You are on page 1of 35

‫المواطنة والدين في مجتمع متنوع “الهوية واألخالق السياسية لالعتراف”‬

‫د‪ .‬خنجر حمية* —‬

‫‪https://arabiyaa.com/2017/01/20/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B7%D9%86%D8‬‬
‫‪%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AC‬‬
‫‪%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D9%85%D8%AA%D9%86%D9%88%D8%B9-‬‬
‫‪/%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%8A‬‬

‫‪ -1‬م************دخل‪ :‬في طبيع************ة اإلش*************كالية وح*************دودها‪:‬‬


‫يتضمن العنوان أعاله ــ بشكل أو بآخر ــ فرضية تقوم على التباس العالقة‬
‫بين المواطنة والديني ــ بما هو تعبير عن انتماء خاص وفري**د‪ -‬بغض النظ**ر‬
‫عن معنى هذا االلتباس وطبيعته‪ ،‬أو عن األرضية ال**تي يق*وم عليه*ا‪ .‬وه**و‬
‫التب**اس ينهض بداه**ة ح**تى عن**د أولئ**ك ال**ذين ال يملك**ون معرف**ة كافي**ة‬
‫بالكيفية التي تطور من خالله**ا مفه**وم المواطن**ة في الس**ياق الفك**ري ــ‬
‫السياسي للغ**رب الح**ديث‪ ..‬في خض**م نش**وء الدول**ة القومي**ة وترس**خها*‬
‫أوالً‪ ،‬ثم في خضم انتصار* مفهوم ليبرالي متوسع لمعنى المواطنة استناداً*‬
‫إلى فك**رة الفض**اء المش**ترك كوس**يط للعالق**ة بين الدول**ة وذوات فاعل**ة‬
‫مختلفة‪ ،‬تتشارك اجتماعاً سياسياً* موح**داً يق**وم على االع**تراف(‪ .)1‬وه**و‬
‫يتب**دى ك**ذلك عن**د أولئ**ك ال**ذين ال يملك**ون المعرف**ة الكافي**ة بالمض**مون‬
‫در لمفه**وم المواطن *ة* أن يحمل *ه* في مس**ار‬
‫القيمي ــ المع**رفي ال**ذي ق * ِّ‬
‫تشكله واكتمال* داللته وامتالء مغزاه‪ ،‬منذ بداية نش**وء الدول**ة ــ المدين**ة‪*،‬‬
‫إلى م**ا ب**ات يع**رف بالدول**ة العص**رية ببع**ديها* السياس**ي* والق**انوني‪*.‬‬
‫إن إعادة قراءة العالقة ــ تاريخياً* ــ بين السياسي والديني‪ ،‬قد تكشف لن**ا‬
‫عن المغزى األعمق لهذا االلتباس في مجرى االجتماع السياس**ي ش**رقاً‬
‫وغرب***اً‪ ،‬وتض***ع أمامن***ا من جدي***د مش***كلة الهوي***ة والتباس***اتها‪ *،‬وتع***دد‬
‫مس**توياتها‪ ،‬وتن**ازع القيم ال**تي تتش**كل منه**ا‪ .‬لكن ذل**ك فيم**ا أظن ُيعي**د‬
‫تعميق هذا االلتباس ويغذيه ويعق**ده ــ مفهومي*اً على األق**ل ــ أك**ثر مم**ا‬
‫يوضحه أو يساعد على حله‪ *..‬إذ إن الظروف والعوامل التي ولدته هي من‬
‫التعقيد بمكان يصعب معه اإلحاطة بها‪ ،‬وه**و يتغ**ذى تاريخي *اً* من حم**والت‬
‫مفهومية جد مركبة ومعقدة ومتداخلة‪ ،‬كمفهوم األمة؛ وتص**ورات* الس**لطة‬
‫والمش**روعية؛ واألفك**ار المتش**ابكة ح**ول الطبيع**ة البش**رية والمجتم**ع؛‬
‫واآللي*****ات ال*****تي يعم*****ل به*****ا والق*****وى ال*****تي تحرك*****ه* وتوجه*****ه‪.‬‬
‫ولق**د تب**دى ه**ذا االلتب**اس في ص**ورته األش**د رس**وخاً ــ على اختالف‬
‫سياقاته ــ في ارتهان راسخ للسياسي ــ بما هو عالقة حاكم بمحك**وم ــ‬
‫للديني* في السياق الوسيط‪ ،‬حيث راحت تتشكل هوية للمجتمع* استناداً‬
‫إلى أولي**ة ال**ديني‪ ،‬أع**ني إلى وح**دة هوي**ة ديني**ة… وق**دمت لل**ديني‬
‫تفس**يرات أص**بح بموجبه**ا ق**ادراً على اس**تيعاب الفع**ل السياس**ي* في‬
‫سياق تغييب شبه جذري ــ شكلي على أقل تقدير ــ لالختالف عن ب**ؤرة‬
‫المرك********************************************************************************************************ز‪.‬‬
‫إن فهماً لمفهوم المواطنة في صورته الراهنة‪ ،‬وللكيفي**ة ال**تي اكتم**ل من‬
‫خاللها وتوسع* ليستوعب جملة التنوعات واالختالف**ات الهوياتي**ة والثقافي**ة‬
‫وتعارضات المصالح وجملة المرجعيات الخصوصية‪ ،‬القيمية والثقافية‪ ،‬ك**اف‬
‫فيما أزعم لتفكيك هذا االلتباس وتبسيطه بما يخدم* إعادة توضيح العالق**ة‬
‫بين السياس***ي وال***ديني في مجتم***ع متن***وع يق***وم على المش***اركة*‬
‫واالعتراف‪ ،‬من غير حاجة إلى تظهير التجرب*ة التاريخي**ة له*ذه العالق*ة في‬
‫مناخ**ات ثقافي**ة وحض**ارية ج**د متباع**دة‪ ،‬وتق**وم بمجمله**ا* على رهان**ات‬
‫معرفي**ة ووجودي**ة متعارض**ة‪ ،‬وعلى تص**ورات ميتافيزيقي**ة متباين**ة أش**د‬
‫التب************اين‪ ،‬تغ************ري‪ ،‬ولكنه************ا تعم************ق الم************أزق‪.‬‬
‫وألن ما يعنيني هو الموق*ف اإلس*المي ال*راهن من المواطن*ة في مغزاه*ا‬
‫ومض**مونها‪ ،‬وعالقته**ا بال**ديني‪ ،‬والتبص**ر ال**ذي يمكن اجتراح**ه من أج**ل‬
‫توضيحها وبيان حقيقته**ا وم**ا تعني**ه ‪ ،‬اس**تناداً إلى رؤى كوني**ة … فس**وف‬
‫أبدأ ــ اختصاراً ــ بفحص المفهوم في س**ياق إس**المي‪ ،‬واس**تعراض بعض‬
‫المواق**ف من**ه في مغ**زاه وطبيعت**ه وفي كيفي**ة اس**تثماره‪ ،‬معطوف *اً على‬
‫خلفي*********ة تاريخي*********ة في تجرب*********ة الس*********لطة‪ ،‬وفي وعيه*********ا‪.‬‬
‫‪ -2‬المواطن*****ة* في الفض*****اء الثق*****افي ــ السياس*****ي* لإلس*****الم‪:‬‬
‫جاهر برنار لويس بأن مفهوم المواطنة* غريب تماماً عن الثقافة اإلسالمية‪،‬‬
‫تلك بنظره حقيقة تاريخية* وثقافية ال تقبل الجدل‪ ،‬وهو افترض ك**ذلك أن ال‬
‫وجود لمفهوم (‪ ،)Citizen‬ال في العربية وال في الفارسية وال في التركي**ة‪،‬‬
‫وهي اللغات التي عبر اإلسالم به**ا عن نفس**ه‪ ،‬وكتبت به**ا ثقافت**ه‪ ،‬ودوّن‬
‫تراث********************************************************************************************************ه…‬
‫ما نجده في ه**ذه الثقاف**ة ه**ون مف**ردة (وطن) و(واطن) و(ت**وطن) ‪ ،‬وهي‬
‫تع**ني الس**كن م**ع‪ ،‬وواطن س**اكن‪ ،‬والت**وطن الس**كن‪ ،‬ومعن**اه البس**يط‬
‫الساذج هو االشتراك في سكن المكان‪ ،‬لكنها تخلو بدرجة كب**يرة من أي**ة‬
‫مضامين أو إيحاءات‪ ،‬كتلك التي تحملها الكلمة اإلنكليزية* (‪ ،)Citizen‬ال**تي‬
‫تتحدر من أصول إغريقية ــ التينية‪ ،‬وتعني الفرد الذي يشارك في الشؤون‬
‫المدني********ة‪ ،‬أو المش********اركة في مث********ل ه********ذه الش********ؤون‪)2(.‬‬
‫ولقد ذهب مفكرون عرب إلى نفس ال**رأي‪ ،‬ف**اعتبر س**مير أمين مثال ً “ب**أن‬
‫المساواة القانونية* لم تكن سمة من سمات األنظمة التقليدي**ة العربي**ة”‪(.‬‬
‫‪)3‬‬
‫ورأى محمد أركون أن مفهوم الجماع**ة السياس**ية في اإلس**الم يخل**و من‬
‫أية محاول**ة لتط**وير س**ياق المواطن*ة* كش**رط ض**روري‪ ،‬ليس لنش**وء حكم‬
‫القانون فحسب‪ ،‬ب**ل لظه**ور المجتم*ع* الم**دني* ال**ذي يس**تطيع الس**يطرة‬
‫على الدول*************************************ة وتقيي*************************************دها”‪)4(.‬‬
‫وقد يبدو أن مثل هذا الرأي يتمتع بالكثير من المصداقية إذا م**ا استحض**رنا*‬
‫عند حديثنا عن الوطن والمواطنة* الدالالت التي بات يحمله**ا في س**ياقات‬
‫تط*******ور في الثقاف*******ة الغربي*******ة الراهن*******ة وفي الممارس*******ة‪)5(.‬‬
‫لكن فكرة المواطن في مجتمع سياسي‪ *،‬الذي عليه واجب**ات ول**ه حق**وق‬
‫تحتم عليه المش**اركة* في الحي**اة العام**ة‪ ،‬فك**رة عرفه**ا اإلس**الم في أول‬
‫أمره‪ ،‬ونادى بها‪ ،‬ورسخ مضمونها نظري*اً على األق**ل(‪ .)6‬ونحن نق**ع عليه**ا‬
‫فيم**ا ل**و حررن**ا أنفس**نا من الوق**وع في ش**راك المقارن**ة الس**طحية بين‬
‫المفاهيم‪ .‬إن كلمة مواطن في السياق الغربي تقابلها كلم**ة مس**لم في‬
‫السياق المفهومي لالجتماع السياسي اإلس**المي التقلي**دي(‪ .)7‬س**بب‬
‫ذل**ك أن مث**ل ه**ذا االجتم**اع ق**امت هويت**ه على ال**دين‪ ،‬باعتب**اره العنص**ر‬
‫الجامع لكل من ينتمون إليه‪ ،‬ويعيشون في ظل مبادئه وقوانين**ه(*‪ .)8‬ولق**د‬
‫كان المسلم يتمتع* بحكم كونه كذلك بعضوية فورية وكامل**ة في المجتم**ع‬
‫السياسي الذي ينتمي إليه‪ ،‬يدل على ذلك ما رواه البخاري‪ :‬المس**لمون‬
‫ذمتهم واحدة‪ ،‬ويسعى بهم أدن**اهم‪ ،‬فمن أحق**ر مس**لماً فعلي**ه لعن**ة هللا‬
‫والمالئك************************************ة والن************************************اس أجمعين”‪.‬‬
‫وما ينبغي التركيز علي**ه بالفع**ل في س**ياق االنش**غال بمفه**وم المواطن*ة*‬
‫وعالقت**ه بال**ديني ليس حض**ور المفه**وم أو غياب**ه في أدبي**ات* اإلس**الم‬
‫التقلي**دي وال في الممارس**ة التراثي**ة‪ ،‬إنم**ا العوام**ل ال**تي ح َّتمت ض**رورة‬
‫إعادة التوسع في مضامينه ودالالته في سياق تعقد االجتماع السياس**ي‬
‫نفسه… قصد احتواء التعارضات* التي راحت تتعاظم شيئاً فشيئ ُا مع توسع*‬
‫هذا االجتماع وتعقده… فقللت في طريق حضورها من متانة اللحمة ال**تي‬
‫كان االنتماء الديني وحده كفيال ً بتوفيرها ضامناً لوحدة هذا االجتماع‪ .‬وه**و‬
‫شيء نتج في الحقيق**ة من الع**ودة المندفع**ة للخصوص**يات‪ ،‬ومن تش**عب‬
‫ال**رؤى والم**ذاهب‪ ،‬وع**ودة انبث**اق ال**والءات التقليدي**ة الطبيعي**ة والهوي**ات‬
‫الخاص**ة‪ ،‬ال**تي حي**دها اإلس**الم بره**ة من ال**زمن ع**بر اإلعالء من رمزي**ة‬
‫الوحدة المستندة إلى شعور عميق باالنتماء الديني* وبوحدة العقيدة التي‬
‫تجس*****************************************************************************************************ده‪.‬‬
‫ولقد أمكن في اإلسالم األول(‪ )9‬ــ بفعل االندفاع الع**اطفي المتوق**د تج**اه‬
‫ال***دين الج***امع ــ تغ***ييب والءات طبيعي***ة قبلي***ة أو عرقي***ة أو مص***لحية‬
‫وخصوص**يات وتقالي**د اجتماعي**ة وأع**راف وقيم راس**خة* ومب**ادئ‪ ،‬من خالل‬
‫تغليب مفه**وم األخ**وة اإليماني**ة ال**تي تس**وي بين المؤم**نين في المكان**ة‬
‫والمنزل*ة وفي الحق**وق والواجب*ات‪ .‬وك*ان من الس*هل الجتم*اع سياس*ي*‬
‫تقوم وحدته على دين جامع مهيمن أن يس**توعب ك**ذلك التع**دد الناش *ئ*‬
‫من وجود جماعات دينية* أقلوية عبر التعاهد أو التعاقد(‪ ،)10‬كما حصل في‬
‫وثيقة المدينة حينما جعل أهل الكتاب أمة مع المسلمين من دون الناس‪،‬‬
‫بمنحهم حق االنتماء السياسي إلى الجماعة ــ األم**ة‪ ،‬ال**تي تكف**ل لهم‬
‫الحق في الحياة واألمن والعمل‪ ،‬وممارسة خصوصيتهم الديني**ة والثقافي**ة‬
‫ــ نظرياً على األقل ــ في إط**ار اع**ترافهم بش**رعية الس**لطة اس**تناداً إلى‬
‫مرجعيتها النظرية التي تصدر عنه**ا‪ ،‬والمش**تمل العق**دي ال**ذي تع**بر عن**ه‬
‫وتدعو إليه وتدافع عنه وتقوم عليه(‪ .)11‬كان ذلك كافي *اً في مجتم**ع يعلي‬
‫*در األف**راد‪ ،‬ويحتفي* بوح**دة‬
‫ق**در الجماع**ة وأه**دافها‪ ،‬ويغلب ذل**ك على ق* ْ‬
‫جامعة هوياتية مثالية وعاطفية في آن تقوم على الدين… في قب**ال تع**دد‬
‫يدفع إلى مس**توى الخ**اص والث**انوي والث**اوي‪ُ ،‬يع**ترف ب**ه بق**در م**ا يخ**دم‬
‫أه*داف الجماع**ة‪ ،‬و ُيمنح الش**رعية م**ا دام ال يش**كل في حض*وره الخ**اص‬
‫خطراً على وحدة األمة وصفاء هويتها وكلية أهدافها والقيم التي توجهه**ا‪.‬‬
‫بغض النظ**ر عن‬
‫ّ‬ ‫لكن مث**ل ه**ذا الت**دبير لم يكن كافي**اً‪ ،‬في ظ**روف تلت‪،‬‬
‫الطريقة التي ُيقيَّم بها اآلن‪ ،‬والموق**ف ال*ذي ُي َّتخ*ذ إزاءه في الظ*رف ال**ذي‬
‫ولد فيه‪ ،‬إذ لم يمض وقت طويل حتى ع**ادت ال**والءات الطبيعي**ة التقليدي**ة‬
‫إلى الظه**ور بفع**ل خف**وت الش**عور ال**ديني وتقلص اندفاعت**ه‪ ،‬واس**تعادت‬
‫الهويات الشخصية الخاصة‪ ،‬التي حي**دت لمص**لحة الع**ام الج**امع‪ ،‬زخمه**ا‪،‬‬
‫وراحت تطغى على الشعور الديني‪ ،‬الذي بدأ يبهت حضوره ش**يئاً فش**يئاً‬
‫في ت*وترات* المجتم*ع وتقلب*ات مص*ائره‪ ،‬ويته*اوى في س*ياق تن*ازع الع*ام‬
‫والخ*****************************************************************************************************اص‪.‬‬
‫وألن وحدة الهوية نفسها لم تعد مضمونة في س**ياق تع**ارض التفس**يرات‬
‫المختلفة لطبيعة هذه الهوية وعناصرها‪ ،‬وألن القاعدة ال**تي ق**امت عليه**ا‬
‫م تع*ويض‬
‫وحدة االجتماع تفككت عراها في خضم تع*دد الت*أويالت‪ ،‬فلق*د ت َّ‬
‫م توحيد المجتم**ع‪ ،‬ال ع**بر‬
‫ذلك بوحدة قهرية تقوم على السلطان‪ ،‬أعني ت َّ‬
‫هوية باتت موضع نزاع‪ ،‬بل عبر وحدة تسلطية قاهرة تس**تمد مش**روعيتها‬
‫من تفسير محدد للدين‪ ،‬يتم فرضته صورياً عبر قوانين وتش**ريعات* وأنظم**ة‬
‫مس * ِي ّرة‪ ،‬تكف**ل‪ ،‬ليس وح**دة الش**عور واالنتم**اء وح**ق المش**اركة* والفع**ل‬
‫فحسب‪ ،‬بل وحدة الوالء للس**لطان‪ ،‬وال ُتع**نى في أه**دافها بتقري**ر نس**ق‬
‫منتظم للواجب**ات والحق**وق‪ ،‬ب**ل بف**رض واجب الخض**وع والطاع**ة‪ ،‬فتح**ول‬
‫الم**واطن الف**رد من مش**ارك في الحي**اة العام**ة إلى مج**رد رعي**ة‪ ،‬وتح**ول‬
‫المجتمع من وحدة سياس**ية* عض**وية يكفله**ا ال**ديني‪ ،‬إلى وح**دة ص**ورية‬
‫قائم**ة على اإلخض**اع‪ ،‬تكفله**ا رهب**ة الس**لطان وقوت**ه‪ ،‬وتغلب**ه وش**دة‬
‫س*****************************************************************************************************طوته‪.‬‬
‫وألن وحدة كهذه هي في حقيقتها وحدة هش**ة إلى أبع**د الح**دود‪ ،‬ت**دفع‬
‫بنفسها عناصر المجتم*ع* إلى إع*ادة التموض*ع في الخصوص*يات* رغب*ة في‬
‫البحث عن األمان أو الكرامة‪ ،‬أو القيمة والمنزل*ة أو المص*لحة والخ*ير‪ ،‬ف*إن‬
‫القوة وحدها كانت الس**بيل الوحي**د لقم**ع الت**دافع ال**ذي يول**ده مث**ل ه**ذا‬
‫االنكفاء‪ ،‬وتصادم المصالح المتعارضة* الذي تق**ود إلي**ه‪ .‬فول**د ذل**ك ص**راعات‬
‫ش**تى بين هوي**ة جامع**ة ص**ورية‪ ،‬تعتم**د على وح**دة الس**لطان وتف**رض‬
‫ب**القهر‪ ،‬وهوي**ات خاص**ة أك**ثر رس**وخاً‪ .‬بين س**لطة وأف**راد مختلفين‪ .‬بين‬
‫خصوصيات* متعارضة راحت تغذي تعارضها باألوهام‪ ،‬متنافرة ومتباعدة وبين‬
‫وحدة صورية مثالية هشة ال تستند إلى قيمة عامة متسالم عليها‪ .‬عطفاً‬
‫على أن سلطة صورية تفتقد إلى قيمة كلية حقيقية جامعة‪ ،‬ال يمكنها أن‬
‫تمتل**ك الح**د األدنى من اآللي**ات العقالني**ة ال**تي تس**تطيع من خالله**ا‬
‫التخفيف من حدة هذه التعارضات‪ ،‬والتقلي**ل من خط**ر التن**ازع بين هوي**ات‬
‫بات يصعب انصهارها* في فضاء عام موحد‪ ،‬وتوحدها على أهداف مشتركة‬
‫وغاي*******ات ومص*******الح متقارب*******ة تلتقي عن*******دها اإلرادات* وتتف*******ق‪.‬‬
‫والملفت أن الفكر السياسي* اإلسالمي برمته في القرون الوسطى‪ ،‬من**ذ‬
‫الماوردي(‪ …)12‬وح**تى انته**اء عص**ر الخالف**ة‪ ،‬ك**ان اهتمام**ه ينص**ب على‬
‫اقتراح الوسائل* التي تكفل للسلطان بسط هيمنته ولو ب**التغلب‪ ،‬وترس**يخ*‬
‫نفوذه‪ .‬وعلى التنظير لآلليات التي تكفل له إبقاء جماعة متنوع**ة مختلف**ة‬
‫الميول واالنتم**اءات العرقي**ة والمذهب**ة والديني**ة متع**ددة المص**الح وال**رؤى‬
‫واألهداف‪ ،‬مضمونة الخضوع لس**لطانه‪ ،‬منص**اعة إلرادت**ه الجامع**ة المالك**ة‬
‫لسلطة التشريع والتق**نين والت**دبير‪ ،‬وعلى توف**ير الت**برير ال**ديني لقم**ع ال‬
‫هوادة فيه لكل اختالف أو إعالن اختالف أو تمايز* أو معارض**ة‪ ،‬تخ**ل بهيبت**ه‬
‫وبالوح********دة الكلي********ة الص********ورية ال********تي يوفره********ا وج********وده‪.‬‬
‫مع زوال الوحدة الصورية لالجتماع اإلسالمي ب**زوال* الخالف**ة وقي**ام الدول**ة‬
‫القطرية استناداً إلى مكتسبات الدولة الحديثة والفكر السياس**ي الغ**ربي‬
‫ال**ديموقراطي* أو االش**تراكي‪ *-‬م**ع م**ا حمل**ه ذل**ك من تط**ور في مفه**وم‬
‫الس***لطة ومب***دأ ش***رعيتها وح***دود ص***الحياتها وفي مفه***وم المواطن***ة‬
‫والمش**اركة ومع**نى الخ**ير الع**ام والمص**لحة المش**تركة‪ ،‬وب**روز مفه**وم‬
‫المواطن الفرد كوحدة قانونية تملك حرية إرادتها* وقرارها وحقها في التعبير‬
‫عن نفسها وممارسة قناعاته**ا واإلعالن عن خصوص**يتها وهويته**ا وطريق**ة‬
‫انتمائها* إلى حدود الجماعة التي تحتويها‪ *-‬بدا أن إعادة التفكير في مفهوم‬
‫المواطنة على ضوء اإلسالم بات أمراً ملحاً‪ ،‬كما ب**ات ملح *اً ك**ذلك التفك**ير‬
‫في شكل التدبير الذي ينبغي اجتراحه في مجتمع إسالمي بدا على غير‬
‫ص***********ورته ال***********تي ك***********ان عليه***********ا فيم***********ا مض***********ى‪.‬‬
‫‪ -3‬المفك******رون اإلس******الميون المعاص******رون‪ ،‬مث******اليون وواقعي******ون‪:‬‬
‫لم يمن***ع تفك***ك الوح***دة السياس***ية للمس***لمين‪ ،‬وانهي***ار* اجتم***اعهم‬
‫السياسي الجامع الق**ائم على الخالف**ة‪ ،‬وال التعقي**دات* ال**تي ول**دها ب**روز‬
‫الدولة ب**المعنى الح**ديث – في خض**م إع**ادة تش**كيل الدول**ة في األقط**ار‬
‫اإلسالمية الخارجة من تحت وصاية االستعمار‪ *-‬من بروز أصوات ك**انت وم**ا‬
‫زالت على قناعة تام**ة ب**أن الدول**ة الديني**ة‪ ،‬على ش**كل نم**وذج الخالف**ة‪،‬‬
‫هي الحل األمثل لم**أزق االجتم**اع السياس**ي اإلس**المي‪ ،‬وهي وح**دها‬
‫الصالحة لتحقيق مجتمع العدال*ة وتأكي*د مب*ادئ الخ*ير الع*ام اس*تناداً* إلى‬
‫مبادئ الشريعة وأحكامها(‪ .)13‬وألن مث**ل ه**ذه القناع**ة تفتق**د إلى س**ند‬
‫تاريخي* يشهد على صحتها‪ ،‬في ظل إخفاق**ات التجرب*ة* على غ**ير ص**عيد‪،‬‬
‫فلق***د ك***ان من الط***بيعي أن يتم استحض***ار ت***راث النظ***ار السياس***يين‬
‫المس**لمين من أج**ل إع**ادة تش**كيل تص**ور يأخ**ذ بعين االعتب**ار التأص**يل‬
‫الش***رعي الفقهي لمفه***ومي األم***ة والجماع***ة واألحك***ام المرتبط***ة‬
‫بالسلطان‪ ،‬ويأخذ باالعتبار كذلك واقع المسلمين‪ .‬وبغض النظر عن الجدل‬
‫الذي أثارته قناعة كهذه في سياق تح**والت جذري**ة محلي**ة وكوني**ة‪ ،‬فلق**د‬
‫در لها أن تج**د تي**اراً* متص*ال ً من المنظ**رين ال**ذين يك**ادون يتش**ابهون في‬
‫ق ِّ‬
‫الثوابت والقناعات‪ ،‬وإن اختلفوا في طريق**ة ال**ترويج واإلعالن لمش**روعهم‪،‬‬
‫وفي اللغ**********ة ال**********تي يع**********برون به**********ا عن قناع**********اتهم‪.‬‬
‫وأكثر هؤالء الدعاة غلواً هو أب**و األعلى الم**ودودي‪ ،‬المفك**ر الهن**دي األك**ثر‬
‫أصولية بين أبناء جيله‪ -‬وهو الذي أثر بشكل ال محيد عنه في سيد قطب(‬
‫‪ )14‬فيم**ا بع**د وفي تي**ار الس**لفية العربي**ة – وه**و اعت**بر أن المجتم**ع‬
‫اإلس**المي يق**وم على قاع**دة والء هي ال**دين‪ ..‬وأن ال مح**ل في ذل**ك‬
‫للحل***ول الوس***ط… خالط***اً ب***ذلك بين المجتم***ع* كمج***ال* ح***راك لألف***راد‬
‫والجماع**ات…* وبين الس**لطة‪ .‬وه**و ج**ادل بض**رورة أن يقتص**ر المجتم**ع*‬
‫اإلسالمي على المسلمين… وألن**ه ك**ان على قناع**ة راس**خة ب**أن هوي**ة‬
‫المجتم *ع* اإلس**المي تق**وم على وح**دة االنتم**اء ال**ديني* الج**امع أو على‬
‫وحدة الشعور اإليماني* أو وحدة القانون الذي تكفله الش**ريعة‪ ،‬فلق**د رفض‬
‫تأس**يس* الباكس**تان* اس**تناداً إلى قاع**دة قومي**ة… ومنش**أ قناعت**ه فيم**ا‬
‫أعتقد‪ ،‬هو إيمانه* بأن الدولة اإلسالمية التي تتع**ارض م**ع أي مفه**وم آخ**ر‬
‫للدولة‪ ،‬هي مجموعة سياسية* يتم إقرارها عقائدياً وتمتلك نظ**رة عام**ة ال‬
‫تع*****ترف ب*****العرف وال بالنس*****ب وال بالقومي*****ة كقاع*****دة المواطن*****ة‪.‬‬
‫إن مجمل القاعدة األخالقية للدولة القومية الحديثة* ــ بنظره ــ المس**تندة‬
‫إلى مب***ادئ نفعي***ة ووالءات عرفي***ة ض***يقة‪ ،‬هي النقيض تمام***اً للدول***ة‬
‫المسلمة الحقة ال**تي تس**مو على ال**والءات الض**يقة وتتوج**ه نح**و عم**وم‬
‫اإلنس***************انية‪ ،‬وال تع***************ترف بغ***************ير س***************لطة هللا‪.‬‬
‫وهو راح يروج لقناعة راسخة بأن المؤم**نين الحقيق**يين فق**ط هم الق**ادرون‬
‫على إنشاء الدولة اإلسالمية الحقة‪ ،‬ناهيك عن العم**ل ألجله**ا‪ ،‬والطريق**ة‬
‫المثلى إلنش**ائها تتمث**ل في الب**دء بخل**ق مجتم**ع إس**المي حقيقي من‬
‫خالل النضال والمعاناة ليعقب ذل**ك الدول**ة كثم**رة طبيعي**ة له**ذا الن**وع من‬
‫االق**********************************************************************************************تران(‪.)15‬‬
‫ولقد عبر سيد قطب(‪ )16‬خير تعبير عن مثل هذه الرؤية في كتاب**ه مع**الم‬
‫على الطريق‪ .‬وبقي وفياً لها إلى آخر أيامه‪ .‬وطبق*اً له**ذا التص**ور فال يوج**د‬
‫مش**كلة مواطن**ة بالنس**بة لغ**ير المس**لمين في مجتم**ع إس**المي‪ ،‬ألن‬
‫الدولة اإلس**المية إنم**ا تنش**أ من قب**ل المس**لمين وألجلهم… وعلى غ**ير‬
‫المسلمين إن أرادوا* العيش في الدولة المسلمة أن يخضعوا لقوانينه *ا* وأن‬
‫يعيشوا كأقلية محفوظة الحقوق وف**ق تش**ريعاتها‪ ،‬ش**رط ال**والء لطبيعته**ا‬
‫التي ق**امت عليه**ا‪ ،‬وم**ا دام**وا ال يش**كلون له**ا تهدي**داً* لوح**دتها وس**المة‬
‫انتظامه****************************************************************************************************ا‪.‬‬
‫ولقد وجدت ه**ذه اآلراء ص**دى عن**د مفك**رين معاص**رين بع**د م**ا يزي**د على‬
‫نصف ق**رن من الج**دل ال**ذي حركت**ه… والص**راعات ال**تي ول**دتها والظ**روف‬
‫الملتبس**ة ال**تي أح**اطت به**ا‪ .‬ونحن نج**دها مثال ً على ص**ورة تك**اد تك**ون‬
‫نسخة طب**ق األص**ل في كتاب**ات مص**طفى مش**هور وعب**د الس**الم ف**رج ‪،‬‬
‫وعبد السالم ياسين‪ ،‬والقرضاوي‪،‬وفتحي يكن‪ ،‬وراشد* الغنوشي وآخ**رين‪.‬‬
‫واألخير مثال ً يجادل* بأن المواطنة في الحياة السياس**ية* اإلس**المية تعتم**د‬
‫ده من‬
‫على معيارين‪ ،‬االنتساب ال**ديني واإلقام**ة وه**و ش**ىء أظن أن**ه ول* ّ‬
‫وثيقة المدين**ة‪ ،‬ش**أنه ش**أن مفك**ري العص**ور الوس**طى من غ**ير أن ي**بين‬
‫لوازم************ه القانوني************ة ومقتض************يات في ت************دبيره(‪.)17‬‬
‫فالمسلمون غير المقيمين في الدولة‪ ،‬وغير المسلمين المقيمون فيه**ا ال‬
‫يحق لهم أن يكونوا مواط**نين بالكام**ل‪ ،‬وق**د يص**بحون مواط**نين في حال**ة‬
‫قب*ولهم بش*رعية الدول*ة‪ ،‬لكنهم ال يص*بحون مواط**نين بالكام**ل‪ ،‬فال يح**ق‬
‫لهم مثال ً تس**لم مناص**ب رئيس**ية في الدول**ة‪ ..‬مك**رراً الموق**ف التقلي**دي‬
‫القاض*ي* بحرم**ان غ**ير المس**لمين في دول**ة مس**لمة من المش**اركة في‬
‫الحكم أو في شؤون الت**دبير السياس**ي‪ ،‬أو إش**غال المناص**ب الحساس*ة*‬
‫كالوزارة والقضاء والعسكر… لكنه يتخفف من كلية هذا الحكم استناداً* إلى‬
‫عدم خوف الخطر… فيجوز ذلك ما دامت هذه المناصب في الدولة الحديثة‬
‫مقي*****دة غ*****ير مطلق*****ة مح*****دودة التص*****رف بح*****دود الق*****انون(‪.)18‬‬
‫لقد بقي تصور هؤالء النظار للدولة مثالياً‪ ،‬يعبر في العموم عن رغبة بقيت‬
‫بال تحق**ق في س**ياق ت**اريخي‪ ،‬وهي بقيت حلم**اً ي**راود أولئ**ك ال**ذين ــ‬
‫استناداً* إلى ش**عور دي**ني* ــ آمن**وا بإمكاني**ة تحقي**ق العدال**ة في مجتم**ع‬
‫إنساني‪ ،‬على قاعدة وحدة اإليمان أو األخ**وة اإليماني**ة…* وال**ذين لم تغ**ير‬
‫التجارب المخفقة من قناعتهم ب**أن اللحظ**ة التاريخي**ة ال**تي تتحق**ق فيه**ا‬
‫ذلك آتية ال محالة‪ .‬وألجل ذلك ك**انت كتاب**اتهم في األعم األغلب جدالي**ة‪،‬‬
‫عاطفية… أعوزها التحليل المنطقي ــ الت**اريخي* لطبيع**ة المجتم**ع وق**واه‪،‬‬
‫وللهوية وعناصرها‪ ،‬ولتشكل ال**والءات وزواله**ا‪ ،‬ولمع**نى الس**لطة وطبيع**ة‬
‫مشروعيتها ووظائفها‪ ،‬ولعالقة ال**ديني بالسياس *ي* في مجتم**ع متن**وع…‬
‫ولقد أخفق ه**ؤالء ك**ذلك في فهم التعقي**دات ال**تي ول**دها ب**روز المجتم*ع*‬
‫الحديث ونشوء قوى فاعلة في صيرورة أهداف**ه‪ ..‬غ**ير منظ**ورة في األعم‪،‬‬
‫وال تفهم على وج**ه الدق**ة الكيفي**ة ال**تي تع**بر بواس**طتها عن نفس**ها‪،‬‬
‫والسلطة التي يمكن أن تمارسها* في تحديد أو توجيه الرهانات والمص**ائر‪.‬‬
‫ولق**د ك**ان يعيبه**ا ك**ذلك ع**دم وعيه**ا للعالق**ة المعق**دة بين هوي**ة ديني**ة‬
‫وهويات مقارنة ت**برز وتختفي حس**ب الظ**روف…‪ .‬ولطبيع**ة الهوي**ة الديني**ة‬
‫نفس**ها وعناص**رها‪ ،‬والج**دل ال**ذي يحكم حض**ورها في س**ياق تعارض**ات‬
‫المص**الح الفردي**ة واأله**واء‪ .‬ك**ل ذل**ك دف**ع مفك**رين أك**ثر وعي*اً لمقتض**يات‬
‫الحداث**ة‪ ،‬ولج**دل القيم والت**اريخ‪ *..‬إلى تط**وير تص**ورات أك**ثر إقناع *اً‪ ،‬وأق**ل‬
‫جذرية (من أمثال محمد عمارة‪ *..‬فهمي هويدي‪ ،‬ط**ارق البش**ري‪ ،‬س**ليم‬
‫الع*****وا‪ ،‬أحم*****د كم*****ال* أب*****و المج*****د‪ ،‬عالل الفاس*****ي وآخ*****رين)‪.‬‬
‫لقد اعترف فهمي هويدي(‪ )19‬بأن الص**يغة اإلس**المية التقليدي**ة لمفه**وم‬
‫م تجاوزه**ا من قب**ل التط**ورات‬
‫المواطنة كانت متقدمة في زمانه**ا‪ ،‬لكنه**ا ت َّ‬
‫الحديث*ة* وظه**ور مفه**وم المواطن**ة المتس**اوية‪ *.‬وه**و دع**ا إلى الع**ودة إلى‬
‫مب**ادئ الق**رآن والس**نة إلع**ادة البحث عن ص**يغة تس**توعب مث**ل ه**ذه‬
‫التقدمات‪ ،‬في إعالن واضح وصريح عن ضرورة تجاوز اجته**ادات النظ**ار في‬
‫العص***ور الوس***طى والحديث***ة‪ ،‬والتقالي***د المتراكم***ة ح***ول الس***لطة‪،‬‬
‫والتفسيرات القديمة* لهذه المصادر‪ ،‬وال**تي يب**دو أن تح**والت األزم**ان ألغت‬
‫قيمتها بنظره وجردتها من فاعليتها ومن قابليتها للحياة‪.‬لكن هوي**دي يق**ف‬
‫في نق**ده للس**لطة الديني**ة عن**د ح**دود ال يتجاوزه**ا ‪ ،‬ويل**تززم بمض**مون‬
‫إسالمي للدول**ة ‪ ،‬ولم يكن بمق**دوره ك**ذلك أن ينفي انش**داد الدول**ة إلى‬
‫اإلسالم ‪ ،‬وحاجة اإلسالم إليها‪،‬وهو يردد‪ ،‬كما هو حال عمارة‪،‬نفس أفك**ار‬
‫القرض***اوي وحس***ن البن***ا وعب***د الق***ادر ع***ودة بمف***ردات* من الق***اموس‬
‫السياس******************************************ي* الح******************************************ديث ‪.‬‬
‫وطور سليم العوا في مجمل كتاباته أطروحة جريئة تعتمد على ما أس**ماه‬
‫التض***اد بين ش***رعية الفتح وش***رعية التحري***ر‪ .‬لق***د تع***املت الجماع***ة‬
‫السياسية التقليدية ــ بنظره ــ م غير المسلمين كشعوب مقهورة‪ ..‬ألنه**ا‬
‫أمكنه**ا في ذروة توس**عها أن تحت**ويهم داخله**ا على أس**اس الفتح‪ ،‬ولق**د‬
‫جاءت الدول**ة اإلس**المية الحديث**ة إلى الوج**ود نتيج*ة* ص**راع التح**رر ال**ذي‬
‫ساهم غير المسلمين في**ه بص**ورة متس**اوية م**ع المس**لمين‪ .‬فهم ل**ذلك‬
‫يس**تحقون حق**وقهم كامل**ة كمواط**نين… ولم تع**د‪ ،‬والح**ال ه**ذه‪ ،‬ص**يغة‬
‫المواطن**********ة على أس**********اس الفتح قابل**********ة للتط**********بيق(‪.)20‬‬
‫نظرة كهذه تقدمية لكنها تقوم على مبدأ مقايضة خط*ير… ال على مفه*وم‬
‫راسخ لالستحقاق الذاتي‪ *..‬فك**أن ش**راكة* المواطن**ة هن**ا إنم**ا تق**وم على‬
‫أساس مكتسب‪ ،‬هو المشاركة* في صناعة التحرر‪ ،‬ال العضوية النابع**ة من‬
‫اس*تحقاق ذاتي* لح**ق المواطن*ة‪ .‬وهي رؤي**ة في جوهره*ا تغف*ل التنظ*ير‬
‫للمبادئ األساسية التي يفترض أن يقوم عليها مبدأ المواطنة في مجتمع‬
‫ما بعد التحرير‪ ،‬إذا كان االنتماء الديني‪ ،‬لم يعد كافياً ليكون أساس*اً ل**ذلك‪،‬‬
‫مع إقرار القبول بتع**دده في مجتم**ع سياس*ي* منظم‪ .‬وفي الس**ياق ذات**ه‬
‫من الجدال* ناقش طارق البشري ما ق**رره الغنوش**ي بإس**هاب‪ ،‬وه**و م**يز‪،‬‬
‫استناداً* إلى الماوردي‪ ،‬بين وزير التفويض ووزير التنفيذ‪ ،‬ثم رفض مقتضياته*‬
‫معتبراً أن ال منصب في الدولة الحديثة يملك سلطة مطلقة يمكن أن تخل‬
‫ممارسته من قبل غير المسلمين بوحدة الدولة وبهويتها‪ ،‬مقترحاً أن تكون‬
‫جميع المناصب مفتوحة للمواطنين على تعدد هوي**اتهم الديني**ة بال قي**ود‪،‬‬
‫وه**و يق**رر وجه**ة نظ**ر نقدي**ة لحق**وق المواطن**ة في الفك**ر السياس**ي*‬
‫الحديث‪ ،‬مفترضاً أن حقوق اإلنس**ان العص**رية وثيق**ة االرتب**اط ج**ذرياً بح**ق‬
‫المواطن*ة في دول*ة‪ ،‬وأن ح*ق اإلنس*ان في العيش الك*ريم والتعب*ير‪ ..‬وم*ا‬
‫إلى ذلك مرتبط أشد االرتب**اط بالسياس*ي* ال**ذي ترتك**ز إلي**ه فك**رة الهوي**ة‬
‫والمفهوم الكلي للدول**ة الحديث**ة‪ *.‬وهي حق**وق‪ ،‬ال تقيم وزن*اً للتمي**يز بين‬
‫أكثري*ة* ديني**ة أو عرقي**ة وأقلي**ة‪ ،‬لجه**ة حقه**ا ب**التمتع بمزاياه*ا* على ق**دم‬
‫المساواة‪ .‬وألن هذه الحقوق ذات طابع* فردي‪ ،‬أع**ني ألنه**ا حق**وق فردي**ة‬
‫فإنها تقتضي كذلك أن يتساوى األفراد المسلمون في التمتع بها اس**تناداً‬
‫إلى عضويتهم في المجتمع* السياسي‪ ،‬واالل**تزام به**ذه العض**وية اس**تناداً‬
‫إلى اعتبارات* سياسية* ال دينية‪ *.‬وإذا كان من الطبيعي ــ بنظ**ره ــ تحدي**د‬
‫العض**وية في المجتم *ع* اإلس**المي التقلي**دي بالمس**لمين وح**دهم‪ ،‬ف**إن‬
‫الض**رورات الحديث**ة تحتم معامل**ة األقلي**ات على أس**س متس**اوية‪ ،‬وه**ذا‬
‫يع***ني العض***وية الكامل***ة في المجتم***ع‪ ،‬وفي حق***وق المس***اواة(‪.)21‬‬
‫ومهم**ا يكن من أم**ر م**ا قدمت**ه ه**ذه الجه**ود من تبص**رات‪ ،‬ف**إن ال**رؤى‬
‫اإلس**المية الحديث *ة* فيم**ا يخص المواطن *ة* وح**دود المش**اركة* السياس**ية‬
‫للمختلفين ديني***اً في مجتم***ع إس***المي‪ ،‬لم يكن له***ا ت***أثير كب***ير على‬
‫مجريات األح**داث‪ ،‬وال على التجرب**ة السياس**ية في المجتم**ع اإلس**المي‬
‫ح**ديث التش**كل‪ ،‬ألن أغلب ال**دول اإلس**المية بقيت علماني**ة‪ ،‬تق**وم في‬
‫األعم على القومي**ة‪ ،‬ولم يكن ال**دين فيه**ا أساس**اً‪ ،‬في بن**اء خصائص**ها‬
‫الثقافي**ة ونظمه**ا األخالقي**ة وقيمه**ا السياس**ية‪ ،‬ب**الرغم من أن حق**وق‬
‫المواطن******ة* بقيت فيه******ا منتهك******ة إلى ح******د بعي******د ومنقوص******ة‪.‬‬
‫ولقد بقيت التنظيرات تدور في العموم حول إيجاد* صيغة توفيقية بين تص**ور‬
‫تقليدي إسالمي للحكم مرجعيته الش**ريعة أو ال**دين‪ ،‬وبين المواطن *ة* في‬
‫دالالتها الراهنة كمكتسب مع**رفي غ**ربي بامتي**از‪ ،‬يقص**د من**ه الح**ق في‬
‫المشاركة السياسية* والتمتع بالخير العام‪ ،‬والمساواة في الحقوق‪ .‬لكنه**ا‬
‫بقيت في عمومها قاصرة عن أن تقدم لنا تفس**يراً مقتض**باً للكيفي**ة ال**تي‬
‫يتم بها التوفي**ق بين ال**ديني والسياس**ي‪ ،‬بين االعتم**اد على خصوص**ية‪،‬‬
‫وبين مفهوم المشاركة في المواطنة‪ ،‬بين هويات مختلفة (دينية‪ ،‬عرقي**ة‪،‬‬
‫مص**لحية)‪ ،‬وهوي**ة سياس**ية* جامع**ة؛ من غ**ير إخالل بمقتض**يات كلت**ا‬
‫الهوي***تين‪ ،‬بين ال***ديني كرك***يزة لهوي***ة خاص***ة والنتم***اء وبين المواطن***ة‬
‫كمشاركة* في المجال* العام‪ ،‬تكفل المساواة‪ .‬وبقيت عاجزة ك**ذلك عن أن‬
‫تمنحنا التص**ور الك**افي للكيفي**ة ال**تي تتول**د من خالله**ا تناقض**ات الهوي**ة‪،‬‬
‫ولكيفي**ة تفكيكه**ا اس**تناداً* إلى ت**دبير عقالني يرتك**ز إلى قيم مش**تركة‬
‫مع*************************************************ترف به*************************************************ا‪.‬‬
‫لقد كان من الضروري أن يتم التركيز على وجه خاص على تفكيك ال**ديني‬
‫عن السياسي‪ ،‬ال أقصد بذلك تصوراً علمانياً* للدولة‪ ،‬بل فرز نطاقات‪ ،‬أعني‬
‫فرز نطاق الخصوصيات* المشكلة لألفراد وللجماعات‪ -..‬والتي يشكل فض**اء‬
‫المجتمع المدني* ميدان حضورها – ونطاق هوية سياسية* خالصة‪ ،‬يول**دها‬
‫نق**اش عم**ومي في فض**اء مفت**وح وح**ر‪ ،‬يقص**د الخ**ير الع**ام ويفض**ي إلى‬
‫تحديد واضح لمصلحة الجماعة التي تولده‪ ،‬وتسلم ب**ه وترتض**ي االحتك**ام‬
‫إليه واالنتظام في سياق فع**ل ت**دبيره‪ ،‬وتكف**ل ع**بر تماس**كها للخ**اص أن‬
‫يعبر عن نفسه‪ ،‬وأن يتعايش في تجربته* السياسية* مع ما يتشكل (كهم)‬
‫في قب**ال نحن‪ ،‬اس**تناداً* إلى ت**دبير* عقالني يق**وم على وح**دة الق**انون‬
‫والدستور مثال ً ووحدة المصلحة التي ينقاد إليها ح**راك الجماع**ة‪ ،‬أو وح**دة‬
‫در للفلس**فة‬
‫القيم الكلي**ة األولي**ة ال**تي ص**دروا* عنه**ا‪ ،‬وه**و ش**يء ق** ِّ‬
‫السياسية المعاصرة إنجازه‪ ،‬متجاوزة فكرة الدول**ة الطائفي**ة والقومي**ة إلى‬
‫الدولة متعددة الهويات‪ ..‬وه**و م**ا أرغب هن**ا في اس**تثماره* في اس**تثماره*‬
‫في وجهة نظر محددة باختصار‪.‬‬
‫‪ -4‬الفض******اء العم******ومي‪ ،‬وف******ك االش******تباك بين الع******ام والخ******اص‪:‬‬
‫لقد أدرك المنظرون السياس**يون الغربي**ون‪ ،‬أن أول م**ا ينبغي االع**تراف ب**ه‬
‫قبل كل تنظير في السياسي* هو أن أحد أك**ثر إش**كال الته**وي واالختالف‬
‫رسوخاً‪ ،‬ه*و الته*وي ال*ديني‪ ،‬أو االختالف*ات الديني*ة والعقدي*ة‪ ،‬ح*تى في‬
‫حرّ وليبرالي كما هو ح**ال مجتم**ع المواطن**ة الكامل**ة وأن أي**ة‬
‫فضاء مفتوح ٍ‬
‫محاولة لتأسيس جماعة سياسية بالمعنى العصري للكلمة على أس**اس‬
‫ج**امع تف**ترض إع**ادة التكف**ير في ال**ديني أوالً‪ ،‬ثم في اآللي**ة ال**تي تقل**ل‬
‫فرص التوتر بين*ه وبين الع*ام‪ ،‬أع*ني بين االنتم*اء ال*ذي يول*ده الوج*ود في‬
‫وحدة سياسية* جامع**ة وبين االنتم**اء إلى هوي**ات متنوع**ة لجماع**ات‪ ،‬بين‬
‫تع***دد االنتم***اء إلى الخ***اص ووح***دة االنتم***اء إلى إجم***اع سياس***ي‪.‬‬
‫يضعنا استحضار* المكون الديني للثقافة أم**ام تح**د فك**ري (إذن) وأخالقي‪،‬‬
‫بؤرته تبين الوجه الذي به تحصل الغيرية الدينية‪ *.‬ذل*ك أن*ه لم**ا ك**ان ال*دين‬
‫عنصر تمايز ثقافي وف**رز ف**إن قي**ام فض**ا ٍء عم**ومي قوام**ه الت**دافع العل**ني‬
‫لتقرير م**ا يك**ون خ**يراً للحي**اة العام**ة لألف**راد يتطلب قي**ام عقالني**ة خاص**ة‬
‫تس*تطيع تحقي*ق االع*تراف أوال ً به*ذا االنتم*اء على قاع*دة العدال*ة‪ ،‬وثاني*اً‬
‫بحمايته* من أي انجراح* يفضي إلى التعويض ع**بر اإلعالء من ش**أن الهوي**ة‬
‫الخاصة بخلق تهويمات‪ .‬فكيف يمكن إذاً نشوء فضاء من هذا القبيل يضمن‬
‫حضور المكون الديني للذات الفردية أو الجمعية في مجتمع م**ركب متن**وع‬
‫الهويات‪ ،‬وعلى أي نحو يمكن ت**دبير* ه**ذا الفض**اء بم**ا يض**من ك**ذلك وج**ود‬
‫ال*********ذات المواطن*********ة وإعالء هويته*********ا… وتمتعه*********ا بالع*********دل‪.‬‬
‫لق**د ارتب**ط نش**وء مفه**وم الفض**اء العم**ومي بميالد الدول**ة الحديث**ة‪ *،‬وه**و‬
‫يتجسد في كونه المساحة المشتركة للتدافع الفردي الذي عنده يتهاوى‬
‫الفص**ل بين الع**ام والخ**اص ال**ذي رس**خته* المرحل**ة القديم *ة* اليوناني *ة* ــ‬
‫الرومانية واإلسالمية الوسيطة‪ .‬إنه عبارة عن مجتمع سياسي مؤل**ف من‬
‫أف**راد منخ**رطين في أنش**طة ذات مص**لحة عام**ة على أساس**ه* تق**وم‬
‫مط**البهم باالس**تقاللية إزاء الس**لطات المؤسس**ة‪ ،‬وعلى رأس**ها الدول**ة‬
‫وليدة التعاقد الحر‪ .‬أو المساحة العمومي*ة المت*اح ولوجه**ا لك*ل المواط**نين‬
‫والتي يمكن لهم فيها االجتماع لوضع رأي عام وصيانته‪ *.‬ولق**د انتهى* مث**ل‬
‫هذا الفضاء بمناقشة جذرية حول قضايا المصلحة العامة المشتركة ألف**راد‬
‫خ**واص يعتم**دون على عق**ولهم ويع**ترف لهم بح**ق االتح**اد* واالجتم**اع‬
‫والتعب**************ير عن ال**************رأي والتق**************دير لألم**************ور(‪.)22‬‬
‫ولما كان مثل هذا الفضاء العمومي يس**تلزم ال**ذات المواطن**ة‪ ،‬ف**إن الواق**ع‬
‫األش**مل للمواطن**ة يس**تدعي التس**اؤل عن ح**يز ال**دين ض**من المفه**وم‬
‫م التس**اؤل عن‬
‫الشامل المتعلق بالحي**اة العام**ة والخاص**ة لألف**راد‪ ،‬ومن ث َ‬
‫نجاع**ة الت**دبير العقالني لالختالف‪ ،‬من حيث أن**ه* يق**وم على االع**تراف‬
‫بالهوية بما هي آلية تسهم في تكون الذات المواطنة* قدر مساهمتها في‬
‫ضمان حقها في التمتع* بالعدل االجتماعي وتوزي *ع* الخ**يرات‪ ..‬إن التس**ليم‬
‫باندراج المكون الديني للذوات ضمن الهوي**ة يتطلب إذن معالج**ة موض**وعة‬
‫حض****ورها في الفض****اء العم****ومي ع****بر ت****دبير سياس****ي لالع****تراف‪.‬‬
‫‪ -5‬الت**************دبير السياس**************ي لالع**************تراف بالهوي**************ة‪:‬‬
‫إن أبرز م**ا ينبغي التش**ديد علي**ه في مق**ام ي**دعي الس**عي إلنج**از ت**دبير‬
‫عقالني لالختالف‪ ،‬واالع**تراف بالهوي**ة‪ ،‬ه**و اإلق**رار ب**االختالف نفس**ه‪ ،‬أو‬
‫بعبارة (بالحال االختالفية للهوية) أو بواقع الحالة االختالفية للهوية‪ ،‬وال**تي‬
‫بسببها‪ ،‬يتولد نظ**ر إلى االختالف باعتب**اره‪ ،‬المفه**وم ال**ذي بفض**له يتع**دد‬
‫الك**ائن‪ ،‬وال**ذي بفض**له يص**بح التع**دد خاص**ية الهوي**ة‪ *..‬ويص**بح االنتق**ال‬
‫والترح***********************ال‪ ،‬س***********************مته* الذاتي***********************ة(‪.)23‬‬
‫وبقدر ما أن الذات الفردية نفسها مدعوة إلى سلوك سياسة خارجية تدبر‬
‫بواسطتها واقع االختالف والتعدد في هويته**ا ف**إن ذل**ك مطل**وب أيض *اً في‬
‫الذات الجمعية‪ ،‬ذلك أن الهويات المتعددة تتع**دد تض**افرياً* بنح**و سياس**ي‪.‬‬
‫ح**تى إذا م**ا ق**ارنت الهوي**ة السياس**ية اس**تناداً* إلى المقتض**ى الم**ذكور‪،‬‬
‫المس**توى الف**ردي لألن**ا‪ ،‬تص**بح السياس**ة نفس**ها هي م**ا يم**يز الهم‬
‫والنحن‪ ..‬وإذ تقوم هن**ا هوي**ة جميع**ة في قب**ال أخ**رى فلنفحص عن وج**ه‬
‫التدبير الممكن سياسياً‪ ،‬متى ما اس**تقر س**عيه على معالج**ة الص**راعات‬
‫ض***من جه***از الدول***ة مراعي***اَ مطلب االع***تراف والع***دل االجتم***اعي‪.‬‬
‫أ‪ -‬عن ت************************دبير الهوي************************ة البينذاتي************************ة‪*:‬‬
‫بدا أن تدبيراً سياسياً هو الكفيل بمعالجة واقع العالق**ات بين الهم والنحن‪.‬‬
‫علة ذلك أن السياسة* تعمل في كل واحد من أفراد الجماعة (النحن) إلى‬
‫التمي**يز بين خصوص**يات أو هوي**ات‪ ،‬بين ذوات لفحص الكيفي**ة ال**تي يمكن‬
‫له***************ذه ال***************ذوات من خالل تأوي***************ل* هوياته***************ا‪.‬‬
‫في مثل هذا الموقف فإن قوة التمييز تناط بالسياسة* والهوي*ة مع*اً‪ ،‬لجه**ة‬
‫أن مكمن التمييز ه**و ك**ون خط**وط التقس**يم الهوي**اتي يعتم**د غالب*اً على‬
‫حدود الهوية الخاصة (فردياً وجماعياً) في اختالف مع هوي**ات مغ**ايرة‪ ،‬لكن‬
‫حين ينظ**ر إلى أن الهوي**ات نفس**ها هي مفع**ول للسياس**ة على جه**ة‬
‫التحديد واالختالف معاً‪ .‬فإن ذلك هو ما يبرر مساءلة الواقع الثق**افي ال**ذي‬
‫يك******************ثر اعتم******************اده مرجع******************اً للتمي******************يز‪.‬‬
‫إن الهوية األولى هي نتاج قوة سياسية* إلسناد قيمة متعلق**ة بالخص**ائص‬
‫المشتركة ومنها االعتقاد‪ ،‬وال*تي يتم ترجمته**ا في ش*كل تفك*ير وس*لوك‬
‫وإحساس يخص جماعة بشرية بعينها‪ .‬وإذ تشي هذه األطروح**ة بتص**اعد‬
‫الوعي بالتميز الثقافي ووصله الصميمي بهوية قد تكون موهومة‪ ،‬وتشكل‬
‫عناصرها معطى لوحدة أفراد لجماعة ثقافية أو ديني**ة ف**إن من ش**أن ذل**ك‬
‫أن يزيد من الصعوبة التي تعترض السياسة* في اضطالعها بمهم*ة الت*دبير‬
‫العقالني في مجتمع ح**ديث س**مته الالتج**انس* الثق**افي بعام**ة وال**ديني‬
‫من***************************ه على وج***************************ه خ***************************اص‪.‬‬
‫كتب رينو‪“ :‬إن اختالف الهوية من حيث هو كذلك‪ ،‬ال يك**ون ب**القوة الكافي**ة‬
‫حتى يم*يز بين الهم والنحن‪ ،‬وال*ذي يف*ترض تنازع*ات* تك*ون في*ه الجذري*ة‬
‫س****************************************مته أساس****************************************ية”(‪.)24‬‬
‫كث*يراً م*ا تص*عد السياس*ة من ح*دة التم*ايزات‪ *،‬حينم*ا يك*ون من مص*لحة‬
‫جماعة ما فعل ذلك‪ .‬كما ترفع من علو حدود التقس**يم بين الهوي**ات‪ ،‬وبم**ا‬
‫يس**هم في تخص**يص جماع**ة بخصوص**يات* غالب**اً م**ا تتغ**ذى من ص**ناعة‬
‫التأويالت والتهويمات(‪ .)25‬بل إن من شأن السياسة أال تجد غضاض**ة في‬
‫خلق واصطناع ماضي تاريخي* يجذر أو يعم**ق االختالف الموه**وم وتحويل**ه‬
‫إلى قناع******ات تخ******ترق اعتق******اد ال******ذات الفردي******ة والجماعي******ة‪*.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬فمتى ما اتضح أن للسياسية فاعلية شديدة الخطورة في ترس**يم‬
‫الحدود بين الهويات وتجذير االختالف الثقافي إلى حد صنع العدو‪ ،‬فإن من‬
‫شأن النزاع السياسي الذي يمس أغلب الهوي**ات أن يك**ون عام**ل تق**ريب‬
‫بينه**ا‪ ،‬عوض *اً عن كون**ه م**برر تبعي**د‪ ..‬وه**و ال**ذي يجس**د بالنس**بة لرين**و‬
‫السعي إلى تحصيل االعتراف ببعضها البعض‪ ،‬أو يجسد مس**عى لتفس**ير‬
‫موح************د للهوي************ات المختلف************ة كي************ف ذل************ك؟‬
‫إن ما يظهر أن**ه واق**ع مف**ارق‪ ،‬يمكن تخطي*ه ع*بر التمي**يز بين هوي*ة أولي**ة‬
‫ناشئة من التنشئة االجتماعية األولية (أسرة ‪ ،‬مدرسة) والهويات الثانوي**ة‬
‫الناتجة عن تنشئة اجتماعية ثانوية* (ثقافية‪ ،‬سياسية ومهنية)‪ ،‬مع ضرورة‬
‫االع**تراف ب**أن الهوي**ة األولى هي األس**اس ال**ذي يهب المع**نى للهوي**ات‬
‫الثانوي******************************************************************************************************ة‪.‬‬
‫إن أي**ة هوي**ة شخص**ية* في مجتم**ع تج**د موقعه**ا ض**من كي**ان سياس**ي‬
‫مؤسس (سواء قلنا بالتعاقد االجتماعي أو الذاتي كما هو عند هيغل) إنها‬
‫بتعبير رينو شرط سياسي‪ *.‬ب**ل إن االع**تراف به**ا هي نفس**ها يع**د ش**رطاً‬
‫سياسياً‪ *.‬لكن ذلك يحصل في سياق تدبير سياسي* يهم الهوية الجمعي**ة‬
‫من خالل كي**ان الدول**ة‪ .‬وإذا ك**ان التص**ور الهيغلي محكوم**اً بفهم ح**ركي‬
‫أنطول**وجي للعالق**ة بين األن**ا والك**ل‪ ،‬بين األف**راد والدول**ة‪ .‬ف**إن الت**دبير‬
‫األخالقي ــ السياس**ي* له**ذه الهوي**ة البينذاتي**ة يج**د مب**دأ في الوج**ود‬
‫األمبريقي المعاش‪ ،‬دون أي تعال أنطولوجي‪ .‬وهو لذلك يراعى االنفع**االت‬
‫والمش***اعر‪ .‬فك***ان أن حص***ل اعتم***اد تل***ك األتيق***ا السياس***ية على‬
‫السيكولوجية في بلورة تشخيص األم**راض االجتماعي**ة‪ ،‬وفي مض**مون م**ا‬
‫تدعو إليه من عدل متقوم باالعتراف ومناهض لدواعي االنج**راح األخالقي‪.‬‬
‫وهكذا فإن كيان مؤسساتي كلي‪ ،‬الدولة أو الفضاء العم**ومي المؤس**س‪،‬‬
‫يعد شرطاً لت*دبير عقالني للمش*ترك العم*ومي‪ ،‬وس*واء تحكم به*ذا الك*ل‬
‫باعتباره ذا مض**مون أنطول**وجي أو أخالقي‪ ،‬ف**إن ه**ا هن**ا وح**دة سياس**ية‬
‫صّن مجال التق**اء الهوي**ات من االص**طدام‪ ،‬بم**ا يش**دد‬
‫يلزم قيامها حتى تح ِ‬
‫على أولوية السياسي والوحدة التي ينش**ئها‪ ،‬وح**دة تتع**الى لزوم*اً على‬
‫التن**وع الثق**افي بمض**امينه* المتنوع**ة بم**ا فيه**ا ال**ديني‪ ..‬وحيث أن ه**ذا‬
‫الشكل من التدبير‪ ،‬هو تدبير* اللتق**اء الهوي**ات الفردي**ة بحموالته**ا الثقافي**ة‬
‫المتنوعة‪ ،‬ف**إن ذل**ك يف**ترض ت**دبيراً* من ذات الف**رد لذات**ه‪ ،‬ذل**ك أن الفض**اء‬
‫العمومي الذي يسعى ليكون فضا ًء للذات المواطن**ة‪ *،‬مع**ني بعقالني**ة تهم‬
‫الف**رد أوالً‪ ،‬فيك**ون الت**دبير على مس**توى ال**ذات الش**رط العمي**ق للت**دبير‬
‫األوسع الذي يحققه الفضاء المشترك وينجزه‪*.‬‬

‫ب‪ -‬تدبير التعدد في الهوية الشخصية‪:‬‬

‫ومتى ما أصبحت الهوية الشخصية موضوعاً سياسياً‪ *،‬فهي أذن تستدعي‬


‫ت**دبيراً* عقالني *اً مؤسس *اً‪ ،‬يباش**ر الش**أن الشخص**ي كم**ا يباش**ر الش**أن‬
‫العم***ومي‪ ،‬وألن مث***ل ه***ذا الن***وع من الت***دبير يخص أساس***اً* األخالق‬
‫السياسية ويستند إليها‪ ،‬فإن أهم ره**ان يتعين كس**ببه ه**و الس**عي إلى‬
‫تجنيب عالقة الذات ب**ذاتها من مش**كالت االنج**راح األخالقي الناش**ئ من‬
‫نكرانها أو عدم االعتراف بها‪ .‬وألجل ذلك فنج**اح ك**ل ت**دبير عقالني لل**ذات‬
‫رهين على الدوام بمدى التقدم الذي يحرزه جه**د اإلعالء المن**وط بالهوي**ة‬
‫الشخص**ية‪ *.‬فال ت**دبير* عقالني من دون اع**تراف ص**ريح بالقيم**ة الفردي**ة‬
‫لإلنسان‪ ،‬ذاك الذي يجنبه سوء كل تحقير مهما كان واقع انتمائه الثق**افي‬
‫ومض**************************امينه‪ ،‬ومنه**************************ا الديني**************************ة‪*.‬‬
‫والتعدد المعني هنا في مستوى الذات الفردية‪ ،‬إنم *ا* يتمث**ل في الهوي**ات‬
‫المتغايرة التي من شأنها أن تتعاقب أو تتزامن بالنسبة للفرد الواحد بحكم‬
‫مسؤولياته وأدواره* في المجتم**ع المعق**د التك**وين‪ .‬وهي هوي**ات مفروض**ة‬
‫القسر الناش**ئ من التنش**ئة‬
‫ْ‬ ‫القسر الذي تمارسه عن‬
‫ْ‬ ‫فرضاً… وال يختلف‬
‫االجتماعية‪ ..‬والفرد الذي يحوز مثل هذه الهويات وفق مقتضيات موقع**ه أو‬
‫الدور الذي يؤديه في المجتمع‪ ،‬يس**عى إلى تحص**يل االع**تراف بحق**ه في‬
‫أن يعيش على النحو المالئم مع ما يريد أن يكون**ه‪ ،‬وب**القيم ال**تي تش**كل‬
‫مرجعيت*********************************************************************************************ه(‪.)26‬‬
‫وكما يسعى الفرد على الدوام إلى توحيد األوجه المختلفة لهويته الذاتي**ة‬
‫من خالل تفاعل يسير مع هوية عقدية عميقة‪ ،‬يسعى ك**ذلك ألن تع**ترف‬
‫له المؤسسات التي يعمل فيها بأن تس**مح ل**ه ب**العيش على نح**و مالئم‬
‫مع ما يريد أن يكون عليه من خصوص**يات ح**تى ل**و تطلب ذل**ك ش**كال ً من‬
‫أش***********************كال المقاوم***********************ة أو المفاوض***********************ة‪.‬‬
‫هن**اك إذ تفاع**ل بين الهوي**ة األص**لية والمؤسس**ة‪ ،‬تفاع**ل يتخ**ذ ش**كل‬
‫مفاوضة يحاول عبرها األفراد التعبير عن حقهم في مالءمة تطبيق القواعد‬
‫التي تفرض عليهم نمط*اً خاص*اً من القيم أو أش**كال* التعام**ل أو الس**لوك‪،‬‬
‫مع ما يتطلبه انتماؤهم إلى هوية خاصة‪ ،‬من قبيل الحرص على ممارس**ة‬
‫الشعائر الدينية* والطقوس‪ ،‬من غير أن يؤثر ذل**ك س**لباً على طبيع**ة ال**دور‬
‫الذي يجب علي**ه االنته**اض ب**ه كع**املين منتجين داخ**ل مؤسس**ة تف**رض‬
‫نمطاً للهوية خاص*اً‪ .‬وض**ع من ه**ذا القبي**ل يش**ي بح**ال* سياس**ية تح**اول*‬
‫تجنيب الف*رد ألم العج*ز عن ت*دبير تع*دد الهوي*ة الشخص*ية غ*ير اس*تجابة‬
‫سياسية* لمطلب االعتراف… فأين يق**وم إذن مرك**ز ه**ذا المطلب‪..‬؟ وكي**ف‬
‫يتأتى ترسيخ إتيقا سياسية* لالع*تراف اس*تناداً إلى تش*كل واض*ح لت*دبير‬
‫عقالني(‪.)27‬‬
‫‪ -7‬في االعتراف وسياسة الهوية‪:‬‬

‫يألم اإلنسان حين يصيبه غبن يخدش تمثله* لهويته الخاصة‪ ،‬فتتول**د عن**ده‬
‫حاجة إلى التعويض‪ ،‬أي إلى مسعى لالعتراف ينهض عندما تص**اب ال**ذات‬
‫ب**انجراح يتص**ل بانتمائه *ا* الحتمي إلى هوي**ة خاص**ة أو جماع**ة أو اعتق**اد‪.‬‬
‫وألن مسعى االعتراف هذا ال يمكن إال أن يكون سياسياً‪ ،‬أعني تعبيراً عن‬
‫حق في فضاء مشترك متعدد‪ *..‬ف**إن األم**ر يس**تدعي إذن النظ**ر في وج**ه‬
‫االرتباط بين الهوية والسياس**ة‪ ،‬من خالل اف*تراض تمفص**لهما ض*من إتيق*ا‬
‫خاصة باالعتراف‪ ..‬والفلسفة االجتماعية المعاصرة قام حوارها العميق في‬
‫القرون األخ**يرة على بي**ان ح**دود الوص**ل والفص**ل بين الهوي**ة والسياس**ة‬
‫استناداً* إلى مقص ٍد راسخ مفاده أنه كيف يتأتى ألخالق سياسية أن توجه‬
‫السجال القائم في المجال السياس**ي بين مطلب االع**تراف وبين دواعي‬
‫التوح*********د في إط*********ار ج*********امع الجتم*********اع سياس*********ي(‪.)28‬‬
‫‪ -5‬الهوي******************ة واألخالق السياس******************ية لالع******************تراف‪:‬‬
‫إن م**ا يض**ع مطلب االع**تراف والص**راع الن**اجم عن**ه ض**من س**ياق م**ا ه**و‬
‫أخالقي وسياس**ي‪ ،‬ه**و أن نكران**ه يع**ايش كض**رب من الظلم‪ ،‬ويمكن أن‬
‫تتح***ول* مقاومت***ه إلى حال***ة تم***رد‪ *.‬وألج***ل ذل***ك م***ا ف***تئ األس***اس‬
‫األنتروبولوجي للسياسية* يقيم عالقة سياسية* بكل هوية خاصة‪ ،‬بمع**نى‬
‫أنه كان يرفض النظر إلى الذوات من جهة أنه**ا مختزل**ة إلى هوي**ة مح**ددة‬
‫اجتماعياً‪ ،‬بنحو قبلي… ومعنى هذا أن مثل ه**ذه العالق**ة السياس**ية* م**ع‬
‫الذات أو الهوية الذاتية* تفرض تح**وال ً يش**مل مفه**وم السياس**ة نفس**ه‪ ،‬إذ‬
‫ص**ار ينظ**ر إليه**ا بم**دلول أن**تروبولوجي‪ ،‬ول**ذلك أص**بحت* تح**دد كمطلب‬
‫اعتراف‪ ،‬أو كمطلب موج**ه إلى المؤسس**ات كيم**ا تس**مح للف**رد ب**العيش‬
‫متوافقاً مع م**ا يص**نع قيم**ة وج**وده… وال يع**د مطلب االع**تراف ه**ذا ال**ذي‬
‫يشكل األساس األخالقي لكل أنتروبولوجية سياسية‪ *،‬أو مطلب المواطن**ة‬
‫الحقة التي يكون فيها اإلنسان محمال ً بهوياته المختلفة‪ ،‬س**وى واح**د من‬
‫المظ**اهر األساس**ية* للسياس**ة م**ا دام أن الج**زء األك**بر من تمث**ل قيم**ة‬
‫الهويات وكذا توحيد األوجه المختلفة للهوية الشخصية‪ ،‬إنما يحص**ل ض**من‬
‫م****************ا يس****************مى ب****************االعتراف السياس****************ي‪.‬‬
‫لق**د ب**ات ينظ**ر إلى أوالي**ة االع**تراف‪ ،‬في س**ياق التأكي**د على األهمي**ة‬
‫الكبرى لألخالق التي تقوم عليها‪ ،‬والتي تكشف عن كون العالق**ة بال**ذات‬
‫المشروطة بوجود اآلخر المتوس**ط محكوم**ة بش**روط سياس**ية‪ .‬ذل**ك ف**إن‬
‫تحديد الهوية الشخصية وحدود تمايزها‪ ،‬هو فعل سياس**ي‪ ،‬هن**ا ن**وع من‬
‫العالقة اإليجابية* مع الذات تغدو معها السياسة* نوعاً من العالق**ة بالهوي**ة‪،‬‬
‫ذل****ك أن (النحن) و(الهم) م****دينان في تحدي****دهما وبي****ان ح****دودهما‬
‫م مسعى إشباع رغبت**ه‬
‫للسياسة‪ .‬وإذا ما ارتسم مطلب االعتراف‪ ،‬ومن ث َّ‬
‫األنتروبولوجي**ة ف**ذلك باالس**تناد* إلى ال**ذات الفردي**ة واالجتماعي**ة ض**من‬
‫وجوده**ا الثق**افي‪ ،‬على أس**اس أن مطلب االع**تراف من حيث إن*ه* مطلب‬
‫سياسي‪ ،‬يفرض قيام فضاء عمومي مشترك يتحقق فيه‪ ،‬وينج**ز مفاعيل**ه‬
‫فيم****************ا يحص****************ن ال****************ذات أو الجماع****************ة(‪.)29‬‬
‫والواقع أن العالقة المعنية ‪ ،‬بين الهوية والسياسي‪ ،‬تتوزع إلى مس**تويات‬
‫ثالث*********************ة ــ حس*********************ب رين*********************و‪.‬‬
‫– إن االعتراف بالهوية الشخصية أو مطلب االعتراف هو ما يفسر المقاومة‬
‫والتمرد وتعبيراتهم**ا السياس**ية‪ ،‬مم**ا يحي**ل حركت*ه إلى ص**راع اجتم*اعي‬
‫متعل**ق بمس**ارات* الته**وي الف**ردي في المجتم**ع* الح**ديث حيث تتن**ازع‬
‫الش*****خص أدوار* ومواق*****ع تض*****في وض*****عاً تع*****ددياً* على الهوي*****ة‪.‬‬
‫إن السياس***ة (بم***ا هي تفك***ير فيم***ا يتعين على المجتم***ع* أن يكون***ه‬
‫المجتم**ع)* هي وجه**ة النظ**ر الكوني**ة الس**انحة للف**رد‪ ،‬ب**أن يح**وز عالق**ة‬
‫بهوياته‪ ،‬مثلما يتعلق بمعطى هو قيد التنس**يب والتوحي**د (االنتس**اب إلى‬
‫فض************************************************اء موح************************************************د)‪.‬‬
‫أعني هي وعي العالق**ة باألوج**ه المختلف**ة للهوي*ة‪ ،‬وبت*دبير* توحي**دها‪ .‬إذ‬
‫متى ما كانت السياسة من صميم الوجود المجتمعي إلى حد يتعذر مع**ه‬
‫الحديث عن المجتمع* في غيبة السياسة‪ ،‬فإنها تتحقق ــ فردياً ــ كعالق**ة‬
‫للفرد مع هوياته بما هي عالقة تقتضي ش**كال ً من الت**دبير القيمين ال**ذي‬
‫يحفظ وحدة الهوية الشخصية ضمن تعددها‪ ،‬ويخفض ح**دة التناقض**ات م**ع‬
‫واق**ع مجتمعي ق**د ال يك**ون راض**ياً دوم**اً عن مس**ارات الته**وي الف**ردي‪.‬‬
‫يستند مثل هذا التوحيد إلى مؤسسات وهوي**ات‪ ،‬ليس ه**و نفي*اً للهوي**ات‬
‫بم*ا هي هوي*ات مفروض*ة‪ ،‬ب**ل ت*دبير يق**وم على إمكان**ات التغ*ير المتاح*ة‬
‫للهوية الشخصية وعلى فهم نسبي للعالقة م*ع الهوي*ات‪ ،‬وت*دبير تعاقبه*ا‬
‫على الذات الفردية والتوفيق بينه**ا والعم**ل على ح**ل الص**راع الن**اجم عن‬
‫إمك**********************************************ان تص**********************************************ادمها‪*.‬‬
‫هك**ذا ت**برز ه**ذه األوج**ه الثالث**ة نوعي**ة التع**الق بين السياس**ة والوج**ود‬
‫األنتروبولوجي للذوات‪ ،‬مظهرة عواصة* الفصل بينهما ضمن م**ا ه**و عملي‪.‬‬
‫إذا يتبين أنه أن مرتكز السياسة في األنتروبولوجيا هو الحديث عن الهوي**ة‬
‫الذاتية (فردية وجماعي**ة)‪ ،‬ومرتك**ز األنتروبولوجي**ا في السياس**ة من حيث‬
‫هي التعب**ير العل**ني عن ض**رورة االع**تراف بالهوي**ات واالع**تراض على ك**ل‬
‫نك********************************************ران له********************************************ا أو نفي‪.‬‬
‫وبذلك تصبح السياس*ة* تجس**يد ُا* للك**وني المتع**الي عن الهوي**ات الخاص**ة‬
‫بعرق أو عشيرة أو جماعة دينية إلخ… لكنها ال تنفك تج**د رس**وخها ض**من‬
‫ما يتعلق بالهوية الخاصة‪ ،‬وتتماهى* معها بحيث تصير في األعم تعبيراً عن‬
‫حقه**ا في الوج**ود وعن حقه**ا في المعارض**ة والتم**رد‪ ،‬وتش**ريعاً لمطلبه**ا‬
‫ب*******************************************************************************************االعتراف(‪.)30‬‬
‫وبذا يتبدى‪ ،‬في السياسة‪ ،‬مطلب االعتراف على أساس كوني**ة اإلنس**ان‬
‫ويص**بح معه**ا التن**وع ال**ذي تمثل**ه‬
‫ال على أساس دعوات االنتماء الضيق‪ُ ..‬‬
‫هوي**ة معين**ة تكوين *اً ثقافي *اً في مج**رى الوج**ود اإلنس**اني* بعام**ة‪ ،‬ويتعين‬
‫احترام************************ه على ه************************ذا األس************************اس‪.‬‬
‫وبالتالي فال محيد بخصوص توحيد الهويات المتعددة من العودة إلى الوضع‬
‫الكوني ــ كما سوف يأتي* ــ ال**ذي تع**بر عن**ه الهوي**ات المتع**ددة وتنط**وي‬
‫علي**********************************************************************************************************ه‪.‬‬
‫إن محاولة توحيد الهويات في سياق انتماء على أساس كوني هو عملي**ة‬
‫يدمج عبرها الف**رد األدوار المختلف**ة الخاص*ة* ب**ه م*ع حرص**ه على تحص**يل‬
‫االعتراف بما يحدد هويته أو بما يكونه بمع**زل عن تل**ك األدوار… إن**ه تمث**ل‬
‫سياسي* للذات على تع**ددها‪ ،‬وتع**دد انتماءاته**ا‪ .‬وألش**كال الته**وي ال**تي‬
‫تعبر بها عن ذاتها‪ .‬ومثل هذا التمثل يحصل ضمن إتيقا االعتراف كما تبلرت‬
‫في الفكر المعاصر‪ ،‬والتي تقترح تمفص *ال ً خصوص *اً بين الهوي**ة والسياس**ة‬
‫يتخطى المف***اهيم القديم***ة للنق***اش ال***ذي ق***ام بين أص***حاب النزع***ة‬
‫الجمهوري*********************ة* والنزع*********************ة اإلجرائي*********************ة(‪.)31‬‬
‫وإذا كان يتعين معالجة االقتران القائم بين الهوي**ة والسياس**ة ض**من واق**ع‬
‫سياس**ي* يعلي من ش**أن الش**رط الف**ردي لك**ل أش**كال الته**وي‪ ،‬ع**بر‬
‫االع**تراف ب**ه كح**ق وكقيم**ة وكواق**ع‪ ،‬ف**إن سياس**ات* االع**تراف ال تتحق**ق‬
‫بتمامه**ا إال ض**من مح**دد أن**تروبولوجي‪ ،‬وليس فق**ط أخالقي أو ق**انوني‪*.‬‬
‫وبذلك فمتى ما لزم التحيز للع**الم المعيش حيث مش**اعر العالق**ة بال**ذات‬
‫تقتض**ي حاج**ة ثقافي**ة لالع**تراف متعلق**ة بواق**ع اجتم**اعي أن**تروبولوجي‪،‬‬
‫ومتى ما ك**ان ال**دين مكون*اً هوياتي*اً* ل**ذوات فردي**ة وجماعي**ة ف**إن األخالق‬
‫السياس**ية تص**بح آلي**ة مركزي**ة ض**رورية وهي لن يك**ون ممكن*اً قيامه**ا إال‬
‫بوجود فضاء عمومي مشترك‪ ،‬يرتكز إلى قيمة معيارية موجهة‪ .‬كيف يتأتى‬
‫لنا تصويره‪ ،‬ويكف يمكن التأسيس للقيمة التي توجه**ه واس**تناداً إلى أي**ة‬
‫مع*******************************************************************************************************ايير؟‬
‫‪ -7‬من الفض***********اء العم***********ومي إلى الفض***********اء المش***********ترك‪:‬‬
‫لم يكن لفكرة الفضاء العمومي أن تشكل الحل النهائي لمعضلة المواطن**ة‬
‫في المجتمع* الحديث بمج**رد اف**تراض معياري**ة إتيقي**ة تك**ون ولي**دة نق**اش‬
‫عمومي‪ ،‬يتم على أساس**ها* ض**مان الحق**وق األساس**ية* للف**رد في كي**ان‬
‫الدولة‪ .‬فقد اتضح أن العقالنية التواصيلة…* غير ملزمة لمن ي**رفض بم**وجب‬
‫الح**ق في الفع***ل والتعب**ير‪ ،‬القب**ول بالقواع***د المعياري***ة للديموقراطي***ة*‬
‫العتب**************ارات ثقافي**************ة أو حس**************ابات* سياس**************ية‪*.‬‬
‫وك**ان ال ب**د من تط**وير اجته**اد موس**ع في إط**ار الفلس**فة االجتماعي**ة‬
‫المعاص**رة‪ ،‬يفض**ي إلى فهم أك**ثر جذري**ة للفض**اء العم**ومي يحق**ق ش**رط‬
‫االعتراف ضمن واقع متعدد مصون بآليات تدبير سياسية ــ أخالقي**ة ت**راهن‬
‫على قيم إنس**انية موح**دة‪ .‬ويك**ون من ش**أن ه**ذا الفض**اء أن يق**ارن نوع*اً‬
‫مخصوصاً من المواطنة* تش**ترط وج**وده ويش**رطها…* وهي مواطن**ة التع**دد‬
‫الثق**افي… ومن ثم**ة القب**ول بواق**ع سياس *ي* مؤس**س ال ينب**ذ االختالف‬
‫ال*****************ديني‪ ..‬ب*****************ل يس*****************توعبه ويحمي*****************ه‪*.‬‬
‫ولقد شكل مثل هذا المقترح ال**والدة الفعلي*ة ــ في األس*اس ــ لمفه**وم‬
‫الفضاء العم**ومي التواص**لي…* ال**ذي يس**تند إلى قاع**دة كوني*ة* تجع**ل من‬
‫حقوق اإلنسان والمواطن‪ ،‬مبدءاً أساسياً* للحق**وق الوض**عية‪ *.‬وهي قاع**دة‬
‫تتصل اتصاال ً وثيقاً بحال**ة ح**وار عقالني خ**ال من أي إك**راه لتحدي**د طبيع**ة‬
‫الخ*******ير الع*******ام المش*******ترك والمب*******ادئ ال*******تي تكلف*******ه(‪.)32‬‬
‫يف**ترض ــ اس**تناداً* إلى ه**ذه الرؤي**ة ــ الفض**اء العم**ومي قي**ام عقالني**ة‬
‫تواصلية* إذاً مبدؤها الحوار‪ ،‬بيد أن األفق القاضي بل**زوم االع**تراف بالكرام**ة‬
‫اإلنسانية‪ ،‬يس**تتبع* القب**ول بقواع**د التواص**ل الكلي‪ ،‬أع**ني قواع**د اللعب**ة‬
‫الديموقراطية‪ ،‬وتقدمها على مشاعر االنتماء الجزئي‪ ،‬هذا فضال ً عن تقري**ر‬
‫نسبية الخير العام‪ .‬إذ لما كان من شأن انتماء جزئي أن يح**دد الخ**ير بأن**ه‬
‫مطلق‪ ،‬وبمضمون ق**ار‪ ،‬ف**إن ه**ذا م**ا ال يحتمل*ه* الفض**اء الت**داولي الموح**د‬
‫سياس**ياً (أع**ني الدول**ة)‪ ،‬ال**ذي تلتقي في**ه ش**رائح من مش**ارب ثقافي**ة‬
‫متغايرة‪ .‬وما يك**ون خ**يراً لل**ذات (فردي**ة ك**انت أو جماعي**ة) ال يك**ون ك**ذلك‬
‫للغير‪ *..‬فتغدو الحاجة ماسة إلى مفاوضة ومشاورة ومناقش**ة ديموقراطي**ة‬
‫لتحديد* هذا الخير‪ ،‬الذي يغلب عليه أساساً المضمون السياسي‪ *،‬بمع*نى‬
‫أنه ال يعود مطلوباً فيه سوى تدبير الحاجات األساسية للحياة في المدينة‬
‫ــ الدول**ة‪ ،‬بعي**داً عن ن**وع النظ**ر الفك**ري أو األخالقي إلى الحي**اة عينه**ا‬
‫والع***********الم‪ ،‬من ل***********دن ه***********ذه الجماع***********ة أو تل***********ك‪.‬‬
‫وبهذا المعنى تستدعي المواطنة* اتفاقاً يقوم على قواعد التداول والح**وار‪.‬‬
‫إال أن مثل هذا المخرج ال يخل**و من تح**ديات‪ *،‬تع**ترض في طبيعته**ا ج**وهر‬
‫الفضاء العمومي نفسه‪ ،‬إذ من الممكن اف**تراض أن الن**اس جمعيهم ق**د ال‬
‫يقبلون النقاش‪ ،‬وتنشأ صعوبة أخرى تتمثل في سوقهم إلى ما ال يرغبون‬
‫فيه‪ ،‬أو يعتبرونه مجرد خدعة‪ ،‬كما هو حال بعض الجماع**ات الديني**ة ال**تي‬
‫يمكنها رفض اللعبة الديموقراطي**ة‪ ،‬واالنخ**راط* في نق**اش ع**ام يق**وم على‬
‫أساس**ها‪ ،‬احترام**اً لخصوص**يتهم الديني**ة والس**تقاللهم‪ .‬ثم إذا اس**تلزم‬
‫الفضاء العمومي ضرورة قيام اتفاق قبلي حول تصورات معقولة‪ ،‬ف**إن بعض‬
‫الناس ال يوافقون على معقولية م**ا تم الحكم بمعقوليت**ه‪ ،‬من قبي**ل وج**ود‬
‫أشخاص أو جماعات تكون المساواة عندها أمراً معقوالً‪ ،‬بينما* ي**رفض ذل**ك‬
‫آخ************************************************************************************************رون(‪.)33‬‬
‫وأمام هذين التحدين أو لنقل أمام ص**عوبة قي**ام اتفاق**ات معقول**ة تفترض**ها‬
‫العقالنية التواصلية‪ ،‬لزم االقرار بـ “أن ال مكان لوجود قواعد سانحة* باتف**اق‬
‫معق************ول في ك************ل حين وفي ك************ل األح************وال”(‪.)34‬‬
‫إذ تنش**أ إكراه**ات سياس**ية مجانب**ة ق**د تس**تدعي الس**ير في االتج**اه‬
‫المع**اكس تمام *اً للمعقولي**ة‪ ،‬أو لق**وة الحج**ة العمومي**ة‪ ،‬وتبع *اً ل**ذلك يتم‬
‫اللج**وء كم**ا ه**و األغلب في األعم**ال السياس**ية إلى الك**ذب والمك**ر‪ ،‬وال‬
‫يكون هناك أي تقيد عقالني بالصيغة اإلتيقية والقانونية* للفضاء العم**ومي‪.‬‬
‫إن ذلك هو ما أسهم فعال ً في تبلور فكرة المجال المشترك الذي يعد فضا ًء‬
‫عمومياً لكن بمقتضيات مغ**ايرة‪ .‬إن *ه* الفض**اء المرتك**ز على قاع**دة مواطن**ة‬
‫التعدد الثق**افي‪ .‬ولق**د س**جل األم**ر لتح**ول مح**وري في ش**كل الليبرالي**ة‬
‫نفسها التي لم يعد يعنيها جداً الطابع الفردي للذوات‪ ،‬بل انص**بت عنايته**ا‬
‫على الثقافة التي يف**ترض جمعه**ا وتوحي**دها ألف**راد جماع**ة مع**ترف به**ا‪،‬‬
‫وال**تي يتمت**ع فيه**ا ه**ؤالء بحق**وقهم على أس**اس عض**ويتهم في ه**ذه‬
‫الجماعة‪ .‬يتعلق األمر إذن بتحقيق حرية الفرد داخل ثقافات حرة‪ ،‬حتى إذا‬
‫م ال**رد إلى الهوي**ة الكينوني *ة*‬
‫لزم األمر إجراء رد صوري إلى مرج**ع أعلى‪ ،‬ت َّ‬
‫لإلنس*********************************************ان نفس*********************************************ه‪.‬‬
‫وبالفع*ل ف**إذا ك*ان الش**خص يمل**ك الح**ق في االع*تراف المتس*اوي على‬
‫قاعدة هويته اإلنس**انية وليس على أس**اس هوي**ة إثني**ة أو ديني**ة‪ ،‬ف**ذلك‬
‫العتبار رئيس يقض*ي ب*أن ه*ذه هي هويت*ه األولى واألك*ثر تج*ذراً* من أي*ة‬
‫هوي********************************************ة خاص********************************************ة(‪.)35‬‬
‫ونتيجة له*ذه األولوي*ة‪ ،‬ف*إن معطى اإلنس*انية* في األش*خاص والجماع*ات‬
‫تقل**ل من مس**اعي اإلعالء من أش**كال* الته**وي األخ**رى الخاص**ة لص**الح‬
‫مواطن**ة* متع**ددة الثقاف**ات‪ .‬ف**الواقع البش**ري واق**ع انقس**امات ثقافي**ة‬
‫وإيديولوجي**ة‪ ،‬تلتقي في النهاي**ة بش**كل أص**يل عن**د المش**ترك الك**وني‬
‫للطبيعة اإلنسانية‪ ،‬الذي يعبر عنه تحت التنوع الكب**ير لألش**كال الثقافي**ة(‬
‫‪.)36‬‬
‫ومن شأن المرجعية اإلنسانية في النظر إلى الثقافات أن تؤس**س لمعي**ار‬
‫مفاضلة بينها يقوم على تقدير القرب أو البع**د عن ه**ذا الواق**ع‪ ،‬وم**تى م**ا‬
‫اس**تندت* السياس**ة إلى معطى الكرام**ة حين س**عيها إلرس**اء مواطن**ة‬
‫التعدد‪ ،‬فإنها تقوم الثقافات الخاصة* نقدياً بحسب الكيفية ال**تي تق**دم به**ا‬
‫تعب**يراً متعين**اً متم**يزاً للق**درات والقيم الكوني**ة الخاص**ة باإلنس**ان(‪.)37‬‬
‫بمعنى الوقوف على مقدار تقديرها لإلنسان ولإلنساني المشترك‪ ،‬وذل**ك‬
‫تأسيساً على كونه ذاتاً تستحق االع**تراف بكرامته**ا وبرش**دها* وباقت**دارها‬
‫على تحم********************ل* المس********************ؤولية إزاء وجوده********************ا‪.‬‬
‫والحاصل أن تقديم االعتبار اإلنساني* ال يكون أبدأ* على حس**اب التعب**يرات‬
‫الثقافية كما هي معيشة في الممارسة* الدينية واالجتماعية‪ ،‬ألن الثقاف**ة‬
‫الواجب تحققه**ا في م**واطن‪ ،‬ب**ل في دول**ة‪ ،‬هي اح**ترام التن**وع الثق**افي‬
‫للمواط****************************************نين والجماع****************************************ات‪*.‬‬
‫كتب روكفل**ر‪“ :‬إن ه**دف ثقاف**ة الدول**ة المتع**ددة الثقاف**ات‪ ،‬ه**و اح**ترام‬
‫الهويات اإلثنية وتشجيع التقاليد المختلف**ة على التط**وير الكام**ل لق**درتها‪،‬‬
‫قصد التعبير عن المثل األساسية* للحرية والمساواة‪ ،‬وعن االحترام األكي**د‬
‫لكرام*****************************************ة اإلنس*****************************************ان”(‪.)38‬‬
‫وهك**ذا وبق**در م**ا يق**دم ه**ذا الح**ل البع**د اإلنس**اني* على ك**ل ش**كل من‬
‫أشكال االنتماء الخاص‪ ،‬من قبيل االنتماء ال**ديني والع**رقي واإلث**ني‪ ،‬فإن**ه‬
‫يرس *ي* ب**ذلك الفض**اء السياس**ي المش**ترك ال**ذي ال يتع**ارض م**ع واق**ع‬
‫الهوي**ات الخاص**ة‪ ،‬بتش**ديده على ن**وع مخص**وص من المواطن*ة* ين**أى عن‬
‫الش***كالنية القانوني***ة‪ ،‬والغم***وض األخالقي‪ ،‬ويعطي لالع***تراف بال***ذوات‬
‫والجماعات مضموناً واقعياً‪ ،‬ويجنبها كل أصناف التحقير والنكران‪ ،‬تلك ال**تي‬
‫تجلب اإلحس**********************اس بالمهان**********************ة وال**********************ذل‪.‬‬
‫ذلك هو مضمون األخالق السياسية* لالعتراف بالهوية بمختلف* مض**امينها‪،‬‬
‫فإن كل مس باالعتقاد ممارسة وشعيرة من شأنه* أن يكون شكال ً متقدماً‬
‫من أشكال* الظلم االجتماعي الذي ينتقض من المفه**وم الموس**ع للع**دل‪،‬‬
‫ومن ح******ق البش******ر في الش******عور بالكرام******ة والعيش وفقه******ا(‪.)39‬‬
‫فهل يمكن إعادة التأصيل لمواطنة في مجتمع سياسي* موحد تحفظ في**ه‬
‫الهويات وتعبر فيه عن نفسها وتجد في**ه حمايته**ا من أي نك**ران أو نفي أو‬
‫تحقير استناداً* إلى أخالق سياس**ية تق**وم على اح**ترام* الكرام**ة البش**رية‬

‫وعلى أولية التعارف أو االعتراف‪ .‬استناداً* إلى قوله تعالى‪ ” :‬يَا أَيُّ َه**ا ال َّن ُ‬
‫اس‬
‫ن أَ ْك* َر َمك ْ‬
‫ُم‬ ‫ش * ُعو ًبا َو َقبَائِ * َ‬
‫ل لِ َت َع**ا َرفُوا ۚ إِ َّ‬ ‫ج َع ْل َناك ْ‬
‫ُم ُ‬ ‫ن َذ َك ٍر َو ُأ ْنث ٰ‬
‫َى َو َ‬ ‫خلَ ْق َناك ْ‬
‫ُم ِم ْ‬ ‫إِنَّا َ‬
‫‪.‬‬ ‫*******ير” ( الحج*******رات‪****)13 ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫خ ِب‬
‫م َ‬‫ن اللَّ َه َعلِي ٌ‬ ‫ه أَ ْتقَ*******اك ْ‬
‫ُم ۚ إِ َّ‬ ‫ع ْن******* َد اللَّ ِ‬
‫ِ‬
‫ن الطَّ ِي ّبَ*ا ِ‬
‫ت‬ ‫م ِم َ‬
‫*اه ْ‬ ‫*رّ َوا ْلبَ ْ‬
‫ح* ِر َو َر َز ْق َن ُ‬ ‫م فِي ا ْلبَ ِ‬ ‫م ْل َن ُ‬
‫*اه ْ‬ ‫ح َ‬
‫م َو َ‬‫” َولَق َْد َك َّر ْم َن*ا بَنِي آ َد َ‬
‫ضياًل ” (اإلسراء ‪. )70 ،‬‬
‫خلَ ْق َنا تَ ْف ِ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ير ِم َّ‬ ‫م َعلَ ٰ‬
‫ى َك ِث ٍ‬ ‫ض ْل َن ُ‬
‫اه ْ‬ ‫َو َف َّ‬
‫ه*****************************************************************************************************************************************وامش‬
‫‪ -1‬دومينيك* شنابر‪ ،‬كريستيان باشولييه‪ ،‬ما المواطن**ة؟* ط‪ ،‬الق**اهرة‪ :‬المرك**ز الق**ومي للترجم**ة‪،‬‬
‫‪2016‬م‪ ،‬الفص********************************************************ل الخ*******************************************************امس‪.‬‬
‫‪Bernard Lewis, islam and Liberal Democracy: A Historical Overview, journal of *-2‬‬
‫‪democracy,‬‬ ‫‪7,2,1996,‬‬ ‫‪pp,52-63‬‬
‫‪ -3‬سمير أمين‪“ ،‬منهج تحليل أزمة الديمقراطي *ة* في ال**وطن الع**ربي”‪ ،‬في‪ :‬أزم**ة الديمقراطي**ة‬
‫في الوطن العربي‪ ،‬تحرير سعد الدين إبراهيم‪ ،‬بيروت‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ .1984 ،‬ص‬
‫‪.33-31‬‬
‫‪Mohammed Arkoun, Religion and against the Democracy, A theoretical Approach, *-4‬‬
‫‪A paper presented of the conference on the Religion and Democracy organized by‬‬
‫‪the partiomentary Assembly of the council of Europe, 27 November 1998‬‬
‫‪ -5‬يراجع حول مفهوم المواطن في الفكر السياسي التقلي**دي وطبع**ة الحكم‪ :‬امحم**د ج**برون‪،‬‬
‫مفهوم الدولة اإلس**المية‪ ،‬ط‪ ،1‬ب**يروت‪ :‬المرك**ز الع**ربي لألبح**اث ودراس**ة السياس**ات‪2014 ،‬م‪.‬‬
‫الفص**********************************************************الن األول والث*********************************************************اني‪*.‬‬
‫‪ - 6‬راجع‪ :‬طارق البشري ورضوان السيد‪“ ،‬مبدأ المواطنة”‪ .‬ضمن‪ :‬الحوار القومي ال**ديني‪ ،‬أوراق‬
‫عمل ومناقشات* الندوة الفكري**ة ال**تي نظمه**ا مرك**ز دراس**ات الوح**دة العربي**ة‪ ،‬ب**يروت‪ :‬المرك**ز‪،‬‬
‫‪1989‬م‪ .‬ص‪ .140-139‬و‪.156‬‬
‫‪ -7‬لقد وجد عالل الفاسي مرادفاً* في اإلسالم لمفردة ال**وطن‪ ،‬وهي المكل**ف‪ ،‬فالمواطن**ة هي‬
‫التكليف‪ ،‬والمراد بالمكلف المسلم الفرد المدعو للقيام بواجباته نحو هللا والمجتمع‪ ،‬ونحو نفسه‬
‫ونحو اإلنسانية‪“ ،‬فالتكليف في العرف اإلسالمي يقوم مقام المواطنة في العرف ال**ديمقراطي”‬
‫يالحظ‪ :‬مقاص**د الش**ريعة اإلس**المية‪ ،‬ال**دار البيض**اء‪ :‬مكتب**ة الوح**دة العربي**ة‪1963 ،‬م ‪ .‬ص‪.221‬‬
‫ويقارن‪ :‬محمد المبارك‪ ،‬نظام اإلسالم‪ ،‬الحكم والدولة‪ ،‬ط‪ ،4‬ب**يروت‪ :‬دار الفك**ر‪1981 ،‬م‪ .‬ص‪.100‬‬
‫والقرضاوي‪ ،‬من فقه الدولة* في اإلسالم‪ ،‬ص‪ .33‬ومحمد قطب‪ ،‬العلمانيون واإلس**الم‪ ،‬الق**اهرة‪:‬‬
‫دار الش*********************************************************************************************************روق‪1992 ،‬م‪ .‬ص‪.62‬‬
‫‪ -8‬عالل الفاس**************ي‪ ،‬مقاص**************د الش**************ريعة اإلس**************المي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫‪ -9‬حسن البنا‪ ،‬مجموعة رسائل اإلم**ام الش**هيد‪ ،‬ب**يروت‪ :‬المؤسس**ة اإلس**المية‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.69‬‬
‫‪ -10‬راشد الغنوشي‪ ،‬حقوق المواطنة‪ ،‬حقوق غير المس**لم في المجتم**ع اإلس**المي‪ ،‬ت**ونس‪:‬‬
‫د‪.‬ن‪1989 ،‬م‪ ،‬ص‪ .4‬يقول‪“ :‬إن مبدأ المساواة في الدولة* ثابت‪ ،‬فال تختلف حقوق وواجب**ات غ**ير‬
‫المسلمين عن المسلمين إال فيما تقتضيه اختالف العقائد”‪ ،‬ص ‪ .58‬ويقارن ‪ :‬خالد* محمد خالد‪،‬‬
‫الدول*ة* في اإلس**الم‪ ،‬الق**اهرة‪ :‬دار ث**ابت‪1981 ،‬م‪ .‬ص‪ .59-58‬وح**ول مفه**وم الش**ورى وعالقت*ه*‬
‫بالديمقراطية* يالحظ‪ :‬القرضاوي‪ ،‬الصحوة اإلسالمية‪ *،‬الق**اهرة‪ :‬دار الص**حوة للنش**ر‪1988 ،‬م‪ .‬ص‬
‫‪.108‬‬
‫‪ -11‬الغنوشي‪ ،‬حقوق المواطنة‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ .40‬ويراج**ع ح**ول أن روح الدول**ة المس**لمة وج**وهر‬
‫هويتها ه**و وح**دة االنتم**اء ال**ديني والش**عور اإليم**اني‪ ،‬وأن**ه ش**يء ال يمكن تحقق**ه في نظ**ام‬
‫ديمقراطي‪ :‬عبد السالم ياسين* ‪ ،‬حوار مع الفضالء الديمقراطيين‪ ،‬الدار البيضاء‪1993 ،‬م‪ .‬ص‪-83‬‬
‫‪ .85‬والش**ورى والديمقراطي**ة‪ ،‬ال**دار البيض**اء‪ *:‬األف**ق‪1996 ،‬م‪ .‬ص‪ 47,-46‬و‪ .24-23‬وفتحي يكن‪،‬‬
‫مش****كالت ال****دعوة والداعي****ة‪ ،‬ط‪ ،3‬ب****يروت‪ :‬مؤسس****ة الرس****الة‪1974 ،‬م‪ .‬ص‪ 35‬و‪.170‬‬
‫‪ -12‬يراج*******ع ح*******ول ذل*******ك‪ :‬أمحم*******د ج*******برون‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬الفص*******الن األول والث*******اني‪*.‬‬
‫‪Abdessalam Yassine, Islamiser la modernité, Rabat : Al Ofok impressions, 1998. *-13‬‬
‫‪P‬‬ ‫‪309‬‬
‫ويقارن‪ :‬حسن الترابي‪ ،‬نظرات في الفقه السياس**ي‪ ،‬الخرط**وم‪ :‬الش**ركة العالمي**ة‪ ,1988 ،‬ص‬
‫‪.86-82‬‬
‫ولقد نظر أمثال هؤالء للتباين* الفكري بين الديمقراطية* والدولة* المسلمة استناداً إلى األس**اس‬
‫الفك**ري‪ ،‬وبعض**هم نظ**ر للتف**اوت بينهم**ا في اإلط**ار السياس**ي اس**تناداً إلى مب**دأ الحاكمي**ة‪..‬‬
‫يالح***ظ‪. :‬فتحي يكن‪ ،‬مش***كالت ال***دعوة والداعي***ة‪ ،‬ص‪ .171‬وص‪ .173‬وعب***د الوه***اب خالف‪،‬‬
‫السياس**********ة الش**********رعية‪ ،‬الق**********اهرة‪ :‬م**********ط‪ ،‬الس**********لفية‪1931 ،‬م‪ .‬ص‪ 44‬و‪.45‬‬
‫‪ -14‬انظر‪ :‬سيد قطب‪ ،‬معالم في الطريق‪ ،‬ط‪ ،10‬القاهرة‪ *:‬دار الشروق‪ .1983 ،‬والمستقبل لهذا‬
‫الدين‪ ،‬ط‪ ،12‬القاهرة‪ :‬دار الشروق‪1992 ،‬م‪ .‬ص‪ .16‬ومعركة اإلسالم والرأسمالية‪ ،‬ط‪،3‬القاهرة‪:‬‬
‫دار الش*********************************************************************************************************روق‪1993 ،‬م‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫ويق**ارن‪ :‬فهمي ج**دعان‪ ،‬أس**س التق**دم عن**د مفك**ري اإلس**الم‪ ،‬ب**يروت‪ *:‬المؤسس**ة العربي *ة*‬
‫للدراسات والنشر‪1997 ،‬م‪ .‬ص‪ .139‬والحظ موقف ط**ارق البش**ري من قطب وخروج *ه* على م**ا‬
‫سنه حسن البنا من تسامح في‪ :‬طارق البشري‪ ،‬المالمح العامة للفكر السياسي اإلس**المي‬
‫في الت************اريخ الحاض************ر‪ ،‬الق************اهرة‪ :‬دار الش************روق‪1996 ،‬م‪ .‬ص‪ ،33‬وص‪.40‬‬
‫‪ -15‬المودودي‪ ،‬منهاج* االنقالب اإلسالمي‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار األنص**ار‪1977 ،‬م‪ .‬وط‪ ،‬ال**دار الس**عودية‪،‬‬
‫‪1988‬م‪.‬‬
‫ويالحظ حول المودودي‪ :‬محمد عمارة‪ ،‬أبو األعلى المودودي والص*حوة اإلس*المية‪ ،‬الق*اهرة‪ :‬دار‬
‫الشروق‪1987 ،‬م‪ .‬وسمير عبد الحميد إبراهيم‪ ،‬أب*و األعلى الم*ودودي* فك*ره ودعوت**ه‪ ،‬الق*اهرة‪:‬‬
‫دار األنص*************************************************************************************************************************ار ‪1979‬م‪.‬‬
‫ويالحظ نشوء فكرة الحاكمية والمجتمع الجاهلي عند أبو الحسن الن**دوي والم**ودودي وتأثيره**ا‬
‫في قطب‪ ،‬في‪:‬‬
‫– أبو الحسن الندوي‪ ،‬ماذا خسر العالم بانحطاط* المسلمين؟‪ *.‬الكويت‪ :‬المركز الع**المي للكت**اب‬
‫اإلس*******************************************المي‪ .‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪ ،259 *******************************************،258‬وص‪.262‬‬
‫– الم**ودودي‪ ،‬نظري**ة اإلس**الم وهدي**ه في السياس**ة والق**انون والدس**تور‪ ،‬ب**يروت‪ *:‬مؤسس**ة‬
‫الرس*******************************************************************************الة‪1980 ،‬م‪ .‬ص‪ ،78-77‬وص‪ ،30‬وص‪.49‬‬
‫يقول‪“ :‬إن األساس الذي ارتكزت عليه دعامة النظري*ة السياس*ية* في اإلس**الم أن ت*نزع جمي*ع‬
‫سلطات األمر والتشريع من أيدي البشر منفردين ومجتمعين‪ ،‬وال يؤذن ألحد منهم أن ينفذ أمره‬
‫في بشر مثله* فيطيعوه‪ ..‬فإن ذلك أمر مختص باهلل وحده ال يش**اركه في**ه أح**د غ**يره”‪ ،‬م‪.‬ن‪ ،‬ص‬
‫‪ ،31‬و‪ .158‬ويالح**ظ ح**ول عالق**ة فك**رة الم**ودودي* ح**ول الحاكمي**ة* بنش**وء دول**ة الباكس**تان‪:‬‬
‫علي أوملي**ل‪ ،‬اإلص**الحية العربي**ة والدول**ة الوطني**ة‪ ،‬ال**دار البيض**اء‪ :‬المرك**ز* الثق**افي الع**ربي‪،‬‬
‫‪1985‬م‪.‬ص ‪.173-172‬وأحم**د موص**لي‪ ،‬األص**ولية* اإلس**المية‪ ،‬ب**يروت‪ *:‬الناش**ر للطباع**ة‪.1993 ،‬‬
‫‪ -16‬قارن‪ :‬سيد قطب‪ ،‬العلمانيون واإلسالم‪ ،‬القاهرة‪ :‬دار الشروق‪1994 ،‬م‪ ،‬ص‪ .64‬ومعالم‪ ،‬ص‬
‫‪ 98‬و‪ .101‬ويالحظ صدى دعوة قطب عند الداعية السوري سعيد حوى في‪ :‬سعيد ح**وى‪ ،‬جن**د‬
‫هللا‪ ،‬ثقاف*****ة وأخالق*****ا‪ ،‬ط‪ ،2‬الق*****اهرة‪ :‬دار الطباع*****ة الحديث*****ة‪1977 ،‬م‪ ,‬ص‪ .10‬و‪ .66‬و‪.185‬‬
‫‪ -17‬طارق البش**ري‪ ،‬المالمح العام**ة للفك**ر اإلس**المي‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬وك**ذلك‪ *:‬القرض**اوي‪ ،‬السياس**ة‬
‫الشرعية‪ ،‬القاهرة‪ :‬مكتبة وهبة‪1998 ،‬م‪ .‬ص‪ .18‬والحظ تأثير* معالم في الطريق في محمد عبد‬
‫السالم فرج من قادة الجهاد‪ ،‬في‪ :‬سيد أحمد‪ ،‬النبي المسلح‪ ،‬لندن‪ ،‬رياض الريس‪1991 ،‬م‪ .‬ج‬
‫‪ ،1‬ص‪.131-130‬‬
‫‪ -18‬العنوشي‪ ،‬حقوق المواطنة‪ ،‬غير المسلم في المجتمع اإلسالمي‪ ،‬م‪.‬س‪ .‬ومحم*د* عم*ارة‪،‬‬
‫الدولة اإلسالمية* بين العلماني**ة والس**لطة الديني**ة‪ ،‬الق**اهرة‪ *:‬الش**روق‪1988 ،‬م‪ .‬ويالح**ظ دف**اع‬
‫الغنوشي عن الشورى وتحديده* لمكانتها في‪ :‬الحري**ات* العام**ة في الدول**ة اإلس**المية‪ ،‬ب**يروت‪،‬‬
‫مرك**ز* دراس**ات الوح**دة العربي**ة‪1993 ،‬م‪ .‬ص‪ .109‬وعن**د‪ :‬حس**ن ال**ترابي‪ ،‬نظ**رات في الفق**ه‬
‫السياسي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ .74-73‬حيث يجعالنها قضية من األصول ال الفروع الشرعية‪ .‬ويقارن‪ :‬عبد‬
‫السالم ياسين‪ ،‬الشورى والديمقراطية‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬األفق‪1996 ،‬م‪ ،‬ص‪ .239‬والقرضاوي‪ ،‬في‬
‫فق**ه الدول**ة* في اإلس**الم‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ .35‬لكن الملفت أن محم**د الغ**زالي يع**ترف ب**أن ال نص‬
‫مرجعي أو تجرب*ة نموذجي*ة يتق*رر به*ا نظ*ام الش*ورى‪ ،‬وأن أمره*ا ي*ؤول إلى االجته*اد‪ .‬يالح*ظ‪:‬‬
‫محم*******د الغ*******زالي‪ ،‬الس*******نة النبوي*******ة‪ ،‬ب*******يروت‪ *:‬دار الش*******روق‪1989 ،‬م‪ ،‬ص‪.135‬‬
‫ والحق* يقال “أن محم**د‬.219‫ وص‬. 81-80‫ و‬.14‫ ص‬،‫س‬.‫ م‬،‫ الدولة اإلسالمية‬،‫ محمد عمارة‬-19
‫عمارة قدم نقداً لمفهوم الحاكمية* عند سيد قطب ه**و أعم**ق وأج**رأ المس**اهمات النقدي**ة في‬
‫ مم*يزاً بين السياس*ي وال*ديني في اإلس*الم‬.58‫ ص‬،‫ن‬.‫ م‬:‫ يالح*ظ‬.‫الفك*ر اإلس*المي المعاص*ر‬
‫ “ما اندرج من سنة النبي تحت أمور السياسة* جميعها وشئون‬:‫* يقول‬.ً‫معتبراً األول تدبيراً خالصا‬
‫ وهو يقع في مدار العقل البشري الذي مقتضاه الرأي‬.219‫ ص‬،‫ن‬.‫ م‬،”ً‫الدنيا كلها فهو ليس دينا‬
‫ مرك**ز‬:‫ الق**اهرة‬،‫ اإلس**الم والديمقراطي**ة‬،‫ فهمي هوي**دي‬:‫ ويالح**ظ‬.17-16‫ ص‬.‫ن‬،‫ م‬،‫واالجته**اد‬
.185‫ وص‬.174 ‫ص‬.‫م‬1993 ،‫األه***********************************************************************************************رام‬
.‫م‬1989 ،‫ الش*****روق‬:‫ الق*****اهرة‬،‫ النظ*****ام السياس*****ي اإلس*****المي‬،‫ س*****ليم الع*****وا‬-20
.Tarik al bechre, Participation of new Muslim **********-21
Collection dictionnaire des notions philosophique, part II, Paris, PUF, 1990. P. -22
.845
Renauld, Emanuelle, Mépris social, Éthique et politique de la reconnaissance, -23
.Pari: ed. passant 2000. p. 66
.Ibid, p. 66 -24
ً‫ مفترضاً عالجاً ج**ذريا‬،‫ يالحظ مناقشة هابرماس* لليبرالية* السياسية التي ترتكز على الفرد‬-25
*:‫لمأزقه******ا من خالل تحوي******ل االهتم******ام نح******و العالق******ات االجتماعي******ة* والتواص******ل‬
Jurgen Habermas, Modernity, An unfinished project, Habermas and the unfinished
project Modernity, edited by Maurizio passerin d’entrèves and Seyla Benhabib,,
.(Cambridge, MIT. Press, 1997. p. 52
Also: Habermas, “Moral Development and Ego Identity”. Communication and the
Evolution of society, edited by Thomas Mc carthy (Boston: Beacon Press, 1979)
:‫ يالح***************************************ظ ح***************************************ول ذل***************************************ك‬-26
Charles Taylor, “The Politics of Recognition”, Multiculturalism, edited by Amy
.Gutmann (Princeton, N.J. Princeton University Press, 1994) P.39
.Ibid, p. 38, 39, 54-55 -27
.Ibid, pp. 55, 61 -28
.Renault, Ibid, p. 88 -29
:‫ يالح***************************************ظ ح***************************************ول ذل***************************************ك‬-30
Susan Moller Okin, “Introduction” Is multiculturalism bad for women? Edited by
Susan Moller Okin (Princeton University Press, 1999) pp. 10 -11
Stephen Macedo, Diversity and Distrust: Civic Education in a Multicultural -31
.Democracy (Cambridge: Harvard University Press, 2000) P. 239
:‫ويق*******************************************************************************************************************************************ارن‬
.Taylor, “The Politics of Recognition” P. 61
Andrée Tosel “Civilisation, Cultures, Conflits”, Scénarios de la mondialisation, -32
.Tome 2, Paris ;ed. Kimé, 2011. P. 203
:‫ويق*******************************************************************************************************************************************ارن‬
K. Anthony Appiah, “Identity Authenticity, Survival, Multiculturalism” edited by Amy
Gutmann (Princeton, N.J. Princeton University Press, 1994) PP. .149-146
.Tosel, P. 205 -33
:‫ويق*******************************************************************************************************************************************ارن‬
Ronald Dowrkin, In democracy possible Here?? (Princeton, N.J. Princeton University
.Press, 2006), P. 1-23
Tesol, P. 205 -34
Rockefeller,Steven, “Commentary”,in:Taylor,Charles, Multiculturalisme, Paris: -35
Flammarion, 2005. PP. 166-117
.Rockefeller, Ibid, p. 205 -36
.Ibid, P. 117 -37
:‫ويق*******************************************************************************************************************************************ارن‬
Michael Sandel, public philosophy, (Cambridge: Harvard University Press, 2005).PP.
.156-161
Also: Amartya Sen, “Chile and Liberty: The Uses and Abuses of Multiculturalism”,
the New Republic, February 27,2006. P. 27, 246
Rockefeller, Ibid, p. 205 -38
Dowrkin, Ibid, p. 149 -39
.‫*أستاذ جامعي وباحث أكاديمي مختص بالفلسفة واإلسالميات‬

You might also like