You are on page 1of 49

‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫الفصل األول‪ :  ‬الطبـيعة القـ ـانونية لألوامـر على العـرائض‬


‫ـ إن األعمال األساسية للقضاة هي األعمـال ذات الطبيعـة القضـائية البحتـة ‪.‬بيـد ان‬
‫أعمال القضاة ال تنحصر في هذا النوع من األعمال‪، ‬إذ فضال عن هذه األعمال فان القضــاة‬
‫يمارسون أعماال ذات طبيعة والئية ‪ .‬وهذه األعمال ال تعتبر أعماال أساسية للقضــاة ألنهـا ال‬
‫تدخل في وظيفتهم العادية‪ . 1‬إذ أن مصدر سـلطة القاضـي في ممارسـتها هـو واليتـه العامـة‬
‫باعتبــاره واحــد من الحكــام ‪ ،‬أو والة الأمــر الـذين يملكــون توجيــه النــاس و الســيطرة عليهم‬
‫تحقيقا لما فيه من مصلحتهم و مصلحة المجتمع الذي ينتمــون إليــه ‪ ،‬ومن هنــا كــانت تســمية‬
‫هذه األعمـال باألعمـال الوالئيـة التفضـيلية (أو الرجائية‪ ،)2 .‬فهي أعمـال تسـتند إلى واليـة‬
‫القاضي‪. ‬‬
‫و استعمال القاضي لوظيفته يرتهن بسبق رفع دعوى قضائية موضوعية أمام القضاء بمعنى‬
‫انه ال يشترط التعاصـر بين الـدعوى القضـائية المرفوعـة أمـام القضـاء بأصـل الحـق و بين‬
‫استعمال القاضي لسلطته الوالئية‪.‬‬
‫وتعتبر األوامر على العرائض أهم صور الوظيفة الوالئيــة و شــكلها النمــوذجي حــتى أطلــق‬
‫عليها البعض اسم األوامر الوالئية ‪،3‬و لمعرفة ماهية األمر على العريضة و تحديــد طبيعتــه‬
‫القانونية قسمنا هدا الفصل إلى ثالث مباحث أتت كاألتي‪: ‬‬
‫‪ -‬المبحث األول‪ : ‬يتعرض إلى ماهية األوامر على العرائض‬
‫‪ -‬المبحث الثاني‪ : ‬ناقشنا فيه الطبيعة القانونية لألوامر على العرائض‪.‬‬
‫وكل مبحث ينقسم إلى مطلبين‬

‫الم ـبحث األول‪ :  ‬م ـ ـاهية األم ـر على العريضـ ـ ـ ـة‬

‫يقوم رئيس المحكمة بإصدار أوامر على العرائض بناءا على طلب مكتوب يقدم إليــه و ه ـذه‬
‫األوامر كثيرة و متنوعة ‪ ،‬وعليه ما مفهوم األوامر على العرائض‪ ‬؟ وما هي خصائصها‪ ‬؟‬

‫المـطلـب األول ‪ :  ‬تعريـف األمـر عـلى العري ـضة وخصائ ـصه‬


‫‪1‬‬
‫ـ د‪ /‬محمد السيد التحيوي ‪ :‬أوامر األداء وفقا لقانون المرافعات المدنية والتجارية ‪/‬دار الفكر الجامعي ـ ط ـ ‪. 2003‬ص ‪. 17‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ د ‪/‬أحمد أبو الوفا ‪:‬‬

‫‪3‬ـ د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬األوامر على عرائض ونظامهاـ القانوني في المرافعات المدنية والتجاري ‪/‬دار الجامعية الجديدة ـ ط ـ‪ 2008‬ص‪10‬‬

‫‪1‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫لم يعرف المشرع الجزائري األوامر على العرائض تاركــا المجــال في ذلــك إلى الفقــه ولكن‬
‫حـدد حـاالت و إجـراءات إصـدارها‪ ،‬و لقـد اختلـف الفقـه في إعطـاء تعريـف لألوامـر على‬
‫العرائض‪،‬إال أنهم قد اجمعوا على وحدة خصائصها‪.‬‬

‫الفـ ـ ـرع األول ‪ :‬تـعريـف األوام ـر عـلى العـرائـض‬

‫ـ تعرف على أنها " عبارة عن قرار والئي يصدر من رئيس الجهة القضائية المختصــة‬
‫على ذيل العريضة التي يقدمها العارض دون مناقشة حضورية" ‪.1‬‬
‫وعرفت أيضا بأنها نوع من األوامر التي يصدرها القضاة بناءا على طلب الخصم من غير‬
‫مرافعة و د ون تكليف الطرف اآلخر بالحضور و في غيبته و تعتبر سندات تنفيذية" ‪.2‬‬
‫ـ أما الدكتور نبيل إسماعيل عمر فيعرف نظام األوامر على العرائض بأنه" هو الشكل‬
‫اإلجرائي الواجب إتباعه في األحوال التي يوجد فيها نزاع يراد حسمه ‪ ،‬و إنما تشتد الحاجة‬
‫إلى ضرورة اتخاذ مجرد تدابير وقتية يعجز الفرد عن اتخاذها بإرادته المنفردة " ‪.‬‬
‫وهو التعريف الذي يتوافــق مــع طبيعــة األوامــر على عــرائض بحيث أن إرادة الفــرد تكــون‬
‫عديمة األثر في توليد األهداف التي يرجوها هذا الشــخص‪،‬فــإذا اســتعمل إجــراءات األوامــر‬
‫على عرائض ‪،‬فهو بــذلك يهـدف إلى الحصـول على قــرار والئي بنــاء على ســلطة القاضــي‬
‫الوالئية و هذا القرار قد ال يتعلق بأي نزاع قائم أو قد يتعلــق بــنزاع قــائم ولم يرفــع بعــد إلى‬
‫القضاء ‪ ،‬أو قد يتعلق بــنزاع مرفــوع أمــام القضــاء ‪،‬أو يتعلــق بتنفيــذ قضــائي‪ ،‬أو قــد يتعلــق‬
‫بنزاع انتهى و حسم أمره ‪.‬‬
‫و نظام األوامر على العـرائض باعتبـاره نظامـا إجرائيـا يهـدف إلى غايـات غـير تلـك الـتي‬
‫تهدف إليها الدعوى القضائية فهدف نظام األوامر على العرائض هو إيجاد شكل سهل خــالي‬
‫من اإلجراءات التي تفترض وجود نزاع ‪ ،‬وتلك التي تفترض وجود خصــم ‪،‬ووجــود إعالن‬
‫و جلسـات حضـورية ‪ ،‬واثبـات و مناقشــة و إصـدار حكم و تسـبيب و إعالن هـذا الحكم في‬
‫جلسة علنية ‪،‬كل ذلك يؤدي إلى القول بـأن هــدف نظــام األوامــر على العــرائض هــو تيســير‬
‫السبيل أمام األفراد للحصول على أوامر قضائية وقتية لحماية مراكزهم القانونية ‪.3‬‬

‫الف ـرع الـثاني ‪ :  ‬خـ ـصائص األم ـ ـر عـ ـلى العري ـ ـ ـضة‬

‫‪ 1‬ـ أ ‪ /‬بوبشير محند امقران‪:‬قانون اإلجراءات المدنية ‪.‬نظرية الدعوى ـنظرية الخصومة ـ اإلجراءات اإلستثنائية ‪/‬ديوان المطبوعات الجامعية‬
‫ـالجزائر ـ ط ‪. 1998‬ص ‪396‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ د ‪ /‬محمد حسنين‪:‬طرق التنفيذ في قانون اإلجراءات المدنية الجزائرية ‪/‬ديوان المطبوعات الجامعية ـ الجائر ـ سنة ‪ 1990‬ط ‪02 -‬ـ ص ‪65‬‬

‫‪ 3‬ـ د ‪ /‬محمد حسنين ‪:‬المرجع السابق‪.‬ص‪65‬‬

‫‪2‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫ـ تجدر اإلشارة على أن المشرع الجزائري في األمر رقم ‪154-66‬المؤرخ في ‪08‬يونيو‬


‫سنة ‪1966‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية لم يتعرض إلى نظام األوامر على العــرائض‬
‫في قسم خاص ‪.‬‬
‫ـ إال انه بموجب قانون رقم ‪ 09-08‬المؤرخ في ‪ 25‬فبراير سنة ‪ 2008‬المتضمن قانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلدارية تعرض في قسم خاص لألوامر على عــرائض من المــادة ‪310‬‬
‫إلى غاية المادة ‪ 312‬وسوف نتعرض لذلك في الفصل الثاني تحت عنــوان النظــام القــانوني‬
‫لألوامر على العرائض ‪.‬‬
‫حيث أن المشرع في القانون الجديد ‪09.08‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‬
‫نص صــراحة على ممــيزات وخصــائص األمــر على العريضــة ويظهــر ذالــك من خالل‬
‫استقراء المادة ‪ 310‬منه والمتمثلة في‪:  ‬‬

‫األوام ـر على العـرائـض أوامـر مـؤقـتـة‪:  ‬‬ ‫ا‪: /‬‬

‫ـ ف هي تدابير وقتية و للقاضي مصدر األمر التراجع عن موقفه ‪،‬و هذا عن طريق تعديل‬
‫األمر أو إصدار أمر جديد مخالف لألمر السابق ‪،‬والقاضــي في هـذه الحالــة يمــارس ســلطته‬
‫الوالئيــة ‪ ،‬فهــو ال يقضــي وال يصــدر حكمــا قضــائيا وإنمــا يصــدر أمــرا والئيــا ال يقيــده‬
‫ويســتطيع العــدول عنــه مــتى رأى أن المصــلحة من األمــر الســابق انتهت ولم تعــد قائمــة أو‬
‫طرأت وقائع جديدة ‪،‬أو صدر األمر األول بناءا على خطأ في التقدير أو خط ـأ في الواقــع أو‬
‫القانون أو بتغـير الظــروف على وجــه العمـوم ‪،‬كمــا تعتــبر األوامـر على العــرائض مجــرد‬
‫تدابير أو إجراءات تحفظية ال تكسب حقا والتهدره ‪.1‬‬

‫ب‪ -/‬األوامـر عل ـى عرائـض ال ت ـمس بأص ـل الحـ ـق‬

‫إن األوامر الصادرة عن القاضي (رئيس المحكمة ) ال تمس بأصل الحق بحيث يتعين‬
‫عليه أن ال يتطرق إليه‪ ،‬واألمر على عريضة ال يتضمن تقريــرا قضــائيا في ذلــك وال يوجــد‬
‫فيه فصال قضائيا ‪،‬يزيل التجهيل ويقمــع الشــك وال يتضــمن حســما للــنزاع في أصــل الحــق‬
‫وهذا الحــق أو المركــز الموضــوعيـ لم يمس ‪ ،‬ولم يفصــل فيه‪ ،‬ولم يحــدث فيــه أي تقريــر‬
‫قضـائي أي ال يوجـد قضـاء قطعي في الموضـوع المتنـازع عليـه والسـبب في ذلـك يرجـع‬
‫النتفاء النزاع بالنسبة لألوامر على العرائض ‪.2‬‬

‫‪1‬ـ د ‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ ‪136‬‬

‫‪ 2‬ـ د‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬الرجع السابق ‪.‬ص ـ‪136‬‬

‫‪3‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫وتتميز أيضا ببساطة إجراءاتها وقلة التكلفة والسرعة في التنفيذ‪ ،‬ولــذلك تقتضــى الضــرورةـ‬
‫أن نتطرق إلى مختلف األعمال القانونية ‪ ،‬أي األعمال القضــائية وك ـذا األعمــال الوالئيــة ‪،‬‬
‫وعليه فإن نظام األوامر على العرائض يعتبرها أغلب فقهاء القانون هي الصورة النموذجيــة‬
‫لألعمال الوالئية ‪.1‬‬

‫ا لـقاض ـي‬ ‫المطـلب الثاني ‪ :‬سلـطة القـضاء والسلـطة الوالئي ـة الـتي يتـمتـ ـع ب ـها‬

‫ينصب اهتمام الفقه عند دراسته لسلطة القضاء التي يتمتع بها القاضي ‪،‬على بحث فكرة‬
‫العمل القضائي الذي يصدره القاضــي و محاولــة تميــيزه عمــا يختلــط بــه من أعمــال والئيــة‬
‫‪2‬‬
‫وأعمال إدارية ‪.‬‬
‫وعليه سوف نتعرض لفكرة عامة عن سلطة األمر المخولة للقاضي بحكم وضــيفته في فــرع‬
‫تحت عنوان سلطة القضاء‪ ،‬وفى الفرع الثاني السلطة الوالئية‬

‫الفـرع األول ‪ :‬سـلطـة القضـاء الـتي يتـمتـع بهـا القـاض ـي‬

‫من الثابت أن العمل القضائي هــو نتــاج الوظيفــة القضــائية ‪ ،‬وأن هـذه الوظيفــة وجــدت‬
‫لممارسة السلطة القضائية ‪.‬وبالتالي يكون العمل القضائي هو أثر من أثــار اســتخدام الســلطة‬
‫القضــائية و بمعــنى آخــر فــان تفهم ماهيــة الســلطة القضــاء يقتضــي فهم جيــد للمصــطلحات‬
‫التالية‪: ‬‬
‫السلطة التي يتمتع بها القاضي في القضاء أي سلطة القضاء ثم الوظيفة القض ائية ثم العم ل‬
‫القضائي ‪ ،‬ذالك لأن سلطة القضاء يمارسها القاضي عنـدما يباشـر وظيفتـه القضـائية و ينتج‬
‫عن هذه الممارسة العمل القضائي ‪.3‬‬
‫وللوظيفة القضائية دور قانوني بحيث يتمثـل في إزالـة مـا يعـترض أعمـال القـانون من‬
‫عقبات‪،‬و الوظيفة القضـائية تنحصـر في حمايـة النظـام القـانوني فهي ال تتـدخل إال إذا طـرأ‬
‫عارض قانوني أدى إلى عدم فعالية القاعدة القانونية ‪،‬وهي تتدخل في حدود هذا العارض ‪.4‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ أ ‪/‬طيب زروتي‪:‬تحرير العرائض واألوراق شبه قضائية ‪/‬طبعة الكاهنة ‪ 2000‬ـص ـ‪141‬‬
‫‪2‬‬
‫ـد‪/‬نبيل إسماعيل عمر المرجع السابق ـ ص ـ‪15‬‬
‫‪3‬‬

‫ـ د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪15‬‬


‫‪4‬‬
‫ـ د‪ /‬نبيل عمر ‪:‬سلطة القاضي التقديرية‪/‬منشأ المعارف ‪.‬ط ‪ 1984.‬ـ ص ـ‪51‬‬

‫‪4‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫بهــدف إزالتــه دون البحث عن محاولــة عالج أســبابه ‪.‬وهــذه األســباب قــد تكــون ذاتيــة أو‬
‫موضوعية ‪،‬ذات صبغة اقتصادية أو اجتماعية أو خلقية أو نفسية‪ ،‬مما يمكن أن يشــكل محال‬
‫لبحث في علم االجتماع القانوني ‪،‬وفي كلمة واحدة فــإن وظيفــة القضــاء في المجتمــع تهــدف‬
‫فقط إلى إزالة العوارض التي تعترض التطبيق التلقائي للقاعدة القانونية ‪،‬و يترتب على ذلــك‬
‫إعطاء هذه القاعدة كامل فعاليتها ‪.1‬‬
‫وإذا ما تركنا جانبــا مفهــوم الوظيفــة القضــائية بهــذا التحديــد و انتقلنا إلى البحث عن جــوهر‬
‫سلطة القضاء‪ ،‬نجد أن القضاء ركن في قانونية النظام و انه ال قانون بال قاضي ‪،‬وهذا يعني‬
‫حسب رأي فقهاء القانون أن سلطة القضاء يقصد بها سلطة إزالة عــوارض النظــام القــانوني‬
‫التي تؤدي إلى عدم فعاليته‪ ،‬بحيث يصـير عـاجزا عن تحقيـق أهدافـه و هـذه السـلطة تتـولى‬
‫السهر على كفالة فعالية القواعد القانونية‪.‬‬
‫ألن المشرع حين يصنع القواعد ال يتصورها وال ينشئها إال بقصد جعلهــا فعالــة أي صــالحة‬
‫إلشباع المصلحة الــتي يحميهــا ‪،‬وهـذا اإلشــباع يتم في األصــل عن طريــق النشــاط األصــيل‬
‫لألفراد ‪،‬و عند حصول عارض يحــول دون ذالــك يتــولى القاضــي أعمــال ســلطته القضــائية‬
‫إلزالة هذا العارض و التوصل إلى إعطاء القاعدة القانونية فعاليتها النموذجية ‪.2‬‬
‫و مثال يوضح ذلك‪ : ‬كأن يصيب قائد سيارة أحد المارة ‪ ،‬القاعدة القانونية في هذا الصدّد أن‬
‫كل خطأ يسبب ضرر للغير يلزم مرتكبه بالتعويض‪.‬‬
‫فعالية هذه القاعدة يتمثل في تعويض المضرور من طرف المتسبب في إحداث الضرر‪ ،‬وإذا‬
‫تم ذلــك تلقائيــا يقــال أن القــانون قــد تحققت فعاليتــه عن طريــق النشــاط األصــيل للمخــاطبين‬
‫بأحكامه‪، 3‬ومع ذلك قد يمتنـع محـدث الضـرر عن جـبر الضـرر و االنصـياع لحكم القـانون‬
‫ونظرا لعدم جواز القصاص الخاص ‪ ،‬فالبد من اللجوء إلى القضاء إلعــادة الفعاليــة للقاعــدة‬
‫التي أهدرت ألنه دون اللجوء للقضاء ال تتحقــق عــدم فعاليــة القــانون‪،‬و يظهر ذلك بوضــوح‬
‫عن عجز القاعدة القانونية أن تحقق نفسها بنفسها‪ ،‬و عند طرح النزاع عن طريــق المطابقــة‬
‫بين الواقع و القانون‪ ،‬وعن طريق إزالة العارض الذي حال دون حدوث المطابقــة تلقائيــا‪ ،‬و‬
‫هكذا يحل القانون مشكلة عدم فعاليته بواسطة القضاء‪.‬و بناءا على ذلك فسلطة القضــاء هي‬
‫دالة على فعالية القانون عنـد تخلـف هـذه الفعاليـة بواسـطة النشـاط األصـيل لألفـراد‪ ،‬نتيجـة‬
‫وجود عارض أدى إلى عدم الفعالية هذه‪ ،‬أي أن جوهر سلطة القضاء هــو إعطــاء أو إعــادة‬
‫إعطاء الفعالية للقاعدة القانونية ‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق نشاط القاضي الذي يتكون من العديــد‬
‫‪1‬‬
‫ـ د‪ /‬وجدي راغب ‪:‬النظرية العامة للعمل القضائي‪ .‬ط ‪ 1974.‬ـ ص ـ‪92‬‬

‫‪ 2‬ـ د‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪17‬‬

‫‪ 3‬ـ د‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬نفس المرجع ـ ص ـ ‪18‬‬

‫‪5‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫من العمليات و المراحل الذهنية المعقدة ‪،1‬و الذي يعتمد على العديد من العناصر الواقعيــة و‬
‫القانونية التي تمر بعمليات التقدير القضائي و التكــييف القــانوني‪ ،‬إلى أن ينتهي القاضــي في‬
‫ذلك بإزالة العارض الذي اعترض فعالية القانون ‪.‬‬
‫و يتم تقرير ذلك بالعمــل القضــائي الــذي يصــدره القاضي‪ ، 2‬فهـذه هي ســلطة القضــاء الــتي‬
‫يتمتع بها القاضي وهي تمارس من خالل الوظيفة القضائية للدّولة و يتم ترجمتهــا في العمــل‬
‫القضائي الصادر بتقرير فعالية القاعدة القانونية‪.‬‬
‫و عليه نطرح التساؤل التالي‪ : ‬ما مفهوم العمل القضائي ؟وما مفهوم العمــل الــوالئي؟وهــذا‬
‫ما سنجيب عليه من خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :  ‬تعـ ـريف العـمل الق ـضائي‬

‫يعد العمل القضائي من أدق المسائل و اعقدها ‪ ،‬وقد اختلف الفقه حول تعريفه اختالفــا‬
‫شديدا ‪،‬وما يزال الخالف قائما حتى اليوم بين الفقــه و القضــاء‪ ،‬وبـالرغم من اختالف اآلراء‬
‫و تعددها فهي ال تخرج عن احد االتجاهات الثالثة التي نتناولها ‪3‬في المعايير التالية‪: ‬‬

‫أ ‪ :  /‬المع ـيار الش ـكـلي‬

‫يعرف العمل القضائي باالستناد إلى المعيار الشكلي إلى ضــرورة التمــيز بين الهيئـات‬
‫القضائية و الهيئات اإلداريـة ‪ ،‬ومن ثم بين العمـل القضـائي و العمـل اإلداري ‪ ،‬اسـتنادا إلى‬
‫المعيــار الشــكلي‪ ،‬فــالنظر إلى صــفة العضــو أو الهيئــة الــتي تقــوم بالعمــل و اإلجــراءات و‬
‫األشكال المتبعة أمامها‪ ،‬واالهتمام بالعالمات الشكلية التي تدل على صفة الهيئة ( قضائية أو‬
‫إدارية) كاستقالل الهيئة و عدم تبعيتها الرئاسية ‪. 4‬‬
‫و قد وصف هذا المعيار بأنه عضوي على أساس انه يقوم بتحديد العضو أي ذلك الجزء‬
‫من جهاز الدّولة التي يصدر عندها العمل ‪ ،‬فان كان هذا العضو قضــائيا كـان عملــه قضــائيا‬
‫وان كان تنفيذيا كان العمل تنفيذيا أو إداريا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ د‪ /‬نبيل عمر ‪:‬مرجع ســـــــــــابق ـ ص ـ‪52‬‬
‫‪2‬‬
‫ـأ‪ /‬زودة عمر ‪:‬اإلجراءات المدنية على ضوء أراء الفقهاء وأحكام القضاء ‪ ENCYCLOPEDIA‬ـ ص ـ‪179‬‬

‫‪ 3‬ـ أ‪ /‬زودة عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪179‬‬

‫‪ 4‬ـ د ‪/‬بدرخان عبد الحكيم إبراهيم‪:‬معاييرـ تعريف العمل القضائي من جهة القانون العام‪.‬ديوان المطبوعات الجامعية ـالجزائرـ ص‪15‬‬

‫‪6‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫ولم يسلم هذا المعيار من النقد بل تعرض للكثير من المآخذ و االنتقادات ‪ ،‬مما دفــع‬
‫جانبــا من الفقــه الفرنســي إلى البحث عن معــايير بديلــة لــه بســبب إهمــال المعيــار العضــوي‬
‫للطبيعة الذاتية للعمل القانوني ‪. 1‬‬
‫كما أن األخذ بهذا المعيار في تعريف العمل القضائي على أساس االستقاللية و عــدم‬
‫التبعية ‪ ،‬فان هناك هيئات إدارية أخـرى تتمتـع باالسـتقاللية و ال تخضـع في عملهـا إلى أيـة‬
‫سلطة رئاسية ‪،‬و مع ذلك ال تقــوم بأعمــال قضــائية مثــل لجــان االمتحانــات ‪ ،‬كمــا أن نفس‬
‫السلطة – رغم استقاللها‪ -‬قــد تقــوم بأعمــال ال تــدخل في وظيفتهــا األصــلية ‪ ،‬مثــل الجهــات‬
‫اإلدارية ذات االختصاص القضائي‪ ،‬كمــا أن المحــاكم هي األخــرى كثــيرا مــا تقــوم بأعمــال‬
‫إدارية ‪ ،‬كتحديد مواعيد الجلسات و توزيع القضــايا على األقســام المختلفــة فهـذه األعمــال ال‬
‫تعد أعماال قضائية رغم صدورها من هيئة قضائية ‪،‬و لذلك ال يصلح ه ـذا المعيــار لتعريــف‬
‫‪ 2.‬العمل القضائي لعدم دقته‬
‫ـ و يرى جانب من الفقه كالفقيه الفرنسي‪ : ‬دي مالبير لتفرقة العمل القضائي عن غيره‬
‫من األعمال القانونية في الدّولة ينحصر في مصدر العمل ‪ ،‬فإذا كان مصــدره هيئــة قضــائية‬
‫اعتبر عمال قضائيا ‪ ،‬أما إذا كانت إحدى السلطات اإلداريــة أو التنفيذيــة هي المصــدر الــذي‬
‫يستمد منه هذا العمل وجوده كان عمال إداريا ‪.3‬‬
‫و السلطة أو الجهة التي يصدر منها العمل تكون قضائية إذا كانت مشكلة على هيئة محكمــة‬
‫أي من قضاة عموميين ‪ ،‬تتــوفر فيهم الضــمانات الــتي يقررهــا القــانون الســتقالل و حيــاد و‬
‫حصــانة القضــاة ‪ ،‬وقــد أضــيف إلى المعيــار العضــوي عنصــر تبعي أو تكميلي يتلخص في‬
‫وجوب صدور العمل تبعا لإلجراءات و األشكال والمظاهر الخارجية التي يتطلبها القانون‪.‬‬
‫وال يعترف هذا المعيار بالصفة القضائية لعمل ما ‪ ،‬بمجــرد أن التصــرفـ منصــب على‬
‫مسألة قانونية متنازع عليها أو غير متنازع عليها وإنما يلزم لكي يضفي عليه هذه الصفة أن‬
‫يصــدر من هيئــة لهــا وضــع خــاص ‪ ،‬و إجــراءات محدّدة تحكم نشــاطها إجــراءات معينة‬
‫فقواعد تنظيم الهيئة القضائية بما تكفلــه للقضــاء من حريــة و اســتقالل تــبرر القيمــة الممــيزة‬
‫لقراراتها‪ ،‬كمــا أن انطــواء األشــكال و اإلجــراءات الــتي تــؤدي بهــا هــذه القــراراتـ على‬
‫الضمانات التي تكفل إظهار الحقيقة و تؤمن الحياد مما يقتضي الثقة بها‪.‬‬
‫وإذا كان المعيار العضوي أو الشكلي يتمتع بمزايا عديـدة مؤهلـة كي يصـبح معيـارا‬
‫جــديرا يؤخــذ بــه في مجــال التميــيز بين األعمــال القانونيــة عموما ‪ ،‬والتميــيز بين الحكم‬
‫‪ 1‬ـ د‪/‬بدرخان عبد الحكيم إبراهيم‪:‬المرجع نفسه‪.‬ص‪47‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ أ‪/‬زودة عمر‪/‬اإلجراءات المدنية على ضوء أراء الفقهاء و أحكام القضاءـ‪encyclopedia‬ـص‪180‬‬

‫‪ 3‬ـد‪/‬بدرخان عبد الحكيم إبراهيم‪.‬المرجع السابق‪.‬ص‪19‬‬

‫‪7‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫القضائي و القرار اإلداري خصوصا ‪،‬فقد اتضح لنا مما سبق عرضه ‪ ،‬الصعوبات النظريــة‬
‫و العملية التي حالت دون أن يصـادف هـذا المعيــار النجـاح التـام في مجـال العمـل ‪ ،‬وانتقـد‬
‫المعيــار من الناحيــة العمليــة على أساســين أولهمــا أن المحــاكم ال تقتصــر في نشــاطها على‬
‫إصدار األعمال القضائية بل أن جزءا من أعمالهـا توصـف بأنهــا أعمــاال والئيــة ليسـت لهـا‬
‫صفة األحكام ‪،‬و يميل البعض إلى تعريف العمل القضائي بأنه ذلك العمل الذي يتميز ببعض‬
‫اإلجراءات و األشكال الخارجية التي تكفل له الفعالية الالزمة لترتيب قــوة الحقيقــة القانوني ـة‬
‫‪، 1‬ويرى هذا االتجاه انه يمكن للحكم القضائي أن يختلط – من الناحية الموضوعية‪ -‬بالعمــل‬
‫التشريعي من ناحية ‪ ،‬بالعمل القضائي من ناحية أخرى‪ ،‬فإذا خلق القاضــي حال جديــدا غــير‬
‫موجود في مصادر القانون فعمله هذا يعد من قبيل العمل التشريعي أمــا إذا اقتصــر القاضــي‬
‫على تطبيق القانون فيعد عمله من قبيل العمل اإلداري‪ ،‬و الذي يسمح لنا بالتمييز بين العمــل‬
‫القضائي و العمل اإلداري هو المعيار الشكلي‪ ،‬فإذا كان القضــاء يهــدف إلى تطــبيق القــانون‬
‫فهو ال يختلف في هذه الحالة عن اإلدارة ‪ ،‬و لكن طريقة تقرير القانون هي التي تميز العمل‬
‫القضائي عن اإلداري إذ يتطلب العمل القضائي إتباع األشكال التي تكفل له الفعاليـة فيصــدر‬
‫وهو خال من أي تحكم مما يبعث فيه الثقة ‪.2‬‬
‫ومن اجــل أن يحــوز العمــل القضــائي قــوة الحقيقــة القانونية ‪ ،‬فالبــد أن تتــوافر فيــه بعض‬
‫المظاهر و األشكال الخارجية مثل‪ : ‬علنية الجلسات ‪ ،‬مبدأ المواجهة بين الخصوم ‪،‬و التزام‬
‫تســـبيب األحكـــام القضـــائية ‪ ،‬ونظـــام التقاضـــي على درجـــتين ونظـــام تبـــادل و إعالن‬
‫األوراق‪...‬إلخـ‬
‫و العمل القضائي ال يختلف عن العمل اإلداري إال من حيث اختالف الهيئة الــتي تقــوم بــه و‬
‫األشكال التي تخضع لها ‪.3‬‬
‫ـ لقد واجه هذا االتجاه اعتراضا كبيرا من طرف الفقهاء‪ ،‬وذلك لعدم اعتماده كمعيار‬
‫وحيــد لتميــيز العمــل القضــائي عن غــيره من األعمــال القانونيــة األخــرى ‪،‬على أســاس أن‬
‫المظاهر و األشكال اإلجرائية ال يستقل بها العمل القضــائي وحــده بــل هنــاك أعمــال إداريــة‬
‫أخــرى تصــدر وفــق اإلجــراءات و األشــكال اإلجرائيــة ‪ ،‬كــالقرارات اإلداريــة التأديبيــة‬
‫وقرارات نزع الملكيـة للمنفعـة العامة‪، 4‬و من ناحيـة أخـرى تلـتزم اإلدارة بإتبـاع األوضـاع‬

‫‪ 1‬ـ أ‪/‬زودة عمر ‪.‬نفس المرجع‪.‬ص‪189‬‬

‫‪ 2‬ـأ ‪ /‬زودة عمر‪.‬المرجع السابق‪:‬ص‪19‬‬

‫‪ 3‬ـ د‪ /‬بدر خان عبد الحكيم إبراهيم‪.‬المرجع السابق‪:‬ص‪48‬‬


‫‪4‬‬
‫ـ د‪ /‬بدر خان عبد الحكيم إبراهيم‪.‬المرجع السابق‪:‬ص‪49‬‬

‫‪8‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫الشكلية في جلسات المزايدات كما تراعي العلنية في المزايــدات و المناقصــات و المســابقات‬


‫العامة‪.‬‬
‫و المالحظ أيضا في هذا الشأن أن المبادئ اإلجرائية التي تسير عليها المحاكم تــرد‬
‫عليها استثناءات كثيرة‪ ،‬فالمحكمة قد ال تلتزم بعلنية الجلسات بل أن الجلسة قــد تكــون ســرية‬
‫محددة هذا من جهة و من جهة أخرى فقد إعتــبر‬ ‫ّ‬ ‫في حاالت معينة و بخصوص موضوعات‬
‫القضــاء اإلداري في كــل من فرنســا و مصــر التســبيب من الضــمانات األساســية لجميــع‬
‫القرارات التي تمس الحرية‪ ،‬وإن لم ينص المشرع عليه صراحة ‪ ،‬فالموظف اإلداري غالبــا‬
‫ما يفصل في المسائل المعروضةـ عليــه بقــرارات مســببة ‪ ،‬ألن القــانون قــد يلزمــه ب ـذلك في‬
‫بعض الحاالت‪، 1‬كما أن هناك أعماال قضـائية و مـع ذلـك تصـدر في غـير هـذه اإلجـراءات‬
‫كأوامر األداء وتلك التي تصدر في غيبة الخصوم ‪ ،‬لذلك عــزف الفقــه عن األخــذ بالمعــايير‬
‫الشكلية و دعا جانب منه إلى البحث في طبيعة العمل القضائي ذاته ‪.2‬‬

‫ب‪ :  /‬المـعيار ال ـمادي أو المـوضوعـي‬

‫إن األمر المسلم به أن للمعيار الشكلي أهمية كبيرة في التمييز بين األعمال القانونية وعلى‬
‫األخص فيما يتعلق بــالتمييز بين الحكم القضــائي و القــرار اإلداري ‪ ،‬إال انــه لم يكن معيــارا‬
‫كافيـــا و حاســـما في مجـــال التميـــيز بين العملين المتقـــدمين ( القـــرار القضـــائي والقـــرار‬
‫اإلداري) ‪،‬و قد تناولنا أيضا ما تعرض له هذا المعيار من انتقــادات نظريــة و منطقيــة و مــا‬
‫واجهه من مصاعب في التطبيق العملي حال دون نجاحه أو االعتماد عليه كليا ‪.‬‬
‫ـ لذلك اتجه التفكير صوب دراسة العمل القانوني ذاته وما يولده من أثار قانونية بصرف‬
‫النظر عن السلطة التي أصدرته ‪،‬لكن اختلفت هذه االتجاهات فيما بينها ‪ ،‬فيرى البعض منهم‬
‫أن تحديــد العمــل القضــائي يجب أن ينطلــق من العناصــر المكونــة لــه ‪ ،‬ويؤكــد أن العمــل‬
‫القضائي عمل مركب ينطوي على حل المسـالة القانونيـة الـتي تعـرض على القاضـي فيقـوم‬
‫هذا بتقرير مخالفة القانون التي يدعيها الفرد أمامه ‪، 3‬و العمل القضائي حسب ه ـذه النظريــة‬
‫عبارة عن عملية ذهنية مبناها المنطق الذي يتكون من العناصر التالية ‪: 4‬‬

‫أوال‪ : ‬االدعـ ـ ـ ـاء‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ ا‪ /‬زودة عمر ‪.‬الرجع السابق ص‪190‬‬

‫‪ 2‬ـ د ‪ /‬بدر خان عبد الحكيم إبراهيم‪.‬المرجع السابق ‪:‬ص‪55‬‬


‫‪3‬‬
‫د‪/‬بدر خان عبد الحكيم إبراهيم ‪.‬المرجع السابق ص‪90‬‬
‫‪4‬‬
‫ـد ‪ /‬بدر خان عبد الحكيم إبراهيم‪ .‬المرجع نفسه ‪:‬ص‪91‬‬

‫‪9‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫يرى ديجي أن العناصر التي تكوّن العمل القضائي لوحدها إذ أن هذا العمل يفــترض‬
‫وجود ادعاء بمخالفة القــانون ‪ prétention‬وال يهم من أي جهــة يــأتي االدعــاء كمــا ال يهم‬
‫شخص المدعي فقد يكــون فــردا عاديــا أو موظفــا عاما ‪،‬و أحيانــا يتــدخل القاضي‪ 1‬من تلقــاء‬
‫نفسه حين يظهر له وجود مخالفة قانونية يجب عليه إزالتها لمصلحة النظام العام و لتحقيــق‬
‫العدالة في المجتمع ‪ ،‬و ينصب االدعاء على وجود عمل أو مركــز مخــالف للقــانون ‪،‬و هــذا‬
‫االعتداء الذي وقع على النظام القانوني هي نقطة البدايــة في العمــل القضــائي والمتمثــل في‬
‫طرح مسألة قانونية يثيرها االدعاء ويطلب من القاضي حلها ‪.‬‬
‫ويرى دوجى أنه ليس الزما وجود نزاع بـل يكفى وجـود ادعـاء بمخالفـة القـانون حـتى وإن‬
‫كان في الغالب تدخل القاضي لفض نزاع قائم بين الطرفين متقابلين‬
‫ويقرر دوجى أن القضاء يوجد كلمــا ادعت إرادة بــأن عمال مــا أو امتناعــا عن عمــل جــاء‬
‫مخالفا للقانون ‪،‬وتطلب هذه اإلرادة من الموظف العام المختص حــل هـذه المسـألة القانونيــة‬
‫أي مسألة االدعاء بمخالفة القانون‪.‬‬
‫ويأتي بعد ذلك فحص هذا االدعاء والتعرف على الوقائع لغرض الوصــول إلى النتيجــة‬
‫المتمثلــة في تقرير الحــق وإســناده لصــاحبه وهـذه العمليــة تخضــع أساســا للمنطــق والقاعــدة‬
‫القانونية والوقائع التي تثبت لدى الموظف العام المختص ( القاضي ) وهنا القاضــي يتحقــق‬
‫ويتأكد فيما إذا كان االدعاء بمخالفة القانون قائما على أساس صــحيح من الوقــائع و القــانون‬
‫من عدمه ‪ .‬والتأكد فيما إذا كان العمل أو المركز المدعى بمخالفتــه للقــانون مخــالف للقــانون‬
‫فعال أم ال‪ ،‬و يتعين بعد ذلك أن يرتب النتائج التي يحتّمها حل المسألة القانونيــة المعروضــة‬
‫أمامه (التقرير) ‪.2‬‬
‫و بمفهوم المخالفة إن القاضي ال يتدخل لحل مسألة قانونية معروضــة عليــه وإذا كــان‬
‫عمله ال يهدف إلى التحقق من اإلدعاء المعــروض عليــه بوجــود مخالفــة للقــانون ال يعــد من‬
‫قبيل العمل القضائي‪.‬‬

‫ثان ـيا ‪ :‬الت ـ ـقريـر أو الم ـعـاين ـة‬

‫تتكون القاعدة القانونية من عنصرين ‪ :‬عنصر المفترض وعنصر األثر ويتكون عنصر‬
‫المفترض من مجموع العناصر المكونة لنموذج ما ‪،‬فإذا حدث نزاع بين األفراد بشأن أعمال‬
‫القاعدة القانونية فيقوم الثاني بإجراء عملية التطابق بين مجموعة العناصر الواقعية من جهــة‬

‫‪1‬‬
‫ـ د ‪ /‬بدر خان عبد الحكيم إبراهيم‪.‬نفس المرجع‪:‬ص‪90‬‬
‫‪2‬‬
‫ـأ‪ /‬زودة عمر ‪.‬مرجع سابق‪ :‬ص‪182‬‬

‫‪10‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫وبين مفــترض القاعــدة القانونية‪. 1‬الـذي هــو عبـارة عن النمـوذج التشــريعي المجـود داخــل‬
‫مفترض القاعدة القانونيــة من جهــة أخــرى‪ ،‬فــإذا وجــد أن هنــاك تطابقــا كــامال بين مجمــوع‬
‫الوقائع وبين مفترض القاعدة القانونية فيكون بهذا قــد عمــل التكييف القــانوني وينتهي ب ـذالك‬
‫إلى الحــل ويطلــق عليــه التقريــر أو المعاينــة ‪،‬عندئــذ يقــوم القاضــي بــالتحقيق من اإلدعــاء‬
‫المعروض عليه إلثبات مـدى مطابقتـه للقـانون أو مخالفتــه بإعطــاء الحل ‪ ،‬ويؤكـد أن الحـل‬
‫الذي يصل إليه القاضي يتمتع بقوة الحقيقة القانونية ‪.‬‬

‫ث ـالـثا ‪ :‬الـق ـ ـ ـرار‬

‫يقرر دوجي أنه لو توقفت الوظيفة عند حل المسألة القانونية فلن تكون وظيفة ذات طابع‬
‫إن مهمة القاضي تنطوي على إجــراء‬ ‫قانوني ألنها ال تتضمن في هذه الحالة أعماال قانونية ‪ّ ،‬‬
‫آخر بعد أن يحل المسألة القانونية وهذا اإلجراء هو القرار ‪ la décision‬إنــه عبــارة عن‬
‫عمل قانوني شرطي أو ذاتي يهدف إلي تحقيق الحل الذي انتهى إليه القاضي و يتحدد به‬
‫فالقرار حسب رأيه هو عبارة عن عمل إرادي يخرج الحل القانوني إلى حيز الوجود و يأتي‬
‫مضــمون القــرار كنتيجــة منطقيــة و حتميــة للتقرير‪ ،‬و هنــا تبــدأ إرادة القاضــي في الظهــور‬
‫بوضوح إذ يقرن بقرار يصــدره مرتبــا النتــائج الــتي توصــل إليهــا في المرحلــة الــتي ســبقت‬
‫إصدار القرار ( التقرير)‪.‬‬
‫و هكـــذا نـــرى انـــه طبقـــا لـــرأي العالمـــة (دوجي) فـــان الـــذي يكـــون العمليـــة القضـــائية‬
‫و هو القرار الذي يقضي بإعادة القانون إلى الحالة‬ ‫‪l’opération juridictionnelle‬‬
‫التي يجب أن يكون عليها هذا النظام وهو قرار خــاص بتقريــر خــاص يجب أن يكــون عليــه‬
‫النظام القانوني ‪.2‬‬
‫وعلى هذا األساس فان العمل القضائي الذي يكتفي بالتقرير ال يكون عمال قانونيا ألنه ال يعد‬
‫أن يكون رأي أو اقتراح أو وجهة نظر غير ملزم‪ ،‬و إنما يصبح العمل كذلك بفضل القرار ‪.‬‬
‫وإذا كان القرار بهذه الحالة يعد عنصرا ضروريا إال انه ال يعد عنصرا أصليا أو أساسيا في‬
‫العمل القضائي‪.‬‬
‫يستند في ذلك على أساس‪ : ‬االرتباط المنطقي بين التقرير و القرار ‪.3‬‬

‫‪ 1‬ـ أ‪ /‬زودة عمر ‪.‬المرجع السابق‪:‬ص‪180‬‬

‫‪ 2‬ـد‪/‬بدر خان عبد الحكيم إبراهيم المرجع السابق‪ :‬ص‪93‬‬

‫‪3‬ـ أنظر د‪ :‬بدر خان عبد الحكيم إبراهيم‪.‬المرجع السابق ‪:‬ص‪93‬‬

‫‪11‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫وينبغي أن نالحظ أنه إذا كان دوجي قد أعطى األولوية للتقرير في العمــل القضــائي و قلص‬
‫من دور القرار‪ ،‬إلى ما هو ثانوي و تبعي‪ ،‬فإنه يرى مع ذالك أن القرار ال يندمج في العمــل‬
‫القضائي فحسب و إنما يكـون عنصـرا ضـروريا لـه ‪،‬و سـبق أن ذكرنـا أن مـا يمـيز العمـل‬
‫القضائي هو أن القاضي ليس حرا في اتخاذ هذا القرار أو ذاك‪ ،‬بل إنــه مرتبــط بــالمنطق‪ ،‬و‬
‫يجب أن يكون القرار الذي يتخذه هو النتيجة الضروريةـ و المنطقية للحل الذي قرره للمسألة‬
‫القانونية ‪ ،‬و إذا كــان األمــر كــذلك ‪،‬فــإن التقريــر ال يحــدث بنفســه أي تعــديل في النظــام‬
‫القانوني ‪،‬ألنه يقتصر على اإلجابة بكل ما يتعلق باالدعــاء المرفــوع أمــام القاضــي‪ ،‬فــالقرار‬
‫هو وحده الذي يستطيع أن يترك أثرا في النظام القانوني‪.‬‬
‫و يظهر تطبيق القاعدة القانونية على حالة محدّدة تبرز في شكل القرار و يرى دوجي أن‬
‫العمل القضائي – بحسب أصله‪ -‬يقتصر على التقرير أي على المعاينة أما القرار فهو عمــل‬
‫إداري ‪ .1‬و الدّليل على أنه ينشىء مركزا قانونيا جديدا أو حقا جديدا ‪ ،‬كالحق في التعــويض‬
‫وهذا الحق ينشأ مباشرة عن القرار الذي يعد عمال إداريا‪ ،‬كما سبق ذكره و لكنه يتحــول إلى‬
‫عمل قضائي عندما يندمج في التقرير ‪.2‬‬
‫ـ غير أن هذه النظرية و إن كان يرجع إليها الفضل في لفت االنتباه إلى أهمية البحث في‬
‫العناصر األساسية التي يتكون منها العمل القانوني ـ كما يؤكد عليه الفقه ـ إال أن الحل الــذي‬
‫أتت به عسير المنال‪ ،‬إذ يصعب تحديد مقومات العمل القانوني بهذه الطريقة الذهنية المحدّدة‬
‫‪.‬كمــا أن هــذه الطريقــة تقــوم بتقســيم العمــل القضــائي إلى أجــزاء‪ ،‬و تعتــبر الجــزء الخــاص‬
‫بالتقرير من طبيعة قضائية ‪ ،‬وهــو الــذي يتمتــع بقــوة الحقيقــة القانونيــة ‪.‬بينمــا تعتــبر الجــزء‬
‫الخاص بالقرار من طبيعة إدارية ‪ ،‬و ترى أن القرار عنــدما ينــدمج في التقريــر يتحــول إلى‬
‫عمل قضائي ‪،‬لكنها لم تبين لنا كيف تتم عملية التحول ‪.3‬‬
‫وقد اتجه جانب من الفقه إلى اعتمــاد فكــرة حســم الــنزاع لتمــيز العمــل القضــائي عن العمــل‬
‫اإلداري ‪ ،‬حيث يرى أن العمل الذي ال يتضمن حسم النزاع فإنه ال يعد عمال قضــائيا ذلــك‬
‫أن القاعدة القانونية تحل النزاع تلقائيا بين األفراد دون ما حاجة إلى تــدخل القضــاء غــير أن‬
‫التطبيق التلقائي للقاعدة القانونية ‪ ،‬قد يثير نزاعا حول تطـابق المركـز الـواقعي مـع المركـز‬
‫القانوني ‪ ،‬مما يستوجب تدخل القضاء لحل هذا الــنزاع على اعتبــار أن القصــاص الخــاص‬
‫واقتضاء الفرد حقه بنفسه باعتماده على قوته الشخصية أو القبلية قــد اختفى في المجتمعــات‬
‫المتمدنــة وحلت الــدعوة القضــائية محــل القصــاص الخــاص ‪ ،‬فيقــوم القاضــي بحــل الــنزاع‬

‫‪1‬ـد‪ /‬بدر خان عبد الحكيم إبراهيم‪.‬نفس المرجع السابق ‪:‬ص‪93‬‬


‫‪2‬‬
‫ـ د ‪ /‬إبراهيم نجيب سعد‪.‬القانون القضائي الخاص‪،‬منشأ المعارف ـ اإلسكندرية ـ الجزء األول ‪ :‬ص‪88‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ أ ‪ /‬زودة عمــــــــــــر‪ .‬المرجع السابق ‪ :‬ص‪184‬‬

‫‪12‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫بالرجوع إلى القاعدة القانونية ويرى أن الــنزاع هــو هــدف العمــل القضــائي وأساســه وســببه‬
‫المباشر فال مبرر لتدخل القضاء حيث ال يوجد نزاع فإذا تــدخل القضــاء مــع غيــاب الــنزاع‬
‫فإن القرار الذي يصدره يكون مجردا من حجية الشيء المقضي به ‪ ،1‬إذا قام القاضي بعمــل‬
‫ال يتضمن حسما للنزاع فإن عمله هنا ال يمكن إدراجه ضمن األعمال القضائية ‪ ،‬وال يجــوز‬
‫وصفه بالعمل القضائي بل يجب البحث له عن وصف آخر يتطابق مع حقيقته ‪.‬‬
‫ـ وهناك من الفقهاء من اعترض عليه ‪ ،‬ذلك انه في بعض األحيان قد يصــدر حكمــا دون‬
‫وجود نزاع مثل الحكم الذي يصـدر بعــد حضــور المـدعى عليــه و تســليمه بجميــع المطـالب‬
‫المدعى بها عليه دون منازعة‪ ،‬أو الحكم الغيابي مع ذلك تعتبر هذه األحكام أحكامــا قضــائية‬
‫‪.2‬‬
‫غير أن هذه االعتراضاتـ مردود عليها – كما يؤكد بعض من الفقه – ذلك أن مفهوم النزاع‬
‫لم يعد كما كان عليه الحال في القانون الرومــاني الــذي يصــور المنازعــة على أنهــا مقاومــة‬
‫فعلية أمام القضاء ‪ ،‬أما التشريعات الحديثة فال تشترط في النزاع أن يقع في شكل معارضــة‬
‫لصاحب الحق‪ ،‬بل تشترط فيــه مجــرد قيــام شــك حــول مركــز الخصــم ‪ ،‬دون أن يصــل إلى‬
‫مقاومة فعلية ‪ ،‬فإذا امتنع المدين عن الوفاء بالدين بعد حلول األجل فهذا يكفي لقيام المنازعة‬
‫و ال يهم بعد ذلك أن يسلم المدين بجميع مطالب الــدائن دون أن ينــازع فيهــا إذا حضــر أمــام‬
‫القضاء ‪.3‬‬
‫غير أنه يبقى معيار النزاع عنصر جوهري ال يمكن االستغناء عنــه لتميــيز العمــل القضــائي‬
‫عن غيره من األعمال األخــرى ‪ ،‬إال انــه ال يكفي لوحــده بــل يجب أن يضــاف إليــه المعيــار‬
‫الشكلي‪.‬‬

‫ج ‪ :/‬المـعيـ ـار المخ ـ ـتلط‪:‬‬

‫تتناول تعريف العمل القضائي نظريتان ‪:4‬‬


‫األولى تعرف بالنظرية الموضوعيةـ والثانية تعرف بالنظرية الشكلية‪.‬‬
‫‪ / .1‬النظرية األولى‪:‬ـ‬

‫‪ 1‬ـ أ ‪ /‬زودة عمر ‪.‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪184‬‬


‫‪2‬‬
‫ـ أ ‪ /‬زودة عمر ‪.‬نفس المرجع ‪ :‬ص‪186‬‬

‫‪ 3‬ـ أ ‪ /‬زودة عمر‪.‬المرجع نفسه ‪ :‬ص ‪186‬‬


‫‪4‬‬
‫ـ أ ‪ /‬زودة عمر ‪.‬المرجع السابق ‪ :‬ص ‪186‬‬

‫‪13‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫تعرف العمل القضائي بتحليله إلى عناصره األولية‪ ،‬وهي عنصران‪:‬‬


‫‪ / .1‬المعاينة أو التقرير‪ :‬ويقصد بــه إدخــال وقــائع الــنزاع في الغــرض الخــاص بإحــدى‬
‫القواعد القانونية‪.‬‬
‫‪/ .2‬القرارـ ‪ :‬ويقصد به تطبيق الحل الموجود في هذه القاعدة على أساس أن كل قاعــدة‬
‫قانونية تتكون من الغرض واألثر‪.‬‬
‫ويقصد بـذلك إدخـال مجمـوع الوقـائع محـل الـنزاع في أحـد فـروض القواعـد القانونيـة‪.‬‬
‫والقرار يعني تطبيق الحــل أو األمــر الموجــود في هــذه القاعــدة على الــنزاع المعــروض‬
‫على القاضي‪.‬‬
‫ويؤكد أصحاب هذا الرأي أنه ال يمكن االستغناء على الجانب الشكلي في تعريــف العمــل‬
‫القضــائي ‪ ،‬و االعتمــاد فقــط على المعيــار الموضــوعي و تبعــا لــذلك يجب أن يتضــمن‬
‫تعريف العمل القضائي كال من المعيار الشكلي و الموضوعي‪.‬‬
‫فالمعيار الشكلي هــو الــذي يــؤدي إلى الكشــف عن المظهــر الخــارجي للعمــل القضــائي‪،‬‬
‫وإهمال هذا الجانب يؤدي إلى االستغناء على الجانب اإلجرائي ‪ ،‬على اعتبــار أن العمــل‬
‫القضائي يقتضــي أن يتم في إطــار اإلجــراءات الــتي تكفــل للخصــوم ضــمانات خاصــة ‪،‬‬
‫فتحمي طرفي الخصومة من تعسف أحد األطراف‪.‬‬
‫في حين أن المعيار الموضوعي يشكل جوهر العمل القضائي فلم تنشا الوظيفة القضــائية‬
‫إال لحل النزاع الذي يقع بين األفراد في المجتمـع ‪ ،‬وهــذا مـا يفســر القاعــدة العامـة الـتي‬
‫تقتضي بأن الدعوى القضائية ال تقبل مــا لم يكن لصــاحبها مصــلحة وهي ال تقــوم إال إذا‬
‫وقع اعتداء على الحق أو المركز القانوني‪ ،‬و حسم النزاع هو الذي يــبرر حجيــة الشــيء‬
‫المقضي به و تهدف الحجية إلى منع عرض النزاع على القضــاء مــرة ثانيــة ممــا يــؤدي‬
‫إلى ضمان االستقرار ‪.‬‬
‫و عليه فهذا المعيــار الــذي يــذهب إلى جمــع المعيــار الشــكلي و الموضــوعيـ هــو واجب‬
‫اإلتباع ‪ ،‬و يكون تعريف العمل القضائي حسب الفقهاء إلى النحو التالي " هو الذي تقــوم‬
‫به هيئة مستقلة بهدف حسم النزاع المعروض عليها طبقا للشكل المقرر قانونا" ‪.1‬‬

‫الف ـرع الـثاني ‪ :‬السل ـطة الوالئ ـية التي يتمت ـع بـها القاض ـي‬

‫ففي هذا الفرع ال ندرس نظرية األعمال الوالئية ‪ ،‬والتي تعتبر األوامر على العرائض‬
‫احد تطبيقاتها ‪ ،‬وإنما ندرس ماهية و جوهر سلطة القاضي الوالئية في ذاتها‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫ـ أ ‪ /‬زودة عمر ‪.‬نفس المرجع‪:‬ص‪187‬‬

‫‪14‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫يجمع الفقه على أن سلطة القاضي الوالئية ينتابها غمــوض مســتمد من ذلــك الــذي يحيــط‬
‫بفكرة القضاء الوالئي و فكرة األعمال الوالئية وال يمكن الجزم بوجود اتفاق بين الفقهــاء‬
‫على رأي واحد أو رأي متجانس بالنسبة لهذه األفكار ‪.‬‬
‫فمن الفقهاء من يرى إن فكرة القضاء الوالئي ترجع إلى القــانون الرومــاني الــذي كــان‬
‫يعتبر أن العمل الوالئي هو عمل ذو طبيعة توثيقية ‪.1‬‬
‫ثم ظهر تعبير القضــاء الــوالئي في ظــل القــانون الكنســي و كــان يقصــد بــه الداللــة على‬
‫السلطات الروحية و شبه الروحية التي يمارسها رجال الدين على األفراد مما مــيزه على‬
‫قضاء المنازعات ‪.2‬‬
‫وإبان القرون الوسطى صار التوثيق في فرنسا وايطاليا من اختصاص الموثقين وتشكلت‬
‫فكرة القضاء الوالئي بأنه النشاط الذي يباشره القاضــي دون وجــود نــزاع أو خصــومة ‪،‬‬
‫بمعنى أن هذا القضــاء يتم في مواجهــة شــخص أو أشــخاص متفقين فيمــا بينهم ‪.3‬و ذهب‬
‫البعض اآلخر من الفقه إلى القول أن هناك حاالت تقتضــي الضــرورة فيهــا االلتجــاء إلى‬
‫القاضي ‪، 4‬ال لحسم نزاع قائم وإنما التخاذ تدابير معينة و قـد يسـتهدف من هـذه التـدابير‬
‫المحافظة على الحق أو على ضــماناته و منهــا مــا قـد يقصــد إلى تأكيــد الحــق أو إقــراره‬
‫سواء كان ثمة نزاع قائم بالفعل أو كان النزاع على وشك الحصول بل حــتى ولــو لم يكن‬
‫هناك نزاع أو احتمال لقيام نــزاع في جميــع هــذه الحــاالت يلجـأ األشــخاص التخــاذ هــذه‬
‫التدابير ‪، 5‬وســبب اللجــوء إلى القضــاء يرجــع إلى أن األفــراد محــرومين بــأمر المشــرع‬
‫من اتخاذهم بأنفسهم وللحصول على هذه التدبير منح المشرع سلطة األمر بهذه التــدبير‬
‫بناء على طلب األفراد الن إلزام األفراد باالنتظار حتى الفصل النهائي في منازعات من‬
‫الناحية الموضوعية قد يعرض حقوقهم للضياع أو يفقدهم ضمانات حقــوقهم وال شــك أن‬
‫هـذه المــبررات هي الــتي أدت إلى منح القضــاء ســلطة اتخــاذ هـذه التــدبير كمــا أن هـذه‬
‫المبررات عينها هي التي أدت بالسماح لألفراد باللجوء إلى القضــاء لطلب تــدابير وقتيــة‬
‫لحماية الحقوق‪.‬‬
‫وجمهور الشراح متفــق على أن القضــاء هــو المختص بإصــدار األوامــر القضــائية الــتي‬
‫تسمح لألفراد باتخــاذ التــدبير الوقتيــة المالئمــة ولكن الخالف ينصــب على تحديــد ســلطة‬
‫‪1‬‬
‫ـ د‪ /‬أحمد أبو الوفا‪:‬أصول المحاكمات المدنية ‪/‬دار الجامعية للطباعة والنشر‪.‬ط‪-1983.‬ص‪663‬‬

‫‪ 2‬ـ د‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬األوامر على عرائض ونظامهاـ القانوني‪ /‬دار الجامعية الجديدة ـ ط ـ‪ 2008‬ص ‪21‬‬

‫‪ 3‬ـ د‪ /‬نبيل إسماعيل عمر‪:‬المرجع نفسه‪ .‬ص ‪22‬‬


‫‪4‬‬
‫ـ د ‪/‬عبد المنعم الشرقاوي وعبد الباسط جميعي‪:‬شرح قانون المرافعات الجديد‪ /‬دار الجامعية ـ ط ـ‪ 1976‬ـ ص‪386‬‬
‫‪5‬‬
‫ـ د‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪22‬‬

‫‪15‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫القاضي التي يستند إليها في إصدار هذه األوامر ‪ ،‬هل هي سلطته القضائية ؟ يجمع الفقه‬
‫على أن القاضي في إصدارهـ لهذه األوامر التي تهدف اتخــاذ تــدابير وقتيــة ال يســتند على‬
‫سلطته القضائية الن القضاء هو حســم للمنازعــة وهنــا ال توجــد منازعــة بنــاء على ذلــك‬
‫يتفق الفقه على أن هذه الســلطة هي الســلطة الوالئيــة وهى من طبيعــة الســلطة القضــائية‬
‫ألنها تهدف إلى المحافظة على وضع معين ‪.1‬‬
‫أي أن السلطة الوالئية يعترف بها المشرع على أساس أن هناك مراكز قانونية معينة قــد‬
‫يصادفها عقبات أو تتعطل فعاليتها ومع ذلك المشرع جعل عدم جواز حل هذه المشــاكل‬
‫عن طريق اإلرادة الذاتية ألصحاب الشأن ‪،‬بـل البـد من صـدور أمـر بـذلك من القاضـي‬
‫إعماال لسلطته الوالئية‪.‬‬
‫لقد سبق و أن عرفنا أن القاضي يتمتع بالسلطة الوالئية إضافة إلى اختصاصـه األصـيل‬
‫المنبثــق من وظيفتــه القضــائية‪.‬أيـ لــه ســلطة إصــدار أوامــر ملزمــة ‪ ،‬وذلــك من خالل‬
‫عريضة تقدم إليــه ‪ ،‬يــبين فيهــا طــالب استصــدار األمــر طلباتــه و يرفــق بهــا المســتندات‬
‫المؤيدة لها و ينظرها القاضي دون دعوة الشخص المطلوب صدور األمــر في مواجهتــه‬
‫للحضور أمامه الن األصل أن األعمال الوالئية تتضمن نزاعا‪ ،‬وال تنطوي على خصام‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬تعريـ ـف العـمل ال ـوالئى‬

‫لتعريف العمل الوالئي يجب البحث عن المعيــار الــذي يمكن على ضــوئه تعريــف‬
‫العمل الوالئي‪.‬‬

‫أ‪ :  /‬المعـ ـيار الشـكـلي‬

‫يرى جانب من الفقه أن العمل الذي يقوم به القاضي يعتبر عمال والئيا إذا صدر‬
‫بناءا على العريضة و دون تكليف الخصم بالحضور‪.‬‬
‫إن هذا المعيار ال يصلح لتعريف العمل الوالئي و كذا تميزه عن العمل ال قضائي‪،‬‬
‫ذلك أن صدور األمر في شكل أمر على عريضة ال يتوقف على األعمال الوالئية وحدها‬
‫فهناك أعمال قضائية تصدر بناءا على أمر على عريضة كأمر األداء ‪.2‬‬
‫كما أن تكليــف الخصــم بالحضــور ال يعتــبر معيــارا لتحديــد طبيعــة العمــل الــوالئي ‪،‬فقــد‬
‫يشترط في بعض األحيان إلصدار العمل الوالئي أن يعلن الطرف اآلخر كما هــو الشــأن‬
‫بالنسبة لتسليم النسخة التنفيذية الثانية في حالة ضياع النسخة التنفيذيــة األولى طبقــا لنص‬
‫‪ 1‬ـ د ‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع نفسه ـ ص ـ‪23‬‬

‫‪ 2‬ـ أ ‪/‬زودة عمر‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪200‬‬

‫‪16‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫المــادة ‪ 322‬من قــانون اإلجــراءات المدنيــة و تقابلهــا المــادة ‪603‬من قــانون اإلجــراءات‬
‫المدنية و اإلدارية الجديد رقم ‪.09-08‬‬

‫ـ كما أن األعمال الوالئيــة الــتي تصــدر بنــاءا على عريضــة تعــد نوعــا من الأعمــال‬
‫الوالئية و لكنها ال تستغرق كل األعمال الوالئية ‪.1‬‬
‫إن المعيــار الشــكلي معيــار قاصــر في تعريــف العمــل الــوالئي‪ .‬بحيث يغفــل الجــانب‬
‫الجوهري له‪ .‬و طبيعته الذاتية و يستعين بالعنصر الخارجي‪.‬‬

‫ب‪ :  /‬مع ـيار العـمل الم ـنشئ‬

‫اتجه بعض الفقه إلى تعريف العمل الوالئي على أنه عمل منشئ ‪،‬يرمي إلى إنشــاء مراكــز‬
‫قانونية جديدة فهو دائما ذو أثر منشئ بينما العمل القضائي محله رابطة قانونية سابقة ‪.2‬‬
‫إذ أن إرادة األفراد وحدها ال تستطيع تكوين مراكز قانونية إال بتدخل الدولة ‪ ،‬و لذلك تكــون‬
‫اإلرادة عاجزة عن تحقيق هذا األثر إال بمشاركة الدولة بنشاطها إلى جانب األفراد أصــحاب‬
‫المصلحة في إنشاء مراكز قانونية وعمل الدولة هنا عمل والئي ‪.3‬‬
‫ال يمكن االعتماد على هذه النظرية إلعطاء تعريف شامل للعمل الـوالئي بحيث انــه ليســت‬
‫كل األعمال الوالئية تهدف إلى إنشاء مراكز قانونية جديدة بل هناك أعماال تقريريــة ‪،‬مثــل‪: ‬‬
‫األمر بتسجيل عقد الزواج‪ ،‬كما أن هناك من األعمال القضائية ‪ ،‬ما يعتبر من قبيل األعمــال‬
‫المنشئة ‪ ،‬مثل الحكم بشهر اإلفالس أو بفسخ العقد و حل الشــركة و هي أحكــام ‪،‬كمــا يؤكــد‬
‫نفس الفقــه على أنهــا أحكــام منشــئة ‪،‬وعلى هــذا ال يمكن االعتمــاد على هــذا المعيــار وحــده‬
‫لتعريف العمل الوالئي ‪.‬‬

‫ج‪ : /‬مـعي ـار طـبيعـة العـقبـ ـة‬

‫يعتنق اتجاه من الفقه و القضاء فكرة عدم وجود النزاع‪ ،‬فيرى أن العمل الوالئي هو الذي‬
‫يصدر من القاضي دون أن يكون هناك نزاع بين الطرفين ‪ ، 4‬ذلك أننا نجــد أن القاضــي في‬
‫العمل الوالئي ال يتدخل إال إلزالة العقبة القانونية التي وضعها المشرع أمــام إرادة األفــراد ‪،‬‬
‫‪ 1‬ـ أ‪ /‬زودة عمر ‪:‬المرجع نفسه ـ ص ـ‪200‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ د‪ /‬فتحي والي ‪:‬نظرية البطالن في قانون المرافعات‪/‬منشأ المعارف باإلسكندرية ط ـ سنة ‪ 1959‬ـ ص ـ‪30‬‬

‫‪ 3‬ـ أ ‪/‬زودة عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪201‬‬


‫‪4‬‬
‫ـ د‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪21‬‬

‫‪17‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫فهـو ال يواجــه نزاعــا ناشــئا عن تطـبيق القاعــدة القانونيــة ‪ .‬بحيث أن إرادة األفــراد في هـذه‬
‫الحالة قد تم تجريدها بواسطة القانون ذاته وليس من صالحيتها إحداث أثار قانونيــة معينة ‪.‬‬
‫و ربط توليد هــذه اآلثــار أو كمــال فعاليتهــا بضــرورة صــدور أمــر من القاضــي بنــاءا على‬
‫سلطة أخرى غير سلطة القضاء و هي السلطة الوالئية ‪.1‬‬
‫رغم أن المبــدأ في القــوانين الحديثــة هــو ســلطان اإلرادة الحــرة ‪ ،‬أي صــالحية هــذه اإلرادة‬
‫بذاتها لتوليد كافة اآلثار المرغوبة ‪ ،‬و إبرام كافة التصرفات في نطاق القانون و الشريعة إال‬
‫أن المشرع إلعتبارات يراها يجرد اإلرادة الفردية من هذه الصالحية ‪.‬‬
‫فالقاضي في إطار وظيفته الوالئية يتدخل إلزالة العقبة القانونية التي وضعها المشرع والــتي‬
‫شلت إرادة األفراد و جعلتها غير قادرة على إنتاج األثر القانوني‪.‬‬
‫فالملكية تتمتع بالحماية القانونية ‪ ،‬و تتمثل هذه الحماية في احترام الكلي لهذه الملكية و عــدم‬
‫االعتداء عليها ‪ ،‬و هذا هو التطبيق التلقائي للقاعدة القانونية‪. 2‬‬
‫غير انه قد يقع اعتداء على حق الملكية و هذا االعتـداء يشــكل العقبــة الماديــة ‪ ،‬األمــر الــذي‬
‫ينشئ الحاجة إلى إزالتها ‪ ،‬و بما أن الفرد محضور عليه أن يأخـذ حقـه بيـده ‪ ،‬وال يسـتطيع‬
‫أن يتدخل بنفسه إلزالة هذه العقبة‪ ،‬لأن الدّولة هي التي تتدخل إلزالتها ‪ .‬و عمــل الدولــة هنــا‬
‫عمل قضائي في حين أن النشاط الذي يضطلع به القاضي في إطار وظيفته الوالئيــة إذ يقــوم‬
‫بإزالة العقبة القانونية التي وضعها المشرع و التي قيدت إرادة األفراد و جعلتها غــير قــادرة‬
‫على إنتــاج األثــر القــانوني ‪ ،‬بــل البــد من صــدور أمــر بــذلك من القاضــي أعمــاال بوظيفتــه‬
‫الوالئية للحصول على تدابير ‪ 3‬بناءا على طلب األفراد ‪ ،‬الن إلـزام األفـراد باالنتظـار حـتى‬
‫الفصل النهائي في منازعات من الناحية الموضوعية قد يعرض حقــوقهم للضــياع أو يفقــدهم‬
‫ضمانات حقوقهم مثال ذلــك حجـز مــا للمــدين لــدى الغــير أو الحجــز التحفظي و غيرهــا من‬
‫التدابير المؤقتة‪،‬و للتمييز بين العمل الوالئي و العمل القضائي يجب أن ينصب المعيــار على‬
‫طبيعة العقبة ‪ ،‬فــإذا كــانت من خلــق األفــراد و نشــأت عن عــدم فعاليــة القاعــدة القانونيــة في‬
‫الحياة االجتماعية فان العمل الذي يهــدف إلى إزالتهــا عمــل قضــائي‪ .‬بينمــا إذا كــانت العقبــة‬
‫ليست من خلق األفراد و غير ناجمة عن عدم فعالية القاعدة القانونية ‪ ،‬و إنما كانت من خلق‬
‫المشرع نفسه ‪ ،‬حيث تعتبر اإلرادة عاجزة عن ترتيب األثــر القــانوني فهنــا البــد من اللجــوء‬
‫إلى القضاء لإزالتها ‪ ،‬الن العمل الذي يهدف إلى إزالة هذه العقبة هــو عمــل والئي‪ ،‬و عليــه‬
‫نخلص إلى تعريف العمل الوالئي الذي يهدف إلى إعادة الفعالية لإلرادة بسبب وجـود العقبـة‬

‫‪ 1‬ـ أ ‪/‬زودة عمر ‪:‬نفس المرجع ـ ص ـ‪201‬‬

‫‪ 2‬ـ أ‪ /‬زودة عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪201‬‬

‫‪ 3‬ـ د‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪20‬‬

‫‪18‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫القانونية‪ ،‬و حتى يمكن لإلرادة أن تنطلــق من جديــد لــترتيب األثــر القــانوني فالبــد أن يزيــل‬
‫القاضي هذه العقبة من أمامه ‪.1‬‬

‫ـ ث ـانيا‪ :  ‬تقس ـيم األع ـمال ال ـوالئـية‬

‫رغم صعوبة حصر األعمال الوالئية نظرا لتعددها و تنوعهـا إال إن اغلب الفقـه يتفـق‬
‫على تقسيم األعمال الوالئية إلى ثالثة أصول و هي كاألتي‪: ‬‬

‫أ‪ : /‬أع ـمال الت ـوثيق و الت ـصدي ـق ‪:‬‬

‫حيث ينصب عمل القاضي على إثبات ما تم أمامه من تصــرف أو إجــراء ‪ ،‬أو يكــون عملــه‬
‫تصديقا على تصرف تم خارج مجلس القضــاء ثم يتم عرضــه عليــه ليفحصــه لمعرفــة مــدى‬
‫مطابقته للقانون ‪.2‬‬
‫مثل التصديق على العقود التوثيقية طبقا للمادة ‪ 20‬من قانون التوثيق‪ .‬على انــه في حالــة مــا‬
‫إذا أراد شخص أن يعــرض أحــدها على الســلطات األجنبيــة فانــه يتعين عليــه عرضــها أمــام‬
‫رئيس المحكمة ‪،‬التي توجد بدائرتها مكتب الموثق للتصديق عليها ما لم توجد اتفاقيات دولية‬
‫تنص على خالف ذلك‪.‬‬

‫ب ‪ : /‬اإلذن و اإلجـ ـ ـازة‪:‬‬

‫ـ تشمل األعمال الرامية إلى إزالة عائق يحول بين صاحب الشــأن فيمنعــه من اتخــاذ‬
‫إجراء أو إبرام تصرف فيلجأ إلى القضاء ليصرح له بــذلك ‪ ،‬كــترخيص بــبيع أمــوال قاصــر‬
‫اإلعفاء من شرط السن في الزواج طبقـا لمـا يقضـي بـه قـانون األسـرة ‪ ،‬الترشـيد لممارسـة‬
‫التجارة‪......,.‬الخ‬

‫ج‪ : /‬أعـمال الرق ـابـة و الـضب ـط‪:‬‬

‫و يشمل الأعمال التي يقوم بها القاضي و التي تهدف إلى مراقبة بعض التصرفات أو ضــبط‬
‫المســائل ‪،‬األمــر الــذي يــؤدي إلى التحقيــق من ســالمتها و مطابقتهــا للقــانون مثــل مراقبــة‬
‫األوصياء و األولياء لضمان حماية ناقص األهلية و عديمها ‪.3‬‬

‫‪ 1‬ـأ ‪ /‬زودة عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪203‬‬


‫‪2‬‬
‫ـ أ ‪ /‬زودة عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪191‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ أ ‪/‬زودة عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪192‬‬

‫‪19‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫وال تندرج أعمــال اإلدارة القضــائية ضــمن األعمــال الوالئيــة تلــك األعمــال الخاصــة بتنظيم‬
‫العمل داخل المحكمة ‪ ،‬كضبط الجلسات ‪ ،‬و توزيع القضايا على الجدول ‪ ،‬و الإشــراف على‬
‫الموظفين‪...‬الخ‪.‬‬

‫الـفـرع ال ـثالث ‪ :‬ت ـحديد طـبيـعة الق ـانونية للـسلطة الـوالئية‬

‫ـ ثار جدل كبــير بين الفقهــاء حــول تحديــد الطبيعــة القانونيــة للســلطة الوالئيــة للقضــاء فى‬
‫إصدار األمر على عريضــة‪ ،‬فبعض الفقهــاء يــرى أنهـا ذات طبيعــة إداريـة محضـة وبعض‬
‫الفقه يرى أنها من طبيعة قضائية محضة‪ ،‬وفريق ثالث يرى أنها من طبيعة مختلطة ونعــالج‬
‫هذا المطلب في ثالث نقاط أساسية ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬السـلطة الوالئـية للقاضي في اصدارـ األوامر على العرائض ذات طبـيعة إداريـة‬

‫يعتقد جانب من الفقه المدافع عن هذه النظرية أن القاضي ما هو إال موظــف من‬
‫موظفي الدولة العـامين يتخـذ من التـدابير اإلداريـة مـا يتالءم مـع وظيفتـه ‪،‬باعتبـاره قاضـيا‬
‫يتمتع باالستقالل و الحيدة والحصانة ‪ ،1‬وتلــك التــدابير الــتي تتجسـد في شــكل األوامــر على‬
‫العرائض فهي في حقيقتها وطبيعتها أعمال إدارية ‪،‬ال تخضع للنظام القــانوني الــذي تخضــع‬
‫له األعمال القضائية ‪،‬وإنما تخضع للنظام القانوني الذي تخضع له الأعمال اإلدارية‬
‫ـ وحجة هذا الفريق من الفقهاء أن أعمال السلطة الوالئية ال تخضع لطــرق الطعن الــتي‬
‫تخضع لها األحكام القضائية‪،‬وال تتمتع بالحجية التي تتمتع بها األحكام القضــائية ‪،‬كمــا انــه‬
‫يجوز رفع الدعوى األصلية بطلب بطالن األوامر على العرائض ‪.2‬‬
‫ولم يسلم هذا الرأي من النقد بمقولة أن القاضي حينمــا يصــدر األمــر على العريضــة ال‬
‫يتوخى تحقيق مصلحة عامة كما تتوخاها القرارات اإلدارية المحضة‪ ،‬كما أن القاضي حينما‬
‫يصدر األوامر على العرائض ال ينصاع إلى أمر إداري أعلي وإنما يخضع للقانون مباشرة‬
‫وفق ما يمليه عليه ضميره ووحي القانون ‪.‬‬

‫ثانـ ـ ـيا ‪:‬أعـ ـ ـمال الـحمايـ ـة القـضـ ـائية الوالئـ ـية هـ ـي ذات طـ ـبيعة قضائـ ـية ـ إن الفريق القائل بهذا‬
‫الــرأي يــرى انــه ال يوجــد خالف جــوهري بين أعمــال الحمايــة القضــائية الوالئيــة للحقــوق‬
‫واألعمال القضائية ‪،‬فهي كلها أعمال قضائية كأساس عام‬

‫‪1‬‬
‫ـ د‪/‬محمد زهدور ‪:‬األوامر على العرائض وفقا لقانون اإلجراءات المدنية ‪.‬ـ ص ـ‪ 13‬ـ‬
‫‪2‬‬
‫ـ د ‪/‬محمود السيد التحيوي ‪:‬أوامر األداء وفقا لقانون المرافعات المدنية و التجارية ‪/‬دار الفكر الجامعي ـ ط ـ‪ . 2003‬ص ‪45‬‬

‫‪20‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫وال يمكن أن يوصف القاضي عند إصــدارهـ األمــر على عريضــة بــالموظف اإلداري الــذي‬
‫يباشر تسيير اإلدارة والذي يصدر األوامر اإلدارية لتسييرها ‪.1‬‬
‫أضف إلى هذا أن هناك قواسم مشتركة بين األعمال القضائية والسلطة الوالئية للقاضــي في‬
‫إصــدار األوامــر على العــرائض ‪،‬فهــذه القواســم هي خضــوع الســلطة الوالئيــة واألعمــال‬
‫القضائية للقواعد العامة التي تنظم النشاط القضائي للمحاكم ‪.2‬‬

‫ثالـثا ‪ :‬أعـمال الحـماية الـقضائيـة الـوالئيـة ذات طـبيعـة قـانـونيـة مخـتـلـطـة‬

‫يرى هذا الفريق من الفقهاء أن أعمال الحماية القضائية الوالئية ذات طبيعة مختلطة‪. 3‬‬
‫فهي ليست أعماال إداريــة محضــة وال هي أعمــاال قضــائية خالصــة فهي مــزيج من اإلدارة‬
‫والقضاء ‪.‬فهي ليست قضائية محضة ألن القاضي ال يصدر بشأنها أحكاما قضائية ‪،‬كما أنهــا‬
‫ليســت أعمــاال إداريــة محضة‪، 4‬كاألعمــال الــتي يباشــرها رجــال اإلدارة التــابعين للســلطة‬
‫التنفيذية‪.‬‬
‫فطبيعتها ال تماثل الطبيعة القضائية البحتــة‪،‬وال الطبيعــة اإلداريــة البحتــة فهي مــزيج بينهمــا‬
‫‪.5‬بل لها مكانة مميزة إلى جانب العمل القضائي والعمل اإلداري ‪.‬‬

‫الـمبـحث الثاني ‪ :‬التـكييـف الـقانـوني لألوامـر على عرائ ـض‬


‫ـ إن إجمــاع الفقــه منعقــد على القــول بــان ســلطة القاضــي الوالئية‪ ،‬يتم ممارســتها في شــكل‬
‫األوامــر الصــادرة على عــرائض ‪ ،‬و للتوصــل إلى إعطــاء و إثبــات ذلــك مــا يــراه الفقهــاء‬
‫ضرورة معالجة مجموعة من العناصر ‪ ،‬و على ضوء هذه المعالجة يكون من السهل تحديد‬
‫هذه الطبيعة و بناءا على ذلك نقوم بمعالجة الحاجة الملجئة إلى نظام األوامــر على عــرائض‬
‫و أهدافه ‪،6‬في المطلب التالي‪:‬‬

‫المـطلـب األول ‪ :‬الـهـدف ودوافـع اللـجوء إلى نـظام األوامـر على العرائ ـض‬

‫‪1‬‬
‫ـ د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪58‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ د ‪/‬محمد زهدور ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ ‪20‬‬

‫‪3‬ـ د ‪/‬محمود السيد التحيوي ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ ‪48‬‬


‫‪4‬‬
‫ـ د ‪ /‬محمد زهدور ‪:‬نفس المرجع ـ ص ـ‪36‬‬
‫‪5‬‬
‫ـ د ‪/‬محمد زهدور ‪:‬المرجع نفسه ـ ص ـ‪37‬‬
‫‪6‬‬
‫ـ د‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪46‬‬

‫‪21‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫ـ سبق القول في العديد من المرات انه في حاالت معينة يرغب األفراد التوصل إلى تحقيــق‬
‫أهداف و أثــار قانونيــة معينــة ‪ ،‬وفي هــذه الحــاالت يقــرر المشــرع أن اإلرادة الفرديــة غــير‬
‫صالحة بذاتها لتوليد هذه اآلثار‪ ،‬لذلك نحاول عرض الدوافع التي تؤدي بــاإلفراد للجــوء إلى‬
‫إصدار األوامر على العرائض و الهدف من نظام األوامر على العرائض‬

‫الفـرع األول ‪ :‬دوافـع اللـجـوء إلى اسـتصـدار األمـر ع ـلى الع ـ ـريضة‬

‫ـ بتعبير آخر الحاجة الملجئة إلى نظــام األوامــر على عــرائض و ذلــك من خالل عرضــها‬
‫وتلخيصها فيما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :/‬افتراض تشريعي بعجز أو عدم فعالية اإلرادة الفردية في إنتاج أثار قانونية معينة ‪.1‬‬

‫ويقصد بذلك أن اإلرادة الفردية غير صالحة بذاتها لتوليد هذه اآلثار ‪،‬أي أن المشـرع يصـنع‬
‫بنفسه عقبة قانونية تحول دون اإلرادة الفردية وإنتاج هـذه اآلثـار ‪،‬ويقـال في هـذه الحالـة أن‬
‫اإلرادة الخاصة باألفراد تكون غير فعالة بذاتها في إنتاج هذه اآلثار ‪.2‬‬
‫و يشترط المشرع ضرورة اللجوء إلي القاضي من أجل الحصول على أمر قضائي يــترتب‬
‫عليه توليد اآلثار المطلوبة لتعين خبير ‪،‬أو مصـفي أو تعين حـارس قضـائي وكـذلك إصـدار‬
‫أمر والئي يحدد لهم المهام ‪،‬ويتعين على هؤالء االلتزام بها ‪،‬أو عزلهم أو استبدالهم بغيرهم‬
‫ومن بين األعمال الوالئية أيضا أعمال اإلذن واإلجازة الــتي تتلخص في اإلذن بالقيــام بعمــل‬
‫قانوني معين ‪،‬ال يستطيع المأذون له القيام بها دون موافقة القضاء ‪ ،‬أو إجازة هذا العمل بعد‬
‫القيــام بــه‪ ،‬مثــال ذلــك اإلذن للوصــي بالقيــام بتصــرف قــانوني نيابــة عن القاصــر‪ ،‬أو الإذن‬
‫بالحجز التحفظي ‪ ،‬وغيرها من اإلعمال‬
‫‪3‬‬
‫ثانيا‪ :/‬استلزام و ضرورة اللجوء إلى القضاء للحصول على أمــر قضــائي يولــد هــذا األثر‬
‫و يعني ذلك انه في جميع الحاالت السابقة يتوقف إنتاج األثر القانوني المطلوب على صدور‬
‫األمر من القاضـي‪ ،‬لعــدم إمكــان حــدوث هــذا األثــر بمعـزل عن هـذا األمـر و اعتمـادا على‬
‫اإلرادة الفردية‪ .‬لأن القانون هو الذي قرر عدم فعاليــة اإلرادة الفرديــة في هــذا الصــدد و من‬
‫‪1‬‬
‫ـ د ‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬نفس المرجع ـ ص ـ‪47‬‬

‫‪ 2‬ـ أ ‪ /‬زودة عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪200‬‬

‫‪ 3‬ـ د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪46‬‬

‫‪22‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫هنـا يكـون إجبـار األفـراد على ضـرورةـ اللجـوء إلى القضـاء بـالرغم من انعـدام المنازعـة‪.‬‬
‫للحصول على هــذا األمــر ألنــه قــد يكــون المركــز القــانوني المولــد للحاجــة إلى اللجــوء إلى‬
‫القاضي الستعمال سلطته الوالية وهو النزاع المحتمل قيامه بين الدائن و المــدين ‪ ،‬و يتطلب‬
‫اآلمر استصدار قرارا قضائيا يتوقع الحجر التحفظي على أموال المدين‪.‬ـ‬
‫ثالثا‪ :/‬يجب النظــر في آن واحــد إلى المركــز القــانوني الكلي الــذي يــراد اتخــاذ اإلجــراء‬
‫المطلوب‪ ،‬و يتم بعد ذلك تقرير محتوى الطلب من طرف القاضي الذي يقوم بعمليــة التقــدير‬
‫على محوري الواقع و القانون ‪.1‬‬

‫و يفهم من ذلك بالرغم من عدم إطالق الحرية لإلرادة الفردية في إنتاج اآلثــار المطلوبــة إال‬
‫أن المشرع جعل لإلفراد الحق في التقدم إلى القضاء بهدف استصدار أمرا قضائيا يولد هــذه‬
‫اآلثار ‪.‬أي أن المشرع أعطى لإلفراد حقا مراقبا بواسطة القضاء‪. 2droit control‬‬
‫ورقابة القضاء ضرورية‪ ،‬فهذه الرقابة ال تتعلق بالعمل القضائي الذي يقــوم بــه القاضــي أي‬
‫الفصل في مركز قانوني متنازع عليه فهذا المركــز ال وجــود لــه‪ ،‬وإنمــا تتعلـق هــذه الرقابــة‬
‫بمالئمة ‪ .opportunité‬الإجراء المطلوب اتخاذه و ما يتولد عنه من أثار للمركز القــانوني‬
‫العام بحيث يتولى القاضي عملية تقدير المالئمة بالنسبة للواقع و بالنسبة للقانون ‪ ،‬و بالتــالي‬
‫يستطيع القاضي أن يأمر آو ال يأمر باتخاذ الإجراء المطلوب ‪.3‬‬

‫الفـرع الثـاني ‪ :‬اله ـدف مـن ن ـظام األوام ـر على ع ـرائـض‬

‫ـ هناك ثالث مستويات من األفكار يجب استعراضها لمعرفة الهدف من نظام األوامر على‬
‫العرائض‪ ،‬فهناك هدف ذاتي أو شخصي يهم طالب استصدار اآلمر‪ ،‬و هناك هدف عام غير‬
‫شخصي يهم الصالح العام و هناك هدف نظام األوامر على العرائض في ذاته‬
‫أوال‪ : /‬الهدف الذاتي الذي يهم طالب األمر على عريضة ‪ :4‬يهدف بذلك إلى الحصــول على‬
‫أمر من طرف القاضي يتيح له إمكانية اتخاذ اإلجراء الوقــتي أو التحفظي الــذي يســعى إليــه‬
‫مثال الدائن الذي يرى مدنيه يتصرف في أموالــه بشــكل يــؤدى إلى إضــعاف الضــمان العــام‬
‫لدائنه ‪،‬ورفع دعوة قضائية للمطالبة بحقه قد تتخذ فــترة من الــزمن ممــا يــؤدي إلى إضــعاف‬
‫الذمة المالية لدينه لذالك لدائن وسيلة هامــة للحفــاظ على الضــمان العــام لمدينــه وهي وســيلة‬
‫‪1‬‬
‫ـ د ‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬نفس المرجع ـ ص ـ ‪46‬‬

‫‪ 2‬ـ د ‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ ‪46‬‬


‫‪3‬‬
‫ـ د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬نفس المرجع ـ ص ـ‪47‬‬

‫‪ 4‬ـ د‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع نفسه ـ ص ـ‪52‬‬

‫‪23‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫الحجز التحفظي فله بناء على ذلك أن يلجأ – دون أن يكون هنــاك نــزاع قــائم بالفعــل – إلى‬
‫القاضي مستعمال نظام األوامر على عرائض ليحصل على أمر بتوقيع الحجز التحفظي‬
‫وبناء على ذلك فنظام األوامر على عرائض يهدف إلى تحقيق مصلحة خاصة للطالب تعجز‬
‫إرادته الخاصة عن تحقيقها‪.‬‬

‫ثـانـ ـ ـيا‪ :  /‬الهــدف العــام وغــير الشخصــي الــذي يهــدف إليــه نظــام األوامــر على عــرائض‪:1‬‬
‫ويقصد به أن المشرع في حاالت معنية وضع أمام األفراد عقبات قانونية تحول دون إمكانية‬
‫تحقيق أثار معينــة بــاإلرادة الفرديــة ‪،‬ويســتلزم في مثــل هـذه الحــاالت ضــرورة اللجــوء إلى‬
‫القضاء حتى ولو لم يوجد نزاع ‪،‬والمشرع في صناعته لهذه العقبات يضع في اعتباره العديد‬
‫من المصالح الجديرة بالحماية فقد تتعلق هذه المصالح بالذمة المالية لألشــخاص ‪،‬أو بحــالتهم‬
‫القانونية ‪،‬أو بالحجوز التحفظية ‪،‬وقد رأى المشرع أن هذه المصــالح يجب أن لا تــترك لعبث‬
‫اإلرادة الخاصة التي قد ال تكون منزهة بل يجب أن تخضع لإشــراف ورقابــة القضــاء و من‬
‫جهة أخرى أن هذا النظام ال يهدف إلى إهدار الحق أو إكساب حق ‪.2‬‬
‫ثـالـثا‪ :  /‬هدف نظام األوامر على عرائض في ذاته ‪.3‬‬
‫نظام األوامر على عرائض من حيث هو نظام إجرائي يعتبر شكال إجرائي للعمــل القضــائي‬
‫الصادر من القاضي بناء على سلطته الوالئية ‪،‬أي أن نظام األوامر على عرائض هو الشكل‬
‫اإلجرائي الواجب إتباعه‪ ،‬في األحــوال الــتي ال يوجــد فيهــا نــزاع يــراد حســمه ‪،‬وإنمــا تشــتد‬
‫الحاجة إلى ضرورة اتخاذ مجرد تدابير وقتية يعجز الفرد عن اتخاذها باإلرادة المنفردة وإذا‬
‫استعمل إجراءات األوامر على عرائض فهو بذلك يهدف إلى الحصول على أمر والئي بنـاء‬
‫على سلطة القاضي الوالئية ‪.‬‬
‫ونظام األوامر على العرائض باعتباره نظاما إجرائيا يهدف إلى إيجاد شــكال إجرائيــا يتمــيز‬
‫بالمغايرة عن الشكل اإلجرائي للدعوى القضائية ‪،4‬ويهدف إلى غايات غير تلك الــتي تهــدف‬
‫إليها هذه الدعوى ‪،‬فهدف هذا النظام هو إيجاد شكل سهل خالي من اإلجراءات التي تفترض‬
‫وجود نزاع وتلك التي تفـترض وجـود خصـم ووجـود تبليـغ ‪،‬وجلسـات حضـورية ومناقشـة‬
‫وإصدار حكم و تسبيبه والنطــق بـالحكم ‪ ،‬وكــل ذلــك يــؤدي بنــا إلى القــول بــأن هــدف نظــام‬

‫‪ 1‬ـ د ‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪.‬الرجع السابق ـ ص ـ‪52‬‬

‫‪ 2‬ـ د‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع نفسه ـ ص ـ‪52‬‬

‫‪ 3‬ـ د‪ /‬نبيل إسماعيل عمر‪:‬نفس المرجع ـ ص ـ‪53‬‬

‫‪ 4‬ـ د ‪/‬احمد المليجي ‪:‬موسوعة المرافعات العملية ‪ /‬األوامر الوالئية وفقا لنصوص قانون المرافعات معلقا عليها بأ راء الفقه‪:‬دار النهضة العربية ـ‬
‫ط ‪.1991‬ص ‪116‬‬

‫‪24‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫األوامر على العرائض هو تيسير الســبيل أمــام األفــراد للحصــول على أوامــر والئيــة وقتيــة‬
‫لحماية مراكزهم القانونية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬ع ـالقة نـظام األوام ـر عـلى عـرائض بالقض ـاء اإلسـتعـجالـي‬

‫هناك تشابه بين القضاء اإلستعجالي و نظام األوامــر على عــرائض في نــوع الحمايــة‬
‫المطلوبة عن طريق القضاء الوقتي و عن طريق األوامر على عرائض‪.‬‬
‫فهي حماية وقتية فالقضاء اإلستعجالي يرمي إلى الحكم باتخاذ إجراء مــؤقت و هــذا التــأقيت‬
‫يفهم على معنيين ‪ :‬األول تأقيت زمني للحكم اإلستعجالي بناءا على أن المركز الــذي يقــرره‬
‫هذا الحكم قابــل للتغيــير ‪ ،‬الثــاني ‪ :‬تــأقيت يرجــع إلى الوظيفــة المؤقتــة لألحكــام الوقتيــة الن‬
‫المركز الذي ينشا عن الحكم الوقتي مصيره الزوال نتيجة صدور حكم في الموضوع‪.‬ـ‬
‫أما األمر على عريضة فهو يرمي إلى اتخاذ إجراء أو تدبير وقــتي أو تحفظي و هــذا األمــر‬
‫شأنه شأن الحكم الوقتي ال يكسب حقا أو يهدره ‪ ،‬ومصـيره مـؤقت تأقيتـا زمنيـا لأن المركـز‬
‫الناشئ عن األمر على عريضة ‪،‬بطبيعته الزوال بناءا على صدور الحكم الحاسم للنزاع‪.‬‬
‫و الخالف بين نظام األوامر على عرائض وبين القضاء الإستعجالي يرجع إلى الشــكل الــذي‬
‫يتم فيه صدور كال منهما ‪ ،‬فالقضاء الإستعجالي يباشــر كقاعــدة عامــة في شــكل حكم يصــدر‬
‫في إجراءات عاديـة أمـام قاضــي األمـور المســتعجلة ‪ ،‬كمـا أن المشـرع ينص على صــدور‬
‫القرار أو الحكم في شكل أمر‪،‬ومن جهة أخرى فان أساس الســلطة الــتي يتمتــع بهــا القاضــي‬
‫في الحالتين تختلف‪.‬‬
‫ففي القضاء الوقتي يستخدم القاضي ســلطته القضــائية ليحســم نزاعــا مؤقتــا أو ليــأمر باتخــاذ‬
‫إجراء وقتي بحيث ال يمس بأصل الحق‪،‬أما في نظام األوامر على عرائض فالقاضــي يســتند‬
‫على سلطته الوالئية لألمر باتخاذ تدابير تحفظية‬
‫و يختلف نظام القضاء الوقتي أيضا عن نظام األوامر على العرائض من ناحية الــدور الــذي‬
‫يؤديه كال منهما ‪ ،‬فالقضاء الوقتي يواجه عارضا قانونيا وهو خطر االستعجال و هو عبــارة‬
‫عن احتمال فـوات فرصـة الحمايـة القانونيـة عنـد تأخيرهـا ‪ ،‬األمـر الـذي يهـدد نفـاذ النظـام‬
‫القانوني و هذا يعني أن القضاء الإستعجالي يرمي إلى تحقيق غاية قانونية بحتة وهي حمايــة‬
‫القانون أو الحقوق من خطر يهددها ‪،‬أمــا دور األمــر على العــرائض فهــو يــرمي إلى اتخــاذ‬
‫مجــرد تــدابير وقتيــة ال تســتطيع اإلرادة الفرديــة اتخاذهــا دون إذن القضــاء الــذي يتأكــد من‬
‫شرعيتها و ومالئمتها‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫ـ إن صاحب المصلحة في طلب األمر يســعى للحصــول على نــوع معين من أنــواع الحمايــة‬
‫القضائية الوقتية للحقوق ‪،‬وهذه الحماية الوقتيــة يحصــل عليهــا الطلب ‪،‬عن طريــق القضــاء‬
‫اإلستعجالي بواسطة دعوى قضائية عادية ‪،‬التي يشترط لقبولها توفر الشروط العامة لقبــول‬
‫الدعوى القضائية العادية ‪.‬‬
‫ويترتب عليها كافة أثار الدعوى القضائية كمبدأ الوجاهية بين الخصوم ‪،‬واحترام حق الدفاع‬
‫وغيرها من اآلثار ‪ ،‬بخالف األمر على عريضة ال يشترط شكل معين في العريضــة بــل أن‬
‫تكون معللة‪.‬‬

‫الفصل الثـ ـ ـ ـ ــاني‪ :‬النظـ ـ ـ ـ ــام الق انوني لألوامر على عـ ـ ـ ـ ــرائض و أثارها‬
‫القانونية‬
‫ـ إن القاضــي المختص بإصــدار األوامــر على عــرائض غــير مقيــد بــأي قيــد عنــد‬
‫إصدارها‪ ،‬ألنه و عند إصداره لها فهو يمارس سلطته الوالئية ‪ ،‬و التي تتميز بتمتع القاضي‬
‫في ممارستها بقدر كبير من حرية التقدير ‪،‬‬
‫إن قبولــه لطلب إستصــدار األمــر على عريضــة يتوقــف على ظــروف هــذا الطلب‪ ،‬ال ـذي‬
‫يختلــف من طلب إلى آخــر ‪ ،‬حيث أن المشــرع الجزائــري لم يضــع أيــة قيــود على ســلطة‬
‫القاضي في تقــدير قبــول طلبــات استصــدار األوامــر على عــرائض‪ ،‬كمــا أنــه ليس للقاضــي‬
‫المختص بإصدار الأوامر على العرائض أن يقبل طلب استصــدار األمــر على عريضــة ‪،‬إال‬
‫إذا كــان هنــاك إحتمــال لوجــود الحــق أو المركــز القــانوني – بفــرض وجــوده‪1-‬و أن يكــون‬
‫المطلوب هو تدبير أو إجراء ال يمس الموضوع ‪ ،‬وأن يقتضي تحقيق الهدف من التــدابير أو‬
‫اإلجراء المطلوب صدوره ‪،‬عدم قيام أية مواجهة بين الخصوم في اإلجراءات‬
‫و على القاضي أن يبحث من تلقاء نفسه عن هذه الشروط ‪،‬فان وجدها متــوافرة تطــرق إلى‬
‫ما هو مطلوب منه‪ ،‬أما إذا لم تتوافر هذه الشروط فإن القاضــي يــرفض إصــدار األمــر على‬
‫عريضة‪ ،‬وفي حالة رفضه ال ينشأ عليه أي اثر قانوني‪.‬‬
‫ويرجع ذلك إلى أن الوظيفة األصلية للقاضي هي العمل القضائي‪،‬أما الوظيفة الوالئية‬
‫فهي االســتثناء عن القاعــدة العامــة ‪،‬وال يمكن اتخاذهــا إال بنص صــريح ‪،‬واألوامــر على‬
‫العرائض تعتبر الصورة النموذجية لهذه الوظيفة ‪.‬‬
‫و عليه يقتضي ذلك تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين‪: ‬‬
‫‪1‬‬
‫ـ الطالب القاضي ‪/‬شرفي عبد الرحمان ‪:‬رئيس المحكمة ‪ ،‬مذكرة تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ـ الدفعة ‪ 14‬ـ ص ‪123‬‬

‫‪26‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫المبحث األول‪:‬النظام القانوني لألوامر على عرائض‬


‫المبحث الثاني‪:‬اآلثار القانونية لألوامر على عرائض‬
‫و ذالك على النحو التالي‪:‬‬

‫المبح ـث األول‪ :‬النـظام الق ـانوني لألوامـر علـى العـرائـض‬


‫يقوم رئيس المحكمة بإصدار األوامر على العرائض بناءا على طلب مكتوب يقدم إليه وهــذه‬
‫األوامر كثيرة و متنوعة‪.‬في نصوص قانونية متفرقة و عليه ستعالج هذا المبحث على ضوء‬
‫األمر رقم ‪ 66‬ـ ‪ 154‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية و في مطلب مستقل و نتعرض إلى‬
‫قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد رقم ‪/ 08‬ـ ‪ 09‬الذي يكون ساري المفعول بتاريخ‬
‫‪ 25‬فبراير ‪.2009‬في مطلب ثاني‬

‫المطل ـ ـ ـب األول ‪ :‬األوام ـ ـ ـر على العرائ ـ ـ ـض في ظل قان ـ ـ ـون اإلج ـ ـ ـراءات الم ـ ـ ـدنية األم ـ ـ ـر‬
‫‪154.66‬‬

‫إن المشرع الجزائرى في األمر ‪ 154-66‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية لم يحدد تحديدا‬
‫الزما الحاالت التي يجب فيهــا إصــدار األوامــر على العــرائض ‪،‬كمــا في بعض التشــريعات‬
‫المقارنة كالتشريع المصري ‪°(:‬قانون أول يونيو ‪ 1992‬الذي عدل قانون ‪ 1)1968‬والتشريع‬
‫الفرنسي‪،‬وعالج المشرع الجزائري األوامــر على العـرائض في قـانون اإلجــراءات المدنيـة‪،‬‬
‫تحت بــاب تــدابير االســتعجال في المــادتين ‪ 172‬ــ ‪ 173‬منــه ‪،‬وقــد منح واليــة إصــدار هــذه‬
‫األوامر إلى رئيس المحكمة أو رئيس المجلس أو رئيس الغرفة اإلداريــة حســب األحــوال أو‬
‫من ينوبهم عنــد الضــرورة ‪،‬أي نــائب رئيس المحكمــة أو نــائب رئيس المجلس ‪ ،‬إن حــاالت‬
‫األوامر على العرائض منصوص عليها في القــانون بصــيغ مختلفــة ‪،‬أحيانــا بصــيغة اإلذن‬
‫وأحيانــا بصــيغة ال ترخيص وأحيانــا أخــرى بصــيغة األمر‪،... 2‬وإنـ كــانت تختلــف من حيث‬
‫النوع والغاية ‪ ،‬فكلها تخضع لنفس اإلجــراءات عنــد االستصــدار ‪،‬ونظــرا ألن األوامــر على‬
‫العرائض تعرف تطبيقــات متباينــة من جهـة قضـائية ألخـرى ‪،‬وال يوجــد منهج موحــد ‪ ،‬وال‬
‫حتى اجتهاد قضائي يضبط أهم هذه األوامر فنحاول في هذا العرض معرفة أنواع وحــاالت‬
‫األوامر على العرائض ‪.‬غير أنه يمكن تصنيفها إلى األصناف األساسية اآلتية ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ د ‪ /‬محمود السيد التحيوي ‪:‬أومر األداء وفقا لقانون المرافعات المدنية والتجارية ‪/‬دار الفكر الجامعي ـ ط ـ‪ 2003‬ص ‪19‬‬

‫‪ 2‬ـ أ ‪ /‬بداوي علي ‪:‬صالحيات رئيس المحكمة في إصدار األوامر على العرائض ـ محاضرة ألقيت على الطلبة بالمدرسة العليا للقضاء ـ سنة‬
‫‪2006/2007‬‬

‫‪27‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫الص نف األول يلجـأ إليــه بغـرض اتخـاذ اإلجــراءات أو التـدابير الســابقة على قيـام الـنزاع ‪.‬‬
‫الصنف الثاني يلجأ غليه بغرض اتخاذ التدابير أو اإلجراءات الضروريةـ أثناء سير النزاع ‪.‬‬
‫الصنف الثالث يلجــأ إليــه بغــرض اتخــاذ التــدابير أو اإلجــراءات الــتي تســتوجب بعــد إنتهــاء‬
‫الـنزاع وهنـاك صـنف آخـر غـير مرتبـط بـأي نـزاع قضـائي مثـل األوامـر على العـرائض‬
‫المتعلقة بتصحيح وتعديل وثائق الحالة المدنية ‪.‬‬
‫والصنف األول يتعلق باألوامر على العرائض الســابقة على قيــام الــنزاع وهــذا الصــنف من‬
‫األوامــر‪ ،‬يلجــأ إليــه بهــدف إتخــاذ اإلجــراءات أو التــدابير التحفظيــة المؤقتــة ‪،‬وهي بــدورها‬
‫متنوعة بتنــوع المواضــيع والنصــوص القانونيــة الــتي تناولتهــا ‪ ،‬وســنتناول األوامــر األكــثر‬
‫شيوعا في العمل القضائي ‪.‬‬
‫ومن بين الحاالت نستعرض ما يلي ‪:‬‬

‫أشارت المـادة ‪ 172‬من قـانون اإلجـراءات المدنيـة إلى حـالتين يتم فيهـا إصـدار‬ ‫أوال‪:/‬‬
‫األمر على عريضة ‪ ،‬وهما حالة اإلنذار‪ ،‬وإثبات الحالة ‪ .‬وهذه األخيرة تعــنى إثبــات واقعــة‬
‫متغيرة المعالم مع مرور الزمن يكون من شأنها أن تؤدى إلى نزاع في المستقبل و في حالــة‬
‫الخوف ‪،‬من ضياع معالم هذه الواقعة ‪ ،‬إذا انتظر الخصم حتى يعرض النزاع على القضاء‪.‬‬

‫‪/ -1‬الح ـالة األولـ ـى‪:‬‬


‫حينما تكون الوقائع المطلوب إثباتها وقائع مادية بحتة فإن ذالك ال يحتاج إلى أمر‬
‫سابق من القضاء ‪،‬وإنما يلجأ المعنى باألمر مباشــر إلى المحضــر القضــائي للقيــام بــاإلجراء‬
‫المطلوب ‪ ،‬و في حالة رفض هذا األخير لذالك فإن األمر يعرض إلى رئيس المحكمة ومثال‬
‫ذالك طلب إثبات األضرار التي وقعت ‪،‬و طلب المؤجر مباشرة بعد مغادرة المســتأجر للعين‬
‫المؤجرة ‪ ،‬وذالك تمهيدا لرفع دعوى التعويض‪ ،1‬وكذا طلب صاحب العمل إثبات حالة البناء‬
‫الذي تم تسليمه‪ ،‬تمهيدا لرفع دعوى قضائية ضــد المقــاول ليطلب منــه اســتكمال البنــاء وفــق‬
‫بنود العقد ‪،‬و تعويضه عن األضرارـ التي لحقت به من جراء التأخر في االنجاز‪.‬‬

‫‪/ -2‬الحال ـة الثـاني ـة‪:‬‬


‫حينما تكون الوقائع المطلوب إثباتها ليست وقائع مادية بحتة فان الطلب يقــدم في شــكل‬
‫عريضة إلى رئيس الجهة القضائية مباشرة‬

‫ثان ـيا ‪ : /‬األم ـر بالتـ ـخصيـص‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫ـ الطالب القاضي ‪ /‬شرفي عبد الرحمـــــــن ‪ :‬رئيس المحكمة ـ مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ـ الدفعة ‪ 14‬ص ‪114‬‬

‫‪28‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫أي تخصيص الدائن لعقار أو عقارات مملوكة لمدينه‪،‬و أمر التخصيص نصــت عليــه المــادة‬
‫‪ 941/01‬و التي جاء فيها انه على الدائن الذي يريد اخذ تخصيص عقــارات مدينــه أن يقــدم‬
‫عريضته بذلك إلى رئيس المحكمة التي تقع في دائرتها العقارات التي يريد التخصيص بهــا‪.‬‬
‫ثالـثا ‪ :/‬الح ـجز الت ـحف ـظي‪:‬‬
‫تنــاول المشــرع الجزائــري في المــادة ‪ 345‬ق‪.‬ا‪.‬م و الــتي تنص" الحجــز التحفظي ال‬
‫يصدر إال في حالة الضرورة و يستصدر األمر في ذيل العريضة"‬
‫غــير أن المشــرع لم يحــدد الطلب المقــدم من الــدائن وال صــيغته لكن العمــل القضــائي‬
‫استقر على انه إذا أراد الدائن استصداره أن يقدم عريضة مكتوبــة إلى رئيس المحكمــة الــتي‬
‫يوجد بها موطن المدين أو األموال المراد حجزها في حالة الحجــز على المنقــول أو محكمــة‬
‫مقر المجلس في حالة الحجز العقــاري طبــق للمــادة ‪ 08‬الفقــرة األخــيرة من ق‪.‬إ‪.‬م وتتضــمن‬
‫العريضــة اســم ولقب و مهنــة و مــوطن الــدائن الحــاجز ‪ ،‬و اســم ولقب ومــوطن المــدين‬
‫المحجوز عليه ثم عرض موجز لسبب الدين و السندات التي تبرر وجود الدين إن وجد فــان‬
‫لم تكن موجــودة فالمقــدار التقريــبي للــدين الــذي من اجلــه صــرح بــالحجز و أخــيرا يلتمس‬
‫الحاجز في آخر عريضته من رئيس المحكمــة أن يمنحــه أمــر بتوقيــع الحجــز التحفظي على‬
‫األموال المراد حجزها ثم يوقع الدائن على هذه العريضة ‪. 1‬‬

‫راب ـعا ‪ :‬حـجز مـا للـمديـن لـدى الغ ـير‪:‬‬


‫انه في حالة إذا لم يكن للدائن سند رسمي يجوز استصدار حجز ما للمــدين لــدى الغــير بــأمر‬
‫من القاضي في ذيل طلب الحجز و في حالة وجود أي أشكال يرجع إلى القاضي طبقــا لنص‬
‫المادة ‪. 356‬ق‪.‬إ‪.‬مـ ‪.‬‬
‫فالمحضــر القضــائي يبلــغ الحــاجز و المحجــوز لديــه بالحضــور أمــام رئيس المحكمــة‬
‫بتــاريخ معين و يقــدم المحجــوز لديــه مــا عنــده من مبــالغ ماليــة و إن كــانت المبــالغ الماليــة‬
‫موجودة اصدر رئيس المحكمة أمرا بتخصيص الدين و يأمر المحجوز لديه الــذي قــد يكــون‬
‫البنك أو مؤسسة مالية أو شخص طبيعي بتسليم المبلغ المحجوز لصالح الدائن الحاجز وليس‬
‫للمحضر القضائي ‪ ،2‬و إذا كـانت المبـالغ الماليـة غـير موجـودة أمـر بصـرف الطـرفين لمـا‬
‫يريانه مناسبا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ أ ‪/‬بداوي علي ‪:‬الحجز التحفظي في التشريع الجزائري ‪/‬المجلة القضائية لسنة ‪ 1996‬العدد األول ص ـ‪27‬ـ‪28‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ أ ‪ /‬بدوي علي‪:‬محاضرة بعنوان إجراءات الحجز ـ دورة تكوينية لرؤساء المحاكم من‪ 28/24‬مارس ‪2007‬ـالجزائر ـ‬

‫‪29‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫خ ـ ـامسا ‪ :‬األمر على عريضة بتس ــليم نـ ـسخة من حـ ـكم التحكيم ممه ــور بالص ــيغة التنفيذيـ ـة نصت‬
‫المادة ‪ 453‬من ق‪.‬إ‪.‬مـ على أن " أحكــام المحكمين ومن ضــمنها األحكــام التمهيديــة ال يجــوز‬
‫تنفيذها إال بأمر يصدره رئيس الجهة القضائية بذيل أو بهامش الحكم‪.‬‬
‫و يتضمن الحكم اإلذن للكاتب بتسليم نسخة رسمية ممهورة بالصيغة التنفيذية‪.‬‬

‫سـادسـا ‪ :‬تـسليم نـسخة ثـانية للـنسخة الـتنفيذي ـ ـة‪:‬‬

‫تسلم هذه النسخة في حالة ضياع النسخة التنفيذية األولى قبل التنفيذ من قبل من صــدر الحكم‬
‫لصالحه وهذا عمل ينص ‪.‬م ‪ 322‬ق‪.‬إ‪.‬م والتي جاء فيهــا انــه ال يجــوز تســليم نســخة تنفيذيــة‬
‫ثانية إال بموجب أمر على عريضة ‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬تعـيين خ ـبير أخ ـ ـ ـر‪:‬‬
‫يكون ذلك متى رفض الخبير األول القيام بالعمل الذي كلف به أو حصل له مــانع أو تــراخي‬
‫في أداء مهامــه و ذلــك عمال بالمــادة ‪ 01-51‬من قــانون اإلجــراءات المدنيــة يجــوز اســتبداله‬
‫بغيره بموجب أمر يصدره رئيس المحكمة في ذيل طلب العريضة ‪.‬‬
‫ثـامنا ‪ :‬إص ـدار أوامـر التـقديـر‪:‬‬
‫يشمل تقدير مصاريف الدعوى و الرسوم القضائية إذا لم تحدد بمــوجب الحكم الصــادر فيهــا‬
‫و ذلك طبقا للمادة ‪ 266‬ق‪.‬إ‪.‬م و التي تتضمن أتعاب المحامين و أتعــاب الخــبراء مصــاريف‬
‫الخبرة المترجم و مصاريف الشهود‪.‬وفي حالة ما إذا عين القاضي خبــيرا في قضــية مــا ‪،‬أو‬
‫بنــاءا على طلب أحـد الخصـوم ‪،‬فال يمكن للخبـير أن يتلقى أتعابـه من أحــدهما ‪،‬وإنمــا تحــدد‬
‫وتقدر أتعابه وكذا المصـاريف الــتي كلفتـه بــأمر على عريضــة ‪،‬تقـدم من الخبـير إلى رئيس‬
‫المحكمــة أو رئيس القســم أو رئيس الغرفــة ‪،‬حســب األحــوال ‪،‬وتجــدر اإلشــارة أن أتعــاب‬
‫الخبراء قابلة لالعتراض عليها من طرف هذا األخير في ظرف ثالثة أيام من تــاريخ تبليغــه‬
‫وفقا ألحكام المادة ‪ 228‬من ق‪.‬إ‬
‫ـ األوامر على العرائض التي ترمي إلى تحديد إعانــة ماليــة للمفلس وعائلتــه ‪،‬أو الســماح لــه‬
‫بالعمل في الشركة التي تم شهر إفالسها‪،‬وهي الحالة المنصوص عليهــا في المــادة ‪ 242‬من‬
‫القانون التجاري ‪،‬التي تسمح للمفلس تقــديم طلب إلى القاضــي لتقــدير دخــل يضــمن معيشــة‬
‫عائلته التي هي تحت الكفالة‪ ، 1‬وتقدير هذا الـدخل مـتروك للسـلطة التقديريـة للقاضـي الـذي‬
‫يراعي فيه حاجــة المعــني من جهــة ‪،‬و المــداخيل المحصــلة من النشــاط الممــارس من جهــة‬
‫أخرى‪،‬هذه الحاالت وغيرها كثيرة ‪،‬يلجأ فيها إلى األوامر على العرائض قبل نشوب الــنزاع‬
‫بين األطراف‪.‬أوـ أثناء سير النزاع كما سبق توضيحه أو بعد إنتهاء النزاع‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ أ ‪ /‬بداوي علي ‪:‬محاضرة بعنوان صالحيات رئيس المحكمة في إصدار األوامر على العرائض ‪،‬ألقيت على الطلبة السنة الثالثة بالمدرسة العليا‬
‫للقضاء سنة ‪2006/2007‬‬

‫‪30‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫ـ ما يمكن مالحظته من خالل دراستنا لهذا الموضوع في ظل قانون اإلجراءات المدنية‬


‫(األمر ‪ 66‬ـ ‪)154‬كان على المشــرع الجزائـري أن يـذكر الحــاالت الــتي يجب فيهـا صـدور‬
‫األمر على عريضة من طرف القاضي اآلمر وذلك للحــد من الســلطة التقديريــة المخولــة لــه‬
‫في إصدار األمر على عريضة أو رفضه ‪.‬‬

‫الف ـرع األول ‪ :‬ش ـكل وإجـراءات تق ـديم العـريضة‬

‫لم يح ّدد قانون اإلجراءات المدنية شكال معين وال حـتى البيانـات الــتي تتضـمنها العريضــة‪،‬‬
‫كمــا هــو الحــال بالنســبة لبعض التشــريعات األجنبيــة كالتشــريع المصــري مثال‪ ،‬فقــانون‬
‫المرافعات المدنية والتجارية في المادة ‪ 194‬منه‪،‬بحيث تلزم المستصدر لألمر على عريضة‬
‫أن يقــدم عريضــته مصــحوبا بنســخة منهــا إلى القاضــي اآلمر‪، 1‬مشــتملة على بيــان كــاف‬
‫لشخص طالب األمر و الشـخص الصـادر ضـده األمـر‪ ،‬أي الـذي سيصـدر األمـر في غيبته‬
‫ووقائع الطلب والسند الذي يعتمده المستصدر في طلبــه‪ ،‬وأن تكــون تلــك العريضــة مؤرخــة‬
‫باليوم والشهر والسنة ‪،‬ومشفوعة بتوقيع الطالب ‪،‬والتدليل على أداء الرسوم القضائية‪.‬‬
‫وال يشترط أن تكون عريضة الطلب مقدمة من محامي ‪،‬بل يجوز أن تقدم تلك العريضة من‬
‫شخص عادي‪.‬‬
‫أما التشريع الجزائري في قانون اإلجــراءات المدنيــة فلم يشــترط أي صــيغة معينــة أو‬
‫شكال خاصا تقدم به العريضة إلى القاضي اآلمر‪،‬و كما ِيؤخذ من المادة ‪، 172‬فإنــه بإمكــان‬
‫القاضي المختص أن يصدر أمره على عريضة على الشكل الــذي يــراه مناســبا دون الإخالل‬
‫بالقانون‪،‬و سوف نستعرض ما هو جاري به العمل وما هو متداول في الجهات القضائية ‪.‬‬
‫فلكي يصدر األمر على عريضة البد من توافر شــروط معينــة ســواء تتعلــق باالســتجابة إلى‬
‫الطلب أو بعدم االستجابة إليه‪.‬‬
‫أوال‪ : /‬شـ ـروط قـ ـبول إص ـدار األم ـر‪:‬‬

‫‪ -‬إحتمال وجود حق أو مركز قانوني و هنا يتحقق رئيس المحكمة من أن طالب األمــر‬
‫هو صاحب هذا الحق أو المركز القانوني الذي تحميـه قواعـد القــانون الموضــوعية بصـورة‬
‫مجردة‪. 2‬‬
‫‪ -‬أن يتأكد رئيس المحكمة من أن المطلوب هو تدبير وقتي أو إجراء تحفظي‪.‬‬
‫‪ -‬وجود خطر أو احتمال وقوع خطر على هذا الحق أو المركز القانوني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬مرجع ســـــــابق ـ ص ـ‪115‬‬

‫‪ 2‬ـ الطالب القاضي‪ /‬شرفي عبد الرحمــــــــــــــــــــــن ‪/‬رئيس المحكمة ‪:‬مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرســـــــــة العليا للقضاء ـ الدفعة ‪14‬ـ‬
‫ص ـ‪45‬‬

‫‪31‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫‪ -‬أن يتأكد من أن تحقق الهدف من اإلجراء المطلوب صدوره وال يقتضي مواجهــة أي‬
‫انعدام خصومة‪.‬‬
‫و لكي يصـــدر األمـــر على عريضـــة يتعين تحديـــد شـــكل و محتـــوى هـــذه األخـــيرة‬
‫الستصداره و كيفية تسجيله ‪.‬‬

‫ثـانيا ‪ : /‬ع ـريضة مـن ن ـسخـتين مـتطابـقت ـين‪:‬‬

‫ويقصد بالتطابق أن تكون البيانات الواردة بكل نســخة متطابقــة تمــام المطابقــة للنســخة‬
‫األخرى بمعنى ضرورة التطابق الحرفي للكلمات في النسخة من نســخ العريضـةـ و يتم ذلــك‬
‫بوجود الصياغة و العلة في اشتراط هذا التطابق ترجع إلى أن القاضــي يؤشــر على النســخة‬
‫األصلية التي يتم حفظها مع أصول العقود ‪.1‬‬
‫و يجب أن تحمــل كــل نســخة من العريضــة اســم و لقب و صــفة صــاحبها مــع تحديــد‬
‫موطنه الحقيقي أو المختار و تشمل أيضا عرضا موجزا عن وقائع الطلب واألســانيد و تختم‬
‫بطلب محدد بدقة‪.‬‬
‫مثال تعيين خبير‪ ،‬طلب إجراء حجز تحفظي‪ ،‬طلب تعيين محضر قضائي‪...‬الخ‬
‫كما يجب أن يؤرخ و توقع من المعني باألمر أو وكيله الخاص أو ممثله القانوني ‪.‬‬

‫ثـ ـالـثا‪ : /‬مرف ـقات ال ـ ـعريضة‪:‬‬

‫أ ‪ : /‬تقديم اإليصال الدّال على سداد الرسوم القضائية إلنشاء حالة اإلعفــاء القــانوني مثــل‪:‬‬
‫المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري أو حالة االستفادة من قرار المساعدة القضائية‬
‫ب ‪: /‬المستندات المؤيدة لألمر المراد استصداره‪:‬‬
‫يجب على طالب استصدار األمر على عريضة أن يقدم مع صحيفة األمر كافـة المسـتندات‬
‫المؤيدة لما يراد استصداره من أمر على عريضــة‪ ،‬و هــذه المســتندات يقــدمها الطــالب وهي‬
‫واجبة التقديم في ذات اللحظة التي تقدم فيها العريض‪.‬‬

‫الف ـرع الـ ـثاني ‪ :‬س ـلطة القاض ـي في إص ـدار األمـر على العـ ـريضة‬
‫إن طلبات إصدار األوامر تقدم إلى رئيس المحكمة أو من يقوم مقامه عند غيبته أو من يندب‬
‫لذالك من قضاة المحكمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪115‬‬

‫‪32‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫هذا إن كان الطلب مستقال‪،‬أما إذا كان طلب استصدار األمر على عريضــة مرتبطــا ومشــتقا‬
‫من دعوى موضوعية منظورة أمام قاضــي الموضــوع ‪ ،‬فــإن طلب إصــدار األمــر يقــدم إلى‬
‫قاضي الدعوى الموضوعية تحقيقا لمبدأ (قاضي األصل هو قاضــي الفــرع)مــع مالحظــة أن‬
‫االختصاص بإصدار األوامر ينعقد دائما لقاضي فرد‪،‬وليس لمحكمة بكامل هيئتها‪.‬‬
‫تقــديم العريضــة إلى رئيس الجهــة القضــائية المختص نوعيــا و محليــا و بنــاءا على ســلطة‬
‫القاضي الوالئية التي تتمتع بها في إصدار األوامر على عرائض ‪ ،‬التي تبني على مجموعــة‬
‫الوقائع المقدمة إليه بواسطة الطالب مع ما يعززها من مستندات مؤيدة يصدر القاضي أمــرا‬
‫إما باستجابة الطلب أو أمر برفضه علما انه غير مقيد بميعاد الــرد طبقــا لقــانون اإلجــراءات‬
‫المدنية األمر (‪ 154 -66‬الساري المفعول )‪. 1‬‬

‫ح ـ ـ ــالة االستجــابة للطلب ‪:‬‬

‫عندما يكون الطلب مؤسسا على نص قانوني و مدعما بالوثائق و يهدف إلى اتخاذ إجراء‬
‫وقائي ال يمس بحق الدفاع سواء قبل نشوء النزاع أو أثناء أو بعــد انتهائــه يصــدر فيه رئيس‬
‫المحكمة أمرا يحدد فيه بدقة ووضوح اإلجــراء المطلــوب دون تســبيب و دون ســماع أقــوال‬
‫األطراف أي صاحب الطلب و الصادر ضده األمر‪. 2‬‬
‫فبعض األوامــر يجب أن تصــدر في غفلــة من الخصــم و يجب أن يبــاغت بهــا مثــل حالــة‬
‫الحجوز كالحجز التحفظي آو التنفيذي حتى ال يمكن تهريب األموال ‪.‬‬
‫و االستجابة للطلب ال تعني االستجابة إلى الصياغة الحرفيــة الــتي يحررهــا صــاحب الطلب‬
‫بل يجب على القاضي أن يصيغ األمر بالصياغة القانونيــة المناســبة لإلجــراء المطلــوب إمــا‬
‫على نفس العريضة أو بورقة مستقلة ترفق مع أصــل العريضــة و يوقــع األمــر على نســخته‬
‫النسخة األولى تبقى محفوظة مع أصول العقود القضائية المختلفــة بأمانــة الضــبط و النســخة‬
‫الثانية تسلم للمعني أو من له مصلحة في ذلك‬
‫إن األوامر على عريضة قابلة للتنفيذ فور صدورها إما أثناء مباشرة التبليغ في حاالت الــتي‬
‫يتطلب فيها التبليغ كحالة الحجز وإما بالتنفيذ مباشرة كحالة المعاينة و عند حصــول صــعوبة‬
‫أو أشكال في التنفيذ يرجع إلى رئيس الجهة القضائية الــذي اصــدر األمــر طبقــا للمــادة ‪172‬‬
‫ق‪.‬إ‪.‬م‬

‫حـ ـ ـ ـ ــالة رفض الطلب‪:‬‬

‫‪ 1‬ـمالحظة ‪:‬قانون اإلجراءات المدنية الحالي قد الغي بموجبـ قانون ‪08‬ـ‪ 09‬المتعلق بقانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية طبقا للمادة ‪1064‬‬
‫الذي يكون ســـــــــاري المفعول بتاريخ ‪ 25‬فبراير‪2009‬‬ ‫منه‬
‫‪2‬‬
‫ـ أ ‪/‬بداوي علي ‪:‬محاضرة بعنوان ‪/‬إجراءات الحجز ـدورة تكوينية لرؤساء المحاكم من ‪ 24‬ـ‪ 28‬مارس ‪ 2007‬ـالجزائر ـ‬

‫‪33‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫‪ -‬عندما يكون األمر غير مبرر أساسا ال بنص قانوني وال بالوثائق كأن يكون اإلجــراء‬
‫المطلوب مثال يمس بحقوق اإلطراف مثل ‪ :‬طلب رفع الحجــز بــآمر على عريضــة أو طلب‬
‫اعتراض على بيع عقار بأمر على عريضة أو طلب إجراء حراسة قضائية أو يكــون الطلب‬
‫منصبا على أصل الحق المتنازع عليه فانه ال يستجاب للطلب و يــوجب القــانون على رئيس‬
‫الجهـة القضـائية سـواء كـان رئيس المحكمـة أو رئيس المجلس حسـب الحالـة بإصـدار أمـر‬
‫بالرفض مسببا و على نسـختين ‪ .‬النســخة األولى تحفــظ مــع أصــول العقــود المختلفــة بأمانــة‬
‫ضبط المحكمة و النسخة الثانية تسلم للمعني إن طلبها‪.‬‬
‫‪ -‬و أمر الرفض ال يــرتب عليــه اثــر اتجــاه صــاحبه أو الغــير كمــا يمكن تجديــد الطلب‬
‫وتوضيح محتواه و تدعيمه بالوثائق المؤيدة له مع دفع رسوم جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬و كما تجدر اإلشارة إلى أن األوامر على عرائض تعتبر عقود قضائية تخضع لرســم‬
‫ثابت محدد في قانون المالية ومن ثمة فهي تقيــد في فهــرس العقــود المختلفــة بأمانــة الضــبط‬
‫كباقي العقود األخرى مع حفظ األصول و الرسم المدفوع يبقى من حقوق الخزينة يدفع عنــد‬
‫عملية التسجيل‪.‬‬

‫الف ـرع الثالـث ‪ :‬طـرق و إجراءاتـ الت ـظلم في األوام ـر على عـ ـرائض‬

‫بين المشرع في المادة ‪ 02-172‬من ق‪.‬إ‪.‬م إجراء التظلم في األوامر على عرائض إذ لم‬
‫يتم االستجابة إلى الطلب‪ ،‬ولم يبين للخصم في حالة االستجابة إلي األمر طريقة الطعن فيه‪.‬‬
‫و عليــه فــاألوامر على عــرائض هي أوامــر والئيــة وليســت أحكامــا قضــائية ومن ثمــة فهي‬
‫كأصل عــام ال تخضــع لطــرق الطعن الخاصــة باألحكــام القضــائية المعارضــة و االســتئناف‬
‫وإنما تخضع لطريق التظلم‪، 1‬ومــا يؤكــد هــذا االتجــاه المــادة ‪ 944‬من القــانون المــدني الــتي‬
‫تنص على أنــه في حالــة التظلم على أمــر التخصــيص الــذي يصــدره رئيس المحكمــة على‬
‫عريضة حيث نصت على انه يجوز للمدين أن يتظلم من األمر الصادر بالتخصيص‪.‬‬
‫و التظلم عـادة يقــدم من طـرف الشــخص الصـادر ضــده األمـر أي الخصـم و قـد يكـون من‬
‫صاحب الطلب عندما ال يستجاب إلى طلبه وهي حالة األمر بالرفض‪.‬‬
‫فاألصل العام ألحكام التظلم من األعمال الوالئية يكــون من الطــرفين أي صــاحب الطلب أو‬
‫الخصــم‪ ،‬ويتم ذلــك بتقــديم عريضــة أمــام الــرئيس مصــدر األمــر للعــدول عن أمــره الســابق‬
‫باإللغاء أو بإصدار أمر مخالف إما برفع دعوى أمام قاضــي االســتعجال لطلب إلغــاء األمــر‬
‫المتظلم منه غير أن المشرع في الفقرة ‪ 02‬من المادة ‪ 172‬ق‪.‬إ‪.‬م حد عن هذا األصل و نص‬
‫صراحة على جواز استئناف األمــر بــالرفض بالنســبة لصــاحب الطلب و لم ينص على حــق‬
‫‪ 1‬ـ إن نظام التظلم جاء به األمر ‪66‬ـ‪ 154‬المتعلق بقانون اإلجراءات المدنية أما بالنسبة لقانون ‪08‬ـ‪ 09‬جاء بإجراء جديد المتمثـل في االستئنافـ‬
‫وهذا ما سنتطرق إليه في المطلب الثاني في البحث ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫الخصم في ذلك عند االستجابة إلى الطلب على اعتبار أن األوامر على عــرائض يلجــا إليهــا‬
‫بغرض اتخاذ إجراءات تحفظية مؤقتة ال تمس بحقوق األفراد‬
‫حينئذ عندما ال يستجيب رئيس المحكمة إلى الطلب ينبغي عليه إصدار أمــر بــالرفض مســببا‬
‫حتى يتمكن صاحبه من معرفة سبب الرفض ‪،‬و عندئذ يمكن لصاحب الطلب إما بتقديم تظلم‬
‫إلى رئيس الجهــة القضــائية أو اســتئناف األمــر أمــام الغرفــة االســتعجالية‪ ،‬إذا كــان األمــر‬
‫بــالرفض صـادر عن رئيس المحكمــة‪ ،‬مــا عــدا في حـالتي األمـر المتعلـق بإثبــات الحالــة أو‬
‫اإلنذار فهما غير قابالن لالستئناف ‪.1‬‬
‫لكن األسئلة التي تطرح في حالة استئناف أمر بالرفض من صاحب الطلب هي ‪:‬‬
‫ماهي أجال االستئناف؟ وهل تسري اآلجــال من تــاريخ صــدور األمــر أم من تــاريخ تســليمه‬
‫للمعني أم من تاريخ التبليغ وهو أصال ال يبلغ؟ أم اآلجال تبقى مفتوحة؟‬
‫إذا بلغ أمر الرفض فانه تسري عليه أحكام المادة ‪ 190‬ق‪.‬إ م و هي مدة ‪ 15‬يوم باعتبار أن‬
‫األوامــر على عــرائض هي تــدابير اســتعجاليه و بالتــالي تســري عليهــا آجــال األوامــر‬
‫االستعجالية ‪.‬‬
‫غير أن المحكمة العليا في إحدى قراراتها الصادرة عن الغرفة المدنية ‪ 2‬قررت خالف ذلك‬
‫و صرحت بان قضاة الموضوع لما صرحوا بقبول اســتئناف األمــر على عريضــة القاضــي‬
‫برفض توقيع الحجز ما للمدين لدى الغير فإنهم خالفوا األصول العامة في اإلجراءات‪ ،‬وذلك‬
‫في قضية كانت مطروحة بين الشركة الوطنية (ب‪.‬م)ـ و الشركة الفرنسية‪،‬‬
‫إن موقف المحكمة العليا في الشق المتعلـق بعـدم جـواز اسـتئناف األمـر على عريضـة جـاء‬
‫مخالف لنص صريح في قانون اإلجراءات المدنية الفقرة الثانيــة من المــادة ‪ 172‬الــتي تنص‬

‫‪ 1‬الطالب القاضي ‪.‬شرفي عبد الرحمــــــــــــان‪:‬رئيس المحكمة‪.‬مذكرة التخرج لنيل إجازة التخرج المدرسة العليــا للقضــاء‪2003/‬ـ ـ‪ 2006‬الدفعة‬
‫‪(. 14‬ص‪)46.‬‬

‫‪ 2‬قرار رقم ‪776‬ـ‪ 131‬المؤرخ في ‪06‬ـ‪03‬ـ‪ 1996‬المجلة القضائية لسنة ‪1996‬عــدد‪ 01‬ص‪ 92‬والــتي تتلخص وقائعهــا في مــا يلي ‪:‬تحصــلت‬
‫الشركة الوطنية (ب‪.‬م)على حكم صدر في ‪12‬ـ‪04‬ـ‪ 1984‬من محكمة الجزائر مؤيد بقرار من مجلس قضـاء الجزائــر صـدر في ‪03‬ــ‪02‬ــ‪1987‬‬
‫قضى على الشركة الوطنية (ب ـ م)بدفع مبلغ ‪ 110089960‬فرنك فرنسي أو ما يعادله بالدينار إلى المطعون ضدها الشركة الفرنسية‪.‬‬

‫تقدمت المطعون ضدها بعريضة إلى رئيس محكمة عين الدفلة ألجل استصـدار أمـر على عريضـة لإلجـراء حجـز مـا للمـدين لـدى الغـير حسـاب‬
‫الطاعنة المفتوحـ في البنك الوطني الجزائري وفي ‪ 08/02/1993‬أصدر رئيس المحكمة أمرا برفض توقيع حجز ما للمدين لدى الغير ‪.‬‬

‫استأنفت المطعون ضدها أمر بالرفض ‪،‬فــانتهى االســتئنافـ إلى صــدور قــرار مــؤرخ في ‪ 07/11/1993‬قضــى بقبــول االســتئناف وإلغــاء األمــر‬
‫المستأنف والقضاء من جديد بتوقيع الحجز لدى البنك بعد الطعن بالنقض صدر القرار المذكور أعاله وجاء في حيثياته ما يلي ‪:‬من األصول العامــة‬
‫في اإلجراءات أنه ال يجوز االستئناف إلى إال في األحكام الفاصلة في المنازعة القضائية ‪،‬أما الطعن في األمر على عريضة فال يتم إال بالتظلم أمام‬
‫نفس الجهة القضائية التي صدر عنها باعتبــاره من ضــمن األعمــال الوالئيــة لمــا ثبت أن قضــاة الموضــوع صــرحوا بقبــول االســتئنافـ األمــر على‬
‫عريضة القاضي برفض توقيع الحجز فإنهم يكونوـا قد خرقوا األصول العامة لإلجراءات‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫صراحة على إن األمر بالرفض قابل لالستئناف و ذلــك في فيمــا عــدا مــادتي إثبــات الحالــة‬
‫واإلنذار‪.1‬‬
‫‪ ‬إن قانون اإلجراءات المدنية غير فصيح في هذا الشأن بخصوص التظلم في األوامــر‬
‫على ذيل العريضة‪،‬إال أن قضاء المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في ‪ 2003\12\24‬ملــف‬
‫رقم ‪ 311822‬فهرس رقم ‪ 928‬قــد أورد وجــوب رفــع التظلم أمــام قاضــي الموضــوع ‪،‬على‬
‫عكس ما هو موجود في القانون المقارن الذي يجيز رفعه إلى نفس القاضي اآلمر ‪.‬‬
‫وهــذا مــا أكدتــه أيضا المحكمــة العليــا في قرارهــا المــؤرخ بتــاريخ ‪22/03/2006‬ملــف رقم‬
‫‪ 311893‬قضية إدارة الجمــارك ضــد (د ــ ج)ممــا جــاء فيــه أن الطعن في األمــر على ذيــل‬
‫العريضة يتم التظلم منه بدعوى مبتدأة ‪،‬أمــام نفس الجهــة القضــائية الــتي أصــدرته باعتبــاره‬
‫عمال والئيا‪.2‬‬
‫وفي خالصة ‪،‬نقول بأن موقــف المشــرع الجزائــري(في األمر ‪ 154_ 66‬المتضــمن قــانون‬
‫اإلجــراءات المدنيــة ) في موضــوع األوامــر على عــرائض‪ ،‬بقي نوعــا مــا غامضــا خالف‬
‫المشرع الفرنسي والمصري‪.‬‬

‫المطلب الث ــاني ‪ :‬النظ ــام الق انوني لألوامر على ع ــرائض في ظل الق انون الجديد ‪-08‬‬
‫‪ 09‬المتضمن قانـون اإلج ـ ـراءات المدنـ ـية و اإلداري ـ ـ ــة‬

‫إن القانون الجديد رقم ‪ 09-08‬المتضمن قـانون اإلجـراءات المدنيـة واإلداريـة عـالج نظـام‬
‫األوامر على العرائض في قسم خاص تحت عنوان األمر على عرائض من الفصل الخامس‬
‫منه تحت عنوان األحكــام األخــرى ‪،‬كالتشــريع المصــري (من المــادة ‪ 194‬إلى غايــة المــادة‬
‫‪ 200‬من قانون المرافعات المدنية والتجارية )والمشرع الفرنسي (من المادة ‪ 493‬إلى المادة‬
‫‪ 497‬من قانون اإلجراءات المدنية الجديد)‬
‫وسنعالج نظام األمــر على عريضــة من خالل نصــوص قانونيــة خاصــة وصــريحة ( المــادة‬
‫‪ 310‬إلى غاية المادة ‪ 312‬منه )‪.‬‬
‫بحيث تبين هذه النصوص القانونية خصائص و ممــيزات األمــر على عريضــة و إجــراءات‬
‫وشكل تقديم العريضة و كيفية الطعن فيها كما تعــرض أيضــا لفكــرة أو قاعــدة ســقوط الحــق‬
‫وعليه يمكننا القول أن المشرع الجزائري أحسن ما فعل عنــدما نص صــراحة على األوامــر‬
‫على العرائض كبا قي التشريعات األخرى ‪،‬كالتشريع المصري والفرنسي‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ قرار رقم ‪2748‬المؤرخ في ‪ 2001\11\06‬المجلة القضائية لسنة ‪2001‬عدد‪02‬ـ ص ـ‪226‬‬
‫‪2‬‬
‫المحكمة العليا ـ مجلة المحكمة العليا ـ لسنة ‪ 2006 :‬العدد األول‬

‫‪36‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫هذا ما سنتعرض له بالتفصيل وفق النصوص القانونية من خالل هذا المطلب‪.‬‬

‫الفـ ـرع األول ‪ :‬خ ـصائص و ممـ ـيزات األم ـر عـلى عـري ـ ـضة‬

‫تنص المــادة ‪ 310‬من قــانون اإلجــراءات المدنيــة واإلداريــة أن "األمــر على عريضــة أمــر‬
‫مؤقت ‪ ،‬يصدر دون حضور الخصم ما لم ينص القانون على خالف ذلك "‬
‫يفهم من النص المذكور أن لألوامر على عرائض ميزتين أساسيتين تتمثل في‪: ‬‬
‫‪ -1‬أن األوامر على عريضة أمر مؤقت‪.‬‬
‫‪ -2‬أن هذا األمر يصدر في غيبة الخصم‪.‬‬
‫وسوف نتعرض لهادين الخاصيتين بنوعين من التفصيل مــع انــه قــد ســبق لنــا وان‬
‫تعرضنا إليهما سابقا في الفصل األول‬

‫أ ‪ : /‬األم ـر ع ـلى عريـ ـضة أمـ ـر مؤقـ ـت‪:‬‬


‫إن هذه الخاصية التي نص عليها المشرع الجزائري هي خاصــية تتماشــى مــع طبيعــة ودور‬
‫األوامر على عرائض الذي يقتصر على مجرد اتخاذ تدابير وقتيــة الســتطيع اإلرادة الفرديــة‬
‫اتخاذهــا دون إذن القضــاء الــذي يتأكــد من شــرعيتها ومالئمتها‪ 1‬كمــا أن طبيعــة الحمايــة‬
‫المطلوبة هي حماية وقتية ال تؤدي إلى اكتساب أو إهدار حق موضوعيـ ‪.‬‬
‫ويقصد بالتأقيت قيام األمر على وقائع متغير ومتحرك من لحظة ألخرى‪،‬ألنــه يصــدر في‬
‫نطاق مستقل عن نطاق المنازعة ذاتها وال يؤدي إلى إنهائها وال يقضي على الخصومة ‪.‬‬
‫وال يســفر عن تقريــر الحــق وإســناده لصــاحبه فهــو وســيلة التخــاذ تــدبير أو إجــراء لهــدف‬
‫المحافظة على الحق أو الكشف عنه دون المساس بأصل الحق ودون التأثير في جوهره ‪.2‬‬
‫باعتبــار أن تقــديم طلبــا الستصــدار أمــر على عريضــة يــترتب عليــه أثــار بنســبة للحــق‬
‫الموضوعي الذي يصدر األمر على عريضة بهدف توفــير تــدبير أو إجــراء لحمايتــه وذلــك‬
‫في األحوال التي يؤدى فيها األمر على عريضة هده الوظيفــة ‪،‬وحـتى إذا صـدر األمــر على‬
‫عريضة لصالح طالب استصداره فإن هذا ال يعني أن القاضي قد فصل في حكم بأصل الحق‬
‫فهدا الحق لم ينازع فيه احد‪.‬‬

‫ب‪ : /‬ص ـدور األم ـر ع ـلى ع ـريضـ ـة في غـيب ـة الخ ـصم‪:‬‬

‫األمر على عريضة يصدر في غيبة الشخص الذي يراد إستصدار األمر في مواجهتــه ودون‬
‫الســماع لــه أو منحــه حــق الــدفاع عن نفســه أو تقــديم مطالبــه ‪ ،‬وذلــك الن اإلجــراءات في‬
‫‪ 1‬د‪/‬محمود السيد التحيوي‪:‬مرجع سابق ‪.‬ص‪38‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ د‪/‬محمود السد التحيوي ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪38‬‬

‫‪37‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫األوامر على عرائض تتخذ في غيبة األشخاص ‪،‬وفي غــير مــواجهتهم ‪ ،3‬فانعــدام المواجهــة‬
‫بين األطراف في إجراءات إصدار األوامر على عرائض قد يحقق الهدف من صــدورها في‬
‫بعض األحيان ‪،‬كما في حالة األمر بتوقيع الحجز التحفظي ‪ ،‬إذ يرمي الدائن بالحصول عليه‬
‫إلى مباغتة المدين بتوقيع الحجز على أمواله قبل أن يقوم بتهريبهــا‪،‬و القــانون الجديــد ســمح‬
‫للقاضــي اآلمـر أن يسـتمع إلى مقـدم العريضــة قبـل إصـدار أمـره ويفهم منــه بعض األمــور‬
‫الغامضة ‪،‬و االسـتماع إلى مقـدم العريضـة وشـرحه لمطالبـه أمـام القاضـي اآلمـر ال يجعـل‬
‫األمر وجاهيا طالما أن من يراد صدور األمر ضده لم يعلن ولم يستمع إليه‪.‬‬
‫وما يمكن مالحظتــه في المــادة ‪ 310‬من قــانون اإلجــراءات المدنيــة و اإلداريــة أن المشــرع‬
‫استعمل مصطلح الخصم و ذلك بعبارة " دون حضور الخصم " في حين أن األمــر الصــادر‬
‫ال يترتب عليه نشأة خصومة قضائية فحسب رأيي ‪ :‬كان على المشرع أن يستعمل مصــطلح‬
‫الشخص الصادر ضــده األمــر الن األمــر على عريضــة يصــدر بعيــدا عن أي نــزاع و دون‬
‫وجود أي خصم ‪ ،‬حيث يصدر قبل أن تثور المنازعة ‪ ،‬حتى وإن صدر األمر على عريضة‬
‫أثناء منازعة قائمة‪ ،‬فانه يصدر في نطاق آخر مستقل عن نطاق المنازعة ذاتها ‪.‬‬

‫الفـ ـ ـ ـرع الثاني ‪ :‬شـكل العريـضة المقدمة للقاض ـ ـ ـ ـي‬

‫إن إجــراءات إصــدار األوامــر على العــرائض و شــكلها تخضــع لنفس اإلجــراءات الســاري‬
‫العمل بها في الميدان القضائي‪.‬‬
‫و قد سبق لنا و أن تطرقنا إليها في المطلب األول من الفصل الثــاني لــذلك نحــاول في هــذا‬
‫الصدد شرح المادة ‪ 311‬من قانون اإلجراءات اإلدارية و المدنية ‪.‬‬
‫التي تقابلها المادة ‪ 194‬من قانون المرافعات المصري ‪،‬التي تلزم الشخص طالب استصدار‬
‫األمر بتحرير عريضته من نسختين متطابقتين ‪،‬و يجب أن يذكر في العريضة وقــائع الطلب‬
‫و أسانيده و موطنه المختار للطالب ‪ ،‬ويجب أن تشفع بالوثائق و المستندات المؤيدة لها‪.‬‬
‫وفي حالــة مــا إذا كــانت العريض ـةـ مقدمــة في شــكل خصــومة قائمــة يجب ذكــر المحكمــة‬
‫المعروضة أمامها الخصومة‪.‬‬
‫ويجب تقديم هذه المستندات لحظة تقديم العريضةـ الن القاضي األمر يقــوم بتكــوين عقيدتــه‬
‫من واقع ما يقــدم من أدلــة و مســتندات كمــا يقــدم أيضــا اإليصــال الــدال على ســداد الرســوم‬
‫القضائية‪.‬‬
‫‪ ‬مـ ـضمـ ـ ـون العريضـ ـ ـة‪:‬‬

‫‪ 3‬ـ هناك حاالت يستدعى فيها الشخص الصادر ضده األمر كما هو الحال بالنسبة للنسخة التنفيذية الثانية طبقا للمادة ‪ 603‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية واإلدارية وهذا ما أكدته المادة‪ 310‬بقولها ما لم ينص القانون على خالف ذالك ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫ـ لقد نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 311‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلداريــة على‬
‫انه يجب أن تكون العريضة معللة و يفهم من ذلك انه يجب أن تشتمل عريضة األمــر على‬
‫ذكر الوقائع الــتي يتمســك بهــا طــالب إصــدار األمــر والــتي يكــون من شــانها التوصــل إلى‬
‫استصدار األمر على عريضة ‪.1‬‬
‫كما يجب أن تتضمن العريضـة أسـانيد هـذه الوقـائع أي أسـبابها القانونيـة الـتي تـبرر أحقيـة‬
‫طالب األمر فيما يطلب‪ ،‬و هذه الوقائع بأسبابها تعتــبر هي ســبب اإلجــراء المطلــوب اتخــاذه‬
‫بوسيلة األمر على عريضة ‪،‬الن هــذا األمــر في نهايــة األمــر هــو طلب قضــائي‪ ،‬و بمــا انــه‬
‫كذلك فانه يتكون من عناصر ثالثة ‪:2‬‬
‫األول عنصر شخصــي وهـو طــالب األمــر و المطلــوب استصــدار األمـر ضــده بمـا لهم من‬
‫صفات إجرائية و موضوعية ‪ ،‬و العنصرـ الثاني هو موضوع األمر الذي يتمثل في القــرار‬
‫المراد استصداره ‪،‬و المحل الذي يرد عليه هذا القرار‪.‬‬
‫أما العنصر الثالث و هو ســبب االدعــاء و السـبب هــو مجموعــة الوقـائع المولـدة للحـق‬
‫المدعى به و المطلوب حمايته قضائيا‪ ،‬و بطبيعــة الحــال هــذه الوقــائع تؤيــدها حجج قانونيــة‬
‫وواقعية‪،.‬هذه الحجج هي مجد وسائل تدعيم لهذه الوقائع‪،‬ترجح لدى القاضــي أحقيــة الطــالب‬
‫فيما يطلب ‪ ،‬مما يبرر حقه على إصدار األمر المطلوب‪.‬‬
‫كما يجب العناية بتدعيم كل ذلــك بالمســتندات المؤيــدة لهــا‪ ،‬الن األصــل أن القاضــي يصــدر‬
‫أمره في غياب الخصم المراد استصدار األمر في مواجهته‪.‬‬
‫و كمــا تجــدر اإلشــارة أن القاضــي لــه كامــل الســلطة إعمــاال لســلطته الوالئيــة على األمــر‬
‫المطروح عليه فله تقــدير مالئمــة أو عــدم مالئمــة إصــدار األمــر على عريضــة حــتى و لــو‬
‫توافرت جميع مقومات إصدار هذا األمر‪.‬‬
‫الـ ـفرع الثال ـث ‪ :‬سـ ـلطة القاضـ ـي في إصدارـ األم ـر‬

‫إن للقاضي مطلق السلطة التقديرية في إصدار أو عدم إصدار األمر المطلوب‪.‬ـ‬
‫و لــذلك ســنتعرض إلى حالــة االســتجابة للطلب وفي الحالــة العكســية أيضــا إي حالــة عــدم‬
‫االستجابة للطلب‪.‬‬

‫أ ‪ :/‬حــالة االستجــابة للطل ـ ـ ـ ـ ـب ‪:‬‬

‫ـ تنص المادة ‪ 312‬على انه في حالة االستجابة إلى الطلب يمكن الرجوع إلى القاضي‬
‫الذي اصدر األمر للتراجع عنه أو تعديله‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ ‪119‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع نفسه ـ ص ـ‪120‬‬

‫‪39‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫يفهم من نص المادة أن القاضي المختص بإصدار األمـر على عريضـة ال يتحـرك من تلقـاء‬
‫نفسه و ال يمسك بزمام المبادرة فليس له نشاط ذاتيا أو ايجابيــا وإنمــا البــد من االلتجــاء إليــه‬
‫لكي يمــارس ســلطته الوالئيــة‪ ،‬وهــو يكــون ملزمــا باإلجابــة على الطلب المقــدم إليــه ســواء‬
‫بالرفض أو بالقبول وإال اعتبر مرتكبا لجريمة إنكار العدالة‪.1‬‬
‫ولكن ليس معــنى ذلــك أن القاضــي المختص بإصــدار األوامــر على عــرائض ‪،‬و عنــدما‬
‫يســتعمل ســلطته الوالئيــة في إصــداره لهــا ‪ ،‬انــه يملــك مطلــق الســلطة التقديريــة الن ذلــك‬
‫يتعارض مع أساس الذي تبنى عليه فكرة السلطة الوالئية للقاضي بصفة عامة فهــذه الســلطة‬
‫يتمتع بها القاضي إلى جانب العديد من السلطات التي تخول له بحكم طبيعة وظيفته ‪ ،‬و لكن‬
‫القاضي المختص بإصدار األوامر على عرائض في ممارسته لسلطته الوالئية عند إصــداره‬
‫لها‪ ،‬يلتزم باحترام القانون ‪،‬و يراعي الشــروط المتطلبــة قانونــا إلصــدارها ووفقــا لمــا يمليــه‬
‫عليه ضميره‪.2‬‬
‫وكما سبق و ذكره أن االستجابة للطلب المعني ال يعني االسـتجابة الحرفيـة الـتي يحررهـا‬
‫صاحب الطلب بل يمكن للقاضي أن يصيغ األمر بالصياغة القانونية‪. 3‬‬
‫إن األوامر على عرائض قابلة للتنفيذ فور صدورها بناءا على النسخة األصلية كما يمكن أن‬
‫يكون األمر على عريضة محال للمرافعة من جانب القاضي الــذي أصــدره بهــدف تصــحيحه‬
‫من األخطاء المادية أو الرجوع عنه أو تعديله و ذلك طبقا للمادة ‪ 312‬من قانون اإلجراءات‬
‫المدنية و اإلدارية وذلك وفقا لنظام األوامر على عرائض‪.‬‬
‫‪ / -1‬ح ـ ـالة ع ـ ـ ـ ـدم االستجابة للطل ـ ـب‪:‬‬

‫ـ تنص المادة ‪ 02-312‬من قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية ‪:4‬‬


‫على أنه في حالــة عــدم االســتجابة إلى الطلب يكــون األمــر بــالرفض قــابال لالســتئناف أمــام‬
‫رئيس المجلس القضائي ‪.‬‬
‫و بناءا على ذلك فطالب األمر على عريضة إذا ما تقدم إلى القاضي المختص مطالبا إيــاه‬
‫بإصدار أمر على عريضة في مسالة معينــة‪ ،‬وقــدر القاضــي أحقيتــه في ذلــك واســتجاب إلى‬
‫‪ 1‬د‪/‬محمود السيد التحيوي‪:‬المرجع السابق‪.‬ص‪62‬‬
‫‪2‬‬
‫د‪/‬نبيل إسماعيل عمر‪:‬األوامر على عرائض و نظامها القانوني في قانون المرافعات المدنية والتجارية ‪/‬دار الجامعة الجديدة ‪ .‬ط ‪2008‬‬

‫ـ ص ـ‪121‬‬
‫‪3‬‬
‫ـ أ ‪/‬محمد ابراهيمي ‪:‬الوجيز في اإلجراءات المدنيةـ الجزء األول ‪/‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ .‬ط‪ 2002 .‬ـ ص ـ‪96‬‬
‫‪4‬‬
‫‪*l’ article .496 du n c p c (s’il n’est fait droit a la requête appel peut être interjeté a moins que l‬‬
‫‪ordonnance‬‬

‫)‪n’émane du premier président de la cour‬‬

‫‪40‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫طلبــه فهنــا تنعــدم مصــلحته في الطعن باالســتئناف في األمــر الصــادر‪ ،‬و إذا لم يســتجيب‬
‫القاضي لمطلبه ‪ ،‬فهنا تتحقق المصلحة و صفة الطالب في استئناف األمر على عريضة ‪.‬‬
‫و من جهــة أخــرى و طبقــا لنص المــادة ‪ 312‬فإنهــا تمنح الحــق باالســتئناف إال لطالبــه أي‬
‫الشخص طالب األمر و ذلك في حالة رفض استصدار الطلب‪ ،‬كما يخول له القانون أن يلجأ‬
‫للقاضي اآلمر ‪،‬في حالة وجود أخطاء مادية أو أي غموض يشــوب األمــر ‪،‬وذالــك من أجــل‬
‫تعديل األمر أو إلغاءه ‪،‬إذا تحققت الشروط المطلوبة ‪.‬‬
‫كما تجدر اإلشارة أن فكرة جواز المراجعة تعني عدم استنفاذ القاضي سلطته وقوته الوالئية‬
‫بمجرد صدوره األمر‪ ،‬بل تبقى تلــك الســلطة نافــذة ومســتمرة في إصــدار األمــر و تعديلــه ‪،‬‬
‫ويكون الرجوع إليه بمقتضى عريضة تكميلية‪،‬يبين فيها الشخص الذي يطلب مراجعة األمــر‬
‫على عريضة المراد تصحيحه أو تفسيره أو إكماله ‪،‬ويجب أن يبن وجه الخطأ فيه ‪،‬ويصــدر‬
‫القاضي في خصوص هذا الطلب وذلك وفقــا لنظــام األوامــر على عــرائض‪،‬ويقــوم بالتأشــير‬
‫على نسخة العريضة السابقة بما يفيد ذلك‪.‬‬
‫وهــذا مــا جــاءت المــادة ‪ 312‬في فقرتهــا األولى‪(:‬في حالــة االســتجابة إلى الطلب ‪،‬يمكن‬
‫الرجوع إلى القاضــي الــذي أصــدر األمــر للــتراجع عنــه أو تعديلــه) في حين أن الشــخص‬
‫الصادر ضــده األمــر ‪ ،‬ال يملــك الحــق في االســتئناف بــل يبقى لــه حســب رأي اللجــوء إلى‬
‫القضاء لمخاصمة صاحب األمر عن طريــق دعــوى قضــائية عاديــة أمــام القاضــي مصــدر‬
‫األمر طبقا للقواعد العامة ‪.‬‬
‫يجب أن نالحظ أن المشرع في قانون اإلجراءات المدنية الجديد ألزم القاضي بتسبيب أمــره‬
‫سواء كان بالرفض أو الموافقة وإال كان باطال‪،‬ألنّ أمره يعتبر كحم قضائي‪،1‬واألحكام يجب‬
‫تسبيبها وإال كانت باطلة ويقصد باألسباب ذكر الوقائع والنصوص القانونيــة الــتي تحكم تلــك‬
‫الوقائع‪،‬وهذا ما يؤكد إلى ذهبنا إليه ‪ ،‬أن المشرع الجزائري اعتبر األوامــر على عــرائض‬
‫من قبيل األعمال القضائية التي تحمي الحقوق و المراكز القانونية ‪.2‬‬
‫ولذلك اوجب القانون المذكور على القاضي أن يسبب أمره على العريضة‪،‬وذالكـ طبقا للمادة‬
‫‪ 311‬منه وفي فقرتها الثانية إذ تنص صراحة على أنه يجب أن يكـون األمـر على عريضــة‬
‫مسببا‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن المادة ‪ 311‬من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد ‪،‬تقابلها‬
‫المادة ‪ 494‬من قانون اإلجراءات المدنية الجديد الفرنسي التي تنص على أن األمر على‬
‫عريضة يجب أن يكون مسببا ويحمل بدقة مرفقات الملف‪.‬‬
‫القانون‬ ‫وهنا نالحظ أن المشرع الجزائري حذا حذو المشرع الفرنسي وخالف‬
‫المصري الذي اليلزم القاضي بتسبيب األمر‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫د ‪ /‬زهدور محمد‪:‬األوامر على العرائض وفقا لقانون اإلجراءات المدنية‬
‫‪2‬‬
‫ـ د ‪/‬محمد زهدور ‪:‬األوامر على العرائض وفقا لقانون اإلجراءات المدنية ـ ص ـ‪29‬‬

‫‪41‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫الفـ ـرع الرابعـ ‪ :‬الط ـعن في األمـر على عريض ـ ـ ـ ـة‬

‫ـ إنّ المشرع الجزائري في القانون الجديد لم يساير التشريعات العربية ( مصر ولبنان‪)..‬‬
‫التي جعلت التظلم طريق من الطرق الطعن ‪،‬وذالك تماشيا مع النظام القانوني لألوامــر على‬
‫عــرائض‪،‬فالمشــرع الجزائــري جعــل االســتئناف طريقــا للطعن في حالــة عــدم االســتجابة‬
‫للطلب‪،‬وذلك طبقا للمادة ‪ 312‬في فقرتها الثانية ‪،‬وبــذلك يمكن القـول أن المشـرع الجزائــري‬
‫اعتبر األمر على عريضة عمل قضائي مادام يجوز فيه االستئناف‪،‬كالتشريع الفرنسي الــذي‬
‫يعطي الحــق لصــاحب الطلب أو للغــير في حالــة الــرفض أن يســتأنفه في ظــرف ‪ 15‬يومــا‬
‫تحسب من تاريخ إصدار األمر‪.‬‬
‫و بتقريــر المشــرع الجزائــري اســتئناف األمــر على عريضــة‪ ،‬اســتطاع أن يزيــل بعض‬
‫التساؤالت السابقة التي كانت محل إشكال و هي‪ :‬آجال االستئناف و طريقة حسابها و هذا ما‬
‫سنتعرض إليه بموجب نصوص قانونية‪.‬‬

‫ـ أجـ ـ ــال االستئن ـ ــاف ‪:‬‬

‫إن اإلشكال الذي كان مطروحــا في نص المــادة ‪ 172‬في القــانون القــديم ليس لهــا معــنى في‬
‫القانون الجديد ‪ ،‬الذي ح ّدد آجال االستئناف و كيفية حسابها‪ ،‬بحيث جعل م ـ ّدة االســتئناف في‬
‫األمر بالرفض ب‪ 15 :‬يوما يبدأ سريانها من تاريخ إصدار األمر بالرفض و يكون ذلك أمام‬
‫رئيس المجلس القضائي و يجب على رئيس المجلس القضائي أن يفصل في هــذا االســتئناف‬
‫في اقرب اآلجال و ذلك طبقا للمادة ‪ 312‬منه‪.‬‬

‫الف ـ ـرع الخامس ‪ :‬حاالت إص ـدار األوامـ ـر على عرائ ـ ـض‬

‫ـ أشارت المادة ‪ 311‬من قانون اإلجراءات المدنية الجديدة على نفس الحاالت‬
‫المــذكورة ســابقا في المــادة ‪ 172‬من األمــر ‪ 154-66‬المتضــمن قــانون اإلجــراءات المدنيــة‬
‫والتي سبق لنا شرحها‪.‬‬
‫و ما جاء به المشرع في المادة ‪ 311‬من جديد وهو يمكن إجــراء اســتجواب في موضــوع ال‬
‫يمس بحقــوق األطــراف بنــاءا على أمــر على عريضــة‪ ،‬وفي كــل الحــاالت المــذكورة و هي‬
‫إثبات حالة أو توجيه انذرا أو إجــراء اســتجواب تقــدم العريضــة إلى رئيس الجهــة القضــائية‬

‫‪42‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫المختصة ليفصل فيها خالل اجل أقصاه ثالثة أيام من تــاريخ إيــداع الطلب و ســنحاول ذكــر‬
‫الحاالت السابقة و ذكر نصوصها القانونية‪،‬وذلك وفق التعديل الجديد‪.‬‬

‫أ ‪ : /‬الـ ـحجز التـ ـ ـحفظي‪:‬‬

‫المادة ‪ 649‬ق اإلجراءات المدنية و اإلدارية الحجز التحفظي يتم بناءا على أمر على‬
‫عريضة يقدم من رئيس المحكمة التي يوجد في دائرة اختصاصها موطن المدين أو األمــوال‬
‫المراد حجزها و يلزم رئيس المحكمة بالفصل في الطلب خالل اجل ‪ 5‬أيام من تاريخ إيــداع‬
‫العريضة لدى أمانة ضبط المحكمة‪.‬‬
‫و يقيــد أمــر بــالحجز التحفظي على العقــارات بالمحافظــة العقاريــة الــتي يوجــد بــدائرة‬
‫اختصاصــها العقــار خالل اجــل ‪ 15‬يــوم من تــاريخ صــدوره طبقــا للمــادة ‪ 652‬من قــانون‬
‫اإلجراءات اإلدارية و المدنية‪.‬‬

‫يجوز للدائن الذي يملك سند تنفيذي أن‬ ‫ب ‪ : /‬حجـ ـ ـز ما للـ ـ ـمدين ل ـ ـ ـ ـدى الغــير‪:‬المـ ـ ـادة ‪667‬‬
‫يحجز حجزا تنفيذيا على ما يكون لمدينه من أموال منقولة مادية كانت ا واســهم أو حصــص‬
‫أرباح في شركات أو السندات المالية أو الديون وحــتى لـو لم يحــل اجــل اســتحقاقها بمــوجب‬
‫أمر على عريضة من طرف رئيس المحكمة ‪.‬‬
‫و في حالة إن لم يكن سند تنفيذي بيد الدائن ولكن لــه مسـتندات ظـاهرة يجـوز لــه أن يحجـز‬
‫حجزا تحفظيا على مل يكــون لمدينــه لــدى الغــير من األمــوال المشــار إليهــا في المــادة ‪667‬‬
‫وذلك طبقا لنص المادة ‪ 668‬منه ‪.‬‬

‫ج ‪ : /‬األمر على عريضة بتسلم نسخة تنفيذية ثانية ‪ :‬المادة ‪603‬‬

‫األصل ال تسلم إال نسخة تنفيذية واحدة لكـل من لـه صـفة أو مصـلحة في ذلـك غـير انـه في‬
‫حالة ضياع هذه النســخة يمكن الحصــول على نســخة ثانيــة بمــوجب أمــر على عريضــة من‬
‫طرف رئيس الجهة القضائية‪.‬‬
‫بتوفر جملة من الشروط و هي‪:‬‬
‫‪-‬تقديم عريضة معللة‪.‬‬
‫‪-‬استدعاء جميع األطــراف إلبــداء مالحظتهم الــتي يجب ان تــدون في محضــر يرفــق مــع‬
‫أصل األمر الذي يستصدره‪.‬ـ‬
‫‪-‬و يجب أن يكون األمر مسببا‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫‪ )1‬تعيين خبير أخر ‪:‬نص المادة ‪ 51‬يتبناهــا نص المــادة ‪ 132‬من ق إجــراءات‬


‫المدنية و اإلدارية‬
‫‪ )2‬حالة الترخيص و الترشيد المادة ‪479‬‬
‫يمنح الترخيص المسبق المنصـوص عليـه قانونـا المتعلـق ببعض التصـرفات الـولي من‬
‫قبل قاضي شؤون األسرة بموجب أمر على عريضة‬
‫‪ )3‬طلب رفع سقوط األجل ‪:‬المادة ‪922‬‬
‫انه في حالة فوات اجل الطعن بسبب قوة قاهرة أو وقوع حــادث أدى إلى عرقلــة الســير‬
‫العادي يقــدم طلب رفــع الســقوط إلى رئيس الجهــة القضــائية المعــروض أمامهــا الــنزاع‬
‫يفصل فيه بموجب أمر عريضة‬
‫وعلى العموم فهناك حاالت عديدة و متفرقة في نصوص قانونية مختلفــة بحيث اســتطاع‬
‫المشرع أن يبين حاالت إصدار األوامر على عرائض بموجب نصوص واضحة ال تدع‬
‫غموض في إصدارها تماشيا مع طبيعة األوامر على عرائض‪.‬‬
‫وما يمكن مالحظته أيضا في قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية حدد الحاالت‬
‫التي يجب فيها إصدار األوامر على العرائض ‪،‬كما هو الحال بالنسبة لتشريع المصري‬
‫والفرنسي‬

‫المبح ـث الثاني ‪ :‬ت ـنفيذ األوام ـر على عرائض وأثارها القانون ـية‬
‫لجوء األفراد إلى القضاء عن طريق وسيلة الدعوى القضائية بهدف الحصول على‬
‫آمر من طرف القاضي ‪.‬إزالة عقبة قانونية وضعها المشرع أمامهم ‪،‬نتيجة عدم قدرتهم على‬
‫أحداث اثـر قـانوني و بنـاءا على ذلـك فـان نظـام األوامـر على عـرائض يهـدف إلى تحقيـق‬
‫مصلحة خاصة للطالب تعجز إدارته عن تحقيقها‪.‬‬

‫الم ـ ـطلب األول ‪ :‬ت ـنفيذ األوام ـر على عـ ـرائـ ـ ـض‬

‫إذا صدر القاضي أمرا بناءا على طلب واألسانيد المقدمة والمحتج بها ‪،‬وبعد تسبيب هذا‬
‫األمر في اجل ثالثة أيام من تاريخ تقديم الطلب(حســب المــادة ‪، )312‬تحفــظ النســخة الثانيــة‬
‫من األمر ضــمن أصــول األحكــام بأمانــة ضــبط الجهــة القضــائية ســواء كــانت المحكمــة أو‬
‫المجلس‪ ،‬وتســلم النســخة األولى لصــاحب الطلب ليباشــر التنفيــذ‪ ،‬و باعتبــار أن األمــر على‬
‫عريضة هو سند من بين السندات التنفيذ التي أتى بها المشرع في قانون اإلجراءات المدنية‬
‫فإنه يخضع لمقدمات التنفيذ الذي يخضع له كل سند تنفيذي عقب استخراج نســخة من األمــر‬
‫على عريضة الموقعة من طرف القاضي ‪،‬و باعتبار أن األمر على عريضة مشموال بالنفــاذ‬
‫المعجل بقوة القانون فإن المحضر القضائي ال يبلغه ‪،‬ويحترم أجل الطعن فيه قبل تنفيذه ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫الف ـ ـرع األول ‪ :‬سقـ ـ ـوط الـ ـ ـح ـق‬

‫يســقط األمــر على عريضــة في حالــة عــدم تنفيــذه في أجــل معين ‪،‬وبمــا أن األوامــر على‬
‫عرائض تتضمن إجراء وقتيا وتدابير تحفظية في ظــروف قابلــة للتغــير الــتي تــبيح للقاضــي‬
‫اآلمر أن يرجع عنها ‪،‬أو يطلبه صاحب الطلب (طبقا للمادة ‪312‬من ق‪.‬ا لجديد)‬
‫إذ إشترطت بعض التشــريعات كالتشــريع المصــري‪ ،‬أن يقــدم األمــر على عريضــة للتنفيــذ‬
‫خالل ‪ 30‬يوما من تاريخ اإلصدار‪ ،‬و إال سقط بالتقادم غير أن هذا التقادم ال يتعلــق بالنظــام‬
‫العام فال يجوز للمحكمة أن تتمسك به و تثيره من تلقاء نفسها‪.1‬‬
‫أما المشرع الجزائري جعل هذه المدة تقدر ب ‪ 03‬أ شهر ‪،‬فإذا لم ينفذ هذا األمــر خالل هــذه‬
‫المدة يسقط وال يرتب أي أثر(المادة‪.)311:‬‬
‫وذلك الن األمر هو تصرف والئي بإجراء تحفظي ال يصح أن يبقى ســالحا مســلطا يشــهره‬
‫من صدر له األمر في وجه خصمه في أي وقت يشاء ‪،‬مـع احتمـال تغــير الظـروف الداعيـة‬
‫إلى إصداره وزوال الحاجة الملجئة إليه‪،‬و إذا كان الحكم الغيابي الــذي يصـدره القضــاء بعـد‬
‫تحقيــق يبطــل ويعتــبر كــان لم يكن إذا لم يعلن إلى المحكــوم عليــه ‪،‬فــأحرى بــاألمر على‬
‫العريضة أن يسقط من باب أولى إذا لم يقدم للتنفيذ ‪.2‬‬
‫وسقوط األمر لعدم تنفيذه ال يمنع من استصدار أمر جديد‪.‬‬

‫المطـ ـ ـ ـلب الث ـ ــاني ‪ :‬اآلث ـ ـ ـار اإلجرائي ـ ـ ـة و الموضوع ـ ـ ـية ال ـ ـ ـتي تترتـ ـ ـ ـب على استعم ـ ـ ـال نـ ـ ـ ـظام‬
‫األوام ـر على عرائـ ـ ـ ـض‪.‬‬

‫حتى يمكن لنا فهم اآلثار المترتبة عن األوامر على عرائض يجب أن نقسم المطلب إلى‬
‫فرعين أساسين بحيث نتعرض في الفرع األول إلى اآلثار اإلجرائيــة وفي الفــرع الثــاني إلى‬
‫اآلثار الموضوعية‪.‬ـ‬

‫الفرع األول ‪ :‬اآلثار اإلجرائية التي تترتب عن استعمال نظام األوامر على عرائضـ‬

‫يمكن استخالص اآلثار اإلجرائية في النقاط التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :/‬ال يترتب على تقديم العريضة للقاضي توليد خصومة قضائية الن الخصومة القضائية‬
‫هي عبارة عن مجموعة من األعمال اإلجرائية المتتابعة زمنيــا بهــدف تهيئــة وســط إجــرائي‬
‫‪1‬‬
‫ـ د ‪ /‬محمود السيد التحيوي ‪ :‬مرجع سابق ‪ .‬ص ‪59‬‬
‫‪2‬‬
‫ـ د ‪ /‬أحمد أبو الوفا ‪ :‬أصول المحاكمات المدنية ‪.‬الدار الجامعية ‪.‬ط ‪ 1983 .‬ـ ص ـ ‪160‬‬

‫‪45‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫مالئم إلصدار الحكم الحاسم للنزاع‪ .‬واألصل إن هذه الخصومة يتم انعقادهــا بمجــرد تكليــف‬
‫الخصم و تبليغه تبليغا صحيحا و بما إن نظام األوامر على عرائض ال يفترض عــدم وجــود‬
‫نزاع يراد حســمه ‪ ،‬كمــا انــه يفــترض عــدم إعالن الخصــم المطلــوب إصــدار األمــر ضــده‬
‫فالنتيجــة المنطقيــة هي انــه ال يتولــد عن تقــديم صــحيفة األمــر على عريضــة أيــة خصــومة‬
‫قضائية ‪ ،‬وبالتالي فان جميع القواعد العامة الــتي تحكم الخصــومة القضــائية المدنيــة ال تجــد‬
‫مجاال ألعمالها بصدد نظام األوامر على عرائض‪.1‬‬

‫ثانيا ‪ :/‬تحدد والية القاضي في إصدار األمر ‪،‬بتحديد مجموع الوقائع األساسية التي يؤسس‬
‫الطالب عليها طلبه في العريضة المقدمة ‪.2‬‬

‫ثالثا ‪ :/‬نظــام تبــادل العــرائض و االطالع على المســتندات ال يعرفــه نظــام األوامــر على‬
‫العرائض فالمشرع اســتبعد مبــدأ المواجهــة طبقــا للمــادة ‪310‬من ق ‪ 09-08‬المتعلــق بقــانون‬
‫اإلجراءات المدنية الجديد التي تنص على إن األمر على عريضة أمر مــؤقت ‪ ،‬يصــدر دون‬
‫حضور الخصم ‪ ،‬ما لم ينص القانون على خالف ذلك ‪.‬الن الهدف من هذا النظام هو مفاجأة‬
‫الطرف الصادر ضده األمر‪ ،‬وبالتالي فجميع المسائل الخاصة بــإعالن األوراق القضــائية ال‬
‫يعمل بها نطاق نظام األوامر على عرائض‪.‬‬

‫رابعا ‪ :/‬قواعــد الحضــور و الغيــاب الــذي تعرفــه القواعــد العامــة في الخصــومة المدنيــة‬
‫المتعلقة بالمحاكمة ال تجد مجاال ألعمالها في نطاق نظام األوامر على عرائض ‪ 3‬مثال ذلك ‪:‬‬
‫قاعدة الشطب – أو نظام التأجيل – أو قاعدة تكليف الخصم الغائب ‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :/‬ال يترتب على تقديم العريضــة أن يكتســب طــالب صــفة المــدعي ‪ ،‬وال أن يكتســب‬
‫المطلوب إصدار األمر ضــده صــفة المــدعى عليــه بمــا تتضــمنه هــذه المراكــز القانونيــة من‬
‫حقوق و أعباء مختلفة ‪.4‬‬

‫سادسا ‪ :/‬إن اختصــاص القاضــي بــاألوامر على عــرائض هــو اختصــاص نــوعي متعلــق‬
‫بالنظام العام فإذا قدر القاضي انه غير مختص بإصدار األمر على عريضة فعلية من تلقاء‬
‫نفسه أن يحكم بعدم االختصاص‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ د ‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪ :‬المرجع السابق ـ ص ـ ‪50‬‬

‫‪ 2‬ـ د ‪ /‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪51‬‬

‫‪ 3‬ـ د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪ :‬نفس المرجع ـ ص ـ ‪51‬‬

‫‪ 4‬ـ د‪ /‬محمود السيد التحيوي‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪21‬‬

‫‪46‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫سـ ــابعا ‪ :/‬في إصدار األحكام يتم النطق باألحكام الفاصلة في الــنزاع في جلســة علنيــة ‪ ،‬أمــا‬
‫نظــام األوامــر على عــرائض فال يخضــع لهــذه القاعــدة و ذلــك طبقــا للمــادة ‪272‬من قــانون‬
‫اإلجراءات المدنية واإلداريــة الجديــد الــتي تنص " يتم النطــق باألحكــام الفاصــلة في الــنزاع‬
‫علنيا ‪ ،‬و يصرح باألوامر الوالئية بغير ذلك"‪.‬‬

‫ثامنا ‪ :/‬يجوز لمقدم العريضــة للقاضــي أن يتنــازل عنهــا أو يتركهــا ‪،‬وال يمكن القــول أنــه‬
‫يجوز له ترك الخصومة ‪،‬ألن الخصومة في األوامــر على عــرائض ال تنعقــد إال ّ بعــد إعالن‬
‫‪1‬‬
‫العريضة واالستماع إلى الخصم ‪،‬ولذلك يجوز لمقدم العريضة أن يتركهــا‪،‬أو يتنــازل عنها‬
‫دون موافقة من يراد صدور األمر على عريضة ضده‪،‬كما هــو مشــروط في تــرك خصــومة‬
‫منعقدة عقب قيام دعوى قضائية بين الطرفين ‪.‬‬
‫ـ كما أن هناك بعض المبادئ اإلجرائية التي يجب إحرامها في الـدعوى القضـائية ‪،‬ال تطبـق‬
‫وال تجد مجاال لتطبيقها في طلبات استصدار األوامــر على عــرائض ‪،‬فال يطبــق الــدفع بعــدم‬
‫القبول طلب األمر على عريضة ‪،‬كما ال تطبق أسباب انقطاع الخصــومة ‪،‬وال تقادمهــا ‪،‬كمــا‬
‫ال يوجد نظام التدخل أو االختصام المعمول بهما في الخصومة القضائية‪،‬كمــا أن القاضــي ال‬
‫يتقيد بقواعد اإلثبات المقررة قانونا ألنه يصدر أمرا على اعتبار المالئمــة فقــط وليس لحســم‬
‫النزاع ‪،2‬وإذا رأى القاضي مصدر األمر دفعا ‪،‬أو حالة من الحاالت التي تتعلق بالنظام العام‬
‫فإنه يثرها من تلقاء نفسه ويرفض إصدار األمر على عريضة‪.3‬‬

‫الـ ـفرع ال ـثاني ‪ :‬اآلث ـار الم ـوضوع ـية الم ـترتبة علـى صدور األمر على عري ـ ـ ـ ـضة‬

‫أوال ‪ :/‬يقصــد باآلثــار الموضــوعيةـ تلــك الــتي تحــدث في المركــز القــانوني الموضــوعيـ‬
‫المتنازع عليه و الحاصل ادعاء بالنسبة له أمــام القضــاء ‪ ،‬حيــازة الحكم الفاصــل في الــنزاع‬
‫على حجيــة الشــيء المقضــي بــه و من ثمــة تقريــر و تقويــة الحقــوق وغــير ذلــك من اآلثــار‬
‫الموضوعيةـ التي تعرفها القواعد العامة في أثار األحكام القضــائية أمــا األمــر على عريضــة‬
‫عند تقديمها ال يترتب عليها أية أثار بالنســبة للحــق الموضــوعيـ ‪،‬لأن الهــدف من استصــدار‬
‫األمر هو توفير تــدبير وقــتي لحمايتــه ‪ ،‬و مثــال ذلــك المطالبــة بإصــدار أمــر على عريضــة‬
‫بتعـيين حـارس على األمـوال فهـذا األمـر ال تـأثير لـه على هـذه الحقـوق الـواردة على هـذه‬
‫األموال ‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ د ‪/‬زهدور محمد ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ‪14‬‬

‫‪ 2‬ـ د ‪ /‬زهدور محمد ‪:‬نفس المرجع السابق ـ ص ـ‪16‬‬


‫‪3‬‬
‫ـ د‪/‬احمد أبو الوفا ‪:‬أصول المحاكمات المدنية ـ دار الجامعية ـ بيروت ـالطبعة ‪ 1983‬ـ ص ـ‪665‬‬

‫‪47‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫كما أن نظام األمر على عريضة ال يؤدي بطبيعته إلى اكتساب حقوق وال إهدارها‪. 1‬‬
‫ومن جهة أخرى ‪ ،‬كمــا أنــه أيضا ال يحســم الــنزاع لعــدم قيــام هــذا الــنزاع من األصل‪ ،‬فــان‬
‫صدور األمر لصالح طالب األمر ال يعني أن القاضي قد فصل في أصــل الحكم فهــذا الحــق‬
‫لم ينازع فيه احــد ‪،‬حــتى و إن كــان األمــر قــد صــدر للحفــاظ على الحــق الموضــوعي لحين‬
‫المنازعة فيه بطريق الدعوى العادية‬
‫و القاضي في تقريره المالئمة أو عدم المالئمة في إصدار األمر على عريضة ‪ ،‬قد يتطرق‬
‫ببحث سطحي للمسائل المتعلقة بأصل الحق أو بالمركز الموضــوعيـ األصــلي و هــذا البحث‬
‫يتم بالقدر الالزم لبحث مالئمة إصدار أو عدم إصدار األمــر على العريضــة ‪،‬وال يتم بهــدف‬
‫حسم النزاع غير قائم على أصل الحق‪. 2‬‬
‫ومن جهة أخرى فالقاضي في بحثه لمالئمة و شرعية إصدار األمر على عريضة ال يطبق‬
‫قواعــد القــانون الموضــوعيـ الحاكمــة ألصــل الحق‪ ،‬الن ذلــك لم يطلب منه‪ ،‬و لأن الوقــائع‬
‫المقدمة له بهدف إصدار األمــر ال تســمح لــه بــذلك ‪ ،‬و بمــا أن األمــر صـادر على عريضــة‬
‫يحتوي على قــرار والئي قضــائي يســمح للصـادر لصــالحه األمر باتخــاذ التــدبير الوقــتي أو‬
‫التحفيظي فهو اليحوز حجة الشيء المقضي فيه ‪ ،‬وال يؤدي إلى اكتساب الحق أو إهداره ‪.3‬‬

‫ثانيا ‪ :/‬األمــر على عريضــة ال يــترتب عليــه خــروج األمــر من القاضــي ‪،‬فهــذا يعــد أمــر‬
‫منطقي لكون األمر ال يحوز على حجية الشيء المقضي فيه‪ ،‬فإذا تبين للقاضي وقائع جديدة‬
‫فيمكن له أن يعدل على أمره األول ‪ ،‬أو يقوم بتغييره أو تكملته ‪ ،‬وقد نص القــانون صــراحة‬
‫في بعض المواد على جواز الرجوع إلى نفس القاضي لطلب تعديل أمـره أو النظـر فيمـا قـد‬
‫يثار من إشكاالت بشأنه مثل المواد ‪ 356-346‬من قانون اإلجراءات المدنية األمر ‪66/154‬‬

‫خالفــا لألحكــام فبمجــرد صــدور الحكم تســتنفذ المحكمــة واليتهــا بالنســبة للــنزاع فال يجــوز‬
‫للقاضي العدول عما قضى به كما ال يجوز له تعديل ذلك الحكم أو أحداث إضافة إليه‪.‬‬
‫و الخالصة في هذا الشأن هي أن القاعدة العامة في األثار الموضوعية لألمر على عريضة‬
‫هي انه ال يولد أية أثار تمس الحقوق الموضـوعيةـ أو المراكـز القانونيـة الموضــوعية‪.‬ـولهـذا‬
‫فإن حجية األوامر على العرائض تختلف حسب المسألة التي صدر بشأنها األمـر فـإن كـانت‬
‫طبيعتها وقتية قابلة للتغيير بتغير الظروف المتعلقة بها ‪ ،‬كان األمر الصادر في هذه المســألة‬
‫‪1‬‬
‫د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬األوامر على عرائض ونظامها القانوني في المرافعات المدنية والتجارية ـ منشا المعارف ـ اإلسكندرية ـ ط ‪2008‬‬

‫ـ ص ـ ‪53‬‬

‫‪ 2‬ـ د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪ :‬نفس المرجع ـ ص ـ ‪54‬‬

‫‪ 3‬ـ د ‪/‬نبيل إسماعيل عمر ‪:‬المرجع السابق ـ ص ـ ‪55‬‬

‫‪48‬‬
‫الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة‬

‫بدوره وقتيا قابال للتغير إذا ما تغيرت الظروف التي صــدرت في طلبهــا ‪ ،‬وبقي األمــر على‬
‫حاله ما بقيت تلك الظروف على حالها ‪.‬‬
‫ومثال ذالك قد يصدر القاضي أمرا بخصوص تحديد المصاريف القضائية إذا تعذر تحديــدها‬
‫قبل صدور الحكم النهائي حينئذ يكون هذا األمر مكمال للحكم الموضوعي المنهي للخصومة‬
‫أي امتدت هذه النهاية إلى تقدير المصاريف القضائية مما يحول دون المساس بها أو العــودة‬
‫إلى مناقشتها وتكتسب بالتالي قوة األمر المقضي به كما لو كانت قد تضمنها ذاته‪.‬‬
‫وإذا صدر األمر وكان وقتيا ظلت له حجيتــه مــا بقيت الظــروف على حالهــا و من ثم يمتنــع‬
‫القاضي اآلمر المساس به سواء باإللغاء أو التعديل التزاما بعدم تسلطه على مــا يصــدره من‬
‫أوامر إال بناء على تظلم يرفع إليه باإلجراءات المعتادة ‪.1‬‬

‫‪1‬‬
‫ـ الطالبة ‪ /‬محمودي فاطمة ‪:‬الطبيعة القانونية لألوامر على العرائض وأثارها القانونية ‪ .‬رسالة الماجستير ـ جامعة وهران ـ لسنة‬

‫(‪ 2001‬ـ‪ ) 2002‬ص ‪112‬‬

‫‪49‬‬

You might also like