Professional Documents
Culture Documents
الشيخ جمال الدين
الشيخ جمال الدين
لقد احت ّل موضوع الصحوة اإلسالمية وتوعية أبناء اإلسالم حيزاً كبيراً من اهتمامات هذا الداعية اإلسالمي
المج ّدد ،فضالً عن رحالته العديدة التي طاف فيها أرجاء عديدة من العالم ،كل هذه االهتمامات والمشاغل لم
تترك له فرصة تدوين أفكاره وتسجيل آرائه بشكل منظّم ودقيق ،إلعطاء صورة واضحة عن رؤيته
اإلسالمية([.)]1
ومما يؤسف له ّ
أن المؤلفات التي وصلتنا عن جمال الدين مبعثرة ومعظمها يتناول موضوعات سياسية
واجتماعية ،وعلى رأسها الرسالة النيجرية ،التي تحظى بانسجام وتماسك موضوعي واضح([ .)]2والسمة
المشتركة التي تطبع مؤلفاته ـ على تف ّرقها كخيط يجمع إليه خرزات السبحة ـ هو الشعور الديني الوقّاد ،وقد
عبّر هذا الشعور عن نفسه بوضوح في موضوع التوظيف االجتماعي للدين ،حيث عبارته الشهيرة« :الدين
جوهر األمم ونبع السعادة الحقيقية لإلنسان»([.)]3
شعار اإلسالم هو الح ّل ـــــــ
أن للدين دوراً خطيراً في إرساء أسس المجتمعات البشرية وحفظ هيكل إذن ،فالشيخ المصلح يرى ّ
الحضارة ،معرّفا ً المجتمع المدني بأنّه ذلك المجتمع الذي تنغرز ركائزه في تربة الدين ،مؤ ّكداً في الوقت
ذاته على نقطة جوهرية وهي ّ
أن المجتمع الذي ينزع عنه لباس الدين لن تستر عورته األيديولوجيات ،ولن
يتم ّكن من وضع أقدامه على طريق النجاح والسؤدد؛ ّ
ألن «الدين بصورة مطلقة هو السلسلة التي تجمع
حلقات البناء االجتماعي إلي بعضها ،ومن دونه لن تقوم للحضارة قائمة»([.)]4
لقد شرح شيخنا المج ّدد األفغاني هذه النقطة بإسهاب في رسالته النيچرية ،مستدالً لها في الصفحات 64ـ
،72حيث يستعرض في بدايتها أربعة طرق مؤثرة وناجعة في تقويم األهواء النفسانية وتوطيد أسس األمن
االجتماعي ومن هذه الطرق ،المبادرة الشخصية وشرف النفس وسلطة الح ّكام ،ثم يخرج بهذه النتيجة وهي
أنّنا ال نستطيع أن نجعل من العقل اإلنساني محوراً لنظام الكون وذلك لجهة نسبيته وافتقاده إلى قوة الدعم
التنفيذية .ثم ينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن الطريق الرابع الذي يساهم في تحقيق هذا األمر المهم بقوله:
بأن للكون صانعا ً عليما ً
لكف أيدي أرباب الشهوات عن التع ّدي واإلجحاف هو اإليمان ّ
«وأ ّما الطريق الرابع ّ
وأن لكل عمل ـ خيراً كان أم ش ّراً ـ ثواب وعقاب في اآلخرة»([.)]5
وقادراًّ ،
كان الشيخ جمال الدين يرى أنّه في ضوء ثبات أصول الدين وقواعده العامة التي تحيط بحاجات البشرية
ومتطلباتها كافة ،أثبتت تعاليمه قدرتها على رفع همم الناس وعزائمهم وتزكية نفوسهم وجمع قلوبهم على
األلفة والمحبة ،واألخذ بيدهم إلى مدارج الحضارة والتم ّدن([.)]6
أن اإلسالم يك ّرم اإليمان المبني على العلم والوعي ،وينبذ الجهل والخرافات واتّباع
لقد آمن سيدنا الجليل ّ
الظنون ،وهو الدين الوحيد برأيه الذي رفع منزلة العقل وك ّرم طالبه والساعين وراءه ،لما في طريق العقل
والعقالنية من سعادة وفالح ،وعلى النقيض من ذلكّ ،
فإن في الجهل وعدم التب ّ
صر الضالل والخسران،
وهي لعمري مزية ال يتوافر عليها أي دين آخر([.)]7
بأن طريق االجتهاد في اإلسالم مفتوح على مصراعيه ّ
وأن السبيل إلى من ناحية أخرى ،كان األفغاني يعتقد ّ
نيل العلوم الدينية ممهّدة ،ماذا يعني ّ
أن باب االجتهاد ممنوع ومغلق؟ أي نصّ أو حديث حرّم االجتهاد
)
ومنعه؟ أفهل منعه أحد من أئمتنا وحرّم ولوجه من بعدهم؟([]8
لقد كان وقع ر ّد جمال الدين على آراء السير أحمد خان المادية الطبيعية كالصاعقة وذلك في مقالته «تفسير
المفسّر» ،حيث عبّر عن وضوح وشفافية في الرؤية تجاه مسألة حرية الفكر في التعاطي مع المعارف
الدينية واستيعابها ،والوقوف على حدود صالحياتها .وكان يرى أنّه ليس بالضرورة أن يندرج كل إصالح
في قضايا الدين وتعاليمه ضمن إطار تحديث الفكر الديني وتجديده ،وهو بذلك كان ير ّد على مقولة السير
أحمد خان حول مرتبة النبوة التي أنزلها إلى مرتبة المصلحين من أمثال جورج واشنطن ونابليون
وبالمرستون وغاريبالدي وغالدستون وغامبليا([.)]9
جمع األفغاني في شخصيته العقالنية واألصالة الدينية في آن معاً ،ويظهر ذلك بجالء من خالل مق ّدمة كتبها
في صحيفته العروة الوثقى استعرض خاللها األهداف التي كان يتو ّخاها من إصداره الصحيفة ،حيث يقول
فيها :إنه يسعى إلى تبيين خطر آراء أولئك الذين يعتقدون بعجز المسلمين عن امتالك ناصية العلم
والحضارة ،مؤ ّكداً قدرتهم على ذلك ما داموا على عقيدة السلف الصالح التي مهّدت أمامهم طريق الفتوحات
واالنتصارات العظيمة([.)]10
وفي إطار هذه اآلراء واألفكار ،ش ّ
ق شيخنا المصلح طريقه إلى األزهر لتدريس الفلسفة والعلوم العقلية
وكان يحضّ على تعلّم العلوم المعاصرة وذلك من أجل ازدهار الفكر اإلسالمي وإشاعة حملة تنويرية في
صفوف علماء األزهر الهدف منها إحياء األفكار اإلسالمية وبعث العقائد الدينية ،من هنا كان يعتقد ّ
بأن
مفاهيم من قبيل القضاء والقدر والتوكل على هللا يجب أن تكون دوافع نحو النهضة والنشاط ،ال عوامل
للتواكل والكسل والعزلة ،حيث عبارته الشهيرة« :التوكل واإليمان بالقضاء والقدر تعني النشاط والمثابرة
ال التراخي والكسل»([.)]11
كان هذا المصلح المج ّدد يرى في اإلسالم دين ج ّد واجتهاد ،وهذا ما حمله على إيالء فريضة الجهاد اهتماما ً
خاصاً ،إذ كان يعتقد توافر اإلسالم على المقومات الالزمة التي تؤهله لقيادة المسلمين وتهيئة مستلزمات
أن أولوياته تر ّكزت على
الحياة الطيبة لهم ،حياة تجمع سعادة الدنيا وثواب اآلخرة .وعلى الرغم من ّ
التطبيقات العملية للدين وتأثيراتها على تنظيم حياة البشر ،لكن ربّ سائل يسأل :أنّى لنا أن نستيقن بعدم
ضعف عالقته بجوهر الدين وحقيقته ،وأنّه لم يكن يستخدمه وسيلةً لتحريك عواطف الجماهير وإثارة
مشاعرها؟ جوابا ً على ذلك نقول :أال تكفي حركته اإلحيائية المستلهمة من روح القرآن وتعاليمه لتشهد على
صدق إيمانه بالدين وعمقه؟
في بداية مقاله :لماذا أصبح اإلسالم ضعيفاً؟ يستشهد األفغاني باآلية الكريمةَ { :وما كانَ َر ُّب َك لِيُ ْهلِكَ ا ْلقُرى
صلِ ُحونَ }( هود ،)117 :ليناقش سبب ضعف المسلمين وذلّتهم على الرغم من قدرات اإلسالم بِظُ ْل ٍم َوأَ ْهلُها ُم ْ
الهائلة وإمكاناته العظيمة؟ كيف أتيح للكفار أن يظهروا على المسلمين؟ ما الذي جرى؟ كيف وصلت
الحضارة اإلسالمية إلى ما وصلت إليه من الضعف واالنحالل والوهن بعد عصر طويل من االزدهار
والغلبة؟ كيف أضاع المسلمون جميع تلك اإلمكانات والنعم؟ وبطبيعة الحالّ ،
إن النعم التي يقصدها جمال
الدين هي االستقالل واالعتماد على النفس والحرية واالقتدار والمنعة واألمن والرفاه.
لكن ..ما هي النعم السالفة؟ إنّها الع ّزة والسيادة والعظمة حينما كان صيت أجدادنا العظام يزلزل األرض
تحت أقدام جميع ملوك المعمورة ،ورؤوسهم مطأطأة في حضورهم ،أ ّما النعم األخرى فهي األمن والراحة
والحرية ،إذ لم يكن أحد ليجرؤ على مج ّرد التفكير بالتطاول أو االعتداء علينا ،ألننا كنّا نمسك بأسباب الع ّزة
والمنعة من علماء فطاحل وسالطين مقتدرين وجيوش جرارة و ..كانت لدينا الثروات وال ُمكنة ،ولم تكن لنا
باألجانب حاجة ،كنّا نصنع ما نحتاج بأنفسنا ،بعبارة جامعة :كنا نمتلك أسباب العمل بما حبانا هللا من نعم
وفيرة وخيرات عميمة ،لكنّها وفي لحظة تاريخية عصيبة ضاعت كلّها ،ضيعناها جميعا ً ودفعة واحدة،
لنستعيض عنها بالفقر والحرمان واالضطراب والذلة والعوز والفقر والمسكنة والعبودية ،فهال سألنا أنفسنا
لماذا جرى علينا كل هذا؟
األدهى من كل ما قيل آنفا ً ـ بحسب رأي جمال الدين ـ هو األسلوب المتّبع في عرض تلك األخبار
واالنتكاسات على الجيل الحالي ،وكأنّها مرتبطة بذلك التاريخ وال حيلة لنا اآلن سوى القبول بالواقع الم ّر
باعتباره قدرنا ،في حين يرى رائد اإلصالح األفغاني بأنها قضية ترتبط بعصرنا الحالي ،من خالل طرحه
للسؤال التالي :ما العمل اآلن؟ كيف نستطيع إحياء هذه الهمم وبعثها من جديد وارتقاء ذرى المجد والعلى؟
كيف نوقظ الذي يغطّ في سبات عميق ويحلّق مع أحالمه ورؤاه؟
أ ّما العلّة األخرى النحطاط المجتمعات اإلسالمية فهي شيوع عقيدة الجبر والطرق الصوفية التي تحمل
المسلمين على التراخي والضعف ،كما تناول الفكرة الخاطئة السائدة لدى الغرب وهي ّ
أن إيمان المسلمين
بعقيدة القضاء والقدر وعزو جميع أسباب الحياة وشؤونها إلى هللا أفقدهم أ ّ
ي حافز للعمل والمثابرة في أي
منحى من مناحي الحياة ،لهذا السبب لم يج ّدوا في طلب العلوم والفنون ولم يعيروا اهتماما ً لبعث مجدهم
التليد ،فتراخوا وتكاسلوا في الدفاع عن أنفسهم ولم يخطو خطوةً واحدة باتجاه استعادة حقوقهم .ويرى جمال
أن الغرب قد خلط بين أحد األصول الحقّة للعقائد اإلسالمية أال وهو القضاء والقدر وبين مذهب الدين ّ
الجبر ،وأنّه قد أساء فهم هذا المصطلح،ـ معتبراً هذا النمط من الفهم بمثابة افتراء ظالم بح ّ
ق العقائد
اإلسالمية ،بعد ذلك يبدأ بالتمييز بين عقيدة الجبر والقضاء والقدر قائالً :ليست عقيدة القضاء والقدر
كالجبر ،وال حتى من مقتضياتها ،فالمفهوم األصيل لهذه العقيدة (أي القضاء والقدر) يحرّك في اإلنسان
عناصر المثابرة واله ّمة والتق ّدم… وعندما تتخلّص هذه العقيدة من قيود الجبر ،تمهّد أمامها طريق اإلقدام
والشجاعة والفتوة ،لتنتصر على المهالك التي ترعب الشجعان ،هذه العقيدة تصبّر النفوس وتع ّودها الثبات
على الشدائد والصعاب لتصرع وحش الخوف في داخلها([.)]22
وتحت ظل هذه العقائد ،اندفع المسلمون ليض ّحوا بالغالي والنفيس غير مبالين بالصعاب في سوح الوغى،
اخش َْو ُه ْم فَزا َد ُه ْم إِيمانا ً
اس قَ ْد َج َم ُعوا لَ ُك ْم فَ ْ
اس إِنَّ النَّ َ حتى نالوا مرضاة هللا ومدحته{ :الَّ ِذينَ قا َل لَ ُه ُم النَّ ُ
سو ٌء( } آل عمران 173 :ـ س ُه ْم ُس ْ سبُنَا هَّللا ُ َونِ ْع َم ا ْل َو ِكي ُل فَا ْنقَلَبُوا بِنِ ْع َم ٍة ِمنَ هَّللا ِ َوفَ ْ
ض ٍل لَ ْم يَ ْم َ َوقالُوا َح ْ
.)174
لقد تح ّرى األفغاني الحلول الناجعة لعالج أمراض المجتمع ،فلم يجد أمامه من خيار إلنقاذ األمة واستعادة
سالف ع ّزها وعظيم مجدها إال بالعودة إلى الينابيع الصافية لإلسالم األصيل ،وهل أنقى من ينابيع القرآن
الكريم والسنّة المطهرة وسيرة السلف الصالح؟
سنعرض خالل سطور هذا البحث لتلك الحلول العملية التي طرحها جمال الدين منطلقا ً من روح التعاليم
القرآنية النيرة .كما نرى من المستحسن أن نتط ّرق إلى رؤيته المتفائلة إزاء تغيير أوضاع المسلمين ،في
ضوء عقيدته الراسخة باهلل سبحانه والحافظ للشريعة اإلسالمية ،وأنّه سيبعث ـ عاجالً أم آجالً ـ مصلحا ً
عالما ً ملما ً باألمور ،لينشر اإلصالح بين المسلمين ويحيي فيهم الفكر الديني« .إنني لعلى يقين من ّ
أن هللا لن
يأذن بزوال هذا الدين الحق والشرع الصدق ،وإنني أنتظر على أح ّر من الجمر أن ينير هللا تعالى بحكمته
وتدبيره عقول المسلمين وقلوبهم بأسرع وقت»([.)]23
لقد كان انتصار الثورة اإلسالمية في إيران بقيادة اإلمام الخميني نقطة تح ّول في مسيرة الصحوة اإلسالمية
العالمية ،وال نغالي إذا قلنا ّ
بأن جمال الدين كان يحلم بصحوة إسالمية عارمة تطيح بسلطة األجانب
وجبروتهم وتنتزع االستقالل وتُرسي دعائم الثقة بالنفس واالعتماد على الذات.
كان المج ّدد األفغاني يؤ ّكد دوما ً على عظمة القرآن ومنزلته بوصفه كتابا ً سماويا ً هاديا ً ودليالً خالداً جادت
به حكمة السماء فنزل على قلب الرسول األمين’ دوا ًء شافيا ً وعالجا ً ناجعا ً آلالم البشرية وتسكينا ً لعذاباتها
وتطهيراً من أدرانها([ ،)]24وهو (القرآن) الحقيقة الراسخة التي ال يعرف كنهها وال يسبر غورها إال
العقالء ،يستند إلى الحكمة والمصلحة ،آياته خالصة ال يشوبها غلو أو لغو ،ال تُنسخ سننه وال تعفى كلماته([
.)]25لقد آمن جمال الدين ّ
بأن القرآن الكريم هو المنهل العذب لجميع المعارف والعلوم ،ومعلم الحكمة
وأن كل حقيقة علمية في هذا الكون هي لسان حال القرآن وترجمان مكنوناتهّ ،
وأن آياته لم تترك األولّ ،
منحى من مناحي الحياة البشرية إال وطرقته ،ولم تترك شأنا ً من شؤون الكون([ )]26وال صغيرة أو كبيرة
في الحياة المادية والمعنوية لإلنسان إالّ وتناولتها« :لقد جاء القرآن الكريم على ذكر كل ما يالمس معاش
اإلنسان ومعاده… وبيّن القوانين العامة والمعامالت األسرية والمدنية لما في ذلك السعادة المطلقة ،كما
أوضح مضا ّر الظلم ومفاسد التع ّدي الناجم عن الوحشية والبربرية»([.)]27
بأن لآليات بطنا ً وظهراً ،ما يجعل فهمها واستيعابها سهالً يسيراً وصعبا ً عسيراً في آ ٍن معاً؛
كان يعتقد ّ
فالبيان العربي واضح وجزل يمكن من ظواهر ألفاظه ودالالتها كشف مقاصد اآليات وغاياتها .وفي الوقت
نفسه ،ال يخفى على العاقل الفطن باطن القرآن المختزن لألسرار والخفايا التي ال يُكشف سترها وال يُرفع
حجابها إالّ لمن أذن له الرحمن([.)]28
أن صعوبة تفسير بعض اآليات القرآنية ال يعني أن نتخلّى عن
من ناحية أخرى ،كان جمال الدين يرى ّ
التدبّر في معانيها وتأ ّمل باطنها؛ لذا كان يحث دائما ً على التف ّكر في كالم هللا وسبر أغواره والعمل
بأحكامه([ .)]29كان ينظر إلى القرآن الكريم َ
دليل عمل وفكر في الحياة االجتماعية للمسلمين ،من هنا ينبغي
أن يكون التعاطي مع اآليات من منطلق تطبيقي عملي؛ وذلك إليمانه الراسخ بأنها تعلّم المسلمين المبادئ
واألسس التي توصلهم إلى شاطئ األمان ،وترفع من شأنهم على الصعد السياسية واالجتماعية ،وفي هذا
الخصوص يستشهد بسورة النمل التي تتض ّمن قصة النبي سليمان مع ملكة سبأ ،وهي بحسب رأيه مليئة
بالدروس والعبر في مجال السياسة ّ
وفن إدارة الحكم وتدبير شؤون الممالك ،لذلك ينبغي للساسة ورجال
الحكم أن ينهلوا أصول ومبادئ علم السياسة من المعاني الراقية التي تزخر بها هذه اآليات الكريمة من قبيل
أصول الحكم وإدارة الناس واتّخاذ القرارات والمشاركة الشعبية العامة وأهمية المنظومة المخابراتية
واألمنية وكيفية طاعة الحاكم وتنفيذ أوامره… وغير ذلك من المعاني الراقية التي استنبطها جمال الدين من
السورة المذكورة([.)]30
في مقالته :السياسة والعلوم في القرآن ،يؤ ّشر األفغاني إلى بعض المالمح العلمية لآليات الشريفة معتقداً ّ
أن
القرآن يتوافر على حقائق علمية ج ّمة ،من جملتها كروية األرض وثبوت الشمس وكيفية فناء العالم ،وهي
حقائق كانت مح ّل صراع دموي طويل بين أبناء الجنس البشري([ .)]31ولم يكن األفغاني بصدد إنزال قيم
السماء على األرض ،بمعنى ّ
أن رؤيته العلمية تجاه القرآن لم تكن مادية وجودية محض (غير ميتافيزيقية)
وقد عبّر عن ذلك بجالء في ثورته ض ّد التفسيرات ذات الطابع المادي كما ورد ذلك في مقالته «تفسير
المفسّر» ،حيث اعتقد ّ
بأن هذا النمط من التفسيرات الذي ظهر في كتاب «تفسير القرآن وهو الهدى
والفرقان» للسير أحمد خان هو نتاج االنبهار واالنسالب أمام اآلخر الغربي ومن ث ّم فتح األبواب أمام
انتشار النفوذ األجنبي في البالد اإلسالمية([.)]32
ّ
إن الدوافع التي وقفت وراء المحاوالت الحثيثة للمصلحـ االسدآبادي وجهوده المضنية هي استعادة مجد
اإلسالم وإحياء عظمة التعاليم والمعارف القرآنية بين المسلمين ،وفي هذا الصدد يقول الكاتب المصري
الشهير الدكتور محمد البهي« :لقد اصطبغت نشاطات الشيخ جمال الدين بلون سياسي مميّز ،وكان ينطلق
في جميعها من القرآن الكريم .ـ ثم يشير الدكتور البهي إلى كالم الشيخ في العروة الوثقى عندما يقول ـ:
أتمنّى أن يكون القرآن الكريم سلطان جميع المسلمين ،واإليمان محور وحدتهم»([.)]33
بأن المسلمين على خير ما داموا متمسّكين بقرآنهم وتعاليمه الخالدة وسبيله لقد آمن شيخنا المصلح الجليل ّ
المؤدية إلى مدارج الع ّز والرفعة ،ويقينا ً أنّهم لن يذوقوا طعم الذ ّل والهوان طالما استظلّوا بظلّه ،والملفت أنّه
لم يقصر دعوته بالتمسّك بحبل هللا على المسلمين وحدهم ،بل أطلقها صرخة مدوية لجميع بني البشر في
ق ّ
أن الشيخ جمال الدين كان يرى في القرآن الكريم وتعاليمه الحصن الحصين أرجاء المعمورة([ .)]34والح ّ
الذي يحمي المسلمين من شرور المستعمرين وأذنابهم ،وهم في مأمن من مكائدهم ما داموا مع القرآن،
ولكن إذا هجروه ،فتحوا الباب أمام المستعمر وليس أد ّل على ذلك م ّما وقع في الهند([.)]35
وبإمكاننا هنا أن نضع الحركة اإلصالحية للشيخ جمال الدين ضمن ثالثة محاور هي 1 :ـ محاربة الظلم
وإحقاق العدل 2 .ـ جهوده من أجل تحقيق الوحدة اإلسالمية 3 .ـ التأكيد على دور رجال الدين في إرشاد
المجتمع اإلسالمي.
في مواجهته للظلم ،تح ّرك جمال الدين على مسارين :محاربة االستعمار األجنبي ،والتص ّدي لالستبداد
الداخلي؛ إذ كان يؤرّقه تسلّط األجانب ـ وعلى رأسهم االستعمار اإلنجليزي ـ على مقدرات العالم اإلسالمي،
باإلضافة إلى عمالة الح ّكام المستب ّدين في البالد اإلسالمية([.)]36
أ ّما عن جهوده التي انطلقت من وحي القرآن وتعاليمه ،فقد تر ّكزت حول المبادئ التالية :نبذ أ ّ
ي سلطة سوى
سلطة هللا .النهي عن االعتماد على األجانب .التأكيد على إرساء أسس العدل وإناطة شؤون المسلمين إلى
األشخاص الصالحين .التذكير بوعد هللا سبحانه بتحقّق ع ّزة اإلسالم والمسلمين .التأكيد على الجهوزية
للقتال والتضحية والثبات حتى تحقيق األهداف المرسومة .تحديد المعوقات التي تحول دون الكفاح (مثل
الجبن والوهم) ،وفي الوقت عينه ،تحديد العوامل المشجعة على النضال (الحيوية والنشاط واالعتماد على
رحمة هللا ولطفه).
ك أنّه كان ينظر إلى عبارة :ال إله إال هللا ،في اآلية الشريفة على أنّها الشعار الذي يتص ّدر اآليات التي
وال ش ّ
وأن المؤمنين الحقيقيين بهذا الشعار ال يعترفون بسلطان إالّ بسلطان هللا
ي سلطة سوى سلطة هللاّ ،
تنبذ أ ّ
سولِ ِه َولِ ْل ُم ْؤ ِمنِينَ }( المنافقون ،)8 :وهي من
فحسب([ .)]37بعد ذلك ،تأتي اآلية الكريمةَ { :وهَّلِل ِ ا ْل ِع َّزةُ َولِ َر ُ
أهم اآليات التي رسمت اإلطار العام للنشاط السياسي واالجتماعي للشيخ المصلح؛ لهذا كانت تمثل بالنسبة
له رسالة اإلسالم الخالدة في عدم الخضوع للذل واالستكانة ،وكانت الحافز الذي يدفعه إلى البذل والعطاء
إليصال هذه الرسالة إلى أسماع المسلمين ليكونوا سادة أنفسهم.
وقد استنبط الشيخ مفهوم عدم جواز تولّي األجانب من روح القرآن الكريم ،وقوله تعالى{ :ال تَتَّ ِخ ُذوا َعد ُِّوي
ق} (الممتحنة{ ،)1 :ال تَتَّ ِخ ُذوا بِطانَةً َو َع ُد َّو ُك ْم أَ ْولِيا َء تُ ْلقُونَ إِلَ ْي ِه ْم بِا ْل َم َو َّد ِة َوقَ ْد َكفَ ُروا بِما جا َء ُك ْم ِمنَ ا ْل َح ِّ
صدُو ُر ُه ْم أَ ْكبَ ُر} (آل
ت ا ْلبَ ْغضا ُء ِمنْ أَ ْفوا ِه ِه ْم َوما ت ُْخفِي ُِمنْ دُونِ ُك ْم ال يَأْلُونَ ُك ْم َخباالً َودُّوا ما َعنِتُّ ْم قَ ْد بَ َد ِ
عمران .)]38[()118 :يقيناًّ ،
إن األمة التي ترتضي تسليم زمام أمورها إلى المستبدين الحمقى يتصرّفوا
بشؤونها كما يحلو لهم ،قد حكمت على نفسها بالذل والخنوع واالكتواء بنار العار والخزي أمام سائر األمم،
وعندها ستصدق عليها اآليات الكريمةَ { :وما ظَلَ ُمونا َول ِكنْ كانُوا أَ ْنفُ َ
س ُه ْم يَ ْظلِ ُمونَ } (البقرة« )57 :استبدلوا
الخبيث بالطيّب»([.)]39
لطالما أطلق الشيخ المصلح دعوته من موقع الناصح المشفق إلى الح ّكام المسلمين بمراعاة اإلنصاف
والعدل ،وكان يحثهم دوما ً على وضع األشياء في مواضعها ،وإناطة مسؤوليات إدارة شؤون البالد إلى
الجديرين األكفاء ،وكان تفسيره لمفهوم العدل هو الحكمة والخير الكثير استلهاما ً من اآلية الكريمة{ :إِنَّ هَّللا َ
ي بقعة أن الخروج عن دائرة االعتدال والحيد عن الطريق المستقيم في أ ّ يَأْ ُم ُر بِا ْل َعد ِْل} (النحل ،)90 :فكما ّ
من بقاع العالم ،يؤدي إلى الفناء والزوال ،كذلك هو الظلم بالنسبة للمجتمعات اإلنسانية ،وهذا األمر يفسّر
تأكيد هللا تعالى ـ مراراً وتكراراً ـ على مراعاة العدل واإلنصاف ،حتى قَرنه بالخير إذ يقول ع ّز من قائل:
{ َو َمنْ يُ ْؤتَ ا ْل ِح ْك َمةَ فَقَ ْد أُوتِ َي َخ ْيراً َكثِيراً} (البقرة:ـ .)]40[()269
إن االستعداد للتضحية والفداء وتح ّمل الشدائد والصعاب في سبيل رفعة دين هللا هو المحك الذي يمحّص ّ
جوهر الفرد وإخالصه ،ولطالما أ ّكد شيخنا المج ّدد على مفاهيم الجهاد والدفاع واالستقامة لتحقيق األهداف
العليا مستوحيا ً ذلك من تعاليم السماء ،وكان يحضّ المسلمين على تمثل تلك المفاهيم التي فيها ع ّز المسلمين
اس أَنْ يُ ْت َر ُكوا أَنْ يَقُولُوا
ب النَّ ُ وخالصهم ،مستنداً إلى كلمات الوحي المقدس من قبيل اآلية الكريمة{ :أَ َح ِ
س َ
آ َمنَّا َو ُه ْم ال يُ ْفتَنُونَ َولَقَ ْد فَتَنَّا الَّ ِذينَ ِمنْ قَ ْبلِ ِه ْم فَلَيَ ْعلَ َمنَّ هَّللا ُ الَّ ِذينَ َ
ص َدقُوا َولَيَ ْعلَ َمنَّ ا ْلكا ِذبِينَ } (العنكبوت 2 :ـ
.)]41[()3
أن المؤمن الحقيقي الذي يرى الدنيا جسراً إلى اآلخرة ومزرعة لها ،يكون على أهبة االستعداد خاف ّ
ٍ وغير
ستَأْ ِذنُ َك الَّ ِذينَ يُ ْؤ ِمنُونَ بِاهَّلل ِ َوا ْليَ ْو ِم ا ْ
آل ِخ ِر أَنْ لكل أشكال التضحية مجسّداً بذلك مفهوم اآلية الكريمة{ :ال يَ ْ
يُجا ِهدُوا بِأ َ ْموالِ ِه ْم َوأَ ْنفُ ِ
س ِه ْم َوهَّللا ُ َعلِي ٌم بِا ْل ُمتَّقِينَ } (التوبة ،)44 :أ ّما الذين يزعمون اإليمان زوراً وبهتاناً،
فقد تعلّقوا بحبائل الدنيا وأسروا أنفسهم بزخارفها ،وبذلك وقعوا في َش َرك الشبهة والنفاق ،يتحيّنون الفرص
للفرار من أوامر هللا معتذرين بحجج واهية ،وقد أحسن الخبير بالنفوس وصفهم في اآلية الكريمة:ـ {إِنَّما
ارتابَتْ قُلُوبُ ُه ْم فَ ُه ْم فِي َر ْيبِ ِه ْم يَت ََر َّددُونَ }(التوبة.)]42[()45 : ستَأْ ِذنُكَ الَّ ِذينَ ال يُ ْؤ ِمنُونَ بِاهَّلل ِ َوا ْليَ ْو ِم ا ْ
آل ِخ ِر َو ْ يَ ْ
أن من جملة مقتضيات الجهاد ،الجاهزية القتالية والدفاعية ،وامتالك ع ّدة
كان جمال الدين يعلم علم اليقين ّ
الحرب والتم ّكن من فنونها؛ لذلك كان على الدوام يشكو غفلة المسلمين عن القضايا العسكرية ،وكان ال
يكف عن المقارنة بين اإلسالم والمسيحية ،ويسأل نفسه دائماً :كيف نهضت المسيحية وهي دين الرهبنة
ّ
والخصام واستيقظ أبناؤها من سباتهم وتجهّزوا بأحدث الوسائل والعلوم الحربية وتفوقوا على المسلمين،
بينما اإلسالم وهو دين الجهاد والفتوحات لم يهت ّم أتباعه بتجهيز أنفسهم وامتالك ع ّدة الحرب والجهاد ،على
الرغم من تك ّرر نداءات القرآن الكريم التي تستنهض المسلمين للدفاع عن حياض الدينَ { :وأَ ِعدُّوا لَ ُه ْم َما
ستَطَ ْعتُ ْم ِمنْ قُ َّو ٍة} (األنفال .)60 :ثم ينتقل الشيخ المصلح إلى المعوقات التي تحول دون الجهاد مثل
ا ْ
سيطرة الجبن واألوهام على الفرد ،ويقف عند هذا الموضوع مطوالً في مقالتين على األقل من مقاالت
العروة الوثقى ،مستوضحا ً أسباب الجبن وعلله واألضرار التي يتسبّب بها ،محذراً المسلمين من هذه
الرذائل األخالقية([.)]43
لم يأل الشيخ جهداً في نفخ روح الشجاعة واإلقدام في جسد المجتمع اإلسالمي المتراخي ،إذ ما فتأ يتلو على
مسامع المسلمين آيات األمل والنشاط إلبعاد اليأس واإلحباط عنهم وكان ير ّدد دائماً :أنّى لحامل كتاب هللا أن
ييأس أو يقنط؟!
كانت الدعوة إلى التآخي بين المسلمين ووحدتهم عند الشيخ جمال الدين بمثابة فريضة دينية وتطبيق لتعاليم
القرآن قبل أن تكون ضرورة سياسية ،ومن هذا المنطلق دعا إلى تشكيل جبهة إسالمية موحدة ورصّ
صفوف المسلمين في العصر الجديد للتص ّدي للهجمة اإلمبريالية الغربية ،وأطماع الدول الصناعية في
الهيمنة على مقدرات العالم اإلسالمي ،لذلك وفي ضوء تشخيصه لألمراض االجتماعية التي تفتك باألمة
اإلسالمية ،ارتأى الشيخ المصلح أن تكون الخطوة األولى ـ وفي الوقت عينه الخطوة األهم ـ في التحرّك
هي نداء الوحدة اإلسالمية ونبذ الخالف والفرقة ،وقد تق ّدم صفوف مصلحي األمة من أجل تحقيق هذا
الهدف لدرجة رأى بعض المفكرين ّ
بأن الهدف األسمى الذي نذر شيخنا حياته لتحقيقه كان الوحدة
اإلسالمية ،لتأتي جهوده األخرى في خدمة هذا الهدف([.)]44
ّ
وتجذر لقد ح ّدد األفغاني مواطن الخلل والضعف في جسد األمة اإلسالمية بما يلي :هجر الفضائل األخالقية
الرذائل والتعصب القومي والتعصب العرقي والطائفي واالنحراف عن جوهر اإلسالم األصيل وانتشار
الخرافات والبدع وتم ّكنها من عقائد المجتمعات اإلسالمية وخواء العقائد من العمل والنفاق وانقطاع
التواصل بين العلماء والح ّكام والفصل بين الدين والسياسة وتح ّول الخالفة إلى ملكية وراثية والفُرقة
والتح ّزب واالستبداد الداخلي واالستعمار األجنبي والجهل وتأخر المسلمين في العلوم والفنون([.)]45
على أ ّ
ي حال ،ومن أجل تطهير المجتمع اإلسالمي من عوامل الفرقة واالختالف ودعوة المسلمين للتضامن
والوحدة في مقابل العدو المشترك ،ح ّدد استراتيجيته ضمن ثالثة مسارات هي 1 :ـ إحياء التعاليم الدينية
الداعية إلى األخوة والوحدة 2 .ـ استحضار عناصر االتحاد والتقريب بين المجتمعات اإلنسانية وعلى
األخصّ المجتمع اإلسالمي 3 .ـ تقديم الحلول العملية الكفيلة بتحقيق الوحدة.
ومن الحلول العملية التي اقترحها شيخنا المج ّدد لتحقيق الوحدة ،إنشاء جمعية «أم القرى» ،في هذا الشأن،
يرى ناظم اإلسالم كرماني ّ
أن الهدف النهائي الذي كان الشيخ يسعى إلى تحقيقه هو اإلطار العملي العام
إلقامة الحكومة الموحدة لألمة اإلسالمية ،يقول السيد كرماني« :لع ّل الهدف الظاهري من جهود الشيخ
جمال الدين هو وحدة البلدان اإلسالمية وجمع كلمة المسلمين ،بيد ّ
أن المتأ ّمل في سيرته يلمس بوضوح
سعيه الحثيث إلى تطبيق النموذج الجمهوري الدستوري في إيران ،حيث لم يكن يتورّع عن فضح
ممارسات االستبداد الملكي في المجالس العامة ،وفي فترة تأسيسه لجمعية «أم القرى» في مكة المكرمة
كان حلمه الكبير أن يتمثل مسلمو األرض في هذه الجمعية ،فيختاروا سلطانا ً لجميع المسلمين يكون مقرّه
األستانة أو الكوفة ،ويختاروا شخصا ً ثانيا ً يكون األعلم ويستق ّر في مكة المكرمة ،وأن تنهض الجمعية
المذكورة بمسؤولياتها في اتّخاذ القرارات الخاصة بشؤون المسلمين لتكون نافذة بعد أن يوقّع عليها السلطان
واألعلم وتعلن على المأل ،وأن يحكم جميع األمراء والملوك المسلمين تحت لقب «أمير األمراء» وبإمرة
أن السلطان عبد المجيد تآمر على إسقاطها ظنّا ً منه ّ
أن ذلك السلطان ،لكن لم يكتب لتلك الجمعية الدوام؛ ذلك ّ
ذلك السلطان ربّما يأتي عن طريق االقتراع فتقع القرعة على غيره .لذلك لم تع ّمر الجمعية المذكورة أكثر
من سنة واحدة ،وقد ت ّم تدوين نظامها الداخلي ووزع في جميع البلدان ،ولم يعرف المصير الذي انتهت إليه
تلك الوثيقة([.)]46
التأكيد على دور رجال الدين في إرشاد المجتمع اإلسالمي ـــــــ .3
ث ّمة آيات في القرآن الكريم ـ بحسب الشيخ جمال الدين ـ تح ّدد مسؤوليات رجال الدين بدقة ،وهذه اآليات من
قبيلَ { :و ْلتَ ُكنْ ِم ْن ُك ْم أُ َّمةٌ يَ ْدعُونَ إِلَى ا ْل َخ ْي ِر َويَأْ ُم ُرونَ بِا ْل َم ْع ُر ِ
وف َويَ ْن َه ْونَ َع ِن ا ْل ُم ْن َك ِر َوأُولئِكَ ُه ُم ا ْل ُم ْفلِ ُحونَ }
(آل عمرانَ { ،)104 :وما كانَ ا ْل ُم ْؤ ِمنُونَ لِيَ ْنفِ ُروا َكافَّةً فَلَ ْوال نَفَ َر ِمنْ ُك ِّل فِ ْرقَ ٍة ِم ْن ُه ْم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّ ُهوا فِي
أن هذه اآليات وأمثالها الدِّي ِن َولِيُ ْن ِذ ُروا قَ ْو َم ُه ْم إِذا َر َج ُعوا إِلَ ْي ِه ْم لَ َعلَّ ُه ْم يَ ْح َذ ُرونَ } (التوبة ،)122 :وباعتقاده ّ
تحمل رسالة خاصة تفرض على رجال الدين أن ينخرطوا في معالجة مشاكل األمة وهمومها ،وإيقاظ
الجماهير من سباتها وتنبيه الغافلين وإرشاد اليقظين ونفخ روح النشاط واألمل في جسم المجتمع العليل من
أجل استعادة مجد األمة وعظمتها([ .)]47بعبارة أخرىّ :
إن األمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وجهة
نظره يأتي في صدارة قائمة المسؤوليات الملقاة على عاتق رجال الدين وهي استمرار لرسالة األنبياء؛ لذلك
ال ينبغي بأ ّ
ي شكل من األشكال التهاون في القيام بها« ،نتمنى على ورثة األنبياء أن ينطقوا بالحق ،وأن
يحيوا آيات التوحيد وآيات األمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،فاهلل سبحانه وتعالى قد أمر بإعالء كلمته
ونهى عن المسامحة والتهاون في تنفيذ الواجبات ،ولعمري لو أ ّدى العلماء هذا الواجب المتمثل باألمر
بالمعروف والنهي عن المنكر لفترة من الزمن ،وذ ّكروا العامة بمفاهيم القرآن الكريم ومعانيه السامية،
وأحيوا ذكره في قلوبهم ،لجنوا ثماراً يانعة إلى أبد اآلبدين»([.)]48
لقد آمن شيخنا األسدآبادي «األفغاني» بقدرة علماء الدين على إحياء مفاهيم القرآن العظيمة في قلوب
ق على الباطل. المسلمين؛ وذلك بالسعي الحثيث والجهد المتواصل وإحداث تح ّول مه ّم يضمن انتصار الح ّ
«لو نهض العلماء المتقون بواجباتهم إزاء هللا ورسوله والمؤمنين،ـ وأت ّموا مهامهم الموكلة إليهم فيما يتعلّق
بإعادة القرآن الكريم إلى قلب المجتمع ،وألّفوا بين روح معانيه وبين المؤمنين ،حينذاك سنشهد غلبة الح ّ
ق
وزهوق الباطل ،وستسطع أنوار تبهر األبصار وستظهر أعمال تحيّر األفكار»([.)]49
وفي ر ّد ه على رسالة الحاج مستان الداغستاني الذي كان يحمل على رجال الدين باعتبارهم العقبة التي تقف
أن رجال الدين لم يكونوا يوما ً س ّداً بوجه
بوجه التق ّدم والحضارة ،يدافع األفغاني عن هذه الشريحة مبينا ً ّ
مظاهر الحضارة ولم يعارضوا الحداثة ،فيقول« :متى عزمت الحكومة على م ّد خطوط السكك الحديدية في
البالد فتص ّدى لها رجال الدين ،وحالوا دون تحقّق هذا األمر المفيد للحكومة والشعب معاً؟ متى أرادت
الحكومة إنشاء المدارس والصروحـ لتربية األجيال ونشر التعليم ،فعارضها رجال الدين ليطفئوا نور العلم
والمعرفة الذي يطرد ظلمة الجهل؟ متى قال رجال الدين ّ
بأن العلم الصحيح المفيد يتعارض مع جوهر
الشريعة الغراء؟ متى أرادت الحكومة اإليرانية بسط العدل في ربوع المجتمع ،عبر إنشاء المحاكم ومجلس
للشورى ينهض بأعباء القوانين واللوائح الحديثة التي تستجيب للمشاكل المعاصرة للمجتمع ،فثار العلماء
في مقابل إرادة الدولة ،وحاربوا العدالة والقوانين؟ متى انبرت الدولة إلى إنشاء المستشفيات الستقبال
المرضى والعناية بهم والتخفيف من آالمهم ،وبناء المص ّحات ودور العجزة ولم تلق هذه األعمال صدى
طيبا ً عند العلماء ،أو أنكروها وقالوا عنها :إنّها بدع وكل بدعة في النار؟»([.)]50
وفي موضع آخر من ر ّده على الداغستاني ،يقوم الشيخ جمال الدين باستعراض شرائح مختلفة من رجال
أن كل شريحة تحتوي على المفسدين واالستغالليين؛ لذا يجب التمييز بين من الدين فيقول بأنّه ال شك في ّ
تلفّع بعباءة الدين من أجل تحقيق مآرب دنيوية ،وبين زهّاد العلماء الذين نذروا أنفسهم إلعالء كلمة اإلسالم
واستعادة مجده وعظمته« .ال ينطبق هذا األمر على جميع العلماء في إيران ،ففيهم الكثير من المخلصين
م ّمن نهضوا لنصرة الحق والفضيلة ،زاهدين في حطام الدنيا ومتاعها ،وهذه المسائل كانت وال تزال
موجودة في كل شريحة وفي كل زمان ومكان»([.)]51
كان قلب الشيخ جمال الدين يعتصر ألما ً كلما شاهد تنافر علماء اإلسالم وفرقتهم ،ولطالما دعاهم إلى ل ّم
شعثهم ورصّ صفوفهم وإقامة جسور الحوار بينهم ،من أجل نشر علوم القرآن والحديث وإنارة أذهان
المسلمين؛ إذ كان يعتقد ّ
أن اجتماع كلمة العلماء وتذاكرهم وتبادلهم لآلراء في مكان هو من أقدس بقاع
األرض أال وهو المسجد الحرام ،سيعود على المسلمين بفوائد دينية وسياسية واجتماعية ج ّمة ،وهذه الفوائد
برأيه 1 :ـ تثمير الفكر اإلسالمي وتقويته في مواجهة المؤامراتـ المعتدين 2 .ـ تشخيص مشاكل المجتمعات
اإلسالمية والتعاطي معها 3 .ـ اإلحاطة بجميع البدع في مجال الفكر اإلسالمي ومحاربتها .يقول« :على
العلماء والخطباء واألئمة في جميع زوايا اإلسالم أن يتواصلوا ويتحاوروا مع بعضهم البعض ،وأن ينشؤوا
مراكز لهم في أنحاء األرض المختلفة ،يجتمعوا فيها ليبحثوا قضايا الوحدة ويرشدوا العامة إلى تعاليم
القرآن الكريم والحديث الشريف ،ويجمعوا الشتات في األماكن المقدسة ،وأ ّ
ي مكان أقدس من بيت هللا
الحرام ،ينهلوا من فيوضاته الرحمانية فيمتلؤوا عزيمة وثباتا ً بوجه المعتدين ،ويقفوا على احتياجات الناس،
وفي هذا العمل نشر للعلوم وحماية للدين وكذلك طر ٌد للبدع وتنوير لألذهان ،وتنظيم هذه العملية سيح ّدد
المدارج العلمية ومسؤوليات كل فرد ويس ّد باب البدع ،وحتى لو ظهرت البدعةّ ،
فإن تواصل هذه الشرائح
مع بعضها سيتيح وأدها في مهدها لئال تنتشر بين الناس([.)]52
كان الشيخ جمال الدين يقول ّ
بأن القرآن وعلماء اإلسالم هما القلعتان الحصينتان بوجه االستعمار اإلنجليزي
«حسْبُ رجل الدين
وأطماعه ،لهذا السبب كان يحاربهما على جبهة واحدة ،يقول األفغاني في هذا الصددَ :
أن يقول :إنّه مؤمن بالقرآن وآياته؛ لينفيه االستعمار إلى جزيرة اندومان (وهي جزيرة في السودان ،على
األرجح)»([ .)]53وهذا ما جعل الشيخ المج ّدد يستشف خطورة استبعاد علماء الدين عن الساحة وتقليص
دورهم في المجتمع اإلسالمي ،فقد كتب في رسالة موجهة إلى رجال الدين في إيران قائالً« :أينما انحسرت
قدرة العلماء قويت شوكة األوروبيين بالمقدار الذي يتمكنون فيه من كسر شوكة اإلسالم».
الهوامش
(*) باحثة حائزة على شهادة الماجستير من كلية اإللهيات والمعارف اإلسالمية بجامعة طهران.
( )1کما هي الحال مع الشيخ النائيني وعبد الرحمن الکواکبي اللذين ترکا مؤلّفات تص ّرح بأفکارهم ،ويشهد
علی ذلك کتاب تنبيه األمة وتنـزيه الملّة الذي بيّن فيه النائيني األسس الشرعية للثورة الدستورية
(المشروطة) ،وبالنسبة لعبد الرحمن الکواکبي ،فقد طرح أفکاره ومبادئه عن الوحدة اإلسالمية ومقارعة
االستبداد في کتبه ،من قبيل «أم القری» و«طبائع االستبداد».
([ )]2من جملة ما کتب الشيخ جمال الدين نذکر :تتمة البيان في تاريخ األفغان ،المقاالت الجمالية ،مقاالت
العروة الوثقى ،رسائل في الفلسفة والعرفان ،المقالة البابية ومؤلفات أخری کثيرة.
( )3انظر :ميان محمد شريف ،تاريخ الفلسفة في اإلسالم ،3049 :4ترجمة :مرکز النشر الجامعي،
الطبعة األولی ،طهران1991 ،م.
( )4جمال الدين األفغاني ،النيچرية أو المادية 12 :ـ ،13قم ،مکتب النشر اإلسالمي التابع لجماعة
المدرسين في الحوزة العلمية.
( )5المصدر نفسه.71 :
([ )]6االفغاني ،ماضي األمة وحاضرها وعالج أمراضها 18 :ـ ،30مقاالت العروة الوثقى ،ترجمة عبد
هللا سمندر؛ انظر له کذلك :مقاالت العروة الوثقی ،إعداد :هادي خسروشاهي.83 :
([ )]7انظر :النيچرية أو المادية 80 :ـ .81
([ )]8انظر :أحمد أمين ،زعماء اإلصالح في العصر الحديث.113 :
([ )]9انظر :األفغاني ،تفسير المفسّر 100 :ـ ،104المقاالت الجمالية ،إعداد :ميرزا لطف هللا خان
أسدآبادي ،طهران ،مؤسسة خاور1933 ،م.
([ )]10انظر :األفغاني ،نهج ابن جديدة ،3 :مقاالت العروة الوثقی؛ وانظر أيضاً :مقاالت العروة الوثقی:
.69
([ )]11انظر :األفغاني ،القضاء والقدر 64 :ـ ،75مقاالت العروة الوثقی ،ترجمة :عبد هللا سمندر ،وانظر
له أيضاً :رسائل في الفلسفة والعرفان ،70 :تنظيم :هادي خسروشاهي.
([ )]12المصدر نفسه.
([ )]13انظر :األفغاني ،أسباب حفظ الملك 148 :ـ ،157العروة الوثقی ،ترجمة :عبد هللا سمندر؛ وانظر
له أيضاً :مقاالت العروة الوثقی ،182 :إعداد :هادي خسروشاهي.
([ )]14األفغاني ،لماذا أصبح اإلسالم ضعيفاً؟ 167:ـ ،168مقاالت جمالية.
([ )]15المصدر نفسه.
([ )]16انظر :األفغاني ،الفضائل والرذائل وعواقبهما 84 :ـ ،85مقاالت العروة الوثقی ،ترجمة :عبد هللا
سمندر؛ وانظر له أيضاً :مقاالت العروة الوثقی 128 :ـ ،129إعداد :هادي خسروشاهي.
([ )]17انظر :االفغاني ،علل انحطاط ورکود المسلمين44 :؛ مقاالت العروة الوثقی ،سمندر؛ ومقاالت
العروة الوثقی ،96 :خسروشاهي.
([ )]18انظر :االفغاني ،السنن اإللهية في األمم وتطبيقها في األمة اإلسالمية ،169 :سمندر؛ ومقاالت
العروة الوثقی ،198 :خسروشاهي.
([ )]19انظر :االفغاني ،أسباب حفظ الملك 148 :ـ ،157سمندر؛ ومقاالت العروة الوثقی،184 :
خسروشاهي.
([ )]20انظر :األفغاني ،لکچر في التربية والتعليم ،المقاالت الجمالية 92 :ـ .93
([ )]21المصدر نفسه؛ ويشار إلی ّ
أن استخدام الشيخ جمال الدين األفغاني لمصطلح الفلسفة ليس بالمفهوم
المعروف عندنا ،بل بمعنی البحث والتق ّ
صي والروح العلمية ،انظر :عبد الكريم سروش ،جمال الدين
األفغاني واإلحياء اإلسالمي ،كتاب مدارا ومديريّت.75 :
([ )]22األفغاني ،القضاء والقدر 64 :ـ ،75سمندر؛ ومقاالت العروة الوثقى 67 :ـ ،71خسروشاهي.
([ )]23انظر :النيچرية أو المادية.20 :
([ )]24لماذا أصبح اإلسالم ضعيفاً؟ المقاالت الجمالية 164 :ـ .165
([ )]25المصدر نفسه.
([ )]26األفغاني ،فوائد الفلسفة ،المقاالت الجمالية 139 :ـ .140
([ )]27المصدر نفسه.139 :
([ )]28صفات هللا جمالي ،وثائق وأسناد حول جمال الدين األفغاني ،105 :إعداد :هادي خسروشاهي.
([ )]29المصدر نفسه.
سبَإ ٍ بِنَبَإ ٍ
([ )]30عندما افتقد النبي سليمان الهدهد غضب عليه ،عند ذا حضر الهدهد وقال لهَ { :و ِج ْئتُكَ ِمنْ َ
ين}( النمل ،)22 :أي أحمل إليك نبأ ال يشوبه کذب أو شك ،وهو ين ّم عن دقة وحذر ال يتوافر عليهما يَقِ ٍ
أغلب عناصر المخابرات لدى الملوك{ ..إِنِّي َو َجدْتُ ا ْم َرأَةً تَ ْملِ ُك ُه ْم َوأُوتِيَتْ ِمنْ ُك ِّل ش َْي ٍء َولَها ع َْر ٌ
ش
س
ش ْم ِ {و َج ْدتُها َوقَ ْو َمها يَ ْ
س ُجدُونَ لِل َّ ع َِظي ٌم}(النمل )23 :ويخبر الهدهد مليکه عن معتقدات أولئك القومَ ..
ُون هَّللا ِ}( النمل ،)24 :أ ّما سليمان فال يستعجل التصديق بکالم الهدهد ويرى أن يتريّث لحين التحقّق ِمنْ د ِ
ص َد ْقتَ أَ ْم ُك ْنتَ ِمنَ ا ْلكا ِذبِينَ }( النمل )27 :ث ّم يح ّمل
سنَ ْنظُ ُر أَ َ
من األمر ليتبيّن صدق األمر من کذبه{ ..قا َل َ
الهدهد رسالة إلى ملکة سبأ ويوصيه بأن يراقب األمر من بعيد ويرصد موقف القوم ،وحين تصل الرسالة
إلى ملکة سبأ ،تدعو على عجل إلى جلسة اضطرارية لممثلي البالد ،وتقول لهم{ :قالَتْ يا أَيُّ َها ا ْل َمألَُ أَ ْفتُونِي3
ُون}( النمل ،)32 :وفعالً يجتمع الممثلون ـ وهم بمثابة الوزراء فِي أَ ْم ِري ما ُك ْنتُ قا ِط َعةً أَ ْمراً َحتَّى تَ ْ
ش َهد ِ
في االصطالح المعاصر ـ ويعلنون لملکة سبأ بأنّهم رهن إشارتها إذا ما أعلنت الحرب على سليمان وجنده
ش ِدي ٍد َو َْ
اْألْ َ3م ُر إِلَ ْي ِك وأنّهم على أت ّم االستعداد من ناحية الع ّدة والعدد{ ..قالُوا نَ ْحنُ أُولُوا قُ َّو ٍة َوأُولُوا بَأْ ٍ
س َ
فَا ْنظُ ِري ما ذا تَأْ ُم ِرينَ }( النمل ،)33 :فتجيبهم الملکة ّ
بأن الحرب أمر مد ّمر ال معنى له ،فال ينبغي العجلة.
انظر :محمد عمارة ،السياسة والعلوم في القرآن ،األعمال الکاملة للشيخ جمال الدين األفغاني مع دراسة
عن حياته وآثاره 267 :ـ .270
([ )]31المصدر نفسه.
([ )]32فوائد الفلسفة ،المقاالت الجمالية.141 :
([ )]33الدكتور محمد البهي ،الفکر اإلسالمي الحديث وصالته باالستعمار الغربي:ـ ،63القاهرة،
1379هـ ،نقالً عن حامد الكار ،دور رجال الدين المتنورين في ثورة الدستور في إيران:ـ ،274ترجمة :أبو
القاسم سري ،الطبعة الثالثة ،طهران ،توس1980 ،م.
([ )]34فوائد الفلسفة ،المقاالت الجمالية.141 :
([ )]35األفغاني ،الصحوة من السبات ،مقاالت العروة الوثقى ،413 :خسروشاهي.
([ )]36لماذا أصبح اإلسالم ضعيفاً؟ ،المقاالت الجمالية 169 :ـ .170
([ )]37األفغاني ،الوحدة والعظمة ،مقاالت العروة الوثقى103 :؛ ومقاالت العروة الوثقى ،143
خسروشاهي.
([ )]38أسباب حفظ الملك ،مقاالت العروة الوثقى:ـ 148ـ 157؛ ومقاالت العروة الوثقى،184 :
خسروشاهي.
([ )]39األفغاني ،األمة والسلطة الحاکمة المستبدة ،مقاالت العروة الوثقى:ـ 137ـ 138؛ ومقاالت العروة
الوثقى 171 :ـ ،172خسروشاهي.
([ )]40األفغاني ،أسباب حفظ الملك ،مقاالت العروة الوثقى:ـ 155؛ ومقاالت العروة الوثقى،186 :
خسروشاهي.
([ )]41األفغاني ،ابتالء هللا المؤمنين ،مقاالت العروة الوثقى 143 :ـ 146؛ والعروة الوثقى:ـ ،179
خسروشاهي.
([ )]42المصدر نفسه.
([ )]43األفغاني ،الجبن ،مقاالت العروة الوثقى.106 :
([ )]44أحمد موثقي ،استراتيجية الوحدة في الفکر السياسي اإلسالمي 288 :ـ ،371الطبعة األولى ،قم،
مکتب اإلعالم اإلسالمي التابع للحوزة العلمية2001 ،م.
([ )]45المصدر نفسه.
([ )]46ناظم اإلسالم كرماني ،تاريخ صحوة اإليرانيين ،أو التاريخ الحقيقي التفصيليـ لثورة الدستور في
إيران ،83 :إعداد وتنظيم :علي أکبر سعيدي سيرجاني ،الطبعة الثالثة ،طهران ،دار آكاه ولوح للنشر،
1982م؛ ويعتقد بعض المحلّلين ّ
بأن جمال الدين لم يفلح في بلورة فکرة المؤتمر اإلسالمي الموسومة بـ«أم
القرى» ،ثم جاء من بعده الشيخ عبد الرحمن الکواکبي الذي د ّون کتابه أ ّم القرى متأثّراً بأفکار األفغاني،
انظر :استراتيجية الوحدة في الفکر السياسي اإلسالمي .336 :1
([ )]47األفغاني ،الفضائل والرذائل ،مقاالت العروة الوثقى86 :؛ ومقاالت العروة الوثقى:ـ ،129
خسروشاهي.
([ )]48الجبن ،مقاالت العروة الوثقى188 :؛ ومقاالت العروة الوثقى:ـ ،213خسروشاهي.
([ )]49األفغاني ،النواميس اإللهية في األمم وانطباقها على المسلمين ،مقاالت العروة الوثقى173 :؛
ومقاالت العروة الوثقى ،200 :خسروشاهي.
([ )]50خسروشاهي ،رسائل ووثائق الشيخ جمال الدين األفغاني السياسية.43 :
([ )]51المصدر نفسه.
([ )]52األفغاني ،الجمود وانحطاط المسلمين ،مقاالت العروة الوثقى 45 :ـ 46؛ ومقاالت العروة الوثقى ،97 :خسروشاهي.
([ )]53األفغاني ،العروة الوثقى وجرائد اإلنجليز ،مقاالت العروة الوثقى206 :؛ ومقاالت العروة الوثقى ،292 :خسروشاهي.