You are on page 1of 146

1

‫مقــدمـــة‬

‫إنّ ّكلمة ّالفساد ّمن ّأقدم ّالمصطلحات‪ّ ،‬وقد ّعرفت ّقبل ّوجود ّاإلنسان ّوالخليقةّ‬
‫فلقدّارتبط ّهذاّاللفظ ّبظهورّاإلنسانّاألول‪ّ،‬حيثّيقولّاهللّتعالىّفيّمحكمّتنزيلهّ" ّوإذ‬
‫ربك للمالئكة إ ّني جاعل في إألرض خليفة‪ ،‬قالوإ أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك‬
‫قال ّ‬
‫ونقدس لك‪ ،‬قال إ ّني أعلم ماال تعلمون " ّاآلية ّرقمّ‪ّ 92‬منّ‬
‫نسبح بحمدك ّ‬
‫إلدماء ونحن ّ‬
‫سورةّالبقرة‪ّ .‬‬

‫نستشفّمنّهذهّاآلية ّالكريمةّأن ّالفسادّسابقّلخلقّاإلنسان‪ّ،‬بلّنسبّلهّمنّ‬


‫خاللّماّجاءّفيّتصريحّالمالئكةّالكرام‪ّ،‬فأجابهمّاهللّبعلمهّماّالّيعلمون‪ّ .‬‬

‫كماّأنّّ هذاّالمصطلحّسابقّلجرائمّالقتلّالتيّارتبطتّبمقتلّقابيلّلهابيل‪ّ،‬وعليهّ‬
‫ّالمتجدرة ّالضّاربة ّفي ّأعماق ّالتّاريخ‪ّ ،‬المرتبطة ّبحياةّ‬
‫ّ‬ ‫فالفساد ّهو ّمن ّبين ّالظّواهر‬
‫ّوالتعسف ّوالفساد ّبجميع ّأنواعه ّالسياسي‪ّ ،‬االقتصاديّّ‬
‫اإلنسان ّاألول‪ّ ،‬حيث ّنجد ّالظّلم ّ‬
‫واالجتماعيّفتخللّبذلكّكلّالمجاالت‪ّ،‬فهوّالذيّقوضّأسسّالدولةّواألسرة‪ّ،‬وسفهّالقيمّ‬
‫والمعايير ّالتي ّتحكم ّالمجتمعات‪ّ ،‬وأربك ّمسيرة ّالنّخبة ّفي ّالمجاالت ّالصّناعيةّ‬
‫ّواإلخالص ّفي ّالعمل ّلدى ّاألفرادّ‬
‫ّواالقتصادية‪ّ ،‬وحول ّالجد ّوالكد ّواالجتهاد ّوالتفاني ّ‬
‫ّوالجماعاتّمنّحيثّإبعادّالقدراتّوهجرّالكفاءات‪ّ،‬ونفرّأصحابّالضمائرّالحيةّفابتعدّ‬
‫ّوالدّولة ّإلى ّخدمة ّالمصلحة ّالخاصّة‪ّ ،‬ولو ّعلىّ‬
‫المواطن ّمن ّاالهتمام ّبترقية ّالمجتمع ّ‬
‫حسابّالمصلحةّالعامة‪ّ،‬مماّحادّبالغايةّمنّالوظيفةّالعموميةّ‪ّ .‬‬

‫قد ّارتبطّالفسادّبالمحاباة ّّوالمحسوبية‪ّ،‬التعسف ّّوالنفوذّبالسلطة ّّوالرشوة‪ّ ّ ،‬وبتفشيّ‬


‫هذهّالجرائمّداخلّالوظيفةّالعامة ّأضحىّالتظلمّأوّالطعنّفيّالق ارراتّاإلداريّةّالّطائلّ‬
‫منه‪ ّ ،‬بسببّاالمتيازاتّالتيّحصلّعليهاّالمسؤولينّوالموظفينّالعموميينّدونّأنّتكونّ‬
‫هناكّرقابةّأوّمحاسبة‪ّ .‬‬

‫‪2‬‬
‫إنّالفسادّبمظاهرهّالمختلفةّلمّيعدّحبيسّالدّولةّالواحدةّبلّتعدّاهاّليصبحّذاّبعدّ‬
‫دولي‪ّ ،‬مما ّجعل ّأمر ّمكافحته ّمن ّالصّعوبة ّبما ّكان‪ّ ،‬متطلبا ّضرورة ّتكاثف ّالجهودّ‬
‫الدّولية ّلتوحيد ّالرؤى ّوالمفاهيم‪ّ ،‬وهذا ّما ّحصل ّفعال ّحيث ّكلّلت ّالجهود ّالدولية ّبإبرامّ‬
‫العديدّمنّاالتفاقياتّفيّهذاّالشأن‪ّ ،‬أهمهاّعلىّاإلطالق ّاتفاقيةّاألممّالمتحدةّلمكافحةّ‬
‫الفسادّالمعتمدةّمنّطرفّالجمعيةّالعامة ّلألممّالمتحدة ّسنةّ‪ّ،9002‬ولكونّالجزائرّمنّ‬
‫الدّولّالمتضررةّمنّالفسادّحيثّاحتلتّمراتبّجدّ ّمتقدمةّوهذاّماّتؤكد ّتقاريرّمنظمةّ‬
‫الشفافيةّالعالمية‪ّ،‬لذاّسارعتّوكانتّأولّدولةّعربيةّتصادقّعلىّاالتفاقيةّسنةّ‪ّ .9002‬‬

‫ّالمشرع ّالجزائري ّبإصدار ّقانون ّالوقاية ّمن ّالفسادّ‬


‫ّ‬ ‫ومن ّهذا ّالمنطلق ّقام‬
‫ومكافحتهّمتضمناّمجملّجرائمّالفسادّالمنصوصّعليهاّفيّهذهّاالتفاقيّة‪ّ،‬باإلضافةّإلىّ‬
‫قوانينّتكميلية ّأخرى‪ّ،‬وكانّمنّبينّأهمّالجرائمّالتيّتضمنهاّقانونّالوقايةّمنّالفسادّ‬
‫يمةّالرشوةّالتيّكانّلهاّالحظّاألوفرّمنّالمعالجة‪ّ ،‬وذلكّمنّ‬
‫ّ‬ ‫ّومكافحتهّرقمّ‪ّ 00/00‬جر‬
‫ّالرشوة ّفي ّالقطاعّ‬
‫منطلق ّخطورتها ّالتي ّتضاهي ّالفساد ّككل‪ّ ،‬إذ ّتنوعت ّأشكالها ّبين ّ‬
‫ّالرشوة ّفي ّالصفقات ّالعمومية‪ّ ،‬رشوة ّالموظّف ّاألجنبي ّوموظفي ّالمنظماتّ‬
‫الخاص‪ّ ،‬‬
‫الدوليةّوكذاّرشوةّالموظّفّالعموميّالوطني‪ّ .‬‬

‫ولكون ّأنّ ّرشوة ّالموظّف ّالعمومي ّالوطني ّهي ّاألكثر ّانتشا ار ّوتهديدا ّلكيانّ‬
‫الدّولة ّعلى ّالصّعيد ّالداخلي ّخصوصا‪ّ ،‬ألن ّالدّولة ّفي ّإطار ّمهامها ّالتي ّتسعى ّمنّ‬
‫خاللها ّإلى ّتلبية ّحاجات ّالمواطنين ّتكرس ّإدارات ّعمومية ّتناط ّبها ّهذه ّالمهام‪ّ ،‬حيثّ‬
‫المباشرة ّبالمواطنّمنّجهةّوالدّولةّمنّجهةّأخرىّ‬
‫ّ‬ ‫يكونّالموظّفّالعامّهوّحلقةّالوصل ّ‬
‫فعندما ّيحيد ّالموظّف ّعن ّأداء ّوظائفه ّبنزاهة ّمن ّمنطلق ّالواجب ّالمهني ّويجعل ّمنّ‬
‫ّالرشوة‪ّ ،‬فيعطل ّبذلك ّمصالح ّالكثير ّمنّ‬
‫وظيفته ّسبيال ّللربح ّغير ّالمشروع ّعن ّطريق ّ‬
‫البشر‪ّ،‬فتتباينّالشّروخّبينهمّبينّغنيّوفقيرّوبينّعفيفّوشرير‪ّ .‬‬

‫‪3‬‬
‫ّفيتوج ّالباطلّ‬
‫ّواألدهى ّواألمّرّأن ّيطال ّهذا ّالشّبح ّأهم ّمرافق ّالدّولة ّكالقضاء ّ‬
‫‪ّ،‬مماّيكرسّالشّعورّبالظّلمّلدىّالمواطنّولعل ّذلكّأهمّاألسبابّالتيّتفتحّ‬
‫ّ‬ ‫علىّالحق‬
‫المجالّالرتكابّالعديدّمنّالجرائم‪ّ .‬‬

‫لهذا ّارتأينا ّأن ّنساير ّما ّهو ّمستجد ّونعالج ّبالتّحليل ّجريمة ّرشوة ّالموظّفّ‬
‫العمومي ّالوطني ّوفقا ّلقانون ّالوقايّة ّمن ّالفساد ّومكافحته‪ّ ،‬لنقف ّعلى ّاألحكام ّالجديدةّ‬
‫لها‪ّ،‬وأهمّاآللياتّالمرصودةّلمكافحتها‪ّ .‬‬

‫أهمية إلدرإسة‬

‫تتجلى ّأهمية ّدراسة ّالموضوع ّالذي ّبين ّأيدينا ّفي ّكون ّأنّ ّالمواطن ّبقدراتهّ‬
‫المحدودة ّوالضّرورة ّالحياتية‪ّ ،‬يجد ّنفسه ّدائم ّاالتصال ّباإلدارات ّالعموميّة ّوبالتاليّ‬
‫بالموظّفّالعموميّلتلبيةّحاجياتّمعينة‪ّ ،‬وفيّخضمّهذاّاالحتكاك ّكثيراّما ّينجرّ ّعنهّ‬
‫ارتكابّجريمةّالرشوة‪ّ .‬‬

‫وهناّقدّيكونّالمواطنّأوّالموظفّضحيّةّلهذهّالجريمة ّأوّيكونان ّمذنبينّعلىّ‬


‫ٍّ‬
‫حد ّسواء‪ّ ،‬مماّيستوجبّمعالجةّخاصّةّلهذهّالجريمة‪ّ ،‬خاصّةّ ّّوأنهاّأخذتّحيزاّكبيراّمنّ‬
‫االنتشار ّفيّكافةّالمجاالت‪ ّ ،‬مماّيدعواّإلىّالقلقّوضرورةّتطويقهاّحتىّالّتصبحّمنّ‬
‫المباحاتّفيّالمعامالتّألنّهاّبحقّتهدّدّاقتصادّالدّولةّ ّوكيانهاّككل‪ّ .‬‬

‫دوإفع إلبحث‬

‫الرشوة ّقد ّانتشرت ّفي ّالدّولة ّالجزائرية ّعلى ّغرار ّبقية ّالدّولّ‬
‫من ّالواضح ّأنّ ّ ّ‬
‫حةّوالتّعليم ّوالقضاء‪ّ ،‬فأصبحتّتعانيّمنهاّ‬
‫ومستّميادينّحساسةّجدّاّمثلّميدانّالصّ ّ‬
‫شريحةّكبيرةّمنّالمجتمع‪ّ ،‬إذ ّتعتبرّهذهّالجريمةّفيّغايةّالخطورةّألنّهاّعطّلتّمصالحّ‬
‫الكثير ّمن ّالنّاس‪ّ ،‬ف بعدما ّكانت ّقاعدة ّشاذة ّأو ّاستثنائية ّأصبحت ّفي ّمعامالتنا ّهيّ‬
‫القاعدة ّاألصلية ّوأثّرت ّسلبا ّعلى ّاقتصاد ّالدّولة‪ّ ،‬كما ّأنّ ّتنظيمها بموجب ّالقانون ّرقمّ‬
‫‪4‬‬
‫‪ّ 00-00‬المتعلق ّبالوقايّة ّمن ّالفساد ّومكافحته ّأضفى ّعليها ّالكثير ّوأدرج ّآليات ّهامةّ‬
‫لمكافحتها‪ّ ّ.‬‬

‫فمن ّمنطلق ّهذه ّاألسباب ّارتأينا ّأن ّنتناول ّبالدّراسة ّموضوع ّجريمة ّرشوةّ‬
‫الموظّفّالعموميّالوطنيّفيّظلّ ّقانونّالوقايّةّمنّالفسادّومكافحته ّرقمّ‪ّ 00/00‬بغيةّ‬
‫ّللمشرع ّالجزائري ّفي ّمعالجته ّلها‪ّ ،‬لتكون ّمن ّبين ّالجهودّ‬
‫ّ‬ ‫توضيح ّالسّياسة ّالجنائية‬
‫المبذولةّلدراسةّالموضوعّوالوصولّإلىّنتائجّتخدمّالمنظومةّالقانونيةّالجزائريةّفيّهذاّ‬
‫المجال‪.‬‬

‫أهدإف إلدرإسة‬

‫‪ ‬تحديدّمفهومّالموظّفّالعامّمنّخاللّقانونّالوقايّةّمنّالفسادّومكافحتهّومدىّتوافقهّ‬
‫معّالمفهومّالواردّفيّالقانونّاألساسيّالعامّللوظيفةّالعموميّة‪ّ .‬‬
‫يمهّللرشوة ّومدىّإصابتهّفيّ‬
‫ّ‬ ‫المعتمدّمنّقبلّالمشرعّالجزائريّفيّتجر‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬تحديدّالمعيار ّ‬
‫ذلك‪ّ .‬‬
‫يمةّالرشوة‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬أساليبّالتّحريّالمستحدثةّودورهاّفيّكشفّواثباتّجر‬

‫إشكالية إلدرإسة‬

‫ّالرشوة ّمن ّأخطر ّالجرائم ّلما ّفيها ّمن ّتعطيل ّلمصالح ّالنّاسّ‬
‫أضحت ّجريمة ّ‬
‫غمّمنّمعالجةّالمشرعّالجزائريّلهاّسابقاّضمنّقانونّالعقوبات‪ّ ،‬إالّ ّأنّهاّفيّ‬
‫ّ‬ ‫وعلىّالر‬
‫ّ‬
‫ّالمشرع ّيضفي ّعليهاّ‬
‫ّ‬ ‫تزايد ّوانتشار ّمهدّدة ّاقتصاد ّوكيان ّالدّولة ّالجزائرية‪ّ ،‬مما ّجعل‬
‫خصوصيةّبإخراجهاّمنّقانونّالعقوباتّوادراجهاّفيّقانونّخاصّأالّ ّوهوّقانونّالوقايةّ‬
‫منّالفسادّومكافحته ّرقمّ‪ّ ،00/00‬مغيّراّبذلكّمنهجّمعالجتهاّكما ّاستحدث ّآلياتّمعينةّ‬
‫لمكافحتهاّومنّهذاّالمنطلقّيمكنّطرحّاإلشكاليةّالتالية‪ّ :‬‬

‫‪5‬‬
‫إلرشوة وفقا لقانون إلوقاية من‬
‫إلى أي مدى وفق إلمشرع إلجزإئري في معالجة جريمة ّ‬
‫إلفساد ومكافحته رقم ‪ 60/60‬؟‬

‫إلدرإسة‬
‫منهج ّ‬

‫يمةّالرشوة ّوفقا ّللقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬تقتضي ّمنا ّتحليلّ‬


‫ّ‬ ‫باعتبار ّأن ّدراستنا ّلجر‬
‫مختلفّالنّصوصّالقانونية ّالمتعلقةّبها ّفقدّاعتمدناّعلىّالمنهجّالتّحليلي‪ّ،‬ويظهرّذلكّ‬
‫جليا ّفي ّالفصلين‪ّ :‬األول ّالخاص ّباألحكام ّالموضوعية ّللرشوة ّوالثاني ّالخاص ّبآلياتّ‬
‫يمةّالرشوةّفيّالقانونّرقمّ‪ّ .00/00‬‬
‫ّ‬ ‫مكافحةّجر‬

‫إلدرإسات إلسابقة‬
‫ّ‬

‫يمةّالرشوةّالّتعدّّاألولىّمنّنوعها‪ّ،‬بلّسبقّلهذاّالموضوعّأنّدرسّ‬
‫ّ‬ ‫دراستناّلجر‬
‫منّطرفّالكثيرّمنّالكتابّوالباحثين‪ ّ ،‬لكنّبطبيعةّالحالّكلّباحثّيتناولّالموضوعّ‬
‫منّزاويةّمعينةّوهذاّهوّالذيّيصنعّالفارق ّبينّالدّراساتّلذاّسنذكرّبعضّالدّراساتّ‬
‫موضحينّوجهّاالختالفّبينهاّوبينّدراستنا‪ّ .‬‬

‫‪ ‬تناولّمحمدّالصّالحّقشيّفيّمذكرتهّالمكملةّلنيلّشهادةّالماجستيرّبعنوانّ" ّجريمة‬
‫إلرشوة في ظل قانون إلوقاية من إلفساد ومكافحته ‪ّ "ّ 60/60‬بكلية ّالحقوق ّجامعةّ‬
‫ّ‬
‫ّالرشوةّ‬
‫ّالمشرع ّالجزائري ّلجريمة ّ‬
‫ّ‬ ‫قسنطينة ّحيث ّطرح ّاإلشكالية ّالتالية ّكيف ّتصدّى‬
‫درسته ّتقتصر ّعلى ّالجانبّ‬
‫بصدور ّقانون ّالوقاية ّمن ّالفساد ّومكافحته؟ ّفكانت ّ ّا‬
‫الموضوعيّلرشوةّالموظّفّالعامّدونّالجانبّاإلجرائي‪ّ،‬حيثّتضمنّالفصلّاألولّمنهّ‬
‫انيّفتطرقّفيهّإلىّقمعّالجريمةّمنّناحيةّ‬
‫ّ‬ ‫يمةّالرشوةّوأركانهاّأماّالفصلّالثّ‬
‫ّ‬ ‫ماهيةّجر‬
‫يمةّالرشوة‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫أساليبّالتحريّوالعقوبةّدونّالتّطرقّإلىّالتّدابيرّالوقائيّةّمنّجر‬
‫إلرشوة‬
‫مذكرتها ّالتّكميلية ّلنيلّشهادةّالماجستير ّالمعنونةّبـ ّ" جريمة ّ‬
‫‪ ‬بوعزةّنضيرةّفيّ ّ‬
‫بالوقاية من إلفساد ومكافحته " ّبكلية ّالحقوقّ‬
‫ّ‬ ‫في ظل إلقانون رقم ‪ 60/60‬إلمتعلق‬

‫‪6‬‬
‫إلىّأيّمدىّأضفىّالمشرعّالجزائريّ‬
‫ّ‬ ‫جامعةّجيجلّوالتيّطرحتّفيهاّاإلشكاليةّالتالية‪ّ:‬‬
‫لرشوةّبماّكرسهّمنّأحكامّقانونيةّجديدةّبموجبّقانونّ‬
‫طابعّالخصوصيةّعلىّجريمةّا ّ‬
‫الوقايةّمنّالفسادّومكافحته؟ ّحيثّتبعاّلهذهّاإلشكاليةّدرستّالجريمة ّبمختلفّأنواعهاّ‬
‫الرشوة ّفي ّالصّفقاتّ‬
‫الرشوة ّفي ّالقطاع ّالخاص ّو ّ‬
‫رشوة ّالموظّف ّالعمومي ّالوطني ّو ّ‬
‫العموميةّورشوةّالموظّفّالعموميّاألجنبيّوموظفيّالمنظماتّالدوليةّمنّخاللّفصلين‪ّ:‬‬
‫يمةّالرشوة‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫يمةّالرشوة‪ّ،‬والثانيّبعنوانّمواجهةّجر‬
‫ّ‬ ‫األولّخصصّلماهيةّجر‬

‫أماّدراستناّلهذهّالجريمةّفترتكزّعلىّرشوةّالموظّفّالعموميّالوطني ّفيّقانونّ‬
‫الوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّمنتهجينّاألسلوبّالتّحليليّللجانبينّالموضوعيّواإلجرائيّلهّ‬
‫تيّاستحدثهاّالمشرعّللوقايةّمنّهاتهّالجريمة ّ ّومكافحتها‪ّ ،‬بماّفيّ‬
‫ّ‬ ‫متناولينّأهم ّاآللياتّال‬
‫حري ّ ّومدى ّموائمتها ّللتطبيق ّعلى ّجريمة ّرشوة ّالموظّف ّالعام ّالوطنيّ‬
‫ذلك ّأساليب ّالتّ ّ‬
‫وذلكّوفقاّللخطةّالتالية‪ّ :‬‬

‫فصلّتمهيديّخصصّلدراسةّماهيةّجريمةّالرشوة‪ّ .‬‬

‫فصل ّأول ّخصص ّلدراسة ّاألحكام ّالموضوعية ّللجريمة ّوفقا ّلقانون ّالوقاية ّمن ّالفسادّ‬
‫ومكافحتهّرقمّ‪ّ .00/00‬‬

‫يمةّالرشوةّوفقاّلهذاّالقانون‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫فصلّثانيّخصصّلمعالجةّآلياتّمكافحةّجر‬

‫وفي ّاألخير ّخاتمة ّضمناها ّأهم ّاالستنتاجات ّالتي ّتوصلنا ّإليها ّمذيلة ّبجملة ّمنّ‬
‫التوصيات‪ّ ّ.‬‬

‫‪7‬‬
‫إلفــــــــــــــــــصل إلتمهيدي‬

‫‪8‬‬
‫الفصل التمهيدي‪ :‬مـاهيـة جـريمـة الرشـوة‬
‫إن ّالخطورة ّالتي ّتكتسيها ّجريمة ّالرشوة‪ّ ،‬من ّحيث ّإصابتها ّلدواليب ّالنظامّ‬
‫للّوالحدّمنّفاعليتهّفيّتحقيقّأهدافّالمجتمع‪ّ ّ،1‬وماّتشكلهّمنّتهديدّلكيانّ‬
‫اإلداريّبالش ّ‬
‫الدولةّاستوجبّضرورةّالوقايةّمنهاّ ّومكافحتها‪ّ،‬ولماّكانّمنّمقتضياتّالقضاءّعلىّأيّ‬
‫جريمةّوجوبّالفهمّالصّحيحّلها ّواإلحاطةّبأركانها‪ّ ،‬وعليهّوجبّالتطرقّلماهيةّجريمةّ‬
‫الرشوة ّمن ّخالل ّالتعريف ّاللغوي ّواالصطالحي ّلها‪ّ ،‬ثم ّتبيانا ّلألنظمة ّالمنتهجة ّفقهاّ‬
‫ّ‬
‫وقانوناّفيّتجريمّالرشوة‪ّ ،‬بعدّذلك ّنميزّهذهّالجريمةّعماّيشابههاّمنّجرائم ّأخرى ّوفقاّ‬
‫للقانونّرقمّ‪ّ00/00‬المؤرخّفيّ‪ّ9000/09/90‬المتعلقّبالوقايةّمنّالفسادّ ّومكافحته‪ّ .‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مـفـهـوم جـريمـة الرشـوة‬


‫الرشوة ّهي ّأحد ّالظّواهر ّاالجتماعية ّالتي ّلم ّيسلم ّمنها ّأي ّمجتمع ّكان ّمنّ‬
‫ّ‬ ‫المجتمعات‪ّ،‬فهيّالطريقّالسهلّلقضاءّالمصالحّوتجنبّجملةّمنّالتعقيداتّاإلجرائية‬
‫وهيّالوسيلةّللحصولّعلىّماّهوّليسّبحق‪ّ .‬‬
‫من ّخالل ّهذا ّالمبحث ّسنقوم ّبتسليط ّالضوء ّعلى ّمختلف ّالتعاريف ّاللغويةّ‬
‫يمةّالرشوة‪ّ ّ،‬وطرحّاألنظمةّأوّالمذاهبّالتيّأتّبعتّفيّإطارّتجريمها‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ّواالصطالحيةّلجر‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف جريمة الرشوة‬


‫ال ّيخلو ّتعريف ّأي ّمصطلح ّمن ّقسمين ّأساسيين ّهما ّالتعريف ّاللغويّ‬
‫واالصطالحي‪ّ،‬وهذاّماّسنتناولهّفيّالفرعينّالواردينّأدناه‪ّ .‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الرشوة لغة‬


‫ّور َشاهُّ‬ ‫ّرشا ِ‬ ‫جاء ّفي ّقاموس ّالمحيط ّأن ّالرشوة ّمثلثة ُ ِ‬
‫ّورشاّ‪َ ،‬‬
‫ّورشا َ‬ ‫ّالج ُعل(ج) ُ‬
‫ّور َشاهُّحاباهّ‬
‫ّفأر َش ْيتَهُ َا‬
‫ضاع ْ‬
‫الفصيلّطلبّالر َ‬
‫َّ‬ ‫أعطاهّإياهاّوارتَ َشىّأخذهاّواستشرىّطلبها‪ّ،‬و‬
‫َ‬
‫اء ّبالكسر(ج)أ َْرِشَيةٌ ّومنزل ّللقمر‪ّ،‬‬
‫الر َشاء ّككساء ّالحبل ّكالتِّر َش ِ‬ ‫َّ‬
‫ّوترشاهُ ّالََيَنهُ‪ّ ،‬و ِّ ُ‬ ‫وصانعه‬

‫‪1‬عبدّاهللّالبنيان‪ّ،‬الرشوةّإبطالّحقّواحقاقّباطل‪ّ،‬مجلةّاألمنّوالحياةّالعددّ‪ّ،09‬الرياض‪ّ،‬السعوديةّ‪ّ،0291،‬صّ‪ّ .00‬‬

‫‪9‬‬
‫بت ّ(ج)ّرشاّوكغنيّالفصيلّوالبعيرّيقفّ‬
‫الر َشاةُ َّن ٌ‬ ‫ّالي ْق ِط ِ‬
‫ين ّوالحنظلّخيوطهما‪ّ،‬و َّ‬ ‫وأ َْرِشَيةُ َ‬
‫ّخ ْوَرَانهُ ّبيدهّفََي ْع ُدو‪ّ،‬وأ َْر َشىّفعلّ‬
‫ك َ‬‫ـّأرِش ْه ّفََي ُح ُ‬ ‫ِ‬
‫ـّأوّأرش ْه ّ ـ ـ ْ‬
‫ْ‬ ‫ّأر ُشه ّـ ـ‬
‫ـّأر ُش ْه ْ‬
‫فيصيحّالراعي ّ ـ ـ ْ‬
‫ظ ُل ّامتدتّأغصانه‪ّ،‬و َّ‬
‫الد َلوّ‬ ‫ذلكّوالقومّفيّدمهّشركواّوبسالحهمّفيهّأ ْشرعوهُ ّفيه‪ّ،‬والحن َ‬
‫ّلفالنّمطيعّلهّتابعّلم َّسرتِ ِّه‪ّ .2‬‬
‫َ‬ ‫ش‬‫كّلم ْستَ ْر ٍ‬
‫ّوان ُ‬
‫اء ّ‬ ‫ِ‬
‫جعلّلهاّر َش ٌ‬
‫أصلهّمنّالرشاءّالذيّيتوصلّبهّ‬
‫ِّّ‬ ‫الرشوة ّهيّالوصلةّإلىّالحاجةّبالمصانعة‪ّ،‬و‬
‫ّ‬
‫الرّائِ ُّ‬
‫ـش ّالذيّ‬ ‫ّوالمرتـشي ّاآلخُّذ ّّو َّّ‬
‫ّفالراشي ّ من ّيعطي ّالذي ّيعينه ّعلى ّالباطل‪ّ ،‬‬
‫إلى ّالماء ّ‬
‫يسعىّبينهماّيستزيدّلهذاّ ّويستنقصّلهذا‪ّ .3‬‬
‫بطّفيّالَّدّْل ِّو ّحتىّيتوصلّبهّ‬
‫ّ‬ ‫جمعهاّأرِّ‬
‫شَّي ّةٌّأيّحبلّير‬ ‫ّْ‬ ‫ّو‬
‫اء ّ‬ ‫ِ‬
‫شوةّمشتقةّمنّر َش ٌ‬‫والر‬
‫إلىّالماءّوالكلمةّتنطبقّبأيّصورةّمنّثالثّصورّهيّبفتحّالراءّأوّضمهاّأوّكسرها‪ّ،‬‬
‫ّ‬
‫الراشيّيستخدمّمنحّأوّ‬
‫يمةّالرشوةّواضحّحيثّأنّ ّ ّ‬
‫ّ‬ ‫ووجهّاستخدامها ّفيّالتعبيرّعنّجر‬
‫عرضّالعطيةّللوص ّولّإلىّهدفهّتماماّمثلّاستخدامّالحبلّللوصولّإلىّالماء‪.4‬‬

‫الرشوةّما ّهيّإالّ ّداللةّعلىّالتدّليّمنّعلياءّ‬


‫يتضحّجلياّمنّهذهّالتّعاريفّأنّ ّ ّ‬
‫العزة ّّوالكرامةّإلىّسحيقّالذلّّوالمهانة‪ّ 5‬الذيّيرجىّبهّالوصولّإلىّهد ّ‬
‫فّوغايةّمعينةّ‬
‫أالّوهوّ"الراشي"‪ّ .‬‬
‫هيّأداءّالخدمةّوالمصلحةّلصاحبّالحاجةّ ّ‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف الرشوة اصطالحا‬


‫ّالرشوة ّومناط ّهذا ّاالختالف ّيعود ّإلىّ‬
‫لقد ّتباينت ّالتّعريفات ّالتي ّقيلت ّفي ّ‬
‫االتجاه ّالعلميّلكلّفقيهّ ّوباحث ّمماّيحتمّعليهّالنظرّإلىّهذهّالجريمةّمنّزاويةّدونّ‬
‫ىّوعليهّلمّيحصلّاتفاقّعلىّتعريفّجامعّمانعّلها‪ّ .‬‬
‫األخر ّ‬
‫ّولهذاّسنحاولّمنّخاللّهذاّالفرعّأنّّنتناولّبعضّالتّعاريفّونقومّبتحليلها ّ‬

‫‪ّ2‬محيّالدينّمحمدّبنّيعقوبّالفيروزّاألبادي‪ّ،‬القاموسّالمحيط‪ّ،‬ج‪ّ،2‬دارّالكتابّالعربي‪ّ،‬لبنان‪ّ،0991ّ،‬صّ‪.222‬‬
‫‪ ّ3‬ابنّمنظور‪ّ،‬لسانّالعربّالمحيط‪ّ،‬المجلدّالثاني‪ّ،‬دارّالجيل‪ّ،‬دارّلسانّالعرب‪ّ،‬لبنان‪ّ،‬دونّسنةّالنشر‪ّ،‬ص‪.0010‬‬
‫‪ّ4‬عبدّالعزيزّمحمدّحمدّساتي‪ّ،‬رشوةّالموظفّالعامّفيّالقوانينّالعقابيةّللدولّالعربية "ّدراسةّتشريعيةّمقارنة " المجلةّالعربيةّ‬
‫للفقهّوالقضاء‪ّ،‬جامعةّالدولّالعربية‪ّ،‬القاهرة‪ّ،‬العددّ‪ّ،9000ّ،91‬صّ‪.09‬‬
‫ّ‬
‫‪ّ5‬إحسانّعليّعبدّالحسين‪ّ،‬النهجّاإلسالميّفيّمكافحةّالرشوة‪ّ،‬بحثّقانونيّمقدمّإلىّهيئةّالنزاهةّ‪ّ،9000‬صّ‪.00‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ ‬عرفهاّالشّيخّعبدّالعزيزّبنّعبدّاهللّبنّبازّرحمهّاهللّبأنها"دفعّالمالّفيّمقابلّقضاءّ‬
‫مصلحةّيجبّعلىّالمسؤولّعنهاّقضاؤهاّبدونه"‪6‬؛ ّلعل ّماّيعابّعلىّهذاّالتّعريفّأنهّ‬
‫يمةّالرشوة ّ علىّالمالّأيّذاّطابعّماديّفيّحينّنجدّلهاّصورّ‬
‫ّ‬ ‫حصرّالمقابلّفيّجر‬
‫متعددةّفيّوقتناّالحاليّحتىّذاتّطابعّمعنوي‪ّ .‬‬
‫‪ ‬كما ّيرى ّجمهور ّمن ّالفقهاء ّبأن ّّالرشوة ّهي"سوء ّاستخدام ّالمنصب ّالعام ّلغاياتّ‬
‫شخصيةّواستعمالّالمالّلتحقيقّالمصالحّالخاصّة"‪ّ،7‬فهذاّالتّعريفّفيّشقّهّاألولّيحويّ‬
‫بعضّالغموضّألن ّسوءّاستخدامّالمنصبّالعامّهوّتعبيرّفضفاضّوواسعّيحويّجملةّ‬
‫منّالجرائمّكاالختالسّوالغدرّواستغاللّالنفوذّوغيره‪ّ .‬‬
‫‪ ‬وقد ّورد ّبأنها ّ"اتجار ّبالوظيفة ّواإلخالل ّبواجب ّالنّزاهة ّالذي ّيتوجب ّعلى ّكل ّمنّ‬
‫يتولىّوظيفةّعموميةّأوّيؤديّخدمةّعموميةّالتحليّبها"‪.8‬‬
‫اشيّوالمرتشيّإذّ‬
‫منّيعتبرّالرشوةّبمثابةّعقدّبيعّيبرمّبينّالر ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ّ ‬وهناكّبعضّالفقهاء ّ‬
‫تصبحّالوظيفةّهناّفيّمقامّسلعةّتباعّوتشترى‪ّ .‬‬
‫ّوعلىّاختالفّهذهّالتعاريفّمنّحيثّالشكل‪ّ،‬إالّّأنّالحاصلّهوّاتفاقّالفقهاءّ‬
‫الرشوة ّهيّاتجارّبالوظيفة‪ّ ،‬فاألصلّالعامّهو ّأنّ ّمنّيتولىّوظيفةّماّأوّيقومّ‬
‫علىّأنّ ّ ّ‬
‫بعملّمنّاألعمال ّالوظيفية ّعليهّأنّيؤديهّبغيرّمقابل‪ّ،‬إالّّماّيتقاضاهّمنّراتبّأوّأجرّ‬
‫مشروعّمنّالجهةّالتيّيعملّلديها‪ّ،‬فإنّشذّّعنّذلكّفطلبّأوّقبلّأوّمنّبابّأولىّأخذّ‬
‫المقابلّمهماّكانّنوعهّمنّصاحبّالمصلحةّنظيرّقيامهّبأعمالّوظيفتهّأوّامتناعهّعنّ‬

‫‪ّ6‬سعيدّبنّفهدّالزهيريّالقحطاني‪ّ،‬إجراءاتّالوقايةّمنّجريمةّالرشوةّفيّالمملكةّالعربيةّالسعودية‪ّ،‬مذكرةّماجستير‪ّ،‬قسمّالعدالةّ‬
‫الجنائية‪ّ،‬تخصصّالتشريعّالجنائيّاإلسالمي‪ّ،‬جامعةّنايفّللعلومّاألمنية‪ّ،‬الرياض‪ّ،9001ّ،‬صّ‪.92‬‬
‫‪ ّ7‬موسىّبودهان‪ّ،‬النظامّالقانونيّلمكافحةّالرشوة‪ّ،‬دارّالهدىّللطباعةّوالنشرّوالتوزيع‪ّ،‬الجزائر‪ّ،9000ّ،‬ص‪.00‬‬
‫‪ّ8‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬القانونّالجنائيّالخاص‪ّ،‬الجزءّالثانيّ"ّجرائمّالموظفينّــّجرائمّاألعمالّــّجرائمّالتزوير"‪ّ،‬دارّهومةّللطباعةّ‬
‫والنشرّوالتوزيع‪ّ،‬الجزائر‪ّ،9002ّ،‬صّ‪.21‬‬

‫‪11‬‬
‫القيام ّبها ّأعتبر ّمرتشيا‪ّ ،9‬مما ّيجعل ّهذه ّالتعاريف ّتحصر ّجريمة ّالرشوة ّفي ّالموظفّ‬
‫دونّأدنىّاعتبارّللراشي‪ّ .‬‬
‫ومنّخاللّاستقرائناّلمختلفّالتعريفاتّالسابقةّوغيرها ّيتضحّلناّأنّ ّأغلبّالفقهّيجعلّ‬
‫يمةّالرشوةّّوأساساّيصبواّالمشرعّإلىّحمايته‪ّ ّ ،‬وبالتاليّ‬
‫ّ‬ ‫الوظيفةّالعموميةّمركزّانتشارّجر‬
‫فالهدف ّمن ّتجريم ّالرشوة ّهو ّحمايةّ ّلنزاهة ّالوظيفة ّالعمومية ّـ ـ ّأي ّللمصلحة ّالعامة ّ ــّ‬
‫وحياديتهاّواالحترامّالواجبّلها‪ّ .10‬‬
‫يمةّالرشوة ّالبد ّمنّوجودّطرفينّعلىّاألقل‪ّ،‬هماّالراشيّالذيّيقدمّ‬
‫ّ‬ ‫إنه ّلقيامّجر‬
‫المقابل ّلتحقيق ّمصلحته ّالتي ّهي ّبيد ّالمرتشي ّالذي ّيتلقى ّذلك ّالمقابل ّمع ّأنّ ّهذاّ‬
‫األخير ّملزم ّبعدم ّقبول ّمقابل ّعن ّعمله ّمن ّأي ّكان ّإال ّمن ّالجهة ّالتي ّيعمل ّلديها‪ّ،‬‬
‫ألداءّعمل ّأوّاالمتناعّعنّالقيامّبه ّأوّتأخيره‪ّ،‬بهدفّالتربّحّبطريقةّغيرّشرعية‪ّ،‬معّ‬
‫ّوالمرتشي‪ّ،‬‬
‫العلم ّأنّه ّقد ّيت ّوسع ّأطراف ّالجريمة ّليشمل ّالرائش ّوهو ّالوسيط ّبين ّالراشي ّ‬
‫ّوالمستفيدّّوهوّمنّيوصىّلهّبالمقابلّمنّطرفّالمرتشي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لجريمة الرشوة‬


‫تباينتّالقوانينّالوضعيةّفيّنظرتهاّلجريمةّالرشوةّبناءّّعلىّاالختالفّالحاصلّ‬
‫بينّالفقهاءّفيّهذهّالمسألة‪ّ،‬فتولدّعنّذلكّوجودّنظامينّتشريعيينّللرشوةّبحيثّتختلفّ‬
‫الرشوة ّ ّوثنائيةّ‬
‫األحكام ّالقانونية ّلكل ّمنهما ّ ّويتمثل ّهذين ّالنظامين ّفي ّنظام ّأحادية ّ ّ‬
‫الرشوة‪ّ .‬‬
‫ّ‬

‫المشرعّ‬
‫ّولهذا ّسنتطرق ّلكال ّالنظامين ّثم ّنتعرف ّعلى ّالنظام ّالذي ّاعتمده ّ ّ‬
‫الجزائريّمنّخاللّالقانونّرقم‪ّ ّ.00/00‬‬

‫‪ّ9‬أحمدّصبحيّالعطار‪ ّ،‬جرائمّاالعتداءّعلىّالمصلحةّالعامةّ"ّدراسةّفيّالقسمّالخاصّمنّقانونّالعقوباتّالمصري"‪ّ،‬الهيئةّ‬
‫المصريةّللكتاب‪ّ،‬مصر‪ّ،0222ّ،‬صّ‪ّ .022‬‬
‫الغدرّوالتربحّواإلهمالّواإلضرارّالعمديّبالمالّ‬
‫ّ‬ ‫‪ّ10‬محمدّأحمدّمؤنس‪ّ،‬جرائمّاألموالّالعامةّ"ّالرشوةّواالختالسّواالستيالءّو‬
‫العام"ّمقارناّبالتشريعاتّالعربية‪ّ،‬دارّالفكرّوالقانون‪ّ،‬مصر‪ّ،9000ّ،‬ص‪ّ .09‬‬

‫‪12‬‬
‫ّ‬
‫الفرع األول‪ :‬نظام أحادية جريمة الرشوة‬

‫يقومّهذاّالنظامّعلىّاعتبارّالرشوةّجريمةّواحدة‪ّ ّ 11‬‬
‫يرتكبهاّالموظفّالعامّومنّ‬
‫يدخلّفيّحكمه‪ّ،‬حيثّيتاجرّبوظيفتهّ ّويعدّّفاعالّأصليا‪ّ،12‬إذّأنّجوهرّالجريمةّهناّهوّ‬
‫االتجار ّ بالوظيفة ّوالمساس ّبنزاهتها ّفالعبرة ّبالمرتشي ّطالما ّاتجهت ّنيته ّإلى ّالعبثّ‬
‫بوظيفته‪ ّ ،13‬بالتالي ّفالحماية ّالجنائية ّتبسط ّعلى ّالوظيفة ّاإلدارية ّلتحقيقها ّللمصلحةّ‬
‫العامة‪ّ،‬فيكونّالموظفّ(المرتشي)هوّالفاعلّاألصليّفيّالجريمة‪ّ،‬أماّالراشيّأوّالوسيطّ‬
‫فيعتبرّشريكاّإذاّتوافرتّفيهّجميعّشروطّاالشتراك‪ّ،14‬وتطبقّعليهّالقواعدّالعامةّلذلكّ‬
‫المنصوصّعليهاّفيّالتشريعاتّالقانونية‪ّ،‬إالّإذاّنصّالقانونّصراحةّعلىّخالفّذلك‪ّ .‬‬
‫الراشي ّبمسؤولية ّالفاعلّ‬
‫وكنتيجة ّلذلك ّترتبط ّالمسؤولية ّالجنائية ّللشريك ّوهو ّ ّ‬
‫ّالرشوة ّالمعروضة ّعليه ّمن ّقبلّ‬
‫ّالمرتشي‪ّ ،‬بمعنى ّأنّه ّإذا ّرفض ّالموظّف ّ‬
‫األصلي ّأي ّ‬
‫ةّواعتبرتهاّ‬
‫الراشيّفإنّ ّالجريمةّتنتفي ّ ـ ــّهناكّبعضّالقوانينّالتيّتنبهتّإلىّهذهّالثغر ّ‬
‫ّ‬
‫يمةّعرضّللرشوةّلكيّالّيفلتّالراشيّمنّالعقابّ ـ ــّكماّأنّتقادمّالعقوبةّأوّالعفوّأوّ‬
‫ّ‬ ‫جر‬
‫الوفاةّتحولّدونّمسائلةّالراشي‪ّ،15‬والّيسألّالمرتشيّعنّالجريمةّكاملةّإذاّماّرفضّ‬
‫ّ‬
‫صاحبّالحاجةّطلبه‪ّ .16‬‬

‫القسمّالخاصّفيّالقانونّالوضعيّوالشريعةّاإلسالمية‪ّ،‬الدارّالعلميةّالدولية‪ّ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ّ11‬محمدّأحمدّالمشهداني‪ّ،‬شرحّقانونّالعقوباتّ‬
‫دارّالثقافة‪ّ،‬عمان‪ّ،‬األردن‪ّ،9000ّ،‬صّ‪ّ .212‬‬
‫‪ّ12‬معاشوّفظة‪ّ،‬مداخلةّبعنوانّجريمةّالرشوةّفيّظلّالقانونّرقمّ‪ّ،00/00‬الملتقىّالوطنيّحولّمكافحةّالفسادّوتبييضّاألموالّ‬
‫يوميّ‪ّ00/00‬مارسّ‪ّ9002‬بجامعةّمولودّمعمريّتيزيّوزو‪ّ،‬صّ‪ّ .91‬‬
‫‪ّ13‬محمدّأحمدّمؤنس‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .09‬‬
‫‪ ّ14‬سليمانّعبدّالمنعم‪ّ،‬قانونّالعقوباتّالخاص‪ّ،‬الجرائمّالماسةّبالمصلحةّالعامة‪ّ،‬الجامعةّالجديدةّللنشر‪ّ،‬اإلسكندرية‪ّ،‬مصر‪ّ،‬‬
‫‪ّ0222‬صّ‪ّ .22‬‬
‫‪ّ15‬محمدّزكيّأبوّعامر‪ّ،‬سليمانّعبدّالمنعم‪ّ،‬قانونّالعقوباتّالخاص‪ّ،‬منشوراتّالحلبيّالحقوقية‪ّ،‬بيروت‪ّ،‬لبنان‪ّ،9002ّ،‬صّ‬
‫‪.200‬‬
‫‪ّ16‬محمدّزكيّأبوّعامر‪ّ،‬سليمانّعبدّالمنعم‪ ،‬المرجعّنفسه‪ّ،‬صّ‪ّ .209‬‬

‫‪13‬‬
‫الراشيّيمكنهّاإلفالتّمنّالعقوبةّ‬
‫ّمنّأهمّاالنتقاداتّالموجهةّلهذاّالنظام‪ّ،‬أنّ ّ ّ‬
‫فّقبولّعرضّالرشوة‪ّ ،‬أو ّعدلّعنّقبولهاّطواعية‪ّ ،17‬كماّأنهّالّيمكنّ‬
‫ّ‬ ‫إذاّرفضّالموظّ‬
‫إعتبارّالراشيّمجردّشريكّألن ّمساهمتهّفيّالجريمةّكفاعلّأصليّوليسّبشريك‪ّ،‬ويعدّ‬
‫مصري ّمنّمتبنيي ّهذا ّالنظام ّّوهو ّما ّيتجلى ّفي ّالموادّمن ّ‪ّ 002‬إلى ّالمادةّ‬
‫المشرع ّال ّ‬
‫‪ّ000‬منّقانونّالعقوباتّالمصري‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نظام ثنائية جريمة الرشوة‬

‫لقد ّظهر ّهذا ّالنظام ّكنقيض ّنتيجة ّلالنتقادات ّالموجّهة ّلنظام ّأحادية ّجريمةّّّ‬
‫الرشوة‪ّ ،‬إذ ّيرى ّفي ّفعل ّالرشوة ّعلى ّأنه ّيتكون ّمن ّجريمتين ّمنفصلتين ّهما‪ّ :‬جريمةّ‬
‫المرتشيّوجريمةّالراشي‪ّ،‬حيثّسميتّاألولىّبالرشوةّالسلبيةّلكونّفاعلهاّاألصليّهوّ‬
‫الموظفّالعامّالذيّيتاجرّبالوظيفة‪ّ،‬والثانيةّأطلقّعليهاّالرشوةّاإليجابية‪ّ،‬وترتكبّمنّ‬
‫طرف ّالراشي ّوهو ّصاحب ّالمصلحة‪ّ ،‬فالجريمتين ّمستقلتين ّعن ّبعضهما ّالبعض ّفيّ‬
‫التجريمّوالعقاب‪ّ،18‬إذّيمكنّأنّتقومّإحداهماّدونّاألخرى‪ّ،‬وهذاّما ّسنتعرضّلهّفيماّ‬
‫يلي‪ّ .‬‬

‫أوال‪ :‬الرشوة السلبية‬

‫هي ّجريمة ّالموظّف ّالعام ّالذي ّيطلب ّأو ّيقبل ّالمزية ّأو ّالوعد ّبها‪ّ ،‬مقابلّ‬
‫االنحراف ّبوظيفته‪ّ ّ،‬وذلكّمنّخاللّأدائهّللعمل ّأوّاالمتناع ّعنّأدائهّأوّتأخيره‪ّ ّ،‬وطبقاّ‬
‫لذلك ّتقوم ّجريمة ّالرشوة ّفي ّحق ّالموظف ّحتى ّوان ّرفض ّصاحب ّالمصلحة ّطلبّ‬
‫المرتشي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الرشوة اإليجابية‬

‫‪ 17‬معاشوّفظة‪ّ،‬المرجعّنفسه‪ّ،‬صّ‪.92‬‬
‫‪ّ18‬عليّعبدّالقادرّالقهوجي‪ّ،‬قانونّالعقوبات‪ ّ،‬القسمّالخاص‪ّ،‬جرائمّاالعتداءّعلىّالمصلحةّالعامةّوعلىّاالنسانّوالمال‪ّ،‬‬
‫منشوراتّالحلبيّالحقوقية‪ّ،‬بي ّروت‪ّ،‬لبنان‪ّ،9000ّ،‬صّ‪ّ .02‬‬

‫‪14‬‬
‫اشيّالذيّيعرضّالمقابلّأوّي ِّعُّدّبهّالموظف‪ّ،‬ليقومّلهّهذاّاألخيرّ‬
‫َّ‬ ‫أيّجريمةّالر‬
‫بأداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأدائهّمماّيحققّمصلحته‪ّ،‬ومنهّفرفضّالموظفّللعرضّالّ‬
‫يحولّدونّمساءلةّالراشيّعنّجريمةّالرشوةّالتامة‪.‬‬

‫وبالتاليّفهذاّالنظامّالّيتركّللراشيّوالّللمرتشيّمجاالّلإلفالتّمنّالعقاب‪ّ،‬كماّ‬
‫يمكنّأنّيكونّللمرتشيّشركاءّفيّجريمتهّغيرّشركاءّالراشي‪ّ،‬مماّيمكنّمعاقبةّشركاءّ‬
‫الراشيّباعتبارهّفاعالّأصلياّوهوّماّكانّغيرّممكنّفيّنظامّوحدةّالرشوة‪.‬‬

‫اشيّوالمرتشيّ‬
‫بالرغمّمنّالمزاياّالتيّيتمتعّبهاّهذاّالنظامّالذيّيعتبرّكالّمنّالر ّ‬
‫فاعلين ّأصليين ّفي ّالجريمة‪ّ ،‬الشيء ّالذي ّجعل ّبعض ّالتشريعات ّتحذوه ّكالتشريعّ‬
‫شراحّالقانونّالفرنسيّانتقدواّهذاّاالتجاهّواصفينّإيّاهّبأنّهّالّيتفقّ‬
‫الفرنسيّمثال‪ّ،‬إال ّأن ّ ّ‬
‫مع ّالمنطق ّوالعقل‪ّ ،‬كونه ّنهجا ّغير ّطبيعيا ّفهذه ّالتجزئة ّتجزئة ّمصطنعة ّألنها ّتجزئّ‬
‫واقعةّواحدةّإلىّجريمتينّمنفصلتين‪ّ .19‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬موقف المشرع الجزائري‬

‫نصتّالمادةّ‪ّ 91‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬المدرجةّتحتّعنوانّرشوةّالموظفينّ‬


‫العموميينّعلىّماّيلي‪ّ :‬‬
‫"ّيعاقبّبالحبسّمنّسنتينّإلىّعشرّسنواتّوبغرامةّمنّ‪ّ 900.000‬دجّإلىّ‬
‫‪ّ0.000.000‬دج‪ّ .‬‬
‫‪ ‬كلّمنّوعدّموظّ فاّعمومياّبمزيةّغيرّمستحقةّأوّعرضهاّعليهّأوّمنحهّإياهاّبشكلّ‬
‫مباشرّأو ّغيرّمباشر‪ّ،‬سواءّكانّذلكّلصالحّالموظّفّنفسهّأوّلصالحّشخصّآخرّأوّ‬
‫كيانّآخرّلكيّيقومّبأداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّمنّواجباته‪.‬‬

‫‪ّ19‬إبراهيمّبنّصالحّبنّحمدّالرعوجي‪ّ،‬التدابيرّالوقائيةّمنّجريمةّالرشوةّفيّالشريعةّاإلسالمية‪ّ،‬مذكرةّماجستير‪ّ،‬تخصصّ‬
‫عدالةّجنائية‪ّ،‬جامعةّنايفّللعلومّاألمنية‪ّ،‬الرياض‪ّ،‬السعودية‪ّ،9002ّ،‬صّ‪ّ.20‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ ‬كلّموظّفّعموميّطلبّأوّقبل‪ّ ،‬بشكلّمباشرّأو ّغيرّمباشر‪ّ ،‬مزيةّغير ّمستحقةّ‬
‫سواءّلنفسهّأوّلصالحّشخصّآخرّأوّكيانّآخر‪ّ،‬ألداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّ‬
‫منّواجباته‪".‬‬

‫المشرعّالجزائريّتبنىّالنظام ّالثنائي‪ّ ،‬ولقدّأصابّفيّذلكّإلىّ‬


‫يتضح ّجليّاّأنّ ّ ّ‬
‫حدّبعيدّألنّالراشيّمهماّكانتّالغايةّالتيّيسعىّلتحقيقهاّالّيخولّلهّاألمرّاللجوءّإلىّ‬
‫الرشوةّوهذهّحقيقةّتسلمّبهاّاألقليةّمنّالمجتمع‪ّ،‬لكنّالغالبيةّتلتمسّلهّاألعذارّخاصةّ‬
‫إذا ّشاع ّالفساد ّفي ّالمجتمع‪ّ ،20‬مما ّيعني ّأن ّجريمة ّالرشوة ّأضحت ّجزءا ّمن ّثقافةّ‬
‫المجتمع‪ّ،‬فالّبد ّمنّأنّينالّكلّراشّأوّمرتشّجزاؤه‪ّ،‬والّيستوجبّوفقاّلهذاّالمنطقّ‬
‫متابعة ّالراشي ّوالمرتشي ّفي ّآن ّواحد ّوفي ّهذا ّالشأن ّقضت ّالمحكمة ّالعليا ّفي ّقرارهاّ‬
‫الصادرّبتاريخّ‪ّّ 0210/00/01‬بأن ّ"ّالفصلّبينّالجرائمّالمنسوبةّإلىّالفاعلينّيسمحّ‬
‫بدونّصعوبةّبعدمّمتابعةّالراشيّوالمرتشيّفيّوقتّواحد‪ّ،‬والّيمكنّألحدّالفاعلينّأنّ‬
‫يعرقل ّممارسة ّالدعوى ّالعمومية ّبإلحاحه ّعلى ّمتابعة ّالفاعل ّاآلخر ّفي ّوقت ّواحدّ‬
‫معه"‪.21‬‬

‫‪ 20‬بوعزةّنضيرة‪ّ،‬جريمةّالرشوةّفيّالقانونّرقمّ‪ّ00/00‬المتعلقّبالوقايةّمنّالفسادّومكافحته‪ّ،‬مذكرةّلنيلّشهادةّماجستيرّفيّ‬
‫العلومّالقانونية‪ّ،‬تخصصّقانونّالسوق‪ّ،‬جامعةّجيجل‪ّ،9009ّ،‬صّ‪ّ .00‬‬
‫‪ 21‬الغرفةّالجنائيةّللمجلسّاألعلى‪ّ،‬نشرةّالقضاة‪ّ،‬العددّاألول‪ّ،0210ّ،‬صّ‪.92‬‬

‫‪16‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تميـيـز جـريمـة الـرشـوة عمـا يشابهـها من جرائم‬

‫من ّخالل ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬يظهر ّمن ّالوهلة ّاألولى ّبأن ّبعض ّالجرائمّ‬
‫يمةّالرشوة‪ّ،‬وقدّتتداخلّويختلطّاألمرّأحياناّ‬
‫ّ‬ ‫المنصوصّعليهاّتتشابهّإلىّحدّبعيدّمعّجر‬
‫يمةّالرشوةّعنّغيرها ّمنّالجرائم‪ّ ،‬ارتأيناّ‬
‫ّ‬ ‫لهذاّومنّأجلّتسهيل ّاألمرّ ّوبيانّمميزاتّجر‬
‫أنّ نخصصّالمطلبّاألولّلتبيانّخصائصّهذهّالجريمةّعنّجريمتيّاستغاللّالنفوذّ‬
‫واساءةّاستغاللّالوظيفة‪ّ،‬أماّالمطلبّالثانيّفنميزهاّعنّجريمتيّاإلثراءّغيرّالمشروعّ‬
‫وتلقيّالهدايا‪ّ .‬‬

‫المطلب األول‪ :‬جريمتا استغالل النفوذ وإساءة استغالل الوظيفة‬

‫يمةّالرشوةّّوجريمةّ‬
‫ّ‬ ‫سنحاولّمنّخاللّهذاّالمطلب ّأنّنبيّنّأوجهّالفرقّبين ّجر‬
‫استغاللّالنفوذّباعتبارهاّجريمةّتقليديةّسبقّوأنّنصّعليهاّقانونّالعقوبات‪ّ22‬فيّالفرعّ‬
‫األول‪ّ،‬وكذاّجريمةّإساءةّاستغاللّالوظيفةّالعامةّضمنّالفرعّالثاني‪ّ .‬‬

‫الفرع األول‪ :‬جريمة استغالل النفوذ‬

‫نصّت ّالمادةّ‪ّ 29‬منّالقانونّرقم ّ‪ّ 00/00‬علىّأنّ "ّيعاقبّبالحبسّمنّسنتينّ‬


‫إلىّعشرّسنواتّوبغرامةّمنّ‪ّ900.000‬دجّإلىّ‪ّ0.000.000‬دجّ ّ‬

‫‪ ‬كلّمنّوعدّموظّفاّعمومياّأوّأيّشخصّآخرّبأيةّمزيةّغيرّمستحقةّأوّعرضهاّ‬
‫عليهّأو ّمنحهّإياهاّبشكلّمباشرّأوّغيرّمباشر‪ّ ،‬لتحريضّذلكّالموظفّالعمومي ّأوّ‬

‫‪ّ22‬أنظرّالمادةّ‪ّ099‬الملغاةّمنّقانونّالعقوبات‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الشخصّعلىّاستغاللّنفوذهّالفعليّأوّالمفترض‪ّ،‬بهدفّالحصولّمنّإدارةّأوّمنّسلطةّ‬
‫عموميةّعلىّمزيةّغيرّمستحقةّلصالحّالمحرضّاألصليّعلىّذلكّالفعلّأوّلصالحّأيّ‬
‫شخصّآخر‪.‬‬
‫‪ ‬كلّموظّفّعموميّأوّأيّشخصّ آخرّيقومّبشكلّمباشرّأوّغيرّمباشر‪ّ،‬بطلبّأوّ‬
‫قبولّأيةّمزيةّغيرّمستحقةّلصالحهّأوّلصالح ّشخصّآخرّلكيّيستغلّذلكّالموظّفّ‬
‫العمومي ّأو ّالشخص ّنفوذه ّالفعلي ّأو ّالمفترض ّبهدف ّالحصول ّمن ّإدارة ّأو ّسلطةّ‬
‫عموميةّعلىّمنافعّغيرّمستحقةّ"‪ّ .‬‬

‫يفهم ّمن ّنص ّالمادة ّأعاله ّأن ّجريمة ّاستغالل ّالنفوذ ّتتحقق ّعندما ّيقبل ّأوّ‬
‫يطلبّالموظفّأوّأيّشخصّمزيةّغيرّمستحقةّمستغالّنفوذهّالحقيقيّأوّالمفترض‪ّ،‬‬
‫بغيةّالحصولّمنّإدارةّأوّسلطةّعموميةّعلىّمنافعّغيرّمستحقة‪ّ،‬ويعد ّمنّوعدّأوّ‬
‫عرض ّالمزية ّمحرضا ّ ّوالعقوبة ّاألصلية ّلهذه ّالجريمة ّتتضمن ّعقوبتين ّمتالزمتينّ‬
‫إحداهماّسالبةّللحرية‪ّ،‬واألخرىّعبارةّعنّغرامةّمالية‪ّ،‬وهذاّماّانتهجهّالمشرعّالجزائريّ‬
‫فيّكافةّالجرائمّالمدرجةّفيّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬وقدّأصابّفيّذلكّألن ّالعقوبةّالماليةّ‬
‫فيّمثلّهذهّالجرائمّإلىّجانبّالعقوبةّالبدنيةّتحققّالردع‪.‬‬

‫إذّا ّيتضح ّأن ّجريمة ّالرشوة ّتتحقق ّمتى ّطلب ّالموظّف ّأو ّمن ّفي ّحكمه ّأوّ‬
‫استجابّلطلبّيكونّالغرضّمنهّاالرتشاء‪ ّ ،‬مقابلّقيامهّبعملّمنّأعمالّوظيفته‪ّ ،‬أماّ‬
‫جريمةّاستغاللّالنّفوذّفتشترط ّأنّيستغلّالشّخصّنفوذهّلدىّإحدىّالمصالحّالعموميةّ‬
‫ليتمكنّهوّأوّغيرهّمنّالحصولّعلىّمنافعّغيرّمستحقة‪ّ .‬‬

‫بالتاليّيُ ْم ِك ُنَناّحصرّالنّقاطّالتيّتختلفّفيهاّجر‬
‫يمةّالرشوةّعنّجريمةّاستغاللّ‬
‫ّ‬
‫النّفوذّفيماّيلي‪ّ :‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬إذا ّكانت ّالجريمتان ّتتفقان ّفي ّكون ّالجاني ّ يطلب ّأو ّيقبل ّمن ّصاحب ّالمصلحةّ‬
‫مزيّة ّغير ّمستحقة ّأو ّوعد ّبها ّإالّ ّأنّ ّ المرتشي ّيقوم ّبعمل ّأو ّاالمتناع ّعن ّعمل ّمنّ‬
‫أعمالّوظيفتهّلصالحّصاحبّالمصلحةّ ّوبالتاليّيشترطّأنّيكونّموظّفاّعموميا‪.‬‬
‫فيّحينّلمّيشترطّالمشرعّالجزائري ّفيّمستغلّالنفوذّصفةّمعينة‪ّ،‬ألنهّيستغلّ‬
‫نفوذه ّإما ّمن ّوظيفته ّأو ّمنصبه ّأو ّصفته‪ّ ،‬سواء ّكان ّهذا ّالنفوذ ّحقيقيا ّحيث ّيسيءّ‬
‫الجانيّاستعمالّالنفوذّالذيّتمنحهّإيّاهّوظيفتهّأوّصفته‪ّ،23‬أو ّمفترضاّففيّهذهّالحالةّ‬
‫يجمعّالجانيّبينّالغشّالذيّالّيشترطّأنّيرقىّلمرتبةّالطرقّاالحتياليةّالمكونةّلجريمةّ‬
‫النصبّواإلضرارّبالثقةّالواجبةّفيّالوظائفّوالصفاتّالرسمية‪ّ .24‬‬
‫‪ -‬ال ّيلزم ّلقيام ّجريمة ّالرشوة ّأن ّيكون ّالعمل ّالمطلوب ّأداؤه ّأو ّاالمتناع ّعنه ّغيرّ‬
‫مستحقّفيّحينّيجبّفيّجريمةّاستغاللّالنفوذّأنّيكونّالغرضّمنهاّهوّالحصولّ‬
‫على ّمنافع ّغير ّمستحقة ّمن ّاإلدارة ّأو ّسلطة ّعمومية‪ّ ،‬فإذا ّكان ّالغرض ّمشروعاّ‬
‫ومستحقا ّفال ّتتحقق ّالجريمة ّكما ّلو" ّتدخل ّالجاني ّلدى ّقاضي ّالتحقيق ّلإلفراج ّعنّ‬
‫محبوسّبعدّانتهاءّمدةّالحبسّالمؤقت"‪.25‬‬

‫يالحظّأنهّفيّالمادةّ‪ّ 099‬الملغاةّمنّقانونّالعقوبات‪ّ،‬لمّتكنّتشترطّأنّتكونّ‬
‫المنافعّغيرّمستحقةّفكانتّالحمايةّواسعة‪ّ،‬ألن ّالمشرعّكانّيهدفّإلىّتجريم ّالطّريقةّ‬
‫غيرّالشريفةّواإلخاللّبواجبّالنّزاهة‪ّ،26‬حيثّنصّتّالمادةّالسالفةّالذكرّعلىّماّيلي‪ّ :‬‬

‫ّ"ّيعد ّمستغالّللنّ فوذّويعاقبّبالحبسّمنّسنتينّإلىّخمسّسنواتّوبغرامةّمنّ‬


‫‪ّ100‬دجّإلى‪ّ1.000‬دج ّ‬

‫‪ّ23‬بوعزةّنظيرة‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .00‬‬
‫‪ّ24‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجزائيّالخاص‪ّ،‬جرائمّالفسادّ ــّجرائمّالمالّواألعمالّ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬الجزءّالثاني‪ّ،‬‬
‫الطبعةّالثالثةّمنقحةّومتممةّفيّضوءّقانونّالمتعلقّبالفساد‪ّ،‬دارّهومة‪ّ،‬الجزائر‪ّ،9000ّ،‬صّ‪ّ .92‬‬
‫‪ّ25‬معاشوّفظة‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪.01‬‬
‫‪ّ26‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬المرجعّنفسه‪ّ،‬صّ‪ّ .90‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ ‬كلّشخصّيطلبّأوّيقبلّعطيّةّأوّوعدّأوّيطلبّأوّتلقىّهبةّأوّهديّةّأوّأيةّمنافعّ‬
‫أخرىّوذلكّليستحصلّعلىّأنواطّأوّأوسمةّأوّميزاتّأوّمكافآتّأوّمراكزّأوّوظائفّ‬
‫أوّخدماتّأوّأيةّمزاياّتمنحهاّالسّلطةّالعموميّةّأوّعلىّصفقاتّأوّمقاوالتّأوّغيرهاّ‬
‫من ّاألرباح ّالنّاتجة ّمبرمة ّمن ّالسّلطة ّالعموميّة ّأو ّمع ّمشروعات ّاستغاللية ّموضوعةّ‬
‫تحتّإشرافّالسّلطةّالعموميّ ةّأوّيحاولّالحصولّعلىّأيّمنّذلكّأوّيستصدرّبصفةّ‬
‫عامةّق ارراّمنّمثلّهذهّالسّلطةّأوّتلكّاإلدارةّلصالحهّأوّيحاولّاستصدارهّويستغلّبذلكّ‬
‫نفوذاّحقيقياّأوّمفترضا"‪ّ .‬‬
‫ّالراشي ّوالمرتشي ّباعتبارهما ّفاعلين ّأصليين ّفي ّحينّ‬
‫ّالرشوة ّتسوي ّبين ّ‬
‫‪ -‬إن ّجريمة ّ‬
‫تَعتبِر ّجريمة ّاستغالل ّالنّفوذ ّمستغل ّالنّفوذ ّفاعال ّأصليا‪ّ ،‬أما ّصاحب ّالمصلحة ّفيعدّ‬
‫محرضاّوالمعلومّأنّالمحرضّبمثابةّفاعلّأصليّإذاّماّأدىّتحريضهّإلىّنتيجة‪ّ،‬أماّإذاّ‬
‫لمّيفلحّفيّإقناعّالفاعلّبارتكابّالجريمةّفالّتقومّمسؤوليتهّالجنائية‪.‬‬
‫معّالعلمّأن ّجريمةّاستغاللّالنفوذ ّبحسبّالقانون ّرقمّ‪ّ 00/00‬هيّالتيّيكونّ‬
‫الغرض ّمنها ّالحصول ّعلى ّمنافع ّغير ّمستحقة ّمن ّإدارة ّأو ّمؤسسة ّعمومية ّأي ّفيّ‬
‫القطاعّالعامّدونّالخاص‪ّ .‬‬
‫فإذا ّكان ّاألصل ّأن ّمستغل ّالنفوذ ّيطلب ّأو ّيقبل ّمزية ّغير ّمستحقة‪ّ ،‬فإنهّ‬
‫يتصورّأنّترتكب ّالجريمةّدونّالحصولّعلىّالمزيةّغيرّالمستحقة‪ّ،‬كمنّيستغلّنفوذهّ‬
‫للحصولّالبنه ّ علىّمنصب ّعمل ّفهوّهنا ّيتحصل ّعلى ّمنفعة ّغير ّمستحقة ّدون ّأنّ‬
‫يتلقىّمنّابنهّالمقابل‪ّ .‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬جريمة إساءة استغالل الوظيفة العامة‬

‫نصتّالمادةّ‪ّ 22‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬على ّأنه"ّيعاقبّبالحبسّمنّسنتينّ‬


‫إلىّعشرّسنواتّوبغرامةّمن‪ّ900.000‬دجّإلى‪ّ0.000.000‬دجّ ّ‬

‫‪20‬‬
‫‪ ‬كل ّموظف ّعمومي ّأساء ّاستغالل ّوظائفه ّأو ّمنصبه ّعمدا ّمن ّأجل ّأداء ّعمل ّأوّ‬
‫االمتناعّعنّأداءّعملّفيّإطارّممارستهّوظائفهّعلىّنحوّيخرقّالقوانينّوالتّنظيماتّ‬
‫وذلكّبغرضّالحصولّعلىّمنافعّغيرّمستحقةّلنفسهّأوّلشخصّآخرّأوّكيانّآخر"‪.‬‬
‫ّوبتحليلّهذهّالمادةّيمكنناّأنّنستخلصّأوجه ّاالختالف ّواالتفاق ّبينّالجريمتينّ‬
‫علىّالنحوّالتالي‪ّ :‬‬
‫‪ -‬تستوجب ّالجريمتان ّ أن ّيكون ّالجاني ّموظفا ّعموميا ّبمفهوم ّالمادة ّ‪/9‬ب ّمن ّالقانونّ‬
‫رقمّ‪.00/00‬‬
‫‪ -‬تتطلبّجريمةّإساءةّاستغاللّالوظيفة‪ّ،‬أنّيقومّالجانيّإماّبسلوكّإيجابيّبأداءّعملّ‬
‫أو ّسلبي ّباالمتناع ّعن ّعمل ّمن ّأعمال ّوظيفته‪ّ ،‬خرقا ّللقوانين ّواللوائح ّالتنظيمية‪ّ ،‬وأنّ‬
‫يكون ّالسلوك ّ المادي ّالمخالف ّللقانون ّقد ّصدر ّمنه ّأثناء ّممارسة ّوظيفته‪ّ ،27‬بالتاليّ‬
‫فالعملّهناّغيرّمشروعّقانوناّفيّحينّلمّيشترطّذلكّفيّجريمةّالرشوة‪ّ .‬‬
‫‪ -‬إذاّكانتّجريمةّالرشوةّتتطلبّالقيام ّبأحدّاألفعالّالتّالية ّ"طلبّأوّقبول" ّفإنّ ّجريمةّ‬
‫إساءة ّاستغالل ّالوظيفة ّتفتقد ّلهذه ّاألفعال ّلكونها ّترتكب ّمن ّطرف ّشخص ّواحد ّوهوّ‬
‫الموظّفّالعموميّفقط‪.‬‬

‫ّومنّاألمثلةّعنّجريمةّإساءةّاستغاللّالوظيفة ّرئيسّالمصلحةّالمكلفّبإعدادّ‬
‫وتسليمّجوازاتّالسّفر ّعلىّمستوىّالدائرةّالذيّيرفضّاستالمّطلبّالحصول ّعلىّجوازّ‬
‫السّفرّمنّمواطن‪ّ ،‬أوّيستلمهّمنه ّويحتفظّبهّفيّدرجّمكتبهّأكثرّمنّشهرّدونّالقيامّ‬
‫بأي ّإجراء‪ّ ،‬أو ّالذي ّيعدّه ّوال ّيقدمه ّللتوقيع ّأو ّالذي ّيحتفظ ّبه ّبعد ّتوقيعه ّّوال ّيسلمهّ‬
‫لصاحبهّوذلكّمنّأجل ّدفع ّصاحبهّعلىّقضاءّحاجةّالموظّفّلديه‪ّ ،‬أوّالحصول ّمنهّ‬
‫علىّمنفعةّقدّتكونّماديةّأوّمعنوية‪ّ .28‬‬

‫‪ّ27‬أحسنّبوسقيعة‪ ّ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجزائيّالخاص‪ّ،‬جرائمّالفساد ــّجرائمّالمالّواألعمالّـ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬‬


‫ص‪ّ .91‬‬
‫‪ّ28‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬المرجعّنفسه‪ّ،‬صّ‪.92/99‬‬

‫‪21‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬جريمتا اإلثراء غير المشروع وتلقي الهدايا‬

‫ّالرشوة ّوجريمتي ّاإلثراء ّغيرّ‬


‫ّّنتناول ّفي ّهذا ّالمطلب ّالتفرقة ّبين ّجريمة ّ‬
‫المشروعّوكذاّتلقيّالهدايا‪ّ .‬‬

‫الفرع األول‪ :‬جريمة اإلثراء غير المشروع‬

‫بموجبّالقانونّرقمّ‪ّ00/00‬تمّاستحداثّجريمةّاإلثراءّغيرّالمشروع‪ّ،‬وذلكّبناءّ‬
‫على ّالتزام ّالدّ ولة ّالجزائرية ّبتطبيق ّمضمون ّاتفاقية ّاألمم ّالمتحدة ّلمكافحة ّالفساد ّالتيّ‬
‫سبقّوأنّصادقتّعليهاّسنةّ‪ّ،9002‬باعتبارّأنّّمكافحةّجريمةّاإلثراءّغيرّالمشروعّهوّ‬
‫تكريسّلقاعدةّ"ّمنّأينّلكّهذا؟ ّ"ّومعنىّذلك ّمحاصرةّكلّمنّيثرىّبغيرّسبب‪ّ،‬فهيّ‬
‫ائمّالماليةّالمنصوصّعليهاّوالتيّقدّتظهرّمستقبال‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫شاملةّلكلّالجر‬

‫نصتّالمادةّ‪ّ 21‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬علىّأنهّ"ّيعاقبّبالحبسّمنّسنتينّ‬


‫إلىّعشرّسنواتّوبغرامةّمنّ‪ّ900.000‬دجّإلى‪ّ0.000.000‬دج ّ‬

‫‪ ‬كلّموظّ فّعموميّالّيمكنهّتقديمّتبريرّمعقولّللزيادةّالمعتبرةّالتيّطرأتّفيّذمتهّ‬
‫الماليةّمقارنةّبمداخليهّالمشروعة‪ّ .‬‬
‫‪ ‬يعاقبّبنفسّعقوبةّاإلخفاءّالمنصوصّعليهاّفيّهذاّالقانون‪ّ،‬كلّشخصّساهمّعمداّ‬
‫في ّالتستر ّعلى ّالمصدر ّغير ّالمشروع ّلألموال ّالمذكورة ّفي ّالفقرة ّالسابقة ّبأية ّطريقةّ‬
‫كانت‪ّ .‬‬
‫‪ ‬يعتبر ّاإلثراء ّغير ّالمشروع ّالمذكور ّفي ّالفقرة ّاألولى ّمن ّهذه ّالمادة ّجريمة ّمستمرةّ‬
‫تقومّإماّبحيازةّالممتلكاتّغيرّالمشروعةّأوّاستغاللهاّبطريقةّمباشرةّأوّغيرّمباشرة"‪.‬‬
‫جريمةّاإلثراءّغيرّالمشروعّهيّتلكّالجريمةّالتيّيعجزّفيهاّالموظّفّعنّتقديمّ‬
‫يرّعنّالزيادةّالحاصلةّفيّذمتهّالماليةّمقارنةّبمداخليهّالمعلومةّالمصدر‪ّ،‬منّمرتبّ‬
‫ّ‬ ‫تبر‬

‫‪22‬‬
‫أو ّأمالك ّآلت ّإليه ّمن ّإرث ّأو ّهبة‪ّ ،‬ومنه ّيمكن ّحصر ّأوجه ّاالتفاق ّواالختالف ّبينّ‬
‫جريمةّالرشوةّواإلثراءّغيرّالمشروعّفيماّيلي‪ّ :‬‬
‫‪ -‬تقتضي ّجريمة ّاإلثراء ّغير ّالمشروع ّأن ّيكون ّالجاني ّموظفا ّعموميا ّوهو ّنفس ّماّ‬
‫يمةّالرشوةّالسلبية‪ّ،‬ألن ّالموظّفّالعموميّيبررّمدخوله ّبالراتبّالذيّيتلقاه‪ّ،‬‬
‫ّ‬ ‫تتطلبهّجر‬
‫ةّفيّذمتهّالماليةّوالتيّتثيرّشكوكاّحولّمصدرهاّ‬
‫ّ‬ ‫بحيثّيمكنّمالحظةّأيّزيادةّمعتبر‬
‫مقارنةّبمداخيلهّالمشروعة‪.‬‬
‫‪ -‬ترتكزّجريمةّاإلثراءّغيرّالمشروعّعلىّحصولّزيادةّمعتبرةّفيّالذمةّالماليةّللموظفّ‬
‫بمعنىّأنّهذهّالزيادةّذاتّأهميةّملفتةّللنظرّمقارنةّبمداخيلهّالمشروعة‪ّ،‬والتيّقدّتظهرّ‬
‫منّخاللّنمطّعيش ّ ّوتصرفاتّالجانيّكاإلكثارّمنّالسفرّإلىّالخارجّـ ـ ّشراءّعقارات ّ ــّ‬
‫الزيادةّفيّرصيدهّالبنكي‪.29‬‬
‫ّ‬
‫ّالزيادة‪ّ ،‬فإذا ّكان ّاألصل ّأن ّالنيابة ّالعامة ّهيّالتي ّيقعّ‬
‫‪ -‬عدم ّالقدرة ّعلىّتبرير ّهذه ّ‬
‫الحالةّقررّ‬
‫ّ‬ ‫همةّوالمبدأّأنّ ّالمتهمّبريءّحتىّتثبتّإدانته‪ّ،‬ففيّهذه ّ‬
‫عليهاّعبءّإثباتّالتّ ّ‬
‫ىّالمتهم‪ّ،‬واذ ّالمّيستطعّتبريرّهذهّالزيادةّفالتّهمةّتثبتّفيّ‬
‫ّ‬ ‫المشرعّنقلّعبءّاإلثباتّإل‬
‫ّ‬
‫حقه‪.‬‬
‫المتابعة ّفي ّهذه ّالجريمة ّتقوم ّعلى ّمجرد ّشبهة‪ّ ،‬ويتعين ّعلى ّالمشتبه ّفيه ّأنّ‬
‫يأتيّبماّينافيها‪.30‬‬
‫‪ -‬استمرار ّجريمة ّاإلثراء ّغير ّالمشروع ّباستمرار ّحيازة ّالممتلكات ّغير ّالمشروعةّّّّّّّّّّ‬
‫ّواستغاللها‪ّ،31‬فيّحينّأن ّجر‬
‫يمةّالرشوةّفوريةّوالّتقومّعلىّمجردّاالشتباهّكماّأنّهاّجزءّ‬
‫ّ‬
‫منّجريمةّاإلثراءّغيرّالمشروع‪.‬‬

‫‪ّ29‬معاشوّفظة‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪.00‬‬
‫‪ّ30‬أحسنّبوسقيعة‪ ّ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجزائيّالخاص‪ّ،‬جرائمّالفساد ــّجرائمّالمالّواألعمالّـ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‬
‫‪ّ .12‬‬
‫‪ 31‬أمالّيعيشّتمام‪ّ" ّ،‬قراءةّفيّقانونّالوقايةّمنّالفسادّومكافحته"‪ّ،‬مجلةّاالجتهادّالقضائي‪ّ،‬العددّالخامس‪ّ،‬بسكرة‪ّ،9002ّ،‬صّ‬
‫‪.000‬‬
‫‪23‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬جريمة تلقي الهدايا‬

‫من ّالمعلوم ّأن ّالهدية ّصورة ّمن ّصور ّالتّعبير ّعن ّالمحبة ّوالتواد ّبين ّالناسّ‬
‫ّولذلكّحثّعليهاّرسولّالخلقّمحمدّصلىّاهللّعليهّوسلمّبقولهّ"ّتهادوإ تحابوإّ"‪ّ،‬الهديةّ‬
‫هناّيفترضّتقديمهاّدونّانتظارّالمقابلّأوّالعوض ّمماّيجعلهاّمشروعة ّّوهو ّما ّذهبّ‬
‫ّالرشوة ّهي ّماّ‬
‫ّالرشوة ّّوالهدية ّبأنّ" ّ‬
‫ّوغيره ّالذي ّميّز ّبين ّ‬
‫إليه ّرجال ّالفقه ّمثل ّالنابلسي ّ‬
‫يعطيهّبشرطّأنّيعينهّوالهديةّالّشرطّمعهاّ"‪ّ .32‬‬
‫ّ‬
‫أماّالرشوةّّّّّ‬
‫ّ‬ ‫كماّعرفتّالهديةّبأنها‪ّ ":‬تمليك ّالمرءّمالهّلغيرهّبالّعوضّتلطفاّ"‪ّ33‬‬
‫" ّفهي ّبشرط ّعوض ّمحرم ّمن ّإبطال ّحق ّواحقاق ّباطل"‪ّ 34‬وعليه ّيتضح ّجليا ّأنه ّإذاّ‬
‫ارتبط ّتقديم ّالهدية ّإلى ّالموظّف ّالعمومي ّبمنّاسبة ّالقيام ّبعمل ّمن ّأعماله ّالتي ّيكونّ‬
‫للمهديّمصلحةّفيها‪ّ،‬يفقدهاّمعناهاّالحقيقي ّلتصبحّوسيلةّللمساس ّبنزاهةّالوظيفةّ ّودفعّ‬
‫ُّ‬
‫الموظّفّإلىّاالنحرافّبها‪ّ .‬‬
‫جرمّتلقىّالهداياّبموجبّالمادةّ‪ّ29‬منّ‬
‫يّهذاّاألمرّو ّ‬
‫ّ‬ ‫ّوقدّتداركّالمشرعّالجزائر‬
‫القانونّرقمّ‪ّ 00/00‬التيّنصتّعلىّمايلي"ّيعاقبّبالحبسّمنّستةّأشهر ّإلىّسنتينّ‬
‫وبغرامةّمنّ‪ّ10.000‬دجّإلى‪ّ900.000‬دج ّ‬
‫‪ ‬كلّموظّفّعموميّيقبلّمنّشخصّهديةّأوّمزيةّغيرّمستحقةّمن ّشأنهاّأنّتؤثرّ‬
‫فيّسيرّإجراءّماّأوّمعاملةّلهاّصلةّبمهامه‪ّ .‬‬
‫ةّفيّالفقرةّالسابقةّ"‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬يعاقبّالشّخصّمقدّمّالهديةّبنفسّالعقوبةّالمذكور‬
‫شوةّوجريمةّتلقيّالهداياّفيماّيلي‪ّ :‬‬
‫تظهرّأوجهّاالختالفّواالتفاقّبينّجريمةّالر ّ‬
‫‪ -‬جريمةّتلقيّالهداياّالّتتحقق ّإال ّّّباستالم ّالهدية‪ّ،‬وهوّماّيدلّعليهّالعنوان‪ّ،‬فيّحينّ‬
‫يمةّالرشوةّبطلبّأوّقبولّالمزيةّأوّالوعدّبها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫تتحققّجر‬

‫‪ّ32‬عبدّالغنيّالنابلسي‪ّ،‬تحقيقّالقضيةّفيّالفرقّبينّالرشوةّوالهدية‪ّ،‬الطبعةّاألولى‪ّ،‬مكتبةّالزهراء‪ّ،‬القاهرة‪ّ،0220ّ،‬صّ‪ّ .02‬‬
‫‪33‬عبدّالرحيمّبنّإبراه يمّبنّعبدّالرحمانّالسيدّالهاشم‪ّ،‬الهداياّللموظفينّأحكامهاّوكيفيةّالتصرفّفيها‪ّ،‬دارّابنّالجوزي‪ّ،‬دونّ‬
‫سنةّوالّبلدّالنشر‪ّ،‬صّ‪ّ .00‬‬
‫‪ّ34‬عبدّالرحيمّبنّإب ارهيمّبنّعبدّالرحمانّالسيدّالهاشم‪ّ،‬المرجعّنفسه‪ّ،‬صّ‪.00‬‬

‫‪24‬‬
‫ّوهو ّما ّتتفق ّعليه ّمعّ‬
‫‪ -‬جريمة ّتلقي ّالهدايا ّتشترط ّأن ّتقدم ّالهدية ّلموظف ّعمومي ّ‬
‫يمةّالرشوة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫جر‬
‫‪ -‬تقدمّالرشوةّبغيةّقيامّالموظّفّبأداءّعملّمنّاختصاصهّأوّاالمتناع ّعنّأدائه ّبماّ‬
‫يحققّمصلحةّمقدمّالرشوة‪ّ،‬فيّحينّ الّيقترنّتقديمّالهديةّبطلبّأداءّعملّأوّاالمتناعّ‬
‫عن ّأدائه ّوانّما ّيكون ّلصاحب ّالمصلحة ّخدمة ّلدى ّالم ّوظف‪ّ ،‬مما ّيؤثر ّعلى ّسيرهاّ‬
‫الطبيعيّوقدّتكونّالخدمةّعلىّشكلّدعوىّقضائيةّأوّعريضةّإداريةّأوّالتّرشحّلمشروعّ‬
‫ّذاتهاّواّنّماّ‬
‫ّ‬ ‫أوّالتّظلمّأوّالطّعنّفيّقرار‪ّ ،35‬فالغاية ّمنّالتّجريمّهناّليست ّالهديةّفيّحد‬
‫بماّتؤثرّهذهّالتّصرفاتّعلىّواجباتّومهامّالموظّفّالعمومي‪.36‬‬
‫علماّ ّأنّ هّمنّالصعبّإثباتّهذهّالجريمةّمنّالناحيةّالعملية ّإذّالّيمكنّالجزمّ‬
‫بأنّ ّتلقي ّالهدية ّهو ّالذي ّأثر ّعلى ّسير ّاإلجراءات ّفقد ّتتداخل ّظروف ّأخرى ّغيرّ‬
‫محددة‪.‬‬
‫وماّيالحظّبخصوصّهذهّالجريمةّالتيّجاءتّبعنوانّ"ّتلقي إلهدإياّ"ّمماّيفيدّ‬
‫االستالم ّّوهذا ّاألخير ّيخص ّاألشياء ّالمادية ّفي ّحين ّيأتي ّالمشرع ّفي ّمضمون ّالمادةّ‬
‫وينصّ"‪...‬كلّموظّفّعموميّيقبلّهديةّأوّأيةّمزيةّغيرّمستحقةّ‪ّ"...‬والمعلومّأنّّالمزيّةّ‬
‫تأخذّطابعاّمادياّأوّمعنوياّّفكيفّيتصور ّاالستالمّإذاّكانتّالمزيةّمعنوية‪ّ ،‬وبالتاليّ‬
‫فإنهّالّيفترضّأنّيتمّاالستالمّالماديّللهديةّأوّالمزيةّألنّ ّصاحبّالمصلحةّقدّيخدمّ‬
‫ّي َش ِغل ّله ّابنهّ‬
‫الموظّف ّالعموميّبشكل ّآخر ّكأن ّيسعى ّفي ّترقيته ّدون ّطلب ّمنه‪ّ ،‬أو ُ‬
‫دون ّطلب ّمنه ّفي ّفترة ّكانت ّلصاحب ّالمصلحة ّخدمة ّلدى ّالموظف‪ّ ،‬مما ّيؤثر ّعلىّ‬
‫حسنّسيرّالعملّبنزاهةّبالتاليّيجدر ّبالمشرعّتداركّهذاّاألمرّ ّوتعديلّالعنوانّبماّيفيدّ‬
‫قبولّالمزايا‪ّ .‬‬

‫‪ ّ35‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجزائيّالخاص‪ّ،‬جرائمّالفساد ــّجرائمّالمالّواألعمالّـ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‬


‫‪.91‬‬
‫‪ 36‬معاشوّفظة‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪.00‬‬

‫‪25‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫خالصة الفصل التمهيدي‬

‫منّخاللّهذاّالفصلّحاولناّاإلحاطةّبالمفاهيمّالعامةّللرشوةّفيّالمبحثّاألولّ‬
‫وذلكّمنّمنطلقّالتعريفّاللغويّواالصطالحيّلها‪ّ،‬حيثّخلصناّإلىّأنّرشوةّالموظّفّ‬
‫العمومي ّهي ّإتجار ّبالوظيفة ّالعامة‪ّ ،‬تنتشر ّحين ّتتغلب ّالمصلحة ّالخاصة ّعلىّ‬
‫األخالقيات ّ ّواألدبيات‪ّ ،‬فتخلق ّشرخا ّكبي ار ّبين ّالمواطنين‪ّ ،‬إذ ّتظهر ّطبقة ّذات ّغنىّ‬
‫المشرعّيهدفّمنّوراءّتجريمهّللرشوةّ‬
‫فاحشّوأخرىّفقيرةّمماّيهزّثقةّالمواطنّبالدولة‪ّ،‬ف ّ‬
‫إلىّحمايةّالثقةّالمفترضةّبينّالقائمّبالخدمةّوالمواطن‪ّ،‬كماّتطرقناّإلىّاألنظمةّالمنتهجةّ‬
‫فيّتجريمّالرشوةّوهيّالنظامّاألحاديّوالنظامّالثنائي‪ّ،‬حيثّاعتمدّالمشرعّالجزائريّعلىّ‬
‫هذاّاألخيرّمنّمنطلقّالمزاياّالتيّيتمتعّبها‪ّ،‬خاصةّوأنهّبمقتضىّهذاّالنظامّيعتبرّكلّ‬
‫منّالراشيّوالمرتشيّفاعلينّأصليينّفالّيمكنهماّاإلفالتّمنّالعقاب‪ّ .‬‬

‫ّأماّالمبحث ّالثّانيّفتعرضناّفيهّلمختلفّالجرائم ّالمنصوصّعليهاّفيّالقانونّ‬


‫ّللرشوة‪ ّ ،‬على ّنحو ّنميز ّفيه ّبينها ّلنستخلص ّالمعالم ّالخاصةّ‬
‫رقم ّ‪ّ 00/00‬المشابهة ّ‬
‫يمةّالرشوة‪ّ ،‬وفيّهذاّالصّددّميّّزناّبينهاّوبينّجريمةّاستغاللّالنفوذ‪ّ،‬إساءةّاستغاللّ‬
‫ّ‬ ‫بجر‬

‫‪26‬‬
‫الوظيفة ّالثراء ّغير ّالمشروع ّوتلقي ّالهدايا ّحيث ّكان ّالجدير ّبالمشرع ّتجريم ّالمكافأةّ‬
‫الالحقة‪ّ .‬‬

‫‪27‬‬
‫إلفــــــــــــــــــصل إألول‬

‫‪28‬‬
‫الفصل األول‪ :‬األحكام الموضوعية لجريمة رشوة الموظف العمومي الوطني‬

‫المشرعّالجزائريّمنّ‬
‫يمةّالرشوةّمنّبينّأخطرّجرائمّالفسادّالتيّتبناها ّ ّ‬
‫ّ‬ ‫تعدّ ّجر‬
‫خاللّالقانونّرقمّ‪ّ،00/00‬ورغمّتعددّصورّهذهّالجريمةّالمدرجةّفيّنفسّالقانون‪ّ،‬إالّ‬
‫أنّأهمّصورةّلهاّهيّرشوةّالموظفّالعموميّالوطني‪ّ .‬‬

‫ّالرشوةّهيّسلوكّيتنافىّمعّالثقةّالتيّأولتهاّالدولةّللموظفّالعام‪ّ،‬وماّيجبّ‬
‫أن ّيتصف ّبه ّمن ّأمانة ّونزاهة ّوأخالق‪ّ ،‬فهي ّتؤدي ّإلى ّالتفرقة ّالظالمة ّوالتمييز ّبينّ‬
‫المواطنينّلذلكّتناولهاّالمشرعّالجزائريّوفقاّألحكامّجديدة‪ّ،‬وهذاّماّسيتضحّلناّفيّهذاّ‬
‫الفصلّالذيّسنقسمهّإلىّمبحثينّأساسيينّاألولّنخصصهّلدراسةّصفةّالموظفّوالثانيّ‬
‫ألركانّجريمةّالرشوة‪ّ .‬‬

‫المبحث األول‪ :‬صفة الموظف العام‬

‫يمةّالرشوةّأنّيكونّأحدّأطرافهاّموظّفاّعموميا‪ّ،‬وهذاّماّنصّتّعليهّ‬
‫ّ‬ ‫تقتضيّجر‬
‫المادة ّ‪ّ 91‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬التي ّجاء ّمضمونها ّكالتالي ّ" ّيعاقب ّبالحبس ّمنّ‬
‫سنتينّإلىّعشرّسنوات‪ّ،‬وبغرامةّمنّ‪ّ900.000‬دجّإلىّ‪ّ0.000.000‬دج ّ‬

‫‪ ‬كلّمنّوعدّموظّفاّعمومياّبمزيةّغيرّمستحقّة‪ّ،‬أوّعرضهاّعليهّأوّمنحهّإيّاهاّبشكلّ‬
‫مباشرّأوّغيرّمباشر‪ّ،‬سواءّكانّذلكّلصالحّالموظّفّنفسهّأوّلصالحّشخص ّآخر ّأوّ‬
‫كيانّآخرّلكيّيقومّبأداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّمنّواجباته‪.‬‬
‫‪ ‬كل ّموظّف ّعمومي ّطلب ّأو ّقبل ّبشكل ّمباشر ّأو ّغير ّمباشر‪ّ ،‬مزية ّغير ّمستحقّةّ‬
‫سواءّلنفسهّأوّلصالحّشخصّآخرّأوّكيانّآخر‪ّ،‬ألداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّ‬
‫منّواجباته"‪ّ .‬‬

‫‪29‬‬
‫منّهناّيتضحّجلياّأن ّلصفةّالموظّفّالعامّأهميةّكبيرةّلذاّسنركزّفيّالمطلبّ‬
‫األولّعلىّمفهومّالموظّفّالعام‪ّ،‬ثمّنتعرضّإلىّعنصر ّثانّوهو ّاختصاصّالموظّفّ‬
‫بالعملّالوظيفيّفيّالمطلبّالثاني‪ّ ّ.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الموظف العام‬

‫لمّيشترطّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬صفةّمعينةّفيّالراشي‪ّ،‬لكنهّفيّالمقابلّاشترطّ‬
‫في ّالمرتشي ّصفة ّالموظف ّالعمومي‪ّ ،37‬على ّاعتبار ّأن ّالرشوة ّهي ّاتجار ّبالوظيفةّ‬
‫العامةّواستغاللهاّعلىّنحوّغيرّمشروع‪ّ،‬وقدّوردّتعريفّالموظفّالعامّفيّاألمرّرقمّ‬
‫‪ّ 02/00‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 01‬جويلية ّ‪ّ 9000‬المتضمن ّالقانون ّاألساسي ّالعام ّللوظيفةّ‬
‫العمومية‪ّ،‬إال ّأن ّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬استقلّبتعريفّخاصّللموظفّالعام‪ّ،‬مماّيدفعناّ‬
‫لدراسةّمفهومّالموظفّالعامّفيّكالّالقانونينّلنتبينّأوجهّاالختالفّبينهما‪ّ،‬وذلكّضمنّ‬
‫فرعينّأساسيين‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف الموظف العام في القانون األساسي العام للوظيفة العمومية‬

‫نصّتّالمادةّ‪ّ 02‬منّاألمرّرقمّ‪ّ 02/00‬على أ ّنه " يعتبرّموظّفا ّكلّعونّعيّنّ‬


‫فيّوظيفةّعموميّةّدائمة‪ّ،‬ورسمّفيّرتبةّفيّالسلّمّاإلداري‪ّ .‬‬
‫‪ ‬التّرسيمّهوّاإلجراءّالذيّيتمّمنّخاللهّتثبيتّالموظّفّفيّرتبته "ّ ّ‬
‫منّخاللّمضمون ّهذه ّالمادةّيتّضحّأنّ ّتعريفّالموظفّالعموميّفيّالقانونّ‬
‫علىّالشروطّالجوهريةّالتالية‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫األساسيّالعامّللوظيفةّالعموميةّيرتكزّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫أوال‪ :‬التعيين‬

‫‪ 37‬انطرّالمادةّ‪ّ91‬منّالقانونّرقمّ‪.00/00‬‬

‫‪30‬‬
‫ّالمركزّالقانونيّللموظفّالّينشأّإال ّبموجبّأداةّقانونيةّتتمثلّهذهّاألداةّإماّ‬
‫فيّإصدارّمرسومّرئاسيّأوّتنفيذيّأوّقرارّوزاريّأوّوالئيّأوّفيّشكلّمقررّصادرّ‬
‫عنّسلطةّإدارية‪ّ،38‬فالتعيينّبهذاّالمفهومّشرطّأساسيّللتوظيفّوفقاّلألمرّرقمّ‪ّ02/00‬‬
‫لذاّالّيمكنّأنّيعتبرّموظّفاّمنّقلدّمنصباّبطريقّآخرّكاالنتخابّمثال‪ّ .‬‬
‫ّيجب ّأنّيكونّالتعيينّصادراّمنّالجهةّالمختصةّبه‪ّ،‬فالدّستورّالجزائريّلسنةّ‬
‫‪ّ 0220‬المعدل ّوالمتمم ّبموجب ّالقانونّرقم ّ‪ّ 02/09‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 01‬نوفمبر‪ّ 9009‬حددّ‬
‫الجهات ّالمختصة ّبالتّعيين ّفي ّالمناصب ّالعليا‪ّ ،‬فيضطلع ّبذلك ّرئيس ّالجمهورية ّوفقاّ‬
‫للمادةّ‪ّ19/11‬منّالدّستور‪ّ ّ،‬ويتولىّالوزيرّاألولّالتعيينّفيّوظائفّالدولةّدونّالمساسّ‬
‫بأحكامّالمادتينّ‪ّ19/11‬منّالدستور‪ّ،39‬أمّاّالمناصبّاألخرىّفيعودّأمرّالتعيينّبهاّإلىّ‬
‫ّفالمشرع ّالجزائريّ‬
‫ّ‬ ‫الوزراء ّوالوالة ّورؤساء ّالبلديات ّ ّومديري ّالمؤسسات ّالعامّة‪ّ ،‬وعليه‬
‫اشترطّالتّعيينّكوسيلةّلتوليّالوظيفةّالعامةّواستبعدّبذلكّالوسائلّاألخرىّكاالنتخاب‪.‬‬
‫غيرّأنّهناكّحاالتّإماّيكونّفيهاّقرارّالتعيينّمشوباّبعيبّأوّينعدمّّفيهاّهذاّ‬
‫القرارّمماّأوجدّماّيسمّىّبنظريةّالموظّفّالفعلي‪ّ،‬التيّمفادهاّاالعترافّبصفةّالموظّفّ‬
‫العامّللفردّالذيّيمارسّوظيفةّعموميّةّبالرغمّمنّعدمّتحققّشروطها‪ّ ،40‬ففيّالظّروفّ‬
‫االستثنائيةّكحالةّالحربّمثال ال يعتد بال ّتعيين من السّلطة المختصّة‪ ،‬ممّا يجعل تصرفاتهّ‬
‫صحيحة‪ّ،‬أماّفيّالظّروفّالعاديةّفالفردّالذيّيقحمّنفسهّعلىّاإلدارةّدونّتعيينّيعتبرّ‬
‫غاصبا ّوتصبح ّأعماله ّمعدومة‪ّ ،41‬فال ّتطبق ّعليه ّجريمة ّ‬
‫ّالرشوة ّبل ّيسأل ّعن ّجريمةّ‬
‫أخرىّإذاّتوافرتّأركانهاّكالنّصبّمثال‪ ّ ،‬أماّإذاّكانّقرارّتعيينهّمشوباّبعيبّخفيّفإنّ‬
‫ذلكّالّيحول ّدونّممارستهّلوظيفتهّفعالّكعدمّأدائهّلليمينّالقانونيّةّبعدّالتّنصيب‪ّ،‬وال‬

‫ائمّالمالّواألعمالّ ـ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬المرجعّالسابق‪،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 38‬أحسنّبوسقيعة‪ ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجنائيّالخاص"ّجرائمّالفسادّـ ــّجر‬
‫ص ‪.02‬‬
‫‪ 39‬أنطرّالمادةّ‪ّ02‬منّالقانونّرقمّ‪ّ02/09‬المعدلةّوالمتممةّللمادةّ‪ّ91‬منّدستورّ‪.0220‬‬
‫‪ 40‬أحمدّصبحيّالعطار‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ ,909‬‬
‫سليمانّمحمدّالطماوي‪ّ،‬مبادئّالقانونّاإلداري"ّدراسةّمقارنةّ"‪ّ،‬دارّالفكرّالعربي‪ّ،‬دارّالمحاميّللطباعة‪ّ،‬بيروت‪ّ،‬الطبعةّّّ‬ ‫‪41‬‬

‫السادسة‪ّ،0202ّ،‬صّ‪.009‬‬

‫‪31‬‬
‫يزيل ّعنه ّصفة ّالموظّف ّالعمومي‪ّ ،‬حماية ّلمبدأ ّحسن ّالنيّة ّألن ّالمواطن ّغير ّمطالبّ‬
‫بالبحثّفيّمدىّصحةّقرارّتعيينّالموظّف‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ديمومة المنصب‬

‫ينصرف ّمفهوم ّالدّيمومة ّهنا ّللمنصب ّفي ّحدّ ّذاته‪ّ ،‬وذلك ّمن ّمنطلق ّمبدأّ‬
‫استم اررية ّالمرفق ّالعام ّواستق ارره‪ّ ّ ،‬وكذا ّشغل ّالمنصب ّبصفة ّدائمة ّغير ّعرضية‪ّ ،‬إذّ‬
‫تخضع ّمناصب ّالشغل ّالتي ّتتضمن ّنشاطات ّالحفظ ّوالصيانة ّأو ّالخدمات ّفيّ‬
‫المؤسساتّالعموميةّلنظامّالتعاقد‪ّ،‬كماّيجوزّاستثناء ّاللجوءّإلىّتوظيفّمتعاقدينّفيّ‬
‫مناصب ّشغل ّمخصصة ّللموظفين ّفي ّحالة ّانتظار ّتنظيم ّمسابقة ّللتوظيف ّأو ّانشاءّ‬
‫سلكّجديدّللموظفين‪ّ،‬أوّفيّحالةّتعويضّالشغورّالمؤقتّلمنصبّالشغل‪ّ،42‬إال ّأنهّالّ‬
‫يمكنّلشاغلّهذهّالمناصب ّأنّيكتسبّصفةّالموظفّالعموميّبمفهومّالقانونّاألساسيّ‬
‫للوظيفةّالعمومية‪.43‬‬

‫ثالثا‪ :‬الترسيم‬

‫التّعيينّوحده ّحسبّالقانونّاألساسيّالعامّللوظيفةّالعموميةّال ّيكفيّالكتسابّ‬


‫ّالمتمرن ّأوّّّّّّّّّ‬
‫ّ‬ ‫صفة ّالموظّف ّالعمومي‪ّ ،‬بل ّالبدّ ّمن ّالتّثبيت ّفي ّالوظيفة ّوعليه ّفالعون‬
‫وهوّالذيّعينّفي ّوظيفةّدائمةّمنّغيرّأنّيرسمّفيها‪ ّ44‬ـ ــّالّيعدّ ّموظّفاّ‬
‫ِّّ‬ ‫"المتربص"ّـ ـ ــّ‬
‫عموميّاّإالّ ّحينماّيتمّترسيمهّفيّإحدىّدرجاتّالسّلمّاإلداريّ‪ّ ،45‬فيخضعّبذلكّللقانونّ‬
‫األساسيّالعامّللوظيفةّالعموميةّفيّكلّنواحيه‪ّ ّ.‬‬

‫‪ 42‬أنظرّالمادةّ‪ّ02‬و‪ّ90‬منّاألمرّرقمّ‪ّ .02/00‬‬
‫‪ 43‬أنظرّالمادةّ‪ّ،09/99‬المرجعّنفسه‪ّ .‬‬
‫‪ّ44‬عبدهّعزّالدين‪ّ،‬عمليةّتدريبّالموظفّالعامّفيّالجزائر‪ّ،‬مذكرةّمكملةّلنيلّشهادةّماجستير‪ّ،‬فرعّالقانونّالعامّتخصصّ‬
‫اإلدارةّوالمالية‪ّ،‬كليةّالحقوقّبنّعكنون‪ّ،‬الجزائرّ‪ّ،9009/9000‬صّ‪.02‬‬
‫‪ ّ45‬سعيدّبوّالشعير‪ّ،‬النظامّالتأديبيّللموظفّالعموميّفيّالجزائر‪ّ،‬ديوانّالمطبوعاتّالجامعية‪ّ،‬الجزائر‪ّ،0220ّ،‬ص‪ّ .99‬‬

‫‪32‬‬
‫مع ّالعلم ّأنّ ّالمادة ّ‪ّ 2/9‬من ّاألمر ّرقم ّ‪ّ 02/00‬استثنت ّالقضاة ّوالمستخدمينّ‬
‫العسكريينّوالمدنيينّللدفاعّالوطنيّومستخدميّالبرلمانّمنّتطبيقّهذاّالقانونّوبالتّاليّ‬
‫فهمّالّيعتبرونّموظفينّبمفهومّهذاّاألمر‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬ممارسة العمل في أحد المؤسسات المذكورة بنص المادة ‪ 60‬من األمر رقم‬
‫‪60/60‬‬

‫نصّتّالمادةّ‪ّ09‬منّاألمرّرقمّ‪ّ02/00‬علىّماّيلي‪:‬‬
‫"يطبقّالقانونّاألساسيّعلىّالموظّفينّالذينّيمارسونّنشاطهمّفيّالمؤسساتّ‬
‫واإلداراتّالعموميّة‪.‬‬
‫‪ ‬يقصد ّبالمؤسسات ّواإلدارات ّالعمومية‪ّ ،‬المؤسسات ّالعمومية ّواإلدارات ّالمركزية ّفيّ‬
‫الدولةّوالمصالحّغيرّالممركزةّالتابعةّلهاّوالجماعاتّاإلقليميةّوالمؤسساتّذاتّالطابعّ‬
‫اإلداري ّوالمؤسسات ّالعمومية ّذات ّالطابع ّالعلمي ّوالثقافي ّوالمهني ّوالمؤسسات ّذاتّ‬
‫الطابع ّالعلمي ّوالتكنولوجي ّوكل ّمؤسسة ّعمومية ّيمكن ّأن ّيخضع ّمستخدموها ّألحكامّ‬
‫هذاّالقانون "‪.‬‬
‫بتحليلّهذهّالمادّةّيتّضحّأنّ ّالموظّفّالعموميّ ّبالمفهومّالسّابقّينخرطّالمحالةّ‬
‫في ّأحدّالمؤسساتّأو ّاإلداراتّالمذكورةّفيّالمادةّأعاله ّمماّيقتضيّالتّفصيلّفيّهذهّ‬
‫المؤسساتّللمزيدّمنّالفهم‪.‬‬

‫‪ .0‬المؤسسات العمومية‬

‫‪33‬‬
‫ّيقصد ّبها ّالهيئات ّالتي ّتم ّتأسيسها ّبنص ّصادر ّعن ّالسّلطات ّالعموميّةّ‬
‫ويحكمها ّالقانون ّالعام‪ّ ،46‬مثل ّالمحكمة ّالعليا ّومجلس ّالدّولة ّوالبرلمان ّبغرفتيه ّوكذاّ‬
‫المجلسّاإلسالميّاألعلىّوغيرهما‪.‬‬
‫‪ .9‬اإلدارة المركزية‬
‫ّتتمثل ّفي ّالسّلطة ّالتّنفيذية ّالتي ّتتضمن ّرئاسة ّالجمهورية ّورئاسة ّالوزراءّ‬
‫والو ازرات‪.‬‬
‫‪ .2‬المصالح غير المركزية التابعة لها‬
‫ّيقصدّبهاّبعضّالمصالحّالخارجيةّالتابعةّلرئاسةّالجمهوريةّ ّورئاسةّالوزراء ّأوّ‬
‫الو ازراتّكمفتشيهّأمالكّالدّولةّباعتبارهاّمصلحةّخارجيةّلو ازرةّالمالية‪.‬‬
‫الجماعات اإلقليمية‬ ‫‪.2‬‬
‫المؤرخّ‬
‫ّالجماعاتّاإلقليميّةّفيّالجزائرّهيّالواليةّبموجبّالقانون ّّرقمّ‪ّ ّ 02/20‬‬
‫في‪ّ 0220/02/01‬المعدل ّبموجب ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 01/09‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ9009/09/90‬‬
‫المتضمنّقانونّالواليةّحيثّنصتّالمادةّ‪ّ 00‬منهّعلىّماّيليّ" الواليةّجماعةّعموميةّ‬
‫المؤرخ ّفي‪ّ 0220/02/01‬المعدلّ‬
‫إقليميّة ّ"وكذا ّالبلديّة ّبموجب ّالقانون ّرقم ّ‪ّ ّ 09/20‬‬
‫بموجبّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬المؤرخّفيّ‪ّ 9000/01/99‬المتعلقّبالبلديةّحيثّجاء ّفيّ‬
‫مضمونّالمادةّ‪ّ00‬منهّ"ّالبلديّةّهيّالجماعةّاإلقليميّةّاألساسيّةّ"‪.‬‬
‫‪ .1‬المؤسسات ذات الطابع اإلداري‬
‫هي ّمؤسساتّخاضعةّللقانونّالعامّوفقّماهيّمعرفةّعليهّبموجبّالقانونّرقمّ‬
‫‪ّ 00/99‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 0299/00/09‬المتضمن ّقانون ّتوجيه ّالمؤسسات ّالعموميّةّ‬
‫االقتصادية‪ّ ،‬ومن ّهذه ّالمؤسسات ّالديوان ّالوطني ّللخدمات ّالجامعية ّ‪ّ ،ONOU‬الوكالةّ‬

‫ائمّالمالّواألعمالّ ـ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 46‬أحسنّبوسقيعة‪ ّ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجنائيّالخاص"ّجرائمّالفسادّـ ــّجر‬
‫‪ّ .00‬‬

‫‪34‬‬
‫ّوالمركز ّالوطنيّّ‬
‫الوطنيّة ّلتطوير ّاالستثمار‪ّ ،‬المدرسة ّالعليا ّللقضاء ّالمستشفيات ّ‬
‫للمخطوطات‪.47‬‬
‫‪ .0‬المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهنيّّّّّّ‬
‫ّّّّّّتمّاستحداثهاّبموجبّالقانونّرقمّ‪ّ 01/22‬المؤرخّفيّ‪ّ 0222/02/02‬المتضمنّ‬
‫القانون ّالتوجيهي ّللتعليم ّالعالي‪ّ ،‬حيث ّنصت ّالمادة ّ‪ّ 20‬منه ّعلى ّما ّيلي ّ" ّتنشأّ‬
‫مؤسسة ّعموميّة ّذات ّطابع ّعلمي ّوثقافي ّومهني" ّحيث ّشملت ّالجامعات‪ّ ،‬المدارسّ‬
‫معاهد ّالتّعليم ّالعالي ّوكذا ّالمراكز ّالجامعية‪ّ ،‬كما ّنصت ّالمادة ّ‪ّ 09‬من ّالمرسومّ‬
‫التنفيذي ّرقم ّ‪ّ 922/01‬المؤرخ ّفي‪ّ 9001/09/00‬المتعلق ّبتحديد ّمهام ّالمركزّ‬
‫الجامعيّوالقواعدّالخاصّةّبتنظيمهّوسيرهّعلىّأنّ ّ" ّالمركزّالجامعيّمؤسسةّعموميّةّ‬
‫ذاتّطابعّعلميّوثقافيّومهنيّيتمتعّبالشخصيةّالمعنويةّواالستقاللّالمالي"‪.‬‬

‫‪ .1‬المؤسسات ذات الطابع العلمي والتكنولوجي‬


‫أحدثت ّبمقتضى ّالقانون ّالتّوجيهي ّوالبرنامج ّالخماسي ّحول ّالبحث ّالعلميّ‬
‫والتّطويرّالتكنولوجيّرقمّ‪ّ00/29‬المؤرخّفيّ‪ّ0229/09/99‬حيثّنصّتّالمادةّ‪ّ01‬منهّ‬
‫" ّتنشأّمؤسسةّعموميّ ةّخصوصيةّذاتّطابعّعلميّوتكنولوجيّلتحقيقّنشاطاتّالبحثّ‬
‫العلميّوالتّطورّالتّكنولوجي"ّومنّهذهّالمؤسساتّمركزّتنميةّالطّاقاتّالمتجددةّ‪ّCDER‬‬
‫مركزّالبحثّفيّالتّ كنولوجياّالمستحدثّبموجبّالمرسومّالتنفيذيّرقمّ‪ّ 229/01‬المؤرخّ‬
‫في ّ‪ّ 9001/00/20‬المتضمن ّإنشاء ّمركز ّللبحث ّفي ّالبيوتكنولوجي ّحيث ّتنصّ ّالمادّةّ‬
‫‪ّ00‬منهّ"ّتنشأّمؤسسةّعموميّةّذاتّطابعّعلميّوتكنولوجي"‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫‪ .9‬كل مؤسسة عمومية يمكن أن يخضع مستخدموها لقانون الوظيفة العمومية‬

‫‪ 47‬أنظرّالمرسومّالتنفيذيّرقمّ‪ّ00/00‬المؤرخّفيّ‪ّ9000/00/01‬المتضمنّإنشاءّالمركزّالوطنيّللمخطوطات‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫ّوتشملّهذهّالفئة‪:‬‬
‫إلضمان إالجتماعي‬
‫أ‪ -‬هيئات ّ‬

‫ّالمضافة ّبموجب ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/99‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 0299/00/09‬المتضمنّ‬


‫القانون ّالتوجيهي ّللمؤسسات ّالعمومية ّاالقتصادية‪ّ ،‬إذ ّتعد ّأجهزة ّالضّمان ّاالجتماعيّ‬
‫هيئاتّعموميّةّويحكمهاّالقانونّاإلداريّ ّوفقاّللمادةّ‪ّ 22‬منّالقانونّالمذكورّأعالهّومنّ‬
‫هذه ّالهيئات ّالصّندوق ّالوطني ّللتّقاعد ّ‪ّ CNR‬الصندوق ّالوطني ّللتأمينات ّاالجتماعيّةّ‬
‫‪ّCNAS‬الصّندوقّالوطنيّللتأميناتّلغيرّاألجراءّ‪ّ .CASNOS‬‬
‫إلعمومية ذإت إلطّابع إلصناعي وإلتّجاري )‪(EPIC‬‬
‫ّ‬ ‫ب‪ -‬إلمؤسسات‬

‫أحدث ّهذا ّالنوع ّمن ّالمؤسسات ّبموجب ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/99‬وهي ّالهيئاتّ‬
‫العموميّ ة ّالتي ّتتمكن ّمن ّتمويل ّأعبائها ّاالستغاللية ّسواء ّجزئيا ّأو ّكليا ّمن ّعائد ّبيعّ‬
‫انتاج ّتجاري‪ّ ،‬إذ ّتخضع ّهذه ّالمؤسسات ّللقانون ّاإلداري ّفي ّعالقتها ّمع ّالدّولة‪ّ ،‬والىّ‬
‫القانونّالتّجاريّفيّعالقتهاّمعّالغيرّوهذاّبموجبّالمادةّ‪ّ21‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/99‬‬
‫من ّأمثلتها ّالمؤسسة ّالوطنيّة ّللتلفزيون ّ‪ّ ENTV‬ديوان ّالتّرقية ّوالتّسيير ّالعقاري ّ‪ّOPGI‬‬
‫الشّركةّالوطنيةّللنّقلّبالسككّالحديديّة‪ّ .48‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف الموظف العام في القانون رقم ‪60/60‬‬

‫إنّ ّذاتية ّواستقاللية ّالقانون ّالجنائي‪ّ ،‬يترتب ّعليها ّكنتيجة ّهامة ّأنّه ّال ّيتقيّدّ‬
‫بمدلولّالمصطلحاتّالواردةّفيّبقيةّالقوانين‪ّ ،‬ومنّأهمّماّيفيدناّفيّهذاّالمقامّمصطلحّ‬
‫الموظّفّالعام‪ّ،‬بالتّسليمّأنّ ّ القانونّاإلداريّذوّطبيعةّتنظيميةّيعمل ّعلىّتنظيمّالعالقةّ‬
‫بين ّالموظف ّوالدولة‪ّ ،‬محددا ّالحقوق ّوالواجبات‪ّ ،‬مما ّيعني ّأن ّمفهوم ّالموظف ّيتقيدّ‬

‫‪ّ48‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجنائيّالخاص"ّجرائمّالفسادّـ ــّجر‬
‫ائمّالمالّواألعمالّ ـ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬المرجعّالسابقّّّ‬
‫ّ‬
‫صّ‪.09‬‬

‫‪36‬‬
‫بالهدفّمنّهذاّالقانون‪ّ،‬فيّحينّنجدّأن ّالقانونّالجنائيّذوّطبيعةّجزائيةّيهدفّإلىّ‬
‫حمايةّالمصلحةّالعامة‪ّ،‬كماّيضفيّحمايتهّأيضاّعلىّأهدافّبقيةّالقوانين‪ّ .‬‬
‫ّبماّأن ّمنّأهمّالواجباتّالتيّيفرضهاّالقانونّاإلداري ّعلىّالموظفّالعامّهوّ‬
‫واجبّالنزاهة‪ّ،‬فقدّبسط ّالقانون ّالجنائيّحمايتهّعلىّهذاّالواجبّمنّخاللّتجريمهّلعدةّ‬
‫الرشوة‪ّ،‬فشملتّالمسؤوليةّالجنائية ّطوائفّأخرىّالّتدخلّفيّمفهومّ‬
‫جرائمّمنهاّجريمةّ ّ‬
‫الموظّفّالعامّمنّالناحيةّاإلداريّة‪.49‬‬

‫هجّالمشرعّالجزائريّمسلكا ّمغاي ار‪ّ،‬بحيثّاتجهّ‬


‫ّ‬ ‫ّوبموجبّالقانون ّرقمّ‪ّ 00/00‬انت‬
‫إلىّتحديدّ ّوشرحّبعضّالمصطلحاتّاألساسيّةّالواردةّبهّلتكونّأكثرّدقة‪ّ،‬وبماّأنّّجرائمّ‬
‫الفسادّالمذكورةّفيّهذاّالقانونّتقعّفيّجلّها ّمنّطرفّالموظّفّالعامّفقدّحددّالمشرعّ‬
‫‪50‬‬
‫الجزائري ّالطوائفّالتيّتدخلّفيّمفهومهّبموجبّالمادةّ‪/9‬بّمنّالقانونّرقمّ‪00/00‬‬
‫التيّنصّتّعلىّماّيلي‪ "ّ:‬يقصدّفيّمفهومّهذاّالقانونّبماّيأتيّ‪ّ...‬‬

‫ّّ‬ ‫بّ– موظّف عمومي‬


‫‪ ‬كلّ شخصّيشغلّمنصباّتشريعياّأوّتنفيذياّأوّإدارياّأوّقضائياّأوّفيّأحدّالمجالسّ‬
‫الشّعبيةّالمحليّ ةّالمنتخبة‪ّ،‬سواءّأكانّمعيناّأوّمنتخبا‪ّ،‬دائماّأوّمؤقتاّمدفوعّاألجرّأوّ‬
‫غيرّمدفوعّاألجر‪ّ،‬بصرفّالنظرّعنّرتبتهّأوّأقدميته‪.‬‬
‫ّيتوى ّولو ّمؤقتا ّوظيفة ّأو ّوكالة ّبأجر ّأو ّبدون ّأجر ّويساهم ّبهذهّ‬
‫‪ ‬كل ّشخص ّآخر ّ‬
‫الصّفةّفيّخدمةّهيئةّعموميّةّأوّمؤسسةّعموميّةّأوّأيةّمؤسسةّأخرىّتملكّالدّولةّكلّ‬
‫أوّبعضّرأسمالهاّأوّأيةّمؤسسةّأخرىّتقدمّخدمةّعموميّة‪.‬‬

‫نوافّخالدّفايز ّالعتيبي‪ّ،‬العزلّمن ّ الوظيفة ّالعامةّكعقوبةّجنائيةّ ّوتطبيقاتهاّفيّالمملكةّالعربيةّالسعودية‪ّ،‬مذكرة ّماجستيرّ‬ ‫‪49‬‬

‫قسمّالعدالةّالجنائيةّ"ّتخصصّالتشريعّالجنائيّاإلسالمي"‪ّ،‬جامعةّنايفّالعربيةّللعلومّاألمنية‪ّ،‬الرياضّ‪ّ،9002‬ص‪ّ ّ.29‬‬
‫‪ّ 50‬هذهّالمادةّمستمدةّمنّالمادةّ‪ّ09‬منّ اتفاقيةّاألممّالمتحدةّلمكافحةّالفسادّالمعتمدةّمنّطرفّالجمعيةّالعامةّلألممّالمتحدةّ‬
‫فيّ‪ ّ9002/00/20‬والتيّكانتّالجزائرّأولىّالدولّالعربيةّالتيّصادقتّعليهاّبموجبّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ099/02‬المؤرخّفيّ‬
‫‪ّ9002/02/02‬الصادرةّبالجريدةّالرسميةّرقمّ‪ّ90‬سنةّ‪ّ .9002‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ ‬كلّشخصّآخرّمعرفّبأنّهّموظّفّعموميّأو ّمنّفيّحكمهّطبقاّللتشريعّوالتنظيمّ‬
‫المعمولّبهماّ"‪ّّّ.‬‬

‫ّبتحليل ّهذهّالمادّةّنجدّأنّ ّالفئاتّالمعنيةّبصفةّالموظّف ّالعموميّفيّالقانونّّّ‬


‫رقمّ‪ّ00/00‬هيّكالتّالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬ذوو المناصب التنفيذية واإلدارية والقضائية وهم‪:‬‬


‫‪ .0‬ذوو المناصب التنفيذية‬
‫تشملّهذهّالفئةّكلّمنّرئيسّالجمهوريةّوالوزيرّاألولّوالتشكيلةّالو ازرية‪.‬‬
‫أ‪ -‬رئيس الجمهورية‬
‫ّ يعتبر ّرئيس ّالجمهورية ّالقاضي ّاألول ّفي ّالبالد ّوينتخب ّعن ّطريق ّاالقتراعّ‬
‫السري ّبمقتضىّالمادةّ‪ّ 10‬منّالدستور‪ّ،‬لعهدةّرئاسيةّتقدرّبـّ‪ّ 1‬سنواتّ‬
‫العامّالمباشرّو ّ‬
‫قابلة ّللتجديد ّعدة ّمرات ّوفقا ّللمادة ّ‪ّ 12‬المعدلة ّبموجب ّالمادة ّ‪ّ ،5102‬ونظ ار ّلحساسيةّ‬
‫مركزّرئيسّالجمهوريةّفإنّهّالّيسألّإالّ ّعنّجريمةّالخيانةّالعظمى‪ّ،‬وتتم ّمحاكمتهّأمامّ‬
‫المحكمة ّالعليا ّللدولة ّوذلك ّبمقتضى ّالمادة ّ‪ّ 019‬من ّدستور‪ّ ،0220‬التي ّأحالت ّإلىّ‬
‫قانونّعضويّيحددّتشكيلةّهذهّالمحكمةّوتنظيمهاّوسيرهاّواإلجراءاتّالمطبقة‪ّ ،‬إالّ ّأنّّ‬
‫هذاّالقانونّالعضويّلمّيتمّإصدارهّليومناّهذا ّ ّوبالتاليّالّوجودّلمثلّهذهّالمحكمةّفيّ‬
‫الجزائر‪.‬‬
‫ب‪ -‬الوزير األول‬
‫يعين ّبمرسوم ّرئاسي ّوفقا ّللمادّة ّ‪ّ 11‬من ّالدّستور‪ّ،‬ويسألّجزائيا ّعن ّالجنايات ّوالجنحّ‬
‫التيّيرتكبهاّأثناءّأدائهّلمهامهّبماّفيهاّجرائمّالفساد‪ّ،‬إالّأنّمحاكمتهّتظلّّمرهونةّبإنشاءّ‬
‫المحكمةّالعلياّللدّولةّالمختصّةّدونّسواها‪.52‬‬
‫ت‪ -‬الوزراء‬

‫‪ّ51‬أنظر المادة ‪ 02‬من القانون رقم ‪.02/09‬‬


‫ائمّالمالّواألعمالّ ـ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬المرجعّالسابقّّّّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 52‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجنائيّالخاص"ّجرائمّالفسادّـ ــّجر‬
‫صّ‪ّ .09‬‬

‫‪38‬‬
‫ّّوهمّأعضاءّالطّاقمّالوزاري ّيقترحهمّالوزيرّاألولّعلىّرئيسّالجمهوريّةّالذيّ‬
‫يعينهم‪ّ،‬يسألونّعنّالجرائمّالتيّيرتكبونهاّخاصةّجرائمّالفسادّأمامّالمحاكمّالعادية‪ّ،‬معّ‬
‫مراعاةّأحكامّالمادةّ‪ّ112‬منّقانونّاإلجراءاتّالجزائية‪ّ،‬التيّتنصّعلىّإجراءاتّخاصةّ‬
‫مفادهاّأنّ هّإذاّكانّمنّيشغلّمنصبّوزيرّأوّقاضيّفيّالمحكمةّالعلياّأوّرئيسّمجلسّ‬
‫قضائيّأوّنائبّعامّلدىّمجلسّقضائيّمتهمّبارتكابهّلجنايةّأوّجنحةّأثناءّأوّبمناسبةّ‬
‫أدائهّلمهامه‪ّ،‬فإن ّوكيلّالجمهوريةّالمخطرّبالقضيةّيحيلّالملفّإلىّالنائبّالعامّلدىّ‬
‫المحكمةّالعلياّليرفعّهذاّاألخيرّالملفّإلىّالرئيسّاألولّلها‪ّ،‬وفيّحالةّماّإذاّرأىّأنّ‬
‫هناكّماّيقتضيّالمتابعةّيعيِّنّأحدّأعضاءّالمحكمةّالعلياّليجريّالتحقيق‪ّ .‬‬
‫‪ .9‬ذوو المناصب اإلدارية وهم على ال ّنحو التالي‪:‬‬
‫ظف إلعام إلذي يشغل منصبا بصفةّدإئمة‬
‫أ‪ -‬إلمو ّ‬

‫وهو ّالموظف ّالعام ّالوارد ّتعريفه ّفي ّالمادة ّ‪ّ 02‬من ّاألمر ّرقم ّ‪ّ ،02/00‬التيّ‬
‫تشترطّعنصرّالديمومةّوالتّعيينّوالتّرسيمّفيّالعمل‪ّ .‬‬
‫ظف إلذي يشغل منصبا بصفة مؤقتة‬
‫ب‪ -‬إلمو ّ‬

‫وسعت ّالمادة ّ‪/9‬ب ّمن ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬مفهوم ّالموظّف ّالعام ّفشملّ‬
‫الموظّف ّالمؤقت ّ"‪ ...‬دائما ّأو ّمؤقتا‪ّ ...‬بصرف ّالنّظر ّعن ّرتبته ّوأقدميته" ّويقصد ّبهّ‬
‫الموظفونّالذينّيشتغلونّفيّالمؤسساتّالمذكورةّفيّالمادّةّ‪ّ09‬منّقانونّ‪ّ،02/00‬غيرّ‬
‫أنه ّال ّيتوفر ّفيهم ّعنصر ّالدّ يمومة‪ّ ،‬كاألعوان ّالمتعاقدين ّالذينّيعينون ّلشغل ّمهام ّفيّ‬
‫اإلدارة ّعن ّطريق ّالتّ عاقد ّلمدة ّمحددة‪ّ ،‬وهذا ّالعقد ّعادة ّما ّيكون ّكتابيا ّوكذا ّاألعوانّ‬
‫المؤقتينّالذينّيعينونّبصفةّمؤقتة ّلمدةّمحددةّفيّمصالحّالدّولةّوالجماعاتّالمحلية‪ّ53‬‬
‫المشرعّهناّمحقّألنّالموظّفّمهماّكانتّصفتهّدائماّأوّمؤقتا‪ّ،‬فهوّيؤديّخدمةّعامةّ‬
‫و ّ‬
‫ويفترضّفيهّالنزاهةّواالّتعرضّللمتابعةّالجزائيةّفيّهذاّالصّدد‪.‬‬

‫‪ّ 53‬بوعزةّنظيرة‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .10‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ .2‬ذوو المناصب القضائية‬
‫يقصدّبهّالقاضيّبالمعنىّالواردّفيّالمادةّ‪ّ09‬منّالقانونّالعضويّرقمّ‪ّ00/02‬‬
‫المؤرخّفيّ‪ّ 9002/01/00‬المتضمنّالقان ّونّاألساسيّللقضاءّحيثّنصتّالمادةّأعالهّ‬
‫علىّماّيليّ" يشملّسلكّالقضاء‪ّ ّ:‬‬
‫‪ ‬قضاة ّالحكم ّوالنيابة ّللمحكمة ّالعليا ّوالمجالس ّالقضائيّة ّوالمحاكم ّالتابعة ّللنّظامّ‬
‫القضائيّالعادي‪.‬‬
‫‪ ‬قضاةّالحكمّومحافظيّالدّولةّلمجلسّالدّولةّوالمحاكمّاإلداريّة‪.‬‬
‫‪ ‬القضاة ّالعامل ّون ّفي ّاإلدارة ّالمركزيّة ّلو ازرة ّالعدل‪ّ ،‬أمانة ّالمجلس ّاألعلى ّللقضاءّ‬
‫المصالحّاإلداريةّللمحكمةّالعلياّومجلسّالدّولة‪ّ،‬مؤسساتّالتّكوينّوالبحثّالتابعةّلو ازرةّ‬
‫العدل "‪.‬‬
‫نالحظّأنّ ّنصّالمادّةّتضمّنّفئتينّمنّالقضاة‪ّ،‬الفئةّاألولىّتمثلت ّفيّقضاةّ‬
‫القضاءّالعاديّواإلداريّبمفهومهّالضيق‪ّ،‬أمّاّالفئةّالثّانيةّفتضمنتّالقضاةّالعاملين ّفيّ‬
‫اإلدارةّالمركزيّةّلو ازرةّ العدلّوأمانةّالمجلسّاألعلىّللقضاءّوالمصالحّاإلداريةّللمحكمةّ‬
‫العلياّومجلسّالدولةّومؤسساتّالتّكوينّوالبحثّالتابعةّلو ازرةّالعدل‪ّ ّ.‬‬
‫ّوالمهمة ّالملقاة ّعلى ّعاتق ّالقاضي‪ّ ،‬أال ّوهيّ‬
‫ونظ ار ّألهمية ّالوظيفة ّالقضائية ّ‬
‫إرساء ّالعدالة ّوتكريس ّمبدأ ّدولة ّالقانون‪ّ ،‬فقد ّأحاطه ّالدست ّور ّبحماية ّخاصة ّمن ّكلّ‬
‫أشكالّالضغوطّوالتدخالتّوالمناوراتّالتيّقدّتضرّبأداءّمهمتهّأوّتمسّبنزاهةّحكمه‪ّ54‬‬
‫وعلىّهذاّاألساسّفقدّعمدّالمشرعّالجزائريّإلىّتشديدّ‬
‫ّ‬ ‫بغيةّأداءّمهامهّعلىّأكملّوجه‪ّ،‬‬
‫العقوبة ّعلى ّالفئة ّاألولى ّ إذا ّما ّارتكبت ّجريمة ّمن ّجرائم ّالفساد ّالسيما ّجريمة ّالرشوةّ‬
‫وذلك ّبمقتضى ّالمادة ّ‪ّ 29‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬المتعلقة ّبالظروف ّالمشدّدة ّوالتيّ‬
‫نصتّعلىّما ّيلي‪ ّ ":‬إذاّكانّمرتكبّجريمةّأوّأكثرّمنّالجرائمّالمنصوصّعليهاّفيّ‬

‫‪ 54‬أنظر المادةّ‪ّ029‬منّدستور‪.0220‬‬

‫‪40‬‬
‫هذاّالقانونّّقاضياّ‪ّ...‬يعاقبّبالحبسّمنّعشرّسنواتّإلىّعشرينّسنةّوبنفسّالغرامةّ‬
‫المقررةّللجريمةّالمرتكبةّ"‪.‬‬
‫ّالمشرع ّمحقا ّفي ّهذا ّاالتجاه‪ّ ،‬ألنّ ّالدّولة ّالناجحة ّتقاس ّبمدى ّنزاهةّ‬
‫ّ‬ ‫لقد كان‬
‫قضائهاّوكماّصرحّوزيرّالعدل‪ّ 55‬أنهّال ّيمكنّمكافحةّالفسادّإال ّإذاّكانّالقضاءّفيّ‬
‫منأى ّعن ّهذه ّاآلفة‪ّ ّ ،‬ويدخل ّفي ّمفهوم ّشاغلي ّالوظائف ّالقضائية ّالمحلفين ّسواء ّفيّ‬
‫المحكمةّالعلياّأوّالقسمّاالجتماعيّوكذاّقسمّاألحداثّباعتبارّأنّهمّيشاركونّفيّصنعّ‬
‫الحكمّالقضائي‪ّّ.‬‬

‫ثانيا‪ :‬ذوو الوكالة النيابية‬

‫تشملّفئتينّهماّأعضاءّالبرلمانّوالمنتخبونّفيّالمجالسّالمحلية‪.‬‬

‫‪ .0‬أعضاء البرلمان‬
‫ّسواءّكانواّأعضاءّ ّفيّالمجلسّالشّ عبيّالوطنيّالمنتخبونّعنّطريقّاالقتراعّ‬
‫السري‪ّ،‬أوّأعضاءّ ّفي ّمجلسّاألمّةّحيثّينتخبّثلثاهّبنفسّالطّريقةّأماّ‬
‫العامّالمباشرّو ّ‬
‫الثلثّاآلخرّفيعينّمنّطرفّرئيسّالجمهورية‪ّ ،‬منّبينّالشّخصياتّوالكفاءاتّالوطنيّةّ‬
‫فيّالمجاالتّالعلميةّوالثقافيةّواالقتصاديةّواالجتماعية‪.56‬‬

‫فالبرلمان ّيضم ّمختلف ّالتّكتالت ّالحزبية ّالسّياسية ّالممثلة ّللشّعب‪ّ ،‬الذي ّحملهّ‬
‫ثقتهّفيّالتّعبيرّعماّيشغلهّويطمحّإليه‪ّ،‬فعلقّعليهمّأمالهّفكانّوالبدّأنّيتحملواّمسؤوليةّ‬
‫ّالمشرع ّيضعهم ّتحت ّطائلة ّأحكام ّالقانون ّرقم ّ‪ّ00/00‬‬
‫ّ‬ ‫إخاللهم ّبهذه ّالثّقة‪ّ ،‬مما ّجعل‬
‫يمةّالرشوة‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫فتطبقّعليهمّنصوصهّخاصةّأحكامّجر‬

‫‪ 55‬تصريحهّفيّأولّاجتماعّلهّبأعضاءّالمجلسّاألعلىّللقضاءّبالمحكمةّالعلياّيومّ‪ّ .9009/02/00‬‬
‫‪ 56‬أنظرّالمادةّ‪ّ000‬منّدستورّ‪.9009‬‬

‫‪41‬‬
‫وقدّذهبّإلىّأبعدّمنّذلكّإذّنجدّأنهّبموجبّالمادةّ‪ّ992‬منّالقانونّالعضويّ‬
‫رقم ّ‪ّ 00/09‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 09‬يناير‪ّ 9009‬المتعلق ّبتنظيم ّاالنتخابات‪ّ ،‬أكدّ ّعلى ّتطبيقّ‬
‫العقوبة ّالمنصوص ّعليها ّفي ّالمادة ّ‪ّ 91‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬على ّكل ّمترشحّ‬
‫لالنتخاباتّيطلبّأوّيقبلّمزاياّأوّيقدمّوعوداّ ّبوظائفّقصدّالتّأثيرّعلىّإرادةّالنّاخبّّ‬
‫إذّجاءّنصّالمادةّكماّيلي‪ّ"ّ:‬تطبقّالعقوباتّالمنصوصّعليهاّفيّالمادّةّ‪ّ91‬منّقانونّ‬
‫الوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّعلىّكلّمنّقدمّهباتّنقداّأوّعيناّأوّوعدّبتقديمها‪ّ .‬‬
‫‪ ‬وكذلكّكلّمنّوعدّبوظائفّعموميّةّأوّخاصةّأوّمزاياّأخرىّخاصةّقصد ّالتأثيرّ‬
‫على ناخب أوّعدةّناخبينّعندّقيامهمّبالتصويت‪ّ ّ.‬‬
‫‪ ‬وكلّمنّحصلّأوّحاولّالحصولّعلىّأصواتهمّسواءّمباشرةّأوّبواسطةّالغير‪ّ ّ.‬‬
‫‪ ‬وكلّمنّحملّأوّحاولّأنّيحملّناخباّأوّعدةّناخبينّعلىّاالمتناعّعنّالتّصويتّ‬
‫بنفسّالوسائلّوتطبقّنفسّالعقوباتّعلىّكلّمنّقبلّأوّطلبّنفسّالهباتّأوّالوعود‪ّ .‬‬
‫‪ ‬غير ّأنه ّيعفى ّمن ّهذه ّالعقوبة ّكل ّمن ّقبل ّهبات ّنقدا ّأو ّعينا ّوأخطر ّالسّلطاتّ‬
‫المعنية ّبالوقائع ّ" ّ وذلك ّمن ّباب ّالحذر ّمن ّأخطبوط ّهذه ّالجريمة ّالتي ّاكتسحت ّكافةّ‬
‫المجاالت‪ّ.‬‬
‫‪ .9‬ال ُمنتخبون في المجالس المحلية‬
‫ّأي ّاألشخاص ّالذين ّتم ّانتخابهم ّكأعضاء ّفي ّالمجالس ّالشعبيّة ّالبلديّةّ‬
‫والمجالسّالوالئيّةّبماّفيهمّالرئيس‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬متولو وظائف أو وكالة في مرفق عام أو مؤسسة عمومية أو ذات رأس مال‬
‫مختلط‬

‫نظ ار ّألهمية ّمثل ّهذه ّالمرافق ّوالمؤسسات ّفيما ّيتعلق ّبنشاطها ّالخدماتيّ‬
‫أنّي ِّ‬
‫خضعّكلّمنّيتولىّوظيفةّأوّوكالةّفيّ‬ ‫تأىّالمشرع ّالجزائري ّ ُّ‬
‫ّ‬ ‫واالقتصادي‪ّ ،‬فقدّار‬

‫‪42‬‬
‫نطاقهاّلحكمّالموظّفّالعمومي‪ّ،57‬وعليهّوفقاّلنصّ ّالمادةّ‪/9‬بّمنّالقانونّرقمّ‪ّ00/00‬‬
‫لكيّيعتبرّالشخصّموظفاّالبدّمنّتوفرّشرطينّأساسيينّهما‪:‬‬
‫‪ .0‬تولي وظيفة أو وكالة‬
‫ّيقصدّبمتوليّالوظيفةّكلّمنّأسندتّإليهّمسؤوليةّأوّقسطّمنهاّفيّمؤسسةّأوّ‬
‫هيئةّعامّ ة‪ّ،‬بحيثّقدّيحتلّمنصبّرئيسّأوّمديرّعامّأوّمديرّأوّرئيسّمصلحة‪ّ58‬مماّ‬
‫يخوله ّسلطة ّاإلشراف ّوالتّوجيه ّوالمراقبة‪ّ ،‬أمّا ّمتولي ّالوكالة ّفهو ّالشّخص ّالمنتخب ّأوّ‬
‫المكلف ّبنيابة ّكأعضاء ّمجلس ّاإلدارة ّفي ّالمؤسسات ّالعمومية ّاالقتصادية‪ّ ،‬باعتبارهمّ‬
‫منتخبينّمنّطرفّالجمعيةّالعامة‪ّ،59‬سواءّكانتّالدّولةّتملكّرأسمالهاّكلهّأوّبعضه‪.‬‬
‫‪ .9‬تولي الوظيفة أو الوكالة لدى مؤسسة أو هيئة عمومية أو ذات رأس مال مختلط‬
‫أو أية مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية‬
‫ّيقصدّبالهيئةّالعموميّةّكلّشخصّمعنويّغيرّالدولةّوالجماعاتّالمحليةّالذيّ‬
‫يتولىّتسييرّمرفقّعامّمثلّالمؤسساتّالعموميّةّذاتّالطّابعّاإلداري‪ّ،‬وكذاّالمؤسساتّ‬
‫العموميّة ّذات ّالطّابع ّالصناعي ّوالتّجاري‪ّ ،‬فالقانون ّاألساسي ّالعام ّللوظيفة ّالعموميّةّ‬
‫يعتبر ّالعاملين ّفي ّهذه ّالمؤسسات ّوالذين ّيتوفر ّفيه ّشرط ّالتّعيين ّوالديمومة ّبمثابةّ‬
‫موظّفينّعموميين‪.‬‬
‫ّكما ّيدخل ّفي ّهذا ّاإلطار ّالسّلطات ّاإلدارية ّالمستقلة ّالمنشأة ّبموجب ّقوانينّ‬
‫يدّوالمواصالت‪ّ ،‬أمّاّالمؤسسةّالعموميةّفتتمثلّأساساّفيّ‬
‫خاصةّمثلّسلطاتّالضبطّللبر ّ‬
‫المؤسسات ّالعموميّة ّاالقتصادية‪ّ ،‬التي ّهي ّبحسب ّالمادة ّ‪ّ 09‬من ّاألمر ّرقم ّ‪ّ02/00‬‬
‫المؤرخ ّفي ّ‪ّ 9000/09/90‬المتعلق ّبتنظيم ّالمؤسسات ّالعموميّة ّاالقتصادية ّوتسييرهاّ‬

‫‪ 57‬قشيّمحمدّالصالح‪ّ،‬جريمةّالرشوةّفيّظلّقانونّالوقايةّمنّالفسادّ ّومكافحتهّ‪ّ،00/00‬مذكرةّمكملةّلنيلّشهادةّماجستير‪ّ،‬فرعّ‬
‫علومّجنائيةّوقانونّالعقوبات‪ّ،‬كليةّالحقوقّبجامعةّمتنوريّبقسنطينة‪ّ،9000/ّ9000ّ،‬صّ‪ّ .22‬‬
‫ائمّالمالّواألعمالّ ـ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 58‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجنائيّالخاص"ّجرائمّالفسادّـ ــّجر‬
‫صّ‪ّ .00‬‬
‫‪ّ59‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬المرجعّنفسه‪ّ،‬صّ‪ّ .00‬‬

‫‪43‬‬
‫وخصصتهاّشركاتّتجاريةّتحوزّفيهاّالدولةّأوّأيّشخصّمعنويّآخرّخاضعّللقانونّ‬
‫العام‪ ّ ،‬أغلبيةّرأسّالمالّاالجتماعيّبشكلّمباشرّأوّغيرّمباشر‪ّ،‬وهيّخاضعةّللقانونّ‬
‫العام‪ّ ،‬وتشمل ّكل ّما ّكان ّيعرف ّسابقا ّبالشّركات ّالوطنية ّالنّاشطة ّفي ّمجال ّاإلنتاجّ‬
‫والتّوزيعّوالخدماتّمثلّسوناطراكّوسونلغاز‪ّ،‬الخطوطّالجويةّالجزائريةّّشركاتّالتأمينّ‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫أماّالمؤسساتّذاتّرأسّمالّمختلطّفهيّالمؤسساتّالعموميةّاالقتصاديةّالتيّ‬
‫أسمالهاّاالجتماعيّللخواصّعنّطريقّبيعّبعضّاألسهمّفيّالسّوقّمثلّفندقّ‬
‫ّ‬ ‫فتحتّر‬
‫األوراسي‪ّ ،‬مجمع ّصيدال ‪ّ ،‬أو ّتتنازل ّعن ّبعض ّرأسمالها ّمثل ّمؤسسة ّالحجار ّللحديدّ‬
‫والصلبّحيثّأصبحتّشركةّميتالّستيلّتحوزّ‪ّ%10‬منّرأسمالها‪ّ .60‬‬
‫ّفي ّحين ّتعني ّالمؤسسات ّالتي ّتقدم ّخدمة ّعمومية ّالمؤسسات ّالخاصّة ّالتيّ‬
‫تسيّر ّمرفقا ّعاما ّعن ّطريق ّعقود ّاالمتياز ّمثل ّالمؤسسات ّالنّاشطة ّفي ّمجال ّالنّقلّ‬
‫العمومي ّوالهاتف‪ّ ،‬كمؤسسة ّطحكوت ّمحي ّالدّين ّلنقل ّالطلبة ّالجامعيين ّواألوراسكومّ‬
‫للهاتفّالنقال‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬

‫رابعا‪ :‬كل شخص آخر معرف بأنه موظف عمومي‬

‫إيمانا ّمن ّالمشرع ّالجزائري ّبأن ّالمناصب ّالتي ّذكرها ّال ّتكفي ّلإلحاطة ّبكلّ‬
‫الفئاتّالتيّيمكنّأنّتعتبرّفيّصنفّالموظفينّالعموميين‪ّ،‬فتطبقّعليهاّأحكامّالقانونّ‬
‫خرّمعرفّبأنهّموظفّعموميّ‬
‫ّ‬ ‫رقمّ‪ّ 00/00‬أدرجّّفيّالمادةّ‪/9‬بّعبارةّ" كلّشخصّآ‬

‫ائمّالمالّواألعمالّ ـ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 60‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجنائيّالخاص"ّجرائمّالفسادّـ ــّجر‬
‫صّ‪.01‬‬

‫‪44‬‬
‫أو ّمن ّفي ّحكمه ّطبقا ّللتّشريع ّوالتّنظيم ّالمعمول ّبهما ّ" ّفيعتبر ّمن ّفي ّحكم ّالموظفّ‬
‫المستخدمين ّالعسكريين ّوالمدنيين ّللدّفاع ّالوطني‪ّ ،‬الذين ّيحكمهم ّاألمر ّرقم ّ‪ّ09/00‬‬
‫المؤرخ ّفيّ‪ّ 9000/09/99‬المتضمنّالقانونّاألساسيّالعامّللمستخدمينّالعسكريين‪ّ ،‬معّ‬
‫ّ‬
‫العلم ّأنّ ّالمادة ّ‪ّ 9/9‬من ّاألمر ّرقم ّ‪ّ 02/00‬المتضمن ّالقانون ّاألساسي ّالعام ّللوظيفةّ‬
‫العمومية ّقد ّاستثنتهم ّبنصها ّ" ّ ال ّيخضع ّألحكام ّهذا ّاألمر ّالقضاة ّوالمستخدمونّ‬
‫العسكريونّوالمدنيونّللدفاعّالوطنيّومستخدموّالبرلمان"ّفهمّوفقهاّالّيعتبرونّموظفينّ‬
‫عموميين‪ّ ،‬لكنهمّيعتبرونّكذلكّوفقاّللقانونّرقمّ‪ّ ،00/00‬نظراّللدّورّالهامّالذيّيقومّبهّ‬
‫المستخدمّالعسكريّّباعتبارهّيتولىّوظيفةّمنّوظائفّالدّولةّأالّوهيّالدّفاعّعنّالوطن‪ّ .‬‬
‫ّكماّيدخلّفيّمضمونّهذهّالمادّةّالضّباطّالعموميون‪ّ،‬وهمّفيّحقيقةّاألمرّالّ‬
‫يعدونّموظفينّالّبحكمّالمادةّ‪ّ2‬منّاألمرّرقمّ‪ّ02/00‬والّبحكمّالمادةّ‪/9‬بّمنّالقانونّ‬
‫رقمّ‪ّ،00/00‬ولكنّكونهمّيمارسونّمهامهمّبموجبّتفويضّمنّالسّلطةّالعامّة‪ّ،‬لتحصيلّ‬
‫الرسومّالمختلفةّلحسابّالخزينةّالعموميّة‪ّ ،‬فإن ّذلكّيؤهلهمّلكيّيدرجواّضمنّ‬
‫الحقوق ّو ّ‬
‫منّهمّفيّحكمّالموظّفّالعمومي‪ّ ،61‬كماّتخضع ّكلّفئة ّمنّفئاتّالضّباطّالعموميينّ‬
‫لنظامّقانونيّخاصّوهم‪:‬‬

‫‪ .0‬المحضر القضائي‬
‫نصّتّالمادةّ‪ّ 02‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 02/00‬المؤرخّفيّ‪ّ 9000/09/90‬المتضمنّ‬
‫المحضرّالقضائيّضابطّعموميّمفوضّمنّ‬
‫ّ‬ ‫تنظيمّمهنةّالمحضرّالقضائيّعلىّأن ّ"ّ‬
‫قبلّالسّلطةّالعموميّة"‪.‬‬
‫‪ .9‬الموثق‬

‫‪ّ61‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجنائيّالخاص"ّجرائمّالفسادّـ ــّجر‬
‫ائمّالمالّواألعمالّ ـ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬‬
‫ّ‬
‫ص‪.02‬‬

‫‪45‬‬
‫المؤرخ ّفيّ‬
‫ّيعد ّضابطا ّعموميا ّبمقتضى ّالمادة ّ‪ّ 02‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ ّ 09/00‬‬
‫‪ّ9000/09/90‬المتضمنّتنظيمّمهنةّالموثقينّحيثّنصتّعلىّماّيليّ"ّالموثقّضابطّ‬
‫عموميّمفوضّمنّقبلّالسّلطةّالعموميّةّ"‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .2‬محافظ البيع بالمزاد العلني‬
‫المؤرخ ّفي ّ‪ّ 0220/00/00‬المتضمن ّتنظيم ّمهنةّ‬
‫يحكمه ّاألمر ّرقم ّ‪ّ ّ 09/20‬‬
‫محافظّالبيعّبالمزايدة ّفهوّضابطّعموميّبمقتضىّالمادةّ‪ّ 01‬منهّالتيّتنصّ ّعلىّأنّه ّ"ّ‬
‫يعتبرّمحافظّالبيعّبالمزايدةّضابطاّعموميا‪."...‬‬
‫‪ .2‬المترجم الرسمي‬
‫يخضع ّلألمر ّرقم ّ‪ّ 02/21‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 0221/02/00‬المتضمن ّتنظيم ّمهنةّ‬
‫المترجمّحيثّتنصّالمادةّ‪ّ02‬منهّعلىّأنهّ"ّيتمتعّالمترجمّـ ــّالترجمانّالرسميّـ ــّبصفةّ‬
‫ضابطّعموميّ‪."...‬‬
‫وعليهّفالموظّفّفيّكل ّهذهّالصّورّيرتبطّبالدولةّبرابطةّقانونية‪ّ ،‬تجعلهّبوجهّ‬
‫أوّبآخرّمساهماّفيّتسييرّاإلدارةّالعامّةّمنّأجلّتوفيرّالخدماتّالعامّةّللجميع‪ّ،‬مماّ‬
‫يجعله ّفي ّنظر ّالكافّة ّممثال ّلها‪ّ 62‬فيكون ّبذلك ّموضعا ّللثّقة‪ّ ،‬فتعتبر ّحماية ّهذه ّالثقةّ‬
‫ة‪ّ،‬وهذاّهوّمناطّتطبيقّالقانونّرقمّ‪ّ .00/00‬‬
‫حمايةّللمصلحةّالعام ّ‬
‫يتحرر ّمن ّالقيود ّالواردة ّعليه ّفي ّاألمر ّرقمّ‬
‫ّلذلك ّفمفهوم ّالموظف ّالعام ّ ّ‬
‫‪ّ02/00‬وأهمها‪ّ :‬‬
‫أ‪ -‬قيد الديمومة‬
‫ال ّعبرة ّفي ّالقانون ّالجنائي ّإذا ّما ّكان ّالموظّف ّدائما ّأو ّمؤقتا ّمدفوع ّاألجر ّأو‬
‫غيرّمدفوعّاألجر‪ّ،‬المهمّأنّهّيؤديّخدمةّعموميّةّباسمّولحسابّالدّولة‪.‬‬
‫ب‪ -‬قيد التعيين‬

‫‪ ّ62‬محمدّأحمدّغانم‪ّ،‬المحاورّالقانونيةّالشرعيةّللرشوةّعبرّالوطنية‪ّ،‬دارّالجامعةّالجديدة‪ّ،‬مصر‪ّ،9009ّ،‬ص‪.011‬‬

‫‪46‬‬
‫مادام ّالموظّف ّهو ّمن ّيمثّل ّالدّولة ّفي ّمواجهة ّالمواطن‪ّ ،‬فقد ّيكون ّمعينا ّأوّ‬
‫منتخباّكماّأنّّتعيينّالموظّفّبصفةّغيرّرضائيةّالّيحولّدونّحملهّلهذهّالصّفة‪ّ ّ.‬‬
‫ولقد ّأصاب ّالمشرع ّالجزائري ّبتوسيعه ّلمفهوم ّالموظف ّالعام ّفي ّالقانون ّرقمّ‬
‫‪ّ 00/00‬وفكّه ّ للقيود ّالتي ّمن ّشأنها ّتضييق ّنطاق ّتطبيقه‪ّ ،‬وافالت ّالكثير ّممن ّالّ‬
‫يعتبرونّموظّفينّحسبّالقانونّاألساسيّالعامّللوظيفةّالعموميّةّمنّالعقاب‪ّ .‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اختصاص الموظف العمومي بالعمل الوظيفي ّ‬

‫الرشوةّفيّحقيقتهاّإتجارّبأعمالّالوظيفة‪ّ،‬ولذلكّفإنهّالّيتصورّهذاّاإلتجارّإالّ‬
‫إذا ّكان ّالمرتشي ّمختصا ّبها‪ّ ،‬ومن ّثمة ّفإن ّاالختصاص ّبالعمل ّالوظيفي ّيعد ّعنصراّ‬
‫أساسياّلتكاملّأركانّجريمةّالرشوة‪ّ،63‬فالّيكفيّالوقوفّعند ّمفهوم ّالموظّفّالعموميّ‬
‫سواء ّبحسب ّنص ّالمادّة ّ‪ّ 02‬منّاألمر ّرقم ّ‪ّ 02/00‬أوّالمادة ّ‪/09‬بّمن ّالقانون ّرقمّ‬
‫‪ّ،00/00‬بلّالبدّّمنّالتطرقّإلىّاختصاصّالموظفّبالعملّالوظيفي‪ّ .‬‬
‫ّنعرف ّفيهّ‬
‫وهذا ما ّسنفصل ّفيه ّفي ّمطلبنا ّهذا ّضمن ّفرعين ّأساسيين ّاألول ّ‬
‫ىّاالختصاصّالوظيفيّوالثّانيّنوضحّفيهّلحظةّتوافرّاالختصاصّوالصّفة‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫معن‬
‫ّ‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم االختصاص‬

‫إن ّعنصرّاالختصاصّيقتضيّمناّالتطرقّلعدةّمسائل‪ّ،‬منهاّتعريفهّومصدرهّّ‬
‫كماّتعترضناّمسألةّالبدّمنّمناقشتهاّأالّوهيّاالعتقادّالخاطئّباالختصاصّوالزعمّبه‬
‫وهذاّماّسنتعرضّلهّفيماّيلي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف االختصاص ومصدره‬

‫الّالعامة‪ّ"،‬الرشوةّواختالسّالمالّالعامّوالعدوانّعليهّوالغدر"‪ّ،‬دارّالكتبّالقانونية‪ّ،‬دارّشتاتّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 63‬وجديّشفيقّفرج‪ّ،‬جرائمّاألمو‬
‫للنشرّوالبرمجيات‪ّ،‬مصر‪ّ،9000ّ،‬صّ‪.29‬‬
‫ّ‬

‫‪47‬‬
‫ّاالختصاص ّهو ّصالحية ّالقيام ّبالعمل‪ّ ،‬ومناط ّهذه ّالصّالحية ّهو ّاعترافّ‬
‫المشرع ّبصحة ّهذا ّالعمل‪ّ ،‬إذ ّيعد ّالموظّف ّمختصا ّبالعمل ّفي ّحالتين ّهما‪ّ :‬إذا ّألزمهّ‬
‫ّ‬
‫القانونّبالقيامّبه‪ّ،‬واذاّخولهّالسّلطةّالتقديريةّفيّالقيامّبهّأوّاالمتناعّعنه‪ّ،‬كماّيعدّغيرّ‬
‫مختصّبهّفيّحالتين‪ّ:‬إذاّحظرّالقانونّعليهّالقيامّبه‪ّ،‬أوّحصرّاالختصاصّبهّفيّ‬
‫موظّفّأوّموظفينّآخرين‪ّ،64‬واالختصاصّهناّالّيتوقفّعندّاالختصاص ّالنوعيّفقطّ‬
‫بلّالبدّوأنّيتكاملّمعّكلّمنّاالختصاصّاإلقليميّوالزماني‪ّ .‬‬
‫ّ ّويحدد ّاالختصاص ّإماّبموجبّالقانونّفيماّيخصّ ّالمناصبّالسّاميةّأوّبناءّ‬
‫على ّاللّوائح ّأو ّالنّصوص ّالتّنظيمية‪ّ ،‬قرار ّفردي ّمكتوب ّأو ّتعليمات ّشفاهية ّبشرطّ‬
‫صدورهاّعنّرئيسّمختص‪ّ،65‬بل ّمنّالجائزّأنّيحددّاالختصاصّبناء ّعلىّالعرف‪ّ66‬‬
‫وعليهّيعتبرّالموظّفّالمرتشيّمختصاّكلماّكانّالعملّأوّاالمتناعّالذيّطلبّمنهّداخالّ‬
‫فيّاالختصاصّالقانونيّللوظيفةّالتيّتقلّدها‪ّ،‬وفيّهذاّالشأنّقضتّالمحكمةّالعلياّفيّ‬
‫قرارهاّرقمّ‪ّّ 02012‬الصادرّبتاريخّ‪ّ 0221/01/09‬بأنّه ّلماّثبتّأن ّالمتّهمّكانّيطلبّ‬
‫منّبعضّالزبائنّبصفتهّموظّ فا‪ّ،‬مبالغّمنّالمالّوقدّتلقاهاّبصفتهّهذهّمنّأجلّالقيامّ‬
‫ّ‬
‫يمةّالرشوة‪ّ .67‬‬
‫ّ‬ ‫بأعمالّتدخلّفيّصميمّوظيفته‪ّ،‬فإنهّيعدّمرتكباّجر‬
‫وهذاّعلىّخالفّماّجاءتّبهّالمادةّ‪ّ 0/090‬الملغاةّمنّقانونّالعقوباتّالتيّ‬
‫كانت ّتنص ّعلى ّمايلي ّ" ّ يعد ّمرتشيا ّويعاقب ّبالحبس ّمن ّسنتين ّإلى ّعشر ّسنوات‪ّ،‬‬
‫وبغرامةّمنّ‪ّ100‬دجّإلىّ‪ّ1000‬دجّكلّمنّيطلبّأوّيقبلّعطيّةّأوّوعدا‪ّ،‬أوّيطلبّأوّ‬
‫يتلقىّهبةّأوّهديّةّأوّأيةّمنافعّأخرىّوذلكّليقومّبصفتهّموظفاّأوّذوّواليةّنيابية‪ّ،‬بأداءّ‬

‫‪ 64‬محمدّأحمدّمؤنس‪ّ،‬ج رائمّاألموالّالعامة"ّالرشوةّواالختالسّواالستيالءّوالغدرّوالتربحّواالهمالّواالضرارّالعمديّبالمالّالعام"ّ‬
‫مقارناّبالتشريعاتّالعربية‪ّ،‬دارّالفكرّوالقانون‪ّ،‬مصر‪ّ،9000،‬صّ‪ّ .11‬‬
‫‪ ّ65‬فادياّقاسمّبيضون‪ّ،‬منّجرائمّأصحابّالياقاتّالبيضاءّ"ّالرشوةّ ّوتبييضّاألموالّ"‪ّ،‬الطبعةّاألولى‪ ّ،‬منشوراتّالحلبيّالحقوقيةّ‬
‫لبنان‪ّ،9009ّ،‬صّ‪.21‬‬
‫‪ ّ66‬محمدّزكيّأبوّعامرّوعليّعبدّالقادرّالقهوجي‪ّ،‬القانونّالجنائيّالقسمّالخاص‪ّ،‬الدارّالجامعية‪ّ،‬مصر‪ّ،‬بدونّسنةّالنشر‪ّ،‬‬
‫ص‪ّ .202‬‬
‫‪ّّ67‬المجلةّالقضائية‪ّ،‬العددّالثاني‪ّ،0221ّ،‬صّ‪.092‬‬

‫‪48‬‬
‫عملّمنّأعمالّوظيفتهّغيرّمقررّلهّأجرّسواءّكانّمشروعاّأوّباالمتناعّعنّأدائهّأوّ‬
‫بأداء ّعمل ّوان ّكان ّخارجا ّعن ّاختصاصاته ّالشّخصية‪ّ ،‬إال ّأن ّمن ّشأن ّوظيفته ّأنّ‬
‫تسهّ لّلهّأداؤهّأوّكانّمنّالممكنّأنّتسهلّله"‪ّ .‬‬

‫ّالرشوة ّقائمة ّحتى ّولو ّلم ّيكن ّالعمل ّالوظيفيّ‬


‫فبموجب ّهذه ّالمادّة ّتعد ّجريمة ّ‬
‫داخال ّفي ّاختصاصات ّالموظّف ّالشّخصية‪ّ ،‬بل ّلمجرد ّأن ّوظيفته ّسهلت ّله ّالقيامّ‬
‫بالعمل‪ّ ،‬في ّحين ّنجد ّأن ّالمشرع ّالجزائري ّنهج ّنهجا ّمغاي ار‪ّ ،‬فبمقتضى ّالمادّةّ‪ّ 91‬منّ‬
‫القانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬تخلى ّعن ّالعمل ّالمسهّل ّألداء ّالعمل ّألنه ّمن ّالصعوبة ّبمكانّ‬
‫التّ مييزّبينّالعملّالذيّيدخلّفيّاختصاصّالموظفّوبينّماّإذاّكانتّوظيفتهّهيّالتيّ‬
‫سهلتّلهّالقيامّبذلكّالعمل‪ّ،‬فجاءّفيّنصّالمادّةّ‪ّ 91‬ماّيليّ" ألداءّعملّأوّاالمتناعّ‬
‫عنّأداءّعملّمنّواجباتهّ"‪.‬‬

‫ّولماّكانّمنّمقتضياتّحسنّسيرّالعملّتقسيمهّعلىّعدةّموظّفين‪ّ ،‬إذ ّنادراّ‬


‫ما ّنجد ّموظّف ّواحد ّمختص ّبعمل ّمعين ّعلى ّكافة ّمراحله‪ّ ،‬لم ّ ُيشترط ّأن ّيكونّ‬
‫االختصاصّكلّياّبلّيكفيّأنّيكونّللموظف ّجزءّأوّنصيبّمنّهذاّالعمل‪ّ ،‬كإبداءّرأيّ‬
‫يّيؤديّإلىّتحقيقّالغرضّمنّالرشوة‪ّ،68‬فالّأهميةّلكونّالعملّالذيّيقومّبهّ‬
‫ّ‬ ‫استشار‬
‫يدخلّفيّاختصاصهّكلياّأمّجزئيا‪ّ ّ،‬ومهماّكانتّطبيعةّهذاّالعملّسواءّكانّتنفيذياّأوّ‬
‫استشارياّمادامّيؤديّالغرضّالمطلوب‪ّ .‬‬
‫ّيذهب ّالفقه ّإلى ّأكثر ّمن ّذلك ّإذ ّال ّيقتصر ّاالختصاص ّحسبه ّبالوظيفةّ‬
‫المحدّدة ّّوانّماّيشملّأيضاّالمحافظةّعلىّأمانةّالوظيفةّبصفةّعامة‪ّ ّ،‬وتطبيقاّلذلكّفمنّ‬
‫يمةّالرشوة‪ّ،69‬غيرّأنّهّ‬
‫ّ‬ ‫يفشيّسراّمنّأسرارّوظيفتهّمقابلّمبلغّمنّالنّقودّيعدّ ّمرتكباّلجر‬
‫ّ‬

‫‪ 68‬عادلّمستاريّ ّوموسىّقروف‪ّ،‬مداخلةّبعنوانّجريمةّالرشوةّالسلبيةّفيّظلّقّ‪ّ00/00‬المتعلقّبالوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّ‬
‫مجلةّاالجتهادّالقضائي‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪.010‬‬
‫كاملّ السعيد‪ّ،‬شرحّقانونّالعقوبات"ّالجرائمّالمضرةّبالمصلحةّالعامةّ"ّدراسةّتحليليةّمقارنة‪ّ،‬دارّالثقافةّللنشرّوالتوزيع‪ّ،‬‬ ‫‪69‬‬

‫الطبعةّاألولى‪ّ،‬األردن‪ّ،9009ّ،‬صّ‪.220‬‬

‫‪49‬‬
‫منّوجهة ّنظرنا ّأنه ّفيّهذهّالحالةّالّتكيفّالجريمةّعلىّأنّهاّجريمةّرشوة‪ّ ،‬بلّيعطىّ‬
‫ِ‬
‫يمةّإفشاءّلسرّمهنيّويعاقبّعلىّهذاّاألساس‪ّ .‬‬
‫لهاّوصفهاّاألصليّكونهاّجر‬
‫ثانيا‪ :‬االعتقاد الخاطئ باالختصاص والزعم به‬
‫في ّبعض ّالحاالتّيطلبّأوّيقبل ّالموظف ّمزية ّغير ّمستحقة ّألداء ّعمل ّأوّ‬
‫االمتناع ّعن ّأدائه‪ّ ،‬معتقدا ّخطأ ّأن ّهذا ّالعمل ّيدخل ّفي ّاختصاصه ّالوظيفي‪ّ ،‬حيثّ‬
‫ذهبتّالتشريعاتّالمقارنةّمنهاّالقانونّالمصريّّواللبنانيّوكذاّاألردنيّإلىّاعتبارّأنّّهذاّ‬
‫الموظف ّهو ّشخص ّيتاجر ّبالوظيفة ّالعامة‪ّ ،‬ويعبث ّبالثّقة ّالواجب ّتوافرها ّفي ّالوظيفةّ‬
‫العامة‪ّ70‬والحقيقةّأنّّهذاّاالتجاهّيتماشىّمعّالمنطقّألنّالمرتشيّهناّلهّصفةّالموظفّ‬
‫وتلقى ّالرشوة ّعلى ّهذا ّاألساس‪ّ ،‬فرغم ّأنه ّغير ّمختص ّبالعمل ّالوظيفي ّواعتقد ّخطأّ‬
‫اختصاصهّبه‪ّ،‬فقدّنوىّاالتجارّبالوظيفةّالعمومية‪ّ،‬لذاّيعاقبّعلىّجريمةّالرشوةّانطالقاّ‬
‫منّاتجاهّنيتهّلها‪ّ .‬‬
‫اّالزعمّباالختصاصّفمفادهّأنّيدعيّالموظفّاختصاصهّبعملّوظيفيّليسّ‬
‫ّأمّ ّ‬
‫ّوّْهٍّمّ‬
‫من ّاختصاصه ّأصال ّوذلك ّإما ّباتخاذه ّموقف ّإيجابي ّأو ّيكتفي ّبالسّكوت ّعن َّ‬
‫باالختصاص ّقام ّفي ّذهن ّصاحب ّالحاجة‪ّ ،71‬فهنا ّالموظف ّقد ّاحتال ّعلى ّصاحبّ‬
‫صبّواالحتيالّمثالّإذاّتوافرتّ‬
‫ّ‬ ‫الرشوة‪ّ،‬بلّتقومّجريمةّأخرىّكالنّ‬
‫الحاجةّفالّتقومّجريمةّ ّ‬
‫شروطها‪ّ .‬‬
‫المشرعّالجزائريّلمّيعالجّهاتينّالحالتين ّولمّيفصلّفيهما ّوهذاّالّيعني ّأنّّ‬
‫ّإن ّ ّ‬
‫غمّذلكّيجبّعلىّالمشرعّأنّ‬
‫ّ‬ ‫الواقعّيخلوّمنهماّإذّتبقيانّمحلّاجتهادّقضائي‪ّ،‬ولكنّر‬
‫يتدارك ّالموقف ّويدرج ّحالة ّاالعتقاد ّالخاطئ ّباالختصاص ّلتفادي ّالغموض ّوالتأويالتّّّ‬
‫أمّا ّالحالة ّالثانية ّفبما ّأن ّالموظف ّفيها ّقد ّاحتال ّعلى ّصاحب ّالحاجة ّبزعمهّ‬

‫‪ ّ70‬محمودّنصر‪ّ،‬الوسيطّفيّالجرائمّالمضرةّبالمصلحةّالعامة‪ّ،‬منشأةّالمعارفّباإلسكندرية‪ّ،‬مصر‪ّ،9002ّ،‬صّ‪ّ .22‬‬
‫‪ّ71‬محمدّزكيّأبوّعامرّوسليمانّعبدّالمنعم‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪.290‬‬

‫‪50‬‬
‫االختصاص ّبالعمل ّالوظيفي‪ّ ،‬فتطبق ّعليها ّنصوص ّجريمة ّالنّصب ّواالحتيال ّإذا ّماّ‬
‫توافرتّشروطها‪ّ ّ.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬لحظة توافر الصفة واالختصاص‬
‫بماّأنّ ّجريمةّرشوةّالموظّفّالعموميّتعد ّمنّجرائمّذويّالصّفة‪ّ ،‬فإنّ ّالقانونّ‬
‫الرشوة‪ّ ،‬أي ّوقت ّوقوعّ‬
‫يتطلب ّتوافر ّالصّفة ّواالختصاص ّبالعمل ّوقت ّارتكاب ّجريمة ّ ّ‬
‫الركنّالماديّللجريمة‪ّ72‬المتمثّلّفيّالطلبّأوّالقبول‪ّ ،‬إذّالّيؤثرّفيّتوافرّالصّفةّكونّ‬
‫الموظّفّفيّعطلة ّمرضيةّأوّسنويةّألنهاّالّتزالّقائمةّفالّتنفكّعنهّإالّ ّباالستقالةّأوّ‬
‫العزلّأوّالتّقاعد‪ّ،‬ومنّثمةّفالتوقيفّالمؤقتّالّيعدمّالصّفة‪ّ .‬‬
‫الرشوة ّكون ّالموظّف ّقد ّزالت ّعنه ّصفتهّ‬
‫ّهذا ّوال ّيحول ّدون ّقيام ّجريمة ّ‬
‫ّالركن ّالمادي ّللجريمة‪ّ ،‬وفي ّهذا ّالشأن ّقضى ّمجلس ّقضاءّ‬
‫واختصاصه ّبعد ّإتيان ّ‬
‫المسيلة ّبما ّيلي "حيث ّأن ّالثابت ّمن ّالملف ّأن ّالمتّهم ّموظّف ّعمومي ّببلدية‪ّ ...‬وقدّ‬
‫ضبطّمتلبساّبتلقيّالرشوةّمنّالضّحيةّمقابلّأداءّعملّيتمثلّفيّتمكينهّمنّشهادتيّ‬
‫ّ‬
‫استغالل ّقطعة ّأرض ّفالحية ّبالمكان ّالمسمّى ّ‪ّ ...‬ومنه ّفالتّهمة ّثابتة ّنحوه ّوالمحكمةّ‬
‫بقضائهاّبإدانتهّومعاقبتهّأصابت فيماّقضتّبهّفيؤيدهاّالمجلس"‪ّ ّ.73‬‬
‫ّالرشوة ّبقدر ّماهي ّاعتداء ّعلى ّمال ّالغير‪ّ ،‬فهيّ‬
‫نخلص ّمما ّسبق ّأنّ ّجريمة ّ‬
‫جريمة ّذات ّبعد ّأخالقي ّتصيب ّالضمير ّالمهني ّوتهدم ّالثّقة ّالمفترضة ّفي ّالموظّفّ‬
‫باعتباره ّأهم ّاآلليات ّالتي ّتعتمدها ّالدّولة ّفي ّتسيير ّوتقديم ّالخدمات ّللمواطن‪ّ ،‬وبالتاليّ‬
‫الرشوة ّمماّيستدعيّاألمرّالتّحريّفيّتوافرّ‬
‫يعدّ ّالموظفّالحلقةّاألساسيةّفيّجريمةّ ّ‬
‫هذهّالصّفةّ ـ ــّوفقاّلقانونّرقمّ‪ ّ 00/00‬ـ ـ ـ ّوقتّارتكابّالفعلّالمجرمّومدىّاختصاصهّ‬
‫بالعملّالمطلوبّمنهّأداؤهّأوّاالمتناعّعنه‪ّ .‬‬
‫ّ‬

‫‪ّ72‬محمودّنصر‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .22‬‬
‫‪ 73‬الغرفةّالجزائيةّبمجلسّقضاءّالمسيلة‪ّ،‬الملفّرقمّ‪ّ،00/01990‬تاريخّصدورّالقرارّ‪.9000/02/99‬‬

‫‪51‬‬
‫ّ‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أركان جريمة الرشوة‬
‫تضمنت ّالمادّة ّ‪ّ 91‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬صورتي ّجريمة ّالرشوة‪ّ ،‬السلبيةّ‬
‫واإليجابية ّمنها‪ّ ،‬إذ ّتستقل ّكل ّجريمة ّبأركانها‪ّ ،‬فنصت ّالمادة ّالسالفة ّالذكر ّعلى ّأنه‬
‫" يعاقب ّبالحبس ّمن ّسنتين ّإلى ّعشر ّسنوات ّوبغرامة ّمن ّ‪ّ 900.000‬دج ّإلىّ‬
‫‪ّ0.000.000‬دج ّ‬
‫‪ ‬كلّمنّوعدّموظّفاّعمومياّبمزيةّغيرّمستحقةّأوّعرضهاّعليهّأوّمنحهّإياها ّبشكلّ‬
‫مباشرّأوّغيرّمباشر‪ّ،‬سواءّكانّذلكّلصالحّالموظّفّنفسهّأوّلصالحّشخصّآخرّأوّ‬
‫كيانّآخرّلكيّيقومّبأداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّمن واجباته‪.‬‬
‫‪ ‬كلّموظّفّعموميّطلبّأوّقبل‪ّ،‬بشكلّمباشرّأوّغيرّمباشر‪ّ،‬مزيةّغيرّمستحقّةّ‬
‫سواءّلنفسهّأوّلصالحّشخصّآخرّأوّكيانّآخر‪ّ،‬ألداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّ‬
‫منّواجباته"‪.‬‬
‫ّالرشوة ّالسّلبية ّوالمطلب ّالثاّنيّ‬
‫ووفقا ّلذلك ّنخصص ّالمطلب ّاألول ّألركان ّ‬
‫ألركانّالرشوةّاإليجابية‪ّ ّ.‬‬
‫ّ‬
‫إلسلبية‬
‫إلرشوة ّ‬
‫إلمطلب إألول‪ :‬أركان جريمة ّ‬

‫تتكونّالرشوةّالسلبيةّالمرتكبةّمنّطرفّالموظفّالعامّمنّركنينّأساسيين‪ّ،‬هماّ‬
‫الركن ّالمادي ّالمتمثل ّفي ّالسلوك ّاإلجرامي ّوالنّتيجة ّاإلجرامية ّوالعالقة ّالسّببية ّبينهماّ‬
‫ّ‬
‫وهذاّهوّمحورّدراستناّفيّالفرعّاألول‪ّ .‬‬
‫الركن ّالمعنويّ‬
‫ّوهو ّ ّ‬
‫أما ّالفرع ّالثاني ّفسنسلط ّفيه ّالضوء ّعلى ّالركن ّالثاني ّ‬
‫ّالرشوة ّوباقي ّجرائمّ‬
‫ّالركنين ّنجد ّأنّ ّجريمة ّ‬
‫المعرف ّبالقصد ّالجنائي‪ّ ،‬وبخالف ّهذين ّ‬
‫أالّوهوّالركنّالمفترضّالمتمثّلّفيّصفةّ‬
‫ّ‬ ‫الفساد ّتتميزّعنّبقيةّالجرائمّبركنّخاص‪ّ ،‬‬
‫الموظفّالعموميّالتيّسبقّوأنّفصلناّفيهاّضمنّالمبحثّاألولّمنّهذاّالفصل‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي‬
‫ّالرشوة ّالسلبية ّمن ّسلوك ّإجرامي ّصادر ّعنّ‬
‫الركن ّالمادي ّفي ّجريمة ّ‬
‫يتكون ّ ّ‬
‫الموظّفّالعام‪ّ،‬المتمثلّفيّالطلبّأوّالقبولّ"‪ّ...‬كلّموظّفّعموميّطلبّأوّقبل‪ّ" ...‬‬
‫ِ‬
‫ويردّهذاّالسلوكّعلىّالمزيّةّغيرّالمستحقّةّالتيّتعتبرّموضوعاّلجريمةّالرشوة‪ّ،‬وكلّ‬
‫هذاّمقابلّالقيامّبعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّمنّواجباتّالموظّفّالمرتشي‪ّ،‬وهوّماّ‬
‫ّالمشرع ّالجزائري ّتخلّى ّعنّهذاّالطّرحّعندماّاعتبرّ‬
‫ّ‬ ‫منّالرشوة‪ّ ،‬علما ّأن‬
‫ّ‬ ‫يمثل ّالغرض ّ‬
‫ّالمجرم ّجريمة ّتامة ّدون ّالحاجة ّإلى ّتحقق ّالنتيجة‪ّ ،‬فتعدّ ّجريمةّ‬
‫ّ‬ ‫مجرد ّصدور ّالسلوك‬
‫للرشوةّ‬
‫ّللركن ّالمادي ّ ّ‬
‫الرشوة ّبذلك ّجريمة ّشكلية‪ّ ،‬وعليه ّسنتناول ّهذه ّالعناصر ّالمكونة ّ‬
‫السّلبيةّتباعا‪ّ .‬‬
‫أوال‪ :‬السلوك اإلجرامي‬
‫يظهرّالسلوكّاإلجراميّوفقاّللمادةّ‪ّ 9/91‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬فيّصورتينّ‬
‫لبّوالقبول‪ّ،‬علىّخالفّالمادةّ‪ّ090‬الملغاةّمنّقانونّالعقوباتّالتيّكانتّتعددّ‬
‫هماّالطّ ّ‬
‫صورّالنّشاطّاإلجرامي ّفي ّ" ّ‪ّ...‬كلّمنّيطلب ّأو ّيقبل ّعطيّةّأوّوعداّأوّيطلبّأوّ‬
‫يتلقى ّهبةّأوّهديّة‪ّ ّ،"...‬ولعلّ ّالعلّةّمنّإسقاطّالصّورةّالثالثةّهيّأنّها ّمتضمنةّمنطقياّ‬
‫فيّالقبولّلكونهّيحدثّقبلّالتلقيّإذّالّداعيّلذكرهاّتفادياّللحشو‪.‬‬
‫‪ -0‬الطلب‬
‫ّللرشوة ّيفترض ّأنّه ّتلقى ّإيجابا ّمن ّال اّرشي‪ّ ،‬سواءّ‬
‫تسليما ّبأنّ ّقبول ّالموظّف ّ‬
‫بالعرضّأو ّالوعدّمماّيغويّنفسّالموظّف‪ّ،‬فإنّ ّالطلبّالّيقابلهّسلوكّسابق‪ّ ،‬باعتبارهّ‬
‫مبادرةّالموظّ فّللحصولّعلىّفائدةّأوّوعدّبهاّمنّصاحبّالمصلحةّدونّتدخلّإيجابيّ‬
‫من ّهذا ّاألخير‪ّ ،74‬لذلك ّيرى ّالفقه ّأنّ ّالطّلب ّأخطر ّصور ّ‬
‫ّالركن ّالمادي ّفي ّجريمةّ‬

‫‪ّ74‬أحمدّأبوّالروس‪ ّ،‬جرائمّالتزييفّوالتزويرّوالرشوةّواختالسّالمالّالعامّمنّالوجهةّالقانونيةّوالفنية‪ّ،‬سلسلةّالموسوعةّالجنائيةّ‬
‫الكتابّالخامس‪ّ،‬المكتبّالجامعيّالحديثّاإلسكندرية‪ّ،‬مصر‪ّ،0221،‬صّ‪.011‬‬
‫ّ‬

‫‪53‬‬
‫الرشوة‪ّ ،‬فهوّعبثّبواجباتّالوظيفة‪ّ،75‬ألنهّفيّهذهّالحالةّيبادرّالموظّفّبعرضّوظيفتهّ‬
‫ّ‬
‫كسلعةّلإلتجارّبها‪.‬‬
‫باعتبار ّالطّلبّتعبيرّعنّإرادةّحرةّخاليةّمنّالعيوب‪ّ،‬فإنهّقدّيصدرّفيّشكلّ‬
‫صريحّأوّضمني‪ّ،‬بحيثّالّتتركّالظّروفّالمحيطةّمجاالّللشكّفيّأنّّالموظّفّبسلوكهّ‬
‫هذاّيطلبّالرشوة‪ّ،‬والّعبرةّإنّكانّمكتوباّأوّشفاهة‪ّ ،‬محدّداّلقيمةّالمزيّةّأوّغيرّمحددّ‬
‫ّ‬
‫قدّيوجهّطلبهّمباشرةّ‬
‫ّ‬ ‫لها‪ّ ،‬إذّيكفيّأنّيطلبّالموظّفّمقابالّللعملّالمطلوبّمنه‪ّ،‬كما ّ‬
‫لصاحبّالمصلحةّأوّيستعملّفيّذلكّوسيط‪ّ ،‬وبماّأنّ ّالعبرة ّبالطلبّوقتّوصولهّلعلمّ‬
‫صاحبّالحاجةّفهناّيكفيّأنّّيكونّقدّوصلّإلىّعلمّالوسيط‪ّ .76‬‬
‫يجب ّأنّ ّيكون ّالطّلب ّجدّيا ّال ّهزليا ّكأنّ ّيقول ّالموظّف ّلصاحب ّالحاجة"ّ‬
‫أعطنيّماّتملكّألقضيّلكّمصلحتك"‪ّ،‬بغضّالنظرّعنّقبولّصاحبّالمصلحةّلطلبّ‬
‫ّالرشوة ّإالّ ّأنّه ّكاف ّلتتم ّبهّ‬
‫الموظف ّمن ّعدمه‪ّ ،‬ألن ّالطلب ّوان ّكان ّفعال ّمبدئيا ّفي ّ‬
‫الجريمة‪ّ .‬‬
‫ّوالطّلبّالذي ّبمجردّصدورهّتتحققّجريمةّالرشوة‪ّ،‬هوّذلكّالطّلبّالذيّيكونّ‬
‫جدّياّمحدداّللعملّالذيّسيقومّبهّالموظّفّأوّيمتنعّعنّأدائهّلصالحّصاحبّالحاجةّ‬
‫المتضمنّفائدةّشخصيةّللموظف‪ّ،‬ألنهّقدّيطلبّالمزيّةّلنفسهّأوّلغيرهّشرطّأنّّتكونّلهّ‬
‫مصلحةّفيّذلك‪.‬‬
‫‪ -9‬القبـولّ‬
‫الرشوةّمنّطرفّالموظّفّالعموميّ‬
‫هوّالوسيلةّالثّانيةّوفقاّللمادّةّ‪ّ9/91‬لحدوثّ ّ‬
‫"ّكلّموظّفّعموميّطلبّأوّقبل‪ّ،"...‬إذّيفترضّفيّهذهّالصّورةّأنّيكونّهناكّإيجابّ‬
‫منّالراشي‪ّ،‬إماّّعبارةّعنّوعدّبمزيّةّأوّعرضهاّأوّمنحهاّوفقّماّذكرّفيّالفقرةّاألولىّ‬
‫ّ‬
‫من ّالمادة ّ‪ "ّ 91‬كل ّمن ّوعد ّموظّفا ّعموميا ّبمزيّة ّغير ّمستحقة ّأو ّعرضها ّعليه ّأوّ‬

‫‪ّ75‬فخريّعبدّالرزاقّصلبيّالحديث‪ّ،‬شرحّقانونّالعقوباتّ"ّالقسمّالخاص"‪ّ،‬الطبعةّالثانية‪ّ،‬الناشرّالعاتكّبالقاهرة‪ّ،‬توزيعّالمكتبةّ‬
‫القانونية‪ّ،‬بغداد‪ّ،9001ّ،‬صّ‪ّ .12‬‬
‫‪ 76‬محمدّأحمدّمونس‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪.22‬‬
‫‪54‬‬
‫ّبالموافقة ّفيأخذ ّهذا ّاالتفاق ّشكل ّعقد ّغيرّ‬
‫ّ‬ ‫منحه ّإياها" ّ ّوُّيقابل ّالموظّف ّهذا ّاإليجاب‬
‫مشروع‪.77‬‬
‫القبولّعكسّالطّ لبّفهذاّاألخيرّقدّيأتيّفيّشكلّكتابيّأوّشفهيّصريحّإذّ‬
‫نادراّماّيعبرّعنهّبالصّمت‪ّ ،‬ألنّ ّطبيعةّالطلبّتقتضيّأنّيكونّالفعلّإيجابيا ّللتّعبيرّ‬
‫القبولّقدّي َّعَّّبرّعنهّصراحةّبالقولّأوّبالصّمت‪ّ،‬لكنّهناّيجبّأنّ‬
‫ُّ‬ ‫عنّاإلرادة‪ّ،‬غير ّأنّ ّ‬
‫يقترنّبوقائعّتدلّالّمحالةّعلىّقبولّاالتّجارّبالوظيفةّمقابلّمزيةّغيرّمستحقّة‪ّ،‬وعليهّ‬
‫يجب ّعلى ّالقاضي ّأن ّيحتاط ّكثي ار ّإذا ّما ّأراد ّاعتبار ّهذا ّالموقف ّالسّلبي ّقبوال‪ّ ،‬ألنّّ‬
‫الموظّف ّقد ّيصمت ّإزاء ّإيجاب ّصاحب ّالحاجة ّبعرض ّالمزيّة ّوينصرف ّإلى ّأداءّ‬
‫الخدمة‪ّ،‬وذلكّبغرضّتـأديةّواجبهّالوظيفيّالّبغرضّقبولّالرشوة‪ّ،‬وعليهّإذاّحامتّحولّ‬
‫الموضوعّبعضّالشّكوكّفهناّيجبّأنّّيفسرّالشّكّلصالحّالمتهم‪ّ .‬‬
‫يشترط ّأن ّيكون ّالقبول ّجديا ّحقيقة‪ّ ،‬مقابل ّعرض ّجدي ّ ّولو ّفي ّظاهره‪ّ ،‬فإذاّ‬
‫ّالراشي ّمتلبّسا‪ّ ،‬فإنّه ّال ّيعدّّ‬
‫تظاهر ّالموظّف ّبقبول ّالعرض ّبهدف ّإلقاء ّالقبض ّعلى ّ‬
‫مرتشيا ّالنعدام ّالسلوك ّاإلجرامي ّالمحقق ّللجريمة‪ّّ ،‬والقبول ّمثل ّالطلب ّفبمجرد ّصدورهّ‬
‫مكتمال ّللشّروط ّووصوله ّإلى ّعلم ّصاحب ّالحاجة ّتقع ّالجريمة ّتامة‪ّ ،‬حتى ّوان ّتراجعّ‬
‫كردّفعلّلنكولّالراشي ّعنّتنفيذ ّوعده‪ّ،‬أوّكان ّتراجعهّ‬
‫ّ‬ ‫طُلبّمنه‪ّ،‬‬
‫الموظّفّعنّتنفيذّماّ ّ‬
‫ِّّينمّعنّصحوةّضمير‪ّ ،‬فهذاّالتّشديدّرغمّأنّهّيضيّعّفرصةّتراجعّالمرتشيّعنّجريمتهّ‬
‫إالّ ّأنّهّيجعل ّالموظّفّيفكّرّمليّاّقبلّأن ّيقبلّعلىّفعلهّألنه ّالّسبيلّللصّفحّعنه‪ّ،‬فهوّ‬
‫فيّحقيقةّاألمرّذوّجانبّوقائي‪ّ .‬‬
‫ًّ‬
‫ومنهّفالقبولّيجبّأنّيكونّجدياّوأنّيقعّعلىّالمزيةّالمعروضةّعليهّ ّومحدداّ‬
‫للعملّالمستهدفّمنّالرشوة‪.‬‬
‫‪ -2‬األخـذ‬

‫‪ 77‬محمدّزكيّأبوّعامرّوسليمانّعبدّالمنعم‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪.291‬‬

‫‪55‬‬
‫ّالمزية ّغيرّ‬
‫وهو ّالصّورة ّالغالبة ّفي ّجريمة ّالرشوة‪ّ ،‬حيث ّيتلقى ّالموظّف ّ‬
‫يّبهّصاحبّالمصلحةّ‬ ‫المستحقةّعاجالّغيرّآجل‪ّ ّ،‬وذلكّمنّبابّالحيطةّومخافةّأنَّّي ِّ‬
‫ش َّ‬
‫ةّأموالّنقديةّمثلماّ‬
‫غالباّماّتكونّالمزيةّهناّفيّصور ّ‬
‫ّ‬ ‫إلىّالمصالحّالقضائيةّأوّاإلدارية‪ّ،‬ف‬
‫يحصل ّفي ّالمصالح ّالخدماتية ّمثال‪ّ ،‬وال ّيشترط ّأن ّيكون ّاستالم ّالمزية ّحقيقيا ّبل ّقدّ‬
‫الراشيّمفتاحّالسيارةّأوّالعقارّللمرتشي‪.78‬‬
‫يكونّحكماّكأنّيسلمّ ّ‬
‫المشرع ّالجزائري ّهذه ّالصّورة ّفي ّالمادة ّ‪ّ 9/91‬ألنّ ّالطلب ّّوالقبولّ‬
‫لقد ّأغفل ّ ّ‬
‫يستغرقان ّضمنيا ّهذه ّالحالة ّفيحالن ّمحلها ّفي ّالتّجريم‪ّ ،‬وتجدر ّاإلشارة ّإلى ّأنّ ّأخذّ‬
‫شوة ّفي ّبعض ّالحاالت ّيكون ّصعب ّاإلثبات‪ّ ،‬وذلك ّفي ّحالة ّما ّإذا ّكانت ّمصلحةّ‬
‫الر ّ‬
‫صاحبّالحاجةّهيّمالّموضوعّبينّيديّالموظف‪ّ،‬فلكيّيحصلّصاحبّالحاجةّعلىّ‬
‫ماله ّيقتطع ّالموظف ّجزءا ّمنه ّ ّويسلّمه ّالباقي‪ّ ،‬مثلما ّيحدث ّفي ّالجمارك ّعلى ّمستوىّ‬
‫انئّوالمطارات فيما يخص أمتعة المسافرين‪.‬‬
‫المو ّ‬
‫في ّهذا ّالمقام ّالبد ّوأن ّنتكلم ّعن ّلحظة ّاالرتشاء‪ّ ،‬حيث ّنصت ّالمادة ّ‪ّ9/91‬‬
‫علىّماّيليّ"ّكلّموظّ فّعموميّطلبّأوّقبلّبشكلّمباشرّأوّغيرّمباشرّمزيةّغيرّ‬
‫مستحقةّسواءّلنفسهّأوّلصالحّشخصّآخرّأوّكيانّآخر‪ّ،‬ألداء ّعملّأوّاالمتناعّعنّ‬
‫أداءّعملّمنّواجباته"ّإذّيستفادّمنّهذهّالمادةّأنّالمشرعّالجزائريّاشترطّوقوع ّالطلبّ‬
‫أوّالقبولّقبلّأداءّالعملّأوّاالمتناعّعنّأدائه‪ّ،‬والحكمةّمنّذلكّأن ّالموظفّماّكانّ‬
‫ّ‬
‫لينحرفّبوظيفتهّأوّيجعلّمنهاّمحالّلإلتجارّلوالّوجودّالمقابل‪ّ،‬فمجردّالطّلبّأوّالقبولّ‬
‫يحدثّأثرهّالنفسيّعلىّالموظف‪ّ،‬فيّخضّمّهذاّنجد ّأنّ ّالواقعّيؤكدّعلىّوجودّحاالتّ‬
‫يتمّفيهاّتقديمّالهديّةّللموظّفّبعدّأداءّالعملّدونّاتفاقّسابق ّ ـ ــّإكرامية ّ ـ ــّّوان ّكانتّ‬
‫هذهّالهديةّلمّتؤثرّعلىّعملّالموظفّغيرّأنهاّبالطبعّستؤثرّعلىّمعامالتهّمستقبالّ‬
‫شريعّالمصريّمثالّعلىّتجريمّ‬
‫معّصاحبّالحاجة‪ّ،‬لذاّعملتّالتّشريعاتّالمقارنةّكالتّ ّ‬

‫‪ 78‬إبراهيمّبنّصالحّبنّمحمدّالرعوجي‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .02‬‬
‫‪56‬‬
‫ّبالمشرع ّالجزائري ّعند ّتجريمه ّتلقي ّالهدايا ّأن ّّيُضمّنهاّ‬
‫ّ‬ ‫المكافأة ّالالّحقة ّفكان ّاألجدر‬
‫الهديّةّالالّحقةّعلىّالعملّلسدّّالفراغّالقانوني‪ّ .‬‬
‫ثانيا‪ :‬محل الجريمة‬
‫ّالراشي ّهو ّالوصول ّإلى ّقضاء ّمصلحته‪ّ ،‬سواء ّبأداء ّعمل ّأوّ‬
‫إذا ّكان ّهدف ّ‬
‫االمتناعّعنّأدائهّمنّطرفّالموظّفّالعمومي‪ّ،‬فإنّغايةّهذاّاألخيرّهوّالحصولّعلىّ‬
‫المقابلّالمتمثّلّفيّالمزيّةّغيرّالمستحقّةّوفقاّلنصّالمادّةّ‪ّ،ّ 9/91‬فيّحينّكانّمحلّ‬
‫الجريمةّفيّالمادّةّ‪ّ090‬الملغاةّمنّقانونّالعقوباتّعبارةّعن"‪ّ...‬عطيّةّ‪ّ...‬هبةّأوّهديّةّ‬
‫أو ّأية ّمنافع ّأخرى" حيث ّترك ّالمشرع ّالمجال ّمفتوحا ّألنواع ّأخرى ّمن ّالمقابل‪ّ ،‬التيّ‬
‫أطلقّعليهاّمصطلحّمنافعّألنهاّتعودّعلىّالموظفّبالمنفعة‪ّ ،‬لكنهّتداركّاألمرّوتجنبّ‬
‫إلمزية غير‬
‫ن ّ كلّالمنافعّفيّمصطلحّأكثرّشموليةّودقة ّفيّالتعبير‪ّ،‬وهوّ ّ‬
‫ض ِّّم َّ‬
‫التعدادّليُ َّ‬
‫ّ‬
‫إلمستحقّة حيثّنصّتّالمادةّ‪..."ّ 9/91‬كلّموظّفّعموميّطلبّأوّقبلّبشكلّمباشرّ‬
‫أوّغيرّمباشرّمزيةّغيرّمستحقّة‪ّ،‬سواءّلنفسهّأوّلصالحّشخصّآخرّأوّكيانّآخر"‪.‬‬
‫ّوبالتّالي ّفهذا ّالمصطلحّيتضمّن ّكل ّما ّيشبع ّحاجة ّللنّفس ّأيّا ّكان ّاسمها ّأوّ‬
‫نوعها‪ّ ،‬إذّيستوعبّشتىّالصّورّالتيّتصلح ّمقابالّإلتّجارّالموظّفّبعملهّالوظيفي ّأيّاّ‬
‫كانّ طابعهاّعينيّأوّنقديّأوّمصالحّأوّمنافعّأخرى‪ّ .79‬‬
‫إذن ّفالمزيّةّغيرّالمستحقةّقدّتكونّذاتّطابعّماديّكالنقود‪ّ،‬سيارة‪ّ،‬ساعة‪ّ...‬‬
‫أيّشيءّملموسّظاهر ّللعيان‪ّ،‬كماّقدّتكونّفيّشكلّمعنويّوتظهرّفيّالحالةّالتيّ‬
‫ّاّ‬
‫تشيّأفضلّمنّذيّقبلّنتيجةّلسعيّالراشي‪ّ80‬كترقيتهّأوّتوظيفّ‬
‫ّ‬ ‫يصيرّفيهاّوضعّالمر‬
‫ابنه ّأو ّأحد ّأقاربه‪ّ ،‬وقد ّاختلف ّالفقه ّحول ّاعتبار ّالعالقة ّالجنسية ّمزيّة ّغير ّمستحقةّ‬

‫‪ّ79‬أحمدّبنّعبدّاهللّبنّسعودّالفارس‪ّ،‬تجريمّالفسادّفيّاتفاقيةّاألممّالمتحدة‪ّ،‬مذكرةّماجستيرّقسمّالعدالةّالجنائية‪ّ،‬تخصصّ‬
‫تشريعّجنائيّإسالمي ‪ّ،‬جامعةّنايفّالعربيةّللعلومّاألمنية‪ّ،‬الرياض‪ّ،9009ّ،‬صّ‪ّ .02‬‬
‫‪ّ80‬محمدّزكيّأبوّعامرّوعليّعبدّالقادرّالقهوجي‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .219‬‬

‫‪57‬‬
‫العتباراتّمتعددة‪ّ،‬إالّ ّأنّ ّالرأيّالمستقرّعليهّفقهاّوقضاءّ ّاعتبرها ّمقابلّللخدمةّألنهاّ‬
‫تشكلّمنفعةّللمرتشي‪ّ ّ.81‬‬
‫يتزوجّصاحبّ‬
‫فالمزيّةّقدّتكونّصريحةّأوّضمنيةّمستترةّتحتّقناعّمعين‪ّ،‬كأنّ ّ‬
‫ّنتصور ّأنّ ّالعملّ‬
‫ّ‬ ‫المصلحة ّابنة ّالموظّف ّالدميمة ّكشرط ّلقضاء ّمصلحته‪ّ ،82‬فهنا‬
‫الزواجّال ّيمكنّ‬
‫ةّوعظيمّالشّأن ّألنّ ّ ّ‬
‫المطلوبّأداؤهّأوّاالمتناعّعنّأدائهّذوّأهميةّكبير ّ‬
‫الرشوةّبصفةّعامةّإالّّناد ار‪ّ ّ.‬‬
‫أنّيكونّمحالّلجريمةّ ّ‬
‫عّالرشوةّبينّالموظفين‪ّ ،‬إذاّقامّكلّمنهماّبعملّيعودّبالمنفعةّ‬
‫ّوقدّنتصورّوقو ّ‬
‫علىّالموظفّاآلخر‪ّ،‬منّخاللّالقيامّباألعمالّالوظيفيةّأوّامتناعاّعنّأدائهاّأوّإخاللّ‬
‫بواجباتهما‪ّ ،‬فتعتبرّالخدمةّبمثابةّمنفعةّفيّصورةّضمنية‪ّّ،83‬والّعبرة ّإن ّكانتّالمزيّةّ‬
‫مشروعة ّأو ّغير ّمشروعة‪ّ ،‬كأن ّيقدّم ّله ّقطعة ّمخدرات ّأو ّأشياء ّمختلسة‪ّ ،‬ألنّ ّالعبرةّ‬
‫بكونهاّغيرّمستحقّة‪ّ ،‬أيّليسّمنّحقّالموظّفّأن ّيتلقىّأجراّعنّالعملّالذيّقامّبهّ‬
‫ّوان ّكان ّالعملّمشروعا ّمادامّغيرّمقررّلهّأجر‪ّ،‬فمتىّكانتّالمزيّةّحقّثابتّللموظّفّ‬
‫انتفتّالجريمةّكأن ّتكونّعبارة عن دين حال ومحقق‪ ،‬أو هديّة تبررها صلة القرابة التي‬
‫والموظف‪ّ .84‬‬
‫ّ‬ ‫تجمع صاحب الحاجة‬
‫هذاّوالجدلّقائمّفيماّيخصّقيمةّالمزيةّفهناك ّمنّالفقهّمنّيرىّأنّهّالّأهميةّ‬
‫لقيمتها‪ّ ،‬فمتى ّكان ت ّفي ّنظر ّالمرتشي ّمقابال ّأو ّسببا ّللقيام ّبالعمل ّأو ّاالمتناع ّعنهّّّّّّّ‬
‫ّالرشوة‪ّ ،‬مهما ّانخفضت ّقيمة ّالمزية ّإذ ّالعبرة ّبكونها ّأثّرت ّفي ّنفس ّالموظفّ‬
‫تحققت ّ‬
‫وغيرتّمسارّتفكيرهّفيّجعلّالوظيفةّمجاالّللتربح‪ّ .‬‬

‫‪ّ81‬فادياّقاسمّبيضون‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪.20‬‬
‫‪ّ82‬محمودّنصر‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪.20‬‬
‫‪ 83‬عليّمحمدّجعفر‪ّ،‬قانونّالعقوباتّ "جرائمّالرشوةّواالختالسّواإلخاللّبالثقةّواالعتداءّعلىّاألشخاصّواألموال"‪ّ،‬المؤسسةّ‬
‫الجامعيةّللدراساتّوالنشرّوالتوزيع‪ّ،‬الطبعةّالثانية‪ّ،‬بيروت‪ّ،‬لبنان‪ّ،9002ّ،‬صّ‪.92‬‬
‫‪ّ84‬محمدّزكيّأبوّعامرّوعليّعبدّالقادرّالقهوجي‪ّ،‬المرجعّنفسه‪ّ،‬صّ‪ّ .212‬‬

‫‪58‬‬
‫ّفي ّحين ّيذهب ّغالبية ّالفقه ّإلى ّأنّه ّالبد ّوأن ّيكون ّهناك ّتناسب ّنسبي ّغيرّ‬
‫مطلق ّبين ّالمزية ّوالخدمة ّالمطلوبة‪ّ ،‬إذ ّال ّيعقل ّأن ّيتم ّالقبض ّعلى ّالموظّف ّبتهمةّ‬
‫الرشوةّلكونّصاحبّالحاجةّقدمّلهّقطعةّحلوىّأوّسيجارة‪ّ،‬ويبقىّأمرّتقديرّالتناسبّ‬
‫ّ‬
‫متروكّلقضاةّالموضوع‪ّّ،‬مادامّالمشرعّلمّيشترطّقدراّمعيناّلها‪ّ،‬كماّأنّّالمزيّةّقدّتكونّ‬
‫ّسلّمت ّلهّ‬
‫لصالح ّالموظّف ّنفسه ّأو ّلصالح ّشخص ّآخر‪ّ ،‬سواء ّعيّنه ّهو ّمن ّقبل ّأو ُّ‬
‫المزيةّفرضيّبذلكّولمّيعارض‪ّّ ،‬والغيرّهناّقدّيكونّوسيطا ّأوّمستفيدا‪ّ،‬شخصاّطبيعياّ‬
‫أوّمعنويا "‪...‬سواءّلنفسه ّأوّلصالحّشخص ّآخرّأوّكيانّآخر ّ‪ّّ "...‬والّيهمّإن ّّقُدمتّ‬
‫المزية ّقبل ّأداء ّالعمل ّأو ّبعده ّفالمشترط ّهو ّسبق ّاالتفاق ّعليها ّ ّولكن ّ ـ هل تعتبر‬
‫إلمزية غير إلمستحقّة؟ ّ‬
‫ّ‬ ‫إإلكرإميات من قبيل‬
‫كنّالماديّوهوّ‬
‫ّ‬ ‫منّالنّاحيةّالقانونيةّالّتعتبرّاالكراميةّرشوةّألنّأحدّعناصرّالر‬
‫الطّلبّأوّالقبولّقبلّأداءّالعملّغيرّمتوفر‪ ّ،‬كونهاّتسلمّبعدّأداءّالعملّدونّاتفاقّسابقّ‬
‫فهيّمنّاألعرافّالتيّاعتادّعليهاّالناس‪ّ .‬‬
‫ّوأيّاّكانتّالصورةّالتيّتظهرّبهاّالمزية‪ّ،‬فالبدّّمنّذكرهاّفيّمنطوقّالحكمّوفيّ‬
‫هذاّالشأنّقضتّالمحكمةّالعلياّفيّالقرارّرقمّ‪ّ 21121‬الصادرّبتاريخّ‪ّ0291/00/91‬‬
‫ارّالذيّالّيبينّمنّهوّالراشيّوماّهيّ‬
‫ّ‬ ‫بأنهّيعتبرّقاصرّالبيانّويستوجبّالنّقضّالقر‬
‫العطيّةّأوّالهديّ ةّالتيّطلبهاّأوّتلقاهاّونوعّالعملّالذيّقامّبهّالمرتشيّمقابلّذلك‪ّ .85‬‬

‫ثالثا‪ :‬النتيجة الجرمية‬

‫يمةّالرشوةّالسّلبيةّأن ّيطلبّأوّيقبلّالموظّفّالعم ّوميّوعداّ‬


‫ّ‬ ‫الّيكفيّلتحققّجر‬
‫منّالرشوةّهوّ‬
‫ّ‬ ‫منّالراشيّأوّيأخذّمزيةّغيرّمستحقةّمنه‪ّ،‬بلّيجبّأنّيكونّالغرضّ‬
‫ّ‬
‫قيامّالموظّفّالعامّبأحدّالمظاهرّالسلوكيةّالتالية أداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّ‬

‫‪ّ85‬المجلةّالقضائيةّللمحكمةّالعليا‪ّ،‬العددّ‪ّ،0220ّ،02‬صّ‪.212‬‬

‫‪59‬‬
‫مةّوالعملّالمطلوبّالقيامّبهّمعنىّ‬
‫منّواجباته‪ّ ،‬إذّيتحققّبهذاّالتقابلّبينّالفائدةّالمقد ّ‬
‫االتّجارّبأعمالّالوظيفة‪ّ .‬‬

‫يمةّالرشوةّ‬
‫ّ‬ ‫ّإذن ّفالقيامّبالعملّأوّاالمتناعّعنّأدائهّهوّالنّتيجةّالمرجوةّمنّجر‬
‫ّالرشوةّتعد ّجريمةّشكليةّتتحقّقّبمجردّصدورّ‬
‫وآخرّحلقاتّالعمليةّاإلجرامية‪ّ،‬وبما ّأن ّ‬
‫الطّلب ّأو ّالقبول‪ّ ،‬بغض ّالنظر ّعن ّمدى ّتحقق ّالنّتيجة ّالجرمية ّمن ّعدمها‪ّ ،‬فإن ّأداءّ‬
‫الموظّفّللعملّالمطلوبّأوّامتناعهّعنّأدائهّبقدرّمالهّمنّأهميّةّفيّهذهّالجريمةّفالّ‬
‫يشترطّوقوعهّفعال‪ّ،‬فالعبرةّهناّبالرابطةّالغائيةّبينّطلبّأوّقبولّالمزيّة‪ّ،‬وأداءّالعملّأوّ‬
‫االمتناع ّعن ّأدائه ّوفقا ّلما ّيريده ّصاحب ّالحاجة‪ّ ،‬فتعد ّالجريمة ّقائمة ّبمجرد ّصدورّ‬
‫الطّلبّأوّالقبولّعنّالموظّفّالمرتشي‪ّ،‬وطبقاّلنصّالمادةّ‪ّ 09/91‬فالمرتشيّإماّيقومّ‬
‫بعملّأوّيمتنعّعنّعملّبماّيحققّمصلحة ّالّراشي‪ّ،‬معّالعلم ّأنّ ّذاتّالمادةّلمّتنصّ‬
‫يعاتّوعليهّسنستعرضّهذهّ‬
‫ّ‬ ‫علىّاإلخاللّبواجباتّالوظيفةّالتيّنصّتّعليهاّبعضّالتّشر‬
‫الصورّتباعا‪ّ .‬‬

‫‪ -0‬أداء عمل‬
‫عبارة ّعن ّسلوك ّإيجابي ّيأتيه ّالموظّف ّالمرتشي ّبما ّينفع ّصاحب ّالمصلحةّّ‬
‫وهوّالصورةّالغالبةّإذّقدّيكونّفيّصورةّعملّواحدّأوّجملةّمنّاألعمال‪ّ،‬إماّمحددةّأوّ‬
‫قابلة ّللتحديد‪ّ ،‬حيث ّيحدد ّصاحب ّالحاجة ّالعمل ّالمطلوب ّبصفة ّعامة ّويترك ّتحديدّ‬
‫جزئياته ّللموظف‪ّ ّ ،‬وفي ّهذا ّالصّدد ّقد ّيقوم ّالموظّف ّبأداء ّعمل ّتقضي ّبه ّواجباتهّ‬
‫الوظيفية ّفيعد ّمرتشيا‪ّ ،‬ولو ّكان ّما ّقام ّ به ّمن ّعمل ّغير ّمخالف ّللقانون ّومن ّحقّ‬
‫صاحبّالحاجة ّمادامّقدّتلقىّمقابالّغيرّمستحق‪ّ ّ،‬ومثالّذلكّالمحللّالكيميائيّبمعاملّ‬
‫الصّحة ّالذي ّيتقاضى ّمن ّأحد ّباعة ّاللبن ّمبلغا ّمن ّالمال ّلكي ّيخرج ّنتيجة ّالتحليلّ‬

‫‪60‬‬
‫صالحةّولوّثبتّأنّعيناتّاللبنّالمقدّمةّللتّحليلّليسّفيهاّغش‪ّ،86‬أوّأنّيتلقىّالقاضيّ‬
‫مزيّةّغيرّمستحقّةّإلصدارّحكمّببراءةّالمتّ همّثبتتّبراءته‪ّ،‬وعلىّخالفّذلكّقدّيكونّ‬
‫العملّالمطلوبّأداؤهّمخالفاّللّوائحّوالتّنظيماتّوغيرّمشروع‪ّ ،‬كأن ّيتلقىّموظّفّالبلديةّ‬
‫مزيّة ّمن ّمواطن ّالستخراج ّشهادة ّاإلقامة ّدون ّحضور ّالولي ّأو ّدون ّوجود ّتصريحّ‬
‫شرفي‪ّ .‬‬
‫ّإالّ ّأنّه ّال ّيعدّ ّمن ّأعمال ّالوظيفة ّتلك ّاألعمال ّالتي ّيباشرها ّالموظّف ّاستعماالّ‬
‫لحق ّمن ّالحقوق ّالثابتة ّله ّبمقتضى ّالقانون ّالمنظم ّلوظيفته‪ّ ،‬ومثال ّذلك ّحق ّالموظّفّّّ‬
‫في ّطلب ّاالستقالة ّأو ّطلب ّإجازة‪ّ ،87‬ولكن ّتجدر ّاإلشارة ّإلى ّأنّ ّمثل ّهذه ّالحقوق ّقدّ‬
‫ضرّ ّبالمصلحة ّالعامة ّللمرفق ّوتحقّقّ‬
‫يتلقى ّالموظّف ّمزيّة ّالستعمالها ّفي ّظروف ّّتَ ُّ‬
‫مصلحةّصاحبّالحاجة‪.‬‬
‫‪ -9‬االمتناع عن أداء العمل‬
‫قدّيكونّالعملّالذيّينتظرهّصاحبّالحاجةّعبارةّعنّسلوكّسلبيّمنّجانبّ‬
‫الموظّف‪ّ ،‬يتمثل ّفي ّاإلحجام ّعن ّأداء ّعمل ّمعين‪ّ ،‬فال ّأهميّة ّعند ّذلك ّإن ّكان ّهذاّ‬
‫االمتناعّمشروعاّأوّغيرّمشروع‪ّ،‬إذّتقومّالجريمةّ ّولوّكانّالعملّالمطلوبّاالمتناعّعنّ‬
‫أدائهّيدخلّفيّنطاقّالسلطةّالتقديريةّللموظف‪ّ ،‬طالماّأنّ ّامتناعهّكان ّمقابلّفائدةّأوّ‬
‫منفعة‪ّ ،88‬ففي ّهذه ّالحالة ّلم ّيراعي ّالموظف ّالمصلحة ّالعامة ّبل ّسعى ّإلى ّتحقيقّ‬
‫مصلحتهّالخاصة‪ّ،‬كماّالّيشترطّأنّيكونّاالمتناعّتاما ّأوّباتاّبلّيكفيّمجردّالتّأخيرّ‬
‫إذا ّكان ّهذا ّالتأخير ّيحقق ّالمطلوب‪ّ ،‬ومن ّاألمثلة ّعلى ّذلك ّكثيرة ّ ّكأن ّيقبل ّشرطيّ‬

‫‪ّ86‬عبدّ الحميدّالشواربي‪ّ،‬التعليقّالموضوعيّعلىّقانونّالعقوبات‪ّ،‬الكتابّالثاني‪ّ،‬الجناياتّوالجنحّالمضرةّبالمصلحةّالعامةّفيّ‬
‫ضوءّالفقهّوالقضاء‪ّ،‬منشأةّالمعارفّباإلسكندرية‪ّ،‬مصر‪ّ،9002ّ،‬صّ‪.902‬‬
‫‪ّ87‬فتوحّعبدّاهللّالشاذلي‪ّ،‬شرحّق انونّالعقوباتّالقسمّالخاص‪ّ،‬الكتابّاألول‪ّ،‬جرائمّالعدوانّعلىّالمصلحةّالعامة‪ّ،‬دارّ‬
‫المطبوعاتّاإلسكندرية‪ّ،‬مصر‪ّ،9000ّ،‬صّ‪.99‬‬
‫‪ّ88‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجنائيّالخاص"ّجرائمّالفسادّـ ــّجر‬
‫ائمّالمالّواألعمالّ ـ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬‬
‫ّ‬
‫صّ‪.22‬‬

‫‪61‬‬
‫المرور ّمبلغا ّمن ّالمال ّمقابل ّامتناعه ّعن ّتحرير ّمخالفة ّارتكبها ّسائق ّالسيارة ّأو ّلمّ‬
‫يرتكبهاّإطالقا‪ّ .‬‬
‫ّوالّيكفيّأن ّيتخذّالموظّف ّموقفاّإيجابياّأوّسلبياّبلّالبدّ ّمنّأن ّيكونّالعملّّّّ‬
‫منّاختصاصهّوفقاّللمادةّ‪ ّ"ّ 09/91‬ألداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّمنّواجباته"ّ‬
‫ّوذلكّعلىّخالفّنصّالمادةّ‪ّ 090‬الملغاةّمنّقانونّالعقوباتّالتيّكانتّموسّعةّحيثّ‬
‫فّوالذيّيسهّلّلهّأداءّالعملّالمطلوب‪.‬‬
‫تشملّالعملّالخارجّعنّاختصاصّالموظ ّ‬
‫‪ -2‬اإلخالل بواجبات الوظيفة‬
‫يستهدفّاإلخاللّبواجباتّالوظيفةّمدلوالّعاماّيمتدّإلىّأمانةّالوظيفةّذاتها‪ّّّّ89‬‬
‫حيثّالّيقتصرّعندّمجردّالقيامّبالعملّأوّاالمتناعّعنه‪ّ،‬سواءّكان ّمطابقا ّأوّمخالفاّ‬
‫جوعّإلىّنصّ‬
‫للقانون‪ّ،‬بلّيشملّكذلكّالسرّالمهنيّ ّوكلّماّيتعلقّبواجباتّالوظيفةّفبالر ّ‬
‫المادة ّ‪ّ 09/91‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬والذي ّجاء ّفيها ّمايلي ّ" ّكل ّموظّف ّعموميّ‬
‫طلب ّأو ّقبل ّبشكل ّمباشر ّأو ّغير ّمباشر ّمزية ّغير ّمستحقّة ّسواء ّلنفسه ّأو ّلصالحّ‬
‫شخصّآخرّأوّكيانّآخرّألداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّمن ّواجباته" ّنجدهّلمّ‬
‫ينصّعلىّاإلخاللّبالواجبّالوظيفيّألن ّإفشاءّالسرّالمهنيّيعدّ ّجريمةّمستقلةّبذاتهاّ‬
‫وتعاقبّعليهاّالقوانينّاألخرى‪ّ .‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المعنوي‬
‫يمةّالرشوةّمنّالجرائمّالعمدية‪ّ،‬التيّالّتقومّبمجردّالخطأّ‬
‫ّ‬ ‫مماّالشكّفيهّأنّ ّجر‬
‫أو ّاإلهمال‪ّ ،‬إذ ّال ّيتصور ّذلك ّفي ّهذه ّالجريمة ّفهي ّتتطلب ّتوافر ّالقصد ّالجنائيّ‬
‫ّوبطبيعةّالحالّأنّناّفيّهذاّالمقامّنخصّبالذكرّالقصدّالجنائيّلدىّالمرتشيّـ ـ ــّالموظفّ‬
‫يمةّالرشوةّالسّلبيةّفيّالقانونّالجزائري‪ّ،‬وعليهّسنتناولّ‬
‫ّ‬ ‫ـ ـ ــّباعتبارهّالفاعلّاألصليّفيّجر‬
‫القصدّالجنائيّفيّجريمةّالرشوةّبالتحليلّضمنّهذاّالفرع‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫أوال‪ :‬عناصر القصد الجنائي في جريمة الرشوة السلبية‬

‫‪ 89‬أحمدّأبوّالروس‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .990‬‬

‫‪62‬‬
‫يعرف ّالقصد ّالجنائي ّبأنه ّعلم ّالجاني ّبتوافر ّعناصر ّالجريمة ّواتجاه ّإرادتهّ‬
‫الرتكابها‪ّ،90‬وعليهّفالمرتشيّيجبّأنّيكونّعالماّبعناصرّالجريمةّالتيّيتطلبهاّالنّموذجّ‬
‫القانونيّوأنّتنعقدّإرادتهّإلىّإتيانها‪.‬‬
‫‪ -0‬العلم بعناصر الجريمة‬
‫الّيعتدّبنفيّالجانيّعلمهّبتجريمّالفعلّالذيّأقبلّعليه‪ّ،‬فيجبّأن ّيحاطّعلماّ‬
‫بالعناصرّالقانونية‪ّ،‬المتمثلةّفيّصفةّالجانيّكونهّموظفاّحسبّالمادةّ‪/9‬بّمنّالقانونّ‬
‫رقمّ‪ّ،00/00‬إذّالّيقبلّجهله ّلهاّإال ّفيّحالة ّماّإذاّلمّيكنّالمتهمّقدّبلّغّبعدّبقرارّ‬
‫تعيينهّالذيّصدرّبالفعل ّفيّالوقتّالذيّقبلّفيهّالوعد ّأوّالعطيّة‪ّ،91‬وكانّيجهلّذلكّ‬
‫حقا‪ّ،‬ففيّهذهّالحالةّالّيعدّ ّمرتشياّلتخلفّالقصدّالجنائيّلديهّلكنهّيعاقبّوفقاّلوصفّ‬
‫آخرّللجريمة‪ّ .‬‬
‫ّكماّيمتدّعلمهّإلىّأنّ هّمختصّبالعملّالمطلوبّمنهّأداؤهّأوّاالمتناعّعنّأدائهّ‬
‫ّويجبّأنّيعلمّأنّّالمزيّةّالتيّطلبهاّأوّقبلهاّهيّمزيةّغيرّمستحقة‪ّ،‬فالّهيّسدادّلدينّ‬
‫سابقّبذمةّصاحبّالحاجةّوالّهيّهديّةّتبررهاّصلةّالقربىّأوّالصداقة‪ّ،‬بلّهيّمقابلّ‬
‫ّ‬
‫للعملّالمطلوبّمنهّبماّيحققّمصلحةّالراشي‪ّ،‬حيثّينتفيّالقصدّالجنائيّإذاّماّاعتقدّ‬
‫لهّالرشوةّ‬
‫أنّ ّماّتلقاهّمستحقّأوّقدمتّالمزيةّألحدّأقاربهّدونّعلمهّبذلك‪ّ،‬أوّوضعت ّ ّ‬
‫اقّفأخذهّواضعاّإياهّفيّدرجهّدونّفحصه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فيّملفّيحويّعلىّمجموعةّكبيرةّمنّاألور‬
‫‪ -9‬اتجاه اإلرادة إلى الفعل اإلجرامي‬
‫باإلضافةّإلىّالعلمّالذيّيعدّ ّأحدّعناصرّالركنّالمعنوي‪ّ ،‬يجب ّأنّتتجهّإرادةّ‬
‫الحرة ّالواعية ّإلى ّتحقيق ّالسّلوك ّاإلجرامي ّالمشكل ّلماديات ّالجريمةّّّّّّّّّّّّّّّ‬
‫الموظف ّ ّ‬
‫والمتمثلّحسبّالمادةّ‪ّ 9/91‬منّالقانونّ‪ّ 00/00‬فيّطلبّأوّقبولّمزيةّغيرّمستحقةّ‬
‫ةّبقصدّالتملكّواالنتفاع‪ّ،92‬إذّينتفيّالقصدّإذاّ‬
‫ّ‬ ‫بحيثّتتجهّنيتهّإلىّاالستيالءّعلىّالمزي‬

‫‪ّ90‬عبدّاهللّأوهايبية‪ّ،‬شرحّقانونّالعقوباتّالجزائريّ"ّالقسمّالعامّ"‪ّ،‬مطبعةّالكاهنة‪ّ،‬الجزائر‪ّ،9002ّ،‬صّ‪ّ .902‬‬
‫‪ّ91‬فتوحّعبدّاهللّالشاذلي‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .21‬‬
‫‪ّ92‬أحمدّفتحيّسرور‪ّ،‬الوسيطّفيّقانونّالعقوباتّ"القسمّالخاص"‪ّ،‬دارّالنهضةّالعربية‪ّ،‬مصر‪ّ،0220،‬صّ‪.000‬‬

‫‪63‬‬
‫اقعاّتحتّضغطّأوّإكراهّأوّهناكّ‬
‫ّ‬ ‫فّالذيّطلبّأوّقبلّالرشوةّكان ّو‬
‫ّ‬ ‫ماّثبتّأنّ ّالموظّ‬
‫ضرورةّدفعتهّلذلك‪ّ .‬‬
‫ّغيرّأنهّالّيستقيم ّالقولّبأنّ ّالموظّفّيطلبّالرشوةّأوّيقبلهاّتحتّالضّغطّأوّ‬
‫ّحّار ّفي ّاختياره ّفإما ّيقومّ‬
‫اإلكراه ّخاصة ّفي ّوقتنا ّالحالي‪ّ ،‬ألنّ ّمركز ّالموظّف ّيجعله ُّ‬
‫بعملهّباعتبارهّواجباّوظيفياّأوّيجعلهّمحالّلالتجار‪ّ،‬كماّأنّ ّالقولّبأنّ ّظروفّالموظفّ‬
‫قدّتدفعهّلذلكّفهذاّليسّمبرراّلنفيّالجريمة‪ّ .‬‬
‫ّكما ّيجب ّأن ّتكون ّإرادة ّالموظّف ّجادة ّحقيقة ّفإن ّتظاهر ّبقبول ّالمزيّة ّبغيةّ‬
‫يمةّالرشوة في حقه‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫تسهيلّالقبضّعلىّالراشيّمتلبساّبالجريمةّفالّتقومّبذلكّجر‬
‫ّ‬

‫ثانيا‪ :‬لحظة توافر القصد الجنائي لدى المرتشي‬

‫باستقراءّنصّالمادةّ‪ّ09/91‬منّالقانونّرقمّ‪ّ00/00‬نالحظّأنّالمشرعّالجزائريّ‬
‫قدّجعلّمنّمجردّطلبّأوّقبولّالمزيّةّغيرّالمستحقّةّألداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأدائهّ‬
‫جريمة ّتامة‪ّ ،‬مما ّيقتضي ّمعاصرة ّالركن ّالمعنوي ّللسلوك ّالمجرم‪ّ ،‬إذ ّيجب ّأن ّيعلمّ‬
‫الموظّف ّوقت ّإتيانه ّالسلوكّالمجرم ّأنه ّموظف ّعمومي ّبناء ّعلىّتعيين ّصحيح‪ّ ،‬وأنّّ‬
‫المزيةّغيرّالمستحقّةّالغايةّمنهاّتحقيقّمصلحةّصاحبّالحاجةّورغمّذلك ّتتجهّإرادتهّ‬
‫إلىّتحقيقّالسلوكّاإلجرامي‪ّ .‬‬
‫ّيستوجب ّتزامن ّالركنّ‬
‫ّ‬ ‫ّإذ ّأنّ ّجريمة ّالمرتشي ّتعد ّمن ّالجرائم ّالوقتية‪ّ 93‬مما‬
‫ّالركن ّالمعنوي ّ ـ ـ ـ ّتتحقق ّهذه ّالحالة ّفي ّصورة ّالقبول ّ ـ ــّ‬
‫المادي ّوالمعنوي‪ّ ،‬فإذا ّتخلف ّ‬
‫ّومثالّذلكّأن ّيقدمّصاحبّالحاجةّساعةّللموظّفّفيعتقدّهذاّاألخيرّأنهاّمجردّهديةّ‬
‫تبررهاّصلةّالصداقة‪ّ،‬فيقبلهاّثمّيتضحّلهّفيماّبعدّأنّهاّمقابلّأداءّعملّمعينّفاحتفظّ‬
‫بها‪ّ ،‬فهنا ّال ّيعدّ ّمرتشيا ّالنعدام ّتزامن ّالركن ّالمعنوي ّوالمادي‪ّ ،‬غير ّأن ّالمسلم ّبه ّأنّ‬

‫‪ّ93‬عادلّعبدّالعزيزّالسن‪ّ،‬مكافحةّأعمالّالرشوة‪ّ،‬شرمّالشيخّ‪ّ،9000/09/ّ1-2‬المنظمةّالعربيةّللتنميةّاإلدارية‪ّ،‬األكاديميةّ‬
‫العربيةّللعلومّوالتكنولوجياّوالنقلّالبحري‪ّ،‬صّ‪ّ .10‬‬
‫‪64‬‬
‫االستمرار ّفي ّحيازة ّالعطيّة ّبعد ّاكتشاف ّأنّ ّالغرض ّمنها ّغير ّبريء ّيتنافى ّمعّ‬
‫األخالق‪ّ94‬ويمسّبنزاهةّالوظيفة‪ّ .‬‬
‫ّفيّحين ّيذهبّجانبّمنّالفقهّإلىّأنّ ّالتزامن ّيجبّأنّيمتدّإلىّاللّحظةّالتيّ‬
‫علمّفيهاّالموظّفّبالسّببّالذيّقدّمتّمنّأجلهّالعطيّةّأوّالفائدة‪ّ ،95‬ألنّ ّالعلمّالالّحقّ‬
‫يمةّوأساسّهذاّالرأيّأنّّاالعتمادّ‬
‫يمكنّأنّيشكلّقبوالّجديداّيتكونّبهّالركنّالماديّللجر ّ‬
‫الركن ّالمعنوي ّللمادي ّال ّيحقّق ّالغاية ّالتي ّيصبوا ّإليها ّالمشرع ّمن ّتجريمّ‬
‫على ّتزامن ّ ّ‬
‫هيّحمايةّنزاهةّالوظيفةّالعموميةّمنّكلّعبث‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫شوة‪ّ،‬أالّو‬
‫ّ‬ ‫الر‬
‫سعىّالمشرعّمنّوراءّ‬
‫ّ‬ ‫هذاّواذاّكانتّجريمةّالرشوةّمنّالجرائمّالعمدية‪ّ،‬حيثّ‬
‫ّوالثّقة ّالمفترضة ّفي ّالقائم ّبالوظيفة ّالعمومية‪ّ ،‬فإنّ‬
‫تجريمها ّإلى ّحماية ّالنزاهة ّواألمانة ّ‬
‫هناكّجدلّفقهيّقائمّحولّالقصدّالجنائيّالمطلوبّتوافرهّفيّجريمةّالرشوةّالسلبية‪ّ،‬فمنّ‬
‫الفقهاءّمنّيشترطّالقصدّالخاصّفيّهذهّالجريمةّالمتمثلّفيّنيّةّاالتجارّبالوظيفةّ ّوذلكّ‬
‫المشرع ّال ّيعاقب ّعلى ّمجرد ّالطّلب ّأو ّالقبول ّوانما ّعلى ّاالتجارّ‬
‫من ّمنطلق ّأنّ ّ ّ‬
‫بالوظيفة‪ّ ،‬فوفقاّلهذاّالرأيّالبد ّوأن ّيقومّالموظّفّالمرتشيّبأداءّالعملّالمطل ّوبّمنهّأوّ‬
‫االمتناعّعنّأدائهّفعال‪ّ .‬‬
‫ّالراجح ّفقها ّيؤكد ّأنّ ّالقصد ّالعام ّكاف ّلتحقق ّالجريمة ّلكونهّ‬
‫غير ّأنّ ّالرأي ّ‬
‫يتضمنّبصفةّتلقائيةّالقصدّالخاصّفالّيشترطّتحققّالنتيجة‪ّ .‬‬
‫ّوقد ّتبنى ّالمشرع ّالجزائري ّهذا ّالرأي ّاألخير ّمن ّخالل ّنص ّالمادة ّ‪ّ 91‬منّ‬
‫القانونّرقمّ‪ّ 00/00‬التيّتنص ّعلىّماّيليّ"ّكلّموظّفّعموميّطلبّأوّقبلّبشكلّ‬
‫مباشرّأوّغيرّمباشرّمزيّةّغيرّمستحقّةّسواءّلنفسهّأوّلصالحّشخصّآخرّأوّكيانّ‬
‫آخرّألداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّمنّواجباته"‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إثبات القصد الجنائي في جريمة الرشوة السلبية‬

‫‪ 94‬رمسيسّبنهام‪ّ،‬الجرائمّالمضرةّبالمصلحةّالعمومية‪ّ،‬الناشرّمنشأةّالمعارفّباإلسكندرية‪ّ،‬مصر‪ّ،0290ّ،‬صّ‪ّ .20‬‬
‫‪ 95‬إبراهيمّبنّصالحّبنّمحمدّالرعوجي‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .10‬‬

‫‪65‬‬
‫تثبتّجريمةّالرشوةّبكافةّطرقّاالثباتّمثلّاإلقرار‪ّ،‬القرائنّوغيرهاّفخصوصيةّ‬
‫جريمةّالرشوةّتجعلّللظروفّوالمالبساتّالمحيطةّبالفعلّالماديّللجريمةّدوراّكبيراّفيّ‬
‫استجالء ّركن ّالقصد ّالجنائي ّلدى ّالجاني‪ّ ،‬ولعل ّأهم ّما ّيثيره ّاثبات القصد الجنائي‬
‫ضرورةّقيامّاالرتباطّبينّسلوكّالموظّفّ"ّطلبّأوّقبولّالمزيّةّغيرّالمستحقّةّ"ّوبينّ‬
‫ّالرشوة ّ" ّأداء ّعمل ّأو ّاالمتناع ّعن ّأداء ّعمل ّمن ّواجبات ّالموظّف ّ"ّ‬
‫الغرض ّمن ّ‬
‫فاألصلّالعامّفيّالرشوةّأن ّالمزيّةّغيرّالمستحقّةّتكونّمقابلّإتيانّعملّمنّاألعمالّ‬
‫ّ‬
‫الكاشفة ّعن ّنيّة ّاالتّجار ّبالوظيفة‪ّ ،‬ويبقى ّلقاضي ّالموضوع ّسلطة ّتقدير ّمدى ّتوافرّ‬
‫القصد ّالجنائي ّمن ّعدمه ّمستندا ّفي ّذلك ّعلى ّأسباب ّمنطقية ّومستخلصة ّمن ّأوراقّ‬
‫القضية‪ّ .‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أركان جريمة الرشوة اإليجابية‬
‫الرشوةّاإليجابيةّهيّالصّورةّالمقابلةّلجريمةّالرشوةّالسلبية‪ّ،‬حيثّنصتّالمادةّ‬
‫ّ‬
‫‪ّ0/91‬منّالقانونّرقمّ‪ ّ"ّ00/00‬يعاقبّبالحبسّمنّسنتينّإلىّعشرّسنواتّوبغرامةّمنّ‬
‫‪ّ900.000‬دجّإلىّ‪ّ0.000.000‬دج ّ‬
‫‪ ‬كلّمنّوعدّموظّفاّعمومياّبمزيّةّغيرّمستحقّةّأوّعرضهاّعليهّأوّمنحهّإياهاّبشكلّ‬
‫مباشرّأوّغيرّمباشر‪ّ،‬سواءّكانّذلكّلصالحّالموظّفّنفسهّأوّلصالحّشخصّآخرّأوّ‬
‫كيانّآخرّلكيّيقومّبأداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّمنّواجباته"ّ ّ‬

‫فيّالرشوةّاإليجابية‪ ،‬واذاّكانّالقانونّقدّاشترطّ‬
‫ّ‬ ‫ّالراشيّهوّالفاعلّاألصلي‬
‫فيعد ّ‬
‫الّيمتدّإلىّالراشي‪ّ،96‬فقدّ‬
‫ّ‬ ‫فيّالمرتشيّصفةّخاصّةّفإنّهذاّالشّرطّيقتصرّعليهّوحدهّو‬
‫يكونّهذاّاألخيرّموظّفاّعمومياّأوّشخصاّعادياّالّصلةّلهّبالوظيفة ّالعموميّة‪ّ،‬سواءّ‬
‫كانّطبيعياّأوّمعنوياّوهوّماّأكدتهّالمادّةّ‪ّ 00/91‬بعبارةّ"ّكلّمن"ّوالهدفّمنّجعلّ‬

‫‪ّ96‬عوضّمحمد‪ّ،‬الجرائمّالمضرةّبالمصلحةّالعامة‪ّ،‬دارّالمطبوعاتّالجامعية‪ّ،‬اإلسكندرية‪ّ،‬مصر‪ّ،0291،‬صّ‪.21‬‬

‫‪66‬‬
‫الراشي ّفاعال ّأصليا ّهو ّأنه ّبتصرفه ّهذا ّيهدف ّإلى ّمحاولة ّإفساد ّأخالق ّالموظّفّ‬
‫ّ‬
‫والتّعرضّإلىّقدسيةّالوظيفةّالعامة‪.97‬‬

‫ووفقاّلذلكّسنتناولّفيّهذاّالمطلبّأركانّجريمةّالرشوةّاإليجابيةّالمتمثلةّفيّالركنّ‬
‫الماديّوالمعنويّوذلكّضمنّفرعينّأساسيينّوسنخصصّفرعّثالثّنعالجّفيهّالمركزّ‬
‫القانونيّللوسيطّوالمستفيدّفيّالقانونّرقمّ‪.00/00‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي في جريمة الرشوة اإليجابية‬

‫ّالرشوة ّاإليجابية ّبوعد ّالموظّف ّالعمومي ّبمزيّة ّغيرّ‬


‫ّالركن ّالمادي ّفي ّ‬
‫يتحقق ّ‬
‫مستحقّةّأوّمنحهّإياهاّأوّعرضهاّعليه‪ّ،‬مقابلّقيامّالموظّفّبأداءّعملّأوّاالمتناعّعنّ‬
‫ّفالركن ّالمادي ّيتكون ّمن ّالسّلوك ّاإلجراميّ‬
‫أداء ّعمل ّمعين ّمن ّأعمال ّوظيفته‪ّ ،‬ومنه ّ‬
‫ّومحلّالجريمةّوالنتيجةّالجرمية ‪ّ،‬ولقدّسبقّوأنّتكلمناّعنّالمحلّبشيءّمنّالتفصيلّفيّ‬
‫المطلبّاألولّوعليهّسنكتفيّهناّبالحديثّعنّصورّالسلوكّاإلجراميّوالنتيجةّالجرمية‪.‬‬
‫ّ‬

‫أوال‪ :‬السلوك اإلجرامي‬

‫المشرعّالجزائريّالسّلوكّاإلجراميّالذيّيصدرّعنّالراشيّفيّالوعدّأوّ‬
‫حصرّ ّ‬
‫العرضّأوّالمنح‪ّ،98‬فيّحينّكان ّالسلوكّاالجرامي ّوفقاّللمادةّ‪ّ 092‬الملغاةّمنّقانونّ‬
‫ّالراشيّ‬
‫ّوالتعدي‪ّ ،‬مما ّيجعلنا ّنتساءل ّحول ّإمكانية ّقيام ّ‬
‫العقوبات ّيصل ّإلى ّحد ّالتهديد ّ‬
‫المشرع ّالجزائري ّعندماّ‬
‫بتهديد ّالم ّوظف ّألنه ّفي ّمركز ّال ّيسمح ّله ّبذلك‪ّ ،‬وقد ّأصاب ّ ّ‬
‫لسلوكّالراشيّمنّالمادةّ‪ّ00/91‬منّالقانونّرقمّ‪ّ .00/00‬‬
‫ّ‬ ‫ورةّ‬
‫أسقطّهذهّالصّ ّ‬
‫‪ -0‬الوعد‬

‫الوعد ّتعبير ّصريح ّيصدر ّعن ّإرادة ّالراشي ّالواعية ّوالحرة ّللموظّف ّالعموميّ‬
‫‪ّ،‬فتكونّالرشوةّ‬
‫ّ‬ ‫بمنحهّمزيّة‪ّ،‬إذاّماّأدىّلهّأوّامتنعّعنّأداءّعملّمنّواجباتهّالوظيفية‬

‫‪ّ97‬فادياّقاسمّبيضون‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .29‬‬
‫‪ّ98‬أنظرّالمادةّ‪ّ00/91‬منّالقانونّرقمّ‪ّ .00/00‬‬

‫‪67‬‬
‫الوعدّهناّالّيتصورّإالّ ّأن ّ يكونّفيّشكلّصريحّكتابةّأوّشفاهة‪ّ،‬وأن ّيكونّ‬
‫ّ‬ ‫مؤجلة ّّو‬
‫ًّّ‬
‫جادا ّمحدداّلنوعّالمزيةّغيرّالمستحقة‪ّ ّ،‬وطبيعةّالعملّالمطلوبّتأديتهّأوّاالمتناعّعنهّ‬
‫ّوالبدّ ّأن ّيكون ّالغرض ّمنه ّتحريض ّالموظف ّعلى ّاالتجار ّبوظيفته‪ّ ،‬فبمجرد ّصدورّ‬
‫الوعد ّبالشّروط ّالمذكورة ّتقوم ّالجريمة ّتامة ّبغض ّالنظر ّعن ّمدى ّقبول ّالموظّف ّلهذاّ‬
‫الوعدّبلّحتىّولوّرفضهّعالنية‪ّ .‬‬

‫‪ -9‬العرض‬

‫العرضّهوّالصورةّالمقاربةّجداّللطلب‪ّ،‬فهوّالسّلوكّاإليجابيّالذيّمنّخاللهّ‬
‫رّالراشيّعنّرغبتهّفيّتقديمّالمزيّةّللموظّفّمقابلّالخدمةّالوظيفية ّـ ـ ــّبمثابةّإيجابّ‬
‫يعبّ ّ‬
‫ينتظرّقبوال ّـ ـ ــّ ّوقدّيكونّالعرضّصريحاّأوّضمنيا‪ّ ،‬يتمّمباشرةّللمرتشيّأوّيرسلّإليهّ‬
‫عنّطريقّالبريدّأوّبواسطةّشخصّآخر‪ّ 99‬‬
‫‪ّ،‬وهوّماّيتجلىّبوضوحّفيّالمادةّ‪ّ"ّ 00/91‬‬
‫كلّمنّوعدّموظفاّعمومياّبمزيّةّغيرّمستحقّةّأوّعرضهاّعليهّأوّمنحهّإيّاهاّّبشكلّ‬
‫ّواذا ّعرضت ّالمزيّة ّألحد ّأقارب ّالموظف ّكزوجه ّمثال ّأو ّولدهّ‬
‫مباشر ّأو ّغير ّمباشر" ّ‬
‫فهناّالبدّمنّعلمّالموظفّبها‪ّ،‬ألنّالهدفّمنّعرضهاّهوّحملّالموظفّعلىّاإلخاللّ‬
‫بواجباتّوظيفتهّوالمساسّبقدسيتها‪ّ .‬‬

‫ّّوال ّيهم ّإن ّكان ّالراشي ّينوي ّتنفيذ ّما ّعرضه ّأو ّعدم ّتنفيذه‪ّ ،‬كما ّال ّعبرةّ‬
‫ّالرشوة‪ّ ،‬سواء ّكان ّمشروعا ّأو ّغير ّمشروعّّ‬
‫بالباعث ّالذي ّدفع ّالراشي ّإلى ّعرض ّ‬
‫األردنيّواللبنانيّالتيّأخذتّبالمذهبّ‬
‫ّ‬ ‫والجديرّبالذكر ّأن ّالتشريعاتّالمقارنةّكالمصريّو‬
‫األحاديّفيّتجريمّالرشوة‪ّ،‬اشترطتّعدمّقبولّالموظّفّللعرضّليعتدّّبهّكجريمةّمستقلةّ‬
‫"‪ّ،‬وهناكّمنّالفقه ّمنّذهبّإلىّحدّعدمّاشتراطّ‬
‫العرضّالخائبّللرشوة ّ ّ‬
‫ّ‬ ‫تسمىّجريمة ّ" ّ‬
‫اختصاصّالموظّف ّفيّهذهّالجريمة‪ّ ،‬لكنّالواضح ّمنّالمادةّ‪ّ 00/91‬منّالقانونّرقمّ‬

‫‪ 99‬محمدّأحمدّالمشهداني‪ّ،‬الوسيطّفيّشرحّقانونّالعقوبات‪ّ،‬الطبعةّاألولى‪ّ،‬الوراقّللنشرّوالتوزيع‪ّ،‬األردن‪ّ،9000ّ،‬صّ‪ّ .192‬‬

‫‪68‬‬
‫ّوال ّأهمية ّلقبوله ّأوّ‬
‫‪ّ 00/00‬أنّ ّالمشرع ّأكد ّعلى ّوجوب ّاختصاص ّالموظف ّبالعمل ّ‬
‫رفضهّللعرض‪ّ .‬‬

‫‪ -2‬المنـــح‬

‫يقصد ّبه ّالتّسليم ّالفوري ّللمزية‪ّ ،‬وذلك ّبدخولها ّحيازة ّالموظف ّالعمومي ّوهناّ‬
‫نتصورّأنّيكونّالمنحّقدّتمّبإعطاءّالمزيّةّللموظّفّمباشرةّدونّانتظارّردّهّعلىّذلكّ‬
‫ّ‬
‫والمنحّقدّيكونّصريحاّأوّضمنياّكأنّيتمّتسليمّالقاضيّظرفاّيظهرّبأن ّبهّمستنداتّ‬
‫عوةّالتيّهوّبصددّنظرهاّإالّأنّحقيقةّمحتواهّمبلغّمنّالمال‪ّ .‬‬
‫تتعلقّبالدّ ّ‬

‫فيّهذاّالمقامّطرحّإشكالّحول‪ :‬ـ ـ ـ إلموإطن إلذي ال يجد سبيال لقضاء حاجته‬


‫إلرشوة فهل هنا يعد رإشيا ويعاقب على ذلك؟‬
‫إال بدفع ّ‬

‫حقيقة ّلم ّيشر ّالقانون ّإلى ّمثل ّهذه ّالحالة ّإذ ّتبقى ّمنوطة ّباالجتهاد ّالفقهيّّّّّّّّ‬
‫ّالراشيّيمتنعّعقابهّفيّهذهّالحالة‪ّ ،‬ألنهّالّيبغيّ‬
‫والقضائي‪ّ،‬فالبعضّمنّالفقهّيرىّبأن ّ‬
‫جر ّمغنم ّوال ّشراء ّذمة ّالموظّف‪ّ ،‬ولكنه ّيدفع ّعن ّنفسه ّش ار ّمحيقا ّوضر ار ّال ّيبررهّ‬
‫القانون‪ّ ّ 100‬و ّ‬
‫بالرجوعّإلىّأحكامّالمحكمةّالعليا ّنجدهاّقدّقضت ّفيّقرارهاّرقمّ‪ّ11009‬‬
‫الصّادرّبتاريخ ّ‪ّ 0229/02/09‬بأنهّ" ّيعدّراشياّالشّخصّالذيّيعرضّالهديّةّأوّيعطيهاّ‬
‫للموظّ فّليحملهّعلىّأداءّعملّّفيّإطارّوظيفتهّأوّخدمته‪ّ،‬والّيعفىّمنّالعقابّإالّإذاّ‬
‫كانّمضطراّعلىّإرتكابّالجريمةّبقوةّليسّفيّاستطاعتهّمقاومتهاّوفقاّألحكامّم‪ّ29‬منّ‬
‫قانونّالعقوبات"‪.101‬‬

‫هّعلىّمدىّصحةّهذاّالقرار ّفي ّحقبةّمعينة‪ّ،‬حيثّكانّالراشيّأوّ‬


‫ّ‬ ‫نالحظّأنّ‬
‫المشرعّبتجريمهّ‬
‫المواطنّمغلوبّعلىّأمرهّإالّّأنّهّفيّوقتناّالحاليّالّنرىّمبرراّله‪ّ،‬ألنّّ ّ‬
‫يمةّالرشوةّالّيهدفّلحمايةّالمواطنّمنّالموظّفّالعموميّفقط‪ّ،‬بلّيهدفّإلىّحمايةّ‬
‫ّ‬ ‫لجر‬

‫‪ 100‬محمدّعوض‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .09‬‬
‫‪ّ 101‬المجلةّالقضائية‪ّ،‬العددّاألول‪ّ،0222ّ،‬ص‪ّ .910‬‬
‫‪69‬‬
‫ّيكرس ّذلكّ‬
‫الموظّف ّأيضا ّمن ّاستغالل ّبعض ّالمواطنين ّالجشعين ّاالنتهازيين‪ّ ّ ،‬وما ّ‬
‫مضطراّ‬
‫ّ‬ ‫مجمل ّاآللياتّالتيّوضعهاّالمشرعّلذلك‪ّ،‬كالتبليغّمثالّفالمواطنّحتى ّوان ّكان ّ‬
‫لدفعّالرشوةّفيكفيّأنّّيبلّغّعنّالموظّفّليضبطّفيّحالةّتلبسّوتتمّلهّمصلحتهّبالشكلّ‬
‫القانونيّإذاّكانتّمشروعة‪ّ .‬‬

‫المشرع ّالجزائري ّبموجب ّالمادة ّ‪ّ 00/91‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ00/00‬‬


‫نالحظ ّأنّ ّ ّ‬
‫العرض‪ّ،‬ولمّيشرّالّمنّبعيدّوالّمنّ‬
‫ّ‬ ‫اميّللراشي ّفيّالوعد ّوالمنحّو‬
‫ّ‬ ‫حصرّالسّلوكّاإلجر‬
‫قريب ّللقبول ّفي ّحالة ّما ّطلب ّالموظّف ّالمزيّة ّمحددا ّنوعها ّوقيمتها‪ّ ،‬وقبل ّصاحبّ‬
‫المشرعّإذاّقدّأغفلهاّفإنّ ّذلكّالّيعنيّعدمّاالعتدادّبها‪ّ،‬ألنهاّ‬
‫المصلحةّبذلكّّوان ّكان ّ ّ‬
‫منّالسلوكاتّالواقعةّفعال‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬النتيجة الجرمية‬
‫الّيختلفّالغرضّمنّالمزيّةّعماّسبقّبيانه‪ّ،‬فقدّيكونّالهدفّمنهاّأداءّعملّ‬
‫أوّاالمتناعّعنّأداءّعملّمنّواجباتّالموظفّالعمومي‪ّ،‬وهوّنفسّالغرضّالمنصوصّ‬
‫عليه ّفي ّجريمة ّالرشوة ّالسلبية ّبمقتضى ّالفقرة ّالثانية ّمن ّالمادة ّ‪ّ 91‬من ّالقانون ّرقمّ‬
‫‪ّ00/00‬التيّنصتّعلىّماّيلي"ّكلّموظّفّعموميّطلبّأوّقبلّبشكلّمباشرّأوّغيرّ‬
‫مباشرّمزيّ ةّغيرّمستحقةّسواءّلنفسهّأوّلصالحّشخصّآخرّأوّكيانّآخرّألداءّعملّ‬
‫أوّاالمتناعّعنّأداءّعملّمنّواجباته"‪ّ .‬‬
‫والّيهم ّإنّأدىّالفعلّإلىّالنتيجةّالمرجوةّأوّلمّيؤدّإلىّذلك‪ّ،‬فالجريمةّقائمةّّّّّ‬
‫فيّكلتاّالحالتين‪ّ،‬وهوّماّيستفادّمنّنصّالمادةّ‪ّ00/91‬منّذاتّالقانونّالتيّجاءّفيهاّ‬
‫مايلي ّ" ّيعاقب ّبالحبس ّمن ّسنتين ّإلى ّعشر ّسنوات ّوبغرامة ّمن ّ‪ّ 900.000‬دج ّإلىّ‬
‫‪ّ0.000.000‬دج ّ‬
‫‪ ‬كل ّمن ّوعد ّموظّفا ّعموميا ّبمزيّة ّغير ّمستحقّة ّأو ّعرضها ّعليه ّأو ّمنحه ّإيّاهاّّّ‬
‫بشكلّمباشرّأوّغيرّمباشر‪ّ،‬سواءّكانّذلكّلصالحّالموظّفّنفسهّأوّلصالحّشخصّ‬

‫‪70‬‬
‫آخرّأوّكيانّآخرّلكيّيقومّبأداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّمن واجباتهّ"ّفيّحينّ‬
‫كانت ّالمادة ّ‪ّ 092‬الملغاة ّمن ّقانون ّالعقوبات ّأكثر ّوضوحا ّعندما ّنصت ّعلى ّتجريمّ‬
‫اهّأوّالرشوةّإلىّالنّتيجةّالمرجوةّأوّلمّيؤد‪."....‬‬
‫ّ‬ ‫الفعلّبنصها "‪...‬سواءّأدىّاإلكر‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المعنوي‬
‫ّالرشوة ّالسّلبيةّ‬
‫تعدّ ّجريمة ّالرشوة ّاإليجابية ّجريمة ّعمدية‪ّ ،‬فعلى ّخالف ّجريمة ّ‬
‫التيّتقومّعلىّتوافرّالقصدّالجنائيّالعامّباعتبارّأنّالجانيّفيهاّهوّالموظفّالعام‪ّ،‬فإنّّ‬
‫يمةّالرشوةّاإليجابيةّالّتقتصرّعلىّذاتّالقصدّوانّماّتتطلبّقيامّالقصدّالخاصّلدىّ‬
‫ّ‬ ‫جر‬
‫الراشي‪ّ .‬‬
‫ّ‬

‫أوال‪ :‬القصد الجنائي العام‬

‫ّالراشي ّبالسّلوك ّاإلجرامي ّالذي ّأقدم ّعليه‪ّ ،‬المتمثل ّفي ّالوعدّ‬


‫مفاده ّأن ّيعلم ّ‬
‫العرض ّأوّالمنح‪ّ،‬وأن ّيكونّعلىّعلمّبصفةّمنّيعرضّعليهّرشوتهّأيّأنهّيتعاملّمعّ‬
‫الحرةّالواعيةّ‬
‫موظفّعموميّبمفهومّالمادةّ‪/9‬بّمنّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬وتتجهّإرادتهّ ّ‬
‫إلىّالقيامّبفعلّالوعدّبمزيةّأوّعرضهاّأوّمنحهاّله‪ّ،‬ألداءّعملّأوّاالمتناعّعنّعملّ‬
‫بماّيحققّلهّحاجته‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬القصد الجنائي الخاص‬

‫ّالرشوة ّاإليجابية‪ّ ،‬بل ّتتطلب ّقصداّ‬


‫ّال ّيكفي ّالقصد ّالجنائي ّالعام ّفي ّجريمة ّ‬
‫خاصا‪ّ ،‬مفادهّانصرافّنيةّالّراشيّإلىّحملّالموظفّعلىّأداءّعمل ّمنّأعمالّوظيفتهّ‬
‫أوّاالمتناعّعنّأدائه‪ّ،102‬ألنّالعملّالوظيفيّهوّالغايةّالتيّيصبواّإليهاّالراشي‪ّ .‬‬

‫ّفالجريمة ّتقوم ّبمجرد ّالوعد ّأو ّالعرض ّأو ّالمنح ّالمقترن ّبقصد ّالتأثير ّعلىّ‬
‫الموظفّللقيامّبعملّأوّاالمتناعّعنّالقيامّبعملّمعين‪ّ،‬خدمةّلصاحبّالمصلحةّألنّّ‬

‫‪ ّ102‬جنديّعبدّالملك‪ّ،‬الموسوعةّالجنائية‪ّ،‬الجزءّالرابع‪ّ،‬الرشوةّـّظروفّالجريمة‪ّ،‬دارّاحياءّالتراثّالعربي‪ّ،‬بيروت‪ّ،‬لبنان‪ّ،‬‬
‫‪ّ،9009‬صّ‪.02‬‬

‫‪71‬‬
‫علىّالوقائعّلذاتهاّوالّ‬
‫ّ‬ ‫قانونّالعقوباتّ ـ ـ ــّوكذاّقانونّالوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّ ـ ـ ـّيعاقبّ‬
‫جلهاّحصلتّعمليةّالرشوة‪ّ،103‬وهذاّماّيتضحّمنّنصّ‬
‫ّ‬ ‫يشترطّتحققّالنّتيجةّالتيّمنّأ‬
‫المادة ّ‪ 00/91‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ "ّ 00/00‬يعاقب ّبالحبس ّمن ّسنتين ّإلى ّعشر ّسنواتّ‬
‫وبغرامةّمنّ‪ّ900.000‬دجّإلىّ‪ّ0.000.000‬دج ّ‬
‫‪ ‬كلّ ّمن ّوعد ّموظّفا ّعموميا ّبمزيّة ّغير ّمستحقّة ّأو ّعرضها ّعليه ّأو ّمنحه ّإياهاّّّ‬
‫بشكلّمباشرّأوّغيرّمباشر‪ّ،‬سواءّكانّذلكّلصالحّالموظّفّنفسهّأوّلصالحّشخصّ‬
‫آخرّأوّكيانّآخرّلكيّيقومّبأداءّعملّأوّاالمتناعّعنّأداءّعملّمنّواجباتهّ"‪ّ .‬‬

‫ثالثا‪ :‬إثبات إلقصد إلجنائي‬

‫الراشي ّـ ـ ـ ّالوعدّ‬
‫المشرع ّالجزائري ّلمّيشترط ّفي ّالسّلوك ّالذي ّيصدر ّعن ّ ّ‬
‫إذا ّكان ّ ّ‬
‫أو ّالعرض ّأو ّالمنح ّـ ـ ـ ّأن ّيكون ّصريحا ّإذ ّقد ّيكون ّفي ّصورة ّضمنية‪ّ ،‬فإنّ ّالقصدّ‬
‫الجنائي ّالخاصّ ّمن ّاألمور ّالباطنية ّالتي ّيصعب ّإثباتها ّبسهولة‪ّ،‬وبالتالي ّفإنّ ّالقاضيّ‬
‫يعمل ّعلى ّاالستدالل ّعليه ّمن ّخالل ّالقرائن ّوالدّالئل ّالمتوفرة ّلديه ّوما ّيحيط ّبها ّمنّ‬
‫مالبساتّتجعلّاليقينّبهاّمرجحّوقائم‪ّ .‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬المركز القانوني للوسيط والمستفيد‬
‫ال تقتصر جريمة الرّ شوة على الرّ اشي والمرتشي فقط بل قد تتوسع حلقتها‬
‫لتشمل الوسيط والمستفيد‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المستفيد من المزية‬

‫األصلّأن ّالمستفيدّمنّالمزيّةّهوّالموظّفّالعموميّوهوّماّيتضحّمنّنصّ‬
‫المادّةّ‪ّ 00/91‬منّالقانونّرقمّ‪ّ..." 00/00‬لصالحّالموظّفّنفسه‪ّ"...‬غيرّأنّ ّهذاّالّ‬
‫يمنعّمنّأن ّيكونّالمستفيدّمنهاّشخصاّآخر‪ّ،‬قدّيكونّطبيعياّأوّمعنوياّحيثّنصتّ‬

‫‪ ّ103‬عبدّالعزيزّسعد‪ّ،‬جرائمّاالعتداءّعلىّاألموالّالعامةّوالخاصة‪ّ،‬دارّهومةّللطباعةّوالنشرّوالتوزيع‪ّ،‬الجزائرّ‪ّ،9001‬صّ‬
‫‪ّ ّ.01‬‬
‫‪72‬‬
‫نفسّالمادةّعلىّماّيليّ"‪...‬أوّلصالحّشخصّآخرّأوّكيانّآخر‪ّ104"...‬كأن ّيكونّولدّ‬
‫فّأوّزوجهّأوّجمعيةّمعينة‪ّ،‬وهناّقدّيكونّالموظّفّهوّالذيّقامّبتعيينّالمستفيدّ‬
‫ّ‬ ‫الموظ‬
‫ية‪ّ،‬وعليهّالّبدّّمنّعلمّالموظّفّالمرتشيّ‬
‫مسبقاّأوّوافقّعليهّبعدّأنّقدمّلهّالراشيّالمز ّ‬
‫بالمستفيد ّفإذاّلمّيكنّيعلمّأن ّمزيةّقدّقدمتّالبنه‪ّ ّ،‬وقامّبالعملّكونهّواجبّوظيفيّالّ‬
‫أكثرّفهناّالّتقومّجريمةّالرشوة‪ّ ّ.‬‬

‫وقدّيتصورّأنّيكونّالمستفيدّهوّالوسيط‪ّ،‬فيعاقبّوفقاّللقواعدّالعامةّاالشتراكّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أماّإذّلمّيكنّكذلكّوكانّعلىّعلمّبأنّّالغايةّمنّالمزيةّهيّالرشوةّفهناّيخضعّألحكامّ‬
‫المادةّ‪ّ22‬منّالقانونّرقمّ‪ّ00/00‬التيّتنصّعلىّ"ّيعاقبّبالحبسّمنّسنتينّإلىّعشرّ‬
‫سنواتّوبغرامةّمنّ‪ّ900.000‬دجّإلىّ‪ّ0.000.000‬دجّكلّشخصّأخفىّعمداّكالّأوّ‬
‫جزءاّمنّالعائداتّالمتحصّ لّعليهاّمنّإحدىّالجرائمّالمنصوصّعليهاّفيّهذاّالقانون "ّ‬
‫فيعتبرّإذنّخافياّلعائداتّإجراميةّ ّوفيّحالةّعدمّعلمهّبمضمونّهذهّالمزيّةّوهذاّنادرّ‬
‫وغيرّمتصورّفالّتقومّالجريمة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوسيط في جريمة الرشوة‬

‫ّالمشرع ّالجزائري ّلم ّيذكر ّصراحة ّالمركز ّالقانوني ّللوسيط ّفيّ‬


‫ّ‬ ‫بالرغم ّمن ّأن‬
‫الرشوة‪ّ،‬إالّّأنّذلكّالّيعنيّعدمّخضوعهّللعقاب‪ّ،‬ألنّّالقاضيّهناّيرجعّللقواعدّ‬
‫جريمةّ ّ‬
‫العامةّفيّتكييفّفعله‪ّ .‬‬

‫ّالرشوة ّهو ّكل ّمن ّيبذل ّسعيا ّفي ّسبيل ّإتمام ّالجريمةّّّ‬
‫فالوسيط ّفي ّجريمة ّ‬
‫اليّفهوّيشكلّخطراّعلىّالمجتمعّإذّيقومّبدورّالسّمسار ّفيّجريمةّ‬
‫ّ‬ ‫ووقوعها‪ّ ّ،105‬وبالتّ‬

‫‪ 104‬المقصودّبالكيانّحسبّمّ‪ّ/ّ9‬هّهوّ"مجموعةّمنّالعناصرّماديةّأوّغيرّماديةّأوّمنّاألشخاصّالطبيعيينّأوّاالعتباريينّ‬
‫المنظمينّبغرضّبلوغّهدفّمعين"‪ّ .‬‬
‫‪ 105‬أحمدّصبحيّالعطار‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .020‬‬

‫‪73‬‬
‫الرشوةّيذللّعقباتهاّوقدّينشئّفكرتها‪ّ،‬وعلىّهذاّاألساسّفهوّيعدّشريكاّفيّالجريمةّوفقاّ‬
‫للمادة ّ‪ّ 29‬من ّقانون ّالعقوبات ّالتي ّأحالت ّعليها ّالمادة ّ‪ّ 19‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ00/00‬‬
‫بنصها ّعلى ّما ّيلي ّ" تطبّق ّاألحكام ّالمتعلقة ّبالمشاركة ّالمنصوص ّعليها ّفي ّقانونّ‬
‫العقوبات ّعلى ّالجرائم ّالمنصوص ّعليها ّفي ّهذا ّالقانون" ّوتنصّ ّالمادّة ّ‪ّ 29‬من ّقانونّ‬
‫العقوبات ّعلى ّما ّيلي ّ" ّيعتبر ّشريكا ّفي ّالجريمة ّمنّلم ّيشتركّاشتراكا ّمباشرا‪ّ ،‬ولكنهّ‬
‫ساعد ّبكل ّالطّرق ّأو ّعاون ّالفاعل ّأو ّالفاعلين ّعلى ّارتكاب ّاألفعال ّالتحضيرية ّأوّ‬
‫المسهلةّأوّالمنفذةّلهاّمعّعلمهّبذلكّ"‪ّ .‬‬

‫ّالرشوة ّهو ّتوفر ّعلمه ّبأن ّما ّيقوم ّبهّأوّما ّيقدمهّ‬


‫ّفأساس ّاعتباره ّشريكا ّفي ّ‬
‫مسهل ّلجريمة ّالرشوة ّأو ّمنفذ ّلها‪ّ ّ ،‬ويعاقب ّالشّريك ّفي ّالجنحة ّبنفس ّالعقوبة ّالمقررةّ‬
‫للفاعلّاألصليّوفقاّللمادةّ‪ّ22‬منّقانونّالعقوبات‪ّ،‬وبخالفّهذهّالمادةّالّيوجدّأيّنصّ‬
‫يمةّالرشوةّكجريمةّمستقلة‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫قانونيّيعاقبّعلىّالوساطةّفيّجر‬

‫ّ‬

‫إألول‬
‫ملخص إلفصل ّ‬

‫تعرضناّفيّالفصلّاألولّإلىّاألحكامّالموضوعيةّالخاصةّبجريمةّالرشوةّوذلكّ‬
‫منّخاللّمبحثينّأساسيينّخصصّاألولّلدراسةّصفةّالموظفّكونهّالركنّالمفترضّ‬
‫أوّالخاصّفيّجريمةّالرشوةّإذّتوصلناّإلىّأن ّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬المتعلقّبال ّوقايةّمنّ‬
‫الفساد ّومكافحته ّقد ّوسع ّمن ّمفهوم ّالموظف ّالعام ّوحرره ّمن ّالقيود ّالواردة ّعليه ّفيّ‬
‫األمر ّرقم ّ‪ّ 02/00‬المتضمن ّالقانون ّاألساسي ّللوظيفة ّالعمومية‪ّ ،‬وأهمها ّقيد ّالتعيينّ‬
‫والديمومة ّفي ّالعمل ّوال ترسيم ّ‪ّ ،‬كما ّتعرضنا ّلعنصر ّآخر ّال ّيقل ّأهمية ّعن ّصفةّ‬
‫الموظف ّبل ّهو ّمكمل ّلها ّفي ّجريمة ّالرشوة ّأال ّوهو ّعنصر ّاالختصاص ّبالعملّ‬

‫‪74‬‬
‫الوظيفيّوالحظناّأنّالمشرعّالجزائريّلمّيعالجّمسألةّاالعتقادّالخاطئّباالختصاصّأوّ‬
‫الزعمّبه‪ّ،‬وهيّمنّالمسائلّالتيّيجبّأنّينصّعليهاّصراحة‪ّ .‬‬
‫أما ّالمبحثّالثانيّفقدّخصصناهّلدراسةّأركانّجريمةّالرشوةّحيثّتطرقناّفيّ‬
‫المطلب ّاألول ّإلى ّأركان ّالرشوة ّالسلبية ّالتي ّيكون ّفيها ّالموظف ّالعام ّهو ّالفاعلّ‬
‫األصلي‪ّ ،‬فدرسنا ّالركنّالمادي ّالمتمثلّفي ّالسلوك ّاالجرامي"ّالطلب ّأو ّالقبول" ّومحلّ‬
‫الجريمة ّوهو ّالمزية ّغير ّالمستحقة ّوهو ّالمصطلح ّالذي ّتبناه ّالمشرع ّالجزائري‪ّ ،‬أماّ‬
‫النتيجة ّفهي ّأداء ّالموظف ّللعمل ّأو ّاالمتناع ّعن ّأدائه ّخدمة ّلصاحب ّالحاجة‪ّ ،‬كماّ‬
‫تعرضناّللركنّالمعنويّكونّالرشوةّالسلبيةّجريمةّعمديةّتتطلبّالقصدّالجنائيّالعام‪ّ .‬‬
‫أماّالمطلبّالثانيّفتناولناّفيهّجريمةّالرشوةّاإليجابيةّالتيّيرتكبهاّالراشيّوالذيّ‬
‫الّيشترطّفيهّصفةّمعينة‪ّ،‬فتعرضناّللركنّالماديّللجريمةّوالذيّالّيختلفّعنّالركنّ‬
‫الماديّللرشوةّالسلبيةّإال ّمنّحيثّالسلوكّاالجراميّوتطرقناّللقصدّالجنائيّفيّالرشوةّ‬
‫اإليجابية ّحيث ّتتطلب ّتوفر ّالقصد ّالجنائي ّالخاص‪ّ ،‬كما ّوقفنا ّعلى ّالمركز ّالقانونيّ‬
‫للمستفيدّوالوسيطّفيّالقانونّذاته‪ّ،‬حيثّلمّيخصهماّالمشرعّبنصّخاص‪ّ .‬‬

‫‪75‬‬
‫إلفــــــــــــــــــصل إلثاني‬

‫‪76‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬آليات مكافحة جريمة الرشوة وفقا للقانون رقم ‪60/60‬‬

‫تتطلب ّعملية ّمكافحة ّالفساد ّوالرشوة ّإرادة ّكبيرة ّواستراتيجية ّبعيدة ّالمدى‪ّ ،‬ترتكز ّعلىّ‬
‫مجموعة ّمتكاملة ّمن ّاإلصالحات ّاإلدارية ّوالترتيبات ّالوقائية ّمن ّجانب‪ّ ،‬وتفعيل ّدورّ‬
‫األجهزةّاألمنيةّوالقضائيةّمنّجانبّآخر‪ّ،106‬فالمشرعّالجزائريّمن ّخاللّالقانونّرقمّ‬
‫‪ّ 00/00‬اعتمدّسياسةّوقائيةّوردعية‪ّ،‬حيثّتضمنّاآللياتّالوقائيةّمنّجرائمّالفسادّبماّ‬
‫فيهاّجريمةّالرشوة‪ّ،‬كماّنصّعلىّالعقوباتّالمقررةّفيّحالةّارتكابهاّواستحدثّأساليبّ‬
‫جديدةّللتحري‪ّ .‬‬

‫ومن ّهذا ّالمنطلق ّسنخصص ّمبحثين ّأساسيين ّفي ّاألول ّنتطرق ّلآلليات ّالوقائية ّمنّ‬
‫جريمةّالرشوةّأماّالمبحثّالثانيّفنخصصهّلقمعّهذهّالجريمة‪ّ .‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اآلليات الوقائية من جريمة الرشوة‬

‫تتمثلّاآللياتّالوقائيةّمنّجريمةّالرشوةّفيّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬فيّجملةّمنّالتدابيرّ‬
‫علىّمستوىّالقطاعّالعام‪ّ،‬حيثّارتأىّالمشرعّالجزائريّوجوبّإتباعهاّوااللتزامّبهاّلماّ‬
‫لهاّمنّأهمية‪ّ،‬كماّاستحدثّالقانونّهيئةّوطنيةّأسندّلهاّمهمةّالوقايةّمنّالفساد‪ّ،‬وحثّ‬
‫علىّوجوبّتفعيلّدورّالمجتمعّالمدنيّواالعالمّفيّهذهّالمهمة‪ّ،‬إيماناّمنهّبأن ّالوقايةّ‬
‫منّجرائمّالفسادّعموماّوالرشوةّخصوصاّمهمةّموكلةّللجميع‪.‬‬

‫وعليهّسنتناولّهذهّالعناصرّضمنّمطلبينّأساسيين‪ّ،‬فاألولّنخصصهّللتدابيرّالوقائيةّ‬
‫فيّالقطاعّالعامّوالثانيّلآللياتّالمؤسساتيةّودورهاّفيّالوقاية من جريمة الرّ شوة‪.‬‬

‫‪ّ106‬عادلّعبدّالعزيزّالسن‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬ص‪.92‬‬

‫‪77‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التدابير الوقائية في القطاع العام‬

‫حددّالمشرعّالتدابيرّالوقائيةّفيّالقطاعّالعامّبموجبّالموادّ‪ ّ02‬ـ ــّ‪ّ02‬ـ ــّ‪ّ01‬منّالقانونّ‬


‫رقم ّ‪ّ ،00/00‬وتتمثل ّهذه ّالتدابير ّفي ّمبادئ ّالتوظيف ّومدونات ّأخالقيات ّالمهنة ّوكذاّ‬
‫واجبّالتصريحّبالممتلكات‪ّ،‬وهيّكلهاّتدابيرّمهمةّتساهمّبشكلّأوّبآخرّفيّالوقايةّمنّ‬
‫جريمةّالرشوةّداخلّالقطاعّالعام‪ّ،‬لذلكّخصصناّالفرعّاألولّلمبادئّالتوظيفّومدوناتّ‬
‫أخالقياتّالمهنةّأماّالثانيّخصصناهّلواجبّالتصريحّبالممتلكات‪ّ .‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مبادئ التوظيف ومدونات أخالقيات المهنة‬

‫تعدّمبادئّالتوظيفّومدوناتّأخالقياتّالمهنةّمنّأهمّالتدابيرّالمعمولّبهاّفيّالقطاعّ‬
‫العام‪ّ،‬فالتوظيفّيجبّأنّيبنىّعلىّأسسّسليمةّتكفلّالجدارةّوالكفاءة‪ّ،‬ويجبّأنّيتحلىّ‬
‫الموظفّبجملةّمنّاألخالقيات‪ّ،‬لضمانّالنزاهةّفيّالعملّوهذهّالمبادئّليستّبالجديدةّ‬
‫فهيّمعمولّبهاّمنّقبل‪ّ .‬‬

‫أوال‪ :‬مبادئ التوظيف في القطاع العامّّّّ ّ‬

‫بهدفّتعيينّمسؤولينّيتمتعونّبالنزاهةّوالكفاءةّفيّالمناصبّاإلداريةّالعليا‪ّ107‬خصوصاّ‬
‫ـ ــّوذلكّبالنظرّلحساسيةّالمهامّالموكلةّلهم‪ّ،‬وكذاّغيرهاّمنّالمناصب ّ ـ ــّاعتمدّالمشرعّ‬
‫جملة ّ من ّالقواعد ّالتي ّتؤخذ ّبعين ّاالعتبار ّعند ّالتوظيف‪ّ ،‬ويستمر ّالعمل ّبها ّخاللّ‬
‫المسيرةّالمهنيةّللموظف‪ّ،‬وهذاّماّنصتّعليهّالمادةّ‪ّ 02‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬والتيّ‬
‫جاءّفيهاّماّيليّ"ّتراعىّفيّتوظيفّمستخدميّالقطاعّالعامّوفيّتسييرّحياتهمّالمهنيةّ‬
‫القواعدّالتالية‪ّ :‬‬

‫ـ ــّمبادئّالنجاعةّوالشفافيةّوالمعاييرّالموضوعيةّمثلّالجدارةّواإلنصافّوالكفاءة‪ّ ّ.‬‬

‫‪ّ،‬مجلةّدفاترّالسياسةّوالقانون"ّمجلةّدوريةّدوليةّ‬
‫ّ‬ ‫‪ّ107‬خضريّحمزة‪ّ،‬الوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّفيّإطارّالصفقاتّالعمومية‬
‫محكمةّفيّالحقوقّوالعلومّالسياسية‪ّ،‬جامعةّقاصديّمرباح‪ّ،‬ورقلة‪ّ،‬العددّالسابع‪ّ،‬جوانّ‪ّ،9009‬صّ‪ّ .011‬‬

‫‪78‬‬
‫ـ ــّاإلجراءاتّالمناسبةّالختيارّوتكوينّاألفرادّالمرشحينّلتوليّالمناصبّالعموميةّالتيّ‬
‫تكونّأكثرّعرضةّللفساد‪ّ .‬‬
‫ـ ــّأجرّمالئمّباإلضافةّإلىّتعويضاتّكافية‪.‬‬
‫ـ ـ ـ إعدادّبرامجّتعليميةّوتكوينيةّمالئمةّلتمكينّالموظفينّالعموميينّمنّاألداءّالصحيحّ‬
‫والنزيهّوالسليمّلوظائفهم‪ّ،‬وافادتهمّمنّتكوينّمتخصصّيزيدّمنّوعيهمّبمخاطرّالفساد"‪ّ .‬‬
‫يستشف ّمن ّنص ّالمادة ّأن ّمعايير ّالنجاعة ّوالشفافية ّال ّتُعتَمد ّعند ّالتوظيف ّفقط ّبلّ‬
‫يجبّالوقوفّعلىّاحترامهاّوتكريسهاّطيلةّالمسارّالمهنيّللموظف‪ّ،‬منّترقياتّوغيرهاّ‬
‫ويجبّالحذرّأكثرّعندّاختيارّوتكوينّاألفرادّالمرشحينّلتوليّالمناصبّالعموميةّاألكثرّ‬
‫عرضةّللفساد‪ّ .‬‬

‫ّكما ّنص ّالمشرع ّعلى ّوجوب ّتكريم ّالموظف ّبأجر ّمالئم ّوتعويضات ّكافية ّلضمانّ‬
‫العيشّالكريمّوسدّبابّتذرعهّبعدمّكفايةّاألجرّلتلقيّالرشاوى‪ّ .‬‬

‫هذاّولمّيغبّعنّالمشرعّحاجةّالموظفّدائماّإلىّتكوينّبماّيالئمّماّهوّمستجدّمنّ‬
‫تطورات‪ّ،‬فأكدّعلىّضرورةّإعدادّبرامجّتعليميةّوتكوينيةّبغيةّإخراجّالموظفّمنّحالةّ‬
‫الروتين‪ّ ،‬الذي ّيؤدي ّبه ّإلى ّالملل ّوالتراخي ّفي ّأداء ّالعمل‪ّ ،‬تزويدا ّوتجديدا ّلرصيدهّ‬
‫الفكريّوالعلميّبماّيحفزهّعلىّاإلبداعّواالبتكارّفيّالعمل‪ّ،‬مماّيؤديّبطبيعةّالحالّإلىّ‬
‫زيادة ّالوعي ّلدى ّالموظف ّبمخاطر ّالفساد‪ّ ،‬ووجوب ّتفاديه ّومكافحته ّعند ّالضرورة‪ّ،‬‬
‫واألكيدّأن ّمثلّهذهّالقواعدّإذاّماّتمّتطبيقهاّبشكلّجديّستساعدّحتماّفيّالوقايةّمنّ‬
‫جريمةّالرشوة‪ّ .‬‬

‫أما ّاإلدارة ّالعمومية ّوفقا ّللمادة ّ‪ّ 00‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬فهي ّملزمة ّبالشفافية ّفيّ‬
‫تعاملهاّمعّالجمهورّوذلكّمنّخالل‪ّ :‬‬

‫‪79‬‬
‫ـ ــّإعالمّهذاّاألخيرّبأهمّاإلجراءاتّالمتعلقةّبتنظيمهاّوسيرهاّوكيفيةّاتخاذّالقرارّفيها‪ّ .‬‬
‫ـ ــّتبسيطّاإلجراءاتّاإلداريةّتفادياّللبيروقراطيةّوتسلطّالموظفّعلىّالمواطن‪ّ .‬‬
‫ـ ـ ــّالردّعلىّعرائضّوشكاوىّالمواطنين‪ّ ّ.‬‬
‫ـ ـ ـ ّتسبيب ّالق اررات ّالصادرة ّفي ّغير ّصالح ّالمواطن ّوتوضيح ّطرق ّالطعن ّفيها ّإثباتاّ‬
‫لقانونيةّاإلجراءاتّالمتخذة‪ّ ّ.‬‬
‫وماّهذاّإال ّمنّبابّالقضاءّعلىّالمحسوبيةّوالتعقيداتّاإلجرائية‪ّ،‬التيّكثيراّماّكانتّ‬
‫ومازالتّتشكلّأهمّأبوابّتلقيّالرشوةّوسخطّالمجتمع‪ّ ّ.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدونات أخالقيات المهنة ّ‬

‫إنّشأنّالمدوناتّاألخالقيةّبالنسبةّللموظفينّهوّشأنّالقانونّبالنسبةّللمجتمعّفيّإطارّ‬
‫كلّمهنةّيوجدّماّيسمىّبقواعدّسلوكّالموظفين‪ّ،‬مفادهاّتحديدّمعاييرّالسلوكّالوظيفيّ‬
‫السليمّالذيّيجبّأنّيسلكهّالموظفّالعموميّللتحليّبالنزاهةّواالستقامة‪ّ،‬والّيخفىّأنّ‬
‫مثلّهذهّالمدوناتّإذاّماّوجدتّطريقهاّللتطبيقّالصارمّواالحترامّسيك ّونّلهاّدورّفعالّ‬
‫فيّمنعّالموظفّمنّقبولّأوّطلبّالرشوة‪ّ .‬‬

‫ّّلذاّأكدتّالمادةّ‪ّ 1‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬علىّأنّتعملّالدولةّوالمجالسّالمنتخبةّ‬


‫والجماعات ّالمحلية ّوالمؤسسات ّوالهيئات ّالعمومية‪ّ ،‬وكذا ّالمؤسسات ّالعمومية ّذاتّ‬
‫النشاطاتّاالقتصاديةّعلىّوضعّهذهّالمدوناتّلتشجيعّالنزاهةّواألمانةّوروحّالمسؤوليةّ‬
‫بينّموظفيهاّومنتخبيها‪ّ .‬‬

‫ّّوكتطبيقّمنّهذهّالتطبيقاتّيلتزمّالموظفّالعموميّبأنّيخبرّالسلطةّالرئاسيةّالتيّ‬
‫يخضعّلهاّإذاّتعارضتّمصالحهّالخاصةّمعّالمصلحةّالعامةّأوّيكونّمنّشأنهاّالتأثيرّ‬
‫علىّممارسةّمهامهّبشكلّعاد‪ّ،‬وفيّحالةّماّإذاّلمّيقمّبالتصريحّبهذاّالتعارضّفإنهّيقعّ‬
‫تحت ّطائلة ّالعقاب ّالمنصوص ّعليه ّفي ّالمادة ّ‪ّ 09‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬وذلكّ‬

‫‪80‬‬
‫بالحبسّمنّستةّأشهرّإلىّسنتينّوغرامةّماليةّتتراوحّمنّ‪ّ 10.000‬دجّإلىّ‪ّ900.000‬‬
‫دج‪ّ .‬‬

‫ّوعلى ّغرار ّباقي ّالوظائف ّفمهنة ّالقضاء ّتعد ّمن ّأسمى ّالوظائف ّفي ّالدولة ّوأحدّ‬
‫السلطاتّاألساسيةّفيها‪ّ،‬كونهاّتعملّعلىّتحقيقّالعدالةّوتكريسّدولةّالحقّوالقانون‪ّ،‬‬
‫وايماناّمنّالمشرعّبأهميةّنزاهةّهذاّالمرفقّلكونهّأحدّأهمّركائزّالدولةّفلمّيكتفيّبعمومّ‬
‫نص ّالمادة ّ‪ّ 01‬السالفة ّالذكر‪ّ ،‬بل ّأكد ّبشكل ّخاص ّعلى ّضرورة ّتدعيمه ّبمدوناتّ‬
‫أخالقياتّالمهنةّبموجبّالمادةّ‪ّ09‬منّالقانونّرقمّ‪ّ .00/00‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬واجب التصريح بالممتلكات ّ‬

‫منّبينّأهمّالتدابيرّالوقائيةّمنّجرائمّالفسادّالتيّأرساهاّالمشرعّالجزائريّفيّالقانونّ‬
‫رقم ّ‪ّ 00/00‬هي ّتصريح ّالموظفين ّالعموميين ّبممتلكاتهم‪ّ ،108‬حيث ّيلتزم ّالموظفّ‬
‫العموميّبالتصريحّبممتلكاتهّعندّبدايةّتوظيفه‪ّ،‬علىّأنّيتجددّهذاّالتصريحّكلماّطرأتّ‬
‫زيادة ّمعتبرة ّفي ّذمته ّالمالية‪ّ ،‬كما ّيتم ّتأكيد ّالتصريح ّفي ّنهاية ّالعهدة ّالوظيفية ّأوّ‬
‫االنتخابية‪ّ،109‬إذّبمقتضىّهذاّالتصريحّيمكنّتحريكّالرقابةّباستغاللّالمعلوماتّالواردةّ‬
‫فيه‪ّ،‬لكشفّالكسبّغيرّالمشروعّالذيّقدّيكونّمصدرهّالرشوة‪ّ،‬كذلكّبهدفّالحفاظّعلىّ‬
‫نزاهةّالموظف‪ّ،‬وذلكّمنّمنطلقّمساءلتهّعنّالكسبّالذيّحققهّخاللّمسيرتهّالوظيفيةّ‬
‫مقارنةّبماّيتقاضاهّمنّمرتبّوأمالكّمعلومةّالمصدر‪ّ،‬خاصةّأصحابّالمناصبّالتيّ‬
‫تكونّأكثرّعرضةّللرشوة‪ّ .‬‬

‫الشكّفيّمدىّأهميةّهذا ّالتدبيرّفيّالوقايةّمنّجريمةّالرشوةّوكشفهاّإنّوقعتّفعال‪ّ،‬‬
‫غيرّأن ّالنصوصّالقانونيةّالتيّتضمنتهّتطالهاّالعديدّمنّالثغراتّوالنقائصّالتيّمنّ‬

‫‪ 108‬هذاّالتدبيرّكرسهّالمشرعّالجزائريّقبلّإصدارّهذاّالقانونّوذلكّبموجبّاألمرّرقمّ‪ّ02/21‬المؤرخّفيّ‪ّ0221/00/00‬‬
‫المتضمنّالتصريحّبالممتلكات‪.‬‬
‫‪ 109‬انظرّالمادةّ‪ّ،02‬القانونّرقمّ‪ّ .00/00‬‬

‫‪81‬‬
‫شأنهاّالحدّمنّفعاليتهّوهذاّماّسنوضحهّبالتحليلّلمختلفّالنصوصّالقانونيةّالخاصةّ‬
‫به‪ّ ،‬وذلك ّبالتعرض ّأوال ّلفئات ّالموظفين ّالملزمين ّبواجب ّالتصريح ّبالممتلكات ّوثانياّ‬
‫لمحتوىّالتصريح‪ّ .‬‬

‫أوال‪ :‬الموظفون الملزمون بواجب التصريح بالممتلكات ّ‬

‫نصت ّالمادة ّ‪ّ 02‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬على ّأنه ّ" قصد ّضمان ّالشفافية ّفي ّالحياةّ‬
‫السياسية ّوالشؤون ّالعمومية‪ّ ،‬وحماية ّالممتلكات ّالعمومية ّوصون ّنزاهة ّاألشخاصّ‬
‫المكلفينّبخدمةّعمومية‪ّ،‬يلزمّالموظفّالعموميّبالتصريحّبممتلكاته‪ّ .‬‬

‫‪ ‬يقوم ّالموظف ّالعمومي ّباكتتاب ّتصريح ّبالممتلكات ّخالل ّالشهر ّالذي ّيعقب ّتاريخّ‬
‫تنصيبهّفيّوظيفتهّأوّبدايةّعهدتهّاالنتخابية‪ّ .‬‬
‫‪ ‬يجددّالتصريحّفورّكلّزيادةّمعتبرةّفيّالذمةّالماليةّللموظفّالعمومي ّبنفسّالكيفيةّ‬
‫التيّتمّبهاّالتصريحّاألول‪ّ .‬‬
‫‪ ‬كماّيجبّالتصريحّبالممتلكاتّعندّنهايةّالعهدةّاالنتخابيةّأوّعندّانتهاءّالخدمة‪ّ ".‬‬
‫ّيفهمّمنّصياغّهذهّالمادةّأنّكلّموظفّعموميّبمفهومّالمادةّ‪/9‬بّمنّذاتّالقانون‪ّ،‬‬
‫يقعّعليهّواجبّالتصريحّبممتلكاتهّخاللّالشهرّالمواليّلتنصيبهّفيّالوظيفةّأوّبدايةّ‬
‫عهدتهّاالنتخابية‪ّ،‬ولمّيكتفىّبهذاّبلّيلزمّبهذاّالواجبّعندّكلّزيادةّفيّذمتهّالمالية‪ّ،‬‬
‫وكذاّعندّنهايةّالعهدةّاالنتخابيةّأوّانتهاءّالخدمة‪ّ،‬إذّأن ّالغرضّمنّهذاّاالجراءّهوّ‬
‫الوقوفّعلىّالفارقّغيرّالمبررّفيّالذمةّالماليةّوالذيّقدّيطرأّبينّفترتيّتوليّالمهامّ‬
‫وانتهائها‪ّ .‬‬

‫ّوقدّحددتّالمادةّ‪ّ 0‬منّنفسّالقانونّفئاتّالموظفينّالملزمينّبهذاّالواجبّوذلكّمنّ‬
‫منطلقّالهيئةّالتيّيتمّالتصريحّأمامهاّفحددتّثالثّفئاتّكالتالي‪ّ :‬‬

‫‪ .0‬الموظفون الملزمون بالتصريح أمام الرئيس األول للمحكمة العليا‬

‫‪82‬‬
‫ّوتشمل ّهذه ّالفئة ّوفقا ّللمادة ّ‪ّ 00‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬الموظفين ّالذين ّيشغلونّ‬
‫المناصبّالقياديةّالساميةّفيّالدولة‪ ّ 110‬منّرئيسّالجمهورية‪ّ،‬أعضاءّالبرلمان‪ّ،‬الوزيرّ‬
‫األول‪ّ ،‬أعضاء ّالحكومة‪ّ ،‬رئيس ّمجلسّالمحاسبة‪ّ ،‬محافظ ّبنك ّالجزائر‪ّ ،‬السفراء ّ ّ ّالقناّ‬
‫صلة‪ّ،‬الوالةّوالقضاة‪ّ،‬بحيثّيلزمّهؤالءّالموظفينّبالتصريحّبممتلكاتهمّأمامّالرئيسّاألولّ‬
‫للمحكمة ّالعليا‪ّ ،‬خالل ّالشهر ّالذي ّيلي ّتاريخ ّتنصيبهم ّفي ّوظائفهم ّأو ّبداية ّعهدتهمّ‬
‫االنتخابية‪ّ .‬‬

‫غير ّأن ّالمشرع ّالجزائري ّلم ّيمكن ّالرئيس ّاألول ّللمحكمة ّالعليا ّمن ّسلطة ّالتحريّ‬
‫والتحقيقّفيماّوردّإليهّمنّتصريحات‪ّ،‬فيقتصرّدورهّبذلكّعلىّتلقيّالتصريحّبالممتلكاتّ‬
‫ّالرئيس ّاألول ّللمحكمة ّالعلياّ‬
‫فقط‪ّ ،‬كما ّلم ّيبين ّالمشرع ّالجهة ّالمختصة ّبتلقي ّتصريح ّ‬
‫بممتلكاته‪.‬‬

‫ّوقد ّأوجب ّالمشرع ّنشر ّالتصريح ّفي ّالجريدة ّالرسمية ّخالل ّالشهرين ّالتاليين ّلتاريخّ‬
‫انتخابهمّأوّتسلمهمّلمهامهم‪ّ،‬ماعداّالقضاةّفإنهّلمّينصّعلىّنشرّتصريحاتهم‪.‬‬

‫‪ .9‬الموظفون الملزمون بالتصريح أمام الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته ّ‬


‫ّتتمثلّهذهّالفئةّوفقاّللمادةّ‪ّ 00‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬فيّرؤساءّوأعضاءّالمجالسّ‬
‫الشعبيةّالمحليةّالمنتخبة‪ّ،‬إذّتتولىّالهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحته‪ّ 111‬ممثلةّ‬
‫في ّقسم ّالتصريح ّبالممتلكات‪ّ 112‬تلقي ّتصريحات ّهؤالء ّالموظفين‪ّ ،‬وتقوم ّبمعالجةّ‬
‫المعلوماتّالواردةّبالتصريحاتّوتدقيقها‪ّ،‬لكشفّماّإذاّكانّهناكّكسبّغيرّمشروعّأمّ‬

‫‪ 110‬محمدّهاملي‪ ّ،‬مداخلةّبعنوانّهيئةّمكافحةّالفسادّوالتصريحّبالممتلكاتّكآليتينّلمكافحةّالفسادّفيّالوظائفّالعامةّفيّالدولةّ‬
‫الملتقىّالوطني"ّمكافحةّالفسادّوتبييضّاألموال‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬ص‪ّ .10‬‬
‫‪ 111‬تمّتنصيبّالهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّبتاريخّ‪.9000/00/02‬‬
‫المعدلّوالمتممّللمرسومّالرئاسيّرقمّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 112‬أستحدثّهذاّالقسمّبموجبّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ02/09‬المؤرخّفيّ‪ّ9009/09/01‬‬
‫‪ّ202/00‬المؤرخّفيّ‪ّ9000/00/99‬المتعلقّبتحديدّتشكيلةّالهيئةّال ّوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحته‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫ال‪ّ ،‬وينشر ّتصريح ّأعضاء ّالمجالس ّالمحلية ّالمنتخبة ّسواء ّالوالئية ّأو ّالبلدية ّخاللّ‬
‫الشهرّالمواليّالنتخابهمّوذلكّبالتعليقّفيّلوحةّاإلعالناتّبمقرّالبلديةّأوّالواليةّحسبّ‬
‫الحالة‪ّ ّ.‬‬

‫‪ .2‬الموظفون الملزمون بالتصريح أمام السلطة السلمية أو الوصية ّ‬


‫ّأحالتّالمادةّ‪ّ 00‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬أمرّتحديدّهذهّالفئةّإلىّالتنظيم‪ّ 113‬وتشملّ‬
‫صنفين ّهما ّالموظفين ّالعمومين ّالشاغلين ّلمناصب ّووظائف ّعليا ّفي ّالدولة‪ّ 114‬حيثّ‬
‫يصرحونّبممتلكاتهمّأمامّالسلطةّالوصية‪ّ .‬‬

‫ّأماّالصنف ّالثانيّمنّالموظفينّفهمّالذينّيتمّتحديدّقائمتهمّبقرارّمنّالسلطةّالمكلفةّ‬
‫بالوظيفة ّالعامة‪ّ ،‬أي ّمن ّطرف ّالمدير ّالعام ّللوظيفة ّالعمومية‪ّ ،‬ويدلي ّهذا ّالصنفّ‬
‫بتصريحاته ّأمام ّالسلطة ّالسلمية ّالمباشرة ّالتي ّيخضعون ّلها‪ّ ،‬ثم ّيودع ّالتصريح ّمقابلّ‬
‫وصلّمنّقبلّالسلطةّالوصيةّأوّالسلميةّلدىّالهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّ‬
‫فيّآجالّمعقولة‪ّ،‬فالمشرعّالجزائريّهناّلمّيقمّبتحديدّأجلّإليداعّالتصريحّمماّقدّيفتح ّ‬

‫المجالّأمامّالسلطةّالمختصةّبتلقيّالتصريحاتّللتماطلّفيّتقديمهاّوهوّأمرّمنّشأنهّّ‬
‫أنّيؤثرّعلىّسرعةّوفعاليةّمعالجةّالمعلوماتّمنّقبلّالهيئة‪ّ .115‬‬

‫ّإذنّفكلّكلّالفئاتّالمشارّإليهاّأعالهّملزمةّبتجديدّالتصريحّعندّكلّزيادةّمعتبرةّوفقاّ‬
‫للمادةّ‪ّ 02/02‬منّالقانونّرقمّ‪ّ،00/00‬غيرّأن ّالمشرعّّلمّيحددّمقدارّهذهّالزيادةّمماّ‬

‫‪ّ 113‬أنظرّالمادةّ‪ّ09‬منّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ201/00‬المؤرخّفيّ‪ّ9000/00/99‬االمتعلقّبتحديدّكيفياتّالتصريحّبالممتلكاتّ‬
‫بالنسبةّللموظفينّالعموميينّغيرّالمنصوصّعليهمّفيّالمادةّ‪ ّ00‬منّالقانونّالمتعلقّبالوقايةّمنّالفسادّومكافحته‪ّ .‬‬
‫‪ّّ114‬أنظرّالمرسومّالتنفيذيّرقمّ‪ّ991/20‬المؤرخّفيّ‪ّ91‬يوليوّ‪ّ0220‬المحددّلقائمةّالوظائفّالعلياّفيّالدولةّبعنوانّاإلداراتّ‬
‫والمؤسساتّوالهيئاتّالعمومية‪ّ،‬الجريدةّالرسميةّعددّ‪ّ"ّ20‬مثلّاألمينّالعامّللمجلسّاإلسالميّاألعلى‪ّ،‬أمينّالمجلسّاألعلىّ‬
‫لألمن‪ ّ،‬مسؤولّالمعهدّالوطنيّللدراساتّاالستراتيجيةّالشاملة‪ّ،‬مديرّالجامعة‪....‬إلخ‪ّ،‬وكذاّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ991/20‬المؤرخّ‬
‫فيّ‪ّ91‬يوليوّ‪ ّ0220‬المحددّلقائمةّالوظائفّالعلياّالتابعةّللدولةّتحتّعنوانّ"ّرئاسةّالجمهوريةّ"ّّمثلّمستشار‪ّ،‬مديرّدراساتّ‬
‫مدير‪ّ،‬مكلفّبالدراساتّوالتلخيص‪...‬إلخ‪ّ .‬‬
‫‪ّ115‬هامليّمحمد‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬ص‪ّ .12‬‬

‫‪84‬‬
‫يعنيّأنّتكونّذاتّأهميةّوملفتةّللنظر‪ّ،‬والغالبّأنّتكونّهذهّالزيادةّظاهرةّمنّخاللّ‬
‫تغيرّنمطّعيشّالموظف‪ّ،‬أماّبالنسبةّللقضاةّفوفقاّللمادةّ‪ّ 91‬منّالقانونّالعضويّرقمّ‬
‫‪ّ00/02‬المؤرخّفيّ‪ّ9002/02/00‬المتضمنّالقانونّاألساسيّللقضاءّفإنّالتجديدّيكونّ‬
‫كلّخمسّسنوات‪ّ،‬وعندّكلّتعيينّفيّوظيفةّنوعيةّكرئيسّأولّللمحكمةّالعلياّمحافظّ‬
‫دولة ّلدى ّمجلس ّالدولة‪ّ ،‬رئيس ّمجلس ّقضائي‪ّ ،‬رئيس ّمحكمة ّإدارية‪ّ ،‬نائب ّعام ّلدىّ‬
‫‪116‬‬
‫ّوغيرها ّمن ّالمناصبّ‬ ‫المجلس ّالقضائي‪ّ ،‬محافظ ّدولة ّلدى ّالمحكمة ّاإلدارية‬
‫المنصوص ّعليها ّفي ّالمادة ّ‪ّ 10‬من ّذات ّالقانون‪ّ ،‬وحبذا ّلو ّأن ّالمشرع ّعمم ّإجراءّ‬
‫التجديدّكلّمدةّزمنيةّمحددةّعلىّكلّالموظفينّالعموميينّلضمانّفعاليةّأكبرّللقانونّ‬
‫فيّمجالّمكافحةّالفسادّوالرشوةّفيّالوظائفّالعامة‪ّ .‬‬

‫ثانيا‪ :‬محتوى التصريح بالممتلكات‬

‫ّنصتّالمادةّ‪ّ 09‬منّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ 202/00‬المؤرخّفي‪ّ 9000/00/99‬المحددّ‬


‫لنموذج ّالتصريح ّبالممتلكات ّعلى ّما ّيلي ّ" ّيشمل ّالتصريح ّبالممتلكات ّجردا ّلجميعّ‬
‫األمالكّالعقاريةّوالمنقولةّالتيّيملكهاّالموظفّالعموميّوأوالدهّالقصرّفيّالجزائرّو‪/‬أوّ‬
‫في ّالخارج‪ّ ،‬ويعد ّالتصريح ّوفقا ّللنموذج ّالملحق ّبهذا ّالمرسوم"‪ّ ،‬فهذه ّالمادة ّماهي ّإالّ‬
‫تأكيدّحرفيّلماّجاءتّبهّالمادةّ‪ّ01‬منّالقانونّرقمّ‪ّ،00/00‬والمالحظّهناّأنّالتصريحّ‬
‫يقتصر ّعلى ّممتلكات ّالمكتتب ّوأوالده ّالقصر ّفقط ّالمتواجدة ّفي ّالجزائر ّوفي ّالخارج‪ّ،‬‬
‫دون ّأن ّتشمل ّممتلكات ّالزوجة ّوال ّأوالده ّالبالغين‪ّ ،‬ربما ّأخذ ّالمشرع ّباالتجاه ّالشرعيّ‬
‫القائل ّباستقاللية ّالذمة ّالمالية ّللزوجة ّعن ّالزوج‪ّ ،117‬ولكن ّالكثير ّمن ّالموظفين ّقدّ‬
‫يستغلون ّهذه ّالثغرة ّبتحويل ّممتلكاتهم ّلزوجاتهم ّإلخفاء ّمصدرها ّوابعاد ّالشبهات ّعنهمّّ‬

‫‪ّ116‬أنظرّالمادةّ‪ّ22‬منّالقانونّالعضويّرقمّ‪ّ00/02‬المؤرخّفيّ‪ّ9002/02/00‬المتضمنّالقانونّاألساسيّللقضاء‪.‬‬
‫‪ 117‬أكدّرئيسّالجمهوريةّعلىّوجوبّتحيينّاإلجراءّالقانونيّللتصريحّبالممتلكاتّالساريّعلىّجميعّأعوانّالدولةّوأنّهّيجبّأنّ‬
‫يطبقّالتصريحّعلىّاإلطاراتّفيّجميعّالمستوياتّوأنّبشملّالتصريحّممتلكاتّالزوجةّواألوالدّوذلكّفيّالتعليمةّالرئاسيةّرقمّ‬
‫‪ّ02‬المؤرخةّفيّ‪ّ،9002/09/02‬ص‪ّ .02‬‬
‫ّ‬

‫‪85‬‬
‫لذا ّكان ّمن ّاألفضل ّتتبع ّممتلكات ّالزوجة ّمن ّباب ّالحيطة ّوالحذر‪ّ ،‬وبالرجوع ّإلىّ‬
‫المرسوم ّرقم ّ‪ّ 202/00‬نجدهّيتضمن ّملحقا ّمحددا ّلنموذج ّالتصريح ّبالممتلكات‪ّ ،‬يشملّ‬
‫هذاّالنموذجّالبياناتّالتالية‪ّ ّّ:‬‬

‫ّفي ّبداية ّالنموذج ّتوضع ّثالث ّخانات ّيحدد ّبواسطتها ّنوع ّالتصريح ّهل ّهو ّتصريحّ‬
‫أولي ّمع ّبداية ّالوظيفة‪ّ ،‬أو ّتجديد ّأو ّعبارة ّعن ّتصريح ّنهائي ّمع ّتحديد ّتاريخ ّذلك‪ّ،‬‬
‫وتحدد ّهوية ّالمصرح ّبدقة ّمن ّاالسم ّالكامل ّله ّولوالديه ّتاريخ ّومكان ّازدياده ّ ّالوظيفةّ‬
‫التيّيشغلهاّومقرّسكناه‪ّ،‬ليصرحّفيماّبعدّبممتلكاتهّالعقاريةّأوال ّسواءّكانتّمبنيةّأوّ‬
‫غير ّمبنيةّبتحديدّطبيعتها‪ّ،‬أصلّملكيتها‪ّ ،‬نظامها ّالقانوني ّـ ـ ـ ّعلى ّالشيوعّأوّمفرزة ّ ـ ــّ‬
‫وبعد ّذلك ّيصرح ّبأمالكه ّالمنقولة ّبنفس ّالطريقة‪ّ ،‬وتشمل ّاألمالك ّالمنقولة ّاألثاث ّذيّ‬
‫القيمةّالماليةّالمعتبرةّالتحفّواألشياءّالثمينة‪ّ،‬سيارات‪ّ،‬سفن‪ّ،‬طائراتّوكلّماّيملكهّفنياّ‬
‫وأدبياّوصناعياّوكلّالقيمّالمنقولةّمسعرةّأوّغيرّمسعرةّفيّالبورصةّسواءّكانتّهذهّ‬
‫ص ِّرحّنفسهّأوّألوالدهّالقصر‪ّ،‬كماّيحددّفيّالتصريحّالوضعيةّالماليةّ‬
‫األمالكّتعودّللم َ‬
‫ُ‬
‫للمصرحّوطبيعةّاالستثمارّوقيمةّاألموالّالمخصصةّالمملوكةّلهّوألوالدهّالقصر‪ّ .‬‬

‫وي َعدّالتصريحّبالممتلكاتّوفقاّللمادةّ‪ّ02‬منّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ202/00‬فيّنسختينّ‬
‫ُ‬
‫يوقعهما ّكل ّمن ّالمكتتب ّوالسلطة ّالمودع ّلديها ّالتصريح‪ّ ،‬حيث ّتسلم ّنسخة ّمنهماّ‬
‫للمكتتب‪ّ ،‬لتودع ّالنسخة ّالثانية ّمنه ّمقابل ّوصل ّإلى ّقسم ّالتصريح ّبالممتلكات ّبالهيئةّ‬
‫الوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّلدراسةّوتمحيصّالمعلوماتّالواردةّبهاّللتحققّمنّ‬
‫مدىّصحتها‪ّ .118‬‬

‫ّوبما ّأن ّالهدف ّمن ّالتصريح ّبالممتلكات ّهو ّمكافحة ّالفساد ّاإلداري ّفي ّالوظائفّ‬
‫العمومية‪ّ،‬فحبذاّلوّنصّالمشرعّالجزائريّعلىّضرورةّذكرّالراتبّالسنويّالذيّيتقاضاهّ‬

‫‪ 118‬أنظرّالمادةّ‪ّ،0/90‬القانونّرقمّ‪.00/00‬‬

‫‪86‬‬
‫الموظفّالعمومي‪ّ،119‬فالتصريحّبالممتلكاتّالّيشكلّأيّانتهاكّلحرمةّالحياةّالخاصةّ‬
‫للمنتخب ّأو ّالموظف ّالعمومي ّبل ّهو ّإجراء ّيقصد ّبه ّترسيخ ّمبدأ ّالشفافية ّفي ّتوليّ‬
‫المسؤوليات‪ّ،‬وايماناّمنّالمشرعّبأهميةّهذاّاإلجراءّفيّالوقايةّمنّالفسادّاإلداريّعموماّ‬
‫والرشوةّخصوصا‪ّ،‬فقدّعملّعلىّتجريمّعدمّالتصريحّبالممتلكاتّأوّالتصريحّالكاذبّ‬
‫بها‪ّ،‬وذلكّبموجبّالمادةّ‪ّ 20‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬ومفادهّإماّأنّيمتنعّالموظفّبعدّ‬
‫مرورّالمدةّالزمنيةّالمحددةّقانوناّواعذارهّبذلكّعنّاإلدالءّبتصريحهّأوّيقدمّمعلوماتّ‬
‫خاط ئة ّأو ّغير ّكاملة ّعمدا ّحول ّممتلكاته‪ّ ،‬فيعاقب ّبالحبس ّمن ّستةّأشهر ّإلى ّخمسّ‬
‫سنواتّوغرامةّماليةّمنّ‪ّ10.000‬دجّإلى‪ّ100.000‬دج‪ّ .‬‬

‫فمجملّهذهّالتدابيرّعلىّمستوىّالقطاعّالعامّتهدفّلضمانّنزاهةّالموظفّّّّوالوظيفةّ‬
‫العموميةّمماّيجعلّاألخذّبهاّمهمّللغاية‪ّ ّ.‬‬

‫ّ‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اآلليات المؤسساتية للوقاية من الفساد ومكافحته ّ‬

‫إن ّإنشاءّمؤسساتّمتخصصةّفيّمكافحةّالفسادّيعتبرّأحدّالحلولّالرئيسيةّلمعالجتهّ‬
‫علىّالمستوىّالوطني‪ّ،‬لذلكّأحدثّالمشرعّالجزائريّبموجبّالمادةّ‪ّ 01‬منّالقانونّرقمّ‬
‫‪ّ 00/00‬الهيئة ّالوطنية ّللوقاية ّمن ّالفساد ّومكافحته‪ّ ،‬كما ّأكد ّعلى ّضرورة ّتفعيل ّدورّ‬
‫االعالم ّوالمجتمع ّالمدني ّفي ّهذه ّالمهمة‪ّ ،‬ألن ّمكافحة ّالرشوة ّتتطلب ّتظافر ّجهودّ‬
‫الجميعّعلىّالمستوىّالوطني‪ّ .‬‬

‫‪ 119‬عثمانيّفاطمة‪ّ،‬التصريحّبالممتلكاتّكآليةّلمكافحةّالفسادّاإلداريّفيّالوظائفّالعموميةّفيّالدولة‪ّ،‬مذكرةّمكملةّلنيلّشهادةّ‬
‫ماجستيرّفيّالقانونّالعام‪ ّ،‬فرعّتحوالتّالدولة‪ّ،‬مدرسةّالدكتوراهّ"ّالقانونّاألساسيّوالعلومّالسياسيةّ"‪ّ،‬جامعةّمولودّمعمريّتيزيّ‬
‫وزو‪ّ9000،‬صّ‪ّ .92‬‬

‫‪87‬‬
‫ّولمعرفةّمدىّفعاليةّهذهّاألجهزةّفيّالوقايةّمنّجريمةّالرشوةّسنتطرقّلهاّتباعاّضمنّ‬
‫فرعين‪ّ،‬األولّنفصلّفيهّدورّالهيئةّأماّالثانيّفسيكونّمحطةّنلقيّفيهاّالضوءّعلىّدورّ‬
‫المجتمعّالمدنيّواإلعالمّفيّالوقايةّمنّجريمةّالرشوة‪ّ .‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‬

‫أناطّالمشرعّالجزائريّللهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّمهمةّوضعّاستراتيجيةّ‬
‫‪120‬‬
‫‪ّ،‬وكانّوالبدّمنّتزويدهاّبكلّالوسائلّالقانونية‪ّ،‬الماديةّوالبشريةّ‬
‫ّ‬ ‫وطنيةّلمكافحةّالفساد‬
‫الالزمةّوأهمهاّعلىّاإلطالقّتمتعهاّباالستقالليةّالتامة‪ّ .‬‬

‫أوال‪ :‬الطبيعة القانونية للهيئة ّ‬

‫ّمنّخاللّاستقراءّالمادةّ‪ّ 09‬منّقانونّالوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّالتيّتنص ّعلىّماّ‬


‫يلي ّ" ّالهيئة ّسلطة ّإداريةّمستقلة ّتتمتع ّبالشخصية ّالمعنوية ّواالستقالل ّالمالي‪ّ ،‬توضعّ‬
‫لدىّرئيسّالجمهورية"‪ ،‬يتضحّأن ّالمشرعّالجزائريّقد ّحذاّحذوّالمشرعّالفرنسيّالذيّ‬
‫اعتمد مسبقا ّعلى ّفكرة ّالسلطة ّاإلدارية ّالمستقلة ّفي ّإنشاء ّالعديد ّمن ّالهيئات‪ّ ،‬بغيةّ‬
‫ضمان ّالحياد ّفي ّمواجهة ّالمتعاملين ّاالقتصاديين‪ّ ،‬وكذا ّمعاملة ّاألعوان ّالعموميينّ‬
‫والمنتخبين‪ّ،‬عندماّيتعلقّاألمرّبضمانّالشفافيةّفيّالحياةّالسياسيةّوالشؤونّالعمومية‪ّ121‬‬
‫لذاّأضفىّعلىّالهيئةّالطابعّاإلداري‪ّ،‬مدعماّإياهاّباالستقاللّالماليّومنحهاّالشخصيةّ‬
‫المعنويةّوهذاّكلهّمنّأجلّإتاحةّلهاّالفرصةّللعملّبحرية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬استقاللية الهيئة ومعوقاتها‬

‫الشك ّأن ّاالستقالليةّهيّمطلبّضروريّللهيئة‪ّ،‬لتتمكنّمنّأداءّصالحياتهاّعلىّأكملّ‬


‫وجه‪ّ،‬ويقصدّبهاّعدمّخضوعّالسلطةّاإلداريةّالمستقلةّأليةّرقابةّسلميةّأوّوصائية‪ّ،‬والّ‬

‫‪ 120‬أنظرّالمادةّ‪ّ،01‬القانونّرقمّ‪ّ .00/00‬‬
‫‪ 121‬رمزيّحوحو‪ّ،‬لبنىّدنش‪ ّ،‬الهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحته‪ّ،‬مجلةّاالجتهادّالقضائي‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .12‬‬

‫‪88‬‬
‫يهمّإنّكانتّتتمتعّبالشخصيةّالمعنوية‪ّ،‬ألن ّهذهّاألخيرةّالّتعدّ ّبمثابةّمعيارّأوّعاملّ‬
‫فعال ّلقياس ّدرجة ّاالستقاللية‪ّ ،122‬إذن ّفالهدف ّمن ّمنح ّالهيئة ّنوع ّمن ّاالستقاللية ّهوّ‬
‫إتاحةّالفرصةّلهاّللعملّبحرية‪ّ،‬دونّرقابةّرئاسيةّأوّخشيةّالرجوعّإلىّسلطاتّأعلىّ‬
‫ألخذ ّإذن ّأو ّتصريح‪ّ ،123‬ويمكن ّأن ّنستشف ّهذه ّاالستقاللية ّمن ّعدة ّنواحي ّوظيفيةّ‬
‫وعضوية‪ّ .‬‬

‫‪ .0‬الناحية العضوية‬
‫تقومّاالستقالليةّعلىّأربعةّتدابيرّهي‪ّ :‬‬

‫ـ ــّالطابعّالجماعيّللهيئة‪.‬‬

‫ـ ــّتعددّالهيئاتّالمكلفةّبتعيينّواقتناءّاألعضاء‪.‬‬

‫ـ ــّتحديدّعهدةّلفائدةّأعضاءّالهيئة‪.‬‬

‫ـ ـ ــّعدمّخضوعّأوّتبعيةّالهيئةّللسلطةّالتنفيذية‪.124‬‬

‫يمكنّإسقاطّهذهّالمبادئّعلىّنصّالمادةّ‪ّ 01‬منّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ 02/09‬المؤرخّ‬


‫في‪ّ 9009/09/01‬المعدل ّوالمتمم ّللمرسوم ّالرئاسي ّرقم ّ‪ّ 202/00‬المؤرخ ّفيّ‬
‫‪ ّ 9000/00/99‬المتعلق ّبتحديد ّتشكيلة ّالهيئة ّالوطنية ّللوقاية ّمن ّالفساد ّومكافحتهّ‬
‫وتنظيمها ّوكيفيات ّسيرها‪ّ ،‬التي ّتنص ّعلى ّما ّيلي ّ" ّتضم ّالهيئة ّمجلس ّيقظة ّوتقييمّ‬
‫يتشكلّمنّرئيسّوستةّأعضاءّيعينونّبموجبّمرسومّرئاسيّلمدةّخمسّسنواتّقابلةّ‬
‫للتجديدّمرةّواحدة‪ّ،‬وتنهىّمهامهمّحسبّاألشكالّنفسها "‪ّ .‬‬

‫‪122‬‬
‫‪Rachid Zouaimia، les autorités administratives indépendante et la régulation économique en‬‬
‫‪Algérie, édition distribution Houma Alger،2005،p25.‬‬
‫ّ‬
‫ّعبدّاهللّالحنفي‪ّ،‬السلطاتّاإلداريةّالمستقلة‪ّ،‬دراسةّمقارنة‪ّ،‬دارّالنهضةّالعربية‪ّ،‬القاهرة‪ّ،‬مصر‪ّ،9000،‬صّ‪ّ .00‬‬
‫‪123‬‬

‫‪ 124‬رمزيّحوحو‪ّ،‬لبنىّدنش‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .12/12‬‬

‫‪89‬‬
‫الّيمكنّللهيئةّأنّتقومّبمهامهاّإالّإذاّكانتّتحويّتشكيلةّجماعيةّمتنوعةّومتخصصة‪ّ،‬‬
‫وهذاّماّتضمنتهّالمادةّالسالفةّالذكرّإضافةّإلىّالموادّاألخرىّمنّذاتّالمرسوم‪ّ،‬وتجدرّ‬
‫اإلشارة ّإلى ّأن ّالمشرع ّالجزائري ّلم ّيشير ّال ّمن ّقريب ّوال ّمن ّبعيد ّإلى ّصفة ّأعضاءّ‬
‫الهيئةّحيثّاكتفىّبضرورةّتوافرّالتكوينّالمناسبّوالمستوىّالعاليّلمستخدميها‪ّ .125‬‬

‫ونالحظّأن ّرئيسّالجمهوريةّينفردّبسلطةّتعيينّأعضاءّالهيئةّ ّوكذاّإنهاءّمهامهم‪ّ،‬مماّ‬


‫يجعلّالهيئةّخاضعةّللسلطةّالتنفيذيةّمنّهذاّالجانب‪ّ،‬وهوّماّيخلّبالقاعدةّالتيّتقضيّ‬
‫بتنوعّالجهاتّالمكلفةّبتعيينّأعضاءّالهيئة‪ّ،‬هذاّوقدّحددّالمشرعّمدةّانتدابّاألعضاءّ‬
‫بخمسّسنواتّقابلةّللتجديدّمرةّواحدة‪ّ،‬وعليهّيمكنّالقولّأن ّعنصرّاالستقالليةّمتوفرّ‬
‫هنا‪ّ،‬حيثّلوّكانتّالمدةّغيرّمحددةّلكانّأعضاءّالهيئةّعرضةّللعزلّوالتوقيفّدونّ‬
‫تسبيب‪ّ ،‬وهو ّما ّيتنافى ّواالستقاللية ّالعضوية ّللهيئة‪ّ ،‬هذا ّوقد ّيكون ّالتجديد ّذو ّتأثيرّ‬
‫سلبيّعلىّسيرها‪ّ،‬خاصةّفيّحالةّتأسيسهّعلىّمعاييرّغيرّشفافةّوغيرّنزيهة‪ّ .126‬‬

‫ّكما ّأن ّتعدد ّ هياكل ّهيئة ّالوقاية ّمن ّالفساد ّقرينة ّعلى ّاستقالليتها ّالعضوية‪ّ ،127‬إذّ‬
‫تتكون ّحسب ّالمادة ّ‪ّ 01‬و‪ّ 00‬من ّالمرسوم ّالرئاسي ّرقم ّ‪ّ 202/00‬المعدلة ّبالمادة ّ‪ّ09‬‬
‫و‪ّ 02‬من ّالمرسوم ّالرئاسي ّرقم ّ‪ ّ 02/09‬من ّمجلس ّاليقظة ّوالتقييم‪ّ ،‬أمانة ّعامة‪ّ ،‬قسمّ‬
‫مكلفّبالوثائقّوالتحاليلّوالتحسيس‪ّ،‬قسمّمكلفّبمعالجةّالتصريحاتّبالممتلكات‪ّ،‬قسمّ‬
‫مكلفّبالتنسيقّوالتعاونّالدولي‪ّ .‬‬

‫‪ .9‬الناحية الوظيفية‬

‫‪ّ125‬أنظرّالمادةّ‪ّ،02‬القانونّرقمّ‪ّ .00/00‬‬
‫‪ 126‬شيخّناجية‪ّ،‬المركزّالقانونيّللهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحته‪ّ،‬الملتقىّالوطنيّحولّسلطاتّالضبطّالمستقلةّفيّ‬
‫المجالّاالقتصاديّوالمالي‪ّ،‬جامعةّبجايةّيوميّ‪ ّ92‬ـّ‪ّ92‬ماي‪ّ،9001‬صّ‪ّ .009‬‬
‫ائمّالصفقاتّالعموميةّوآلياتّمكافحتهاّفيّظلّالقانونّالمتعلقّبالفساد‪ّ،‬مذكرةّمكملةّلنيلّشهادةّماجستيرّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 127‬زوزوّزوليخة‪ّ،‬جر‬
‫قانونّجنائي‪ّ،‬كليةّالحقوقّوالعلومّالسياسية‪ّ،‬جامعةّقاصديّمرباح‪ّ،‬ورقلة‪ّ،9009/9000ّ،‬صّ‪ّ .092‬‬

‫‪90‬‬
‫أنيطت ّبالهيئة ّجملة ّمن ّالمهام ّجاء ّذكرها ّبصفة ّعامة ّفي ّمضمون ّالمادة ّ‪ّ 90‬منّ‬
‫القانونّرقمّ‪ّ00/00‬ومنّأهمهاّأنهاّمكلفة‪ّ :‬‬

‫ـ ـ ـ ّباقتراح ّسياسة ّشاملة ّللوقاية ّمن ّالفساد‪ّ ،‬تتضمن ّتجسيد ّالمبادئ ّالمكرسة ّللنزاهةّ‬
‫والشفافيةّوالمسؤولية‪ّ .‬‬

‫ـ ــّتقديمّالتوجيهاتّللهيئاتّالمعنيةّواعدادّبرامجّتحسيسيةّبمخاطرّالفساد‪ّ .‬‬
‫ـ ــّتلقيّالتصريحّبالممتلكات‪ّ،‬وجمعّومركزةّالمعلوماتّلكشفّجرائمّالفساد‪ّ .‬‬
‫ـ ـ ـ ّالتنسيق ّبين ّالقطاعات ّوالهيئات ّالمكلفة ّبمكافحة ّالفساد ّعلى ّالصعيدين ّالوطنيّ‬
‫والدولي‪ّ .‬‬
‫ّ ثمّجاءّتفصيلّالمهامّالموزعةّعلىّالمديرياتّالتيّتمّاستبدالهاّبأقسامّبموجبّالمرسومّ‬
‫الرئاسي ّرقم ّ‪ّ ، 02/09‬حيث ّيساعد ّرئيس ّكل ّقسم ّفي ّتأدية ّمهامه ّأربع ّرؤساءّ‬
‫دراسات‪ّ ،128‬فأصبح ّالبناء ّالهيكلي ّللهيئة ّيتكون ّمن ّمجلس ّاليقظة ّوالتقييم ّالمكونّمنّ‬
‫رئيسّوستةّأعضاء‪ّ،‬تمتازّمهامهّبالطابعّاالستشاريّإذّيبديّرأيهّفيّكلّمنّ ّ‬

‫ـ ــّبرنامجّعملّالهيئةّوكيفيةّتطبيقه‪ّ .‬‬
‫ـ ــّمساهمةّكلّقطاعّنشاطّفيّمكافحةّالفساد‪ّ .‬‬
‫ـ ــّتقاريرّوتوصياتّ الهيئة‪ّ،‬المسائلّالتيّيعرضهاّعليهّرئيسّالهيئة‪ّ .‬‬
‫ـ ــّميزانيةّالهيئةّوالتقريرّالسنويّحولّنشاطها‪ّ ّ.‬‬
‫ـ ــّفيّحالةّاكتشافّأيةّمخالفةّجزائيةّيقومّالمجلسّبتحويلّالملفّإلىّوزيرّالعدل‪ّ .‬‬
‫كماّتتشكلّأيضاّمنّأمانةّعامةّيتولىّمهامهاّأمينّعام‪ّ،‬يعينّبموجبّمرسومّرئاسيّ‬
‫ّويوضع ّتحت ّسلطة ّرئيس ّالهيئة‪ّ ،129‬ويساعده ّفي ّأداء ّمهامه ّنائب ّمدير ّمكلفّ‬

‫‪ 128‬أنظر المادةّ‪ّ02‬مكرر‪ّ0‬المضافةّبالمرسومّرقمّ‪ّ .02/09‬‬


‫‪ 129‬أنظرّالمادةّ‪ّ01‬منّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ .202/00‬‬

‫‪91‬‬
‫بالمستخدمين ّوالوسائل‪ّ ،‬نائب ّمدير ّمكلف ّبالميزانية ّوالمحاسبة ّويكلف ّاألمين ّالعامّّّّّّ‬
‫بمايلي‪ّ :‬‬

‫ـ ــّالسهرّعلىّتنفيذّبرنامجّالهيئةّوتنشيطّوتنسيقّوتقييمّعملّهياكلها‪ّ .‬‬

‫ـ ـ ـ ّتنسيق ّاألشغال ّالمتعلقة ّبإعداد ّمشروع ّالتقرير ّالسنوي ّلعمل ّالهيئة ّوذلك ّباالتصالّ‬
‫برؤساءّاألقسام‪ّ .‬‬
‫ـ ــّيعملّعلىّضمانّالتسييرّاإلداريّوالماليّللهيئة‪ّ .‬‬

‫فقدّتمّتوسيعّدائرةّمهامّاألمينّالعامّمقارنةّبماّكانّعليهّفيّالمرسومّرقمّ‪ّ،202/00‬‬
‫حيث ّأسندت ّله ّمهام ّكانت ّمن ّصميم ّعمل ّرئيس ّالهيئة ّوذلك ّبهدف ّتخفيف ّالعبءّ‬
‫علىّهذاّاألخير‪ّ .‬‬

‫ّ‬

‫أماّقسمّالوثائقّوالتحاليلّوالتحسيسّفإنهّيعملّعلى‪ّ :‬‬

‫ـ ـ ـ ّالقيام ّبالدراسات ّوالتحاليل ّوالتحقيقات ّفي ّكافة ّالمجاالت‪ّ ،‬من ّخالل ّكشف ّالطرقّ‬
‫والعواملّالمساعدةّعلىّالفسادّإليجادّالحلولّالمالئمة‪ّ .‬‬
‫ـ ــّويقترحّلجمعّالمعلوماتّنماذج ّ معينةّمنّالوثائقّالمعيارية‪ّ،‬وكذاّاإلجراءاتّالمتعلقةّ‬
‫بحفظّالبياناتّوهذاّباستخدامّالتكنولوجياتّالحديثة‪ّ .‬‬
‫ـ ــّبالتنسيقّمعّمختلفّالهياكلّالناشطةّفيّالهيئةّيقترحّبرامجّتحسيسية‪ّ .‬‬
‫ـ ــّتطويرّإدماجّأخالقياتّالمهنةّوالشفافيةّعلىّمستوىّكافةّالمؤسساتّالعمومية‪ّ .‬‬
‫ـ ــّتكوينّرصيدّمكتبيّووثائقيّفيّمجالّالوقايةّمنّالفسادّومكافحته‪ّ .‬‬
‫ـ ــّإعدادّتقاريرّدوريةّلنشاطاته‪ّ .130‬‬

‫‪ 130‬أنظرّالمادةّ‪ّ09‬منّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ02/09‬المعدلةّوالمتممةّألحكامّالمادةّ‪ّ09‬منّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪.202/00‬‬
‫‪92‬‬
‫نالحظ ّأن ّالمرسوم ّالرئاسي ّرقم ّ‪ّ 02/09‬قام ّبإدماج ّمديرية ّالوقاية ّوالتحسيس ّومديريةّ‬
‫التحاليل ّوالتحقيقات ّفي ّهذا ّالقسم‪ّ ،‬الذي ّيتسلسل ّعمله ّبين ّالقيام ّبالدراسة ّللظاهرةّ‬
‫وتحليلهاّلكشفّالعواملّالمؤديةّلهاّوأنواعها‪ّ،‬والتحقيقّفيهاّليتمّفيماّبعدّاقتراحّالحلولّ‬
‫الكفيلةّبالحدّمنهاّوالعملّعلىّبرمجةّنشاطاتّتوعويةّبمخاطرّالفساد‪ّ .‬‬

‫وبمقتضىّالمادةّ‪ّ 02‬منّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ 02/09‬المعدلةّللمادةّ‪ّ 02‬منّالمرسومّ‬


‫الرئاسي ّرقم ّ‪ّ ،202/00‬تم ّاستحداث ّقسم ّمعالجة ّالتصريح ّبالممتلكات‪ّ ،‬حيث ّيتلقىّ‬
‫التصريحاتّالخاصةّبرؤساءّوأعضاءّالمجالسّالشعبيةّالمحليةّالمنتخبةّّكماّتودعّلهّ‬
‫النسخةّالثانيةّمنّتصريحاتّبقيةّالموظفينّالمذكورينّبالمادةّ‪ّ 00/00‬و‪ّ 02‬منّالقانونّ‬
‫رقمّ‪ّ،00/00‬والمادةّ‪ّ 09‬منّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ 201/00‬المتضمنّكيفياتّالتصريحّ‬
‫بالممتلكاتّبالنسبةّللموظفينّغيرّالمنصوصّعليهمّبالمادةّ‪ّ00‬منّالقانونّرقمّ‪ّّ،00/00‬‬
‫ليقوم ّهذا ّالقسم ّبمعالجة ّالتصريحات ّالواردة ّإليه ّوتصنيفها ّوحفظها ّواذا ّما ّكشف ّأنّ‬
‫هناكّتغييراّفيّالذمةّالماليةّيحققّفي ّمصدرهّ‪ّ،‬ويستغلّكلّالعناصرّالتيّيمكنّأنّ‬
‫تؤديّإلىّالمتابعةّالقضائية‪ّ،‬وكباقيّأقسامّالهيئةّيعدّتقاريرّدوريةّلنشاطاته‪ّ .‬‬

‫ومنّاألقسامّالمستحدثةّبهذاّالمرسوم‪ّ،‬قسمّالتنسيقّوالتعاونّالدوليّالذيّتتلخصّمهامهّ‬
‫في‪ّ :‬‬

‫ـ ـ ـ ّاقتراح ّاإلجراءات ّالكفيلة ّبتوطيد ّالعالقات ّمع ّمختلف ّالمؤسسات ّالعمومية ّوالهيئاتّ‬
‫الوطنية‪ّ .‬‬

‫ـ ــّجمعّالمعلوماتّوتقييمّأنظمةّالرقابةّالداخليةّلكشفّمدىّهشاشتهاّوبؤرّالفسادّفيها‪ّ.‬‬
‫ـ ـ ـ ّتحليل ّاإلحصائيات ّالمتعلقة ّبالفساد‪ّ ،‬والتعاون ّمع ّالهيئات ّالوطنية ّوالدولية ّلتبادلّ‬
‫المعلوماتّوتوحيدّوتطويرّسبلّمكافحةّالفساد‪ّ .‬‬

‫‪93‬‬
‫ـ ــّإعدادّتقريرّدوريّعنّنشاطاته‪ّ .131‬‬
‫ّوان ّكان ّعمل ّالهيئة ّفي ّمجمله ّوقائي‪ّ ،‬فالتعدد ّفي ّهياكل ّالهيئة ّوتخصص ّكل ّقسمّ‬
‫بمهامّمحددةّحصرا‪ّ،‬يضمنّالتعاونّفيماّبينهاّفالمشرعّقدّأصابّعندماّقامّبإدخالّهذهّ‬
‫التعديالت ّالتي ّفعلت ّمن ّالجانب ّالوظيفي ّلها‪ّ ،‬إذ ّتعمل ّهياكل ّالهيئة ّبموجب ّالمهامّ‬
‫المن ّوطة ّبها ّبشكل ّمتناسق‪ّ ،‬بدءا ّبالتحليل ّوالتحقيق ّفي ّمكامن ّالفساد ّإلى ّتلقيّ‬
‫التصريحات ّومعالجتها ّليعمل ّالقسم ّاألخير ّبتطوير ّوتوحيد ّسبل ّمكافحة ّالفساد ّوطنياّ‬
‫ودوليا‪ّ،‬وهذاّماّيحققّالتكاملّالوظيفيّبينّماّهوّاستشاريّورقابيّوتحليلي‪ّ،‬غيرّأنّ‬
‫المشرعّقيدّالهيئةّفيّجوانبّأخرىّتحدّمنّفاعليتهاّوهذاّماّسنعالجهّالحقا‪ّ .‬‬

‫وبالنسبةّللتنظيمّالداخليّللهيئة ّ ـ ــّفيّشكلّمكاتبّوغيرها ّ ـ ــّفقدّأضحىّيحددّبموجبّ‬


‫قرار ّمشترك ّبين ّالسلطة ّالمكلفة ّبالوظيفة ّالعمومية ّوالوزير ّالمكلف ّبالمالية ّورئيسّ‬
‫الهيئة‪ّ،132‬ولقدّأصابّالمشرعّإلىّحد ّبعيدّعندماّأضافّرئيسّالهيئةّفيّاتخاذّالقرارّ‬
‫ألنهّأدرىّبماّيالئمها‪ّ،‬فحصرّاتخاذّالقرارّفيّالسلطةّالمكلفةّبالوظيفةّالعامةّوالوزيرّ‬
‫المكلف ّبالمالية ّيقوض ّمسألة ّاالستقاللية‪ّ ،‬في ّحين ّتعد ّالهيئة ّنظامها ّالداخلي ّلكيفيةّ‬
‫عمل ّأجهزتها ّويصادق ّعليه ّمجلس ّاليقظة ّوالتقييم ّلينشر ّفيما ّبعد ّفي ّالجريدةّ‬
‫الرسمية‪ّ .133‬‬

‫وباإلضافة ّإلى ّاالستقالليةّالتي ّتعد ّأهم ّالمبادئ ّاألساسية ّالتيّتمكنّالهيئة ّمن ّالقيامّ‬
‫بصالحياتهاّوذلكّفيّحالةّماّإذاّتمّتكريسهاّفعالّبدونّقيود‪ّ،‬فقدّمنحّالمشرعّللهيئةّ‬
‫الشخصيةّالمعنوية‪ّ،‬التيّوبالرغمّمنّكونهاّليستّعامالّفعاالّلقياس ّدرجةّاالستقالليةّ‬
‫للسلطة‪ّ،‬إالّأنّالنتائجّالمترتبةّعنهاّالّتقلّأهميةّوتتمثلّهذهّاألخيرةّفيماّيلي‪ّ :‬‬

‫‪ّ 131‬أنظرّالمادةّ‪ّ02‬مكررّالمضافةّبالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ .02/09‬‬


‫المعدلةّوالمتممةّألحكامّالمادةّ‪ّ09‬منّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ .202/00‬‬
‫ّ‬ ‫‪ 132‬أنظرّالمادةّ‪ّ01‬‬
‫‪ 133‬أنظرّالمادةّ‪ّ،01‬المرجعّنفسه‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫ّأ‪ -‬أهلية إلتّقاضيّّ ّ‬
‫ُي َعدّ ّرئيسّالهيئةّوفقاّللمادةّ‪ّ 02‬منّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ 202/00‬الممثلّالقانونيّلهاّ‬
‫أمامّالهيئاتّالقضائية‪ّ،‬سواءّبصفتهاّمدعيةّأوّمدعىّعليها‪ّ .‬‬

‫ب‪ -‬إلمسؤوليةّعن إألفعالّ ّ‬


‫ّ‬
‫ّتتحملّالهيئةّمسؤوليتهاّعنّاألضرارّالتيّتسببهاّجراءّأخطائهاّالجسيمة‪ّ،‬إذّيقعّعلىّ‬
‫عاتقهاّجبرّالضرر ّالذيّيستحقّمنّذمتهاّالماليةّوهذاّماّأكدتهّالمادةّ‪ّ 09‬منّالقانونّ‬
‫رقمّ‪ّ .00/00‬‬

‫ّ‬

‫ت‪ -‬إالستقالل إلمالي‬


‫ّقد ّيظهر ّاالستقالل ّالمالي ّللهيئة ّإذا ّما ّاكتفينا ّبقراءة ّالمادة ّ‪ّ 09‬من ّالقانون ّرقمّ‬
‫‪ّ،00/00‬إال ّأن ّالسلطةّالتنفيذيةّالّتتركّلهاّالمجالّلذلكّوهذاّماّيتضحّلناّمنّخاللّ‬
‫ميزانية ّالهيئة‪ّ ،‬التي ّتضم ّفي ّباب ّإيراداتها ّإعانات ّالدولة‪ّ ،‬فيجعل ّهذه ّاألخيرة ّتمارسّ‬
‫حتماّنوعاّمنّالرقابةّعلىّالهيئة‪ّ،‬مماّيقلصّمنّاستقالليتهاّالوظيفية‪ّ،134‬باإلضافةّإلىّ‬
‫ّ‬
‫مسكّحساباتهاّمنّطرفّعونّيعينّمنّجانبّوزيرّالمالية‪ّ،‬المسؤولّكذلكّعنّتعيينّ‬
‫المراقبّالماليّلها‪ّ،‬إذنّتظهرّتبعيةّالهيئةّمنّحيثّالجانبّالماليّللسلطةّالتنفيذية‪.‬‬

‫ومما ّيعرقل ّاستقاللية ّالهيئة ّأنها ّملزمة ّبموافاة ّرئيس ّالجمهورية ّبتقرير ّسنوي ّعنّ‬
‫نشاطها‪ّ،‬مماّيعنيّخضوعهاّلرقابةّالحقة‪ّ،‬عكسّمبدأّاالستقالليةّالذيّيجعلهاّبعيدةّعنّ‬
‫أية ّرقابة ّسلمية ّأو ّوصائية‪ّ ،‬كما ّأنه ّلم ّينص ّالمشرع ّعلى ّنشر ّتقريرها ّمما ّيتنافىّ‬
‫وقواعدّالشفافيةّوالنزاهة‪ّ،‬وبالتاليّكانّمنّاألجدرّأنّتقومّالهيئةّبنشرّتقاريرهاّالسنويةّ‬
‫فيّالجريدةّالرسمية‪ّ .‬‬

‫‪ 134‬شيخّنجية‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .002‬‬

‫‪95‬‬
‫في ّإطار ّمهامها ّيمكن ّألعضاء ّالهيئة ّاالطالع ّعلى ّمعلومات ّذات ّطابع ّسري ّوفيّ‬
‫خضمّصالحياتهاّإذاّماّتوصلتّإلىّوصفّجزائيّللوقائع‪ّ،‬فإنهاّالّتحيلّالملفّمباشرةّ‬
‫إلىّالقضاءّلتحريكّالدعوةّالعمومية‪ّ،‬بلّتحيلهّلوزيرّالعدلّحافظّاألختامّالذيّيخطرّ‬
‫النائبّالعامّبذلك‪ّ،‬ويحقّللهيئةّبمقتضىّالمادةّ‪ّ1/90‬منّالقانونّرقمّ‪ّ00/00‬االستعانةّ‬
‫بالنيابةّالعامةّفيّجمعّاألدلة‪ّ،‬واجراءّالتحرياتّالالزمةّفيّالوقائعّالمتعلقةّبالفساد‪ّ .‬‬

‫ّ‬

‫ّإن ّالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ،02/09‬جاءّبتعديالت ّمهمةّلهيكلةّالهيئةّوصالحيتها‪ّ،‬لكنّ‬


‫رغمّذلكّتبقىّهناكّالعديدّمنّالثغراتّالقانونيةّالتيّجردتّالهيئةّمنّأهمّالميكانيزماتّ‬
‫التيّتجعلهاّذاتّدورّفعال‪ّ،‬وأهمهاّاالستقالليةّمماّأدىّإلىّقيامّهيئةّمبتورةّغيرّقادرةّ‬
‫علىّممارسةّمهامهاّعلىّأكملّوجه‪ّ .‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دور المجتمع المدني واالعالم في الوقاية من الرشوة ّ‬

‫يستقطبّاالعالمّنسبةّكبيرةّمنّالجمهور‪ّ،‬خاصةّفيّالمواضيعّالتيّتشغلّالرأيّالعامّ‬
‫مثلّقضاياّالفساد‪ّ،‬حيثّلعبتّالصحافةّالمكتوبةّدوراّهاماّفيّكشفّالكثيرّمنهاّمثلّ‬
‫المرتشين‪ّ،‬كماّأن ّالمجتمعّالمدنيّ‬
‫قضيةّالخليفةّوغيرها‪ّ ،‬فهيّوسيلةّلمحاربةّالفاسدينّو ّ‬
‫الّيحيدّعنّهذهّالمهمةّالتيّتعدّمنّمبادئهّاألساسية‪ّ .‬‬

‫أوال‪ :‬المجتمع المدنيّ‬

‫عندما ّنتكلم ّعن ّجرائم ّالفساد ّوسبل ّالوقاية ّمنها ّالبد ّلنا ّأال ّنتغاضى ّعن ّالدور ّالهامّ‬
‫الذيّيلعبهّالمجتمعّالمدني‪ّ،‬وألهميتهّنص ّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬علىّأنّيكون ّلهّدورّ‬
‫فعالّفيّمكافحةّهذهّالجرائمّوالوقايةّمنها‪ّ،‬ألنّهذهّالمهمةّالّتتوقفّعلىّجهودّمؤسسةّ‬
‫معينةّواال ّاكتفيناّبالهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحته‪ّ،‬وانماّتتطلبّتظافرّجهودّ‬
‫جميعّالمؤسساتّداخلّالوطنّلتطويقّهذهّالظاهرة‪ّ .‬‬

‫‪96‬‬
‫وقبل ّالحديث ّعن ّمكانة ّالمجتمع ّالمدني ّفي ّحلقة ّالجهود ّالمبذولة ّللوقاية ّمن ّجريمةّ‬
‫الرشوة‪ّ،‬البدّوأنّنعرفّأوالّ ماهو إلمجتمع إلمدني؟ّ ّ‬

‫فهوّمجموعةّمنّالتنظيماتّالتيّالّتنتميّلمؤسساتّالدولة‪ّ،‬ترتكزّعلىّمبادئّالحريةّ‬
‫والمسؤولية ّوالشعبية‪ّ ،‬سعيا ّلتحقيق ّالمصلحة ّالعامة‪ّ ،135‬أو ّهو ّمجموعةّمن ّالمواطنينّ‬
‫تنتظمّتحتّأشكالّمتعددةّومتنوعةّمنّالتنظيماتّالّتهدفّللربح‪ّ،‬بلّتعملّعلىّحلّ‬
‫المشاكلّالتيّتطرأّعلىّالمجاالتّاالقتصاديةّاالجتماعية‪ّ،‬الثقافية‪ّ،‬البيئيةّواإلنسانية‪ّ،136‬‬
‫فأفرادّالمجتمعّالمدنيّيعملونّمنّأجلّتحقيقّاألهدافّالعامةّللمحافظةّعلىّحياةّالئقةّ‬
‫بعيدةّعنّالفساد‪ّ،137‬فنجدهاّفيّشكلّجمعياتّخيرية‪ّ،‬جمعياتّاألحياءّنقابات‪ّ،‬اتحادّ‬
‫العمالّوغيرها‪ّ .‬‬

‫يمكن ّللمجتمع ّالمدني ّمن ّخالل ّفروعه ّأن ّيقوم ّبدور ّتوعوي ّكبير ّعلى ّمستوىّ‬
‫المؤسساتّاإلداريةّوكذاّالتربوية‪ّ،‬وقدّأكدّالمشرعّالجزائريّعلىّهذاّالدورّفيّالمادةّ‪ّ01‬‬
‫منّالقانونّرقم ّ‪ّ 00/00‬التيّنصتّعلىّأنه"ّيجبّتشجيعّمشاركةّالمجتمعّالمدنيّفيّ‬
‫الوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّبتدابيرّمثل‪ّ :‬‬

‫ـ ــّاعتمادّالشفافيةّفيّكيفيةّاتخاذّالقرار‪ّ،‬وتعزيزّمشاركةّالمواطنينّفيّتسييرّالشؤونّ‬
‫العمومية‪ّ .‬‬

‫ـ ــّإعدادّبرامجّتعليميةّوتربويةّوتحسيسيةّبمخاطرّالفساد‪ّ ّ".‬‬

‫إذا ّفالمجتمع ّالمدني ّله ّالقدرة ّعلى ّنشر ّالتوعية ّبمخاطر ّجريمة ّالرشوة ّعلى ّكافةّ‬
‫المجاالت‪ّ،‬وتوجيهّالرأيّالعامّنحوّضرورةّمكافحتها‪ّ،‬كماّيطالبّالدولةّبالقضاءّعلىّ‬
‫بؤرّالفسادّومحاكمةّكبارّالمفسدينّفيها‪ّ .‬‬
‫‪135‬‬
‫‪Mr bélaid ABRIKA، société civile، corruption et la lutte contre la corruption، conférence‬‬
‫‪national concernant la lutte contre la corruption et la blanchement، opcit،p88.‬‬
‫‪136‬‬
‫‪Mr bélaid ABRIKA، opcit،p88.‬‬
‫‪ 137‬حسينّفريجة‪ ّ،‬المجتمعّالدوليّومكافحةّالفساد‪ّ،‬مجلةّاالجتهادّالقضائي‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬ص‪.21‬‬

‫‪97‬‬
‫ّ‬

‫ثانيا‪ :‬دور اإلعالم ّ‬

‫تعتبر ّوسائل ّاإلعالم ّـ ـ ـ ّبمختلف ّأنواعها ّخاصة ّالصحافة ّالمكتوبة ّمنها ّـ ـ ـ ّنظريا ّهيّ‬
‫السلطة ّالرابعة ّكما ّيقال‪ّ ،‬إذ ّأنها ّذات ّوظيفة ّرقابية ّعلى ّأعمال ّالسلطات ّالثالث ّفيّ‬
‫الدولة ّ( ّالتشريعية ّـ ـ ّالقضائية ّـ ـ ّالتنفيذية)‪ّ ،‬ولكي ّتقوم ّبدورها ّعلى ّأكمل ّوجه ّالبد ّأنّ‬
‫تحتاجّإلىّقدرّكبيرّمنّالحرية‪ّ،‬وهذاّفيّإطارّالمهنيةّوااللتزامّاألدبيّواألخالقي‪ّ،‬منّ‬
‫خاللّتقصيّالوقائعّوعدمّالتشهيرّأوّالمساسّبالحرياتّالشخصية‪ّ،‬وهذاّماّتتمتعّبهّ‬
‫الصحافةّفيّالدولّالديمقراطية‪ّ،‬فالصحافةّالمكتوبةّمثالّفيّالجزائرّلعبتّدوراّهاماّفيّ‬
‫إماطةّاللثامّعنّالكثيرّمنّجرائمّالفسادّأبرزهاّقضيةّالخليفةّالمشهورة‪ّ،‬ومنّمنطلقّأنهاّ‬
‫تصنع ّالرأي ّالعام ّوتوجهه ّفتفعيل ّدور ّاإلعالم ّيساهم ّفي ّتعزيز ّثالثية ّإلمساءلة‪،‬‬
‫إلرقابة‪ ،‬إلمحاسبة‪ّ 138‬وذلك ّإيمانا ّ ّبقدرة ّاإلعالم ّعلى ّالضغط ّعلى ّالجهات ّالمسؤولةّ‬
‫لمكافحة ّهذه ّالظاهرة‪ّ ،‬ومعاقبة ّكبار ّالمفسدين ّوالمرتشين‪ّ ،‬وتوعية ّالجمهور ّبمخاطرّ‬
‫جريمةّالرشوةّوضرورةّالوقايةّمنهاّوالتبليغّعنهاّفيّأوانها‪ّ .‬‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫‪ 138‬موساويّعبدّالحليم‪ ّ،‬التغطيةّاإلعالميةّلقضاياّالفسادّبينّالضرورةّالمهنيةّوالمتابعةّالقضائية‪ّ،‬الملتقىّالوطنيّحولّمكافحةّ‬
‫الفسادّوتبييضّاألموال‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .029‬‬

‫‪98‬‬
‫ّ‬

‫المبحث الثاني‪ :‬قمع جريمة الرشوة وفقا للقانون رقم ‪60/60‬‬

‫انتهجّالمشرعّالجزائريّبموجبّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬سياسةّجنائيةّمغايرةّلماّكانتّعليهّ‬
‫سابقا‪ّ،‬حيثّجعلّالوقايةّمنّالجريمةّأساساّدونّأنّيتخلىّعنّالعقاب‪ّ،‬كماّسايرّتطورّ‬
‫الجريمة ّواستحدث ّأساليب ّلكشفها ّواثباتها‪ّ ،‬وهذا ّما ّسنستعرضه ّمن ّخالل ّمطلبينّ‬
‫نخصصّاألولّللمتابعةّالجزائيةّوالثانيّللعقوباتّالمرصودةّلمرتكبيّجريمةّالرشوة‪ّ .‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المتابعة الجزائية ّ‬

‫إن ّجريمة ّالرشوة ّكغيرها ّمن ّالجرائم‪ّ ،‬فأساليب ّكشفها ّواثباتها ّال ّتخرج ّعن ّاإلجراءاتّ‬
‫العادية‪ّ،‬إذّالّيشترطّلتحريكّالدعوةّالعموميةّبهاّإيداعّشكوى‪ّ،‬كماّأنّكشفهاّظلّمقترناّ‬
‫بحالتينّهماّحالةّالتلبسّواالعترافّوهيّاألساليبّالتقليديةّإنّصح ّالقولّلكنّبمراجعةّ‬
‫ٍ‬
‫ةّاستحدثّبموجبهاّأساليبّتحرّ‬
‫القانونّرقمّ‪ّ،00/00‬نجدهّقدّأرسىّأحكاماّجديدةّومميز‬
‫خاصة‪ّ .‬‬

‫ولعلّالعلةّفيّلجوءّالمشرعّلمثلّهذهّاألحكامّيرجعّإلىّأمرينّهما‪ّ :‬‬

‫ـ ـ ـ ّأنه ّغالبا ّما ّيتم ّارتكاب ّجرائم ّالفساد ّخفية ّوفي ّسرية ّتامة ّيصعب ّمعها ّكشفّ‬
‫الجريمة‪.‬‬

‫يمةّالرشوةّإلىّخارجّالوطن‪ّ،‬لذاّأحكمّ‬
‫ّ‬ ‫ـ ــّإمكانّالهروبّبالمالّالمتحصلّعليهّمنّجر‬
‫الحصارّعلىّهذهّالجرائمّفيّالجزائرّوخارجها‪ّ،139‬ومنهّسنتطرقّإلىّاألساليبّالتقليديةّ‬
‫لكشفّواثباتّجريمةّالرشوةّفيّالفرعّاألول‪ّ،‬والثانيّنفصلّفيهّأساليبّالتحريّالجديدة‪ّ .‬‬

‫‪ّ139‬فرقاقّمعمر‪ّ،‬الرشوةّفيّقانونّمكافحةّالفساد‪ّ،‬األكاديميةّللدراساتّاالجتماعيةّواإلنسانية‪ّ،‬مجلةّدوريةّدوليةّمحكمة‪ّ،‬حسيبةّ‬
‫بنّبوعلي‪ّ،‬شلف‪ّ،‬العددّ‪ّ،9000/0‬ص‪ّ 20‬‬

‫‪99‬‬
‫الفرع األول‪ :‬أساليب التحري التقليدية لكشف وإثبات جريمة الرشوة ّ‬

‫نظ ار ّللطابع ّاالتفاقي ّلجريمة ّالرشوة‪ّ ،‬فغالبا ّما ّيتخذ ّالراشي ّوالمرتشي ّكل ّاالحتياطاتّ‬
‫الالزمةّالرتكابهاّفيّسريةّتامة‪ّ،‬حيثّيتعذرّعلىّالقضاةّورجالّالقانونّإيجادّدليلّيدينّ‬
‫الجاني‪ّ ،‬لذلك ّنجد ّحالتين ّفقط ّكان ّيثبت ّبموجبهما ّهذا ّالجرم ّهما ّحالة ّالتلبسّ‬
‫واالعتراف‪ّ،‬مماّيفسرّلناّقلةّاألحكامّالقضائيةّفيّجريمةّالرشوة‪ّ،140‬لكنّانتشارّارتكابهاّ‬
‫فيّالواقعّهوّأمرّمسلمّبهّنعايشهّيوميا‪ّ .‬‬

‫أوال‪ :‬االعتراف ّ‬

‫هو ّالقول ّالصادر ّعن ّالمتهم ّالذي ّيقر ّفيه ّبصحة ّارتكابه ّللوقائع ّالمكونة ّللجريمةّ‬
‫بعضها ّأو ّكلها‪ّ ،141‬فاالعتراف ّسيد ّاألدلة ّكما ّيقال ّيأتي ّبعد ّارتكاب ّجريمة ّالرشوة‪ّ،‬‬
‫عكس ّاإلبالغ ّالذي ّيكون ّقبل ّارتكاب ّأو ّتمام ّالجريمة‪ّ ،‬ويتميز ّاالعتراف ّبالصدقّ‬
‫والتفصيلّحيثّيغطيّجميعّالوقائعّدونّنقصّأوّتحريفّوالبد ّأنّتتوفرّفيهّجملةّمنّ‬
‫الشروطّهي‪:‬‬

‫ـ ــّأنّيكونّاالعترافّمنّالمتهمّنفسه‪.‬‬

‫ـ ــّأنّيقعّعلىّنفسّالواقعة‪.‬‬

‫ـ ــّأنّيكونّصريحاّوخالّمنّأيّنوعّمنّاإلكراه‪ّ .‬‬

‫ّفرغمّأهميةّاالعترافّإال ّأنهّالّيقومّكدليلّقاطعّبلّيخضعّللسلطةّالتقديريةّللقاضي‪ّ،‬‬
‫وهذاّماّأكدتهّالمادةّ‪ ّ 9/02‬منّقانونّاإلجراءاتّالجزائيةّ"ّاالعترافّشأنهّكشأنّجميعّ‬
‫عناصرّاإلثباتّيتركّلحريةّتقديرّالقاضي"‪ّ .‬‬

‫المجالسّالقضائيةّوالقضاة‪ّ،‬تأكدّلناّأنّجريمةّالرشوةّمنتشرةّفيّكافةّ‬
‫ّ‬ ‫‪ 140‬منّخاللّالمقابالتّالتيّأجريناهاّمعّبعضّموظفيّ‬
‫المجاالتّلكنّفيّظلّتعاونّالراشيّوالمرتشيّوعدمّسعيّأحدهماّللتبليغّيبقىّمنّالمستعسرّإقامةّالدليلّعلىّارتكابّالجريمة‪ّ .‬‬
‫‪ 141‬العربيّشحطّعبدّالقادرّونبيلّصقر‪ّ،‬اإلثباتّفيّالموادّالجزائيةّفيّضوءّالفقهّواالجتهادّالقضائي‪ّ،‬دارّالهدىّللطباعةّ‬
‫والنشرّوالتوزيعّ‪ّ،‬الجزائر‪ّ،9000،‬ص‪ّ .99‬‬
‫ّ‬

‫‪100‬‬
‫فيّالمقابلّجعلّالمشرعّالجنائيّمنّاالعترافّسبيالّللتخفيضّمنّالعقوبةّفيّحالةّماّ‬
‫إذاّساعدّبعدّمباشرةّإجراءاتّالمتابعةّفيّالقبضّعلىّواحدّأوّأكثرّمنّالضالعينّفيّ‬
‫ارتكابّجريمةّالرشوة‪ّ .142‬‬

‫ثانيا‪ :‬التلبس‬

‫يقصد ّبه ّالمعاصرة ّأو ّالمقاربة ّبين ّلحظتي ّارتكاب ّالجريمة ّواكتشافها‪ّ ،143‬ويعد ّأهمّ‬

‫وأقوى ّدليل ّيقعّبينّيدي ّالجهة ّالقضائية ّإلثبات ّجريمة ّالرشوة‪ّ ،‬وفي ّهذا ّاإلطار ّتلجأّ‬

‫الضبطيةّالقضائيةّتحتّرقابةّوكيلّالجمهوريةّأوّقاضيّالتحقيقّحسبّالحالة‪ّ،‬بإتباعّ‬

‫أساليب ّالتحري ّالمختلفة ّمثل ّاعتراض ّالمراسالت ّوالتقاط ّالصور ّوتسجيل ّاألصواتّ‬

‫والفيديوّبعدّأنّتصلهاّمعلوماتّجدية ّعنّجريمةّالرشوة‪ّ،‬أوّاإلبالغّمنّأحدّأطرافهاّ‬

‫ويجب ّأال ّيتجاوز ّرجال ّالضبطية ّالقضائية ّحدود ّالمهام ّالمنوطة ّإليهم‪ّ ،‬في ّكشفّ‬

‫الجريمةّوضبطّجناتهاّمتلبسينّبها‪ّ،‬فإذاّثبتّأنهّقامّبالتحريضّعلىّارتكابّالجريمةّ‬

‫فإن ّمسؤوليتهّالجنائيةّتقومّويعتبرّمحرض‪ّ،‬وبالتاليّفهوّفاعلّأصليّوفقاّللمادةّ‪ّ20‬‬

‫منّقانونّالعقوباتّالتيّنصتّعلىّأنهّ"ّيعتبرّفاعالّكلّمنّساهمّمساهمةّمباشرةّفيّ‬

‫تنفيذّالجريمةّأوّحرضّعلىّارتكابّالفعلّبالهبةّأوّالوعدّأوّتهديدّأوّإساءةّاستعمالّ‬

‫السلطةّأوّالواليةّأوّالتحايلّأوّالتدليسّاإلجرامي"‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أساليب التحري المستحدثة بموجب القانون رقم ‪60/60‬‬

‫‪ 142‬أنظرّالمادةّ‪ّ،09/ّ22‬القانونّرقمّ‪ّ .00/00‬‬
‫‪ 143‬عبدّاهللّأوهايبية‪ّ،‬شرحّقانونّاإلجراءاتّالجزائيةّالجزائري‪ّ،‬التحريّوالتحقيق‪ّ،‬دارّهومةّللطباعةّوالنشرّوالتوزيع‪ّ،‬الجزائر‪ّ،‬‬
‫‪ّ،9002‬ص‪.920‬‬

‫‪101‬‬
‫نصت ّالمادة ّ‪ّ 10‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬على ّما ّيلي ّ" ّمن ّأجل ّتسهيل ّجمع ّاألدلةّ‬
‫المتعلقةّبالجرائمّالمنصوصّعليهاّفيّهذاّالقانون‪ّ،‬يمكنّاللجوءّإلىّالتسليمّالمراقبّأوّ‬
‫إتباعّأساليبّتحرّخاصةّكالترصدّاإللكترونيّواالختراق‪ّ،‬علىّالنحوّالمناسبّوبإذنّمنّ‬
‫السلطةّالقضائيةّالمختصة‪ّ .‬‬

‫ّتكون ّلألدلة ّالمتوصل ّإليها ّبهذه ّاألساليب ّحجيتها‪ّ ،‬وفقا ّللتشريع ّوالتنظيم ّالمعمولّ‬
‫بهما‪ّ ّ".‬‬

‫فاستحداث ّهذه ّاألساليب ّجاء ّتماشيا ّمع ّتطور ّالجريمة‪ّ ،‬ومنها ّجرائم ّالفساد ّوالرشوة‪ّ،‬‬
‫باإلضافةّإلىّاألساليبّالمذكورةّفيّالمادةّأعالهّتضمنّقانونّاإلجراءاتّالجزائيةّآليةّ‬
‫اعتراضّالمكالماتّوالمراسالتّوالتقاطّالصور‪ّ،‬وبالتاليّسنفصلّفيّكلّأسلوبّومدىّ‬
‫إمكانيةّتطبيقهّعلىّجريمةّالرشوة‪ّ .‬‬

‫أوال‪ :‬التسليم المراقب ّ‬

‫يعرفّوفقاّللمادةّ‪/9‬كّمنّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬بأنهّ"ّاإلجراءّالذيّيسمحّلشحناتّغيرّ‬
‫مشروعة ّأو ّمشبوهة ّبالخروج ّمن ّاإلقليم ّال ّوطني‪ّ ،‬أو ّالمرور ّعبره ّأو ّدخوله ّبعلم ّمنّ‬
‫السلطات ّالمختصة ّوتحت ّمراقبتها‪ّ ،‬بغية ّالتحري ّعن ّجرم ّما ّوكشف ّهوية ّاألشخاصّ‬
‫الضالعينّفيّارتكابهّ"ّعلماّأن ّهذاّاإلجراءّمستوحىّمنّالتشريعّالجمركيّفهوّيتعلقّ‬
‫اءّدخولهّأوّالخروجّمنه‪ّ،‬بمراقبتهاّ‬
‫ّ‬ ‫بمرورّشحناتّغيرّمشروعةّعبرّاإلقليمّالجزائري‪ّ،‬سو‬
‫للوصولّإلىّبقيةّأعضاءّالجريمةّوعلىّكلّفمثلّهذاّاإلجراءّالّيمكنّتصورّتطبيقهّ‬
‫علىّجريمةّالرشوة‪ّ .‬‬

‫ثانيا‪ :‬الترصد اإللكتروني‬

‫‪102‬‬
‫لم ّيعرف ّالمشرع ّالجزائري ّالترصد ّاإللكتروني‪ّ 144‬وكيفية ّممارسته‪ّ ،‬فهو ّأسلوب ّحديثّ‬
‫معمولّبهّفيّبعضّالدولّكفرنساّمثال‪ّ،‬ومفادهّترصدّحركاتّالمعنيّباألمرّواألماكنّ‬
‫التيّيترددّعليهاّمنّخاللّإستعمالّسوارّإلكتروني‪ّ،145‬ويبقىّلحدّاليومّغيرّمعمولّبهّ‬
‫فيّالجزائرّكونهّيتطلبّضرورةّتدريبّأكفأّللقيامّبهذهّالمهمة‪ّ .‬‬

‫ثالثا‪ :‬االختراق أو التسرب ّ‬

‫حريّفيّالمادةّ‪ّ10‬منّالقانونّ‬
‫صّعليهّكإجراءّللت ّ‬
‫سربّفيّموضعينّحيثّن َّ‬
‫ُ‬ ‫جاءّذكرّالت‬
‫رقمّ‪ّ،00/00‬فيّحينّنظمّاإلجراءّضمنّالفصلّالخامسّالمعنونّبالتّسرب ّمنّقانونّ‬
‫اإلجراءاتّالجزائيةّالمعدلّبالقانونّرقمّ‪ّ99/00‬المؤرخّفيّ‪ّّ9000/09/90‬وذلكّضمنّ‬
‫ثمانيّمواد‪ّ،‬حيثّعرفّبموجبّالمادةّ‪ّ 01‬مكرر‪ّ 09‬منهّكمايلي ّ"ّيقصدّبالتسربّقيامّ‬
‫ضابطّأوّعونّالشرطةّالقضائيةّتحتّمسؤوليةّضابطّالشرطةّالقضائيةّالمكلفّبتنسيقّ‬
‫العملية‪ّ،‬بمراقبةّاألشخاصّالمشتبهّفيّارتكابهمّجنايةّأوّجنحةّبإيهامهمّأنهّفاعلّمعهمّ‬
‫ٍ‬
‫يكّلهمّأوّخاف‪ّ .‬‬
‫أوّشر‬

‫ّيسمح ّلضابط ّالشرطة ّأو ّعون ّالشرطة ّالقضائية ّأن ّيستعمل ّلهذا ّالغرض ّهويةّ‬
‫مستعارة‪ّ،‬وأنّيرتكبّعندّالضرورةّاألفعالّالمذكورةّفيّالمادةّ‪ّ01‬مكرر‪ّ02‬أدناه‪ّ .‬‬

‫والّيجوزّتحتّطائلةّالبطالنّأنّتشكلّهذهّاألفعالّتحريضاّعلىّارتكابّجرائم‪ّ ".‬‬

‫إذنّفمفادّهذهّالتقنيةّهوّحصولّضابطّالشرطةّالقضائيةّأوّالعونّتحتّإشرافهّعلىّ‬
‫ترخيصّمنّالسّ لطةّالقضائية‪ّ،‬لمدةّمعينةّبهدفّمراقبةّالعصاباتّاإلجراميةّبتقمصّدورّ‬
‫أحدّالفاعلينّاألصليينّأوّالمشاركين‪ّ،‬للتوغلّفيّالمجموعةّوكشفهاّبدقة‪ّ .‬‬

‫‪ 144‬أنطرّالمادةّ‪ّ،10‬القانونّرقمّ‪.00/00‬‬
‫‪ 145‬أ حسنّبوسقيعة‪ّ،‬الوجيزّفيّالقانونّالجزائيّالخاصّـ ــّجرائمّالفسادـ ــّجرائمّالمالّواألعمالّ ــّجرائمّالتزوير‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬‬
‫صّ‪.22‬‬

‫‪103‬‬
‫وقبلّالبدءّفيّعمليةّاالختراقّأوّالتسربّيجبّعلىّضابطّالشرطةّالقضائيةّالمكلفّ‬
‫بتنسيق ّالعملية‪ّ ،‬أن ّيحرر ّمحض ار ّيتضمن ّجميع ّالعناصر ّالضرورية ّلمعاينة ّالجريمةّ‬
‫محل ّعملية ّالتسرب‪ّ ،‬بحيث ّتجرى ّالعملية ّفي ّظروف ّتضمن ّعدم ّتعرضّالضابط ّأوّ‬
‫العونّالمتسربّوكلّشخصّمسخرّلهذهّالعمليةّللخطر‪ّ،‬وفقّماّنصتّعليهّالمادةّ‪ّ01‬‬
‫مكررّ‪ّ 02‬منّالقانونّرقمّ‪ّ،99/00‬وعلىّالعمومّالّيمكنّضمانّالتأمينّالفعالّولكنّ‬
‫علىّاألقلّبنسبةّالّتدعوّللقلق‪ّ،‬وقبلّقيامّضابطّالشرطةّأوّالعونّبالتسربّالبدّلهّمنّ‬
‫الحصول ّعلى ّإذن ّكتابي ّمن ّوكيل ّالجمهورية ّأو ّقاضي ّالتحقيق ّبعد ّإخطار ّوكيلّ‬
‫الجمهورية‪ّ،‬متضمناّالشروطّالتاليةّواالّعدّباطال‪ّ .‬‬

‫ـ ــّأنّيكونّاإلذنّمسببا‪ّ .‬‬

‫ـ ــّأنّيذكرّفيهّطبيعةّالجريمةّلكونهّمقيدّبجرائمّمحددةّحصراّبالمادةّ‪ّ01‬مكرر‪ّ1461‬منّ‬
‫القانونّرقمّ‪ّ،99/00‬ومنهاّجرائمّالفسادّبماّفيهاّجريمةّالرشوة‪ّ .‬‬

‫ـ ـ ـ ّأن ّيتضمن ّهوية ّضابط ّالشرطة ّالقضائية ّالذي ّتتم ّعملية ّالتسرب ّتحت ّمسؤوليتهّ‬
‫والمدةّالتيّتستغرقهاّالعملية‪ّ،‬حيثّالّتتجاوزّأربعةّأشهرّقابلةّللتجديدّحسبّماّتقتضيهّ‬
‫مجرياتّالتحريّوالتحقيق‪ّ .‬‬

‫إن ّخطورةّإجراءّاالختراقّعلىّالمتسربّدفعّبالمشرعّإلىّضبطهّمنّناحيةّاالشخاصّ‬
‫المكلفينّبه‪ّ،‬فيّضابطّالشرطةّالقضائيةّأوّعونّالشرطةّالقضائيةّتحتّإشرافّضابطّ‬
‫الشرطة ّالقضائية ّالمكلف ّبتنسيق ّالعملية ّبحسب ّالمادة ّ‪ّ 01‬مكرر‪ّ 09‬من ّالقانون ّرقمّ‬
‫‪ّ،99/00‬مستعمالّهويةّمستعارةّلكيّالّيكشفّأمره‪ّ،‬والّيمكنّاللجوءّإلىّهذاّاإلجراءّ‬
‫فيّكلّالجرائمّبلّقُي َِّد ّبجملةّمنّالجرائمّالمذكورةّبالمادةّ‪ّ 01‬مكرر‪ّ 1‬منّنفسّالقانون‪ّ،‬‬
‫ياتّهذهّالعمليةّأنّيتفاعلّالمتسربّمعّالمجموعةّاإلجراميةّ‬
‫ّ‬ ‫وبطبيعةّالحالّمنّضرور‬

‫‪ 146‬الجرائمّالمحددّبالمادةّ‪ّ01‬مكرر‪ّ1‬منّقّإجّهيّجرائمّالمخدرات‪ّ،‬الجريمةّالمنظمةّالعابرةّللحدودّالوطنية‪ّ،‬الجرائمّالماسةّ‬
‫بأنظمةّالمعالجةّاآلليةّللمعطيات‪ّ،‬جرائمّتبيضّاألموال‪ّ،‬جرائمّاإلرهاب‪ّ،‬الجرائمّالمتعلقةّبالتشريعّالخاصّبالصرف‪ّ،‬جرائمّالفساد‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫وذلكّبارتكابّأفعالّجرميةّأيّيشاركّمعهمّمشاركةّإيجابية‪ّ،‬باقتناءّأوّحيازةّأوّتسليمّ‬
‫أوّإعطاءّمواد‪ّ،‬أموالّّمنتوجات‪ّ،‬وثائقّمتحصلّعليهاّمنّارتكابّالجرائمّأوّمستعملةّ‬
‫فيّارتكابهاّأوّيضعّتحتّتصرفهمّالوسائلّالقانونيةّأوّالماليةّوسائلّالنقلّوالتخزين‪ّ،‬‬
‫اإليواءّأوّالحفظّأوّاالتصالّبغيةّعدمّإثارة ّشكوكهم‪ّ،‬وقدّأعفاهّالمشرعّالجزائريّمنّ‬
‫المسؤوليةّالجنائيةّكماّحددّمدةّالتسربّالقصوىّبأربعةّأشهرّقابلةّللتجديدّفيّحالةّماّ‬
‫ّبالمتسرب ّال ّتسمح ّله ّبإنهاء ّالعملية‪ّ ،‬إذ ّيواصل ّنشاطهّ‬
‫ِّ‬ ‫إذا ّكانت ّالظروف ّالمحيطة‬
‫لمجموعةّالمتسربّفيهاّوالّيسألّجزائياّعنّأفعالهّالتيّارتكبهاّإلىّحينّ‬
‫َّ‬ ‫اإلجراميّمعّا‬
‫تأمينّالظروفّالتيّتمكنهّمنّإيقافّنشاطهّدونّخطر‪ّ147‬قدّيستهدفه‪ّ .‬‬

‫يرّالمتسربّمحضراّيذكرّفيهّتفاصيلّالعمليةّالتيّقامّبهاّوجملةّ‬
‫ِّ‬ ‫وتنتهيّالعملية بتحر‬
‫اإلجراءات ّالمتخذة ّحينها‪ّ ،‬ويوقع ّمن ّطرف ّضابط ّالشرطة ّالقضائية ّالمكلف ّبالعمليةّ‬
‫ويودع ّمع ّملف ّاإلجراءات ّاإلذن ّالذي ّحصل ّعليه ّمن ّوكيل ّالجمهورية ّأو ّقاضيّ‬
‫التحقيقّويجوزّسماعّضابطّالشرطةّالقضائيةّالمكلفّبالعمليةّأوّاإلشرافّعليهاّدونّ‬
‫سواه ّبوصفه ّشاهدا ّعنها‪ّ ،148‬وبالتالي ّال ّيجوز ّقانونا ّسماع ّعون ّالشرطة ّالقضائيةّ‬
‫متسرب‪ّ .‬‬
‫ال ِّ‬

‫فيّاألخيرّيمكنّالقولّأنهّرغمّخطورةّالتسربّكإجراءّمنّإجراءاتّالتحريّوالتحقيقّإالّ‬
‫أنه ّيعتبر ّبال ّشك ّفعال ّفي ّكشف ّالجرائم ّإذا ّما ّتم ّتنفيذه ّبدقة ّمتناهية ّمما ّيتطلبّ‬
‫ّالمتسرب‪ّ ،‬وان ّكان ّالمعمول ّبه ّأن ّيستعمل ّهذا ّاالجراء ّفيّ‬
‫شجاعة ّوقوة ّصبر ّمن ُ‬
‫الجرائمّاإلرهابيةّوجرائمّالمخدراتّمثالّأيّذاتّالطابعّالجماعي‪ّ،‬إالّأنهّالّيمكنّاللجوءّ‬
‫إليهّفيّجريمةّالرشوةّألنهاّجريمةّذاتّطابعّفوريّبعكسّالجرائمّالجماعيةّالتيّتستمرّ‬
‫فترةّلتنفيذها‪ّ .‬‬

‫‪ 147‬أنظرّالمادةّ‪ّ01‬مكرر‪ّ،01‬القانونّرقمّ‪ّ .99/00‬‬
‫‪ 148‬أنظرّالمادةّ‪ّ01‬مكرر‪ّ،09‬المرجعّنفسه‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫رابعا‪ :‬اعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور ّ‬

‫أستحدثّهذاّاإلجراءّبموجبّالقانونّرقمّ‪ّ 99/00‬المعدلّلقانونّاإلجراءاتّالجزائيةّإذّ‬
‫يعدّمنّأهمّاإلجراءاتّالقانونيةّالمساعدةّعلىّكشفّالجرائمّالسابقّتحديدهاّبالمادةّ‪ّ01‬‬
‫مكرر‪ّ 1‬منه‪ّ ،‬وهذا ّفي ّإطار ّحالة ّالتلبس ّأو ّالتحقيق ّاالبتدائي ّفهذا ّاإلجراء ّفي ّحقيقةّ‬
‫األمرّيتضمنّثالثةّتدابيرّهي‪ّ :‬‬

‫‪ .0‬اعتراضّالمراسالتّالتيّتتمّعنّطريقّوسائلّاالتصالّالسلكيةّوالالسلكية‪ّ،‬ومعنىّ‬
‫ذلكّأن ّهذاّاإلجراءّقدّالّيخصّالمراسالتّوالخطاباتّالمكتوبةّرغمّأنهاّالّتقلّخطورةّ‬
‫عنّسابقتها‪.149‬‬
‫‪ .9‬وضعّالترتيباتّالتقنيةّبغيرّموافقةّالمعنيين‪ّ،‬بغيةّالتقاطّوتثبيتّوبثّالكالمّالسريّ‬
‫المتعلق ّبالجريمة ّأو ّالحوار ّالحاصل ّبين ّالمشتبه ّفيهم‪ّ ،‬وتوضع ّهذه ّالترتيبات ّفيّ‬
‫األماكنّالعامةّأوّالخاصةّالتيّيترددّعليهاّالمشتبهّفيهم‪.‬‬
‫‪ .2‬يدعمّتسجيلّاألصوات‪ّ150‬بإجراءّالتقاطّالصورّللمشتبهّفيهمّفيّاألماكنّالخاصةّ‬
‫وهنا ّطرحت ّإشكالية ّأخذت ّقسطا ّكبي ار ّمن ّالجدل ّالفقهي‪ّ ،‬تتمثل ّفي ّمساس ّإجراءّ‬
‫اعتراضّالمراسالتّوالتقاطّالصورّوتسجيلّاألصواتّبالحقوقّوالحرياتّالفردية‪ّ،‬ورغمّ‬
‫التبريراتّالعديدةّالتيّاستندّإليهاّالمعارضينّلهذاّاالجراءّمحاولينّإثباتّعدمّشرعيةّهذاّ‬
‫التدبير‪ّ ،‬إال ّأننا ّنرى ّأنه ّمجرد ّجدل ّعقيم ّال ّطائل ّمنه ّلكون ّهذا ّاإلج ارء ّما ّهو ّإالّ‬
‫استثناءّعنّالقاعدة‪ّ،‬إذّالّيلجأّلهّإال ّفيّجرائمّمحددةّحصراّوذاتّخطورةّكبيرة‪ّ،‬كماّ‬
‫ضبطت ّأحكامه ّبدقة ّوالبد ّمن ّقيام ّدالئل ّجدية ّضد ّالمشتبه ّفيه ّليتخذ ّضده ّاالجراءّ‬
‫فالمصلحةّالعامةّهناّأولىّبالحماية‪ّ .‬‬

‫‪ 149‬مقنيّبنّعمارّوبوراسّعبدّالقادر‪ ّ،‬مداخلةّبعنوان"ّالتنصتّعلىّالمكالماتّالهاتفيةّواعتراضّالمراسالتّكآليةّللوقايةّمنّ‬
‫جرائمّالفساد"‪ّ،‬الملتقىّالوطنيّحولّاآللياتّالقانونيةّلمكافحةّالفساد‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬ص‪ّ .00‬‬
‫‪ّ150‬المقصودّبهذاّاإلجراءّليسّتسجيلّاألصواتّوانّ ماّتسجيلّالكالمّولذلكّمنّاألفضلّأنّيغيرّالمشرعّاللفظّليتناسبّمعّ‬
‫المعنىّالمراد‪ّ .‬‬

‫‪106‬‬
‫هذاّوقدّذهبّفريقّآخر‪ّ 151‬إلىّالقولّأن ّهذاّالتدبيرّهوّأحدّصورّإجراءاتّالتفتيش‪ّ،‬‬
‫وهناكّمنّيرىّأن ّهذاّغيرّصحيحّألن ّكالّاإلجراءينّيختلفانّعنّبعضهماّفالتفتيشّ‬
‫يقتضيّعلمّّورضاّصاحبّالمسكنّبالعملية‪ّ،‬ومحددّبتوقيتّزمنيّمعين‪ّ،‬أماّاعتراضّ‬
‫المراسالتّوتسجيلّاألصواتّوالتقاطّالصورّفيستلزمّعدمّعلمّالمعنيينّبه‪ّ،‬ألنّ ّالهدفّ‬
‫من ّذلك ّهو ّمباغتة ّالمشتبه ّفيهم ّوهم ّمتلبسين‪ّ ،152‬حتى ّال ّيتسنى ّلهم ّطمس ّمعالمّ‬
‫الجريمة‪ّ،‬وتوضعّالترتيباتّالخاصةّبالتدبيرّفيّاألماكنّالعامةّأوّالخاصةّفيّأيّوقتّ‬
‫مناسبّلذلك‪ّّ،‬ولكنّيجبّأنّالّيمسّبسريةّبعضّاألماكنّالتيّتكونّفيهاّطبيعةّالعملّ‬
‫سريةّكمكاتبّالمحامينّأوّالموثقينّوكلّمنّأوالهّالمشرعّبعنايةّخاصة‪ّ .‬‬

‫ّونظراّلخطورةّهذاّاالجراءّفقدّقيدهّالمشرعّالجزائريّبمجموعةّمنّالقيودّأهمها‪ّ :‬‬

‫أ‪ -‬ال ّتوكل ّهذه ّالمهمة ّإال ّلضابط ّشرطة ّقضائية ّمقتدر ّبعد ّاالطالع ّعلى ّمحاضرّ‬
‫التحري ّالتي ّتقوم ّبها ّالضبطية ّالقضائية‪ّ ،‬وحصوله ّعلى ّإذن ّكتابي ّصادر ّمن ّوكيلّ‬

‫حقيق‪ّ،‬وتبقىّالعمليةّالتيّح ِّد َد ْ‬
‫تّمدتهاّبأربعةّأشهرّقابلةّللتجديدّ‬ ‫ُ‬ ‫الجمهوريةّأوّقاضيّالت‬
‫صِدرّاإلذن‪.‬‬
‫ةّلم ْ‬
‫‪153‬‬
‫وفقّمقتضياتّالبحثّوالتحري ّتحتّالمراقبةّالمباشر ُ‬
‫ب‪ -‬يمكنّلضابطّالشرطةّالقضائيةّتسخيرّأعوانّمؤهلينّلدىّالمصالحّأوّالوحداتّأوّ‬
‫الهيئاتّعموميةّكانتّأوّخاصة‪ّ،‬العاملةّفيّمجالّاالتصاالتّالسلكيةّوالالسلكيةّللتكفلّ‬
‫بالجوانب ّالتقنية ّلعملية ّالمراقبة ّوالتسجيل ّوالتصوير‪ّ ،154‬ملتزما ّبالسر ّالمهني ّلكل ّماّ‬
‫اطلعّعليهّفيّهذهّالمهمةّتحتّطائلةّالعقابّبموجبّالمادةّ‪ّ209‬منّقانونّالعقوبات‪.‬‬

‫مقنيّبنّعمارّوبوراسّعبدّالقادر‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬ص ‪.02‬‬ ‫‪151‬‬

‫‪ 152‬مقنيّبنّعمارّوبوراسّعبدّالقادر‪ّ،‬المرجعّنفسه‪ّ،‬ص‪ّ .01‬‬
‫‪ 153‬أنظرّالمادةّ‪ّ01‬مكرر‪ّ،9/1‬القانونّرقمّ‪ّ .99/00‬‬
‫‪ 154‬أنظرّالمادةّ‪ّ01‬مكرر‪ّ،9‬المرجعّنفسه‪ّ .‬‬

‫‪107‬‬
‫ت‪ -‬منّالضوابطّالضامنةّأيضاّوجوبّأنّيتوفرّاإلذنّعلىّكلّالعناصرّالمساعدةّفيّ‬
‫التعرف ّعلى ّاالتصاالت ّالمطلوب ّتسجيلها‪ّ ،‬واألماكن ّالمقصودة ّالسكنية ّمنها ّأو ّغيرّ‬
‫السكنيةّونوعّالجريمةّالتيّتبررّاللجوءّلهذاّاإلجراء‪.155‬‬
‫بعدّإنهاءّالعمليةّيقومّضابطّالشرطةّالقضائيةّالمكلفّبهاّبتحريرّمحضرّيذكرّفيهّنوعّ‬
‫الجريمة ّوتفاصيل ّالعملية ّمن ّحيث ّالزمان ّوالمكان‪ّ ،‬واإلجراءات ّوالتقنيات ّالتي ّتمّ‬
‫اتخاذها‪ّ ،‬وكذا ّأسماء ّالمشتبه ّفيهم ّوالشهود ّكما ّيذكر ّمضمون ّالمراسالت ّالتي ّتمّ‬
‫اعتراضها ّواذا ّكانت ّهذه ّاألخيرة ّبلغة ّأجنبية ّفهنا ّيقوم ّبتسخير ّمترجم ّلنسخ ّوترجمةّ‬
‫محتواها‪ّ ،156‬ثم ّيودع ّالمحضر ّلدى ّوكيل ّالجمهورية ّأو ّقاضي ّالتحقيق‪ّ ،‬وتعتبرّ‬
‫التسجيالت ّواألشرطة ّوالصور ّبمثابة ّأحراز ّتخضع ّألحكام ّالمادة ّ‪ّ 09‬و‪ّ 21‬من ّقانونّ‬
‫االجراءاتّالجزائية‪ّ،‬وتضمّإلىّملفّاإلجراءاتّمعّمحاضرّضابطّالشرطةّالقضائية‪ّ .‬‬

‫فيّاألخيرّيمكنّالقولّأنهّرغمّفعاليةّمثلّهذهّاإلجراءاتّفيّكشفّجريمةّالرشوةّإالّأنّ‬
‫إمكانيةّالتحريفّالواردةّبهّتجعلناّنؤكدّعلىّوجوبّأنّيؤخذّبحذر‪ّ،‬وأنّيضمنّفيّذلكّ‬
‫نزاهة ّالقائم ّبها ّوحفظ ّالدالئل‪ّ ،‬وعلى ّكل ّتبقى ّاألدلة ّالثبوتية ّخاضعة ّلتقدير ّقضاةّ‬
‫عّوفيّحالةّوجودّشكّي ْل َجأّللخبرةّللتأكدّمنّصحةّمضمونها‪ّ .‬‬
‫ُ‬ ‫الموضو‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلجراءات القمعية لرشوة الموظف العمومي الوطني‬

‫أهمّماّميزّالقانونّرقمّ‪ ّ 00/00‬هوّتجنيحهّلجميعّالجرائمّالواردةّبه‪ّ،‬حتىّفيّصورهاّ‬
‫المشددة ّفبموجب ّالمادة ّ‪ّ 29‬منه ّشددت ّالعقوبة ّسواء ّالسالبة ّللحرية ّأو ّالمالية ّدونّ‬
‫التشديدّفيّالوصف‪ّ،‬كماّجردّالقاضيّمنّحقّاالختيارّبينّالعقوبتينّفأضحىّملزماّ‬
‫بالحكم ّبهما ّمعا‪ّ ،‬وعليه ّففي ّهذا ّالمطلب ّسنركز ّعلى ّالعقوبات ّالمقررة ّلجريمة ّرشوةّ‬
‫الموظف ّالعمومي ّالوطني ّبالتطرق ّإلى ّالعقوبات ّالمطبقة ّعلى ّالشخص ّالطبيعي ّفيّ‬

‫‪ 155‬أنظرّالمادةّ‪ّ01‬مكرر‪ّ،0/1‬المرجعّنفسه‪.‬‬
‫‪ 156‬أنظرّالمادةّ‪ّ01‬مكررّ‪ّ،9/ّ00‬المرجعّنفسه‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫خصّالمعنويّفيّالفرعّالثانيّأماّالفرعّالثالثّفنتطرقّ‬
‫ّ‬ ‫الفرعّاألولّوالعقوباتّالمقررةّللش‬
‫فيهّلظروفّالتشديدّوالتخفيفّمنّالعقوبةّوخصوصيةّالتقادمّفيّجريمةّالرشوة‪ّ .‬‬

‫الفرع األول‪ :‬العقوبات المقررة للشخص الطبيعي‬

‫تتفرع ّعقوبة ّجريمة ّالرشوة ّالمتعلقة ّبالشخص ّالطبيعي ّإلى ّأصلية ّالبد ّللقاضي ّمنّ‬
‫الحكمّبها‪ّ،‬وقدّنصتّعليهاّالمادةّ‪ّ91‬منّالقانونّرقمّ‪ّ00/00‬وأخرىّتكميليةّوردّذكرهاّ‬
‫فيّالمادةّ‪ّ02‬المعدلةّبالقانونّرقمّ‪ّ92/00‬المتضمنّتعديلّقانونّالعقوبات‪ّ ّ.‬‬

‫أوال‪ :‬العقوبات األصلية‬

‫تتمثلّالعقوباتّاألصليةّوفقاّللمادةّ‪ّ91‬منّقانونّالوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّفيّالعقوبةّ‬
‫السالبةّللحريةّوالغرامةّالمالية‪ّ .‬‬

‫‪ .0‬العقوبة السالبة للحرية‬


‫ّيعاقبّمرتكبّجريمةّالرشوةّسواءّكانّراشياّأوّمرتشياّبالحبسّمنّسنتينّإلىّعشرّ‬
‫سنوات‪ّ ،‬بحيث ّيقدر ّالقاضي ّكونه ّهو ّصاحب ّالقرار ّاألخير ّفي ّاصدار ّالحكم ّالمدةّ‬
‫المناسبة ّبين ّالحدين‪ّ ،‬وذلك ّبناء ّعلى ّاألدلة ّالمطروحة ّأمامه ّوالظروف ّالمحيطةّ‬
‫بالجريمة‪ّ .‬‬

‫ّنالحظّهناّأنّالمشرعّالجزائريّقدّسوىّبينّالراشيّوالمرتشيّفيّالعقوبةّمماّيعنيّأنهّ‬
‫ساوىّبينهماّفيّالخطورةّاإلجراميةّوأثرهاّعلىّالوظيفةّالعامةّوهذاّهوّعينّالصواب‪ّ .‬‬

‫‪ .9‬الغرامة المالية‬
‫ّلمّيكتفيّالمشرعّبالعقوبةّالبدنية‪ّ،‬بلّأوجبّعلىّالقاضيّالنطقّبالعقوبةّالماليةّواالّ‬
‫كانّحكمهّمعيب‪ّ،‬مقدرةّبينّ‪ّ900.000‬دجّإلىّ‪ّ0.000.000‬دج‪ّ 157.‬‬

‫‪ 157‬أنظرّالمادةّ‪ّ،91‬القانونّرقمّ‪ّ .00/00‬‬

‫‪109‬‬
‫ّولقدّأصابّالمشرعّالجزائريّعندماّجعلهاّوجوبيةّألن ّاإلنسانّحينّيتخلّىّعنّأخالقهّ‬
‫ُحبا ّفي ّالمال‪ّ ،‬سواء ّكان ّراشيا ّأو ّمرتشيا ّسعيا ّلقضاء ّمصالحه ّالخاصة‪ّ ،‬مما ّيجعلّ‬
‫الوظيفةّالعامةّبدال ّمنّأنّتكونّفيّخدمةّالمجتمعّتصبحّوكراّللفسادّوسبيالّللتمييزّ‬
‫بينّأفرادّالمجتمع‪ّ،‬لتقضىّمصالحّاألقليةّالتيّتدفعّالمالّإماّمنّتلقاءّنفسهاّأوّمكرهة‪ّ،‬‬
‫علىّحسابّفئةّكبيرةّالّتملكّالمالّللدفعّأوّالّترغبّفيّذلك‪ّ،‬الشيءّالذيّيزرعّالغلّ‬
‫وتتوهج ّنفوس ّالمواطنين ّبالكراهية ّويحصل ّماال ّيحمد ّعقباه‪ّ ،‬فكان ّلزاما ّهنا ّحرمانّ‬
‫الجانيّوهوّالراشيّأوّالمرتشيّمماّيحبّويسعىّألجله‪ّ .‬‬

‫دّالمشرعّقيمةّالغرامةّعلىّهذاّالنحوّوانماّ‬
‫ّ‬ ‫ولكنّنالحظّأنهّكانّمنّاألفضلّأال ّيحد‬
‫تكونّبضعفّماّقدمهّأوّتلقاهّمنّرشوة‪ّ،‬ألن ّالجانيّوخاصةّالموظفّالمرتشيّالذيّ‬
‫يحتلّمناصبّعلياّفيّالدولةّقدّيتلقىّمنّالرشوةّماّيفوقّماّحددهّالمشرعّكغرامة‪ّ .‬‬

‫ّ‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبات التكميلية ّ‬

‫طقّبهاّمنفردةّعنّالعقوبةّاألصليةّوالبدّ‬
‫تيّالّي ْن َ‬
‫ُ‬ ‫العقوباتّالتكميليةّهيّتلكّالعقوباتّال‬
‫من ّذكرها ّفي ّمنطوق ّالحكم‪ّ ،‬وقد ّحددت ّحص ار ّبنص ّالمادة ّ‪ّ 02‬المعدلة ّبالقانون ّرقمّ‬
‫‪ّ92/00‬المتضمنّتعديلّقانونّالعقوباتّمتمثلةّفيماّيلي‪ّ :‬‬

‫‪ .0‬الحرمانّمنّممارسةّالحقوقّالوطنيةّوالمدنيةّوالعائليةّومضمونّهذهّالعقوبةّهو ّ‬
‫أ‪ -‬العزلّمنّجميعّالوظائفّذاتّالعالقةّبالجريمة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحرمانّمنّحقّالترشحّواالنتخابّوحملّأيّوسام‪.‬‬
‫ت‪ -‬عدمّأهليتهّليكونّمساعداّمحلفاّأوّخبيراّأوّشاهداّعلىّأيّعقدّأوّأمامّالقضاءّ‬
‫إالّعلىّسبيلّاالستدالل‪ّ،‬والّأنّيكونّوصياّأوّقيما‪.‬‬
‫ث‪ -‬حرمانهّمنّحقّحملّالسالحّومنّالتدريسّأوّأيّعملّبتعلقّبذلك‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫ج‪ -‬سقوطّحقوقّالواليةّكلهاّأوّبعضها‪ّ .158‬‬
‫‪ .9‬تحديدّاإلقامةّبإلزامّالمحكومّعليهّباإلقامةّفيّنطاقّإقليميّمعين‪ّ،‬لمدةّالّتتجاوزّ‬
‫خمس ّسنوات ّيبدأ ّتنفيذها ّمن ّيوم ّانقضاء ّالعقوبة ّاألصلية ّأو ّاإلفراج ّعن ّالمحكومّ‬
‫عليه‪ّ .159‬‬
‫‪ .2‬المنعّمنّاإلقامةّوهوّعكسّاإلجراءّاألول‪ّ .‬‬
‫‪ .2‬المصادرة ّالجزئية ّلألموال‪ّ ،‬فبالرجوع ّإلى ّنص ّالمادة ّ‪ّ 09/10‬من ّالقانون ّرقمّ‬
‫‪ّ 00/00‬نجدهاّتنص ّ" فيّحالةّاإلدانةّبالجرائمّالمنصوصّعليهاّفيّهذاّالقانون‪ّ،‬تأمرّ‬
‫الجهة ّالقضائية ّبمصادرة ّالعائدات ّواألموال ّغير ّالمشروعة‪ّ ،‬وذلك ّمع ّمراعاة ّحاالتّ‬
‫استرجاعّاألرصدةّوحقوقّالغيرّحسنّالنية "‪.‬‬
‫فالمصادرةّهيّأيلولةّعائداتّالجريمةّوالوسائلّالمستعملةّفيّارتكابهاّّكالهاتفّالنقالّ‬
‫المستعمل ّفي ّاالتصال ّبالراشي ّمثال‪ّ ،‬نهائيا ّللدولة ّبحرمان ّالجاني ّمنها ّوان ّكان ّهذاّ‬
‫متصوراّفيّالمنفعةّالماديةّإال ّأنهّغيرّممكنّفيماّيخصّالمنفعةّالمعنويةّكماّأن ّتسلمّ‬
‫المرتشيّمحلّالرشوةّحكماّكتسليمهّمفتاحّالمخزنّالذيّيوجدّبهّمقابلّالرشوةّأوّوضعّ‬
‫المالّتحتّتصرفّالمرتشيّيستوليّعليهّحينماّيشاء‪ّ،160‬الّيحولّدونّمصادرةّهذهّ‬
‫األشياءّإذاّماّتمّضبطهاّمنّطرفّالضبطيةّالقضائية‪ّ،‬فيّحينّيمكنّالمطالبةّبقيمةّماّ‬
‫تم ّهالكه ّفيفهم ّمن ّمضمون ّالمادة ّأعاله‪ّ ،‬أن ّالمصادرة ّهي ّأمر ّإلزامي ّتكون ّكليةّ‬
‫وليستّجزئيةّفألهميةّهذهّالعقوبةّلمّيكتفيّالمشرعّباإلحالةّعلىّقانونّالعقوبات‪ّ،‬بلّ‬
‫أكد ّعلى ّوجوب ّالحكم ّبها ّفي ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬من ّغير ّااللتفات ّإلى ّمدى ّتحققّ‬
‫النتيجة ّمن ّعدم ّتحققها‪ّ ،161‬مقيدا ّبذلك ّحكم ّالمادة ّ‪ّ 02‬المعدلة ّبالقانون ّرقم ّ‪ّ،92/00‬‬
‫وتتمّالمصادرةّحتىّوانّانتقلتّالمنفعةّمنّالرشوةّألصولّالجانيّأوّفروعهّأوّزوجهّأوّ‬

‫‪ 158‬أنظرّالمادةّ‪ّ02‬مكرر‪ّ00‬المضافةّبالقانونّرقمّ‪ّ .92/00‬‬
‫‪ 159‬أنظرّالمادةّ‪ّ،00‬المرجعّنفسه‪ّ .‬‬
‫‪ 160‬محمودّنجيبّحسني‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪.10‬‬
‫‪ 161‬موسىّبودهان‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪ّ .02‬‬

‫‪111‬‬
‫أصهاره‪ّ ،‬سواء ّبقيت ّاألموال ّعلى ّحالها ّأو ّتم ّتحويلها ّوفي ّكل ّاألحوال ّتحفظ ّحقوقّ‬
‫الغيرّحسنّالنية‪ّ .‬‬

‫ّلقدّأصابّالمشرعّهناّألن ّالجانيّعادةّماّيعمدّإلىّتحويلّعائداتّجريمتهّإلىّزوجهّ‬
‫أوّأوالده‪ّ،‬ليتحصلّعليهاّفيماّبعدّبطريقّآخرّيخفيّحقيقةّمصدرهاّغيرّالمشروعّمفوتاّ‬
‫بذلكّعلىّالقاضيّفرصةّالحكمّبردهاّومصادرتها‪ّ .‬‬

‫‪ .1‬المنعّالمؤقتّمنّممارسةّمهنةّأوّنشاطّذاتّصلةّمباشرةّبالجريمة‪ّ .162‬‬
‫‪ .0‬الحظرّمنّإصدارّالصكوكّأوّاستعمالّبطاقاتّالدفع‪ّ .‬‬
‫‪ .1‬سحبّجوازّالسفرّأوّرخصةّالسياقة‪ّ .‬‬
‫‪ .9‬نشرّأوّتعليقّالحكمّأوّقرارّاإلدانة‪ّ .‬‬

‫ثالثا‪ :‬العقوبة المقررة في حالة الشروع أو المشاركة‬

‫الشروعّهوّكلّفعلّتنفيذيّالّلبسّفيه‪ّ،‬يؤديّإلىّارتكابّالجريمةّمباشرةّّبحيثّالّ‬
‫تتحقق ّالنتيجة ّالجرمية ّلظروف ّخارجة ّعن ّإرادة ّالجاني ّ(الجريمة ّالخائبة‪ّ ،‬الموقوفة‪ّ،‬‬
‫المستحيلة) ّووفقا ّلنص ّالمادة ّ‪ّ 20‬من ّقانون ّالعقوبات ّالتي ّتنص ّعلى ّأن ّ ّ ّ ّ ّ ّ ّ"ّ‬
‫المحاولةّفيّالجنحةّالّيعاقبّعليهاّإالّبناءّعلىّنصّصريحّ"ّإذّاألصلّفيّالجنحّالّ‬
‫يعاقبّفيهاّعلىّالشروعّإالّإذاّوردّنصّخاصّبجنحةّمعينةّيعاقبّفيهاّعلىّالشروع‪ّ .‬‬
‫كماّنصتّالمادةّ‪ّ 0/19‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬علىّماّيليّ"ّيعاقبّعلىّالشروعّفيّ‬
‫الجرائمّالمنصوصّعليهاّفيّهذاّالقانونّبمثلّالجريمةّنفسهاّ"ّفمفادّهذهّالمادةّأنّجرائمّ‬
‫الفسادّالمدرجةّفيّالقانونّالمذكورّأعالهّيعاقبّفيهاّعلىّالشروعّبمثلّعقوبةّالجريمةّ‬
‫التامةّوباعتبارّجريمةّالرشوةّمنّالجرائمّالمعنيةّبهذهّالمادةّفإنهّيعاقبّعلىّالشروعّفيهاّ‬

‫‪ 162‬أنظر المادةّ‪ّ00‬مكررّالمضافةّبالقانونّرقمّ‪ّ .92/00‬‬


‫ّ‬
‫‪112‬‬
‫باعتبارهاّجنحةّبذاتّالعقوبةّالمقررةّللجريمةّالتامة‪ّ،‬وهيّالحبسّمنّسنتينّإلىّعشرّ‬
‫سنواتّوغرامةّماليةّمنّ‪ّ900.000‬دجّإلىّ‪ّ0.000.000‬دج‪ّ ّّ.‬‬
‫لكنّمادامّالمشرعّقدّاعتبر ّمجردّالطلبّأوّالقبولّأوّالوعدّأوّالعرضّأوّالمنحّجريمةّ‬
‫تامةّفمتىّيتصورّالشروعّفيّجريمةّالرشوةّسواءّالسلبيةّأوّاإليجابية؟ ّ‬
‫إذاّكانّالطلبّأوّالقبولّهيّصورّللتعبيرّعنّاإلرادةّإذّالّتكتملّجريمةّالرشوةّبمجردّ‬
‫صدورهاّعنّالمرتشي‪ّ،‬بلّالبدّمنّوصولّالعلمّبهاّإلىّصاحبّالحاجةّومؤدىّذلكّأنهّ‬
‫إذا ّقام ّفاصل ّزمني ّبين ّافصاح ّالموظف ّعن ّارادته ّوبين ّعلم ّصاحب ّالحاجة ّفإنّ‬
‫الجريمة ّخالل ّهذه ّالفترة ّال ّتعد ّتامة‪ّ ،‬بل ّتكون ّفي ّحالة ّشروع‪ّ 163‬ويذهب ّالفقه ّإلىّ‬
‫استحالةّتصورّالشروعّفيّالرشوةّفيّصورةّالقبولّفإماّأنّتكونّجريمةّتامةّأوّتكونّ‬
‫فيّمرحلةّالتحضيرّواإلعداد‪ّ164‬وهيّمرحلةّغيرّمعاقبّعليها‪ّ،‬وهوّعينّالصوابّألنهّ‬
‫ال ّيمكن ّتصور ّقيام ّفاصل ّزمني ّبين ّالقبول ّوالعلم ّبه‪ّ ،‬و ّبالتالي ّيقع ّتاما ّأو ّال ّيقعّ‬
‫أصالّكماّالّيتصورّالشروعّفيّالعرضّوالمنح‪ّ .‬‬
‫أماّبالنسبةّللمشاركةّفهيّالّتخرجّعنّحالتينّاثنتينّهما‪ّ :‬‬

‫ـ ــّأنّيكونّالشريكّموظفاّعمومياّأوّمنّيدخلّفيّحكمه‪ّ .‬‬

‫ـ ــّأن ّيكونّمنّعامةّالناس‪ّ،‬وفيّكلتاّالحالتينّيعاقبّالشريكّبالعقوبةّالمحددةّللجريمةّ‬
‫نفسهاّطبقاّللمادةّ‪ّ22‬منّقانونّالعقوبات‪ّ،‬وفيّظلّعدمّإفرادّالوسيطّبأحكامّخاصةّفيّ‬
‫القانونّرقمّ‪ّ00/00‬فإنهّيعدّشريكاّوتطبقّعليهّالقواعدّالعامة‪ّ .‬‬

‫ّالفرع الثاني‪ :‬العقوبات المقررة للشخص المعنوي‬

‫‪ 163‬محمدّزكيّأبوّعامرّوسليمانّعبدّالمنعم‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬ص‪.220‬‬
‫‪ ّ164‬أحسنّبوسقيعة‪ّ،‬القانونّالجنائيّالخاص‪ّ،‬الجزءّالثانيّ"جرائمّالموظفينّــّجرائمّالمالّواالعمالّوجرائمّالتزوير"‪ّ،‬المرجعّ‬
‫السابق‪ّ،‬ص‪.20‬‬

‫‪113‬‬
‫يحتل ّالشخص ّالمعنوي ّمرك از ّهاما ّفي ّالدولة ّمن ّمنطلق ّما ّتتطلبه ّضروريات ّالحياةّ‬
‫خاصةّاالقتصاديةّمنها‪ّ،‬فاحتكاكّالمواطنّبالشخصّالمعنويّفيّأغلبّمعامالتهّاليوميةّ‬
‫يؤديّبطبيعةّالحالّإلىّارتكابّجرائمّمعينةّوهذاّواقعّالّيمكنّنكرانه‪ّ،‬فبعدّجدلّطويلّ‬
‫حولّإمكانيةّمساءلةّالشخصّالمعنويّجنائيا‪ّ،‬نظراّلخصوصيتهّمنّعدةّجوانبّاستقرّ‬
‫االتجاهّالحديثّفقهاّوقانوناّإلىّاالعترافّبالمسؤوليةّالجنائيةّللشخصّالمعنويّوذلكّفيّ‬
‫حدود ّجرائم ّمعينة ّفقط‪ّ ،‬حيث ّأن ّالمشرع ّالجزائري ّحصرها ّفي ّالجرائم ّالماليةّ‬
‫واالقتصادية‪ّ .‬‬

‫ّ‬

‫وعلى ّكل ّفالشخص ّالمعنوي ّال ّيتحمل ّالمسؤولية ّالجنائية ّإال ّإذا ّتوفرت ّجملة ّمنّ‬
‫الشروطّالتالية‪ّ :‬‬

‫‪ .0‬أال ّيكون ّمن ّأشخاص ّالقانون ّالعام‪ّ ،‬وبمفهوم ّالمخالفة ّفالمسؤولية ّالجنائية ّالمقررةّ‬
‫قانوناّهيّمنّنصيبّأشخاصّالقانونّالخاصّألنهّالّيمكنّللدولةّأنّتعاقبّنفسها‪ّ .‬‬
‫‪ .9‬أنّترتكبّالجريمةّلحسابّالشخصّالمعنوي‪ّ،‬وهذاّالّيعنيّإعفاءّالشخصّالطبيعيّ‬
‫المنفذّلهاّمنّالمسؤوليةّالجنائية‪ّ .‬‬
‫‪ .2‬أنّترتكبّمنّطرفّممثلهّالقانونيّالذيّينصّعليهّقانونهّاألساسي‪ّ .‬‬
‫أوال‪ :‬العقوبة األصلية‬

‫وفقاّلنص ّالمادةّ‪ّ 12‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬يكونّالشخصّالمعنويّمسؤوالّجزائياّعنّ‬


‫الجرائم ّالمنصوص ّعليها ّفي ّهذا ّالقانون ّطبقا ّللقواعد ّالمقررة ّفي ّقانون ّالعقوباتّ‬
‫وبالتالي‪ّ ،‬في ّحالة ّارتكابه ّلجريمة ّالرشوة ّفإنه ّيعاقب ّبعقوبة ّأصلية ّتتمثل ّفي ّالغرامة‪ّ،‬‬
‫فهي ّالعقوبة ّاألكثر ّتطبيقا ّوانتشا ار ّبالنسبة ّللشخص ّالمعنوي ّلكونها ّأكثر ّردعا ّوأقلّ‬

‫‪114‬‬
‫ضرراّمنّالناحيةّاالقتصادية‪ّ،165‬وتقدرّمنّمرةّإلىّخمسّمراتّالحدّاألقصىّللغرامةّ‬
‫المقررةّللشخصّالطبيعيّفيّالقانونّالذيّيعاقبّعلىّالجريمة‪ّ،‬أيّمنّ‪ّ0.000.000‬‬
‫دجّإلىّ‪ّ1.000.000‬دج‪ّ .‬‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبة التكميلية ّ‬

‫تطبق ّعقوبة ّأو ّأكثر ّمن ّالعقوبات ّالمنصوص ّعليها ّفي ّالمادة ّ‪ّ 09‬مكرر ّالمعدلةّ‬
‫بالقانونّرقمّ‪ّ92/00‬والمتمثلةّفي‪ّ :‬‬

‫‪ .0‬حلّالشخصّالمعنوي‪ّ .‬‬
‫‪ .9‬غلقّالمؤسسةّأوّأحدّفروعهاّلمدةّالّتتجاوزّخمسّسنوات‪ّ .‬‬
‫‪ .2‬اإلقصاءّمنّالصفقاتّالعموميةّلمدةّخمسّسنوات‪ّ .‬‬
‫‪ .2‬المنع ّالنهائي ّأو ّالمؤقت ّمن ّمزاولة ّنشاط ّأو ّعدة ّأنشطة ّمهنية ّأو ّاجتماعية ّلهاّ‬
‫صلةّبالجريمةّلمدةّالّتتجاوزّخمسّسنوات‪ّ .‬‬
‫‪ .1‬مصادرةّماّاستعملّفيّارتكابّالجريمةّأوّالناتجّعنها‪ّ .‬‬
‫‪ .0‬وضعّالنشاطّمحلّالجريمةّتحتّالحراسةّالقضائية‪ّ .‬‬
‫‪ .1‬نشرّوتعليقّحكمّاإلدانة‪ّ .‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التقادم وظروف التشديد والتخفيف‬

‫من ّاألحكام ّالمتصلة ّبجريمة ّالرشوة ّوالتي ّطالها ّالتغيير ّفي ّهذا ّالقانون‪ّ ،‬هي ّظروفّ‬
‫التشديدّوالتخفيفّمنّالعقوبةّكماّأنّالتقادمّفيّجريمةّالرشوةّتضمنّخصوصيةّّّميزتّ‬
‫هذهّالجريمةّعنّبقيةّالجرائمّاألخرى‪ّ .‬‬

‫أوال‪ :‬ظروف التشديد والتخفيف في جريمة الرشوة‬

‫‪ 165‬بوعزةّنظيرة‪ّ،‬المرجعّالسابق‪ّ،‬صّ‪.021‬‬

‫‪115‬‬
‫أوردّالمشرعّالجزائريّبموجبّالمادةّ‪ّ29‬منّالقانونّرقمّ‪ّ00/00‬الحاالتّالتيّتشددّفيهاّ‬
‫عقوبةّالرشوة‪ّ،‬حيثّنالحظّأن ّالتشديدّارتكزّعلىّالعقوبةّدونّالوصفّفتبقىّالجريمةّ‬
‫بوصفهاّجنحة‪ّ،‬والسبيلّفيّذلكّسياسةّالتجنيحّالتيّاعتمدهاّالمشرعّالجزائريّفيّهذاّ‬
‫القانونّمعلقاّالتشديدّبالصفةّالوظيفيةّللجاني‪ّ،‬فيّمقابلّذلكّأتاحّالمشرعّللجناةّفرصةّ‬
‫االستفادةّمنّاألعذارّسواءّالمخففةّللعقوبةّأوّالمعفيةّمنهاّولكنّبشروط‪ّ .‬‬

‫‪ .0‬ظروف التشديد‬
‫نصتّالمادةّ‪ّ 29‬منّالقانونّرقمّ‪ّ 00/00‬علىّماّيليّ" إذاّكانّمرتكبّجريمةّأوّأكثرّ‬
‫من ّالجرائم ّالمنصوص ّعليها ّفي ّهذا ّالقانون ّقاضيا ّأو ّموظفا ّيمارس ّوظيفةّعليا ّفيّ‬
‫الدولة ّأو ّضابطا ّعموميا ّأو ّعضوا ّفي ّالهيئة ّأو ّضابطا ّأو ّعون ّشرطة ّقضائية‪ّ ،‬أوّ‬
‫ممنّيمارسّبعضّصالحياتّالشرطةّالقضائية‪ّ،‬أوّموظفّأمانةّضبطّيعاقبّبالحبسّ‬
‫منّعشرّسنواتّإلىّعشرينّسنةّونفسّالغرامةّالمقررةّللجريمةّالمرتكبة"ّ ّ‬
‫من ّخالل ّنص ّالمادة ّنالحظ ّأن ّالمشرع ّربط ّظرف ّالتشديد ّفي ّجرائم ّالفساد ّعموماّ‬
‫وجريمة ّالرشوة ّخصوصا ّبالمنصب ّالوظيفي ّالذي ّيتقلده ّالجاني ّسواء ّكان ّراشيا ّأوّ‬
‫مرتشياّوحددّالفئاتّالمعنيةّبالتشديدّعلىّسبيلّالحصرّوالمتمثلةّفيماّيلي‪ّ :‬‬

‫أ‪ -‬إلقضاة ‪ّ :‬يقصدّبها ّقضاة ّالقضاء ّالعادي ّواإلداري ّـ ـ ـ ّفي ّهذا ّاإلطار ّاعترفّوزيرّ‬
‫العدلّالحاليّبوجودّمرتشينّفيّسلكّالقضاءّيتحدونّالقانون‪ّ،‬فيّالمقابلّيواجهّالقضاةّ‬
‫الذين ّيحاربون ّالفساد ّضغوط ّمن ّجهات ّنافذة ّفي ّالدولة ّللحيلولة ّدون ّالقيام ّبمهامهمّ‬
‫لمعالجةّقضاياّالفساد‪ّ،‬مؤكداّفيّهذاّالصددّبأن ّمحاربةّالفسادّلنّيكونّلهاّمعنىّوالّ‬
‫نجاعةّإالّعندماّتكونّالعدالةّفيّمنأىّعنّهذهّاآلفةـ‪ّ .‬‬
‫إلدولة ‪ّ :‬وهم ّالمعينون ّبموجب ّمرسوم ّرئاسي ّوذلكّ‬
‫ب‪ -‬أصحاب إلمناصب إلعليا في ّ‬
‫بمقتضىّالمادةّ‪ّ19‬منّدستورّ‪ّ .0220‬‬
‫إلضباط إلعموميون‪ّ:‬الموثق‪ّ،‬المحضرّقضائي‪ّ،‬المحافظّالبيعّبالمزايدة‪ّ،‬المترجم‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ت‪-‬‬

‫‪116‬‬
‫إلضبطية‬
‫ّ‬ ‫شرطة إلقضائية أو من يمارسون بعض مهام‬
‫ضباط أو أعوإن إل ّ‬
‫ّ‬ ‫ث‪-‬‬
‫إلقضائية‪ّ:‬وهمّالمنصوصّعليهمّبالموادّ‪ّ 91ّ،90ّ،02ّ،01ّ،02‬منّقانونّاإلجراءاتّ‬
‫الجزائية‪ّ .‬‬
‫ج‪ -‬أعضاء إلهيئة إلوطنية للوقاية من إلفساد ومكافحته‪ّ :‬وقد ّنص ّعليهم ّالمرسومّ‬
‫الرئاسي ّرقم ّ‪ّ 202/00‬المتعلق ّبتحديد ّتشكيلة ّالهيئة ّوسيرها ّوتنظيمها ّالمعدل ّوالمتممّ‬
‫بالمرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ .02/09‬‬
‫إذنّفحساسيةّالمناصبّالتيّيتولونهاّوماّتتطلبهّمنّنزاهةّوأخالقّسامية‪ّ،‬لثقةّالدولةّ‬
‫والشعبّفيهم‪ّ،‬تطلبتّتشديدّعقوبةّالحبسّمنّعشرّإلىّعشرينّسنةّوتبقىّالغرامةّذاتهاّ‬
‫منّ‪ّ 900.000‬دجّإلىّ‪ّ 0.000.000‬دجّإذاّكانّمرتكبّجريمةّالرشوةّيمارسّإحدىّ‬
‫الوظائف ّالمذكورة ّفي ّالمادة ّأعاله‪ّ ،‬وهي ّكلها ّوظائف ّتعمل ّعلى ّتكريس ّدولة ّالحقّ‬
‫والقانونّمنّمنطلقّالعدالةّوالمساواةّفكانّلزاماّأنّيعاقبّمتقلدوهاّإذاّماّخالفواّالقانونّ‬
‫وارتكبواّمثلّهذهّالجرائمّأشدّمنّالموظفّالعادي‪ّ .‬‬

‫‪ .9‬ظروف التخفيف واإلعفاء من العقوبة‬


‫بموجبّالمادةّ‪ّ22‬منّالقانونّرقمّ‪ّ00/00‬أتاحّالمشرعّالجزائريّللراشيّوالمرتشيّفرصةّ‬
‫التخفيفّمنّالعقوبةّوحتىّاإلعفاءّمنها‪ّ،‬وذلكّبهدفّتمكينّالسلطاتّالمعنيةّمنّكشفّ‬
‫الجريمةّوضبطّالجناة‪ّ،‬وخلقّنوعّمنّالريبةّوعدمّالثقةّبينّالراشيّوالمرتشيّوشركائهمّ‬
‫إنّو ِجدوا‪ّ،‬ولكيّيستفيدّالجانيّمنّالتخفيفّأوّاإلعفاءّالبد ّوأنّيتقيدّبالشروطّالمسطرةّ‬
‫ُ‬
‫منّطرفّالمشرع‪ّ .‬‬

‫أ‪ -‬التخفيف من العقوبة‬


‫عند ّتحريك ّالدعوة ّالعمومية ّوبمباشرة ّإجراءات ّالمتابعة ّالقضائية‪ّ ،‬إذا ّتقدم ّالراشي ّأوّ‬
‫المرتشيّأوّأحدّشركائهمّمنّتلقاءّنفسهّلإلدالءّبمعلوماتّحولّالجريمةّوالجناة‪ّ،‬وكانّ‬
‫عملهّهذاّمساعداّللنيابةّفيّالقبضّعلىّواحدّأوّأكثرّمنّالضالعينّفيّجريمةّالرشوة‪ّ،‬‬

‫‪117‬‬
‫فإنه ّيستفيد ّمن ّتخفيف ّالعقوبة ّإلى ّالنصف ّوبما ّأن ّعقوبة ّجريمة ّالرشوة ّهي ّعقوبةّ‬
‫سالبة ّللحرية ّمن ّسنتين ّإلى ّعشر ّسنوات ّوغرامة ّمالية ّمن ّ‪ّ 900.000‬دجّ‬
‫إلى‪ّ0.000.000‬دجّباعتبارهماّعقوبتانّوجوبيتانّفالتخفيفّيسريّعلىّكليهما‪ّ ّ.‬‬

‫ب‪ -‬اإلعفاء من العقوبة‬


‫يمكنّللفاعلّاألصليّأوّالشريكّفيّجريمةّالرشوةّأنّيعفىّمنّالعقوبةّكلياّإذاّماّاغتنمّ‬
‫الفرصةّوسارعّإلىّالسلطاتّالمعنية ّ ـ ــّالمتمثلةّفيّالسلطةّاالداريةّأوّالجهةّالقضائيةّ‬
‫المختصةّأوّمصالحّالشرطةّالقضائيةّ ـ ــّقبلّمباشرةّإجراءاتّالمتابعةّإلبالغهاّبالجريمةّ‬
‫أنّيساعدّالجهةّالمعنيةّعلىّمعرفةّ‬
‫ّ‬ ‫والبد ّأنّيكونّبالغهّصادقاّمنّحيث ّمضمونهّو‬
‫وضبطّمرتكبيّالجريمة‪ّ .‬‬

‫وبهذاّيكونّالمشرعّالجزائريّقدّفتحّباباّللجانيّلتصحيحّخطئه‪ّ،‬وخلقّنوعّمنّالشكّ‬
‫الدائمّفيّوسطّالمرتشينّوالراشينّبإمكانيةّكشفّالجريمةّفيّأيّوقت‪ّ،‬مماّيدعواّإلىّ‬
‫القلقّوالخوفّمنّالمغامرةّبطلبّالرشوةّأوّقبضهاّمنّطرفّالمرتشيّأوّالوعدّبهاّأوّ‬
‫إعطائها ّمن ّجانب ّالراشي ّومن ّيشاركهما‪َ ّ ،‬فتَِقل ّبذلك ّجريمة ّالرشوة‪ّ ،‬ولذلك ّفإن ّهذاّ‬
‫الحكمّمفيداّجداّفيّالوقايةّمنّجريمةّالرشوةّومكافحتها‪ّ .‬‬

‫ثانيا‪ :‬التقادم في جريمة الرشوة‬

‫عندماّنتحدثّعنّالتقادمّفيّالجريمةّفإن ّاألمرّيقتضيّبناّأنّنتطرقّإلىّمسألةّتقادمّ‬
‫الدعوة ّالعمومية ّوكذا ّتقادم ّالعقوبة‪ّ ،‬فجريمة ّالرشوة ّبموجب ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬وكذاّ‬
‫قانون ّاإلجراءات ّالجزائية ّانفردت ّبأحكام ّخاصة ّفي ّمجال ّالتقادم‪ّ ،‬ميزتها ّعن ّباقيّ‬
‫الجرائمّولكشفّهذاّالتميزّنتناولّكلّمنّتقادمّالدعوةّالعموميةّوالعقوبةّعلىّالتوالي‪ّ .‬‬

‫‪ .0‬تقادم الدعوى العمومية في جريمة الرشوة‬

‫‪118‬‬
‫نصت ّالمادة ّ‪ّ 12‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬على ّما ّيلي ّ" دون ّاإلخالل ّباألحكامّ‬
‫المنصوص ّعليها ّفي ّقانون ّاإلجراءات ّالجزائية‪ّ ،‬ال ّتتقادم ّالدعوة ّالعمومية ّوال ّالعقوبةّ‬
‫بالنسبة ّللجرائم ّالمنصوص ّعليها ّفي ّهذا ّالقانون ّفي ّحالة ّما ّإذا ّتم ّتحويل ّعائداتّ‬
‫الجريمةّإلىّخارجّالوطن‪ّ .‬‬

‫وفي ّغير ّذلك ّمن ّالحاالت ّتطبق ّاألحكام ّالمنصوص ّعليها ّفي ّقانون ّاإلجراءاتّ‬
‫الجزائية"ّ ّ‬

‫منّخاللّهذهّالمادةّنستشفّأنهاّقدّوضعتّحكماّعاماّلكافةّجرائمّالفسادّفاألصلّفيّ‬
‫الدعوىّالعموميةّهوّالتقادم‪ّ،‬وبماّأنّجريمةّالرشوةّجنحةّفإنّالدعوةّالعموميةّلهاّتتقادمّ‬
‫بمرور ّثالث ّسنوات ّكاملة‪ّ ،‬تسري ّمن ّيوم ّاقتراف ّالجريمة ّإذا ّلم ّيتخذ ّأي ّإجراء ّمنّ‬
‫إجراءاتّالتحقيقّوالمتابعةّأوّمنّتاريخّآخرّإجراء‪ّ،166‬غيرّأنّهذاّمرتبطّبشرطّهوّأنّ‬
‫تكونّعائداتّالجريمةّبالجزائر‪ّ،‬أماّإذاّحولتّإلىّالخارجّفهناّالّتكونّالدعوةّالعموميةّ‬
‫محال ّللتقادم‪ّ،‬لكيّالّيفلتّالجناةّبجرمهمّويتمتعواّبماّجنوهّمنّجريمتهمّوبهذاّالمنطقّ‬
‫فالدعوةّالعموميةّفيّجريمةّالرشوةّتتقادمّكأصلّعامّبمرورّثالثّسنواتّلكنّاستثناءّالّ‬
‫تتقادم ّبسبب ّتحويل ّعائدات ّالجريمة ّإلى ّالخارج‪ّ ،‬غير ّأن ّما ّيميز ّجريمة ّالرشوة ّعنّ‬
‫باقي ّالجرائم ّيتضح ّمن ّاستقرائنا ّللمادة ّ‪ّ 09‬مكرر ّالمضافة ّبالقانون ّ‪ّ 02/02‬المعدلّ‬
‫لقانونّاإلجراءاتّالجزائيةّوالتيّتنص ّعلىّماّيليّ" الّتنقضيّالدعوةّالعم ّوميةّبالتقادمّ‬
‫فيّالجناياتّوالجنحّالموصوفةّبأفعالّإرهابيةّوتخريبيةّوتلكّالمتعلقةّبالجريمةّالمنظمةّ‬
‫العابرةّللحدودّالوطنيةّأوّالرشوةّأوّاختالسّاألموالّالعمومية‪ّ .‬‬

‫ال ّتتقادم ّالدعوى ّالمدنية ّللمطالبة ّبالتعويض ّعن ّالضرر ّالناجم ّعن ّالجنايات ّوالجنحّ‬
‫المنصوصّعليهاّفيّالفقرةّأعاله"‪ّ .‬‬

‫‪ 166‬أنظر المادةّ‪ّ،09‬قانونّاإلجراءاتّالجزائية‪ّ .‬‬

‫‪119‬‬
‫ّفالمشرع ّبهذه ّالمادة ّحصر ّالجرائم ّاألكبر ّخطورة ّواستثنى ّالدعوة ّالعمومية ّفيها ّمنّ‬
‫التقادم ّوحتى ّالدعوة ّالمدنية ّولم ّيربط ّذلك ّبعائدات ّالجريمة‪ّ ،‬وبما ّأن ّالمادة ّ‪ّ 12‬منّ‬
‫القانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬أشارت ّبعدم ّمخالفة ّأحكام ّقانون ّاإلجراءات ّالجزائية ّفإن ّالدّعوةّ‬
‫العمومية ّفي ّجريمة ّالرشوة ّال ّتتقادم ّأبدا‪ّ ،‬سواء ّكانت ّعائدات ّالجريمة ّفي ّالجزائر ّأوّ‬
‫خارجها‪ّ .‬‬

‫‪ .9‬تقادم العقوبة في جريمة الرشوة‬


‫الّتختلفّأحكامّتقادمّالعقوبةّفيّجريمةّالرشوةّعنّأحكامّتقادمّالدعوةّالعموميةّبها‪ّ،‬‬
‫فباإلضافة ّإلى ّالمادة ّ‪ّ 09‬مكرر ّالمضافة ّبالقانون ّ‪ّ 02/02‬نجد ّالمادة ّ‪ّ 009‬مكررّ‬
‫المضافة ّبنفس ّالقانون ّالتي ّنصت ّعلى ّأنه ّ" ال ّتتقادم ّالعقوبات ّفي ّالجنايات ّوالجنحّ‬
‫الموصوفةّبأفعالّإرهابيةّوتخريبيةّوتلكّالمتعلقةّبالجريمةّالمنظمةّالعابرةّللحدودّالوطنيةّ‬
‫والرشوةّ"ّوعليهّفالعقوبةّالمحكومّبهاّعلىّالجانيّالّتقادمّأبدا‪ّ،‬مماّيحققّالردعّفيّكلّ‬
‫األحوالّألن ّالجانيّإذاّعادّإلىّالوطنّفستطبقّعليهّالعقوبة‪ّ،‬واذاّبقيّفاراّعاشّطوالّ‬
‫حياتهّإماّمحروماّمنّدخولّبلدهّأوّفيّخوفّدائمّمنّكشفه‪ّ .‬‬

‫وهناّقدّأصابّالمشرعّالجزائريّفيّأخذهّبهذاّاالتجاهّحيثّيعد ّأفضلّالسبلّلمحاصرةّ‬
‫الجناة‪ّ ،‬بإمكانية ّمتابعتهم ّجنائيا ّفي ّأي ّوقت ّثبت ّفيه ّتورطهم ّفي ّجريمة ّالرشوة ّألنهاّ‬
‫عرفتّانتشاراّكبيراّفيّالوقتّالحاليّوأضحتّمنّأخطرّالجرائمّفبهاّيعطىّالحقّلغيرّ‬
‫صاحبهّويتفشىّالظلمّفيتهددّكيانّالدولة‪ّ .‬‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬
‫‪120‬‬
‫ّ‬

‫ملخص الفصل الثاني‬

‫من ّخالل ّاستقراء ّمواد ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬اتضح ّلنا ّأن ّالمشرع ّالجزائري ّقد ّاعتمدّ‬
‫سياسةّمزدوجةّفيّمكافحةّجرائمّالفسادّعموماّوالرشوةّخصوصا‪ّ،‬فكانتّهذهّالسياسةّ‬
‫ذاتّطابعّوقائيّمنّجهةّتمثلتّفيّمجموعّالتدابيرّالوقائيةّالتيّدعمّبهاّالقطاعّالعامّ‬
‫منّمبادئّالتوظيفّومدوناتّأخالقياتّالمهنةّوواجبّالتصريحّبالممتلكات‪ّ،‬وذلكّمنّ‬
‫أجلّتعزيزّالشفافيةّوالمسائلةّوالمحاسبةّوهيّأهمّمعاييرّالتسييرّالراشدّلإلدارة‪ّ .‬‬

‫كماّدعمّالمشرعّالجزائريّهذهّالتدابيرّبهيكلّمؤسساتيّيتمثلّفيّالهيئةّالوطنيةّللوقايةّ‬
‫منّجرائمّالفسادّومكافحتهاّحيثّأسندّلهاّمهمةّالوقايةّوهوّماّيتضحّمنّمجملّالمهامّ‬
‫المنوطة ّبها ّفي ّللمرسوم ّالرئاسي ّرقم ّ‪ّ 202/00‬المتعلق ّبتحديد ّتشكيلة ّالهيئة ّالوطنيةّ‬
‫للوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّوتنظيمهاّوكيفياتّسيرها‪ّ،‬وكذاّدورّالمجتمعّالمدنيّواإلعالمّ‬
‫فيّالوقايةّمنّجريمةّالرشوة‪ّ .‬‬

‫وتطرقناّفيّالمبحثّالثانيّإلىّقمعّالجريمةّمنّخاللّالتطرقّألساليبّالتحريّوّمدىّ‬
‫مالئمتها ّفي ّكشف ّجريمة ّالرشوة ّوكذا ّالجانب ّالردعي ّلسياسة ّالمشرع ّالجزائريّّّّّّّّ‬
‫والمتمثل ّفي ّالعقوبات ّالمقررة ّللشخص ّالطبيعي ّوالمعنوي‪ّ ،‬وكذا ّتشديد ّالعقوبة ّالتيّ‬
‫ارتبطتّبفئةّمنّالموظفينّالذيّيقعّعلىّعاتقهمّواجبّمحاربةّالفسادّوارساءّالعدالةّهذاّ‬
‫وقد ّمكن ّالمشرع ّكل ّمن ّالراشي ّوالمرتشي ّوشركائهم ّمن ّفرصة ّالتخفيف ّمن ّالعقوبةّ‬
‫وحتى ّاإلعفاء ّمنها‪ّ ،‬وفي ّاألخير ّتناولنا ّمسألة ّالتقادم ّوكيف ّعالجها ّالمشرع ّالجزائريّ‬
‫حيثّأن ّجريمةّالرشوةّالّتتقادمّأبداّسواءّمنّناحيةّالعقوبةّأوّالدعوةّعموميةّكانتّأوّ‬
‫مدنية‪ّ .‬‬

‫‪121‬‬
‫خ ــات ـم ـة‬
‫منّخاللّهذهّالدّراسةّلجريمةّالرشوةّفيّقانونّالوقايةّمنّالفسادّومكافحته ّرقمّ‬
‫‪ّ ،00/00‬التيّبموجبها ّتطرقنا ّإلىّالجانب ّالموضوعي واإلجرائي ّللجريمة‪ّ ،‬وذلك ّبقراءةّ‬
‫تحليليةّلنصّالمادةّ‪ّ91‬منه‪ّ،‬ثمّانتقلناّإلىّتحليلّمختلفّالميكانيزماتّالمسطّرةّلمكافحةّ‬
‫يمةّالرشوةّسواءّكانتّبالتدابيرّالوقائيةّأوّالقمعيةّ ّومنّمجملّهذهّالدراسة ّتوصلناّ‬
‫ّ‬ ‫جر‬
‫إلىّاالستنتاجاتّوالتّوصياتّالتّالية‪ّ :‬‬

‫االستنتاجات‬
‫ّالرشوة ّمن ّأخطر ّجرائم ّالفساد ّوأكثرها ّانتشا ار ّفكثي ار ّما ّنجدها ّتقترنّ‬
‫‪ -‬تعتبر ّجريمة ّ‬
‫بالفسادّمنّخاللّعناوينّالكتبّوالمقاالت‪ّ .‬‬
‫ّالراشيّ‬
‫ّللرشوة ّالذي ّيسوى ّبين ّ‬
‫المشرع ّالجزائري ّالنّظام ّالثنائي ّفي ّتجريمه ّ‬
‫‪ -‬اعتمد ّ ّ‬
‫والمرتشيّفيّالخطورةّاإلجراميةّويعتبرهماّفاعلين ّأصليين ّلكيّالّيفلتّأيّمنهماّمنّ‬
‫المشرع ّأدمج ّنص ّالمادة ّ‪ّ 090‬والمادة ّ‪ّ092‬‬
‫العقاب‪ّ ،‬لكن ّالجديد ّفي ّهذا ّالقانون ّأنّ ّ ّ‬
‫الملغاة ّمن ّقانون ّالعقوبات ّفي ّنص ّالمادة ّ‪ّ 91‬من ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬وقد ّأصابّ‬
‫المشرعّكثيراّفيّذلك‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -‬واكبتّالجزائرّالحملةّالدّوليةّفكانتّأولىّالدّولّالعربيةّالمصادقةّعلىّاتفاقيةّاألممّ‬
‫المتحدة ّلمكافحة ّالفساد‪ّ ،‬وتم ّإدماج ّنصوص ّهذه ّاالتفاقية ّفي ّالقانون ّالدّاخلي ّوذلكّ‬
‫بإصدار ّقانون ّمستقل ّيضمّ ّ مختلف ّجرائم ّالفساد ّاإلداري ّالمنصوص ّعليها ّسابقا ّفيّ‬
‫قانونّالعقوباتّباإلضافةّإلىّجملةّمنّجرائمّالفسادّالمستحدثة‪ّ .‬‬
‫ّتحري ّجديدة ّمنها ّالتّرصدّ‬
‫ّالمشرع ّأساليب ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬بموجب ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬استحدث‬
‫اإللكترونيّحيثّلمّيعملّبهّلحدّاليوم‪ّ،‬أماّالتّسليمّالمراقبّفهوّخاصّبمرورّالشحنات‪ّ،‬‬
‫سرب ّيخص ّالجرائم ّذات ّالطابع ّالجماعي ّوالمستمرة‪ّ ،‬وقد ّأضاف ّقانونّ‬
‫في ّحين ّالتّ ّ‬

‫‪122‬‬
‫اإلجراءات ّالجزائية ّأسلوب ّآخر ّوهو ّاعتراض ّالمراسالت ّوالتقاط ّالصّور ّوتسجيلّ‬
‫يمةّالرشوة‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫المكالمات‪ّ،‬وهيّمنّأفضلّاألساليبّالتيّنتوقعّنجاحهاّفيّالتّحريّعنّجر‬
‫تولىّالمشرعّالجزائريّفيّهذاّالقانونّضبطّمفهومّالموظّفّالعامّبتوسيعه‪ّ ،‬لينخرطّ‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫يمةّالرشوة وهذاّماّيحسبّمنّ‬
‫ّ‬ ‫فيهّطائفةّكانتّفيّمنأىّعنّالمساءلةّالجنائيةّعنّجر‬
‫مزاياّالقانونّرقمّ‪ّ .00/00‬‬
‫ّالمشرع ّالجزائري ّ عن ّجملة ّالمصطلحات ّالتي ّكان ّيستعملها ّفي ّقانونّ‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬استغنى‬
‫العقوباتّبمصطلحّالمزيةّغيرّالمستحقةّوهوّالمصطلحّاألدقّكونهّيشملّكلّماّهوّ‬
‫ماديّومعنوي‪ّ .‬‬
‫ّالرشوة ّواجبا ّقانونيا ّوأخالقيا ّوشرعيا‪ّ ،‬يحول ّفي ّالكثير ّمنّ‬
‫‪ -‬يعدّ ّاإلبالغ ّعن ّجريمة ّ‬
‫األحيانّدونّوقوعّالجريمة‪ّ،‬كماّيعززّمشاركةّأفرادّالمجتمعّفيّمكافحتها‪ّ .‬‬
‫كانتّخطوةّمهمةّمنّالمشرعّالجزائريّبنصّهّعلىّإنشاءّالهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّ‬
‫ّ‬ ‫‪-‬‬
‫الفسادّومكافحتهّورغمّالتعديالتّالتيّأدخلتّعلىّهياكلهاّوصالحياتهاّتبقىّذاتّدورّ‬
‫وقائيّبحت‪ّ .‬‬

‫التوصيات‬
‫المشرعّالجزائريّمسألةّاالعتقادّالخاطئّباالختصاص‪ّّ،‬وأنّيخصّّالوساطةّ‬
‫معالجةّ ّ‬ ‫‪-‬‬
‫يمةّالرشوةّبنصوصّخاصّة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فيّجّر‬
‫‪ -‬تعديلّالمادةّ‪ّ29‬منّالقانونّرقمّ‪ّّ00/00‬والتيّتنصّّعلىّجريمةّتلقيّالهداياّبماّيفيدّ‬
‫قبولّالمزاياّكماّيجبّأنّيضمنهاّالمكافأةّالالحقة‪.‬‬
‫‪ -‬أالّيقتصرّالتصريحّبالممتلكاتّعلىّالموظفّالمعنيّبلّالبدّوأنّيمتدّإلىّزوجهّ‬
‫وأوالدهّالبالغين‪.‬‬
‫‪ -‬أنّيكونّواجبّالتصريحّبالممتلكاتّدورياّكلّفترةّزمنيةّمعينةّوالّيتوقفّعندّكلّ‬
‫زيادةّفيّالذمةّالمالية‪ّ .‬‬

‫‪123‬‬
‫‪ -‬تفعيلّدور ّ الهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحته ّبضمانّاستقالليتهاّالتّامةّعنّ‬
‫السّلطةّالتّنفيذية‪ّ،‬وكذاّتفعيلّدورهاّواقعيا‪ّ .‬‬
‫‪ -‬أنّيكونّهناكّقضاءّمتخصصّعلىّدرجةّعاليةّمنّالنزاهةّوالكفاءةّفيّجرائمّالفسادّ‬
‫ةّعلىّبناءّأحكامّيقينيةّبناءّعلىّفهمهّلألساليبّالمتطورةّفيّجرائمّاألموال‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫لهّالقدر‬
‫ّالراهن ّهو ّغياب ّالوازع ّالديني ّواألخالقيّ‬
‫ّالرشوة ّفي ّوقتنا ّ‬
‫‪ -‬من ّأهم ّأسباب ّانتشار ّ‬
‫بصفةّأساسية‪ ّ،‬لذاّيجبّتفعيلّهذهّالجوانبّعنّطريقّاألسرةّوالمساجدّوكذاّالمدارس‪ّ .‬‬
‫ّالرقابة ّالمفاجئة ّواستعمال ّالكاميراتّ‬
‫‪ -‬تركيز ّالرقابة ّاإلدارية ّالدّاخلية‪ّ ،‬بتكثيف ّدورات ّ‬
‫داخل ّالمكاتب ّاإلدارية ّخاصة ّفي ّالمناصب ّاألكثر ّعرضة ّللرشوة ّوذلك ّدون ّعلمّ‬
‫الموظفين‪ّ .‬‬
‫‪ -‬تطويرّالعملّإلكترونياّداخلّاإلداراتّلتقليلّاحتكاكّالمواطنّبالموظّف‪ّ .‬‬
‫يمةّالرشوةّقانوناّلكنّالواقعّيؤكدّأنّ‬
‫ّ‬ ‫غمّأنّالمشرعّوفقّإلىّحدّ ّماّفيّمعالجةّجر‬
‫ّ‬ ‫‪ -‬ر‬
‫مماّيقوضّالمسارّالكفاحيّضدّالفسادّعموما‪ّ،‬لذلكّفاألمرّالّ‬
‫ّ‬ ‫هناكّأناساّفوقّالقانون‪ّ،‬‬
‫يت ّوقفّعندّمجردّسنّالتّشريعاتّالعقابية‪ّ،‬بلّالبدّّمنّأنّتكونّهناكّإرادةّجادةّللتّصديّ‬
‫يمةّالرشوةّمنّأعلىّهرمّالسّلطةّإلىّالمواطنّالبسيطّفيّالمجتمع‪ّ،‬ألنّّالدّورّهناّالّ‬
‫ّ‬ ‫لجر‬
‫يقتصرّعلىّالسّ لطةّبلّيحتاجّإلىّتكاثفّالجهودّوصدقّاإلرادة‪.‬‬

‫ّّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫‪124‬‬
‫ق ائمة المصادر والمراجع‬

‫‪125‬‬
‫أوال إلمصادر‪:‬‬

‫إلقوإنين‬

‫‪ّ .1‬قانونّالعقوباتّالجزائريّرقمّ‪ّ11/40‬المؤرخّفيّ‪ّ14‬نوفمبر‪ّ4440‬المعدلّبموجبّ‬
‫القانونّرقمّ‪.42/40‬‬
‫‪ّ .4‬القانونّرقمّ‪ّ 44/40‬المؤرخّفيّ‪ّ 4440ّ/14/44‬المعدلّوالمتممّلقانونّاإلجراءاتّ‬
‫الجزائيةّالجزائري‪.‬‬
‫‪ .2‬قانونّالوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّالمؤرخّفيّ‪ّ44‬فبرايرّ‪.4440‬‬
‫‪ .0‬القانون ّالعضوي ّرقم ّ‪ّ 11/40‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 4440/40/40‬المتضمن ّالقانونّ‬
‫األساسيّللقضاء‪.‬‬
‫‪ .1‬القانون ّالعضوي ّرقم ّ‪ّ 41/14‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 4414/41/14‬المتعلق ّبتنظيمّ‬
‫اإلنتخابات‪.‬‬
‫‪ .0‬القانون ّرقم ّ‪ّ 40/04‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 1004/40/40‬المتعلق ّبالبلدية ّالمعدل ّوالمتممّ‬
‫بالقانونّرقمّ‪ّ42/41‬المؤرخّفيّ‪.4441/40/10‬‬
‫‪ .0‬القانون ّرقم ّ‪ّ 40/04‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 1004/40/40‬المتعلق ّبالوالية ّالمعدل ّوالمتممّ‬
‫بالقانونّرقمّ‪ّ40/41‬المؤرخّفيّ‪.4441/40/10‬‬
‫‪ .0‬القانونّرقمّ‪ّ44/40‬المؤرخّفيّ‪ّ4440/44/44‬المتضمنّتنظيمّمهنةّالموثق‪.‬‬
‫‪ .0‬القانون ّرقم ّ‪ّ 42/40‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 4440/44/44‬المتضمن ّتنظيم ّمهنة ّالمحضرّ‬
‫القضائي‪.‬‬
‫‪ .14‬المرسوم ّالرئاسي ّرقم ّ‪ّ 441/04‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 41‬يوليو ّ‪ّ 1004‬المحدد ّلقائمةّ‬
‫الوظائفّالعلياّالتابعةّللدولةّتحتّعنوانّرئاسةّالجمهورية‬
‫‪ .11‬المرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ 012/40‬المؤرخّفي‪ّ 4440/11/44‬المتعلقّبتحديدّتشكيلةّ‬
‫الهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّوتنظيمهاّوكيفياتّسيرها‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫‪ .14‬المرسوم ّالرئاسي ّرقم ّ‪ّ 011/40‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 4440/11/44‬المحدد ّلكيفياتّ‬
‫التصريحّبالممتلكاتّبالنسبةّللموظفينّالعموميينّغيرّالمنصوصّعليهمّفيّالمادةّ‪ّ40‬‬
‫منّالقانونّالمتعلقّبالوقايةّمنّالفسادّومكافحته‪.‬‬
‫‪ .12‬المرسومّالرئاسيّرقمّ‪ّ 00/14‬المؤرخّفيّ‪ّ 4414/44/40‬المعدلّوالمتممّللمرسومّ‬
‫الرئاسي ّرقم ّ‪ّ 012/40‬المحدد ّلتشكيلة ّالهيئة ّالوطنية ّللوقاية ّمن ّالفساد ّومكافحتهّ‬
‫وتنظيمهاّوكيفياتّسيرها‪.‬‬
‫‪ .10‬المرسوم ّالتنفيذي ّرقم ّ‪ّ 440/04‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 41‬يوليو ّ‪ّ 1004‬المحدد ّلقائمةّ‬
‫الوظائفّالعلياّفيّالدولةّبعنوانّاإلداراتّوالمؤسساتّوالهيئاتّالعمومية‪.‬‬
‫‪ .11‬األمر ّرقم ّ‪ّ 42/40‬المؤرخ ّفي ّ‪ّ 4440/40/11‬المتضمن ّالقانون ّاألساسي ّالعامّ‬
‫للوظيفةّالعمومية‪.‬‬
‫‪ .10‬األمرّرقمّ‪ّ 44/00‬المؤرخّفيّ‪ّ 1000/41/14‬المتضمنّتنظيمّمهنةّمحافظّالبيعّ‬
‫بالمزايدة‪.‬‬
‫‪ .10‬األمرّرقمّ‪ّ12/01‬المؤرخّفيّ‪ّ1001/42/11‬المتضمنّتنظيمّمهنةّالمترجم‪.‬‬
‫ثانيا إلمرإجع‪:‬‬

‫إلكتب‬

‫‪ .1‬ابن ّمنظور‪ ّ ،‬لسان ّالعرب ّالمحيط‪ّ ،‬المجلد ّالثاني‪ّ ،‬دار ّالجيل‪ّ ،‬دار ّلسان ّالعربّ‬
‫لبنان‪ّ .‬‬
‫‪ .2‬أحمدّصبحيّالعطار‪ّ،‬جرائمّاالعتداءّعلىّالمصلحةّالعامةّ"ّدراسةّفيّالقسمّ‬
‫الخاصّمنّقانونّالعقوباتّالمصريّ"‪ّ،‬الهيئةّالمصريةّللكتاب‪ّ،‬مصر‪.1002ّ،‬‬
‫‪ .0‬أحسن ّبوسقيعة‪ّ ،‬القانون ّالجنائي ّالخاص‪ّ ،‬الجزء ّالثاني ّ"جرائم ّالموظفين ّـ ـ ّجرائمّ‬
‫المالّواألعمالّ ــّجرائمّالتزويرّ"ّدارّهومةّللطباعةّوالنشرّوالتوزيعّالجزائرّ‪.4440‬‬

‫‪127‬‬
‫‪ .1‬أحسن ّبوسقيعة‪ّ ،‬القانون ّالجنائي ّالخاص ّ"جرائم ّالفساد ّـ ّجرائم ّالمال ّواألعمال ّـّ‬
‫جرائمّالتزوير"ّدارّهومةّللطباعةّوالنشرّوالتوزيع‪ّ،‬الجزءّالثاني‪ّ،‬الطبعةّالثالثةّمنقحةّ‬
‫ومتممةّفيّضوءّالقانونّالمتعلقّبالفساد‪ّ،‬الجزائرّ‪.4440‬‬
‫‪ .0‬أحمدّأبوّالروس‪ّ،‬جرائمّالتزييفّوالتزويرّوالرشوةّواختالسّالمالّالعامّمنّالوجهةّ‬
‫القانونيةّوالفنية‪ّ،‬سلسلةّالموسوعةّالجنائية‪ّ،‬الكتابّالخامس‪ّ،‬المكتبّالجامعيّالحديثّ‬
‫اإلسكندرية‪.1000ّ،‬‬
‫‪ .0‬أحمد ّفتحي ّس ّرور‪ّ ،‬الوسيط ّفي ّقانون ّالعقوبات ّالجزائري" ّالقسم ّالخاص" ّدارّ‬
‫النهضةّالعربية‪ّ،‬مصر‪.1001ّ،‬‬
‫‪ .0‬إحسانّعلىّعبدّالحسين‪ّ،‬النهجّاإلسالميّفيّمكافحةّالرشوة‪ّ،‬بحثّقانونيّمقدمّ‬
‫إلىّهيئةّالنزاهةّ‪.4414‬‬
‫‪ .0‬العربي ّشحط ّعبد ّالقادر ّونبيل ّصقر‪ّ ،‬اإلثبات ّفي ّالمواد ّالجزائية ّفي ّضوء ّالفقهّ‬
‫واالجتهادّالقضائي‪ّ،‬دارّالهدىّللطباعةّوالنشرّوالتوزيع‪ّ،‬الجزائرّ‪.4440‬‬
‫‪ّ .14‬جندي ّعبد ّالملك‪ّ ،‬الموسوعة ّالجنائية‪ّ ،‬الجزء ّالرابع‪ّ ،‬الرشوة ّ"ظروف ّالجريمة"ّ‬
‫مصر‪ّ،‬دارّإحياءّالتراثّالعربي‪ّ،‬بيروت‪.4440ّ،‬‬
‫‪ّ .11‬‬
‫‪ .14‬رمسيس ّبنهام‪ّ ،‬الجرائم ّالمضرة ّبالمصلحة ّالعامة‪ّ ،‬الناشر ّمنشأة ّالمعرفّ‬
‫باإلسكندرية‪.1000ّ،‬‬
‫‪ .12‬فادياّقاسمّبيضون‪ّ،‬منّجرائمّأصحابّالياقاتّالبيضاءّ"ّالرشوةّوتبييضّاألموالّ"ّ‬
‫منشوراتّالحلبيّالحقوقية‪ّ،‬الطبعةّاألولى‪ّ،‬لبنان‪.4440،‬‬
‫‪ .10‬فتوح ّعبد ّاهلل ّالشاذلي‪ّ ،‬شرح ّقانون ّالعقوبات ّالقسم ّالخاص‪ّ ،‬الكتاب ّاألول ّجرائمّ‬
‫العدوانّعلىّالمصلحةّالعامة‪ّ،‬دارّالمطبوعاتّاإلسكندرية‪.4441،‬‬
‫‪ .11‬فخريّعبدّالرزاقّصلبيّالحديث‪ّ،‬شرحّقانونّالعقوباتّ"ّالقسمّالخاص"‪ّ،‬الطبعةّ‬
‫الثانية‪ّ،‬الناشرّالعاتكّبالقاهرة‪ّ،‬توزيعّالمكتبةّالقانونية‪ّ،‬بغداد‪.4440ّ،‬‬
‫‪128‬‬
‫‪ .10‬سعيدّبوّشعير‪ّ،‬النظامّالتأديبيّللموظفّالعموميّفيّالجزائر‪ّ،‬ديوانّالمطبوعاتّ‬
‫الجامعية‪ّ،‬الجزائرّ‪.1001‬‬
‫‪ .10‬سليمانّمحمدّالطماوي‪ّ،‬مبادئّالقانونّاإلداريّ"دراسةّمقارنة"‪ّ،‬دارّالفكرّالعربي‪ّ،‬‬
‫دارّالمحاميّللطباعة‪ّ،‬الطبعةّالسادسةّ‪.1000‬‬
‫‪ .10‬سليمان ّعبد ّالمنعم‪ّ ،‬قانون ّالعقوبات ّالخاص‪ّ ،‬الجرائم ّالماسة ّبالمصلحة ّالعامة‪ّ،‬‬
‫الجامعةّالجديدةّللنشر‪ّ،‬اإلسكندرية‪ّ،‬مصر‪1002ّ،‬‬
‫‪ .10‬محمدّأحمد ّالمشهداني‪ّ،‬الوسيطّفيّشرحّقانونّالعقوبات‪ّ،‬الوراقّللنشرّوالتوزيع‪ّ،‬‬
‫الطبعةّاألولى‪ّ،‬األردن‪.4440ّ،‬‬
‫‪ .44‬محمدّأحمدّالمشهداني‪ّ،‬شرحّقانونّالعقوباتّالقسمّالخاصّفيّالقانونّالوضعيّ‬
‫والشريعةّاإلسالمية‪ّ،‬الدارّالعلميةّالدولية‪ّ،‬دارّالثقافة‪ّ،‬عمان‪ّ،‬األردن‪،4441ّ،‬‬

‫‪ .41‬محمدّبنّعيسىّالترمذي‪ّ،‬سننّالترمذي‪ّ،‬دارّابنّالهيثم‪ّ،‬القاهرةّ‪.4440‬‬
‫‪ .44‬محمد ّأحمد ّغانم‪ّ ،‬المحاور ّالقانونية ّالشرعية ّللرشوة ّعبر ّالوطنية‪ّ ،‬دار ّالجامعةّ‬
‫الجديدة‪ّ،‬مصرّ‪.4440‬‬
‫‪ .42‬محمدّزكيّأبوّعامرّوعليّعبدّالقادرّالقهوجي‪ّ،‬القانونّالجنائيّالقسمّالخاص‪ّ،‬‬
‫الدارّالجامعية‪ّ،‬مصر‪ّ،‬بدونّسنةّالنشر‪.‬‬
‫‪ .40‬محمد ّزكي ّأبو ّعامر ّوسليمان ّعبد ّالمنعم‪ّ ،‬قانون ّالعقوبات ّالخاص ّمنشوراتّ‬
‫الحلبيّالحقوقية‪ّ،‬لبنان‪.4440ّ،‬‬
‫‪ .41‬محمدّأحمدّمونس‪ّ،‬جرائمّاألموالّالعامة‪ّ،‬دارّالفكرّوالقانون‪ّ،‬المنصورةّ‪.4414‬‬
‫‪ .40‬محمود ّنصر‪ّ ،‬الوسيط ّفي ّالجرائم ّالمضرة ّبالمصلحة ّالعامة‪ّ ،‬منشأة ّالمعارفّ‬
‫باإلسكندرية‪.4440ّ،‬‬
‫‪ .40‬محي ّالدين ّمحمدّبن ّيعقوب ّالفيروزّأبادي‪ّ ،‬القاموس ّالمحيط‪ّ،‬الجزء ّالرابع ّدارّ‬
‫الكتابّالعربي‪.1001ّ،‬‬

‫‪129‬‬
‫‪ .40‬عبدّاهللّأوهايبية‪ّ،‬شرحّقانونّاإلجراءاتّالجزائيةّالجزائريّ"ّالتحريّوالتحقيقّ"ّدارّ‬
‫هومةّللطباعةّوالنشرّوالتوزيع‪ّ،‬الجزائر‪.4440ّ،‬‬
‫‪ .40‬عبدّاهللّأوهايبية‪ّ،‬شرحّقانون ّ العقوباتّالجزائريّ"ّالقسمّالعامّ"‪ّ،‬مطبعةّالكاهنة‪ّ،‬‬
‫الجزائر‪.4442ّ،‬‬
‫‪ .24‬عبدّاهللّالحنفي‪ّ،‬السلطاتّاإلداريةّالمستقلة‪ّ،‬دراسةّمقارنة‪ّ،‬دارّالنهضةّالعربية‪ّ،‬‬
‫مصر‪.4444،‬‬
‫‪ .21‬علي ّمحمد ّجعفر‪ّ ،‬قانون ّالعقوبات ّ"جرائم ّالرشوة ّواالختالس ّواإلخالل ّبالثقةّ‬
‫واالعتداءّعلىّاألشخاصّواألموال"‪ّ،‬المؤسسةّالجامعيةّللدراساتّوالنشرّوالتوزيعّالطبعةّ‬
‫الثانية‪ّ،‬بيروتّ‪.4440‬‬
‫‪ .24‬عوض ّمحمد‪ّ ،‬الجرائم ّالمضرة ّبالمصلحة ّالعامة‪ّ ،‬الناشر ّمنشأة ّالمعارفّ‬
‫باإلسكندرية‪.1001ّ،‬‬
‫‪ .22‬عبدّالعزيزّسعد‪ّ،‬جرائمّاالعتداءّعلىّاألموالّالعامةّوالخاصة‪ّ،‬دارّهومةّللطباعةّ‬
‫والنشرّوالتوزيع‪ّ،‬الجزائرّ‪.4441‬‬
‫‪ .20‬عبد ّالحميد ّالشواربي‪ّ ،‬التعليق ّالموضوعي ّعلى ّقانون ّالعقوبات‪ّ ،‬الكتاب ّالثانيّ‬
‫الجنايات ّوالجنح ّالمضرة ّبالمصلحة ّالعامة ّفي ّضوء ّالفقه ّوالقضاء‪ّ ،‬منشأة ّالمعارفّ‬
‫باإلسكندريةّ‪.4442‬‬
‫‪ .21‬عبدّالرحيمّبنّابراهيمّبنّعبدّالرحمانّالسيدّالهاشم‪ّ،‬الهداياّللموظفينّوأحكامهاّ‬
‫وكيفيةّالتصرفّفيها‪ّ،‬دارّبنّالجوزي‪.‬‬
‫‪ .20‬عبدّالغنيّالنابلسي‪ّ،‬تحقيقّالقضيةّفيّالفرقّبينّالرشوةّوالهدية‪ّ،‬الطبعةّاالولى‪ّ،‬‬
‫مكتبةّالزهراء‪ّ،‬القاهرةّ‪.1001‬‬
‫‪ .20‬عادلّعبدّالعزيزّالسن‪ّ،‬مكافحةّأعمالّالرشوة‪ّ،‬المنظمةّالعربيةّللتنميةّاالدارية‪ّ،‬‬
‫شرمّالشيخّ‪.4440/14/0-2‬‬

‫‪130‬‬
‫‪ .20‬علي ّعبد ّا لقادر ّالقهوجي‪ّ ،‬قانون ّالعقوبات‪ّ ،‬القسم ّالخاص‪ّ ،‬جرائم ّاالعتداء ّعلىّ‬
‫المصلحة ّالعامة ّوعلى ّاالنسان ّوالمال‪ّ ،‬منشورات ّالحلبي ّالحقوقية‪ّ ،‬بيروت‪ّ ،‬لبنان‪ّ،‬‬
‫‪4441‬‬
‫‪ .20‬كامل ّالسعيد‪ّ ،‬شرح ّقانون ّالعقوبات‪ّ ،‬الجرائم ّالمضرة ّبالمصلحة ّالعامة ّ"دراسةّ‬
‫تحليليةّمقارنة"‪ّ،‬دارّالثقافةّللنشرّوالت ّوزيع‪ّ،‬الطبعةّاألولى‪ّ،‬األردنّ‪ّ .4440‬‬
‫إلرسائل وإألطروحات إلجامعية‬
‫ّ‬
‫‪ .1‬أحمدّبنّعبدّاهللّبنّسعودّالفارس‪ّ،‬تجريمّالفسادّفيّاتفاقيةّاألممّالمتحدة‪ّ،‬مذكرةّ‬
‫ماجستير‪ّ ،‬قسم ّالعدالة ّالجنائية‪ّ ،‬تخصص ّتشريع ّجنائي ّإسالمي ّجامعة ّنايف ّللعلومّ‬
‫األمنية‪ّ،‬الرياضّ‪ّ .4440‬‬
‫‪ .4‬ابراهيمّبنّصالحّبنّحمدّالرعوجي‪ّ،‬التدابيرّالوقائيةّمنّجريمةّالرشوةّفيّالشريعةّ‬
‫اإلسالمية‪ّ،‬مذكرةّماجستير‪ّ،‬تخصصّتشريعّجنائيّإسالمي‪ّ،‬جامعةّنايفّللعلومّاألمنيةّ‬
‫‪.4442‬‬
‫‪ .2‬بوعزةّنضيرة‪ّ،‬جريمةّالرشوةّفيّظلّالقانونّرقمّ‪ّ41/40‬المتعلقّبالوقايةّمنّالفسادّ‬
‫ومكافحته‪ّ ،‬مذكرة ّ مكملةّلنيل ّشهادة ّماجستير ّفي ّالقانون ّالخاص‪ّ ،‬فرع ّقانون ّالسوق‪ّ،‬‬
‫كليةّالحقوق‪ّ،‬جامعةّجيجل‪.4440ّ،‬‬
‫‪ .0‬قشي ّمحمد ّالصالح‪ّ ،‬جريمة ّالرشوة ّفي ّظل ّقانون ّالوقاية ّمن ّالفساد ّومكافحتهّ‬
‫‪ّ، 41/40‬مذكرةّمكملةّلنيلّشهادةّماجستير‪ّ،‬فرعّعلومّجنائيةّوقانونّالعقوبات‪ّ،‬كليةّ‬
‫الحقوق‪ّ،‬جامعةّمنت ّوري‪ّ،‬قسنطينةّ‪.4411/4414‬‬
‫‪ .1‬زوزوّزوليخة‪ّ،‬جرائمّالصفقاتّالعموميةّوآلياتّمكافحتهاّفيّظلّالقانونّالمتعلقّ‬
‫بالفساد‪ّ ،‬مذكرة ّمكملة ّلنيل ّشهادة ّماجستير‪ّ ،‬القانون ّالجنائي‪ّ ،‬كلية ّالحقوق ّوالعلومّ‬
‫السياسية‪ّ،‬جامعةّقاصديّمرباح‪ّ،‬ورقلة‪4414/4411ّ،‬‬
‫‪ .0‬عثماني ّفاطمة‪ّ ،‬التصريح ّبالممتلكات ّكآلية ّلمكافحة ّالفساد ّاإلداري ّفي ّالوظائفّ‬
‫العموميةّفيّالدولة‪ّ،‬مذكرةّمكملةّلنيلّشهادةّماجستيرّفيّالقانونّالعام‪ّ،‬فرعّتحوالتّ‬
‫‪131‬‬
‫الدولة‪ّ ،‬مدرسة ّالدكتوراهّالقانونّاألساسي ّوالعلوم ّالسياسية‪ّ ،‬كليةّالحقوق ّجامعة ّمولودّ‬
‫معمريّتيزيّوزو‪.4411/4414،‬‬
‫‪ .0‬عبدهّعزّالدين‪ّ،‬عمليةّتدريبّالموظفّالعامّفيّالجزائر‪ّ،‬مذكرةّمكملةّلنيلّشهادةّ‬
‫ماجستير ّقسم ّالقانون ّالعام‪ّ ،‬فرع ّاإلدارة ّوالمالية‪ّ ،‬كلية ّالحقوق ّبن ّعكنونّ‬
‫‪.4444/4441‬‬
‫‪ .0‬سعيد ّبن ّفهد ّالزهيري ّالقحطاني‪ّ ،‬اجراءات ّالوقاية ّمن ّجريمة ّالرشوة ّفي ّالمملكةّ‬
‫العربية ّالسعودية‪ّ ،‬مذكرة ّماجستير‪ّ ،‬قسم ّالعدالة ّالجنائية ّتخصص ّالتشريع ّالجنائيّ‬
‫اإلسالمي‪ّ،‬جامعةّنايفّللعلومّاالمنيةّ‪.4441‬‬
‫‪ .0‬نواف ّخالد ّفايز ّالعتيبي‪ّ ،‬العزل ّمن ّالوظيفة ّالعامة ّكعقوبة ّجنائية ّوتطبيقاتها ّفيّ‬
‫المملكة ّالعربية ّالسعودية‪ّ ،‬مذكرة ّماجستير‪ّ ،‬قسم ّالعدالة ّالجنائية ّتخصص ّالتشريعّ‬
‫الجنائيّاالسالمي‪ّ،‬جامعةّنايفّللعلومّاألمنيةّالرياض‪.‬‬
‫إلملتقيات إلوطنية‬
‫‪ .1‬الملتقى ّالوطني ّحول ّاألليات ّالقانونية ّلمكافحة ّالفساد ّيومي ّ‪ّ 4440/2/2-4‬جامعةّ‬
‫قاصديّمرباح‪ّ،‬ورقلة‪.‬‬
‫‪ -‬ضويفيّمحمد‪ّ،‬التصريحّبالممتلكاتّكآليةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحته‪.‬‬
‫‪ -‬عبد ّالعالي ّحاحة ّ وأمال ّيعيش ّتمام‪ّ ،‬دور ّأجهزة ّالرقابة ّفي ّمكافحة ّالفساد ّفيّ‬
‫الجزائرّبينّالنظريةّوالتطبيق‪.‬‬
‫‪ -‬مقني ّبن ّعمار ّوبوراس ّعبد ّالقادر‪ّ ،‬التنصت ّعلى ّالمكالمات ّالهاتفية ّواعتراضّ‬
‫المراسالتّكآليةّللوقايةّمنّجرائمّالفساد‪.‬‬
‫‪ .4‬الملتقىّالوطنيّحولّسلطاتّالضبطّالمستقلةّفيّالمجالّاالقتصاديّوالمالي‪ّ،‬جامعةّ‬
‫بجايةّيوميّ‪/40-42‬ماي‪.4440/‬‬
‫‪ -‬شيخّناجية‪ّ،‬المركزّالقانونيّللهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحته‪.‬‬
‫‪ .2‬الملتقىّالوطنيّحولّمكافحةّالفسادّوتبييضّاألموالّمولودّمعمريّتيزيّوزو‪.‬‬
‫‪132‬‬
‫‪ -‬موساوي ّعبد ّالحليم‪ّ ،‬التغطية ّاإلعالمية ّلقضايا ّالفساد ّبين ّالضرورة ّالمهنيةّ‬
‫والمتابعةّالقضائية‪.‬‬
‫‪ -‬محمد ّهاملي‪ّ ،‬هيئة ّمكافحة ّالفساد ّوالتصريح ّبالممتلكات ّكآليتين ّلمكافحة ّالفسادّ‬
‫فيّالوظائفّالعامةّفيّالدولة‪.‬‬
‫إلمجالت‬
‫‪ .1‬المجلةّالقضائية‪ّ،‬العددّ‪ّ،40‬الجزائر‪.1004ّ،‬‬
‫‪ .4‬المجلةّالقضائية‪ّ،‬العددّ‪ّ،44‬الجزائر‪.1001ّ،‬‬
‫‪ّ،‬الجزائر‪.1000ّ،‬‬
‫‪ .2‬المجلةّالقضائية‪ّ،‬العددّ‪ّ 41‬‬
‫‪ .0‬المجلةّالعربيةّللفقهّوالقضاءّاإلماراتّالعربيةّالمتحدة‪ّ،‬العددّ‪.41‬‬
‫‪ -‬عبد ّالعزيز ّمحمد ّحمد ّالساتي‪ّ ،‬رشوة ّالموظف ّالعام ّفي ّالقوانين ّالعقابية ّللدولّ‬
‫العربيةّ"ّدراسةّتشريعيةّمقارنةّ"‪.‬‬
‫‪ .1‬مجلةّ االجتهادّالقضائيّ"ّيومّدراسيّحولّقانونّالوقايةّمنّالفسادّومكافحته"ّالعددّ‬
‫الخامسّ‪ّ،4440‬بسكرة‪.‬‬
‫‪ -‬حسينّفريجة‪ّ،‬مداخلةّبعنوانّالمجتمعّالدولةّومكافحةّالفساد‪.‬‬
‫‪ -‬رمزيّحوحوّولبنىّدنش‪ّ،‬الهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحته‪ّ.‬‬
‫‪ -‬عادلّمستاريّوموسىّقروف‪ّ،‬جريمةّالرشوةّفيّظلّالقانونّرقمّ‪. 41/40‬‬
‫‪ .0‬مجلةّاألمنّوالحياةّالعددّ‪ّ،04‬الرياض‪ّ،‬السعوديةّ‪.1000،‬‬
‫‪ -‬عبدّاهللّالبنيان‪ّ،‬حسنّاأللفي‪ّ،‬الرشوةّإبطالّحقّواحقاقّباطل‪.‬‬
‫‪ .1‬مجلة ّدفاتر ّالسياسة ّوالقانون" ّمجلة ّدورية ّدولية ّمحكمة ّفي ّالحقوق ّوالعلومّ‬
‫السياسية‪ّ،‬جامعةّقاصديّمرباح‪ّ،‬ورقلة‪ّ،‬العددّالسابع‪ّ،‬جوانّ‪.4414‬‬
‫‪ -‬خضريّحمزة‪ّ،‬الوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّفيّإطارّالصفقاتّالعمومية‪.‬‬
‫‪ .0‬األكاديمية ّللدراسات ّاالجتماعية ّواإلنسانية‪ّ ،‬مجلة ّدورية ّدولية ّمحكمة‪ّ ،‬حسيبة ّبنّ‬
‫بوعلي‪ّ،‬شلف‪ّ،‬العددّ‪4411/0‬‬
‫‪133‬‬
.‫ّالرشوةّفيّقانونّمكافحةّالفساد‬،‫فرقاقّمعمر‬ -
ّ

Les ouvrages
corruption et la lutte ، la société civile،Mr BéLAID ABRIKA‫ ـ‬.0
conference national concernant la ،contre la corruption
lutte contre la corruption et la blanchement.
les autorités administratives ، RACHID ZOUIMIA‫ ـ‬.9
indépendante et la régulation économique en Algérie
2005.، alger،édition distribution Houma
ّ

134
‫الفهرس‬

‫الفصل التمهيدي‪ :‬ماهية جريمة الرشوة‪60 ................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم جريمة الرشوة‪60 .................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف جريمة لرشوة‪60 ...................................................‬‬

‫‪135‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف الرشوة لغة‪60/60 ....................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعريف الرشوة إصطالحا ‪60/60 ..............................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لجريمة الرشوة ‪60 ...........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬نظام وحدة جريمة الرشوة ‪60/60 ............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نطام ثنائية جريمة الرشوة‪60/60 .............................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬موقف المشرع الجزائري‪60/60 ............................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تمييز الرشوة عما يشابهها من جرائم ‪60 ....................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬جريمتا إستغالل النفوذ وإساءة إستغالل الوظيفة‪60 .........................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬جريمة إستغالل النفوذ‪00/60 .................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬جريمة إساءة إستغالل الوظيفة‪00/00 ...........................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬جريمتا اإلثراء غير المشروع وتلقي الهدايا‪00 .................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬جريمة اإلثراء غير المشروع‪00/00 .............................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬جريمة تلقي الهدايا‪00/00 .....................................................‬‬

‫خالصة الفصل التمهيدي‪00 ...........................................................‬‬

‫الفصــل األول‪ :‬األحكام الموضوعية لجريمة الرشوة في القانون رقم ‪00 ...............60/60‬‬

‫المبحث األول‪ :‬صفة الموظف العام‪00....................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الموظف العام‪06 ...................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريفه وفقا للقانون األساسي العام للوظيفة العمومية‪00/06 .....................‬‬

‫‪136‬‬
‫أوال‪ :‬التعيين‪00.........................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬ديمومة المنصب‪00...............................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬الترسيم‪00/00......................................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬العمل لدى المؤسسات المذكورة بالمادة ‪ 60‬من األمر رقم ‪00/00..............60/60‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تعريفه وفقا للقانون رقم ‪00/00 ........................................60/60‬‬

‫أوال‪ :‬ذوو المناصب التنفيذية و اإلدارية و القضائية‪00/00...................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬ذوو الوكالة النيابية‪00/00............................................................‬‬

‫ثالثا‪:‬متولو وظائف أو وكالة لدئ مؤسسة عمومية ذات رأس مال مختلط‪00/00...............‬‬

‫رابعا‪ :‬كل شخص اخر معرف أنه موظف عمومي‪00/00....................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االختصاص بالعمل الوظيفي‪00 ............................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم االختصاص‪00 .......................................................‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف االختصاص ومصدره‪00/00 ....................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬االعتقاد الخاطئ باالختصاص والزعم به‪06 .........................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬لحظة توافر الصفة واالختصاص‪00/00 .........................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أركان جريمة الرشوة‪00 ....................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أركان الرشوة السلبية‪00 ..................................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي‪00 ............................................................‬‬

‫أوال‪ :‬السلوك اإلجرامي‪00/00 ..............................................................‬‬

‫‪137‬‬
‫ثانيا‪ :‬محل الجريمة‪06/00 ....................................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬النتيجة الجرمية‪00/06 ................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المعنوي‪00 ..........................................................‬‬

‫أوال‪ :‬عناصر القصد الجنائي في جريمة الرشوة‪00/00 ..........................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬لحظة توافر القصد الجنائي لدى المرتشي‪00/00 .........................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬إثبات القصد الجنائي في جريمة الرشوة السلبية‪00 ...................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أركان جريمة الرشوة اإليجابية ‪00/00 ..........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الركن المادي‪00 ...........................................................‬‬

‫أوال‪ :‬السلوك اإلجرامي‪00/00 ..............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬النتيجة الجرمية‪00/00 ...............................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الركن المعنوي‪00 ...........................................................‬‬

‫أوال‪ :‬القصد الجنائي العام ‪00 ...........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬القصد الجنائي الخاص‪00 ..........................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬إثبات القصد الجنائي في الرشوة اإليجابية‪00 .........................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬المركز القانوني للوسيط والمستفيد في جريمة الرشوة‪00 ........................‬‬

‫أوال‪ :‬المستفيد من المزية‪00 ..............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الوسيط في جريمة الرشوة‪00 .......................................................‬‬

‫ملخص الفصل األول‪00 ..............................................................‬‬

‫‪138‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬آليات مكافحة جريمة الرشوة وفقا للقانون رقم ‪00 ..................60/60‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اآلليات الوقائية من جريمة الرشوة‪00 ......................................‬‬

‫المط لب األول‪ :‬التدابير الوقائية في القطاع العام‪00 ........................................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مبادئ التوظيف ومدونات أخالقيات المهنة‪00 ...............................‬‬

‫أوال‪ :‬مبادئ التوظيف في القطاع العام‪06/00 .. ..............................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬مدونات أخالقيات المهنة‪00/06 ......................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬واجب التصريح بالممتلكات‪00 .............................................‬‬

‫أوال‪ :‬الموظفون الملزمون بواجب التصريح بالممتلكات‪00/00 ..................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬محتوى التصريح‪00/00 ...............................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اآلليات المؤسساتية للوقاية من جريمة الرشوة‪00 ...........................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته‪00 ...............................‬‬

‫أوال‪ :‬الطبيعة القانونية للهيئة‪00/00 ........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬إستقاللية الهيئة ومعوقاتها‪00/00 .......................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دور المجتمع المدني واإلعالم‪00 ..............................................‬‬

‫أوال‪ :‬المجتمع المدني‪00/00 ..................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور اإلعالم ‪00 ..................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬قمع جريمة الرشوة وفقا للقانون رقم ‪06 ...........................60/60‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المتابعة الجزائية‪06 ........................................................‬‬

‫‪139‬‬
‫الفرع األول‪ :‬األساليب التحري التقليدية لكشف وإثبات جريمة الرشوة‪00 .................‬‬

‫أوال‪ :‬اإلعتراف‪00/00......................................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬التلبس‪00/00 .......................................................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أساليب التحري المستحدثة ‪00 ............................................‬‬

‫أوال‪:‬التسليم المراقب‪00/00 ............................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬الترصد اإللكتروني‪00 .........................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬التسرب‪00/00 ..................................................................‬‬

‫رابعا‪ :‬إعتراض المراسالت وتسجيل األصوات والتقاط الصور‪066/00 ......................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلجراءات القمعية لرشوة الموظف العمومي الوطني‪066 ..................‬‬

‫الفرع األول‪ :‬العقوبات المقررة للشخص الطبيعي‪066 ..................................‬‬

‫أوال‪ :‬العقوبات األصلية‪060/066 ..........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبات التكميلية‪060/060 ........................................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬العقوبات المقررة في حالة الشروع أو المشاركة‪060/060 ................................‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العقوبات المقررة للشخص المعنوي‪060/060 ...................................‬‬

‫أوال‪ :‬العقوبات األصلية‪060 ..........................................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبات التكميلية‪060/060 .........................................................‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التقادم وظروف التشديد والتخفيف‪060 .................................‬‬

‫أوال‪ :‬ظروف التشديد والتخفيف في جريمة الرشوة‪006/060 ..................................‬‬

‫‪140‬‬
‫ثانيا‪ :‬التقادم في جريمة الرشوة‪000/006 ....................................................‬‬

‫ملخص الفصل الثاني‪000 ...........................................................‬‬

‫خاتمة ‪000/000 .........................................................................‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‪000/000 .........................................................‬‬

‫ّ‬

‫‪141‬‬
‫الملخص ّ‬

‫يعدّ ّالموظف ّالعمومي ّحلقة ّالوصل ّبين ّالدولة ّوالمواطن ّمن ّخالل ّالخدماتّ‬
‫التيّيقدمهاّلهّوفيّإطارّهذهّالعالقةّكثيراّماّترتكبّجريمةّالرشوة‪ّ .‬‬

‫ّوغالباّماّتقترنّجريمةّالرشوةّبالموظفّالعموميّإذّفيّذهنّالغالبيةّالساحقةّأنّّ‬
‫الموظفّهوّالجانيّدائماّمماّيفقدّالثقةّفيّالدولة‪ّ ،‬لكنّالعكسّفالمواطنّلمّيتوانيّفيّ‬
‫وقتناّالحاليّبالمبادرةّبعرضّالرشوةّوحتىّاإلصرارّأحياناّعلىّقبولهاّلقضاءّمصالحه‪ّ،‬‬
‫وهذا ّما ّجعل ّالمشرع ّا لجزائري ّيعتمد ّمذهب ّثنائية ّالرشوة ّلما ّله ّمن ّمزايا ّتكفل ّعدمّ‬
‫إفالتّالجانيّمنّالعقابّأيّاّكانّراشياّأوّمرتشيا‪ّ،‬لكنهّلمّيتناولّبالذكرّالمركزّالقانونيّ‬
‫للوسيطّفهوّالّيقلّخطورةّعنّسابقيهّوالّالمستفيدّفيرجعّفيّذلكّللقواعدّالعامة‪ّ .‬‬

‫ّورغمّأنّالمشرعّالجزائريّعالجّجريمةّالرشوةّسابقا ّفيّقانونّالعقوباتّلكنهّلمّ‬
‫يفلح ّفي ّالحدّ ّ منها ّمما ّدفعه ّإلى ّتغيير ّالسياسة ّالجنائية ّفي ّذلك ّمعتمدا ّعلى ّالوقايةّ‬
‫والردع ّ ّحيث ّجند ّالقطاع ّالعام ّبجملة ّمن ّالتدابير ّالوقائية ّتتمثل ّفي ّمبادئ ّالتوظيفّ‬
‫وأخالقيات ّالمهنة ّوالتصريح ّبالممتلكات ّلما ّلها ّمن ّأهمية ّفي ّتجسيد ّمبدأ ّالرقابةّ‬
‫والمحاسبةّالداخليةّوكذاّضرورةّاعتمادّالشفافيةّعلىّمستوىّاإلدارات‪ّ،‬ودعمّذلكّبهياكلّ‬
‫مؤسساتيةّتجسدتّفيّالهيئةّالوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّومكافحتهّالتيّأنيطتّلهاّمهمةّ‬
‫وضعّاستراتيجيةّوطنيةّللوقايةّمنّالفسادّورغمّأنهاّلمّترىّالنورّإالّبعدّأّربعّسنواتّمنّ‬
‫صدور ّالقانون ّإالّ ّأنها ّلم ّتمنح ّاالستقاللية ّالتامة ّعن ّالسلطة ّالتنفيذية ّمما ّيقوضّ‬
‫فعاليتهاّعلىّأرضّالواقع‪ّ .‬‬

‫ّومن ّأهم ّما ّنوه ّعليه ّالقانون ّرقم ّ‪ّ 00/00‬ضرورة ّتشجيع ّالمجتمع ّالمدنيّ‬
‫دورهماّ‬
‫واإلعالمّللعملّعلىّمكافحةّجرائمّالفساد ّكلّمنّمجالّعمله‪ّ ،‬وذلكّمنّمنطلق ّ ّ‬
‫الفعال ّ في ّالتوعية ّبمخاطر ّجريمة ّالرشوة ّوالضغط ّعلى ّالسلطات ّالعليا ّلمحاسبةّ‬
‫المرتشينّوكشفّقضاياّالرشوةّخاصةّالكبرىّمنهاّللناس‪ّ .‬‬
‫‪142‬‬
‫وباإلضافة ّإلى ّالجانب ّالوقائي ّقام ّالمشرع ّبتجنيح ّكافة ّجرائم ّالفساد ّبما ّفيهاّ‬
‫جريمةّالرشوةّحتىّفيّصورتهاّالمشددةّحيثّلجأّإلىّتلطيفّالعقوبةّالسالبةّللحريةّمعّ‬
‫تغليظّالعقوبةّالمالية‪ّ ،‬وقدّحددّحصراّفئاتّمعينةّمنّالموظفينّبالتشديدّوذلكّمنّبابّ‬
‫أنّ هّيفترضّبهاّالعلمّاليقينيّبالقانونّوتطبيقهّوملزمةّبمكافحةّجريمةّالرشوةّوبالتاليّفهيّ‬
‫أولىّبصرامةّالقانون‪ّ .‬‬

‫ّجرائمّالفسادّعموما ّوفقاّللقانونّرقمّ‪ّ00/00‬تتقادمّوفقاّللقواعدّالعامةّلكنهاّالّ‬
‫فيّحينّمِّّيزتّجريمةّ‬
‫ُّ‬ ‫تتقادمّفيّحالةّماّإذاّتمّتحويلّالعائداتّاإلجراميةّخارجّالجزائر‪ّ،‬‬
‫الرشوة ّعن ّجرائم ّالفساد ّبمقتضى ّالمادة ّ‪ّ 09‬مكرر ّمن ّقانون ّاإلجراءات ّالجزائية ّالتيّ‬
‫جعلتها ّال ّتتقادم ّأبدا ّحتى ّوان ّكانت ّالعائدات ّاإلجرامية ّبالجزائر‪ّ ،‬مما ّيعكس ّمدىّ‬
‫خطورة ّهذه ّالجريمة ّوضرورة ّمكافحتها ّبكل ّالطرق ّوذلك ّال ّيعتمد ّعلى ّما ّتجود ّبهّ‬
‫السلطةّالتشريعية ّمنّنصوص ّقانونيةّجامدة ّفي ّظل ّغياب ّاإلرادة ّوالعزيمة ّلمحاربتهاّ‬
‫ادّالمجتمعّمنّأبسطّمواطنّإلىّأعلىّ‬
‫ّ‬ ‫وعليهّالبدّمنّأنّ تتكرسّهذهّاإلرادةّلدىّكافةّأفر‬
‫موظف ّفي ّهرم ّالسلطة‪ّ ،‬ويجب ّأن ّتتجند ّكل ّمؤسسات ّالدولة ّمن ّمدارس ّومساجدّ‬
‫وجمعيات ّوادارات ّوغيرها ّلتطويقها ّفبتكاثف ّالجهود ّوقوة ّالعزيمة ّالبد ّأن ّنهزم ّجريمةّ‬
‫الرشوةّوأفضلّالسبلّلذلكّتفعيلّالجانبّالدينيّإليقاظّالوازعّالدينيّواألخالقيّفيصبحّ‬
‫الضميرّهوّالمراقبّمماّيكفيناّمغبةّالرقابةّالخارجية‪ّ .‬‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫ّ‬

‫‪143‬‬
Le résumé
L'agent public est le lien entre l'état et le citoyen à travers les
services fournis par lui dans le cadre de la relation est
souvent commis le crime de la corruption.
Et est souvent associée à l'infraction de corruption d'agent
que dans l'esprit de l'écrasante majorité que l'employé est
toujours le coupable perd confiance en état. Mais au contraire
c'est le citoyen qui commence et insiste par fois à donner la
corruption aux agents pour régler ses affaires personnelles.
Est-ce la qui laisse législateur Algérien de créer la doctrine la
double corruption pour éviter que le coupable échappe à la
justice qu’il soit corrupteur ou corrompu. Mais il n'a pas pris
en considération le cas du médiateur qui aussi coupable que
les autres.
Malgré que le législateur Algérien à traité le crime de la
corruption dans le code pénal mais il n'a pas réussi à y mettre
fin ce qui l'a poussé à changer la politique criminelle en
basant sur la prévention est la sanction. Ou le secteur
publique après des mesures préventives qui se représentent
dans les principes de recrutement la moralité professionnelle
et la déclaration sur les biens ce qu'elle a d'une très grande
importance pour restituer le principe de contrôle est de
gestion interne. Il est obligé d'adopté la transparence au
niveau des administrations. Il à doté cela par des
infrastructures comme l'organisation national pour la
prévention de la corruption et son lutte cela est chargée de
proposer une stratégie nationale pour la prévention de la
corruption. ce projet n'est pas appliqué depuis sa publication
officiel sous le numéros 01/06 mais ne lui donne pas
l'autonomie de l'autorité exécutive qui va diminuer son

144
efficacité sur le terrain. Et de ce que mentionne la loi N° 01/06
à encourager la société civile et les medias de travailler
ensemble pour lutter contre les crimes de corruption chacun
dans son domaine. Et cela d'après leurs rôles efficace dans la
sensibilisation de différents dangers de la corruption qui
menace les hautes autorités pour sanctionner les corrupteurs
et de publier les affaires liées à la corruption et surtout les
grandes affaires .En plus le législateur a sévèrement punis
ces crimes y compris ceux de la corruption. Là où il est la
contraint à payer une amende au lieu de passer la peine en
prison. Ce législateur a limité certaines catégories d'employés
qui sont punis parce qu'ils étaient au courant de la loi 01/06 et
sensés l'appliquer et lutter contre ces crimes. Généralement
d'après la loi 01/06, les crimes de la corruption deviennent
archaïque selon les règles générales. Mais cela si on le traité
en dehors de Algérie. Ce crime est distingué de tous les
autres crimes de l'immoralité selon l'article bis 08 du code des
mesures pénales ce qu'elles laissent en prescription
criminelle même si les revenues criminelles passaient en
algérie. Ce qui nous oblige de lutter contre ces crimes en
utilisant toutes les lois.et pour cela on ne base pas sur ce que
nous donne l'assemblée législative de textes juridiques
rigides en l'absence de la volonté et de la détermination à
combattre. Et de cela il faut de se dévouer cette volonté chez
toute la société du simple citoyen jusqu'au meilleur employé
dans la pyramide du pouvoir. Il faut qu'il se mobilise toutes les
institutions étatiques d'écoles, de mosquées, des
associations et d'autres administrations pour les encercler.
Avec la condensation des efforts et la force de but, doit
vaincre le crime de la corruption et les meilleurs façons
d'activer le coté religieux à l'éveil de la foi religieuse et de
conscience morale devient l'observateur que suffisant pour
les conséquences de control externe.
145
146

You might also like