Professional Documents
Culture Documents
يقوم رئيس المحكمة بإصدار أوامر على العرائض بناءا على طلب مكتوب يقدم إليــه و ه ـذه
األوامر كثيرة و متنوعة ،وعليه ما مفهوم األوامر على العرائض ؟ وما هي خصائصها ؟
3ـ د /نبيل إسماعيل عمر :األوامر على عرائض ونظامهاـ القانوني في المرافعات المدنية والتجاري /دار الجامعية الجديدة ـ ط ـ 2008ص10
1
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
لم يعرف المشرع الجزائري األوامر على العرائض تاركــا المجــال في ذلــك إلى الفقــه ولكن
حـدد حـاالت و إجـراءات إصـدارها ،و لقـد اختلـف الفقـه في إعطـاء تعريـف لألوامـر على
العرائض،إال أنهم قد اجمعوا على وحدة خصائصها.
ـ تعرف على أنها " عبارة عن قرار والئي يصدر من رئيس الجهة القضائية المختصــة
على ذيل العريضة التي يقدمها العارض دون مناقشة حضورية" .1
وعرفت أيضا بأنها نوع من األوامر التي يصدرها القضاة بناءا على طلب الخصم من غير
مرافعة و د ون تكليف الطرف اآلخر بالحضور و في غيبته و تعتبر سندات تنفيذية" .2
ـ أما الدكتور نبيل إسماعيل عمر فيعرف نظام األوامر على العرائض بأنه" هو الشكل
اإلجرائي الواجب إتباعه في األحوال التي يوجد فيها نزاع يراد حسمه ،و إنما تشتد الحاجة
إلى ضرورة اتخاذ مجرد تدابير وقتية يعجز الفرد عن اتخاذها بإرادته المنفردة " .
وهو التعريف الذي يتوافــق مــع طبيعــة األوامــر على عــرائض بحيث أن إرادة الفــرد تكــون
عديمة األثر في توليد األهداف التي يرجوها هذا الشــخص،فــإذا اســتعمل إجــراءات األوامــر
على عرائض ،فهو بــذلك يهـدف إلى الحصـول على قــرار والئي بنــاء على ســلطة القاضــي
الوالئية و هذا القرار قد ال يتعلق بأي نزاع قائم أو قد يتعلــق بــنزاع قــائم ولم يرفــع بعــد إلى
القضاء ،أو قد يتعلق بــنزاع مرفــوع أمــام القضــاء ،أو يتعلــق بتنفيــذ قضــائي ،أو قــد يتعلــق
بنزاع انتهى و حسم أمره .
و نظام األوامر على العـرائض باعتبـاره نظامـا إجرائيـا يهـدف إلى غايـات غـير تلـك الـتي
تهدف إليها الدعوى القضائية فهدف نظام األوامر على العرائض هو إيجاد شكل سهل خــالي
من اإلجراءات التي تفترض وجود نزاع ،وتلك التي تفترض وجود خصــم ،ووجــود إعالن
و جلسـات حضـورية ،واثبـات و مناقشــة و إصـدار حكم و تسـبيب و إعالن هـذا الحكم في
جلسة علنية ،كل ذلك يؤدي إلى القول بـأن هــدف نظــام األوامــر على العــرائض هــو تيســير
السبيل أمام األفراد للحصول على أوامر قضائية وقتية لحماية مراكزهم القانونية .3
1ـ أ /بوبشير محند امقران:قانون اإلجراءات المدنية .نظرية الدعوى ـنظرية الخصومة ـ اإلجراءات اإلستثنائية /ديوان المطبوعات الجامعية
ـالجزائر ـ ط . 1998ص 396
2
ـ د /محمد حسنين:طرق التنفيذ في قانون اإلجراءات المدنية الجزائرية /ديوان المطبوعات الجامعية ـ الجائر ـ سنة 1990ط 02 -ـ ص 65
2
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
ـ ف هي تدابير وقتية و للقاضي مصدر األمر التراجع عن موقفه ،و هذا عن طريق تعديل
األمر أو إصدار أمر جديد مخالف لألمر السابق ،والقاضــي في هـذه الحالــة يمــارس ســلطته
الوالئيــة ،فهــو ال يقضــي وال يصــدر حكمــا قضــائيا وإنمــا يصــدر أمــرا والئيــا ال يقيــده
ويســتطيع العــدول عنــه مــتى رأى أن المصــلحة من األمــر الســابق انتهت ولم تعــد قائمــة أو
طرأت وقائع جديدة ،أو صدر األمر األول بناءا على خطأ في التقدير أو خط ـأ في الواقــع أو
القانون أو بتغـير الظــروف على وجــه العمـوم ،كمــا تعتــبر األوامـر على العــرائض مجــرد
تدابير أو إجراءات تحفظية ال تكسب حقا والتهدره .1
إن األوامر الصادرة عن القاضي (رئيس المحكمة ) ال تمس بأصل الحق بحيث يتعين
عليه أن ال يتطرق إليه ،واألمر على عريضة ال يتضمن تقريــرا قضــائيا في ذلــك وال يوجــد
فيه فصال قضائيا ،يزيل التجهيل ويقمــع الشــك وال يتضــمن حســما للــنزاع في أصــل الحــق
وهذا الحــق أو المركــز الموضــوعيـ لم يمس ،ولم يفصــل فيه ،ولم يحــدث فيــه أي تقريــر
قضـائي أي ال يوجـد قضـاء قطعي في الموضـوع المتنـازع عليـه والسـبب في ذلـك يرجـع
النتفاء النزاع بالنسبة لألوامر على العرائض .2
3
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
وتتميز أيضا ببساطة إجراءاتها وقلة التكلفة والسرعة في التنفيذ ،ولــذلك تقتضــى الضــرورةـ
أن نتطرق إلى مختلف األعمال القانونية ،أي األعمال القضــائية وك ـذا األعمــال الوالئيــة ،
وعليه فإن نظام األوامر على العرائض يعتبرها أغلب فقهاء القانون هي الصورة النموذجيــة
لألعمال الوالئية .1
ا لـقاض ـي المطـلب الثاني :سلـطة القـضاء والسلـطة الوالئي ـة الـتي يتـمتـ ـع ب ـها
ينصب اهتمام الفقه عند دراسته لسلطة القضاء التي يتمتع بها القاضي ،على بحث فكرة
العمل القضائي الذي يصدره القاضــي و محاولــة تميــيزه عمــا يختلــط بــه من أعمــال والئيــة
2
وأعمال إدارية .
وعليه سوف نتعرض لفكرة عامة عن سلطة األمر المخولة للقاضي بحكم وضــيفته في فــرع
تحت عنوان سلطة القضاء ،وفى الفرع الثاني السلطة الوالئية
من الثابت أن العمل القضائي هــو نتــاج الوظيفــة القضــائية ،وأن هـذه الوظيفــة وجــدت
لممارسة السلطة القضائية .وبالتالي يكون العمل القضائي هو أثر من أثــار اســتخدام الســلطة
القضــائية و بمعــنى آخــر فــان تفهم ماهيــة الســلطة القضــاء يقتضــي فهم جيــد للمصــطلحات
التالية:
السلطة التي يتمتع بها القاضي في القضاء أي سلطة القضاء ثم الوظيفة القض ائية ثم العم ل
القضائي ،ذالك لأن سلطة القضاء يمارسها القاضي عنـدما يباشـر وظيفتـه القضـائية و ينتج
عن هذه الممارسة العمل القضائي .3
وللوظيفة القضائية دور قانوني بحيث يتمثـل في إزالـة مـا يعـترض أعمـال القـانون من
عقبات،و الوظيفة القضـائية تنحصـر في حمايـة النظـام القـانوني فهي ال تتـدخل إال إذا طـرأ
عارض قانوني أدى إلى عدم فعالية القاعدة القانونية ،وهي تتدخل في حدود هذا العارض .4
1
ـ أ /طيب زروتي:تحرير العرائض واألوراق شبه قضائية /طبعة الكاهنة 2000ـص ـ141
2
ـد/نبيل إسماعيل عمر المرجع السابق ـ ص ـ15
3
4
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
بهــدف إزالتــه دون البحث عن محاولــة عالج أســبابه .وهــذه األســباب قــد تكــون ذاتيــة أو
موضوعية ،ذات صبغة اقتصادية أو اجتماعية أو خلقية أو نفسية ،مما يمكن أن يشــكل محال
لبحث في علم االجتماع القانوني ،وفي كلمة واحدة فــإن وظيفــة القضــاء في المجتمــع تهــدف
فقط إلى إزالة العوارض التي تعترض التطبيق التلقائي للقاعدة القانونية ،و يترتب على ذلــك
إعطاء هذه القاعدة كامل فعاليتها .1
وإذا ما تركنا جانبــا مفهــوم الوظيفــة القضــائية بهــذا التحديــد و انتقلنا إلى البحث عن جــوهر
سلطة القضاء ،نجد أن القضاء ركن في قانونية النظام و انه ال قانون بال قاضي ،وهذا يعني
حسب رأي فقهاء القانون أن سلطة القضاء يقصد بها سلطة إزالة عــوارض النظــام القــانوني
التي تؤدي إلى عدم فعاليته ،بحيث يصـير عـاجزا عن تحقيـق أهدافـه و هـذه السـلطة تتـولى
السهر على كفالة فعالية القواعد القانونية.
ألن المشرع حين يصنع القواعد ال يتصورها وال ينشئها إال بقصد جعلهــا فعالــة أي صــالحة
إلشباع المصلحة الــتي يحميهــا ،وهـذا اإلشــباع يتم في األصــل عن طريــق النشــاط األصــيل
لألفراد ،و عند حصول عارض يحــول دون ذالــك يتــولى القاضــي أعمــال ســلطته القضــائية
إلزالة هذا العارض و التوصل إلى إعطاء القاعدة القانونية فعاليتها النموذجية .2
و مثال يوضح ذلك : كأن يصيب قائد سيارة أحد المارة ،القاعدة القانونية في هذا الصدّد أن
كل خطأ يسبب ضرر للغير يلزم مرتكبه بالتعويض.
فعالية هذه القاعدة يتمثل في تعويض المضرور من طرف المتسبب في إحداث الضرر ،وإذا
تم ذلــك تلقائيــا يقــال أن القــانون قــد تحققت فعاليتــه عن طريــق النشــاط األصــيل للمخــاطبين
بأحكامه، 3ومع ذلك قد يمتنـع محـدث الضـرر عن جـبر الضـرر و االنصـياع لحكم القـانون
ونظرا لعدم جواز القصاص الخاص ،فالبد من اللجوء إلى القضاء إلعــادة الفعاليــة للقاعــدة
التي أهدرت ألنه دون اللجوء للقضاء ال تتحقــق عــدم فعاليــة القــانون،و يظهر ذلك بوضــوح
عن عجز القاعدة القانونية أن تحقق نفسها بنفسها ،و عند طرح النزاع عن طريــق المطابقــة
بين الواقع و القانون ،وعن طريق إزالة العارض الذي حال دون حدوث المطابقــة تلقائيــا ،و
هكذا يحل القانون مشكلة عدم فعاليته بواسطة القضاء.و بناءا على ذلك فسلطة القضــاء هي
دالة على فعالية القانون عنـد تخلـف هـذه الفعاليـة بواسـطة النشـاط األصـيل لألفـراد ،نتيجـة
وجود عارض أدى إلى عدم الفعالية هذه ،أي أن جوهر سلطة القضاء هــو إعطــاء أو إعــادة
إعطاء الفعالية للقاعدة القانونية ،ويتم ذلك عن طريق نشاط القاضي الذي يتكون من العديــد
1
ـ د /وجدي راغب :النظرية العامة للعمل القضائي .ط 1974.ـ ص ـ92
5
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
من العمليات و المراحل الذهنية المعقدة ،1و الذي يعتمد على العديد من العناصر الواقعيــة و
القانونية التي تمر بعمليات التقدير القضائي و التكــييف القــانوني ،إلى أن ينتهي القاضــي في
ذلك بإزالة العارض الذي اعترض فعالية القانون .
و يتم تقرير ذلك بالعمــل القضــائي الــذي يصــدره القاضي ، 2فهـذه هي ســلطة القضــاء الــتي
يتمتع بها القاضي وهي تمارس من خالل الوظيفة القضائية للدّولة و يتم ترجمتهــا في العمــل
القضائي الصادر بتقرير فعالية القاعدة القانونية.
و عليه نطرح التساؤل التالي : ما مفهوم العمل القضائي ؟وما مفهوم العمــل الــوالئي؟وهــذا
ما سنجيب عليه من خالل النقاط التالية:
يعد العمل القضائي من أدق المسائل و اعقدها ،وقد اختلف الفقه حول تعريفه اختالفــا
شديدا ،وما يزال الخالف قائما حتى اليوم بين الفقــه و القضــاء ،وبـالرغم من اختالف اآلراء
و تعددها فهي ال تخرج عن احد االتجاهات الثالثة التي نتناولها 3في المعايير التالية:
يعرف العمل القضائي باالستناد إلى المعيار الشكلي إلى ضــرورة التمــيز بين الهيئـات
القضائية و الهيئات اإلداريـة ،ومن ثم بين العمـل القضـائي و العمـل اإلداري ،اسـتنادا إلى
المعيــار الشــكلي ،فــالنظر إلى صــفة العضــو أو الهيئــة الــتي تقــوم بالعمــل و اإلجــراءات و
األشكال المتبعة أمامها ،واالهتمام بالعالمات الشكلية التي تدل على صفة الهيئة ( قضائية أو
إدارية) كاستقالل الهيئة و عدم تبعيتها الرئاسية . 4
و قد وصف هذا المعيار بأنه عضوي على أساس انه يقوم بتحديد العضو أي ذلك الجزء
من جهاز الدّولة التي يصدر عندها العمل ،فان كان هذا العضو قضــائيا كـان عملــه قضــائيا
وان كان تنفيذيا كان العمل تنفيذيا أو إداريا.
1
ـ د /نبيل عمر :مرجع ســـــــــــابق ـ ص ـ52
2
ـأ /زودة عمر :اإلجراءات المدنية على ضوء أراء الفقهاء وأحكام القضاء ENCYCLOPEDIAـ ص ـ179
4ـ د /بدرخان عبد الحكيم إبراهيم:معاييرـ تعريف العمل القضائي من جهة القانون العام.ديوان المطبوعات الجامعية ـالجزائرـ ص15
6
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
ولم يسلم هذا المعيار من النقد بل تعرض للكثير من المآخذ و االنتقادات ،مما دفــع
جانبــا من الفقــه الفرنســي إلى البحث عن معــايير بديلــة لــه بســبب إهمــال المعيــار العضــوي
للطبيعة الذاتية للعمل القانوني . 1
كما أن األخذ بهذا المعيار في تعريف العمل القضائي على أساس االستقاللية و عــدم
التبعية ،فان هناك هيئات إدارية أخـرى تتمتـع باالسـتقاللية و ال تخضـع في عملهـا إلى أيـة
سلطة رئاسية ،و مع ذلك ال تقــوم بأعمــال قضــائية مثــل لجــان االمتحانــات ،كمــا أن نفس
السلطة – رغم استقاللها -قــد تقــوم بأعمــال ال تــدخل في وظيفتهــا األصــلية ،مثــل الجهــات
اإلدارية ذات االختصاص القضائي ،كمــا أن المحــاكم هي األخــرى كثــيرا مــا تقــوم بأعمــال
إدارية ،كتحديد مواعيد الجلسات و توزيع القضــايا على األقســام المختلفــة فهـذه األعمــال ال
تعد أعماال قضائية رغم صدورها من هيئة قضائية ،و لذلك ال يصلح ه ـذا المعيــار لتعريــف
2.العمل القضائي لعدم دقته
ـ و يرى جانب من الفقه كالفقيه الفرنسي : دي مالبير لتفرقة العمل القضائي عن غيره
من األعمال القانونية في الدّولة ينحصر في مصدر العمل ،فإذا كان مصــدره هيئــة قضــائية
اعتبر عمال قضائيا ،أما إذا كانت إحدى السلطات اإلداريــة أو التنفيذيــة هي المصــدر الــذي
يستمد منه هذا العمل وجوده كان عمال إداريا .3
و السلطة أو الجهة التي يصدر منها العمل تكون قضائية إذا كانت مشكلة على هيئة محكمــة
أي من قضاة عموميين ،تتــوفر فيهم الضــمانات الــتي يقررهــا القــانون الســتقالل و حيــاد و
حصــانة القضــاة ،وقــد أضــيف إلى المعيــار العضــوي عنصــر تبعي أو تكميلي يتلخص في
وجوب صدور العمل تبعا لإلجراءات و األشكال والمظاهر الخارجية التي يتطلبها القانون.
وال يعترف هذا المعيار بالصفة القضائية لعمل ما ،بمجــرد أن التصــرفـ منصــب على
مسألة قانونية متنازع عليها أو غير متنازع عليها وإنما يلزم لكي يضفي عليه هذه الصفة أن
يصــدر من هيئــة لهــا وضــع خــاص ،و إجــراءات محدّدة تحكم نشــاطها إجــراءات معينة
فقواعد تنظيم الهيئة القضائية بما تكفلــه للقضــاء من حريــة و اســتقالل تــبرر القيمــة الممــيزة
لقراراتها ،كمــا أن انطــواء األشــكال و اإلجــراءات الــتي تــؤدي بهــا هــذه القــراراتـ على
الضمانات التي تكفل إظهار الحقيقة و تؤمن الحياد مما يقتضي الثقة بها.
وإذا كان المعيار العضوي أو الشكلي يتمتع بمزايا عديـدة مؤهلـة كي يصـبح معيـارا
جــديرا يؤخــذ بــه في مجــال التميــيز بين األعمــال القانونيــة عموما ،والتميــيز بين الحكم
1ـ د/بدرخان عبد الحكيم إبراهيم:المرجع نفسه.ص47
2
ـ أ/زودة عمر/اإلجراءات المدنية على ضوء أراء الفقهاء و أحكام القضاءـencyclopediaـص180
7
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
القضائي و القرار اإلداري خصوصا ،فقد اتضح لنا مما سبق عرضه ،الصعوبات النظريــة
و العملية التي حالت دون أن يصـادف هـذا المعيــار النجـاح التـام في مجـال العمـل ،وانتقـد
المعيــار من الناحيــة العمليــة على أساســين أولهمــا أن المحــاكم ال تقتصــر في نشــاطها على
إصدار األعمال القضائية بل أن جزءا من أعمالهـا توصـف بأنهــا أعمــاال والئيــة ليسـت لهـا
صفة األحكام ،و يميل البعض إلى تعريف العمل القضائي بأنه ذلك العمل الذي يتميز ببعض
اإلجراءات و األشكال الخارجية التي تكفل له الفعالية الالزمة لترتيب قــوة الحقيقــة القانوني ـة
، 1ويرى هذا االتجاه انه يمكن للحكم القضائي أن يختلط – من الناحية الموضوعية -بالعمــل
التشريعي من ناحية ،بالعمل القضائي من ناحية أخرى ،فإذا خلق القاضــي حال جديــدا غــير
موجود في مصادر القانون فعمله هذا يعد من قبيل العمل التشريعي أمــا إذا اقتصــر القاضــي
على تطبيق القانون فيعد عمله من قبيل العمل اإلداري ،و الذي يسمح لنا بالتمييز بين العمــل
القضائي و العمل اإلداري هو المعيار الشكلي ،فإذا كان القضــاء يهــدف إلى تطــبيق القــانون
فهو ال يختلف في هذه الحالة عن اإلدارة ،و لكن طريقة تقرير القانون هي التي تميز العمل
القضائي عن اإلداري إذ يتطلب العمل القضائي إتباع األشكال التي تكفل له الفعاليـة فيصــدر
وهو خال من أي تحكم مما يبعث فيه الثقة .2
ومن اجــل أن يحــوز العمــل القضــائي قــوة الحقيقــة القانونية ،فالبــد أن تتــوافر فيــه بعض
المظاهر و األشكال الخارجية مثل : علنية الجلسات ،مبدأ المواجهة بين الخصوم ،و التزام
تســـبيب األحكـــام القضـــائية ،ونظـــام التقاضـــي على درجـــتين ونظـــام تبـــادل و إعالن
األوراق...إلخـ
و العمل القضائي ال يختلف عن العمل اإلداري إال من حيث اختالف الهيئة الــتي تقــوم بــه و
األشكال التي تخضع لها .3
ـ لقد واجه هذا االتجاه اعتراضا كبيرا من طرف الفقهاء ،وذلك لعدم اعتماده كمعيار
وحيــد لتميــيز العمــل القضــائي عن غــيره من األعمــال القانونيــة األخــرى ،على أســاس أن
المظاهر و األشكال اإلجرائية ال يستقل بها العمل القضــائي وحــده بــل هنــاك أعمــال إداريــة
أخــرى تصــدر وفــق اإلجــراءات و األشــكال اإلجرائيــة ،كــالقرارات اإلداريــة التأديبيــة
وقرارات نزع الملكيـة للمنفعـة العامة، 4و من ناحيـة أخـرى تلـتزم اإلدارة بإتبـاع األوضـاع
8
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
إن األمر المسلم به أن للمعيار الشكلي أهمية كبيرة في التمييز بين األعمال القانونية وعلى
األخص فيما يتعلق بــالتمييز بين الحكم القضــائي و القــرار اإلداري ،إال انــه لم يكن معيــارا
كافيـــا و حاســـما في مجـــال التميـــيز بين العملين المتقـــدمين ( القـــرار القضـــائي والقـــرار
اإلداري) ،و قد تناولنا أيضا ما تعرض له هذا المعيار من انتقــادات نظريــة و منطقيــة و مــا
واجهه من مصاعب في التطبيق العملي حال دون نجاحه أو االعتماد عليه كليا .
ـ لذلك اتجه التفكير صوب دراسة العمل القانوني ذاته وما يولده من أثار قانونية بصرف
النظر عن السلطة التي أصدرته ،لكن اختلفت هذه االتجاهات فيما بينها ،فيرى البعض منهم
أن تحديــد العمــل القضــائي يجب أن ينطلــق من العناصــر المكونــة لــه ،ويؤكــد أن العمــل
القضائي عمل مركب ينطوي على حل المسـالة القانونيـة الـتي تعـرض على القاضـي فيقـوم
هذا بتقرير مخالفة القانون التي يدعيها الفرد أمامه ، 3و العمل القضائي حسب ه ـذه النظريــة
عبارة عن عملية ذهنية مبناها المنطق الذي يتكون من العناصر التالية : 4
1
ـ ا /زودة عمر .الرجع السابق ص190
9
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
يرى ديجي أن العناصر التي تكوّن العمل القضائي لوحدها إذ أن هذا العمل يفــترض
وجود ادعاء بمخالفة القــانون prétentionوال يهم من أي جهــة يــأتي االدعــاء كمــا ال يهم
شخص المدعي فقد يكــون فــردا عاديــا أو موظفــا عاما ،و أحيانــا يتــدخل القاضي 1من تلقــاء
نفسه حين يظهر له وجود مخالفة قانونية يجب عليه إزالتها لمصلحة النظام العام و لتحقيــق
العدالة في المجتمع ،و ينصب االدعاء على وجود عمل أو مركــز مخــالف للقــانون ،و هــذا
االعتداء الذي وقع على النظام القانوني هي نقطة البدايــة في العمــل القضــائي والمتمثــل في
طرح مسألة قانونية يثيرها االدعاء ويطلب من القاضي حلها .
ويرى دوجى أنه ليس الزما وجود نزاع بـل يكفى وجـود ادعـاء بمخالفـة القـانون حـتى وإن
كان في الغالب تدخل القاضي لفض نزاع قائم بين الطرفين متقابلين
ويقرر دوجى أن القضاء يوجد كلمــا ادعت إرادة بــأن عمال مــا أو امتناعــا عن عمــل جــاء
مخالفا للقانون ،وتطلب هذه اإلرادة من الموظف العام المختص حــل هـذه المسـألة القانونيــة
أي مسألة االدعاء بمخالفة القانون.
ويأتي بعد ذلك فحص هذا االدعاء والتعرف على الوقائع لغرض الوصــول إلى النتيجــة
المتمثلــة في تقرير الحــق وإســناده لصــاحبه وهـذه العمليــة تخضــع أساســا للمنطــق والقاعــدة
القانونية والوقائع التي تثبت لدى الموظف العام المختص ( القاضي ) وهنا القاضــي يتحقــق
ويتأكد فيما إذا كان االدعاء بمخالفة القانون قائما على أساس صــحيح من الوقــائع و القــانون
من عدمه .والتأكد فيما إذا كان العمل أو المركز المدعى بمخالفتــه للقــانون مخــالف للقــانون
فعال أم ال ،و يتعين بعد ذلك أن يرتب النتائج التي يحتّمها حل المسألة القانونيــة المعروضــة
أمامه (التقرير) .2
و بمفهوم المخالفة إن القاضي ال يتدخل لحل مسألة قانونية معروضــة عليــه وإذا كــان
عمله ال يهدف إلى التحقق من اإلدعاء المعــروض عليــه بوجــود مخالفــة للقــانون ال يعــد من
قبيل العمل القضائي.
تتكون القاعدة القانونية من عنصرين :عنصر المفترض وعنصر األثر ويتكون عنصر
المفترض من مجموع العناصر المكونة لنموذج ما ،فإذا حدث نزاع بين األفراد بشأن أعمال
القاعدة القانونية فيقوم الثاني بإجراء عملية التطابق بين مجموعة العناصر الواقعية من جهــة
1
ـ د /بدر خان عبد الحكيم إبراهيم.نفس المرجع:ص90
2
ـأ /زودة عمر .مرجع سابق :ص182
10
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
وبين مفــترض القاعــدة القانونية. 1الـذي هــو عبـارة عن النمـوذج التشــريعي المجـود داخــل
مفترض القاعدة القانونيــة من جهــة أخــرى ،فــإذا وجــد أن هنــاك تطابقــا كــامال بين مجمــوع
الوقائع وبين مفترض القاعدة القانونية فيكون بهذا قــد عمــل التكييف القــانوني وينتهي ب ـذالك
إلى الحــل ويطلــق عليــه التقريــر أو المعاينــة ،عندئــذ يقــوم القاضــي بــالتحقيق من اإلدعــاء
المعروض عليه إلثبات مـدى مطابقتـه للقـانون أو مخالفتــه بإعطــاء الحل ،ويؤكـد أن الحـل
الذي يصل إليه القاضي يتمتع بقوة الحقيقة القانونية .
يقرر دوجي أنه لو توقفت الوظيفة عند حل المسألة القانونية فلن تكون وظيفة ذات طابع
إن مهمة القاضي تنطوي على إجــراء قانوني ألنها ال تتضمن في هذه الحالة أعماال قانونية ّ ،
آخر بعد أن يحل المسألة القانونية وهذا اإلجراء هو القرار la décisionإنــه عبــارة عن
عمل قانوني شرطي أو ذاتي يهدف إلي تحقيق الحل الذي انتهى إليه القاضي و يتحدد به
فالقرار حسب رأيه هو عبارة عن عمل إرادي يخرج الحل القانوني إلى حيز الوجود و يأتي
مضــمون القــرار كنتيجــة منطقيــة و حتميــة للتقرير ،و هنــا تبــدأ إرادة القاضــي في الظهــور
بوضوح إذ يقرن بقرار يصــدره مرتبــا النتــائج الــتي توصــل إليهــا في المرحلــة الــتي ســبقت
إصدار القرار ( التقرير).
و هكـــذا نـــرى انـــه طبقـــا لـــرأي العالمـــة (دوجي) فـــان الـــذي يكـــون العمليـــة القضـــائية
و هو القرار الذي يقضي بإعادة القانون إلى الحالة l’opération juridictionnelle
التي يجب أن يكون عليها هذا النظام وهو قرار خــاص بتقريــر خــاص يجب أن يكــون عليــه
النظام القانوني .2
وعلى هذا األساس فان العمل القضائي الذي يكتفي بالتقرير ال يكون عمال قانونيا ألنه ال يعد
أن يكون رأي أو اقتراح أو وجهة نظر غير ملزم ،و إنما يصبح العمل كذلك بفضل القرار .
وإذا كان القرار بهذه الحالة يعد عنصرا ضروريا إال انه ال يعد عنصرا أصليا أو أساسيا في
العمل القضائي.
يستند في ذلك على أساس : االرتباط المنطقي بين التقرير و القرار .3
11
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
وينبغي أن نالحظ أنه إذا كان دوجي قد أعطى األولوية للتقرير في العمــل القضــائي و قلص
من دور القرار ،إلى ما هو ثانوي و تبعي ،فإنه يرى مع ذالك أن القرار ال يندمج في العمــل
القضائي فحسب و إنما يكـون عنصـرا ضـروريا لـه ،و سـبق أن ذكرنـا أن مـا يمـيز العمـل
القضائي هو أن القاضي ليس حرا في اتخاذ هذا القرار أو ذاك ،بل إنــه مرتبــط بــالمنطق ،و
يجب أن يكون القرار الذي يتخذه هو النتيجة الضروريةـ و المنطقية للحل الذي قرره للمسألة
القانونية ،و إذا كــان األمــر كــذلك ،فــإن التقريــر ال يحــدث بنفســه أي تعــديل في النظــام
القانوني ،ألنه يقتصر على اإلجابة بكل ما يتعلق باالدعــاء المرفــوع أمــام القاضــي ،فــالقرار
هو وحده الذي يستطيع أن يترك أثرا في النظام القانوني.
و يظهر تطبيق القاعدة القانونية على حالة محدّدة تبرز في شكل القرار و يرى دوجي أن
العمل القضائي – بحسب أصله -يقتصر على التقرير أي على المعاينة أما القرار فهو عمــل
إداري .1و الدّليل على أنه ينشىء مركزا قانونيا جديدا أو حقا جديدا ،كالحق في التعــويض
وهذا الحق ينشأ مباشرة عن القرار الذي يعد عمال إداريا ،كما سبق ذكره و لكنه يتحــول إلى
عمل قضائي عندما يندمج في التقرير .2
ـ غير أن هذه النظرية و إن كان يرجع إليها الفضل في لفت االنتباه إلى أهمية البحث في
العناصر األساسية التي يتكون منها العمل القانوني ـ كما يؤكد عليه الفقه ـ إال أن الحل الــذي
أتت به عسير المنال ،إذ يصعب تحديد مقومات العمل القانوني بهذه الطريقة الذهنية المحدّدة
.كمــا أن هــذه الطريقــة تقــوم بتقســيم العمــل القضــائي إلى أجــزاء ،و تعتــبر الجــزء الخــاص
بالتقرير من طبيعة قضائية ،وهــو الــذي يتمتــع بقــوة الحقيقــة القانونيــة .بينمــا تعتــبر الجــزء
الخاص بالقرار من طبيعة إدارية ،و ترى أن القرار عنــدما ينــدمج في التقريــر يتحــول إلى
عمل قضائي ،لكنها لم تبين لنا كيف تتم عملية التحول .3
وقد اتجه جانب من الفقه إلى اعتمــاد فكــرة حســم الــنزاع لتمــيز العمــل القضــائي عن العمــل
اإلداري ،حيث يرى أن العمل الذي ال يتضمن حسم النزاع فإنه ال يعد عمال قضــائيا ذلــك
أن القاعدة القانونية تحل النزاع تلقائيا بين األفراد دون ما حاجة إلى تــدخل القضــاء غــير أن
التطبيق التلقائي للقاعدة القانونية ،قد يثير نزاعا حول تطـابق المركـز الـواقعي مـع المركـز
القانوني ،مما يستوجب تدخل القضاء لحل هذا الــنزاع على اعتبــار أن القصــاص الخــاص
واقتضاء الفرد حقه بنفسه باعتماده على قوته الشخصية أو القبلية قــد اختفى في المجتمعــات
المتمدنــة وحلت الــدعوة القضــائية محــل القصــاص الخــاص ،فيقــوم القاضــي بحــل الــنزاع
12
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
بالرجوع إلى القاعدة القانونية ويرى أن الــنزاع هــو هــدف العمــل القضــائي وأساســه وســببه
المباشر فال مبرر لتدخل القضاء حيث ال يوجد نزاع فإذا تــدخل القضــاء مــع غيــاب الــنزاع
فإن القرار الذي يصدره يكون مجردا من حجية الشيء المقضي به ،1إذا قام القاضي بعمــل
ال يتضمن حسما للنزاع فإن عمله هنا ال يمكن إدراجه ضمن األعمال القضائية ،وال يجــوز
وصفه بالعمل القضائي بل يجب البحث له عن وصف آخر يتطابق مع حقيقته .
ـ وهناك من الفقهاء من اعترض عليه ،ذلك انه في بعض األحيان قد يصــدر حكمــا دون
وجود نزاع مثل الحكم الذي يصـدر بعــد حضــور المـدعى عليــه و تســليمه بجميــع المطـالب
المدعى بها عليه دون منازعة ،أو الحكم الغيابي مع ذلك تعتبر هذه األحكام أحكامــا قضــائية
.2
غير أن هذه االعتراضاتـ مردود عليها – كما يؤكد بعض من الفقه – ذلك أن مفهوم النزاع
لم يعد كما كان عليه الحال في القانون الرومــاني الــذي يصــور المنازعــة على أنهــا مقاومــة
فعلية أمام القضاء ،أما التشريعات الحديثة فال تشترط في النزاع أن يقع في شكل معارضــة
لصاحب الحق ،بل تشترط فيــه مجــرد قيــام شــك حــول مركــز الخصــم ،دون أن يصــل إلى
مقاومة فعلية ،فإذا امتنع المدين عن الوفاء بالدين بعد حلول األجل فهذا يكفي لقيام المنازعة
و ال يهم بعد ذلك أن يسلم المدين بجميع مطالب الــدائن دون أن ينــازع فيهــا إذا حضــر أمــام
القضاء .3
غير أنه يبقى معيار النزاع عنصر جوهري ال يمكن االستغناء عنــه لتميــيز العمــل القضــائي
عن غيره من األعمال األخــرى ،إال انــه ال يكفي لوحــده بــل يجب أن يضــاف إليــه المعيــار
الشكلي.
13
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
الف ـرع الـثاني :السل ـطة الوالئ ـية التي يتمت ـع بـها القاض ـي
ففي هذا الفرع ال ندرس نظرية األعمال الوالئية ،والتي تعتبر األوامر على العرائض
احد تطبيقاتها ،وإنما ندرس ماهية و جوهر سلطة القاضي الوالئية في ذاتها.
1
ـ أ /زودة عمر .نفس المرجع:ص187
14
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
يجمع الفقه على أن سلطة القاضي الوالئية ينتابها غمــوض مســتمد من ذلــك الــذي يحيــط
بفكرة القضاء الوالئي و فكرة األعمال الوالئية وال يمكن الجزم بوجود اتفاق بين الفقهــاء
على رأي واحد أو رأي متجانس بالنسبة لهذه األفكار .
فمن الفقهاء من يرى إن فكرة القضاء الوالئي ترجع إلى القــانون الرومــاني الــذي كــان
يعتبر أن العمل الوالئي هو عمل ذو طبيعة توثيقية .1
ثم ظهر تعبير القضــاء الــوالئي في ظــل القــانون الكنســي و كــان يقصــد بــه الداللــة على
السلطات الروحية و شبه الروحية التي يمارسها رجال الدين على األفراد مما مــيزه على
قضاء المنازعات .2
وإبان القرون الوسطى صار التوثيق في فرنسا وايطاليا من اختصاص الموثقين وتشكلت
فكرة القضاء الوالئي بأنه النشاط الذي يباشره القاضــي دون وجــود نــزاع أو خصــومة ،
بمعنى أن هذا القضــاء يتم في مواجهــة شــخص أو أشــخاص متفقين فيمــا بينهم .3و ذهب
البعض اآلخر من الفقه إلى القول أن هناك حاالت تقتضــي الضــرورة فيهــا االلتجــاء إلى
القاضي ، 4ال لحسم نزاع قائم وإنما التخاذ تدابير معينة و قـد يسـتهدف من هـذه التـدابير
المحافظة على الحق أو على ضــماناته و منهــا مــا قـد يقصــد إلى تأكيــد الحــق أو إقــراره
سواء كان ثمة نزاع قائم بالفعل أو كان النزاع على وشك الحصول بل حــتى ولــو لم يكن
هناك نزاع أو احتمال لقيام نــزاع في جميــع هــذه الحــاالت يلجـأ األشــخاص التخــاذ هــذه
التدابير ، 5وســبب اللجــوء إلى القضــاء يرجــع إلى أن األفــراد محــرومين بــأمر المشــرع
من اتخاذهم بأنفسهم وللحصول على هذه التدبير منح المشرع سلطة األمر بهذه التــدبير
بناء على طلب األفراد الن إلزام األفراد باالنتظار حتى الفصل النهائي في منازعات من
الناحية الموضوعية قد يعرض حقوقهم للضياع أو يفقدهم ضمانات حقــوقهم وال شــك أن
هـذه المــبررات هي الــتي أدت إلى منح القضــاء ســلطة اتخــاذ هـذه التــدبير كمــا أن هـذه
المبررات عينها هي التي أدت بالسماح لألفراد باللجوء إلى القضــاء لطلب تــدابير وقتيــة
لحماية الحقوق.
وجمهور الشراح متفــق على أن القضــاء هــو المختص بإصــدار األوامــر القضــائية الــتي
تسمح لألفراد باتخــاذ التــدبير الوقتيــة المالئمــة ولكن الخالف ينصــب على تحديــد ســلطة
1
ـ د /أحمد أبو الوفا:أصول المحاكمات المدنية /دار الجامعية للطباعة والنشر.ط-1983.ص663
2ـ د/نبيل إسماعيل عمر :األوامر على عرائض ونظامهاـ القانوني /دار الجامعية الجديدة ـ ط ـ 2008ص 21
15
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
القاضي التي يستند إليها في إصدار هذه األوامر ،هل هي سلطته القضائية ؟ يجمع الفقه
على أن القاضي في إصدارهـ لهذه األوامر التي تهدف اتخــاذ تــدابير وقتيــة ال يســتند على
سلطته القضائية الن القضاء هو حســم للمنازعــة وهنــا ال توجــد منازعــة بنــاء على ذلــك
يتفق الفقه على أن هذه الســلطة هي الســلطة الوالئيــة وهى من طبيعــة الســلطة القضــائية
ألنها تهدف إلى المحافظة على وضع معين .1
أي أن السلطة الوالئية يعترف بها المشرع على أساس أن هناك مراكز قانونية معينة قــد
يصادفها عقبات أو تتعطل فعاليتها ومع ذلك المشرع جعل عدم جواز حل هذه المشــاكل
عن طريق اإلرادة الذاتية ألصحاب الشأن ،بـل البـد من صـدور أمـر بـذلك من القاضـي
إعماال لسلطته الوالئية.
لقد سبق و أن عرفنا أن القاضي يتمتع بالسلطة الوالئية إضافة إلى اختصاصـه األصـيل
المنبثــق من وظيفتــه القضــائية.أيـ لــه ســلطة إصــدار أوامــر ملزمــة ،وذلــك من خالل
عريضة تقدم إليــه ،يــبين فيهــا طــالب استصــدار األمــر طلباتــه و يرفــق بهــا المســتندات
المؤيدة لها و ينظرها القاضي دون دعوة الشخص المطلوب صدور األمــر في مواجهتــه
للحضور أمامه الن األصل أن األعمال الوالئية تتضمن نزاعا ،وال تنطوي على خصام.
لتعريف العمل الوالئي يجب البحث عن المعيــار الــذي يمكن على ضــوئه تعريــف
العمل الوالئي.
يرى جانب من الفقه أن العمل الذي يقوم به القاضي يعتبر عمال والئيا إذا صدر
بناءا على العريضة و دون تكليف الخصم بالحضور.
إن هذا المعيار ال يصلح لتعريف العمل الوالئي و كذا تميزه عن العمل ال قضائي،
ذلك أن صدور األمر في شكل أمر على عريضة ال يتوقف على األعمال الوالئية وحدها
فهناك أعمال قضائية تصدر بناءا على أمر على عريضة كأمر األداء .2
كما أن تكليــف الخصــم بالحضــور ال يعتــبر معيــارا لتحديــد طبيعــة العمــل الــوالئي ،فقــد
يشترط في بعض األحيان إلصدار العمل الوالئي أن يعلن الطرف اآلخر كما هــو الشــأن
بالنسبة لتسليم النسخة التنفيذية الثانية في حالة ضياع النسخة التنفيذيــة األولى طبقــا لنص
1ـ د /نبيل إسماعيل عمر :المرجع نفسه ـ ص ـ23
16
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
المــادة 322من قــانون اإلجــراءات المدنيــة و تقابلهــا المــادة 603من قــانون اإلجــراءات
المدنية و اإلدارية الجديد رقم .09-08
ـ كما أن األعمال الوالئيــة الــتي تصــدر بنــاءا على عريضــة تعــد نوعــا من الأعمــال
الوالئية و لكنها ال تستغرق كل األعمال الوالئية .1
إن المعيــار الشــكلي معيــار قاصــر في تعريــف العمــل الــوالئي .بحيث يغفــل الجــانب
الجوهري له .و طبيعته الذاتية و يستعين بالعنصر الخارجي.
اتجه بعض الفقه إلى تعريف العمل الوالئي على أنه عمل منشئ ،يرمي إلى إنشــاء مراكــز
قانونية جديدة فهو دائما ذو أثر منشئ بينما العمل القضائي محله رابطة قانونية سابقة .2
إذ أن إرادة األفراد وحدها ال تستطيع تكوين مراكز قانونية إال بتدخل الدولة ،و لذلك تكــون
اإلرادة عاجزة عن تحقيق هذا األثر إال بمشاركة الدولة بنشاطها إلى جانب األفراد أصــحاب
المصلحة في إنشاء مراكز قانونية وعمل الدولة هنا عمل والئي .3
ال يمكن االعتماد على هذه النظرية إلعطاء تعريف شامل للعمل الـوالئي بحيث انــه ليســت
كل األعمال الوالئية تهدف إلى إنشاء مراكز قانونية جديدة بل هناك أعماال تقريريــة ،مثــل:
األمر بتسجيل عقد الزواج ،كما أن هناك من األعمال القضائية ،ما يعتبر من قبيل األعمــال
المنشئة ،مثل الحكم بشهر اإلفالس أو بفسخ العقد و حل الشــركة و هي أحكــام ،كمــا يؤكــد
نفس الفقــه على أنهــا أحكــام منشــئة ،وعلى هــذا ال يمكن االعتمــاد على هــذا المعيــار وحــده
لتعريف العمل الوالئي .
يعتنق اتجاه من الفقه و القضاء فكرة عدم وجود النزاع ،فيرى أن العمل الوالئي هو الذي
يصدر من القاضي دون أن يكون هناك نزاع بين الطرفين ، 4ذلك أننا نجــد أن القاضــي في
العمل الوالئي ال يتدخل إال إلزالة العقبة القانونية التي وضعها المشرع أمــام إرادة األفــراد ،
1ـ أ /زودة عمر :المرجع نفسه ـ ص ـ200
2
ـ د /فتحي والي :نظرية البطالن في قانون المرافعات/منشأ المعارف باإلسكندرية ط ـ سنة 1959ـ ص ـ30
17
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
فهـو ال يواجــه نزاعــا ناشــئا عن تطـبيق القاعــدة القانونيــة .بحيث أن إرادة األفــراد في هـذه
الحالة قد تم تجريدها بواسطة القانون ذاته وليس من صالحيتها إحداث أثار قانونيــة معينة .
و ربط توليد هــذه اآلثــار أو كمــال فعاليتهــا بضــرورة صــدور أمــر من القاضــي بنــاءا على
سلطة أخرى غير سلطة القضاء و هي السلطة الوالئية .1
رغم أن المبــدأ في القــوانين الحديثــة هــو ســلطان اإلرادة الحــرة ،أي صــالحية هــذه اإلرادة
بذاتها لتوليد كافة اآلثار المرغوبة ،و إبرام كافة التصرفات في نطاق القانون و الشريعة إال
أن المشرع إلعتبارات يراها يجرد اإلرادة الفردية من هذه الصالحية .
فالقاضي في إطار وظيفته الوالئية يتدخل إلزالة العقبة القانونية التي وضعها المشرع والــتي
شلت إرادة األفراد و جعلتها غير قادرة على إنتاج األثر القانوني.
فالملكية تتمتع بالحماية القانونية ،و تتمثل هذه الحماية في احترام الكلي لهذه الملكية و عــدم
االعتداء عليها ،و هذا هو التطبيق التلقائي للقاعدة القانونية. 2
غير انه قد يقع اعتداء على حق الملكية و هذا االعتـداء يشــكل العقبــة الماديــة ،األمــر الــذي
ينشئ الحاجة إلى إزالتها ،و بما أن الفرد محضور عليه أن يأخـذ حقـه بيـده ،وال يسـتطيع
أن يتدخل بنفسه إلزالة هذه العقبة ،لأن الدّولة هي التي تتدخل إلزالتها .و عمــل الدولــة هنــا
عمل قضائي في حين أن النشاط الذي يضطلع به القاضي في إطار وظيفته الوالئيــة إذ يقــوم
بإزالة العقبة القانونية التي وضعها المشرع و التي قيدت إرادة األفراد و جعلتها غــير قــادرة
على إنتــاج األثــر القــانوني ،بــل البــد من صــدور أمــر بــذلك من القاضــي أعمــاال بوظيفتــه
الوالئية للحصول على تدابير 3بناءا على طلب األفراد ،الن إلـزام األفـراد باالنتظـار حـتى
الفصل النهائي في منازعات من الناحية الموضوعية قد يعرض حقــوقهم للضــياع أو يفقــدهم
ضمانات حقوقهم مثال ذلــك حجـز مــا للمــدين لــدى الغــير أو الحجــز التحفظي و غيرهــا من
التدابير المؤقتة،و للتمييز بين العمل الوالئي و العمل القضائي يجب أن ينصب المعيــار على
طبيعة العقبة ،فــإذا كــانت من خلــق األفــراد و نشــأت عن عــدم فعاليــة القاعــدة القانونيــة في
الحياة االجتماعية فان العمل الذي يهــدف إلى إزالتهــا عمــل قضــائي .بينمــا إذا كــانت العقبــة
ليست من خلق األفراد و غير ناجمة عن عدم فعالية القاعدة القانونية ،و إنما كانت من خلق
المشرع نفسه ،حيث تعتبر اإلرادة عاجزة عن ترتيب األثــر القــانوني فهنــا البــد من اللجــوء
إلى القضاء لإزالتها ،الن العمل الذي يهدف إلى إزالة هذه العقبة هــو عمــل والئي ،و عليــه
نخلص إلى تعريف العمل الوالئي الذي يهدف إلى إعادة الفعالية لإلرادة بسبب وجـود العقبـة
18
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
القانونية ،و حتى يمكن لإلرادة أن تنطلــق من جديــد لــترتيب األثــر القــانوني فالبــد أن يزيــل
القاضي هذه العقبة من أمامه .1
رغم صعوبة حصر األعمال الوالئية نظرا لتعددها و تنوعهـا إال إن اغلب الفقـه يتفـق
على تقسيم األعمال الوالئية إلى ثالثة أصول و هي كاألتي:
حيث ينصب عمل القاضي على إثبات ما تم أمامه من تصــرف أو إجــراء ،أو يكــون عملــه
تصديقا على تصرف تم خارج مجلس القضــاء ثم يتم عرضــه عليــه ليفحصــه لمعرفــة مــدى
مطابقته للقانون .2
مثل التصديق على العقود التوثيقية طبقا للمادة 20من قانون التوثيق .على انــه في حالــة مــا
إذا أراد شخص أن يعــرض أحــدها على الســلطات األجنبيــة فانــه يتعين عليــه عرضــها أمــام
رئيس المحكمة ،التي توجد بدائرتها مكتب الموثق للتصديق عليها ما لم توجد اتفاقيات دولية
تنص على خالف ذلك.
ـ تشمل األعمال الرامية إلى إزالة عائق يحول بين صاحب الشــأن فيمنعــه من اتخــاذ
إجراء أو إبرام تصرف فيلجأ إلى القضاء ليصرح له بــذلك ،كــترخيص بــبيع أمــوال قاصــر
اإلعفاء من شرط السن في الزواج طبقـا لمـا يقضـي بـه قـانون األسـرة ،الترشـيد لممارسـة
التجارة......,.الخ
و يشمل الأعمال التي يقوم بها القاضي و التي تهدف إلى مراقبة بعض التصرفات أو ضــبط
المســائل ،األمــر الــذي يــؤدي إلى التحقيــق من ســالمتها و مطابقتهــا للقــانون مثــل مراقبــة
األوصياء و األولياء لضمان حماية ناقص األهلية و عديمها .3
19
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
وال تندرج أعمــال اإلدارة القضــائية ضــمن األعمــال الوالئيــة تلــك األعمــال الخاصــة بتنظيم
العمل داخل المحكمة ،كضبط الجلسات ،و توزيع القضايا على الجدول ،و الإشــراف على
الموظفين...الخ.
ـ ثار جدل كبــير بين الفقهــاء حــول تحديــد الطبيعــة القانونيــة للســلطة الوالئيــة للقضــاء فى
إصدار األمر على عريضــة ،فبعض الفقهــاء يــرى أنهـا ذات طبيعــة إداريـة محضـة وبعض
الفقه يرى أنها من طبيعة قضائية محضة ،وفريق ثالث يرى أنها من طبيعة مختلطة ونعــالج
هذا المطلب في ثالث نقاط أساسية :
أوال :السـلطة الوالئـية للقاضي في اصدارـ األوامر على العرائض ذات طبـيعة إداريـة
يعتقد جانب من الفقه المدافع عن هذه النظرية أن القاضي ما هو إال موظــف من
موظفي الدولة العـامين يتخـذ من التـدابير اإلداريـة مـا يتالءم مـع وظيفتـه ،باعتبـاره قاضـيا
يتمتع باالستقالل و الحيدة والحصانة ،1وتلــك التــدابير الــتي تتجسـد في شــكل األوامــر على
العرائض فهي في حقيقتها وطبيعتها أعمال إدارية ،ال تخضع للنظام القــانوني الــذي تخضــع
له األعمال القضائية ،وإنما تخضع للنظام القانوني الذي تخضع له الأعمال اإلدارية
ـ وحجة هذا الفريق من الفقهاء أن أعمال السلطة الوالئية ال تخضع لطــرق الطعن الــتي
تخضع لها األحكام القضائية،وال تتمتع بالحجية التي تتمتع بها األحكام القضــائية ،كمــا انــه
يجوز رفع الدعوى األصلية بطلب بطالن األوامر على العرائض .2
ولم يسلم هذا الرأي من النقد بمقولة أن القاضي حينمــا يصــدر األمــر على العريضــة ال
يتوخى تحقيق مصلحة عامة كما تتوخاها القرارات اإلدارية المحضة ،كما أن القاضي حينما
يصدر األوامر على العرائض ال ينصاع إلى أمر إداري أعلي وإنما يخضع للقانون مباشرة
وفق ما يمليه عليه ضميره ووحي القانون .
ثانـ ـ ـيا :أعـ ـ ـمال الـحمايـ ـة القـضـ ـائية الوالئـ ـية هـ ـي ذات طـ ـبيعة قضائـ ـية ـ إن الفريق القائل بهذا
الــرأي يــرى انــه ال يوجــد خالف جــوهري بين أعمــال الحمايــة القضــائية الوالئيــة للحقــوق
واألعمال القضائية ،فهي كلها أعمال قضائية كأساس عام
1
ـ د/محمد زهدور :األوامر على العرائض وفقا لقانون اإلجراءات المدنية .ـ ص ـ 13ـ
2
ـ د /محمود السيد التحيوي :أوامر األداء وفقا لقانون المرافعات المدنية و التجارية /دار الفكر الجامعي ـ ط ـ . 2003ص 45
20
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
وال يمكن أن يوصف القاضي عند إصــدارهـ األمــر على عريضــة بــالموظف اإلداري الــذي
يباشر تسيير اإلدارة والذي يصدر األوامر اإلدارية لتسييرها .1
أضف إلى هذا أن هناك قواسم مشتركة بين األعمال القضائية والسلطة الوالئية للقاضــي في
إصــدار األوامــر على العــرائض ،فهــذه القواســم هي خضــوع الســلطة الوالئيــة واألعمــال
القضائية للقواعد العامة التي تنظم النشاط القضائي للمحاكم .2
يرى هذا الفريق من الفقهاء أن أعمال الحماية القضائية الوالئية ذات طبيعة مختلطة. 3
فهي ليست أعماال إداريــة محضــة وال هي أعمــاال قضــائية خالصــة فهي مــزيج من اإلدارة
والقضاء .فهي ليست قضائية محضة ألن القاضي ال يصدر بشأنها أحكاما قضائية ،كما أنهــا
ليســت أعمــاال إداريــة محضة، 4كاألعمــال الــتي يباشــرها رجــال اإلدارة التــابعين للســلطة
التنفيذية.
فطبيعتها ال تماثل الطبيعة القضائية البحتــة،وال الطبيعــة اإلداريــة البحتــة فهي مــزيج بينهمــا
.5بل لها مكانة مميزة إلى جانب العمل القضائي والعمل اإلداري .
المـطلـب األول :الـهـدف ودوافـع اللـجوء إلى نـظام األوامـر على العرائ ـض
1
ـ د /نبيل إسماعيل عمر :المرجع السابق ـ ص ـ58
2
ـ د /محمد زهدور :المرجع السابق ـ ص ـ 20
21
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
ـ سبق القول في العديد من المرات انه في حاالت معينة يرغب األفراد التوصل إلى تحقيــق
أهداف و أثــار قانونيــة معينــة ،وفي هــذه الحــاالت يقــرر المشــرع أن اإلرادة الفرديــة غــير
صالحة بذاتها لتوليد هذه اآلثار ،لذلك نحاول عرض الدوافع التي تؤدي بــاإلفراد للجــوء إلى
إصدار األوامر على العرائض و الهدف من نظام األوامر على العرائض
الفـرع األول :دوافـع اللـجـوء إلى اسـتصـدار األمـر ع ـلى الع ـ ـريضة
ـ بتعبير آخر الحاجة الملجئة إلى نظــام األوامــر على عــرائض و ذلــك من خالل عرضــها
وتلخيصها فيما يلي:
أوال :/افتراض تشريعي بعجز أو عدم فعالية اإلرادة الفردية في إنتاج أثار قانونية معينة .1
ويقصد بذلك أن اإلرادة الفردية غير صالحة بذاتها لتوليد هذه اآلثار ،أي أن المشـرع يصـنع
بنفسه عقبة قانونية تحول دون اإلرادة الفردية وإنتاج هـذه اآلثـار ،ويقـال في هـذه الحالـة أن
اإلرادة الخاصة باألفراد تكون غير فعالة بذاتها في إنتاج هذه اآلثار .2
و يشترط المشرع ضرورة اللجوء إلي القاضي من أجل الحصول على أمر قضائي يــترتب
عليه توليد اآلثار المطلوبة لتعين خبير ،أو مصـفي أو تعين حـارس قضـائي وكـذلك إصـدار
أمر والئي يحدد لهم المهام ،ويتعين على هؤالء االلتزام بها ،أو عزلهم أو استبدالهم بغيرهم
ومن بين األعمال الوالئية أيضا أعمال اإلذن واإلجازة الــتي تتلخص في اإلذن بالقيــام بعمــل
قانوني معين ،ال يستطيع المأذون له القيام بها دون موافقة القضاء ،أو إجازة هذا العمل بعد
القيــام بــه ،مثــال ذلــك اإلذن للوصــي بالقيــام بتصــرف قــانوني نيابــة عن القاصــر ،أو الإذن
بالحجز التحفظي ،وغيرها من اإلعمال
3
ثانيا :/استلزام و ضرورة اللجوء إلى القضاء للحصول على أمــر قضــائي يولــد هــذا األثر
و يعني ذلك انه في جميع الحاالت السابقة يتوقف إنتاج األثر القانوني المطلوب على صدور
األمر من القاضـي ،لعــدم إمكــان حــدوث هــذا األثــر بمعـزل عن هـذا األمـر و اعتمـادا على
اإلرادة الفردية .لأن القانون هو الذي قرر عدم فعاليــة اإلرادة الفرديــة في هــذا الصــدد و من
1
ـ د /نبيل إسماعيل عمر :نفس المرجع ـ ص ـ47
22
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
هنـا يكـون إجبـار األفـراد على ضـرورةـ اللجـوء إلى القضـاء بـالرغم من انعـدام المنازعـة.
للحصول على هــذا األمــر ألنــه قــد يكــون المركــز القــانوني المولــد للحاجــة إلى اللجــوء إلى
القاضي الستعمال سلطته الوالية وهو النزاع المحتمل قيامه بين الدائن و المــدين ،و يتطلب
اآلمر استصدار قرارا قضائيا يتوقع الحجر التحفظي على أموال المدين.ـ
ثالثا :/يجب النظــر في آن واحــد إلى المركــز القــانوني الكلي الــذي يــراد اتخــاذ اإلجــراء
المطلوب ،و يتم بعد ذلك تقرير محتوى الطلب من طرف القاضي الذي يقوم بعمليــة التقــدير
على محوري الواقع و القانون .1
و يفهم من ذلك بالرغم من عدم إطالق الحرية لإلرادة الفردية في إنتاج اآلثــار المطلوبــة إال
أن المشرع جعل لإلفراد الحق في التقدم إلى القضاء بهدف استصدار أمرا قضائيا يولد هــذه
اآلثار .أي أن المشرع أعطى لإلفراد حقا مراقبا بواسطة القضاء. 2droit control
ورقابة القضاء ضرورية ،فهذه الرقابة ال تتعلق بالعمل القضائي الذي يقــوم بــه القاضــي أي
الفصل في مركز قانوني متنازع عليه فهذا المركــز ال وجــود لــه ،وإنمــا تتعلـق هــذه الرقابــة
بمالئمة .opportunitéالإجراء المطلوب اتخاذه و ما يتولد عنه من أثار للمركز القــانوني
العام بحيث يتولى القاضي عملية تقدير المالئمة بالنسبة للواقع و بالنسبة للقانون ،و بالتــالي
يستطيع القاضي أن يأمر آو ال يأمر باتخاذ الإجراء المطلوب .3
ـ هناك ثالث مستويات من األفكار يجب استعراضها لمعرفة الهدف من نظام األوامر على
العرائض ،فهناك هدف ذاتي أو شخصي يهم طالب استصدار اآلمر ،و هناك هدف عام غير
شخصي يهم الصالح العام و هناك هدف نظام األوامر على العرائض في ذاته
أوال : /الهدف الذاتي الذي يهم طالب األمر على عريضة :4يهدف بذلك إلى الحصــول على
أمر من طرف القاضي يتيح له إمكانية اتخاذ اإلجراء الوقــتي أو التحفظي الــذي يســعى إليــه
مثال الدائن الذي يرى مدنيه يتصرف في أموالــه بشــكل يــؤدى إلى إضــعاف الضــمان العــام
لدائنه ،ورفع دعوة قضائية للمطالبة بحقه قد تتخذ فــترة من الــزمن ممــا يــؤدي إلى إضــعاف
الذمة المالية لدينه لذالك لدائن وسيلة هامــة للحفــاظ على الضــمان العــام لمدينــه وهي وســيلة
1
ـ د /نبيل إسماعيل عمر :نفس المرجع ـ ص ـ 46
23
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
الحجز التحفظي فله بناء على ذلك أن يلجأ – دون أن يكون هنــاك نــزاع قــائم بالفعــل – إلى
القاضي مستعمال نظام األوامر على عرائض ليحصل على أمر بتوقيع الحجز التحفظي
وبناء على ذلك فنظام األوامر على عرائض يهدف إلى تحقيق مصلحة خاصة للطالب تعجز
إرادته الخاصة عن تحقيقها.
ثـانـ ـ ـيا : /الهــدف العــام وغــير الشخصــي الــذي يهــدف إليــه نظــام األوامــر على عــرائض:1
ويقصد به أن المشرع في حاالت معنية وضع أمام األفراد عقبات قانونية تحول دون إمكانية
تحقيق أثار معينــة بــاإلرادة الفرديــة ،ويســتلزم في مثــل هـذه الحــاالت ضــرورة اللجــوء إلى
القضاء حتى ولو لم يوجد نزاع ،والمشرع في صناعته لهذه العقبات يضع في اعتباره العديد
من المصالح الجديرة بالحماية فقد تتعلق هذه المصالح بالذمة المالية لألشــخاص ،أو بحــالتهم
القانونية ،أو بالحجوز التحفظية ،وقد رأى المشرع أن هذه المصــالح يجب أن لا تــترك لعبث
اإلرادة الخاصة التي قد ال تكون منزهة بل يجب أن تخضع لإشــراف ورقابــة القضــاء و من
جهة أخرى أن هذا النظام ال يهدف إلى إهدار الحق أو إكساب حق .2
ثـالـثا : /هدف نظام األوامر على عرائض في ذاته .3
نظام األوامر على عرائض من حيث هو نظام إجرائي يعتبر شكال إجرائي للعمــل القضــائي
الصادر من القاضي بناء على سلطته الوالئية ،أي أن نظام األوامر على عرائض هو الشكل
اإلجرائي الواجب إتباعه ،في األحــوال الــتي ال يوجــد فيهــا نــزاع يــراد حســمه ،وإنمــا تشــتد
الحاجة إلى ضرورة اتخاذ مجرد تدابير وقتية يعجز الفرد عن اتخاذها باإلرادة المنفردة وإذا
استعمل إجراءات األوامر على عرائض فهو بذلك يهدف إلى الحصول على أمر والئي بنـاء
على سلطة القاضي الوالئية .
ونظام األوامر على العرائض باعتباره نظاما إجرائيا يهدف إلى إيجاد شــكال إجرائيــا يتمــيز
بالمغايرة عن الشكل اإلجرائي للدعوى القضائية ،4ويهدف إلى غايات غير تلك الــتي تهــدف
إليها هذه الدعوى ،فهدف هذا النظام هو إيجاد شكل سهل خالي من اإلجراءات التي تفترض
وجود نزاع وتلك التي تفـترض وجـود خصـم ووجـود تبليـغ ،وجلسـات حضـورية ومناقشـة
وإصدار حكم و تسبيبه والنطــق بـالحكم ،وكــل ذلــك يــؤدي بنــا إلى القــول بــأن هــدف نظــام
4ـ د /احمد المليجي :موسوعة المرافعات العملية /األوامر الوالئية وفقا لنصوص قانون المرافعات معلقا عليها بأ راء الفقه:دار النهضة العربية ـ
ط .1991ص 116
24
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
األوامر على العرائض هو تيسير الســبيل أمــام األفــراد للحصــول على أوامــر والئيــة وقتيــة
لحماية مراكزهم القانونية .
المطلب الثاني :ع ـالقة نـظام األوام ـر عـلى عـرائض بالقض ـاء اإلسـتعـجالـي
هناك تشابه بين القضاء اإلستعجالي و نظام األوامــر على عــرائض في نــوع الحمايــة
المطلوبة عن طريق القضاء الوقتي و عن طريق األوامر على عرائض.
فهي حماية وقتية فالقضاء اإلستعجالي يرمي إلى الحكم باتخاذ إجراء مــؤقت و هــذا التــأقيت
يفهم على معنيين :األول تأقيت زمني للحكم اإلستعجالي بناءا على أن المركز الــذي يقــرره
هذا الحكم قابــل للتغيــير ،الثــاني :تــأقيت يرجــع إلى الوظيفــة المؤقتــة لألحكــام الوقتيــة الن
المركز الذي ينشا عن الحكم الوقتي مصيره الزوال نتيجة صدور حكم في الموضوع.ـ
أما األمر على عريضة فهو يرمي إلى اتخاذ إجراء أو تدبير وقــتي أو تحفظي و هــذا األمــر
شأنه شأن الحكم الوقتي ال يكسب حقا أو يهدره ،ومصـيره مـؤقت تأقيتـا زمنيـا لأن المركـز
الناشئ عن األمر على عريضة ،بطبيعته الزوال بناءا على صدور الحكم الحاسم للنزاع.
و الخالف بين نظام األوامر على عرائض وبين القضاء الإستعجالي يرجع إلى الشــكل الــذي
يتم فيه صدور كال منهما ،فالقضاء الإستعجالي يباشــر كقاعــدة عامــة في شــكل حكم يصــدر
في إجراءات عاديـة أمـام قاضــي األمـور المســتعجلة ،كمـا أن المشـرع ينص على صــدور
القرار أو الحكم في شكل أمر،ومن جهة أخرى فان أساس الســلطة الــتي يتمتــع بهــا القاضــي
في الحالتين تختلف.
ففي القضاء الوقتي يستخدم القاضي ســلطته القضــائية ليحســم نزاعــا مؤقتــا أو ليــأمر باتخــاذ
إجراء وقتي بحيث ال يمس بأصل الحق،أما في نظام األوامر على عرائض فالقاضــي يســتند
على سلطته الوالئية لألمر باتخاذ تدابير تحفظية
و يختلف نظام القضاء الوقتي أيضا عن نظام األوامر على العرائض من ناحية الــدور الــذي
يؤديه كال منهما ،فالقضاء الوقتي يواجه عارضا قانونيا وهو خطر االستعجال و هو عبــارة
عن احتمال فـوات فرصـة الحمايـة القانونيـة عنـد تأخيرهـا ،األمـر الـذي يهـدد نفـاذ النظـام
القانوني و هذا يعني أن القضاء الإستعجالي يرمي إلى تحقيق غاية قانونية بحتة وهي حمايــة
القانون أو الحقوق من خطر يهددها ،أمــا دور األمــر على العــرائض فهــو يــرمي إلى اتخــاذ
مجــرد تــدابير وقتيــة ال تســتطيع اإلرادة الفرديــة اتخاذهــا دون إذن القضــاء الــذي يتأكــد من
شرعيتها و ومالئمتها.
25
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
ـ إن صاحب المصلحة في طلب األمر يســعى للحصــول على نــوع معين من أنــواع الحمايــة
القضائية الوقتية للحقوق ،وهذه الحماية الوقتيــة يحصــل عليهــا الطلب ،عن طريــق القضــاء
اإلستعجالي بواسطة دعوى قضائية عادية ،التي يشترط لقبولها توفر الشروط العامة لقبــول
الدعوى القضائية العادية .
ويترتب عليها كافة أثار الدعوى القضائية كمبدأ الوجاهية بين الخصوم ،واحترام حق الدفاع
وغيرها من اآلثار ،بخالف األمر على عريضة ال يشترط شكل معين في العريضــة بــل أن
تكون معللة.
الفصل الثـ ـ ـ ـ ــاني :النظـ ـ ـ ـ ــام الق انوني لألوامر على عـ ـ ـ ـ ــرائض و أثارها
القانونية
ـ إن القاضــي المختص بإصــدار األوامــر على عــرائض غــير مقيــد بــأي قيــد عنــد
إصدارها ،ألنه و عند إصداره لها فهو يمارس سلطته الوالئية ،و التي تتميز بتمتع القاضي
في ممارستها بقدر كبير من حرية التقدير ،
إن قبولــه لطلب إستصــدار األمــر على عريضــة يتوقــف على ظــروف هــذا الطلب ،ال ـذي
يختلــف من طلب إلى آخــر ،حيث أن المشــرع الجزائــري لم يضــع أيــة قيــود على ســلطة
القاضي في تقــدير قبــول طلبــات استصــدار األوامــر على عــرائض ،كمــا أنــه ليس للقاضــي
المختص بإصدار الأوامر على العرائض أن يقبل طلب استصــدار األمــر على عريضــة ،إال
إذا كــان هنــاك إحتمــال لوجــود الحــق أو المركــز القــانوني – بفــرض وجــوده1-و أن يكــون
المطلوب هو تدبير أو إجراء ال يمس الموضوع ،وأن يقتضي تحقيق الهدف من التــدابير أو
اإلجراء المطلوب صدوره ،عدم قيام أية مواجهة بين الخصوم في اإلجراءات
و على القاضي أن يبحث من تلقاء نفسه عن هذه الشروط ،فان وجدها متــوافرة تطــرق إلى
ما هو مطلوب منه ،أما إذا لم تتوافر هذه الشروط فإن القاضــي يــرفض إصــدار األمــر على
عريضة ،وفي حالة رفضه ال ينشأ عليه أي اثر قانوني.
ويرجع ذلك إلى أن الوظيفة األصلية للقاضي هي العمل القضائي،أما الوظيفة الوالئية
فهي االســتثناء عن القاعــدة العامــة ،وال يمكن اتخاذهــا إال بنص صــريح ،واألوامــر على
العرائض تعتبر الصورة النموذجية لهذه الوظيفة .
و عليه يقتضي ذلك تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين:
1
ـ الطالب القاضي /شرفي عبد الرحمان :رئيس المحكمة ،مذكرة تخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ـ الدفعة 14ـ ص 123
26
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
المطل ـ ـ ـب األول :األوام ـ ـ ـر على العرائ ـ ـ ـض في ظل قان ـ ـ ـون اإلج ـ ـ ـراءات الم ـ ـ ـدنية األم ـ ـ ـر
154.66
إن المشرع الجزائرى في األمر 154-66المتضمن قانون اإلجراءات المدنية لم يحدد تحديدا
الزما الحاالت التي يجب فيهــا إصــدار األوامــر على العــرائض ،كمــا في بعض التشــريعات
المقارنة كالتشريع المصري °(:قانون أول يونيو 1992الذي عدل قانون 1)1968والتشريع
الفرنسي،وعالج المشرع الجزائري األوامــر على العـرائض في قـانون اإلجــراءات المدنيـة،
تحت بــاب تــدابير االســتعجال في المــادتين 172ــ 173منــه ،وقــد منح واليــة إصــدار هــذه
األوامر إلى رئيس المحكمة أو رئيس المجلس أو رئيس الغرفة اإلداريــة حســب األحــوال أو
من ينوبهم عنــد الضــرورة ،أي نــائب رئيس المحكمــة أو نــائب رئيس المجلس ،إن حــاالت
األوامر على العرائض منصوص عليها في القــانون بصــيغ مختلفــة ،أحيانــا بصــيغة اإلذن
وأحيانــا بصــيغة ال ترخيص وأحيانــا أخــرى بصــيغة األمر،... 2وإنـ كــانت تختلــف من حيث
النوع والغاية ،فكلها تخضع لنفس اإلجــراءات عنــد االستصــدار ،ونظــرا ألن األوامــر على
العرائض تعرف تطبيقــات متباينــة من جهـة قضـائية ألخـرى ،وال يوجــد منهج موحــد ،وال
حتى اجتهاد قضائي يضبط أهم هذه األوامر فنحاول في هذا العرض معرفة أنواع وحــاالت
األوامر على العرائض .غير أنه يمكن تصنيفها إلى األصناف األساسية اآلتية :
1
ـ د /محمود السيد التحيوي :أومر األداء وفقا لقانون المرافعات المدنية والتجارية /دار الفكر الجامعي ـ ط ـ 2003ص 19
2ـ أ /بداوي علي :صالحيات رئيس المحكمة في إصدار األوامر على العرائض ـ محاضرة ألقيت على الطلبة بالمدرسة العليا للقضاء ـ سنة
2006/2007
27
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
الص نف األول يلجـأ إليــه بغـرض اتخـاذ اإلجــراءات أو التـدابير الســابقة على قيـام الـنزاع .
الصنف الثاني يلجأ غليه بغرض اتخاذ التدابير أو اإلجراءات الضروريةـ أثناء سير النزاع .
الصنف الثالث يلجــأ إليــه بغــرض اتخــاذ التــدابير أو اإلجــراءات الــتي تســتوجب بعــد إنتهــاء
الـنزاع وهنـاك صـنف آخـر غـير مرتبـط بـأي نـزاع قضـائي مثـل األوامـر على العـرائض
المتعلقة بتصحيح وتعديل وثائق الحالة المدنية .
والصنف األول يتعلق باألوامر على العرائض الســابقة على قيــام الــنزاع وهــذا الصــنف من
األوامــر ،يلجــأ إليــه بهــدف إتخــاذ اإلجــراءات أو التــدابير التحفظيــة المؤقتــة ،وهي بــدورها
متنوعة بتنــوع المواضــيع والنصــوص القانونيــة الــتي تناولتهــا ،وســنتناول األوامــر األكــثر
شيوعا في العمل القضائي .
ومن بين الحاالت نستعرض ما يلي :
أشارت المـادة 172من قـانون اإلجـراءات المدنيـة إلى حـالتين يتم فيهـا إصـدار أوال:/
األمر على عريضة ،وهما حالة اإلنذار ،وإثبات الحالة .وهذه األخيرة تعــنى إثبــات واقعــة
متغيرة المعالم مع مرور الزمن يكون من شأنها أن تؤدى إلى نزاع في المستقبل و في حالــة
الخوف ،من ضياع معالم هذه الواقعة ،إذا انتظر الخصم حتى يعرض النزاع على القضاء.
28
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
أي تخصيص الدائن لعقار أو عقارات مملوكة لمدينه،و أمر التخصيص نصــت عليــه المــادة
941/01و التي جاء فيها انه على الدائن الذي يريد اخذ تخصيص عقــارات مدينــه أن يقــدم
عريضته بذلك إلى رئيس المحكمة التي تقع في دائرتها العقارات التي يريد التخصيص بهــا.
ثالـثا :/الح ـجز الت ـحف ـظي:
تنــاول المشــرع الجزائــري في المــادة 345ق.ا.م و الــتي تنص" الحجــز التحفظي ال
يصدر إال في حالة الضرورة و يستصدر األمر في ذيل العريضة"
غــير أن المشــرع لم يحــدد الطلب المقــدم من الــدائن وال صــيغته لكن العمــل القضــائي
استقر على انه إذا أراد الدائن استصداره أن يقدم عريضة مكتوبــة إلى رئيس المحكمــة الــتي
يوجد بها موطن المدين أو األموال المراد حجزها في حالة الحجــز على المنقــول أو محكمــة
مقر المجلس في حالة الحجز العقــاري طبــق للمــادة 08الفقــرة األخــيرة من ق.إ.م وتتضــمن
العريضــة اســم ولقب و مهنــة و مــوطن الــدائن الحــاجز ،و اســم ولقب ومــوطن المــدين
المحجوز عليه ثم عرض موجز لسبب الدين و السندات التي تبرر وجود الدين إن وجد فــان
لم تكن موجــودة فالمقــدار التقريــبي للــدين الــذي من اجلــه صــرح بــالحجز و أخــيرا يلتمس
الحاجز في آخر عريضته من رئيس المحكمــة أن يمنحــه أمــر بتوقيــع الحجــز التحفظي على
األموال المراد حجزها ثم يوقع الدائن على هذه العريضة . 1
1
ـ أ /بداوي علي :الحجز التحفظي في التشريع الجزائري /المجلة القضائية لسنة 1996العدد األول ص ـ27ـ28
2
ـ أ /بدوي علي:محاضرة بعنوان إجراءات الحجز ـ دورة تكوينية لرؤساء المحاكم من 28/24مارس 2007ـالجزائر ـ
29
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
خ ـ ـامسا :األمر على عريضة بتس ــليم نـ ـسخة من حـ ـكم التحكيم ممه ــور بالص ــيغة التنفيذيـ ـة نصت
المادة 453من ق.إ.مـ على أن " أحكــام المحكمين ومن ضــمنها األحكــام التمهيديــة ال يجــوز
تنفيذها إال بأمر يصدره رئيس الجهة القضائية بذيل أو بهامش الحكم.
و يتضمن الحكم اإلذن للكاتب بتسليم نسخة رسمية ممهورة بالصيغة التنفيذية.
تسلم هذه النسخة في حالة ضياع النسخة التنفيذية األولى قبل التنفيذ من قبل من صــدر الحكم
لصالحه وهذا عمل ينص .م 322ق.إ.م والتي جاء فيهــا انــه ال يجــوز تســليم نســخة تنفيذيــة
ثانية إال بموجب أمر على عريضة .
سابعا :تعـيين خ ـبير أخ ـ ـ ـر:
يكون ذلك متى رفض الخبير األول القيام بالعمل الذي كلف به أو حصل له مــانع أو تــراخي
في أداء مهامــه و ذلــك عمال بالمــادة 01-51من قــانون اإلجــراءات المدنيــة يجــوز اســتبداله
بغيره بموجب أمر يصدره رئيس المحكمة في ذيل طلب العريضة .
ثـامنا :إص ـدار أوامـر التـقديـر:
يشمل تقدير مصاريف الدعوى و الرسوم القضائية إذا لم تحدد بمــوجب الحكم الصــادر فيهــا
و ذلك طبقا للمادة 266ق.إ.م و التي تتضمن أتعاب المحامين و أتعــاب الخــبراء مصــاريف
الخبرة المترجم و مصاريف الشهود.وفي حالة ما إذا عين القاضي خبــيرا في قضــية مــا ،أو
بنــاءا على طلب أحـد الخصـوم ،فال يمكن للخبـير أن يتلقى أتعابـه من أحــدهما ،وإنمــا تحــدد
وتقدر أتعابه وكذا المصـاريف الــتي كلفتـه بــأمر على عريضــة ،تقـدم من الخبـير إلى رئيس
المحكمــة أو رئيس القســم أو رئيس الغرفــة ،حســب األحــوال ،وتجــدر اإلشــارة أن أتعــاب
الخبراء قابلة لالعتراض عليها من طرف هذا األخير في ظرف ثالثة أيام من تــاريخ تبليغــه
وفقا ألحكام المادة 228من ق.إ
ـ األوامر على العرائض التي ترمي إلى تحديد إعانــة ماليــة للمفلس وعائلتــه ،أو الســماح لــه
بالعمل في الشركة التي تم شهر إفالسها،وهي الحالة المنصوص عليهــا في المــادة 242من
القانون التجاري ،التي تسمح للمفلس تقــديم طلب إلى القاضــي لتقــدير دخــل يضــمن معيشــة
عائلته التي هي تحت الكفالة ، 1وتقدير هذا الـدخل مـتروك للسـلطة التقديريـة للقاضـي الـذي
يراعي فيه حاجــة المعــني من جهــة ،و المــداخيل المحصــلة من النشــاط الممــارس من جهــة
أخرى،هذه الحاالت وغيرها كثيرة ،يلجأ فيها إلى األوامر على العرائض قبل نشوب الــنزاع
بين األطراف.أوـ أثناء سير النزاع كما سبق توضيحه أو بعد إنتهاء النزاع.
1ـ أ /بداوي علي :محاضرة بعنوان صالحيات رئيس المحكمة في إصدار األوامر على العرائض ،ألقيت على الطلبة السنة الثالثة بالمدرسة العليا
للقضاء سنة 2006/2007
30
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
لم يح ّدد قانون اإلجراءات المدنية شكال معين وال حـتى البيانـات الــتي تتضـمنها العريضــة،
كمــا هــو الحــال بالنســبة لبعض التشــريعات األجنبيــة كالتشــريع المصــري مثال ،فقــانون
المرافعات المدنية والتجارية في المادة 194منه،بحيث تلزم المستصدر لألمر على عريضة
أن يقــدم عريضــته مصــحوبا بنســخة منهــا إلى القاضــي اآلمر، 1مشــتملة على بيــان كــاف
لشخص طالب األمر و الشـخص الصـادر ضـده األمـر ،أي الـذي سيصـدر األمـر في غيبته
ووقائع الطلب والسند الذي يعتمده المستصدر في طلبــه ،وأن تكــون تلــك العريضــة مؤرخــة
باليوم والشهر والسنة ،ومشفوعة بتوقيع الطالب ،والتدليل على أداء الرسوم القضائية.
وال يشترط أن تكون عريضة الطلب مقدمة من محامي ،بل يجوز أن تقدم تلك العريضة من
شخص عادي.
أما التشريع الجزائري في قانون اإلجــراءات المدنيــة فلم يشــترط أي صــيغة معينــة أو
شكال خاصا تقدم به العريضة إلى القاضي اآلمر،و كما ِيؤخذ من المادة ، 172فإنــه بإمكــان
القاضي المختص أن يصدر أمره على عريضة على الشكل الــذي يــراه مناســبا دون الإخالل
بالقانون،و سوف نستعرض ما هو جاري به العمل وما هو متداول في الجهات القضائية .
فلكي يصدر األمر على عريضة البد من توافر شــروط معينــة ســواء تتعلــق باالســتجابة إلى
الطلب أو بعدم االستجابة إليه.
أوال : /شـ ـروط قـ ـبول إص ـدار األم ـر:
-إحتمال وجود حق أو مركز قانوني و هنا يتحقق رئيس المحكمة من أن طالب األمــر
هو صاحب هذا الحق أو المركز القانوني الذي تحميـه قواعـد القــانون الموضــوعية بصـورة
مجردة. 2
-أن يتأكد رئيس المحكمة من أن المطلوب هو تدبير وقتي أو إجراء تحفظي.
-وجود خطر أو احتمال وقوع خطر على هذا الحق أو المركز القانوني.
1
ـ د /نبيل إسماعيل عمر :مرجع ســـــــابق ـ ص ـ115
2ـ الطالب القاضي /شرفي عبد الرحمــــــــــــــــــــــن /رئيس المحكمة :مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرســـــــــة العليا للقضاء ـ الدفعة 14ـ
ص ـ45
31
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
-أن يتأكد من أن تحقق الهدف من اإلجراء المطلوب صدوره وال يقتضي مواجهــة أي
انعدام خصومة.
و لكي يصـــدر األمـــر على عريضـــة يتعين تحديـــد شـــكل و محتـــوى هـــذه األخـــيرة
الستصداره و كيفية تسجيله .
ويقصد بالتطابق أن تكون البيانات الواردة بكل نســخة متطابقــة تمــام المطابقــة للنســخة
األخرى بمعنى ضرورة التطابق الحرفي للكلمات في النسخة من نســخ العريضـةـ و يتم ذلــك
بوجود الصياغة و العلة في اشتراط هذا التطابق ترجع إلى أن القاضــي يؤشــر على النســخة
األصلية التي يتم حفظها مع أصول العقود .1
و يجب أن تحمــل كــل نســخة من العريضــة اســم و لقب و صــفة صــاحبها مــع تحديــد
موطنه الحقيقي أو المختار و تشمل أيضا عرضا موجزا عن وقائع الطلب واألســانيد و تختم
بطلب محدد بدقة.
مثال تعيين خبير ،طلب إجراء حجز تحفظي ،طلب تعيين محضر قضائي...الخ
كما يجب أن يؤرخ و توقع من المعني باألمر أو وكيله الخاص أو ممثله القانوني .
أ : /تقديم اإليصال الدّال على سداد الرسوم القضائية إلنشاء حالة اإلعفــاء القــانوني مثــل:
المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري أو حالة االستفادة من قرار المساعدة القضائية
ب : /المستندات المؤيدة لألمر المراد استصداره:
يجب على طالب استصدار األمر على عريضة أن يقدم مع صحيفة األمر كافـة المسـتندات
المؤيدة لما يراد استصداره من أمر على عريضــة ،و هــذه المســتندات يقــدمها الطــالب وهي
واجبة التقديم في ذات اللحظة التي تقدم فيها العريض.
الف ـرع الـ ـثاني :س ـلطة القاض ـي في إص ـدار األمـر على العـ ـريضة
إن طلبات إصدار األوامر تقدم إلى رئيس المحكمة أو من يقوم مقامه عند غيبته أو من يندب
لذالك من قضاة المحكمة.
1
ـ د /نبيل إسماعيل عمر :المرجع السابق ـ ص ـ115
32
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
هذا إن كان الطلب مستقال،أما إذا كان طلب استصدار األمر على عريضــة مرتبطــا ومشــتقا
من دعوى موضوعية منظورة أمام قاضــي الموضــوع ،فــإن طلب إصــدار األمــر يقــدم إلى
قاضي الدعوى الموضوعية تحقيقا لمبدأ (قاضي األصل هو قاضــي الفــرع)مــع مالحظــة أن
االختصاص بإصدار األوامر ينعقد دائما لقاضي فرد،وليس لمحكمة بكامل هيئتها.
تقــديم العريضــة إلى رئيس الجهــة القضــائية المختص نوعيــا و محليــا و بنــاءا على ســلطة
القاضي الوالئية التي تتمتع بها في إصدار األوامر على عرائض ،التي تبني على مجموعــة
الوقائع المقدمة إليه بواسطة الطالب مع ما يعززها من مستندات مؤيدة يصدر القاضي أمــرا
إما باستجابة الطلب أو أمر برفضه علما انه غير مقيد بميعاد الــرد طبقــا لقــانون اإلجــراءات
المدنية األمر ( 154 -66الساري المفعول ). 1
عندما يكون الطلب مؤسسا على نص قانوني و مدعما بالوثائق و يهدف إلى اتخاذ إجراء
وقائي ال يمس بحق الدفاع سواء قبل نشوء النزاع أو أثناء أو بعــد انتهائــه يصــدر فيه رئيس
المحكمة أمرا يحدد فيه بدقة ووضوح اإلجــراء المطلــوب دون تســبيب و دون ســماع أقــوال
األطراف أي صاحب الطلب و الصادر ضده األمر. 2
فبعض األوامــر يجب أن تصــدر في غفلــة من الخصــم و يجب أن يبــاغت بهــا مثــل حالــة
الحجوز كالحجز التحفظي آو التنفيذي حتى ال يمكن تهريب األموال .
و االستجابة للطلب ال تعني االستجابة إلى الصياغة الحرفيــة الــتي يحررهــا صــاحب الطلب
بل يجب على القاضي أن يصيغ األمر بالصياغة القانونيــة المناســبة لإلجــراء المطلــوب إمــا
على نفس العريضة أو بورقة مستقلة ترفق مع أصــل العريضــة و يوقــع األمــر على نســخته
النسخة األولى تبقى محفوظة مع أصول العقود القضائية المختلفــة بأمانــة الضــبط و النســخة
الثانية تسلم للمعني أو من له مصلحة في ذلك
إن األوامر على عريضة قابلة للتنفيذ فور صدورها إما أثناء مباشرة التبليغ في حاالت الــتي
يتطلب فيها التبليغ كحالة الحجز وإما بالتنفيذ مباشرة كحالة المعاينة و عند حصــول صــعوبة
أو أشكال في التنفيذ يرجع إلى رئيس الجهة القضائية الــذي اصــدر األمــر طبقــا للمــادة 172
ق.إ.م
1ـمالحظة :قانون اإلجراءات المدنية الحالي قد الغي بموجبـ قانون 08ـ 09المتعلق بقانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية طبقا للمادة 1064
الذي يكون ســـــــــاري المفعول بتاريخ 25فبراير2009 منه
2
ـ أ /بداوي علي :محاضرة بعنوان /إجراءات الحجز ـدورة تكوينية لرؤساء المحاكم من 24ـ 28مارس 2007ـالجزائر ـ
33
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
-عندما يكون األمر غير مبرر أساسا ال بنص قانوني وال بالوثائق كأن يكون اإلجــراء
المطلوب مثال يمس بحقوق اإلطراف مثل :طلب رفع الحجــز بــآمر على عريضــة أو طلب
اعتراض على بيع عقار بأمر على عريضة أو طلب إجراء حراسة قضائية أو يكــون الطلب
منصبا على أصل الحق المتنازع عليه فانه ال يستجاب للطلب و يــوجب القــانون على رئيس
الجهـة القضـائية سـواء كـان رئيس المحكمـة أو رئيس المجلس حسـب الحالـة بإصـدار أمـر
بالرفض مسببا و على نسـختين .النســخة األولى تحفــظ مــع أصــول العقــود المختلفــة بأمانــة
ضبط المحكمة و النسخة الثانية تسلم للمعني إن طلبها.
-و أمر الرفض ال يــرتب عليــه اثــر اتجــاه صــاحبه أو الغــير كمــا يمكن تجديــد الطلب
وتوضيح محتواه و تدعيمه بالوثائق المؤيدة له مع دفع رسوم جديدة.
-و كما تجدر اإلشارة إلى أن األوامر على عرائض تعتبر عقود قضائية تخضع لرســم
ثابت محدد في قانون المالية ومن ثمة فهي تقيــد في فهــرس العقــود المختلفــة بأمانــة الضــبط
كباقي العقود األخرى مع حفظ األصول و الرسم المدفوع يبقى من حقوق الخزينة يدفع عنــد
عملية التسجيل.
الف ـرع الثالـث :طـرق و إجراءاتـ الت ـظلم في األوام ـر على عـ ـرائض
بين المشرع في المادة 02-172من ق.إ.م إجراء التظلم في األوامر على عرائض إذ لم
يتم االستجابة إلى الطلب ،ولم يبين للخصم في حالة االستجابة إلي األمر طريقة الطعن فيه.
و عليــه فــاألوامر على عــرائض هي أوامــر والئيــة وليســت أحكامــا قضــائية ومن ثمــة فهي
كأصل عــام ال تخضــع لطــرق الطعن الخاصــة باألحكــام القضــائية المعارضــة و االســتئناف
وإنما تخضع لطريق التظلم، 1ومــا يؤكــد هــذا االتجــاه المــادة 944من القــانون المــدني الــتي
تنص على أنــه في حالــة التظلم على أمــر التخصــيص الــذي يصــدره رئيس المحكمــة على
عريضة حيث نصت على انه يجوز للمدين أن يتظلم من األمر الصادر بالتخصيص.
و التظلم عـادة يقــدم من طـرف الشــخص الصـادر ضــده األمـر أي الخصـم و قـد يكـون من
صاحب الطلب عندما ال يستجاب إلى طلبه وهي حالة األمر بالرفض.
فاألصل العام ألحكام التظلم من األعمال الوالئية يكــون من الطــرفين أي صــاحب الطلب أو
الخصــم ،ويتم ذلــك بتقــديم عريضــة أمــام الــرئيس مصــدر األمــر للعــدول عن أمــره الســابق
باإللغاء أو بإصدار أمر مخالف إما برفع دعوى أمام قاضــي االســتعجال لطلب إلغــاء األمــر
المتظلم منه غير أن المشرع في الفقرة 02من المادة 172ق.إ.م حد عن هذا األصل و نص
صراحة على جواز استئناف األمــر بــالرفض بالنســبة لصــاحب الطلب و لم ينص على حــق
1ـ إن نظام التظلم جاء به األمر 66ـ 154المتعلق بقانون اإلجراءات المدنية أما بالنسبة لقانون 08ـ 09جاء بإجراء جديد المتمثـل في االستئنافـ
وهذا ما سنتطرق إليه في المطلب الثاني في البحث .
34
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
الخصم في ذلك عند االستجابة إلى الطلب على اعتبار أن األوامر على عــرائض يلجــا إليهــا
بغرض اتخاذ إجراءات تحفظية مؤقتة ال تمس بحقوق األفراد
حينئذ عندما ال يستجيب رئيس المحكمة إلى الطلب ينبغي عليه إصدار أمــر بــالرفض مســببا
حتى يتمكن صاحبه من معرفة سبب الرفض ،و عندئذ يمكن لصاحب الطلب إما بتقديم تظلم
إلى رئيس الجهــة القضــائية أو اســتئناف األمــر أمــام الغرفــة االســتعجالية ،إذا كــان األمــر
بــالرفض صـادر عن رئيس المحكمــة ،مــا عــدا في حـالتي األمـر المتعلـق بإثبــات الحالــة أو
اإلنذار فهما غير قابالن لالستئناف .1
لكن األسئلة التي تطرح في حالة استئناف أمر بالرفض من صاحب الطلب هي :
ماهي أجال االستئناف؟ وهل تسري اآلجــال من تــاريخ صــدور األمــر أم من تــاريخ تســليمه
للمعني أم من تاريخ التبليغ وهو أصال ال يبلغ؟ أم اآلجال تبقى مفتوحة؟
إذا بلغ أمر الرفض فانه تسري عليه أحكام المادة 190ق.إ م و هي مدة 15يوم باعتبار أن
األوامــر على عــرائض هي تــدابير اســتعجاليه و بالتــالي تســري عليهــا آجــال األوامــر
االستعجالية .
غير أن المحكمة العليا في إحدى قراراتها الصادرة عن الغرفة المدنية 2قررت خالف ذلك
و صرحت بان قضاة الموضوع لما صرحوا بقبول اســتئناف األمــر على عريضــة القاضــي
برفض توقيع الحجز ما للمدين لدى الغير فإنهم خالفوا األصول العامة في اإلجراءات ،وذلك
في قضية كانت مطروحة بين الشركة الوطنية (ب.م)ـ و الشركة الفرنسية،
إن موقف المحكمة العليا في الشق المتعلـق بعـدم جـواز اسـتئناف األمـر على عريضـة جـاء
مخالف لنص صريح في قانون اإلجراءات المدنية الفقرة الثانيــة من المــادة 172الــتي تنص
1الطالب القاضي .شرفي عبد الرحمــــــــــــان:رئيس المحكمة.مذكرة التخرج لنيل إجازة التخرج المدرسة العليــا للقضــاء2003/ـ ـ 2006الدفعة
(. 14ص)46.
2قرار رقم 776ـ 131المؤرخ في 06ـ03ـ 1996المجلة القضائية لسنة 1996عــدد 01ص 92والــتي تتلخص وقائعهــا في مــا يلي :تحصــلت
الشركة الوطنية (ب.م)على حكم صدر في 12ـ04ـ 1984من محكمة الجزائر مؤيد بقرار من مجلس قضـاء الجزائــر صـدر في 03ــ02ــ1987
قضى على الشركة الوطنية (ب ـ م)بدفع مبلغ 110089960فرنك فرنسي أو ما يعادله بالدينار إلى المطعون ضدها الشركة الفرنسية.
تقدمت المطعون ضدها بعريضة إلى رئيس محكمة عين الدفلة ألجل استصـدار أمـر على عريضـة لإلجـراء حجـز مـا للمـدين لـدى الغـير حسـاب
الطاعنة المفتوحـ في البنك الوطني الجزائري وفي 08/02/1993أصدر رئيس المحكمة أمرا برفض توقيع حجز ما للمدين لدى الغير .
استأنفت المطعون ضدها أمر بالرفض ،فــانتهى االســتئنافـ إلى صــدور قــرار مــؤرخ في 07/11/1993قضــى بقبــول االســتئناف وإلغــاء األمــر
المستأنف والقضاء من جديد بتوقيع الحجز لدى البنك بعد الطعن بالنقض صدر القرار المذكور أعاله وجاء في حيثياته ما يلي :من األصول العامــة
في اإلجراءات أنه ال يجوز االستئناف إلى إال في األحكام الفاصلة في المنازعة القضائية ،أما الطعن في األمر على عريضة فال يتم إال بالتظلم أمام
نفس الجهة القضائية التي صدر عنها باعتبــاره من ضــمن األعمــال الوالئيــة لمــا ثبت أن قضــاة الموضــوع صــرحوا بقبــول االســتئنافـ األمــر على
عريضة القاضي برفض توقيع الحجز فإنهم يكونوـا قد خرقوا األصول العامة لإلجراءات.
35
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
صراحة على إن األمر بالرفض قابل لالستئناف و ذلــك في فيمــا عــدا مــادتي إثبــات الحالــة
واإلنذار.1
إن قانون اإلجراءات المدنية غير فصيح في هذا الشأن بخصوص التظلم في األوامــر
على ذيل العريضة،إال أن قضاء المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 2003\12\24ملــف
رقم 311822فهرس رقم 928قــد أورد وجــوب رفــع التظلم أمــام قاضــي الموضــوع ،على
عكس ما هو موجود في القانون المقارن الذي يجيز رفعه إلى نفس القاضي اآلمر .
وهــذا مــا أكدتــه أيضا المحكمــة العليــا في قرارهــا المــؤرخ بتــاريخ 22/03/2006ملــف رقم
311893قضية إدارة الجمــارك ضــد (د ــ ج)ممــا جــاء فيــه أن الطعن في األمــر على ذيــل
العريضة يتم التظلم منه بدعوى مبتدأة ،أمــام نفس الجهــة القضــائية الــتي أصــدرته باعتبــاره
عمال والئيا.2
وفي خالصة ،نقول بأن موقــف المشــرع الجزائــري(في األمر 154_ 66المتضــمن قــانون
اإلجــراءات المدنيــة ) في موضــوع األوامــر على عــرائض ،بقي نوعــا مــا غامضــا خالف
المشرع الفرنسي والمصري.
المطلب الث ــاني :النظ ــام الق انوني لألوامر على ع ــرائض في ظل الق انون الجديد -08
09المتضمن قانـون اإلج ـ ـراءات المدنـ ـية و اإلداري ـ ـ ــة
إن القانون الجديد رقم 09-08المتضمن قـانون اإلجـراءات المدنيـة واإلداريـة عـالج نظـام
األوامر على العرائض في قسم خاص تحت عنوان األمر على عرائض من الفصل الخامس
منه تحت عنوان األحكــام األخــرى ،كالتشــريع المصــري (من المــادة 194إلى غايــة المــادة
200من قانون المرافعات المدنية والتجارية )والمشرع الفرنسي (من المادة 493إلى المادة
497من قانون اإلجراءات المدنية الجديد)
وسنعالج نظام األمــر على عريضــة من خالل نصــوص قانونيــة خاصــة وصــريحة ( المــادة
310إلى غاية المادة 312منه ).
بحيث تبين هذه النصوص القانونية خصائص و ممــيزات األمــر على عريضــة و إجــراءات
وشكل تقديم العريضة و كيفية الطعن فيها كما تعــرض أيضــا لفكــرة أو قاعــدة ســقوط الحــق
وعليه يمكننا القول أن المشرع الجزائري أحسن ما فعل عنــدما نص صــراحة على األوامــر
على العرائض كبا قي التشريعات األخرى ،كالتشريع المصري والفرنسي.
1ـ قرار رقم 2748المؤرخ في 2001\11\06المجلة القضائية لسنة 2001عدد02ـ ص ـ226
2
المحكمة العليا ـ مجلة المحكمة العليا ـ لسنة 2006 :العدد األول
36
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
الفـ ـرع األول :خ ـصائص و ممـ ـيزات األم ـر عـلى عـري ـ ـضة
تنص المــادة 310من قــانون اإلجــراءات المدنيــة واإلداريــة أن "األمــر على عريضــة أمــر
مؤقت ،يصدر دون حضور الخصم ما لم ينص القانون على خالف ذلك "
يفهم من النص المذكور أن لألوامر على عرائض ميزتين أساسيتين تتمثل في:
-1أن األوامر على عريضة أمر مؤقت.
-2أن هذا األمر يصدر في غيبة الخصم.
وسوف نتعرض لهادين الخاصيتين بنوعين من التفصيل مــع انــه قــد ســبق لنــا وان
تعرضنا إليهما سابقا في الفصل األول
األمر على عريضة يصدر في غيبة الشخص الذي يراد إستصدار األمر في مواجهتــه ودون
الســماع لــه أو منحــه حــق الــدفاع عن نفســه أو تقــديم مطالبــه ،وذلــك الن اإلجــراءات في
1د/محمود السيد التحيوي:مرجع سابق .ص38
2
ـ د/محمود السد التحيوي :المرجع السابق ـ ص ـ38
37
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
األوامر على عرائض تتخذ في غيبة األشخاص ،وفي غــير مــواجهتهم ،3فانعــدام المواجهــة
بين األطراف في إجراءات إصدار األوامر على عرائض قد يحقق الهدف من صــدورها في
بعض األحيان ،كما في حالة األمر بتوقيع الحجز التحفظي ،إذ يرمي الدائن بالحصول عليه
إلى مباغتة المدين بتوقيع الحجز على أمواله قبل أن يقوم بتهريبهــا،و القــانون الجديــد ســمح
للقاضــي اآلمـر أن يسـتمع إلى مقـدم العريضــة قبـل إصـدار أمـره ويفهم منــه بعض األمــور
الغامضة ،و االسـتماع إلى مقـدم العريضـة وشـرحه لمطالبـه أمـام القاضـي اآلمـر ال يجعـل
األمر وجاهيا طالما أن من يراد صدور األمر ضده لم يعلن ولم يستمع إليه.
وما يمكن مالحظتــه في المــادة 310من قــانون اإلجــراءات المدنيــة و اإلداريــة أن المشــرع
استعمل مصطلح الخصم و ذلك بعبارة " دون حضور الخصم " في حين أن األمــر الصــادر
ال يترتب عليه نشأة خصومة قضائية فحسب رأيي :كان على المشرع أن يستعمل مصــطلح
الشخص الصادر ضــده األمــر الن األمــر على عريضــة يصــدر بعيــدا عن أي نــزاع و دون
وجود أي خصم ،حيث يصدر قبل أن تثور المنازعة ،حتى وإن صدر األمر على عريضة
أثناء منازعة قائمة ،فانه يصدر في نطاق آخر مستقل عن نطاق المنازعة ذاتها .
إن إجــراءات إصــدار األوامــر على العــرائض و شــكلها تخضــع لنفس اإلجــراءات الســاري
العمل بها في الميدان القضائي.
و قد سبق لنا و أن تطرقنا إليها في المطلب األول من الفصل الثــاني لــذلك نحــاول في هــذا
الصدد شرح المادة 311من قانون اإلجراءات اإلدارية و المدنية .
التي تقابلها المادة 194من قانون المرافعات المصري ،التي تلزم الشخص طالب استصدار
األمر بتحرير عريضته من نسختين متطابقتين ،و يجب أن يذكر في العريضة وقــائع الطلب
و أسانيده و موطنه المختار للطالب ،ويجب أن تشفع بالوثائق و المستندات المؤيدة لها.
وفي حالــة مــا إذا كــانت العريض ـةـ مقدمــة في شــكل خصــومة قائمــة يجب ذكــر المحكمــة
المعروضة أمامها الخصومة.
ويجب تقديم هذه المستندات لحظة تقديم العريضةـ الن القاضي األمر يقــوم بتكــوين عقيدتــه
من واقع ما يقــدم من أدلــة و مســتندات كمــا يقــدم أيضــا اإليصــال الــدال على ســداد الرســوم
القضائية.
مـ ـضمـ ـ ـون العريضـ ـ ـة:
3ـ هناك حاالت يستدعى فيها الشخص الصادر ضده األمر كما هو الحال بالنسبة للنسخة التنفيذية الثانية طبقا للمادة 603من قانون اإلجراءات
المدنية واإلدارية وهذا ما أكدته المادة 310بقولها ما لم ينص القانون على خالف ذالك .
38
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
ـ لقد نص المشرع الجزائري في المادة 311من قانون اإلجراءات المدنية و اإلداريــة على
انه يجب أن تكون العريضة معللة و يفهم من ذلك انه يجب أن تشتمل عريضة األمــر على
ذكر الوقائع الــتي يتمســك بهــا طــالب إصــدار األمــر والــتي يكــون من شــانها التوصــل إلى
استصدار األمر على عريضة .1
كما يجب أن تتضمن العريضـة أسـانيد هـذه الوقـائع أي أسـبابها القانونيـة الـتي تـبرر أحقيـة
طالب األمر فيما يطلب ،و هذه الوقائع بأسبابها تعتــبر هي ســبب اإلجــراء المطلــوب اتخــاذه
بوسيلة األمر على عريضة ،الن هــذا األمــر في نهايــة األمــر هــو طلب قضــائي ،و بمــا انــه
كذلك فانه يتكون من عناصر ثالثة :2
األول عنصر شخصــي وهـو طــالب األمــر و المطلــوب استصــدار األمـر ضــده بمـا لهم من
صفات إجرائية و موضوعية ،و العنصرـ الثاني هو موضوع األمر الذي يتمثل في القــرار
المراد استصداره ،و المحل الذي يرد عليه هذا القرار.
أما العنصر الثالث و هو ســبب االدعــاء و السـبب هــو مجموعــة الوقـائع المولـدة للحـق
المدعى به و المطلوب حمايته قضائيا ،و بطبيعــة الحــال هــذه الوقــائع تؤيــدها حجج قانونيــة
وواقعية،.هذه الحجج هي مجد وسائل تدعيم لهذه الوقائع،ترجح لدى القاضــي أحقيــة الطــالب
فيما يطلب ،مما يبرر حقه على إصدار األمر المطلوب.
كما يجب العناية بتدعيم كل ذلــك بالمســتندات المؤيــدة لهــا ،الن األصــل أن القاضــي يصــدر
أمره في غياب الخصم المراد استصدار األمر في مواجهته.
و كمــا تجــدر اإلشــارة أن القاضــي لــه كامــل الســلطة إعمــاال لســلطته الوالئيــة على األمــر
المطروح عليه فله تقــدير مالئمــة أو عــدم مالئمــة إصــدار األمــر على عريضــة حــتى و لــو
توافرت جميع مقومات إصدار هذا األمر.
الـ ـفرع الثال ـث :سـ ـلطة القاضـ ـي في إصدارـ األم ـر
إن للقاضي مطلق السلطة التقديرية في إصدار أو عدم إصدار األمر المطلوب.ـ
و لــذلك ســنتعرض إلى حالــة االســتجابة للطلب وفي الحالــة العكســية أيضــا إي حالــة عــدم
االستجابة للطلب.
ـ تنص المادة 312على انه في حالة االستجابة إلى الطلب يمكن الرجوع إلى القاضي
الذي اصدر األمر للتراجع عنه أو تعديله.
1ـ د /نبيل إسماعيل عمر :المرجع السابق ـ ص ـ 119
2
ـ د /نبيل إسماعيل عمر :المرجع نفسه ـ ص ـ120
39
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
يفهم من نص المادة أن القاضي المختص بإصدار األمـر على عريضـة ال يتحـرك من تلقـاء
نفسه و ال يمسك بزمام المبادرة فليس له نشاط ذاتيا أو ايجابيــا وإنمــا البــد من االلتجــاء إليــه
لكي يمــارس ســلطته الوالئيــة ،وهــو يكــون ملزمــا باإلجابــة على الطلب المقــدم إليــه ســواء
بالرفض أو بالقبول وإال اعتبر مرتكبا لجريمة إنكار العدالة.1
ولكن ليس معــنى ذلــك أن القاضــي المختص بإصــدار األوامــر على عــرائض ،و عنــدما
يســتعمل ســلطته الوالئيــة في إصــداره لهــا ،انــه يملــك مطلــق الســلطة التقديريــة الن ذلــك
يتعارض مع أساس الذي تبنى عليه فكرة السلطة الوالئية للقاضي بصفة عامة فهــذه الســلطة
يتمتع بها القاضي إلى جانب العديد من السلطات التي تخول له بحكم طبيعة وظيفته ،و لكن
القاضي المختص بإصدار األوامر على عرائض في ممارسته لسلطته الوالئية عند إصــداره
لها ،يلتزم باحترام القانون ،و يراعي الشــروط المتطلبــة قانونــا إلصــدارها ووفقــا لمــا يمليــه
عليه ضميره.2
وكما سبق و ذكره أن االستجابة للطلب المعني ال يعني االسـتجابة الحرفيـة الـتي يحررهـا
صاحب الطلب بل يمكن للقاضي أن يصيغ األمر بالصياغة القانونية. 3
إن األوامر على عرائض قابلة للتنفيذ فور صدورها بناءا على النسخة األصلية كما يمكن أن
يكون األمر على عريضة محال للمرافعة من جانب القاضي الــذي أصــدره بهــدف تصــحيحه
من األخطاء المادية أو الرجوع عنه أو تعديله و ذلك طبقا للمادة 312من قانون اإلجراءات
المدنية و اإلدارية وذلك وفقا لنظام األوامر على عرائض.
/ -1ح ـ ـالة ع ـ ـ ـ ـدم االستجابة للطل ـ ـب:
ـ ص ـ121
3
ـ أ /محمد ابراهيمي :الوجيز في اإلجراءات المدنيةـ الجزء األول /ديوان المطبوعات الجامعية .ط 2002 .ـ ص ـ96
4
*l’ article .496 du n c p c (s’il n’est fait droit a la requête appel peut être interjeté a moins que l
ordonnance
40
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
طلبــه فهنــا تنعــدم مصــلحته في الطعن باالســتئناف في األمــر الصــادر ،و إذا لم يســتجيب
القاضي لمطلبه ،فهنا تتحقق المصلحة و صفة الطالب في استئناف األمر على عريضة .
و من جهــة أخــرى و طبقــا لنص المــادة 312فإنهــا تمنح الحــق باالســتئناف إال لطالبــه أي
الشخص طالب األمر و ذلك في حالة رفض استصدار الطلب ،كما يخول له القانون أن يلجأ
للقاضي اآلمر ،في حالة وجود أخطاء مادية أو أي غموض يشــوب األمــر ،وذالــك من أجــل
تعديل األمر أو إلغاءه ،إذا تحققت الشروط المطلوبة .
كما تجدر اإلشارة أن فكرة جواز المراجعة تعني عدم استنفاذ القاضي سلطته وقوته الوالئية
بمجرد صدوره األمر ،بل تبقى تلــك الســلطة نافــذة ومســتمرة في إصــدار األمــر و تعديلــه ،
ويكون الرجوع إليه بمقتضى عريضة تكميلية،يبين فيها الشخص الذي يطلب مراجعة األمــر
على عريضة المراد تصحيحه أو تفسيره أو إكماله ،ويجب أن يبن وجه الخطأ فيه ،ويصــدر
القاضي في خصوص هذا الطلب وذلك وفقــا لنظــام األوامــر على عــرائض،ويقــوم بالتأشــير
على نسخة العريضة السابقة بما يفيد ذلك.
وهــذا مــا جــاءت المــادة 312في فقرتهــا األولى(:في حالــة االســتجابة إلى الطلب ،يمكن
الرجوع إلى القاضــي الــذي أصــدر األمــر للــتراجع عنــه أو تعديلــه) في حين أن الشــخص
الصادر ضــده األمــر ،ال يملــك الحــق في االســتئناف بــل يبقى لــه حســب رأي اللجــوء إلى
القضاء لمخاصمة صاحب األمر عن طريــق دعــوى قضــائية عاديــة أمــام القاضــي مصــدر
األمر طبقا للقواعد العامة .
يجب أن نالحظ أن المشرع في قانون اإلجراءات المدنية الجديد ألزم القاضي بتسبيب أمــره
سواء كان بالرفض أو الموافقة وإال كان باطال،ألنّ أمره يعتبر كحم قضائي،1واألحكام يجب
تسبيبها وإال كانت باطلة ويقصد باألسباب ذكر الوقائع والنصوص القانونيــة الــتي تحكم تلــك
الوقائع،وهذا ما يؤكد إلى ذهبنا إليه ،أن المشرع الجزائري اعتبر األوامــر على عــرائض
من قبيل األعمال القضائية التي تحمي الحقوق و المراكز القانونية .2
ولذلك اوجب القانون المذكور على القاضي أن يسبب أمره على العريضة،وذالكـ طبقا للمادة
311منه وفي فقرتها الثانية إذ تنص صراحة على أنه يجب أن يكـون األمـر على عريضــة
مسببا.
وتجدر اإلشارة أن المادة 311من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية الجديد ،تقابلها
المادة 494من قانون اإلجراءات المدنية الجديد الفرنسي التي تنص على أن األمر على
عريضة يجب أن يكون مسببا ويحمل بدقة مرفقات الملف.
القانون وهنا نالحظ أن المشرع الجزائري حذا حذو المشرع الفرنسي وخالف
المصري الذي اليلزم القاضي بتسبيب األمر.
1
د /زهدور محمد:األوامر على العرائض وفقا لقانون اإلجراءات المدنية
2
ـ د /محمد زهدور :األوامر على العرائض وفقا لقانون اإلجراءات المدنية ـ ص ـ29
41
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
ـ إنّ المشرع الجزائري في القانون الجديد لم يساير التشريعات العربية ( مصر ولبنان)..
التي جعلت التظلم طريق من الطرق الطعن ،وذالك تماشيا مع النظام القانوني لألوامــر على
عــرائض،فالمشــرع الجزائــري جعــل االســتئناف طريقــا للطعن في حالــة عــدم االســتجابة
للطلب،وذلك طبقا للمادة 312في فقرتها الثانية ،وبــذلك يمكن القـول أن المشـرع الجزائــري
اعتبر األمر على عريضة عمل قضائي مادام يجوز فيه االستئناف،كالتشريع الفرنسي الــذي
يعطي الحــق لصــاحب الطلب أو للغــير في حالــة الــرفض أن يســتأنفه في ظــرف 15يومــا
تحسب من تاريخ إصدار األمر.
و بتقريــر المشــرع الجزائــري اســتئناف األمــر على عريضــة ،اســتطاع أن يزيــل بعض
التساؤالت السابقة التي كانت محل إشكال و هي :آجال االستئناف و طريقة حسابها و هذا ما
سنتعرض إليه بموجب نصوص قانونية.
إن اإلشكال الذي كان مطروحــا في نص المــادة 172في القــانون القــديم ليس لهــا معــنى في
القانون الجديد ،الذي ح ّدد آجال االستئناف و كيفية حسابها ،بحيث جعل م ـ ّدة االســتئناف في
األمر بالرفض ب 15 :يوما يبدأ سريانها من تاريخ إصدار األمر بالرفض و يكون ذلك أمام
رئيس المجلس القضائي و يجب على رئيس المجلس القضائي أن يفصل في هــذا االســتئناف
في اقرب اآلجال و ذلك طبقا للمادة 312منه.
ـ أشارت المادة 311من قانون اإلجراءات المدنية الجديدة على نفس الحاالت
المــذكورة ســابقا في المــادة 172من األمــر 154-66المتضــمن قــانون اإلجــراءات المدنيــة
والتي سبق لنا شرحها.
و ما جاء به المشرع في المادة 311من جديد وهو يمكن إجــراء اســتجواب في موضــوع ال
يمس بحقــوق األطــراف بنــاءا على أمــر على عريضــة ،وفي كــل الحــاالت المــذكورة و هي
إثبات حالة أو توجيه انذرا أو إجــراء اســتجواب تقــدم العريضــة إلى رئيس الجهــة القضــائية
42
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
المختصة ليفصل فيها خالل اجل أقصاه ثالثة أيام من تــاريخ إيــداع الطلب و ســنحاول ذكــر
الحاالت السابقة و ذكر نصوصها القانونية،وذلك وفق التعديل الجديد.
المادة 649ق اإلجراءات المدنية و اإلدارية الحجز التحفظي يتم بناءا على أمر على
عريضة يقدم من رئيس المحكمة التي يوجد في دائرة اختصاصها موطن المدين أو األمــوال
المراد حجزها و يلزم رئيس المحكمة بالفصل في الطلب خالل اجل 5أيام من تاريخ إيــداع
العريضة لدى أمانة ضبط المحكمة.
و يقيــد أمــر بــالحجز التحفظي على العقــارات بالمحافظــة العقاريــة الــتي يوجــد بــدائرة
اختصاصــها العقــار خالل اجــل 15يــوم من تــاريخ صــدوره طبقــا للمــادة 652من قــانون
اإلجراءات اإلدارية و المدنية.
يجوز للدائن الذي يملك سند تنفيذي أن ب : /حجـ ـ ـز ما للـ ـ ـمدين ل ـ ـ ـ ـدى الغــير:المـ ـ ـادة 667
يحجز حجزا تنفيذيا على ما يكون لمدينه من أموال منقولة مادية كانت ا واســهم أو حصــص
أرباح في شركات أو السندات المالية أو الديون وحــتى لـو لم يحــل اجــل اســتحقاقها بمــوجب
أمر على عريضة من طرف رئيس المحكمة .
و في حالة إن لم يكن سند تنفيذي بيد الدائن ولكن لــه مسـتندات ظـاهرة يجـوز لــه أن يحجـز
حجزا تحفظيا على مل يكــون لمدينــه لــدى الغــير من األمــوال المشــار إليهــا في المــادة 667
وذلك طبقا لنص المادة 668منه .
األصل ال تسلم إال نسخة تنفيذية واحدة لكـل من لـه صـفة أو مصـلحة في ذلـك غـير انـه في
حالة ضياع هذه النســخة يمكن الحصــول على نســخة ثانيــة بمــوجب أمــر على عريضــة من
طرف رئيس الجهة القضائية.
بتوفر جملة من الشروط و هي:
-تقديم عريضة معللة.
-استدعاء جميع األطــراف إلبــداء مالحظتهم الــتي يجب ان تــدون في محضــر يرفــق مــع
أصل األمر الذي يستصدره.ـ
-و يجب أن يكون األمر مسببا.
43
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
المبح ـث الثاني :ت ـنفيذ األوام ـر على عرائض وأثارها القانون ـية
لجوء األفراد إلى القضاء عن طريق وسيلة الدعوى القضائية بهدف الحصول على
آمر من طرف القاضي .إزالة عقبة قانونية وضعها المشرع أمامهم ،نتيجة عدم قدرتهم على
أحداث اثـر قـانوني و بنـاءا على ذلـك فـان نظـام األوامـر على عـرائض يهـدف إلى تحقيـق
مصلحة خاصة للطالب تعجز إدارته عن تحقيقها.
إذا صدر القاضي أمرا بناءا على طلب واألسانيد المقدمة والمحتج بها ،وبعد تسبيب هذا
األمر في اجل ثالثة أيام من تاريخ تقديم الطلب(حســب المــادة ، )312تحفــظ النســخة الثانيــة
من األمر ضــمن أصــول األحكــام بأمانــة ضــبط الجهــة القضــائية ســواء كــانت المحكمــة أو
المجلس ،وتســلم النســخة األولى لصــاحب الطلب ليباشــر التنفيــذ ،و باعتبــار أن األمــر على
عريضة هو سند من بين السندات التنفيذ التي أتى بها المشرع في قانون اإلجراءات المدنية
فإنه يخضع لمقدمات التنفيذ الذي يخضع له كل سند تنفيذي عقب استخراج نســخة من األمــر
على عريضة الموقعة من طرف القاضي ،و باعتبار أن األمر على عريضة مشموال بالنفــاذ
المعجل بقوة القانون فإن المحضر القضائي ال يبلغه ،ويحترم أجل الطعن فيه قبل تنفيذه .
44
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
يســقط األمــر على عريضــة في حالــة عــدم تنفيــذه في أجــل معين ،وبمــا أن األوامــر على
عرائض تتضمن إجراء وقتيا وتدابير تحفظية في ظــروف قابلــة للتغــير الــتي تــبيح للقاضــي
اآلمر أن يرجع عنها ،أو يطلبه صاحب الطلب (طبقا للمادة 312من ق.ا لجديد)
إذ إشترطت بعض التشــريعات كالتشــريع المصــري ،أن يقــدم األمــر على عريضــة للتنفيــذ
خالل 30يوما من تاريخ اإلصدار ،و إال سقط بالتقادم غير أن هذا التقادم ال يتعلــق بالنظــام
العام فال يجوز للمحكمة أن تتمسك به و تثيره من تلقاء نفسها.1
أما المشرع الجزائري جعل هذه المدة تقدر ب 03أ شهر ،فإذا لم ينفذ هذا األمــر خالل هــذه
المدة يسقط وال يرتب أي أثر(المادة.)311:
وذلك الن األمر هو تصرف والئي بإجراء تحفظي ال يصح أن يبقى ســالحا مســلطا يشــهره
من صدر له األمر في وجه خصمه في أي وقت يشاء ،مـع احتمـال تغــير الظـروف الداعيـة
إلى إصداره وزوال الحاجة الملجئة إليه،و إذا كان الحكم الغيابي الــذي يصـدره القضــاء بعـد
تحقيــق يبطــل ويعتــبر كــان لم يكن إذا لم يعلن إلى المحكــوم عليــه ،فــأحرى بــاألمر على
العريضة أن يسقط من باب أولى إذا لم يقدم للتنفيذ .2
وسقوط األمر لعدم تنفيذه ال يمنع من استصدار أمر جديد.
المطـ ـ ـ ـلب الث ـ ــاني :اآلث ـ ـ ـار اإلجرائي ـ ـ ـة و الموضوع ـ ـ ـية ال ـ ـ ـتي تترتـ ـ ـ ـب على استعم ـ ـ ـال نـ ـ ـ ـظام
األوام ـر على عرائـ ـ ـ ـض.
حتى يمكن لنا فهم اآلثار المترتبة عن األوامر على عرائض يجب أن نقسم المطلب إلى
فرعين أساسين بحيث نتعرض في الفرع األول إلى اآلثار اإلجرائيــة وفي الفــرع الثــاني إلى
اآلثار الموضوعية.ـ
الفرع األول :اآلثار اإلجرائية التي تترتب عن استعمال نظام األوامر على عرائضـ
أوال :/ال يترتب على تقديم العريضة للقاضي توليد خصومة قضائية الن الخصومة القضائية
هي عبارة عن مجموعة من األعمال اإلجرائية المتتابعة زمنيــا بهــدف تهيئــة وســط إجــرائي
1
ـ د /محمود السيد التحيوي :مرجع سابق .ص 59
2
ـ د /أحمد أبو الوفا :أصول المحاكمات المدنية .الدار الجامعية .ط 1983 .ـ ص ـ 160
45
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
مالئم إلصدار الحكم الحاسم للنزاع .واألصل إن هذه الخصومة يتم انعقادهــا بمجــرد تكليــف
الخصم و تبليغه تبليغا صحيحا و بما إن نظام األوامر على عرائض ال يفترض عــدم وجــود
نزاع يراد حســمه ،كمــا انــه يفــترض عــدم إعالن الخصــم المطلــوب إصــدار األمــر ضــده
فالنتيجــة المنطقيــة هي انــه ال يتولــد عن تقــديم صــحيفة األمــر على عريضــة أيــة خصــومة
قضائية ،وبالتالي فان جميع القواعد العامة الــتي تحكم الخصــومة القضــائية المدنيــة ال تجــد
مجاال ألعمالها بصدد نظام األوامر على عرائض.1
ثانيا :/تحدد والية القاضي في إصدار األمر ،بتحديد مجموع الوقائع األساسية التي يؤسس
الطالب عليها طلبه في العريضة المقدمة .2
ثالثا :/نظــام تبــادل العــرائض و االطالع على المســتندات ال يعرفــه نظــام األوامــر على
العرائض فالمشرع اســتبعد مبــدأ المواجهــة طبقــا للمــادة 310من ق 09-08المتعلــق بقــانون
اإلجراءات المدنية الجديد التي تنص على إن األمر على عريضة أمر مــؤقت ،يصــدر دون
حضور الخصم ،ما لم ينص القانون على خالف ذلك .الن الهدف من هذا النظام هو مفاجأة
الطرف الصادر ضده األمر ،وبالتالي فجميع المسائل الخاصة بــإعالن األوراق القضــائية ال
يعمل بها نطاق نظام األوامر على عرائض.
رابعا :/قواعــد الحضــور و الغيــاب الــذي تعرفــه القواعــد العامــة في الخصــومة المدنيــة
المتعلقة بالمحاكمة ال تجد مجاال ألعمالها في نطاق نظام األوامر على عرائض 3مثال ذلك :
قاعدة الشطب – أو نظام التأجيل – أو قاعدة تكليف الخصم الغائب ...الخ.
خامسا :/ال يترتب على تقديم العريضــة أن يكتســب طــالب صــفة المــدعي ،وال أن يكتســب
المطلوب إصدار األمر ضــده صــفة المــدعى عليــه بمــا تتضــمنه هــذه المراكــز القانونيــة من
حقوق و أعباء مختلفة .4
سادسا :/إن اختصــاص القاضــي بــاألوامر على عــرائض هــو اختصــاص نــوعي متعلــق
بالنظام العام فإذا قدر القاضي انه غير مختص بإصدار األمر على عريضة فعلية من تلقاء
نفسه أن يحكم بعدم االختصاص.
1
ـ د /نبيل إسماعيل عمر :المرجع السابق ـ ص ـ 50
46
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
سـ ــابعا :/في إصدار األحكام يتم النطق باألحكام الفاصلة في الــنزاع في جلســة علنيــة ،أمــا
نظــام األوامــر على عــرائض فال يخضــع لهــذه القاعــدة و ذلــك طبقــا للمــادة 272من قــانون
اإلجراءات المدنية واإلداريــة الجديــد الــتي تنص " يتم النطــق باألحكــام الفاصــلة في الــنزاع
علنيا ،و يصرح باألوامر الوالئية بغير ذلك".
ثامنا :/يجوز لمقدم العريضــة للقاضــي أن يتنــازل عنهــا أو يتركهــا ،وال يمكن القــول أنــه
يجوز له ترك الخصومة ،ألن الخصومة في األوامــر على عــرائض ال تنعقــد إال ّ بعــد إعالن
1
العريضة واالستماع إلى الخصم ،ولذلك يجوز لمقدم العريضة أن يتركهــا،أو يتنــازل عنها
دون موافقة من يراد صدور األمر على عريضة ضده،كما هــو مشــروط في تــرك خصــومة
منعقدة عقب قيام دعوى قضائية بين الطرفين .
ـ كما أن هناك بعض المبادئ اإلجرائية التي يجب إحرامها في الـدعوى القضـائية ،ال تطبـق
وال تجد مجاال لتطبيقها في طلبات استصدار األوامــر على عــرائض ،فال يطبــق الــدفع بعــدم
القبول طلب األمر على عريضة ،كما ال تطبق أسباب انقطاع الخصــومة ،وال تقادمهــا ،كمــا
ال يوجد نظام التدخل أو االختصام المعمول بهما في الخصومة القضائية،كمــا أن القاضــي ال
يتقيد بقواعد اإلثبات المقررة قانونا ألنه يصدر أمرا على اعتبار المالئمــة فقــط وليس لحســم
النزاع ،2وإذا رأى القاضي مصدر األمر دفعا ،أو حالة من الحاالت التي تتعلق بالنظام العام
فإنه يثرها من تلقاء نفسه ويرفض إصدار األمر على عريضة.3
الـ ـفرع ال ـثاني :اآلث ـار الم ـوضوع ـية الم ـترتبة علـى صدور األمر على عري ـ ـ ـ ـضة
أوال :/يقصــد باآلثــار الموضــوعيةـ تلــك الــتي تحــدث في المركــز القــانوني الموضــوعيـ
المتنازع عليه و الحاصل ادعاء بالنسبة له أمــام القضــاء ،حيــازة الحكم الفاصــل في الــنزاع
على حجيــة الشــيء المقضــي بــه و من ثمــة تقريــر و تقويــة الحقــوق وغــير ذلــك من اآلثــار
الموضوعيةـ التي تعرفها القواعد العامة في أثار األحكام القضــائية أمــا األمــر على عريضــة
عند تقديمها ال يترتب عليها أية أثار بالنســبة للحــق الموضــوعيـ ،لأن الهــدف من استصــدار
األمر هو توفير تــدبير وقــتي لحمايتــه ،و مثــال ذلــك المطالبــة بإصــدار أمــر على عريضــة
بتعـيين حـارس على األمـوال فهـذا األمـر ال تـأثير لـه على هـذه الحقـوق الـواردة على هـذه
األموال .
47
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
كما أن نظام األمر على عريضة ال يؤدي بطبيعته إلى اكتساب حقوق وال إهدارها. 1
ومن جهة أخرى ،كمــا أنــه أيضا ال يحســم الــنزاع لعــدم قيــام هــذا الــنزاع من األصل ،فــان
صدور األمر لصالح طالب األمر ال يعني أن القاضي قد فصل في أصــل الحكم فهــذا الحــق
لم ينازع فيه احــد ،حــتى و إن كــان األمــر قــد صــدر للحفــاظ على الحــق الموضــوعي لحين
المنازعة فيه بطريق الدعوى العادية
و القاضي في تقريره المالئمة أو عدم المالئمة في إصدار األمر على عريضة ،قد يتطرق
ببحث سطحي للمسائل المتعلقة بأصل الحق أو بالمركز الموضــوعيـ األصــلي و هــذا البحث
يتم بالقدر الالزم لبحث مالئمة إصدار أو عدم إصدار األمــر على العريضــة ،وال يتم بهــدف
حسم النزاع غير قائم على أصل الحق. 2
ومن جهة أخرى فالقاضي في بحثه لمالئمة و شرعية إصدار األمر على عريضة ال يطبق
قواعــد القــانون الموضــوعيـ الحاكمــة ألصــل الحق ،الن ذلــك لم يطلب منه ،و لأن الوقــائع
المقدمة له بهدف إصدار األمــر ال تســمح لــه بــذلك ،و بمــا أن األمــر صـادر على عريضــة
يحتوي على قــرار والئي قضــائي يســمح للصـادر لصــالحه األمر باتخــاذ التــدبير الوقــتي أو
التحفيظي فهو اليحوز حجة الشيء المقضي فيه ،وال يؤدي إلى اكتساب الحق أو إهداره .3
ثانيا :/األمــر على عريضــة ال يــترتب عليــه خــروج األمــر من القاضــي ،فهــذا يعــد أمــر
منطقي لكون األمر ال يحوز على حجية الشيء المقضي فيه ،فإذا تبين للقاضي وقائع جديدة
فيمكن له أن يعدل على أمره األول ،أو يقوم بتغييره أو تكملته ،وقد نص القــانون صــراحة
في بعض المواد على جواز الرجوع إلى نفس القاضي لطلب تعديل أمـره أو النظـر فيمـا قـد
يثار من إشكاالت بشأنه مثل المواد 356-346من قانون اإلجراءات المدنية األمر 66/154
خالفــا لألحكــام فبمجــرد صــدور الحكم تســتنفذ المحكمــة واليتهــا بالنســبة للــنزاع فال يجــوز
للقاضي العدول عما قضى به كما ال يجوز له تعديل ذلك الحكم أو أحداث إضافة إليه.
و الخالصة في هذا الشأن هي أن القاعدة العامة في األثار الموضوعية لألمر على عريضة
هي انه ال يولد أية أثار تمس الحقوق الموضـوعيةـ أو المراكـز القانونيـة الموضــوعية.ـولهـذا
فإن حجية األوامر على العرائض تختلف حسب المسألة التي صدر بشأنها األمـر فـإن كـانت
طبيعتها وقتية قابلة للتغيير بتغير الظروف المتعلقة بها ،كان األمر الصادر في هذه المســألة
1
د /نبيل إسماعيل عمر :األوامر على عرائض ونظامها القانوني في المرافعات المدنية والتجارية ـ منشا المعارف ـ اإلسكندرية ـ ط 2008
ـ ص ـ 53
48
الطبيـعة القـانونيـة لألوامـر على العـرائـض وأثـارها القـانـونيـة
بدوره وقتيا قابال للتغير إذا ما تغيرت الظروف التي صــدرت في طلبهــا ،وبقي األمــر على
حاله ما بقيت تلك الظروف على حالها .
ومثال ذالك قد يصدر القاضي أمرا بخصوص تحديد المصاريف القضائية إذا تعذر تحديــدها
قبل صدور الحكم النهائي حينئذ يكون هذا األمر مكمال للحكم الموضوعي المنهي للخصومة
أي امتدت هذه النهاية إلى تقدير المصاريف القضائية مما يحول دون المساس بها أو العــودة
إلى مناقشتها وتكتسب بالتالي قوة األمر المقضي به كما لو كانت قد تضمنها ذاته.
وإذا صدر األمر وكان وقتيا ظلت له حجيتــه مــا بقيت الظــروف على حالهــا و من ثم يمتنــع
القاضي اآلمر المساس به سواء باإللغاء أو التعديل التزاما بعدم تسلطه على مــا يصــدره من
أوامر إال بناء على تظلم يرفع إليه باإلجراءات المعتادة .1
1
ـ الطالبة /محمودي فاطمة :الطبيعة القانونية لألوامر على العرائض وأثارها القانونية .رسالة الماجستير ـ جامعة وهران ـ لسنة
49