Professional Documents
Culture Documents
-وزارة الــعدل-
-
الفصل التمهيدي
ماهيةـ قانون حماية البيئة
1
إن دراسة موض وع البيئة من الناحية القانونية يتطلب حتديد بعض املص طلحات نظ را
ألمهيتها و ارتباطها مبج ال احلماية ،فحينما حندد مفه وم البيئة هن اك مص طلحات أخ رى تق رتب
منها يف الفهم كمص طلح الطبيعة ،التل وث و التنمية املس تدامة ،و تظهر أمهية ذلك الس يما فيما
خيص وصف الضرر البيئي من جهة و من جهة أخرى فإن اإلجراءات القانونية اليت تضمنها قانون
اليبئة هلا عالقة وثيقة هبذه املفاهيم هذا من ناحية .
و من ناحية ثانية ف إن اش كالية حبثنا هلا عالقة بتحديد مفه وم ق انون محاية البيئة ال ذي حيدد لنا
مكانة قانون البيئة من فروع القانون .
و من ناحية أخرية فمن األوىل أن نتعرض إىل التطور التشريعي الذي مر به قانون البيئة اجلزائري
بغرض معرفة تطور جماالت احلماية .
و ستتم معاجلة النقاط الثالث السالفة الذكر يف مباحث ثالثة :
المبحث األولـ
مفه ــوم البيــئة
إن موضوع البيئة يعد موضوعا متشعبا ال ميكن اعتباره موضوعا مستوفيا جلميع اجلوانب
كما ال ميكن جتسيد مفهومه مبعزل عن مجلة اجلوانب املتعلقة به،نظرا لطبيعة املشاكل املطروحة يف
هذا السياق من جهة و من جهة أخرى بالنظر إىل طبيعة الدراسة اليت تتناول هذا املوضوع ،فنظرة
البيولوجي للبيئة ترتكز على اجلانب الصحي فيما تقتصر نظرة اإلقتصادي على اجلانب املايل وحىت
نتفادى وجود إلتباس يف مفهوم البيئة تعني حتديده وفقا للمفاهيم األخرى املرتبطة به .
المطلب األولـ
تعريفـ البيـئة
ألجل البحث يف موض وع البيئة و كافة اإلش كاالت اليت يثريها يس توجب إعط اء تعريف
دقيق للبيئة و نستهل ذلك بتعريفها لغة و اصطالحا لنصل يف األخري إىل وضع تعريف قانوين هلا .
2
الفرع األولـ
التعريف اللغوي و اإلصطالحي
إن كلمة بيئة ،كلمة مشتقة من الفعل "بوأ" و هذا ما يستشف من اآلية الكرمية بعد قوله
تع اىل " :و اذكــروا إذ جعلكم خلفــاء من بعد عــاد و بـ ّـوأكم في األرض تتخــذون من ســهولها
قصورا و تنحتون من الجبال بيوتا فاذكروا آالء اهلل و ال تعثوا في األرض مفسدينـ "(.)1
()2
،و قد يعىن لغويا بالبيئة الوسط و يق ال لغة :تب ّوأت م نزال مبعىن هيأته و اختذته حمل إقامة يل
()3
و االكتناف و اإلحاطة .
فيما ي رى البعض اآلخر أن البيئة لفظ ش ائع يرتبط م دلوهلا بنمط العالقة بينها و بني مس تخدميها
حيث جند أن بيئة اإلنسان األوىل هي رحم أمه مث بيته فمدرسته (.)4
أما فيما خيص علم البيئة فهو مص طلح إغ ريقي م ركب من كلم تني "oikos":مبعىن م نزل و"
"logosمبعىن العلم ،و ب ذلك فعلم البيئة هو العلم ال ذي يهتم بدراسة الك ائن يف منزله حيث
يتأثر الكائن احلي مبجموعة من العوامل احلية و البيولوجية و غري احلية الكيميائية و الفيزيائية (.)5
أما التعريف اإلصطالحي فمن الصعوبة مبا كان وضع تعريف جامع مانع للبيئة نظرا لوجود عدة
مفاهيـم هلا صلة وثيقـة هبا،لذا فهناك من يرى أن مفهوم البيئة يعكـس كل شيء يرتبـط
3
وبالنظر إىل هذا التعريف جنده وعلى خالف التعاريف السابقة قد أضاف عنصرا جديدا إىل جانب
العناصر احلية وغري احلية ،ويتمثل يف مجلة املنش آت اليت أقامها اإلنس ان كج زء ه ام من مكون ات
املوارد البيئية.
ومن مجلة التع اريف الس ابقة ،ميكننا وضع تعريف تقرييب للبيئة قوامه أنها جمموعة من
العوامل الطبيعية احلية منها و غري احلية من جهة ،و جمموعة من العوامل الوضعية املتمثلة يف كل ما
أقامه اإلنسان من منشآت لسد حاجياته من جهة أخرى.
الفرع الثاني
التعريف القانوني
بالرجوع إىل القانون رقم 03/10املتعلق حبماية البيئة يف إطار التنمية املستدامة( ، )4جند
أن املش رع اجلزائ ري مل يعط تعريفا دقيقا للبيئة ،حيث جند املادة 2منه تنص على أه داف محاية
البيئة فيما تضمنت املادة 3منه مكونات البيئة .
ولئن كان املشرع اجلزائري مل يفرد البيئة بتعريف خاص إال أنه و بالرجوع إىل القانون
رقم 03/10السالف الذكر ،ميكن اعتبار البيئة ذلك احمليط الذي يعيش فيه اإلنسان مبا يشمله من
ماء هواء ،تربة ،كائنات حية و غري حية و منشآت خمتلفة ،و بذلك فالبيئة تضم كالّ من البيئة
الطبيعية و االصطناعية .
35 -1د.مىن قاسم ،التلوث البيئي والتنمية االقتصادية ،الدار املصرية ،الطبعة الثانية 1994،ص
-2نفس املرجع ،نفس الصفحة.
-3د.ماجد راغب احلل و،ق انون محاية البيئة ،دار املطبوع ات اجلامعية ،اإلس كندرية ،الطبعة 1994ص 21أنظر ك ذلك
التمهيدي. :ماهية قانون حماية البيئة
والتوزيع ص 350
ا املوسوعة العربية العاملية ،اجلزء اخلامس ،مؤسسة أعمال املوسوعة للنشر الفصل
Prieur Michel , Droit de l’environnement , op cit , page2-4
و خبالف التش ريع اجلزائ ري جند تش ريعات بعض ال دول قد خصت البيئة بتع اريف
عرف البيئة بأهنا احمليط احليوي الذي يشمل الكائنات احلية مضبوطة منها التشريع املصري الذي ّ
و ما حتتويه من مواد و ما حييط هبا من هواء ،ماء ،تربة و ما يقيمه اإلنسان من منشآت (.)1
أما التشريع الفرنسي فقد تبىن تعريف مصطلح البيئة ألول مرة يف القانون الصادر بتاريخ
10/07/1976املتعلق حبماية الطبيعة ،فجاء يف املادة األوىل منه بأن البيئة جمموعة من العناصر هي:
()2
الطبيعة ،الفصائل احليوانية والنباتية ،اهلواء ،األرض ،الثروة املنجمية واملظاهر الطبيعية املختلفة .
4
من خالل التع اريف الس ابقة ،يتضح لنا أن م دلول البيئة ال خيرج عن جمموعة من العناصر ميكن
حصرها يف صنفني :
الصــنف األولـ :و يش مل جمموعة من العوامل الطبيعية من م اء ،ه واء ،تربة و كائن ات حيوانية
و نباتية .
الصنف الثانيـ :و يشمل كل مااستحدثه اإلنسان من منشآت .
المطلب الثانيـ
عالقة البيئة ببعض المفاهيم
تبعا للتع اريف املش ار إليها س ابقا ،الحظنا أهنا ترتكز على الطبيعة ،إذ تش كل ه ذه
األخ رية اجلزء األكرب من مفه وم البيئة ،كما يظهر مص طلح التل وث كلما أث ريت مس ألة محاية
البيئة ،باإلضافة إىل الرتابط الوثيق بني البيئة و الفكرة اليت جاء هبا مؤمتر ريودي جانريو( , )3املتمثلة
يف التنمية املستدامة .
ألجل ذلك تعني إبراز عالقة البيئة باملفاهيم املذكورة أعاله ،كي نتمكن من التوصل إىل مدى
43 -1القانون رقم 03/10املؤرخ يف 20/07/2003املتعلق حبماية البيئة يف إطار التنمية املستدامة ،اجلريدة الرمسية العدد
لسنة .2003
-2املادة 1من القانون املصري اجلديد رقم 04الصادر يف 02/02/1994اجلريدة الرمسية العدد 5الصادرة يف
02/1994/ 03أنظر كذلك :
د.عبد الفتاح مراد ،شرح تشريعات البيئة يف مصر ويف الدول العربية حمليا ودوليا ،دار نشر الكتب والوثائق املصرية1996
ص . 397- 359
وهو ما
1992البيئة قانونوان
حماية ماهية يف ج
التمهيدي:الربازيلية
ودي ج انريو 3-م ؤمتر ري ودي ج انريو :هو ث اين م ؤمتر دويل ح ول البيئة ،انعقد يف مدينة ري
الفصل
يعرف بقمة األرض وقد ركز هذا األخري على عالقة البيئة بالتنمية املستدامة .
االنسجام الذي ميكن مالحظته بني كل من الواقع و النصوص القانونية .
الفرع األولـ
عالقة البيئة بالطبيعةـ
تعترب الطبيعة كل ما حييط باإلنس ان من م وارد احلي اة املختلفة ،و الفص ائل احليوانية
و النباتية و املوارد الطبيعية و ما يرتتب على استغالهلا من آثار سلبية أو إجيابية.
5
إن الكالم على البيئة هو الكالم على محاية املوارد الطبيعية ،باعتبار أن الطبيعة هي عامل
من عوامل التكيف بني اإلنسان و البيئة ،و لعل تطور حياة اإلنسان زامن زيادة رغبته و حاجته يف
استغالل الطبيعة،وعليه فإن احملافظة على البيئة يعين صيانة كل ماهو مصدر من مصادر الطبيعة (.)1
كما تظهر عالقة البيئة بالطبيعة من خالل املشاكل اليت تواجهها الطبيعة و اليت هلا عالقة
باستنـزاف املوارد البيئية ،منها مش كلة التص حر ،مش كلة انق راض الكائن ات احليوانية و النباتية
اختالف العناصر الطبيعية ،تدهور السواحل ...إخل .
و يف هذا اإلطار ستقتصر دراستنا على التطرق لبعض املشاكل على سبيل املثال ال احلصر
/1مشــكلة التصــحر :عرفته منظمة الثقافة و العلوم و الرتبية "اليونيسكو" بأنه ":حتطيم القدرات
البيولوجية لألرض و ال ذي قد ي ؤدي يف النهاية إىل ظه ور ظ روف قاحلة من ش أهنا أن ت ؤدي إىل
اإلتالف الش امل لألنظمة البيئية من بينها فق دان األراضي خلص وبتها و الت دهور الن وعي للغط اء
النبايت و هجرة احليوانات و الطيور و تقليص عددها" (.)2
/2تدهور السواحل :تشهد السواحل وضعية مزرية ،بسبب تراكم املواد السامة امللوثة الناجتة عن
عمليات تفريغ امللوثات الصناعية و النفايات احلضرية و هنب الرمال .
/3خطر يهدد التنوع البيولوجي ّ :
يعرف التنوع البيولوجي بأنه رصيد البيئة الطبيعية من األنواع
النباتية و احليوانية املرئية املتفاعلة مع بعض ها البعض من ناحية و مع العناصر غري احلية من غ ذاء
وكساء و راحة نفسية و معرفة و ثقافة و ابتكار (.)3
-1د.يسري دعبس ،املوارد اإلقتصادية ،ماهيتها ،أنواعها ،اقتصاديتها ،سلسلة املعارف االقتصادية 1996ص . 18-13
- 2ن دوات مش روع احلزام األخضر ل دول مشال إفريقيا بعن وان وقف التص حر ل دول الش مال اإلف ريقي ،من إع داد املنظمة
العربية للرتبية والثقافة والعلوم ،مراكش ،اململكة املغربية ،أيام دراسية دامت من 7إىل 11أكتوبر 1985ص .49
-3أنظر املقال بعنوان :التنوع البيولوجي يف خطر ،منشور يف جريدة اجلامعة ،الصادرة يف 16/06/1998العدد 94ص . 14
الفصل التمهيدي :ماهية قانون حماية البيئة
و يربز اخلطر الذي يهدد التنوع البيولوجي مثال من خالل انقراض بعض األنواع من
النباتات أو احليوانات مما يؤدي إىل خسائر عديدة أبرزها :
-1فقدان مصادر املعرفة العلمية ،ذلك أن معظم اإلبتكارات مستوحاة من العامل احلي .
-2خسارة مصادر معتربة من األدوية اليت تنقذ الكائن البشري من األمراض واألوبئة .
6
و أمام هذا الوضع املستعصي ،يتعني اإلسراع يف اختاذ التدابري الالزمة كإجراء عملية
املسح ملعرفة الكائنات احلية و حتديد أماكن انتشارها ،باإلضافة إىل ضرورة إنشاء احملميات الطبيعية
يف خمتلف املواقع اجلزائرية ،بغية احلفاظ على األصناف املتواجدة و كذلك إجراء دراسات معمقة
لألماكن اليت ستقام عليها املصانع و املنشآت مستقبال.
لكن بالرجوع إىل نص املادتني 10 :و 11من القانون رقم 03/10املتعلق حبماية البيئة يف
إط ار التنمية املس تدامة يتضح أن املش رع اجلزائ ري مل يقف موقفا س لبيا اجتاه االستنـزاف اخلطري
للموارد الطبيعية ،إذ اعترب أن الدولة ملزمة بضمان حراسة خمتلف مكونات البيئة ،كما أهنا تسهر
على محاية الطبيعة .
الفرع الثانيـ
عالقة البيئة بالتلوث
يع ّرف البعض التل وث على أنه جمموعة التغ ريات غري املرغوبة اليت حتيط باإلنس ان من
خالل ح دوث ت أثريات مباش رة أو غري مباش رة من ش أهنا التغيري يف املكون ات الطبيعي ة ،الكيمائية
و البيولوجية للبيئة مما يؤثر على اإلنسان و نوعية احلياة (.)1
و لقد ورد يف تقرير اجمللس االقتصادي و االجتماعي التابع لألمم املتحدة لسنة 1956حول تلوث
الوسط و التدابري املتخذة ملكافحته تعريف ملصطلح التلوث بأنه " :التغيري الذي حيدث بفعل التأثري
املباشر أو غري املباشر لألنشطة اإلنسانية يف تكوين أو يف حالة الوسط على حنو خيل ببعض
-1د.معوض عبد الثواب ،جرائم التلوث من الناحية القانونية والفنية،اإلسكندرية ،منشأة املعارف 1968ص .10- 9
الفصل التمهيدي :ماهية قانون حماية البيئة
()1
االستعالمات أو األنشطة اليت كانت من املستطاع القيام هبا يف احلالة الطبيعية لذلك الوسط ".
من خالل اس تعراض بعض التع اريف املعط اة ملص طلح التل وث و ك ذا التع اريف اليت خص هبا
مصطلح البيئة ،ميكن مالحظة العالقة املوجودة بني هذين املفهومني :
ف إذا ك انت البيئة هي جمموعة من العوامل الطبيعية احلية و غري احلية من جهة و كل ما
وضعه اإلنسان من منشآت مبختلف أشكاهلا من جهة أخرى ،فإن التلوث هو ذلك التغيري الذي
7
ي ؤثر يف تلك العناصر املكونة للبيئة ،و هو تغيري ي ؤثر س لبا على ه ذه املكون ات ،فهو ب ذلك يعد
أهم العوامل بل و يك اد يك ون العامل الوحيد املؤثر على البيئة و عليه فحينما نتكلم على محاية
البيئة فإن هذه احلماية مرتكزة حول الوقاية من مضار التلوث لذلك ذهب البعض إىل القول أن
الثلوث هو مفتاح قانون محاية البيئة (.)2
الفرع الثالث
عالقة البيئة بالتنمية المستدامةـ
جاء يف أحد تقارير املهتمني حبماية البيئة" :لقد جنح مؤمتر قمة األرض الذي عقد عام
()3
1992يف أن يستنهض ضمري العامل إىل حتقيق تنمية مستدامة بيئيا".
و يعىن بالتنمية املس تدامة " :التنمية اليت تليب احتياج ات اجليل احلاضر دون أن تع رض
()4
للخطر احتياجات جيل املستقبل ".
و بالرجوع إىل نص املادة 4من القانون رقم 03/10 :املتعلق حبماية البيئة يف إطار التنمية
املس تدامة جند أن ه ذه األخ رية " :مفه وم يعين التوفيق بني تنمية اجتماعية و اقتص ادية قابلة
لالس تمرار و محاية البيئة أي إدراج البعد البي ئي يف إط ار تنمية تض من تلبية حاج ات األجي ال
احلاضرة و األجيال املستقبلية".
-1د.أمحد عبد الكرمي سالمة ،التلوث النفطي ومحاية البيئة البحرية ،اجلمعية املصرية للقانون الدويل ص . 127-95
-2العبارة مستمدة من تعريف د.أمحد عبد الكرمي سالمة ،املرجع السابق ص .96
-3د .امساعيل سراج "،حىت تصبح التنمية املستدامة" ،جملة التمويل والتنمية ،صندوق النقد الدويل ،ديسمرب 1993ص .6
الفصل التمهيدي :ماهية قانون حماية البيئة -4د .امساعيل سراج ،املرجع السابق ص .7
و هذا التعريف يقارب التعريف الذي جاء به القانون املتضمن السياحة (.)1
من التع اريف الس ابقة للتنمية املس تدامة يت بني أنه توجد ض رورة للتوفيق بني التنمية
اإلقتص ادية و متطلباهتا من جهة ،و ض رورة محاية املوارد البيئية من جهة أخ رى ،و ب ذلك ف إن
املش كل املث ار الي وم هو أن حتقيق النمو اإلقتص ادي قد مت على حس اب املوارد البيئية كاملي اه
و الغاب ات و اهلواء ل ذا ق ّررت معظم الق وانني و التنظيم ات اس تحالة الفصل بني قض ايا التنمية
و مشكلة البيئة .
8
كما أن التنمية املستدامة تعد مبثابة إحدى الثوابت اجلوهرية يف سياسة الدولة ،كون أن
البيئة و التنمية يش كالن وجه ان لعملة واح دة و هي اإلس تمرارية و البق اء و احملافظة على حق وق
األجيال املقبلة و أي إخالل هبما يؤدي حتما إىل تدهور احلياة الطبيعية و اإلقتصادية .
و املالحظ على التنمية اإلقتصادية يف اجلزائر أهنا متت على حساب البيئة و هذا بالرغم
من وجود مجلة من النصوص القانونية اليت تؤكد ضرورة مراعاة البيئة .
المبحث الثانيـ
مفهوم قانون حماية البيئة
إ ّن التع رض إىل الوس ائل القانونية الكفيلة حبماية البيئ ة ،يقتضي بالض رورة التعريف
بالق انون املتض من محاية البيئة و تبي ان خصائصه و عالقته بقواعد الق انون الع ام باعتب اره فرعا من
فروعه .
المطلب األولـ
تعريفـ قانون حماية البيئة و خصائصه
ويف هذا اإلطار نتناول بالدراسة أوال تعريف قانون محاية البيئة وثانيا خصائصه
الفرع األول
تعريفـ قانون حماية البيئة
نظرا لظهور مشاكل بيئية و ازدياد ح ّدهتا ،تطلب األمر وضع قانون يضمن محاية للبيئة
-1أنظر املادة 3من القانون 03/01املؤرخ يف 17/02/2003املتضمن التنمية املستدامة للسياحة،اجلريدة الرمسية عدد 11ص . 4
الفصل التمهيدي :ماهية قانون حماية البيئة
لذلك ارتأى املشرع اجلزائري سن قواعد تنظم البيئة و حتميها رغم تشعب مشاكل البيئة و كثرهتا
و انطالقا من التعريف الذي أعطي ملصطلح البيئة ،و أمام صمت املشرع عن وضع
تعريف لق انون محاية البيئة ،ميكننا تعريفه على أنه جمموعة القواعد التش ريعية و التنظيمية املهتمة
بتنظيم احمليط ال ذي يعيش فيه الك ائن احلي مبختلف مش تمال ت ه (املاء ،اهلواء ،الفض اء ،الرتبة )
و كذا املنشآت اليت وضعها اإلنسان سواء كانت مرافق صناعية أو اجتماعية أو اقتصادية .
9
و ب ذلك ف إن قواعد ق انون محاية البيئة هتتم حبماية الطبيعة بكل مش تمالهتا من جهة ،و من جهة
أخرى فهي قواعد هتتم حبماية البيئة الوضعية .
كما أن هناك من عرف قانون محاية البيئة بأنه جمموعة القواعد القانونية اليت تسعى من أجل احرتام
()1
و محاية كل ما حتمله من الطبيعة ،ومتنع أي اعتداء عليها .
و جتدر اإلش ارة إىل أن تعريف ق انون محاية البيئة يش مل مجيع القواعد القانونية اليت
يعتمدها املشرع ،قاصدا هبا تنظيم أي جمال من اجملاالت املتعلقة حبماية البيئة ،سواء ما تعلق منها
حبماية األوساط الطبيعية أو الصحة العمومية أو السكن أو األراضي الفالحية أو الصناعية ...
فاملقصود إذن باحلماية هي احلماية مبفهومها الواسع ،لكوهنا ليست وليدة تشريع عاد ،إمنا
هي جمس دة يف املواثيق الدولية ( )2و القواعد الدس تورية ،حيث جند غالبية دس اتري الع امل و إن مل
تضع محاية خاصة للبيئ ة ،فإهنا على األقل تض من حق احلي اة يف ظ روف بيئية الئقة و منها الدستور
بنصها على حق املواطنني يف الرعاية الصحية (.)3 اجلزائري يف مادته ّ 54
و بالرجوع إىل نص املادة األوىل ،الثانية و الثالثة من القانون 03/10جند أنه حدد اآلفاق
اليت يصبو إىل حتقيقها و املبادئ اليت يتأسس عليها ،حيث نصت املادة األوىل على مايلي " :حيدد
هذا القانون قواعد محاية البيئة يف إطار التنمية املستدامة ".
كما تض منت املادة الثانية مجلة من األه داف اليت ي رجى جتس يدها من وراء سن قواعد محاية البيئة
ومن ه ذه األه داف جند ترقية تنمية وطنية مس تدامة و العمل على ض مان إط ار معيشي س ليم
و الوقاية من كل أش كال التل وث و األض رار امللحقة بالبيئة و ذلك بض مان احلف اظ على مكوناهتا
وإصالح األوساط املتضررة ،و ترقية اإلستعمال اإليكولوجي العقالين للموارد الطبيعية و كذلك
اس تعمال التكنولوجي ات األك ثر نق اء و ت دعيم اإلعالم و حتس يس اجلمه ور لض مان مش اركته يف
10
ت دابري محاية البيئة كما احت وت املادة 3من الق انون الس الف ال ذكر على مب ادئ عامة و أساس ية
ينبغي احرتامها والعمل هبا كمب دأ احملافظة على التن وع ال بيولوجي ال ذي مبقتض اه جيب مراع اة عند
القيام بأي نشاط ،جتنب إحلاق ضرر بالتنوع البيولوجي .
و تض منت ذات املادة مب دأ يتحمل من خالله كل ش خص يتس بب بنش اطه يف إحلاق ض رر بالبيئة
نفقات كل تدابري الوقاية من التلوث و التقليص منه(.)1
الفرع الثانيـ
خصائص قانون حماية البيئة
من قراءتنا لقواعد قانون محاية البيئة اجلزائري ،توصلنا إىل استخالص مجلة من اخلصائص
اليت يتسم هبا و تتلخص أساسا فيما يأيت :
أوال :قــانون حماية البيئة هو قــانون ذو طــابع إداري :و ذلك ما يتجلى بوضوح من الس لطات
و االمتي ازات املمنوحة للدولة لتحقيق املنفعة العامة ،كما يظهر ذلك أيضا يف الوس ائل اإلدارية
خوهلا املش رع لإلدارة للت دخل من أجل محاية النظ ام الع ام البي ئي مثل س لطة الدولة يف منح
اليت ّ
الرتاخيص ،األوامر ،احلظر ...
ثانياـ :ق ـ ــانون حماية البيئة هو ف ـ ــرع من ف ـ ــروع الق ـ ــانون الع ـ ــام :كونه ينظّم العالقة بني اإلدارة
و األفراد كما أن محاية البيئة تدخل يف إطار املصلحة العامة .
ثالثاـ :قواعد قـ ـ ـ ــانون حماية البيئة تتسم بالطـ ـ ـ ــابع اإللـ ـ ـ ــزاميـ :ذلك ألهنا قواعد آم رة ،ال جيوز
لألفراد اإلتفاق على خمالفتها لكونه قد تضمن نصوصا قمعية و جزاءات ضد كل خمالف ألحكامه
،بل
-1للمزيد من اإليض احات بش أن املب ادئ ارجع إىل املادة 3من الق انون 03/10املتض من ق انون محاية البيئة يف إط ار التنمية
الفصل التمهيدي :ماهية قانون حماية البيئة
املستدامة .
وتعدى األمر ذلك ،حيث تلزم السلطات اإلدارية املكلفة بتطبيق قانون محاية البيئة باحرتام قواعده
()1
إعماال ملبدأ املشروعية .
رابعا :قــانون حماية البيئة قــانون متعــدد المجــاالتـ :و ه ذا نظ را لكونه يع اجل موض وع البيئة ،
هذا األخري الذي يتسم بتشعبه و كثرة جماالته و املشاكل البيئية املثارة يف الواقع .
11
خامساـ :قواعد قـ ـ ـ ـ ــانون حماية البيئة تتسم بـ ـ ـ ـ ــالجمع بين الجـ ـ ـ ـ ــانب التشـ ـ ـ ـ ــريعيـ والجـ ـ ـ ـ ــانب
المؤسسـ ـ ـ ـ ــاتي:ـ ذلك ألنه حيدد بعض اإلج راءات الكفيلة حبماية البيئة ويف املقابل يرصد مجلة من
و مجاعات إقليمية و هيئات( )2تعمل على ضمان محاية البيئة . األجهزة من وزارات
سادسا :قـ ــانون حماية البيئة يتسم بالحداثةـ ؛ ذلك أن سن قواع ده ك ان ك رد فعل للتط ورات
الصناعية و التكنولوجية و البيئية اليت عاشتها اجلزائر كغريها من الدول األخرى .
1
المطلب الثاني
عالقة قانون حماية البيئة بالقانون العام
إن أمهية قانون محاية البيئة تتجلى يف كونه يهتم باحلفاظ على النظام العام ،وهذا ما جيعله ذا صلة
بالقانون العام ،ولعل ما يربر هذا الطرح هو أن هذا القانون ينظم العالقة بني اإلدارة واألفراد أكثر
مما ينظمها فيما بني األف راد ،ألن محاية البيئة تن درج يف إط ار املص لحة الوطنية ،ومن مثة ف إن مهمة
محاية البيئة تض طلع هبا الس لطة العامة ،وب النظر إىل األه داف اليت سن من أجلها ق انون محاية البيئة
بصفته فرع من فروع القانون العام جنده يتكيف مع بعض القوانني العامة منها ما هو داخلي ومنها
ما هو دويل .
-1د.سامي مجال الدين ،اللوائح اإلدارية وضمانة الرقابة اإلدارية ،اإلسكندرية ،منشأة املعارف ، 1982،ص.53-52
.Dr. Prieur Michel
حماية البيئة ماهية .قانون
التمهيديOp cit: -2الفصل
.page 143-145
الفرع األول
عالقة قانون حماية البيئة بالقانون العام الداخليـ
يتبني من نصوص قانون محاية البيئة ،أهنا تستمد مبادئها من أحكام القانون اإلداري كما
أنه يف املقابل تض من ذات الق انون ج زاءات تطبق ضد كل من خ الف أحكامه وب ذلك نستشف
12
نش وء عالقة بني ق انون محاية البيئة والق انون اإلداري من جهة ومن جهة أخ رى بينه وبني الق انون
اجلزائي .
أوال :عالقة قانون حماية البيئة بالقانون اإلداريـ :
من بني املواض يع اهلامة اليت يتناوهلا الق انون اإلداري ما يع رف بنش اط الض بط اإلداري
الذي يهدف إىل احملافظة على النظام العام مبشتمالته الثالث :األمن ،الصحة والسكينة،وينشئ هلذا
الغرض هيئات ومؤسسات تسهر على ذلك وتتوىل مهام الضبط اإلداري.
والسلطات اإلدارية املنوطة بتطبيق وتنفيذ قانون محاية البيئة قد منحها هذا القانون سلطة
إص دار الل وائح ،الس يما تلك املتعلقة مبكافحة التل وث واحملافظة على املوارد الطبيعية والبيئية وه ذا
لن يتأتى هلا إال باستعمال وسائل الضبط اإلداري من أجل احلفاظ على النظام العام البيئي واجلدير
بال ذكر أن الض بط اإلداري يف جمال محاية البيئة يتض من ثالثة أنظمة قانونية هي :نظ ام اإلباحة
الرتخيص واحلظر.
وبناء على ما تقدم ميكن القول ،أن مثة ارتباط وثيق بني كل من القانون اإلداري وقانون
محاية البيئة ،ل ذلك ميكن اعتب ار ه ذا األخري فرعا من ف روع الق انون اإلداري ،ك ون أن غالبية
نصوصه ذات طابع إداري .
13
ومن جهته ك ذلك ف إن ق انون محاية البيئة تض من ج زاءات عقابية ضد كل من مل حيرتم قواع ده
وهذا بالرغم مما قيل بشأن هذا اإلجتاه لكون أن ما تضمنه القانون اجلزائي من عقوبات غري قادر
على حتقيق ال ردع للتص رفات املخلة باألنظمة البيئية إذ أن ال ردع -حسب ه ؤالء – إمنا ي أيت يف
مرحلة الحقة بعد ارتكاب السلوك الضار بالبيئة (.)5
ولكن يف رأينا ف إن ه ذا ال رأي وإن ك ان س ليما يف بعض جوانبه إال أنه ميكن الق ول أن تش ريعات
البيئة ح اولت انته اج سياسة ت رجح من خالهلا أس لوب الوقاية على أس لوب العق اب وبالت ايل فهي
ت بني القواعد اليت يتعني احرتامها مس بقا وذلك بض رورة املرور على طلب ال رتخيص أو احلص ول
على املوافقة من قبل املصاحل املعنية،حتت طائلة املتابعة اجلزائية والعقوبة املكرسة هلا.
الفرع الثانيـ
عالقة قانون حماية البيئة بالقانون العام الدوليـ
تتجلى عالقة ق انون محاية البيئة بالق انون ال دويل،ك ون أن األول قواع ده جتسد ظهورها
ألول وهلة يف القواعد الدولية اليت ظه رت يف ش كل إتفاقي ات بني ال دول،حلماية البيئة البحرية من
الثلوث الناتج عن إلقاء الزيوت واملواد البرتولية ،لذلك ميكن القول بأن القانون الدويل هو الذي
كرس العناية اخلاصة للبيئة البحرية.
ولقد طرح موضوع محاية البيئة ألول مرة ،على الساحة الدولية من خالل ندوة األمم
املتحدة املنعقدة بستوكهومل سنة 1972:ولقد لقي هذا الطرح جتاوبا متباينا من قبل الدول الغربية
والدول النامية،كما توالت النداءات الدولية الداعية للموازنة بني التنمية ومحاية البيئة ،وقد عربت
اجلزائر عن رأيها يف مسألة محاية البيئة من خالل ندوة ستوكهومل وقمة اجلزائر لدول عدم االحنياز.
14
فبالنس بة للن دوة األوىل فلقد أش ار ممثل اجلزائر يف مداخلته عن ربط االنش غال البي ئي بالوض عية
السياسية واالجتماعية املرتدية اليت تعيشها األغلبية الساحقة لشعوب العامل املستعمرة ،وكذا تطور
()1
الرأمسالية والثورة الصناعية...
أما خالل قمة اجلزائر لدول عدم االحنياز ،يف ندوهتا الرابعة املنعقدة من 5 :إىل 9سبتمرب
1973وطبقا لإلتفاقية املكرسة هلا فقد أعربت الدول النامية عن عدم استعدادها إلدماج االنشغال
البي ئي ض من اخلي ارات االقتص ادية واعت ربت أن ه ذه املن اورة تش كل عائقا إض افيا لتحقيق التنمي ة،
اليت تس عى إليها ه ذه ال دول ألهنا ال ت رغب يف ختص يص نفق ات إض افية حلماية البيئ ة،وأهنا تفضل
توجيه هذه النفقات لتلبية احلاجات امللحة لشعوهبا (.)2
من خالل ما تقدم ،يتبني أن اجلزائر وسعيا منها لضمان محاية أفضل للبيئة شاركت يف
ع دة ن دوات دولية تن اقش املوض وع ،بل وتع دى األمر ذلك حينما ص ارت ت دمج بن ود اتفاقي ات
دولية تع اجل مس ألة محاية البيئة يف الق انون ال داخلي ،وب ذلك فلقد ص ادقت اجلزائر على اتفاقية
ري ودي ج انريو املتعلقة حبماية البيئة و املنعق دة من 3إىل 14ج وان 1992وذلك مبوجب األمر
رقم 03/95:املؤرخ يف 21 :ج انفي )3( 1995إذ كرست ه ذه اإلتفاقية اإلعالن ال ذي مت اعتم اده
يف ن دوة س توكهومل وح اولت ض مان اس تمراريته ونصت على اإلع رتاف بس يادة ال دول على
مصادرها الطبيعية طبقا مليثاق األمم املتحدة ومبادئ القانون الدويل العام ،وعلى أن ممارسة احلق يف
التنمية خيضع ملقتض يات التنمية املس تدمية وض مان حاجي ات األجي ال احلاض رة واملس تقبلة يف التنمية
والبيئة (.)4إض افة إىل ما س بق ،فقد ص ادقت اجلزائر مبوجب املرس وم رقم 63/344املؤرخ يف
11/09/1963على االتفاقية الدولية اخلاصة مبكافحة تلوث مياه البحر باملواد البرتولية.
-1أ.وناس حيي،تبلور التنمية املستدمية من خالل التجربة اجلزائرية ،جملة العلوم القانونية واإلدارية،كلية احلقوق جامعة تلمسان،
،عدد 2003ص . 35-34
-2أ.وناس حيي ،املقال السابق،املرجع السابق ص . 36
-3اجلريدة الرمسية رقم 32مؤرخة يف 14/06/1995ص .3
الفصل التمهيدي :ماهية قانون حماية البيئة -4أ.وناس حيي ،املقال السابق ،املرجع السابق ص .40-39
إذن يستخلص مما سلف ،أنه مثة عالقة وثيقة بني قانون محاية البيئة والقانون الدويل العام
إذ ال نتص ور أن يس تغين أح دمها عن اآلخ ر ،فكث ريا ما تط رح مش كلة بيئية على املس توى ال دويل
15
تع اين منها دولة أو أك ثر و ذلك رمبا يرجع إىل طبيعة املش اكل اليت هتدد البيئة و اليت هي مش اكل
عامة متس بسالمة العامل البيئية بأسرها .
المبحث الثالث
التطور التشريعيـ لقانون حماية البيئة
كان لظهور الثورة الصناعية إىل الوجود تدهورا تدرجييا يف البيئة ،بسبب االستغالل
املف رط لل ثروات الطبيعية و قد ب رزت عوامل التس مم يف خمتلف دول الع امل ،مما أدى بال دول إىل
التفكري يف ضرورة إجياد الصيغ القانونية اليت ميكنها أن تضع ح ّدا لإلنتهاكات اخلطرية للبيئة .
و يع ود إص دار النص وص اخلاصة حبماية البيئة إىل ما قبل الق رن 19إذ ق ام ع دد من احلك ام بسن
تشريعات و أوامر يف عدة دول ،احنصرت يف البداية يف منع إلقاء القاذورات و الفضالت البشرية
يف األهنار و البح ريات حفاظا على الص حة العمومية ،كما اهتم البعض بإص دار تنظيم ات تتعلق
بتحديد أصناف معينة من الطيور و احليوانات بنية احملافظة على هذه الفصائل خلدمة اإلنسان (.)1
ومع التطور الصناعي و التكنولوجي اللذين عرفتهما البشرية تزايد اهتمام اإلنسان باملشاكل البيئية
بالق در ال ذي تزايد معه ص دور تش ريعات منظمة هلذا اجلانب ،إض افة إىل ظ اهرة التم دن اليت متت
على حساب البيئة ،كل هذه اإلشكاليات تبني لنا األوضاع املسامهة يف استمرارية الثلوث اليت هي
مرتبطة بالنماذج املختلفة للنمو اإلقتصادي .
و مما تقدم ارتأينا التعرض بالدراسة إىل التطور التشريعي لقانون محاية البيئة سواء يف
التشريعات املقارنة أو يف التشريع اجلزائري.
المطلب األولـ
التطور التشريعيـ لقانون حماية البيئة في التشريعاتـ المقارنة
و خنص بالدراسة يف هذا اجملال النموذجني الفرنسي و املصري.
الفرع األولـ
التطور التشريعي لقانون حماية البيئة في فرنسا
16
لقد ظهرت بوادر قانون محاية البيئة يف فرنسا ألول مرة إثر صدور قانون خاص بتنظيم
ص يد األمساك س نة 1829حيث نص يف املادة 25على حظر إلق اء أي ن وع من املخلف ات اليت من
ش أهنا أن ت ؤدي إىل هالك ال ثروة الس مكية ،حتت طائلة عقوبة مالية ق درها 30فرنك و احلبس من
شهر إىل 3أشهر ،كما صدر قانون محاية الثروة املائية بتاريخ 08/04/1898و قانون الصحة العامة
يف 15/02/1902ومع ظهور الثورة الصناعية عمد املشرع الفرنسي إىل سن قانون خاص باملنشآت
املصنفة سنة 1917و بذلك تعد هذه الرتسانة القانونية املرحلة األوىل من التشريع يف هذا الباب .
و لقد ص در منش ور س نة 1951وضع مبوجبه ق انون الص حة العامة الس الف ال ذكر ح يز التنفيذ
وأش ار ه ذا املنش ور إىل إنش اء حمط ات تنقية و تص فية مي اه الص رف احلض ري من كافة املخلف ات
والنفاي ات املؤثرة على الص حة العامة ،و قد ص درت التعليمة الوزارية رقم 97/1954:املؤرخة يف
10/06/1954ألغت من خالله املنش ور الس ابق و أل زمت ال والة باختاذ كافة الت دابري اخلاصة مبعاجلة
النفايات الصناعية و هذا يف إطار برامج التطهري احلضري (.)1
و مبقتضى األمر الصادر يف 23أكتوبر ، 1958مت تعديل قانون الصحة الذي ألزم ربط
العق ارات بقنوات الصرف()2؛ أما يف مطلع الستينات ف أول ق انون ظهر يف فرنسا هو القانون رقم
64/1331املؤرخ يف 26/12/1964املتعلق حبماية املي اه من الثل وث ب املواد البرتولية و من املس ائل
اليت تض منها ه ذا الق انون حظر إلق اء املواد اخلط رة يف األوس اط املائية ( )3و ض رورة وضع ج رد
خاص باملوارد املائية .
كما صدرت جمموعة من القوانني اخلاصة حبماية البيئة و املراسيم التنفيذية يف السبعينات
كاملرسوم التنفيذي رقم 73/438الصادر بتاريخ 22مارس 1973املتعلق باملنشآت املصنفة و يعد
.Colas Rence , la pollution des eaux,France : presse universitaire de France ,1962 p48 -1
-2د.مراد عبد الفتاح ،املرجع السابق ص .10
.Colas
Rence,البيئة ماهيةIBID
قانون حماية 3
التمهيديp66-: الفصل
القانون الصادر سنة 1976و املرسوم املطبق له رقم 77/1141و املتعلق حبماية الطبيعة
والذي نص يف مادته الثانية على ما يسمى بدراسة مدى التأثري يف البيئة ،أهم قانون خاص حبماية
البيئة .
17
ّأما عند حلول الثمانين ات ،صدرت بعض التش ريعات اخلاصة حبماية البيئة كق وانني
التهيئة العمرانية ومنح رخص البناء و التجزئة و اهلدم ،و من أهم هذه القوانني ؛ القانون الصادر
بت اريخ 07/01/1983حتت رقم )1( 08 /83و املرس وم املؤرخ يف 9/09/1983املع دل له و املتعلق
مبخطط شغل األراضي ،و كذلك املرسوم رقم 83/1262املتعلق بشهادة التعمري .
و يف التسعينات صدرت عدة تشريعات متعلقة حبماية البيئة ،خنص بالذكر القانون رقم
92/646املؤرخ يف 13/07/1992املتعلق ب التخلص من النفاي ات النامجة عن نش اطات املنش آت
املصنفة .
و يبقى أهم قانون صدر لتدعيم محاية البيئة يف فرنسا هو القانون املسمى بقانون بارين نسبة إىل
وزير البيئة آن ذاك « » BARNIER MICHEL و لقد ص در س نة 1995و أهم ما تض منه ه ذا
القانون الوقاية من التلوث و تسيري النفايات ،و من األخطار الطبيعية ...إخل.
وميكن تلخيص التطور التشريعي لقانون محاية البيئة الفرنسي يف مراحل ثالث:
المرحلةـ األولى :تبدأ من صدور قانون الصيد سنة 1829إىل غاية . 1951
المرحلةـ الثانية :وتبدأ من صدور املنشور رقم 51/110إىل غاية صدور قانون التهيئة والتعمري .
المرحلةـ الثالثة :وهي املرحلة اليت تبىن فيها املش رع الفرنسي مب ادئ م ؤمتر س توكهومل إىل غاية
صدور القانون رقم 95/108املعزز مببادئ مؤمتر قمة األرض املنعقد مبدينة ريودي جانريو الربازيلية
سنة . 1992
الفرع الثانيـ
التطور التشريعيـ لقانون حماية البيئة في مصر
1946لقد خص املشرع املصري للبيئة أول محاية قانونية مبوجب القانون رقم 35لسنة
واملتعلق بصرف املياه من احملالت واملصانع يف اجملاري العامة ،وقد مت تعديل هذا القانون مبوجب
-1يتعلق هذا القانون بتوزيع اإلختصاص بني البلديات ومقاطعات الدولة يف منح الرتاخيص اخلاصة بعمليات البناء.
الفصل التمهيدي :ماهية قانون حماية البيئة
القانون رقم 47لسنة 1948واملالحظ على هذه النصوص أهنا تضمنت قواعد خمتصرة
وإج راءات وقائية حلماية البيئة ،ومبقتضى الق انون رقم 137لس نة 1958ص در ق رار رئاسي بش أن
اإلحتياط ات والوقاية من األم راض املعدية ،وأهم ما تض منه أنه نص على إمكانية وزير الص حة من
18
إص دار الق رارات الالزمة ملراقبة األش خاص واحليوان ات القادمة من اخلارج وك ذلك الس لع
املستوردة(.)1
ويف سنة 1974صدر القرار رقم 291تضمن أحكاما تتعلق باملرور ،حيث نص على
ض رورة أن يك ون حمرك املركب ات يف حالة جي دة ال خيرج منه دخ ان مكثف ي ؤدي إىل اإلض رار
بالصحة العمومية ،ويف سنة 1982صدر القانون رقم 48والئحته التنفيذية رقم ،08املتعلق حبماية
هنر النيل واجملاري املائية من التلوث حبيث مينع معه رمي املخلفات الصلبة أو السائلة أو الغازية من
العقارات واحملال واملنشآت الصناعية والسياحية يف جماري املياه إال باحلصول على ترخيص.
ويف س نة 1994ص در الق انون رقم 04ال ذي دخل ح يز النف اذ يف 04/02/1994وال ذي يعترب أول
قانون يصدر يف جمال محاية البيئة جامعا لكل حمتويات ومكونات البيئة .
المطلب الثانيـ
التطور التشريعيـ لقانون حماية البيئة في الجزائرـ
لقد كان موضوع البيئة الشغل الشاغل للدول وهذا نظرا لألمهية البالغة اليت يكتسيها
وكثرة املشاكل اليت تطرحها البيئة ،وعلى هذا األساس ارتأينا البحث حول أهم املراحل اليت مر هبا
تش ريع محاية البيئة اجلزائ ري وذلك خالل احلقبة االس تعمارية اليت عاش تها اجلزائر وبعد أن ن الت
استقالهلا.
الفرع األولـ
تطور قانون حماية البيئة أثناء الفترة االستعمارية
تعد اجلزائر من الدول اليت خضعت لفرتة طويلة من االستعمار ،وبذلك فإن مصريها كان
هو مصري أية دولة مس تعمرة ،تت داول عليها الق وانني واألنظمة االس تعمارية ،لكن ملا يتعلق األمر
بقواعد محاية البيئة فإن املستعمر الفرنسي يأىب تطبيقها يف األراضي اجلزائريـة ألن هذا يتعـارض
19
ال ثروات املعدنية مما أدى إىل تعكري طبق ات املي اه اجلوفية وتش ويه س طح األرض كما ق ام املس تعمر
بإنشاء املستوطنات على حساب األراضي الفالحية .
ومما تقدم ميكن القول أن القوانني اليت طبقتها فرنسا يف اجلزائر خالل الفرتة اإلستعمارية
لعبت الدور الكبري يف استنـزاف املوارد البيئية وتقليصها.
الفرع الثانيـ
تطور قانون حماية البيئة بعد اإلستقالل
بعد االستقالل مباشرة ،انصب اهتمام اجلزائر على إعادة بناء ما خلفه املستعمر وبذلك
فقد أمهلت إىل حد بعيد اجلانب البيئي ،لكن مبرور الزمن أخذت اجلزائر العناية بالبيئة ،وهذا بدليل
صدور عدة تشريعات تناهض فكرة محاية البيئة وكان ذلك يف شكل مراسيم تنظيمية منها مــا
يتعلق حبماية السواحل ( )1ومنها ما يتعلق باحلماية الساحلية للمدن(، )2كما مت إنشاء جلنة املياه(.)3
وقد صدر أول تشريع يتعلق بتنظيم اجلماعات اإلقليمية وصالحياهتا وهو قانون البلدية الصادر سنة
1967إال أنه مل ي بني ص راحة احلماية القانونية للبيئة واكتفى فقط بتبي ان ص الحيات رئيس اجمللس
الشعيب البلدي باعتباره يسعى إىل محاية النظام العام(.)4
أما قانون الوالية الصادر سنة 1969فإنه ميكن القول بشأنه أنه تضمن شيئا عن محاية
البيئة وه ذا من خالل نصه على ال تزام الس لطات العمومي ة ،بالت دخل ملكافحة األم راض املعدية
والوبائية.
-1املرسوم رقم 63/73املتعلق حبماية السواحل ،اجلريدة الرمسية ،العدد 13يف . 04/03/1963
-2املرسوم رقم 63/478املتعلق باحلماية الساحلية للمدن ،اجلريدة الرمسية ،العدد 98يف .20/12/1963
-3املرسوم رقم 67/38املتعلق بإنشاء جلنة املياه ،اجلريدة الرمسية العدد 52يف .24/07/1963
-4األمر رقم 67/73املتضمن قانون البلدية ،اجلريدة الرمسية ،عدد 6يف . 18/01/1967
ويف مطلع الس بعينات وغ داة دخ ول اجلزائر مرحلة التص نيع ،ب دأت تظهر ب وادر تش ريعية جتسد
اهتم ام الدولة حبماية البيئة وه ذا ما جنده م ربرا بإنش اء اجمللس الوطين للبيئة كهيئة استش ارية تق دم
اقرتاحاهتا يف جمال محاية البيئة (.)1
20
ويف سنة 1983صدر قانون محاية البيئة الذي تضمن املبادئ العامة ملختلف جوانب محاية
البيئة ،ويعد ه ذا الق انون هنضة قانونية يف س بيل محاية البيئة والطبيعة من مجيع أش كال االستنـزاف
وقد فتح ذات الق انون ك ذلك اجملال واس عا لالهتم ام بالبيئ ة ،مما أدى إىل ص دور ع دة ق وانني
وتنظيم ات أمهها الق انون املتعلق حبماية الص حة وترقيتها( ،)2ال ذي عرب من خالله املش رع على
العالقة بني محاية الصحة ومحاية البيئة حتت عنوان "تدابري محاية احمليط والبيئة" (.)3
كما صدر سنة 1987القانون املتعلق بالتهيئة العمرانية ،وهذا ما يعين اجتاه الدولة إىل
انتهاج سياسة التوزيع احملكم واألمثل لألنشطة اإلقتصادية واملوارد البيئية والطبيعية (.)4
وإىل جانب ما سبق ذكره ،جند أن املشرع مل يورد مسألة محاية البيئة يف القانون العادي
والق وانني الفرعية فحسب ،بل تع دى اهتماهه وخص ها بالدراسة يف دس تور 1989حينما ك رس
احلماية القانونية للبيئية معتربا إياها مصلحة عامة جتب محايتها كما أضاف ضرورة االعتناء بصحة
املواطن ووقايته من األمراض املعدية وذلك من خالل إلزام الدولة بالتكفل هبذا اجملال(.)5
ويف بداية التس عينات ص در قانونا البلدية والوالية (،)6حيث نصت املادة 58من ق انون الوالية على
اختص اص اجمللس الش عيب ال والئي يف أعم ال التنمية االقتص ادية واالجتماعية والثقافية ،وك ذا هتيئة
اإلقليم الوالئي ،ومحاية البيئة وترقيتها.
وأضافت املادة 78أنه ملزم كذلك بالسهر على أعمال الوقاية الصحية واختاذ اإلجراءات املشجعة
-1املرسوم رقم 74/156املتضمن إنشاء اجمللس الوطين للبيئة ،اجلريدة الرمسية ،عدد 59يف .23/07/1974
-2القانون رقم 85/05املتعلق حبماية الصحة وترقيتها ،اجلريدة الرمسية العدد 8يف 17/02/1985ص .176
-3املواد من 32إىل 51من القانون رقم .85/05
-4املرسوم رقم 87/03املتعلق بالتهيئة العمرانية ،اجلريدة الرمسية ،العدد 5يف .27/11/1987
-5دستور ، 1989املادة . 51
-6القانون رقم 90/09املتضمن قانون الوالية ،اجلريدة الرمسية ،عدد 15يف 11/04/1990والقانون رقم 90/08املتضمن قانون
الفصل التمهيدي :ماهية قانون حماية البيئة البلدية ،اجلريدة الرمسية،عدد 15يف . 11/04/1990
إلنش اء هياكل مرتبطة مبراقبة وحفظ الص حة ،كما أك دت املادة 66من جهتها على ض رورة
املبادرة حبماية األراضي الفالحية.
وفيما خيص ق انون البلدية ،ف الربجوع إىل نص املادة 107منه جند أنه تض من ع دة أحك ام تنصب
جمملها حول محاية البيئة منها ضرورة اختاذ التدابري الالزمة ملكافحة األوبئة.
21
وقصدا من املشرع إلحداث املوازنة بني قواعد العمران وقواعد محاية البيئة ،صدر قانون
التهيئة والتعمري ()1الذي يهدف إىل إحداث التوازن يف تسيري األراضي بني وظيفة السكن،الفالحة
الصناعة واحملافظة على البيئة واألوساط الطبيعية .
ورغبة منه يف إفراد محاية خاصة باملوارد املائية خصها املشرع بالتنظيم يف األمر رقم
،96/13وه ذا بغ رض وضع سياسة حمكمة من أجل تلبية متطلب ات ال ري ،القط اع الص ناعي
واحتياجات األفراد.
ويتجلى لنا بوضوح تأثر املشرع اجلزائري مبوضوع البيئة واإلشكاالت اليت يطرحها من
خالل صدور القانون رقم 03/10املتضمن محاية البيئة يف إطار التنمية املستدامة والذي ميكن القول
بش أنه أنه ج اء مثرة مش اركة الدولة اجلزائرية يف ع دة حمافل دولية ختص ه ذا املوض وع منها ن دوة
ستوكهومل وقمة اجلزائر لدول عدم اإلحنياز وكذا مصادقة اجلزائر على العديد من اإلتفاقيات اليت
تصب يف نفس اإلط ار وأمهها إتفاقية ري ودي ج انريو املنعق دة بالربازيل اليت تعترب نقطة التح ول
الك ربى يف السياسة البيئية الدولية بص فة عامة واجلزائرية بص فة خاص ة ،وخري دليل على النهضة
البيئية اليت جاء هبا القانون السالف الذكر ،تضمنه على جمموعة من املبادئ واألهداف اليت جتسد
محاية أفضل للبيئة ،مبا يتناسب ومتطلبات التنمية املستدامة ومبادئها.
إضافة إىل ما سبق جند أنه ويف كل سنة مالية يصدر قانون يتضمن بنودا تتعلق بالبيئة( ،)2وهذا إن
دل على شيء فإمنا يدل على حرص املشرع على مواكبة متطلبات العصرنة مبا تفرزه من مشاكل
-1القانون رقم 90/29املتعلق بالتهيئة والتعمري،اجلريدة الرمسية،العدد 52يف 01/12/1990املعدل باألمر 04/50يف .14/08/2004
-2أنظر املادة 263مكرر 3من القانون 01/21املتضمن قانون املالية لسنة 2002والذي جاء به املشرع ليجسد مبدأ امللوث
ال دافع برفع نسب رس وم رفع النفاي ات وه ذا ملعاجلة مش كلة النفاي ات احلض رية واليت ك ان مق دارها يف ظل ق انون املالية لس نة
الفصل التمهيدي :ماهية قانون حماية البيئة 1993زهيدا ،مما شكل صعوبة للبلديات يف تطوير أساليب معاجلة النفايات .
بيئية متع ددة ،ويف املقابل على متابعته عن كثب ملختلف احلل ول املقرتحة هلا س واء على املس توى
الدويل مبناسبة املؤمترات املنعقدة يف هذا اخلصوص أو من خالل الندوات الدراسية الوطنية اخلاصة
بالبيئة .
22
من خالل هذا الفصل التمهيدي ،حاولنا إزالة اللبس والغموض حول بعض املفاهيم
واملص طلحات املقرتنة مبوض وع البيئة ،وه ذا لكي يتسىن لنا اخلوض يف كافة اجلوانب اليت يتطلبها
هذا املوضوع.
ويف هذا الصدد شرعنا يف استنباط مفهوم البيئة ،وعالقته ببعض املفاهيم املرتبطة به ،مث
س عينا إىل إجياد تعريف ق انوين ج امع م انع لق انون محاية البيئة وح ددنا خصائصه ووص لنا إىل إجياد
العالقة اليت تربطه بباقي فروع القانون وانتهينا يف األخري إىل البحث يف التطور التشريعي الذي مر
به قانون محاية البيئة سواء يف التشريعات املقارنة أو يف التشريع اجلزائري .
الفصل األول
اإلجراءات اإلدارية الكفيلة بحماية البيئة
ينتهج املشرع اجلزائري يف وصفه للقواعد القانونية املتعلقة حبماية البيئة الطابع اإلزدواجي
يف الصياغة ،فهو حيدد اإلجراءات الوقائية اليت حتول دون وقوع االعتداء على البيئة من جهة،ومن
جهة أخ رى حيدد اجلزاءات املرتتبة عن خمالفتها ،و حينما نتكلم عن اإلج راءات الوقائية اليت
يض عها املش رع بص فة عامة فإننا نقصد ب ذلك تلك القواعد القانونية اليت متنع وق وع الس لوك
23
املخ الف إلرادة املش رع و هي تعد مبثابة الوقاية الس ابقة املخولة للمؤسس ات التنفيذية لض بط كافة
االعتداءات اليت تنتهك القواعد القانونية .
و باملقابل هناك ما يعرف بالقواعد اجلزائية هذه األخرية عبارة عن وسائل ردعية تضمنها املشرع
كجزاء قانوين وليد االعتداءات و املخالفات و عليه فهي تعد مبثابة رقابة الحقة لسلوكات األفراد
جتاه القواعد القانونية .
لقد وضع املش رع اجلزائ ري جمموعة من اإلج راءات الوقائية حلماية البيئة يف خمتلف
جوانبها س واء فيما تعلق منها حبماية املوارد املائية أو اجملال الط بيعي أو اإلط ار املعيشي ،من خالل
اإلجراءات القانونية اليت تناولتها القوانني اليت تصب يف اإلطار العام حلماية البيئة و تتمثل أهم هذه
الوسائل يف الرتاخيص ،املنع (احلظر) دراسات التأثري و التصريح أو نظام التقارير .
و نظرا العتبار الرتخيص أهم هذه األساليب كونه األسلوب األكثر حتكما و جناعة ملا
حيققه من محاية مس بقة على وق وع االعت داء كما أنه يرتبط باملش اريع ذات األمهية و اخلط ورة على
البيئة سيما املشاريع الصناعية و أشغال البناء و كذلك املركبات و املنقوالت األخرى اليت يؤدي
يف الغالب استعماهلا إىل استنزاف املوارد الطبيعية و املساس بالتنوع البيولوجي ،و عليه خصصنا له
جماال واسعا مقارنة باألساليب األخرى إال أن هذا ال يعين التقليل من أمهية الوسائل األخرى إذ أن
البعض منها يت داخل و من ذلك عالقة ال رتخيص بدراسة الت أثري ،إذ أن احلص ول على األوىل
يس تدعي اس تيفاء الثانية ،غري أن جمال تط بيق أس لوب ال رتخيص ينصب ح ول املش اريع ذات
اخلط ورة مقارنة مع نظ ام التق ارير ال ذي يتطلبه املش رع يف بعض النش اطات اليت ال تصل فيها
للرتخيص .اإلجراءات اإلدارية الكفيلة بحماية البيئة
اخلطورة إىل الدرجة اليت تتطلبها املشاريع اخلاضعةالفصل األول :
يتبني انطالقا من النصوص القانونية املتعلقة حبماية البيئة أهنا تكتسي طابع املصلحة العامة(، )1إذ من
خالهلا ن رى أن مثة إل زام ع ام جيرب كل ش خص مهما ك ان مرك زه س واء أعترب شخصا طبيعيا أو
معنويا أن يساهم بسلوكه يف محاية املوارد البيئية إذ نصت املادة 08من القانون املتعلق حبماية البيئة
يف إط ار التنمية املس تدامة على أنه يتعني على كل ش خص ط بيعي أو معن وي حبوزته معلوم ات
متعلقة بالعناصر البيئية اليت ميكنها التأثري بصفة مباشرة أو غري مباشرة على الصحة العمومية ،تبليغ
هذه املعلومات إىل السلطات احمللية أو السلطات املكلفة بالبيئة .
24
كذلك إن القواعد البيئية املتعلقة حبماية البيئة جلها قواعد آمرة (، )2مبا أهنا هتدف إىل محاية الصاحل
الع ام ،و ال يك ون أدىن اختي ار لألش خاص املكلفني هبا ،إال احرتامها يف ح دود ما ينص عليه
القانون .
إن مكافحة كل أش كال االس تنزاف للم وارد البيئية يتطلب من اإلدارة ف رض بعض
االلتزامات والقيود على احلريات الفردية عن طريق وسائل حمددة كالرتاخيص ،األوامر ،الدراسات
املس بقة لبعض املش اريع لتف ادي األض رار اليت من ش أهنا املس اس بالبيئة ( ، )3و هي تعد إج راءات
إدارية ألن اإلدارة هي اليت تت دخل يف تطبيقها و مراقبتها وفق الش روط القانونية ،و عليه س نتطرق
إىل هذه اإلجراءات بالتفصيل .
-1أنظر املواد ، 11، 10، 09، 08و 12من القانون 10/ 03املتعلق حبماية البيئة ،وكذا املادة 03من القانون 03/ 03املتعلق
مبن اطق التوسع واملواقع الس ياحية واليت تنص علي م ايلي "ًيكتسي حتديد وتص نيف ومحاية وهتيئة وترقية من اطق التوسع واملواقع
السياحية وإعادة االعتبار هلل طابع املنفعة العمومية"ً
من"ذلك
ً -2من خالل قراءتنا لقانون محاية البيئة جند أن املشرع يستعمل مصطلحات توحي بإلزامية هذه القواعد
ًجيب" "،يتخذ""،حيظ ًـر"" ً،مينـع"...،اخل.
"يتعني"ً "،
ً
بحماية البيئة
-4Aliscandre الكفيلة
Kiss اإلجراءات اإلدارية
et Shelton الفصل األول :
Dinach ,Traité de droit Europein de l environnement ,p18,19
المبحث األول
الترخيص
يقصد بالرتخيص باعتباره عمال من األعمال القانونية ،ذلك اإلذن الصادر عن اإلدارة
ملمارسة نشاط معني ،وبالتايل فإن ممارسة النشاط اإلداري هنا مرهون مبنح الرتخيص ،فال بد من
احلص ول على اإلذن املس بق من ط رف الس لطات املعنية وهي الس لطة الض ابطة (، )1والرخصة
اإلدارية من حيث طبيعتها تعد ق رارا إداريا أي تص رف إداري إنف رادي (، )2و ال رتخيص من حيث
األصل يك ون دائما م امل بنص الق انون على خالف ذلك ،ومن حيث الس لطة املختصة بإص داره
25
فقد يص در من الس لطات املركزية ،كما يف حالة إقامة مش اريع ذات أمهية ،وقد يص در من
السلطات احمللية كرئيس البلدية أو الوايل كرخصة البناء مثل.
والتشريع اجلزائري و على غرار تشريعات العامل يتضمن الكثري من األمثلة يف جمال
الضبط اإلداري املتعلق حبماية البيئة وسنقتصر على بعض األمثلة فقط ،فأسلوب الرتخيص جنده يف
قانون املياه ،قانون املناجم ،القانون املتعلق حبماية الساحل وتثمينه ،القانون احملدد ملناطق التوسع
واملواقع الس ياحية ،كما جنده أيضا يف التش ريع األساسي للبيئة باإلض افة إىل ق انون التهيئة والتعمري
وقانون املنشآت املصنفة...اخل ،وعليه سنقتصر على أهم تطبيقات أسلوب الرتخيص .
المطلب األول
رخصة البناء وعالقتها بحماية المجال الطبيعي
قد يتب ادر يف ال ذهن أن ق انون التعمري و مايؤديه من دور اس تهالكي لألراضي جيعله
يتج اوز القواعد اليت تبناها ق انون محاية البيئة ،لكن يف حقيقة األمر نرى أن القواعد اليت ج اء هبا
املشرع يف قانون التهيئة و التعمري هتدف إىل سد الفراغ القانوين و ذلك بتكريسها للصلة املوجودة
بني عملية التهيئة
-1د .عبد الغ اين بس يوين عبد اهلل ،الق انون اإلداري ،دراسة مقارنة ألسس ومب ادئ الق انون اإلداري وتطبيقاهتا يف مصر
،اإلسكندرية ،منشأة املعارف باإلسكندرية 1991،ص385
-2د.عمار عوابدي القانون اإلداري،اجلزائر ديوان املطبوعات اجلامعية،1990،ص407
الفصل األول :اإلجراءات اإلدارية الكفيلة بحماية البيئة
و محاية البيئة (.)1
ونفس الشيئ يقال عن القانون 03 /03املتعلق مبناطق التوسع و املواقع السياحية الذي أخضع منح
رخصة البناء داخل مناطق التوسع و املواقع السياحية إىل الرأي املسبق من الوزارة املكلفة بالسياحة
و بالتنسيق مع اإلدارة املكلفة بالثقافة عن دما حتت وي ه ذه املن اطق على مع امل ثقافية مصنفة ( )2وقد
أح الت املادة 10من نفس الق انون على ق انون التهيئة و التعمري بنص ها على أن ش غل و اس تغالل
األراضي املوج ودة داخل من اطق التوسع و املواقع الس ياحية يك ون يف ظل اح رتام قواعد التهيئة
والتعمري .
26
من خالل هذا العرض تتضح الصلة املوجودة بني القانونني باعتبارمها ميدانني متكاملني
وم رتابطني ،و تتجسد ه ذه العالقة أك ثر فيما يتطلبه املش رع من إج راءات بغ رض احلص ول على
رخصة البناء ،و من خالل التمعن يف نصوص القانونني املذكورين أعاله يتضح أن املشرع حاول
إق رار وس ائل تعمري مش جعة و باملقابل ح اول وضع قواعد للتص دي لكل التج اوزات اليت ال حترتم
القواعد و الش روط املنص وص عليها قانونا من جه ة ،و من جهة أخ رى حلماية األراضي الفالحية
واملناطق اليت حتتوي على مناظر أرضية و حبرية حممية (. )3
الفرع األولـ
مجال الحصول على رخصة البناء
كما سبق القول فإن رخصة البناء تشكل جانبا هاما من جوانب الرقابة املمارسة على االستهالك
العشوائي للمحيط ،و إذا كانت الرخص املتعلقة بتنظيم شغل األراضي و استعماالهتا متعددة منها
ش هادة املطابقة رخصة التجزئة ،رخصة اهلدم ،الرخصة اخلاصة باألش غال العامة املختلف ة،ورخص
()4
الوقف تعد كلها ذات أمهية يف استهالك اجملال الطبيعي ،فإن رخصة البناء تعد أهم هذه الرخص
-1تنص املادة األويل من القانون 29/ 90املتعلق بالتهيئة والتعمري علي ما يلي":يهدف هذا القانون إيل ...وأيضا وقاية احمليط
واألوساط الطبيعية واملناظر والرتاث الثقايف والتارخيي علي أساس احرتام مبادئ وأهداف السياسة الوطنية للتهيئة العمرانية".
-2أنظر املادة 24من القانون 03/ 03املذكور أعاله.
-3أنظر املادة 05من القانون ،03/ 03وكذا املادة 29وما بعدها من القانون 10/ 03املتعلق حبماية البيئة يف إطار التنمية
املستدامة.
-4 Dr : Delabdere
البيئة André
الكفيلة بحماية اإلجراءات et
اإلدارية les autres ,Droit administratif 15éme édition,Librirairie générale et
الفصل األول :
de droit et de jurisprudence ,1995,p388 .
فقد نص الق انون املتعلق برخصة البن اء و رخصة جتزئة األراضي للبن اء (، )1على ض رورة احلص ول
على رخصة البن اء يف حالة تش يد بناي ات جدي دة مهما ك ان اس تعماهلا ،أو تغري البن اء ال ذي ميس
اجلدران الض خمة أو الواجه ات أو هيكل البناية أو الزي ادات يف العلو اليت ينجر عنها تغري يف
التوزيع اخلارجي.
من خالل هذا النص فاملشروع مل يقتصر على شرط الرخصة يف إقامة البناءات اجلديدة
فحسب وإهنا يف حالة تغري ج وهري يف املبىن وهو التغير ال ذي ميس باجلدران الض خمة ،ويش رتط
املش رع بعض املق اييس يف مش اريع البن اء اخلاض عة لل رتخيص من ذلك ض رورة وض عها من قبل
27
مهن دس معمـاري باإلض افة إىل بعض الوث ائق اليت تشري إىل موقع البناية وتكوينها وتنظيمها ومظهر
واجهتها (. )2
وهبذا يك ون الق انون املتعلق برخصة البن اء يف مادته اخلامسة قد تبىن ثقافة واس عة يف جمال البن اء
والتعمري وال رتخيص املتعلق بالبن اء ومحاية البيئة ،حيث يقضى ب أن رخصة البن اء إجبارية يف عملية
البن اء اليت تتعلق باملنش آت الص ناعية أو النقل املدين واجلوي والبح ري أوتص فية املي اه ومعاجلتها أو
تصفية املياه املستعملة و صرفها أو معاجلة النفايات املنزلية و إعادة استعماهلا ،واملالحظ من خالل
ه ذا النص أن املش رع قد جعل احلص ول على رخصة البن اء ش رطا إجباريا إلقامة ه ذه املش اريع
املشار إليها من خالل نص املادة ،و قد يطرح السؤال ماهلدف من وراء ذلك .
لإلجاب ة عن هذا السؤال نرى أن مثل هذه املشاريع هلا عالقة بالصحة العمومية و قد
س بق أن بينا أن محاية الص حة العمومية يعد عنصر من عناصر النظ ام الع ام ال ذي تس عى إج راءات
الض بط حلمايت ه ،و عليه ف إن النص وص املتعلقة برخصة البن اء هلا عالقة تكميلية مع ق وانني محاية
الص حة العمومي ة ،ففي حالة خمالفة الش روط املتعلقة حبماية البيئة ف إن الس لطات اإلدارية ملزمة
برفض تسليم رخصة البناء.
-1الق انون رقم 02 /82املتعلق برخصة البن اء و رخصة جتزئة األراضي للبن اء (،اجلريدة الرمسيــة العـدد 06املؤرخ يف / 06
.) 1982/ 02
-2املادة 55من القانون . 29/ 90
الفصل األول :اإلجراءات اإلدارية الكفيلة بحماية البيئة
وهناك بعض اجملاالت املتعلقة مبنح رخصة البناء نصت عليها بعض القوانني اخلاصة مثل
الق انون 02/02املتعلق حبماية الس احل و تثمينه ال ذي نص يف مادته الثالثة عشر و الرابعة عشر
على انه جيب أن ي راعى يف علو اجملمع ات الس كنية والبن اءات األخ رى املربجمة على مرتفع ات املدن
الساحلية التقاطيع الطبيعية .
ونصت املادة 45من القانون املتعلق حبماية البيئة يف إطار التنمية املستدامة ،على وجوب أن ختضع
عمليات بناء واستعمال واستغالل البنايات و املؤسسات الصناعية و التجارية و احلرفية والزراعي ة
إيل مقتضيات محاية البيئة و تفادي إحداث التلوث اجلوي و احلد منه .
28
لكن السؤال األهم الذي يطرح هو هل أن سلطة اإلدارة مقيدة مبا هو منصوص عليه يف
مادة 15من القانون 82/02واليت تقضي بوجوب مراعاة األحكام التشريعية و التنظيمية،السيما
يف جمال البن اء والنظافة و األمن و محاية األراضي الفالحية ،أم أنه ميكن هلا رفض تس ليم ال رتاخيص
يف حاالت أخرى ؟
لقد نص املش رع على حاالت معنية تتعلق بالنظافة و األمن ومحاية األراضي الفالحية
وه ذه املف اهيم هلا م دلوالت مرنة وجماالت واس عة ،و بالت ايل يك ون لإلدارة الس لطة التقديرية
الواسعة يف جمال منح رخص البناء ،وبالتايل فإن اإلدارة ليست مقيدة مبا نص عليه املشرع فقط،إذ
أن النص التشريعي جاء عاما.
مث جاء القانون 29 /90املتعلق بالتهيئة و التعمري الذي نص صراحة يف املادة 52على
ض رورة احلص ول على رخصة البن اء ،ومن هنا يظهر التوفيق بني قواعد العم ران ومحاية البيئة بص فة
جد واض حة وه ذا ليس من خالل املواد اليت ذكرناها س ابقا فحسب وإمنا جند أن املادة األوىل منه
تؤكد ه ذه احلماية (، )1ونفس الش يء قد أكدته املادة األوىل من الق انون 03/03املتعلق مبن اطق
التوسع واملواقع الس ياحية اليت نصت على أن هتيئة وترقية من اطق التوسع يتم يف إط ار االس تعمال
(.)2
العقالين واملنسجم للفضاءات واملوارد السياحية قصد ضمان التنمية املستدامة للسياحة
-1تنص املادة األويل من الق انون 29/ 90علي ما يلي" :يه دف ه ذا الق انون ...محاية احمليط واألوس اط الطبيعية واملن اظر
والرتاث الثقايف ."...
-2أنظر أيضا يف ه ذا اإلط ار نص املادة 05من الق انون 01/ 03املتعلق بالتنمية املس تدامة للس ياحة وك ذا نص املادة 03من
الفصل األول :اإلجراءات اإلدارية الكفيلة بحماية البيئة القانون 02/ 02املتعلق حبماية الساحل وتثمينه.
ومن خالل ما س بق ف إن الس لطة التقديرية لإلدارة يف منح رخصة البن اء متت از باملرونة واملراقبة
التشريعية الصارمة سيما إدا تعلق األمر باملناطق احملمية .
الفـرع الثـانيـ
الشروط القانونيةـ للحصول على رخصة البناء
نصت املادة السابعة و الثامنة من قانون التهيئة و التعمري على ضرورة أن تكون املباين
ذات االستعمال السكين جمهزة جبهاز لصرف املياه حيول دون تدفقها على سطح األرض.
29
وقد ج اء املرس وم التنفي ذي هلذا الق انون (، )1حيث نص على ض رورة املوازنة بني تس ليم رخصة
البن اء ومحاية البيئة (، )2كما مشل النص على مجيع الوث ائق اليت تتطلبها رخصة البن اء و تتمثل يف
م ــايلي :
أوالـ ـ ـ ـ مـ ــذكرة بالنسـ ــبة للمبـ ــاني الصـ ــناعية :يف ه ذا اجملال وجب حتديد مجيع املواد الس ائلة
وكميتها ودرجة إض رارها بالص حة العمومية ،و انبع اث الغ ازات و ت راتيب املعاجلة و التخ زين
والتصفية ،و كذا مستوى الضجيج املنبعث بالنسبة للبنايات ذات االستعمال الصناعي و التجاري
و مؤسسات استقبال اجلمهور .
ثانياـ ـ قرار من الوالي يتضمن الترخيص بإنشاء المؤسسات الخطرة و غير الصحية و المزعجة
:
و عليه فال يكتفي بتحضري م ذكرة حتديد املب اين ذات الت أثري على البيئة و حسب و إمنا جيب زي ادة
على ذلك احلصول على ترخيص والئي إلقامة املنشآت .
ثالثاــ إحضار وثيقة دراسة مدى التأثير:ـ و هي دراسة تقام بغرض التعرف على عمليات االستثمار
يف اجملال البيئي ،و قد ظهر أول نص قانوين يتعلق بدراسة مدى التأثري يف الواليات املتحدة
األمريكية سنة 1969عرف ب ، National environment policy actحيث تطلب القانون
من الوكاالت الفدرالية إعـداد دراسة بيئية لكل النشاطات الفيدرالية اليت ميكن أن تلحــق
( )1املرسوم التنفيذي رقم 176/ 91املتعلق بتحديد كيفيات حتضري شهادة التعمري ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم (اجلريدة
الرمسية العدد 26املؤرخ يف .) 28/05/1991
الفصل األول :اإلجراءات اإلدارية الكفيلة بحماية البيئة ( )2املادة 35من املرسوم التنفيذي رقم .91/176
أض رار ك ربى بالبيئة البش رية ( ، )1كما أعلنت عن قيمة ه ذه الدراسة أيضا وثيقة برن امج األمم
املتحدة للبيئة حتت رقم Unep – GC 07/14بتاريخ 02/02/1987املتعلق حبماية أهداف ومبادئ
تق ييم اآلث ار على البيئ ة ،ل ذلك أق رت التش ريعات س واء الداخلية أو الدولية دراسة الت أثري و
استعملت كمصطلح تقين وضيفي يف وثائق دولية (.)2
أما املشرع اجلزائري فقد أدرج هذا اإلجراء ضمن قانون محايةالبيئة لسنة 1983يف
الب اب اخلامس مث ج اء النص التط بيقي له يف التس عينات ( ، )3و مت إدراجه يف الق انون اجلديد رقم
30
03/10املتعلق حبماية البيئة يف إط ار التنمية املس تدامة يف الفصل الرابع من الب اب الث اين و يبقى
النص التطبيقي السابق قابل للتطبيق حلني صدور نصوص تنظيمية جديدة(. )4
و قد نصت املادة 15من الق انون املتعلق حبماية البيئة يف إط ار التنمية املس تدامة على أن ختضع
مسبقا و حسب احلالة لدراسة التأثري على البيئة أو ملوجز التأثري على البيئة مشاريع التنمية واهلياكل
و املنشآت الثابتة و برامج البناء و التهيئة اليت تؤثر بصفة مباشرة أو غري مباشرة فورا أوالحقا على
البيئة .
إن املالحظ من خالل النص وص أنه ليس من الس هولة مبك ان احلص ول على رخصة البن اء إلقامة
مشاريع مهما كان نوعها السيما اليت ذكرهتا املادة 15من القانون ، 82/02بل جند أن املشرع
قد اشرتط عدة إجراءات قانونية و آليات و ضوابط تقنية هبدف احلصول على الرتاخيص بالبناء .
كما يشرتط االختصاص اإلداري يف منح الرتخيص ،فال ميكن تسليم رخصة البناء إال من طرف
اهليئة اإلدارية املختصة و إال اعترب ق رار اإلدارة يف ه ذا اجملال معيبا بعيب ع دم االختص اص اإلداري
و عليه نكون بصدد اخلروج عن مبدأ املشروعية اإلدارية .
و جتدر اإلشارة أن التشريع الفرنسي يربط تسليم رخصة البناء بضرورة أن تكون البلدية املعينة
-1أنظر الدكتور :طه طيار ،دراسة التأثري علي البيئة يف التشريع اجلزائري ،جملة اإلدارة الصادرة عن املدرسة الوطنية لإلدارة
ص 13، 03العدد األول سنة . 1991
-2د.طه طيار ،املقال املذكور سابقا،ص .04
. 27/02/1990
البيئة اإلداريةيف الكفيلة بحماية
اإلجراءاتاملؤرخ
الرمسية العدد 10
(اجلريدةاألول :
-3املرسوم التنفيذي رقم 90/78املتعلق بدراسة مدي التأثري الفصل
-4املادة 113من القانون .03/10
مغط اة مبخطط ش غل األراض ي ،وعليه ف ان رئيس البلدية ميكن له رفض تس ليم البن اء بق رار غري
مسبب ألن األمر يتعلق بضرورة وجود خمطط شغل األراضي و هذا احلكم تضمنه املرسوم الصادر
يف 07/07/1977و عليه تك ون س لطة رئيس البلدية س لطة تقديرية واس عة ( ، )1أما بالنس بة
للبل ديات اليت مت تغطيتها مبخطط ش غل األراضي ف إن رئيس البلدية مل زم مبنح رخصة البن اء ( املادة
59من قانون 07/07/1983املتعلق بالتهيئة و التعمري الفرنسي ) .
31
كما أن القانون الفرنسي يستثين بعض األشغال من اخلضوع لرخصة البناء منها األشغال
اليت يك ون هلا انعك اس ض عيف على البيئة و بالت ايل فليس من املهم إخض اعها لرخصة البن اء و إمنا
يكتفي فيها املش رع مبج رد التص ريح الس ابق Déclaration préalableو ه ذا مبقتضى الق انون
الصادر يف .)2(06/01/1986
ومبقارنة هذا النص األخري بنص املادة 62من قانون التهيئة و التعمري اجلزائري اليت مل
حتدد لنا طبيعة البناءات اخلاضعة لرخصة البناء فهل ميكن القول بأن املشرع اجلزائري جاء مطلقا
يف طلب رخصة البن اء و بالت ايل فكل بناية مهما ك ان اس تعماهلا من الض روري أن ختضع لرخصة
البناء ؟ املشرع اجلزائري استثىن فقط املشاريع اليت حتتمي بسرية الدفاع الوطين ( ، )3و ماعدا هذا
االستثناء فكل البنايات جيب أن ختضع للرتخيص .
وإذا ك ان نص املادة 55من ق انون التهيئة والتعمري قبل التع ديل األخري( )4يعفي من
اللج وء إيل مهن دس معم اري يف البن اءات القليلة األمهي ة،ف ان النص اجلديد املع دل ألحك ام املادة
واملستحدث اثر زلزال بومرداس قد جاء مطلقا دون استثناء .
لكن مثة مناطق و نظرا ألمهيتها مثل األراضي الفالحيـة و السواحـل ( ،)5فقـد أخضعهــا
املش رع اجلزائ ري إىل بعض اإلج راءات اخلاصة و هي وضع تص اميم من قبل مهنــدس معم اري
معتمد ،ه ذا األخري يل تزم بض مان التص اميم و املس تندات املكتوبة اليت تع رف مبوقع البناي ات
وتكوينها و تنظيمها و حجمها و مظهرها و أمهيتها (.)1
إن احلكمة من االستناد إىل تصميم مهندس معماري دليل على أن املشرع يعترب هذه
املناطق أقاليم ذات أمهية خاصة يف جمال محاية البيئة و احملافظة عليها (.)2
32
يف األخري نشري إىل أن رخصة البناء تعترب من أهم الرتاخيص اليت تعرب عن الرقابة السابقة
على احمليط البيئي و الوسط الطبيعي ،و بالنظر إىل ما جاءت به النصوص القانونية ميكن القول أن
املشرع اجلزائري رغبة منه يف محاية احمليط قد وضع إجراءات صارمة تستطيع من خالهلا السلطات
اإلدارية ممارسة رقابة واس عة و اختاذ الق رارات املناس بة و املش رع من وراء ه ذا يه دف إىل ض بط
احملافظة على الطابع اجلمايل للعمران يف إطار احرتام متطلبات البيئة و التوازن اإليكولوجي و هي
نفس األه داف اليت ن رى أن الق انون )3(01/20املتعلق بتهيئة اإلقليم و تنميته املس تدامة ي رمي إىل
حتقيقها من خالل املخطط ات س واء الوطنية أو اجلهوية (، )4إال انه ومع ذلك يالحظ أن هن اك
اعتداءات خطرية على احمليط الطبيعي بسبب انتشار البناءات الفوضوية لعدم وجود رقابة مشددة
من جهة و من جهة أخ رى ع دم وعي املواطن ال ذي ي رغب يف إقامة مش روع دون أمهية احلص ول
على رخصة البناء ظنا منه أن هذا اإلجراء يعد مبثابة قيد على ممارسة حقه يف امللكية .
المطلب الثانيـ
رخصة الصب و عالقتها بحماية الموارد المائية
تعترب املوارد املائية من أكرب األوس اط املس تقبلة و األشد تعرضا ملختلف امللوث ات اليت
تؤدي إىل اإلصابة باألمراض املتنقلة عن طريق املياه هذه األمراض ناجتة بال شك عن امللوثات اليت
تتعرض هلا املوارد املائية يوميا ،و اليت يبقي اإلنسان هو املسؤول األول و األخري عنها نظرا لكثافة
النش اطات الص ناعية اليت ميارس ها و ما ينتج عنها من أض رار و عليه ح اول املش رع وضع حد
33
ملختلف أش كال ه ذه التج اوزات و ذلك بوضع النص وص و اإلج راءات القانونية الكفيلة حبماية
املوارد املائية من عمليات الصب و التصريف و الغمر والرتميد ( )1املخالفة للمقاييس القانونية ،هذه
اإلجراءات كثرية أمهها الرتاخيص ،و قد تناول املشرع هذا اإلجراء يف نصوص عديدة و اعتربها
إجراء وقائي يهدف إىل احلد من النشاطات اليت تعد خطرا على املوارد املائية ،و عليه فقد تدارك
املشرع خطورة املوقف الناتج عن عملية التصريف أو الصب ووضع جمموعة من النصوص القانونية
الكفيلة حبماية املوارد املائية من خطر التلوث .
الفرع األولـ
طبيعة التصريف و مجاله
يعترب قانون املياه الصادر يف سنة 1983التشريع األساسي اخلاص حبماية املوارد املائية
حيث وضع املق اييس الض رورية للمحافظة على اس تمرارية ه ذه املوارد كما و نوعا ( ، )2و إيل
جانب قانون املياه جند أن القانون 03/10قد خص الفصل الثالث من الباب الثالث حلماية املياه
واألوساط املائية .
و مبوجب ق انون املي اه مينع املش رع كل عملية تتعلق بتص ريف أو ق ذف أو صب أية م ادة يف
عقارات امللكية العامة للمياه ،خاصة منها إفرازات املدن و املصانع اليت حتتوي على مواد صلبة
-1ج اء الق انون املتعلق بالنفاي ات مبص طلح الغمر ،وعرفه بأنه كل عملي ات رمي النفاي ات يف الوسط املائي ،كما اس تعملت
مص طلحات أخ ري يف املرس وم 02/01املتعلق بالنظ ام الع ام الس تغالل املوانئ وأمنها ،مثل الط رح ،ال رمي،اإللق اء...اخل ،كما
تضمنت املادة 52من القانون 03/10مصطلح الرتميد.
-2أنظر املادة 48وما بعدها من القانون املتعلق حبماية البيئة .الفصل األول :اإلجراءات اإلدارية الكفيلة بحماية البيئة
أو س ائلة أو غازية أو على عوامل مول دة ألض رار قد متس من حيث كميتها و درجة مسيتها
بالص حة العمومية وال ثروة احليوانية والنباتية أو تضر بالتنمية االقتص ادية (، )1وهو نفس املنع ال ذي
تضمنته املادة 51من القانون املتعلق حبماية البيئة يف إطار التنمية املستدامة بنصها على مايلي" :مينع
كل صب أو طرح للمياه املستعملة أو رمي للنفايات أيا كانت طبيعتها يف املياه املخصصة إلعادة
تزويد طبقات املياه اجلوفية و يف اآلبار واحلفر و سراديب جذب املياه اليت غري ختصيصها .
34
من خالل قراءتنا للمادتني نالحظ أن املشرع استعمل أسلوب احلظر املطلق بالنسبة لتصريف املواد
اليت هلا انعكاسات سلبية على الصحة العمومية واملوارد الطبيعية احليوية أو التنمية االقتصادية.
كما أن التصريف الذي يقصده املشرع يف نص املادة هو التصريف أو الصب أو القذف الذي يتم
يف امللكية العامة للمياه سواء كانت سطحية أو جوفية أو جماري املياه و البحريات و الربك و املياه
الساحلية (.)2
و املقصود بامللكية العامة للمياه على حــد تعبري املشرع اجلزائري هي تلك املوارد املائية اليت متلكها
اجملموعة الوطنية (، )3و تتكون امللكية العامة للمياه طبقا للتشريع اجلزائري مما يلي (:)4
-املياه اجلوفية و مياه الينابيع واملياه املعدنية و مياه احلمامات و املياه السطحية .
-مياه البحار اليت أزيلت منها املعدنيان من طرف الدولة و حلساهبا من أجل املنفعة العامة.
-جماري املياه و البحريات و الربك و السياخ و الشطوط و كذلك األراضي و النباتات املوجودة
ضمن حدودها .
-منش آت تعبئة املي اه و حتويلها و ختزينها و معاجلتها أو توزيعها أو تطهريها و بص فة عامة كل
منشأة مائية و ملحقاهتا منجزة من قبل الدولة أو حلساهبا من أجل املنفعة العامة ،و إىل جانب هذا
النص يوجد نص املادة 52من القانون 03/10املتعلقة حبماية املياه البحرية إذ مبوجبه مينع داخل
35
و بعد إن استعمل املشرع وسيلة املنع بالنسبة للمواد اليت هلا خطر على اجملاالت املذكورة
سابقا ،فإنه باملقابل أخضع املواد اليت ال تشكل خطرا على تلك اجملاالت إىل الرتخيص أو ما مساه
املش رع برخصة الصب ه ذه األخ رية تعد وس يلة من أهم وس ائل الض بط اإلداري اخلاص حبماية
املوارد املائية من خطر التلوث باعتبارها إجراء وقائي حيول دون وصول امللوثات للموارد املائية .
غري أن دارستنا لرخصة الصب كوسيلة من الوسائل املتاحة حلماية املوارد املائية ،هو
على سبيل املثال ،إذ توجد طرق أخرى تتعلق بالنفايات الصلبة نذكر منها طريقة الغمر و الرتميد
السالفتا الذكر و اليت هلا إجراءات خاصة مل تكتمل من الناحية التنظيمية .
وإذا ك ان املش رع قد أح اط مبخ اطر النفاي ات الس ائلة ف إن النفاي ات الص لبة و رغم
خطورهتا س يما منها بقايا النش اطات الص ناعية و العالجية مل حتظ بالعناية الالزمة إال منذ ص دور
الق انون 01/19املتعلق بتس يري النفاي ات و مراقبتها و إزالتها ،و ك ذا املرس وم 02/01املتعلق
باستغالل املوانئ و أمنها .
و قبل أن نتعرض إىل شروط تسليم الرتخيص و إجراءاته ارتأينا الوقوف على املقصود بالصب .
لقد عرف املرسوم )2( 93/160مفهوم الصب بقوله كل تصريف أو تدفق أو إيداع مباشر أو غري
مباشر لنفاية ص ناعية يف وسط ط بيعي ،و املالحظ من خالل التعريف ال ذي ورد يف نص املادة أن
املشرع قد ذكر عبارة "وسط طبيعي" هذه العبارة هلا مفهوم واسع فهي تشمل مياه امللكية العامة
كما تشمل التصريف يف الوسط البحري ،أما املادة 53من قانون محاية البيئة( ، )3فهي تتعلــق
-1املرسوم 02/01الصادر بتاريخ 06/01/2002احملدد للنظام العام الستغالل املوانئ وأمنها (،اجلريدة الرمسية العدد األول
لسنة.)2001
-2املرسوم 93/160املتعلق بتنظيم النفايات الصناعية السائلة (اجلريدة الرمسية عدد 46لسنة .) 1993
-3لقد أخض عت املادة 55من الق انون 03/10عملي ات غمر النفاي ات يف البحر إىل ال رتخيص املس بق من ال وزير املكلف
الفصل األول :اإلجراءات اإلدارية الكفيلة بحماية البيئة
حبماية البيئة .
حبماية مياه البحر فقط و عليه ستقتصر دراستنا على الرتخيص املشار إليه يف املادة 100من قانون
املي اه و املتعلق بالصب ال ذي يتم يف امللكية العامة للمي اه ،للنفاي ات الص ناعية الس ائلة كنم وذج من
مناذج الرتخيص اخلاص حبماية املوارد املائية .
إن املش رع من خالل نص املادة 02من املرس وم 93/160قد حصر طلب رخصة
الصب يف النفاي ات الص ناعية الس ائلة يف حني أن املش رع املص ري اش رتط رخصة التص ريف يف
36
العديد من املخلف ات س واء الص لبة ،أو الس ائلة أو الغازي ة ،غري أن املش رع اجلزائ ري ت دارك ه ذا
النقص مبوجب القانون 01/19السالف الذكر الذي جاء بغرض سد الفراغ ،وقد تناول يف مواده
جمموعة تع ار ي ف ملختلف النفاي ات الص لبة ن ذكر منها ،النفاي ات املنزلية ،النفاي ات اخلاصة
النفايات اهلامدة ونفايات النشاطات الفالحية (.)1
أما املقصود باملخلفات السائلة فهي كل خملفات صادرة عن اجملال الصناعي أو اآلدمي أو احليواين
الناجتة عن عمليات الصرف الصحي أو املخلفات الناجتة عن مزارع الدواجن و احلظائر(.)2
ولقد حدد املرسوم 93/160الشروط اخلاصة بتسليم رخصة الصب بقوله " ال ميكن
الرتخيص بتصريف النفايات الصناعية السائلة إال بتوافر شرطني ضروريني:
أوال:أال يتعدى يف املصدر القيم القصوى و احملددة يف املرسوم .
ثاني ــا:ـض رورة حتديد الش روط التقنية اليت يك ون حتدي دها موض وع ق رار من ال وزير املكلف حبماية
البيئة (. )3
إن هذه الشروط التقنية اليت وضعها املشرع تعرب عن تداركه خلطورة املخلفات الصناعية
السائلة نظرا ملا حتتوي عليه من مواد كيميائية ضارة يصعب حتليلها أو التخلص من آثارها الضارة
و هذا ما حاول املشرع تأكيده مبوجب القانون 01/19و ذلك يف إطار سياسة تشريعية ،إدراكا
منه ملا أصبحت تشكله من هتديد على الصحة و البيئة إذ خص املشرع إجناز منشآت معاجلــة
-1أنظر نص املادة 03من الق انون ، 01/19وك ذا نص املادة 05اليت أح الت علي التنظيم لتحديد قائمة النفاي ات مبا يف
ذالك النفايات اخلاصة و اخلطرة.
-2د.معوض عبد التواب ،احلماية اجلنائية اخلاصة حبماية البيئة ،منشأة املعارف ،اإلسكندرية ، 1990،ص . 25
الفصل األول :اإلجراءات اإلدارية الكفيلة بحماية البيئة
-3املرسوم 93/160املادة .04
النفاي ات بت دابري خاصة ( ، )1و فيما يتعلق بالش واطئ باعتبارها أك ثر عرضة للتل وث لس هولة رمي
النفاي ات هبا لقرهبا يف غ الب األحي ان من اجملمع ات الص ناعية ،فقد خص ها املش رع هي األخ رى
حبماية خاصة مبوجب الق انون )2( 03/02إذ نصت املادتني 10و 12منه على أنه مينع رمي
النفايات املنزلية و الصناعية و الفالحية يف الشواطئ أو مبحاذاهتا أو القيام بكل عمل ميس بالصحة
العمومية كما أن املرسوم 02/01املتعلق باستغالل املوانئ و أمنها نص على املنع من طرح نفايات
37
الس فن يف املين اء إال بعد التحقق مبس اعدة خبري معني من الس لطة املينائية من أن مي اه الص ابورة
نظيفة(. )3
الفرع الثانيـ
إجراءات الحصول على رخصة الصب
فيما خيص إجراء احلصول على رخصة الصب فإهنا تتم عن طريق تقدمي املعين سواء
كان شخصا معنويا أو طبيعيا ،ملف طلب رخصة الصب ،هذا األخري يشمل على مايلي :
أوال :أمساء و ألقاب الطالب و صفته ،فإن كانت مؤسسة عمومية ففي هذه احلالة البد من تقدمي
البيانات اخلاصة بالطبيعة و املقر و اهلدف و األمساء و األلقاب و املمثل و املتعامل مع اإلدارة املعنية
بالرتخيص .
ثانيـ ــا:ـوصف موقع العملية املزمع القي ام هبا ،و عند االقتض اء عمقها و املس تويات الباطنية اليت تتم
فيها
ثالثا:ـ طبيعة التصريف و أمهيته ،و شروطه ،و التدابري املقرتحة ملعاجلة شكل تلوث املياه.
رابعا:ـ طبيعة العناصر امللوثة اليت ميكن أن تفسد حالة املياه.
خامسا :الوصف التقين لألجهزة ،بغرض جتنب إفساد نوعية املياه أو املساس بالسالمة العمومية .
إن هذه الشروط تطرح عدة أسئلة خاصة من ناحية صحتها فغالبا ما يتجنب صاحب الطلب ذكر
38
ردا على تساؤلنا نرى أنه من األفضل لو حدد املشرع هذه املواعيد بدقة حىت ال تتهاون
اإلدارة يف اختاذ اجلزاء املنصوص عنه قانونا من جهة ،و إللزام األفراد على اختاذ التدابري الضرورية
للقي ام بعملية املعاجلة حىت يتط ابق التص ريف مع مض مون الرخصة إذ بق در ما تك ون النص وص
القانونية مض بوطة بق در ما ي ؤدي ذلك إىل االل تزام بتطبيقها س واء من ط رف الس لطات اإلدارية
املعنية أو من طرف األفراد امللزمني هبا (. )2
غري أن املالحظ يف هذا الشأن أن املشرع تداركا منه هلذا الوضع نص مبوجب القانون
03/02يف مادته 45على أنه يف حالة عدم استجابة املخالف لإلعذار األول املوجه إليه من الوايل
و املنصوص عليه يف املادة 44خالل أسبوع من تاريخ تبليغ اإلعذار ،يعذر املخالف للمرة الثانية
و إذا مل يفي بالتزاماته احملددة يف دفرت الش روط و اليت من بينها حسب نص املادة 10االمتن اع عن
القيام بأي عمل من شأنه إفساد نوعية مياه البحر ،يتم سحب االمتياز من صاحبه دون اإلخالل
باملتابعات القضائية ،و هبذا يكون املشرع قد تدارك نسبيا ما سها عنه قانون املياه و ذلك مبنح مدة
من تاريخ اإلعذار من أجل الكف عن املخالفة و إعادة األماكن إىل حالتها .
غري أن الش رط املهم ال ذي جنده يف التش ريع املص ري هو ش رط إج راء املعاينة الالزمة إلص دار
الرتخيص ،يتوالها مهندس الري الذي تقع يف دائرة عمله املنشأة عن طريق تقدمي الدراسات الفنية
الالزمة ،و على مهندس الري املختص استطالع رأي وزارة الصحة عن نتيجة التحاليل ( ، )1أما
املش رع اجلزائ ري حماولة منه لف رض ت دابري الحقة وت داركا للنقص مقارنة بالتش ريع املص ري قضى
مبوجب نص املادة 49من القانون 01/19على إمكانية طلب إجراء خربة للقيام بالتحاليل الالزمة
لتقييم األضرار و آثارها على الصحة العمومية و البيئة .
و اجلهة املختصة بتسليم رخصة التصريف حسب املرسوم 93/160هو الوزير املكلف
بالبيئة بعد أخذ رأي ال وزير املكلف ب الري ( ، )2إال أن املش رع مل حيدد م دى إلزامية رأي ال وزير
املكلف بالري يف هذه احلالة .
39
و يف حالة ما إذا مل يقم ص احب الش أن باملعاجلة إذا ثبت ع دم مطابقة التص ريف ملض مون الرخصة
فإن الوايل يقرر اإليقاف املؤقت لسري التجهيزات يف هناية اآلجال احملددة (. )3
واملالحظ على التشريع اجلزائري هو غياب نص قانوين موحد لإلج راءات سواء منها
املتعلق باملعاينات و إثبات املخالفات أو تلك املتعلقة بإجراءات سحب الرخصة ،إذ أن النصوص
املتوفرة حاليا موزعة بني عدة قوانني و حىت مراسيم و هذا ما يصعب اجلمع بينها ،فمثال يف حالة
وجود خمالفة فإنه يستلزم الرجوع إىل القانون 01/19يف مادته 49ملعرفة إجراءات إثبات املخالفة
عن طريق اخلربة ،و بالنسبة إللزامية إصالح الضرر يف حالة ثبوت املخالفة فإنه جيب الرجوع إىل
املرس وم 02/01يف مادته 57اليت تنص على أن يل زم املس ئول ب الرمي بالقي ام أو التكليف بالقي ام
على نفقته بتنظيف املس احات املائية ،و يف حالة العجز يباشر يف األش غال على نفقة م رتكب
املخالفة ،و هي نفس األحكام اليت تضمنتها املادة 100من القانون 03/10يف فقرهتا الثالثة بنصها
أنه ميكن للمحكمة أن تفرض على احملكوم عليه بإصالح الوسط املائي و هذه املادة أمشل من املادة
57املذكورة أعاله ،فإذا كانت هذه األخرية تتعلق باألوساط البحرية فإن نص املادة 100قابل
للتطبيق على كل صب يف املياه سواء السطحية أو اجلوفية أومياه البحر اخلاضعة للقضاء اجلزائري .
ويف األخري نشري إىل أن التلوث املائي يعد أهم أخطار التلوث اليت هلا انعكاسات على
البيئة الص حية للم واطن ،ل ذلك فقد س عت خمتلف التش ريعات الختاذ اإلج راءات القانونية الكفيلة
بوضع حد هلذه األخط ار ،كما أن األوس اط املائية تعد أك ثر اجملاالت الطبيعية اس تقباال للملوث ات
ألن أغلب النشاطات البشرية حتتاج إىل إقامتها بالقرب من املوارد املائية ،مما يسبب ضررا لصحة
اإلنسان.
خالصة الق ول أن رخصة الصب اليت أش ار إليها املش رع ما هي إال ص ورة من ص ور ال رتخص
اخلاص حبماية املوارد املائية من التلوث ،و هي وسيلة قانونية هتدف إىل حماربة مص در من مصادر
التلوث و هو التلوث الناجم عن النفايات الصناعية السائلة بتوافر شروط قانونية ذات طابع تقين
40
جيب مراعاهتا قبل تس ليم ال رتخيص للمعين باملش روع ،و تبقى النفاي ات الص لبة يف حاجة إىل
نصوص تنظيمية من أجل تفعيل تطبيق القانون . 01/19
المطلب الثالث
رخصة استغالل المنشآتـ المصنفة و عالقتها بحماية األمن الصناعي
مل يظهر االهتمام مبشكل املؤسسات الصناعية و التجارية اليت تسبب مساوئ للجوار
وأخط ار على البيئة إال منذ س نة ، 1976من خالل ص دور املرس وم )1(76/34املتعلق بالعم ارات
واملؤسس ات اخلط رية الغري ص حية واملزعجة اليت تفتقر إىل عنصر النظافة أو الغري الالئق ة،وه ذا
املرس وم هو أول تش ريع تن اول محاية البيئة من أخط ار التل وث الص ناعي يف اجلزائ ر ،وال ذي ع دل
جبملة من القوانني واملراسيم أمهها القانون 83/03املتعلق حبماية البيئة والذي نظم هذه املؤسسات
اخلطرة يف الباب الرابع منه حتت عنوان احلماية من املضار و الذي أطلق على هذه املؤسسات اسم
املنشآت املصنفة،هذا القانون الذي ألغي مبوجب القانون املؤرخ يف 20/07/2003والذي تناول
املنش أة املص نفة يف الفصل اخلامس،والتنظيم املعم ول به حاليا يف جمال املنش أة املص نفة هو املرس وم
التنفيذي رقم 98/339الذي يضبط املنشأة املصنفة وحيدد قائمتها (. )2
الفرع األولـ
المقصود بالمنشآت المصنفة
نصت املادة األوىل من املرسوم 76/34على مايلي ":ختضع املعامل اليدوية و املعامل
واملص انع واملخ ازن و الورشات و مجيع املؤسس ات الص ناعية أو التجارية اليت تتع رض ألس باب
األخط ار واألض رار س واء بالنس بة لألمن و س المة اجلوار و الص حة العمومية أو البيئة أيضا ملراقبة
الس لطة اإلدارية ض من الش روط املنص وص عليها يف ه ذا املرس وم " ،كما نصت املادة 18من
الق انون املتعلق حبماية البيئة لس نة 2003على م ايلي " :ختضع ألحك ام ه ذا الق انون املص انع
والورشات واملش اغل و مق الع احلج ارة و املن اجم ،و بص فة عامة املنش آت اليت يش غلها أو ميلكها
41
كل ش خص ط بيعي أو معن وي ،عم ومي أو خ اص ،و اليت قد تتس بب يف أخط ار على الص حة
امل و العمومية والنظافة و األمن و الفالحة و األنظمة البيئية و املوارد الطبيعية و املواقع و املع
املناطق السياحية أو قد تتسبب يف مساس براحة اجلوار ".
وانطالقا من هاتني املادتني ميكن تعريف املنشأة بأهنا منشأة صناعية أو جتارية تسبب خماطر
أو مضايقات يف ما يتعلق باألمن العام و الصحة و النظافة العمومية أو البيئة مما يستدعي خضوعها
()2
لرقابة خاصة هبدف منع خماطرها أو مضايقاهتا و اليت أمهها خطر االنفجار و الدخان و الروائح
و املشرع اجلزائري تأثر تأثريا واضحا باملشرع الفرنسي الذي قسم املنشآت إىل درجتني منشآت
خاض عة لل رتخيص و منش آت خاض عة للتص ريح ،حيث متثل املنش آت اخلاض عة لل رتخيص الص نف
األكثر خطورة على املصاحل من تلك اخلاضعة للتصريح.
وبالنظر إىل التنظيم اجلديد اخلاص باملنشآت املنصفة فقد رتب املشرع املنشآت اخلاضعة
لل رتخيص حسب درجة األخط ار أو املس اوئ اليت تنجم عن اس تغالهلا إىل ثالثة أص ناف ،حيث
ختضع املنش آت من الص نف األول إىل ت رخيص ال وزير املكلف بالبيئ ة وخيضع الص نف الث اين إىل
ت رخيص ال وايل املختص إقليميا يف حني خيضع الص نف الث الث إىل ت رخيص رئيس اجمللس الش عيب
البلدي ( ،)2و من هذا القبيل أيضا خضوع منشآت معاجلة النفايات إىل هذا التقسيم فقـد نصت
42
يف حني أن املنش آت اخلاض عة للتص ريح هي تلك املنش آت اليت ال تس بب أي خطر أو مس اوئ
للمصاحل املنصوص عليها يف املادة .)1( 74
وبشأن صالحيات رئيس اجمللس الشعيب البلدي يف هذا اجملال فقد نص قانون البلدية
الصادر سنة 1990على اختصاص رئيس اجمللس الشعيب البلدي يف املوافقة على إقامة أي مشروع
على تراب بلديته من شأنه أن يتضمن خماطر مضرة بالبيئة (.)2
ولعل عبارة املخاطر املضرة بالبيئة على حد تعبري النص هي عبارة واسعة حتمل يف طياهتا
العديد من املفاهيم و من ذلك املخاطر اليت تنجم عن النشاطات الصناعية .
الفـرع الثاني
اإلجراءات الخاصة بإقامة المنشآت المصنفة
فيما يتعلق بإجراءات احلصول على الرتخيص فإن القانون يتطلب شروط قانونية ،و هي
طبقا للمرس وم اجلديد تتمثل يف ض رورة إي داع طلب ال رتخيص ل دى الس لطة املاحنة ،يش مل كافة
املعلومات اخلاصة بصاحب املنشأة سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا ( ، )3أما املعلومات اخلاصة
باملنشـأة فهي ترتكز على املوقع بالدرجة األوىل ،وتركيز املشرع على املوقع يعد تداركا إلقامة
املنشآت املنصوص عنها يف امللحق يف املناطق الفالحية أو الساحلية أو ذات األمهية التارخيي ة و هذه
األخرية نظرا ألمهيتها فقد خصها املشرع بعناية خاصة نص عنها صراحة يف قانون التهيئة و التعمري
فبالنس بة لألق اليم ذات امليزة الطبيعية و الثقافية الب ارزة كتلك اليت تتم يز مبوقعها املن اخي
أواجليول وجي فإنه البد من ت دخل النص وص التش ريعية و التنظيمي ة لتحديد اللتزام ات اخلاصة اليت
تطبق عليها وكل ما يتعلق ب املوقع و هتيئة حميط ال رتاث الط بيعي الثق ايف و محايته و تنميته ( ، )1أما
فيما خيص األراضي الفالحية ،ف إن حقوق البن اء ال بد أن تنحصر يف البن اءات الض رورية و احليوية
لإلس تغالالت الفالحية أما بالنس بة للس واحل فقد أوالها هي األخ رى محاية خاصة باعتبارها
مصدرا من مصادر النشاطات الساحلية (، )2و عليه فإنه مبوجب نص املادة 12من القانون املتعلق
43
حبماية الساحل و تثمينه مينع التوسع الطويل للمحيط العمراين للمجمعات السكانية املوجودة على
الش ريط الس احلي على مس افة تزيد عن ثالثة كيلوم رتات من الش ريط الس احلي ،و فيما يتعلق
باألنشطة الصناعية فإن القانون ، )3( 02/02جاء حبظر مطلق على إقامة أي نشاط صناعي جديد
على الساحل (. )4
لكن املشرع رغم استعماله للحظر املطلق من خالل النص املذكور أعاله كأصل ،فإنه
كاس تثناء ي رخص باألنش طة الص ناعية واملرفئية ذات األمهية الوطنية اليت تنص عليها أدوات هتيئة
اإلقليم ،وه ذا النص ينطبق مع النص ال ذي تض منه ق انون محاية البيئة ال ذي يقضي بإخض اع
املنش آت املص نفة حسب أمهيتها و حسب األخط ار أو املض ار اليت تنجر عن اس تغالهلا ،لل رتخيص
أوالتصريح حسب جسامة األخطار النامجة عن عمليات االستغالل(.)5
وباإلضافة إىل شرط املوقع مثة شروط قانونية أخرى منها حتديد طبيعة األعمال اليت يعتزم القيام هبا
و حجمها و ك ذا أس اليب الص نع اليت ينتجها املعين و املواد اليت يس تخدمها ،مما يس مح بتق دير
األخطار اليت تتسبب فيها املنشأة (. )1
وفرق املشرع بني ما إذا تعلق طلب الرتخيص بإنشاء منشأة من الصنفني األول و الثاين
()2
اليت تتطلب وث ائق تتعلق أساسا خبريطة مق اييس التص ميم و بني املنش آت من الص نف الث الث
وه ذا ب النظر إىل خط ورة املس اوئ النامجة عنها مما جيعل االختص اص مبنح ال رتخيص خيتلف حسب
هذه املقاييس .
كما يتطلب إضافة إىل ذلك دراسة التأثري املنصوص عنها يف قانون محاية البيئة ،إذ يسبق
تس ليم رخصة اس تغالل املنش آت املص نفة تق دمي دراسة الت أثري أو م وجز الت أثري ،و حتقيق عم ومي
44
ودراسة تتعلق باألخط ار و االنعكاس ات احملتملة للمش روع على املص احل املذكورة يف املادة 18
واملالحظ على نص املادة أن :
-1املشرع استحدث ما يسمى بالتحقيـق العمومي غري أنه مل يبني ماهيته و اجلهة اليت تقوم به أو
إجراءاته .
-2كما نص على ما مساه "دارسة تتعلق باألخطار و االنعكاسات احملتملة " فهل هذه الدراسة هي
نفسها دارسة التأثري أم أهنا ختتلف عنها ؟ لقد نصت املادة 21علي أن الدراسة املتعلقة باألخطـار و
االنعكاس ات احملتملة تك ون بغ رض معرفة ت أثري املنش أة على الس احة العمومية و النظافة و األمـن و
الفالحة و األنظمة البيئية ،و هي يف رأينا نفس النتائج اليت تسعى إىل حتقيقها دراسة التأثري حسب
نص املادة ، 16و عليه فإن املشرع إذا وفق يف استحداث إجراء التحقيق العمومي ملا حيققه نتائج
لص احل اإلدارة املاحنة يف بسط رقابة أشد ،ف إن الدراسة املتعلقة باألخط ار واالنعكاس ات تعد من
باب احلشو و التزيد .
إن املالحظ من خالل ه ذه الش روط أن املش رع ركز على أهم املق اييس التقنية اليت تس مح لإلدارة
املختصة سواء مركزية أو حملية برفض أو منح الرخصة بالنظر إىل مدى توافرها أوإغفاهلا للشروط.
45
حيدد له أجال الختاذ التدابري الضرورية إلزالة األخطار أو األضرار املثبتة ،و إذا مل ميتثل املستغل يف
األجل احملدد يوقف سري املنشأة إىل حني تنفيذ الشروط املفروضة .
ويف حالة ما إذا كانت املنشأة ضمن املنشآت املنصوص عليها يف الصنف الثالث ( ، )2ففي هذه
احلالة يقرر الوايل أو رئيس اجمللس الشعيب البلدي مبقتضى قرار الشروع يف حتقيق علين مبجرد تسلم
امللف املتعلق باملنشأة املصنفة مبينا فيه موضوع التحقيق و تارخيه و كذلك األوقات و املكان الذي
ميكن للجمهور اإلطالع فيه على امللف و فتح سجل جتمع فيه آراء اجلمهور على مستوى مقرات
اجملالس الشعبية اليت تقام فيها املنشأة و املوقع الذي ستقام فيه ،و تقع مسؤولية االلتزام بنشر هذا
اإلعالن على عاتق الوالة املختصني إقليميا ( ، )3غري أن رؤساء اجملالس الشعبية البلدية الذين ميس
احمليط املذكور جزء من إقليمها ملزمون بتعليق اإلعالن للجمهور على نفقة صاحب الطلب (. )4
46
الشعيب البلدي ،و ميكن ألي شخص طبيعي أو معنوي أن يطلع يف الوالية أو البلدية على مذكرة
صاحب الطلب و على استنتاجات املندوب احملقق (. )3
من خالل ه ذه اإلج راءات اليت تض منها املرس وم ،نالحظ أن املش رع أعطى ض مانة للمجه ول
للمس امهة يف إع داد الق رارات الس يما يف مثل ه ذه املش اريع اليت ينجم عن إجنازها أثر مهم على
حي اة املواط نني ،و على حد تعبري البعض ف إن ه ذا يعد ص ورة حقيقية لتجس يد الدميقراطي ة
اإليكولوجية (. )4
أما بالنسبة للمجالس الشعبية البلدية اليت يعتزم أن تقام فيها املنشأة فعليها أن تبدي برأيها
يف طلب الرخصة مبج رد افتت اح التحقي ق ،إال أنه ال ميكن أن تأخذ بعني االعتب ار إال اآلراء املعللة
اليت جيب التعبري عنها يف مهلة تق در ب 15يوما املوالية إلغالق س جل التحقيق ،و قد ف رق
املش رع بني املنش آت من الص نف الث الث و املنش آت من الص نف األول ،ف إذا ك ان قد أخضع
املنشآت من الصنف الثالث إىل هذه اإلجراءات ،فإنه بالنسبة للمنشآت من الصنف األول جعلها
47
من خالل الشروط السالفة الذكر ميكن القول أن املشرع خطى من خالل هذه النصوص
خط وات إجيابية يف جمال محاية البيئة ،كما أنه ت دارك طبيعة اخلط ورة النامجة عن ممارسة النش اط
ويتضح لنا ذلك من خالل إدخ ال املش رع ن وعني من الوث ائق جيب إرفاقها يف امللف وهي كل من
وثيقة املخ اطر ودراسة الت أثري املش ار إليهما س ابقا ،ويف حالة غي اب مثل ه ذه الوث ائق يعترب إغف اال
جوهريا يف ملف طلب منح الرتخيص .
نصل يف النهاية إىل أن هذه النماذج اليت ذكرناها بشأن الرتخيص ما هي إال صور قليلة
لل رتاخيص اليت هتدف إىل محاية البيئة و وقايتها من األض رار اليت يص عب حتديد جماالهتا أو تق دير
التعويض بشأهنا (. )3
المبحث الثانيـ
الحظر و اإللزام و نظام التقاريرـ
ك ون أن موض وع محاية البيئة يتعلق يف الغ الب حبماية الص حة العامة ،ف إن قواع ده
القانونية تأيت يف الغالب يف شكل قواعد آمرة ،هذه األخرية تأيت يف أسلوبني ،إما أسلوب احلظر
أو اإلل زام و يتبىن املش رع أس لوب اإلل زام حينما ي أمر األف راد بإتي ان س لوك معني توجبه القاع دة
القانونية ،أما أسلوب احلظر فاملشرع يتبناه حينما يأمر األفراد باالبتعاد عن سلوك حتظره القاعدة
القانونية ومن خالل دراس تنا لنص وص ق انون محاية البيئة جند أن هن اك من اإلج راءات ما ي أيت يف
شكل أوامر هذه األخرية تتخذ صورتني إما األمر بإلزام أو األمر باحلظر ،و منها ما يأيت يف شكل
إلزام بتصرحيات أو تقارير .
48
المطلب األول
الحظر
يقصد باحلظر الوسيلة اليت تلجأ إليها سلطات الضبط اإلداري ،هتدف من خالهلا منع
إتي ان بعض التص رفات بس بب اخلط ورة اليت تنجم عن ممارس تها كحالة حظر املرور يف اجتاه معني
أومنع وقوف السيارات يف أماكن معينة (. )1
واحلظر وسيلة قانونية تقوم اإلدارة بتطبيقه عن طريق القرارات اإلدارية ،و هذه األخرية
من األعم ال االنفرادية ش أهنا ش أن ال رتخيص اإلداري تص درها اإلدارة ملا هلا من امتي ازات الس لطة
العامة.
ولكي يكون أسلوب احلظر قانونيا البد أن يكون هنائيا و مطلقا و أال تتعسف اإلدارة إىل
درجة املساس حبقوق األفراد و حرياهتم األساسية و أال يتحول إىل عمل غري مشروع فيصبح جمرد
اعت داء م ادي أو عمل من أعم ال الغصب كما يس ميه رج ال الق انون اإلداري ( ، )2و للحظر
اإلداري صورتان :حظر مطلق و حظر نسيب أو مؤقت .
احلظر املطلق هو الغالب يف قوانني محاية البيئة ،حيث ينظم املشرع بعض القوانني اليت من خالهلـا
الفصل األول :اإلجراءات اإلدارية الكفيلة بحماية البيئة -1د.عمار عوابدي ،مرجع سابق ،ص .407
-2د .عبد الغاين بسيو ين ،مرجع سابق ،ص.384
مينع إتي ان بعض التص رفات اليت هلا خط ورة كب رية من ش أهنا أن تس بب ض ررا جس يما للبيئة
وللمحيط الط بيعي ،و بالت ايل ه ذا املنع يك ون منعا باتا ال ت رد عليه أية اس تثناءات ،و ال خيضع
لإلجراءات اليت خيضع هلا الرتخيص اإلداري (. )1
أما بالنسبة للحظر النسيب فهو حينما ينص املشرع على منع إتيان بعض األعمال من
شأهنا اإلضرار بالبيئة و يف هذه احلالة يكون احلظر مرهونا بشروط و هي ضرورة استفاء إجراءات
ال رتخيص اإلداري ،ففي ه ذه احلالة يربط املش رع إتي ان التص رف بش رط احلص ول على ت رخيص
إداري بشأنه.
إذن ما نالحظه هو أن هناك عالقة وثيقة بني كل من احلظر النسيب و الرتخيص اإلداري
تكمن هذه العالقة يف كوهنما أسلوبني قانونيني متكاملني ذلك أن املشرع يف احلظر النسيب ال جيعل
49
التصرف مبدئيا حمظورا ،لكن هذا احلظر يزول إذا استوىف طلب املعين شروط الرتخيص اإلداري
،بعدها ميكن له مزاولة نشاطه .
الفرع األولـ
الحظر المطلق
إن قواعد ق انون محاية البيئة أغلبها عب ارة عن قواعد آم رة ال ميكن لألف راد خمالفتها
باعتبارها تتصل بالنظام العام ،و احلظر املطلق صورة من صور القواعد اآلمرة ال يضع فيه املشرع
استثناءات .
و الشك أن احلظر املطلق هو نص يب حمتجز للمش رع ال ميكن لإلدارة اخلي ار فيه و ال ميكنها فتح
اجملال لسلطاهتا التقديرية فيه ،ألهنا قواعد آمرة ال ميكن لإلدارة خمالفتها .
ه ذا و برجوعنا إىل ق وانني محاية البيئة جند الكثري من ه ذه القواعد اليت تقيد كل من
اإلدارة واألشخاص الذين يزاولون نشاطات مضرة بالبيئة ومن ذلك ما نص عنه املشرع اجلزائري
يف بعض اجملاالت مثل إلق اء النفاي ات يف غري األم اكن اليت حتددها الس لطات اإلدارية املعنية
أواستعمال بعض املواد الكيميائية يف الصناعات الغذائية اليت من شأهنا املساس بالصحة العمومية .
و بصدد حديثنا على احلظر املطلق يقضي املشرع اجلزائري يف قانون محاية البيئة حبظر كل صـب
50
اجلديد ه ذا التوسع يف املع اين ال ذي قد ي ؤدي إىل أض رار و ذلك لع دم دقة املص طلحات ،إذ ج اء
نص املادة 51حبظر مطلق ألي صب دون أن يربط بني املواد املفرزة و الصحة العمومية .
و قد أح ال املش رع مبوجب نص املادة 50على التنظيم لتحديد ش روط منع الت دفقات و الس يالن
والطرح و الرتسيب املباشر أو غري املباشر للمياه و املواد .
ويف ظل نص املادة 48من القانون 83/03صدرت نصوص تطبيقية تبقى قابلة للتطبيق
حاليا إىل حني ص دور نص وص تنظيمية جدي دة ،و قد ص درت تلك النص وص التطبيقية س نة
1993س يما منها املرس وم 93/161ال ذي جنده حيظر الصب يف الوسط الط بيعي لبعض املواد
الزيتية ،مث تناول ذكر أنواع هذه املواد و املتمثلة خصوصا فيما يلي :
-زيوت احملركات وزيوت التشحيم و الزيوت السوداء املسماة مازوت التشحيم و زيوت املسقى
و الزيوت العازلة ...اخل .
و ما يالحظ على هذا املرسوم أنه أشار فقط إىل مادة واحدة وهي الزيـوت يف حني أن نـص املادة
50أش ار إىل مص طلح "م ــواد" بص فة مطلقة ،و بالت ايل الزي وت هي ج زء فقط من املواد امللوثة
للبيئة و عليه وجب علينا الرج وع إىل الق انون 01/19ال ذي ميكن اإلس تناد إليه يف معرفة قائمة
النفايات( ، )1اليت نصت عليها املادة 50يف انتظار نصوص تنظيمية لتطبيق القانون . 03/10
كما نلمس هذا احلظر أيضا يف مواد أخرى من املرسوم التنفيذي ، )2( 93/161حيث
حيظر زي ادة على الصب يف األوس اط الطبيعية ،تفريغ الش حوم الزيتية يف ش بكات التطهري و إن
كانت جمهزة مبحطات التصفية .
وإذا كان القانون األساسي املتعلق حبماية البيئة ال يتضمن تطبيقات كثرية يف جمال احلظر
ف إن الق وانني األخ رى املكملة له تأخذ يف موادها جانبا كب ريا من أس لوب احلظر ،و من ذلك
الق انون املتعلق حبماية الس احل و تثمين ه،ال ذي نص على أنه مينع املس اس بوض عية الس احل و بكل
51
نش اط على مس توى املن اطق احملمية و املواقع اإليكولوجية و ك ذا كل إقامة لنش اط ص ناعي جديد
أوبناءات أو منشآت أو طرق أو حظائر توقف السيارات على الساحل (.)3
و يف جمال محاية الفض اءات املش جرة تض من الق انون حظ را مطلقا لكل قطع أو اقتالع للفص ائل
النباتية .
أما ق انون املن اجم فنج ده ينص على ع دم إمكانية منح ال رتخيص ب أي نش اط منجمي يف املواقع
احملمية بالق انون واالتفاقي ات الدولية ،و يب دو أن املش رع هنا خياطب اإلدارة املختصة مبنح
الرتاخيص املنصوص عليها يف املادة . 156
و بغ رض محاية و تثمني الش واطئ نص الق انون 03/02احملدد للقواعد العامة لالس تعمال
واالس تغالل الس ياحيني للش واطئ على منع كل مس تغل للش واطئ القي ام ب أي عمل ميس بالص حة
العمومية أو يتس بب يف إفس اد نوعية مي اه البحر أو إتالف قيمتها النوعي ة،و إذا ك ان الق انون
األساسي حلماية البيئة قد أغفل حتديد و تفصيل املواد املضرة باألوساط املائية فإن املادة 12مـن
القانون 03/02قد جاءت حبظر مطلق على كل رمي للنفايات املنزلية أو الصناعية أو الفالحية يف
الشواطئ أو مبحاذاهتا .
ونظرا ملا أصبحت تشكله ظاهرة استنـزاف رمال البحر من مساس ب املظهر اجلمايل
للش واطئ وتق دم ملي اه البحر اجتاه الرب ،نصت املادة 32من نفس الق انون على أنه مينع اس تخراج
الرمل و احلصى واحلج ارة ،و أح الت املادة 50منه بش أن خمالفة ه ذا احلظر على نص املادة 40
من القانون 02/02و اليت تعاقب على هذا الفعل باحلبس من 06أشهر إىل سنتني و بغرامة مالية
من 200.000دج إىل 2000.000دج مع إمكانية مص ادرة اآلالت و األجه زة و املع دات اليت
استعملت يف ارتكاب املخالفات .
و هبدف منع التعامل العشوائي و الالعقالين مع النفاي ات فإنه مينع على كل منتج للنفايات اخلاصة
و اخلط رة أو احلائز عليها من تس ليمها إىل ش خص آخر غري مس تغل ملنش أة معاجلة النفاي ات
أواملستغل ملنشأة غري مرخص هبا (. )1
52
و قد نصت املادة 3-08من املرس وم 200/37املنظم إلف راز ال دخان و الغب ار و ال روائح
واجلس يمات الص لبة يف اجلو ( ، )2على أنه حيظر اس ترياد و تص دير املواد املس تعملة و ك ذا املواد
احملددة املذكورة يف امللحق األول من املرس وم ،و قد ج اء امللحق بقائمة كاملة للم واد مع رقم
تعريفتها اجلمركية .
كما تضمن تشريع الصحة اجلزائري بعض األحكام هلا عالقة حبماية صحة املستهلك و
لعل هذا يتماشى مع اعتبار الصحة مبفهومها القانوين جمموعة التدابري الوقائية و الفالحية و الرتبوية
واالجتماعية اليت تستهدف احملافظة على صحة الفرد و اجلماعة و جتسيدمها (. )3
و من ه ذه الت دابري هن اك بعض منها له عالقة حبماية ص حة املس تهلك مثل منع املش رع اس تعمال
مواد التغليف و التعليب اليت تثبت خطورهتا على صحة املستهلك (. )4
وهن اك العديد من النص وص القانونية األخ رى اليت تبنت أس لوب احلظر يف جمال احلماية القانونية
للبيئة ففي جمال محاية ال ثروة الغابية حيظر املش رع تفريغ األوس اخ و ال ردوم يف األمالك الغابية
أووضع أو إمهال كل شيء آخر من شأنه أن يتسبب يف احلرائق (. )1
من خالل النص وص القانونية اليت أش رنا إليها على س بيل املث ال أن املش رع اجلزائ ري
يستعني بأس لوب احلظر كلما توقع وجود خطر يه دد الت وازن البي ئي ،مق ررا ب ذلك ج زاءات على
كل إتي ان لس لوك خمالف فقد تك ون ه ذه اجلزاءات إدارية أو جنائية ه ذه األخ رية تتمثل يف
العقوبات الرادعة املنصوص عنها يف قانون العقوبات و القوانني اخلاصة حبماية البيئة .
الفرع الثاني
الحظر النسبي
املقصود باحلظر النسيب كما سبق اإلشارة إليه منع القيام بأعمال أو نشاطات معينة تعد
خط را على البيئة ،إال أن املنع يف ه ذه احلالة ال يك ون مطلقا ،إمنا هو مره ون بض رورة احلص ول
53
على ت راخيص من ط رف الس لطات املختصة و وفقا للش روط و الض وابط اليت حتددها التنظيم ات
اخلاصة حبماية البيئة (. )2
ومن خالل دراستنا ألسلوب الرتخيص ،باعتباره إجراء من اإلجراءات الوقائية حلماية
البيئة نصل إىل الق ول أن احلظر النسيب له عالقة بأس لوب ال رتخيص ،فاملش رع حينما ينص على
حظر مؤقت يبيح إتيان السلوك سواء تعلق األمر بإقامة منشأة ذات نشاط خطر على البيئة أو منع
صب بعض املواد اخلط رة يف األوس اط املس تقبلة ،أو منع ت داول س لع معينة فإنه يبيحه إذا ت وافرت
الشروط القانونية اليت تسمح مبنح الرتخيص .
و مبا أننا سبق و أن تعرضنا إىل أسلوب الرتخيص بنوع من التفصيل فإننا سنكتفي فقط باإلشارة
إىل التمييز بني كل من احلظر املطلق و احلظر النسيب.
فاحلظر املطلق هو نصيب حمجوز للمشرع و املقصود بذلك أن سلطات املشرع يف استعماله هي
سلطة كاملة و ما على اإلدارة يف هذه احلالة إال تنفيذ القواعد القانونيـة دون توسيع لسلطتـها
وعليه ف إن جماله اخلصب هو الس لطة املقي دة ،يف حني أن احلظر النسيب مينع فيه املش رع إتي ان
الس لوك املخ الف للتش ريع ،إال أنه ي رخص به يف حالة ت وافر الش روط القانونية اليت تس مح بإتيانه
ه ذه الش روط تق وم اإلدارة بدراس تها بدقة مث يك ون هلا حق اس تعمال س لطتها يف منح ال رتخيص
أورفض الطلب حسب املص لحة اليت يقتض يها الق انون ،و بالت ايل ف اإلدارة ال ميكن أن تس تعني
بس لطتها التقديرية بص فة مطلقة ،كما ال ميكن للمش رع أن يقيد هلا اجملال التق ديري بص فة مطلقة
أيضا و على حد تعبرينا فس لطة اإلدارة هنا تت أرجح بني التقييد و التق دير يف نفس ال وقت ،و
بعبارة أخرى فنكون بصدد سلطة تقديرية يف حدها األوسط .
من جهة أخرى ميكن القول أن احلظر املطلق يكون دائما هنائيا و احلكمة من ذلك أن
املش رع ال يس تعمل ه ذا األس لوب إال يف حالة األخط ار اجلس يمة اليت من ش أهنا أن تس بب أض رار
جسيمة سواء للمحيط بصفة عامة أو للصحة البشرية بصفة خاصة ،يف حني أن احلظر النسيب ال
54
ميكن أن يتح ول إىل حظر مطلق ذلك ألن الش خص ال ذي ي رغب يف مزاولة نش اط ما و تت وفر فيه
الشروط القانونية تكون اإلدارة ملزمة مبنح الرتخيص مىت توافرت الشروط القانونية .
وقد تضمن التشريع اجلزائري أمثلة حلاالت احلظر النسيب ،نذكر البعض منها على سـبيل املثال:
منها ما نصت عليه املادة 55من القانون 03/10اليت اشرتطت يف عمليات الشحن و حتميل املواد
و النفايات املوجهة للغمر يف البحر احلصول على ترخيص يسلمه الوزير املكلف بالبيئة و عليه فإن
احلظر املنصوص عليه يف املادة ، )1( 52هو حظر نسيب ما دام أنه خيضع لشرط استيفاء الرخصة .
و خ ارج ق انون محاية البيئة جند نص املادة 23من الق انون املتعلق حبماية الس احل و تثمينه تنص
على أنه مينع م رور العرب ات و وقوفها على الض فة الطبيعية ،غري أن الفق رة الثانية من نفس املادة
تنص على أنه ي رخص عند احلاجة مبرور عرب ات مص احل األمن و اإلس عاف و مص احل تنظيف
الش واطئ و ص يانتها ،و من ق راءة نص املادة خنلص أهنا حتمل حظر مطلق على اجلميع وحظر
نسيب يتوقف على رخصة بالنسبة للمصاحل و اهليئات املذكورة أعاله .
-1تنص املادة ..." 52مينع داخل املياه البحرية اخلاضعة للقضاء اجلزائري كل صب أو غمر أو ترميد ،"...ونصت املادة 53
عمومي .
الكفيلة بحماية البيئة حتقيق
اإلدارية بعد إجراء
اإلجراءات الفصلبالبيئة
األول : علي إمكانية الصب والغمر يف البحر بناء علي ترخيص الوزير املكتف
ومن ذلك أيضا ما نصت عليه املادة 118من القانون املتعلق باملناجم 01/10بشأن منح الرخص
املنجمية يف األم اكن الغابية و املائية إذ أخض عت املادة مباش رة ه ذا النش اط إىل املوافقة الرمسية
للوزير املكلف بالبيئة .
المطلب الثانيـ
اإللزام
قد يلجأ املشرع إىل إلزام األفراد بالقيام ببعض التصرفات ،و عليه فاإللزام هو عكس
احلظر ،ألن ه ذا األخري هو إج راء ق انوين إداري يتم من خالله منع إتي ان النش اط فهو هبذا إج راء
س ليب يف حني أن اإلل زام هو ض رورة إتي ان التص رف ،فهو إجيايب ال يتحقق هدفه إال بإتي ان
التصرف الذي يوجبه القانون ،و مع ذلك فاإللزام جنده يتقيد ببعض الشروط أمهها أن تكون مثة
حاجة ضرورية وواقعية زمانا و مكانا للقيام بالتصرف املنصوص عليه و جيب أال يكون هناك نص
تشريعي مينع اإلدارة من إصدار األوامر اليت تأيت على شكل قرارات فردية (. )1
55
إن النصوص القانونية اخلاصة حبماية البيئة ثرية مبثل هذه القواعد ،باعتبار محاية البيئة
عمال ذا مص لحة عامة ،ه ذا املب دأ تتف رع عنه االلتزام ات البيئية اليت تقع على ع اتق األش خاص
س واء الطبيعية أو املعنوية منها ،و بالت ايل ف إن محاية البيئة مدرجة ض من مه ام و أعم ال الس لطة
العامة ومحايتها قانونا مبقتضى ق وانني ذات ط ابع إداري ،وعلى ه ذا تك ون األوامر هي الوس يلة
املناسبة للتعبري عن هذه األهداف و حتقيق احلماية و احملافظة على النظام العام .
ويف التشريعات البيئية هناك العديد من األمثلة اليت جتسد أسلوب اإللزام سواء يف القانون
األساسي للبيئة أو يف التش ريعات األخ رى اليت هتدف إىل محاية البيئة ،من ذلك ق انون التوجيه
العق اري ق انون محاية الس احل و تثمينه ،ق انون املن اجم و الق انون املتعلق بالس احل ،و عليه
سنكتفي بإعطاء بعض األمثلة من خالل وقوفنا على بعض القوانني .
ففيما خيص النفايات املنزلية أصبح لزاما على كل حائز للنفايات و ما شاهبها استعمال نظام الفرز
و اجلمع و النقل املوضوع حتت تصرفه ( )2من طرف البلدية اليت ألزمها القانون بوضع خمطط بلدي
-1د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،مبادئ وأحكام القانون اإلداري ،الدار اجلامعية للطباعة والنشر ، 1997،ص .788
الفصل األول :اإلجراءات اإلدارية الكفيلة بحماية البيئة -2املادة 35من القانون .01/19
56
س يما االمتن اع عن تس ويق املواد املنتجة للنفاي ات غري القابلة لالحنالل البيولـوجي و االمتن اع عن
استعمال املواد اليت من شأهنا أن تشكل خطرا على اإلنسان السيما عند صناعة منتجات التغليف .
و بغ رض تثمني النفاي ات ( ، )1أل زمت املادة 07من نفس الق انون كل منتج أو ح ائز للنفاي ات
ض مان العمل على تثمني النفاي ات النامجة عن املواد اليت يس توردها أو يص نعها أو يس وقها ،و يف
حالة ع دم قدرته على تثمينها فإنه يل زم بض مان أو العمل على ض مان إزالة النفاي ات على حس ابه
اخلاص ،بطريقة عقالنية بيئيا ،و عملية تثمني و إزالة النفايات ألزم املشرع أن تتم وفقا للشروط
و املع ايري البيئية و ع دم تع ريض ص حة اإلنس ان و احلي وان للخطر ،و ت أيت ه ذه النص وص لض بط
حركة النفايات الصناعية باعتبارها أخطر أنواع النفايات تأثريا على الصحة و حالة احمليط ،و قد
أخضع املش رع نقـل و تص دير و عب ور النفاي ات اخلاصة و اخلط رة إىل ت رخيص مس بق من ال وزير
املكلف بالبيئة و ال مينح هذا الرتخيص إال عند توافر الشـروط اآلتية :
-احرتام قواعد و معايري التوضيب املتفق عليه دوليا .
-تقدمي عقد مكتوب بني املتعامل االقتصادي املصدر و مركز املعاجلة .
-1عرفت املادة 03من القانون 01/19تثمني النفايات :أنه طل العمليات الرامية إيل إعادة استعمال النفايات أو رسكلتها
الفصل األول :اإلجراءات اإلدارية الكفيلة بحماية البيئة أو تسميدها.
57
السيما الصناعية تكاد تنعدم يف اجلزائر ،حيث أن %80من النفايات الصناعية يتم التخلص منها
بطريقة التخزين غري املنتظم يف العراء ،و رغم هذه القواعد اآلمرة فإنه مل يتم القيام بأي عمل من
أجل نقل النفاي ات الس امة ،و كمث ال على ذلك مص نع الزنك ب الغزوات ،حيث تف رز عملية
التصنيع فيه محض الكربيت ،و هي مادة قاتلة يف مرحلة اإلنتاج (. )4
و برجوعنا إىل الق انون 03/02احملدد للقواعد العامة الس تغالل الش واطئ جنده ينص على جمموعة
التزام ات تقع على ص احب امتي از الش اطئ ،منها محاية احلالة الطبيعية و إع ادة األم اكن إىل حالتها
بعد انتهاء موسم االصطياف ،كما يقع عليه عبء القيام بنزع النفايات و خمتلف األشياء اخلطرة
.
و من خالل النصوص السابقة و رغم استعمال أسلوب اإللزام إال أنه يبقى بدون فعالية يف غياب
قائمة دقيقة للنفاي ات ،إذ اكتفى املش رع ب ذكر ع واقب أض رارها ،حيث اعترب النفاي ات ذات
خط ورة يف حالة ما إذا ك انت هلا ع واقب مض رة بالرتبة و النبات ات و احليوان ات و بص فة عامة إذا
كانت تضر بصحة اإلنسان و البيئة .
كما يالحظ غي اب آلي ات إزالة النفاي ات ،بينما جند التش ريع املص ري يس تعمل أس لوب اس تعمال
السجل اخلاص بالنفايات و تبيان طريقة التخلص منها ،و يف رأينا أن هذه الطريقة تساعد اإلدارة
املختصة على املراقبة املستمرة.
و عكس قانون محاية البيئة الذي ال يرتب املسؤولية يف غالب األحوال إال عند عدم إزالة النفايات
فإن القانون 01/19يرتب املسؤولية على كل منتج هلذه النفايات (. )1
و فيما يتعلق بالنفاي ات اليت يل تزم اجمللس الش عيب البل دي ب التخلص منها فهي تتمثل يف النفاي ات
احلضرية الصلبة ،و حددها كما يلي (: )2
-األزبال املنزلية الفردية أو اجلماعية .
-نفايات التشريح أو التعفن اليت ترميها املستشفيات.
58
-نفايات املساخل و جثث احليوانات ،و الفضالت املضايقة كاألشياء الضخمة و اخلردة احلديدية
و هياكل السيارات .
يبدو أن هذه القائمة قد اعتمد عليها املشرع يف صياغة تعريف النفايات املنزلية و اليت
عرفها على أهنا كل النفايات الناجتة عن النشاطات املنزلية و النفايات املماثلة النامجة عن النشاطات
الصناعية والتجارية و احلرفية و غريها ،و اليت بفعل طبيعتها و مكوناهتا تشبه النفايات املنزلية (.)3
فه ذه األن واع من النفاي ات قد خص ها املش رع بطريقة معاجلتها و التخلص منها مبا يف ذلك مجعها
واختي ار املوقع ملعاجلتها و ال ذي خيضع إىل ت رخيص ال وزير املكلف بالبيئة بالنس بة للنفاي ات اخلاصة
وإىل رخصة الوايل بالنسبة للنفايات املنزلية و ما شاهبها و إىل رخصة رئيس اجمللس الشعيب البلدي
بالنسبة للنفايات اهلامدة .
و يف هذا اإلطار تبىن املشرع أيضا أسلوب اإللزام فيما خيص الشروط الواجب توفرها يف املوقـع
59
إال أن املشرع بعد ذلك نص على عدم قبول النفايات الصناعية احلضرية يف املزابل العمومية السيما
اآليت ذكرها (: )2
-السوائل اليت حتتوي على مواد كيميائية و لو كانت معبأة يف أوعية مغلفة.
-النفايات الصناعية الصلبة املختلفة إذا كانت قابلة لالشتعال التلقائي .
-الفضالت الصناعية القابلة للذوبان .
-املواد امللوثة و املواد املشاعة .
-املواد اليت حتمل خطر التلوث الكيميائي أو التسممي .
وبعد استشهادنا ببعض األمثلة نصل إىل أن اإللزام كأسلوب من أساليب الضبط ،يف
حقيقة األمر هو اجملال اخلصب الذي يتمكن من خالله املشرع الوقاية من األخطار و األضرار اليت
متس بالبيئة واحمليط يف خمتلف اجملاالت ،و قد أخذ هذا األسلوب نصيبا معتربا من نصوص التشريع
البيئي سواء التشريع الرئيسي أو التشريعات األخرى اليت كرست احلماية القانونية للبيئة ،كقانون
املي اه ،ق انون الغاب ات و الق انون املتعلق بالنفاي ات ،و أس لوب اإلل زام تكمن أمهيته يف أنه ي أيت يف
شكل إجراء إجيايب عكس أسلوب احلظر الذي يأيت يف شكل إجراء سليب.
المطلب الثالث
نظـام التقـاريـر
يعد نظام التقارير أسلوب جديد استحدثه املشرع متاشيا مع التطور الدويل يف جمال محاية
البيئــة ونظ ام التق ارير أو التص رحيات يه دف إىل ف رض رقابة الحقة و مس تمرة على منح ال رتخيص
فهو أسلوب مكمل ألسلوب الرتخيص ،و هو يقرتب من اإللزام كونه يفرض على صاحبه القيام
بتق دمي تق ارير دورية عن نش اطاته حىت تتمكن الس لطة الض ابطة من ف رض الرقابة وهو أس لوب
يس هل على اإلدارة عملية املتابعة من الناحية املالية و البش رية ،فب دال من أن تق وم اإلدارة بإرس ال
أعواهنا للتحقيق من السري الع ادي للنش اط املرخص ب ه ،يت وىل ص احب الرخصة تزويد اإلدارة
60
ب التطورات احلاص لة ،و ي رتب الق انون على ع دم القي ام هبذا اإلل زام ج زاءات خمتلفة نتع رض هلا
الحقا .
و أسلوب نظام التقارير هو شبيه بنظام التقييم البيئي فإذا كان هذا األخري يقع على عاتق اإلدارة
فإن األول يقع على صاحب الرخصة.
وكون أسلوب التقارير أسلوب جديد يف حاجة إىل نصوص تنظيمية ،فإننا نكتفي بذكر
بعض الق وانني اليت نصت عليه ،و منها ق انون املن اجم ال ذي أل زم أص حاب الس ندات املنجمية
أوال رخص ب أن يوجه وا خالل م دة االس تغالل و البحث إىل الوكالة الوطنية للجيولوجيا و املراقبة
املنجمية تقري را س نويا متعلقا بنش اطاهتم و ك ذا االنعكاس ات على حي ازة األراضي و خصوص يات
الوسط البي ئي (، )1و رتب الق انون عقوب ات جزائية على كل مس تغل أغفل تبليغ التقري ر ،تتمثل يف
احلبس من ش هرين إىل س تة أش هر و بغرامة مالية 5000دج إىل 20000دج(، )2كما يتعني على
صاحب رخصة التنقيب تقدمي تقرير مفصل عن األشغال املنجزة كل ستة أشهر إىل الوكالة الوطنية
للممتلكات املنجمية ،أما صاحب رخصة االستكشاف فهو ملزم بإرسال تقرير سنوي إىل نفس
الوكالة .
61
و ه ذا األس لوب يس اعد بش كل كبري يف مراقبة و حتديد كيفي ات تس يري و معاجلة النفاي ات معاجلة
عقالنية ،غري أنه يبقى يف حاجة إىل نص وص تنظيمية لتحديد مواعيد تق دمي التق ارير و اجلزاءات
اليت قد ترتتب على خمالفة هذا اإلجراء .
و رغم ما متثله النفاي ات من خطر على الص حة العمومية و احمليط البي ئي إال أن املش رع مل يكن
متشددا يف فرض العقوبات الالزمة عن عدم االلتزام بنص املادة إذ خص هذا االمتناع بغرامة مالية
فقط ( ، )1بينما جند نص على عقوب ات س البة للحرية يف ق انون املن اجم عن ع دم االل تزام بنظ ام
التقارير .
يف األخري خنلص إىل أن قواعد أسلوب نظام التقارير جاءت يف شكل قواعد آمرة يرتتب
عن عدم االلتزام هبا عقوبات سالبة للحرية و األكيد أن هذا األسلوب سيساهم بال شك يف دعم
باقي األساليب ،و األجدر باملشرع أن يعمل على تعميمه على باقي املنشآت سيما منها املنشآت
املصنفة .
62
وعلى املس توى ال دويل ص يغت العديد من االتفاقي ات و املعاه دات و ال ربوتوكوالت حلماية البيئة
وأص بح التع اون ال دويل يف موض وع البيئة أم را حتميا خاصة يف املنـاطق املشرتكـة و احمليطـات و
()1
الفضاء .
ومن بني التوصيات الصادرة عن مؤمتر األمم املتحدة للتنمية املنعقد يف جــوان 92بريودي
جانريو( الربازيل ) و الذي مسي بقمة األرض،حث الدول على ضرورة سن تشريعات فعالة بشأن
()2
البيئة مع وضع قانون بشأن املسؤولية و كذلك تعويض ضحايا التلوث .
واجلزائر كدولة نامية جلأت إىل ه ذه الوس يلة فأص بحت حتوز منظومة قانونية مكثفة
خاصة بعد ص دور الق انون 83/03املتعلق حبماية البيئة ال ذي ك ان يش كل اإلط ار الع ام للمجه ود
التش ريعي ال رامي إىل وضع اخلط وط العريضة و احملاور الرئيس ية للسياسة البيئية يف اجلزائر و قبل
إلغائه مبوجب الق انون رقم 03/10املتعلق حبماية البيئة يف أيط ار التنمية املس تدامة و ذلك من
خالل االعتم اد على ط رق قانونية غري جنائية تعتمد على اجلزاءات اإلدارية من جهة و املس ؤولية
املدنية من جهة أخرى إىل جانب اجلزاءات اجلنائية لقمع اجلرائم البيئية .
-1املادة 214فقرة 2من القانون 01/10املتضمن قانون املناجم اليت نصت على أنه تطبق االتفاقيات الدولية املتعلقة بالتلوث
البحري اليت وقعت عليها اجلزائر على املخالفات املعاقب عليها مبوجب هذا القانون.
-2على س بيل املث ال املادة 2من اتفاقي ات فيينا حلماية طبقة األوزون – الوثيقة اخلتامية – املربمة يف فيينا بت اريخ 22م ارس
الفصل الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية
. 2000 1985و اليت انضمت إليها اجلزائر مبوجب ملحق املرسوم الرئاسي 92/54جريدة رمسية رقم 17املؤرخة يف 29مارس
المبحث األول
63
املشرع اإلدارة سلطة الضبط يف مراقبة التوازن البيئي و ذالك مبنحها وسائل وإن أعطى َ
الت دخل عن طريق اس تعمال امتي ازات الس لطة العامة إال أنه قي دها بإتب اع جس امة املخالفة املرتكبة
ون وع الت دخل ،وع ادة ما تأخذ ش كل اإلخط ار (اإلع ذار) ،الوقف اجلزئي للنش اط أو الوقف
الكلي عن طريق س حب الرخصة ،كما أن املتمعن يف ق وانني املالية يالحظ آلية جدي دة يف يد
اإلدارة رمسها املشرع يف قانون املالية 25/ 91لسنة 1992وهو الرسم على التلويث خاصة ملواجهة
آثار التلويث الصناعي .
المطلب األول
اإلخ ــطار
وإن مل يعد اإلخطار يف حد ذاته جزاء يف يد سلطة اإلدارة و إمنا عادة ما يأخذ شكل
التنبيه لت ذكري املخ الف بإلزامية معاجلة الوضع و اختاذه الت دابري الكفيلة للجعل من نش اطه مطابقا
للمقاييس القانونية املعمول هبا.
وقد تطرق املشرع إىل هذه اآللية يف القانون األساسي حلماية البيئة لسنة ،1983السيما
املادة 53منه ،امللغى مبوجب الق انون 03/10املتعلق حبماية البيئة يف إط ار التنمية املس تدامة الس يما
املادة 25منه اليت تنص " عن دما تنجم عن اس تغالل املنش أة غري واردة يف قائمة املنش آت املص نفة
أخطار أو أضرار متس باملصاحل املذكورة يف املادة 18أعاله وبناء على تقرير من مصاحل البيئة يعذر
الفصل الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية
الوايل املستغل و حيدد له أجال الختاذ التدابري الضرورية إلزالة األخطار أو األضرار املثبتة .)1( "...
و يالحظ من ص لب النص أن املش رع اجلزائ ري قد اس تعمل مص طلح اإلع ذار ال ذي يقابله ب النص
الفرنسي مص طلح ( )mise en demeureو ذلك ملا حيظى به ه ذا املص طلح بق وة قانونية وذلك
ل درء اخلطر كخط وة أوىل قبل املس تغل و كمالحظة ثانية أن املش رع قد أدرج ه ذه املادة حتت
الفصل اخلامس بعنوان -األنظمة القانونية اخلاصة – ألن اهلدف من اإلخطار أو اإلعذار هو محاية
أولية قبل أخذ إجراءات ردعية أكثر صرامة.
كما ينص املرس وم الص ادر يف س نة ،1994اخلاص حبماية مي اه احلمام ات املعدنية على أنه إذا
رأى مفتش البيئة أو املصاحل املختصة التابعة للصحة العمومية أن شروط استغالل املياه املعدنية غري
64
مطابقة لعقد االمتي از ف إن ال وايل املختص إقليميا يرسل بن اء على إع ذار للمس تغل بغ رض اختاذ
اإلجراءات الكفيلة جبعلها مطابقة و إذا مل يقم بذلك خالل املهلة احملددة له يف اإلعذار فإن الوايل
يقرر وقف عمل املؤسسة مؤقتا إىل غاية تنفيذ الشروط (. )2
و قد نص الق انون 03/10املتعلق حبماية البيئة يف إط ار التنمية املس تدامة يف مادته 56على أنه
"يف حالة وقوع عطب أو حادث يف املياه اخلاصة اخلاضعة للقضاء اجلزائري ،لكل سفينة أو طائرة
أو آلية أو قاعدة عائمة تنقل أو حتمل مواد ضارة أوخطرية أو حمروقات من شأهنا أن تشكل خطرا
الميكن دفعه ،و من طبيعته إحلاق ض رر بالس احل أو املن افع املرتبطة به ،بع ذر ص احب الس فينة
()3
أوالطائرة أو اآللية أو القاعدة العائمة باختاذ كل التدابري الالزمة لوضع حد هلذا اإلخطار ."...
المطلب الثانيـ
سحب الترخيص
عمال بقاعدة توازي األشكال فإن اإلدارة تقوم بتجريد املستغل الذي مل جيعل من نشاطه مطابقا
للمقاييس القانونية البيئية من الرخصة و ذلك عن طريق سحبها بقرار إداري و يعد من أخطر
65
كما نصت على هذه اآللية املادة 11من املرسوم التنفيذي رقم 93/160املتعلق بتنظيم النفايات
الص ناعية الس ائلة و اليت تنص" :إذا مل ميتثل مالك التجه يزات يف هناية األجل احملدد أعاله ،يق در
الوايل اإليقاف املؤقت لسري التجهيزات املتسببة يف التلوث،حىت غاية تنفيذ الشروط املفروضة ويف
ه ذه احلالة يعلن ال وزير املكلف بالبيئة عن س حب رخصة التص ريف بن اء على تقرير ال وايل وذلك
دون املساس باملتابعة القضائية املنصوص عليها يف التشريع املعمول "(. )1
واس تعمل املش رع نفس اآللية يف املادة 7من املرس وم 93/162ال ذي حيدد الش روط وكيفية
اس رتداد الزي وت املس تعملة ومعاجلتها و يف ه ذه احلالة ميكن س حب االعتم اد ال ذي مينحه ال وزير
املكلف بالبيئة عندما يثبت هتاون أو عدم احرتام االلتزامات املنصوص عليها يف دفرت الشروط .
المطلب الثالث
وقف النشـاط
عادة ما ينصب وقف النشاط على املؤسسات ذات الصبغة الصناعية مما هلا من تأثري سليب
على البيئة خاصة تلك املنبعثة منها اجلزئي ات الكيميائي ة املتن اثرة جويا أو اليت ع ادة ما تك رر زيوتا
شحمية تؤثر بالدرجة األوىل على احمليط البيئي مؤدية إىل تلويثه أو املساس بالصحة العمومية .
-1املادة 11من املرسوم التنفيذي رقم . 93/160الفصل الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية
ويف هذا اجملال نص املشرع اجلزائري على هذه اآللية احلمائية يف املادة 6من املرسوم التنفيذي
رقم 165/ 93املنظم إلف راز ال دخان والغ از و الغب ار وال روائح واجلس يمات الص لبة يف اجلو ":إذا
ك ان اس تغالل التجه يزات ميثل خط را أو مس اوئ أو حرجا خط ريا على امن اجلوار وس المته
ومالءمته أو على الصحة العمومية ،فعلى الوايل أن ينذر املستغل ,بناء على تقرير مفتش البيئة بأن
يتخذ كل التدابري الالزمة إلهناء اخلطر واملساوئ املالحظة وإزالتها ،وإذا مل ميتثل املستغل أو املسري
يف اآلج ال احملددة هلذا اإلن ذار ,ميكن إعالن التوقيف املؤقت لسري التجهيزات كليا أو جزئيا بن اء
على اقرتاح مفتش البيئة بقرار من الوايل املختص إقليميا دون املساس باملتابعات القضائية .)1("...
كما تن اول ق انون املياه رقم 83/17يف مادته ،108املع دل مبوجب األمر 96/13نفس
احلماية وذلك عن طريق إيق اف سري الوح دة املس ببة يف التل وث ،إال أن اإليق اف يأخذ هنا ش كل
66
الط ابع املؤقت إىل حني زوال التل وث وقد نصت ه ذه املادة يف ص لبها على ما ي أيت ( :تق رر
اإلدارة إيقاف سري الوحدة املسؤولة عن التلوث إىل غاية زواله ,عندما يشكل تلوث املياه ,خطرا
على الصحة العمومية أو يلحق ضررا باالقتصاد الوطين )(.)2
نفس املعىن تناولته املادة 25يف فقرهتا الثانية من القانون رقم 03/10املتعلق حبماية البيئة يف
إط ار التنمية املس تدامة " ...إذا مل ميتثل املس تغل يف أجل احملدد ,يوقف سري املنش أة إىل حني تنفيذ
الش روط املفروضة مع اختاذ الت دابري املؤقتة الض رورية مبا فيها اليت تض من دفع مس تحقات
املستخدمني مهما كان نوعها "(.)3
كما نالحظ أن املشرع مل يهمل النص على محاية البيئة وذلك باشرتاطه املوافقة القبلية من
ط رف اجمللس الش عيب البل دي على إنش اء أي مش روع على ت راب البلدية يتض من خماطرا من ش أهنا
إضرار البيئة وهو نص املادة 92من قانون البلدية لسنة ، 1990وتناول نفس اهلدف يف نص املادة
58من القانون 90/09املتضمن قانون الوالية.
67
وهو الشيء الذي جيعل يف رأينا تعقيدا لإلجراءات ،حيث أن عدم التعليق الفوري قد يؤدي
إىل خط ورة األمر وما يؤكد ذلك أن املادة 212حتيلنا على املادة 210لنفس الق انون ه ذه األخ رية
اليت تتناول باب محاية البيئة ,واليت تتطلب عادة عجلة السرعة يف اختاذ األمر .
المطلب الرابع
العقوبةـ الماليـة
لقد سبق القول أن املشرع اجلزائري استحدث آلية جديدة يف قانون املالية 91/25لسنة
1992تتمثل يف الرسم على التل ويث وذلك يف حالة جتاوز املس تغل أو املنش أة للوس ائل الكفيلة
حلماية البيئة وهذه اآللية هلا طابع مايل تساهم من جهة يف اإليرادات العامة ومن جهة ثانية تفرض
ج زاء ماليا على مرتكيب املخالف ات يف حق النظ ام البي ئي وقد ظه رت ه ذه الوس يلة يف خمتلف
األنظمة الدولية بعد انتشار الصناعة بعدما طرحت مشاكل بيئية عديدة و خطرية.
وعادة ما تكون على شكل رسوم مالية على املواد امللوثة وهتدف أساسا هذه الرسوم إىل
إزالة ومعاقبة كل ما تس بب يف التل وث الص ناعي ومن أجل ذلك وض عت ع دة ت دابري الزمة من
أجل معاجلة األخط ار واألض رار أو على األقل التقليص من أثارها وذلك عن طريق اقتن اء األجه زة
لتصفية الغبار والغازات وهذا ما حدث مع العديد من الوحدات الصناعية.
الفصل الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية
-1املادة 212من قانون . 01/01
من ذلك مؤسسة إنت اج اإلمسنت و مؤسسة إنت اج األمسدة اآلزوتية " أس ـ ـ ـ ـ ــميدالـ " حيث اختذ
بش أهنما إج راءات إزالة التل وث متثلت يف تفكيك الوح دة األك ثر تلوثا وتع ديل اإلف رازات الغازية
احململة وكذلك الشأن بالنسبة ملركب احلديد والصلب باحلجار الذي وضع برناجمه يف حيز التنفيذ
وذلك ب الرتميم وتص ليح األف ران العالية احلرارة من أجل تقليص اإلف رازات الغازية احململة بث اين
أكسيد الكربيت وأكسيد اآلزوت(. )1
وقد تضمن قانون املالية لسنة 1992إحداث صندوق الوطين للبيئة يف مادته 189اليت
تفيد أن م وارد الص ندوق تش مل الرسم على النش اطات امللوثة أو اخلط رية على البيئة باإلض افة إىل
حاصل الغرامات الناجتة عن املخالفات للتنظيم املتعلق بالبيئة وكذا التعويضات عن النفقات اخلاصة
مبكافحة التلوث املفاجئ الناتج عن تدفق املواد الكيميائية اخلطرية يف البحر وجماالت الري واملياه
اجلوفية (.)2
68
وب الرجوع إىل نص املادة 117من نفس الق انون جند أن املش رع ح دد ه ذا الرسم
القاع دي بالنس بة للمنش آت املص نفة اخلاض عة إلج راء التص ريح حبوايل 3000دج أما بالنس بة
للمنشآت املصنفة اخلاضعة إلجراء الرتخيص حبوايل 30ألف دج ،أما املنشآت اليت ال تشغل أكثر
من شخصني فقد خفض الرسم القاعدي إىل 750دج .
و العربة من وضع هذه الرسوم هي املوازنة بني املصاحل اخلاصة واملصلحة العامة اليت تقتضي احلفاظ
على الس المة والص حة العامة وحماربة كل أش كال التل ويث وقد أخد ه ذا الرسم من مب دأ املل وث
الدافع " " pollueur payeur وهو مبدأ اقتصادي principe économiqueألن ضبط قيمة هذا
الرسم تس مح بوضع سياسة مالية ملكافحة التل ويث وتقليل من أث اره وعليه فله فعالية قد تنتهي إىل
.
ظهور سوق التلويث )marché de la pollution(3
وخالصة الق ول ف إن احلماية اإلدارية ل ديها وظيفة أساس ية يف مراقبة الت وازن البي ئي وقد مسح هلا
املش رع الت دخل مبج رد دق ن اقوس اخلطر ال داهم قبل وقوعه وذلك بتوجيهه اإلن ذار من ط رف
املص احل املؤهلة للمس تغل أو بعد ح دوث اخلطر بتوقيفه عن طريق س حب الرخصة أو توقيف
املنشأة كليا أو جزئيا .
المبحث الثاني
الجزاء الـمدني
لقد سبق القول أن تطور احلياة االقتصادية والعلمية النامجة عن توسيع استخدام اآلالت
واملواد املض رة قد ش كل عائقا كب ريا أم ام تف اقم األزمة البيئية اليت يعيش ها اإلنس ان حاليا مما دعى
باملشرع يف كل الدول أن يتدخل حماوال منه إجياد صيغة قانونية إلعادة هذا التوازن البيئي بدءا من
اس تعماله آللية احلماية اإلدارية ،لكن مل يكتفي هبذا فقط بل أدخل نوعا جدي دا من احلماية املدنية
هذه األخرية تأخذ طابعا خاصا عن املفهوم التقليدي للمسؤولية املدنية يف القانون املدين ،لذا جيب
أوال حتديد عناصر الضرر البيئي لتحديد املسؤولية ومن مت حتديد نوع التعويض املنجر عنه.
المطلب األولـ
69
خصائص الضرر البيئي
ذهب العديد من الفقهاء الفرنسيني أن الضرر البيئي له صفات خصوصية جتعله خيتلف عن
تعويض األضرار اليت تنطبق عليها القواعد العامة للمسؤولية املدنية(. )1
وب الرجوع إىل قواعد املس ؤولية املدنية يف التش ريع اجلزائ ري ،فخص ائص الض رر قد يك ون
مباشرا أو غري مباشرا ،متوقعا أو غري متوقعا وقد نصت املادة 124من القانون املدين اجلزائري على
" كل عمل أيا ك ان ،يرتكبه املرء ( خبطئ ه) ويس بب ض ررا للغري يل زم من ك ان س ببا يف حدوثه
بالتعويض"(. )2
والس ؤال املط روح :هل جتد ه ذه املادة تطبيقاهتا على األض رار اليت تص يب البيئة ؟ ي رى
األستاذ Goulloud Renaldأن للضرر البيئي أهم خاصية فيه هو مساسه باحمليط الطبيعي بطريق
غري مباشر ومجاعي مما يطرح إشكالية وضع مقاييس التعويض عنه،كما أن القواعد العامة للتعويض
يف حالة القيام املسؤولية املدنية حتتوي على أحكام قليلة مقارنة بطبيعة هذا الضرر(.)3
وتتمثل خصائص هذا الضرر كونه غري شخصي من جهة وضرر غري مباشر من جهة أخـرى
باإلضافة إىل أنه ضرر من طبيعة خاصة.
-1املسؤولية املدنية النامجة عن أضرار التلوث الصناعي يف القانون اجلزائري ،وعلي مجال ،رسالة املاجستري ،جامعة تلمسان
. 2003-2002
الفصل الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية -2املادة 124من القانون املدين .
.Sousse marcel.OpCit-3
الفرع األولـ
الضرر البيئي ضرر غيرشخصي
ويقصد بذلك أن الضرر يتعلق باملساس بشيء ال ميلكه شخص معني وإمنا مستعمل من
قبل اجلميع دون اس تثناء ،إذ جند أن أغلب التش ريعات تعطي للجمعي ات البيئية حق التمثيل
الق انوين للحد من االعت داءات البيئية وه ذا ما انتهجه املش رع اجلزائر يف الرتس انة القانونية البيئية
ن ذكر منها املواد -37-36-35من الق انون رقم 03/10املتعلق حبماية البيئة يف إط ار التنمية
املس تدامة ف أتى نص املادة 36مبا يلي " :دون اإلخالل باألحك ام القانونية الس ارية املفع ول ميكن
للجمعيات املنصوص عليها يف املادة 35أعاله رفع الدعوى أمام اجلهات القضائية املختصة عن كل
مساس بالبيئية ،حىت يف احلاالت اليت ال تعين األشخاص املتسببني هلا بانتظام"(.)1
70
وهذا ما يؤكد أن الضرر الذي ميس البيئة ضرر غري شخصي لذا متاشى املشرع اجلزائري مع
فكرة إعطاء اجلمعيات حق التمثيل القانوين والقضائي ضد املتسبب يف ذلك ،كما نصت املادة 08
من الق انون الس الف ال ذكر على أنه يتعني على كل ش خص ط بيعي أو معن وي وحبوزته معلوم ات
ح ول حالة م ؤثرة على الت وازن البي ئي وم ؤثرة على الص حة العمومية تبليغها إىل الس لطات احمللية
و /أو السلطة املكلفة بالبيئة ألن الضرر هنا ال ميس مصلحة الفرد كفرد وإمنا ميس املصلحة الوطنية
ككل.
الفرع الثانيـ
الضرر البيئي ضرر غير مباشر
حيل هذا النوع من الضرر بالوسط الطبيعي ،وكثريا ما ال ميكن إصالحه عن طريق
إع ادة احلالة إىل أص لها كما هو معم ول به أصال يف قواعد املس ؤولية املدنية أوما يع رف ب التعويض
العيين ومن األمثلة الشهرية يف جمال اعتبار الضرر البيئي غري مباشر جمال املوارد املائية إذ غالبا عندما
متس بشكل من أشكال الثلوت الصناعي يصعب تقنيا إعادة احلالة إىل أصلها.
ـــــــــ
-1املادة 36من القانون . 03/10
الفصل الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية
الفرع الثالث
الضرر البيئي ذوطبيعة خاصة
إن الضرر البيئي له طبيعة خاصة ألنه الميس اإلنسان فقط يف حد ذاته وإمنا هذا األخري
جزء من الوسط الذي يعيش فيه وكثريا ما يتعداه ليمس الثروة احليوانية ،النباتية وممتلكات ثقافية
سواء مادية منقولة أو عقارية حبكم طبيعتها.
وه ذا مانصت عليه املادة 29من ق انون " 03/10تعترب جماالت حممية وفق ه ذا الق انون ،املن اطق
اخلاضعة إىل األنظمة اخلاصة حلماية املواقع واألرض والنبات واحليوان واألنظمة البيئية وبصفة عامة
(.)1
كل املتعلقة حبماية البيئة "
المطلب الثانيـ
أنواع التعويض عن الضرر البيئي
71
إذا ك ان أس اس التع ويض عن الض رر البي ئي مقتبس من املواثيق الدولية اليت تعطي
لألش خاص حق التمتع والعيش يف بيئة س ليمة إال أن املس اس هبا جيعل التع ويض قائما ضد مرتكيب
املخالفة ،فأس اس التع ويض هنا ال يقوم على اخلطأ ب املفهوم التقلي دي لقواعد املس ؤولية املدنية وإمنا
يرتكز على الض رر يف حد ذاته وتغطيت ه ،وه ذا ما يع رف مبب دأ املل وث ال دافع املنص وص عليه يف
الب اب األول حتت عن وان األحك ام العامة 03/10ال ذي عرفه مبا يلي :هو املب دأ ال ذي يتحمل
مبقتضاه كل شخص يسبب نشاطه أو ميكن أن يتسبب يف إحلاق الضرر بالبيئة ،نفقات كل تدابري
الوقاية من الثلوت والتقليص منه وإعادة األماكن وبيئتها إىل حالتها األصلية .
ويف ه ذا اجملال جند أن اجلزائر انض مت إىل اتفاقية برش لونة اخلاصة حبماية البحر األبيض املتوسط
()2
من الثلوت املربمة يف 16فرباير . 1976
وكذلك اتفاقيات بروكسل اخلاصة باملسؤولية املدنية يف حالة التلوث البحري و األضرار النامجة
عن التلوث باحملروقات (. )1
لذا ميكن لنا أن نصنف هذه األنواع إىل :
الفرع األولـ
التعويض العيــني
وهو التعويض الذي يطالب به الضحايا غالبا و ذلك استنادا لنص املادة 691من القانون املدين اليت
تنص على إعادة احلالة إىل أصلها كما جيوز طلب إزالة هذه املضار إذا جتاوزت احلد املألوف و
على القاضي أن يراعي يف ذلك العرف و طبيعة العقارات و يكون إعادة احلالة إىل أصلها عن
طــريق غلق املنشأة امللوثة أو إعادة تنظيمها لكي تتماشى مع القوانني البيئية ويف حالة تعسف
. صاحب احلق ميكن للقاضي إرغامه عن طريق الغرامة التهديدية .
72
ومما تقدم خنلص أن القاضي املدين ميلك سلطة واسعة متكنه من األمر بإصالح ألضرار النامجة عن
األنشطة الصناعية امللوثة .
الفرع الثاني
التعويض النقديـ
ما يالحظ يف نص املادة 691من القانون املدين أهنا و لو مسحت بإزالة األضرار و إعادة
احلالة إىل أصلها إال أهنا مل تنص على حق اجلار املتضرر يف املطالبة بالتعويض النقدي ،فقد يصاب
اجلار من فعل املنشأة بأضرار جسمانية مثلما حدث يف املنشأة الصناعية اخلاصة باإلمسنت بعنابة إذ
أص يب ع دد من املواط نني مبرض الربو ،فه ذا املرض يس تلزم اختاذ ت دابري عالجية تض طر باملص اب
دفع مب الغ باهظة للعالج أو ت ؤدي ه ذه الغ ازات الس امة إىل اإلض رار باحملاص يل الزراعية ل ذا ف إن
احلل األمثل هو التعويض النقدي ألنه يف مثل هذه احلاالت يستحيل إعادة احلالة إىل أصلها
ــــــــ
-1أنظر األمر 72/17املتعلق مبص ادقة اجلزائر على االتفاقية الدولية اخلاصة باملس ؤولية املدنية النامجة عن التل وث الب رتويل
،املنعقدة يف بروكسل ج رع 53 :لـ . 04/08/1972الفصل الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية
ويعترب التع ويض النق دي القاع دة العامة يف املس ؤولية التقص ريية ل ذلك يش مل التع ويض عن الض رر
املادي و املعن وي و يتغري مبلغ التع ويض حبسب طبيعة الض رر ل ذا ف إن للقاضي س لطة واس عة يف
تق دير ه ذا التع ويض ،و من الط رق اليت يلجأ إليها القاض ي ،إما التق دير الوح دوي أي تق دير مثن
كل عنصر و ذلك باالس تعانة جبداول رمسية و هو النظ ام املعتمد يف الوالي ات املتح دة األم ريكي
وإما التق دير اجلزايف و هو التق دير الع ام املعتمد ع ادة هنا يف اجلزائر ويرتكز القاضي فيه على تقرير
اخلربة الذي حيدد العجز اجلزئي الدائم و العجز املؤقت .
وعادة ما يكون التعويض جزء من املسؤولية اجلنائية إذ ميكن للمتضررين أن يتأسسوا كأطـراف
مدنية بالتبعية لل دعوى العمومية و يف ه ذا الس ياق نصت املادة 157مك رر 1من األمر 96/13
املع دل و املتمم للق انون رقم 83/17املتض من ق انون املي اه ،على... " :و يف ه ذا الش أن ميكن أن
تـتأسس كط رف م دين أم ام اجله ات القض ائية املختصة اليت رفعت أمامها املتابع ات إثر املخالفة
املرتكبة ".
73
الفصل الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية
المبحث الثالث
الجزاء الجنــائي
مل يكتف املش رع اجلزائ ري باحلماية املق ررة مبوجب أحك ام الق انون اإلداري،و ال تلك
احلماية املنص وص عليها يف أحك ام الق انون املدين بل ذهب إىل أبعد من ذلك و أقر احلماية اجلنائية
للبيئة من خالل وضع ج زاءات جنائية تطبق يف حالة خمالفة القواعد القانونية املنص وص عنها يف
خمتلف النصوص املتعلقة حبماية البيئة .
فلمواجهة املشاكل املرتبطة بالبيئة يقتضي تنفيذ القوانني املتعلقة هبا ،و ذلك من خالل وضع قواعد
جنائية تق وم عليها محاية البيئة ،أي حتديد القواعد اليت البد من احرتامها ألجل محاية البيئة من
جهة ،و من جهة أخرى املعاقبة على خمالفتها(.)1
فإذا كان االعتداء على البيئة سواء باإلجياب أو السلب يشكل جرمية فذلك كونه يهدد
سالم اجملتمع و أمنه و سكينته لذلك رتب القانون على هذا االعتداء عقوبة و حىت و إن كان هذا
األخري ينصب هنا على البيئة و ليس على الفرد مباشرة .
لذلك هناك جانب من الفقه عرف اجلرمية البيئية بأهنا " :خرق اللتزام قانوين حلماية البيئة "( )2فهي
ب ذلك تش كل اعت داء غري مش روع على البيئة باملخالفة للقواعد النظامية اليت حتظر ذلك االعت داء
وبيان العقوبات املقررة هلا .
74
إن املشرع اجلزائري من خالل النصوص القانونية املتعلقة حبماية البيئة اعتمد على القواعد
املنصوص عنها يف قانون العقوبات و هكذا وصفت األفعال اجملرمة باملخالفات أو اجلنح و يف بعض
األحيان باجلنايات و هو نفس التقسيم املعتمد يف التشريعات املقارنة ،أما بالنسبة للعقوبات املقررة
فإهنا أتت هي األخرى متماشية مع ما تضمنه قانون العقوبات اجلزائري من جزاءات .
و هك ذا أق رت جل النص وص العقابية يف جمال محاية البيئة عقوبيت احلبس أو الغرامة أو احلبس
والغرامة معا أو السجن مع بعض التدابري االحرتازية.
()3 -1الغ وثي بن ملحة ،محاية البيئة يف التش ريع اجلزائ ري ،اجمللة اجلزائرية للعل وم القانونية االقتص ادية والسياس ية ،الع دد
لسنة ،1994ص .722
جامعة امللك اإلجراءات ابع
القانونية االتفاقية ،مط الوطنية و
مخالفة الثاني:الجزاءاتيف األنظمة
المترتبة علي الفصل دراسة تأص يلية
-2أمحد عبد الك رمي س المة ،ق انون محاية البيئة ،
سعود ،السعودية ،طبعة ، 1997ص . 21
و هو كما يرى البعض مسلك تقليدي كون أن املشرع اجلزائري مل يتبع سياسة جنائية حديثة يف
جمال جترمي االعت داءات على املكون ات البيئية ب الرغم من أن الفرصة ك انت متاحة لوضع ج زاءات
بديلة تتماشى و السياسة اجلنائية احلديثة .
و كونه يتعارض مع اخلصوصية اليت تتميز هبا البيئة و اليت تعد ضحية من نوع خاص و هذا نتيجة
ك ون الض رر البي ئي يظهر بف رتة متباع دة عن ت اريخ ارتك اب اجلرمية مما يص عب مس الة حتديد
()1
الشخص املسؤول عن ذلك .
المطلب األول
تقسيم الجرائم الماسة بالبيئة
املشرع اجلزائري فيما خيص اجلزاء اجلنائي اعتمد على القواعد املنصوص عنها يف قانون العقوبات
من جهة و على القواعد املنص وص عليها يف التش ريعات البيئية من جهة أخ رى ،و ه ذه اجلزاءات
هلا أمهية مقارنة بتلك املنص وص عنها يف ق انون العقوب ات و اليت تكمن يف جتس يدها الفعلي ملب دأ
احملافظة على حق وق اإلنس ان الس يما حق العيش يف بيئة س ليمة ختلو من كافة ص ور التل وث
واألم راض املختلفة ،و هو يف نفس ال وقت يعد حقا دس توريا نصت عليه خمتلف دسـاتري دول
العامل (. )2
75
فحسب ق انون البيئة ( )3ك رس املش رع محاية جنائية لكل جمال ط بيعي ،فمنع االعت داء
أواملس اس ب التنوع ال بيولوجي ،و البيئة اهلوائية و املائية و ك ذلك البيئة األرض ية و احملمي ات إىل
ج انب املس احات الغابية ( )4و ذلك من خالل نص وص تش ريعية متنوعة تض منت أحكاما جزائية
تطبق بشأن املخالفني هلا ،مع عدم خروجها عن املسلك املتبع ضمن قانون العقوبات يف مادته 25
اليت تقسم اجلرائم إىل ثالثة أنواع :جنايات ،جنح و خمالفات .
-1عبـد الالوي ج واد ،احلماية اجلنائية للبيئة ،دراسة مقارنة ،م ذكرة لنيل ش هادة املاجس تري يف احلق وق ،كلية احلق وق جامعة
أيب بكر بلقايد ،تلمسان ، 2005-2004،ص . 8
- 2الدستور اجلزائري ساير كال من الدستورين الفرنسي و املصري يف عدم النص صراحة على ذلك .
التنمية املستدامة .
الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية -3القانون رقم 03/10املتعلق حبماية البيئة يف إطارالفصل
-4القانون رقم 84/12املتعلق بالنظام العام للغابات ،املعدل بالقانون . 91/05
الفرع األول
الجنــاي ــات
يعد قانون العقوبات القانون األساسي للسياسة اجلزائية يف التشريع اجلزائري و جند فيه
جمموعة من النص وص اخلاصة املص نفة يف القسم األول و هي اجلناي ات ،يف حني ه ذا الن وع من
اجلرائم مل يذكره املشرع اجلزائري يف القانون األساسي حلماية البيئة (. )1
يف حني جند بعض النصوص التشريعية املتعلقة بالبيئة جترم بعض األفعال و تصنفها ضمن اجلنايات
فعلى سبيل املثال بالنسبة للقانون املتعلق بتسيري النفايات و مراقبتها و إزالتها ( ، )2و القانون املتعلق
بالص حة (، )3و الق انون البح ري ( ، )4وه ذه اجلرمية كما ذكرنا س ابقا جند بعض تطبيقاهتا يف
نص وص ق انون العقوب ات اجلزائ ري ،فاملش رع أقر حبماية البيئة جنائيا من اإلعت داءات النامجة عن
أعمال إرهابية ،و ذلك من خالل نص املادة 87مكرر من قانون العقوبات اليت جرمت اإلعتداء
على احمليط و ذلك بإدخ ال م واد س امة أو تس ريبها يف اجلو أو يف ب اطن األرض أو إلقائها يف مي اه
من شأهنا أن جتعل صحة اإلنسان أو احليوان أو البيئة الطبيعية يف خطر فهي أعمال تستهدف اجملال
البي ئي ،ك ذلك الق انون رقم 83/17املع دل ب األمر 96/13املادة 149منه تع اقب كل من أتلف
عمدا منشآت املياه طبقا ألحكام املادة 406من قانون العقوبات .
76
و اجلرائم ضد البيئة اليت تأخذ وصف اجلناي ات تتحقق بت وافر األرك ان الثالث التقليدية ألية جرمية
ال ركن الش رعي ،ال ركن املادي مث أخ ريا ال ركن املعن وي ،إال أن الطبيعة اخلاصة للبيئة حمل احلماية
جتعل من هذه األركان تتميز بصفات خاصة تعكس خصوصية هذه اجلرمية .
77
-1الفعل اإلج رامي و يتمثل يف قي ام الش خص بكل إرادته و دون أي إك راه بفعل س لوك إجيايب
حمضور قانونا بغرض إتالف املوارد البيئية .
-2الضرر الناجم عن السلوك و املتمثل يف إتالف املوارد البيئية أو هالك األموال أو تدمريها .
-3العالقة السببية اليت تربط بني الفعل اإلجرامي و النتيجة .
ثالثا:الركنـ المعنوي :
و هو القصد اجلن ائي العم دي ،أي اجتاه نية الش خص إىل اإلض رار هبذه املوارد و املمتلك ات و
تعريض صحة اإلنسان أو احليوان للخطر .
-1وهو القانون رقم 83/17املؤرخ يف 16يوليو ، 1983املعدل باألمر 96/13املؤرخ يف 15يونيو .1996
الفصل الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية
الفرع الثاني
الجنـ ـحـ
جل النصوص التشريعية املتعلقة بالبيئة تعاقب على خمالفة أحكامها باحلبس أو الغرامة
أوبإحدامها فقط ،فتعد بذلك جنح أو خمالفات ،فمن خالل قراءة نصوص القانون املتعلق حبماية
البيئة يف إطار التنمية املستدامة ( ، )1و القوانني األخرى اليت هلا عالقة حبماية البيئة (. )2
فاجلرمية البيئية تتحقق بتوفر أركاهنا الثالث ،الركن الشرعي ،الركن املادي ،الركن املعنوي ،إال
أن الطبيعة اخلاصة للبيئة حمل احلماية جتعل من ه ذه األرك ان تتم يز بص فات خاصة تعكس
خصوصية هذه اجلرمية .
أوال :الركن الشرعي:
ال ركن الش رعي يف اجلرمية البيئية املوص وفة جنحة خيلق بعض الص عوبات نتيجة ك ثرة التش ريعات
من جهة و من جهة أخ رى الط ابع التقين الغ الب على الق انون البي ئي يف حد ذاته ،فه ذا ال ثراء
التشريعي نلمسه على املستوى الداخلي و جنده جمسدا كذلك على الصعيد الدويل من خالل العدد
اهلائل لالتفاقي ات و املعاه دات الدولية املكرسة حلماية البيئة ،إال أن له من جهة أخ رى ج انب
إجيايب كونه يغطي مجيع جماالت البيئة و يش ملها باحلماي ة ،وعلى ه ذا يك ون املش رع قد ج رم
78
االعت داء أواملس اس ب التنوع ال بيولوجي و البيئة اهلوائية و املائية و ك ذلك البيئة األرض ية على النحو
التاىل :
79
-3حماية البيئة الثقافية:ـ
فاحلماية ك ذلك تش مل البيئة الثقافية كاآلث ار التارخيية مث امت دت لتش مل ك ذلك النهج املعم اري
()5
داخل املدن
-4حماية البيئة من المضار األخرىـ :
كحمايتها من النشاطات امللوثة وذلك عن طريق وضع مواصفات تقنية حمددة .
80
ف إىل ج انب الس لوك اإلج رامي البد من ت وافر عالقة س ببية بني فعل اجلانح والض رر البي ئي
(النتيجة) ملتابعة اجلانح عن أفعاله.
ثالثا:الركنـ المعنوي:
أغلب النص وص البيئية ال جندها تشري إىل ال ركن املعن وي مما جيعل أغلب اجلرائم البيئية ج رائم
مادية تس تخلص احملاكم ال ركن املعن وي فيها من الس لوك املادي نفس ه،وتكتفي النيابة العامة
بإثب ات ال ركن الش رعي واملادي للجرمية لينجم عن ذلك قي ام مس ؤولية املتهم ،فلقد مت متديد
قاع دة ع دم ضرورة إثبات وجود اخلطأ اجلنائي من مادة املخالف ات واليت تعد كثرية يف اجملال
البيئي فال جند يف النصوص البيئية ما يشري إىل ضرورة توفر قصد ارتكاب هذه اجلرائم(.)2
-1املادتني 04و 05من املرسوم التشريعي رقم 94/16املتعلق بشروط ممارسة أعمال حراسة االموال و املواد احلساسة و نقلها
الفصل الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية -2عبد الالوي جواد ،مرجع سابق ،ص . 34
الفرع الثالث
المخالفـ ــات
تعد املخالف ات كث رية يف اجملال البي ئي فلقد وردت ه ذه اجلرائم يف العديد من
النص وص القانونية اخلاصة حبماية البيئة ،بل أغلب اجلزاءات املق ررة ملخالفة أحك ام ه ذه
النصوص تعد جنح وخمالفات(.)1
واملخالفة يف اجلرائم البيئية تتحقق بتوفر أركاهنا.
أوال :الركن الشرعي:ـ
فاملشرع اجلزائري وضع نصوص حلماية البيئة وأقر جزاءات على خمالفة أحكامها ،فشمل مجيع
اجملاالت البيئية باحلماية (، )2وما قيل عن اجلنح يق ال ك ذلك عن املخالف ات ،فمن خالل ه ذه
النص وص منع االعت داء أو املس اس ب التنوع ال بيولوجي والبيئة اهلوائية واملائية وك ذلك األرض ية
وحىت الثقافية .
ثانياـ :الركن المادي:
ال ذي قد يك ون يف ش كل س ليب كحالة امتن اع ش خص عن تق دمي مس امهته يف حالة حرائق
()3
الغاب ات أوامتناعه عن تط بيق األحك ام ال واردة يف ق انون محاية البيئة أو النص وص املتعلقة به
81
أو قد يك ون الس لوك يف ص ورة عمل إجيايب ،ك ذلك يف حالة س وء التص رف أو الرعونة أو
الغفلة أو اإلخالل بالقوانني واألنظمة اليت حتكم اجملال البيئي (.)4
ويتحقق هذا النوع من اجلرائم بوجود سلوك إجرامي لفعل حيضره القانون و وجود العالقة
السببية بني الفعل اجملرم والنتيجة اليت تتحقق.
ثالثا:ـ الركن المعنوي:
فالق انون اجلن ائي البي ئي نتيجة كونه يتش كل من جنح وخمالف ات تنجم عن جمرد خ رق
التنظيمات واللوائح البيئية يف الغالب فإننا يف كثري من األحيان نكون أم جرمية بيئية غري عمدية
-1فعلى سبيل املثال جند أن كل اجلزاءات املقررة يف القانون رقم 84/12املتضمن النظام العام للغابات تعد خمالفات ،انظر
ا املواد من ( 72إىل ) 87منه .
الفصلسابقا .
الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية -2أنظر النصوص القانونية املتعلقة حبماية البيئة املشار إليها
-3على سبيل املثال املادة 75من القانون املتعلق بالغابات.
مما يؤكد لنا م دى ض عف ال ركن املعن وي يف ه ذه اجلرمية ،إىل ج انب ذلك ف إن النص وص
القانونية املتعلقة بالبيئة ال تكاد تنص على هذا الركن خبالف قانون العقوبات(.)1
المطلب الثاني
العقوبات المقررة للجرائم الماسة بالبيئة وتدابير األمن المتخذة للوقاية منها
العقوبات املقررة ملواجهة اجلرمية املرتكبة يف حق البيئة جاءت متماشية مع ما تضمنه
قانون العقوبات ،وهكذا أقرت النصوص العقابية يف جمال محاية البيئة عقوبات كجزاء للجرائم
املرتكبة وهذه العقوبات قد تكون أصلية أو تبعية أو تكميلية أو مها معا ،إىل جانب العقوبات
تضمنت قوانني محاية البيئة بعض التدابري االحرتازية أو تدابري األمن ذات اهلدف الوقائي (.)2
الفرع األولـ
العقوبات المقررة لقمع الجرائمـ الماسة بالبيئة
العقوبة اجلزائية تتخذ شكل جزاء يوقع على النفس أو احلرية أو املال وهي عبارة عن
" رد فعل اجتم اعي على انته اك قاع دة قانونية جنائية ينص عليها الق انون ،وي أمر هبا القض اء
وتطبقها السلطات العامة ،وتتمثل يف تقييد حميط احلقوق الشخصية للمحكوم عليه"(.)3
والعقوبة قد تكون أصلية أو تبعية كما قد تكون تكميلية :
82
أوال :العقوبات األصلية :
وهي أربعة أنواع نص عليها املش رع اجلزائ ري :اإلع دام ،الس جن ،احلبس والغرامة وتعكس لنا
هذه العقوبات خطورة اجلانح ونوع اجلرمية املرتكبة ،جناية أو جنحة أو خمالفة .
-1على س بيل املث ال املادة 75من ق انون الغاب ات اليت تع اقب على اس تغالل املنتج ات الغابية أو نقلها ب دون رخصة
ب احلبس من 10اي ام اىل 2ش هرين ،و ك ذلك املادة 76من نفس الق انون الىت تع اقب على اس تخراج او رفع ب دون
رخصة لألحجار او الرمال ...ىف األمالك الغابية ألغراض االستغالل بدون رخصة ...
-2املادة 04من ق انون العقوب ات تنص على انه ( يك ون ج زاء اجلرائم بتط بيق العقوب ات و تك ون الوقاية منها باختاذ
تدابري امن .
،صر،طبعة 1990
القانونية اب،اجلزائ
اإلجراءات عليللكت
مخالفة الوطنية ة،املؤسسة
المترتبة الفصل،دراسة مقارن
الثاني:الجزاءات -3عبد اهلل س ليمان،النظرية العامة للت دابري االحرتازية
.63
-1عقوبة اإلعدام :
رغم اجلدل الكبري ال دائر ح ول ه ذه العقوبة فإننا ميكننا الق ول بأهنا تعكس خط ورة األفع ال
املرتكبة حبيث ال يرجى إعادة تأهيل الشخص املقرتف هلا.
املشرع اجلزائري ال يزال حيتفظ هبذه العقوبة ملواجهة بعض اجلرائم اخلطرية ،فنص
عليها يف القانون البحري حيث يعاقب باإلعدام كل ربان سفينة جزائرية أو أجنبية ألقى عمدا
نفايات مشعة يف املياه التابعة للقضاء الوطىن(.)1
كذلك نص عليها املشرع اجلزائري يف قانون العقوبات حيث تعاقب املادة 87مكرر 1
منه باإلعدام كل فعل إرهايب أو خترييب غرضه اإلعتداء على احمليط أو إدخال مادة أو تسريبها
يف اجلو أو يف ب اطن األرض أو إلقائها يف املي اه مبا فيها اإلقليمية واليت من ش أهنا جعل ص حة
اإلنسان أو احليوان أو البيئة الطبيعية يف خطر .
ونص عليها ك ذلك يف املادة 151من ق انون املي اه(، )2يف حالة تل ويث املي اه واليت تنجم
()4
.عنها وفاة وكذلك املادة 248من قانون الصحة (،)3و املادة 403من قانون العقوبات
-1عقوبة السجن :
هي تلك العقوبة املقيدة للحرية وتأخذ صورتان ،سجن مؤبد وسجن مؤقت.
83
ومن النص وص اليت أش ار فيها املش رع لعقوبة الس جن املؤقت ما تض منه ق انون
العقوب ات يف املواد 396/3، 432/2و، 4فاملادة األوىل تع اقب اجلن اة ال ذين يعرض ون أو يض عون
لل بيع أوي بيعون م واد غذائية أو طبية فاس دة بالس جن املؤقت من عشر ( )10إىل عش رين ()20
س نة إذا تس ببت تلك املادة يف م رض غري قابل للش فاء أو يف فقد اس تعمال عضو أو يف عاهة
مستدمية .
-1املادة 500من اآلمر 76/80املعدلة باملادة 42من القانون رقم 98/05املتضمن القانون البحري .
-2املادة 151من قانون املياه أحالت على املادة 432من قانون العقوبات ،هذه األخرية تعاقب يف فقرهتا الثالثة اجلاين
باإلعدام إذا تسببت تلك املادة يف موت شخص أو عدة أشخاص .
-3تعاقب املادة 248من قانون الصحة باإلعدام ،إذا كان طابع إحدى املخالفات املنصوص عليها يف املادتني 243و
244خمال بالصحة املعنوية للشعب اجلزائري .
وص اجلرائم املنص
القانونية ارتك اب
اإلجراءات علي من
مخالفة المترتبةأك ثر
الثاني:الجزاءاتخص أو
الفصلإذا نتجت وف اة لش
-4تع اقب املادة 403من ق انون العقوب ات باإلع دام
عليها يف املادة 401منه .
واملادة الثانية فهي تع اقب بالس جن املؤقت من عشر س نوات إىل عش رين س نة كل من وضع
النار عمدا يف غابات أو حقول مزروعة أو أشجار أو أخشاب...اخل.
ونص ك ذلك املش رع على عقوبة الس جن يف املادة 66من الق انون رقم 01/19املتعلق بتس يري
النفايات ومراقبتها وإزالتها (.)1
-1عقوبة الحبس :
وهي األخرى عقوبة مقيدة للحرية ،وتطبق إذا كنا بصدد جنحة أو خمالفة فجل النصوص
العقابية يف جمال محاية البيئة تعترب إما جنح أو خمالف ات وبالت ايل ف إن عقوبة احلبس نصت عليها
كل األحكام اجلزائية اليت تضمنتها النصوص التشريعية املتعلقة بالبيئة ومن ذلك ما تضمنه قانون
محاية البيئة يف إط ار التنمية املس تدامة (، )2ك ذلك ما نص عليه الق انون املتعلق بتس يري النفاي ات
()5
ومراقبتها وإزالتها ( )3وما تض منه الق انون املتعلق حبماية الس احل ( )4والق انون املتعلق بالص يد
وما نص عليه الق انون املتعلق حبماية ال رتاث الثق ايف ( )6إىل ج انب نص وص أخ رى س بق التط رق
إليها.
84
()5 وعقوبة احلبس حددها املشرع بني 10أيام و ( )5سنوات يف قانون محاية البيئة وقد تقل إىل
أ أي ام يف بعض ج رائم االعت داء على النظ ام الغ ايب وح ددها بني ( )3أش هر وس نتني ( )2يف ق انون
ح محاية الساحل مع مضاعفة العقوبة يف حالة العود.
م -1املادة 66نصت ( على انه يعاقب بالسجن من 5سنوات إىل 8سنوات و بغرامة مالية من 1مليون دينار إىل 5
ماليني دين ار أو بإح دى ه اتني العقوب تني فقط كل من اس تورد النفاي ات اخلاصة اخلط رية أو ص درها أو عمل على عبورها م
خمالفا بذلك أحكام هذا القانون .
-2الق انون رقم 03/10املتعلق حبماية البيئة ،املواد من ( 81إىل ) 84/2و املواد ،99، 90،93،94و 100و ك ذا ا
املواد من 102إىل 108منه .
– 3القانون رقم 01/19املتعلق بتسيري النفايات ،املواد من ( 60اىل .) 65
– 4القانون رقم 02/02املتعلق حبماية الساحل ،املواد من 49 ،41،43، 40منه .
– 5القانون رقم 04/03املتعلق بالصيد ،املواد 98 ، 95، 92، 90 ، 86 ، 85منه.
– 6القانون رقم 98/04املتعلق حبماية الرتاث الثقايف ،املواد 101 ، 96 ، 95منه.
الفصل الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية
-4عقوبة الغرامة:
فهي عقوبة ال تصيب الشخص يف نفسه وال يف حريته وإمنا تتعلق بثروته املالية واليت غالبا
ما تؤول إىل خزينة الدولة .
ومن خص ائص ه ذه العقوبة أهنا قد ت أيت يف ش كل عقوبة أص لية مق ررة على الفعل اجملرم من
ذلك ما نصت عليه املادة 82من ق انون محاية البيئة يف إط ار التنمية املس تدامة اليت تع اقب كل
خمالفة ألحك ام املادة ( )40منه بعقوبة الغرامة من عش رة آالف دين ار ( 10.000دج) إىل مائة
ألف دينار ( 100.000دج)
كذلك ما نصت عليه املادة 84من نفس القانون اليت تعاقب كل شخص خالف أحكام املادة
47منه بالغرامة من 5000إىل 15000دج ،وما نصت عليه ك ذلك املادة 97من إقرارها
لعقوبة الغرامة فقط على كل رب ان س فينة تس بب بس وء تص رفه أو رعونته أو غفلته أو إخالله
بالقوانني واألنظمة يف وقوع حادث مالحي جنم عنه تدفق مواد تلوث املياه اخلاضعة للقضاء
اجلزائري .
85
وقد تأيت يف شكل عقوبة تبعية إضافة إىل عقوبة أخرى ويف هذه احلالة إما أن تأيت بالتبعية
لعقوبة الس جن أو بالتبعية لعقوبة احلبس،واملتص فح للق وانني املتعلقة بالبيئة جيد أنه يف معظم
األحيان تكون الغرامة بالتبعية لعقوبة احلبس.
وما يالحظ أن املشرع يتشدد يف اجلرائم اليت هتدد البيئة البحرية نظرا خلطورهتا واليت
من شأهنا أن تؤدي إىل تلويث أو إفساد الوسط البحري واملياه والسواحل وجند ذلك جمسدا يف
املادة 99من ق انون محاية البيئة يف إط ار التنمية املس تدامة اليت تع اقب كل من خ الف أحك ام
املادة )1( 57منه بغرامة من ملي وين دين ار ( 000.000,00 2دج) إىل عش رة ماليني ديــنـار (
10 000.000،00دج) إذا جنم عن ذلك صب حمروق ات أو م زيج من احملروق ات يف املي اه
اخلاض عة للقض اء اجلزائ ري ،وإذا مل ينجم عن ذلك صب حمروق ات أو م زيج من احملروق ات
فيعاقب حسب املادة 98بغرامة وحدها تصل إىل 1مليون دينار.
-1املادة 57من قانون محاية البيئة ،تنص على أنه يتعني ( على كل ربان السفينة حتمل بضائع خطرية أو سامة أو ملوثة
شانه اإلجراءات و من
القانونية يقع يف مركبته مالحي
مخالفة حادثعلي الثاني:الجزاءاتكل
المترتبة داخلها ،أن يبلغ عن
و تعرب بالقرب من املياه اخلاضعة للقضاء اجلزائري أوالفصل
إن يهدد بتلويث أو إفساد الوسط البحري و املياه و السواحل الوطنية .
وكذلك املواد 90و 93من نفس القانون .
وهناك من يرى بأن الغرامة تعد أجنح عقوبة نتيجة كون أغلب اجلاحنني البيئيني هم
من املس تثمرين االقتص اديني والل ذين يت أثرون كث ريا هبذا الن وع من العقوب ات إىل ج انب ك ون
(
أغلب اجلرائم البيئية هي جرائم نامجة عن نشاطات صناعية هتدف إىل حتقيق مصلحة اقتصادية
.)1
ثانياـ :العقوباتـ التبعية والتكميلية:
تأيت يف الدرجة الثانية بعد العقوبات األصلية وهي :
-1العقوبـ ـ ــاتـ التبعية :نصت عليها املادة 6من ق انون العقوب ات وتتمثل يف احلجز الق انوين
واحلرمان من احلقوق الوطنية وهي ال تتعلق إال بعقوبة اجلناية.
واجلناي ات يف التش ريع البي ئي كما رأينا تعد قليلة ك ون أن أغلب اجلرائم هي جنح أوخمالف ات
لكن ميكن تطبيقها على اجلنايات املعاقب عليها باملادة 87مكرر أو املادتني 2/ 432و 396/3
من قانون العقوبات واملادة 66من القانون رقم 01/19املتعلق بتسيير النفايات وإزالتها .
86
و احلجز القانون يعد أبرز هذه العقوبات و الذي ميكن تطبيقه على مرتكب اجلرمية و منعه من
حقه يف إدارة أمواله و مواص لة االعت داء على البيئة ،ك ذلك بالنس بة للحرم ان من احلق وق
()2
الوطنية و هذه العقوبة تطبق بقوة القانون .
-2العقوباتـ التكميلية :نصت عليها املادة ( )9من قانون العقوبات و من أمهها و اليت ميكن
من خالهلا مواجهة اجلرائم املرتكبة ضد البيئة لدينا :
-مص ادرة ج زء من أم وال اجلانح البي ئي و هو أمر ج وازي حملكمة اجلناي ات و ال يطبق يف
اجلنح أو املخالفات البيئية إال بوجود نص قانوين يقرره فعلى سبيل املثال لدينا املادة 82من
الق انون 01/11املتعلق بالص يد البح ري و اليت تنص " و يف حالة اس تعمال م واد متفج رة
حتجز سفينة الصيد إذا كان مالكها هو مرتكب املخالفة " .
1حل الش خص اإلعتب اري أي منعه من اإلس تمرار يف ممارسة نش اطه كما نصت املادة 17من
قانون العقوبات
-1عبد الالوي جواد ،مرجع سابق ،ص . 88الفصل الثاني:الجزاءات المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية
-2املادة 4/3من قانون العقوبات .
الفرع الثاني
التدابير االحترازية لمواجهةـ الجرائم الماسة بحماية البيئة
إىل جانب أسلوب الردع بالعقوبة ،وجدت التدابري االحرتازية كنتيجة حتمية لضرورة
إص الح اجملرم و إع ادة تأهيله داخل اجملتمع فهي تعد " ج زاء جنائيا يس تهدف مواجهة اخلط ورة
اإلجرامية احلالة ل دى األش خاص ل درئها عن اجملتمع "( )1و هي ت دابري وقائي ة ،و ت ربز أمهيتها من
خالل :
-جتريده من الوسائل املادية اليت تسهل له ارتكاب االعتداء عن طريق مصادرة هذه الوسائل .
-إغالق الشخص املعنوي منعا الستمراره يف اإلضرار بالبيئة .
-سحب رخصة مزاولة املهنة .
-1المنع من ممارسة النشاط :
يعد هذا التدبري االحرتازي سبيال وقائيا يهدف إىل منع الشخص من ارتكاب اجلرمية
البيئية ،أي تكون املهنة أو النشاط عامال مسهال الرتكاهبا و نظرا لالنعكاسات اخلطرية هلذا التدبري
87
10 على الشخص و أسرته ،فهو ال يطبق يف املخالفات ،و حدد مدة قصوى لتطبيقه ال تتجاوز
سنوات و من أمثلته ،سحب الرخصة لتصريف النفايات الصناعية ( )2و رخصة استغالل الشاطئ
عند ع دم اح رتام االلتزام ات بعد إع ذاره ( )3و الس حب النه ائي أو املؤقت لرخصة اس تغالل
املؤسسات الفندقية ( )4و كذا الدفرت املهين عند خمالفة قواعد الصيد البحري (. )5
-2المصادرة :
تعد املص ادرة ت دبريا احرتازيا عن دما تنصب على أشياء غري مباحة فتكون ب ذلك أداة
للوقاية من استخدامها يف اجلرمية ( )1كحجز معدات الصيـد البحـري احملظورة كما نصت على ذلك
املادة 66من القانـون رقم 01/11املتعلق بالصيــد البحــري و تربيــة املائيـات
88
نصت على هذا التدبري املادة 45من قانون محاية الساحل اليت أجازت للقاضي يف حالة املخالفات
املرتكبة و املنص وص عليها يف املواد 41 ، 40 ، 39و املتعلقة بإقامة نش اط ص ناعي جديد على
الس احل ،اس تخراج م واد من العناصر اجملاورة لش واطئ االس تجمام أو اس تخراج م واد من ب اطن
البحر ...أن يأمر بإعادة األماكن إىل حالتها األصلية و تنفيذ أشغال التهيئة.
89
()3
فمفتشي البيئة بوصفهم أهم جهاز ملكافحة اجلرائم البيئية فهم مكلفون بـ:
السهر على تطبيق النصوص التنظيمية يف جمال محاية البيئة و يف كل جماالت احليوية ،األرضيــة
(.)1
اجلوية ،اهلوائية ،البحرية و هدا من مجيع أشكال التلوث
-مراقبة مدى مطابقة املنشآت املصنفة للتشريع املعمول به.
-التع اون والتش اور مع املص احل املختصة ملراقبة النش اطات املس تعمل فيها م واد خط رية ك املواد
الكيماوية و املشعة ومراقبة مجيع مصادر التلوث و األضرار .
-إع داد حص يلة س نوية عن نش اطهم و ت دخالهتم يف اجملال البي ئي ووضع تقرير بعد كل عملية
تفتيش أو حتقيق و ترسل إىل الوزير املكلف بالبيئة و الوالة املعنيني ويف إطار أداء مهامهم فإن هلم
أن حيرروا حماضر باملخالفات اليت عاينوها و اليت جيب أن حتتوي على:
-اسم و لقب وصفة مفتش البيئة املكلف بالرقابة.
-حتديد هوية م رتكب املخالفة و نش اطه و ت اريخ فحص األم اكن الي وم و الس اعة و املواقع و
الظروف اليت متت معاينتها و النصوص القانونية اليت جترم هدا الفعل ،املادة 112من قانون محاية
البيئة تل زم مفتش البيئة بإرس ال حماضر املخالف ات إىل ال وايل املختص إقليميا و إىل اجلهة القض ائية
()2
املختصة خالل 15يوم من تاريخ إجراء املعاينة
ثانيا:األعوان اآلخرون المكلفون بحماية البيئة :
ال تقتصر محاية البيئة على مفتشي البيئة وإهنا متتد إىل أجه زة أخ رى تتع اون بش كل منضم و
إنف رادي على حتقيق تلك احلماية و يف ه دا اجملال جند أس الك الش رطة القض ائية إىل جنب أع وان
آخرين ميارسون بعض مهام الشرطة القضائية .
-1ضباط الشرطة القضائيةـ :
90
يتمتع هبذه الص فة األش خاص احملددين يف املادة 15من ق انون اإلج راءات اجلزائية وتن اط لض باط
الش رطة القض ائية مهمة البحث و التح ري عن اجلرائم البيئية يف إط ار نش اطهم الع ام و مجع األدلة
عنها و البحث عن مرتكبيها ويتعني على ضباط الشرطة القضائية حتديد حماضر بعملهم و إخطار
–1ارتفعت عملي ات حفظ البيئة اليت ق امت هبا املفتشس يات البيئية من 5200عملية س نة 1999إىل ح وايل 8000عملية يف
2003و 4663عملية يف األش هر 6األوىل من س نة 2004و قد أفضت ه ذه الت دخالت إىل غلق 400حمل مؤقتا يف 2003
وص لت إىل 386حمل مغلق ،كما أدت نفس العملي ات إىل غلق 135حمل هنائيا – جري دة اخلرب ( وزير البيئة يكشف ) مق ال
منشور بتاريخ ، 28/11/2004العدد 4253ص . 2
الثاني:الجزاءاتأيام .
المترتبة علي مخالفة اإلجراءات القانونية منه هذه املدة بـ 5 -2القانون املتعلق حبماية الساحل ؛حدد يف املادة 38/2
الفصل
وكيل اجلمهورية املختص و إفادته بأصول هده احملاضر ( )1وجتدر اإلشارة إىل أن هلم اختصاص عام
للبحث عن اجلرائم مبا فيها اجلرائم املاسة بالبيئة( )2و يتمتع ون بامتي ازات عدي دة ال توجد ألس الك
مفتشي البيئة كالتفتيش و احلبس حتث النصر و استخدام قوهتم العمومية.
-2أعوان الشرطة القضائية:
و هم يتش كلون من م وظفي مص احل الش رطة ,وذوي ال رتب يف ال درك الوطين و رج ال ال درك
ومس تخدمي األمن العس كري وهم يقوم ون مبعاونة ض باط الش رطة القض ائية يف مباش رة مه امهم
ويثبتون اجلرائم املرتكبة كما أهنم يقومون جبمع األدلة واملعلومات الكاشفة عن مرتكيب اجلرائم()03
91
-1اىل ج انب االش خاص احملددين باملادة 15من ق.إ.ج فإنه يتمتع ك ذلك بص فة ظابط ش رطة قض ائية الض باط املرمسون
التابعون للسلك النوعي الدارة الغابات و املعينون مبوجب قرار وزاري مشرتك صادر عن وزير العدل و وزير الغابات .أنظر
املادة 02من القانون رقم 91/20املعدل لقانون الغابات
- 2املديرية العامة لالمن الوطين سجلت 66537خمالفة يف 2003منها 33918متعلقة بالعمران و 32619متعلقة بالبيئة و
ص رحت ك ذلك أن الوح دات اخلاصة بالبيئة و العم ران س جلت 2003م ايفوق 60000خمالفة و من جهته اكد ممثل ال درك
الوطين ان مصاحلة عرب متلف أحناء الوطن قامت بتوقيف 870شخص بتهمة االعتداء على البيئة .و 674شخص سنة 2003
و ان معظم التوقيفات كانت بتهمة هنب الرمال من الشواطئ – جريدة اخلرب ،العدد السابق ،ص . 02
-3املادتني 19و 20من ق.إ.ج .
رقم /93 التنفي ذي
القانونية مخالفةاملرس وم
اإلجراءات قانونهعلياألساسي نص على
المترتبة رقم 93/207و
الثاني:الجزاءات -4مت إنش اء ه ذا الس لك مبوجب املرس وم التنفي ذي
الفصل
218
92
عاينوها إض افة إىل قي امهم حبجز منتوج ات وآالت الص يد موض وع املخالفة مع إرس اهلا إىل اجلهة
()2
القضائية املختصة
-4الضبط الغابيـ :
يتشكل هدا السلك من رؤساء األقسام و املهندسون واألعوان الفنيون و التقنيون املختصون
يف الغاب ات و يتش كل ه ذا الس لك ك ذلك من رؤس اء األقس ام و املهندسني و األع وان الف نيون و
التقنيون املختصون يف الغابات (. )3
1ـ ـ ـ ـ ـ
93
إن الغاية من التج رمي ال تتحقق إال مبتابعة مرتكيب اجلرائم املاسة بالبيئة و الل ذين تثبت األدلة
ارتكاهبم لتلك اجلرائم و من مث تكون متابعتهم جزائيا هبدف حتقيق العدالة و صيانة حق اجملتمع يف
احلفاظ على البيئة .
فالتش ريعات البيئية خ ولت النيابة العامة مهمة حتريك ال دعوى العمومية كأصل ع ام لكن الطبيعة
اخلاصة للجرائم اليت متس املكونات البيئية جعلت املشرع اجلزائري من خالل القانون رقم 03/10
املتعلق حبماية البيئة يف إطار التنمية املستدامة يعرتف بدور اجلمعيات البيئية ( )4يف حتريك الدعوى
العمومية أمام اجلهات القضائية املختصة عن كل مساس بالبيئة .
94
لكن بالرغم من الرتسانة القانونية اليت وضعها املشرع حلماية البيئة فإن عدد القضايا
املطروحة على اجله ات القض ائية اجلزائية قليلة ج دا و ال تعكس إرادة املش رع اجلزائ ري من خالل
النص وص القانونية اليت وض عها حلمايتها و لعل ذلك يع ود أساسا إىل ض عف اإلحس اس بأمهية
املش اكل اليت يطرحها اجلن وح البي ئي على مس توى اجله ات اإلدارية املكلفة مبعاينة و إثب ات ه ذه
املخالفات من جهة و من جهة أخرى غياب شبه تام للدور اجلمعوي يف محاية البيئة بسبب نقص
اإلمكانيات املادية و الوسائل البشرية .
ثانيا:ـ دور الجمعيات :
قانون محاية البيئة يف إطار التنمية املستدامة خول اجلمعيات املعتمدة قانونا و اليت متارس أنشطتها يف
جمال محاية البيئة رفع دعوى أمام اجلهات القضائية املختصة عن كل مساس بالبيئة .
ـ ـــ ـــــ
-1املادة 112/2من ق انون محاية البيئة – انظر ك ذلك املادة 40من الق انون املنظم للقواعد العامة الس تغالل الش واطئ و
النفايات اإلجراءاتتسيري
القانونية مخالفة من قانون
علياملادة 55
البحري و
الصيدالمترتبة الفصل 65من قانون
الثاني:الجزاءات املادة 178من قانون املناجم و املادة 222منه و املادة /3
و املادة 38من قانون محاية الساحل.
و يف سبيل حتقيق أهدافها هلا أن تباشر إجراء اإلدعاء املباشر أمام القضاء مىت كانت هوية مرتكب
اجلرمية معروفة ،كما خوهلا الق انون أن تتأسس كط رف م دين يف أية قض ية تتعلق بالبيئة و أن
تط الب فيها بالتعويض ات ،كما أج از الق انون لألف راد تفويض ها لل دفاع عن حق وقهم إذا تعرضوا
ألض رار فردية نامجة عن خمالفة األحك ام التش ريعية املتعلقة حبماية البيئة و حتسني اإلط ار املعيشي
ومحاية املاء و اهلواء و اجلو و األرض و العمران و مكافحة التلوث .
إال أن دور ه ذه اجلمعي ات يظل ناقصا لع دة أس باب منها ض عف اإلعتم ادات املادية و نقص
الوسائل املتاحة.
الفصل الثالث
الهيئاتـ الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا
95
إن جناح تط بيق سياسة تتعلق ب اإلدارة العقالنية بالبيئة مره ون بالق درات املؤسس اتية
وفعاليتها ذلك أن النص وص وح دها قاص رة على تنظيم أي جمال من جماالت احلي اة العامة لألف راد
ما مل يتم تعزيزها ب أجهزة ذات فعالية تس هر على التط بيق األمثل هلذه السياسة املع ربة عنها
بالنصوص القانونية ،وفيما خيص اهليئات اإلدارية املكلفة حبماية البيئة وجب التنويه أن هناك العديد
منها س واء ك انت مركزية هتتم بالقض ايا البيئية ذات البعد الوطين الق ومي،أو تلك املتواج دة على
املس توى احمللي اإلقليمي ،إال أن القض ايا البيئية هتم بالدرجة األوىل اجلماع ات احمللية باعتبارها مهزة
الوصل األوىل ب املواطن واليت ميكنها عكس ما يعانيه يوميا من مش اكل ال س يما تلك اليت هلا ت أثري
سليب على صحته واحمليط الذي يعيش فيه لذلك خصص هذا الفصل لتبيان دور املؤسسات اإلدارية
اليت هلا عالقة مباشرة مبيدان محاية البيئة.
ولقد انتهجت الدولة اجلزائرية يف جمال محاية البيئة منهاجا يهدف إىل تعزيز اإلطار القانوين
واملؤسسايت يف هذا القطاع وهذا ما يستشف من غزارة التشريع املتعلق به وذلك بسن القوانني اليت
تنظم خمتلف اجملاالت االقتص ادية واالجتماعية بطريقة تتوافق والقواعد العلمية حلماية البيئة وك ذا
بروز هيئات إدارية مركزية مستقلة وهذا ألول مرة تسهر على تسيري القطاع كما دعمت القاعدة
على املس توى احمللي وذلك باالختصاص ات اجلدي دة اليت أض يفت لكل من البلدية والوالية كوهنما
مؤسستان الرئيسيتان حلماية البيئة خاصة البلدية اليت تلعب دورا فعاال يف هذا اجملال نظرا لقرهبا من
املواطن وإدراكها أكثر من أي جهاز آخر لطبيعة املشاكل البيئية اليت يعانيها .
إال أن الوص ول إىل نظ ام بيئي متزن حيفظ س المة الف رد واجملتمع والكون اليت أتى مبج رد
وجود نظام قانوين ينظم ويهدف إىل محايته وال بوجود سلطة تقوم على جتسيده ميدانيا من دون
أن يك ون وعي بي ئي ل دى الف رد أو اجلماعة بل أك ثر من ذلك أن ي تيقن اإلنس ان أنه اس تخلف يف
األرض أن يص لحها وأنه س يد عليها بعقله يس تعمرها ويس تغلها من أجل حتقيق الرفاهية له ولغ ريه
ق ال احلق ص بحانه وتع اىل " هو ال ذي جعلكم خالئف األرض " ص دق اهلل العظيم وعلى ه ذا
البيئة.
وترقيتها ميدانيا محايةالبيئة
جمالبحماية الثالث:الهيئات يف
الكفيلة اجلماعة والفرد خصصنا املبحث األخري هلذا الفصل لتبيان دور
الفصل
المبحث األولـ
الهيئات المركزيــة
96
إن جتسيد النظ ام الق انوين حلماية البيئة وتنفي ذه على أرض الواقع يتطلب وجود جه از
تنفيذي فعال من القاعدة إىل القمة يعمل يف كنف الشرعية ويسهر على التطبيق السليم للقانون.
ولعل النظ ام اإلداري الالمرك زي املنتهج من ط رف املش رع اجلزائ ري كفيل ب ذلك فباإلض افة على
اهليئ ات اإلدارية احمللية اليت تش رف على قط اع البيئة عن كثب باعتبارها اخللية األساس ية للهيكل
اإلداري وكوهنا ك ذلك إدارة ورش ات ومش اريع هن اك ال وزرة املكلفة هنالك وزارة املكلفة بالبيئة
باعتبارها السلطة الوصية على القطاع عن طريق تسيريه بالرقابة السلمية اليت تفرضها على خمتلف
املديريات الوالئية للبيئة وذلك لضمان تطبيق األهداف املتوخاة من التشريع البيئي ولتحقيق التوازن
بني اخلصوص يات اجلغرافية والبيئية لكل منطقة والقض ايا البيئية ذات البعد الوطين ،لكن الس ؤال
الذي ميكن طرحه يف هذا اجملال ؛ هل الوزارة الوصية قادرة وحدها على اإلشراف على هذا اجملال
احليوي خاصة مع التغريات اليت تشهدها الساحة االقتصادية السيما الصناعية منها؟
إن هذا السؤال قد أجابته عليه التعديالت اجلديدة اليت مست قطاع البيئة وذلك من
خالل اهليئ ات املركزية اليت اس تحدثت واليت أنبطت هبا مهمة تس يري وتنظيم جماالت بيئية معينة
وخففت بذلك الضغط على السلطة الوصية وعلى اهليئات احمللية ويف احلقيقة إن مثل هذه اهليئات
املركزية أض حت ض رورة ملحة نظ را ل ربوز مش اكل بيئية حتت اج إىل عناية خاصة الس يما تلك
املتعلقة بالنفاي ات والس احل واجملال البح ري واجليول وجي وس نتطرق لتبي ان ه ذه اهليئ ات وحتديد
اختصاصاهتا على النحو الذي سيأيت.
المطلب األولـ
الوكالة الوطنية للنفايات
استحدثت هذه الوكالة مبوجب املرسوم التنفيذي 02/175الذي حدد اختصاصاهتا،تشكيلتها
وكيفية عملها وقد ج اءت ه ذه الوكالة يف ظل التغ ريات ال ذي ش هدها اجملال الص ناعي بالت ايل
أص بحت قض ية النفاي ات تط رح نفس ها بش دة إذ تغري مفهومها من تلك البقايا والفض الت اليت
جيب التفكري يف كيفية التخلص منها إىل مادة أولية خامة هلا أمهية كعملية التصنيع وذلك خبضوعها
لعمليات الرسكلة .
97
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا
كما تعترب هذه الوكالة كضرورة وحتمية فرضها الواقع الدويل الذي أصبح يلح على إجياد حلول
عقالنية ملشكل النفايات وهذا ما يتبني من خالل انضمام اجلزائر إىل اتفاقية بازل املنظمة للتحكم
يف نقل النفايات()1وكذا االتفاقية الدوليةإلستعداد والتصدي والتعاون يف ميدان التلوث(لندن) (.)2
الفرع األولـ
عمل وتنظيم الوكالة
عرف املشرع اجلزائري الوكالة الوطنية للنفايات يف املادة األوىل من املرسوم السالف
ال ذكر بأهنا مؤسسة عمومية ذات ط ابع ص ناعي وجتاري تتمتع بالشخص ية املعنوية الس تقالل املايل
ختضع للق انون اإلداري يف عالقاهتا مع الدولة وتعد ت اجرة يف عالقاهتا مع الغري ،تسري وفقا لنظ ام
الوصاية اإلدارية من طرف الوزير املكلف بالبيئة (.)3
تدار الوكالة مبجلس إدارة متكون من وزير الوصي عن قطاع البيئة كرئيس أو ممثل له
وأعضاء هم على التوايل :ممثل الوزير املكلف باجلماعات احمللية ،ممثل الوزير املكلف باملالية ،ممثل
ال وزير املكلف بالص ناعة ،ممثل ال وزير املكلف بالطاقة واملن اجم،ممثل ال وزير املكلف باملؤسس ات
والص ناعات املتوس طة(...)4اخل .يعني ه ؤالء األعض اء ملدة ثالث س نوات قابلة للتجديد بق رار من
()5
.الوزير املكلف بالبيئة بناء على اقرتاح السلطة اليت ينتمون إليها
وجيتمع بن اء على اس تدعاء من ال رئيس يف دورة عادية م رتني يف الس نة على األقل وله أن جيتمع يف
دورة غري عادية كلما قضت الض رورة ذلك إما بطلب من رئيس أو ثليت أعض ائه وال تصح
مداوالته إال حبض ور أغلبية األعض اء وتتخذ الق رارات فيه باألغلبية البس يطة لألص وات ويف حالة
التعادل يرجح صوت الرئيس .
-1املرسوم 98/158املؤرخ يف 16/05/1998املتضمن انضمام اجلزائر إىل اتفاقية بازل املتعلقة بالتحكم بنقل النفايات.
-2املادة 2من املرس وم التنفي ذي 02/175املؤرخ يف 07ربيع األول ع ام 1423املوافق ل 20م اي 2002يتض من إنش اء الوكالة
الوطنية للنفايات وتنظيمها وعملها .
-3املادة 08من املرسوم التنفيذي رقم .02/175
98
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا
الفرع الثانيـ
اختصاصاتـ الوكالة
تكلف الوكالة بتط وير نش اطات ف رز النفاي ات ومعاجلتها وتثمينها ( )1كما تكلف يف إط ار
القيام مبهامها املتعلقة مبجال النفايات على اخلصوص مبا يلي(:)2
-تقدمي املساعدة للجماعات احمللية يف ميدان تسيري النفايات .
-معاجلة املعطي ات واملعلوم ات اخلاصة بالنفاي ات وتك وين بنك وطين للمعلوم ات ح ول
النفايات وحتيينها .
أما فيما خيص نشاطات فرز النفايات ومجعها ونقلها ومعاجلتها وتثمينها وإزالتها تكلف الوكالة مبا
يلي :
-املبادرة بإجناز الدراسات واألحباث واملشاريع التجريبية واملشاركة يف اجنازها.
-نشر املعلومات العلمية والتقنية وتوزيعها .
-املبادرة بربامج التحسيس واإلعالم واملشاركة يف تنفيذها.
إن الوكالة هبذه امله ام املخولة هلا والس لطات املمنوحة هلا يف جمال النفاي ات تعترب مبثابة اجله از
املرك زي الراسم للمنهج الع ام ال ذي ي بني كيفية معاجلة النفاي ات وتثمينها على املس توى الوطين
وبالتايل يكون قد خفف من العبئ الذي كان ملقى على عاتق اجلماعات احمللية يف تسيري هذا اجملال
وذلك من خالل ترشيده وحثه على التقنيات العلمية اجلديدة اليت من شأهنا أن تعطي النفايات بعدا
اقتصاديا وبيئيا يف نفس الوقت حبيث تساهم يف احللقة االقتصادية دون املساس باحمليط والطبيعة.
المطلب الثاني
المحافظة الوطنية للساحل
متتد الواجهة البحرية اجلزائرية على ط ول 1200كلم تتم يز بتن وع وس طها اجلغ رايف
والط بيعي وتن وع مواردها كما تتك ون ه ذه الواجهة من هض بات كب رية ومن س هول س احلية
(املتيجة،تالل الساحل) ومن تضاريس خمتلفة االرتفاع حيث تدرج فجوات عميقة تشكل جونات
واسعة متركزت فيها املدن الرئيسية واملواقع املنائية للبالد.
99
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا
%43 كما تتميز الواجهة البحرية بكثرة السكان وإقامة بشرية كثيفة إذ يقطن هبا زهاء
من الع دد اإلمجايل للس كان اجلزائ ريني كما تتمركز معظم املن اطق الص ناعية على مس توى ه ذه
الواجهة حيث يتموقع أك ثر من نصف الوح دات الص ناعية للبالد يف ه ذه املنطقة ،ه ذه العوامل
كلها أدت إىل:
-ت دهور املواقع ذات القيمة اإليكولوجية يف الكثب ان واملن اطق الرطبة خاصة منها الواقعة يف
واجهة عنابة وجباية وزموري ومزفران.
-تشويه الشواطئ مثل خليج اجلزائر واملنطقة الوهرانية .
-جتفف املناطق الرطبة من خالل تصريف املياه واالستغالل املفرط للحقول الباطنية .
-تدهور األجزاء احلركية لشواطئ بومرداس ،بومساعيل ،مستغامن...اخل(.)1
ه ذا الوضع املرتدي ال ذي أص بح يع اين منه الس احل اجلزائ ري أدى إىل ظه ور هيئة إدارية مركزية
هتتم هبذا القطاع احلساس وتعمل على محايته من األخطار اإليكولوجية احملدقة به و تعاجل ما أصابه
من أض رار ،كما تس عى إىل تثمني الس احل واملنطقة الش اطئية .وقد أنش ئت ه ذه اهليئة مبوجب
ق انون 02/02املتعلق حبماية الس احل وتثمينه ومسيت باحملافظة الوطنية للس احل ( )2واليت س نتطرق
إىل تبي ان االختصاص ات املنوطة هبا يف ف رع أول مث نتط رق إيل أدوات ت دخلها يف ف رع ث ان.
الفرع األول ا
اختصاصات المحافظة الوطنية للساحل
لقد عرف املشرع احملافظة بأهنا هيئة عمومية تكلف بتنفيذ السياسة الوطنية حلماية الساحل وتثمينه
على العم وم واملنطقة الش اطئية على اخلص وص ( )3كما تض طلع ه ذه اهليئة بإع داد ج رد واف
للمناطق الشاطئية سواء تعلق األمر باملستوطنات البشرية أم بالفضاءات الطبيعية .وهتدف احملافظة
يف اجلرد املنصوص عليه آنفا إلعداد ما يلي(: )4
-نظ ام إعالم ش امل يس تند إىل مق اييس تقييميه تس مح مبتابعة تط ور الس احل بص فة دائمة
وإعداد تقرير عن وضعية الساحل ينشر كل سنتني.
1
-1تقرير حول حالة ومستقبل البيئة يف اجلزائر ،وزارة التهيئة لإلقليم والبيئة ص . 38
-2قانون رقم 2002/02املؤرخ يف 05/02/2002يتعلق حبماية الساحل وتثمينه اجلريدة الرمسية عدد 10ص .24
-3املادة 24من القانون .02/02
100
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا
-خريطة للمناطق الشاطئية تتضمن على اخلصوص خريطة بيئية وخريطة عقارية.
وميكن حتديد اختصاص ات والتزام ات ه ذه احملافظة حسب ما ج اء به الق انون 02/02الس الف
الذكر على النحو التايل :
-ختتص بإنش اء خمطط لتهيئة وتسري املن اطق الس احلية وتلك اجملاورة للبحر من أجل محاية
(.)1
الفضاءات الساحلية السيما احلساسة منها
-تق وم ب إجراء حتاليل دورية ومنتض مة ملي اه االس تحمام وتق وم ب إعالم املس تعملني بنت ائج التحاليل
()2
بصفة دائمة ومنتظمة كذلك.
-جيب إجراء مراقبة منتظمة جلميع النفايات احلضرية والصناعية والزراعية اليت من شأهنا أن تؤدي
إىل تدهور الوسط البيئي أو تلوثه وتبليغ هذه النتائج للجمهور(. )3
()4
-تصنيف الكثبان الرملية كمناطق مهددة أوكمساحات حممية وميكن إقرار منع الدخول إليها
()5
-تصنيف األجزاء الشاطئية أين تكون الرتبة هشة أو معرضة لالجنراف كمناطق مهددة .
-حتضى املس تنقعات واملواحل واملن اطق الرطبة باحلماية وال جيوز أن تك ون موض وع تغيري إال إذا
()6
كان ذلك خيدم البيئة.
الفرع الثاني
أدوات التدخلـ في الساحل
يقصد بأدوات التدخل تلك الطرق والوسائل اليت تستعملها احملافظة لضمان تواجدا ميدانيا
أمام كل خطر الحق بالبيئة يستدعي تدخلها بطرقة أو بأخرى وقد حدد القانون السالف الذكر
هذه األدوات على النحو التايل:
101
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا
-تنشأ املخططات للتدخل املستعجل يف حالة تلوث الساحل أو املنطقة الشاطئية ويف حالة التلوث
األخرى يف البحر اليت تستدعي تدخل مستعجل وتوضح هذه الكيفيات عن طريق التنظيم (.)1
()2
-ينشأ جملس للتنسيق الشاطئي يف املناطق الشاطئية أوالساحلية احلساسة واملعرضة ملخاطر البيئة .
()3
-ينشأ صندوق لتمويل تنفيذ التدابري املتخذة حلماية الساحل يف املناطق الشاطئية
-وضع ت دابري حتفيزية اقتص ادية وجبائية تش جع على تط بيق التكنولوجي ات الغري ملوثة ووس ائل
أخرى تتوافق واألوضاع اإليكولوجية(.)4
من خالل ما بين اه س ابقا من اختصاص ات احملافظة وأدوات ت دخلها يف الس احل اتضح لنا جليا
ال دور املزدوج ال ذي أعطي هلذه اهليئة املركزية إذ تعترب مبوجب اختصاص اهتا مبثابة املش رف واملسري
عن بعد من خالل وضع سياسة و منهجية حلماية الس احل وتثمينه وذلك بتص نيف املن اطق البيئية
املختلفة اليت تشكل الشريط الساحلي (رمال ،أشجار،جزر ،مستنقعات ،وديان ...إخل)
كما تلعب دور املراقب لكل األخط ار اليت هتدد البيئة البحرية (مراقبة نوعية مي اه االس تحمام
ومراقبة النفايات ) كما تعترب من جهة أخرى هيئة للتدخل امليداين يف حاالت التلوث يف الساحل
أو يف البحر.
المطلب الثالث
الوكالة الوطنية للجيولوجية والمراقبة المنجمية
أفرز التقدم التقين التكنولوجي يف جمال التصنيع ظهور آثار وخيمة على الطبيعة واإلطار العام
حلي اة األف راد مما مهد إىل تن امي وعي البي ئي ل دى األف راد واحلكوم ات واختلف آلي ات معاجلة
املش اكل البيئية من بلد إىل آخر حبسب تض رره ومعاناته وحبسب خصوص ياته البيئية ،وقد جلأت
اجلزائر يف سياستها املتعلقة باحملافظة على اجملال اجليولوجي واحملافظة على املادة الطبيعية اخلام
102
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا
املتواجدة يف باطن األرض إىل تعزيز القانوين واملؤسسايت وذلك بإخضاع هذا اجملال الطبيعي إىل
نظام قانوين من شأنه أن يضمن السري احلسن له ويكفل احملافظة عليه كذلك وكذا بإنشاء هيئات
إدارية تش رف على تس يريه وإدارته بتط بيق التش ريع املنظم ل ه.ولعل الوكالة الوطنية للجيولوجيا
واملراقبة املنجمية املستحدثة مبوجب قانون املناجم ( )1من أهم اهليئات اإلدارية اليت تسمح باستغالل
األمثل للم وارد اجليولوجية بطريقة تتماشى ومقتض يات محاية البيئة واليت س نتطرق إىل تبي ان
أحكامها واختصاصاهتا على النحو الذي سيأيت .
الفرع األولـ
تنظيم وسير الوكالة
تعترب الوكالة الوطنية للجيولوجيا واملراقبة املنجمية سلطة مستقلة تسهر على تسيري وإدارة
اجملال اجليول وجي والنش اط املنجمي( )2وهلا يف س بيل تس يري ش ؤون ه ذا القط اع أن تتنظم على
الشكل التايل(:)3
-جملس لإلدارة ال ذي يتك ون من 5أعض اء يعينهم رئيس اجلمهورية بن اء على اق رتاح من ال وزير
املكلف باملناجم .
-أمني عام يعني كذلك من طرف رئيس اجلمهورية.
يتمتع جملس اإلدارة بالس لطة الكاملة والص الحيات الض رورية يف أداء امله ام املخولة باجله از طبقا
ألحك ام ق انون املن اجم وتتم املص ادقة على املداوالت باألغلبية البس يطة لألعض اء احلاض رين ،ويف
حالة تع ادل األص وات ي رجح ص وت رئيس جملس اإلدارة كما تتمتع الوكالة بنظ ام داخلي ينشأ
مبوجب مرس وم حيدد كيفية عملها حق وق أعض اء جملس اإلدارة واألمني الع ام والق انون األساسي
للمستخدمني.
. -1قانون 01/10املؤرخ يف 11ربيع الثاين عام 1422املوافق ل 3يوليو 2001املتضمن قانون املناجم
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا -2املادة 45من القانون . 01/10
-3املادة 46من قانون .01/10
الفرع الثانيـ
103
اختصاصات الوكالة في مجال حماية البيئة
للوكالة الوطنية للجيولوجيا واملراقبة املنجمية عدة اختصاصات هتدف إىل التسيري األمثل
للموارد اجليولوجية واملنجمية من جهة وحبماية البيئة من األخطار اليت قد تنجم جراء استغالل هذه
املواد الطبيعية اخلام من جهة أخرى واليت نذكر من أمهها :
-إنش اء املص لحة اجليولوجية الوطنية اليت هتتم برتقية اجلانب اجليول وجي من خالل مجع املعلوم ات
املتص لة بعل وم األرض وإنش اء ب رامج متعلقة باملنش ئات اجليولوجية وتنفي ذه واجنازه كل الدراس ات
اجليولوجية واجليوعلمية( )1ذات املنفعة العامة.
-مراقبة م دى اح رتام املؤسس ات للفن املنجمي توخيا لالس تخراج األفضل للم واد املعدنية املوافقة
()2
لقواعد الصحة .
-مراقبة األنش طة املنجمية بطريقة تس مح باحلف اظ على البيئة طبقا للمق اييس واألحك ام املنصوص
عليها يف التشريع والتنظيم املعمول هبما(.)3
-مراقبة تسيري واستعمال املواد املتفجرة واملفرقعات(.)4
-ممارسة مهمة شرطة املناجم وسلطة معاينة املخالفات(. )5
أما عن اختصاص ات الوكالة املتعلقة بتنظيم الرقابة اإلدارية والتقنية واليت يتوالها مهندسو املن اجم
التابعون هلا( )6فإهنا تتم على النحو التايل :
-يسهر املهندسون املذكورون أعاله بضمان احرتام القواعد واملقاييس اخلاصة اليت تضمن النظافة
واألمن ،وش روط االس تغالل حسب القواعد الفنية املنجمية ومحاية املوارد املائية والط رق العمومية
والبنايات السطحية ومحاية البيئة (.)7
104
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا
-يقوم ه ؤالء املهندسون مبه ام املراقبة وتنفيذ خمطط ات التسيري البيئي وتط بيق الق وانني والنصوص
التنظيمية املتعلقة حبماية البيئة يف األنشطة املنجمية.
()1
-خيرب املهندسون اإلدارة املكلفة بالبيئة بكل عمل أو حدث خمالف لقواعد محاية البيئة .
وعلى ضوء ما بيناه سابقا من اختصاصات الوكالة وتنظيمها وعملها يف اجملال اجليولوجي واملنجمي
وما اس تقرئناه من ق انون املن اجم ميكن أن خنلص إىل أن مثل ه ذه الوكالة بكل ه ذا احلجم من
الس لطات املمنوحة هلا يف ه ذا اجملال تعترب مبثابة الض امن األساسي لتحقيق الت وازن لالس تغالل
اجليولوجي واملنجمي للموارد الطبيعية السطحية منها والباطنية بطريقة حتافظ على البيئة هذه األخرية
ب دورها اليت تعترب ع امال أساس يا يف ازده ار ه ذه املوارد الطبيعية الكامنة يف األرض إذ تنمو وتربو
عند وج ود نظ ام بي ئي مت وازن فالكل يكمل بعضه البعض يف ه ذه احللقة الطبيعية ذات الروابط
املتصلة.
المبحث الثانيـ
الهيئاتـ المحلــية
105
لقد متيزت العش رية األخري يف جمال محاية البيئة بت دعيم اجلانب املؤسس ايت خاصة على مس توى
القاعدة ،ذلك أن اجلماعات احمللية املتمثلة يف الوالية و البلدية متثالن املؤسستان الرئيسيتان يف محاية
البيئة نظرا للدور الفعال الذي تؤديه يف هذا اجملال حبكم قرهبا من املواطن و إدراكها أكثر من أي
جه از حملي آخر لطبيعة املش اكل اليت يعانيها الس يما البيئية منها و ملا هلا من إمكاني ات و وس ائل
مادية و إط ارات بش رية مؤهلة يف ه ذا اجملال و هلذا سنخصص ه ذا املبحث لتبي ان دور كل من
ات اليت أنيطت هبم مبوجب الوالية و البلدية يف جمال محاية البيئة مستعرضني أهم االختصاص
التعديالت اجلديدة .
المطلب األول
الواليـ ـ ــة
تعترب الوالية هيئة إدارية ترتبع على جزء من إقليم الدولة ،وهي تتمتع بالشخصية املعنوية
واالس تقالل املايل وهلا أن تتخذ الق رارات اخلاصة بت دبري ش ؤوهنا على مس توى امت دادها اجلغ رايف
ويعترب ال وايل ممثل الس لطة التنفيذية على مس توى الوالية وهو املمثل املباشر ك ذلك لكل وزارة إذ
يقوم بتنفيذ القوانني يف إطار االمتداد اإلقليمي للوالية ،أما اجمللس الشعيب الوالئي فهو صورة من
صور الدميقراطية على مستوى الوالية الذي يتم انتخابه من بني املواطنني وعلى هذا فهو يشركهم
يف تسيري املرافق العامة .
الفرع األولـ
اإلطار القانونيـ لدور الواليةـ في مجال حماية البيئة
لقد صدر أول ميثاق ينظم الوالية يف 26/03/1969مث أتبع بقانون الوالية( )1هذا األخري الذي
اعترب مهزة وصل بني الدولة والبل ديات .وال ذي يهمنا يف ه ذا اإلط ار هي الص الحيات املتعلقة
مبج ال محاية البيئة إذ يالحظ من خالل الظ روف اليت ص در فيها ه ذا الق انون أنه مل يكن هن اك
اهتم ام بقض ايا البيئة بق در ما ك ان االهتم ام منص با ب دفع العجلة االقتص ادية ومع ذلك فإننا نلمس
من خالل نصوص بعض االهتمامات املتعلقة مبجال احملافظة على املوارد الطبيعية ومن ذلك :
ــــــــ
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا
-1أنظر القانون 69/38املشار إليه سابقا .
106
-مكافحة أخط ار الفياض ات و القي ام بكل أش غال اإلص الحات الص حية وتص ريف املي اه بقصد
املسامهة واحلماية االقتصادية لألراضي الزراعية يف الوالية وتثمينها.
ويف سنة 1990صدرت أهم وثيقة تتعلق بقانون الوالية ( ،)1هذه األخرية منحت صالحيات
واس عة للوالية يف جمال محاية البيئة على ض وئها س نحاول حتديد دور الوالية يف جمال محاية البيئة
باإلضافة إىل ذلك لقد مت استحداث جهاز حملي على مستوى كل والية يعرف مبفتشية البيئة كما
س نتطرق إىل التع ديل األخري ال ذي ج اء به املرس وم التنفي ذي 94/269من خالل املادة 20منه
والذي عدل بالقرار املؤرخ يف 06/02/2002الذي أنشأ جلنة تل البحر.
الفرع الثانيـ
اختصاصاتـ الوالي في مجال حماية البيئة
إن ال وايل يف إط ار احلدود اجلغرافية للوالي ة ،يتوىل القي ام بامله ام املتعلقة بتنفيذ السياسة
القانونية يف جمال محاية البيئة اليت ميكن حتديدها كما يلي :
-يف جمال محاية املوارد املائية :ينص ق انون الوالية على أن ال وايل يت وىل اجناز أش غال التهيئة
والتطهري وتنقية جماري املي اه يف ح دود اإلقليم اجلغ رايف للوالية ( )1ف الوايل مل زم من اختاذ كافة
اإلجراءات اخلاصة يف محاية املوارد املائية ملا هذه األخرية من تأثري على صحة املواطنني قصد تفادي
أخطار األمراض املتنقلة عن طريق املياه الذي مرده امتزاج املياه املستعملة مع املياه الصاحلة للشرب
أو غي اب معاجلته مي اه األن ابيب واآلب ار يف ه ذا اجملال يقضي ق انون املي اه على أن املي اه املوجهة
لالستهالك البشري ختضع للمراقبة وتنشر هذه املراقبة للرأي العام ( .)2ويتخذ الوايل كذلك كافة
اإلج راءات الالزمة للوقاية من الك وارث الطبيعية ( )3هو مل زم بض بط خمطط تنظيم ت دخالت
اإلسعافات يف كل منطقة صناعية تقع يف حدود اإلقليم اجلغرايف للوالية (.)4
ـ ــــــــ
قانون . 90/09
-1املادة 66فقرة 03من
-2قانون املياه 83/17:املعدل واملتمم مبقتضى األمر ، 96/13املادة 55مكرر .
-4مرسوم رقم 85/231املؤرخ يف 25/08/1985حيدد شروط تنظيم التدخالت واإلسعافات وتنفيذها عند وقوع الكوارث.
107
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا
كما اس تحدث مبوجب آخر تع ديل للمرس وم تنفي ذي )1( 94/279ال ذي أحلق ب القرار املؤرخ يف
06/02/2002جلنة تل البحر الوالئية وال ذي ح دد تش كيلتها وكيفية عملها والص الحيات
املنوطة هبا إذ أض يفت اختصاص ات واس عة لل وايل يف جمال محاية البيئة من جهة وهتيئة اإلقليم من
جهة أخرى.
ي رتأس ه ذه اللجنة ال وايل املختص إقليميا (.)2كما تتش كل من ع دد من رؤس اء اهليئ ات وم ديري
مؤسس ات عمومية على مس توى الوالية مبا فيهم قائد ال درك الوطين ،مفتش البيئة ،م دير النقل
مدير الصيد البحري واملوارد الصيدية للوالية ،مدير املوانئ...إخل.
جتتمع هذه اهليئة كل ما دعت الضرورة إىل ذلك بأمر من رئيسها وميكن أن تستعني بأي شخص
مبساعدهتا يف أعماهلا خاصة تلك اآلراء العلمية والبحوث املتعلقة حبماية وترقية البيئة .ولقد أعطى
املش رع هلذه اللجنة ع دة اختصاص ات متارس ها قصد احملافظة على البيئة البحرية وترقيتها واحليلولة
دون الوقوع أي اعتداء عليها ميكن عدها يف النقاط التالية(:)3
-إعداد خمطط تل البحر الوالئي وفقا للتنظيم.
-اختاذ التدابري الضرورية لتحسني وتعزيز قدرات التدخل األجهزة املكلفة مبحاربة التلوث .
-إعطاء األولوية للمناطق املنكوبة وذلك بإمدادها بالوسائل البشرية واملادية .
-متابعة عملية املكافحة ووضع منظومة للوقاية وللكشف واحلراسة وملراقبة كل أعم ال التل وث
البحري .
()4
-مبادرة بوضع خمطط تل البحر الوالئي حيز التنفيذ .
كما ألزم املشرع جلنة البحر بالقيام مبا يلي :
-تقدمي تقرير سداسي للجنة البحر اجلهوية عن حالة حتضري خمطط تل البحر الوالئي.
-إع داد خريطة للمن اطق اهلشة واملعرضة باألخط ار حبدة على مس توى الواجهة الوالئية ومتابعة
تقييم األضرار النامجة عن الثلوت كما تسجل مداوالت اللجنة يف سجل خاص يرقم ويوقعه رئيس
1
ـ ــــــــ
.06/03/2002 -1املادة 1و 2من القرار املؤرخ 6/02/2002اجلريدة الرمسية العدد 17املؤرخة
-2املادة 3من نفس القرار املؤرخ يف 06/02/2002اجلريدة الرمسية العدد 17املؤرخة يف . 06/03/2002
-3املادة1و 2من القرار املؤرخ يف 06/02/2002اجلريدة الرمسية العدد 17تارريخ 06/003/2002
108
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا
الفرع الثالث
الجهاز المحلي الكفيل لحماية البيئة على مستوى الوالية
109
حرصا من املشرع على استكمال اجلهاز احمللي من أجل جتسيد احلماية القانونية للبيئة وتطبيق
اإلجراءات اخلاصة بذلك قام بإحداث مفتشية البيئة يف الوالية (، )1إال أن إنشاء هذه اهليئات كان
جد متأخر بسبب غياب التسيري وقلة اإلمكانيات البشرية واملادية السيما املالية منها وقد مت إنشاء
عشر مفتشيات على مستوى عشر واليات فقط( )2ومل يستكمل النصاب إال يف سنة 1998حيث
بلغ عددها 48مفتش ومفتشية إال أهنم تلقوا صعوبات كثرية نظرا لعدم توافر اإلمكانيات املادية
والبش رية اليت تس مح هلم مبمارسة مه امهم املخولة هلم مبقتضى املرس وم التنفي ذي 96/60واملتمثلة
أساسا يف جتسيد مراقبة القوانني والتنظيمات املتعلقة حبماية البيئة وذلك عن طريق :
-تسليم الرتاخيص املنصوص عليها قانونا على املستوى احمللي.
-اقرتاح التدابري الرامية للوقاية من كل أشكال تدهور البيئة ومكافحة التلوث والتصحر واجنراف
الرتبة واحلفاظ على التنوع البيولوجي وتنمية وصيانة الثروات.
-تصور وتنفيذ برامج حلماية البيئة على مستوى كامل تراب الوالية.
-ترقية أعمال اإلعالم والرتبية يف جمال البيئة .
-اختاذ التدابري الرامية إىل حتسني إطار احلياة.
ولتك ريس ه ذه امله ام مي دانيا فقد أعطى املش رع اجلزائ ري األهلية القانونية لتمثيل إدارة البيئة أم ام
القضاء( )3وتسيري مفتشية البيئة حتت وصاية الوزير املكلف حبماية البيئة.
ولت دعيم ه ذه الرقابة امليدانية على البيئة أنشأ الص ندوق الوطين للبيئة باعتب اره أداة حمف زة حلماية
لبيئة ولكن الدراسة التطبيقية أك دت ع دم أخذ املرس وم املنشأ هلذا الص ندوق بعني اإلعتب ار درجة
التل وث واألض رار النامجة عنه بق در ما ركز على طبيعة الص ندوق وبالت ايل تبقى مص ادر ه ذا
الصندوق
رقم7 -1املرسوم النت=ي 96/60املؤرخ يف 27/01/1996املتضمن إحداث مفتشية للبيئة على مستوى الوالية ،اجلريدة الرمسية
ت تاريخ .28/01/1996
-2أنظر كتابة الدولة للبيئة العدد 2مرجع سابق ص . 5
-3املرسوم رقم 276/ 98املؤرخ يف 12/09/1998يتعلق بتأهيل مفتشي البيئة لتمثيل اإلدارة البيئية أمام العدالة (ج ر العدد
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا 68الصادر يف . 13/09/1998
حمدودة وال ميكنها أن ترقى إىل أداة تطبيق عملية حمفزة حلماية البيئة.
110
أما يف ميدان مكافحة التلوث احلضري فإن مفتشي البيئة مكلفون بتطبيق السياسة القانونية اخلاصة
بتخلص من النفايات احلضرية الصلبة إىل جانب رؤساء البلدية ويف هذا اجملال مت إنشاء جلان والئية
تتكلف مبعاينة األم اكن املخصصة إلقامة املزابل العمومية على مس توى الوالية ب اقرتاح من مفتش ية
البيئة تكلف هذه اللجان حسب املادة 02من املرسوم 96/60مبا يلي:
-اقرتاح إجراء دراسة الختيار موقع املزبلة.
-الوصول إىل إنشاء املزابل املراقبة على مستوى الواليات.
-اجناز مزابل حمروسة على مستوى كل البلديات .
-متابعة إزالة املزابل اليت مت إنشائها على سطح األودية واألراضي ذات املردود الفالحي .
-إحصاء دقيق من كل املزابل الفوضوية املتواجدة يف تراب الوالية.
-اق رتاح الت دابري اخلاصة باحملافظة على الودي ان واألراضي الفالحية يف إط ار محاية الس واحل إذ
تعطى األولوية ملفتش ية البيئة ملكافحة االس تغالل الفوض وي لرم ال الش واطئ من أجل وضع حد
لعملية النهب املتواصل وه ذا يف اإلط ار مت تس جيل غلق جمموعة من من اجم الرمل التابعة لكل من
()1
واليات :مستغامن،عني متوشنت،الطارف.
تساهم مفتشية البيئة يف تدعيم عملية التحسيس والتوعية ونشر الثقافة البيئية عن طريق إحياء األيام
العاملية اليت هلا عالقة حبماية البيئة (الي وم الع املي للبيئة ،الي وم الع املي للش جرة)،ذلك أن ه ذه املهمة
تعد وسيلة لتدعيم تطبيق القاعدة القانونية من طرف اجملتمع املدين وفتح األبواب لكل املواطنني من
أجل املسامهة يف صنع القرارات على املستوى احمللي.
وختاما هلذا املبحث نصل إىل الق ول أن محاية البيئة ووقايتها أصبحت ض رورة تف رض نفس ها إذ ال
يستقيم أي نظام قانوين منظم للحياة العامة لألفراد دون وجود نظام متكامل متزن على مستوى
كل إقليم م راعي خصوص ياته احمللية ول ذلك ف إن اس تحداث مثل ه ذه اهليئ ات على املس توى احمللي
يعترب مبادرة جد إجيابية من شأهنا احلد من التجاوزات واملخالفات املاسة بالبيئة .
ـــــــــ
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا
Mr : Icherk –opcit .p04-2
المطلب الثاني
البلدي ـ ــة
111
تعد البلدية مبثابة القاع دة املس ؤولة على املس توى احمللي ( ، )1و هي املرآة العاكسة
لالمركزية اإلدارية يف الدولة ،ملا هلا من مزايا عدي دة تتمثل أساسا يف التخفيف من أعب اء املركزية
اإلدارية و التج اوب مع األفك ار الدميقراطية ،و ذلك بإش راك املواط نني يف إدارة الش ؤون العامة
واختاذ القرارات اليت هتدف إىل احملافظة على إطار معيشتهم ( ، )2و لعل هذا األسلوب الدميقراطي
من شأنه أن جيسد كسب ثقة املواطنني اللذين رغبوا يف انتخاهبم بكل حرية و إرادة (. )3
الفرع األولـ
اإلطار القانونيـ للبلدية في مجال حماية البيئة
إن االع رتاف للبلدية بالشخص ية املعنوية جتعل هلا مجيع الص الحيات يف اختاذ الق رارات النهائية يف
الشؤون احمللية السيما تلك املتعلقة بقضايا البيئة (. )4
فهي تلعب دورا أساسيا يف جمال احلف اظ على البيئة و محايتها من أخط ار التلوث و يتمثل ه ذا يف
مهم تني رئيس يتني ،فهي من جهة ممثلة للدولة باعتبارها س لطة تنفيذية تس هر على تنفيذ الق وانني
الوطنية املتعلقة حبماية البيئة ( ، )5و على هذا فإن قانون البلدية ألزم رئيس اجمللس الشعيب البلدي يف
إطار التنظيمات و القوانني اختاذ مجيع التدابري الالزمة من شأهنا ضمان سالمة األشخاص واألموال
يف األم اكن العمومية اليت ميكن أن تتع رض لك وارث طبيعية ( ، )6أما يف حالة اخلطر اجلس يم ف إن
البلدية تتدخل عن طريق اجمللس الشعيب البلدي الذي يتخذ مجيع اإلجراءات الالزمة و تدابري األمن
حسب ظروف احلال ( ، )7و هذا يف جمال محاية النظام العام و محاية البيئة بصفة خاصة .
112
-املعاقبة على كل مساس بالراحة العمومية و كل األعمال املخلة هبا .
-اختاذ االحتياطات و التدابري الضرورية ملكافحة األمراض املعدية و الوقاية منها .
-القضاء على احليوانات املؤذية و املضرة .
-السهر على نظافة املواد االستهالكية املعروضة للبيع .
-السهر على احرتام املقاييس و التعليمات يف جمال التعمري .
فالبلدية متلك من اإلمكانات للعمل مع اجلماهري و توعيته و ضبط كل االعتداءات و املخالفات و
ذلك بالطرق القانونية اليت منحها هلا املشرع بوضع حد للتجاوزات املاسة باحمليط .
فالبلدية يف إط ار املش روعية و تطبيقا لنص وص القانونية ،هلا دور أساسي يف محاية البيئة و ت أمني
س المتها و تطويرها ص حيا و اجتماعيا و هي املكلفة بتنظيف املدن و التخلص من خمتلف
الفضالت البشرية بالطرق العلمية الصحيحة ،كما تراقب احملالت اليت متارس نشاطات هلا اتصال
مباشر بالبيئة ك احملالت للم واد الغذائية إذ تف رض رقابتها على الس لع املعروضة و على التج ار
للتطبيق األمثل لقانون املستهلك و كما تفرض رقابتها على احملالت اليت متارس نشاطها يف وسط
صخب و ضوضاء مما قد يؤدي إىل تأثريات نفسية و فزيولوجية .
و كما تلعب البلدية دورا رئيس يا يف مراقبة املي اه الص احلة للش رب و م دى مطابقتها للمق اييس
العلمية و هلا حبكم سلطتها العامة غلق املنشآت املنافية هلذه املقاييس .
و اجلدير بال ذكر أن بعض ال دول املتطورة والصناعية بالدرجة األوىل أعطت للبل ديات ص الحيات
()1
أوسع يف جمال مراقبة املنشآت الصناعية و كيفية التخلص من فضالهتا بطرق صحية .
كما أن البلدية معنية أيضا يف حدود إقليمها اجلغرايف بإنشاء مساحات اخلضراء و هذه األخرية اليت
تعترب مأمنا من التلوث اهلوائي و رئة يتنفس هبا املواطن (. )2
ــــــ
-1د.منري ونوس :دور البلديات يف محاية املدن العاملية،جملة املدينة العربية ص 54،59العدد . 52
الفصل، 58عدد .52
الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا -2دور البلديات يف محاية املدن العاملية ،جملة املدينة العربية ص
فمسؤولية البلدية يف جمال محاية البيئة تستمد من القوانني النافدة للدولة و الصالحيات
املمنوحة هلا و اليت متارس ها يف إط ار مب دأ الش رعية لتنفيذ السياسة الوطنية حلماية البيئة و ترقيتها
وضبط طرق تطبيقها ،لكوهنا املؤسسة الرمسية الضامنة لتطبيق تدابري و إجراءات محاية البيئة و على
113
ه ذا س يكون ق انون البلدية األساسي يف تنظيم ص الحياهتا بص فة عامة و خاصة مع وج ود ق وانني
أش ارت هبذا ال دور ،و من ذلك الوثيقة الدس تورية ( ، )1و ك ذلك التش ريع الرئيسي حلماية البيئة
الص ادر سنة 1983و املع دل مبوجب الق انون 03/10املتعلق حبماية البيئة يف إط ار التنمية املستدامة
وال ذي تبعه جمموعة من الق وانني الس يما منها ق انون 01/19املتعلق بتس يري النفاي ات و مراقبتها
وإزالتها ،و ك ذا الق انون 01/20املتعلق بتهيئة اإلقليم و التنمية املس تدامة و الق انون 03/03املتعلق
مبناطق التوسع و املواقع السياحية و القانون 03/01املتعلق بالتنمية املستدامة للسياحة ،و القانون
03/02املتعلق بالقواعد العامة الس تغالل الش واطئ ،و الق انون 01/10املتعلق باملن اجم ،و أخ ريا
القانون 01/11املتعلق بالصيد البحري و تربية املائيات ،و كذا القوانني اخلاصة األخرى كقانون
التهيئة و التعمري و قانون املياه و قانون محاية الصحة العمومية و القوانني املتعلقة حبماية املستهلك .
قبل التع رض على ه ذه الق وانني البد من اإلش ارة إىل مش اكل البيئة اليت متيز اجلماع ات احمللية يف
اجلزائر كوهنا ختتلف ب اختالف اإلط ار اجلغ رايف ال ذي تقع فيه البلدية ،فبعض البل ديات الواقعة يف
اجلنوب ينصب اهتمامها حول كيفية جلب املياه الصاحلة للشرب و حماربة التصحر ،لذلك فليس
من الس هل حتديد ه ذه املش اكل إذا نظرنا إىل كل إقليم بلدية على ح دا إال أن النص وص القانونية
اليت س نها املش رع اجلزائر يف ه ذا اجملال روعيت فيها كل ه ذه اخلالف ات حسب طبيعة املش كل
فهن اك نص وص تتعلق مبكافحة النفاي ات الص ناعية ( ، )2و هن اك نص وص تتعلق مبكافحة التص حر
وهناك نصوص تتعلق حبماية السواحل .
و إذا تس اءلنا عن نوعية املش اكل البيئية اليت متيز اجلماع ات احمللية يف اجلزائر لك ان اجلواب معق دا
ومتفرعا ،ألن مشاكل البيئة و إن كانت متشاهبة يف بعض أوجهها فهي ختتلف يف بعضها اآلخر
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا -1دستور 1996املادة 15فقرة . 2
-2وزارة الداخلية – محاية البيئة املهام اجلديدة للجماعات احمللية – م.أ.ت.م.م ص . 9-8
وذلك تبعا ملوقع كل مجاعة حملية ،و كثافة س كاهنا و ن وع النش اط الس ائد هبا ،و البل ديات
اجلزائرية ص نفان :فمن حيث املوقع فهي بل ديات س احلية و بل ديات ريفية و جبلية و بل ديات
صحراوية أما من حيث نوع النشاط السائد هبا فهي بلديات صناعية و بلديات فالحية و بلديات
114
خدماتية (س ياحية ) و على أس اس ه ذا التص نيف ف إن املش اكل البيئية ختتلف من منطقة إىل أخ رى
فاملش اكل اليت تالقيها البل ديات الس احلية أو الص ناعية غري تلك اليت تواجهها البل ديات اجلبلية
أوالصحراوية
و على ه ذا ف إن مش اكل البيئة يف اجلزائر حتت اج إىل اإلج راءات القانونية الكفيلة بوقايتها و ك ذلك
النصوص و التنظيمات القادرة على هتذيب هذه االعتداءات .
و رئيس اجمللس الش عيب البل دي حسب املب ادئ العامة مكلف بت أمني حفظ النظ ام الع ام و األمن
والنظافة فهو يتمتع باختص اص ع ام يف جمال البيئة ف أعطيت له س لطة تقديرية واس عة لتحديد و
ضبط االعتداءات اليت من شأهنا املساس بالبيئة إذ ال ميكن للقانون حصرها بدقة .
و قبل التعرض لصالحيات البلدية يف ميدان محاية البيئة البد من اإلشارة إىل قانون البلدية
الص ادر س نة 1969ال ذي أغفل مس ألة البيئة و لعل ه ذا يعترب أم را ب ديهيا يتماشى مع ظ روف
السياسة الس ائدة آن ذاك إب ان االس تقالل إذ ك انت سياسة اجلماع ات احمللية متجهة إىل التش ييد
والتصنيع مهملة بذلك إىل حد ما قضايا البيئة(.)1
و قد ظهر ال وعي البي ئي إال يف بداية الس بعينات أي منذ إنش اء أول هيئة حلماية البيئة و هي ما
عرف باجمللس الوطين للبيئة سنة . )2( 1974يف حني جند أن قانون البلدية الصادر سنة 1981قد
تبىن صراحة مسألة البيئة بإدخال جمموعة من املفاهيم منها توعية احلياة ،التلوث ،النظافة العمومية
...إخل (. )3
Dr.Mohamed Rabah Opcit p207-208 voir aussi interview de Mr secretaire d’état chargé de -1
l’environnement , fond commun de collectivités locals, la participation de la communne a la
protection de l’environnement n°2/1997 p.33
الفرع الثاني
اختصاصات البلديةـ في ميدان النظافة العمومية
115
إن البلدية ملزمة باختاذ الت دابري املتعلقة بالنظافة العمومية س واء تعلق منها بالنفاي ات
احلض رية أو املي اه الق ذرة أو مكافحة األم راض املتنقلة عن طريق املي اه ،فه ذه القض ايا تعد من أهم
املشاكل اليت تتطلب استعمال أساليب الضبط اإلداري اخلاص بصيانة و محاية النظام العام لكوهنا
هلا آثار سيئة على صحة املواطن .
واجلدير باإلشارة أن قوانني البلدية اهتمت هبذه املشاكل قبل صدور قانون ، 1990
فبعد ندوة ستوكهومل ظهرت أول وثيقة ( )1خولت للمجلس الشعيب البلدي يف كل عمل يهدف
إىل محاية احمليط و حتس ينه عرب ت راب البلدية ،مث ج اء املرس وم التط بيقي له ( )2قضي ب إلزام اجمللس
الش عيب البل دي باختاذ اإلج راءات اليت ختص النظافة و حفظ الص حة العمومية مبا يف ذلك نظافة
املس اكن والعم ارات و املس احات و البناي ات و املؤسس ات العمومية ( )3و تتجسد ه ذه النظافة
باختاذ اإلجراءات الرامية إىل مكافحة األمراض الوبائية و حامالت األمراض املتنقلة عن طريق املياه
و ك ذا التنظيف ،و مجع القمام ات و ص يانة ش بكات التطهري و تص ريف املي اه الق ذرة ( )4و من
جهة أخ رى ف إن توفري البيئة الص حية تتوقف على نظافة الوسط احمللي ال ذي حتوزه البلدية يف إط ار
إقليمها و لعل هذا يقتضي قيام مسئوويل البلدية بتنظيم املزابل العمومية (. )5
و يف سنة 1984صدر مرسوم حيدد شروط التنظيف و مجع النفايات احلضرية و معاجلتها ويقضي
ه ذا األخري باختص اص اجمللس الش عيب البل دي جبمع ه ذا الن وع من النفاي ات و نقلها إىل األم اكن
املعدة هلا (. )6
116
النفاي ات الصناعية فإن اجمللس الش عيب البل دي ملزم بإعداد جرد هلا بعد التص ريح بالصناعات اليت
تقع يف إقليمه ( ، )4لكن ما جيب التنويه إليه أن أص حاب املؤسس ات الص ناعية قد يتهرب ون من
االلتزام بالتصريح خصوصا قبل صدور قانون املنشآت املصنفة ( )5الذي حدد بدقة شروط التصريح
و امللف الواجب تطبيقه .
أما فيما خيص محاية الثروة املائية فإن هذا القانون تضمن أيضا سياسة محايتها ،و كما
تض منها بص فة أك ثر تفص يل الق انون الص ادر س نة 1983املتض من ق انون املي اه ،ف اجمللس الش عيب
البل دي حسب ق انون 1981مس ؤول عن محاية املي اه الص احلة للش رب و اختاذ اإلج راءات الرامية
إىل مكافحة األم راض الوبائية و املعدية ،و هو أيضا مس ؤول على متويل الس كان باملي اه بكمي ات
تكفي سد حاجياهتم اليومية ،و كذا ضمان صرف املياه القذرة و صيانة شبكات التطهري (. )6
إال أنه مع صراحة هذه النصوص و رغم الطابع اإللزامي لقواعدها بالنسبة للسلطات احمللية فالواقع
ال ذي نعيشه يؤكد ع دم الص رامة و اجلدية يف تطبيقها من جهة ،و ع دم اك رتاث الس لطات احمللية
بع دم احرتامها ،فانتش ار األم راض املعدية و اجلرثومية و احلموية اليت تس بب األم راض املتنقلة عن
طريق املي اه كاإلس هال و الكول ريا و التفوئيد و الته اب الكبد و انتش ار ف ريوس الس يدا أض حى
حتمية على التصريح اإلجباري هبذه األمراض ملعرفة نسبة انتشارها .
117
قضت ب أن احلماية البيئية تعد مطلبا أساس يا للسياسة التنموية إال أنه ح اول جتس يد إش كالية ه ذه
السياسة على املس توى احمللي و ذلك ض من ثالث حماور التهيئة العمرانية و البيئة ،العم ران و البيئة
النظافة النقاوة والبيئة .
و على غ رار احملور الث الث فق انون البلدية اجلديد أن اط البلدية بامله ام التقليدية املتعلقة بالنظافة
العمومية و هي تتجسد يف ثالثة مهام أساسية(: )1
-صرف و معاجلة املياه القذرة و النفايات اجلامدة احلضرية .
-مكافحة ناقالت األمراض املعدية .
-نظافة األرضية و األماكن و املؤسسات اليت تستقبل اجلمهور .
و عليه فإن البلدية حتقيقا هلذه املهام ملزمة بإصدار القرارات يف هذا اجملال .
و املالحظة من خالل دراسة النص وص املتعلقة حبماية البيئة يف ظل ق انون 1990أن ص الحيات
البلدية هي نفسها املنصوص عليها مبقتضى قانون ، 1981إىل أن هناك فروق واضحة تتمثل يف
االختي ارات السياس ية اجلدي دة اليت نلمس ها من نص وص الق انون اجلديد و ال ذي جيسد أك ثر
()2
الدميقراطية والالمركزية وسلطة اختاذ القرار واالستقاللية املعرتف هبا للبلدية يف جمال اختاذ القرار
يف قطاع البيئة .
ويعترب قانون 01/19املتعلق بتسيري النفايات و مراقبتها و إزالتها ( )3من أهم القوانني اخلاصة الذي
وضع اإلط ار الع ام لكيفية التعامل مع النفاي ات بطريقة تتالئم مع محاية البيئة و نص ص راحة يف
فحواه على مبدأ املعاجلة البيئية العقالنية للنفايات ،كما ألزم البلدية بضرورة اإلعالم و حتسيـس
املواطنني من األخطار النامجة عن النفايات و آثارها على الصحة و البيئة و التدابري املتخذة للوقاية
منها أو تعويضها (.)1
كما أردف هذا التشريع تعريفا قانونيا ملفهوم مصطلح املعاجلة البيئية العقالنية للنفايات
وختزينها وإزالتها بطريقة تض من محاية الص حة العمومية و البيئة من اآلث ار الض ارة اليت قد تس ببها
118
النفاي ات ومن ه ذا يظهر جليا توجه املش رع إىل تغليب كفة محاية البيئة و الص حة العامة على
استعمال النفايات و تثمينها إذ مل يرتك هذا االستعمال جيري على منطلقه بل قيده بشرط يتمثل يف
محاية الص حة العمومية والبيئة و بالنتيجة أص بح ملفه وم اس تعمال النفاي ات بص فة عقالنية بعد بي ئي
صـحي(. )2
على ض وء ما قيل س ابقا ف إن ق انون تسيري النفاي ات أض حى الق انون األساسي ال ذي
مبقتض اه حتدد اختصاص ات أو ص الحيات البلدية يف جمال احلف اظ على النظافة العمومية و محاية
البيئة وترقيتها و يتجلى ذلك من خالل األحك ام اجلدي دة املواكبة لسياسة احلف اظ على البيئة و
الط ابع اجلم ايل للمحيط اليت هتدف مجيعا إىل محاية الص حة العمومية و ميكن حصر ه ذه
االختصاصات يف النقاط التالية :
-تنظم البلدية يف ح دود إقليمها خدمة عمومية و غايتها تلبية احلاج ات ملواطنيها يف جمال مجع
النفايات املنزلية و نقلها و معاجلتها عند االقتضاء (.)3
-تتضمن هذه اخلدمة العمومية وضع نظام لفرز النفايات املنزلية و ما شبهها بغرض تثمينها و مجع
النفايات اخلاصة و الضخمة و جثث احليوانات ...اخل (. )4
()5
-وضع جهاز دائم إلعالم السكان و حتسسيهم بآثارالنفايات املضرة بالصحة العمومية أوالبيئة
و خض وع البلدية عند اختيارها عند مواقع إقامة املنش آت ملعاجلة النفاي ات ذات التنظيم املتعلق
بدراسات التأثري على البيئة (.)6
119
واملالحظة العامة هلذا الق انون أنه غلبت عليه النزعة البيئية حيث تض منت أغلب م واده
ص راحة أو ض منا ش روط أو قي ود على اس تعمال النفاي ات و تثمينها إذ جيب أن يتم ه ذا دون
()1
املساس بالبيئة و الصحة العامة وفقا للمبدأين التاليني:
-احلفاظ على صحة اإلنس ان و احليوان دون تشكيل أخطار على املوارد املائية و الرتبة و اهلواء
وعلى الكائنات احلية احليوانية و النباتية .
-عدم إحداث أي إزعاج بالضجيج و بالروائح الكريهة .
-دون املساس باملناظر و املواقع ذات األمهية القصوى .
إن حتقيق محاية البيئة كما أرادهتا السلطات العمومية ،ال ميكن أن تقوم البلدية بدورها
يف جمال النفايات ،بل يتعني على املواطن أن يلتزم بواجباته إذ يقع عليه واجب احرتام النظام الذي
وضعته البلدية يف هذا الصدد ،كأن يقوم بتجميع النفايات يف املكان املخصص هبا و وضعها يف
األكي اس املخصصة هلا ،ففي ظل ه ذه املش اكل اليت تع اين منها البلدية يعد من ظلم حتميل البلدية
وحدها ملسؤولية األضرار املرتتبة .
الفرع الثانيـ
صالحيات البلدية في ميدان التهيئة و التعمير
إن املراحل اليت مر هبا التس يري العق اري يف اجلزائر هي اليت حتدد لنا اختص اص البلدية يف مي دان
التهيئة و التعمري ،ففي مرحلة الس بعينات خضع تس يري ه ذا اجملال إىل عملية احتك ار و البل ديات
()2
بكل التحوالت العقارية يف املن اطق املعم رة و ذلك يف إط ار التش ريع ال ذي صدر سنة 1974
حيث ضمت كل األراضي إىل االحتياطات العقارية للبلدية عن طريق أبسط مداولة للمجلــس
الشعيب البلدي و بناءا على املخطط األساســي التوجيهي(Plan d’urbanisme )PUD
directifأو عن طري ــق املخطط التعمريي املؤقت plan d’urbanisme provisoire
120
هلذه التج اوزات يف مي دان التعامل العق اري ،حيث قضى على احتك ار البل ديات لتلك األراضي
التابعة للخ واص لص احل الس وق العقارية احلرة و ذلك بإلغ اء الص ريح للق انون املنظم لالحتياط ات
()2
العقارية لصاحل البلديات .
مث تاله بعد ذلك ق انون التهيئة و التعمري س نة 1990املعم ول به حاليا ( ، )3و التهيئة العمرانية
حبكم ه دفها املتمثل يف اختي ار التوزيع يف جمال األنش طة اإلقتص ادية و االجتماعية و الثقافية
و الس كنية ،هلا دور اس تهالكي للمج ال و ه ذا خبالف ق وانني محاية البيئة اليت ينصب اهتمامها
حول محاية اجملاالت الطبيعية .
فهل هذا يعين أن قانون التهيئة و التعمري يتجاهل ضرورة محاية املناطق ذات القيمة اإليكولوجية ؟.
إن النهج ال ذي تبن اه ق انون التهيئة و التعمري ال يهمل اجلانب اإليكول وجي متاما ،إمنا يس عى إىل
الت وازن بني الوظيفة االجتماعية و العمرانية للس كن و الفالحة و الص ناعة و أيضا وقاية احمليط
واألوساط الطبيعية و املناظر ذات الثراث الثقايف التارخيي (. )4
لقد ك ان ق انون البلدية الص ادر س نة 1981أس بق الق وانني ال ذي تض منت جمال محاية البيئة و قد
أوىل اجملالس الشعبية اختصاصات واسعة يف هذا اجملال من جهة و التهيئة العمرانية من جهة أخرى.
انون البلدية جند أن دورها يف جمال النظافة العمومية أوسع بكثري مقارنة تقرائنا لق و باس
باختصاص اهتا املتعلقة مبي دان التهيئة و التعمري ،حيث تع رض املش رع فيه إىل رخصة البن اء دون
إعط اء التفاص يل املتعلقة هبا ،فقد أش ار فقط إال أن رئيس اجمللس الش عيب يت وىل ص الحية تس ليم
رخصة البناء لكنه مل حيدد أي مقياس أو شروط قانونية اليت من شأهنا ربط جمال محاية البيئة بتسليم
121
باإلض افة إىل ذلك ف إن من ص الحيات اجمللس الش عيب البل دي و هو وضع خمطط للتهيئة و حتديد
مناطق البلدية و وظائفها و محاية الطابع اجلمايل و املعماري للتجمعات العمرانية و مجيع املنشآت
املتواجدة على تراب البلدية .
و يف هذا اإلطار يرى البعض أن استعمال املشرع لعبارة " الطابع اجلمايل املعماري " دليل على
البحث على نوعية التجمع ات العمرانية و مجاهلا و انس جامها مع احمليط أك ثر منها البحث عن
اجلانب الكمي فقط (. )1
إىل أن صدر قانون سنة 1982الذي ألزم البلدية بتسليم رخصة البناء معتربا إياه أمرا
إجباريا يف كل عملية بناء ،و البد من األخذ بعني اإلعتبار أثناء حتضري هذه الرخصة جملموعة من
املق اييس اليت نصت عليها املادة 15من املرس وم التط بيقي 82/304على س بيل احلصر ال على
س بيل املث ال ،مما جيعل س لطة اإلدارة اختاذ الق رار يف ه ذا اجملال مقي دة ال مطلقة و عليه ف إن اإلدارة
مبراعاة هذه املقاييس ميكنها تسلم الرخصة أو ال تسلم .
أما قانون التهيئة العمرانية الصادر سنة 1987قد ركز على ضرورة التوازن اجلهوي يف
أغلب م واده من خالل ب رامج إمنائية ختتلف ب اختالف املن اطق ( ، )2أما االختصاص ات البلدية
حسب هذا القانون فإن نظام التخطيط الوطين يعتمد على توزيع الصالحيات بني الدولة و الوالية
من جهة و بني خمتلف األجه زة األخ رى اجملس دة لالمركزية اإلدارية ( ، )3و ما يع اب على ق انون
التهيئة الص ادر س نة 1987أنه مل يضع أدوات التهيئة العمرانية الكافية حلماية البيئة بدقة ب رغم أنه
نص على أن التهيئة العمرانية تأخذ بعني اإلعتبار محاية البيئة (. )4
وبصدور آخر قانون يتعلق مبجال البناء و التعمري سنة 1990الذي حدد بدقة الصالحيات
املخولة للبلدية يف جمال محاية البيئة و ذلك من خالل وسائل قانونية اليت تساهم البلدية يف وضعها
122
املرتتبة عن تط بيق املادة األوىل منه يف إط ار جتس يد احلماية القانونية و بالت ايل فقد جعل مق اييس
قانونية تتعلق بإنتاج أراضي قابلة للبناء و التعمري اليت جيب أن تأخذ يف احلسبان ما يلي :
-الرتاخيص املتعلقة بالبناء و التجزئة و اهلدم ،و مبقتضى هذه األدوات اليت تضمنها قانون التهيئة
و التعمري ف إن البلدية أص بحت تلعب دورا جوهريا يف إط ار عملية البن اء مراعية مقتض يات محاية
البيئة و القضاء على التعمري الفوضوي (. )1
أوال :التخطيطات و التنظيمات :
تكمن أمهية هذه املخططات يف حتديد التوجيهات األساسية يف هتيئة األراضي املعنية كما
تضبط توقعات التعمري ،و قواعده و الشروط اخلاصة به ،إضافة إىل ترشيد استعمال املساحات
ووقاية النش اطات الفالحية و محاية املواقع احلساسة و املن اظر و ك ذا كل ما يتعلق بتحديد ش روط
التهيئة و البناء للوقاية من مجيع أخطار الطبيعة (. )2
وتتمثل هذه املخططات يف صنفني ،خمطط التوجيه للتهيئة و التعمري ، PAUDخمطط
شغل األراضي POSفاملخطط األول يعد أهم أدوات التخطيط اجلمايل ولتسيري احلضاري ،و هو
حيدد توجيه ات أساس ية للتهيئة العمرانية للبلدية بأخذ بعني االعتب ار تص اميم التهيئة و خمطط ات
التنمية ( )3و ينم إع داد ه ذا املخطط مبب ادرة من اجملالس الش عبية البلدية و تتم املوافقة عليه مبداولة
اجمللس الش عيب البل دي ،مث تبلغ املداولة لل وايل املختص إقليميا كما يل تزم رؤس اء اجملالس الش عبية
البلدية و اهليآت احمللية بتقدمي تبليغ كتايب لرؤساء الغرف التجارية (. )4
123
-التهيئة العمرانية ،الفالحة ،مصاحل معاجلة املياه ،مصاحل األشغال العمومية و اآلثار التارخيية و
مصاحل الربيد و املواصالت ...اخل .
-أما خمطط ش غل األراضي يتعلق بتحديد حقوق اس تخدام األراضي و البن اء عليها ( ، )1و ال ذي
جيب أن يكون مطابقا يف ظل أحكام املخطط التوجيهي للتهيئة و التعمري .
حىت ميكن اختاذ اإلجراءات الفعالة و القانونية من طرف خمطط شغل األراضي ،و يتم حتضري هذا
املخطط مبب ادرة من رئيس اجمللس الش عيب البل دي ،و حتت مس ؤوليته ( ، )2و تتم املوافقة عليه
مببادرة من اجمللس الشعيب البلدي أو اجملالس الشعبية البلدية إذا كان املخطـط يغطي بلـديتـني أو أكثر
( ، )3إذ أن األهداف اليت يرمي إليها هذا املخطط تتمثل فيا يلي (: )4
-ضبط القواعد املتعلقة باملظهر اخلارجي للبنايات
-حتديد املس احات العمومية و املس احات اخلض راء و املنش آت العمومية ذات املص لحة العامة
وحتديد األحي اء و الش وارع و النصب التذكارية ،و تع يني مواقع األراضي الفالحية و جتدي دها
وإصالحها .
ثانياـ :تسـ ــليم رخصة البنـ ــاء :لقد ح اول املش رع من خالل املرس وم التنفي ذي بق انون التهيئة و
التعمري التوفيق بني البيئة و التعمري من خالل حتضري رخصة البن اء اليت يل تزم رئيس اجمللس الش عيب
البلدي بتسليمها على ضوء اعتبارات متعددة و ذلك باحرتام األحكام التشريعية اخلاصة بالنظافة و
األمن و الفن اجلمايل و احملافظة على االقتصاد الوطين.
و خنلص إىل القول أن املشرع أعطى للبلدية صالحيات واسعة يف جمال التهيئة و االهتمام مبشاكل
عمران البيئة و ذلك بتكييف أدوات التعمري مع مقتضيات محاية البيئة و هذا ما جتسده لنا رخصة
البن اء باعتبارها وس لة فعالة لتحقيق ه ذا اهلدف و اليت تعرض نا إليها بالتفص يل من خالل الفصل
األول.
1ـ ـ ـ ـ ـ
-1املادة 31من القانون .90/29
-2املادة 34من القانون . 90/29
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا -3املادة 35من القانون . 90/29
-4املادة 31من القانون . 90/29
المبحث الثالث
دور الجمعيات واألفرادـ في حماية البيئة
124
إن ضمان املشاركة اجلماهريية الفاعلة رهن لتحقيق مجلة من املمارسات وصيانة العديد
مـن املب ادئ ،فاحلف اظ على البيئة وترقيتها ومنع ت دهورها هي األه داف احلقيقية من املش اركة،وال
يتم ذلك ما مل تت وافر اهلياكل التنظيمية اليت حتت وي املواطن وتنظم جه وده خلدمة القض ايا البيئية
وبنائه فكريا وثقافيا وك ذا متكينه من اإلطالع على املعلوم ات عالوة على كفالة حقه يف التقاضي
وجتاوز العقب ات اليت تقف عائقا أم ام تنمية قدراته وحتول دون تفاعله مع احمليط ال ذي حيي فيه
ومس امهته قي عملية التنمية املس تدامة بل والبحث عن أفضل الط رق إلش راكه يف إدارة الش ؤون
العامة للدولة وحتميله ج انب من مس ؤولية ص نع الق رار اليت تتعلق بالبيئة وترقيتها (، )1ويعد احلق يف
املشاركة باالنتماء احلر للجمعيات واالجتماعات أفضل الطرق للوصول إىل األهداف السابقة كما
يعترب ص ورة من ص ور ت دعيم الدميقراطية اليت عكس ها الدس تور 1989ال ذي دعم بكل جدية
()2
احلركة اجلمعوية .
المطلب األولـ
دور الجمعيات في حماية البيئة
كان من أبرز توصيات مؤمتر ستوكهومل املنعقد بالسويد سنة " 1973أن التكنولوجيات
والتنظيم ات والتش ريعات مجيعها ميكن أن تعجز يف س بيل حتقيق أه دافها إلرس اء سياسة بيئية ذات
فعالية الفتقارها الوعي البيئي "(.)3
وعلى غ رار ه ذا ف إن تنفيذ سياسة تش ريعية يف جمال محاية البيئة ال تكفي وح دها إلل زام األف راد
بض رورة احملافظة على البيئة ينبغي تعزيز ه ذه املب ادرات التش ريعية ب أجهزة أك ثر فعالية ميكنها
االتصال مباشرة مبختلف الشرائح االجتماعية يف إطار محاية البيئة .
125
تزامن ظهور مجعيات محاية البيئة يف اجلزائر مع املسار الدميقراطي اجلديد اليت تبناه دستور
1989والذي عكس بكل جدية تدعيم الدور اجلمعوي داخل اجملتمع ،مع التنويه إىل أن هذا احلق
قد كرسته دساتري اجلمهورية السابقة لكن مل يكن بنفس الصورة اليت جاء هبا دستور .1989
فاجلزائر بعد االستقالل أعلنت تطبيق القوانني الفرنسية باستثناء ما يتعارض منها مع
الس يادة الوطنية والق انون ال ذي ك ان ينظم اجلمعي ات آن ذاك هو الق انون الفرنسي الص ادر س نة
، 1901كما كرس هذا احلق دستور 1996يف مادته 41بالنص على أن حريات التعبري وإنشاء
اجلمعي ات واالجتم اع مض مون للم واطن وك ذا يف نص املادة 43ب النص على أن حق إنش اء
اجلمعيات مضمون وتشجع الدولة ازدهار احلركة اجلمعوية .
ومتاش يا مع النص وص الدس تورية فقد اع رتفت النص وص القانونية ك ذلك ب احلق يف إنش اء مجعي ات
()1
للدفاع عن البيئة ومن ذلك قانون البيئة الصادر سنة 1983
الذي أجاز إنشاء مجعيات للمسامهة يف محاية البيئة ولكنه مل يعط دورا للتثقيف والتوعية البيئية كما
نص ق انون محاية املس تهلك على حق اجلمعي ات حلماية املس تهلكني يف القي ام بدراس ات وإج راء
اخلربات املرتبطة باالستهالك معرتفا هلا بذلك بدورها يف جمال محاية الصحة .
ويف سنة 1990صدر قانون اجلمعيات الذي وضع اإلطار القانوين للحركة اجلمعوية وأصبحت هلا
مكانة خاصة يف اجملتمع باعتبارها مهزة وصل بني اإلدارة واملواطن السيما يف جمال محاية البيئة .
ويعترب القانون 03/10املتضمن محاية البيئة يف إطار التنمية املستدامة من أهم القوانني اليت كرست
دور اجلمعيات يف جمال محاية البيئة إذ أعطتها صالحيات واسعة يف هذا اجملال احليوي باإلضافة إىل
الق وانني األخ رى اليت أنش أت مبوجبها هيئ ات إدارية مركزية إذ أعطت ص الحيات جدي دة
للجمعي ات البيئية خاصة املرس وم ال ذي أنشأ الوكالة الوطنية للنفاي ات والق انون املتعلق مبن اطق
التوسع واملواقع السياحية .
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا -1املادة 16من القانون . 83/03
الفرع الثانيـ
صالحيات الجمعيات البيئية في مجال حماية البيئة
126
ميكن حصر جممل االختصاصات والصالحيات اليت أوكلت للجمعيات البيئية يف جمال
محاية البيئة من خالل اس تقراء خمتلف الق وانني اليت نظمت اجملال البي ئي (ق انون البيئة املع دل 03/1
،0قانون املستهلك ،قانون التهيئة والتعمري،قانون املناجم ...اخل) ،وذلك على النحو التايل :
-تس اهم اجلمعي ات املعتم دة قانونا واليت متارس أنش طتها يف جمال محاية البيئة وحتسني اإلط ار
املعيشي يف عمل اهليئ ات العمومية خبص وص البيئة وذلك باملس اعدة وإب داء ال رأي واملش اركة وفق
()1
التشريع املعمول به .
-احلق يف التقاضي (الص فة القض ائية) وذلك برفع دع اوى أم اجله ات القض ائية املختصة عن كل
مساس بالبيئة ،حىت يف احلاالت ال تعين األشخاص املنتسبني هلا بانتظام (.)2
-ميكن للجمعيات املعتمدة قانونا ممارسة احلقوق املعرتف هبا للطرف املدين خبصوص الوقائع اليت
تلحق ض ررا مباش را أو غري مباشر باملص احل اجلماعية اليت هتدف إىل ال دفاع عنها وتش كل ه ذه
الوق ائع خمالفة لألحك ام التش ريعية املتعلقة حبماية البيئة وحتسني اإلط ار املعيشي ومحاية املاء واهلواء
()3
واجلو واألرض وباطن األرض والفضاءات الطبيعية والعمران ومكافحة التلوث .
-عند تع رض أش خاص طبيعية ألض رار فرض ية تس بب فيها الش خص نفسه وتع ود إىل مص در
مش رتك يف املي ادين املذكورة أعاله فإنه ميكن لكل مجعية معتم دة مبقتضى املادة 35من الق انون
، 03/10إذا فوضها على األقل شخصان طبيعيان معنيان أن ترفع بامسها دعوى التعويض أمام أية
جهة قض ائية وجيب أن يك ون ه ذا التف ويض كتابيا كما ميكن للجمعية اليت ترفع دع وى قض ائية
(
وفقا لألحكام السابقة الذكرممارسة احلقوق املعرتف هبا للطرف املدين أمام أي جهة قضائية جزائية
. )4
-1املادة 35من القانون 10 /03املتعلق حبماية البيئة يف إطار التنمية املستدامة .
-2املادة 36من القانون . 03/10
الفصل الثالث:الهيئات الكفيلة بحماية البيئة وترقيتها ميدانيا -3املادة 36من القانون 03/10
-حق ال دفاع على احمليط العم راين واملطالبة ب احلقوق املع رتف هبا للط رف املدين مما يتعلق
باملخالفات ألحكام التشريع اخلاص حبماية احمليط (.)1
127
-كما ميكن لكل مجعية مؤسسة قانونا واليت تب ادر وفق قانوهنا األساسي حبماية البيئة والعم ران
واملع امل الثقافية والتارخيية والس ياحية أن تؤسس نفس ها ط رف م دين فيما خيص خمالف ات أحك ام
()2
قانون مناطق التوسع واملواقع السياحية.
-لكل مجعية مؤسسة قانونا تب ادر بقوانينها األساس ية على محاية الش واطئ أن تتأسس كط رف
م دين فيما خيص خمالف ات أحك ام الق انون احملدد للقواعد العامة الس تغالل واالس تعمال الس ياحي
()3
للشواطئ .
-حق مجعيات محاية املستهلكني بالقيام بدراسات و إجراء اخلربات املتعلقة باالستهالك.
أما يف إط ار وظيفة التحس يس والتوعية البيئية قد ظه رت إىل الوج ود خاصة يف بداية
التسعينات عدة مجعيات إيكولوجية وذلك أن هذه الوظيفة اختصاص أصيل باجلمعيات بصفة عامة
نظ را الحتكاكها الي ومي ب األفراد وتعترب مجعية ( ) Aspwitلوالية تلمس ان اليت أنش أت س نة
1977أقدم مجعية حلماية البيئة يف اجلزائر ،ظهرت مباشرة بعد صدور دستور 1976الذي كرس
حق إنش اء اجلمعي ات ومتثل ه دفها الرئيسي يف حماربة التعمري الفوض وي ومنع إنش اء مركب ات
صناعية بالقرب من األراضي الفالحية اخلصبة وقد قامت بعدة ملتقيات رائدة يف جمال محاية البيئة
وذلك من خالل أيام دراسية أمهها:
-سنة 1980امللتقى الوطين حول البيئة .
-سنة 1981ندوة حول العمران يف تلمسان .
-سنة 1982ندوة حول مشاكل املياه.
ك انت ت رمي ه ذه األي ام املفتوحة إىل التحس يس وتبي ان مش اكل البيئة وك ذا التنس يق بني خمتلف
املرافق املعنية مبجال البيئة ومن بني أعماهلا كذلك حتسيس الطفولة بالبيئة من خالل محــالت
التش جري اليت تق وم هبا على مس توى م دارس الوالية كما ق امت بتس جيل ش ريط ص ويت يتعلق
بالش جرة وال ذي وجد ترحابا كب ريا من ط رف وزارة الرتبية كما ق امت اجلمعية مبخاص مة ع دة
128
أش خاص أم ام القض اء ق اموا ب نزع أش جار ب دون ت راخيص (حالة مص نع ميت انون الغ زوات) كما
()1
تأسست كطرف مدين يف عدة قضايا متعلقة بالتعدي على اجملال البيئي .
المطلب الثانيـ
دور األفرادـ في مجال حماية البيئة
يبدو من الصعب أحيانا فصل اجلهد الرمسي للحكومات واملنظمات عن الدور الذي يلعبه
األف راد اجملتمعني أو منف ردين بس بب تعقد التنظيم ات وما حتضى به من دعم وإس ناد .وإن األف راد
بكل ما ميلك ون من مؤسس ات ملوثة حيتل ون ح يزا هاما من اهليكل الع ام لالقتص اد الوطين ول ديهم
باع طويل يف صنع القرار السياسي للدولة وكذا يف توجيه سياسته التشريعية بالشكل الذي حيمي
مصاحلهم خاصة يف البلدان ذات االقتصاد احلر .
وعلى هذا فالفرد يلعب دورا هاما يف جمال محاية البيئة إن مل نقل أنه أهم دور يف هذا
امليدان باعتباره مصدر التلوث البيئي يف كل احلاالت بصفة مباشرة وغري مباشرة وكما قلناه آنفا
تقدميا هلذا الفصل فإن غزارة التشريع البيئي وإحداث أجهزة مكلفة حبماية البيئة وحدمها ال ميكن
هلما بل وغ غاية محاية البيئة من دون انتش ار ال وعي البي ئي ه ذا األخري لن يت أتى إال ب العلم الراسخ
ألن الك ون ال ذي حيي فيه اإلنس ان س خر خلدمته وهو س يد عليه وهو جمرب على احملافظة عليه
وصيانته لتتم خدمته على أمت وجه وأكمل صورة قال اهلل تعاىل " هو الذي خلق لكم ما يف األرض
مجيعا مث اس توى إىل الس ماء فس واهن س بع مسوات"(س ورةالبقرة) وق ال ص لى اهلل عليه وس لم " إن اهلل
مجيل حيب اجلمال".
ومن خالل استقرائنا وتفحصنا ملختلف النصوص املتعلقة مبجال محاية البيئة فإننا جند أن
املش رع اجته اجتاه أخلقة الق انون ( ) la moralisation de la règle juridiqueفقد أل زم
الفردبعدة واجبات تتعلق حبماية البيئة خماطبا خاصة منتجي وحائزي النفايات وذلك بالقيام مبايلي:
ASPWITالسيد البيئةاجلمعية
وترقيتها ميدانيا بحمايةرئيس
الكفيلةلقاء مع
الثالث:الهيئات 104و
الفصلسنة 2003ص
-1أنظر جملة العلوم القانونية واإلدارية جلامعة تلمسان العدد 1
129
-يف حالة ع دم مق درة منتجي النفاي ات أو احلائز هلا على تف ادي إنت اج أو تثمني نفاياته فإنه يل زم
()2
بضمان أو بالعمل على ضمان إزالة هذه النفايات على حسابه اخلاص بطريقة عقالنية بيئيا.
-ال ميكن معاجلة النفاي ات اخلاصة اخلط رة إال يف املنش آت املرخص هلا من قبل ال وزير املكلف
()3
بالبيئة .
()4
-حيظر خلط النفايات اخلاصة اخلطرة مع النفايات األخرى .
-يل زم منتجو ،أو ح ائزو النفاي ات اخلاصة اخلط رة بالتص ريح لل وزير املكلف بالبيئة باملعلوم ات
املتعلقة بطبيعة وكمية وخصائص النفايات(.)5
130
131