Professional Documents
Culture Documents
قسم الحقوق
ا
المسؤولية اإلدارية عن أعمال الشرطة
-لجنة المناقشة:
-1دمحم بوالعة ،جامعة أم البواقي ،أستاذ مساعد أ ...................رئيسا
-2دمحم دحدوح ،جامعة أم البواقي ،أستاذ مساعد أ .....................مشرفا و مقر ار
-3السعدي ساكري ،جامعة أم البواقي ،أستاذ مساعد أ ...............عضوا ممتحنا
كما ال يسعني إال أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير والعرفان لألستاذ المشرف
على هذه المذكرة فجزاه هللاا عنى خير الجزاء .
و ال يفوتني في هذا المقام أن أشكر السيد عميد كلية الحقوق بجامعة أم البواقي
األستاذ المحترم و القدير الدكتور بوعبد هللاا الذي نشهد له تفانيه و اجتهاده و حرصه
على تأدية وظائفه و مسؤولياته اإلدارية و خاصة العلمية منها بكل أمانة وصدق
و عطاء ،كما أشكر الدكتور القدير بوالعة دمحم على عونه وتوجيهاته ،ولست انسى
افضال أعضاء لجنة المناقشة بان ارفع اليهم أسمى معاني االمتنان وموفور االشكر
على ما تجشموه من عناء في سبيل تصويب هذا العمل واخراجه على اطيب صورة
وأسأل هللاا تعالى أن يجعل لهم نو ار يهتدون به.
عرفانا لفضلهما ودعواتهما أهدي هذا العمل المتواضع إلى الوالدين الكريمين
أطال هللاا عز وجل في عمريهما ،والى اخوتي حفظهم هللاا ورعاهم و كل أفراد العائلة
و الى شريكة حياتي و نورها زوجتي الفاضلة و الى صغير العائلة دمحم شاكر .
كما ال يفوتني في هذا المقام أن أتقدم بإهداء هذا العمل إلى جميع األصدقاء
أساتذة أفاضل ،قضاة ،محامون و الى كل الزمالء و االصدقاء
مـقــدمــة
مقدمة
لئن بات من المسلم به ان إرساء فكرة الموازنة بين حماية الحريات و الحقوق من جهة
و تحقيق النظام العام من جهة أخرى احدى أهم مقومات وأهداف دولة القانون ،و ألجل حفظ
النظام العام تعتمد الدولة على وسائل شتى أهمها أجهزة الشرطة التي تتولى القيام بنشاطات
تنظيمية و أخرى مادية من أجل حفظ النظام العام في إطار ما يسمى بالضبط اإلداري الذي يلعب
دور وقائي بمعنى المحافظة على النظام العام بعناصره الثالثة األمن العام الصحة العامة السكينة
العامة ،إلى جانب أعمال أخرى تندرج في اطار الضبط القضائي وذلك من خالل البحث و التحري
عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات و جمع األدلة عنها والبحث عن مرتكبيها.
و نظ ار للدور الفعال الذي تقوم به أجهزة الشرطة في ممارسة سلطة الضبط بنوعيه،
و لخصوصية األجهزة في حد ذاتها وبسبب التدخل السريع و الفعال ألعوان الشرطة ،قد يتعرضون
الرتكاب أخطاء و هم بصدد تأدية وظائفهم أو حتى خارجها األمر الذي قد يرتب مسؤوليتهم
التأديبية و حتى الجزائية ،و لكن وبغرض كفالة الحريات و الحقوق ألفراد المجتمع من جهة
و حماية أعوان الشرطة من جهة أخرى ،ابتدع القضاء اإلداري فكرة مسؤولية الدولة على أعمال
الشرطة بما يمنح حماية للضحية المتضرر ،اذ تصور الفقه و القضاء فكرة اإلدارة التي تنوب عن
الموظف في دفع التعويضات ،بمعنى المسؤولية االدارية للدولة على أعمال موظفيها.
حيث لم تكن المسؤولية اإلدارية معترف بها في جميع البلدان و في كافة األنظمة
القانونية القديمة ،فكانت المحاكم ترفض اإلعتراف بمسؤولية الدولة عن األضرار الناجمة
عن نشاطها ارتكانا إلى المبدأ المقرر قديما والذي مناطه أن " :الملك ال يسيء صنيعا "
، Le roi ne peut mal faireو وبالتدرج من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري فإننا نجد أنه
لم يغير ذلك من عدم االعتراف بالمسؤولية اإلدارية ،حيث أن العصمة من الخطأ الملكي قد انتقل
إلى البرلمان الذي يحوز السيادة و بذلك الشكل إذا تجسدت فكرة ال مسؤولية الدولة ،و أضيف
أيضا بأن القواعد الموجودة التي تحكم المسؤولية الخاصة ال يمكن تطبيقها على الدولة ،أما
التصريح بمسؤولية المتبوع على أخطاء تابعيه الذي يوجد سنده القانوني الوحيد في القانون المدني
فلم يجد قبوال من الجميع.
والواقع أن أول تكريس لقواعد هذه المسؤولية تأسس ضمن بعض القوانين الهامة وهكذا فقد
تم التنصيص على الحق في التعويض في اإلعالن عن حقوق اإلنسان والمواطن في سنة 1871
والذي ذهب في مادته السابعة عشر إلى أن ":الملكية هي حق ال ينتهك و مقدس و ليس ألحد أن
يحرم منه إال إذا دعت لذلك طبعا ضرورة عامة مثبتة قانونا و ذلك على شرط تعويض عادل و
مسبق و بذلك فالحق بالتعويض كان مطروحا".
و بعد احترام طويل لمبدأ عدم مسؤولية الدولة ،و قع تطور في تكريس هذه المسؤولية
في النظام القضائي الفرنسي ،حيث جاء هذا التطور مع التنازع حول االختصاص بين المحاكم
القضائية و المحاكم اإلدارية فالمحاكم القضائية كانت صاحبة االختصاص في أي نشاط للدولة
عندما يسبب ضر ار بتطبيق قواعد القانون المدني و جاء مجلس الدولة الفرنسي الستبعاد كل
اختصاص قضائي في مواجهة اإلدارة ،حيث ارتأت محكمة النقض بأن مبادئ القانون المدني
ال تطبق على اإلدارة العمومية ،بسبب األضرار التي يسببها أعوانها و تابعيها خالل قيامهم
بوظائفهم.
و طالب مجلس الدولة باختصاصه مرتك از على أن كل دين على الدولة يسوى إداريا
ويكون بمقتضاه كل شكوى رامية إلى تبيان مديونية الدولة بما فيها المطالبة بتعويض في حالة
خروج المسؤولية عن نطاق القاضي القضائي و تعود إلى مجلس الدولة ،و قد أعلنت محكمة
التنازع بأن المسؤولية التي يمكن أن تقع على عاتق الدولة عن األضرار التي أصابت اآلخرين
من فعل أشخاص تستخدمهم في المرفق العام ،ال يمكن أن تحكمها المبادئ الواردة في القانون
المدني و الخاصة بالعالقات بين األفراد و بذلك تكون قد قبلت بمبدأ المسؤولية اإلدارية الناتجة
عن سير مرفق عام.
و لقد استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي على قاعدة مسؤولية االدارة عن أعمالها
الضارة و الغير مشروعة منذ قضية -Blanco-الشهيرة حيث رأى مجلس الدولة ان مسؤولية
االدارة عن االضرار التي تلحق االفراد بسبب تصرفات االشخاص الذين تستخدمهم في المرفق
العام ال يمكن ان تحكمها المبادئ التي يقررها القانون المدني للعالقات فيما بين االفراد و هذه
المسؤولية ليست بالعامة وال بالمطلقة بل لها قواعدها الخاصة التي تتنوع وفقا لحاجات المرفق
و ضرورة التوفيق بين حقوق الدولة و الحقوق الخاصة.
و الحقيقة ان لفكرة المسؤولية االدارية للدولة القائمة على اعمال موظفيها و بالخصوص
أعوان الشرطة لها أهمية بالغة باعتبارها احدى اهم االسس التي تحافظ و توازن ما بين ضرورة
تدخل األعوان في اطار الضبط االداري و القضائي وضرورة ضمان حقوق و حريات االفراد
التي قد تتعرض لالنتهاك ،الشأن الذي يفرض التعويض لجبر الضرر و الذي تضمنه نظرية
مسؤولية الدولة عن أعمال موظفيها التي تعتبر احدى وسائل القضاء االداري لحماية االشخاص
و ممتلكاتهم .
و ترتد أسباب اختيار هذا الموضوع الى كونه كونه يعد من جهة يعد من أهم
المواضيع الجديرة بالدراسة و التي من خاللها ينعكس مجال دراستي كباحث قانوني ضمن
التخصص في المنازعات العمومية ،و من جهة اخرى اندراج هذا الموضوع تحت سقف الدراسات
و البحوث الخاصة بالقانون االداري بصفة عامة و التي مازالت تستلفت النظر بالبحث و التعمق
و كون ان هذه النظرية ما تزال تفتقد الى الوضوح الالزم لكفالة الغايات المرجوة منها
خاصة و أنها ال تزال تحتاج إلى ركائز تشريعية تكفلها ،وعليه فالسعي يبقى حثيثا من خالل هذه
الدراسة لتوضيح اهمية هذه النظرية و لي طموح في انارتها حتى تلقى العناية الكافية سواء من
حيث المعالجة التشريعية او العمل القضائي او حتى من جانب البحث العلمي خاصة في اطار
المسعى الحالي للسلطة الذي يهدف لبناء الدولة المدنية و تكريس دولة القانون.
و من خالل موضوع المسؤولية االدارية على أعمال الشرطة باعتباره شكل من أشكال
الحماية القانونية التي يكفلها القانون االداري لألشخاص جراء ما يرتكبه أعوان الشرط ـة من اخطاء
أو ما يصيب األشخاص من أخطار نتيجة قيام الشرطة بممارسة أعمال و نشاطات تسبب أضرار
للغير خاصة في حالة استخدامها ألسلحة و وسائل خطرة الشأن الذي يلزم من خالله االدارة
في تعويض االشخاص المتضررين جراء انشطة أعوان الشرطة من خالل ممارستهم لوظيفتهم.
وعليه فمن هذا المنطلق تتبلور اشكالية الموضوع في :
ما المقصود بالمسؤولية اإلدارية ؟ ما مفهوم الشرطة؟ على أي أساس تقوم المسؤولية
االدارية عن أعمال الشرطة ؟.
ومن حيث المناهج المتبعة في هذه الدراسة تم اختيار المنهج الوصفي التحليلي نظ ار لما
تتطلبه طبيعة الموضوع من وصف لماهية المسؤولية االدارية و كذلك مدلول الشرطة و معرفة
اختصاصاتها ،ناهيك عن تحليل بعض الق اررات القضائية الصادرة عن مجلس الدولة الفرنسـي
والجزائري المتعلقة بموضوع البحث باستنطاقها ،كما عمدت في بعض المواضع تمت االستعانة
بالمنهج المقارن من خالل ابراز موقف المشرع الجزائري من المسؤولية االدارية و تطبيقات القضاء
االداري الجزائري لها مقارنة بالقضاء االداري الفرنسي المعروف بريادته في هذا المجال .
ولست اكتم القاريء القول بان هذا العمل اعترضته بعض الصعوبات كون ان موضوع
الدراسة من البحوث التي لم تحظ بكثافة التطرق اليها و معالجتها وهذا مقارنة بمواضيع اخرى،
الشأن الذي جعل عملية البحث فيها صعبة نوعا ما و خاصة قلة المراجع التي تطرقت لموضوع
الدراسة وكذا صعوبة الوصول الى مواطن المصادر والمراجع بسب بعض القيود االدارية والتي ترتد
الى تصلب بعض الجهات ورفضهم تنوير الباحث بالمعلومة بذرائع شتى ،و عليه وفي ضوء ما
اولهما تناول نظام المسؤولية االدارية و مرفق الشرطة (الفصل األول) والمعد بمثابة
توطئة و مدخل للبحث ليتم التطرق فيما بعد الى أساس قيام المسؤولية االدارية عن أعمال الشرطة
اذا كانت المادة 121من القانون المدني 1تتضمن قاعدة عامة بحيث تنص '' كل فعل أيا
كان يرتكبه الشخص بخطئه و يسبب ضر ار للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض '' فهل
يمكن تطبيق هذا المبدأ العام على األعمال المنوطة بأعوان الشرطة؟ ام يثار نوع اخر من انظمة
المسؤولية التي يتحملها هؤالء األعوان ؟ ذلك بالنظر للدور المهم الذي يقع على عاتق أعوان
الشرطة المتمثل خاصة في االلتزام بتحقيق النظام العام و المحافظة عليه ،وألجل تحقيق هذا
الدور يقوم اعوان الشرطة بنشاط حفظ األمن العام الذي يعتبر من الوظائف الحساسة ألجهزة الدولة
و من خالله يجب عليهم التوفيق و تحقيق التوازن لمصلحتين مصلحة المجتمع المتمثلة
في حفظ أمنه و استق ارره و مصلحة األشخاص و ذلك بإتمام العون لمهامه دون المساس بحربتهم
و لما كان الضرر ممكنا و اللجوء إلى القضاء لجبره ماليا متاحا ،يكون التساؤل حول األساس
الذي تقوم عليه مسؤولية الدولة في هذا الميدان؟ وهذا ما سنتناوله من خالل هذا الفصل بحيث
نتطرق الى ماهية المسؤولية اإلدارية (المبحث األول) و من ثم يستوجب معرفة ماهية الشرطة
(المبحث الثاني ).
ان المسؤولية بصفة عامة يختلف مفهومها باختالف المجال الذي تدرس فيه ،فإذا كانت
المسؤولية األدبية تنتج عن مخالفة واجب أدبي (ال ينص عليه القانون) ،فان المسؤولية القانونية
تنتج على عكس ذلك ،عن مخالفة التزام قانوني ،ومسؤولية االدارة العامة نجدها في الوقت الراهن
في معظم التشريعات إال انها حديثة النشأة ،اذ انه لم يبدأ االخذ بها سوى في اواخر القرن الماضي
خا صة مع اتساع مجال تدخل الدولة في جميع الميادين ،نظ ار لما تتمتع به االدارة من امتيازات
السلطة العامة ،ومن أجل االحاطة بهذا الطرح سوف نتطرق الى مفهوم المسؤولية االدارية
و خصائصها (المطلب األول) و من ثم التعريج على النظام القانوني الواجب التطبيق
على المسؤولية االدارية (المطلب الثاني) و ذلك وفقا لما يلي :
1االمر رقم 27-82المؤرخ في 1182/11/22المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم الجريدة الرسمية عدد
17مؤرخة في .1182/11/31
.
نعلم أن مخالفة االلتزام القانوني يرتب قيام المسؤولية القانونية فهل المسؤولية االدارية
هي نوع من أنواع المسؤولية القانونية ؟هذا ما يدفعنا للتدقيق في مفهوم المسؤولية االدارية
(الفرع االول) و من ثم التطرق الى خصائصها(الفرع الثاني).
انه و بالرغم من اعتبار المسؤولية االدارية نوع من أنواع المسؤولية 2القانونية إال اننا نجدها
مقارنة بباقي المسؤوليات المدنية منها او الجزائية حديثة النشأة ،فلم يبدأ االخذ بها سوى
في اواخر القرن الماضي خاصة مع اتساع مجال تدخل الدولة في جميع الميادين ،و لما ان
حاجات االفراد و متطلباتهم تزداد كلما ازداد عددهم فان حاجات الدولة لتحقيق التزاماتها نحو الفرد
تزداد ايضا،و بذلك تحاول الدولة خلق وسائل قانونية تستطيع من خاللها التوفيق بين تحقيق
مصالح الجماعة و ارضاء الفرد.3
ان المكانة التي تحتلها النشاطات العامة في مجتمعنا تبرر ظهور و توسع فكرة المسؤولية
االدارية،فنشاط االدارة كأي نشاط اخر قد يكون سببا في احداث أضرار،قد تكون بجسامة معتبرة
باعتبار االدارة كسلطة تنفيذية تستعمل وسائل ضخمة و أحيانا خطرة في أداء مهمتها.فهل يحق
للضحايا جبر هذه االضرار ؟ هل المسؤولية في هذه الحالة هي مسؤولية مدنية ام جزائية؟
لقد عمل االجتهاد القضائي في مجال القضاء االداري عبر مراحل متتالية على ايجاد
حلول خاصة لهذه المسؤولية،فوضع نظام قائم بذاته يتعلق بها،أما التشريع فلم يتدخل سوى
4
في حاالت معينة لتغطية أضرار خاصة.
المسؤولية لغة "تعني حالة المؤاخذة او تحمل التبعة ،اي انها الحالة الفلسفية و االخالقية و القانونية التي يكون فيها 2
االنسان مسئوال و مطالبا عن امور و أفعال قد أتاها اخالال بنواميس و قواعد و أحكام أخالقية اجتماعية و قانونية ".
التي تنعقد و تترتب كجزاء و المسؤولية بهذا المعنى العام قد" تكون مسؤولية أخالقية و أدبية responsabilité morale
أخالقي و ادبي على مخالفة قواعد أخالقية فالمسؤولية األخالقية و االدبية مسؤولية ذاتية و داخلية ال تدخل في نطاق القانون
.وقد تكون مسؤولية قانونية و قد عرفتها الدكتورة سعاد الشرقاوي بأنها هي االلتزام النهائي الذي يقع نهائيا على عاتق
شخص بتعويض ضرر أصاب شخصا أخر ،فمقومات و عناصر المسؤولية القانونية هي اختالف شخص المسؤول عن
شخص المضرور و نهاية االلتزام بتحمل عبء التعويض ووجود عنصر السببية بين خطأ المسؤول و الضرر و عدم دخول
مال في ذمة المسؤول".أنظر تفصيال :عمار عوابدي .نظرية المسؤلية االدارية .الطبعة الثالثة .ديوان الطبوعات الجامعية
:الجزائر ،2118 .ص11
3
-عمار عوابدي ،المرجع نفسه ،ص. 21
دمحم رفعت عبد الوهاب .القضاء االداري .الجزءاالول .منشورات المجلس الحقوقية :لبنان. 2113.ص. 71 4
تجدر االشارة ان قرار بالنكو الصادر عن محكمة التنازع الفرنسية يعتبر نقطة التحول
من مرحلة عدم مسؤولية االدارة الى مرحلة مسؤوليتها صراحة و قد اعتبر لفترة طويلة كقرار مبدئي
والحجر األساسي للقانون االداري برمته كونه وضع القواعد االساسية و بين خصائص المسؤولية
االدارية و سنتطرق لهذه الخصائص بتفاصيل أكثر وفقا لما يلي :
الستخراج هذه الخصائص يستوجب علينا االشارة لمختلف المراحل التي مرت عليها
طفلة في الخامسة من عمرها تعرضت القضية ،اذ تتمثل وقائعها ان المدعوة Agnés Blanco
لحادث تسببت فيه عربة مقطورة تابعة لوكالة التبغ التي كانت تنقل انتاج هذه االخيرة من المصنع
الى المستودع ،مما سبب لها أضرار جسيمة فبادر والد الضحية بإجراءات فرفع دعوى امام القاضي
العادي ضد ممثل الدولة مؤسسا دعواه على احكام القانون الجنائي ،ال سيما المواد 1372
و 1373منه و ما يليهما ،طالبا مبلغ اربعون ( )11الف فرنكا فرنسيا يدفع بالتضامن بين
العامل (سائق المركبة) و الدولة كتعويض عن الضرر الذي أصاب ابنته ،دفع مدير مقاطعة
بوردو بعدم اختصاص المحاكم العادية للنظر في القضية و الفصل فيها و أكد ان وكيل الدولة هو
صاحب االختصاص و هو ما ادى الى عرض القضية لمحكمة التنازع الفرنسية التي أصدرت
في الموضوع بترجيح صوت وزير العدل باعتباره رئيسا للمحكمة بعد انقسام أعضائها قرارها
الى فرقين متساويين،و قضت في 17فيفري 1783باختصاص القضاء االداري بالنظر في النزاع
على تقرير مفوض الحكومة السيد " دافييد حيث جاء في حيثية القرار الشهيرة '' :ان بناءا
مسؤولية الدولة عن االضرار التي تلحق االفراد بسبب تصرفات االشخاص الذين تستخدمهم في
ال يمكن ان تحكمها المبادئ التي يقررها القانون المدني ،للعالقات ما بين هذه المرفق العام
االفراد و هذه المسؤولية ليست بالعامة و ال بالمطلقة بل لها قواعدها الخاصة التي تتغير حسب
5
حاجات المرفق و ضرورة التوفيق بين حقوق الدولة و الحقوق الخاصة ''
ان المصدر االصيل و االساسي للنظام القانوني للمسؤولية االدارية هو القضاء االداري
الفرنسي على رأسه محكمة التنازع الفرنسية و مجلس الدولة،فمثال من خالل فكرة التفرقة بين
الخطأ المرفقي اوجد القضاء االداري قواعد المسؤولية االدارية على أساس الخطأ،و كذا العالقة
5
Voir :marceau long et autres ,les grands arrets de la jurisprudence administrative,16eme edition ,
dallozn,paris, France,2007,pp1-7.
-Frederic colin,Lessentiel de la jurisfrudence administrative,gualino ,paris,France,2009,p12
بين الخطأ الشخصي و المرفقي و النتائج المترتبة عن ذلك في اطار نظرية الجمع بين االخطاء
ثم المسؤوليات ،كذلك أحكام و قواعد و تقنيات العالقة بين الخطأ التأديبي و الخطأ الجنائي
بالخطأ المرفقي و ونتائجهما اضافة الى احكام نظرية المخاطر كأساس لقيام المسؤولية االدارية
بدون خطأ و ذلك بتبيين احكامها ،اسسها ،شروطها و نطاق تطبيقها ,و يظهر هذا كله
من خالل العديد من الق اررات التي صدرت سابقا عن الجهات القضائية الفرنسية و التي جسدت
التطور المستمر للمسؤولية االدارية و قبل كل هذا مبدأ مرونة النظام القانوني للمسؤولية االدارية
و قابليته للتغير طبقا لدواعي المصلحة العامة و المرفق العام المجسدين من خالل قرار بالنكو.
و أكثر أهمية مما سبق فان المصدر االصيل لنظام المسؤولية االدارية و المتمثل في القضاء يرجع
الى قضاء محكمة التنازع باختصاص القضاء االداري في نظر هذا النوع من المنازعات باعتبارها
الجهة الوحيدة المختصة و بالتالي هناك ارتباط بين االختصاص و المصدر في نظام المسؤولية
االدارية .
باعتبار ان المسؤولية االدارية مرتبطة بالنشاط االداري و المرافق العامة و نظامها القانوني
بمفهوم المخالفة ان الطابع الخاص للقواعد المطبقة على المرافق العامة يحمل في طياته معنيين
كونه مستقل باستبعاده القانون المدني و كونه أصيل بإيجاد نظام خاص به من حيث المنطق
و النتائج المتوصل اليها ،و استقاللية و أصالة هذا النظام تجد مبرراتها في حاجات المرفق العام
المتغيرة بتغير النشاط االداري .
رابعا ,المسؤولية االدارية قائمة على مبدأ التوفيق بين المصلحة العامة و المصلحة الخاصة
هذا يعني ان قواعد المسؤولية االدارية تتضمن في محتواها احكاما من أجل ايجاد التوازن
بين المصلحة العامة و مقتضيات تسيير المرافق العامة ،و حتمية الحفاظ على حقوق و حريات
االفراد في مواجهة االعمال االدارية الضارة و يظهر هذا المبدأ حاليا من خالل كفتين ،فبمقابل
عدم قيام مسؤولية االدارة تقوم مسؤولية الموظف العام الشخصية في مواجهة المتضررين من جراء
أخطائهم و يدفع التعويض من ذمته المالية في نطاق قواعد و أحكام المسؤولية المدنية و أمام
جهات القضاء العادي ،و أيضا عدم قيام مسؤولية االدارة إال على اساس الخطأ الجسيم كحالة
مسؤولية االدارة عن مرفق الضرائب ،و كذا قيام المسؤولية عن االخطاء الطبية و القضائية
عن مرفق مستشفيات االمراض العقلية ...الخ .تقوم مسؤولية االدارة بدون خطأ و على اساس
نظرية المخاطر لصالح حماية حقوق و حريات االفراد،اضافة لهذا و في اطار االثار المترتبة
عن قاعدة الجمع بين المسؤوليات ،للضحية حق االختيار في مرافعة االدارة امام القضاء االداري
عن االضرار الناتجة عن الخطأ المرفقي او مرافعة الموظف عن الخطأ الشخصي المولد للضرر
امام جهات القضاء العادي وفقا لما يراه أصلح و أضمن لحماية حقوقه لكنه ،بالمقابل ال يمكنه
'': Delaubaderيقابل مبدأ جمع طلب التعويض من االدارة و الموظف معا كما قال االستاذ
6
المسؤوليات مبدأ عدم جمع التعويضات إال اذا كانت هذه التعويضات مبنية على اسس مختلفة ''.
يمكن القول بان نظرية المسؤولية االدارية و رغم حداثتها فهي ليست منفصلة عن اصل
استنباطها فهي من جهة أحد انواع المسؤولية القانونية و من جهة اخرى فان طبيعة المسؤولية
االدارية تتداخل مع نظرية المسؤولية المدنية الشأن الذي ينشأ عالقة بين النظام القانوني للمسؤولية
االدارية مع النظام القانوني للمسؤولية المدنية و لهذه العالقة طبيعة خاصة تختلف من نظام
قضائي الى اخر بحسب تطبيق هذا االخير لنظام وحدة او ازدواجية القضاء.
و عليه وجب التطرق الى طبيعة و مضمون العالقة بين النظام القانوني للمسؤولية
االدارية و النظام القانوني للمسؤلية المدنية (الفرع االول) لنصل الى معرفة النظام القانوني الواجب
التطبيق على المسؤولية االدارية في النظام القضائي الجزائري (الفرع الثانيا) وفقا لما سيعرض
أسفله :
الفرع االول :طبيعة و مضمون العالقة بين النظام القانوني للمسؤولية االدارية و النظام
القانوني للمسؤلية المدنية
نظ ار لكون نظرية المسؤولية االدارية و نظرية المسؤولية المدنية من أنواع المسؤولية
القانونية بوجه عام ،فان كل من النظام القانوني للمسؤولية االدارية و المسؤولية المدنية يشتركان
و يتواجدان في بعض االحكام القانونية للمسؤولية ،مثل االشتراك و الوحدة في مقدمات و شروط
و أركان المسؤولية القانونية ،كما أن كل من النظامين القانونيين يرتبطان و يتصالن ببعضهما
في عالقة تكامل و تعاون حيث ان النظام القانوني للمسؤولية االدارية باعتباره نظاما حديثا جدا
و عدم اكتمال كل بنائه فانه يستمد و يستعير من النظام القانوني للمسؤولية المدنية باعتباره نظاما
سعاد الشرقاوي.المسؤولية االدارية.الطبعة الثالثة .دار المعارف للنشر و التوزيع:مصر.1183.ص. 111 6
قانونيا أكثر نضوجا و أقوى ثباتا و شمولية في أحكامه ،فهكذا يستمد النظام القانوني للمسؤولية
االدارية احكام و قواعد و تقنيات كيفيات تقدير كل من الضرر المادي و المعنوي و كيفيات تقدير
التعويض في المسؤولية االدارية لتحقيق و تطبيق مبدأ التعويض الكامل في دعوى المسؤولية
كما ان النظام القانوني للمسؤولية المدنية قد يطبق على المسؤولية االدارية بصورة كلية و شاملة
و أصلية و قد يطبق عليها بصورة جزئية و استثنائية وفقا لطبيعة النظام القانوني السائد و مكانته
7
بين الوحدة و االزدواجية .
فهكذا يطبق النظام القانوني للمسؤولية المدنية على مسؤولية الدولة و االدارة العامة
بصورة كلية و أصيلة في ظل النظام القانوني القائم على أساس مبدأ وحدة القضاء و القانون كما
هو الحال في النظام القانوني األنجلوسكسوني حيث تخضع مسؤولية الدولة و االدارة العامة ألحكام
النظام القانوني للمسؤولية المدينة بصورة كاملة و شاملة و كأصل عام تطبيقا لمبدأ و نظام وحدة
القضاء و القانون بكل أسسه وأحكامه وأثاره .8
و يطبق النظام القانوني للمسؤولية المدنية على مسؤولية الدولة و االدارة العامة بصورة
جزئية و استثنائية في النظام القضائي القائم على أساس مبدأ ازدواجية القضاء و القانون كما
هو الحال في فرنسا و بلجيكة و بقية النظم التي تأثرت بهما و اعتنقت نظام ازدواج القضاء
و القانون .
ففي البالد التي تطبق نظام ازدواج القضاء والقانون تخضع للمسؤولية االدارية أي مسؤولية
االدارة العامة ألحكام و قواعد النظام القانوني للمسؤولية المدنية في بعض الحاالت على سبيل
الحصر كاستثناء من األصل العام الذي هو خضوع المسؤولية االدارية ألحكام و قواعد النظام
القانوني الخاص،فهناك حاالت مسؤولية الدولة و االدارة العامة محددة على سبيل الحصر تخضع
ألحكام و قواعد النظام القانوني للمسؤولية القانونية و تختلف هذه الحاالت من دولة ألخرى
من دول نظام ازدواج القضاء و القانون فحاالت مسؤولية الدولة و االدارة العامة عن الحوادث
و األفعال الضارة الناجمة عن نشاط المرافق و المؤسسات العامة االقتصادية و االجتماعية
7
عوابدي عمار.مرجع سابق .ص72
محمود دمحم حافض .القضاء االداري .الطبعة الخامسة .دار النهضة العربية:مصر. 1112.ص -ص .111- 71 8
و حوادث السيارات مثال تخضع ألحكام قواعد النظام القانوني للمسؤولية المدنية في اغلب دول
9
نظام ازدواج القضاء و القانون
الفرع الثاني :النظام القانوني الواجب التطبيق على المسؤولية االدارية في النظام القضائي
الجزائري
على اعتبار وجود عالقة بين النظام القانوني للمسؤولية االدارية والنظام القانوني
للمسؤولية المدنية و التي نجدها تتأثر ضيقا و اتساعا وفقا لطبيعة النظام القضائي السائد
في الدولة و عليه نجد تطبيق نظام المسؤولية المدنية بشكل اوسع في النظام القضائي الموحد بينما
تطبق أحكام و قواعد النظام القانوني للمسؤولية االدارية بشكل أوسع من نظام المسؤولية المدنية
10
في ظل نظام ازدواجية القضاء .
و على أساس و ضوء هذه الحقائق يمكن التأكيد بأن النظام القضائي الجزائري الذي انتهج مبدأ
ازدواجية القضاء المكرس بموجب المادة 181من دستور 1112المعدل ،11فانه يطبق مبدأ
ازدواج النظام القانوني للمسؤولية االدارية و المدنية و يتوسع في تطبيق مبدأ تعاون و تكامل كل
من النظام القانوني للمسؤولية االدارية في تنظيم و تطبيق دعوى التعويض و المسؤولية االدارية
حيث يتوسع قضاء الغرف االدارية في تطبيق قواعد أحكام النظام القانوني للمسؤولية المدنية
على مسؤولية الدولة و االدارة العامة الى جانب تطبيق أحكام و قواعد مبادئ النظام القانوني
12
الخاص بالمسؤولية االدارية و المستمد في مصادره من نظرية القانون االداري .
يمزج بين أحكام النظام القانوني للمسؤولية االدارية فالنظام القضائي الجزائري كان
و أحكام و قواعد النظام القانوني للمسؤولية المدنية نتيجة عوامل و اسباب موضوعية ساعدت
النظام القضائي الجزائري عل تبني عملية المزج بصورة متكاملة لتحديد و تطبيق القاعدة القانونية
االصلح لمسؤولية الدولة و االدارة العامة .
9
طعيمة الجزف .رقابة القضاء العمال االدارة العامة .مكتبة القاهرة الحديثة:مصر .1181 .ص ص .118-17وانظر
ايضا المادة 712من القانون رقم 11-17:المؤرخ في 2117/12/22المتضمن قانون االجراءات المدنية واالدارية الجريدة
الرسمية عدد 21المؤرخة في .2117/11/23
10
عمار عوابدي .مرجع سابق ،ص71
دستور 1112المعدل و المتمم بموجب القانون رقم 11/12المؤرخ في 22جمادى االولى 1138الموافق ل ـ 12مارس 11
و على حد قول الدكتورة سعاد الشرقاوي '' ان القانون العام لم يبلغ درجة من الثبات تكفي
14
لتنفيذ ما حدث بالنسبة للفروع االخرى التي تم فيها التقنين ،ذلك ان القانون العام دائم التطور ''
عن نظام وحدة القضاء الذي ساد لفترة طويلة و مر ذلك إلى اختالف المفاهيم و العناصر المميزة
للنظامين و التي أخذت بهياكل الدول التي تبنتها مثل :مصر ،تونس ،فرنسا ،غير أن اإلطار
القانوني للتنظيم اإلداري في الجزائر ينفرد من حيث مبادئه األساسية ،األمر الذي جعل بعض
الدارسين يعتبرون أن التغيير الذي مس التنظيم القضائي هو مجرد تغيير هيكلة ،و أن التنظيم
القضائي الجزائري هو بمثابة ازدواجية هيكلية و ليست ازدواجية قضائية.
13عمار بوضياف .القضاء االداري في الجزائر.الطبعة الثانية .جسور النشر والتوزيع:الجزائر. 2117 .ص ص.73 – 22
سعاد الشرقاوي.مرجع سابق .ص . 21 14
في الدولة اذ يتولى القيام بنشاطات تنظيمية و اخرى مادية من اجل حفظ النظام العام في اطار
ما يسمى بالضبط االداري كما تتولى القيام بأعمال اخرى تندرج في اطار الضبط القضائي .
ينصرف مدلول الشرطة في اللغات األجنبية الى كلمة بوليس ، policeويستمد أصلها
التاريخي من الكلمة اإلغريقية politiaالتي تعني قوة الشعب و تنظيم نشاط معين وهي مستمدة من
polisالتي تعني المدينة ومنها ظهرت كلمة policiaو تعني ادارة المدينة اما في اللغة العربية
بصفة عامة كل االجراءات واألوامر التي تتخذها السلطة المختصة يقصد بمفهوم الشرطة
على النظام العام بمدلوالته الثالثة الصحة السكينة واألمن عن طريق اصدار الق اررات للمحافظة
التنظيمية واستخدام القوة العمومية وفرض بعض القيود على الحريات الفردية حفاظا على مصالح
15
المجتمع .
16
لقد حدد المشرع الجزائري من خالل المواد 12الى 27من قانون االجراءات الجزائية
تحت عنوان الضبط القضائي الدور المنوط بالشرطة القضائية المتمثل في البحث و التحري
عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات و جمع االدلة عنها و البحث عن مرتكبيها ما لم يبدأ فيها
بتحقيق قضائي اذ في حالة افتتاح تحقيق فان دور الضبطية القضائية ينحصر في تنفيذ تفويضات
جهات التحقيق و تلبية طلباتها و يشمل الضبط القضائي مثلما أشارت اليه المادة 11من قانون
15االمر رقم 122/22المؤرخ في 17سفر 1372الموافق ل 7يوليو 1122المتضمن قانون االجراءات الجزائية
الجريدة الرسمية عدد 48المؤرخة في 1122/12/11
وللتفصيل راجع :هناء نور الدين .المسؤولية االدارية عن أعمال الشرطة .مذكرة تخرج لنيل شهادة تخرج ماستار.جامعة دمحم
خيضر بسكرة ,كلية الحقوق و العلوم السياسية .تحت اشراف األستاذ عزري زين الدين . 2112-2111 .
16االمر رقم 12/ 12المؤرخ في 8شوال 1132الموافق لـ 23يوليو 2112يعدل و يتمم االمر رقم 122/22المؤرخ في 17سفر
1372الموافق ل 7يوليو 1122المتضمن قانون االجراءات الجزائية .الجريدة الرسمية رقم 11الصادرة بتاريخ 23يوليو .2112
االجراءات الجزائية ضباط الشرطة القضائية ،أعوان الضبط القضائي ،الموظفون و األعوان المنوط
بهم بعض مهام الضبط القضائي و يتولى وكيل الجمهورية تحت اشراف النائب العام ادارة الضبط
القضائي.
يعتبر بعض الفقهاء ان مدلول الضبط االداري وفقا للمعيار المادي هو مجموع التدخالت
تهدف من جهة االدارية التي تجسد في شكل التنظيمات la reglementationو التي
الى وضع قيود او حدود على حرية االفراد لممارستهم لبعض النشاطات و من جهة أخرى تهدف
الى حماية النظام العمومي اما من الناحية الموضوعية فان الضبط او البوليس االداري يعنى
،les agens de la policeهذا و يقول Blaevoetفي مفهوم الضبط به أعوان الشرطة
االداري ( :ان الضبط نظام موضوعه تدارك اي اخالل محدق بالنظام العام ،او بوقفه ان كان قد
كما يرى الدكتور عادل السعيد دمحم ابو الخير بان الضبط االداري نظام قانوني يتميز وقع )...
بخصائص مميزة اذ يعتبر نشاط وقائي مخصص الهدف ،ذو حدود و ضوابط ،تمارسه االدارة
17
باستخدام أعمال قانونية و مادية من أجل حفظ النظام العام.
عادل السعيد دمحم ابو الخير .البوليس االداري.دار الفكر الجامعي :مصر.2117.ص 88 17
العامة حفاظا عن النظام العام،فالضبط االداري عبارة عن قيود و ضوابط تفرضها السلطات العامة
على نشاط االفراد خدمة لمقتضيات النظام العام. 18
أ .خصائص الضبط االداري :يمكن ان ترد هذه الخصائص الى ما يلي:19
.1الصفة الوقائية :
يتميز الضبط االداري بالطابع الوقائي ،فالق اررات المتخذة في مجال الضبط االداري لها
الصفة الوقائية فهي تهدف الى منع وقوع اضرابات باتخاذ مسبقا االجراءات الضرورية و ذلك بتنبيه
المواطنين لألعمال و التصرفات التي يمنع عليهم القيام بها و مثال ذلك التنظيم الذي يمنع القيام
بالمظاهرات او التنظيم الذي ينظم المرور.
.2صفة التعبير عن السيادة :
اذ ان فكرة البوليس االداري تعتبر من أقوى و اوضح فكرة السيادة و السلطة العمومية
في مجال الوظيفة االدارية ،حيث تجسد في مجموع االمتيازات االستثنائية الني تمارسها سلطة
الضبط االداري بهدف المحافظة على النظام العمومي في الدولة و تحد وتقيد الحريات و الحقوق
الفردية.
.3الصفة االنفرادية :
تتمثل في شكل االجراء االنفرادي الصادر عن السلطة االدارية و الموجه الى المواطنين
سواء من خالل اوامر او ق اررات ادارية تنظيمية أو فردية اذ ان موقف المواطن اتجاه أعمال الضبط
االداري هو االمتثال لإلجراءات التي اتخذتها االدارة في هذا االطار و ذلك وفقا لما يحدده القانون
و تحت رقابة السلطة القضائية .
ب .سلطات الضبط االداري :
ان المعنى العضوي للضبط االداري هي السلطات المخول لها صالحيات اتخاذ االجراءات
الضرورية لحفظ النظام العمومي عن طريق سلطة التنظيم اما المعنى المادي له فهي تلك االجهزة
المكلفة بمهمة حفظ النظام العمومي و مثال ذلك القرار التنظيمي بغلق مقهى فسلطة اصدار مثل
هذا القرار مخولة للوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي حسب الحالة أما محافظ الشرطة فيكلف
بالتنفيذ المادي للقرار اي الغلق ،و سلطات الضبط االداري قد حددتها القوانين و التنظيمات
18
مالك قدادرة.الشرطة االدارية من الشرطة .مجلة دورية تصدر عن المديرية العامة لألمن الوطني.العدد . 28
.2112ص. 21
-أنظر تفصيال :ناصر لباد .الوجيز في القانون االداري.الطبعة الثانية .الجزائر. 2118 .ص
19
-عمار بوضياف،الوجيز فيالقانون االداري ،الطبعة الثالثة،دار جسور للنشر والتوزيعالجزائر،2112،ص 172وما يليها.
و تنقسم الى سلطات تمارس هذه الوظيفة على المستوى الوطني و سلطات تمارس هذه الوظيفة
20
على المستوى المحلي.
-السلطات الممارسة للضبط االداري على المستوى الوطني :
تتمثل سلطات الضبط االداري العام الجزائري بدرجة اولى في رئيس الجمهورية و الوزير االول
وزير الداخلية .
رئيس الجمهورية :
يعتبر رئيس الجمهورية رئيس السلطة التنفيذية بموجب الدساتير الصادرة الى حد االن
في نطاق وظائفه و اختصاصاته االدارية يعد الرئيس االداري االعلى في بناء و هيكل النظام
االداري الجزائري اذ يملك حق و سلطة اصدار المراسيم باسم الدولة و لحسابها و التي تكون نافذة
على مستوى كل االقليم الجزائري و يقوم رئيس الجمهورية في النظام الدستوري الجزاري مهام كبيرة
اذ يملك سلطة اصدار الق اررات االدارية التنظيمية و الق اررات االدارية الفردية و ذلك في نطاق
االختصاصات االدارية المقررة له بنص وتماشيا مع العرف الدستوري الذي يقضي بان السلطة
21
التي تمارس سلطة الضبط االداري العام باسم الدولة تتمثل في رئيس الجمهورية .
إال انه يجب التمييز بين دستور 1182الذي في اطاره يعتبر رئيس الدولة رئيسا للحكومة
و بهذه الصفة المزدوجة يمارس اختصاصات ادارية هامة ،فاعتبار رئيس الدولة رئيسا للحكومة
يعني أنخه الرئيس الوحيد للسلطة التنفيذية و عليه يعتبر الرئيس االداري االعلى في الدولة حيث
يملك سلطة اصدار الق اررات االدارية التنظيمية السيما الق اررات المتعلقة بحفظ النظام العمومي
و الى جانب السلطات التي يمارسها رئيس الجمهورية في الحالة العادية توجد بعض السلطات
التي هو مطالب بممارستها في الفترات االستثنائية و يميز على سبيل المثال دستور 1182بينها
حسب درجة خطورتها و هي حالة الطوارئ حالة الحصار الحالة االستثنائية و حالة الحرب و كل
هذه الحاالت تهدف بالضبط الى زيادة سلطات الضبط لرئيس الجمهورية .
اما دستور 1112أحدث منصبا جديد على مستوى السلطة التنفيذية يتجلة في منصب
رئيس الحكومة و تجدر االشارة أن في ظل كلى الدستورين ال يوجد نص يمنح لرئيس الدولة سلطة
الضبط االداري لكن يمكن اقرارها على أساس الوظيفة التنظيمية التي يمارسها رئيس الجمهورية
21عمار بوضياف ،الوجيز في القانون االداري .الطبعة الثالثة.جسور للنشر و التوزيع :الجزائر .2113.ص.111
22
،و الى جانب السلطات التي و هذا ما جاءت به المادة 113فقرة 1من دستور 1112
يمارسه رئيس الجمهورية في المراحل العادية بمقتضى الوظيفة التنظيمية فان دستور سنة 1112
اعترف لرئيس الجمهورية ممارسة مهام الضبط أثناء المراحل االستثنائي حيث خول له الدستور
اتخاذ جملة من االجراءات كاإلعالن على حالة الطوارئ ،حالة الحصار الحالة االستثنائية و حالة
الحرب و هذه الوضعيات لها نتائج ادارية هامة فمن أثرها زيادة سلطات رئيس الدولة بصورة كبيرة
تسمح له باتخاذ كل اجراء مفيد على الصعيد االداري. 23
الوزير االول :
استحدث منصب رئيس الحكومة في النظام الدستوري الجزاري ألول مرة في مناسبة التعديل
الدستوري لشهر نوفمبر 1177والذي مس احكاما تتعلق بالسلطة التنفيذية الواردة في دستور
1182وتم تكريس المنصب في دستور 1171وثبت في دستور 1112وبعد التعديل الدستوري
لسنة 2117بموجب القانون 11-17مؤرخ في 12نوفمبر 2117اخذت الجزائر بنظام الوزير
االول ،إال ان المالحظ انتفاء نص بالدستور يمنح سلطة الضبط االداري للوزير االول الذي يبقى
يمارس صالحياته المخولة له وفقا للمادة 11من التعديل االخير للدستور.24
25
: وزير الداخلية
ان الوزير بصفة عامة ال يتمتع بالسلطة التنفيذية الن مثل هده السلطة من اختصاص رئيس
الجمهورية ورئيس الحكومة فهو ال يستطيع اتخاذ قرارات تنظيمية إال عندما يسمح القانون بدلك
فالوزراء ال يكونون اذا سلطة لممارسة الضبط االداري العام و ال يمكنهم اتخاذ ق اررات ضبطية قابلة
للتنفيذ عل مستوى أنحاء التراب الوطني إال اذا سمح لهم القانون بذلك ،تطبيقيا فان القانون يتضمن
في غالب االحوال احكاما توضح انه باستطاعة الوزراء اتخاذ الق اررات التنظيمية الضرورية لتطبيقه
لهذا فان كان وزير الداخلية يلعب دو ار مهما في السير الحقيقي لجهاز السلطة بحيث ان شرطة
الدولة يمارس وظائفها تحت سلطته عن طريق المديرية العامة لألمن الوطني في المقابل فان وزير
دستور 1112المعدل و المتمم بموجب القانون رقم 11/12المؤرخ في 22جمادى االولى 1138الموافق ل ـ 12مارس 22
23
ناصر لباد .مرجع سابق .ص 121ص . 122وانظر المواد112و112و118من التعديل الدستوري
لعام 2112السالف الذكر.
25
ناصر لباد .مرجع سابق .ص ص. 128- 122
الداخلية ال يستطيع اتخاذ اجراء له صفة الضبط االداري العام إال بتفويض اي بموجب نص خاص
و في هذا فانه مثله مثل أعضاء الحكومة االخرين إال انه تجب الشارة إال ن وزير الداخلية يستطيع
اتخاذ اجراء له صفة الضبط االداري العام و لكن بصفة غير مباشرة فباعتباره الرئيس السلمي للوالة
يستطيع ان يأمرهم عن طريق تعليمات التخاذ اجراء كهذا كل واحد في واليته وفقا لمقتضيات المادة
12من قانون الوالية .26
-سلطات الضبط االداري على المستوى المحلي :
بالحفاظ على النظام العمومي على المستوى المحلي تتمثل ان السلطات المكلفة
في شخص الوالي على مستوى الوالية و رئيس البلدية على مستوى البلدية و هذا ما سندرجه اسفله
وفقا لما يلي:
الوالي :
للوالي دور كبير في القيام بالضبط االداري العام و يستمد سلطته هذه من قانون الوالية
حيث نظم القانون رقم 11ـ 11المؤرخ في 8أفريل 1181المتضمن قانون الوالية سلطات الوالي
باعتباره ممثال للدولة وفقا لما نصت عليه المادة 12فهذه السلطات تجعل من الوالي مسئوال عن
وايضا تقابلها 27
وهذا ما اشارت اليه المادة 12ن قانون الوالية النظام العمومي في واليته
المادة 111من القانون الوالية الجديد رقم ،2818-12و قد حدد المرسوم رقم -73ـ 183المؤرخ في
27ماي 1173سلطات الوالي في ميدان األمن و المحافظة عل النظام العمومي بصفة أدق و
من جانب اخر يمكن للوالي ان يحل محل رئيس المجلس الشعبي البلدي التخاذ االجراءات الخاصة
و 29
للحفاظ على االمن في حاالت معينة و هذا حسب ما جاء في المادة 71من قانون البلدية
المادة 12من قانون رقم 18/12المؤرخ في 27ربيع االول 1133الموافق ل 21فيبراير 2112المتعلق 26
بالوالية،الجريدة الرسمية رقم 12المؤرخة في 2112/2/ 21و التي تنص " :الوالي هو ممثل الدولة و مندوب الحكومة على
مستوى الوالية و ينفذ ق اررات الحكومة زياد على التعليمات التي يتلقاها من كل وزير من الوزراء و لكن تحت سلطته "
المادة 12من قانون رقم 18/12المؤرخ في 27ربيع االول 1133الموافق ل 21فيبراير 2112المتعلق 27
بالوالية.المشور بالجريدة الرسمية رقم 12المؤرخة في 2112/2/ 21و التي تنص " :الوالي مسئول عن المحافظة على
و السالمة و السكينة العامة '' النظام و االمن
29تنص المادة 71من قانون رقم 11/11المؤرخ في 21رجب 1132الموافق لـ 22يونيو 2111يتعلق بالبلدية .المنشور
بالجريدة الرسمية عدد 38المؤرخة في '' : 2111/8/3يمكن للوالي ان يتخذ كل االجراءات الخاصة للحفاظ على االمن
باإلضافة الى سلطات الضبط االداري العام فان الوالي يمارس كذلك سلطات الضبط االداري
الخاص ومن أجل الحفاظ على النظام العمومي يملك الوالي امتيازات السلطة العمومية ومن بين
هذه االمتيازات امكانية استعمال القوة المادية إلجبار األفراد على تنفيذ التنظيمات بحيث توضع
تحت تصرف الوالي من اجل قيامه بمسؤوليته المحافظة على النظام العمومي في الوالية كافة
30
مصالح االمن
رئيس المجلس الشعبي البلدي :
يعتبر رئيس البلدية السلطة األساسية التي تمارس الضبط االداري العام في البلدية و
يسهر رئيس المجلس الشعبي البلدي على المحافظة على النظام العمومي بعناصره الثالث ،االمن
العومي السكينة العمومية و الصحة العمومية ،و طبقا لقانون البلدية يمارس رئيس البلدية باعتباره
ممثال لدولة جملة من الصالحيات ذات العالقة بالنظام العمومي و هذا ما تشير اليه المواد 21
من قانون البلدية . 31
82،
و تجدر االشارة الى ان المرسوم رقم 228-71المؤرخ في 11اكتوبر 1171المتعلق
بصالحيات المجلس الشعبي البلدي في ما يخص الطرق و الصحة و السكينة السالف الذكر قد
حدد بصفة ادق سلطات رئيس البلدية في ميدان األمن و المحافظة على النظام العمومي .
كما تجدر االشارة ان رئيس البلدية يمارس كذلك سلطات الضبط االداري الخاص و للقيام بمهامه
للحفاظ على النظام العام فان رئيس البلدية يتصرف في الشرطة البلدية التي تمارس اختصاصها
تحت سلطته و بمساعدة االجهزة االمنية االخرى في حالة الضرورة .32.
ثانيا .الضبط القضائي :
و السالمة العموميين بالنسبة لجميع بلديات الوالية او جزء منها عندما ال تقوم السلطات البلدية بذلك يمكن للوالي ان يمارس
هذا الحق باستثناء الحاالت االستعجالية في البلدية الواحدة إال بعد انتهاء االجل المحدد في االنذار الموجه الى رئيس المجلي
الشعبي المعني و بقائه بدون نتيجة ''.
30
ناصر لباد .مرجع السابق .ص ،122ص. 128
تنص المادة 21من قانون البلدية رقم 11/11المؤرخ في 21رجب 1132اموافق ل 22يونيو 2111يتعلق بالبلدية 31
الجريدة الرسمية 38المؤرخة في '' : 2111/8/3يتولى رئيس المجلس الشعبي البلدي تحت سلطة الوالي ما يلي :نشر
و تنفيذ القوانين و التنظيمات عبر تراب البلدية ،ـ السهر على حسن النظام و المن العمومي و على النظافة العمومية '' المادة
و حريتهم على '' : 82يتولى رئيس المجلس الشعبي البلدي في اطار أحكام المادة السابقة و احتراما لحقوق المواطينين
الخصوص ما يأتي :ـ المحافظة على النظام العمومي و سالمة االشخاص''...
قانون البلدية رقم . 11/11المؤرخ في 21رجب عام 1132الموافق لـ 22يونيو . 2111المشور بالجريدة الرسمية رقم 32
تتمثل عناصر الضبطية القضائية وفقا لقانون االجراءات الجزائية في ضباط الشرطة
القضائية(أ) أعوان الضبط القضائي(ب) ،الموظفون و االعوان المنوط بهم بعض مهام الضبط
القضائي(ج).
أ .ضباط الشرطة القضائية :
جاءت المادة 12من قانون االجراءات الجزائية لتحدد االشخاص الذين يتمتعون بصفة ضباط
الشرطة القضائية حيث نصت على أنه يتمتع بصفة ضابط الشرطة القضائية :
رؤساء المجالس الشعبية البلدية
ضباط الدرك الوطني
محافظو الشرطة
ضباط الشرطة
33
االمر رقم 122-22السالف الذكر ولالستزادة اكثر راجع:
حسين طاهري.الوجيز في شرح قانون االجراءات الجزائية ،الطبعة الثانية.دار الدمحمية العامة:الجزائر.1111 .ص. 23
34المادة 12،11،21من االمر رقم 12/ 12المؤرخ في 8شوال 1132الموافق لـ 23يوليو 2112يعدل و يتمم
االمر رقم 122/22المؤرخ في 17سفر 1372الموافق ل 7يوليو 1122المتضمن قانون االجراءات الجزائية .الجريدة
الرسمية رقم 11الصادرة بتاريخ 23يوليو .2112
ذو الرتب في الدرك و رجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك 3سنوات على األقل
و الذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر على وزير العدل و وزير الدفاع
الوطي،بعد موافقة لجنة خاصة
مفتشو االمن الوطني الذين قضوا في خدمتهم بهذه الصفة 3سنوات عى االقل و عين از
بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل و وزير الدفاع و الجماعات المحلية بعد
موافقة لجنة خاصة
ضباط و ضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية لألمن للذين تم تعيينهم خصيصا
بموجب قرار مشترك صادر بين وزير الدفاع و وزير العدل.
حيث نشير الى ان المشرع أضاف لفئة من الموظفين صفة ضابط الشرطة القضائية بموجب
القانون 21-11المعدل و المتمم لقانون 12-71المتضمن النظام العام للغابات منح لهم بموجب
المادة 22مكرر ضفة ضابط الشرطة القضائية للضباط المرسمين التابعين للهيأة الخاصة إلدارة
الغابات المعينين بقرار مشترك بين وزير العدل و الوزير المكلف بالغابات الى ان اختصاص هذه
الفئة محصورة في البحث التحري عن الجرائم المرتكبة باالخالل بالنظام العام و كل التنظيمات
35
التي نصت على اختصاصها.
ب .أعوان الضبطية القضائية
هم العناصر الذين ليست لهم صفة ضابط شرطة قضائية و يالحظ تعداد طائفة اعوان
الضبطية القضائية قد اختلف بعد صدور األمر رقم 11 -12على ما كان عليه قبل هذا النص
فبعد تعديل قانون االجراءات الجزائية بموجب االمر التشريعي رقم 11 - 12فعدلت المادة 11
منه التي نصت بأنه يعد من أعوان الضبط القضائي موظفو مصالح الشرطة و ذو الرتب في الدرك
الوطني و رجال الدرك و مستخدمو مصالح االمن العسكري الذين ليست لهم صفة ضابط شرطة
قضائية و يالحظ من ذلك بأنه لم يرد ذكر ذوي الرتب في الشرطة البلدية مما يعني ان هذه الفئة
36
لم تعد تتمتع بصفة عون ضبطية قضائية.
ت .االعوان و الموظفون المكلفون ببعض مهام الضبط القضائي
35
دمحم ارزقي سي الحاج.ممارسة صالحيات الضبطية القضائية من طرف موظفي ادارة الغابات .الملتقى الجهوي حول
الحماية و المحافظة على الثروة الغابية الوطنية عبر الوسائل القانونية.ص. 31
36
. 23 حسين طاهري .مرجع سابق.ص
منح المشرع الجزائري في قانون االجراءات الجزائية صفة عون الضبطية القضائية لصفة
من الموظفين و األعوان االداريين في الدولة فمكنهم من ممارسة بعض مهام الضبط و وفقا لما
هو مقرر قانونا فهناك فئات نظمها قانون االجراءات الجزائية نفسه و فئات اخرى أحال تحديدها
37
لقوانين خاصة:
-األعوان و الموظفون المحددون في قانون االجراءات الجزائية :
مستخدمو الهيأة التقنية الغابية :
أضفى قانون االجراءات الجزائية صفة الضبطية القضائية على والة الواليات في مجاالت
محددة بجرائم معينة توصف بأنها جناية أو جنحة ضد أمن الدولة و كذا حالة االستعجال اذا وصل
لعلمهم ان السلطات القانونية المختصة لم تخطر بالحادث،فيقع عليهم اتخاذ االجراءات الضرورية
إلثبات الجريمة المرتكبة اما بأنفسهم او يكلفون ضابط من ضباط الشرطة القضائية ليقوم بذلك
الى أن سلطة الوالي في مجال الضبط القضائي جوازية أي انها ليست وجوبية و هذا طبقا لما
. 38
نصت عليه المادة 1/27من قانون االجراءات الجزائية
37
نصر الدين هنوني .الضبطية القضائية في القانون الجزائري .دار هوما :الجزائر . 3002.ص 00
38
تنص المادة 1/ 27من االمر رقم 12/ 12المؤرخ في 8شوال 1132الموافق لـ 23يوليو 2112يعدل و يتمم االمر
رقم 122/22المؤرخ في 17سفر 1372الموافق ل 7يوليو 1122المتضمن قانون االجراءات الجزائية .الجريدة الرسمية
رقم . 11الصادرة بتاريخ 23يوليو .2112على " :يجوز لكل والي في حالة وقوع جناية او جنحة ضد امن الدولة و عند
-االعوان و الموظفون المحددون في قوانين خاصة :
منح المشرع صفة عون في الضبطية القضائية لموظفي وأعوان االدارات و المصالح
العمومية بموجب نصوص خاصة وهذا بالنظر لحاجة كل قطاع إلضفاء هذه الصفة على عناصره
و هذا ما أكدته المادة 28من قانون االجراءات الجزائية ،39هذا و قد تكلفت تلك القوانين الخاصة
بإضفاء هذه الصفة على أعوانها و موظفيها فتولت تحديد اختصاصاتهم و هم على التوالي :
مفتشو العمل :
اقر القانون لمفتشي العمل اختصاصا ضبطيا بالبحث و التحري عن الجرائم التي ترتكب
و تشكل انتهاكا لتشريعات العمل فمنح لهم صفة عون الضبطية القضائية وفقا لما تضمنته المادة
من القانون رقم 13-11المؤرخ في 12فيفري 1111المتعلق باختصاصات مفتشية 11
العمل.40
اعوان الجمارك :
االستعجال فحسب،ان لم يكن قد وصل الى علمه ا ن السلطة القضائية قد اخطرت بالحادث ان يقوم بنفسه باتخاذ جميع
االجراءات الضرورية الثبات الجنايات و الجنح الموضحة انفا او يكلف بذلك كتابة ضباط الشرطة المختصين "
39
تنص المادة 28االمر رقم 12/ 12المؤرخ في 8شوال 1132الموافق لـ 23يوليو 2112يعدل و يتمم االمر رقم
122/22المؤرخ في 17سفر 1372الموافق ل 7يوليو 1122المتضمن قانون االجراءات الجزائية .الجريدة الرسمية رقم
. 11الصادرة بتاريخ 23يوليو .2112على ":يباشر الموظفون و أعوان االدارات و المصالح العمومية بعض سلطات
الضبط القضائي التي تناط بهم بموجب قوانين خاصة وفق االوضاع و في الحدود المبينة بتلك القوانين "
40القانون رقم 13-11المؤرخ في 12فيفري .1111المتعلق باختصاصات مفتشية العمل.الجريدة الرسمية.العدد. 12
18فيفري . 1111
تنص المادة 211من قانون الجمارك .الجريدة الرسمية عدد 32المؤرخة في 18يونيو " : 2111يمكن اعوان الجمارك 41
و ضباط الشرطة القضائية و اعوانها المنصوص عليهم في قانون االجراءات الجزائية و أعوان مصلحة الضرائب ،و اعوان
المصلحة الوطنية لحراس الشواطئ و كذا االعوان المكلفين بالتحريات االقتصادية و المنافسة و االسعار و الجودة و قمع
الغش ،ان يقوموا بمعاينة المخالفات الجمركية و ضبطها"...
المهربون من جهة اخرى ،42إال ان البحث عن الجرائم التي تمس باقتصاد البالد ،تجارته،تراثه
43
هو من اختصاص ادارة الجمارك و موظفيها بالدرجة االولى.
انه تم استحداث جهاز اطلق عليه شرطة المياه،45خول لعناصره البحث و التحري في جرائم
المياه كون ان هذا النوع من الجرائم يتطلب ان يكون القائم بها على قدر كامل من التأهيل الفني
و الخبرة العلمية ليتمكن من ضبط و اثبات هذه الجرائم و ذلك وفقا لقانون المياه ،46و بالرجوع
47
و هم : للمرسوم التنفيذي رقم 313-17نجده قد حدد اعوان شرطة المياه
-مستخدمو الري
-مستخدمو استغالل مساحات الري
سعيد يوسف دمحم سعيد.وجها الجريمة الجمركية االداري و القضائي .رسالة لنيل شهادة دكتوراه دولة .جامعة االخوة منتوري 42
2117الذي يتضمن القنون االساسي الخاص بالموظفين المنتمين الى االسالك الخاصة بسلطة الصحة النباتية.الجريدة
الرسمية .عدد .37الصادرة بتاريخ 1يوليو . 2117
شرطة المياه اشخاص يؤهلهم القانون للبحث عن مخالفات احكام قانون المياه و يعينون بموجب قرار وزاري ،راجع في ذلك 45
:راضية بودية .الوسائل القانونية و المؤسساتية لحماية الموارد المائية في التشريع الجزائري ،مذكرة لنيل شهادة الماجستير
في القانون العقاري الزراعي .ص .11
قانون رقم 12-12المؤرخ في 11اوت 2112المعدل و المتمم لألمر رقم 13-12مؤرخ في 27محرم عام 1118 46
المـوافـق 12يونـيو سنة ,1112يعدل ويتمم القانون رقم 18-73المـؤرخ فـي 22ربـيع الـثـانـي عـام 1113الموافق 12يوليو
سنة 1173والمتضمن قانون المياه.
المرسوم التنفيذي رقم 317-17المؤرخ في . 1117 /11/18المتضمن شروط وكيفيات تطبيق المادة 113من قانون 47
تعتبر اللوائح اهم اساليب الضبط االداري وأبر مظاهر للممارسة سلطة الضبط االداري فعن
طريقها تضع هيئات الضبط االداري قواعد عامة مجردة تقيد بها أوجه النشاط الفردي من أجل
صيانة النظام العام في المجتمع ،و هي بذلك تمس حقوق األفراد و تقيد حرياتهم بالضرورة ألنها
تتضمن االوامر و النواهي و تقرر في الغاب عقوبات توقع على مخالفيها.
و يعد التنظيم الالئحي في مجال الضبط ضروري ذلك ان القانون قد يعجز ان يضبط الحريات
العامة ضبطا مفصال و ذلك بترتيبها و تنسيق تنظيمها ،كما يفعل التنظيم الالئحي الضابط
و الذي يتميز بالمرونة و المالئمة و القابلية للتغيير طبقا لمقتضيات الزمان و المكان و من ثم
كان التنظيم الالئحي الضابط ضرورة يكتمل بها التشريع عند االقتضاء.
-ق اررات الضبط الفردية
تتم ممارسة سلطة الض بط أيضا عن طريق اصدار ق اررات الضبط الفردية و نجد أن نشاط
الضبط االداري يتحول كله او يكاد الى هذه الق اررات و االصل ان تصدر ق اررات الضبط الفردية
الى قاعدة تنظيمية عامة سواء في قانون او الئحة ،غير أنه قد تصدر تلك الق اررات في مسندة
أحوال خاصة و شروط معينة غير مستندة الى قاعدة تنظيمية عامة هذا و لقد وضع الفقه
و القضاء للعديد من الشروط و الضوابط الواجب توافرها في ق اررات الضبط الفردية تأكيدا
لمشروعيتها .
-الجزاء االداري الوقائي :
يعتبر أسلوب من أساليب الضبط تقوم به هيئات الضبط من ـأجل صيانة النظام العام في أحد
نواحيه فهو بذلك اجراء وقائي تهدف االدارة به اتقاء خطر االخالل بالنظام العام لعدم اتاحة
الفرصة لمصدر التهديد للتمكن من احداث الضرر بذلك فهو ال ينطوي على معنى العقاب و هو
غالبا ما يمس المصالح األدبية للشخص المخالف لذلك فهو اجراء شديد الوطء على الحريات لذا
فال يجوز لهيئة الضبط ان تتخذه دون سند من نصوص القانون ،هذا و قد يختلط الجزاء االداري
بغيره من أنواع الجزاءات االخرى كالجنائية و المدنية و التأديبية .
-التنفيذ الجبري لق اررات الضبط االداري
48
عادل السعيد دمحم ابو الخير .مرجع سابق.ص . 211
تعتبر هذه الوسيلة من أشد أساليب الضبط االداري و أكثرها عنفا و بالتالي فهي أكثرها تهديدا
لحريات االفراد و ذلك بما تتضمنه من أساليب القهر و القوة ،ففي هذه الوسيلة ال تقوم هيأة
الضبط بعمل قانوني ،بل تقوم بعمل مادي يتمثل في استخدام القوة الجبرية ،من أجل ارغام
االفراد على االمتثال للوائح و ق اررات الضبط حماية للنظام العام ،و يعتبر التنفيذ الجبري لقارات
49
الضبط االداري تطبيق خاص للنظرية العامة للتنفيذ المباشر للق اررات االدارية و هي تلك النظرية
التي تعطي لإلدارة الحق في تنفيذ ق ارراتها االدارية تنفيذا مباش ار بالقوة الجبيرة دو حاجة للجوء
الى القضاء للحصول منه على اذن مسبق للتنفيذ .
الفرع الثاني :اختصاصات عناصر الضبطية القضائية :50
يتمتع عناصر الضبطية القضائية بصالحيات تخولهم البحث،التحري عن الجرائم
و مرتكبيها ثم تحرير محاضر تثبت ما قاموا به من أعمال فيكون اختصاصهم عاما يشمل جميع
انواع الجرائم وتارة خاصا بفئة معينة في جرائم معينة تولى القانون تحديدها على سبيل الحصر
الى جانب االختصاصات االستثنائية و هذا ما سنتطرق اليه على التوالي :
أ -االختصاص العام لعناصر الضبطية القضائية :
يباشر الضباط المحددون في المادة 12في فقراتها من 1الى 2من قانون االجراءات
الجزائية اختصاصا عاما بالبحث ،التحري عن الجرائم و مرتكبيها و يساعدهم في ذلك األعوان
المحددون في المادتين 11و 21من قانون االجراءات الجزائية 51دون تقيدهم بنوع معين
من الجرائم فالقانون لم يدكر االجراءات التي يباشرونها أثناء البحث و التحري على سبيا الحصر
بل منحهم سلطة لمباشرة بعض الصالحيات التي من شأنها الكشف عن الجريمة و مرتكبها و هذا
من خالل المواد 12،13،18،17من قانون االجراءات الجزائية و ألزمهم بجملة من الواجبات من
أجل تحقيق الهدف المرجو ،ولكي يقوم عناصر الضبطبة القضائية للكشف عن الجرائم و مرتكبيها
سمح لهم القانون بمباشرة جملة من الصالحيات نوجزها فيما يلي :
-لضباط الشرطة القضائية سلطة تلقي البالغات و الشكاوى من المواطنين في مراكزهم
المعتادة
-االنتقال الى أماكن الجريمة لمعاينتها و التحري على مالبساتها بعد اخطار و كيل
الجمهورية
49سليمان دمحم الطماوي .النظرية العامة للق اررات االدارية .الطبعة الخامسة .دار الفكر العربي :القاهرة. 1173.ص 283
50
نصر الدين هنوني .مرجع سابق .ص . 52،54
االمر رقم 12/ 12المؤرخ في 8شوال 1132الموافق لـ 23يوليو 2112يعدل و يتمم االمر رقم 122/22المؤرخ في 17سفر
51
52
عبد هللاا اوهايبية .مرجع سابق.ص،ص.118،117
53
االمر رقم 12/ 12المؤرخ في 8شوال 1132الموافق لـ 23يوليو 2112يعدل و يتمم االمر رقم 122/22المؤرخ
في 17سفر 1372الموافق ل 7يوليو 1122المتضمن قانون االجراءات الجزائية.
االمر رقم 27/81المؤرخ في 22صفر 1311الموافق لـ 22افريل 1181المتضمن قانون القضاء العسكري الجريدة 54
يختص ضباط الشرطة القضائية بجمع االستدالت،إال انه هناك حاالن استثنائية تفرض
عليهم مباشرة بعض اجراءات التحقيق التي هي من اختصاص قضاة التحقيق في االصل
و من هذه الحاالت لدينا حالة التلبس باعتبارها قرينة قضائية قاطعة على وقوع الجريمة فمنحهم
المشرع هذه السلطة خوفا على االدلة من الضياع،اذ يباشر ضباط الشرطة القضائية مجموعة
من األعمال اذا تعلق االمر بحالة من حاالت التلبس الواردة في المادة 11من قانون االجراءات
الجزائية .
سلطات ضباط الشرطة القضائي في حالتي اعتراض المراسالت،تسجيل المكالمات
المشرع الجزائري بموجب القانون رقم 22-12المعدل و المتمم لقانون لقد تطرق
لضباط الشرطة االجراءات الجزائية الى سلطة اعتراض المراسالت وتسجيل المكالمات فمنح
القضائية رخصة القيام بجملة من االعمال اذا اقتضت ضرورات التحري في الجرائم المتلبس بها
بموجب اذن من وكيل الجمهورية المختص وبموجب اذن من قاضي التحقيق و تتمثل في اعتراض
المراسالت التي تتم عن طريق وسائل االتصال السلكية و الالسلكية ،اجراء ترتيبات تقنية من أجل
و تثبيت بث و تسجيل الكالم المتفوه به من قبل االشخاص في أماكن عامة أو خاصة التقاط
و التقاط الصور لشخص أو أشخاص دو موافقة المعنيين باألمر.
لقد أجاز المشرع ضباط الشرطة القضائية و أعوانهم القيام بأعمال التسرب اذا دعت
مقتضيات التحقيق ذلك ،فيباشر عضو الضبطية القضائية مهامه من أجل الكشف عن مالبسات
الجريمة و يترتب عن ذلك جواز سماع ضابط الشرطة القضائية دون غيره عن العملية التي أجراها
عمر خوري .الوجيز في شرح قانون االجراءات الجزائية .ديوان المطبوعات الجامعية :الجزائر . 2118-2112.ص12 55
بنفسه أو بالتنسيق مع أحد معاونيه بوصفه شاهدا باعتبار أن العون يباشر مهامه تحت مسؤولية
الضابط الذي عينه و بالتالي فالمسألة جوازية يرجع تقديرها للقاضي المطروح عليه النزاع فله
56
ان يطلب سماعه ان رأى ضرورة لذلك .
و عليه نستخلص مما سبق و من خالل تطرقنا لماهية الشرطة و أهمية النشاط و الدور
الذي تقوم به من مهام قانونية في اطار الضبط القضائي و االداري،ان هذه الوظائف تكتسي أهمية
بالغة ألجل تحقيق النظام و االمن العام.
إال انها يجب ان تحقق من خالل أعمالها توازن بين مصلحتين من جهة مصلحة
المجتمع من خالل المحافظة على امنه و استق ارره بقمع االجرام و من جهة أخرى مصلحة
األشخاص و ذلك بإتمام الشرطي مهامه دون المساس بحقوق و حريات االفراد.
حيث انه و في الحالة العكسية أي في حالة تعرض األفراد ألضرار جسمانية أو مادية
جراء أخطاء يرتكبها أعوان الشرطة اثناء أدائهم لوظائفهم ،فانه و بظهور نظرية المسؤولية االدارية
الحديثة النشأة ،التي أقرها القضاء االداري الفرنسي في اواخر القرن التاسع عشر بحيث تبعه
فانه يحق لألشخاص المتضررين الحصول و تأثر به في ذلك القضاء االداري الجزائري،
على تعويضات من قبل الدولة جراء ما اصابهم من ضرر في اطار قيام المسؤولية االدارية
عن اعمال الشرطة.
هذه المسؤولية التي تعتبر من المسؤولية القانونية و التي تلتزم فيها الدولة بدفع التعويض
عن االضرار بفعل االعمال الضارة سواء كانت هذه االعمال شرعية او غير شرعية
اذا و من خالل الفصل الثاني سوف ندرك على أي أساس تقوم عليه هذه المسؤولية .
56
نصر الدين هنوني .مرجع سابق .ص 02
الفصل الثاني :
أساس قيام المسؤولية اإلدارية
عن أعمال الشرطة
الفصل الثاني :أساس قيام المسؤولية االدارية عن أعمال الشرطة
لكي يحصل المضرور على حكم بالتعويض عليه أن يثبت خطأ الموظف ـ عون الشرطة ـ
و أن هذا األخير قد ارتكب الخطأ أثناء تأدية ألعماله الوظيفية او بسببها فلكي يعتبر عون الشرطة
مسئوال امام االدارة من جراء ما ألحقه من ضرر للغير يلزم ان يكون عون الشرطة قد ارتكب خطأ
فيكون الخطأ اساسا لقيام المسؤولية االدارية ألعمال الشرطة (المبحث أول) غير أنه في بعض
الحاالت يصعب على الضحايا اثباتهم او تحديدهم للخطأ المرتكب قبل اإلدارة ،و عليه لتبرير
أحقية الضحايا في التعويض أقر القضاء مسؤولية االدارة حتى و لو لم ترتكب خطأ لذلك تقوم
المسؤولية االدارية ألعمال الشرطة من دون خطأ (المبحث الثاني) .
لكي يعتبر الموظف -عون الشرطة -مسؤوال أمام متعامل مع االدارة مع جراء ما لحقه
من ضرر يلزم ان يكون الموظف قد ارتكب خطا شخصي و باإلمكان مسائلة االدارة في حالة
التمييز بين الخطأ الشخصي و الخطأ ارتكاب الموظف لخطأ مرفقي ،غير ان معايير
المرفقي(المطلب االول) بقي مدار أراء عديدة و سنحاول استعراض هذه المعايير لتحديد المقصود
لكل من الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي التي قال بها الفقه( الفرع االول) ،ثم لما استقر اليه
القضاء من تحديد لحاالت الخطأ الشخصي و المرفقي (الفرع الثاني ) و ان كان مجلس الدولة
الفرنسي قد أباح لألفراد اختصام جهة االدارة و مطالبتها للتعويض عن االضرار التي أصابتهم
من جراء خطأ الموظف الشخصي فقد تتحمل االدارة التعويض بصفة مؤقتة حماية للمتعاملين
من مسار الموظف فيعتبر ذلك أثر قيام المسؤولية على اساس الخطأ(المطلب الثاني) الذي يكون
وفقا لقواعد قانونية مطبقة للحكم بمسؤولية االدارة (الفرع االول) بموجب دعوى تقيمها االدارة
على الموظف (الفرع الثاني ) و كل ذلك في اطار مرفق الشرطة .
تسود دراسة مسؤولية السلطة االدارية على أعمال موظفيها التفرقة بين الخطأ الشخصي
و الخطأ المرفقي و هذا ما سوف يتم التطرق اليه من خالل معرفةٍ رأي الفقه في التمييز بين الخطأ
الشخصي والخطأ المرفقي (الفرع االول) و معرفة كذلك اتجاهات القضاء في التمييز بين الخطأ
الشخصي و الخطأ المرفقي (الفرع الثاني) و فقا لما يلي :
الفرع االول :االتجاه الفقهي للتمييز بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي
يمكن لنا ان نتناول االتجاهات الفقهية التي قيلت بشأن التمييز بين الخطأ الشخصي
و الخطأ المرفقي الى خمس اتجاهات نعرضها كما يلي :
57
أوال .معيار الخطأ العمدي ( )l’intention mauvaise
يعد معيار الخطأ العمدي من أقدم المعايير التي قال بها الفقه في هذا الصدد و هو معيار
يقوم في البحث في مسلك الموظف وأهدافه حتى اذا تبين تعمده االضرار باألفراد يعد خطأه
شخصيا و تحمل وحدها العبء النهائي للتعويض عن األضرار التي لحقت باألفراد.
وقد عرف الفقيه الفريير الخطأ الشخصي بأنه " التصرف الذي يكشف عن االنسان
و اهوائه و عدم تبصره و هذا بخالف الخطأ المرفقي الذي يصدر عن رجل االدارة غير بضعفه
مطبوع بطابع شخصي و ينبئ عن موظف عرضة للخطأ و الصواب فالخطأ يكون مصلحيا ".58
وهذا المعيار يقوم على اساس القصد السيئ لدى الموظف و هو يقوم بواجبات وظيفته
فكلما قصد النكاية و االضرار او فائدته الشخصية كان الخطأ شخصيا يتحمل الموظف نتائجه
و هو يتمثل في اتجاه نية الموظف الى الحاق األذى بالغير .
و قد ذهب االستاذ لوبادير في هذا الخصوص الى انه من المهم فقط تحديد اي غرض
غير سليم يستهدفه الموظف ال يمكن ان ينتهي بالضرورة الى خطأ شخصي ،فالخطأ الشخصي
يتفق مع فكرة االنحراف بالسلطة الن القرار المشوب باالنحراف قد يظل منسوبا الى المرفق و كان
59
ان فكرة عيب الغرض الذي استهدفه الموظف هو هدفا مصلحيا ،كما أضاف االستاذ ديلوبادير
االنحراف تتفق مع فكرة الخطأ الشخصي اذا كان هدف الموظف يتمثل في الحاق االذى لبعض
االفراد او في االهمال او االنتقام من شخص الى اخر.
فالعبرة اذا في تكييف الفعل الضار الذي يرتكبه الموظف أثناء قيامه بأعباء الوظيفة ألنه
يمثل خطـأ عمديا بالنظر الى القصد السيئ او العمد الذي تتجه اليه نية الموظف و هو يؤدي
واجبات وظيفته فاذا قصد االضرار بالغير او تحقيق منفعته الذاتية او االنتقام او االذاء بدون مبرر
او سبب الحقد الشخصي او الخصومة السياسية يجعل ما يصدر منه من خطا يمثل أخطاء
كما قام أحد االعوان بافتعال مالحقات جزائية ضد احد االشخاص دون سبب مقبول سوى
تعمده ايذائه فهذا التعدي غير المبرر يعد خطا شخصيا.فالخطأ الشخصي طبقا لهذا المعيار
هو الخطأ الذي يظهر شخصية الموظف و يكون ذلك في حال ثبوت نيته اما الخطأ المرفقي فهو
الخطأ الذي ال يزيد عن المخاطر العادية للوظيفة و يرتكب بحسن نية ،غير ان هذا المعيار
و ان أخذ به أحد الفقهاء فانه لم يرق للغالبية و اعترضوا عليه بأنه ال يضم الخطأ الجسيم اي
60
كانت درجة هذه الجسامة.
يقضي هذا المعيار باعتبار الخطأ شخصيا اذا امكن فصله عن الوظيفة و على العكس
من ذلك اذا كان عمل الموظف ال ينفصل عن الوظيفة التي يقوم بها فيعد خطؤه مرفقيا مهما كانت
61
فقرر ان الخطأ الشخصي هو الذي يمكن درجة جسامته و لقد قال بهذا الرأي العميد هوريو
عن الوظيفة ماديا او معنويا فإذا اتصل الخطأ او االهمال بالوظيفة اتصاال ال يمكن فصله
فصله كان الخطأ مرفقيا و يعتبر الفصل ماديا اذا كانت الوظيفة ال تتطلب القيام به أصال كما لو
قام أحد رؤساء البلديات بالتشهير بشخص حذف اسمه من جدول الناخبين فمثل هذا التشهير يعد
عمال منفصال انفصاال ماديا عن متطلبات الوظيفة و يكون الفصل معنويا اذا كانت الوظيفة
تتطلب القيام بالعمل و لكن لغرض اخر غير الذي أراد الموظف تحقيقه،و يعيب هذا المعيار انه
يستبعد من حاالت الخطأ الشخصي االخطاء الجسيمة التي يرتكبها الموظف لمجرد ان تلك
االخطاء قد اتصلت بواجبات الوظيفة،و خطأ كهذا له طبيعة من شأنها الزام مسؤولية العون
الشخصية مثال الشرطي الذي يتعرض أحد االشخاص يسوقه الى مركز الشرطة و لم يبدي
و انصاع تماما و مع ذلك فقد تعرض الى معاملة قاصية ال مبرر الشخص اي مقاومة
لها و قد ارتأى القاضي أنها منفصلة عن الوظيفة مكيفا اياها على انها خطا شخصي .و قد
يرتكب العون العمومي جرما يعاقب عليه قانون العقوبات فرئيس البلدية المكلف بإجراء جمع
االموال يلزم المواطن بأن يدفع له خمس أالف دينار 2111دج بتهديده بالموت بواسطة يالح
سالح هنا يرتكب جرما يعاقب عليه قانون العقوبات و يتحمل جميع العواقب بما فيها التعويض ،و
63
الى اعتبار الموظف مرتكبا لخطأ شخصي كلما كان الخطأ المنسوب اليه اتجه جيز
جسما بحيث ال يمكن اعتباره من المخاطر العادية التي يتعرض لها في أداء عمله اليومي و يجد
الخطأ الشخصي مصدره عندما يقع الموظف في خطأ جسيم في تفسيره للوقائع التي تبرر قيامه
او في فهمه لنصوص القانون التي تعطيه الحق في التصرف الى حد يمكن القول بالتصرف
معه بأنه لم يتجاوز فقط حدود سلطاته بل وصل الى حد التعسف فيها ،كأن يأمر رئيس بلدية بهدم
من نصوص القانون كما يجد مصدره ايضا عندما يصل الموظف بتصرفه الى مبنى دون سند
حد ارتكاب الجريمة توقعه تحت طائلة العقاب كأن يزيل اعالنات الدعاية االنتخابية رغم وقوع ذلك
تحت طائلة العقوبات .
و ضرورة توافر الخطأ الجسيم شرط تطلبه مجلس الدولة الفرنسي الذي بقي وفيا لقضائه
التقليدي الذي يتطلب دوما توافر خطا جسيم و ذو صعوبة خاصة لكي يعوض المتضرر و يظهر
ذلك بصورة واضحة في قرار داغمون ( ) Darmontحيث تطلب مجلس الدولة توافر الخطأ
الجسيم لقيام مسؤولية االدارة ،اما المفهوم الذي اعطي للخطأ الجسيم من قبل القاضي اإلداري
و كما الحظ مفوض الدولة أن االمر يتعلق بالمسؤولية على أساس الخطأ و تحريكها يتطلب خطأ
جسيم كما نصت عليه المادة 2من قانون 2جويلية 1182و يمكن للقاضي االداري ان يبحث
في موضوع طبيعة الخطأ اذ من األمثل التمسك بضرورة توافر الخطأ الجسيم هذا االخير هو ذلك
الخطأ الذي يجاوز المخاطر العادية للوظيفة و بعبارة أخرى هو ذلك الخطأ الذي ال يمكن قبوله
او ايجاد عذر الرتكابه و ال يمكن التسامح فيه حتى بالنسبة للموظف غير المتوسط
و ان كان مشكلة تحديد من هو الموظف المتوسط تثير مشكلة ،فيشترط العتبار الخطأ الذي
يرتكبه الموظف أثناء الوظيفة شخصيا ان يكون جسيما و يتعدى المخاطر العادية للوظيفة بصرف
النظر عما اذا كان مرتكب الخطأ قد توافر اليه نية االيذاء ام لم تتوفر ،فالخطأ الجسيم هو غلطة
62
احمد محيو .المنازعات االدارية .ديوان المطبوعات الجامعية :الجزائر.1173.ص.227
63سليمان دمحم الطماوي ،القضاء االداري وقضاء العويض .وطرق الطعن في االحكام .دار الفكر العربي :القاهرة.
،2113ص.137
فاضحة مرتكبة من طرف العون و مستوحاة من مصلحة المرفق و ليس لها باعث شخصي فهو
64
اذن عبارة عن رعونة او شعور عدائي عميق ادى الى الضرر دون قصد االذاء.
ينسب هذا المعيار الى العميد درجي و هو معيار يقوم على أساس الغاية التي اتجه
الموظف الى تحقيقها و لمعرفة ما اذا كان الخطأ الذي ارتكبه الموظف خطأ شخصي يسأل عنه
في امواله الخاصة ام خطأ مرفقيا تسأل عنه جهة االدارة ،فانه يجب التحقق ما اذا كان الموظف قد
قصد بتصرفه تحقيق أحد االهداف لتي تختص بتحقيقها جهة االدارة كحفظ االمن و النظام مثال
و هنا ال تثريب على الموظف و يعتبر الخطأ الذي ارتكبه بقصد الوصول الى هذا الهدف منسوبا
الى المرفق العام أما اذا كان الموظف لم يقصد بتصرفه سوى تحقيق أغراضه الخاصة التي
ال عالقة لها بالوظيفة او االهداف االدارية فان الخطأ الذي يرتكبه في هذه الحالة -مهما كان
يسي ار -ال يكمن ان يندمج في اعمال الوظيفة بل يعد خطأ شخصيا يرتب مسؤوليته الخاصة
فواضح ان هذا المعيار ينفي كل أثر لجسامة الخطأ على قيام الخطأ الشخصي مع ان الخطأ
الجسيم الذي ينمي على االهمال و عدم التبصر الشديد ال يقل بحال من االحوال عما يرتكبه
الموظف من أخطاء بصدد قيامه بتصرفات ال يقصد منها خدمة المرفق العام و إال فان القول
بغير ذلك و عدم اعتبار الخطأ الجسيم الذي ارتكب بحسن نية خطا يؤدي الى مسؤولية الموظف
65
الشخصية سيؤدي الى تفشي روح االستهتار في الجهاز الحكومي.
أقام الدوكراسي Douc Rasyالتفرقة بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي على أساس
طبيعة االلتزام الذي أخل به ،فإذا كان هذا االلتزام من االلتزامات العامة التي يقع عبؤها على جميع
المواطنين فان االخالل به يعتبر خطأ شخصيا أما ادا كان االلتزام من االلتزامات التي ترتبط اساسا
وقد استند الى بعض االحكام الصادرة بالعمل الوظيفي فان االخالل به يعد خطأ مرفقيا ,
من مجلس الدولة الفرنسي للقول بان القضاء يأخذ بهذا االتجاه و من ذلك أن المجلس قد قضى
بمسؤولية االدارة عن تعهد قام به بعض الجنود دون ان يمنعهم قائدهم من ذلك و اعتبر ان خطأ
مرفقيا رغم أنه قد ساهم مع مرؤوسيه في ارتكاب التعدي الذي اعتبر خطأ شخصيا من جانبه فخطأ
رمزي الشاعر .قضاء التعويض .دار النهضة العربية :القاهرة.1172 .ص.211 64
65
احمد محيو .مرجع سابق .ص . 00
مرفقيا الرئيس الذي ينحصر في عدم مراقبة مرؤوسيه يعد اخالال بالتزام وظيفي مما يجعله خطأ
66
مرفقيا اما مساهمته في التعدي فهي اخالل بالتزام عام و يعتبر كذلك خطا شخصيا .
و بعد تعرفنا لمحاولة الفقه للتمييز بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي نحاول فيما يلي
التعرف على اتجاه القضاء في الفرع الثاني :
الفرع الثاني :اتجاهات القضاء في التمييز بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي
على الرغم من ان المعايير الفقهية التي قيلت للتمييز بيت الخطأ الشخصي و الخطأ
المرفقي لم توفق في وضع الحد الفاصل بينهما فإنها قد ساهمت في تيسير مهمة القضاء
في التعرف على كيفية التمييز بين هذه األخطاء
لم يحاول القضاء الفرنسي ان يضع معيا ار محددا للتمييز بين الخطأ الشخصي والخطأ
المرفقي و لم يتبع معيا ار محددا من المعايير التي قال بها الفقه بل استعان بجميع المعايير .
و الستعراض بعض أحكامه في هذا الصدد يتضح لنا انه فرق بين نوعين من التصرفات :
تصرفات تتخذ خارج نطاق الوظيفة و اخرى تتم داخلها و لقد اعتبر القضاء الفرنسي الخطأ
في كل مرة يقع خطا الموظف خارج نطاق الوظيفة ،و على العكس من ذلك الشخصي متواف ار
فقد تطلب لكي ترتب االخطاء التي يرتكبها الموظف داخل نطاق وظيفته مسؤوليته الشخصية
67
ان تتسم بطابع من الجسامة.
.1التمييز بين الخطأ المتصل بالوظيفة و الخطأ الذي ينفصل عنه :
ميز مجلس الدولة الفرنسي بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي استنادا الى مدى انفصال
الخطأ عن الوظيفة أو عدم انفصاله عنها و يعد الخطأ ضد دائرة النوع اذا كان الموظف قد ارتكب
وفي حياته الخاصة بعيدا تماما عن عمله الوظيفي كما لو خرج يتنزه بسيارته فاصاب أحد االفراد
66
احمد محيو .مرجع نفسه .ص. 02
67عادل بن عبد هللاا ،المسؤولية االدارية عن مخاطر استعمال السالح".مجلة المنتدى القانوني".العدد الخامس.قسم الكفاءة
المهنية .بسكرة.2117.ص.21
بالضرر،و هنا ال تسأل عنه جهة ادارية بل يسأل الموظف وحده دون تفرقة في ذلك بينما اذا كان
الخطأ الذي ارتكبه جسيما او غير جسيم وسواء كان عمديا او غير عمدي ،و قد يرتكب الموظف
خطأ أثناء قيامه بالوظيفة و مع ذلك يعد ما ارتكبه من خطا قد تم خارج نطاق وظيفته و مرتبا
لخطأ شخصي،انقضاء كل صلة بينه و بين الوظيفة و في هذه الحالة اذن يسأل الموظف عما
اصاب الغير من أضرار كرجل البوليس الذي يضرب المتهم ضربا عنيفا دون ان يكون هذا المتهم
قد حاول الهرب أو قاوم امر القبض عليه.و يالحظ أن قضاء مجلس الدواة الفرنسي قد تطور و
جعل من هذه االخطاء التي ترتكب أثناء الوظيفة مصد ار الجتماع مسؤولية الموظفو مسؤولية
68
االدارة معا.
.2الخطأ المتصل بالوظيفة ال يكون خطأ شخصي إال اذا كان خطا جسيما
ميز القضاء في هذه الحالة بين االخطاء البسيطة التي يرتكبها الموظف بحين النية و تلك
التي تصدر منه مشوبة بسوء النية او بدرجة معينة من الجسامة فقرر مسؤولية السلطة العامة
عن النوع األول و اعتبر النوع الثاني مرتبا لخطا شخصي يتحمل الموظف وحده عبئ التعويض
عن األضرار التي نجمت للغير من جرائه .
و على ذلك اعتبر القضاء الفرنسي الموظف مرتكبا لخطأ شخصي اذا كان ما ارتكبه
من أخطاء قد اقترنت بنية سيئة كان يباشر تصرفه بنية الحاق األذى ببعض األفراد أو كان ما
قصد تحقيقه ال يتعلق بالمصلحة العامة بل محاباة لصديق او قريب فمثل هذا القصد السيئ الذي
تمليه رغبة الموظف في االنتقام او تمليه الكراهية و االحقاد يجعل ما يصدر منه من أخطاء مرتبا
لمسؤوليته الشخصية ،الن مثل هذا القصد السيئ يحيل تصرف الموظف الى عمل شخصي ،اما
اذا كان الخطأ قد ارتكب داخل اطار الوظيفة العامة و لكنه ال يظهر سوء نية الموظف الواضح
فان القضاء الفرنسي قد استقر على اعتبار ان الخطأ في هذه الحالة خطأ مرفقي.69 .
و مع ذلك فان كان الخطأ في تطبيق القانون غير جسيم فال يرتب خطأ شخصي و انما
يرتب خطا مرفقي يقع على عاتق الدولة التعويض عنه ،اما اذا كان عدم التبصر غير جسيم فان
في هذه الحالة يعتبر خطا مرفقي تسأل عنه الدولة. الخطأ
68
عوابدي عمار .مرجع السابق .ص111
69عوابدي عمار .المرجع السابق .ص111
و يعد خطأ شخصيا كذلك عدم الدراية من الموظف في اداء عمله كقيام احد رجال االدارة
بقيادة سيارة بمناسبة العمل دون ان يكون حائ از لرخصة القيادة ،اما عدم الدراية غير الجسيم فال
يرتب خطأ شخصي و انما يرتب خطا مرفقي كالسرعة الزائدة او الخطأ في تطبيق قواعد المرور
و بهذا يكون القانون الفرنسي قد أخذ بالمعايير التي أخذ بها الفقه بصدد التمييز بين الخطأين
الشخصي و المرفقي بعد الموازنة و النظر في وقائع كل دعوى على حدى و يزن االفعال المنسوبة
70
الى الموظف لتبيان طبيعة الخطأ.
كان للظروف الخاصة و المؤدية الى وجود القضاء االداري اختصاص هذا األخير بقضايا
التعويض عن االخطاء الناجمة عن أعمال االدارة .و قد أخذ القضاء الجزائري بمسؤولية االدارة
حتى في حالة غياب الخطأ و ان االدارة ملزمة بالتعويض فمن خالل قرار الغرفة االدارية بالمحكمة
العليا المؤرخ في ،71 1171/13/11الذي جاء في تسبيبه :
حيث باعتبار ان قاعة الرياضات تعد مبنى عمومي تابع إلدارة الجمارك و ان الحادث وقع
للضحية عندما كانت تدرب الموظفين و ان الحادث وقع في محالت االدارة و ان مسؤولية
التصريح بالحادث تقع على االدارة التي قصرت بااللتزام القانوني الواقع على عاتقها و بهذا فان
القضاء االداري قد اقر قيام مسؤولية االدارة حتى في حالة انعدام الخطأ ،اتجاه االشخاص ضحايا
الحوادث عندما يكونون مدعوين لتقديم مساهمتهم و بهذا توصل القضاء االداري بإثبات مسؤولية
االدارة حتى في غياب خطأ مرتكب من الموظف.
72
على انه ":من كما جاء في قرار صادر عن الغرفة االدارية بتاريخ 1177/2/3
في القضاء االداري ان المجموعات العمومية و حتى في غياب الخطأ تكون مسئولة المستقر
عن األضرار الالحقة بالغير بفعل عتاد مخصص لالستعمال العمومي و بما ان الحادث وقع
70
عوابدي عمار ،مرجع السابق .ص111
71
قرار الغرفة االدارية بالمحكمة العليا المؤرخ في . 1171/13/11ملف رقم . 22232المجلة القضائية .العدد -3
1111ـ ص . 212
72
قرار الغرفة االدارية بالمحكمة العليا المؤرخ في .1177/12/13ملف رقم . 21112المجلة القضائية .العدد – 1
. 1112ص .122
للضحية عندما اتكئ على عمود حديدي كان يحمل خيطا كهربائيا عاديا غير معزول ،و غير
معروف بتلك الوضعية لدى الشركة و بالتالي ال ينسب للضحية اي خطأ"،
وعليه فان قرار الغرفة االدارية اعتبران مسؤولية المجموعات العمومية قائمة حتى في غياب الخطأ
عن االضرار الالحقة بالغير.
كما ان الدولة ملزمة بالتعويض في حالة عدم معرفة المتسبب في الضرر و ان البلدية مسئولة
73
و لم يعتنق القضاء االداري عن االضرار و االتالف الناتجة عن االضطرابات في أراضيها
الجزائري في محاولته للتمييز بين الخطأ الشخصي والمرفقي معيا ار فقهيا محددا بل طبق في كل
مرة المعيار الذي يراه مناسبا.
و فيما يتعلق بأعمال الضبطية القضائية فلقد ذهب القضاء االداري الى اعطاء الحق
في التعويض لشخص اوقف من طرف رجال الضبطية القضائية و تعرض لضرب ادى الى فقد
74
و المقصود بالخطأ في هذه الحالة هو الخطأ الجسيم و ان لم يشر اليه القاضي احدى عينيه
االداري صراحة و لقيام الخطأ الجسيم يضع القاضي االداري عدة عناصر تتمثل في الظروف
المحيطة بالضرر و طرق تحديده و على هذا االساس فانه يمكننا القول بان الخطأ الشخصي هو
الذي يرتكبه الموظف خارج نطاق الوظيفة االدارية او الخطأ الذي يرتكب داخل الوظيفة االدارية
بسوء نية و على قدر من الجسامة اما الخطأ المرفقي فانه يعد االخالل بواجبات الوظيفة حتى
و لو كان االخالل بحسن نية و لم يكن على قدر كبير من الجسامة.
ان التفرقة الشهيرة بين الخطأ الشخصي و الخطأ الوظيفي تظهر في قرار الغرفة االدارية
لمجلس قضاء الجزائر الصادر بتاريخ 1جويلية 1181بحيث تعود وقائع القضية الى :ان سائق
احدى السيارات العسكرية التابعة لو ازرة الدفاع الوطني صدم شخص يبلغ من العمر 22سنة مما
ادى الى وفاته تاركا وراؤه اوالده و زوجته التي أقامت دعوى على السائق امام المحاكم المدنية
و التي حكمت عليه بدفع تعويض لزوجة المتوفى و أوالده عن الضرر الذي لحقه و لما رجع
السائق على و ازرة الدفاع الوطني الجزائرية مطالبا اياها بدفع التعويض الذي حكمت به المحكمة
دفعت له المبلغ المحكوم به من طرف الغرفة المدنية على اساس ان الخطأ الذي ارتكبه كان
متصال اتصاال وثيقا ماديا و معنويا بالوظيفة العامة أو المرفق العام بحيث يعتبر خطأ مرفقيا
73
قرار الغرفة االدارية الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ . 1171/11/8المجلة القضائية .العدد الثاني . 1112 .
الجزائر .ص ، 113أنظر المادة 137من قانون 17-11السابق الذكر.
74
المجلس االعلى – الغرفة االدارية 22. -جوان . 1182وزير الداخلية ضد سماتي .مجموعة االحكام االدارية لبوشحدة
و خلوفي .ص. 82
وظيفيا ال شخصيا اذا كان هذا السائق اوال عندما ارتكب الخطأ المذكور يؤدي واجبات الخدمة
ألمذكورة كما ان الخطأ المولد للمسؤولية كانت وسائل مرفقية ساعدت السائق على ارتكاب الخطأ
االمر الذي جعل الخطأ الشخصي يندمج اندماجا كليا في المرفق العام مما يجعله يتحول الى خطأ
مرفقي يولد مسؤولية االدارة .75
و تجدر االشارة الى قرار الغرفة االدارية الصادر عن مجلس قضاء الجزائر بـ 11أفريل
76
اذ تتلخص وقائع القضية في تلقى أحد كتاب الضبط لإليداع مبلغا من المال بشكل 1182
اوراق نقدية مصرفية صادرتها الشرطة القضائية و نسي ان يبدل كاتب الضبط هذه االوراق حين
اصدار اوراق مصرفية نقدية جديدة فبعد الحكم عن افراج صاحب المال قام هذا االخير بمطالبة
مسؤولية و ازرة العدل و حصل على حقوقه بسبب اهمال كاتب الضبط المعتبر عونا للدولة .
77
عمل على تكريس مسؤولية االدارة عن الخطأ الشخصي منذ وجود مجلس الدولة بالجزائر
الصادر بتاريخ 1111/2/1انه أثار مسؤولية االدارة فيتضح من خالل قرار مجلس الدولة
عن الخطأ الشخصي للموظف الذي ألحق أضرار بالضحية و هذا الخطأ ال يمكن فصله
78
. عن المرفق الن الحادث ارتكب باستعمال السالح الناري الذي استلمه الموظف بحكم وظيفته
حيث بتاريخ 1117/11/12على الساعة وقعت سرقة بالسوق االسبوعي للغنم بالقرب
من بيت الضحية م،ع و بعد المناوشة التي حدثت بين هذا األخير و أفراد الحرس البلدي تم اطالق
النار على الضحية من طرف الحارس فتوفى الضحية تحت تأثير االصابة .
حيث رفع ورثة الضحية الدعوى امام لغرفة االدارية لمجلس قضاء البليدة ضد بلدية والد فايت
طالبين التعويض عن االضرار االحقة بهم من جراء وفاة مورثهم .
75
عمار عوابدي .األساس القانوني لمسؤولية االدارة عن أعمال موظفيها .مرجع سايق .ص . 113
76
قرار الغرفة االدارية .مجلس قضاء الجزائر .المؤرخ بتاريخ 11افريل . 1182المجلة القضائية . 1183 .ص . 211
قانون عضوي رقم 11/17مؤرخ في 31ماي 1117يتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و عمله المعدل و 77
المتمم بموجب القانون العضوي 13-11المؤرخ في 22يوليو . 2111المنشور بالجريدة الرسمية عدد .13مؤرخة في 13
غشت . 2111
78
قرار مجلس الدولة –الغرفة االولى – الصادر بتاريخ . 1111/2/1رقم القرار . 112113منشور بمجلة مجلس الدولة
.العدد . 2112 1ص. 11
79
حيث بتاريخ 1111/12/12اصدرت الغرفة االدارية قرار برفض الدعوى.
حيث استأنف ورثة الضحية القرار أعاله بتاريخ ، 1111/17/13امام مجلس الدولة و قد
أسسوا استأنافهم على ما يلي:
-كون أن الضحية اغتيل عمدا مع سبق االصرار والترصد من طرف عون بلدي أثناء
ممارسته لوظيفته االدارية .
-اعتراف الحاني بارتكابه للوقائع .
-ان الخطأ المرتكب مرفقي و على المصلحة حمايته من العقوبات المدنية النتخذه ضده .
حيث أجاب مجلس الدولة يق ارره في 2111/18/11بالغاء القرار المستأنف مع رفض الدعوى
لعدم التأسيس،مؤسسا قضائه على عنصرين و هما :
-ال يوجد ما يفيد بأن الحارس ه،ر قد توبع بتهمة القتل العمدي
-لم يثبت بأن العون قد ارتكب األفعال موضوع النزاع أثناء تأديته لوظيفته او بسببها
و ان الخطأ المرفقي غي متوفر تبعا لذلك ،و المسؤول عن التعويض هو الفاعل نفسه
ما يالحظ هنا هو أن مجلس الدولة انتهى الى وجود خطا شخصي ال يسأل عنه المرفق
و بالرجوع الى تصريحات ورثة الضحية يتبن ما ياي :
80
-كون مرتكب الوقائع هو حارس بلدي مع استعمال سالح الخدمة :
79
لحسين بن شيخ اث ملويا .مرجع سابق .ص .182
يجب بادئ ذي بدء التعرض للقوانين و التنظيمات التي كانت تحكم فئة حراس البلدية
و على ذلك نجد بأنه سنة 1112صدر مرسوم تنفيذي تحت رقم 222/12يتضمن انشاء سلك
مهام الحرس للبلدي ،و بعد صدور المرسوم التنفيذي رقم 222/12في اليوم نفسه يتضمن القانون
االساسي لموظفي الحرس البلدي.
و اذا كنا بصدد خطأ مرفقي فان االدارة هي المسؤولة على التعويض و على ذلك يجب البحث
المرسوم التنفيذي رقم عن السلطة الوصية ،بالنسبة لسلك الحرس البلدي،و هو ما يوضحه
السلطة االدارية المسؤولة عن 222/12أعاله نجده ينص في المادة 13على ان الوالي يعتبر
اقامة و حدات الحرس البلدي التابعة لدائرة اختصاصه و عن دعمها االداري و المادي و يوفر
لهذه الوحدات حاجاتها عن طريق االعتمادات المخصصة و يتأكد من ظروف تكوينها و اعدادها
للقيام بمهامها و يراقب نشاطاتها و يسهر على سيرها العادي و لقد جاء في التعليمة 111الصادرة
عن وزير الداخلية أعاله على أنه تخول في هذا االطار صالحيات واسعة لمندوب الحرص البلدي
و مراقبة المدير العام للحرس البلدي . للوالية تحت سلطة الوالي
و على ذلك يرى االستاذ الحسين بن الشيخ اث ملويا بأن الوالية هي المسئولة عن دفع
التعويض في حالة المسؤولية على أساس الخطأ المرفقي أو على أساس المخاطر و اعتبر المدعين
انهم رفعوا دعواهم على أساس الخطأ المرفقي ضد بلدية والد فايت بالرغم من كون هذه االخيرة
ال صفة لها بل الوالية هي السلطة الوصية التي يجب ان ترفع ضدها الدعوى.
حيث أن الوقائع تشكل جناية القتل العمدي مع سبق االصرار و الترصد ،حيث أثار المدعون
مسألة القتل العمدي مع سبق االصرار و الترصد و معنى ذلك ان الحارس البلدي سلك سلوك ليس
و ما دام ان الحارس البلدي قد أدين من طرف محكمة الجنايات بجناية القتل العمدي
مع معاقبته بـ 12سنة سجنا فان المسئولية تكون على أساس الخطأ الشخصي الذي ال تتحمله
الدارة المستخدمة فاإلدارة ال تضمن إال الخطأ المرفقي و الذي من النادر ان يكون خطأ جزائيا
عمديا فالعمد معناه ان العون االداري انما سلك سلوكا بصفته انسانا فال يمكن اقامة المسؤولية
إال على أساس خطئه الشخصي و يكون وحده المسئول عن دفع التعويض و ال يهم ان يكون
الفعل االجرامي العمدي قد ارتكب أثناء تأدية الوظيفة او بسببها من خالل استعماله سالحه الناري.
حقيقة لقد ارتكب الحارس البلدي جريمة القتل العمدي أثناء ممارسته لوظيفته في حفظ النظام
العام في السوق االسبوعي للغنم .و حقيقة ايضا أنه استعمل في قتل الضحية السالح الناري المسلم
له بموجب وظيفته و على ذلك فان الفعل االجرامي ارتكب بمناسبة الوظيفة و بسببها ،لكن ال
يمكن اعتبار هذ الخطأ كم ذهب اليه ورثة الضحية خطا مرفقي بل هو خطأ شخصي ينسب
و على ذلك يرى االستاذ الحسين بن الشيخ اث ملويا معلقا على قرار مجلس الدولة الساف
الذكر بأن تعبير مجلس الدولة في كون الخطأ غير مصلحي جاء مطابقا للقانون ،ذلك انه
في حالة الجرائم الغير العمدية قد نوجد امام خطأ مرفقي لكن في الجرائم العمدية فانه من النادر
ان نكون امام خطأ مرفقي .
قرار مجلس الدولة الصادر بتاريخ 1111/12/31و الذي يتمحور حول أما بالرجوع الى
قضية ارتكب فيها دركي جريمة قتل عمدي بمسدس خارج اوقات العمل ،فاعتبر مجلس الدولة
ان الجريمة جنائية من جرائم القانون العام و ال عالقة لهذه الجريمة بوظيفة المحكوم عليه كدركي
و بالتالي فان مسؤولية التعويض عن الضرر الناتج عن فعله تقع على عاتقه و ليس على عاتق
االدارة التابعة لها.84
يجوز للمتضرر من خطأ االدارة المصلحي أو الخطأ الشخصي للموظف ان يختار بحرية
ان يرفع دعواه أمام القاضي االداري او ان يرفع دعواه ضد الموظف و مطالبته بالتعويض
عن الضرر الذي اصابه ،و لما كانت االدارة ال تسأل نهائيا اال عن الخطاء التي يرتكبها
. 85
الموظفون و هم يستهدفون الصالح العام ،فان مساءلتها تجد أساسا في النشاط
و سنحاول في هذا المطلب التعرض الى القواعد القانونية المطبقة للحكم بمسؤولية االدارة
(الفرع أول) و معرفة طبيعة الدعوى التي تقيمها االدارة ضد الموظف (الفرع الثاني).
غالبا ما نجد المتضرر كان يلجأ مباشرة ليقيم دعواه امام الغرف االدارية للمجالس
للمطالبة بالتعويض عن االضرار التي لحقته من جراء القضائية (المحاكم االدارية حاليا )،
االعمال المعيبة للموظف .
كما تسأل الدولة عن تعويض الخطأ الشخصي الذي يرتكبه القاضي االداري و الذي ال
يمكن فصله تماما عن المرفق ،و تكون مسؤولية الدولة في هذه الحالة نوعا من الضمان
87
. للمضرور ،بحيث ترجع الدولة على من ارتكب الخطأ الشخصي
كما انه يحق لذوي الضحية مطالبة االدارة عن العمل غير المشروع الذي يرتكبه العون
أ ثناء تأدية لوظيفته أو بسبها ،و هذا مما جاء في القرار الصادر عن الغرفة االدارية بالمحكمة
88
و تتلخص حيثياته في : العليا الصادر بتاريخ 1172/11/12
حيث ان الضحية أو ذوي حقوقها ال يفقدون عندما يرفعون دعوى مدنية على العون
المعني حق رفع دعوى الى الجهة القضائية االدارية للمطالبة بالتعويض و هي الدعو الموجهة ضد
الشخص العام الذي يعمل المتسبب في الضرر لحسابه و المبينية على خطأ المرفق .
حيث ان القاضي االداري و عندما استعمل الضحية في نفس الوقت هذه الطريق القانونية
المزدوجة يعلق تسديد الشخص العام التعويض الذي يحكم عليه بدفعه للضحية ،على حلول
الشخص العام محل هذه االخيرة في الحقوق التي تنشأ للضحية او لذوي حقوقها ...
حيث أن المستأنف فيما يتعلق في هذه القضية و بالرغم من أنه قد رفع دعواه على العون
في الضرر يحق له و يستطيع رفع دعوى ضد المرفق و ال يمكن النطق بعدم سماع المتسبب
الدعوى بخصوص الدعوى الثانية استنادا الى امكانية وجود الدعوى االولى .
المجلس االعلى.الغرفة االدارية 22.جوان . 1182وزير الداخلية ضد السمتي نبيل ،مجموعة احكام القضاء االداري 86
88
قرار الغرفة االدارية .المحكمة العليا . 1172/11/12.المجلة القضائية .1171 .ص . 231
اذا قام المضرور بمالحقة االدارة و حصل على تعويض منها كما هو واضح في قرار
Larvelleبحيث ان الضحية ملزمة برفع دعواها على االدارة ،و لالدارة حق الرجوع فيما بعد
و بصدور حكم Larvelleاكتمل تطور مادة المسؤولية االدارية كما يرى البعض اذا اعيد التوازن
المفقود الى االدارة وموظفيها تبعا لقواعد أخذ مجلس الدولة الفرنسي على عاتقه تحديدها في
أحكامه و هذا المبدأ كرس ايضا من طرف محكمة التنازع بقرار Motizحيث قضت بأن جهات
القضاء االدارية يمكنها نظر منازعات مسؤولية عالقة االدارة بموظفيها و فيما يتعلق بحق رجوع
االدارة على الموظفين تكون جهات القضاء االدارية هي المختصة بنظر النزاع غير أن تحمل
االدارة عبئ أطاء موظفيها اي كانت طبيعة هذه االخطاء وصلتها بالمرفق العام فيه تهديد لخزانة
الدولة و تنمية بالشعور بعدم المسؤولية لدى الموظفين و حسن ما فعل مجلس الدولة الفرنسي
عندما سمح لإلدارة بالرجوع على الموظفين السترداد مبلغ التعويض اذا كان خطأ الموظف منفصال
ذهنيا أو معنويا عن المرفق العام و ال يسمح لها بهذا الرجوع اذا كان الخطأ متصال اتصاال مباش ار
بالمرفق العام و على هذا يمكننا القول ان االدارة ال تتحمل المسؤولية بمفردها اال في حالة الخطأ
المصلحي أما اذا كان ثمة تعدد في األخطاء بأي صورة من الصور و اضطرت االدارة لسبب
من األسباب أن تدفع التعويض فإنها تتمتع بحق الرجوع على الموظف بما يقابل نصيبه من الخطأ
الشخصي غير أن االسراف في تحميل الموظف نتيجة أخطاء العمل قد يدفعه الى التهرب
89
من المسؤولية .
وعليه تبين لنا من خالل تناولنا لهذه القواعد العامة التي يقوم عليها الخطأ الذي يؤدي
الى مسؤولية االدارة انه يكفي أن يثبت المضرور سوء تنظيم المرفق أو اهماله اذ ان الدعوى ترفع
مباشرة على االدارة دون رفعها على الموظف كما تبين لنا من ان االدارة تدفع التعويض ثم تعود
على الموظف المخطأ و هذا في حد ذاته يمثل حماية االدارة للمضرور من اعسار الموظف
باعتبار ان االدارة تحل محل الموظف و تعوض عن الخطأ الذي ارتكبه و هذا يمثل اكبر ضمانا
من أجل بناء دولة القانون.
قد قضى القضاء االداري بأنه هناك أضرار يسببها نشاط االدارة و أعمالها دون أن يكون
هناك خطأ من جانبها او من جانب موظفيها بحيث يصبح اشتراط و تطلب ركن الخطأ للحكم
بالمسؤولية في مثل هذه الحاالت متعارضا مع ابسط قواعد العدالة ،فجاء في تقرير مفوض الدولة
السيد بازلي " ...اننا نرى أنه ما لم يوجد نص تشريعي مضاد فان العدالة تقضي بان تكون الدولة
89
فريجة حسين.مسؤولية االدارة عن أعمال موظفيها .مجلة مجلس الدولة العدد رقم . 2111. 2ص . 11
مسئولة قبل العامل المصاب عن المخاطر التي خلقها له مشاركته في تسيير المرفق العام
و ان االدارة ال تسأل عن األضرار الناجمة عن استعمال مرفق البوليس إال اذا كان السبب فيها
خطأ جسيما ارتكبه رجال البوليس ،و لكن مسؤولية االدارة في هذا السبب يجب التسليم بها حتى
و لو لم يكن هناك خطأ إطالقا في حالة استعمال رجال البوليس ألسلحة او ادوات خطيرة تتضمن
بذاتها مخاطر استثنائية بالنسبة لألشخاص أو االموال ، "...لقد قرر القضاء االداري و رسخ
المشرع الفرنسي مسؤولية االدارة العامة في حالة تخلف ركن الخطأ ،اي مسؤولية االدارة دون خطأ
كما ان القضاء الجزائري تأثر بذلك خاصة و ان مجموعة كبيرة من التشريعات الفرنسية التي طبقت
90
في فترة االحتالل امتد سريانها بعد االستقالل .
فإذا كان الخطأ المرفقي او الشخصي للعون هو أساس المسؤولية االدارية التي تقوم
كقاعدة عامة على ركن الخطأ فيكون أساسا لتحميل االدارة عبئ التعويض ،فعلى أي اساس تتحمل
لالجابة عن هذا التساؤل وجب التطرق االدارة عبئ التعويض في مسؤوليتها دون خطأ؟
الى نظرية المخاطر باعتبارها االساس القانوني و السليم الذي تستند اليه مسؤولية االدارة من دون
توفر خطأ ،الشأن الذي يدفعنا الى االحاطة بهذه النظرية باعتبارها أساس لقيام للمسؤولية االدارية
(المطلب األول) ثم التطرق الى أثار تطبيق نظرية المخاطر(المطلب الثاني ).
قد ظهرت المسؤولية االدارية على أساس المخاطر أساسا في القانون الخاص وبالتحديد
في القانون المدني في مجال المخاطر المهنية ،لكن تطورت المسؤولية على أساس المخاطر
في إطار القانون العام وأصبحت تشمل مختلف ميادين النشاط اإلداري و باألخص منها نشاط
الشرطة و هذا نتيجة للدور الذي يلعبه أعوان الشرطة في حفظ النظام العام و ما قد يرتبه هذا
النشاط من اضرار نتيجة االحتكاك باألفراد و مؤدى فكرة المخاطر انه إذا احدث نشاط السلطة
العامة خطأ ألحد األفراد من دون خطأ فأنها تلتزم بتعويض المضرور إذا كان الضرر جسيما
وخاصا ،فوجود هذه المخاطر هو الذي يبرر هذه المسؤولية و لمعالجة هذا الطرح استوجب منا
التطرق،ألسس نظرية المخاطر باعتبارها أساس قانوني لقيام المسؤولية االدارية (الفرع االول)
و خصائص نظرية المخاطر (الفرع الثاني).
الفرع االول :أسس نظرية المخاطر كأساس قانوني للمسؤولية االدارية :
90
عوابدي عمار .مرجع سابق ،ص،ص . 172، 171
تستند نظرية المخاطر او تحمل التبعة كأساس لمسؤولية السلطة االدارية الى خلفيات
قانونية و دستورية و اجتماعية و منها مبدأ الغنم بالغرم ،و مبدأ التضامن االجتماعي و مبدأ
العدالة المجردة التي تحتم و تستوجب رفع الضرر مهما كان مصدره مجهوال و مبدأ المساواة أمام
األعباء و التكاليف و الوضعيات العامة .كما كان هناك اعتبارات و مبررات فلسفية و سياسية
اقتصادية و اجتماعية قامت حديثا تدعم قيام هذه النظرية منها فلسفة التدخل التي اصبحت سمة
من سمات الدولة الحديثة النتشار االفكار و النظريات االشتراكية و النظريات الشمولية الجماعية
و تزايد االزمات االقتصادية و االجتماعية فترتب و نتج عن ذلك طغيان المصلحة العامة
و التضحية الى حد ما بحقوق و حريات االشخاص الخاصة و الذين أصبحوا في ظل هذه النظم
و سيادة مصلحة الجماعة بالوضوح و التنازل الحديثة مطالبين بحكم ضرورة و حتمية علو
أمامها مختارين أو مكرهين و التضحية بمصالحهم الخاصة ،فصار حتميا تبعا لذلك قيام نظرية
المخاطر او تحمل التبعة كضمان أمان لحماية هذه الحقوق الخاصة و حتى ال تتحول اعمال
91
السلطة االدارية و نشاطاتها الى عمل قهر مادي و اغتصاب غير شرعي لحقوق االفراد.
و عليه سوف نتطرق ألهم االسس القانونية التقليدية لنظرية المخاطر القانونية و فقا لما يلي :
ان قاعدة الغنم بالغرم أي مبدأ االرتباط بين المنافع و العباء تقوم أساسا قانونيا لنظرية
المخاطر او تحمل التبعة ،ذلك أن منطق هذه القاعدة يحتم على الجماعة التي تعود عليها المنافع
و الفوائد من األعمال و النشاطات االدارية التي تقوم بها السلطة االدارية العامة تحقيقا لصالح
الجماعة العامة و التي سببت اضرار للغير من االشخاص و االفراد يجعل من المحتم تحمل
الجماعة العامة في مقابل المغنم و الثمار و الفوائد التي جنتها و عادت عليها من االعمال االدارة
الضارة يجب عليها في مقابل ذلك ان تتحمل في النهاية عبئ دفع التعويض للمضرور و ذلك
عن طريق التعويض الذي يجب أن تدفعه الدولة باسم الجماعة العامة من الخزينة العمامة
التي تتكون من مجموع الضرائب و الرسوم التي يدفعها أفراد هده الجماعة أي ان الخزينة العامة
92
هي ذمة الجماعة العامة التي يجب على الدولة ان تتحمل فيها مسؤولية مغانمها .
91
عوابدي عمار .مرجع سابق .ص . 620
سعاد الشرقاوي .مرجع سابق .ص .111وانظر ايضا:مسعود شيهوب،المسؤولية عن االخالل بمبدا المساواة وتطبيقاتها 92
ان مبدأ التضامن االجتماعي في المجتمع الذي يحركه و يقوده الضمير الجماعي
يستوجب على هذه الجماعة أن تدفع الضرر االستثنائي الذي يتسبب ألحد اعضائها بالتعويض
الذي يجب أن تدفعه الدولة من الخزينة العامة للمضرور على اعتبار ان هذه الدولة ممثلة و اداة
لهذه الجماعة كما ان الصالح العام للجماعة يقضي أن يرفع الضرر االستثنائي الذي يلحق بأحد
افراد هذه الجماعة ال ن فكرة الصالح العام في مفهومها الديناميكي تعني تحقيق العدالة و التقدم
فمن مصلحة الجماعة بكل تأكيد أن تعويض االضرار التي تصيب أفرادها من جراء العمل
و النشاط الجماعي تحقيق للصالح العام حتى يسود االطمئنان و االستقرار النفسي .
وان هذا االلتزام للدولة بالتعويض عن االضرار التي سببتها مخاطر العمل و النشاط
االداري هو التزام قانوني و ليس التزام أدبي أخالقي ذلك ان هذه الجماعة عندما تسأل عن مخاطر
و نشاط السلطة االدارية ألنها اوال قد استفادت و كسبت من جراء هذه االضرار و ثانيا ان مصلحة
هذه الجماعة العامة قد طغت في ظل النظم السياسية و االجتماعية للدولة الحديثة على حساب
حقوق و مصالح االفراد الخاصة لدرجة انها حولتها مع التطور الى مجرد مراكز قانونية ذاتية.
كما ان اصبح من المسلم به في الدول الحديثة انها مسؤولة عن اتخاذ كافة االحتياطات
الوقائية لحماية حقوق االفراد و حرياتهم ،االمر الذي يجعل مسؤولية الجماعة ممثلة
في السلطة االدارية العامة التي تعمل لصالحها مسؤولية قانونية بالمعنى الفني الدقيق و ليس
التزام اخالقي فلو كان الذي يتحمل عبئ المسؤولية هنا هو شخص عادي المكن مشاركة الفقيه
93
الفرنسي هوليو الرأي و القول ان المسؤولية هنا هي مسؤولية اخالقية و ليست قانونية .
اما و ان الدولة هي التي تتحمل عبأ دفع التعويض من الخزينة العامة فمن المغالطة
للحقيقة القول بأن مسؤوليتها في هذه الحالة هي مسؤولية أخالقية اساسها الشفقة و الرحمة
و مضمونها المساعدة ة اننا نعتقد بان الذي أغرى الفقيه هوليو فيما ذهب اليه هنا هو فكرة الدولة
الحارسة اما و ان الدولة قد اصبحت دولة متدخلة فان رأيه هذا قد أصبح في حاجة الى اعادة
في الوقت الحاضر بالحقوق االجتماعية النظر ،هكذا تبرر النظرية التضامنية ضرورة ما يسمى
و االقتصادية لألفراد باعتبار بأن روابط التضامن االجتماعي بين االفراد توجب هذه الحقوق
و تسمح بقيامها جنبا الى جنب مع الحريات الفردية و من ثم توسع النظرية التضامنية من دائرة
95
ثالثا .مبدأ المساواة امام االعباء العامة
اذ كان مبدأ المساواة القانونية يعني المساواة في المعاملة بين جميع افراد الدولة طبقا
للقاعدة القانونية العامة دون تمييز او استثناء و تحميل جميع االفراد قد ار متساويا من الحريات
العامة معنوية كانت او مادية او تقرير و فرض في حقهم قد ار متساويا من االعباء و التكاليف
و الواجبات العامة و لذلك يكون لمبدأ المساواة وجهان.
الوجه االول يتمثل في المساواة في الحقوق و المنافع التي تتمثل و تتجسد بدورها
في المساواة أمام القانون و المساواة امام الوظائف العامة والمساواة امام خدمات المرافق العامة
و الوجه الثاني يمثل المساواة في االعباء العامة و التكاليف و هي تتجسد في المساواة امام
الضرائب و المساواة امام الخدمة العسكرية أي المساواة في االعباء و التكاليف العامة بالمفهوم
االداري الخاص هو الذي يقوم اساسا في نظرية المخاطر او تحمل التبعة كأساس قانوني لمسؤولية
السلطة االدارية دون خطا من موظفيها و احترام قدسية هذا المبدأ في القانون العام مبدأ مساواة
الجميع امام األعباء والتضحيات العامة يحتم قيام و انعقاد مسؤولية االدارة على أساس المخاطر
ذلك ان كل ضرر يصيب في حالة حدوث ضرر أو أضرار خاصة و استثنائية لبعض االفراد
فردا او شخصا ما في الدولة و يجاوز من حيث طبيعته او أهميته او مدته ما تجيب الحياة العامة
او المصلحة العامة تحمله و من شأنه ان يخل او يهدم مبدأ المساواة امام التكاليف و االعباء
العامة بين المواطنين في الدولة حيث يفرض على البعض منهم في سبيل المصلحة العامة تكاليف
و اعباء و تضحيات تزيد عن تلك التي يتحملها باقي أعضاء الجماعة في الدولة فيختل بذلك
في بناء مبدأ المساواة امام االعباء العامة.
95
عمار عوابدي ،مرجع سابق ،ص.111
المواطنون في هذه الدولة و هذه الخزينة العامة التي كانت ايضا السبب المباشر الذي حرك النشاط
االداري ال ضار و بذلك توزع قيمة التعويض على أفراد الجماعة الممولين لخزانة الدولة االمر الذي
يؤدي الى اعادة بناء مبدأ المساواة امام االعباء العامة و بذلك يؤدي هذا المبدأ الى ضرورة قيام
نظرية المخاطر او تحمل التبعة كأساس لمسؤولية االدارة العامة و لقد اشار المشرع الجزائري
الى مبدأ المساواة امام االعباء و التكاليف العامة هذا كأساس لنظرية المخاطر التي توجب و تحتم
قيام مسؤولية االدارة الجزائري عن النشاطات الضارة و قرر ذلك قانون البلدية الذي نص
على ان التعويضات المستحقة و المحكوم عليها على البلديات في نطاق مسؤوليتها فهكذا نرى
المشرع الجزائري قد جسد مبدأ المساواة امام االعباء و التكاليف العامة للدولة الجزائرية كأساس
96
لمسؤوليتها.
فهكذا اذن تهتم نظرية المساواة امام االعباء العامة اساسا بالضرر و ترتكز على اصالحه
دون أدنى اهتمام بالخطأ الذين يعتبران حسب وجهة بعض أنصار النظرية مجرد شروط لقيام
المسؤولية و ليس اساسا لها .
فحسب رأي االستاذ A .De Laubaderأنه اليمكن ان ينسب الخطأ في مجال القانون
االداري الى االدارة مباشرة ،فالخطأ يرتكب من قبل موظفين مجهولين ،وتتحمل المسؤولية ذمة مالية
أخرى غير ذمة مرتكب الخطأ ،و هو ما يبين أن الخطأ ليس سوى شرط من شروط قيام المسؤولية
و ليس أساسا لها.
يرى االستاذ شيهوب حسب هذا التحليل أنه هو في حقيقته أساس عام و وحيد للمسؤولية
االدارية،و يتطلب تعميمها فكلما حصل ضرر كلما كان هناك مساس بمبدأ المساواة ،و قامت
المسئولية و لكن العتبا ارت مالية فقط حدد القضاء هذه المسؤولية ببعض المجاالت فقط و جعلها
خارج ذلك مشروطة بوقوع الخطأ هذه االعتبارات المالية تتمثل في الخوف من رؤية الذمة المالية
العامة تثقل بأعباء ضخمة ،و هكذا لم يعد وفقا لهطه النظرية ممكنا في مجتمع الدولة المعاصرة
القوية و المنظمة تقنيا القول بأن الخطأ هو وحده مصدر الضرر المستوجب للتعويض فالضرر
97
كثي ار ما يكون نتيجة حتمية لسير المرافق العامة .
96
مسعود شيهوب .المرجع السابق ص ص . 2-1
97
مسعود شيهوب .مرجع سابق.ص.2
كما ان مبادئ العدل و االنصاف تقتضي ان ال يتحمل أي فرد بسبب أضرار االدارة أعباء
اضافية أكثر من اآلخرين ،ولذلك ينبغي ان تعوض الدولة –الفاعل غير المباشر -ضحايا هذه
االضرار و بذلك يتشكل مبدأ التوزيع العادل لألعباء بين المواطنين في صيغته القانونية .
انه و رغم الرواج الذي القته نظرية المساواة أمام االعباء العامة ،و الدفاع عنها من قبل
غالبية عظمى من الفقه فقد انتقدها و رفضها انصار نظرية المخاطر مثل ، R. CHAPUSسعاد
الشرقاووي ابراهيم الفياض،دمحم نصر الرفاعي ،فهؤالء يستبعدون ان تكون نظرية المساواة اساسا
للمسؤولية العامة او الخاصة ،و لو حتى بصور جزئية ،اذ اعتبرها الفقيه G.CORNUانها مجرد
فكرة لقياس بعض حاالت المسؤولية و ليس أساسا لها ،اذ و في الحقيقة أنه ال مفر لالعتراف
لنظرية المساواة بدور معين في تأسيس المسؤولية الغير خطئية ،و في نفس الوقت ال مفر كذلك
98
من التقرير بأن هذه النظرية ليست هي األساس الوحيد للمسؤولية الغير خطئية.
99
الفرع الثاني :خصائص نظرية المخاطر في القانون الجزائري
يعود الفصل في وجود نظرية المخاطر و تطبيقها الى القضاء االداري و خاصة القضاء
االدراي الفرنسي ،الذي توسع في كثير من قواعدها و أسسها و حدد شروطها و مجالت تطبيقاتها
بخالف دور المشرع فيها الذي يعتبر دور ضعيف ،حيث أن المشرع قد قرر هذه النظرية
في نطاق محدود جدا .
اذا كان نشاط السلطة االدارية و أعمالها يشمل التصرفات القانونية التي تجريها و منها
الق اررات االدارية و االعمال المادية التي تأتيها فانه ال يشترط في تطبيق هذه النظرية صدور قرار
حتى يحكم بالمسؤولية االدارية على اساسها و هي بذلك تختلف و تتميز عن كل اداري
98
مسعود شيهوب .مرجع نفسه.ص .7
99
عمار عوابدي ،مرجع السابق ،ص -ص. 212-212
من نظرتي االنحراف بالسلطة االدارية و التعسف باستعمال الحقوق االدارية اللتان يشترطا في
حقهما صدور قرار اداري.فنظرية المخاطر تقوم اساسا لمسؤولية السلطة االدارية عن أعمال
موظفيها في حالة الضرر الناشئ عن الق اررات السليمة من العيوب المعروفة التي قد تشوب أركانها
بحيث ال تصبح تشكل خطأ مرفقيا او وظيفيا على النحو السابق بيانه.
ان االساس القانوني للمسؤولية االدارية بصفة خاصة هو الخطأ ،و لكن باعتبار النشاط
الضار الصادر عن اعوان االدارة قد تالبسه ظروف تجعل الخطأ معدوما فال يتطلب القضاء اثباته
للحكم بالتعويض للمضرور من قبل االدارة العامة ،االمر الذي يجعل من هذه النظرية ذات مكانة
استثنائية فهي كصمام أمان و صيغة قانونية تحقق التوازن بين الحقوق و االمتيازات المقررة
لالدارة.
ان تطبيق نظرية المخاطر يؤدي الى الحكم بالتعويض حيث ان هذه النظرية ال عالقة لها
101
. بقضاء االلغاء 100و هي تختلف عن نظرية االنحراف بالسلطة
االمن ليس هدفا ،بل هو وسيلة تمكن األفراد من انجاز أهدافهم ،انهم يحتاجون دائما
102
لكن في بعض االحيان و أثناء تأدية مرفق الى االمن للقيام بواجباتهم و ممارسة حقوقهم ،
االمن لنشاطه المتمثل في حفظ النظام العام ،قد يتسبب في أضرار للغير،و في نفس الوقت تكون
هذه الحاالت غير منطبقة مع شروط قيام مسؤولية الدولة بناءا على خطأ ،فابتدع المشرع الفرنسي
و اتبعه في ذلك القضاء الجزائري نظرية أو مبدأ المسؤولية االدارية بدون خطأ مؤسسة على مبدأ
103
وعليه سوف المخاطر و باألخص مخاطر استعمال األسلحة و االالت الخطيرة و المتفجرات ،
دعوى اإللغاء :هي التي تعرض امام القضاء االداري عن طريق الطعن في قرار اداري معين وطلب الغاءه بسبب عدم 100
شرعيته وتوجه الخصومه في دعوى اإللغاء إلى قرار الئحي عام او قرار اداري فردي حيث تنحصر سلطة القاضي في
التحقيق من مشروعيته فإذا ثبت له مخالفة القرار حكم بإلغائه دون امتداد سلطته الى اكثر من ذلك .
101
االنحراف بالسلطة :يوجد انحراف بالسلطة عندما تستخدم االدارة اختصاصاتها من أجل غرض غير المصلحة العامة
بشرى اليعقوبي .مسؤولية الدولة عن األعمال االرهابية ،رسالة تخرج ماستر القانون العام المعمق ،جامعة عبد المالك 102
السعدي بطنجة .كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية .السنة الجامعية . 2118.2117ص .21
103
لطيفة الخال .مسؤولية الدولة عن االرهاب .رسالة لنيل الدراسات العليا المعمقة .جامعة الحسن الثاني عين الشق،الدار
البيضاء،المغرب .كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية .السنة الجامعية . 2111،2112ص .88
نتطرق الى تطبيقات هذه النظرية في ظل االجتهاد القضائي الفرنسي (الفرع االول) ثم نتطرق
الى تطبيقات نظرية مخاطر استعمال السالح بالنسبة للقضاء الجزائري(الفرع الثاني ).
الفرع األول :المسؤولية االدارية نتيجة استعمال السالح في ظل االجتهاد الفرنسي :
فبتاريخ 1113/12/28ليا ،حدث شجار بأحد شوارع مدينة بوردو الفرنسية بين ثالثة
أشخاص و سائق و سيارة أجرة الذي أصيب بطعنة سكين ،اثرها قام عون االمن العمومي بمالحقة
احد الفاعلين لذي حاول الهرب ،و بعد ان وجعه له عدة انذارات للتوقف أطلق عليه عيارات نارية
أصابت احداها السيدة Daramyاصابة قاتلة .
و في يوم 1112/12/11ليال بالعاصمة باريس وجه أعوان األمن العمومي اشارة لسيارات
قادمة من أجل التوقف لكن السيارة تعدت الحاجز ،فقام أحد األعوان بإطالق النار من رشاش
فأصيب السيد Lecomteالذي كان جلسا بباب محله .
لقد قبل القضاء الفرنسي مسؤولية الدولة عن اعمال التحقيق االبتدائي و لكنه ميز بين
الغير و بين المعنيين في عملية التحقيق ،ان المسؤولية في الحالة االخيرة ال تقوم اال بوجود خطا
جسيم بينما في االولى تقوم دون وجود خطأ ،و لقد قررت بذلك محكمة البداية االولى لمدينة
''ألسين '' في قرارها بتاريخ 31ماي 1181فعلى اثر خطأ في هوية الضحية كانت هذه االخيرة
محل أمر بالقبض في الوقت الذي لم تكن فيه معنية ال في الشكوى و ال في طلب االفتتاح و ال
ف ي أوراق ملف التحقيق ،ان ضحية تعتبر من الغير بالنسبة إلجراءات التحقيق و ان المسؤولية
االدارية يمكن ان تقوم حسب قرار المحكمة و لو في غياب الخطأ بحيث ان التمييز بين الغير
و المعنيين حسب االستاذة 'مارتين لومبير' هو تمييز تقليدي و ال يخلو من مصاعب
حتى في مجال األشغال العمومية اين ظهر بشكل مركز بحيث أن نقله الى مجال العمل القضائي
ال يكون أيضا بدون مصاعب اليس من الممكن اعتبار كل من صدر الحكم ببرائته ا وأمر بأن ال
وجه القامة الدعوى ضده في حكم الغير و في هذه الحالة فانه ال مجال للحديث اطالقا على الخطأ
104
الجسيم .
من الغير أو و في رأي البعض ،انه ال معنى لهذا التمييز أصال اذ سواء كانت الضحية
من المعنيين بعمليات المتابعة و التحقيق فإنها تستحق التعويض دو شرط الخطأ طالما صدر
لصالحها حكم بالبراءة أو قرار بأن ال وجه للمتابعة ،فعدم منح الضحية تعويضا إال اذا اثبت وجود
خطا قضائي بحجة أنها ليست من الغير يعني تعطيل مفعول حكم البراءة و افراغه من محتواه بل
انه حسب األستاذ عمر الفاروق الفحل فان دعوى المسؤولية هنا ال تناقض حجية الشيئ المحكوم
فيه و انما هي تقوم على احترام هذا الحكم فالتعويض بناءا على صادر بالب ارءة انما هو تأييد لحكم
البراءة.
اذ ان المشرع الفرنسي نفسه لم يأخذ بهذا التمييز عند تأسيسه نظام المسؤولية عن الحبس
االحتياطي فقد نص قانون 1181/18/18على نظام خاص للمسؤولية عن العمل القضائي و لكن
هذه المرة مسؤولية دون خطا أساسها االخالل بمبأ المساواة أمام االعباء العامة و تحدد المواد 111
121القواعد الخاصة بمسؤولية الدولة عن االضرار التي يسببها مرفق القضاء العادي ،ان األمر
يتعلق بحاالت الحبس االحتياطي الذي يتوج بقرار بأن ال وجه للمتابعة أو بحكم البراءة و فيما يلي
عرض سريع لهذا النظام :
105
-من حيث االختصاص و االجراءات :
يعود االختصاص للجنة خاصة تتكون من 3قضاة محكمة النقض لهم صفة رئيس غرفة
او مستشار يعينهم مكتب محكمة النقض و تمثا النيابة العامة من قبل نيابة محكمة النقض و مدة
الطعن أمام اللجنة هي 2اشهر من تاريخ صيرورة القضاء بأن ال وجه للمتابعة او بالبراءة نهائيا
و تجري المناقشة في الغرفة و هي مناقشة شفوية و يمكن سماع المدعى بناءا على طلبه .
يعلق الفقه بأن حقوق الدفاع مهضومة في هذا النظام فعدم علنية الجلسات و عدم حضور
المدعى أو من يمثله يأتي هنا من دون مبرر ،ان تشكيلة اللجنة الكونة من قضاة محكمة النقش
يضفي عليها الطابع القضائي المدني و يفرض بالتالي على الخصوم التقيد بإجراءات التقاضي
المتبعة عادة أمام القضاء المدني من حيث شروط التعويض لكي تمنح اللجنة التعويض فال بد ان
و أخي ار ال بد ان يكون الضرر الذي أصاب الضحية خاصا وخطي ار كما هو الشأن
في جميع حاالت المسؤولية عن االخالل بمبدأ المساواة و على العموم فان االحكام الصادرة
عن اللجنة القضائية هي أحكام نهائية غير قابلة آلي شكل من أشكال الطعن و ال تخضع الي
تسبيب و تصدر ضد الدولة و يمكنها ان ترجع على شاهد الزور المتسبب في الحبس االحتياطي
و لكنها ال تستطيع الرجوع على قاضي التحقيق ألنه لم يرتكب خطأ و لو أن 'دفيقنون' يرى بان
الخطأ موجود ،و عدم اشتراط القانون تسبيب ق اررات اللجنة القضائية انما جاء لعدم اظهار هذا
106
الخطأ للكافة.
في ظروف مثل هذه الحوادث كان يمكن ان يتم اعمال مسؤولية الدولة التي وضعها القرار
1112/12/11 )C E Tomaso Greccoالمكرس لمسؤولية االدارة عن فعل الشهير (
نشاط مرفق الشرطة الذي ربط انعقاد امسؤولية بوجود خطا مرفقي التي حددت مبادئه الحقا
و القضاء كان قد أخذ بعين االعتبار الصعوبات الخاصة التي تواجه مرفق الشرطة فضيق من
نطاق المسؤولية بربطها بموجب الخطأ الجسيم الذي وحده يمكنه اقامة مسؤولية الدولة .مفوض
الحكومة Barbetالحظ ان الظروف القضيتين تتجانس مع القضية الشهيرة Tomaso Grecco
التي اشترط فيها مجلس الدولة و جود خطأ جسيم من جانب االدارة لقيام المسئولية ,فالعون
الذي تسبب في قتل في قتل السيدة Daramyأخطأ التصويب مستعمال آلة جديدة حساسة دون
ان يتلقى تدريبا على استعمالها اما االعوان المسئولين قتل السيد Lecomteفانه كان عليهم ان
107
يضعوا حواجز لوقف السيارة المشبوهة،كال الحلتين تمثل حاالت محدودة .
107
عادل بن عبد هللاا.مرجع سابق.ص.122
و قبل مسؤولية الدولة دون خطأ عن فعل استعمال أسلحة نارية .و هذا مفوض الحكومة
االستعمال ينطبق على أنشطة الشرطة القضائية و طبقته محكمة النقض الفرنسية ايضا.
مفوض الحكومة Barbetفي خالصة تعليقه ربط تطبيق نظرية المخاطر بوجود ضرر
ناتج عن استعمال الة تشكل خط ار خاصا .قرار مجلس الدولة الفرنسي أخذ هذا الشرط بعين
االعتبار بإشارته الى حالة استعمال أعوان الشرطة اسلحة أو الة تشكل مخاطر استثنائية بالنسبة
لألشخاص و االموال ،ثم وسع فيما بعد مفهوم السالح أو األدلة ذات الخطورة االستثنائية مفوض
الحكومة Barbetفي قضيتي Lecomteو Daramyبين اعتقاده بان االعوان المكلفين بحفظ
االمن العام لألسلحة يعرض االفراد لمخاطر غير عادية تفتح لهم الحق في التعويض اذ تلك
المخاطر و ركز ايضا على قوة الرشاش المستعمل من قبل العون الذي قتل السيد Lecomte
و الشكل الحديث للسالح و كذا استعماله الدقيق و الحساس بالنسبة للسالح الذي سلم لعون االمن
الذي أصاب السيدة Daramyاصابة قاتلة ،في كال القضيتين أشير لفكرة السالح و االلة التي
تشكل مخاطر استه استثنائية،و استمر مجلس الدولة في استعمال نفس الصياغة ،و طبقها على
المسدس البسيط الذي يمثل الة خطيرة و ليس الة استثنائية .إال ان االجتهاد القضائي الحديث
الذي سحب فكرة السالح و االلة الخطيرة على المسدس البسيط لم يمده الى قذيفة الغازات المسيلة
للدموع Grenades Lacrymogènesمعتب ار بأن استعمالها خالل المظاهرات ال يشكل خط ار
استثنائيا،و ال بالنسبة للهروات Matraqueالتي يستعملها رجال الشرطة في تفريق المتظاهرين.
108
مفوض الحكومة Barbetاشترط أيضا أن يكوم الضرر المسبب يتجاوز حدود ما يجب
تحمله عادة عن فعل استخدام قوة الشرطة ميدانيا لحفظ النظام العام ،فمجلس الدولة سايره
االسلحة النارية تمثل خط ار استثنائيا فان نحقق هذه المخاطر يبرر لما كانت
من المفروض لوحده جبر الضرر الذي تولده دون شرط اضافي كما هو مع المر بالنسبة لباقي
حاالت المسؤولية عن مخاطر االشياء ،االوضاع و األنشطة الخطيرة ،فهل يجب القبول بان
استعمال السالح الناري ال يفتح باب الحق في التعويض لضحية اصابة بسيطة ؟ في الواقع
بساطة االصابة يقابلها التعويض البسيط و ليس انعدام التعويض.109
لقد بين االجتهاد القضائي الحقا بان االستفادة من نظام المسؤولية عن مخاطر استعمال
السالح الناري يكون بالنسبة لألشخاص الذين لهم صفة الغير،اما اذا كانت ضحية استعمال هذه
االسلحة هي الشخص المقصود و المعني بالعملية المادية للشرطة فان مسؤولية االدارة ال تقوم إال
اذا ارتكب أعون مرفق الشرطة خطأ ،لكن كيفي الخطأ البسيط النعقاد المسؤولية و هو ما قرره
في قراري( C E 27 sep 1951 Dame Auberge et اجتهاد مجلس الدولة الفرنسي
)Dumontو قرار( C E 5 oct 1960 Ministre de l’interieure c .Epoux Rigoll
) ،و هو نفس المبدأ الذي طبقه مجلس الدولة في قرار ( C E 29 nov 1963 Epoux
)Marchonبالنسبة لعون الدرك الذي أصاب شخصا هاربا من التجنيد اصابة قاتلة بطلقة نارية
110
عندما كان يحاول توقيفه في مسكن والده.
الفرع الثاني :تطبيقات نظرية مخاطر استعمال السالح بالنسبة للقضاء الجزائري
من الصعب كشف موقف القضاء الجزائري بشكل واضح بسبب غياب نشر الق اررات
القضائية بشكل غزير و منتظم بالخصوص تلك المتعلقة بالمسؤولية االدارية لمخاطر استعمال
السالح لذلك سيقتصر البحث على التعليق على ما تم الحصول عليه من ملخصات ق اررات صادرة
عن الجهات القضائية االدارية خاصة مجلس الدولة و التي تعرضت الى تطبيقات نظرية المخاطر
بحسب تطرقها الى المخاطر المتحققة بمناسبة عمليات حفظ النظام العام (أوال) والمخاطر المتحققة
خارج عمليات حفظ النظام العام (ثانيا) وفقا لما يلي :
التي تفيد من خالل استقراء ق اررين غير منشورين يمكن استخالص بعض المالحظات
في فهم موقف القضاء الجزائري.
حيث تعود وقائعه الى اصابة مواطن برصاصة أحد اعوان االمن الوطني الذي كان يحاول
القاء القبض على المشتبه فيه،فبعد ان ادين العون امام القضاء الجزائي عن جروح الخطأ رفعت
111
مسعود شيهوب مرجع سابق.ص.112
112لحسن بن الشيخ اث ملويا.دروس في المسؤولية االدارية .الكتاب الثاني .دار الخلدونية:الجزائر.2118.ص. 13
الضحية دعوى المسؤولية امام القضاء االداري الذي أصدر قرار بعدم قبول الدعوى لعدم
االختصاص النوعي ،و اثر االستئناف قدر مجلس الدولة مسؤولية الدولة عن فعل مخاطر
استعمال أعوانها ألسلحتهم على االفراد أثناء قيامهم بمهمة حفظ النظام العام.
ففي هذا القرار لم يبحث مجلس الدولة عن المسؤولية في وقائع الدعوى في نطاق الخطأ
بل أسسها على المخاطر.
قدر مجلس الدولة مسؤولية الدولة على أساس مخاطر استعمال السالح و ذلك رغم بحثه
و اشارته الى الخطأ المرتكب من قبل أعوان الدولة المتمثل في عدم وضع االشارات المعلومة قانونا
و عدم وجود رمز السلطة على سيارتهم و عدم انذار الضحية بالتوقف سواء شفهيا أو بإطالق
الرصاص في الهواء أو في عجالت السيارة.
ففي هذه القضية اش اررة مجلس الدولة الى ان أعوان االمن كانوا مسلحين بأسلحة خطيرة
و ثق يلة تشكل مخاطر بالنسبة للغير و بالتالي فانه بغض النظر عن الخطأ المرتكب من قبل
هؤالء االعوان في أداء مهامهم ،توجد قاعدة قضائية متعلقة بنظرية المخاطر عن فعل استعمال
أعوان الدولة لألسلحة النارية و قد تحمل الدولة المسؤولية في حالة الحاق الضرر بالغير .
اذ ن في هذا القرار اقام مجلس الدولة المسؤولية على أساس المخاطر و ذلك رغم وجود
خطا مرفقي يفتح امكانية التعويض للضحية ،ما يستخلص من الق اررين هو أنه لم يكون الضرر
االحق بالضحية في رابطة سببية مع فعل استعمال السالح الناري تنعقد مسؤولية الدولة بعيدا
عن فكرة الخطأ ,و يعني ذلك أنه متى تحققت مخاطر السالح على االفراد عى ارض الواقع بوجود
ضحية لحقها ضرر بالفعل تقوم المسؤولية دون الحاجة الى اثبات وجود خطأ مرفق .
و يالحظ من الق اررين ان نظام المسؤولية دون خطأ على اساس مخاطر السالح تم
تطبيقه على ضحايا لهم صفة الغير في الواقع بالنسبة لعملية أعوان األمن ،و هو ما يتوافق مع
الحل القضائي الفرنسي و الفكرة المهمة هي ان الوقائع متعلقة باستعمال السالح الموكل للعون
من قبل الدولة في اطار مهمة حفظ النظام العام.و يرى االستاذ الحسين بن الشيخ اث ملويا ان
القضاء الجزائري لم يشترط الطبيعة الخاصة و غير العادية للضرر كما هو الحال بالنسبة للقضاء
الفرنسي وأحسن عندما فعل بعدم تطلبه لهذا الموجب .فالقضايا التي فصل فيها بالمسؤولية تتعلق
بأضرار جسمانية ،وهذه االخيرة تعتبر أضرار غير عادية بطبيعتها مهما كانت درجة جسامتها،اما
الى وجود خطأ المرتكب من أعوان األمن فهذا امر يوحي لفكرة التمييز بين الخطأ االشارة
الشخصي و خطأ المرفق ،فعندما يثبت الخطأ الشخصي من جانب أعوان الدولة يكون للدولة حق
113
الرجوع اليهم و يكون للقضاء االداري توزيع عبئ التعويض النهائي .
ففي واقعة متعلقة بضرر متولد عن استعمال سالح من قبل عون الدولة لكن غير مرتبط
بتنفيذ مهمة حفظ النظام العام ،أقام مجلس الدولة المسؤولية على أساس الخطأ لكن طبقا ألحكام
القانون المدني.114
فهل يمكن القول بأن مجلس الدولة استبعد المسؤولية دون خطأ على أساس مخاطر
استعمال السالح الن الضرر لم يتولد خالل مهام حفظ النظام ؟
المالحظ ان السالح المستعمل ،الذي كان سببا في الضرر هو سالح مملوك للدولة
التي عهدت به للعون ،و يعني ظلك بأن السالح هو في حوزة العون بسبب الوظيفة التي يشغلها
و هو مصدر مخاطر على األفراد و تلك المخاطر تحققت بإصابة الضحية الذي لم يكن بطبيعة
الحال معنيا بتنفيذ مهمة حفظ االمن .
و بالتالي كان من األنسب اقامة المسؤولية من دون خطأ على اساس مخاطر استعمال
السالح الناري بالنسبة للضحية و في النهاية يمكن مباشرة دعوى الرجوع على العون بسبب الخطأ
الشخصي .
115
: قرار صادر عن مجلس الدولة بتاريخ 2111/11/12 -
حيث أسس مجلس الدولة المسؤولية على خطأ المرفق رغم ان األمر يتعلق بإصابة عون
برصاصة خطأ من قبل زميله خالل الخدمة ،فالعون المصاب له صفة الغير و الضرر االحق به
ناتج عن تحقق مخاطر استعمال السالح لكن القضاء قضى بالمسؤولية عن الخطأ و حمل
االدارة التعويض و رغم ان القضاء أرض الضحية ماليا لكن تأسيسه للمسؤولية على الخطأ يصعب
قيام المسؤولية في الوقائع المماثلة لصعوبة اثبات شروطها و اهمها وجود خطا مرفق الذي قد
عن اثباته . تعجز الضحية
116
: -قرار صادر عن مجلس الدولة 1111/2/13
113
لحسن بن الشيخ اث ملويا.المنتقى في قضاء مجلس الدولة .مرجع سابق .ص.11
114
لحسن بن الشيخ اث ملويا .مرجع نفسه .ص .18
لحسن بن الشيخ أث ملويا .مرجع نفسه.ص.11 115
حيث تعود وقائعه الى جريمة القتل العمد التي ارتكبها دركي متقاعد بمسدس الدولة،قدر
مجلس الدولة انتفاء مسؤولية الدولة مستندا الى ان الضرر االحق بالضحية نتيجة الجريمة المرتكبة
في حقها ال عالقة له بوظيفة الجاني كدركي ،و بالتالي فان مسؤولية التعويض عن الضرر
الناتج عن فعله تقع على عاتقه و ليس على عاتق االدارة التي يتبعها.
اذن فمجلس الدولة ارجع الضرر االحق بالضحية الى خطأ شخصي أجنبي عن الوظيفة لكن
ال يمكن اهمال بان السالح المستعمل هو للدولة التي عهدت به للجاني ،و هو مصدر مخاطر
بالنسبة للغير عند استعماله و بالتالي ان الفعل المولد لضرر غير منقطع الصلة بالمرفق على
االقل لكون أداة الجريمة تابعة له ،و بالتالي كان االمكان اقامة المسؤولية دون خطأ لفائدة
الضحية المهدد بإعسار الجاني .
كما نجد الغرفة اإلدارية بالمحكمة العليا اعتمدت على قاعدة جمع األخطاء عندما يكون
الضرر نتيجة خطأ شخصي وآخر مرفقي ارتكبهما موظف ما وبالتبعية قد تكون أمام حالة جمع
المسؤوليات سواء كان ذلك على أساس الخطأ الشخصي المرتكب خارج المرفق ،ومن اآلثار
المترتبة عن قاعدة الجمع هو منح الضحية حق االختيار في رفع الدعوى ضد اإلدارة أو ضد
الموظف العون.
لكن يقابل مبدأ جمع المسؤوليات مبدأ آخر هو عدم جمع التعويضات الذي يترتب عليه
حق كل من اإلدارة أو الموظف العون في رفع دعوى الرجوع يطلب فيها استرداد المبالغ المحكوم
بها عليه والتي قد تتخذ صورتين،إما دعوى الرجوع بين اإلدارة على الموظف العون أو من الموظف
العون على اإلدارة.
ذلك أن اإلدارة ال تتحمل المسؤولية كاملة إال في حالة الخطأ المصلحي الثابت والموظف
حول تقدير نصيب كل منهما ،فإن جهة القضاء اإلداري هي التي تتولى تقدير نصيب كل
من الطرفين وذلك طبقا لدرجة جسامة الخطأ.أما في حالة تعدد المسئولين عن الخطأ الشخصي
فإنه ال تضامن بينهم فيسأل كل منهم بنسبة ما ارتكبه من خطأ ،وذلك أن القرار الصادر
116
مجلة مجلس الدولة،العدد االول .الجزائر.2112 .ص.18
على اإلدارة بدفع التعويض استنادا إلى أخطاء متعددة ال يحوز حجية الشيء المقضي به
في مواجهة الموظف العون،حيث توزع عبء التعويض النهائي بينه وبين اإلدارة.
وعليه فيحق للموظف عندما تتحرك عليه دعوى الرجوع أمام القضاء اإلداري يثير النزاع
برمته سواء فيما يتعلق بكيفية تقدير التعويض أو من حيث مبدأ المسؤولية اإلدارية عن أعمال
الشرطة على أساس الخطأ هي األصل وذلك بعد أن تدخل القضاء اإلداري بإق ارره المسؤولية
اإلدارية في قضية بالنكو الشهير.
كما يتضح بأن السياسة القضائية لالجتهاد الفرنسي هي لمصلحة الضحايا بابتداع تطبيق
جديد لنظرية المخاطر يتمثل في االشياء الخطيرة و السالح الناري ،هذا النظام للمسؤولية دون خطأ
يقوم على اثبات عالقة السببية بين الضرر و السالح الخطير ،فيسهل انعقاد المسؤولية بعيدا
عن فكرة خطأ المرفق الذي كثي ار ما يصعب على االفراد اثباته ،و من ثم فانه بمجرد تحقق
المخاطر تقوم المسؤولية اذا توافرت باقي شروطها و يستفيد من هذا النظام للمسؤولية الضحية
التي لها صفة الغير.
اما بالنسبة للقضاء الجزائري فانه طبق ذات النظام رغم ان صياغة الق اررات الصادرة
عن مجلس الدولة ال توضح ذلك بشكل بسيط من خالل عرض قانوني للنظرية و مطابقتها
على الوقائع المنظورة و المالحظ ان القضاء الجزائري لم يتطرق للطبيعة الغير عادية للضرر
و يعود ذلك ربما لكون االضرار التي كانت موضوعا للدعاوى هي أضرار جسمانية .
الخــاتمــة
الخاتمة :
يمكن القول كحوصلة لما استنبطناه من دراستنا لهذا البحث ،انه ونظ ار لخصوصية الدور
الذي تقوم به أجهزة الشرطة من خالل نشاطها في اطار الضبط القضائي و االداري ،فانه في حالة
حدوث أضرار لألفراد من جراء االعمال و الوظائف التي تمارسها مصالح الشرطة ،تلتزم الدولة
بتعويضهم عما سببته من أضرار و هذا في اطار قيام نظام المسؤولية االدارية .
و نظ ار لطبيعة مرفق الشرطة فهو يختلف عن النظام المطبق في القانون المدني بحيث
انتهج القضاء االداري الجزائري متأث ار بنظيره الفرنسي نظام المسؤولية االدارية مسايرة منه
لخصوصية أنشطة أجهزة الشرطة ،بحيث اعتبر ان المسؤولية االدارية عن اعمال الشرطة تقوم
على اساسين :
بالتزامات و واجبات قانونية حيث ان وقوع او ارتكاب الخطأ الذي يشكل اخالال
عن طريق التقصير او االهمال و الذي يسند الى العون في شخصه و هو ما يعبر عنه بالخطأ
الشخصي او يسند الى مرفق الشرطة فيدعى الخطأ المرفقي ،فتقام و تنعقد المسؤولية االدارية
و يكون النظر و االختصاص فيها لجهة القضاء االداري .
ولقد ميز القضاء االداري الجزائري بين كل من الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي
و اعتمدها كأخطاء توجب المسؤولية اإلدارية ،فتقام هذه االخيرة على اساس الخطأ المرفقي
في حالة توفر احدى صوره ،و التي يمكن تلخيصها و فقا لما يلي :
بحيث تتحقق هذه الصورة في الحالة التي تكون فيها االضرار الالحقة بالضحية ناتجة
عن التنظيم السيئ للمرفق ،فعندما تتوفر له كل االمكانيات المادية و البشرية لكنه ال يحسن
استغالل هذه الوسائل ليضمن السير الحسن للمرفق ،و كذلك اذا ما تباطأ مرفق الشرطة في تنفيذ
ما كان يتحتم عليه تنفيذه تباطأ اكثر من الالزم و المعقول في أداء تلك الخدمات ،فيترتب عنه
ضرر لألشخاص لتقوم بذلك المسؤولية االدارية للمرفق و ينسب الخطأ له و يتحمل عبئ
التعويض .
في حالة سوء سير المرفق : -
بحيث تتمثل هذه الحالة في االعمال االيجابية التي تؤدي بها مصالح الشرطة خدماتها
و لكن على وجه سيئ مما يسبب االضرار بالغير سواء تجسد الخطأ هنا في صورة عمل مادي
او في صورة قرار اداري مخالف للقانون .
حيث تعتبر هذه الصورة من صور الخطأ المرفقي األحدث نسبيا ،و ترجع الى تبلور األفكار
الخاصة بسير المرفق العام كون أن المبدأ الحديث المتجسد هو ان سلطات االدارة لم تعد امتيا از
لها تباشره كيفما شاءت و متى أرادت ،ولكنها واجب على الموظف -عون الشرطة -يؤديه بكل
أمانة مع حرصه التام على المصلحة العامة ،و يتمثل الخطأ هنا في ذلك الموقف السلبي الذي
يتخذه مرفق الشرطة بامتناع أحد ادواته (العون) عن أداء خدماته او االعمال التي يكون ملزما بها
قانونا .
و تقام المسؤولية االدارية كذلك عل أساس الخطأ الشخصي لموظف الشرطة ،عندما
يصدر فعل ضار منه حالة تأديته لوظائفه و كان هذا الفعل مطبوعا بطابع شخصي يتميز بعدم
الحرص و التبصر ،و بذلك وجب البحث عن نية الموظف أثناء تأديته وظائفه ،فيكون الخطأ
الشخصي في حالة ارتكابه من الموظف تحقيقا المصلحته الشخصية و التي من شأنها ان تحدث
ضر ار للغير .
اال انه و لصعوبة التمييز بين الخطأين و لتداخلهما في بعض االحيان ،فلقد تعددت
معايير التفرقة بين نوعي الخطأ ،كون أن القضاء ال يلتزم بقواعد ثابتة و معايير محددة و انما
يهتم بوضع الحل المالئم لكل حالة على حدى حسب الظروف المحيطة بها و هو ما تطرقنا اليه
في صلب بحثنا و قدمنا أمثلة لق اررات صادرة عن الجهات القضائية االدارية و باألخص مجلس
الدولة .
و لقد اعتبر القضاء االداري الخطأ الشخصي الخارج عن نطاق الوظيفة عندما يرتكبه
موظف الشرطة اثناء قيامه بعمل خارج عن نطاق األعمال الوظيفية التابعة لمصلحته ،مثاله
األفعال التي تتصل بالحياة الشخصية للموظف كلية و األعمال التي ال تدخل في نطاق مباشرة
الوظيفة ،اذ انه و في هذه الحاالت يسأل الموظف شخصيا عن الفعل الضار بصرف النظر
عن نيته او مدى جسامة الخطأ و ينفصل هذا النوع من الخطأ عن الوظيفة ماديا ،و بالمقابل
تنعقد المسؤولية الشخصية للموظف وفقا لقواعد القانون المدني و أمام المحاكم العادية.
اما اذا كان الموظف يقوم بأعمال تدخل في نطاق مهامه الوظيفية بشكل سيء عد
مرتكبا لخطأ مرفقي موجب للمسؤولية االدارية ،اذ أن هذه التفرقة تعود الى السلطة التقديرية
لقاضي الموضوع باختالف وقائع كل قضية .
اعتمد القضاء االداري الجزائري قاعدة جمع األخطاء كما انه و من جهة أخرى
و هو ما سلطنا عليه الضوء من خالل ما تم تقديمه في الفصل الثاني من بحثنا ألمثلة عن ق اررات
قضائية صادرة عن الجهات القضائية االدارية و باألخص مجلس الدولة ،اذ ان هذه القاعدة تثار
عندما يكون الضرر نتيجة خطأ شخصي وآخر مرفقي ارتكبهما موظف ما ،وبالتبعية نكون أمام
حالة جمع المسئوليات ومن اآلثار المترتبة عن قاعدة الجمع هو منح الضحية حق االختيار
في رفع الدعوى ضد اإلدارة أو ضد الموظف العون ،لكن يقابل مبدأ جمع المسؤوليات مبدأ آخر
هو عدم جمع التعويضات الذي يترتب عليه حق كل من اإلدارة أو الموظف العون في رفع دعوى
الرجوع يطلب فيها استرداد المبالغ المحكوم بها.
حيث تتبلور هذه النظرية حول فكرة امكانية قيام المسؤولية االدارية من دون خطأ فيرتكز
طرحها في ما يعرف باألشياء الخطيرة و األسلحة النارية و المتفجرات التي اصبحت وسائل فعالة
قد تستعملها مصالح الشرطة حالة الضرورة و الحاجة في اطار المشروعية القانونية ،إال انه و رغم
مشروعيتها فإنها قد تسبب أضرار للغير مما يستوجب دفع التعويض للضحايا لجبر أضرارهم
من قبل مصالح الشرطة ،الشأن الذي جعل الفقه و القضاء االداري يعتبرانها كنوع من أنواع
المسؤولية االدارية بحيث تقام هذه المسؤولية من خالل اثبات عالقة السببية بين الضرر و السالح
الخطير ،فيسهل انعقاد المسؤولية بعيدا عن فكرة خطأ المرفق الذي كثي ار ما يصعب على االفراد
الضحايا إثباته و من ثم فانه بمجرد تحقق المخاطر تقوم المسؤولية االدارية و يستفيد من هذا
النظام للمسؤولية الضحية التي لها صفة الغير.
إال انه و ما تجدر االشارة اليه و امام انعدام مواد قانونية تنظم المسؤولية االدارية
عن أعمال الشرطة و امام قلة االجتهادات القضائية المحررة في هذا الصدد يبقى من بين
االشكاالت المطروحة:
-عدم النص صراحة عن الجهات القضائية المختصة بالنظر حالة االعمال الضارة
ألجهزة الشرطة و موظفيها عندما يتعلق االمر بالمستوى المركزي و الغير مركزي،
فهل ترفع الدعوى الرامية لجبر الضرر نتيجة قيام المسؤولية االدارية التي تبنى سواء
على أساس الخطأ الشخصي أو المرفقي أو على أساس المخاطر امام المحاكم
االدارية ام أمام مجلس الدولة هذا من جهة ؟
-و من جهة بقاء غموض حول التعويضات التي تدفع للضحايا –الغير -حالة قيام
المسؤولية االدارية عن أعمال الشرطة ،فهل تدفع في النطاق المركزي من ميزانية
الدولة ممثلة في و ازرة الداخلية؟ او في نطاق محلي عبر الميزانيات المخصصة ألجهزة
الشرطة؟
قائمة المراجع
قائــمــة المراجــع :
أ-بالعربية:
-1الدساتير:
-2القوانين العضوية:
-3األوامر والقوانين:
أ-األوامر:
ب-القوانين:
ثانيا :الــكــتب
-الرسائل:
)1سعيد يوسف دمحم سعيد.وجها الجريمة الجمركية االداري و القضائي .رسالة لنيل شهادة
دكتوراه دولة .جامعة االخوة منتوري قسنطينة.كلية الحقوق. 1111.
المذكرات:
راضية بودية .الوسائل القانونية و المؤسساتية لحماية الموارد المائية في التشريع الجزائري مذكرة
لنيل شهادة الماجستير في القانون العقاري الزراعي.
)2نور الدين هناء .المسؤولية االدارية عن أعمال الشرطة .مذكرة تخرج لنيل شهادة تخرج
ماستار.جامعة دمحم خيضر بسكرة ,كلية الحقوق و العلوم السياسية .تحت اشراف األستاذ
عزري زين الدين . 2112-2111 .
)3ليندة بودودة .دور ادارة الجمارك في متابعة الجرائم الجمركية .مذكرة تخرج لنيل اجازة المعهد
. الوطني للقضاء.المدرسة العليا للقضاء2111.
)4بشرى اليعقوبي .مسؤولية الدولة عن األعمال االرهابية ،مذكرة تخرج ماستر القانون العام
المعمق .جامعة عبد المالك السعدي بطنجة.المغرب .كلية العلوم القانونية و االقتصادية
و االجتماعية .السنة الجامعية . 2118.2117
)7لطيفة الخال .مسؤولية الدولة عن االرهاب .رسالة لنيل الدراسات العليا المعمقة .جامعة
و االقتصادية الحسن الثاني عين الشق،الدار البيضاء،المغرب .كلية العلوم القانونية
و االجتماعية .السنة الجامعية . 2111،2112
رابعا :المقاالت:
)1مالك قدادرة.الشرطة االدارية من الشرطة .مجلة دورية تصدر عن المديرية العامة لألمن
الوطني.العدد .2112 . 28
)2عادل بن عبد هللاا ،المسؤولية االدارية عن مخاطر استعمال السالح".مجلة المنتدى
القانوني".العدد الخامس.قسم الكفاءة المهنية .بسكرة. 2117.
-بالفرنسية: ب
-marceau long et autres ,les grands arrets de la jurisprudence
administrative,16eme edition , dalloz,paris, France,2007
--Frederic colin,Lessentiel de la jurisfrudence
administrative,gualino ,paris,France,2009