Professional Documents
Culture Documents
التطور الذي طرأ على النظام القضائي الجزائري بعد دستور 1996جسد صراحة االزدواجية القضائية ففصل بين القضاء
العادي والقضاء اإلداري وبغض النظر عن مزايا هذا الفصل فإنه كان يجب تدعيم هذا التطور بنصوص قانونية لرفع اللبس
والغموض على كثير من المفاهيم والتي تسببت في عدة إشكاالت في القضاء ،ولعل أبرز هذه النصوص قانون اإلجراءات
المدنية واإلدارية الجديد .
إن ترسيخ االزدواجية القضائية كان يتطلب إفراد إجراءات تقاضي خاصة لكل من القضاء العادي والقضاء اإلداري وبذلك
يتجسد الفصل بصفة وصورة ال لبس فيها ،ومن مظاهر هذا الفصل الذي نلمسه في قانون 09-08الفصل بين االستعجال
في القضاء العادي والقضاء اإلداري ،وال يخفى على أي دارس في ميدان القانون مدى األهمية التي أعطاها المشرع في
هذا القانون لالستعجال في القضاء اإلداري فقد خصص له بابا كامال من ستة فصول .
إن التركيز على االستعجال في القضاء اإلداري لم يكن وليد األسباب المذكورة سابقا فقط بل للدور الذي يمكن أن يلعبه في
توازن العالقة بين اإلدارة واألفراد ال ُمخاطبين بقراراتها وتصرفاتها القانونية والمادية وما ينتج eذلك من تصادم بين أعمال
اإلدارة أثناء سعيها لتحقيق المصلحة العامة والمصلحة الخاصة لألفراد وحرياتهم .
و ال شك أن تناول االستعجال في القضاء اإلداري من خالل قانون اإلجراءات المدنية eواإلدارية الجديد eقد شهد تطورا
مهما :فكيف كان هذا التطور عموما مقارنة بقانون اإلجراءات المدنية eالسابق ؟ وما هي مالمح هذا التطور في القضاء
اإلداري من خالل هذا القانون اإلجرائي الجديد ؟
لإلجابة على هذه اإلشكالية ستُتبع خطة عرض بسيطة تتمثل في :
المبحث األول :مكانة قضاء االستعجال في قانون اإلجراءات المدنية eواإلدارية الجديد
المطلب -1نظرة عامة حول االستعجال في قانون اإلجراءات المدنية eالسابق
المطلب -2االستعجال في القضاء العادي من خالل قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد
المطلب -3االستعجال في القضاء اإلداري من خالل قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد
المبحث الثاني :مظاهر تطور االستعجال في القضاء اإلداري على ضوء قانون اإلجراءات المدنية eواإلدارية الجديدe
المطلب -1تعزيز صالحيات قاضي االستعجال
المطلب – 2ضبط اإلجراءات المتبعة في االستعجال
المطلب -3تحديد eحاالت االستعجال
الخاتمة
:adel bousaadi
المبحث األول :مكانة قضاء االستعجال في قانون اإلجراءات المدنية eواإلدارية الجديد
في هذا المبحث سيتم التطرق لالستعجال في القانون 09-08عبر التطرق لالستعجال في قانون اإلجراءات المدنية السابق
واالستعجال في القضاء العادي والقضاء اإلداري في القانون الجديد. e
المطلب -1نظرة عامة حول االستعجال في قانون اإلجراءات المدنية eالسابق :
خص المشرع االستعجال بمادة وحيدة فقط من بين مواد قانون اإلجراءات المدنية eالسابق اشتملت على القضاء العادي
واإلداري ،إذ نصت على أحكامها المادة 171والتي يُستفاد من مضمونها أن الدعوى االستعجالية في المواد اإلدارية هي
إجراء قضائي يطلب من خالله المدعي من القاضي اإلداري المختص وهو رئيس المجلس القضائي األمر باتخاذ أحد احد
التدابير االستعجالية التحفظية أو التحقيقية المؤقتة والعاجلة حماية لمصالحه قبل تعرضها ألضرار أو مخاطر يصعب أو
يستحيل تداركها وإصالحها أو تفاديها مستقبال ،أو معاينة وقائع يُخشى اندثارها مع مرور الزمن .
كما تجدر اإلشارة أن أحكام هذه المادة لم تحدد على سبيل الحصر تدابير االستعجال في المواد اإلدارية بل ذكرت أهمها
وتركت للقاضي اإلداري االستعجالي المختص سلطة تقدير األمر بها متى ثبت لزوميتها وذلك في حدود ضوابط اختصاصه
النوعي والمتمثلة في :
* وجوب توفر حالة االستعجال بمعنى أن عنصر االستعجال حال و قائم .
* أن تكون التدابير االستعجالية المطلوبة من المدعي ال تمس أصل الحق
* أن ال يتعلق التدبير االستعجالي بالنظام العام والسيما عنصر األمن العام .
* أن ال يؤدي التدبير eاالستعجالي المطلوب إلى وقف تنفيذ قرارات إدارية باستثناء المتعلقة منها بحالة االعتداء المادي أو
االستيالء الغير شرعي أو الغلق اإلداري .
ومن التدابير االستعجالية التي نصت عليها المادة 171من قانون اإلجراءات المدنية السابق كما يلي :
-1األمر بتوجيه إنذار عن طريق كاتب الضبط الذي يحرر محضرا يفرغ فيه مضمون اإلنذار ( فيما بعد أصبح المحضر
القضائي هو من يوجه اإلنذار ) .
-2األمر بإثبات حالة كتدبير تحفظي موضوعه معاينة أو وصف وقائع أو حاالت مادية وقعت أو على وشك الوقوع يُخشى
ضياع معالمها بفوات الزمن ،ويتم ذلك بواسطة محضر قضائي أو خبير .
- 3األمر بصفة تحفظية بوقف تنفيذ قرار إداري يشكل حالة اعتداء مادي أو حالة غلق إداري التي أضافها المشرع من
خالل القانون 05-01المعدل والمتمم لقانون اإلجراءات المدنية السابق .
و المالحظ مما سبق أن طريقة تناول المشرع لالستعجال في القانون السابق كان تناوال مشوبا بنقائص وبعمومية وعدم
تفصيل واضحين ،وهو ما استدعى تداركها في القانون الالحق .
المطلب – 2االستعجال في القضاء العادي من خالل قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية الجديد :
خصص المشرع الستعجال في القضاء العادي قسم من سبعة مواد ( )305-299باإلضافة إلى مواد متفرقة ،وإن كان قد
حدد الجهة المختصة بالنظر في أوامر األداء واألوامر على العرائض وهو رئيس المحكمة ،لكنه لم يحدد صراحة في هذا
القسم الجهة المختصة بأوامر االستعجال ،لكن من صياغة المادة ( : 300يكون قاضي االستعجال مختصا أيضا في المواد
التي ينص القانون صراحة على أنها من اختصاصه ،وفي حالة الفصل في الموضوع يحوز األمر الصادر قوة الشيء
المقضي فيه ).فهل يعني هذا أن قاضي الموضوع هو قاضي االستعجال تبعا لالختصاص النوعي
.
وأشارت المادة 299إلى أنواع التدابير االستعجالية في القضاء العادي وهي :
* اإلجراء المتعلق بالحراسة القضائية .
* أي تدبير تحفظي غير منظم بإجراءات خاصة على غرار إثبات حالة ما أو معاينة .
وحدد القانون إجراءات رفع دعوى استعجاليه عن طريق عريضة افتتاحية ( المادة ) 299وبدون تحديد eأجل للفصل و
االكتفاء بعبارة في أسرع وقت ،أما أجال االستئناف والمعارضة فهي 15يوم ،وكان األجدر بالمشرع تحديد أجال الفصل
من باب أولى حتى يتواءم ذلك مع ظرف االستعجال ،ألن عبارة في أسرع وقت عبارة فضفاضة تحمل أكثر من تفسير .
واحتفظ القانون طبعا بالقواعد العامة لالستعجال وهي :
* ال يمكن بأي حال أن يمس األمر االستعجالي بأصل الحق .
* النفاذ المعجل لألمر االستعجالي غير قابل للمعارضة أو االعتراض (.المادة ) 303
وجاءت المادة 305لتعطي القاضي االستعجالي سلطة الحكم بالغرامات وتصفيتها وهو عامل قوي ورادع لتنفيذ األوامر .
المطلب - 3االستعجال في القضاء اإلداري من خالل قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد :
التطور الالفت الحاصل على مستوى قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد والذي انعكس بوضوح في مجال
االستعجال و السيما القضاء اإلداري ،إذ ألول مرة في تاريخ القوانين اإلجرائية نشهد هذا الكم المعتبر من المواد الذي ينظم
االستعجال ويحدد إجراءاته بدقة وحاالته ويُعطي أهمية غير مسبوقة لحرية األفراد واالنتهاكات التي قد تلحقها جراء
قرارات اإلدارة كون هذه األخيرة تتمتع بامتيازات السلطة العامة التي تخول لها اتخاذ قرارات بصفة انفرادية على عكس
المواطن الذي يقف في مركز ضعف ألنه ُمخاطب و ُمطالب باالنصياع ،وعليه يمكن قراءة هذه اإلضافة على أنها كسر لذلك
الحاجز النفسي الذي ترسخ في نفوس المواطنين عبر الحقب الماضية واألفكار المسبقة التي كانت تشير لعدم خضوع
اإلدارة للقضاء وإن خضعت فإن ذلك سيكون شكليا فقط ،وإعطائهم القدرة وفتح المجال لمتابعة اإلدارة على تجاوزاتها
وطبعا يشمل ذلك قضاء االستعجال .
وكتمهيد للمبحث الثاني فإن مضمون هذا التطور يمكن أن نلخصه فيما يلي :
-انتقال سلطة البت في األمور االستعجالية اإلدارية إلى تشكيلة جماعية التي تنظر في دعوى الموضوع .
-توسيع صالحيات وسلطات قاضي االستعجال في تناول الدعوى اإلدارية االستعجالية .
-تحديد eإجراءات وشروط وآجال وطرق الطعن في الدعوى االستعجالية اإلدارية .
-تحديد eحاالت االستعجال .
المبحث الثاني :مظاهر تطور االستعجال في القضاء اإلداري على ضوء قانون اإلجراءات المدنية eواإلدارية الجديد: e
مظاهر عدة تدل على تطور االستعجال في القانون الجديد خاصة القضاء اإلداري هذه المظاهر
تتمثل في :
* تعزيز صالحيات القاضي االستعجالي اإلداري
* ضبط اإلجراءات المتبعة في االستعجال
• تحديد eحاالت االستعجاالت
:adel bousaadi