You are on page 1of 50

‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬

‫مقــدمة‬

‫تختلف العقود باختالف موضوعاتها و غاياتها و القواعد و األحكام المنظمة لكل منها ‪،‬فالبيع مثال موضوعه‬
‫نقل الملكية بع وض و لما ك ان ه دف المش تري من الش راء الحص ول على الم بيع بكافة س لطات المالك علي ه‪،‬و‬
‫االنتف اع به انتفاعا هادئا و مس تمرا فإنه ال يكفي لتحقيق ذلك أن يل تزم الب ائع بنقل ملكية الم بيع إلى المش تري و‬
‫و بمقتض ى هذا‬ ‫تسليمه إليه ‪،‬بل يلزم فضال عن ذلك أن يضمن لهذا األخير ملكية المبيع و حيازته حيازة هادئة‬
‫الضمان يلتزم باالمتناع عن كل ما من شأنه حرمان المشتري من االنتفاع بالمبيع كله أو بعضه ‪.‬‬
‫و يع رف الق انون الم دني عقد ال بيع في الم ادة ‪ 351‬منه ال تي وردت في األحك ام العامة على أنه ( عقد يل تزم‬
‫بمقتض اه الب ائع أن ينقل للمش تري ملكية ش يء أو حقا ماليا في مقابل ثمن نق دي ) و من هنا يمكن ني الق ول أن عقد‬
‫البيع يتميز بأنه ‪ :‬عقد رضائي ( كقاعدة عامة)‪ ،‬عقد ملزم لجانبين ‪ ،‬عقد معاوضة ‪ ،‬عقد ناقل للملكية‪ .‬وبما أنه‬
‫عقد ملزم لجانبين فمتى كان صحيحا فإنه يرتب التزامات متقابلة على عاتق طرفيه تخول ألحداهما الدفع بعدم‬
‫التنفيذ طبقا لنص المادة ‪ 123‬من القانون المدني أو طلب الفسخ طبقا لنص المادة ‪ 119‬من القانون الم دني و ذلك‬
‫متى توافرت الشروط‪ ،‬وما يهمني هي االلتزامات الواقعة على عاتق البائع بسبب عقد البيع وهي ‪ :‬االلتزام بنقل‬
‫ملكية المبيع إلى المشتري طبقا لنص المادة ‪ 361‬من القانون المدني ‪ ،‬وااللتزام بتسليم المبيع إلى المشتري طبقا‬
‫لنص الم ادة ‪ 364‬من الق انون الم دني ‪ ،‬وك ذلك االل تزام بض مان ع دم التع رض و ض مان االس تحقاق طبقا لنص‬
‫المادة ‪ 371‬من القانون المدني و االلتزام بضمان العيوب الخفية ‪ ،‬وموضوع الدراسة ينصب على االلتزام الثالث‬
‫أال و هو ضمان عدم التعرض و االستحقاق ‪.‬‬
‫و ال تزام الب ائع بالض مان يعد في حقيقة األمر التزاما مزدوجا فهو من ناحية يل تزم بع دم التعرض شخص يا‬
‫للمشتري أي التزام باالمتناع ‪ ،‬ومن ناحية أخرى يلتزم بضمان التعرض الصادر من الغير و هذا التزام إيجابي‬
‫فإذا حصل تعرض التزم هذا األخير بدفعه تنفيذا عينيا اللتزامه ‪،‬فإذا أخفق في دفعه و استحق المبيع للغير جزئيا‬
‫أو كليا فيلتزم بضمان االستحقاق ‪ ،‬وااللتزام بالضمان يعتبر مجرد امتداد لاللتزام بالتسليم إذ ال جدوى من تسليم‬
‫المبيع إذا كان يعقبه ما يؤدي إلى سلب ملكية المشتري أو إلى حرمانه من االنتفاع بالمبيع ‪.‬‬
‫و يالحظ أن االل تزام بض مان عدم التع رض و االس تحقاق لا يقتصر على عقد ال بيع و إنما يوجد في كافة‬
‫التص رفات الناقلة للملكية كالهبة و الش ركة و ك ذلك القس مة والش فعة ‪ ،‬كما يوجد هذا االل تزام أيضا في العق ود‬
‫الواردة على حق االنتفاع كاإليجار و اإلعارة ‪،‬و لذلك كان من المفروض و ضع أحكام الضمان ضمن النظرية‬
‫العامة لاللتزام ‪،‬و لكن مرعاة من المشرع في أن عقد البيع هو العقد الذي يغلب فيه استعمال الضمان فقد رأى أن‬
‫اريخي لعقد‬ ‫ور الت‬ ‫الرجوع إلى التط‬ ‫رى و ب‬ ‫يضع فيه القواعد العامة له ‪ ،‬كما أنه و من جهة أخ‬

‫‪1‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬

‫البيع خاصة في القانون الروماني فإن الضمان مرتبط بهذا النوع من العقود‪ ،‬و لقد انتهج القانون المدني الفرنسي‬
‫ه ذا النهج فنظم أحك ام الض مان في عقد ال بيع و اتبعه في ذلك الق انون المص ري و ك ذلك الق انون الجزائ ري ال ذي‬
‫نص على ذلك في القانون المدني منه‪ ،‬و اكتفى في العقود األخرى باإلحالة إليه مع بيان ما يتميز به الضمان في‬
‫كل عقد من أحكام مختلفة عنه‪.‬‬
‫و هو ما أالحظه في تنظيم المش رع ألحك ام عقد اإليج ار إذ م يز الض مان ببعض األحك ام الخاصة ‪ ،‬نظ را‬
‫ألهمية ه ذا العقد البالغ ة في الحي اة االجتماعية و حماية للط رف الض عيف في ه ذا العقد و هو المس تأجر ال ذي ال‬
‫يطلب تمليك المنفعة أو العين الم ؤجرة كما هو الح ال بالنس بة للمش تري إزاء الم بيع ‪ ،‬ولكنه يس عى إلى ض مان‬
‫االنتفاع المؤقت بالعين المؤجرة فقط ‪.‬‬
‫و إذا ك ان المش رع قد أورد أحك ام الض مان في عقد ال بيع و م يز كل عقد بأحك ام خاصة كما فعل في عقد‬
‫اإليج ار‪.‬إال أنه في عقد الش ركة طبق الض مانين معا و ك ان المعي ار الفاصل بينهما هو طبيعة الحصة ال تي ق دمها‬
‫الش ريك و أس اس تق ديمها‪ ،‬هل هي على أس اس التمليك أو على أس اس االنتف اع ؟ و نظ را ألهمية الموض وع و‬
‫انعكاساته على الحياة االجتماعية واالقتصادية ‪ ،‬ارتأينا تناول الموضوع و تفصيله من خالل طرح عدة إشكاالت‬
‫أهمها ‪:‬‬
‫‪ -1‬ما مفهوم ضمان عدم التعرض و ضمان االستحقاق ؟‬
‫‪ - 2‬كيف تناول المشرع أحكام ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع ؟ ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ما الذي يميز هذا الضمان في عقد اإليجار ؟ ‪.‬‬
‫‪ - 4‬كيف يتم تطبيق الضمانين على عقد الشركة ؟ أو باألحرى كيف يتم الضمان في عقد الشركة ؟ ‪.‬‬
‫و لإلجابة على ه ذه اإلش كاالت و غيرها اتبعت أس لوب تحليلي مس تعينة أحيانا بأس لوب مق ارن متبعة في ذلك‬
‫الخطة التالية‪:‬‬
‫الخطـة‪:‬‬

‫ضمان عدم التعـرض و ضمان االستحقاق في عقد البيـــــع‬ ‫الفــصل األول‪:‬‬


‫و تطبيقـاته على عقـد الشركـــة‬

‫المبحث األول ‪ :‬ضمان عدم التعرض في عقد البيع‬


‫المطلب األول ‪ :‬ضمان عدم التعرض الشخصي‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬ضمان عدم تعرض الغير في عقد البيع‬

‫‪2‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬ضمان االستحقــــــاق في عقد البيع‬
‫المطلب األول ‪ :‬عناصر الرجوع في حالة االستحقاق الكلي‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬عناصر الرجوع في حالة االستحقاق الجزئي‬
‫المطلب الثالث‪ :‬االتفاقات المعدلة ألحكام ضمان االستحقاق‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تطبيقات أحكام الضمان في عقد البيع على عقد الشركة‬
‫المطلب األول ‪ :‬طبيعة الحصص المقدمة في عقد الشركة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مجال تطبيق أحكام ضمان البيع على عقد الشركة‬

‫الفصـل الثانــي ‪ :‬ضمان عدم التعرض واالستحقاق في عقد اإليجار‬


‫وتطبيقاتهـ على عقد الشركة‬

‫المبحث األول ‪ :‬ضمان عدم التعرض في عقد اإليجار‬


‫المطلب األول ‪ :‬ضمان المؤجر ألعماله الشخصية‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬ضمان المؤجر لعدم تعرض الغير‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬ضمان االستحقاق في عقد اإليجار‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬تطبيقات أحكام الضمان في عقد اإليجار على عقد الشركة‬
‫المطلب األول ‪ :‬طبيعة الحصص المقدمة في عقد الشركة‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مجال تطبيق أحكام ضمان اإليجار على عقد الشركة‬

‫الخـاتمـــــــــة ‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬ضمان عدم التعرض واالستحقاق في عقد البيع‬


‫وتطبيقاتهـ على عقد الشركة‬

‫‪3‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫يخضع كل من عقد البيع وعقد الشركة وعقد اإليجار اللتزام مهم يتمثل في ضمان التعرض واالستحقاق‬
‫المترتب عن نقل الملكية أو االلتزام بتسليم الحصة المتفق عليها إلنشاء الشركة أو االلتزام بتسليم العين‬
‫المؤجرة (‪.)1‬‬
‫ويتناول هذا الفصل ضمان التعرض واالستحقاق في عقد البيع وتطبيقاته على عقد الشركة وينشأ هذا‬
‫الضمان على البائع عندما يستلم المشتري المبيع ومن ثم يجب على البائع أن يقوم بتنفيذ التزاماته ومن بينها‬
‫تمكين المشتري من المبيع واالنتفاع به انتفاعا هادئا‪ ،‬وفي حالة ثبوت ملكية المبيع للغير كله أو بعضه فيقع‬
‫عليه االلتزام بالتعويض إذا كان له مبرر أي ضمان االستحقاق‪ .‬إال أن البائع يلتزم بالتزام واحد وأصيل وهو‬
‫ضمان التعرض‪ ،‬أما ضمان االستحقاق فهو نتيجة يلجأ إليها في حالة فشل هذا األخير في تنفيذ التزامه أي‬
‫عدم تمكنه من التنفيذ العيني فيتوجب عليه حينها القيام بالتنفيذ بمقابل ( ضمان االستحقاق ) ويقصد به ثبوت‬
‫حق للغير على المبيع مهما كان هذا الحق سواء كان عيني كالملكية أو حق متفرع عنها كحق االرتفاق أو‬
‫حق غير عيني كحق اإليجار أو كان هذا االستحقاق كليا أو جزئيا‪.‬‬
‫وقد يضاف إلى ضمان التعرض كلمة (عدم) وتصبح ضمان عدم التعرض وعندها يتغير المعنى وحيث‬
‫يقصد (بضمان التعرض) ترتيب المسؤولية المالية على البائع في رد الثمن أو التعويض للمشتري في حالة‬
‫االستحقاق فيقصد (بضمان عدم التعرض) هو التكفل أي أن البائع يكفل ويضمن للمشتري عدم تعرض احد‬
‫له في المبيع‪ ،‬ويالحظ أن المشرع الجزائري قد استعمل المصطلحين في القانون المدني فاستعمل في المادة‬
‫‪ 371‬منه والمتعلقة بعقود البيع مصطلح (ضمان البائع عدم التعرض ) واستعمل في المادة ‪ 483‬منه‬
‫المتعلقة بعقود اإليجار مصطلح ( ضمان التعرض)‪.‬‬
‫وقد يطلب المشتري كفيال من البائع قبل إبرام العقد والغاية من ذلك هو الرجوع بالضمان على الكفيل في‬
‫حالة إعسار البائع ألنه يبقى ملتزما إلى جانبه ويتحقق هذا االلتزام إذا كان سبب التعرض قائما وقت إبرام‬
‫البيع سواء بفعل البائع أو بفعل الغير ويحرم المشتري كليا أو جزئيا من المبيع فال يكفي مجرد الخوف(‪.)2‬‬

‫ــــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬عبد الرزاق السنهوري‪،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬العقود التي تقع على الملكية(البيع والمقاضية )دار التراث العربي‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫(‪ –)2‬عبد الرزاق السنهوري – نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.626‬‬

‫ولقد نظم المشرع هذا الموضوع في الباب السابع المتضمن العقود المتعلقة بالملكية في الفصل األول منه‬
‫الخاص بعقد البيع المواد من ‪ 371‬إلى ‪ 378‬من القانون المدني الجزائري وعليه سنتناول في هذا الفصل األول‬
‫ضمان عدم التعرض واالستحقاق في عقد البيع وتطبيقاته على عقد الشركة ونخص المبحث األول منه لضمان‬
‫عدم التعرض والذي يتضمن في المطلب األول ضمان عدم التعرض الشخصي وفي المطلب الثاني ضمان عدم‬
‫تعرض الغير أما المبحث الثاني فخصصناه لضمان االستحقاق وخصصنا المطلب األول منه لعناصر الرجوع‬
‫في حالة االستحقاق الكلي أما المطلب الثاني فيتضمن عناصر الرجوع في حالة االستحقاق الجزئي أما المطلب‬
‫‪4‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫الثالث فيتضمن االتفاقات المعدلة ألحكام الضمان وفي المبحث الثالث نتعرض إلى تطبيقات أحكام الضمان للبيع‬
‫المطبقة على عقد الشركة‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ضمان عدم التعرض في عقد البيع‬


‫يعرف التعرض بأنه كل عمل مادي أو قانوني يصدر من البائع ويحول دون حيازة المشتري للمبيع حيازة‬
‫هادئة ودون االنتفاع به بحسب الغرض المعد له والذي كان سبب شراءه للمبيع سواء كانت الحيلولة كلية أو‬
‫جزئية‪ ،‬ولقد جمع المشرع الجزائري ضمان التعرض الشخصي وضمان تعرض الغير في نص المادة ‪ 371‬من‬
‫القانون المدني والتي تنص ( يضمن البائع عدم التعرض للمشتري في االنتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان‬
‫التعرض من فعله أو من فعل الغير يكون له وقت البيع حقا على المبيع يعارض به المشتري ويكون البائع مطالبا‬
‫بالضمان ولو كان حق ذلك الغير قد ثبت بعد البيع وقد آل إليه هذا الحق من البائع نفسه)(‪.)1‬‬
‫ويتضح من هذا النص أن ضمان التعرض الشخصي ال يشترط فيه أن يكون تعرضا قانونيا إذ أن البائع‬
‫بمقتضى عقد البيع ملتزم باالمتناع عن التعرض للمشتري ولو كان تعرضا ماديا‪ .‬أما تعرض الغير فال يضمنه‬
‫البائع إال إذا كان تعرضا قانونيا(‪.)2‬وعليه يوجد نوعين من التعرض‪:‬‬
‫أ‪ /‬تعرض شخصي‪.‬‬
‫ب‪ /‬تعرض صادر من الغير‪.‬‬
‫ولكل نوع خصوصيته وعليه قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين نخصص المطلب األول لدراسة ضمان عدم‬
‫التعرض الشخصي وفي المطلب الثاني ضمان عدم تعرض الغير‪ ،‬أما المطلب الثالث فسنتطرق إلى تطبيق أحكام‬
‫هذا الضمان على عقد الشركة‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬المادة ‪ 371‬من القانون المدني الجزائري تقابلها المادة ‪ 439‬قانون مدني مصري وهي أكثر وضوحا إذ تنص (ويكون البائع ملزما بالضمان ولو‬
‫كان األجنبي قد ثبت حقه بعد البيع إذا كان هذا الحق قد آل إليه من البائع نفسه) وهي مطابقة للنص الفرنسي الذي يقول‪:‬‬
‫( ‪Le vendeur est tenu de la garantie, encore que le droit de tiers soit postérieur à la vente, pourvu qu'il procède du‬‬
‫‪) vendeur lui même‬‬
‫(‪ - )2‬محمد حسنين – عقد البيع في القانون المدني الجزائري‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬ص ‪.128‬‬

‫المطلب األول‪ :‬ضمان عدم التعرض الشخصي‬


‫يستند التزام البائع بالضمان إلى عقد بيع صحيح فال التزام إذا كان العقد باطـال بطالنا مطلقا أو قضي‬
‫بإبطالـه( بطالن نسبي)‪ ،‬والتعرض الشخصي هو كل عمل‪ ،‬مادي أو قانوني مباشر أو غير مباشر صادر من‬
‫البائع ويكون من شأن هذا العمل حرمان المشتري من االنتفاع بالمبيع كليا أو جزئيا وااللتزام بالضمان أن يمتنع‬
‫‪()1( .‬‬ ‫عن القيام بهذه األعمال عمال بقاعدة( من وجب عليه الضمان امتنع عليه التعرض‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم التعرض الشخصي‬

‫‪5‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫قد يكون التعرض تعرضا ماديا أو قانونيا سواء كان مباشرا أو غير مباشر في كلتا الحالتين‪ ،‬إال أن التقسيم‬
‫األول هو الشائع والذي سنخصه بالدراسة‪.‬‬
‫التعرض المادي‪ :) trouble de fait ( :‬هو الذي ال يستند فيه البائع إلى حق يدعيه‪ ،‬بحيث يترتب‬ ‫‪)1‬‬
‫عليه حرمان المشتري من االنتفاع بالمبيع كليا أو جزئيا وقد يكون مباشرا ( كاغتصاب البائع للعين المبيعة من‬
‫المشتري ) وقد يكون غير مباشر ( كما إذا تسبب البائع في أن تصدر جهة اإلدارة قرارا يحد من االنتفاع‬
‫باألرض المبيعة )(‪ ، )2‬وهذا التقسيم بدوره يتفرع إلى قسمين‪:‬‬
‫‪ /1‬أعمال مادية محضة‪ :‬كقيام شخص ببيع براءة اختراعه ثم يقوم باستغاللـها بعد ذلك‪ ،‬فان هذا االستغالل يعتبـر‬
‫تعرضا(‪ )3‬أما إذا تعرض البائع للمشتري بعمل من أعمال التعدي أو العنف فانه يكون مسؤوال عن عمله كأي‬
‫شخص أخر ارتكب عمال غير مشروع‪ ،‬ال كبائع ملتزم بضمان عدم التعرض‪.‬‬
‫‪ /2‬أعمال مادية ناتجة عن تصرفات قانونية‪ :‬فالتصرف القانوني الصادر من البائع إلى الغير يعد عمال ماديا‬
‫بالنسبة للمشتري ألنه ليس طرفا في هذا التصرف‪ .‬ومثال ذلك أن يقوم البائع ببيع الشيء مرتين فهنا نكون أمام‬
‫تعرض مزدوج فهو تعرض من المشتري الثاني ( يعتبر كغير ألنه استمد حقه من تصرف البائع ) وعليه فان‬
‫مصدر هذا التعرض واصله هو البائع‪.‬‬
‫‪ )2‬التعرض القانوني ‪:) trouble de droit ( :‬هو الذي يستند فيه البائع إلى حق ( كما إذا ادعى انه مالك للمبيع‬
‫أو صاحب حق عيني كحق انتفاع أو ارتفاق أو صاحب حق عيني آخر )(‪trouble de droit atteinte ( )4‬‬
‫‪ ، )fondée sur un droit prétendu‬كما قد يستند البائع إلى حق سابق عن عقد البيع أو الحق له كأن يبيع‬
‫البائع عقار للمشتري دون أن تتم إجراءات الشهر التي تؤدي إلى نقل الملكية وخالل هذه المدة يرفع البائع‬
‫دعوى على المشتري باعتباره انه ال يزال مالكا للعقار‪ ،‬ففي هذه الحالة يستطيع المشتري أن يدفع بضمان‬
‫البائع لتعرضه‪ ،‬إذ انه ال يجوز االسترداد لمن وجب عليه الضمان‪.‬‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫(‪ - )1‬عبد الرزاق السنهوري ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.622‬‬
‫(‪- )2‬خليل احمد حسن قدادة ‪،‬الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬عقد البيع‪ ،‬الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‬
‫ص ‪.128‬‬
‫(‪ - )3‬عبد الرزاق السنهوري ‪ -‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.627‬‬
‫(‪ - )4‬توفيق حسن فرج‪ -‬الوجيز في عقد البيع‪ ،‬طبعة ‪ ، 1988‬الدار الجامعية ‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪.120‬‬

‫أو أن يبيع عينا غير مملوكة له ثم يصبح مالكا لها لسبب من أسباب الملكية ( اإلرث ‪ ،‬الوصية ‪ ) .. ،‬فيحتج‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫البائع بصفته الجديدة ففي هذه الحالة يستطيع المشتري الدفع بالتزام البائع بالضمان‬
‫‪ -‬فهل يعتبر تملك البائع للعقار بالتقادم المكسب تعرضا للمشتري ؟ ‪.‬‬
‫ففي هذا المجال تعددت اآلراء ‪ ،‬حيث استقر ( القضاء الفرنسي ) ‪ :‬على أن البائع ال يستطيع في هذه الحالة أن‬
‫يحتج بالتقادم على المشتري‪ ،‬ألنه ملتزم بالضمان وهذا االلتزام أبدي ال يسقط بالتقادم ويحق للمشتري في هذه‬
‫الحالة أن يتمسك بقاعدة ( من وجب عليه الضمان امتنع عليه التعرض ) إال أن هذا الرأي مردود عليه على‬
‫أساس أنه متى تم فعال التعرض من البائع كان للمشتري دعوى الرجوع عليه وهذه الدعوى تسقط كسائر‬

‫‪6‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫الدعاوى بانقضاء ‪ 15‬سنة من وقت وقوع التعرض‪ .‬إال أن ( القضاء في مصر) انقسم إلى قسمين‪ :‬فاألول يؤيد‬
‫رأي محكمة النقض الفرنسية أما الثاني فله وجهة نظر أخرى‪ ،‬على أساس أن التزام البائع ابدي أي انه في حالة‬
‫وقوع تعرض ولو بعد مضي ‪ 15‬سنة وجب على البائع الضمان أما إذا وقع التعرض فعال وسكت عليه المشتري‬
‫ومضى على وضع يد البائع ‪ 15‬سنة انقلب سببا مشروعا للتملك ‪ ،‬ال يحول دون التزام البائع بالضمان ‪.‬أما فيما‬
‫يخص ( اجتهادات المحكمة العليا ) فإننا لم نجد أي قرار أو اجتهاد يخص هذه النقطة بالتفسير وعليه نرجع إلى‬
‫موقف القضاء الفرنسي ألنه األقرب للصواب في نظرنا‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص ضمان عدم التعرض الشخصي وشروطه‬


‫ولهذا االلتزام خصائص و شروط يجب توفرها وهي‪:‬‬
‫‪ )1‬خصائص ضمان التعرض الشخصي‪ :‬يتصف االلتزام بضمان التعرض الشخصي بالخصائص التالية ‪:‬‬
‫‪ /1‬عدم قابليته للتجزئة ‪ :‬فهو التزام باالمتناع عن عمل من شأنه أن يحرم المشتري من االنتفاع من المبيع‬
‫كليا أو جزئيا ‪ ،‬فال يمكن أن ينفذ البائع جزء منه دون اآلخر‪ .‬فإذا كان المبيع قابل لالنقسام وتعدد البائعون‬
‫فال يجوز ألي منهم أن يتعرض للمشتري في أي جزء من المبيع ‪ ،‬ذلك الن هذا االلتزام ال يقبل التنفيذ‬
‫الجزئي وبالتالي فإن الدفع بالضمان بدوره ال يقبل التجزئة ‪.‬‬
‫‪ /2‬انه التزام مؤبد ‪ :‬فال يجوز للبائع أن يتعرض للمشتري مهما طال الزمن على انعقاد عقد البيع ولقد أخذ‬
‫المشرع الجزائري بمبدأ أبدية الضمان ووضح ذلك في المادة ‪ 371‬من القانون المدني ونص على أن (التزام‬
‫البائع بضمان تعرضه الشخصي ابدي ال يسقط بالتقادم) فااللتزام بالضمان من شأنه أن يمنع البائع من‬
‫التمسك بالتقادم المكسب والمسقط على السواء وهذا ما جرى عليه قضاء محكمة النقض الفرنسية‪ ،‬أما محكمة‬
‫النقض المصرية ذهبت إلى أن االلتزام بالضمان اليحول دون اكتساب البائع للملكية بالتقادم المكسب وإ ن‬
‫كان يحول دون سقوط دعوى صحة ونفاذ عقد البيع بالتقادم‪ ،‬وأرى أن قضاء محكمة النقض الفرنسية قضاء‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫منطقي يتفق مع القول بأبدية االلتزام بالضمان فهو األرجح‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬تنص المادة ‪ 398‬ف ‪ 2‬من القانون المدني (يعتبر البيع صحيحا في حق المشتري إذا اكتسب البائع ملكية المبيع بعد انعقاد البيع)‪ .‬فالبائع ليس‬
‫ملزم بالتزامين‪ :‬التزام بضمان عدم التعرض وآخر بضمان االستحقاق بل هو التزام واحد ( ضمان عدم التعرض) ‪.‬‬
‫(‪ -)2‬خليل احمد حسن قدادة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪( 147‬قرار بتاريخ ‪،1986/ 06/ 25‬مجلة قضائية سنة ‪ 1992‬عدد ‪ 3‬ص ‪.)11‬‬

‫‪ /3‬انتقال االلتزام بالضمان إلى الورثة‪ :‬إن المدين في االلتزام بالضمان هو البائع ويتعهد هذا األخير‬
‫باالمتناع عن القيام بأي تعرض للمشتري في المبيع ألنه خرج من ملكيته فال يمكن التصرف فيه ألنه أصبح‬
‫ملكا للمشتري ‪،‬أما بالنسبة للدائن فهو الذي يلزم البائع بتنفيذ التزامه واالمتناع عن أي تعرض يحول دون‬
‫انتفاعه بملكية المبيع وبما أن المدين هو البائع فهل ينتقل هذا االلتزام إلى ورثته؟ ‪.‬إننا نجد كل من (القانون‬
‫الجزائري) و(القانون المصري) ينصان على عدم إمكانية انتقال االلتزام بالضمان إلى الورثة بل يبقي في‬
‫تركة البائع فال يستطيع الورثة أن يستوفوا حقوقهم من التركة إال بعد سداد الديون‪،‬عكس ما ذهب إليه‬
‫(القانون الفرنسي) وهو إمكانية انتقال الدين إلى الورثة عند قبولهم التركة وال يمكن أن يكون هذا الضمان‬

‫‪7‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫دين إال في حالة وقوع التعرض وفشل البائع في دفعه فيلتزم بالتنفيذ عن طريق التعويض وفي حالة وفاة‬
‫البائع ينتقل هذا الدين إلى تركته‪،‬حيث جاء في الحكم الصادر عن محكمة النقض المصرية بتاريخ‬
‫‪ 29/04/1975‬أن التزام البائع بالضمان من االلتزامات الشخصية التي تنشأ عن عقد البيع بمجرد انعقاده‬
‫فيتعين عليه تنفيذه عينا بدفع ادعاء الغير بجميع الوسائل القانونية فان لم ينجح وجب عليه تنفيذ التزامه عن‬
‫طريق التعويض ويتنقل هذا االلتزام من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم كذلك والى األبد التعرض للمشتري‬
‫فيما كسب من حقوق بموجب العقد‪ ،‬ولكن مع غياب نص قانوني جزائري يدعم هذا االجتهاد فانه اليمكن‬
‫االستناد على االجتهاد المصري وإ نما يتعين علينا االكتفاء بالقواعد العامة للقانون‪ .‬فال ينتقل هذا االلتزام إلى‬
‫الخلف الخاص وال إلى دائن البائع ومنه يبقى الملزم بالضمان البائع فقط(‪ .)1‬وتجدر اإلشارة إلى أن ضمان‬
‫التعرض ال يقبل االنقسام بين ورثة البائع بينما ضمان االستحقاق يقبل ذلك‪ ،‬فإذا تعدد الورثة ليس على‬
‫المشتري أن يطالب بالتعويض إال في حدود نصيب كل وارث‪ ،‬أما بالنسبة للدائن في االلتزام بالضمان فهو‬
‫المشتري‪.‬فهل يمكن انتقال هذا االلتزام إلى ورثته؟‪.‬‬
‫‪.‬فالتزام البائع بالضمان يشمل كل أنواع‬ ‫(‪)2‬‬
‫نعم ينتقل حق المشتري في الضمان إلى خلفه العام والخاص‬
‫البيوع سواء كانت قضائية أو إدارية أو رضائية بخالف ضمان العيوب الخفية(‪.)3‬‬
‫‪ )2‬شروط هذا االلتزام‪ :‬فليس كل عمل يعد تعرضا يصح أن يقوم على أساسه االلتزام بالضمان‪ ،‬بل هناك‬
‫شروط يجب توفرها ومن هذه الشروط ما يتعلق بعقد البيع ومنها ما يتعلق بالتعرض في حد ذاته‪.‬‬
‫أ) الشروط المتعلقة بعقد البيع ‪:‬‬
‫‪ /1‬أن يكون العقد صحيحا‪ :‬فال التزام بالضمان إذا كان العقد باطال بطالنا مطلقا أو قضي بإبطاله في حالة‬
‫البطالن النسبي(‪.)4‬‬

‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪–1‬أنور طلبة – عقد البيع في ضوء قضاء النقض‪ ،‬توزيع دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.157‬‬
‫(‪ –)2‬عبد الرزاق السنهوري– مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.635‬‬
‫(‪ – )3‬محمد حسنين – مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.149‬‬
‫(‪ - )4‬محمد حسنين – نفس المرجع ‪ ،‬ص‪ ،128‬يكون العقد باطل بطالنا مطلقا كقاعدة عامة (إذا تخلف ركن من أركانه واستثناء –الرسمية – في‬
‫العقود المنصوص عليها في المادة ‪ 324‬مكرر‪ 1‬من القانون المدني) أما البطالن النسبي ( في حالة ما إذا شاب إرادة احد الطرفين عيب من عيوب‬
‫اإلرادة (الغلط‪ ،‬التدليس‪ ،‬اإلكراه‪ ،‬االستغالل‪ ،‬نقص األهلية ) ‪.‬‬

‫‪/2‬أن يكون العقد عقد بيع‪ :‬أي عقد يتضمن االلتزام بضمان التعرض واالستحقاق الن العبرة بالتكييف‬
‫القانوني ال الوصف الذي يعطيه األطراف‪ ،‬وفي هذه الحالة فان القاضي غير مقيد بهذا الوصف وإ نما له‬
‫السلطة التقديرية في التكييف ‪،‬فإذا كان عقد البيع وارد على عقار فال يهم أن يكون مسجل أو غير مسجل إال‬
‫(‬
‫انه بصورته هذه ينشأ التزامات شخصية على عاتق البائع ومن بينها االلتزام بضمان التعرض واالستحقاق‬
‫‪ ،)1‬وذلك على خالف ماتراه األستاذة(ليلى زروقي)في محاضراتها (أن االلتزامات التي تقع على البائع من‬
‫تسليم وضمان) تبدأ من تاريخ القيد وليس من تاريخ إبرام العقد‪ .‬كما يتحقق ضمان التعرض في كافة البيوع‬
‫حتى في حالة البيع بالمزاد‪،‬وهذا بخالف الضمان في حالة العيوب الخفية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫ب) الشروط المتعلقة بالتعرض في حد ذاته ‪:‬‬
‫‪ /1‬أن يكون التعرض صادر من البائع‪ :‬أي أن يحول البائع دون االنتفاع بالمبيع كليا أو جزئيا وبغض‬
‫فال يعد تعرضا من البائع‬ ‫(‪)2‬‬
‫النظر عما إذا كان التعرض كان ماديا أو قانونيا‪ ،‬أو كان مباشرا أو غير مباشر‬
‫إذا قام بالتنفيذ الجبري على المبيع استيفاء للثمن أو فسخ العقد لعدم دفع الثمن أو استعماله لحق الشفعة الذي‬
‫ال يتضمن إنكار لحق المشتري األصلي‪.‬‬
‫‪ /2‬أن يقع التعرض فعال ‪ :‬فال يكفي احتمال وقوع التعرض أو تهديد البائع المشتري بالتعرض له‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬جزاء اإلخالل بضمان عدم التعرض الشخصي‬


‫ويتمثل جزاء اإلخالل بهذا االلتزام في انه إذا كان هذا التعرض تعرضا ماديا‪ ،‬يمكن أن يطالب المشتري‬
‫بالتنفيذ العيني‪،‬أو يطلب الفسخ( مع التعويض في الحالتين) وفقا للقواعد العامة ويقضي بالتنفيذ العيني إن كان‬
‫ممكنا كما لو كان المبيع منقوال واغتصبه البائع فيحكم برده للمشتري ما لم يكن البائع قد تصرف فيه لمشتر آخر‬
‫حسن النية وسلمه له وتمسك المشتري الجديد بقاعدة ( الحيازة في المنقول سند الحائز) أو كان المبيع عقارا‬
‫واغتصبه البائع أو بني فيه‪ ،‬فيحكم بطرد البائع ووقف األعمال الجديدة فيه أو هدمها‪ ،‬وللقاضي هنا أن يحكم‬
‫بالغرامات التهديدية على البائع وذلك لحمله على التنفيذ العيني اللتزامه بعدم التعرض‪ .‬وإ ذا كان هذا التعرض‬
‫تعرضا قانونيا كرفع البائع دعوى على المشتري وهي دعوى استرداد المبيع و تثبيت الملكية و للمشتري أن يدفع‬
‫بدعوى االلتزام بالضمان وتقضي المحكمة برفض الدعوى وللقاضي أن يحكم بفسخ البيع إذا طلبه المشتري‬
‫وكان تعرض البائع جسيما‪ ،‬وله أن يرفض طلب الفسخ ألن هذا الطلب يخضع لتقدير القاضي طبقا للقواعد‬
‫العامة‪ ،‬ما لم يكن متفقا على اعتبار العقد مفسوخا من تلقاء نفسه عند تعرض البائع‪ ،‬حيث يتعين على القاضي أن‬
‫يقضي بالفسخ في هذه الحالة مع مراعاة قواعد األعذار ويحكم القاضي بتعويض المشتري في جميع األحوال إذا‬
‫(‪)3‬‬
‫أصابه ضرر نتيجة تعرض البائع له وطلب المشتري تعويض هذه األضرار‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬سليمان مرقس – شرح القانون المدني‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬دار الهناء للطباعة القاهرة‪ ،‬ص ‪.366‬‬
‫(‪ –)2‬توفيق حسن فرج – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫(‪ –3‬عبد الناصر توفيق العطار – شرح أحكام البيع‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.220‬‬

‫ويمكن تعديل أحكام هذا الضمان إما عن طريق‪:‬‬


‫أ) اإلعفاء من الضمان‪ :‬فال يمكن للبائع إعفاء نفسه منه حتى ولو اشترط في العقد فان هذا الشرط يقع باطال‬
‫حسب نص الم ادة ‪ 378‬من الق انون الم دني الجزائ ري(يبقىالب ائع مس ؤوال عن كل ن زع يد ينشأ عن فعله ولو‬
‫وقع االتفاق على عدم الضمان ويقع باطال كل اتفاق يقضي بغير ذلك)‪.‬‬
‫ب) االتفاق على زيارة الضمان‪ :‬ومن ذلك أن يشرط المشتري على البائع أن يقدم كفيال بالضمان وذلك في‬
‫حالة ما إذا أراد المشتري االنتفاع بالمبيع انتفاعا خاصا‪ ،‬وقد يشمل هذا االتفاق التوسيع في سبب الضمان أو‬
‫(‪)2‬‬
‫وبالت الي نك ون أم ام الش رط الج زائي (‪)clause pénale‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫في آث ار التع رض كمج ال التع ويض مثال‬

‫‪9‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫وال ذي هو تق دير اتف اقي للتع ويض س واء ك ان عن التنفي ذ أو عن الت أخير فيه ويحصل قبل وق وع الض رر‪.‬‬
‫ويتميز الشرط الجزائي عن باقي الشروط بأنه‪:‬‬
‫‪/1‬التزام تبعي اللتزام أصلي‪(:‬الملزم به المدين أصال) فكل مايلحق االلتزام األصلي يلحق االلتزام التبعي‪.‬‬
‫‪ /2‬التزام احتياطي‪ )subsidiaire(:‬ألنه تعويض‪ ،‬ويكون عند عدم التنفيذ العيني‪.‬‬
‫‪ /3‬تق ديرجزافي‪)forfaitaire(:‬للتع ويض ألنه على اتف اق مس بق‪.‬وللقاضي الس لطة التقديرية في تخفيض‬
‫الضمان بالشرط الجزائي حسب درجة الضرر‪،‬فإذا كان هناك شك في وجود هذه األحكام فانه يتعين تفسير‬
‫الشك لمصلحة المدين(البائع) عمال بأحكام نص المادة ‪ 112‬الفقرة‪ 1‬من القانون المدني الجزائري ‪.‬‬
‫ج) اإلنق اص من الض مان‪ :‬من ذلك االتف اق على إنق اص ما يس تحق المش تري من تعويض ات وه ذه الش روط‬
‫المخففة نجدها مألوفة في مجال العقود وهي ما يعرف بـ‪ )clause de style( :‬وقاضي الموضوع هو الذي‬
‫يفصل في وجود أو عدم وجود مثل هذه الشروط ‪.‬‬
‫‪ -‬فهل تبقي هذه الشروط سارية في حالة ما إذا ثبتت سوء نية البائع؟‬
‫فلإلجابة على هذا السؤال نرجع إلى نص المادة ‪ 377‬فقرة‪ ،1‬فقرة‪ 3‬من القانون المدني الجزائري والتي‬
‫تنص‪:‬في الفق رة‪(1‬يج وز للمتعاق دين بمقتضي اتف اق خ اص أن يزي دا في ض مان ن زع اليد أو ينقصا منه أو‬
‫يس قطاه) وه ذه هي القاع دة العام ة‪ .‬أما الفق رة الثالثة فهي تنص( يك ون ب اطال كل ش رط يس قط الض مان أو‬
‫ينقصه إذا تعمد الب ائع إخف اء حق الغ ير) وه ذا هو االس تثناء‪ ،‬إال أنها تتض من االتفاق ات الخاصة بض مان‬
‫تعرض الغير‪.‬‬
‫‪ -‬فهل يمكن تطبيق أحكام الفقرة الثالثة على االتفاقات الخاصة بضمان التعرض الشخصي؟‬
‫فإذا كان البائع ملزم بضمان تعرض الغير فانه من باب أولى أن يضمن تعرضه الشخصي ومتى كانت‬
‫سوء نيته تحرمه من االس تفادة بتخفيف أحك ام الضمان لتعرض الغير للمش تري فانه من ب اب أولى أن يحرم‬
‫من االستفادة بتخفيف أحكام الضمان لتعرضه الشخصي وذلك عمال بالقاعدة التي مفادها ( أن الغش يفسد كل‬
‫شيء)‪.‬‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.639‬‬
‫(‪ -)2‬هذا الشرط تحكمه المواد( ‪ )183،184‬من القانون المدني الجزائري ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ضمان عدم تعرض الغير في عقد البيع‬


‫يقصد بالغير كل شخص أجنبي عن العقد يدعي حقا على الشيء ويرفع به دعوى على المشتري ويقوم هذا‬
‫الضمان على دفع تعرض الغير الذي يستند على حق يدعيه ويكون ثابت له وقت البيع أو انتقل إليه بعد البيع من‬
‫طرف البائع نفسه‪ ،‬وبالتالي يلتزم هذا األخير بدفع تعرض الغير‪ ،‬و تنص المادة ‪ 371‬من القانون المدني‬
‫الجزائري (‪...‬من فعل الغير يكون له وقت البيع حق على المبيع يعارض به المشتري) فمن هذه الفقرة يتبين لي‬
‫أن التزام البائع بضمان التعرض ال يقتصر فقط على أفعاله الشخصية وإ نما على أفعال الغير والتي تمثل تعرضا‬
‫للمشتري في حيازته ‪ .‬وال يلتزم البائع بان يدفع تعرض الغير إال إذا كان ذلك التعرض قانونيا‪ ،‬بينما أجد أن‬

‫‪10‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫ضمان التعرض الشخصي يلزم البائع باالمتناع عن تعرضه الشخصي سواء كان التعرض ماديا أو قانونيا‬
‫ويشمل ضمان تعرض الغير التزامين على عاتق البائع وهما التزامه بدفع تعرض الغير والتزامه بتعويض‬
‫المشتري إذا ما اثبت الغير ما يدعه من حق وهذا هو ما يسمى بضمان االستحقاق‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم ضمان عدم تعرض الغير‬
‫فهذا االلتزام الذي يقع على البائع يسميه البعض ( التزام الضمان األصلي ) ذلك الن هذا االلتزام يقع على‬
‫البائع وينشأ مباشرة من عقد البيع‪ ،‬فهذا االلتزام ال يتم تنفيذه دفعة واحدة بل يتجدد تنفيذه بتجدد الزمن لذلك فهو‬
‫دائم ال يرد عليه التقادم وهو بطبيعته ال يقبل التجزئة‪.‬حيث أن المادتين ‪ 373 ، 372‬من القانون المدني‬
‫الجزائري نصتا عن حالة ما إذا رفع الغير دعوى استحقاق على المشتري يدعي فيها بأنه يملك المبيع كله أو‬
‫بعضه‪ ،‬أو يدعي حقا على المبيع كحق الرهن مثال أو ينكر فيها حقا للمبيع كحق االرتفاق وعليه فان سبب‬
‫االلتزام قائم مما يستلزم معه قيام التزام البائع بضمان تعرض الغير(‪ )1‬وعلى البائع أن يبدأ في تنفيذ التزامه بان‬
‫يدخل في دعوى االستحقاق إلى جانب المشتري أو أن يحل محله بدفع ادعاء الغير إلى أن يصدر حكما برفض‬
‫دعواه ومتى تحقق ذلك يكون قد نفذ التزامه بضمان تعرض الغير تنفيذا عينيا‪ .‬ومن خالل أحكام هذين المادتين ‪،‬‬
‫نجد أن المشرع وضع إجراءات لكل من المشتري والبائع وذلك الستقرار المعامالت‪ ،‬ذلك ألنه في حالة ثبوت‬
‫ادعاء الغير في دعوى االستحقاق وبحسب نوع الحق الذي يدعيه هذا الغير قد يسلب المبيع من المشتري أو يتم‬
‫اإلنقاص من منافعه كما يمكن فسخ العقد الذي أجراه البائع ونتيجة لذلك يرد ثمن المبيع وما قد يترتب من‬
‫تعويضات‪.‬فكانت المصلحة بينهما مشتركة وهي حماية حقوقهما وكي ال يؤخذ المشتري بسبب جهله وال يفاجئ‬
‫البائع بحكم وقد كان لديه ما يدفعه‪ .‬فإذا قصر احدهما حمله القانون نتيجة تقصيره‪.‬وعلى المشتري متى رفع‬
‫الغير دعوى االستحقاق أن يخطر البائع بذلك(‪ )2‬وال يوجد ما يمنعه من إدخاله في الدعوى كضامن‪ ،‬وعلى البائع‬
‫أن يتدخل ويحل محله وإ ذا علم البائع بذلك عن طريق آخر فانه يجوز له أن يتدخل من تلقاء نفسه‪ .‬كما يجوز‬
‫للغير المدعي في دعوى االستحقاق أن يدخل البائع كضامن (‪.)3‬‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬عبد الرزاق السنهوري – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.663‬‬
‫(‪ -)2‬ليس لهذا اإلخطار مواعيد خاصة وال شكل معين‪ ،‬إال أنه يقع على المشتري عبء اإلثبات إذا كان اإلخطار شفويا‪.‬‬
‫(‪ -)3‬و ذلك تطبيقا للقواعد العامة في قانون اإلجراءات المدنية في األحكام المتعلقة بالتدخل و اإلدخال (المواد‪ 81،82،83:‬قانون اإلجراءات المدنية )‪.‬‬

‫‪ -‬فهل يجوز للمحكمة أن تأمر من تلقاء نفسها بإدخال البائع في الدعوى كضامن؟‬
‫ففي قانون المرافعات المصري وفي المادة ‪ 144‬منه تنص على ذلك‪ .‬وإ ذا رجعنا إلى القانون الجزائري فإننا‬
‫ال نجد نص مقابل ‪ ،‬وقد اعتبرت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 09/02/1981‬تحت رقم ‪21564‬‬
‫( أن القاضي بحكم محايد ال يفصل سوى فيما يعرض عليه من طلبات و ال يتعدى حدودها) وبذلك ال يمكن‬
‫للمحكمة أن تدخل الغير من تلقاء نفسها‪.‬وإ ذا تأخر البائع بعد إخطاره من المشتري يعتبر مقصرا في واجبه‬
‫القانوني‪ ،‬وإ ذا حكم للغير بما يدعيه‪ ،‬حق للمشتري الرجوع على البائع بإلزامه بضمان االستحقاق وما لهذا‬
‫األخير إال أن يدفع بان الحكم الصادر في الدعوى كان نتيجة تدليس أو خطا جسيم صادر من المشتري‪ ،‬وفي‬
‫حالة تصالح المشتري مع الغير دون انتظار صدور حكم قضائي عن حسن نية منه فانه ال يمنع ذلك مطالبة البائع‬

‫‪11‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫بضمان االستحقاق ما لم يثبت البائع أن الغير لم يكن على حق وان المشتري قد تسرع في المصالحة(‪ .)1‬كما‬
‫يستطيع البائع أن يثبت سوء نية المشتري ويكون له دفع رجوع المشتري عليه بالتعويضات وإ ضافة إلى هذا قد‬
‫أما إذا تصالح المشتري مع الغير بمقابل مالي ليكف عن‬ ‫(‪)2‬‬
‫يعود عليه هو بالتعويض إن اقتضى األمر ذلك‬
‫تعرضه‪ ،‬فانه يجوز للبائع أن يتخلص من التزامه بالضمان بان يرد للمشتري المبلغ مع قيمة ما أداه من‬
‫مصاريف الخصام وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 374‬من القانون المدني الجزائري‪ .‬وقد جاء في قرارات‬
‫المحكمة العليا‪ ،‬قرار بتاريخ ‪ 25/06/1986‬تحت رقم ‪( 36889‬من المقرر قانونا أن البائع يضمن عدم‬
‫التعرض للمشتري في االنتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان التعرض من فعله أو من فعل الغير‪ ،‬ومن المقرر‬
‫أيضا إذا رفعت على المشتري دعوى استحقاق المبيع‪ ،‬للبائع أن يتدخل في الخصومة إلى جانب المشتري ومن ثم‬
‫فان القضاء بما يخالف هذين المبدأين يعد مخالفا للقانون‪.‬‬
‫ولما كان من الثابت – في قضية الحال‪ -‬أن قضاة االستئناف برفضهم اعتراض الغير الخارج عن الخصومة‬
‫بحجة أن البائع لقطعة ارض محل النزاع يفقده شرط المصلحة‪ ،‬يكونوا قد خالفوا أحكام المادتين ‪ 372، 371‬من‬
‫القانون المدني اللتان تلزمان البائع بضمان كل تعرض يقع على المشتري مع وجوب التدخل في الخصومة إلى‬
‫(‪.)3‬‬
‫جانب المشتري)‬
‫الفرع الثانـــي‪ :‬خصائص ضمان عدم تعرض الغير وشروطه‬
‫أ) خصائص هذا االلتزام‪ :‬ويتميز هذا االلتزام بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ )1‬انه التزام بالقيام بعمل‪ :‬فهو التزام ايجابي فالبائع يلتزم بدفع التعرض القانوني الصادر من الغير كذلك‬
‫االلتزام بضمان االستحقاق ( ألنه يتمثل في دفع تعويض للمشتري)‪.‬‬
‫‪ )2‬انه التزام بتحقيق نتيجة‪ :‬وهو ضمان نقل كل الحقوق التي باعها إلى المشتري‪.‬‬
‫‪ )3‬أنه غير قابل لالنقسام‪:‬هذا االلتزام ال يقبل التجزئة كسائر االلتزامات بعمل أو االمتناع عن عمل‪.‬‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬عبد الرزاق السنهوري – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.669‬‬
‫(‪ – )2‬عبد الناصر توفيق العطار – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.227‬‬
‫(‪ – )3‬المجلة القضائية‪ ،‬العدد الثالث‪ ،1992 ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪ )4‬انه التزام مؤبد‪ :‬أي أن البائع يلتزم بشكل مستمر ودائم بالقيام بأي عمل من شانه أن يدفع تعرض الغير‬
‫للمشتري‪ .‬أما التزام البائع بضمان االستحقاق فهو التزام فوري ألنه ينفذ دفعة واحدة من خالل دفع التعويض‬
‫للمشتري‪ ،‬ويعتبر ضمان االستحقاق‪ ،‬ضمانا احتياطيا بالنسبة لضمان التعرض إال إذا لم يكن االلتجاء إلى هذا‬
‫األخير‪ ،‬أي بمجرد نجاح الغير في تعرضه والحكم له بما ادعاه من حق على المبيع‪.‬‬
‫ب) شروط االلتزام بضمان تعرض الغير‪:‬ال يكون البائع ضامنا في هذه الحالة إال إذا توفرت الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ )1‬أن يكون التعرض قانونيا‪ :‬أي أن يستند المتعرض إلى حق قانوني يدعيه أما تعرض الغير تعرضا ماديا‬
‫للمشتري فال يضمنه البائع(‪ )1‬أي إذا كان الغير ال يدعي بحق على المبيع ‪ ،‬فان البائع ال يسال وال يكون للمشتري‬
‫إال دفع التعرض بالطرق التي رسمها القانون في هذا الصدد‪ ،‬كأن يرفع دعاوى منع التعرض واسترداد الحيازة‬

‫‪12‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫هذا فضال عن حقه في مطالبة الغير بالتعويضات عما يحدث له من أضرار نتيجة هذا التعرض‪ ،‬وذلك استنادا‬
‫إلى القواعد العامة (‪.)2‬‬
‫‪ )2‬أن يكون الحق المدعى عليه ثابتا له وقت البيع أو آل إليه بعد البيع لكن بفعل البائع‪ :‬ال يخول التعرض‬
‫للمشتري الحق في الضمان إال إذا كان المتعرض يستند إلى حق له‪ ،‬سابق على البيع ويترتب على هذا انه إذا‬
‫كان سبب التعرض الحق على البيع فال يسال عنه البائع ما لم يكن راجعا إلى فعله بعد البيع‪.‬‬
‫‪ )3‬أن يقع التعرض فعال‪ :‬فحق الضمان المقرر للمشتري ال ينشأ إال من وقت منازعة الغير فعال في االنتفاع‬
‫بالمبيع وحيازته حيازة هادئة وال يكفي أن يتضح للمشتري أن المبيع مملوك للغير(‪ ،)3‬بل يلزم تعرض الغير فعال‬
‫للمشتري في االنتفاع بالمبيع وحيازته الهادئة‪ .‬أما إذا كان التعرض محتمل الوقوع فال يمكن مطالبة البائع‬
‫بالضمان‪ ،‬فال يعد التعرض حاال بمجرد وجود رهن على العقار المباع ذلك ألنه يمكن أن يستعمل الدائن المرتهن‬
‫حقه في التنفيذ على العقار ومن جهة أخرى قد يقوم البائع بشطب الرهن عند وفائه بالدين الذي عليه ففي هذه‬
‫الحالة الغير يكون في موقف سلبي‪ ،‬كذلك ال يتحقق التعرض فعال إذا تبين للمشتري أن المبيع مملوك لغير البائع‬
‫ولم يقع تعرض من الغير ويكون المشتري في هذه الحالة إذا ما علم بخطر استحقاق المبيع أن يمتنع عن دفع‬
‫(‪.)4‬‬
‫الثمن‪ ،‬أو يطالب بفسخ العقد أو إبطاله وفقا ألحكام بيع ملك الغير‬
‫ويكون التعرض برفع الدعوى التي تختلف باختالف الحق الذي يدعيه الغير‪ ،‬فقد تكون دعوى استحقاق كلي‬
‫يطالب فيها بكل المبيع أو دعوى استحقاق جزئي يطالب بملكية جزء من المبيع فقط أو دعوى رهن يطالب فيها‬
‫بدين مضمون بالرهن‪.‬‬

‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪ - )1‬خليل احمد حسن قدادة – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.135‬‬
‫(‪ - )2‬حسن فرج ‪ -‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.127‬‬
‫(‪ -)3‬للمشتري الحق في طلب إبطال البيع في حالة بيع ملك الغير‪ ،‬عمال بنص المادة ‪ 397‬قانون مدني جزائري(قرار مؤرخ ‪ 17/02/1988‬ملف رقم‬
‫‪ ،51734‬المجلة القضائية لسنة ‪ 1991‬العدد الثاني‪ ،‬ص ‪.)11‬‬
‫(‪ - )4‬عبد الرزاق السنهوري ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.642‬‬

‫‪ )4‬إن كان الحق مستندا إلى حق ارتفاق‪ :‬فيشترط أن يكون االرتفاق غير ظاهر وان كان مستندا إلى تكليف أيا‬
‫كان فيشترط أال يكون البائع قد اعلم به المشتري‪ ،‬فإذا كان االرتفاق ظاهر فانه دليل على انصراف إرادتهما إلى‬
‫اشتراط عدم الضمان(‪ .)1‬ولكن مجرد تسجيل االرتفاق ال يكفي إلعفاء البائع من ضمان االرتفاق غير الظاهر إذا‬
‫لم يكن قد أفصح عنه للمشتري‪ ،‬كذلك نجد أن المادة ‪ 445‬ف‪ 2‬مدني مصري والتي تقابلها المادة ‪ 377‬فقرة‪2‬‬
‫مدني جزائري تنص ( يفترض في حق االرتفاق أن البائع قد اشترط عدم الضمان إذا كان االرتفاق ظاهرا أو‬
‫كان البائع قد اعلم به المشتري)‪.‬فإذا توفرت هذه الشروط يكون البائع ملزما بضمان عدم تعرض الغير ولو كان‬
‫البيع من البيوع القضائية أو من البيوع اإلدارية وتم بطريق المزاد‪ ،‬وال يمنعه من الضمان إذا كان البيع قد تم‬
‫جبرا عليه نتيجة لقيام دائنيه بالتنفيذ على العين وبيعها بالمزاد‪ ،‬وللراسي عليه المزاد أن يرجع على الدائن بطلب‬
‫رد ما قبضه على أساس دعوى اإلثراء بال سبب وإ ذا كان الدائن يعلم بان المال غير مملوك للمدين فيكون‬

‫‪13‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫الرجوع بدعوى المسؤولية التقصيرية وذلك بعكس ضمان العيوب الخفية على انه ال ضمان للعيب في البيوع‬
‫القضائية وال في البيوع اإلدارية إذا كانت بالمزاد‪.‬وفي حالة مااذا تعاقبت البيوع فان للمشتري األخير أن يرجع‬
‫على البائع له‪ .‬كما يجوز له أن يرجع على البائع األصلي مباشرة على أساس انتقال دعوى الضمان من المشتري‬
‫األول إلى المشتري الثاني بوصفها من ملحقات البيع‪ ،‬وهذه الحالة ليست من حاالت الدعوى المباشرة‪ ،‬الن هذه‬
‫األخيرة ال تكون إال بنص‪ ،‬فهي بمثابة حق امتياز‪ ،‬والن دعوى الضمان قائمة ولو انقضت بالوفاء عالقة االلتزام‬
‫بين البائع األصلي والمشتري األول بعكس الدعوى المباشرة التي يرفعها الدائن على مدين مدينه إذ يشترط أن‬
‫يكون رافعها دائنا لدائن المدعى عليه ويترتب عن كون دعوى الضمان من ملحقات المبيع انه ليس للمشتري‬
‫األول بعد أن باع العين أن يرجع بدعوى الضمان على البائع إذ أن هذه الدعوى قد خرجت من يده وانتقلت إلى‬
‫خلفه‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬األحكام القانونيةـ الخاصة بضمان تعرض الغير‬
‫وأجد هذه األحكام في المواد‪ :‬من ‪ 372‬إلى ‪ 378‬من القانون المدني‪ ،‬إضافة إلى القواعد العامة في نظرية‬
‫االلتزام‪.‬فيكون البائع هو الملزم بالضمان وال يتعدى هذا االلتزام ورثته أو خلفه العام أو دائنوه‪ ،‬أما كفيل البائع‬
‫فيكون ملزما بالضمان حتى ولو ظهر فيما بعد أنه المالك الحقيقي للمبيع فانه ال يمكنه استرداد هذه العين الن من‬
‫وجب عليه الضمان ال يجوز له االسترداد‪ .‬أما المشتري فهو الدائن في االلتزام بضمان تعرض الغير وينتقل هذا‬
‫الحق إلى الخلف العام والخاص ودائن المشتري وبالنسبة لهذا األخير‪ ،‬فإذا باع شخص عينا غير مملوكة له ثم‬
‫استحقت للمشتري فان دائن هذا األخير يستطيع أن يرفع باسم المشتري دعوى على البائع بالضمان ويستوفي‬
‫حقه من التعويض الذي يلزم به البائع للمشتري ولكن يزاحمه في هذه الحالة سائر دائني المشتري حسب قواعد‬
‫الدعوى الغير مباشرة التي تحكمها نص المادتين ‪ 189،190‬من القانون المدني الجزائري‪.‬‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬وقد نصت على ذلك المادة ‪ 445‬ف‪ 2‬من القانون المدني المصري بقولها ( يفترض في االرتفاق أن البائع قد اشترط عدم الضمان إذا كان هذا الحق‬
‫ظاهرا أو كان البائع قد أبان عنه للمشتري) حيث أن هذه الفقرة في المادة ‪ 384‬من القانون المدني الجزائري ال توجد‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ضمان االستحقاق في عقد البيع‬


‫فاالستحقاق هو أن يظهر بعد البيع حقا للغير على المبيع مهما كان نوعه سواء كان(حق ملكية أو أي حق‬
‫آخر) ومتى ثبت االستحقاق للغير حرم المشتري من المبيع سواء كليا أو جزئيا وبمجرد نجاح الغير في تعرضه‬
‫والحكم له بأي حق مما ادعاه على المبيع يعتبر البائع مخال بالتزامه بدفع التعرض(‪ )1‬وال يقبل منه القول بأنه بذل‬
‫جهدا لدفع هذا التعرض و يقع عليه تنفيذ التزامه بطريق التعويض بعد عدم استطاعته التنفيذ عينا أي بالمقابل‬
‫يقوم االلتزام االحتياطي وهو (ضمان االستحقاق) فيحق للمشتري الرجوع على البائع ومطالبته بالتعويض‬
‫بحسب حالة االستحقاق‪ .‬وقد عالج القانون المدني الجزائري أحكام ضمان االستحقاق في الباب الخاص بعقد البيع‬
‫ونظم الواجبات المتقابلة في هذا الموضوع بين البائع والمشتري والمستحق في المواد ‪ 375‬إلى ‪ 378‬من‬
‫القانون المدني‪ ،‬وعند ثبوت الحق الذي يدعيه المعترض على الشيء المبيع فقد منح للمشتري ثالث مسالك‪،‬‬
‫يسلك إحداها لصيانة حقه الذي ضاع‪ ،‬ورفع الضرر الذي لحقه من جراء االستحقاق وتتمثل فيما يلي‪ :‬إما طلب‬
‫‪14‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫فسخ العقد المبرم بينه وبين البائع(‪ )2‬وإ ما طلب إبطاله أو التنفيذ بطريق التعويض ويقصد بالتعويض تضمين‬
‫البائع ضمانا خاصا يلتزم به في حالة ثبوت للغير ما يدعيه في مواجهة حق المشتري‪ ،‬فما هي ياترى عناصر‬
‫االستحقاق؟ وهل هي نفسها في حالة كون االستحقاق كلي أو جزئي؟ وعليه لإلجابة عن هذه التساؤالت تناولنا‬
‫المطلبين التاليين‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬عناصر الرجوع في حالة االستحقاق الكلي‬
‫تنص المادة ‪ 375‬من القانون المدني على انه(في حالة نزع اليد الكلي عن المبيع فللمشتري أن يطلب من‬
‫البائع قيمة المبيع وقت نزع اليد ‪،‬قيمة الثمار التي الزم المشتري بردها إلى المالك الذي نزع يد المشتري عن‬
‫المبيع ‪،‬المصاريف النافعة التي يمكنه أن يطلبها من صاحب المبيع وكذلك المصاريف الكمالية إذا كان البائع‬
‫سيء النية ‪.‬جميع مصاريف دعوى الضمان و دعوى االستحقاق باستثناء ما كان المشتري يستطيع أن يتقيه منها‬
‫لو اعلم البائع بهذه الدعوى طبقا للمادة ‪. 373‬وبوجه عام تعويضه عما لحقه من الخسائر وما فاته من كسب‬
‫(‪.)3‬‬
‫بسبب نزع اليد عن المبيع‪.‬كل ذلك ما لم يقم المشتري دعواه على فسخ البيع أو إبطاله)‬
‫ويالحظ من العبارة األخيرة لهذه المادة أن عناصر التعويض التي عددتها‪ ،‬التوجب إال في حالة رجوع‬
‫المشتري على البائع بضمان االستحقاق الكلي‪ ،‬أما إذا كان رجوع المشتري على أساس دعوى البطالن أوفسخ‬
‫العقد‪ ،‬فليس للمشتري إال عناصر التعويض التي تقضي به القواعد العامة للفسخ أو البطالن والعلة في هذه‬
‫التفرقة تقوم على أساس أن دعوى ضمان االستحقاق على العقد القائم بين المشتري والبائع وبالتالي يعتبر‬
‫التعويض الذي يستحقه المشتري ليس إال تنفيذا بمقابل اللتزام البائع بضمان االستحقاق ‪،‬ومن ثم فان أساس‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬وتسمى دعوى ضمان التعرض بدعوى الضمان األصلي‪ ،‬أما دعوى ضمان االستحقاق فتسمى دعوى الضمان الفرعي أو الجزئي‪.‬‬
‫(‪ )2‬وقد حكم بعدم تطبيق أحكام ضمان االستحقاق عند مطالبة المشتري بالفسخ الستقالل دعوى الضمان عن دعوى الفسخ و اإلبطال‪ ،‬نقض بتاريخ‬
‫‪،22/02/1968‬عبد الناصر توفيق العطار – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.228‬‬
‫(‪ )3‬تقابلها المادة ‪ 443‬من التقنين المدني المصري‪ ،‬عبد الرزاق السنهوري – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.673‬‬

‫التعويض في هذه الحالة هو (المسؤولية التعاقدية)‪،‬بينما في إبطال العقد أو فسخه ‪،‬فان الدعوى ال يمكن تأسيسها‬
‫على أساس المسؤولية العقدية‪ ،‬وإ نما على أساس المسؤولية التقصيرية وذلك الن التقرير ببطالن العقد أو فسخه‬
‫سيؤدي حتما إلى زوال العقد وبأثر رجعي يعود إلى يوم انعقاد العقد وفقا للقواعد العامة فتنعدم الحكمة من اللجوء‬
‫إلى أحكام العقد وبالتالي تكون دعوى التعويض على أساس المسؤولية التقصيرية (‪.)1‬‬
‫ومن هذا يتضح لنا انه إذا نزع المبيع من المشتري بسبب استحقاق الغير له ولم يكن هناك شيء في العقد‬
‫يختص بالضمان‪ ،‬أو كان البائع قد تعهد للمشتري بالضمان‪ ،‬فانه يكون للمشتري أن يطالب البائع بالمبالغ التي‬
‫حددها النص عند رجوعه(‪.)2‬‬
‫الفرع األول‪ :‬قيمة المبيع وقت االستحقاق وقيمة الثمار‬
‫‪ /1‬قيمة المبيع وقت االستحقاق‪ :‬وهو الوقت الذي رفعت فيه الدعوى الن الحكم باالستحقاق يستند إلى يوم رفع‬
‫الدعوى(‪ )3‬وذلك بدال من رد الثمن الذي دفعه المشتري ألنه يطالب بالتعويض على أساس المسؤولية العقدية ال‬
‫على أساس فسخ العقد وإ بطاله أين يسترد فيهما الثمن‪.‬وقيمة المبيع وقت االستحقاق قد تختلف عن الثمن الذي‬
‫‪15‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫دفعه المشتري زيادة أو نقصانا‪.‬ففي القانون المصري وطبقا لنص المادة ‪ 443‬من القانون المدني‪ ،‬انه إذا كان‬
‫للمشتري أن يرجع على البائع عند استحقاق المبيع فال شك أن لألساس الذي يرجع بمقتضاه أثره من حيث مقدار‬
‫المبلغ الذي يمكن الرجوع به‪ ،‬فإذا اعتبر أن ضمان االستحقاق تعويض للمشتري لعدم إمكان التنفيذ العيني‪ ،‬فانه‬
‫يستحق (قيمة المبيع وقت االستحقاق ) وهذه القيمة ال تتمثل في ثمن المبيع‪ ،‬بل في قيمته الحقيقية وقد تزيد‪ ،‬كما‬
‫قد تنقص عن مقدار الثمن‪ .‬ذلك أن قيمة المبيع هي القدر الذي ضاع فعال على المشتري بسبب االستحقاق حيث‬
‫تطبق القواعد العامة‪ .‬أما في القانون الفرنسي فانه يكون للمشتري أن يسترد الثمن فقط(‪.)4‬بصرف النظر عن‬
‫قيمة المبيع وقت االستحقاق‪ ،‬إذ يعتبر العقد في هذه الحالة كان لم يكن‪ ،‬أي يعتبر انه لم يرتب أثرا وفي هذه الحالة‬
‫يكون الثمن بين يدي البائع بدون سبب‪ ،‬فيكون للمشتري أن يسترده على أساس الدفع غير المستحق‪ ،‬إذ أن دفعه‬
‫تنفيذا لبيع لم يؤد إلى انتقال الملكية إليه وبالتالي يكون لدعوى االستحقاق نفس اآلثار التي تترتب على دعوى‬
‫الفسخ‪ ،‬وفضال عن ذلك يكون للمشتري أن يطلب البطالن إذا ما تعلق األمر ببيع ملك الغير وله أن يسترد الثمن‬
‫كذلك‪.‬وعليه يجب على البائع الملتزم بالضمان أن يرد الثمن الذي قبضه فإذا لم يكن قد تم قبض الثمن كان‬
‫للمشتري حبسه إذا وقع له تعرض من الغير يضمنه البائع ‪.‬‬
‫‪-‬وفي حالة البيع الجبري‪ ،‬إذا استحق المبيع بين يدي المشتري‪ ،‬يكون له أن يرجع على المدين المحجوز عليه‬
‫وله كذلك الرجوع على الدائنين الحاجزين السترداد الثمن على أساس ما دفعه بغير حق‪.‬‬
‫وفي عنصر قيمة المبيع وقت االستحقاق ال يهم حسن أو سوء نية البائع أو المشتري‪.‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬محمد حسنين ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 162‬‬
‫(‪ –)2‬توفيق حسن فرج ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.142‬‬
‫(‪ -)3‬عبد الرزاق السنهوري ‪ -‬مرجع سابق ص‪.877‬‬
‫(‪ -)4‬هذا ما نصت عليه المادة ‪ 1630‬من القانون المدني الفرنسي‪ Code civil – DALLOZ 95-97،‬ص ‪.1114‬‬

‫‪ /2‬قيمة الثمار التي الزم المشتري بردها إلى المالك الذي استحق المبيع‪:‬‬
‫األصل أن المشتري يكون له الحق في ثمار المبيع من وقت البيع ما لم يتفق على خالف ذلك‪ ،‬إال انه يكون‬
‫ملزم برد الثمار التي قبضها وهو سيء النية أي من اليوم الذي علم فيه بسبب االستحقاق وذلك من وقت رفع‬
‫الدعوى عليه من المستحق‪ ،‬وبذلك يخسر هذه الثمار التي كانت ستكون له لو بقي عقد البيع‪ ،‬ومن ثم كان له أن‬
‫يرجع بقيمتها على البائع استيفاء لحقه في التعويض‪ .‬ولكن إذا استحق المبيع إلى الغير فان المشتري يكون حائزا‬
‫للمبيع دون أن يملكه وبالتالي يكون له الثمار أيضا إذا كان حسن النية وهذا ما تقرره أحكام المادة ‪ 873‬من‬
‫القانون المدني الجزائري‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المصاريـف‬

‫أ) المصروفات الضرورية‪ :‬وهي المصروفات التي تكون الزمة لحفظ المبيع وصيانته‪ ،‬وهي تحقق منفعة للمالك‬
‫وكان سيقوم بإنفاقها حتما لو كان هذا المبيع بين يديه‪ ،‬لذلك فالمالك المستحق ملزم بدفعها إلى المشتري سواء كان‬
‫هذا األخير سيء النية أو حسنها وقد نصت المادة ‪ 839‬ف‪ 1‬من القانون المدني الجزائري (على المالك الذي يرد‬
‫إليه ملكه أن يدفع إلى الحائز جميع ما أنفقه من المصروفات الالزمة)‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫ب) المصروفات النافعة‪ :‬وهي التي تهدف إلى الزيادة في قيمة المبيع( قيام ببناء جديد‪ ،‬غرس أشجار مثمرة )‬
‫فاألصل أن المشتري ال يستطيع الرجوع بها جميعها على المستحق وذلك عمال بنص المادة ‪ 839‬ف‪ 2‬من‬
‫القانون المدني التي تحيلنا إلى نص المادتين ‪ 785، 784‬من نفس القانون المتعلقتان بأحكام االلتصاق بالعقار‬
‫والتي تعطي خيارات للمستحق والذي سيختار ما يناسبه وفي المقابل فان المشتري قد ال يسترد كل ما أنفقه‬
‫(‪.)1‬‬
‫وبالتالي عليه أن يرجع بالفرق على البائع‬
‫ج) المصروفات الكمالية‪ :‬وهي تلك التي يقوم بها المشتري وال تعود بالنفع على المبيع وليست ضرورية‬
‫للصيانة أو اإلصالح وإ نما يقوم بها لمجرد إرضاء مزاجه وهواه‪ ،‬وهذه المصاريف ال يلزم بها المستحق عمال‬
‫بالمادة ‪ 839‬ف‪ 3‬من القانون المدني ومنه يكون للمشتري الرجوع بها على البائع بدعوى الضمان إذا كان هذا‬
‫األخير يعلم وقت البيع بسبب االستحقاق‪.‬وفي ذلك صدر قرار المجلس األعلى( المحكمة العليا ) بتاريخ ‪:‬‬
‫‪ 18/06/1969‬عن الغرفة المدنية جاء فيه(من المبدأ قانونا أن المشتري حسن النية الذي يعطي زيادة مهمة في‬
‫القيمة للملك المكتسب إثر المصاريف الضخمة التي قدمها له الحق في المطالبة بتعويض مناسب للتحسينات التي‬
‫أتى بها في األصل في حال إبطال البيع‪.‬الحكم بوجه آخر هو إباحة إثراء الغير مستحق لصالح من يسترجع الملك‬
‫(‪)2‬‬
‫المبيع)‬
‫د) مصروفات دعوى الضمان ودعوى االستحقاق‪ :‬عدا ما كان في استطاعة المشتري اتقاءه لو انه اخطر البائع‬
‫بالدعوى طبقا ألحكام المادة ‪ 373‬من القانون المدني الجزائري‪.‬‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫(‪ - )1‬عبد الرزاق السنهوري – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.681‬‬
‫(‪ - )2‬قرار منشور في مجموعة األحكام (المجموعة األولى ) الجزء ‪ ، 2‬وزارة العدل‪ ،‬مديرية التشريع‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬التعويض عما لحق من خسارة وما فات من كسب‬


‫وهي عبارة عامة‪ ،‬تحيط بكل عناصر التعويض وهي تطبيق للقواعد العامة‪ ،‬وبالتالي يكون للمشتري الرجوع‬
‫(‪.)1‬‬
‫على البائع بذلك غير ما ذكر في العناصر السابقة‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عناصر الرجوع في حالة االستحقاق الجزئي‬
‫ويقصد به ثبوت ملكية الغير لجزء من العين سواء كان الجزء المستحق مفرزا أو حصة شائعة في العين كلها‪،‬‬
‫أو أن يحكم له بحق ارتفاق أو استعمال أو انتفاع وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 376‬من القانون المدني‪ .‬فعلى هذا‬
‫األساس فإنها تنقص من قيمة المبيع ولم يكن المشتري يتوقع ذلك عند العقد‪ ،‬ولهذا طبق القانون بالنسبة لحالة‬
‫ظهور حقوق على المبيع أحكاما مشابهة لما أورده بالنسبة الستحقاق جزء من المبيع‪.‬‬
‫وقد فرق القانون في حالتي االستحقاق الجزئي وظهور أعباء على المبيع‪ ،‬بين ما إذا طلب المشتري فسخ البيع‬
‫وحكم له به وبين ما إذا ظل العقد قائما‪.‬‬
‫الفرع األول ‪:‬حالة فسخ العقد‬
‫إذا استحق جزء من المبيع أو تبين للمشتري وجود حقوق عينية غير ظاهرة لم يصرح بها وكان الجزء‬
‫المستحق أو الحقوق واألعباء من الجسامة إلى حد يمكن معه القول بان المشتري لو علم بذلك ما اشترى المبيع‪،‬‬
‫كان له أن يطلب الفسخ وفي هذه الحالة تترك السلطة التقديرية للمحكمة(‪ )2‬فإذا حكم بالفسخ اعتبر البيع كان لم‬

‫‪17‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫يكن وبذلك نكون أمام حالة االستحقاق الكلي‪ ،‬مع مراعاة هذه الحالة أين يكون المشتري ملزم برد ما تبقى من‬
‫المبيع عندما يستحق جزء منه‪ ،‬كما يلتزم بان يرد المبيع الذي ظهرت عليه حقوق مستمرة لم يكن مصرحا بها‬
‫ويلتزم البائع برد الثمن و المبالغ األخرى‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حالة اإلبقاء على العقد‬
‫إذا تبين للقاضي أن ما حصل فيه استحقاق لم يكن جسيما إلى الحد الذي صوره المشتري‪ ،‬أو إذا لم يطلب هذا‬
‫األخير فسخ العقد أبقى على العقد وله ذلك في جميع الحاالت إال أن السؤال يطرح عما إذا كان له حق الرجوع‬
‫به؟‪ .‬ففي حالة ظهور حقوق أو أعباء على المبيع يضمنها البائع‪ ،‬فانه إذا لم يرد المشتري الفسخ يكون له الحق‬
‫في التعويض الذي يكون بقدر ما نقص من قيمة المبيع بسبب ظهور تلك الحقوق‪.‬و يقدر القاصي التعويض في‬
‫االستحقاق الجزئي و ذلك في حالة رد ما بقي من المبيع و ما أفاده المشتري منه و إما طبقا للقواعد العامة في‬
‫المسؤولية العقدية في غير ذلك من الحاالت ألن مصدر هذا التعويض هو عقد البيع ‪،‬و بالتالي يقدر التعويض‬
‫على أساس الضرر المتوقع ما لم يكن االستحقاق الجزئي قد وقع بغش البائع أو بخطأ جسيم منه حيث يقدر‬
‫التعويض عندئذ بالضرر المتوقع و غير المتوقع‪ .‬وحيث أن القانون قد حدد عناصر التعويض التي يستحقها‬
‫المشتري في ضمان االستحقاق و يساوى في ذلك المشتري سيء النية‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪ - )1‬ومن أمثلة الخسائر التي قد تلحق المشتري‪ - :‬مصاريف االنتقال والمعاينة والخبرة‪.‬‬
‫أما األمثلة عن ما فاته من كسب فهي‪ - :‬كما لو فاتته صفقة تجارية رابحة‪.‬‬
‫(‪ - )2‬محمد حسنين ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.168‬‬

‫على أساس أن نصوص ضمان االستحقاق لم تشترط حسن أو سوء النية‪ ،‬إال أنه الستحق عناصر التعويض‬
‫األخرى إال إذا كان حسن النية ‪،‬و قد أخذت محكمة النقض المصرية بهذا الرأي و ذلك على أساس أنه(فمن غير‬
‫المعقول إذا حرم القانون المشتري‪-‬سيء النية‪ -‬من الرجوع بالتعويض على من باع له ملك غيره أن يتيح له في‬
‫نفس الوقت الرجوع عليه بعناصر التعويض في ضمان االستحقاق الكلي)أما عن حسن نية البائع أو سوء نيته ال‬
‫أثر لها على استحقاق المشتري للتعويض ‪،‬ألن القانون لم يشترط سوء النية في نصوص ضمان االستحقاق غير‬
‫أنهى إذا كان البائع حسن النية فإنه ال يلتزم بغير تعويض الضرر المتوقع ‪،‬أما إذا كان البائع سيء النية فإنه يلتزم‬
‫بتعويض الضرر المتوقع و غير المتوقع طبقا للقواعد العامة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬االتفاقات المعدلة ألحكام ضمان االستحقاق‬


‫فاألصل أن االلتزام بالضمان كما في غيره من االلتزامات العقدية أنه يخضع إلرادة المتعاقدين إال أن المادة‬
‫‪ 377‬ف‪ 1‬من القانون المدني نصت على انه ( يجوز للمتعاقدين بمقتضى اتفاق خاص أن يزيدا في ضمان نزع‬
‫اليد‪ ،‬أو ينقصا منه‪ ،‬أو يسقطاه ) فمن خالل حكم هذه المادة نرى بان المشرع أجاز للمتعاقدين االتفاق على ما‬

‫‪18‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫يخالف حكم هذه المادة في فقرتها األولى‪ ،‬ذلك الن هذه األحكام مكملة إلرادة المتعاقدين ونرى أن هذه األخيرة‬
‫ليست من النظام العام يجوز اإلتفاق على تعديلها‪ ،‬وهذا ما سأتطرق له من خالل النقاط التالية‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬االتفاق على زيادة الضمان‬


‫وهو أقل شيوعا في العمل من االتفاق على إنقاصه‪ ،‬الن في أحكام الضمان القانوني حماية كافية للمشتري وذلك‬
‫الن المادة ‪ 375‬من القانون المدني أحاطت بكل ما يثور عند استحقاق المبيع عندما كفلت للمشتري تعويضا‬
‫كافيا يزيد عما تكفله أحكام البطالن والفسخ‪.‬‬
‫ويجب أن ال تكون الزيادة في الضمان واردة في عبارات عامة وإ نما يجب أن يخصص في العقد وجه الزيادة في‬
‫أحكام الضمان‪ ،‬كان يكون للمشتري في حالة االستحقاق الجزئي أن يرد المبيع فقط دون الثمار أو أن يقتضي‬
‫تعويضا كامال في حالة االستحقاق الجزئي دون التطرق عما إذا كانت الخسارة جسيمة أم ال‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االتفاق على إنقاص الضمــان‬


‫وهذا التعديل كثيرا ما يقع وبالتالي يجوز للبائع أن يشترط إعفائه من الضمان لبعض أعمال التعرض التي قد‬
‫تقع‪ ،‬كان يشترط عدم ضمانه في حالة ما يطالب الغير بحق ارتفاق غير ظاهر على المبيع(‪ )1‬ويقع باطال الشرط‬
‫المنقص للضمان إذا كان البائع قد تعمد إخفاء حق الغير وذلك طبقا ألحكام المادة ‪ 377‬ف‪ 3‬من القانون المدني‬
‫ويكون مسئوال عن الضمان(‪.)2‬‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫(‪ - )1‬محمد حسنين ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.170‬‬
‫(‪ - )2‬خليل احمد حسن قدادة ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬االتفاق على إسقاط الضمـان‬

‫أجازت المادة ‪ 377‬من القانون المدني على االتفاق على إسقاط الضمان على البائع سواء في حالة االستحقاق‬
‫الكلي أو الجزئي‪ ،‬وال يستطيع المشتري الرجوع على البائع إال إذا كان هذا االستحقاق راجع إلى فعل البائع فان‬
‫اإلسقاط في هذه الحالة يكون باطال ويقتصر اثر الشرط على إعفاء البائع من عناصر التعويض األخرى غير أن‬
‫هناك حالتين طبقا ألحكام هذه المادة تعفي البائع من الضمان بموجب شرط عدم الضمان وهما‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون المشتري عالما بسبب االستحقاق وقت التعاقد وارتضى مع ذلك بشرط عدم الضمان فيعني ذلك إن‬
‫اعفي البائع من المسؤولية عن هذا السبب وما على البائع إال إثبات علم المشتري بسبب االستحقاق وقت البيع‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون المشتري قد اشترى تحت مسؤولية البائع ( أي يخاطر بذلك) فإن تضمن العقد لبند مثل هذا يجعله‬
‫من عقود الغرر‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬

‫المبحث الثالث‬
‫تطبيقات أحكام الضمان في عقد البيع على عقد الشركة‬

‫سنتنــاول في هـذا المبحث أحكـام الضمان في عـقـد البيع المطبقـة على عقـد الشركـة ‪ ,‬وذلك ألهميـة هـذه األحكـام‬
‫في تجسيـد هـذا األخيـر الذي يتميـز عن عقد البيع وعقـد اإليجار ‪ ,‬ذلك أن أطراف العقـد وهـم الشركـاء ‪ ,‬مصالحهـم‬
‫بعـد تكويـن الشركـة متحـدة غـير متعارضة ‪.‬‬
‫وعليـه يجب التط رق إلى عقد الش ركة‪ ,‬وذلك بتعريفها و إب راز خصائصهـا أوال‪ ،‬ثم نتـطرق إلى أركـانها‬
‫و تج در‬ ‫الموضوعيـة الخاصة‪ ,‬حتى نطبق عليها فيما بعد أحكام ضمان عدم التعرض و االستحقاق‪.‬‬
‫اإلش ارة أن الش ركات المدنية تختلف عن الش ركات التجارية حيث أن الق انون التج اري في ش أن الش ركات لم‬
‫يتضمن سوى قواعد خاصة‪ ،‬أما األحكام العامة فهي واردة في القانون المدني‪.‬‬
‫فعقد الش ركة من ض من العق ود ال تي نض مها المش رع الجزائ ري في الق انون الم دني فنص عليها في الم ادة ‪416‬‬
‫منه (الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان طبيعيان أو اعتباريان أو أكثر على المساهمـة في نشـاط مشتـرك بتقديـم‬
‫حصـة من عمـل او مـال أو نقـد بهدف إقتسام الربـح الذي قـد ينتـج أو تحقيـق إقتصاد أو بلـوغ هـدف إقتصـادي ذي‬
‫ويقابـل النـص الجزائ ري نص الم ادة ‪ 505‬من‬ ‫(‪)1‬‬
‫منفعـة مشتـركـة ‪ ,‬كما يتحملـون الخسائـر ال تي تـنجـر عن ذلك )‬
‫القانون المدني المصري بقولها ( الشركة عقد بمقتضاه يلتزم شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع‬
‫م الي بتق ديم حصة من م ال أو من عمل إلقتس ام ما قد ينشأ عن ه ذا المش روع من ربـح أو خسـارة ) في حيـن أن‬
‫القانـون الفرنسـي نـص في المـادة ‪ 1832‬من القـانون المدني على ‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫( ‪La société est instituée par deux ou plusieurs personnes qui conviennent par un‬‬
‫‪contrat d affecte a une entreprise commune des biens ou leur industrie en vue de‬‬
‫‪partager le bénéfice ou de profiter de léréconomie qui pourra en résulter, elle peut‬‬
‫‪étre instituée dans les cas prévus par la loi par l acte de volonté d une seule personne.‬‬
‫‪)les associés S engagent à contribuer aux pertes‬‬
‫وتبـيـن من خـالل هـذا التعريـف بأنـه ي برر العناصر األساس ية لعقـد الش ركة وخصائص ها كما يـبـرز األركان‬
‫الموضوعيـة لعقـد الشركـة والتي يمكن تقسيمها إلى أركان خاصة وهي التي يجب توافرهـا في كـل العقـود وهي ‪:‬‬
‫الرض اء ‪ ,‬المحل ‪ ,‬الس بب ‪ ,‬وعليه فالش ركة كغيرها من العقـود تخضع من حيـث تنظيـم أركانهـا للمبـادئ العامـة‬
‫الــواردة في بـاب اإللتزامــات ‪ ,‬أما األركان الخاصة‬

‫ــــــــــــــ‬
‫(‪– )1‬قرار مؤرخ في‪ 15/06/1985 :‬ملف رقم ‪ ،34400‬المجلة القضائية لسنة ‪ ،1989‬العدد الرابع‪ ،‬ص ‪.141‬‬

‫فهي تبدو من خالل التعريف‪ :‬اجتماع شخصين فأكثر‪ ,‬مساهم ــة كل منهم بحصة في رأس مال‬
‫الشركة‪ ،‬نية االشتراك أو نية التعاون‪ ,‬مساهمة كل شريك في األرباح والخسائر‪ .‬فالشركة‬
‫تتميز عن باقي العقود بأنها ‪ :‬عقد شكلي ‪ ،‬عقد ملزم لجانبين ‪ ،‬عقد من عقود المعاوضة ‪،‬عقد محدد ‪.‬‬
‫و كذلك بأركانها الموضوعية الخاصة التي تستلزمها طبيعة هذا العقد و هي‪ :‬تعدد الشركاء ‪ ،‬تقـديم الحصص ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬طبيعة الحصص المقدمة في عقد الشركة‬

‫فتقديم الحصة في عقد الشركة يعتبر من األركان الموضوعية الخاصة ‪ ،‬و بالتالي فإن التزام كل شريك بتقديم‬
‫حصة في رأس مال الشركة يعد أمرا حيويا لقيامها ‪ ،‬ويعد الشريك فيما بعد ضامن لحصته ‪ .‬و ال أهمية بعد ذلك‬
‫لطبيعة الحصة التي وضعها الشريك تحت تصرف الشركة ‪ ،‬و يستوي في ذلك أن تكون الحصة ماال منقوال أو‬
‫عقارا ‪ ،‬أو أن تكون حصة من عمل ‪ ،‬وعليه يمكن أ تكون الحصة ‪:‬‬
‫‪ .1‬حصة نقدية‪ :‬وهـي عبـارة عـن مبلـغ من النقود يقدمه الشريك أو يتعهد بتقديمه في الميعـاد المتفـق عليـه‬
‫ويعتبـر الشريـك مدينـًـا للشركـة إذا لـم يقـدم هـذا المبـلـغ‪.‬‬
‫فيمكـن أن يكـون عمـل الشريـك حصـة في الشركة‪ ,‬و يجـب أن يكـون هـذا العمل بمـا‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪ .2‬حصة بالعمل‪:‬‬
‫يعود على الشركة بالفائدة‪.‬‬
‫قد تكون هـنا عقـار أو منقول مادي أو معنوي يقدمه الشريك للشركة إما على وجه‬ ‫( ‪)2‬‬
‫‪ .3‬حصة عينية ‪:‬‬
‫التمليك أو على سبيل اإلنتفاع ‪.‬‬
‫‪ .4‬حصة دين في ذمة الغير ‪ :‬حيث تنص المادة ‪ 424‬من القانون المدني الجزائري على أنه ( إذا كانت‬
‫الحصة التي قدمها الشريـك هي ديـن له في ذمة الغير فالينقض إلتزامه للشركـة إال إذا إستوفـت هـذه‬

‫‪21‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫الديـون ومع ذلك يبقـى الشريـك مسـؤوالً عـن تعـويــض الضرر إذا لم توفى الديون عند حلول أجلها ) ‪.‬‬
‫ومن خالل هذه المادة نالحـظ أن الشركـة تكون قـد اعتمدت على استيفاء الحق الذي أحيل إليها من‬
‫الشريك كحصة في الشركة وذلك في تكوين رأسمالها فإذا تعذر عليها استيفاء هذا الحق أو تأخــر هـذا‬
‫سببـا يعوقها عن القيام بنشاط ويكبدها‬
‫الوفاء نقـص رأس مـال الشركـة بمقدار هذا الحق وقد يكون ذلك ً‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫بعض الخسائر‬

‫ـــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ومثال ذلك أن تكون الحصة كالخبرة في الشركة‪.‬‬
‫(‪ -)2‬ومثال ذلك أن يقدم الشريك‪ :‬قطعة أرض‪ ,‬سيارات تلزم لنشاط الشركة ‪ ,‬عالمة تجارية ‪.‬‬
‫(‪ -)3‬علي حسن يونس – الشركات التجارية – دار الكتاب الحديث‪ ، 1996 ،‬ص ‪. 12‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬مجال تطبيق أحكام ضمان البيع على عقد الشركة‬

‫ففي هذا المطلب سنتناول أحكام الضمان للبيع المطبقة على الحصة العينية المساهم بها في عقد الشركة‪.‬‬
‫حيث أن المشرع الجزائري قرر نص المادة ‪ 422‬في القانون المدني كمبدأ عام‪ ،‬و بالتالي فهي‬
‫تطبق على جميع الشركات التجارية و ذلك لعدم إمكانية تعارض القانون التجاري مع القانون‬
‫المدني‪.‬‬
‫فهذه المادة تنظم كيفية دخول الحصة العينية في رأس مال الشركة(‪ ، )1‬فإذا كانت الحصة ملكية‬
‫مال أو أي حق عيني آخر ‪ ،‬فإن الشريك يتخلى نهائيا عن حقوقه على الشيء و يصبح ملكا للشركة‬
‫‪ ،‬كما لو كان األمر يتعلق ببيع من الشريك إلى الشركة على أن تنازل الشريك في هذه الحالة ليس‬
‫بمثابة بيع تماما و إنما هو يشبهه من حيث كيفية انتقال الملكية ‪ ،‬فتطبق أحكام انتقال الملكية في‬
‫البيع منقوال أو عقارا ‪ ،‬ويلزم باستيفاء إجراءات الشهر المقررة للحقوق العينية العقارية ‪ ،‬وعليه‬
‫فإن الشريك يضمن حصته في رأس المال كضمان البائع للبيع فتطبق أحكام ضمان االستحقاق ‪.‬‬
‫فالحصـة العـينـيـة أو ما يسمى ( ‪ ) Apport en nature‬هي كل ما يمكن تقويمه بالمال كالعقارات‬
‫والمنقوالت المادية كاآلالت أو معنوية كبراءة االختراع ‪ ,‬فاألصل أن هذه الحصص مقدمة على سبيل التمليك إال‬
‫إذا وجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك ‪ ,‬أي أنها قرينة بسيطة قابلة إلثبات العكس بالرجـوع إلى نـص المـادة‬
‫‪ 422‬من القـانـون المــدنــي الجزائري فالحصة العينية المقدمة على سبيل التمليك تخرج من ذمة صاحبها وتنتـقـل‬
‫إلـى ذمة الشركة وتدخل في الضمان العام المقرر لدائنيها ‪ ,‬وبالتالي فإن القواعد العامـة المتعلقــة بالبيع هي‬
‫المطبقة من حيث نقل الملكية وضمـان التعرض واالستحقاق ‪ ,‬حيث نرى أن إعمال القواعد العامة للبيع في هذا‬
‫الغرض ليس بالمفهوم الواسع ‪ ،‬ذلك الن نقل ملكية الحصة‬

‫‪22‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬مجموع هذه الحصص هو رأس مال الشركة ( ‪ ) le capital social‬ويجب تمييز رأس المال عن مال الشركة أو مجوداتها‬
‫مسويــا لرأس المال ‪ ,‬وبعد مدة تعمل فيها الشركة قد يزيد المال على رأس‬
‫ً‬ ‫فعند تأسيس الشركة يكون مالها‬ ‫( ‪)lactif social‬‬
‫مالها أو ينقص بحسب نجاح الشركة في أعمالهـ ــا ‪.‬‬

‫إلى الشركة ال يعتبر بيعا بالمفهوم القانوني ‪ ،‬ففضال على أنه ال يوجد ثمن بالمعنى الحقيقي للكلمة ‪ ،‬فإن الشريك‬
‫عقارا فتطبق عليه إجراءات الشهر‬
‫ال يتمتع بما يتمتع به البائع من امتيازات ‪ .‬فإذا كانت الحصة العينية ً‬
‫والتسجيل النتقال العقار سواء كـان ذلك بيـن الشريـك والشركـة أو بينه وبين الغير‪.‬‬
‫أما إذا كانت الحصة منقول مادي فإنه وبمـجرد تأسيـس الشركـة وجب على الشريك تسليم المنقول ألنه أصبح‬
‫حق للشركة ويلـتزم بعدم التعرض لهـا فيـه وسواء كانت الحصـة منقول أو عقـار فإنها تخضع إلجـراءات التسليم‬
‫المقررة في عقد البيع من حيث الحالة التي يكون عليها وقت التسليم وغير ذلـك من القواعد المقررة بهذا الشـأن‬
‫في عقد البـيـع ‪ ،‬فإذا ادعى الغير ملكية العين المقدمة كحصة في الشركة فيمكن لهذه األخيرة إدخال الشـريك في‬
‫الخصومة كضـامن وفقًـا للقواعد العامة المتعلقة باإلدخال المطبقـة في عقد البيع ‪ ,‬وإ ذا حكم باستـحقـاقـه الحصـة‬
‫فعلى الشريك أن يقدم غيرها وإ ال أقصي من الشركة ‪.‬‬
‫وعليه فإذا حصل تعرض من الغير على الحصة العينية المقدمة ‪ ,‬فلو إدعى شخص ما ملكية العقار المقدم‬
‫كحصة في الشركة فيلتزم الشريك بدفع التعرض عن طريق التدخل في الدعوى عند إخطاره بها ‪ ,‬وفي حالة‬
‫نجاح المتعرض في دعواه يمكن للشركـة الرجوع عليـه بدعـوى ضمان االستحقاق وتطبق في ذلك القواعد العامة‬
‫في الرجوع ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬ضمان عدم التعرض واالستحقاق في عقد اإليجار‬


‫و تطبيقاته على عقد الشركة‬

‫لقد تطرق المشرع الجزائري لعقد اإليجار وذلك في نص المادة ‪ 467‬من القانون المدني( ينعقد اإليجار‬
‫بمقتضى عقد بين المؤجر والمستأجر) إال أن التعبير غير مجد ‪ ،‬وبالرجــوع إلى نص المادة باللغة الفرنسية نجده‬
‫" ‪ "Le rapport de bail â loyer se forme par contrat entre le bailleur et le locataire‬وما‬
‫نالحظه أن نص المادة باللغة الفرنسية ينص على تجسيد العقد في محرر ‪ ،‬ولم يصدر أي مرسوم تنفيذي ينص‬
‫على تجسيد هدا العقد فيما إذا كان كتابيا أو شفويا وهدا ما يعاب على المشرع الجزائري ‪ ،‬في حين أن المشرع‬
‫المصري قد عرف عقد اإليجار في نص المادة ‪ 558‬من القانون المدني (اإليجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن‬
‫(‪)1‬‬
‫يمكن المستأجر من االنتفاع بشيء معين بذاته مدة معينة ‪ ،‬لقاء أجر معلوم)‪.‬‬

‫فمن نص هذه المادة األخيرة ‪ ،‬أالحظ أن التزامات المؤجر كلها تنطلق من فكرة واحدة وهي ‪ :‬تمكين المستأجر‬
‫من االنتفاع بالشيء المؤجر ‪ ،‬ومن هذا المنطلق يلتزم المؤجر بتسليم الشيء بحالة صالحة آلداء الغرض الذي‬
‫‪ ،‬وعلى ذلك يمتنع على‬ ‫(‪)2‬‬
‫تم التأجير من أجله ‪ ،‬وبضمان انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة انتفاعا هادئا‬
‫المؤجر أن يقوم بكل ما من شأنه أن يحول دون هذا االنتفاع ‪ ،‬وهذا هو ضمان التعرض ‪ .‬وعليه فإنني سأتطرق‬
‫في هذا الفصل إلى دراسة ضمان عدم التعرض واالستحقاق في عقد اإليجار وتطبيقاته على عقد الشركة‪ ،‬بحيث‬
‫خصصت المبحث األول‪ :‬لدراسة ضمان عدم التعرض و ضمان االستحقاق وتركت المبحث الثاني إلسقاط‬
‫أحكام اإليجار على عقد الشركة‪.‬‬

‫ــــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬ـ القانون الفرنسي أتى بنفس التعريف في نص المادة ‪.1709‬من القانون المدني ‪ ،‬في حين أن الشريعة تعرفه بأنه (تمليك المؤجر للمستأجر منفعة مقصودة‬
‫من العين المؤجرة في الشرع ونظر العقالء بعوض يصلح أجرة ) ونالحظ أن المشرع ابتعد عن تعريف عقد اإليجار وتركه للفقه ‪.‬‬

‫‪La jouissance paisible du preneur;BIBL coraly. D.1979. Chron. .27 (obligation du bailleur en cas d abus de‬‬ ‫(‪( -)2‬‬
‫)‪jouissance d un locataire au préjudice d un autre locataire‬‬
‫‪(Le bailleur est oblige d'assurer au preneur une jouissance paisible de la chose louee pendant la durée du bail et cette‬‬
‫‪obligation ne cesse qu en cas de force majeur).civ. 3eme, 9oct 1974. Bull. civ3 .n°345 code civil Dalloz (95/96) p1152‬‬
‫‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫المبحث األول‪ :‬ضمان عدم التعرض‬
‫يلتزم المؤجر بضمان انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة انتفاعا هادئا ولذلك كان لزاما عليه االمتناع عن كل‬
‫ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة و ملحقاتها أو ينقص من هذا االنتفاع‪ ،‬فهو بذلك‬
‫ضامن لعدم تعرضه الشخصي ‪ ،‬ويعتبر في حكم التعرض الشخصي ذلك الذي يحدث من أحد أتباع المؤجر‬
‫‪ ،‬كما يكون لزاما على المؤجر أيضا أن يمنع التعرض الواقع من الغير إذا كان مبنيا على سبب قانوني ‪،‬‬
‫حيث اليمكن للمؤجر أن يضمن التعرض المادي الصادر من الغير‪ ،‬فإذا فشل المؤجر في دفع تعرض‬
‫الغير ‪،‬اعتبر مخال بالتزامه بالضمان وفي هذه الحالة يلتزم بضمان االستحقاق وهذا ما سأتطرق له‬
‫بالدراسة في هذا المبحث‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬ضمان المؤجر ألعماله الشخصية‬
‫لقد وضع المشرع الجزائري قواعد لضمان المؤجر للمستأجر تعرضه الشخصي في االنتفاع بالعين‬
‫المؤجرة وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 483‬من القانون المدني ( على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن‬
‫يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة وال يجوز له أن يحدث بها أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا‬
‫االنتفاع ‪ .‬وال يقتصر ضمان المؤجر على األعمال التي تصدر منه أو من مأمورية ‪ ،‬بل يمتد هذا الضمان‬
‫إلى كل إضرار أو تعرض مبني على سبب قانوني يصدر من مستأجر آخر أو من أي شخص تلقى الحق عن‬
‫و يقصد باإلخالل أو التعرض في عقد اإليجار هو تسبب المؤجر بعدم انتفاع المستأجر بالعين‬ ‫(‪)1‬‬
‫المؤجر)‬
‫المؤجرة انتفاعا هادئا سواء وقع هذا اإلخالل بالعين في حد ذاتها أو تسبب في إحداث تغيرات بملحقاتها‪،‬‬
‫ويالحظ أن المشرع الجزائري قد جمع بين التعميم والتخصيص في نص المادة وذلك زيادة في التأكيد على‬
‫ضمان التعرض في عقد اإليجار وحماية للمستأجر فعمم ضمان عدم التعرض على العين ثم خصص ذلك بمنع‬
‫المؤجر من إحداث تغيير فيها أو في ملحقاتها‪ ،‬وهذا ما ذهب إليه المشرع المصري في المادتين ‪458، 373‬‬
‫من القانون المدني القديم والمادة ‪ 571‬المعدلة لهما وذلك تجنبا منه لعدم اقتصار الضمان على مجال ضيق‬
‫يضر بمصلحة المستأجر‪ ،‬بينما القانون الفرنسي لم يعمم هذا النص حسب نص المادة ‪ 1723‬من القانون المدني‬
‫والتي تنص على أنه ( ال يجوز للمؤجر أثناء مدة اإليجار أن يغير في شكل الشيء المؤجر )‬
‫(‪).Le bailleur ne peut, Pendant la durée du bail, changer la forme de la chose louee‬‬
‫وهذا إنما يعد أحد تطبيقات التزام المؤجر العامة بعدم التعرض للمستأجر في االنتفاع بالعين المؤجرة‪.‬‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫(‪)1‬ـ قرار مؤرخ في ‪ ،8/04/1989‬ملف رقم‪ ،58 688 ،‬المجلة القضائية سنة ‪ ،1991‬العدد الثاني‪ ،‬ص‪ ".159‬قرار إداري ‪ ،‬حق األفضلية للمستأجر ‪،‬‬
‫عدم مراعاته بهذا الحق‪ ،‬مخالفة القانون " ‪.‬‬
‫ـ من المقرر قانونا أنه على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المتاجر بالعين المؤجرة وال يجوز أن يحدث بها أو بملحقاتهما أي‬
‫تغيير يخل بهذا االنتفاع ‪ ،‬ومن ثم فإن القرار اإلداري المخالف لهذا المبدأ يعد مخالف للعقد ‪.‬‬
‫ـ قرار مؤرخ في ‪ 22/11/1992‬ملف رقم ‪ ،97405‬المجلة القضائية سنة ‪ ،1993‬العدد الثالث‪ ،‬ص ‪" 176‬التزامات المؤجر‪ ،‬إحداث تغيير في العين‬
‫المؤجرة‪ ،‬تعويض المستأجر‪ ،‬تطبيق صحيح للقانون "‪.‬‬

‫وفي سبيل دراسة هذا النص الذي تعرض لضمان التعرض الحاصل من المؤجر‪ ،‬ندرس أوال أعمال التعرض‬
‫التي يضمنها المؤجر‪ ،‬ثم شروطه واالتفاقات المعدلة ألحكام هذا الضمان‪ ،‬و في األخير جزاء اإلخالل به‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم ضمان عدم التعرض الشخصي وشروطه‬


‫(‪ )1‬ـ مضمونه‪:‬‬
‫فالمؤجر يلتزم أساسا بتمكين المستأجر من االنتفاع بالعين المؤجرة على الوجه المقصود من اإليجار‬
‫وعليه ‪ ،‬يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول بين المستأجر واالنتفاع ‪ ،‬وبالتالي اليجوز له أن يتعرض‬
‫للمستأجر في انتفاعه فالمؤجر يضمن كل تعرض ينشأ عن فعله سواء أكان التعرض ماديا أو قانونيا‪.‬‬
‫فالنصوص القانونية في هذا الصدد التفرق بين نوعي التعرض ‪.‬‬
‫ويقصد بالتعرض المادي قيام المؤجر بأي عمل مادي محض يترتب عليه اإلخالل بانتفاع المستأجر أو‬
‫وهناك ما يدخل في مفهوم التعرض المادي وهو القائم‬ ‫‪)1(.‬‬
‫حرمانه من فائدة تعود عليه من انتفاعه بالعين‬
‫والواقع أن مجرد قيام المؤجر بإعطاء حق يتعارض مع حق المستأجر ال يعتبر‬ ‫(‪)2‬‬
‫على تصرفات قانونية ‪.‬‬
‫بذاته تعرضا ‪ ،‬ولكن إذا تعرض هذا الغير للمستأجر فعال عندئذ فقط نكون بصدد تعرض قانوني يضمنه‬
‫المؤجر ‪،‬أما التعرض القانوني فيتحقق إذا ادعى المؤجر حقا على العين المؤجرة في مواجهة المستأجر من‬
‫شأنه أن يحرم األخير من االنتفاع (‪.)3‬‬
‫(‪ )2‬ـ شروطه ‪:‬‬
‫يشترط في الفعل الذي يصدر عن المؤجر ويعتبر تعرضا شخصيا منه مستوجبا ضمانه مايلي‪:‬‬
‫‪ /1‬ـ أن يكون من شأن الفعل الذي صدر عن المؤجر اإلخالل بانتفاع المستأجر‪ :‬فالبد من وقوع التعرض‬
‫فعال فإذا كان الفعل ماديا فالبد أن يصدر من المؤجر فعال أعمال مادية تحول دون االنتفاع ‪ ،‬فمجرد التهديد‬
‫ال يحقق الضمان ‪ ،‬وإ ذا كان التعرض قائما على تصرفات قانونية كبيع المؤجر للعين المؤجرة وكان اإليجار‬
‫كما‬ ‫‪)4( .‬‬
‫اليسري في حق المشتري ‪ ،‬فالبد من تعرض المشتري فعال للمستأجر وذلك بمطالبته باإلخالء‬
‫يجب أن يكون ما صدر عن المؤجر من تعرض قد وقع أثناء مدة انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة‪.‬‬

‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬مثال ذلك‪ :‬أن يقوم المؤجر بتعلية جدار منزل مجاور يحجب الضوء‪ ،‬أوان يدخل المنزل بدون مبرر‪ ،‬أو يمنع المستأجر من استعمال السلم‪.‬‬
‫(‪ )2‬مثال ذلك‪ :‬أن يعطي المؤجر للغير حقا عينيا أو شخصيا يتعارض مع حق المستأجر ويحتج به عليه (كحق المشتري للعين المؤجرة إذا لم يكن تاريخ‬
‫اإليجار أسبق من تاريخ البيع )‪.‬‬
‫(‪ )3‬مثال ذلك‪ :‬أن يقوم المؤجر بتأجير العين وهي غير مملوكة له‪ ،‬ثم يمتلكها بعد ذلك ويطالب المستأجر برد العين إليه استنادا إلى ملكيته‪.‬‬
‫(‪ )4‬وعلى إثر ذلك يتقادم التزام المؤجر بضمان التعرض بخمس عشرة سنة من وقوع التعرض فعال‪.‬‬

‫و يراعى أن اعتبار فعل ما مخال باالنتفاع أم ال يعد مسألة موضوعية يترك تقديرها لقاضي الموضوع‪.‬‬
‫‪ /2‬ـ أن يكون هذا الفعل الصادر عن المؤجر غير مشروع ‪ :‬أي أنه اليتحقق التعرض إذا استمد المؤجر حقه في‬
‫‪)1(.‬‬
‫هذا الفعل‪ ،‬سواء من عقد اإليجار أو من القانون أو من حكم قضائي‬

‫‪26‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫أو‬ ‫ويعد التزام المؤجر بضمان انتفاع المستأجر التزاما غير قابل لإلنقسام وعلى ذلك إذا تعدد المؤجرون‬
‫ورث المؤجرون ورثة متعددون وجب على كل منهم أن يمتنع عن التعرض للمستأجر في االنتفاع بالعين كلها‬
‫(‬
‫أو بجزء منها ‪ ،‬وعليه ففي حالة التعرض حق لهذا األخير أن يرجع عليه بالضمان كامال ألنه اليقبل االنقسام‬
‫‪.)2‬‬
‫(ج)ـ صور التعرض الشخصي‪:‬‬
‫يتخذ تعرض المؤجر للمستأجر في االنتفاع بالعين أشكاال متعددة‪ ،‬كما أن المشرع في هذا الشأن حرص على‬
‫إيراد المبدأ العام الذي يقضي بمنع المؤجر من التعرض مع إعطاء مثال تطبيقي يتعلق بإحداث المؤجر‬
‫تغييرا يخل باالنتفاع وذلك في نص المادة ‪ 483‬من القانون المدني ‪ ،‬وعليه سوف نتطرق لهذا المثال مع‬
‫إيراد تطبيقات أخرى كثيرا ما تتناول في الواقع‪.‬‬
‫‪ /1‬التغيير في العين أو في ملحقاتها‪:‬‬
‫لقد حرص المشرع على ذكر هذه الصورة وذلك ألهميتها ‪ ،‬وعليه يجب على المؤجر أن يترك العين‬
‫‪ ،‬كما يمتنع على المؤجر إجراء أي تعديل‬ ‫(‪)3‬‬
‫المؤجرة وملحقاتها بذات الحالة التي كانت عليها وقت اإليجار‬
‫في ملحقات العين المؤجرة ‪ ،‬كما إذا كانت للعين حديقة فال يجوز للمؤجر قلع أشجارها أو تحويلها إلى مخزن‬
‫و لكن في المقابل ليس للمستأجرأن يلزم‬ ‫(‪)4‬‬
‫أو حضيرة ‪ .‬كما يمتنع عليه أن يبني طابقا جديدا أثناء مدة اإليجار‬
‫المؤجر بإجراء هذه التغيرات إذا كانت تؤدي إلى تحسين االنتفاع أو تسهيله ‪ ،‬ما لم يتفق على غير ذلك ‪ .‬إال‬
‫أن التساؤل الذي يثار ‪ :‬هل يشترط لتحقيق هذا المنع إلحاق الضرر بالمستأجر أم هذا المنع بصفة مطلقة ؟ ‪.‬‬
‫فهناك جانب من الفقهاء يذهب إلى منع المؤجر من القيام بهذا التغيير بشكل مطلق ولم يترتب عليه إلحاق‬
‫الضرر بالمستأجر ‪ ،‬غير أنه هناك جانب آخر من الفقهاء يذهب إلى أن األصل للمؤجر ـ على فرض أنه مالك ـ‬
‫أن يجري ما يشاء من تغييرات في العين التي يملكها‪ ،‬فإذا منعه القانون فذلك لحكمة هي‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬هذه األفعال مستمدة إما من ‪ ( :‬من عقد اإليجار‪ :‬كاإلتفاق على تعلية الجدران مثال ‪.‬أو من القانون ‪ :‬وهي حقوق المؤجر كإجراء الترميمات الضرورية‬
‫للمحافظة على العين أو من الحكم القضائي ‪ :‬كتعيين المؤجر حارسا قضائيا ) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬ـ عبد الرزاق السنهوري ـ مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.332‬‬
‫(‪ )3‬فال يجوز للمؤجر هدم أو إزالة جزء من العين المؤجرة أو أن يسد نافذة مثال ‪.‬‬
‫‪Interdiction de changer la forme de la chose louee Sapplique non seulement aux immeubles et portion d -‬‬ ‫(‪( )4‬‬
‫‪immeubles qui font L objet principal du bail et dont le preneur a la jouissance privative mais aussi aux accessoire de la‬‬
‫‪chose louee .et notamment aux entres et couloirs d accès dont le preneur a L usage concurremment avec les autres‬‬
‫‪.Paris. 31oct. 1957. Ctaz. Pal .1957 .2 . 397 .Dalloz- 95. 96. P115‬‬ ‫‪.)locataires‬‬

‫وجوب عدم اإلخالل أو االنتقاص من االنتفاع وعليه إذا لم يكن لهذا التغيير إخالل في االنتفاع وال‬
‫يحدث منه ضرر فإن هذا المنع يرفع أي ال يكون للمستأجر أية مصلحة في المنع ‪،‬وبالتالي ال تقوم دعوى‬
‫بغير مصلحة ‪.‬‬
‫ونحن نتفق مع الرأي الثاني ذلك أن المشرع في نص المادة ‪ 483‬من القانون المدني الجزائري (ال يجوز له‬
‫(‪)1‬‬
‫أن يحدث بها‪ ،‬أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا االنتفاع )‬

‫‪27‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫‪ / 2‬اإلخالل بوجوه االنتفاع التي خصصت لها العين المؤجرة ‪:‬‬
‫و يمتنع على المؤجر أيضا أن يقوم بأي عمل من شأنه اإلخالل بوجه االنتفاع الذي خصصت لها العين‬
‫المؤجرة أو ملحقاتها بمقتضى عقد اإليجار‪ ،‬فال يجوز للمؤجر أن يقطع عن المتأجر المياه والكهرباء إذا كان‬
‫اإليجار يشمل إمداد المستأجر بها ‪ ،‬وال يجوز له أن يمنعه من استعمال المدخل العام ‪ ،‬وعليه ال يجوز‬
‫للمؤجر أن يمنع المستأجر من كل عمل بشأنه أن يكون مخصص لالنتفاع بالعين المؤجرة ‪ ،‬ويعد اإلخالل‬
‫بوجه االنتفاع أمرا نسبيا يختلف باختالف البالد والعين المؤجرة من حيث التخصيص وهو مسألة واقع‬
‫يبت فيها قاض الموضوع ‪.‬‬
‫‪ / 3‬اإلخالل باالنتفاع نتيجة التغيير في عين مجاورة ‪:‬‬
‫فإذا كان هناك عقار للمؤجر مجاور ومملوك له ‪ ،‬فاألصل أنه يجوز لهذا األخير إجراء ما يشاء من أعمال‬
‫في العقار المجاور ألنه مالك له ‪ ،‬إال أنه اليجوز أن يحدث في العقار المجاور ما قد يخل بانتفاع المستأجر‬
‫كتعلية جدار في العقار المجاور يمنع عليه الضوء أو يفتح نوافذ في المنزل المجاور تطل على العين‬
‫المؤجرة ‪ ،‬ولكن ال يعد تعرضا أن يبيع المؤجر عقاره المجاور ‪ ،‬فيقوم المشتري بأعمال مما تقدم فال‬
‫ضمان للمؤجر في هذه الحالة ‪ ،‬ألنه لم يلتزم بتخصيص العقارات المجاورة لمنفعة العين المؤجرة ‪ ،‬بل‬
‫‪)2( .‬‬
‫بتمكينه من االنتفاع بالعين المؤجرة‬
‫‪ /4‬مزاحمة أو منافسة المستأجر في تجارته أو صناعته ‪:‬‬
‫فإذا كانت العين المؤجرة مكانا لمباشرة تجارة أو صناعة ‪ ،‬فهل للمؤجر ممارسة نفس النشاط في عين‬
‫أخرى في العقارالمؤجرأو في عقار مجاور مملوك له ‪ ،‬وهل يجوز له أن يؤجر هذه العين المجاورة أو في‬
‫ذات العقار لمستأجر آخر يباشر فيها ذات النشاط ؟ وعليه لإلجابة عن هذا التساؤل يجب أن نأخذ باالعتبارين‬
‫التاليين ‪ :‬أولهما مبدأ حريته بالتجارة وبحق الملكية وثانيهما تحديد مضمون مدى التزام المؤجر بضمان‬
‫تعرضه الشخصي للمستأجر ‪ .‬وفي هذه النقطة عدة آراء‪ ،‬فهناك فئة ترى‬
‫ـــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ـ قرار مؤرخ في ‪ ، 1993/ 04/ 11 :‬ملف رقم‪ ، 96237‬المجلة القضائية لسنة ‪ ، 1994‬العدد األول ‪ ،‬ص ‪( 203‬االنتفاع بعقد اإليجار ‪ ،‬إتباع‬
‫الوسائل القانونية لفسخه ‪ ،‬تعويض المستأجر عند إلحاق الضرر به ‪،‬تطبيق سليم للقانون ) من المقرر أنه على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه‬
‫أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة وال يجوز له أن يحدث بها أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا االنتفاع ‪ ،‬ومن ثم فإن قيام رئيس م ش‬
‫ب بتهديم المبنى ‪ ،‬المؤجر للمستأنف عليه ‪ ،‬قد ارتكب اعتداء بتصرفه هذا على المستأجر بدون إنذاره وال إعالمه وبدون إجراء تحقيق ‪ ،‬وخاصة‬
‫بدون أي دعوى قضائية لفسخ عقد اإليجار المبرم وبذلك يتعين القول أن قضاة الدرجة األولى قد أصابوا عندما قضوا بإعادة بناء المحل‬
‫ودفع التعويض‪ ،‬مما يستوجب تأييد قرارهم‬
‫(‪ )2‬ـ عبد الرزاق السنهوري ـ مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.315‬‬

‫بأن ذلك يعد مزاحمة للمستأجر في صناعته وبالتالي فهو تعرض وجب على المؤجر ضمانه‪ ،‬وفئة‬
‫أخرى ترى أن ذلك ال يوصف بالتعرض‪ ،‬أما الفئة الثالثة فهي تميز بين حالتين وهما كالتالي ‪:‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬إذا كانت العين المؤجرة معدة لتلك الصناعة أو التجارة وجب على المؤجر عدم ممارسة‬
‫تلك الصناعة أو التجارة بالذات ألن تأجير هذه العين بعد تعهدا منه بعدم ممارسة مثل تلك الصناعة‬
‫أو التجارة ‪ ،‬والحالة الثانية‪ :‬إذا كانت العين المؤجرة غير معدة لتلك الصناعة التي يمارسها المستأجر‪،‬‬

‫‪28‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫فهنا يمكن للمؤجر مزاحمته في صناعته ‪ .‬والذي نراه أقرب للصواب أن تقدير ضمان المؤجر بعدم‬
‫المنافسة أو المزاحمة للمستأجر في نشاطه إنما يتجاوز مدى ومضمون االلتزام بضمان عدم التعرض ‪،‬‬
‫حيث يجب أن يقف هذا المدى عند حد معين اليتعداه وهو التمكين من االنتفاع دون مضايقة ‪.‬‬
‫‪ / 5‬أعمال التعرض الصادرة عن مأموري المؤجر ‪:‬‬
‫يالحظ أن نص المادة ‪ 483‬من القانون المدني الجزائري والتي تقابلها المادة ‪ 571‬من القانون المدني‬
‫المصري بعد أن قضت في فقرتها األولى بالتزام المؤجر باالمتناع عن كل ما من شأنه أن يحول دون‬
‫انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ‪ ،‬قضت في فقرتها الثانية بأن ضمان المؤجر ( ال يقتصر على األعمال‬
‫وهذا يدل على أن المؤجر ال يضمن‬ ‫(‪)1‬‬
‫التي تصدر منه أو من مأمورية) (أتباعه فيه النص المصري)‬
‫فحسب التعرض الشخصي الصادر منه وإ نما يضمن أيضا التعرض الصادر من مأموريه ‪ .‬فما المقصود‬
‫بالمأمورين ( األتباع) ؟ فهذا االصطالح يشمل كل شخص ال يكون أجنبيا عن المؤجر في تنفيذ عقد اإليجار‪،‬‬
‫أو هو كل من تقوم بينه وبين المؤجر صلة مكنة من التعرض للمستأجر‪ ،‬أو كان وجوده بالعين المؤجرة بناء على‬
‫حق قرره له المؤجر‪ .‬وبهذا االصطالح يدخل في مفهوم المأمورين ‪:‬‬
‫ـ أ ‪ /‬األشخاص الذين يستعين بهم المؤجر في مباشرة حقوقه وتنفيذ التزاماته الناشئة عن عقد اإليجار‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫سواء كانوا بدال أم مساعدين له‬
‫ـ ب ‪ /‬األشخاص الذين ينوبون عن المؤجر كالولي والوصي والقيم والوكيل‪.‬‬
‫للمؤجر وكل من تلقى عنه حقا كمستأجر آخر من المؤجر ذاته‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫ـ ج ‪ /‬الخلف العام و الخاص‬

‫ــــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬ـ واألصح في النص المصري ( من أتباعه) ولدينا (من مأمورية) ألن النص باللغة الفرنسية يقول ‪)de ses préposés(.‬‬
‫(‪-)2‬و البديل‪:‬هو كل من يحل محل المؤجر في تنفيذ التزاماته كالمقاول أما المساعد‪ :‬فيقتصر عمله في مساعدة المؤجر فيما يجب عليه أو فيما يحق له‬
‫كالخدم ‪.‬‬
‫(‪ -)3‬فالخلف العام هو الذي يمثل السلف في الحقوق العينية و في الحقوق الشخصية في حدود التركة‪ ،‬أما الخلف الخاص هو الذي يمثل السلف في حقوق‬
‫معينة بالذات بشرط أن تكون التعامالت سابقة النتقال العين ‪.‬‬

‫ولكي يكون المؤجر ملزما بالضمان عن أفعال أتباعه يجب أن تتوافر شروط وهي‪:‬‬
‫‪ /1‬أن يقع الفعل من التابع أثناء تأدية عمله ‪:‬‬
‫‪ ،‬أما إذا كان الفعل الذي أتاه التابع غير داخل في مهمته فال يضمنه‬ ‫(‪)1‬‬
‫كتابع أو بسبب تأديته لهذا العمل‬
‫المؤجر وذلك كإرسال المستأجر البواب ليشتري له أشياء فيبدد النقود ‪.‬‬
‫ـ فهل يسأل المؤجر عن السرقات التي تحدث للمستأجر؟ ‪.‬‬

‫تقوم مسؤولية المؤجر إذا وقعت السرقة من البواب أو باشتراكه ‪ ،‬أما إذا حدثت السرقة من الغير إضرارا‬
‫بالمستأجر‪ ،‬فإن المؤجر ال يسأل هنا حيث تعد السرقة تعرضا ماديا صادر من الغير ال يسأل عنه المؤجر‪،‬‬

‫‪29‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫فإذا ثبت أن حدوث السرقة بسبب تقصير البواب نحمل المؤجر بالمسؤولية عن فعل تابعه ‪ ،‬فإذا انقضت رابطة‬
‫‪ ،‬وتقدير التقصير من عدمه يعد مسألة واقع تخضع‬ ‫(‪)2‬‬
‫السببية بين التقصير وارتكاب السرقة ال يسأل المؤجر‬
‫للعرف الجاري ويفصل فيها قاضي الموضوع ‪.‬‬
‫ويترتب على إقامة مسؤولية المؤجر أنه ال يكون مسؤوال عن جميع األضرار المباشرة بل تقتصر مسؤوليته‬
‫‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫على األضرار المتوقعة الحصول‬

‫‪ /2‬أال يكون فعل التابع نتيجة تقصير من المستأجر‪:‬‬


‫فتنتفي مسؤولية المؤجر إذا ثبت اشتراك تقصير المستأجر مع تقصير التابع ‪ ،‬كأن يدخل المستأجر البواب‬
‫في شقته و أهمل مراقبته فسرقه ‪.‬‬

‫ــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬كقيام بواب المنزل بإهانة المستأجر‪ ،‬أو امتنع أن يفتح له الباب ‪ ،‬أوحال بينه وبين المصعد‪.‬‬

‫(‪Le bailleur n'encourt. En principe aucune responsabilité à raison du vol. commis par un tiers au préjudice du ( -)2‬‬
‫‪locataire .dans les locaux faisant l'objet du bail .il n’en est autrement dans le cas seulement ou la perpétration du vol se‬‬
‫‪civ. 8 avr 1941.D, )rattache. Par un lien direct de causalité. À une faute déterminé dudit bailleur ou de ses préposés‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪1945.13 note tunc. Code civil. Dalloz. p1156‬‬
‫(‪ -)3‬هناك رأي يذهب إلى إقامة المسؤولية على أساس المسؤولية التقصيرية وهي مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعة ‪ ،‬غير أن الرأي الغالب يؤسسها على‬
‫أساس المسؤولية العقدية‪ ،‬فالمؤجر في الحاالت التي يقضي فيها العقد أو العرف بحراسة الدار وبواسطة بواب يضمن للمستأجر نوعا خاصا من االنتفاع‬
‫بالعين المؤجرة ‪ ،‬فإذا قصر البواب في هذه الحراسة ‪،‬تحمل المؤجر بالضمان ‪،‬بل يمكن القول أن الحراسة يمكن اعتبارها من ملحقات العين المؤجرة‪ ،‬فهذا‬
‫االلتزام هو التزام بوسيلة وليس التزاما بغاية ‪ ،‬وعليه يجب إثبات تقصير المؤجر‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬االتفاقات المعدلة ألحكام ضمان التعرض الشخصي‬

‫يالحظ أن األحكام الواردة بشأن التزام المؤجر بعدم التعرض للمستأجر في انتفاعه‪ ،‬إنما هي مكملة إلدارة‬
‫المتقاعدين وبالتالي يجوز االتفاق على ما يخالفها‪ .‬وعليه يكون االتفاق على ‪:‬‬

‫‪ /1‬تشديد الضمان ‪ :‬كأن يتفق على منح المستأجر الحق في الفسخ أيا كانت درجة اإلخالل ‪.‬‬

‫‪ /2‬تخفيف الضمان ‪ :‬كاالتفاق على حرمان المستأجر من طلب الفسخ إذا قام المؤجر في التغيير في شكل العين‬
‫المؤجرة ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫‪ /3‬اإلعفاء من الضمان ‪ :‬فال يكون المؤجر مسؤوال عن تعرضه ‪ ،‬إال إذا وقع التعرض نتيجة لخطأ جسيم منه‬
‫فيقع هذا الشرط باطل ‪ .‬ولكن يجوز االتفاق على إعفاء المؤجر من الخطأ الجسيم الذي يقع من أتباعه ويجب أن‬
‫يفسر الشرط الذي يعدل من أحكام الضمان تفسيرا ضيقا‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬جزاء اإلخالل بضمان عدم التعرض الشخصي‬

‫فإذا أخل المؤجر بالتزامه بعدم التعرض للمستأجر‪ ،‬كان لهذا األخير وفقا للقواعد العامة أن يطلب إما التنفيذ‬
‫العيني بعدم التعرض‪ ،‬وإ ما أن يطلب الفسخ إذا كان هناك ما يبرره أو يطلب إنقاص األجرة‪ .‬كما يكون له في‬
‫جميع الحاالت أن يطلب تعويض عما أصابه من ضرر‪.‬‬
‫وعليه سنتطرق بالدراسة لكل حالة على حدى ‪:‬‬
‫‪ -1‬التنفيذ العيني‪ :‬فإذا تعرض المؤجر للمستأجر في انتفاعه بالعين و كان التعرض قائما وقت رفع الدعوى‬
‫كان من حق المستأجر أن يطلب من القضاء منع المؤجر من التعرض ‪،‬و للمحكمة أن تلجأ إلى وسيلة التهديد‬
‫المالي لتنفيذ ذلك ‪ ،‬و للمستأجر أن يكتفي بطلب الفسخ مع التعويض طبقا للقواعد العامة ‪،‬أو أن يطالب بإنقاص‬
‫األجرة ‪،‬و المحكمة ليست ملزمة بإجابة طالب التنفيذ العيني إلى طلبه ‪،‬فلها رفضه إذا رأت أن الخسائر التي‬

‫‪31‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫تكبدها المؤجر أكبر من الضرر الالحق بالمستأجر ‪،‬حتى يدفع المؤجر إلى التنفيذ العيني أن يحبس األجرة‬
‫(‪)1‬‬
‫إليقاف تعرضه ‪.‬‬
‫‪ -2‬فسخ اإليجار أو إنقاص األجرة ‪ :‬للمستأجر أن يطالب إما بفسخ اإليجار أو إنقاص األجرة‪،‬و في هذه الحالة‬
‫يستطيع المؤجر أن يدفع طلب المستأجر بأنه على استعداد للتنفيذ العيني ‪،‬فإذا تحقق ذلك انتفت مصلحة‬
‫المستأجر‪،‬و ال يبقى له الحق سوى في التعويض ‪.‬فإذا لم يشأ المستأجر أن يطالب بالتنفيذ العيني وقت التعرض ‪،‬‬
‫كان له أن يطالب بفسخ العقد ‪ ،‬أما إذا فضل البقاء في العين مع وجود التعرض ‪ ،‬جاز له طلب إنقاص األجرة‬
‫‪)2( .‬‬
‫بقدر ما نقص من المنفعة بسبب التعرض‬
‫‪ -3‬التعويض ‪ :‬فللمستأجر الحق في المطالبة بتعويضه عما أصابه من أضرار نتيجة إخالل المؤجر بالتزامه‬
‫فاألصل في تعويض‬ ‫‪)3(.‬‬
‫وذلك في جميع الحاالت‪ ،‬ويكون تقدير هذا التعويض وفقا لقواعد المسؤولية العقدية‬
‫المستأجر أال تتجاوز قيمة األجرة المتفق عليها‪ ،‬ومع ذلك يجوز أن يحكم بتعويض أكبر من قيمة األجرة إذا سبب‬
‫(‪)4‬‬
‫التعرض أضرارا غير حرمانه من االنتفاع كتلف أثاثه ومفروشاته ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫(‪ -)1‬عبد الرزاق السنهوري‪ -‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.332‬‬


‫(‪ -)2‬وما يالحظ أن نقص األجرة ال يكون إال بالنسبة للمستقبل ولذلك يحق للمستأجر أن يطلب تعويضه عما لحق من ضرر وهذا ما ذهب إليه المشرع‬
‫الجزائري في نص المادة ‪ 477‬من القانون المدني ‪.‬‬
‫(‪-)3‬هناك من يرى وجوب إعذار المؤجر حتى يستحق التعويض ‪ ،‬و آخرون يقولون بعدم وجوبه ‪ ،‬ما دام التعرض قد حصل وذلك بمعناه أن المؤجر قد أخل‬
‫بالتزامه فعال ‪.‬‬
‫‪ -‬قرار مؤرخ في‪ ، 21/02/1990‬ملف رقم ‪، 58315‬غير منشور (في العقود الملزمة للجانبين ‪،‬احتفاظ طرفيه بحق الفسخ بعد اإلعذار ‪،‬اليبيح للطرف‬
‫اآلخر الحق في التعويض ‪،‬رفض) األستاذ عمر بن سعيد (االجتهاد القضائي وفقا ألحكام القانون المدني) دار الهدى‪،‬عين مليلة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫(‪ - )4‬رمضان أبو السعود(العقود المسماة ‪ ،‬عقد اإليجار) األحكام العامة‪،‬طبعة ‪ ،1999‬دار المطبوعات الجامعية ‪ ،‬اإلسكندرية‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬ضمان المؤجر عدم تعرض الغير‬

‫ذكرنا سابقا أن المؤجر يلتزم بضمان التعرض الحاصل منه أو من مأموريه سواء أكان التعرض ماديا أو‬
‫قانونيا‪ ،‬ولكن بالنسبة للغير فال يضمن المؤجر من أعمال هذا الغير سوى ما يعد تعرضا قانونيا ال ماديا ‪ ،‬وعليه‬
‫سنتطرق في هذا المطلب إلى دراسة شروط وآثار هذا التعرض وصوره ‪.‬‬

‫الفـــــرع األول‪ :‬شروط التعرض القانوني وآثاره‬

‫تنص المادة ‪ 483‬الفقرة الثانية من القانون المدني الجزائري ( ال يقتصر ضمان المؤجر على األعمال التي‬
‫تصدر منه أو من مأمورية ‪ ،‬بل يمتد هذا الضمان إلى كل إضرار أو تعرض مبني على سبب قانوني يصدر من‬
‫مستأجر آخر أو من أي شخص تلقى الحق عن المؤجر) ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫فمن خالل نص المادة يتضح لي أن التعرض الذي يضمنه المؤجر هو المبني على سبب قانوني‪ ،‬وإ ضافة إلى‬
‫ذلك فهو يضمن األضرار التي تصدر من مستأجرين آخرين أو أي شخص تلقى عنه حقا ومن ثم فهو ضامن لهذا‬
‫التعرض‪ .‬فما هي الشروط الواجب توفرها لقيام هذا التعرض وماهي آثاره ؟ ‪.‬‬
‫‪ -/1‬الشروط الواجب توفرها لقيام التعرض ‪:‬‬
‫أ‪ -/‬أن يقع التعرض من الغير‪ :‬يجب أن يقع التعرض من أجنبي عن عقد اإليجار‪ ،‬ولذلك ال نكون بصدد تعرض‬
‫‪)1(.‬‬
‫من الغير إذا حصل التعرض من المؤجر أو من أحد مأموريه‬
‫ب‪ -/‬ادعاء الغير حقا يتعلق بالعين المؤجرة ويتعارض مع حق المستأجر‪ :‬وهذا ما نصت عليه المادة‬
‫‪484‬فقرة أولى من القانون المدني الجزائري ( إذا ادعى أجنبي حقا على العين المؤجرة يتعارض مع ما‬
‫للمستأجر من حقوق بمقتضى عقد اإليجار وجب على المستأجر أن يعلم المؤجر بذلك وله أن يطلب إخراجه من‬
‫الخصام وفي هذه الحالة ال تجري الدعوى إال ضد المؤجر وحده ) ‪.‬‬
‫يجب أن يكون التعرض قانونيا‪ ،‬أي يكون مبنيا على سبب قانوني‪ ،‬وليس من الالزم أن يكون ما يدعيه الغير‬
‫من حق موجودا وثابتا في الواقع وإ نما يكفي مجرد اإلدعاء وعلى ذلك يكون تعرض الغير ماديا ال قانونيا إذا لم‬
‫يستند الغير في تعرضه على أي حق يدعيه ‪.‬‬
‫‪)2(.‬‬
‫ويجب أن يكون الحق المدعى به متعلقا بالعين المؤجرة ومتعارضا مع حق المستأجر‬

‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪ )1‬فالمؤجر ضامن لهذا التعرض سواء كان تعرضا مبنيا على سبب قانوني أو تعرضا ماديا‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.342‬‬
‫(‪ -)2‬ومثال ذلك أن يدعي الغير أنه هو المالك للعين المؤجرة وبالتالي فإن اإليجار ال يسري في حقه ويقيم دعوى على المؤجر ويطلب فيها إخالء المستأجر‬
‫لهذا السبب‪ .‬رمضان أبو السعود‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.231‬‬

‫ويستوي في الحق الذي يدعيه الغير أن يكون حقا عينيا أو حقا شخصيا‪ ،‬وعلى ذلك يضمن المؤجر التعرض‬
‫الصادر من شخص يدعي أنه مستأجر للعين المؤجرة ومفضل على المستأجر الذي وضع يده عليها‬
‫ويمكن أن يكون التعرض بالنسبة إلى العين المؤجر كلها‪ ،‬أو بالنسبة إلى جزء منها فقط أو بالنسبة ألحد ملحقاتها‬
‫(‪)1‬‬
‫التي يشملها عقد اإليجار‪.‬‬
‫وقد يستمد هذا الحق من المؤجر ذاته كما في حالة المشتري للعين المؤجرة‪ ،‬وقد يكون غير مستمد منه كما إذا‬
‫ادعى الغير أنه هو المالك الحقيقي للعين المؤجرة‪.‬‬
‫ج‪ /‬أن يقع التعرض فعال ‪ :‬فال يكفي لوقوع التعرض باألفعال فقط بل البد من إظهار هذا اإلدعاء وتحقيقه‪ ،‬فقد‬
‫فيضطر المستأجر إلى رفع الدعوى على الغير مدخال المؤجر‬ ‫(‪)2‬‬
‫يلجأ الغير إلى وسائل مادية لتحقيق إدعائه‬
‫خصما فيها‪ ،‬وقد يكون التعرض في صورة دعوى يرفعها الغير طالبا ثبوت حق له على العين المؤجرة‬
‫ومتعارضا مع ما للمستأجر من انتفاع وترفع على المؤجر ويدخل الغير المستأجر خصما فيها‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه يجب أن يقع التعرض القانوني أثناء فترة اإليجار‪ ،‬فال يمكن اإلعتداء به إن وقع قبل ذلك‬
‫وحتى بعد فوات مدته ‪.‬‬
‫‪ -/2‬اآلثار التي تترتب على قيام التعرض‪:‬‬
‫‪33‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫إذا حدث ووقع التعرض القانوني من الغير على نحو ما تقدم ‪ ،‬التزم المستأجر بإخطار المؤجر بوقوع هذا‬
‫التعرض ‪ ،‬وإ ذا حدث اإلخطار ترتب عليه أمران ‪ :‬األول‪ :‬هو التزام المؤجر بدفع هذا التعرض إذا كان ذلك في‬
‫إمكانه‪ .‬والثاني‪ :‬هو ضمان االستحقاق إذا أخفق المؤجر في ذلك‪ .‬وسنتكلم عن هذا األخير في المطلب الثالث‬
‫على حدى لكي نبرزه كأثر للتعرض وتدخل إرادة الطرفين في تعديله ‪.‬‬
‫‪ /1‬إخطار المؤجر بالتعرض‪:‬‬
‫فمن خالل نص المادة ‪ 484‬من القانون المدني الجزائري‪ ،‬يستوجب على المستأجر إذا وقع تعرض من‬
‫الغير‪ ،‬أن يبادر إلى إخطار المؤجر بوقوعه فهو صاحب المصلحة في دفعه ألنه ضامن ‪ ،‬ويجب أن يتم اإلخطار‬
‫في أقرب وقت ممكن ‪ ،‬فإذا لم يبادر المستأجر باإلخطــار في وقت مناسب تحمل نتيجة هذا التقصير‪ .‬فإذا أثبت‬
‫المؤجر في حالة عدم إخطاره أن لديه مستندات تثبت بطالن إدعاء المتعرض‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬لم يشترط التقنين المصري في المادة ‪ 573‬من القانون المدني‪ ،‬كما اشترط التقنين الفرنسي أن يكون الحق الذي يدعيه الغير متعلقا بملكية العين‬
‫المؤجرة وذلك في نص المادة ‪ 1726‬من القانون المدني أو بحق ارتفاق عليها أو بحق عيني فيها طبقا بنص المادة ‪ 1727‬من القانون المدني والتي تنص‬
‫‪Si ceux qui ont commis les vies de faut‬‬ ‫و يالحظ أنها تتسع لمجال الحق الشخصي (‬
‫‪prétendent avoir quelque droit sur la chose louée . Ou si le preneur est lui même cité en justice pour se voir condamne‬‬
‫‪au délaissement de la totalité ou de partie de cette chose .on a souffrir L'exercice de quelque servitude; il doit appeler le‬‬
‫‪).bailleur en garantie; et doit être mis hors d’instance, S'il L’exige, en nommant le bailleur pour lequel il possède‬‬
‫(‪ -)2‬كادعائه أن له عليها حق‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫فهنا يسقط حق المستأجر في الرجوع بالضمان‪ .‬وللمؤجر ( طبقا للقواعد العامة ) أن يرجع بالتعويض على‬
‫المستأجر نتيجة عدم قيام هذا األخير بإخطاره في الوقت المناسب‪ .‬ويالحظ أن المشرع لم يستلزم شكال معينا‬
‫يجب أن يتم فيه اإلخطار‪ .‬ولإلشارة أن عبء وقوع اإلخطار على عاتق المستأجر‪.‬‬
‫‪ -2‬دفع المؤجر للتعرض ‪:‬‬
‫فإذا أخطر المستأجر المؤجر بوقوع التعرض وجب على المؤجر أن يتخذ كافة اإلجراءات القانونية لدفع‬
‫هذا التعرض‪ ،‬فله أن يرفع دعاوى الحيازة على المتعرض إذا توافرت شروطها‪ ،‬فإذا نجح هذا األخير في دعواه‬
‫‪ ،‬كان للمؤجر رفع دعوى استرداد الحيازة ‪ ،‬أما إذا كانت أعمال التعرض قد أدت إلى تعطيل انتفاع المستأجر‬
‫فللمؤجر رفع دعوى منع التعرض‪ ،‬وإ ذا شرع المتعرض في إقامة منشآت عطلت انتفاع المستأجر كان للمؤجر‬
‫الحق في رفع دعوى وقف األعمال الجديدة ‪ ،‬وهذا في حالة ما اتخذ التعرض شكل العمل المادي أما إذا كان‬
‫التعرض في شكل دعوى مرفوعة على المستأجر وتم إخطار المؤجر‪ ،‬وجب على هذا األخير التدخل حتى وإ ن‬
‫علم بها ولم يخطر‪ .‬فإذا كانت الدعوى إال على المستأجر فإن الحكم اليلزم إال هذا األخير أما إذا وجهت إلى‬
‫‪)1(.‬‬
‫المؤجر دون المستأجر كان الحكم الصادر ساريا في مواجهة المستأجر‬
‫وفي الحالة التي ترفع الدعوى على المستأجر لوحده فيمكنه الخروج منها حتى ولو رفض المؤجر الدخول فيها‪،‬‬
‫إال أنه في أغلب األحيان ال يخرج منها وذلك من أجل مراقبة دفاع المؤجر وليمنع التواطىء الذي قد يحصل‬

‫‪34‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫مع المتعرض لإلضرار به ( ففي هذا المجال أالحظ وجود إتفاق بين أحكام الضمان في عقد البيع وعقد اإليجار‬
‫)‪.‬‬
‫فللمستأجر مصلحة في البقاء في الدعوى وذلك حتى يرجع من بعد بضمان االستحقاق على المؤجر إذا نجح‬
‫المتعرض‪ ،‬أو إذا وجه للمستأجر طلب آخر كأن يطلب إخراجه من العين نتيجة لفسخ اإليجار إذا ما تحققت له‬
‫ملكية العين‪ ،‬ويراعى أن التزام المؤجر بدفع التعرض يعد التزاما بغاية ال التزاما ببذل عناية‪،‬فإذا نجح الغير في‬
‫تعرضه يعد مخال بالتزامه‪ .‬ولكن إذا ترتب على التعرض القضاء لوضع اليد المؤجرة تحت الحراسة وتعطل‬
‫‪)2(.‬‬
‫انتفاع المتأجر بها‪ ،‬كان لهذا األخير أن يطلب إنقاص األجرة أو طلب الفسخ إذا كان التعرض جسيما‬

‫ـــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬فهو ليس إال دائن عادي للمؤجر تنفذ في مواجهته األحكام الصادرة ضد المؤجر‪.‬‬
‫(‪ – )2‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.352‬‬

‫أما إذا فشل المؤجر في دفع دعوى المعترض وحكم لألخير باستحقاق ما يدعيه على العين‪ ،‬كان ذلك إخالال‬
‫‪)1(.‬‬
‫من المؤجر بالتزام الضمان ويجوز للمستأجر أن يحبس األجرة حتى يقوم المؤجر بدفع التعرض الحاصل‬
‫‪ -‬فهل يجوز للمستأجر أن يدفع بنفسه التعرض القانوني الصادر عن الغير؟‬
‫اختلف الرأي حول هذه المسألة‪ ،‬فيذهب رأي أول إلى القول أن حق المستأجر حق شخصي‪ ،‬فإذا ادعى‬
‫المتعرض حقا في العين بأنه يملكها مثال‪ ،‬كان الخصم الحقيقي في دعوى المتعرض ال يكون المستأجر‪ ،‬فليس له‬
‫ألن حقه شخصي يترتب في ذمة‬ ‫حق عيني في العين المؤجرة يستطيع أن يتولى بنفسه دفع التعرض عنه‬
‫‪)2(.‬‬

‫المؤجر‪ ،‬وكل ما يستطيع فعله هو أن يخطر المؤجر بالتعرض حتى يتولى الدفع‪ ،‬وإ ذا امتنع على المستأجر‬
‫الرجوع بنفسه على المتعرض‪ ،‬فال يوجد ثمة ما يمنعه من الرجوع عليه بدعوى المؤجر‪ ،‬تطبيقا ألحكام الدعوى‬
‫غير المباشرة ‪.‬‬
‫ويذهب الرأي الثاني إلى القول بأن تعرض الغير المبني على سبب قانوني قد يكون في شكل تعرض مادي أو‬
‫‪)3(.‬‬
‫في شكل دعوى‬
‫وفي األخير يمكننا القول أنه في حالة تدخل المؤجر في الدعوى ونجح في دفع تعرض الغير يعتبر قد نفذ‬
‫التزامه تنفيذا عينيا‪ ،‬وإ ن وقعت للمستأجر من جراء التعرض فيرجع بالتعويض على المتعرض الذي ثبت أنه لم‬
‫يكن محقا في دعواه‪ ،‬أما إن صدر حكم قضائي يقرر بوضع العين المؤجرة تحت الحراسة القضائية ونتج عن‬
‫ذلك تعطل انتفاع المستأجر بالعين فيمكنه أن يطلب إنقاص األجرة أو اإلعفاء منها طوال مدة الحبس‪ ،‬أما إن كان‬
‫اإلخالل جسيم فله أن يطلب فسخ العقد ‪.‬‬

‫الفـــــــرع الثاني‪ :‬شروط التعرض المادي و آثاره‬

‫‪35‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫تنص المادة ‪ 487‬من القانون المدني الجزائري الفقرة األولى ( ال يضمن المؤجر للمستأجر التعرض الصادر‬
‫من أجنبي والذي ال يستند على حق له على العين المؤجرة وهذا ال يمنع المستأجر من أن يطالب شخصيا بحق‬
‫لمن تعرض له بالتعويض‪ ،‬وأن يمارس ضده جميع دعاوى الحيازة )‪.‬‬
‫ومن خاللها يتضح أن المؤجر ال يضمن التعرض المادي الصادر من أجنبي والذي يظهر في أعمال يقوم بها‬
‫هذا األخير تؤدي إلى حرمان المستأجر من االنتفاع بالعين أو االنتقاص‪ ،‬منه دون استناد إلى حق يدعيه‬

‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬يجوز للمستأجر أن يحبس األجرة(نقض فرنسي – ‪20‬أفريل‪) DALLOZ – 1961‬‬
‫(‪ -)2‬هذه هي خصوصية الحق العيني ‪.‬‬
‫(‪ -)3‬ويكون تعرضا ماديا إذا كان التعرض واقع على حيازة المستأجر ولهذا األخير حق رفع جميع دعاوى الحيازة لحمايتها طبقا للمادة ‪ 487‬من القانون‬
‫المدني الجزائري ‪ ،‬وفي حالة ما إذا كان التعرض في شكل دعوى فيجوز للمستأجر إذا لم يخطر المؤجر بالدعوى أو إذا لم يتدخل هذا األخير أن يدافع عن‬
‫حقوقه بنفسه ‪.‬‬

‫وبالتالي فإنه ال يلزم بدفع هذا التعرض المادي ألنه لم يصدر منه خطأ ويبقى على عاتق المستأجر أن يدفع مثل‬
‫هذا التعرض بكل الوسائل القانونية الممنوحة له‪ ،‬وبالتالي فلكي تنعدم مسؤولية المؤجر عن ضمان التعرض‬
‫(‪)1‬‬
‫المادي الصادر من الغير يجب توافر جملة من الشروط ‪:‬‬

‫‪ -/1‬شروط عدم مسؤولية المؤجر عن التعرض المادي الصادر من الغير ‪:‬‬


‫أ‪ -‬صدور التعرض من الغير‪ :‬وبذلك يجب أن التعرض صادرا من أجنبي عن المؤجر أما إذا صدر عن المؤجر‬
‫أو أحد مأموريه فإنه يضمنه ‪ ،‬أو كان هذا التعرض باالشتراك مع المؤجر فإنه يسأل عن ضمانه ‪.‬‬
‫ب‪ -‬يجب أن يكون التعرض ماديا ال يستند فيه إلى حق ‪ :‬أي أن التعرض المادي ال يستند فيه المعترض لحق‬
‫يدعيه ومثال ذلك سرقة اللصوص ألمتعة المستأجر دون أي تقصير من المؤجر أو من البواب ‪.‬‬
‫ج‪ -‬حدوث التعرض المادي بعد التسليم ‪ :‬أي أن يحصل التعرض بعد قيام المؤجر بالتزامه بالتسليم وفي ذلك‬
‫الوقت تكون العين المؤجرة تحت تصرف المستأجر بحالة صالحة لالنتفاع بها ‪ ،‬فإذا وقع التعرض قبل التسليم‬
‫التزم المؤجر بدفعه ألنه ملزم بتسليم العين والتعرض حال دون ذلك ‪ :‬أما إذا كان التعرض بعد انتهاء مدة‬
‫‪)2( .‬‬
‫االنتفاع لم يكن للمستأجر حق يقع عليه االعتداء‬
‫د‪ -‬أال يتضمن العقد شرطا يقضي بالتزام المؤجر بضمان التعرض المادي‪ :‬يجوز االتفاق على أن يتحمل‬
‫المؤجر بالمسؤولية عن ضمان تعرض الغير المادي ‪ ،‬حيث أن القاعدة القانونية التي تقرر عدم ضمانه هي قاعدة‬
‫مفسرة إلدارة المتقاعدين اللذين يحق لهما االتفاق على ما يخالفهما ‪.‬‬
‫و‪ -‬أن يقتصر أثر التعرض على اإلخالل باالنتفاع دون أن يمتد إلى صالحية العين لالنتفاع بها بعد ذلك ‪:‬‬
‫فالتعرض إذا اقتصر أثره على مجرد اإلخالل باالنتفاع العابر‪ ،‬كان تعرضا متضمنا اعتداء على حق المستأجر‬
‫ويجب على هذا األخير دفعه وليست هناك مسؤولية على المؤجر ‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬

‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.305‬‬
‫(‪ -)2‬رمضان أبو السعود‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 242‬‬

‫أما إذا تجاوز التعرض إلى صالحيتها باالنتفاع ‪ ،‬عد هذا التعرض تعديا أيضا على حق المؤجر إلى جانب حق‬
‫ويترتب عن قيام التعرض المادي توقيع التزامات على‬ ‫‪)1(.‬‬
‫المستأجر‪ ،‬فيتحمل كل منهما بدفعه كل فيما يخصه‬
‫عاتق المستأجر فيلتزم هذا األخير بإخطار المؤجر حتى يتمكن من التدخل لدفعه ذلك ألنه ال يضمن التعرض‬
‫المادي إن توافرت شروطه وعليه سنتطرق اآلن إلى اآلثار المترتبة عنه ‪.‬‬
‫‪ -/2‬اآلثار المترتبة على قيام التعرض المادي من الغير ‪:‬‬
‫فإذا حدث تعرض الغير نتيجة خطأ المستأجر فال يرجع بالضمان على المؤجر بل يكون لألخير الرجوع‬
‫على المستأجر بسبب ما أصابه من ضرر نتيجة هذا التعرض ‪ ،‬فإذا حدث تعرض مادي للغير وجب على‬
‫المستأجر إخطار المؤجر حتى يتمكن من دفعه ‪ ،‬فإن لم يخطره عد مسؤوال في مواجهة المؤجر عن خطأه‬
‫هذا ‪ ،‬ويأخذ حكم خطأ المستأجر أو إهماله أيضا ‪ ،‬حالة ما إذا وقع التعرض نتيجة روح العداء و الكراهية التي‬
‫يشعر بها المعتدي اتجاه المستأجر ‪ .‬فمن خالل ما سبق ذكره سوف نتطرق آلثار التعرض المادي الصادر من‬
‫الغير ‪.‬‬
‫‪/1‬رجوع المستأجر على المتعرض ‪:‬‬
‫لقد أشارت المادة‪487‬من القانون المدني الجزائري على أنه( يمكن للمستأجر مطالبة المتعرض بتعويض عن‬
‫الضرر الذي أصابه طبقا لقواعد المسؤولية التقصيرية و ذلك نتيجة عدم وجود رابطة عقدية بينه و بين‬
‫(‪)2‬‬
‫المتعرض ) كما يمكنه أن يمارس جميع دعاوى الحيازة ذلك ألن المشرع أراد حماية الحيازة العرضية ‪.‬‬
‫و ذلك فضال عن مطالبة المتعرض بتعويض الضرر الذي أصابه من جراء هذا التعرض‪.‬‬
‫‪ /2‬رجوع المؤجر على المتعرض ‪:‬‬
‫للمؤجر أن يرجع هو اآلخر على الغير المتعرض في حاالت معينة منها أنه إذا ترتب على عمل المتعرض‬
‫ضرر أصاب العين ذاتها بأن لحقها تلف أو هالك كلي أو جزئي ‪ ،‬فيرجع بالتعويض طبقا لقواعد المسؤولية‬
‫التقصيرية على الغير المتسبب في ذلك فإذا ترتب على تعدي المتعرض حرمان المستأجر من االنتفاع بالعين‬
‫المؤجر ‪ ،‬فيرجع األخير على المؤجر طالبا الفسخ أو اإلنقاص في األجرة ‪ ،‬فإن للمؤجر أن يرجع بدوره على‬
‫المتعرض أيضا طبقا لقواعد المسؤولية التقصرية ‪ ،‬و يكون للمؤجر هذا الرجوع أيضا إذا رجع عليه المستأجر‬

‫‪37‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫بالتعويض عن األضرار التي أصابته جراء التعرض و ذلك في حالة إشتراط ضمان المؤجر لهذا التعرض‬
‫المادي‪.‬‬

‫ــــــــــــــــ‬
‫‪George hebrecht‬‬ ‫(‪ – )1‬و يكون المستأجر مسؤوال عن الحريق و هذا ما قاله الفقيه‬
‫‪" Le locataire est, en psincipe responsable de l'incendie a moins qu’il ne démontre que l'incendie‬‬
‫‪a pour cause un ces fortuit ou de force majeure, ou un vice de construction ou encore que le feu a été communiqué par‬‬
‫‪la maison voisine . Il est donc indispensable que le locataire contracte une assurance le garantissant contre ce risque‬‬
‫‪locatif Notions essentielles de doit civil, 7eme édition Sirey - France 1967-p250.‬‬
‫(‪ – )2‬القانون الفرنسي يعطي للمستأجر دعوى استرداد الحيازة دون الدعوتين األخيرتين ‪ ،‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.373‬‬

‫‪-3‬الرجوع على المؤجر‪:‬‬


‫طبقا للقواعد العامة ال يمكن للمستأجر الرجوع على المؤجر بدعوى ضمان التعرض المادي ذلك ألنه ال يوجد‬
‫أي التزام يجبره بهذا الضمان‪.‬‬
‫فإنه يمكن له ‪ :‬إما طلب‬ ‫(‪)1‬‬
‫إال أنه حسب ما نصت عليه المادة ‪ 487‬الفقرة الثانية من القانون المدني الجزائري‬
‫فسخ عقد اإليجار أو إنقاص األجرة في حالة بلوغ التعرض حدا من الجسامة أدت إلى حرمان المستأجر من‬
‫االنتفاع سواء كان الهالك كليا أو جزئيا ‪ ،‬و بالتالي فإن كان الهالك كليا إنفسخ اإليجار ‪ ،‬و إن كان جزئيا أي لم‬
‫يبلغ حد من الجسامة أمكنه طلب الفسخ أو إنقاص األجرة ‪.‬‬
‫أما إذا كان التعرض واقع على االنتفاع و لم يصل إلى درجة الهالك فيمكن حسب األحوال طلب الفسخ أو‬
‫إنقاص األجرة بشرط أن يكون الحرمان منه جسيما‪ ،‬و من جهة ثانية ال يكون للمستأجر دخل في حدوث‬
‫التعرض‪ .‬فإن وقع لسبب راجع إليه ‪ ،‬فال يمكن لهذا األخير الرجوع على المؤجر حتى ولو كان اإلخالل الواقع‬
‫باالنتفاع إخالال جسيما ‪ ،‬غير أنه في كل األحوال لقاضي الموضوع السلطة التقديرية في الحكم إن كان‬
‫التعرض جسيما أوال ‪ ،‬وما إذا كان للمستأجر دخل فيها ‪.‬‬

‫الفــــرع الثالث‪ :‬الصور الخاصة بهذا التعرض‬

‫تنص المادة ‪ 485‬من القانون المدني الجزائري( إذا تعدد المستأجرون لعين واحدة أعطيت األولوية لمن سبق‬
‫منهم إلى وضع يده عليها دون غش‪ .‬أما المستأجر فله إذا حرم من األولوية وهو حسن النية أن يطلب التعويض‬
‫(‪)2‬‬
‫عن المؤجر)‬
‫فمن نص المادة أالحظ أن تفضيل أحد المستأجرين المتزاحمين يوجب ضمان االستحقاق للباقين‪ .‬وأجد أن نص‬
‫المادة ‪ 573‬من القانون المدني المصري ( إذا تعدد المستأجرون لعين واحدة فضل من سبق منهم إلى وضع يده‬
‫عليها دون غش ) إال أن القانون المصري يضيف إلى ذلك تغييرا بقوله ‪ ( :‬فإذا كان مستأجر عقار قد سجل‬
‫عقده وهو حسن النية وقبل أن يضع مستأجر آخر يده على العقار المؤجر أو قبل أن يتجدد عقد إيجاره ‪ ،‬فإنه‬

‫‪38‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫الذي يفضل فإذا لم يوجد سبب لتفضيل أحد المستأجرين ‪ ،‬فليس لهم فيما تعارضت فيه حقوقهم إال طلب‬
‫التعويض) وأجد أن المشرع المصري قد فرق بين حالة التزاحم على المنقول وحالة التزاحم على العقار‬

‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬يقابل نص المادة ‪ 487‬من القانون المدني الجزائري‪ ،‬نص المادة ‪ 575‬من القانون المدني المصري‪.‬‬
‫(‪ -)2‬يقابل نص المادة ‪ 485‬من القانون المدني الجزائري‪ ،‬نص المادة ‪ 573‬من القانون المدني المصري‪.‬‬

‫على عكس المشرع الجزائري الذي ترك النص عاما ‪.‬وعليه أرجع إلى النص المصري باعتباره المرجع‬
‫للقانون الجزائري وتفسيره لحاالت التزاحم فيما إذا كان منقوال أو عقارا ‪.‬‬
‫‪ /1‬قواعد التفضيل في حالة التزاحم على المنقول ‪:‬‬
‫فإذا كان الشيء المؤجر منقوال وتعدد المستأجرون له‪ ،‬طبق حكم الفقرة األولى من نص المادة ‪ 573‬من القانون‬
‫المدني المصري والتي تقابلها الفقرة األولى من نص المادة ‪ 485‬قانون المدني الجزائري ‪ ،‬حيث يفضل من‬
‫سبق منه إلى وضع يده دون غش(‪ ، )1‬وذلك طبقا للقاعدة العامة في هذا الشأن ‪ .‬ومن ذلك يتضح أن تطبيق‬
‫قاعدة األفضلية تقتضي أن يكون واضع اليد األول على المنقول حسن النية ‪.‬وبذلك لكي يكون لوضع اليد على‬
‫الشيء المؤجر أثره يجب أال يكون للمستأجر واضع يده متواطئا مع المؤجر‪ ،‬كما يجب أال يكون عالما وقت‬
‫وضع اليد يسبق التأجير وإ ذا حدث ولم يبادر أي من المستأجرين المزاحمين بوضع يده على الشيء المؤجر ‪ ،‬ثم‬
‫طلبا المؤجر بتسليمه ‪،‬فال يمكن القضاء بتسليمه أليهما ‪ ،‬فليس ألحدهم أن يتقدم على اآلخر ‪ .‬ولذلك ال يبقى لهما‬
‫سوى الرجوع بضمان االستحقاق ‪ .‬أما إذا طالبه أحدهما دون اآلخر فيقضي له بالتسليم وال يبقى لآلخر سوى‬
‫الرجوع بالضمان‪.‬‬
‫وأجد أن محكمة النقض الفرنسية في أحكام حديثة قد قضت بأن المفاضلة بين المستأجرين المتزاحمين‪ ،‬في‬
‫المنقول وفي العقار‪ ،‬تكون على أساس األسبقية في تاريخ عقد اإليجار‪ ،‬وذلك رغم أن التقنين الفرنسي ال‬
‫(‪)2‬‬
‫يشمل على نص في هذه المسألة‬
‫‪ / 2‬قواعد التفضيل في حالة التزاحم على العقار‪.‬‬
‫من خالل نص المادة ‪ 485‬من القانون المدني الجزائري لم يفرق المشرع بينما إذا كانت العين منقوال أو‬
‫عقارا‪ ،‬وبذلك تسري هذه القاعدة بشأن المفاضلة بين المستأجرين المزاحمين للعقار‪ .‬أما المشرع المصري‬
‫أضاف في المادة ‪ 573‬من القانون المدني بقوله( فإذا كان مستأجر عقار سجل عقده وهو حسن النية قبل أن‬
‫يضع مستأجر آخر يده على العقار المؤجر أو قبل أن يتجدد عقد إيجار ‪ ،‬فإنه هو الذي يفضل )‪.‬‬
‫وعلى ذلك تكون قواعد التفضيل في شأن العقار هي باألسبقية بوضع اليد أو بالتسجيل ‪ ،‬ويستفاد من نص المادة‬
‫أن المستأجر الذي سبق إلى وضع يده هو األولى بالتفضيل ألنه األصل وال يسبقه إال تسجيل سابق له‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫ــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬فوضع يد المستأجر على العين المؤجرة هو استيفاء لحقه من المؤجر كدائن شخصي له‪ .‬ومن ذلك جاء التفضيل وليس من مجرد وضع اليد ‪.‬‬
‫وهناك رأي يذهب إلى أن التفضيل إنما يجيء من وضع اليد ذاته مجردا من معنى االستيفاء – طبقا للقاعدة المعروفة (عند تعادل المركزين يفضل واضع اليد‬
‫) ( ‪ ) in pari causa melior est causa possidentis‬عبد الرزاق السنهوري‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 385‬‬
‫(‪ -)2‬فمن كان من المستأجرين عقده أسبق في ثبوت التاريخ كان هو الذي يتقدم ‪ .‬نقض فرنسي (‪ 12‬فيفري ‪.) 1954‬‬
‫دالوز ‪ –1972،‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪. 388‬‬

‫ملف رقم ‪539‬‬ ‫وفي ذلك توجد عدة قرارات للمحكمة العليا ومن بينها(القرار المؤرخ في ‪10.03.1991 :‬‬
‫‪ .78‬من المقرر قانونا أنه إذا تعدد المستأجرون لعين واحدة‪ ،‬أعطيت األولوية لمن سبق منهم إلى وضع يده‬
‫عليها دون غش‪.‬‬
‫ومن ثم فإن القرار اإلداري المخالف لهذا المبدأ يعد مخالفا للقانون‪ ،‬ولما كان من الثابت في قضيته الحال أن‬
‫الطاعن يشغل بحسن نية وبناء على سند قانوني الشقة المتنازع عليها منذ سنة ‪ 1984‬في حين أن المطعون ضده‬
‫استخرج عقد إيجار الشقة في سنة ‪ ، 1988‬ومن ثم فإن مقرر التنازل الثاني يعد الغيا ‪ .‬ومن كان كذلك‬
‫(‪)1‬‬
‫استوجب إبطال المقرر المطعون فيه )‬
‫وهناك ( قرار آخر مؤرخ في ‪ 07/02/1994 :‬ملف رقم ‪ " 107519‬من المقرر قانونا أنه إذا تعدد‬
‫المستأجرون لعين واحدة أعطيت األولوية لمن سبق منهم إلى وضع يده عليها دون غش ومن ثم فإن القضاء‬
‫بهذا المبدأ يعد تطبيقا سليما للقانون ‪.‬‬
‫ولما ثبت من قضيته الحال – أن الطاعن كان حارسا لألماكن – المتنازع عليها – وليس محتال لها فإن بمحاولته‬
‫لتغيير صفة االحتالل من حارس إلى مستأجر برهن عن سوء نيته ‪ ،‬وأن قضاة الموضوع برفضهم حق االمتياز‬
‫(‪)2‬‬
‫الذي تمسك به الطاعن ‪ ،‬فقد طبقوا صحيح القانون مهما يتعين رفض الطعن )‬
‫‪ /1‬التعرض الحاصل من الجيران المستأجرين لمؤجر واحد ‪:‬‬
‫ويخرج من ذلك الجيران المستأجرين من مؤجرين مختلفين ولو كانوا في منزل واحد كأن يكون المنزل مقسم‬
‫إلى عدة طوابق مملوكة ألشخاص مختلفين ومؤجرة لعدة مستأجرين فالعبرة هنا بوحدة المؤجر ال بوحدة‬
‫المنزل‪ ،‬فيفترض هنا أن التعرض أو اإلخالل باالنتفاع قد صدر من جار المستأجر لنفس المؤجر واتخذ هذا‬
‫المتعرض إلى حق يدعيه كان التعرض مبنيا على سبب قانوني ويكون المؤجر ضامنا ‪ ،‬أما إذا كان التعرض‬
‫غير مستند إلى حق وكانت هذه األعمال ال عالقة لها بصفة المستأجر ‪ ،‬فالتعرض المادي ال يضمنه المؤجر‪ .‬أما‬
‫في الحالة العكسية ‪ :‬فهناك رأي يقول بأن هذا التعرض وإ ن ال يستند فيه إلى حق يدعيه المتعرض مع ذلك يعد‬
‫تعرضا مبنيا على سند قانوني يضمنه المؤجر(‪ ،)3‬وإ ذا رجع المستأجر (المتعرض له ) على المؤجر كان لهذا‬
‫األخير أن يرجع بدوره على المستأجر المتعرض ويجب عليه إخطاره بالتعرض في الوقت المالئم حتى يستطيع‬
‫فيه الدفاع عن األعمال التي ارتكبت ضد المستأجر (المتعرض له) والتي استحق هذا األخير من أجلها التعويض‬
‫‪ .‬وهناك رأي آخر يقول أن التعرض الصادر من المستأجر لجاره يعد تعرضا‬
‫‪40‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬

‫ــــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬المجلة القضائية لسنة ‪-1993‬العدد األول – الصفحة ‪.142‬‬
‫(‪ -)2‬المجلة القضائية لسنة‪ – 1994‬العدد الثاني – الصفحة ‪.31‬‬
‫(‪ -)3‬ألن المتعرض ال يعد من الغير بالنسبة للمؤجر‪.‬‬

‫ماديا ال يضمنه المؤجر مادام غير مستند إلى حق يدعيه ‪ ،‬وللمستأجر المتعرض له أن يرجع مباشرة على‬
‫المستأجر المتعرض ألنه ليس له الرجوع على المؤجر ‪.‬‬

‫‪ /2‬التعرض الحاصل من الجيران المستأجرين لمؤجرين مختلفين ‪:‬‬


‫و يؤخذ بعين االعتبار في هذه الحالة أيضا باختالف المؤجر ال باختالف المنزل ‪ ،‬ويخرج من ذلك‬
‫المستأجرين من مؤجر واحد ولو كانوا في منازل متفرقة وسواء أكان الجار المتعرض مستأجرا أم مالكا له أو‬
‫أية صفة أخرى ‪ .‬فمما الشك فيه أن الجار يعتبر من الغير تطبق عليه أحكام التعرض الصادر من الغير و التي‬
‫تقضي بأن المؤجر ال يضمن تعرض الجار المادي الذي يكون غير مبني على سبب قانوني ‪ ،‬وقد يكون ناشئا‬
‫عن أعمال يجريها الجار في العين التي يشغلها وتصيب المستأجر بأضرار ومن ثم فليس لهذا األخير سوى‬
‫الرجوع على الجار المتعرض لمطالبته بالكف عن تعرضه والتعويض عن األضرار التي لحقته طبقا ألحكام‬
‫أو اإلنقاص‬ ‫‪ .‬أما إذا كان التعرض جسيما فللمستأجر مطالبة المؤجر بفسخ العقد‬ ‫(‪)1‬‬
‫المسؤولية التقصيرية‬
‫في األجرة (‪ .)2‬أما إذا كان العمل الذي أتاه الجار ضد المستأجر قد استند فيه إلى حق يدعيه فالتعرض الواقع هنا‬
‫قانوني يضمنه المؤجر‪ .‬وقد يكون هذا التعرض واقع في حدود المكان الذي هو فيه كما قد يكون التعرض واقع‬
‫على العين المؤجرة ذاتها‪.‬‬

‫‪ /3‬التعرض الحاصل من جهة اإلدارة ‪:‬‬


‫تنص المادة ‪ 486‬من القانون المدني الجزائري ( إذا ترتب عن عمل قامت به السلطة اإلدارية بمقتضى‬
‫القانون نقص في االنتفاع بالعين المؤجرة جاز للمستأجر حسب الظروف أن يطلب فسخ اإليجار أو إنقاص ثمنه‬
‫وله أن يطالب بتعويضه إذا كان عمل السلطة اإلدارية قد صدر بسبب يكون المؤجر مسؤوال عنه كل هذا ما لم‬
‫(‪)3‬‬
‫يوجد اتفاق يقضي بخالف ذلك )‪.‬‬
‫فهذه المادة جعلت ألنه في الكثير من األحيان قد يحدث أن تصدر أعمال من جهة حكومية تؤدي إلى اإلخالل‬
‫بانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ‪ ،‬أو تحرمه من هذا االنتفاع ‪ ،‬فهل يلتزم المؤجر بالضمان أم ال؟‪.‬‬

‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬طبقا لنص المادة ‪ 124‬من القانون المدني الجزائري ‪.‬‬
‫(‪ -)2‬طبقا لنص المادة ‪ 284‬الفقرة الثانية من القانون المدني الجزائري ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫(‪ -)3‬يقابل نص المادة ‪ 486‬من القانون المدني الجزائري نص المادة ‪ 574‬مدني مصري والتي تنص على أنه ( إذا ترتب عن عمل من جهة إدارية في‬
‫حدود القانون نقص كبير في االنتفاع بالعين المؤجرة ‪ ،‬جاز للمستأجر تبعا للظروف أن يطلب فسخ العقد أو إنقاص األجرة ‪ ،‬وله أن يطالب المؤجر بتعويضه‬
‫إذا كان عمل الجهة اإلدارية قد صدر لسبب يكون المؤجر مسؤوال عنه ‪ ،‬كل هذا ما لم يقضي االتفاق بغيره‬

‫وتبعا لما سبق يجب التفريق بين ما إذا كان العمل قانوني أوغير قانوني ‪ ،‬فإن كان قانونيا عد التعرض من جهة‬
‫اإلدارة مبنيا على سبب قانوني يضمنه المؤجر ‪ ،‬ألن اإلدارة تستند في عملها إلى حق لها(‪ . )1‬ولذلك يطبق على‬
‫هذا التعرض أحكام التعرض الحاصل من الغير‪ ،‬بمعنى أن المؤجر ال يضمن التعرض المادي الصادر عن‬
‫السلطة اإلدارية ولكنه يضمن تعرضها القانوني ‪ .‬ويكون التعرض ماديا إذا كانت هذه األخيرة ال تستند في‬
‫عملها إلى حق خاص تدعيه متعلقا بالعين أو اقتصرت إلى مالها من حقوق وامتيازات السلطة العامة (‪.)2‬‬
‫إال أن الفقهاء يذهبون بالقول في هذه الحالة بأنه ال جدوى من البحث فيما إذا كان عمل اإلدارة يعد تعرضا‬
‫ماديا أو قانونيا ‪ ،‬فهو في الحالتين يعد من قبيل القوة القاهرة ‪ ،‬وال يلتزم المؤجر بضمانها ‪ ،‬إال أن اعتبار ذلك‬
‫بمثابة القوة القاهرة ال يحرم المستأجر من الرجوع على المؤجر‪ .‬وعلى جهة اإلدارة في بعض الحاالت ‪.‬‬
‫وعلى ذلك للمستأجر إذا كان الحرمان من االنتفاع جسيما أن يطلب الفسخ ‪ ،‬أما إذا كان النقص أو الحرمان يسيرا‬
‫فال رجوع له على المؤجر ‪ ،‬وإ نما يرجع على اإلدارة إذا كان عملها مخالف للقانون ‪ ،‬ويجوز للمستأجر في هذه‬
‫الحالة وإ ذا لم يكن الحرمان على درجة من الجسامة أن يطلب اإلنقاص في األجرة‪ ،‬ويكون هذا األخير على‬
‫درجة مبررة ويخضع ذلك لتقدير المحكمة ‪ .‬أما إذا كان عمل اإلدارة ينطوي على تعسف في استعمال السلطة ‪،‬‬
‫فيحق للمستأجر أن يطلب التعويض منها ألنه شكل من أشكال التعرض المادي المحض (‪.)3‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك يجوز للمستأجر أن يرجع على المؤجر بالتعويض أيضا إذا تسبب هذا األخير في حدوث‬
‫هذا التعرض ‪ ،‬ألنه حيث يكون للمؤجر دخل في عمل اإلدارة يتحقق ضمانه (‪ .)4‬وال رجوع للمستأجر على‬
‫المؤجر إذا ثبت أن تعرض اإلدارة سببه خطأ من المستأجر‪ ،‬وذلك كأن يدير المستأجر العين المؤجرة ناديا‬
‫للقمار‪ ،‬فتقوم اإلدارة بإغالقه ففي هذه الحالة يلتزم المستأجر بدفع األجرة إلى نهاية عقد اإليجار وبالتعويض‬
‫أيضا إن كان له مقتضى ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى نص المادة ‪ 486‬من القانون المدني الجزائري انتهت بالقول ( كل هذا ما لم يوجد اتفاق‬
‫يقضي بخالف ذلك ) وعليه فهي ال تتعلق بالنظام العام وبالنتيجة يجوز االتفاق على أن يتحمل المؤجر بالضمان‬
‫عن كل عمل يصدر من جهة إدارية يتعارض مع انتفاع المستأجر بالعين سواء أكان العمل مخالفا للقانون أم ال‪.‬‬
‫كما يجوز االتفاق على عدم مساءلة المؤجر إال عن الفسخ ‪ ،‬أو اإلعفاء من المسؤولية‬
‫وكما يكون االتفاق صريحا قد يكون ضمنيا ‪ ،‬ولكن ال يجوز أن يستخلص منه مجرد أن المستأجر كان يتوقع‬
‫تعرض اإلدارة له (‪.)5‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬ومن أمثلة ذلك ‪ :‬كأن تجري مصلحة التنظيم ‪ .‬أعمال وإ صالحات في الطرق العمومية من شأنها أن تخل بانتفاع المستأجر ‪.‬‬
‫(‪ -)2‬ومن أمثلة ذلك ‪ :‬أن تنتزع جهة اإلدارة ملكية العين المؤجرة أو أن تستولي عليها ‪.‬‬
‫(‪ -)3‬ومن ذلك مثال أن تنزع اإلدارة – الملكية للمنفعة العامة – فال يمكن للمستأجر أن يرجع على تلك الجهة إال إذا سمحت له القوانين بذلك‪.‬‬
‫(‪ -)4‬لكن ال رجوع للمستأجر على المؤجر إذا ثبت أن تعرض الجهة اإلدارية كان سببه خطأ من المستأجر دون المؤجر ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫(‪ – )5‬رمضان أبو السعود ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.260‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬ضمان االستحقاق في عقد االيجار‬


‫تنص المادة ‪ 476‬من القانوني المدني الجزائري على أنه ( يلتزم المؤجر أن يسلم للمستأجر العين المؤجرة‬
‫وملحقاتها في حالة تصلح لالنتفاع المعد لها تبعا لإلتفاق الوارد بين الطرفين أو حسب طبيعة العين )(‪ )1‬فإذا أفلح‬
‫المتعرض في تعرضه وأخفق المؤجر وتقرر الحق المدعى به ‪ ،‬قضاء أو رضاء ‪ ،‬وترتب على ذلك حرمان‬
‫المستأجر من االنتفاع بالعين المؤجرة على الوجه المقصود من العقد‪ ،‬كان للمستأجر أن يرجع على المؤجر‬
‫بضمان االستحقاق ‪ .‬ومعنى هذا الضمان ثبوت الحق للمستأجر في أن يطلب تبعا للظروف فسخ اإليجار أو‬
‫إنقاص األجرة مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى ‪ ،‬وذلك طبقا لنص المادة ‪ 484‬الفقرة الثانية من‬
‫إال أنه تجدر‬ ‫(‪)2‬‬
‫القانون المدني الجزائري و التي تقابلها المادة ‪ 572‬الفقرة الثانية من القانون المدني المصري‪.‬‬
‫اإلشارة إلى إمكانية الرجوع بضمان االستحقاق متوقفة على شروط ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬شروط الرجوع بضمان االستحقاق‬


‫فإلمكان الرجوع بضمان االستحقاق يجب أن تتوافر الشروط اآلتية ‪:‬‬
‫‪ -/1‬ثبوت االستحقاق أي أن يتقرر للمتعرض حقا يتنافى مع أي وجه من وجوه االنتفاع ‪ ،‬سواء كان حقا‬
‫عينيا(ملكية أو حق ارتفاق)أو كان حقا شخصيا (كثبوت حق المستأجرالثاني و أولويته على المستأجر األول)‪.‬‬
‫‪ - /2‬أن يترتب عن هذا االستحقاق اإلخالل الفعلي باالنتفاع ‪ ،‬وعلى ذلك إذا ثبت االستحقاق ولكن لم يقم‬
‫المستحق بمضايقة المستأجر في انتفاعه بالعين بل تركه وشأنه أو أقر إيجاره ‪ ،‬فال رجوع بالضمان ‪.‬‬
‫‪ -/3‬أن يثبت عدم تقصير المستأجر في إخطار المؤجر بالتعرض في الوقت المناسب ‪ ،‬فإذا لم يخطره وحال‬
‫بينه وبين دفع التعرض ‪ ،‬وثبت االستحقاق ‪ ،‬فال رجوع للمستأجر عليه ‪ ،‬فإذا توفرت الشروط المتقدمة حقا‬
‫للمستأجر أن يرجع على المؤجر بضمان االستحقاق ‪ ،‬سواء كان المؤجر حسن النية أو سيئها يعلم بسبب‬
‫التعرض ‪ ،‬فال دخل للنية في ثبوت الحق في الضمان وإ ن جاز أن تدخل النية في االعتبار عند تقدير التعويض‪.‬‬
‫وعليه يجوز للمستأجر أن يطلب فسخ اإليجار إذا ثبت أن اإلخالل باالنتفاع كان جسيما مبررا للفسخ ‪ ،‬للمحكمة‬
‫حق التقدير‪ ،‬فلها أال تجيب المستأجر في طلبه للفسخ إذا كان اإلخالل يسيرا ‪ ،‬ويقتصر حكمها على التعويض أو‬
‫إنقاص األجرة ‪ ،‬ويسري هذا األخير من وقت حصول اإلخالل الفعلي وباإلضافة إلى ذلك للمستأجر أن يطلب‬
‫(‪)1‬‬
‫أيضا من المؤجر تعويضا عن األضرار التي أصابته من جراء اإلخالل الصادر من المؤجر في دفع التعرض‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫(‪ -)2‬يقابل نص المادة ‪ 476‬مدني جزائري نص المادة ‪ 1719‬قانون مدني فرنسي ‪.‬‬
‫(‪ -)3‬إذا كانت حالة العين المؤجرة من شأنها أن تعرض صحة المستأجر ومن معه إلى خطر جسيم جاز له طلب الفسخ ‪ ،‬وليس للقاضي سلطة تقديرية بين‬
‫الفسخ وإ نقاص األجرة طبقا لنص المادتين ‪ 477 ، 476‬من القانون المدني ويحكم القاضي بالفسخ حتى ولو تنازل المستأجر عن حقه ‪.‬‬
‫‪ -‬وتسقط دعوى إنقاص األجرة أو فسخ العقد‪ ،‬بمضي سنة تبدأ من وقت التسليم الفعلي للعين المؤجرة فهي مدة تقادم ال سقوط طبقا لنص المادة ‪ 366‬من‬
‫القانون المدني الجزائري ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬االتفاقات المعدلة ألحكام هذا الضمان‬

‫تنص المادة ‪ 490‬من القانون المدني الجزائري( يبطل كل اتفاق يتضمن اإلعفاء أو التحديد من الضمان‬
‫بسبب التعرض أو العيب إذا كان المؤجر قد أخفى عن غش سبب هذا الضمان )‪.‬والتي يقابلها نص المادة ‪578‬‬
‫من القانون المدني المصري ( يقع باطال كل اتفاق يتضمن اإلعفاء أو الحد من ضمان التعرض أو العيب ‪ ،‬إذا‬
‫كان المؤجر قد أخفى عن غش سبب هذا الضمان )‪.‬‬
‫وعليه نالحظ أن هذا النص يبيح االتفاق على اإلعفاء من ضمان االستحقاق والعيب وعلى التخفيف منه أو‬
‫التشدد فيه ‪ ،‬على النحو الذي سبق بيانه في البيع ‪ ،‬ولكن سيتثنى من ذلك اإلعفاء أو التخفيف ‪ ،‬إذا كان المؤجر قد‬
‫أخفى عن غش سبب هذا الضمان ‪ .‬فهذا النص من النظام العام ‪ ،‬ال يمكن االتفاق على مخالفته ‪.‬‬
‫‪ -1‬التشديد في الضمان ‪:‬وبناء على ما سبق يجوز التشديد في ضمان المؤجر ‪ ،‬كاشتراط المستأجر أن يكون له‬
‫الحق في فسخ اإليجار متى حدث تعرض من الغير ‪ ،‬أيا كان تأثير هذا التعرض على االنتفاع المقصود ‪.‬‬
‫‪ -2‬تخفيف الضمان ‪:‬يجوز االتفاق على تخفيف الضمان ‪ ،‬كما لو اشترط المؤجر المستأجر أن يدفع األجرة‬
‫بكاملها حتى مع حصول تعرض من الغير ‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلعفاء من الضمان ‪:‬إذ يجوز االتفاق على إعفاء المؤجر من الضمان الناشئ عن تعرض الغير القانوني‬
‫ويالحظ أن شرط اإلعفاء من الضمان أو التخفيف منه يقع باطال إذا كان المؤجر قد أخفى عن غش سبب هذا‬
‫الضمان ‪ ،‬وعلى ذلك إذا كان المؤجر يعلم أن للغير حقا على العين المؤجرة يتعارض مع حق المستأجر وأخفاه‬
‫متعمدا عن األخير غشا منه ‪ ،‬فإن الشرط يقع باطال أما إذا كان يعلم بحق الغير ولكنه لم يتعمد إخفائه فالشرط‬
‫الصحيح ‪ ،‬فبمجرد علمه بالسبب ال يتضمن في ذاته غشا ‪ ،‬فقد يكون المستأجر عالما بنفسه ‪ ،‬ويمكن أن يتخذ علم‬
‫المستأجر بالسبب قرنية على أنه أراد ضمنا إعفاء المؤجر من الضمان حتى بدون شرط ‪.‬‬
‫والشرط الذي يعدل من أحكام مسؤولية المؤجر عن تعرضه الشخصي ‪ ،‬ليس كالشرط الذي يعدل من‬
‫مسؤوليته عن تعرض الغير إذ ال يجوز التوسع في تفسيره ‪ .‬فشرط التشديد ال يتوسع في تفسيره باإلضرار‬
‫بالمؤجر وشرط التخفيف أو اإلعفاء ال يتوسع في تفسيره إضرارا بالمستأجر(‪.)1‬‬

‫ـــــــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬إن القضاء الفرنسي في ضمان المؤجر لتعرضه الشخصي ‪ ،‬يجعل شرط اإلعفاء عبارة عامة باطال ‪ ،‬أما في ضمان تعرض الغير المبني على سبب‬
‫قانوني ‪ ،‬فشرط اإلعفاء في عبارة عامة يكون صحيحا وإ ن كان ال يحرم المستأجر من طلب الفسخ أو إنقاص األجرة والفرق بين الحالتين أن إعفاء المؤجر‬
‫نفسه من المسؤولية عن تعرضه الشخصي بصفة مطلقة يتعارض مع حسن النية وليس لذلك أن يعفي نفسه من المسؤولية عن تعرض الغير ‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.362‬‬
‫‪ -‬ما يالحظ أن هناك نصيبين في البيع ‪ ،‬أحدهما تطبيق للمبادئ العامة فيمكن أن يسري على اإليجار ‪ ،‬واآلخر يقرر حقا استثنائيا فال يمكن نقله إلى اإليجار‬
‫وطريق القياس فالنص األول هو نص المادة ‪ 373‬من القانون المدني الجزائري والذي يمكن تطبيقه على عقد اإليجار ‪ ،‬والنص الثاني هو ‪ 374‬من القانون‬
‫المدني الجزائري وهذا النص األخير يقرر االسترداد ‪ ،‬فهو نص استثنائي وال يري على عقد اإليجار‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫‪44‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫تطبيقات أحكام الضمان في عقد اإليجار على عقد الشركة‬
‫في هذا المبحث سنتناول أحكام الضمان في عقد اإليجار المطبق ة على الحصص المساهم بها في عقد الشركة‬
‫‪،‬و ذلك ب التطرق إلى طبيعة الحصص المقدمة في عقد الش ركة في المطلب األول ‪ ،‬أما في الطلب الث اني فإننا‬
‫سأتطرق على مجال تطبيق أحكام الضمان ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬طبيعة الحصص المقدمة في عقد الشركة‬


‫بعد أن تطرقنا إلى الحصص ال تي طبقت عليها أحك ام الض مان المتعلقة بعقد ال بيع‪ ،‬س نتطرق إلى الحصص‬
‫ال تي يطبق عليها أحك ام الض مان المتعلقة بعقد اإليج ارو ذلك دائما ب الرجوع إلى نص الم ادة ‪ 422‬من الق انون‬
‫المدني الجزائري (أما إذا كانت الحصة مجرد انتفاع بالمال فان أحكام اإليجار هي التي تسري في ذلك ) وبالتالي‬
‫إذا ك انت الحصة منص بة على مج رد التمتع بها في ه ذه الحالة يل تزم الش ريك بوضع ه ذه الحصة تحت تص رف‬
‫الش ركة في ح دود م دة معينة و يبقى مالكا لها ‪،‬و من ثم يك ون ه ذا األخ ير على يقين من اس ترجاع أمواله بعد‬
‫انحالل الش ركة ‪،‬أو عند حل ول األجل المح دد في العقد و بالت الي ال خ وف عليه من دائنيها ‪،‬ألن ه ذه الحصة لم‬
‫فيعد الشريك في حالة تقديم الحصة على سبيل االنتفاع كأنه قد أبرم عقد إيجار‬ ‫(‪.)1‬‬
‫تدخل في الذمة المالية للشركة‬
‫الحصة مع الشركة و من ثم يعد بمثابة المؤجر و الشركة بمثابة مستأجر لها ‪،‬و يمكن أن يكون موضوع الحصة‬
‫المقدمة على سبيل االنتفاع كل األموال التي تكون قابلة أن تدخل كحصة في عقد الشركة على سبيل التملك لها‪ ،‬و‬
‫بذلك يقع على عاتق الشريك ضمان التعرض و االستحقاق الحاصل على الحصة المؤجرة (‪ .)2‬و عليه س أتطرق‬
‫في المطلب الثاني إلى دراسة مجال تطبيق أحكام اإليجار على عقد الشركة ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مجال تطبيق أحكام ضمان اإليجار على عقد الشركة‬
‫فإذا حصل التقديم على سبيل االنتفاع‪- - apport en jouissance‬و كان الشيء المقدم عينا معينة يحتفظ‬
‫المقدم بملكية الحقوق المتعلقة بالشيء المقدم ‪ ،‬ويقدم للشركة حق االنتفاع ‪-usufruit-‬بالحقوق فقط ‪،‬و يكون‬
‫الشريك الذي يقدم الشيء على سبيل ‪ ،‬بمنزلة المؤجر الذي يمكن المستأجر من االنتفاع بالمأجور ‪ ،‬و لكنه يختلف‬
‫عنه في أنه ال يتقاضى بدل اإليجار ‪ ،‬كما يلتزم المقدم بالضمان الذي يلتزم به المؤجر‪ ،‬أي يلتزم بضمان‬
‫التعرض ‪.‬‬

‫ــــــــــــــ‬

‫(‪ -)1‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬صفحة ‪.272‬‬

‫(‪ -)2‬الحسين بن الشيخ آث ملوية ‪ ،‬بحوث في القانون‪،‬دار هومة للطباعة و النشر‪ ،‬باتنة ‪،‬الجزائر‪ ،‬صفحة‪.113،115‬‬

‫و تجدر اإلشارة عمال بالمبادئ العامة‪ ،‬إلى أنه ال يجوز تقديم األشياء المثلية على سبيل االنتفاع‪ ،‬بل على سبيل‬
‫الملكية‪ ،‬حتى ولو كان العقد ينص على أنها مقدمة على سبيل االنتفاع‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫فيضمن الشريك عدم التعرض للشركة سواء كان تعرضا ماديا أو قانونيا صادرا منه أو تعرض مبني على‬
‫‪،‬والتي تحول دون االنتفاع بالحصة أو تؤدي إلى نقص االنتفاع بها ‪،‬و في حالة‬ ‫(‪)1‬‬
‫سبب قانوني صادر من الغير‬
‫التص فية ال يمكن ل دائنيها التنفيذ على حصة الش ريك ألنها ال ت دخل في ذمتها ‪،‬ف إذا انحلت الش ركة قبل انته اء حق‬
‫االنتف اع في دخل ه ذا األخ ير ض من العناصر اإليجابية للش ركة و تخضع للتص فية ك أي م ال آخر تملك ه‪،‬و بالت الي‬
‫يحق للش ريك اس ترداده بمج رد االنته اء من االنتف اع به و تج در اإلش ارة إلى أنه إذا ك ان االنتف اع واردا على‬
‫عقار‪،‬وكانت مدته تزيد عن الحد المقرر قانونيا وجب التسجيل طبقا للقواعد المقررة في اإليجار‪.‬‬

‫و لما ك ان للمنتفع حق عي ني على العين فله الس لطة المباش رة على الش يء ال ذي ال يحت اج في اس تعماله إلى‬
‫تدخل صاحب حق االنتفاع ‪ ،‬و بذلك فليس على صاحب حق االنتفاع أية التزامات شخصية في ذمة المنتفع سوى‬
‫ما ال تزم به ‪ ،‬ك أن يل تزم بض مان التع رض و االس تحقاق ولن ه ذا االل تزام ت رتب بم وجب العقد ال بم وجب حق‬
‫االنتفاع ‪ ،‬و بالتالي يسري على صاحب حق االنتفاع ما يسري على أي شخص آخر‪ ،‬حيث ال يجوز له أن يتعدى‬
‫على حق المنتفع و بالتالي فال يجوز له أن يدخل أي تعديل في العين دون موافقة المنتفع ‪ ،‬كأن يقيم بناءات جديدة‬
‫‪ ،‬فكل ما يس بب ض ررا أو تعطيال أو إنقاصا في حق المنتفع ال يج وز لص احب حق االنتف اع أن يق وم به‪ ،‬و لكن‬
‫هن اك اس تثناء على ذلك أورده المش رع لص احب حق االنتف اع من خالل نص الم ادة ‪847‬فق رة ‪ 2‬من الق انون‬
‫الم دني الجزائ ري (و للمالك أن يع ترض على أي اس تعمال غ ير مش روع أو غ ير متفق مع طبيعة الش يء ‪ ،‬ف إذا‬
‫أثبت أن حقوقه في خطر ج از له أن يط الب بتق ديم تأمين ات ف إن لم يق دمها المنتفع أو اس تمر على ال رغم من‬
‫اع تراض المالك في اس تعمال الش يء اس تعماال غ ير مش روع أو غ ير متفق مع طبيعة الش يء فللقاضي أن ي نزع‬
‫العين من تحت يده و أن يسلمها إلى الغير ليتولى إدارتها بل له تبعا لخطورة الحال أن يقرر انتهاء حق االنتفاع‬
‫دون إخالل بحقوق الغير ) ‪.‬‬

‫فالمش رع أعطى ه ذه االس تثناءات لفائ دة المالك للمحافظة على حقوقه في حين أنه كقاع دة عامة يل تزم بع دم‬
‫تعطيل أو إنقاص في حق االنتفاع بالعين‪ ،‬و في هذه الحالة للقاضي أن يقرر انتهاء حق االنتفاع و هذا تبعا لدرجة‬
‫الخطورة و ذلك دون إخالل بحقوق الغير ‪.‬‬

‫ـــــــــــــ‬
‫(‪ -)1‬و هذا ما نصت عليه المادة ‪ 1843‬في فقرتيها ‪ 4 ،3‬من القانون المدني الفرنسي‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫‪46‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫لعل أهم ما نخلص إليه في خاتمة هذا البحث هو التأكيد على أهمية الموضوع ‪ ،‬فالمشرع نظم احكام الضمان‬
‫سواء كان التعرض او االستحقاق أو العيوب الخفية باعتبارها من اهم االلتزامات التي تترتب على العقد ‪،‬‬
‫خاصة عقد البيع و االيجار و كلها أكثر العقود شيوعا في الحياة العملية و ذلك لضمان استقرار المعامالت ‪.‬‬
‫لكن المشرع في تنظيمه لعقد الشركة تعامل بشيء من التمييز ‪ ،‬إذ طبق عليه نوعان من الضمان ن متخذا‬
‫طبيعة الحصة معيارا فاصال ‪ .‬فإذا كانت الحصة العينية مقدمة على سبيل التملك طبقت احكام الضمان الخاصة‬
‫بعقد البيع ن اما إذا قدم الشريك الحصة على سبيل االنتفاع فقط فإن أحكام الضمان الخاصة بعقد االيجار هي التي‬
‫تطبق ‪.‬‬

‫و قد اكتفى المشرع الجزائري في تنظيم هذا الموضوع بمادة واحدة فقط هي المادة ‪ 422‬من القانون المدني‬
‫‪ ،‬والتي اقتبس احكامها من القانون المصري ‪ ،‬وهو ما طرح اشكاالت عملية في تطبيقها ‪ ،‬خاصة في مجال‬
‫الشركات التجارية إذ ال يوجد في القانون التجاري ما ينظم هذا الموضوع مما يعني عمومية هذا النص‪.‬‬

‫و يجب التذكير أن هذا النص وضع سنة ‪ 1975‬في ظل التوجه االشتراكي ‪ ،‬حيث كانت التجارة من احتكار‬
‫الدول ة‪ ،‬وك انت المس اهمة من ط رف األف راد محتش مة ‪ ،‬ول ذا و في ظل التوجه االقتص ادي الح الي و بعد االنفت اح‬
‫على اقتصاد السوق لم يعد هذا النص يستجيب لهذه المتطلبات ‪ .‬و لذا أصبح لزاما على المشرع التدخل العادة‬
‫تنظيمه على الوجه الكافي واستقرار المعامالت المدنية و التجارية‪،‬حيث أن آث ارالتعرض لم تناولها اصال في عقد‬
‫الشركة و اكتفى باحكام عقد البيع و االيجار و هذا ما ال يتطابق و طبيعة عقد الشركة‬
‫و حاصل القول أن هذا النص ال يجد تكريسا له في القضاء و الميدان العملي إذ غالبا ما تلجأ الشركة إلى طلب‬
‫الفسخ أو االبطال ‪ ،‬متى تعرض الشريك للحصة المقدمة او استحقت للغير‪ ،‬و ال تطلب بتطبيق أحكام الضمان ‪.‬‬
‫و في األخير نرجو أن تكون هذه الدراسة قد جلبت األنظار إلى الثغرات القانونية التي يعاني منها القاضي‬
‫لما تخلفه من إشكاليات في الميدان العملي و أن تكون محفزا لمن يأتي بعدي و أراد الخوض في غمار هذا‬
‫البحث المتعلق بضمان عدم التعرض و االستحقاق‪.‬‬

‫الـمـراجـع‬

‫ا‪ /‬المراجع بالعربيةـ ‪:‬‬


‫‪/1‬المؤلفات‪:‬‬
‫‪-1‬الحسين بن الشيخ آث ملوية‪ ،‬بحوث في القانون ‪ ،‬دار هومة للطباعة و النشر ‪ ،‬باتنة ‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -2‬عقد البيع في ضوء قضاء النقض‪ ،‬أنور طلبة ‪ ،‬دار الفكر العربي ‪،‬القاهرة ‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫‪ -3‬عقد اإليجار ‪ ،‬أنور طلبة ‪،‬المكتب الجامعي الحديث‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬طبعة ‪.1998‬‬
‫‪ -4‬أهم النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة باإليجار المدني التجاري اجتهادات المحكمة العليا‪،‬‬
‫بن رقية يوسف ‪ ،‬الديوان الوطني لألشغال التربوية ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬طبعة ‪.2002‬‬
‫‪ -5‬الوجيز في عقد البيع‪ ،‬توفيق حسن فرج‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬طبعة‪.1988‬‬
‫‪ -6‬الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري‪ ،‬خليل أحمد حسن قدادة‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية ‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -7‬عقد اإليجار المدني (دراسة نظرية و تطبيقية من خالل الفقه واجتهاد المحكمة العليا) ‪ ،‬ديب عبد‬
‫السالم ‪ ،‬الديوان الوطني لألشغال التربوية ‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2001‬‬
‫‪ -8‬العقود المسماة (عقد اإليجار)‪ ،‬رمضان أبو السعود‪ ،‬األحكام العامة‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.‬‬
‫‪( -9‬شرح القانون المدني ‪،‬العقود المسماة ‪،‬عقد البيع) ‪ ،‬سليمان مرقس ‪ ،‬الطبعة الرابعة‪،‬منقحة ومزينة‬
‫بأحكام محكمة النقض المصرية ‪،‬دار الهناء للطباعة‪،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -10‬موسوعة الشركات التجارية‪ ،‬عبد الحميد الشواربي ‪ ،‬دار الكتاب الحديث ‪ ،‬منشأة المعارف‬
‫اإلسكندرية‪،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -11‬الوسيط في شرح القانون المدني‪،‬العقود التي تقع على الملكية (الهبة‪،‬الشركة)المجلد الخامس‬
‫عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -12‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد (اإليجار‪،‬العارية)الطبعة الثالثة‪ ،‬عبد الرزاق السنهوري‬
‫منشورات الحلبي الحقوقية ‪،‬بيروت ‪،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -13‬الوسيط في شرح القانون المدني‪،‬العقود التي تقع على الملكية(البيع‪،‬المقايضة) عبد الرزاق‬
‫السنهوري ‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -14‬شرح أحكام البيع‪ ،‬عبد الناصر توفيق العطار‪ ،‬دار الفكر العربي ‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪ -15‬االجتهاد القضائي وفقا ألحكام القانون المدني ‪ ،‬عمرين سعيد‪، ،‬دار الهدى ‪ ،‬عين مليلة‬
‫الجزائر‪ ،‬طبعة ‪.2004‬‬
‫‪ -16‬مدونة القانون المدني‪ ،‬معوض عبد التواب‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫طبعة ‪.1987‬‬
‫‪-17‬عقد البيع في القانون المدني الجزائري‪ ،‬محمد حسنين ‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬بن عكنون‪،‬‬
‫الجزائر ‪ ،‬طبعة‪.2000‬‬

‫‪48‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
‫‪ -18‬عقد البيع في القانون المدني الجزائري‪ ،‬محمد حسنين ‪، ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬بن عكنون‬
‫‪،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪.2005‬‬
‫‪ -19‬عقد البيع‪ ،‬محمد شتا أبو سعد‪، ،‬دار الفكر العربي‪،‬القاهرة‪ ،‬طبعة‪.2000‬‬
‫‪ -20‬شركات األموال في القانون الجزائري‪ ،‬نادية فضيل‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬طبعة‬
‫‪،2003‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ -21‬حماية الملكية العقارية ‪ ،‬حمدي باشا عمر ‪،‬دار هومة ‪ ،‬الجزائر ‪،‬طبعة ‪.2002‬‬
‫‪ -22‬القضاء العقاري ‪،‬حمدي باشا عمر‪،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪،‬طبعة ‪.2002‬‬
‫‪/2‬المجالت القضائية‪:‬ـ‬
‫‪ -1‬المجلة القضائية لسنة ‪ ،1989‬العدد الرابع‪.‬‬
‫‪ -2‬المجلة القضائية لسنة ‪ ،1991‬العدد الثاني‪.‬‬
‫‪ -3‬المجلة القضائية لسنة ‪، 1992‬العدد الثالث‪.‬‬
‫‪ -4‬المجلة القضائية لسنة ‪، 1993‬العدد الثالث‪.‬‬
‫‪ -5‬المجلة القضائية لسنة ‪، 1994‬العدد األول‪.‬‬
‫‪ -5‬االجتهاد القضائي ‪:‬الغرفة التجارية و البحرية‪،‬عدد خاص ‪،‬طبعة ‪.1999‬‬
‫‪ /3‬النصوص القانونية‪:‬ـ‬
‫‪ - 1‬األمر رقم ‪ 66/154‬المؤرخ بتاريخ ‪ 08/06/1966:‬المتضمن قانون اإلجراءات المدنية‪.‬‬
‫‪ - 2‬األمر رقم ‪ 75/58‬المؤرخ في ‪ 20‬رمضان عام ‪ 1359‬الموافق ل‪26:‬سبتمبر‪،1975‬‬
‫المتضمن القانون المدني معدل و متمم‪.‬‬
‫‪ -3‬األمر رقم ‪ 75/59‬المؤرخ في ‪ 20‬رمضان ‪ 1359‬الموافق ل‪ 26:‬سبتمبر ‪ ،1975‬المتضمن القانون‬
‫التجاري‪.‬‬

‫‪ /4‬القواميس‪:‬‬
‫‪ -1‬المصطلحات القانونية في التشريع الجزائري‪ ،‬ابتسام القرام ‪،‬دار النشر قصر الكتاب البليدة الجزائر‪.1998،‬‬
‫‪ -2‬كنز الطالب‪ ،‬قاموس (فرنسي‪ ،‬عربي) جور دان السابق‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬الجزائر‪ ،‬طبعة‪.2001‬‬

‫ب‪ /‬المراجع بالغة الفرنسية‪:‬ـ‬

‫‪.CODE CIVIL DALLOZ, édition 1995,1996 PARIS.CEDEX 05 -1‬‬

‫‪49‬‬
‫ضمان عدم التعرض و االستحقاق في عقد البيع و عقد اإليجار و تطبيقاته على عقد الشركة‬
GERGE HUBRECHT –Notion essentielle de droit civil édition7, Sirey, France, -2
.1967
RYMOUND –LE GUIDEX-Juress classeur -2-1995-(vente, obligation du -3
.vendeur, garantie en cas d éviction)

50

You might also like