلل عليه وسلم ‪.‬‬
‫ومن أعماله قبل الهجرة أنه أعتق سبعة كلهم ُيع ّذب في اهلل ‪ ،‬وهم ‪ :‬بالل بن أبي رباح ‪ ،‬وعامر‬
‫بن فهيرة ‪ ،‬وزنيرة ‪ ،‬والنهدية وابنتها ‪ ،‬وجارية بني المؤمل ‪ ،‬وأم ُعبيس ‪.‬‬
‫ومن أعظم أعماله التي قام بها بعد تولّيه الخالفة حرب المرتدين‪ ‬‬
‫وأشد‬
‫ّ‬ ‫فقد كان رجال رحيما رقيقاً ولكنه في ذلك الموقف ‪ ،‬في موقف حرب المرتدين كان أصلب‬
‫والشدة في ذات اهلل‪ ‬‬
‫ّ‬ ‫من عمر رضي اهلل عنه الذي ُع ِرف بالصالبة في الرأي‬
‫روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي اهلل عنه قال ‪ :‬لما توفى النبي صلى اهلل عليه‬
‫وسلم واستُخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر ‪ :‬يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ِ :‬‬
‫أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ال إله إال اهلل ‪ ،‬فمن قال ال إله‬
‫إال اهلل عصم مني ماله ونفسه إال بحقه وحسابه على اهلل ؟ قال أبو بكر ‪ :‬واهلل ألقاتلن من فرق بين‬
‫الصالة والزكاة ‪ ،‬فإن الزكاة حق المال ‪ ،‬واهلل لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول اهلل صلى‬
‫اهلل عليه وسلم لقاتلتهم على منعها ‪ .‬قال عمر ‪ :‬فو اهلل ما هو إال أن رأيت أن قد شرح اهلل صدر‬
‫أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق ‪.‬‬
‫لقد ُس ِّجل هذا الموقف الصلب القوي ألبي بكر رضي اهلل عنه حتى قيل ‪ :‬نصر اهلل اإلسالم بأبي‬
‫الردة ‪ ،‬وبأحمد يوم الفتنة ‪.‬‬
‫بكر يوم ّ‬
‫فحارب رضي اهلل عنه المرتدين ومانعي الزكاة ‪ ،‬وقتل اهلل مسيلمة الكذاب في زمانه ‪.‬‬
‫ومع ذلك الموقف إال أنه أنفذ جيش أسامة الذي كان النبي صلى اهلل عليه وسلم أراد إنفاذه نحو‬
‫الشام ‪.‬‬
‫وفي عهده فُتِحت فتوحات الشام ‪ ،‬وفتوحات العراق‬
‫وفي عهده ُجمع القرآن ‪ ،‬حيث أمر رضي اهلل عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن‪ ‬‬
‫يرض بعزل خالد بن الوليد ‪ ،‬وقال ‪ :‬واهلل ال أشيم سيفا سله اهلل‬
‫َ‬ ‫وكان عارفاً بالرجال ‪ ،‬ولذا لم‬
‫على عدوه حتى يكون اهلل هو يشيمه ‪ .‬رواه اإلمام أحمد وغيره ‪.‬‬
‫علي بن أبي طالب رضي‬
‫صة ‪ ،‬وعزم على المسير بنفسه حتى أخذ ّ‬ ‫وفي عهده وقعت وقعة ذي القَ ّ‬
‫اهلل عنه بزمام راحلته وقال له ‪ :‬إلى أين يا خليفة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ؟ أقول لك ما‬
‫قال لك رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يوم أُحد ‪ِ :‬ش ْـم سيفك وال تفجعنا بنفسك ‪ .‬وارجع إلى‬
‫المدينة ‪ ،‬فو اهلل لئن فُجعنا بك ال يكون لإلسالم نظام أبدا ‪ ،‬فرجع أبو بكر رضي اهلل عنه وأمضى‬
‫الجيش ‪.‬‬
‫وكان أبو بكر رضي اهلل عنه أنسب العرب ‪ ،‬أي أعرف العرب باألنساب ‪.‬‬
‫زهده ‪:‬‬
‫مات أبو بكر رضي اهلل عنه وما ترك درهما وال دينارا‪.‬‬
‫عن الحسن بن علي رضي اهلل عنه قال ‪ :‬لما احتضر أبو بكر رضي اهلل عنه قال ‪ :‬يا عائشة‬
‫أنظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي كنا نصطبح فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإنا‬
‫كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين ‪ ،‬فإذا مت فاردديه إلى عمر ‪ ،‬فلما مات أبو بكر رضي‬
‫اهلل عنه أرسلت به إلى عمر رضي اهلل عنه فقال عمر رضي اهلل عنه ‪ :‬رضي اهلل عنك يا أبا بكر‬
‫لقد أتعبت من جاء بعدك ‪.‬‬
‫ورعه ‪:‬‬
‫كان أبو بكر رضي اهلل عنه ورعاً زاهداً في الدنيا حتى لما تولى الخالفة خرج في طلب الرزق‬
‫فرده عمر واتفقوا على أن ُيجروا له رزقا من بيت المال نظير ما يقوم به من أعباء الخالفة‬
‫ّ‬
‫قالت عائشة رضي اهلل عنها ‪ :‬كان ألبي بكر غالم يخرج له الخراج ‪ ،‬وكان أبو بكر يأكل من‬
‫خراجه ‪ ،‬فجاء يوماً بشيء ‪ ،‬فأكل منه أبو بكر ‪ ،‬فقال له الغالم ‪ :‬تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر ‪:‬‬
‫وما هو ؟ قال ‪ :‬كنت تكهّنت إلنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إال أني خدعته ‪ ،‬فلقيني‬
‫فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه ‪ ،‬فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه ‪ .‬رواه البخاري ‪.‬‬
‫من أعظم أعماله ‪:‬‬
‫جمع القرآن الكريم‬
‫استشهد عدد كبير من كبار الصحابة ممن يحفظون القرآن الكريم في حروب الردة التي استغرقت‬
‫أكثر عهد الصديق‪ ،‬وقد زاد من جزع المسلمين الستشهاد هؤالء األعالم من الصحابة ما يمثله فقد‬
‫هؤالء من خطر حقيقي على القرآن الكريم والسنة المشرفة‪ ،‬وكان عمر بن الخطاب من أوائل‬
‫تنب هوا إلى ذلك الخطر‪ ،‬وبعد تفكير عميق هداه اهلل إلى فكرة جمع القرآن الكريم‪ ،‬فلما عرض‬
‫الذين ّ‬
‫ذلك على أبي بكر تردد في أول األمر‪ ،‬وقال‪ :‬كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول اهلل (صلى اهلل عليه‬
‫وسلم)؟‪ .‬‬
‫ولكن عمر ظل يراجعه ويجادله حتى شرح اهلل صدره لهذا األمر‪ ،‬واقتنع برأي عمر فدعا زيد بن‬
‫ثابت وكلفه بتنفيذ تلك المهمة الجليلة‪ ،‬فانطلق زيد يجمع القرآن الكريم من الرقاع والعظام وجريد‬
‫النخل والحجارة الرقيقة‪ ،‬ثم أخذ يرتبه في آيات وسور‪ ،‬واتبع في ذلك طريقة عملية دقيقة ُمح ّكمة‪،‬‬
‫فكان ال يثبت آية إال إذا اطمأن إلى ثبوتها بشهادة العدول من الصحابة الحفاظ‪ ،‬وال يمنعه من ذلك‬
‫أنه يحفظ القرآن حتى أتم تسجيله وتدوينه‪ ،‬كما نزل على النبي (صلى اهلل عليه وسلم)‪ .‬‬
‫فكان ذلك العمل هو أعظم أعمال الصديق على اإلطالق على كثرة أعماله وعظمة إنجازاته‪ ،‬فقد‬
‫ساهم في حفظ كتاب اهلل من الضياع‪ ،‬وصانه من الوهم والخطأ واللحن‪.‬‬
‫وفاته ‪:‬‬
‫توفي في يوم االثنين في جمادى األولى سنة ثالث عشرة من الهجرة ‪ ،‬وهو ابن ثالث وستين سنة ‪.‬‬
‫فرضيـ اهلل عنه وأرضاه ‪ ،‬وجمعنا به في دار كرامته‪. ‬‬
‫نبذة عن حياة علي بن أبي‬
‫طالب ( كرم الله وجهه )‬

You might also like