You are on page 1of 1

‫ا‪4‬نتخابات البر‪-‬انية في السودان )‪-1953‬‬

‫‪1986‬م( ‪ ...‬بقلم‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬أحمد إبراهيم أبوشوك‬


‫عوداً على بدء )‪(1/2‬‬

‫أ‪.‬د‪ .‬أحمد إبراهيم أبوشوك‬

‫‪ahmedabushouk62@hotmail.com‬‬

‫يقول الكاتب أحمد بهاء الدين إن "الفرق ب‪ C‬ا?نسان والحيوان‪ ،‬أن ا?نسان له تاريخ‬
‫يتعلم منه حتى ‪ V‬يكرر أخطاءه"‪ ،‬فالوعي التاريخي هو الذي يميز ا?نسان عن‬
‫الحيوان‪ ،‬إ‪ V‬أن اجترار ا?نسان ^حداث ا\اضي من غير وعي تاريخي وإدراك‬
‫معرفي‪ ،‬يجعل فهمه للحاضر واستشراف ا\ستقبل ضرباً من التنجيم غير ا\درك‬
‫لطبيعة التحديات التي تواجهه وكيفية التعامل معها‪ .‬فا\قاربة التاريخية عن ا‪V‬نتخابات‬
‫البر\انية في السودان )‪1986-1953‬م(‪ ،‬التي عرضنا فصولها في حلقات مسلسلة‬
‫في صحيفة ا^حداث‪ ،‬ينبغي أن تقرأ بوعي تاريخي فاحص في ضوء التحو‪V‬ت‬
‫الديمقراطية التي يشهدها سودان ما بعد اتفاقية الس‪o‬م الشامل )نيفاشا( التي نصت‬
‫على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في موعد أقصاه ‪ 9‬يوليو ‪2009‬م‪ ،‬وأقر‪r‬ت‬
‫ذلك أيضاً ا\ادة ‪ 216‬من الدستور ا‪V‬نتقالي لسنة ‪2005‬م‪ .‬إ‪ V‬أن هذا القيد الزمني‬
‫قد تم‪ r‬تعديله إلى فبراير ‪2010‬م‪ ،‬وذلك مراعاة لبعض الظروف السياسية وا?جرائية‬
‫ا\رتبطة بالترتيبات ا‪V‬نتخابية‪.‬‬

‫‪ V‬جدال أن العملية ا‪V‬نتخابية في جوهرها ستشكل نقلة نوعية في نظام الحكم في‬
‫السودان‪ ،‬ولفهم هذه النقلة والظروف السياسية ا\حيط بها يستحسن أن نثير في هذا‬
‫ا\ضمار سؤال‪ C‬محوري‪ .C‬يرتبط أحدهما با?سقاطات التاريخية للتشريعات‬
‫الدستورية والقانونية السابقة على الدستور ا‪V‬نتقالي وقانون ا‪V‬نتخابات القومية لسنة‬
‫‪2008‬م‪ ،‬ويتجسد ا~خر في الضوابط الدستورية والقانونية ا\رتبطة بإجراء‬
‫ا‪V‬نتخابات في ا\وعد ا\رسوم لها‪ ،‬وبدرجة عالية من النـزاهة والشفافية‪ .‬وقضية‬
‫النـزاهة في أية انتخابات ديمقراطية‪ ،‬كما هو معلوم‪ ،‬يجب أن تقوم على منظومة ثنائية‪،‬‬
‫يمثل بُعدها الساكن ا\بادئ الدستورية والقواعد القانونية‪ ،‬ويتبلور بُعدها ا\تحرك في‬
‫إدارة العملية ا‪V‬نتخابية‪ ،‬وفاعلية ا\مارسة الديمقراطية في أروقة ا^حزاب السياسية‪،‬‬
‫وع‪o‬قتها مع بعضها بعضاً‪ .‬وتوجد ب‪ C‬هذين البُعدين ع‪o‬قة ت‪o‬زمية‪ ،‬تقضي بتفعيل‬
‫العملية الديمقراطية وفق مبادئ دستورية ذات مرجعية ثابتة بالنسبة للحاكم وا\حكوم‪،‬‬
‫ويُحد‪r‬د من خ‪o‬لها شكل نظام الحكم وآليات اتخاذ القرار فيه‪ ،‬وكيفية مشاركة‬
‫ا\واطن‪ C‬في صياغة تلك ا\ؤسسات الحاكمة ومهامها الوظيفية‪.‬‬

‫البُعد الساكن للعملية ا‪V‬نتخابية‬

‫نلحظ في إطار البُعد الساكن للعملية ا‪V‬نتخابية أن الدستور ا‪V‬نتقالي لسنة ‪2005‬م‪،‬‬
‫وقانون ا‪V‬نتخابات القومية لسنة ‪2008‬م قد استفادا من دساتير وقوان‪ C‬ا‪V‬نتخابات‬
‫السابقة لهما من حيث الصياغة الشكلية وا\وضوعية‪ ،‬وحاو‪ V‬أيضاً أن يتجاوزا بعض‬
‫إخفاقاتها ا\رتبطة بتحديد شكل نظام الحكم‪ ،‬وإجراءات ا‪V‬نتخابات الرامية إلى تفعيل‬
‫آليات ذلك النظام ا\قترح بشقية التشريعي والتنفيذي‪ .‬وانسحاباً على ذلك أقر‪r‬‬
‫الدستور ا‪V‬نتقالي لسنة ‪2005‬م نظام الحكم الديمقراطي ال‪o‬مركزي‪ ،‬وذلك عبر‬
‫أربعة مستويات حكم‪ ،‬تتدرج من الحكم ا\حلي‪ ،‬والحكم الو‪V‬ئي‪ ،‬والحكم في الجنوب‪،‬‬
‫والحكم القومي‪ .‬وتشكل رئاسة الجمهورية ا\كونة من رئيس الجمهورية ونائبيه قمة‬
‫الهيئة التنفيذية القومية‪ ،‬ورئيس الجمهورية يجب أن يكون منتخباً عبر انتخابات شعبية‬
‫وقومية‪ .‬وبهذه الكيفية استطاع الدستور ا‪V‬نتقالي أن يحدث نقلة نوعية في شكل الهيئة‬
‫التنفيذية القومية‪ ،‬حيث تَمّ استبدال مجلس السيادة الذي كان معمو‪ ًV‬به في ا^نظمة‬
‫البر\انية السابقة بنظام جمهوري رئاسي‪ ،‬ينتخب الشعب رئيسه انتخاباً مباشراً‪،‬‬
‫ويع‪ C‬الرئيس نائب‪ ،C‬بشرط أن يكون أحدهما‪ ،‬حسب نص الدستور ا‪V‬نتقالي‪" ،‬من‬
‫جنوب السودان‪ ،‬وا~خر من الشمال؛ فإذا كان الرئيس ا\نتخب من الشمال‪ ،‬يشغل‬
‫منصب النائب ا^ول الشخص الذي اُنتخب \نصب رئيس حكومة جنوب السودان‪،‬‬
‫ويُعتبر معيناً من رئيس الجمهورية لهذا ا\نصب‪ ،‬أما إذا كان الرئيس ا\نتخب من‬
‫جنوب السودان فيُع‪ C‬النائب ا^ول من الشمال بناءً على توصية الحزب الحائز على‬
‫أكبر عدد من ا\قاعد الشمالية في ا\جلس الوطني‪".‬‬

‫إ‪ V‬أن هذه الخطوة ا‪V‬يجابية ‪ V‬تمنعنا القول بأن مُشرعي الدستور ا‪V‬نتقالي قد تأثروا‬
‫تأثراً واضحاً بأدبيات الصراع ب‪ C‬الشمال والجنوب‪ ،‬ومداو‪V‬ت اتفاقية الس‪o‬م‬
‫الشامل لعام ‪2005‬م‪ .‬وعند هذا ا\نعطف ظهرت خصوصية وضع الجنوب في ظل‬
‫نظام حكم وسيط ب‪ C‬ا\ستوي‪ C‬الو‪V‬ئي والقومي‪ ،‬فالخطوة في مجملها إذا فُسرت‬
‫بصفة إيجابية تصب في خانة تطوير الجنوب‪ ،‬وإعادة ترميم جسور الثقة ب‪ C‬شطري‬
‫القطر‪ .‬إ‪ V‬أن طرفها السالب قد يمهد الطريق ‪V‬نفصال الجنوب عن الشمال‪ ،‬إذا كان‬
‫أداء الحكومة القومية غير مقنع للقادة الجنوبي‪ C‬في إطار السودان ا\وحد‪ .‬وبهذه‬
‫الكيفية تكون وحدة السودان الجديد مرهونة بنتائج ا‪V‬ستفتاء الذي سيُجرى في‬
‫الجنوب عام ‪2011‬م‪ ،‬للمفاضلة ب‪ C‬خيار الوحدة أو ا‪V‬نفصال‪.‬‬

‫وقد حدد الدستور –أيضاً‪ -‬شكل الهيئة التشريعية على ا\ستوى القومي بمجلس‪،C‬‬
‫هما‪ :‬ا\جلس الوطني ومجلس الو‪V‬يات الذي يتكون من ممثل‪ C‬اثن‪ C‬لكل و‪V‬ية‪،‬‬
‫ينتخبهما ا\جلس التشريعي للو‪V‬ية وفقاً لقانون ا‪V‬نتخابات القومي وا?جراءات التي‬
‫تستنها ا\فوضية القومية ل‪o‬نتخابات‪ .‬وسنحصر نقاشنا في هذه الفقرة حول ا\ستوى‬
‫القومي دون ا\ستويات ا^خرى‪^ ،‬نه يعطينا قاعدة واسعة \ناقشة ا^سئلة التي‬
‫طرحناه في صدر هذا ا\قال‪ .‬تتكون الهيئة التشريعية القومية من ‪ 450‬عضواً يمثلون‬
‫ا\جلس الوطني و‪ 50‬عضواً آخرين يمثلون مجلس الو‪V‬يات‪ .‬ويتم انتخاب هؤ‪V‬ء‬
‫ا^عضاء عن نظام انتخابات مختلط‪ ،‬يجمع ب‪ C‬ا‪V‬نتخاب الفردي والتمثيل النسبي‪ ،‬مع‬
‫تخصيص ‪ %25‬من مقاعد الهيئة التشريعية القومية لتمثيل ا\رأة‪ .‬وبهذه الخطوة‬
‫التشريعية الجريئة استطاع ا\ُشر˜ع السوداني أن يتجاوز أوجه القصور التي صحبت‬
‫أداء الهيئة البر\انية التي كانت تتكون من مجلسي الشيوخ والنواب في عهد‬
‫الديمقراطية ا^ولى )‪1958-1953‬م(‪ ،‬والجمعية التأسيسية في عهدي الديمقراطية‬
‫الثانية )‪1969-1965‬م( والثالثة )‪1989-1986‬م(‪ .‬فنظام ا‪V‬نتخاب ا\ختلط يُعد‪š‬‬
‫خروجاً صريحاً على نظام ا‪V‬نتخاب الفردي ذي ا^غلبية البسيطة‪ ،‬الذي ابتدعه‬
‫ا\ستعمر البريطاني نسبة لبساطته وقلة كلفته ا\الية‪ ،‬وسار عليه العمل في ا‪V‬نتخابات‬
‫البر\انية التي جرت في ظل اتفاقية تقرير ا\صير وما بعدها )‪1986-1953‬م(‪.‬‬
‫وبذلك أضحى نظام ا^غلبية البسيطة هو ا\سيطر على عقل ا\ُشر˜ع السوداني‪ ،‬كأنه‬
‫النظام الوحيد الذي ينظم شؤون تداول السلطة في العالم‪ ،‬علماً بأن النظم ا‪V‬نتخابية‬
‫السائدة في العالم الديمقراطي يمكن أن تقسم إلى أربع مجموعات‪ :‬نظام ا^غلبية‪،‬‬
‫ونظام التمثيل النسبي‪ ،‬والنظام ا\ختلط‪ ،‬ونظم أخرى‪ ،‬وتوزع تلك النظم عا\ياً حسب‬
‫الرسم البياني الوارد أدناه‪:‬‬

‫يبدو أن الدافع الرئيس وراء تبني نظام ا‪V‬نتخاب ا\ختلط يتبلور في عيوب نظام‬
‫ا‪V‬نتخاب الفردي البسيط الذي يُوصف بعدم التناسب ب‪ C‬مجموع أصوات الناخب‪C‬‬
‫وا^صوات التي يحصل عليها الفائزون؛ ^نه ربما يعطى ا^غلبية لحزب واحد في‬
‫البر\ان دون يحصل ذلك الحزب على أغلبية ا^صوات‪ .‬وينعكس ذلك أيضاً على‬
‫مستوى الدوائر ا‪V‬نتخابية الجغرافية‪ ،‬حيث يحصل أحد ا\رشح‪ C‬على نسبة تقل عن‬
‫‪ %50‬من مجموع الناخب‪ C‬الذين أدلوا بأصواتهم في انتخابات الدائرة الجغرافية‬
‫ا\عنية با^مر‪ .‬فعلى ا\ستوي البر\اني القومي مث‪ ،ًo‬حصل الحزب الوطني ا‪V‬تحادي‬
‫على أغلبية مقاعد البر\ان في انتخابات عام ‪1953‬م‪ ،‬وذلك بنسبة تقل عن ‪ %40‬من‬
‫مجموع الناخب‪ C‬الذين أدلوا بأصواتهم في كل الدوائر الجغرافية؛ وعلى مستوى‬
‫الدوائر الجغرافية فإن نسبة الفائزين الذين حصلوا على أكثر من ‪ %50‬في‬
‫انتخابات عام ‪1965‬م كانت ‪ V‬تزيد عن ‪ %50‬من مجموع الناخب‪ C‬الذين أدلوا‬
‫بأصواتهم‪ .‬ومن أصدق الشواهد في هذا ا\ضمار أن السي‪r‬د عثمان إسحق آدم‪،‬‬
‫مرشح حزب ا^مة في الدائرة ‪ 142‬كتم الشمالية‪ ،‬قد فاز بـ ‪ %21‬من مجموع‬
‫الناخب‪ C‬الذين أدلوا بأصواتهم‪ ،‬وأن السي˜د مضوي محمد أحمد‪ ،‬مرشح الوطني‬
‫ا‪V‬تحادي في الدائرة ‪ 67‬ا\سيد‪ ،‬قد فاز بـ ‪ %24‬من مجموع الناخب‪ C‬الذين أدلوا‬
‫بأصواتهم‪ .‬إذاً هذه الشواهد تؤكد صحة الفرضية التي ذهب إليها مشرعو قانون‬
‫ا‪V‬نتخابات لعام ‪2008‬م‪ ،‬بأن نظام ا‪V‬نتخاب الفردي البسيط غير عادل و‪ V‬يعكس‬
‫التمثيل الحقيقي لتوجهات الناخب‪ .C‬فض‪ ًo‬عن هذه العيوب نلحظ أن نظام ا‪V‬نتخاب‬
‫الفردي يسهم في ترسيخ أدبيات الو‪V‬ء القبلي والجهوي‪ ،‬ويسه˜ل عملية الت‪o‬عب بنتائج‬
‫ا‪V‬نتخابات من خ‪o‬ل تقسيم الدوائر ا‪V‬نتخابية‪ ،‬وتوزيعها كما حدث في انتخابات عام‬
‫‪1958‬م وانتخابات عام ‪1986‬م‪ .‬وفي ا\قابل يعطى التمثيل النسبي إطاراً أوسع‬
‫لضمان مشاركة كل القوى السياسية وا\رأة بنسب معقولة‪ ،‬ويقلل من حد‪r‬ة الصراعات‬
‫القبلية‪^ ،‬ن الو‪V‬ية ستكون وحدة انتخابية قائمة بذاتها دون أن تُجزأ إلى وحدات‬
‫صغيرة‪.‬‬

‫وفي ضوء هذه التقابلية ب‪ C‬الفردي والنسبي نصل إلى أن نظام ا‪V‬نتخاب ا\ختلط‬
‫سيكون خطوة إيجابية تجاه تطبيق نظام التمثيل النسبي‪ ،‬وبذلك تتم عملية تداول‬
‫السلطة وفق نسق انتخابي جديد‪ ،‬له القدرة على تجاوز سلبيات نظام ا^غلبية البسيطة‬
‫الذي ابتدعه ا\ستعمر‪ ،‬وسارت على هدية الحكومات الوطنية ال‪o‬حقة‪ ،‬لكن هذا ‪ V‬يعني‬
‫أن هذه النقلة النوعية ستتحقق على صعيد الواقع دون حدوث استقرار سياسي في‬
‫السودان‪.‬‬

‫ويصب أيضاً في وعاء ا\تغيرات الدستورية والقانونية التي طرأت على البُعد الساكن‬
‫للعملية ا‪V‬نتخابية عدم تخصيص دوائر للخريج‪ .C‬ف‪ o‬شك أن هذه الخطوة تُعد‪š‬‬
‫تجاوزاً إيجابياً ^دبيات التراث ا‪V‬نتخابي في السودان‪^ ،‬ن فكرة تخصيص دوائر‬
‫الخريج‪ C‬قد طرحها ا\ُشر˜ع البريطاني في قانون الحكم الذاتي لعام ‪1953‬م‪ ،‬متعل‪ًo‬‬
‫بأن تمثيل الخريج‪ C‬سيفع˜ل العملية الديمقراطية داخل قبة البر\ان وخارجها‪ ،‬إ‪ V‬أن‬
‫الخصومة التي نشبت ب‪ C‬ا‪V‬تحادي‪ C‬والسي˜دين عام ‪1956‬م قد قادت إلى إلغاء دائرة‬
‫الخريج‪ C‬في قانون ا‪V‬نتخابات لعام ‪1957‬م‪ ،‬نكاية في الحزب الوطني ا‪V‬تحادي‬
‫صاحب ا^غلبية في أوساط النخب ا\ستنيرة آنذاك‪ .‬بيد أن القوى الحديثة وصاحبة‬
‫الحضور السياسي الكثيف في ثورة أكتوبر ‪1964‬م قد أعادت دائرة الخريج‪ C‬في‬
‫قانون ا‪V‬نتخابات لعام ‪1965‬م‪ ،‬ورفعت عدد مقاعدها من خمسة إلى خمسة عشر‬
‫مقعداً‪ ،‬وكان الفوز فيها حليف الحزب الشيوعي السوداني )‪ 11‬مقعداً( وجبهة ا\يثاق‬
‫ا?س‪o‬مي )مقعدين( والوطني ا‪V‬تحادي )مقعدين(‪ .‬وفي قانون ا‪V‬نتخابات لعام‬
‫‪1985‬م رُفع عدد مقاعد الخريج‪ C‬إلى ثمانية وعشرين مقعداً‪ ،‬ووزعت تلك ا\قاعد‬
‫على أساس و‪V‬ئي‪ ،‬وكان الفوز فيها من نصيب الجبهة ا?س‪o‬مية القومية التي حصلت‬
‫على ث‪o‬ثة وعشرين مقعداً‪ .‬ويؤخذ على دوائر الخريج‪ C‬بصفة عامة أنها تخلق نوعاً‬
‫من التفضيل الطبقي ب‪ C‬ا\واطن‪ V C‬مبرر له‪ ،‬حيث أنها تميز الخريج على دافع‬
‫الضريبة العادي بإعطائه صوتاً إضافياً‪ .‬زد على ذلك أنها قد سه‪r‬لت عملية التحكم‬
‫ا\سبق في نتائج ا‪V‬نتخابات‪ ،‬وذلك بتحديد حجم الدوائر ا‪V‬نتخابية وتوزيعها كما‬
‫حدث في انتخابات عام ‪1986‬م‪ ،‬حيث أُعطيت و‪V‬ية الخرطوم ذات الثقل ا‪V‬نتخابي‬
‫الكبير )‪ 33966‬ناخب( ث‪o‬ثة مقاعد فقط‪ ،‬بينما مُنح ا?قليم ا^وسط خمسة مقاعد‬
‫بالرغم من أن نسبة الناخب‪ C‬فيه تقل عن ‪ %50‬مقارنة بالعاصمة القومية‪ ،‬ومُنح‬
‫ا?قليم الجنوبي سبعة مقاعد‪ ،‬علماً بأن عدد الناخب‪ C‬فيه لم يتجاوز ‪ 2560‬ناخب‪.‬‬
‫وبهذه الشواهد التاريخية والسياسية نصل إلى أن قانون ا‪V‬نتخابات القومية لعام‬
‫‪2008‬م قد خطا خطوة إيجابية بعدم تخصيصه مقاعد بعينها للخريج‪ ،C‬وبذلك‬
‫ضرب سهماً في ا\ساواة ب‪ C‬ا\واطن‪.C‬‬

‫و‪ V‬تمنعنا هذه الجوانب ا?يجابية في القانون ا‪V‬نتخابية القومية لسنة ‪2008‬م‬
‫وإطاره الدستوري الذي جسدته اتفاقية الس‪o‬م الشامل من القول أن للقانون أيضاً‬
‫بعض ا\سالب الثانوية‪ ،‬ونذكر منها إغفال وضع ا\غترب‪ C‬في ا‪V‬نتخابية البر\انية‪،‬‬
‫علماً بأن عددهم يقدر بمليون مغترب‪ ،‬وربما يبلغ عدد الناخب‪ C‬ا\ؤهل‪ C‬مئات ا~‪V‬ف‪.‬‬
‫وحول هذه ا?شكالية يرى ا^ستاذ فيصل خالد أن حرمان ا\غترب‪ C‬من ا‪V‬شتراك في‬
‫ا‪V‬نتخابات البر\انية القادمة حسب ما جاء في ا\ادة ‪ 4-22/3‬التي حصرت مشاركة‬
‫ا\غترب في ا‪V‬نتخابية الرئاسية وا‪V‬ستفتاء‪ ،‬وحرمته ضمناً من ا\شاركة في‬
‫ا‪V‬نتخابات التشريعية فيه تعارض صريح مع ا\ادة الدستورية ‪ 41/1‬التي تكفل حق‬
‫ا‪V‬قتراع لكل مواطن سوداني توفرت فيه الشروط القانونية التي تؤهل‪r‬ه ‪V‬ختيار ممثليه‬
‫في ا^جهزة التشريعية والتنفيذية )رئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب(‪ ،‬وذلك‬
‫وفق انتخابات دورية تكفل له حق التعبير الحر عن إرادته السياسية‪ .‬وقد أثبتنا في‬
‫الحلقات السابقة أن مشاركة ا\غترب‪ C‬في ا‪V‬نتخابات البر\انية في السودان يرجع‬
‫تاريخها إلى عام ‪1953‬م‪ ،‬عندما اشتركوا في انتخابات دائرة الخريج‪ C‬ذات ا\قاعد‬
‫الخمسة‪ ،‬وفي عام ‪1965‬م تجددت مشاركتهم في انتخابات دائرة الخريج‪ C‬ذات‬
‫ا\قاعد الخمس عشرة على ا\ستوي القومي‪ ،‬وفي عام ‪1986‬م كانت مشاركتهم على‬
‫ا\ستوي الو‪V‬ئي‪^ ،‬ن مقاعد الخريج‪ C‬الثمانية والعشرين قد وُزعت ب‪ C‬و‪V‬يات‬
‫السودان ا\ختلفة‪ .‬وبناءً على ما تقدم فإن مشاركة ا\غترب‪ C‬في ا‪V‬نتخابات القادمة تُعد‪š‬‬
‫ضرورة قومية‪ ،‬واستحقاقاً دستورياً ومطلباً سياسياً‪ ،‬فلذا طالبت بعض ا^حزاب‬
‫السياسية ومؤسسات ا\جتمع ا\دني بضرورة إقرارها في مسودة قانون ا‪V‬نتخابات‬
‫القومية قبل إجازتها‪ ،‬وتحديد الكيفية التي يتم بها حصر ا\غترب‪ C‬في مواطن مهجرهم‬
‫ا\ختلفة‪ ،‬وتسجيل الناخب‪ C‬ا\ؤهل‪ C‬منهم‪ ،‬وتخصيص آليات محايدة تشرف على‬
‫ا?حصاء‪ ،‬والتسجيل‪ ،‬وا‪V‬قتراع‪ ،‬وفرز أصوات الناخب‪ .C‬إ‪ V‬أن اللجنة ا\ُشر˜عة لقانون‬
‫ا‪V‬نتخابات القومية لسنة ‪2008‬م قد غضت الطرف عن هذا ا\طلب ا\شروع‪.‬‬

You might also like