You are on page 1of 79

‫جامعة العربي بن مهيدي‪-‬أم البواقي‪-‬‬

‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‬

‫قسم الحقوق‬

‫ا‬
‫المسؤولية اإلدارية عن أعمال الشرطة‬

‫مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر‬

‫شعبة الحقوق‪-‬تخصص منازعات عمومية‪-‬‬

‫مدير المذكرة‪ :‬أ‪/‬دمحم دحدوح‬ ‫الطالب‪ :‬دمحم المأمون بوزيتونة‬

‫‪ -‬لجنة المناقشة‪:‬‬
‫‪ -1‬دمحم بوالعة ‪ ،‬جامعة أم البواقي‪ ،‬أستاذ مساعد أ‪ ...................‬رئيسا‬
‫‪ -2‬دمحم دحدوح‪ ،‬جامعة أم البواقي‪ ،‬أستاذ مساعد أ‪ .....................‬مشرفا و مقر ار‬
‫‪ -3‬السعدي ساكري ‪ ،‬جامعة أم البواقي‪ ،‬أستاذ مساعد أ‪ ...............‬عضوا ممتحنا‬

‫السنة الجامعية‪2112/2112 :‬‬


‫شكر و تقدير‬
‫أوال أسجد هلل عز وجل‪ ،‬شك ار وحمدا ‪ ،‬فاهلل الحمد والشكر كما ينبغي لجالل‬
‫وجهه وعظيم سلطانه ‪.‬‬

‫كما ال يسعني إال أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير والعرفان لألستاذ المشرف‬
‫على هذه المذكرة فجزاه هللاا عنى خير الجزاء ‪.‬‬

‫و ال يفوتني في هذا المقام أن أشكر السيد عميد كلية الحقوق بجامعة أم البواقي‬
‫األستاذ المحترم و القدير الدكتور بوعبد هللاا الذي نشهد له تفانيه و اجتهاده و حرصه‬
‫على تأدية وظائفه و مسؤولياته اإلدارية و خاصة العلمية منها بكل أمانة وصدق‬
‫و عطاء ‪ ،‬كما أشكر الدكتور القدير بوالعة دمحم على عونه وتوجيهاته‪ ،‬ولست انسى‬
‫افضال أعضاء لجنة المناقشة بان ارفع اليهم أسمى معاني االمتنان وموفور االشكر‬
‫على ما تجشموه من عناء في سبيل تصويب هذا العمل واخراجه على اطيب صورة‬
‫وأسأل هللاا تعالى أن يجعل لهم نو ار يهتدون به‪.‬‬

‫والى كل من تعلمت على ايديهم في محراب العلم‪.‬‬


‫إهــــــــــداء‬

‫عرفانا لفضلهما ودعواتهما أهدي هذا العمل المتواضع إلى الوالدين الكريمين‬
‫أطال هللاا عز وجل في عمريهما‪ ،‬والى اخوتي حفظهم هللاا ورعاهم و كل أفراد العائلة‬
‫و الى شريكة حياتي و نورها زوجتي الفاضلة و الى صغير العائلة دمحم شاكر ‪.‬‬

‫كما ال يفوتني في هذا المقام أن أتقدم بإهداء هذا العمل إلى جميع األصدقاء‬
‫أساتذة أفاضل‪ ،‬قضاة‪ ،‬محامون و الى كل الزمالء و االصدقاء‬
‫مـقــدمــة‬
‫مقدمة‬

‫لئن بات من المسلم به ان إرساء فكرة الموازنة بين حماية الحريات و الحقوق من جهة‬
‫و تحقيق النظام العام من جهة أخرى احدى أهم مقومات وأهداف دولة القانون‪ ،‬و ألجل حفظ‬
‫النظام العام تعتمد الدولة على وسائل شتى أهمها أجهزة الشرطة التي تتولى القيام بنشاطات‬
‫تنظيمية و أخرى مادية من أجل حفظ النظام العام في إطار ما يسمى بالضبط اإلداري الذي يلعب‬
‫دور وقائي بمعنى المحافظة على النظام العام بعناصره الثالثة األمن العام الصحة العامة السكينة‬
‫العامة‪ ،‬إلى جانب أعمال أخرى تندرج في اطار الضبط القضائي وذلك من خالل البحث و التحري‬
‫عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات و جمع األدلة عنها والبحث عن مرتكبيها‪.‬‬

‫و نظ ار للدور الفعال الذي تقوم به أجهزة الشرطة في ممارسة سلطة الضبط بنوعيه‪،‬‬
‫و لخصوصية األجهزة في حد ذاتها وبسبب التدخل السريع و الفعال ألعوان الشرطة‪ ،‬قد يتعرضون‬
‫الرتكاب أخطاء و هم بصدد تأدية وظائفهم أو حتى خارجها األمر الذي قد يرتب مسؤوليتهم‬
‫التأديبية و حتى الجزائية‪ ،‬و لكن وبغرض كفالة الحريات و الحقوق ألفراد المجتمع من جهة‬
‫و حماية أعوان الشرطة من جهة أخرى‪ ،‬ابتدع القضاء اإلداري فكرة مسؤولية الدولة على أعمال‬
‫الشرطة بما يمنح حماية للضحية المتضرر‪ ،‬اذ تصور الفقه و القضاء فكرة اإلدارة التي تنوب عن‬
‫الموظف في دفع التعويضات‪ ،‬بمعنى المسؤولية االدارية للدولة على أعمال موظفيها‪.‬‬

‫حيث لم تكن المسؤولية اإلدارية معترف بها في جميع البلدان و في كافة األنظمة‬
‫القانونية القديمة‪ ،‬فكانت المحاكم ترفض اإلعتراف بمسؤولية الدولة عن األضرار الناجمة‬
‫عن نشاطها ارتكانا إلى المبدأ المقرر قديما والذي مناطه أن ‪ " :‬الملك ال يسيء صنيعا "‬
‫‪ ، Le roi ne peut mal faire‬و وبالتدرج من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري فإننا نجد أنه‬
‫لم يغير ذلك من عدم االعتراف بالمسؤولية اإلدارية‪ ،‬حيث أن العصمة من الخطأ الملكي قد انتقل‬
‫إلى البرلمان الذي يحوز السيادة و بذلك الشكل إذا تجسدت فكرة ال مسؤولية الدولة‪ ،‬و أضيف‬
‫أيضا بأن القواعد الموجودة التي تحكم المسؤولية الخاصة ال يمكن تطبيقها على الدولة‪ ،‬أما‬
‫التصريح بمسؤولية المتبوع على أخطاء تابعيه الذي يوجد سنده القانوني الوحيد في القانون المدني‬
‫فلم يجد قبوال من الجميع‪.‬‬
‫والواقع أن أول تكريس لقواعد هذه المسؤولية تأسس ضمن بعض القوانين الهامة وهكذا فقد‬
‫تم التنصيص على الحق في التعويض في اإلعالن عن حقوق اإلنسان والمواطن في سنة ‪1871‬‬
‫والذي ذهب في مادته السابعة عشر إلى أن‪ ":‬الملكية هي حق ال ينتهك و مقدس و ليس ألحد أن‬
‫يحرم منه إال إذا دعت لذلك طبعا ضرورة عامة مثبتة قانونا و ذلك على شرط تعويض عادل و‬
‫مسبق و بذلك فالحق بالتعويض كان مطروحا"‪.‬‬

‫و بعد احترام طويل لمبدأ عدم مسؤولية الدولة‪ ،‬و قع تطور في تكريس هذه المسؤولية‬
‫في النظام القضائي الفرنسي‪ ،‬حيث جاء هذا التطور مع التنازع حول االختصاص بين المحاكم‬
‫القضائية و المحاكم اإلدارية فالمحاكم القضائية كانت صاحبة االختصاص في أي نشاط للدولة‬
‫عندما يسبب ضر ار بتطبيق قواعد القانون المدني و جاء مجلس الدولة الفرنسي الستبعاد كل‬
‫اختصاص قضائي في مواجهة اإلدارة‪ ،‬حيث ارتأت محكمة النقض بأن مبادئ القانون المدني‬
‫ال تطبق على اإلدارة العمومية‪ ،‬بسبب األضرار التي يسببها أعوانها و تابعيها خالل قيامهم‬
‫بوظائفهم‪.‬‬

‫و طالب مجلس الدولة باختصاصه مرتك از على أن كل دين على الدولة يسوى إداريا‬
‫ويكون بمقتضاه كل شكوى رامية إلى تبيان مديونية الدولة بما فيها المطالبة بتعويض في حالة‬
‫خروج المسؤولية عن نطاق القاضي القضائي و تعود إلى مجلس الدولة‪ ،‬و قد أعلنت محكمة‬
‫التنازع بأن المسؤولية التي يمكن أن تقع على عاتق الدولة عن األضرار التي أصابت اآلخرين‬
‫من فعل أشخاص تستخدمهم في المرفق العام‪ ،‬ال يمكن أن تحكمها المبادئ الواردة في القانون‬
‫المدني و الخاصة بالعالقات بين األفراد و بذلك تكون قد قبلت بمبدأ المسؤولية اإلدارية الناتجة‬
‫عن سير مرفق عام‪.‬‬

‫و لقد استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي على قاعدة مسؤولية االدارة عن أعمالها‬
‫الضارة و الغير مشروعة منذ قضية ‪ -Blanco-‬الشهيرة حيث رأى مجلس الدولة ان مسؤولية‬
‫االدارة عن االضرار التي تلحق االفراد بسبب تصرفات االشخاص الذين تستخدمهم في المرفق‬
‫العام ال يمكن ان تحكمها المبادئ التي يقررها القانون المدني للعالقات فيما بين االفراد و هذه‬
‫المسؤولية ليست بالعامة وال بالمطلقة بل لها قواعدها الخاصة التي تتنوع وفقا لحاجات المرفق‬
‫و ضرورة التوفيق بين حقوق الدولة و الحقوق الخاصة‪.‬‬
‫و الحقيقة ان لفكرة المسؤولية االدارية للدولة القائمة على اعمال موظفيها و بالخصوص‬
‫أعوان الشرطة لها أهمية بالغة باعتبارها احدى اهم االسس التي تحافظ و توازن ما بين ضرورة‬
‫تدخل األعوان في اطار الضبط االداري و القضائي وضرورة ضمان حقوق و حريات االفراد‬
‫التي قد تتعرض لالنتهاك‪ ،‬الشأن الذي يفرض التعويض لجبر الضرر و الذي تضمنه نظرية‬
‫مسؤولية الدولة عن أعمال موظفيها التي تعتبر احدى وسائل القضاء االداري لحماية االشخاص‬
‫و ممتلكاتهم ‪.‬‬

‫و ترتد أسباب اختيار هذا الموضوع الى كونه كونه يعد من جهة يعد من أهم‬
‫المواضيع الجديرة بالدراسة و التي من خاللها ينعكس مجال دراستي كباحث قانوني ضمن‬
‫التخصص في المنازعات العمومية‪ ،‬و من جهة اخرى اندراج هذا الموضوع تحت سقف الدراسات‬
‫و البحوث الخاصة بالقانون االداري بصفة عامة و التي مازالت تستلفت النظر بالبحث و التعمق‬

‫و كون ان هذه النظرية ما تزال تفتقد الى الوضوح الالزم لكفالة الغايات المرجوة منها‬
‫خاصة و أنها ال تزال تحتاج إلى ركائز تشريعية تكفلها‪ ،‬وعليه فالسعي يبقى حثيثا من خالل هذه‬
‫الدراسة لتوضيح اهمية هذه النظرية و لي طموح في انارتها حتى تلقى العناية الكافية سواء من‬
‫حيث المعالجة التشريعية او العمل القضائي او حتى من جانب البحث العلمي خاصة في اطار‬
‫المسعى الحالي للسلطة الذي يهدف لبناء الدولة المدنية و تكريس دولة القانون‪.‬‬

‫و من خالل موضوع المسؤولية االدارية على أعمال الشرطة باعتباره شكل من أشكال‬
‫الحماية القانونية التي يكفلها القانون االداري لألشخاص جراء ما يرتكبه أعوان الشرط ـة من اخطاء‬
‫أو ما يصيب األشخاص من أخطار نتيجة قيام الشرطة بممارسة أعمال و نشاطات تسبب أضرار‬
‫للغير خاصة في حالة استخدامها ألسلحة و وسائل خطرة الشأن الذي يلزم من خالله االدارة‬
‫في تعويض االشخاص المتضررين جراء انشطة أعوان الشرطة من خالل ممارستهم لوظيفتهم‪.‬‬
‫وعليه فمن هذا المنطلق تتبلور اشكالية الموضوع في ‪:‬‬

‫ضوابط إعمال مسؤولية الدولة عن أعمال الشرطة‪ ،‬أي المعالجة القانونية‬


‫و القضائية لهذه المسئولية وارتكانا الى هذا الطرح يمكن التساؤل عن محدداته و عليه فهل هذه‬
‫المسؤولية تبنى على أساس القانون المدني أم هي مسؤولية تفترض خصوصيات معينة متعلقة‬
‫بها؟ و على هذا النحو طرح التساؤالت الفرعية التالية‪:‬‬

‫ما المقصود بالمسؤولية اإلدارية ؟ ما مفهوم الشرطة؟ على أي أساس تقوم المسؤولية‬
‫االدارية عن أعمال الشرطة ؟‪.‬‬

‫ومن حيث المناهج المتبعة في هذه الدراسة تم اختيار المنهج الوصفي التحليلي نظ ار لما‬
‫تتطلبه طبيعة الموضوع من وصف لماهية المسؤولية االدارية و كذلك مدلول الشرطة و معرفة‬
‫اختصاصاتها‪ ،‬ناهيك عن تحليل بعض الق اررات القضائية الصادرة عن مجلس الدولة الفرنسـي‬
‫والجزائري المتعلقة بموضوع البحث باستنطاقها‪ ،‬كما عمدت في بعض المواضع تمت االستعانة‬
‫بالمنهج المقارن من خالل ابراز موقف المشرع الجزائري من المسؤولية االدارية و تطبيقات القضاء‬
‫االداري الجزائري لها مقارنة بالقضاء االداري الفرنسي المعروف بريادته في هذا المجال ‪.‬‬

‫ولست اكتم القاريء القول بان هذا العمل اعترضته بعض الصعوبات كون ان موضوع‬

‫الدراسة من البحوث التي لم تحظ بكثافة التطرق اليها و معالجتها وهذا مقارنة بمواضيع اخرى‪،‬‬

‫الشأن الذي جعل عملية البحث فيها صعبة نوعا ما و خاصة قلة المراجع التي تطرقت لموضوع‬

‫الدراسة وكذا صعوبة الوصول الى مواطن المصادر والمراجع بسب بعض القيود االدارية والتي ترتد‬

‫الى تصلب بعض الجهات ورفضهم تنوير الباحث بالمعلومة بذرائع شتى‪ ،‬و عليه وفي ضوء ما‬

‫سبق قمت بتقسيم البحث الى محورين‪:‬‬

‫اولهما تناول نظام المسؤولية االدارية و مرفق الشرطة (الفصل األول) والمعد بمثابة‬

‫توطئة و مدخل للبحث ليتم التطرق فيما بعد الى أساس قيام المسؤولية االدارية عن أعمال الشرطة‬

‫(الفصل الثاني ) ‪.‬‬


‫الفصل االول ‪:‬‬
‫نظام المسؤولية االدارية‬
‫و مرفق الشرطة‪.‬‬
‫الفصل األول‪ :‬نظام المسؤولية اإلدارية و مرفق الشرطة‬

‫اذا كانت المادة ‪ 121‬من القانون المدني‪ 1‬تتضمن قاعدة عامة بحيث تنص '' كل فعل أيا‬
‫كان يرتكبه الشخص بخطئه و يسبب ضر ار للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض '' فهل‬
‫يمكن تطبيق هذا المبدأ العام على األعمال المنوطة بأعوان الشرطة؟ ام يثار نوع اخر من انظمة‬
‫المسؤولية التي يتحملها هؤالء األعوان ؟ ذلك بالنظر للدور المهم الذي يقع على عاتق أعوان‬
‫الشرطة المتمثل خاصة في االلتزام بتحقيق النظام العام و المحافظة عليه‪ ،‬وألجل تحقيق هذا‬
‫الدور يقوم اعوان الشرطة بنشاط حفظ األمن العام الذي يعتبر من الوظائف الحساسة ألجهزة الدولة‬
‫و من خالله يجب عليهم التوفيق و تحقيق التوازن لمصلحتين مصلحة المجتمع المتمثلة‬
‫في حفظ أمنه و استق ارره و مصلحة األشخاص و ذلك بإتمام العون لمهامه دون المساس بحربتهم‬
‫و لما كان الضرر ممكنا و اللجوء إلى القضاء لجبره ماليا متاحا‪ ،‬يكون التساؤل حول األساس‬
‫الذي تقوم عليه مسؤولية الدولة في هذا الميدان؟ وهذا ما سنتناوله من خالل هذا الفصل بحيث‬
‫نتطرق الى ماهية المسؤولية اإلدارية (المبحث األول) و من ثم يستوجب معرفة ماهية الشرطة‬
‫(المبحث الثاني )‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬ماهية المسؤولية االدارية‬

‫ان المسؤولية بصفة عامة يختلف مفهومها باختالف المجال الذي تدرس فيه‪ ،‬فإذا كانت‬
‫المسؤولية األدبية تنتج عن مخالفة واجب أدبي (ال ينص عليه القانون) ‪ ،‬فان المسؤولية القانونية‬
‫تنتج على عكس ذلك ‪ ،‬عن مخالفة التزام قانوني‪ ،‬ومسؤولية االدارة العامة نجدها في الوقت الراهن‬
‫في معظم التشريعات إال انها حديثة النشأة‪ ،‬اذ انه لم يبدأ االخذ بها سوى في اواخر القرن الماضي‬
‫خا صة مع اتساع مجال تدخل الدولة في جميع الميادين ‪،‬نظ ار لما تتمتع به االدارة من امتيازات‬
‫السلطة العامة ‪ ،‬ومن أجل االحاطة بهذا الطرح سوف نتطرق الى مفهوم المسؤولية االدارية‬
‫و خصائصها (المطلب األول) و من ثم التعريج على النظام القانوني الواجب التطبيق‬
‫على المسؤولية االدارية (المطلب الثاني) و ذلك وفقا لما يلي ‪:‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬مفهوم المسؤولية االدارية و خصائصها‬

‫‪ 1‬االمر رقم ‪ 27-82‬المؤرخ في ‪ 1182/11/22‬المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 17‬مؤرخة في ‪.1182/11/31‬‬

‫‪.‬‬
‫نعلم أن مخالفة االلتزام القانوني يرتب قيام المسؤولية القانونية فهل المسؤولية االدارية‬
‫هي نوع من أنواع المسؤولية القانونية ؟هذا ما يدفعنا للتدقيق في مفهوم المسؤولية االدارية‬
‫(الفرع االول) و من ثم التطرق الى خصائصها(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬مفهوم المسؤولية االدارية‬

‫انه و بالرغم من اعتبار المسؤولية االدارية نوع من أنواع المسؤولية‪ 2‬القانونية إال اننا نجدها‬
‫مقارنة بباقي المسؤوليات المدنية منها او الجزائية حديثة النشأة‪ ،‬فلم يبدأ االخذ بها سوى‬
‫في اواخر القرن الماضي خاصة مع اتساع مجال تدخل الدولة في جميع الميادين‪ ،‬و لما ان‬
‫حاجات االفراد و متطلباتهم تزداد كلما ازداد عددهم فان حاجات الدولة لتحقيق التزاماتها نحو الفرد‬
‫تزداد ايضا‪،‬و بذلك تحاول الدولة خلق وسائل قانونية تستطيع من خاللها التوفيق بين تحقيق‬
‫مصالح الجماعة و ارضاء الفرد‪.3‬‬

‫ان المكانة التي تحتلها النشاطات العامة في مجتمعنا تبرر ظهور و توسع فكرة المسؤولية‬
‫االدارية‪،‬فنشاط االدارة كأي نشاط اخر قد يكون سببا في احداث أضرار‪،‬قد تكون بجسامة معتبرة‬
‫باعتبار االدارة كسلطة تنفيذية تستعمل وسائل ضخمة و أحيانا خطرة في أداء مهمتها‪.‬فهل يحق‬
‫للضحايا جبر هذه االضرار ؟ هل المسؤولية في هذه الحالة هي مسؤولية مدنية ام جزائية؟‬

‫لقد عمل االجتهاد القضائي في مجال القضاء االداري عبر مراحل متتالية على ايجاد‬
‫حلول خاصة لهذه المسؤولية‪،‬فوضع نظام قائم بذاته يتعلق بها‪،‬أما التشريع فلم يتدخل سوى‬
‫‪4‬‬
‫في حاالت معينة لتغطية أضرار خاصة‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬خصائص المسؤولية االدارية‬

‫المسؤولية لغة "تعني حالة المؤاخذة او تحمل التبعة ‪ ،‬اي انها الحالة الفلسفية و االخالقية و القانونية التي يكون فيها‬ ‫‪2‬‬

‫االنسان مسئوال و مطالبا عن امور و أفعال قد أتاها اخالال بنواميس و قواعد و أحكام أخالقية اجتماعية و قانونية "‪.‬‬
‫التي تنعقد و تترتب كجزاء‬ ‫و المسؤولية بهذا المعنى العام قد" تكون مسؤولية أخالقية و أدبية ‪responsabilité morale‬‬
‫أخالقي و ادبي على مخالفة قواعد أخالقية فالمسؤولية األخالقية و االدبية مسؤولية ذاتية و داخلية ال تدخل في نطاق القانون‬
‫‪ .‬وقد تكون مسؤولية قانونية و قد عرفتها الدكتورة سعاد الشرقاوي بأنها هي االلتزام النهائي الذي يقع نهائيا على عاتق‬
‫شخص بتعويض ضرر أصاب شخصا أخر‪ ،‬فمقومات و عناصر المسؤولية القانونية هي اختالف شخص المسؤول عن‬
‫شخص المضرور و نهاية االلتزام بتحمل عبء التعويض ووجود عنصر السببية بين خطأ المسؤول و الضرر و عدم دخول‬
‫مال في ذمة المسؤول"‪.‬أنظر تفصيال‪ :‬عمار عوابدي‪ .‬نظرية المسؤلية االدارية ‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬ديوان الطبوعات الجامعية‬
‫‪:‬الجزائر‪ ،2118 .‬ص‪11‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ -‬عمار عوابدي ‪ ،‬المرجع نفسه ‪،‬ص‪. 21‬‬
‫دمحم رفعت عبد الوهاب ‪.‬القضاء االداري ‪.‬الجزءاالول ‪.‬منشورات المجلس الحقوقية ‪:‬لبنان‪. 2113.‬ص‪. 71‬‬ ‫‪4‬‬
‫تجدر االشارة ان قرار بالنكو الصادر عن محكمة التنازع الفرنسية يعتبر نقطة التحول‬
‫من مرحلة عدم مسؤولية االدارة الى مرحلة مسؤوليتها صراحة و قد اعتبر لفترة طويلة كقرار مبدئي‬
‫والحجر األساسي للقانون االداري برمته كونه وضع القواعد االساسية و بين خصائص المسؤولية‬
‫االدارية و سنتطرق لهذه الخصائص بتفاصيل أكثر وفقا لما يلي ‪:‬‬

‫اوال‪ .‬خصائص للمسؤولية االدارية على ضوء قرار بالنكو‬

‫الستخراج هذه الخصائص يستوجب علينا االشارة لمختلف المراحل التي مرت عليها‬
‫طفلة في الخامسة من عمرها تعرضت‬ ‫القضية‪ ،‬اذ تتمثل وقائعها ان المدعوة ‪Agnés Blanco‬‬
‫لحادث تسببت فيه عربة مقطورة تابعة لوكالة التبغ التي كانت تنقل انتاج هذه االخيرة من المصنع‬
‫الى المستودع‪ ،‬مما سبب لها أضرار جسيمة فبادر والد الضحية بإجراءات فرفع دعوى امام القاضي‬
‫العادي ضد ممثل الدولة مؤسسا دعواه على احكام القانون الجنائي ‪ ،‬ال سيما المواد ‪1372‬‬
‫و ‪ 1373‬منه و ما يليهما ‪ ،‬طالبا مبلغ اربعون ( ‪ )11‬الف فرنكا فرنسيا يدفع بالتضامن بين‬
‫العامل (سائق المركبة) و الدولة كتعويض عن الضرر الذي أصاب ابنته‪ ،‬دفع مدير مقاطعة‬
‫بوردو بعدم اختصاص المحاكم العادية للنظر في القضية و الفصل فيها و أكد ان وكيل الدولة هو‬
‫صاحب االختصاص و هو ما ادى الى عرض القضية لمحكمة التنازع الفرنسية التي أصدرت‬
‫في الموضوع بترجيح صوت وزير العدل باعتباره رئيسا للمحكمة بعد انقسام أعضائها‬ ‫قرارها‬
‫الى فرقين متساويين‪،‬و قضت في ‪ 17‬فيفري ‪ 1783‬باختصاص القضاء االداري بالنظر في النزاع‬
‫على تقرير مفوض الحكومة السيد " دافييد حيث جاء في حيثية القرار الشهيرة‪ '' :‬ان‬ ‫بناءا‬
‫مسؤولية الدولة عن االضرار التي تلحق االفراد بسبب تصرفات االشخاص الذين تستخدمهم في‬
‫ال يمكن ان تحكمها المبادئ التي يقررها القانون المدني ‪ ،‬للعالقات ما بين هذه‬ ‫المرفق العام‬
‫االفراد و هذه المسؤولية ليست بالعامة و ال بالمطلقة بل لها قواعدها الخاصة التي تتغير حسب‬
‫‪5‬‬
‫حاجات المرفق و ضرورة التوفيق بين حقوق الدولة و الحقوق الخاصة ''‬

‫ثانيا ‪.‬المسؤولية االدارية نظام قضائي أصال ‪:‬‬

‫ان المصدر االصيل و االساسي للنظام القانوني للمسؤولية االدارية هو القضاء االداري‬
‫الفرنسي على رأسه محكمة التنازع الفرنسية و مجلس الدولة‪،‬فمثال من خالل فكرة التفرقة بين‬
‫الخطأ المرفقي اوجد القضاء االداري قواعد المسؤولية االدارية على أساس الخطأ‪،‬و كذا العالقة‬

‫‪5‬‬
‫‪Voir :marceau long et autres ,les grands arrets de la jurisprudence administrative,16eme edition ,‬‬
‫‪dallozn,paris, France,2007,pp1-7.‬‬
‫‪-Frederic colin,Lessentiel de la jurisfrudence administrative,gualino ,paris,France,2009,p12‬‬
‫بين الخطأ الشخصي و المرفقي و النتائج المترتبة عن ذلك في اطار نظرية الجمع بين االخطاء‬
‫ثم المسؤوليات ‪ ،‬كذلك أحكام و قواعد و تقنيات العالقة بين الخطأ التأديبي و الخطأ الجنائي‬
‫بالخطأ المرفقي و ونتائجهما اضافة الى احكام نظرية المخاطر كأساس لقيام المسؤولية االدارية‬
‫بدون خطأ و ذلك بتبيين احكامها ‪ ،‬اسسها ‪ ،‬شروطها و نطاق تطبيقها ‪ ,‬و يظهر هذا كله‬
‫من خالل العديد من الق اررات التي صدرت سابقا عن الجهات القضائية الفرنسية و التي جسدت‬
‫التطور المستمر للمسؤولية االدارية و قبل كل هذا مبدأ مرونة النظام القانوني للمسؤولية االدارية‬
‫و قابليته للتغير طبقا لدواعي المصلحة العامة و المرفق العام المجسدين من خالل قرار بالنكو‪.‬‬

‫و أكثر أهمية مما سبق فان المصدر االصيل لنظام المسؤولية االدارية و المتمثل في القضاء يرجع‬
‫الى قضاء محكمة التنازع باختصاص القضاء االداري في نظر هذا النوع من المنازعات باعتبارها‬
‫الجهة الوحيدة المختصة و بالتالي هناك ارتباط بين االختصاص و المصدر في نظام المسؤولية‬
‫االدارية ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ .‬للمسؤولية االدارية نظام أصيل و مستقل ‪:‬‬

‫باعتبار ان المسؤولية االدارية مرتبطة بالنشاط االداري و المرافق العامة و نظامها القانوني‬
‫بمفهوم المخالفة ان الطابع الخاص للقواعد المطبقة على المرافق العامة يحمل في طياته معنيين‬
‫كونه مستقل باستبعاده القانون المدني و كونه أصيل بإيجاد نظام خاص به من حيث المنطق‬
‫و النتائج المتوصل اليها ‪ ،‬و استقاللية و أصالة هذا النظام تجد مبرراتها في حاجات المرفق العام‬
‫المتغيرة بتغير النشاط االداري ‪.‬‬

‫رابعا ‪,‬المسؤولية االدارية قائمة على مبدأ التوفيق بين المصلحة العامة و المصلحة الخاصة‬

‫هذا يعني ان قواعد المسؤولية االدارية تتضمن في محتواها احكاما من أجل ايجاد التوازن‬
‫بين المصلحة العامة و مقتضيات تسيير المرافق العامة ‪ ،‬و حتمية الحفاظ على حقوق و حريات‬
‫االفراد في مواجهة االعمال االدارية الضارة و يظهر هذا المبدأ حاليا من خالل كفتين ‪ ،‬فبمقابل‬
‫عدم قيام مسؤولية االدارة تقوم مسؤولية الموظف العام الشخصية في مواجهة المتضررين من جراء‬
‫أخطائهم و يدفع التعويض من ذمته المالية في نطاق قواعد و أحكام المسؤولية المدنية و أمام‬
‫جهات القضاء العادي‪ ،‬و أيضا عدم قيام مسؤولية االدارة إال على اساس الخطأ الجسيم كحالة‬
‫مسؤولية االدارة عن مرفق الضرائب ‪ ،‬و كذا قيام المسؤولية عن االخطاء الطبية و القضائية‬
‫عن مرفق مستشفيات االمراض العقلية ‪...‬الخ‪ .‬تقوم مسؤولية االدارة بدون خطأ و على اساس‬
‫نظرية المخاطر لصالح حماية حقوق و حريات االفراد‪،‬اضافة لهذا و في اطار االثار المترتبة‬
‫عن قاعدة الجمع بين المسؤوليات ‪،‬للضحية حق االختيار في مرافعة االدارة امام القضاء االداري‬
‫عن االضرار الناتجة عن الخطأ المرفقي او مرافعة الموظف عن الخطأ الشخصي المولد للضرر‬
‫امام جهات القضاء العادي وفقا لما يراه أصلح و أضمن لحماية حقوقه لكنه ‪،‬بالمقابل ال يمكنه‬
‫‪ '': Delaubader‬يقابل مبدأ جمع‬ ‫طلب التعويض من االدارة و الموظف معا كما قال االستاذ‬
‫‪6‬‬
‫المسؤوليات مبدأ عدم جمع التعويضات إال اذا كانت هذه التعويضات مبنية على اسس مختلفة ''‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬النظام القانوني الواجب التطبيق على المسؤولية االدارية‬

‫يمكن القول بان نظرية المسؤولية االدارية و رغم حداثتها فهي ليست منفصلة عن اصل‬
‫استنباطها فهي من جهة أحد انواع المسؤولية القانونية و من جهة اخرى فان طبيعة المسؤولية‬
‫االدارية تتداخل مع نظرية المسؤولية المدنية الشأن الذي ينشأ عالقة بين النظام القانوني للمسؤولية‬
‫االدارية مع النظام القانوني للمسؤولية المدنية و لهذه العالقة طبيعة خاصة تختلف من نظام‬
‫قضائي الى اخر بحسب تطبيق هذا االخير لنظام وحدة او ازدواجية القضاء‪.‬‬

‫و عليه وجب التطرق الى طبيعة و مضمون العالقة بين النظام القانوني للمسؤولية‬
‫االدارية و النظام القانوني للمسؤلية المدنية (الفرع االول) لنصل الى معرفة النظام القانوني الواجب‬
‫التطبيق على المسؤولية االدارية في النظام القضائي الجزائري (الفرع الثانيا) وفقا لما سيعرض‬
‫أسفله ‪:‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬طبيعة و مضمون العالقة بين النظام القانوني للمسؤولية االدارية و النظام‬
‫القانوني للمسؤلية المدنية‬

‫نظ ار لكون نظرية المسؤولية االدارية و نظرية المسؤولية المدنية من أنواع المسؤولية‬
‫القانونية بوجه عام‪ ،‬فان كل من النظام القانوني للمسؤولية االدارية و المسؤولية المدنية يشتركان‬
‫و يتواجدان في بعض االحكام القانونية للمسؤولية‪ ،‬مثل االشتراك و الوحدة في مقدمات و شروط‬
‫و أركان المسؤولية القانونية‪ ،‬كما أن كل من النظامين القانونيين يرتبطان و يتصالن ببعضهما‬
‫في عالقة تكامل و تعاون حيث ان النظام القانوني للمسؤولية االدارية باعتباره نظاما حديثا جدا‬
‫و عدم اكتمال كل بنائه فانه يستمد و يستعير من النظام القانوني للمسؤولية المدنية باعتباره نظاما‬

‫سعاد الشرقاوي‪.‬المسؤولية االدارية‪.‬الطبعة الثالثة ‪.‬دار المعارف للنشر و التوزيع‪:‬مصر‪.1183.‬ص‪. 111‬‬ ‫‪6‬‬
‫قانونيا أكثر نضوجا و أقوى ثباتا و شمولية في أحكامه ‪،‬فهكذا يستمد النظام القانوني للمسؤولية‬
‫االدارية احكام و قواعد و تقنيات كيفيات تقدير كل من الضرر المادي و المعنوي و كيفيات تقدير‬
‫التعويض في المسؤولية االدارية لتحقيق و تطبيق مبدأ التعويض الكامل في دعوى المسؤولية‬
‫كما ان النظام القانوني للمسؤولية المدنية قد يطبق على المسؤولية االدارية بصورة كلية و شاملة‬
‫و أصلية و قد يطبق عليها بصورة جزئية و استثنائية وفقا لطبيعة النظام القانوني السائد و مكانته‬
‫‪7‬‬
‫بين الوحدة و االزدواجية ‪.‬‬

‫فهكذا يطبق النظام القانوني للمسؤولية المدنية على مسؤولية الدولة و االدارة العامة‬
‫بصورة كلية و أصيلة في ظل النظام القانوني القائم على أساس مبدأ وحدة القضاء و القانون كما‬
‫هو الحال في النظام القانوني األنجلوسكسوني حيث تخضع مسؤولية الدولة و االدارة العامة ألحكام‬
‫النظام القانوني للمسؤولية المدينة بصورة كاملة و شاملة و كأصل عام تطبيقا لمبدأ و نظام وحدة‬
‫القضاء و القانون بكل أسسه وأحكامه وأثاره ‪.8‬‬

‫و يطبق النظام القانوني للمسؤولية المدنية على مسؤولية الدولة و االدارة العامة بصورة‬
‫جزئية و استثنائية في النظام القضائي القائم على أساس مبدأ ازدواجية القضاء و القانون كما‬
‫هو الحال في فرنسا و بلجيكة و بقية النظم التي تأثرت بهما و اعتنقت نظام ازدواج القضاء‬
‫و القانون ‪.‬‬

‫ففي البالد التي تطبق نظام ازدواج القضاء والقانون تخضع للمسؤولية االدارية أي مسؤولية‬
‫االدارة العامة ألحكام و قواعد النظام القانوني للمسؤولية المدنية في بعض الحاالت على سبيل‬
‫الحصر كاستثناء من األصل العام الذي هو خضوع المسؤولية االدارية ألحكام و قواعد النظام‬
‫القانوني الخاص‪،‬فهناك حاالت مسؤولية الدولة و االدارة العامة محددة على سبيل الحصر تخضع‬
‫ألحكام و قواعد النظام القانوني للمسؤولية القانونية و تختلف هذه الحاالت من دولة ألخرى‬
‫من دول نظام ازدواج القضاء و القانون فحاالت مسؤولية الدولة و االدارة العامة عن الحوادث‬
‫و األفعال الضارة الناجمة عن نشاط المرافق و المؤسسات العامة االقتصادية و االجتماعية‬

‫‪7‬‬
‫عوابدي عمار‪.‬مرجع سابق ‪ .‬ص‪72‬‬
‫محمود دمحم حافض‪ .‬القضاء االداري ‪ .‬الطبعة الخامسة ‪ .‬دار النهضة العربية‪:‬مصر‪. 1112.‬ص‪ -‬ص ‪.111- 71‬‬ ‫‪8‬‬
‫و حوادث السيارات مثال تخضع ألحكام قواعد النظام القانوني للمسؤولية المدنية في اغلب دول‬
‫‪9‬‬
‫نظام ازدواج القضاء و القانون‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬النظام القانوني الواجب التطبيق على المسؤولية االدارية في النظام القضائي‬
‫الجزائري‬

‫على اعتبار وجود عالقة بين النظام القانوني للمسؤولية االدارية والنظام القانوني‬
‫للمسؤولية المدنية و التي نجدها تتأثر ضيقا و اتساعا وفقا لطبيعة النظام القضائي السائد‬
‫في الدولة و عليه نجد تطبيق نظام المسؤولية المدنية بشكل اوسع في النظام القضائي الموحد بينما‬
‫تطبق أحكام و قواعد النظام القانوني للمسؤولية االدارية بشكل أوسع من نظام المسؤولية المدنية‬
‫‪10‬‬
‫في ظل نظام ازدواجية القضاء ‪.‬‬

‫و على أساس و ضوء هذه الحقائق يمكن التأكيد بأن النظام القضائي الجزائري الذي انتهج مبدأ‬
‫ازدواجية القضاء المكرس بموجب المادة ‪ 181‬من دستور ‪ 1112‬المعدل ‪ ،11‬فانه يطبق مبدأ‬
‫ازدواج النظام القانوني للمسؤولية االدارية و المدنية و يتوسع في تطبيق مبدأ تعاون و تكامل كل‬
‫من النظام القانوني للمسؤولية االدارية في تنظيم و تطبيق دعوى التعويض و المسؤولية االدارية‬
‫حيث يتوسع قضاء الغرف االدارية في تطبيق قواعد أحكام النظام القانوني للمسؤولية المدنية‬
‫على مسؤولية الدولة و االدارة العامة الى جانب تطبيق أحكام و قواعد مبادئ النظام القانوني‬
‫‪12‬‬
‫الخاص بالمسؤولية االدارية و المستمد في مصادره من نظرية القانون االداري ‪.‬‬

‫يمزج بين أحكام النظام القانوني للمسؤولية االدارية‬ ‫فالنظام القضائي الجزائري كان‬
‫و أحكام و قواعد النظام القانوني للمسؤولية المدنية نتيجة عوامل و اسباب موضوعية ساعدت‬
‫النظام القضائي الجزائري عل تبني عملية المزج بصورة متكاملة لتحديد و تطبيق القاعدة القانونية‬
‫االصلح لمسؤولية الدولة و االدارة العامة ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫طعيمة الجزف‪ .‬رقابة القضاء العمال االدارة العامة ‪ .‬مكتبة القاهرة الحديثة‪:‬مصر ‪ .1181 .‬ص ص‪ .118-17‬وانظر‬
‫ايضا المادة ‪ 712‬من القانون رقم ‪ 11-17:‬المؤرخ في ‪ 2117/12/22‬المتضمن قانون االجراءات المدنية واالدارية الجريدة‬
‫الرسمية عدد‪ 21‬المؤرخة في ‪.2117/11/23‬‬
‫‪10‬‬
‫عمار عوابدي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪71‬‬
‫دستور ‪ 1112‬المعدل و المتمم بموجب القانون رقم ‪ 11/12‬المؤرخ في ‪ 22‬جمادى االولى ‪ 1138‬الموافق ل ـ‪ 12‬مارس‬ ‫‪11‬‬

‫‪ 2112‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 11‬المؤرخة في ‪ 18‬مارس ‪. 2112‬‬


‫‪ 12‬عمار عوابدي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪11‬‬
‫ان النظام القضائي الجزائري الذي تأرجح عبر مسار تاريخه الطويل ابتداءا من العهد‬
‫االسالمي بين الوحدة و االزدواجية تبنى ابتداءا من عام ‪ 1122‬نظام وحدة القضاء بأسلوب‬
‫جزائري خاص حيث خلق داخل نظام وحدة القضاء نظام الغرفة االدارية التي تختص وحدها‬
‫و كأصل عام بالدعاوى و المنازعات االدارية خلفا للمحاكم االدارية السابقة و الموروثة من النظام‬
‫القضائي الفرنسي و خصها النظام القضائي الجزائري بقواعد اجرائية خاصة بها و مستقلة لتأتي‬
‫بعدها اصالح ‪ 1111‬الذي بموجبه صنفت المنازعات االدارية الى ثالثة اصناف منازعات تخضع‬
‫الى الغرف االدارية المحلية الموجودة على مستوى جميع المجالس القضائية‪ ،‬و غرف ادارية جهوية‬
‫موجودة في كل من الجزائر وهران قسنطينة و بشار‪ ،‬تنظر في نوع محدد من المنازعات و غرفة‬
‫ادارية بالمحكمة العليا تمثل محكمة نقض و استئناف في نفس الوقت و هذا الى غاية التعديل‬
‫االزدواجية القضائية بموجب المادة ‪ 122‬من دستور‬ ‫الدستوري لسنة ‪ 1112‬اين تبنى نظام‬
‫‪ 1112‬األمر الذي جعل من صورة التنظيم القضائي هذه المرحلة تختلف من حيث الهياكل‬
‫و اإلجراءات باإلضافة الى القانون الواجب التطبيق اذ كان القاضى غالبا يطبق النص التشريعي‬
‫الذي يحكم المنازعة التي بين يديه في حين فان القاضي االداري يعتبر قاضيا منشئ في الغالب‬
‫‪13‬‬
‫للقاعدة التي سيطبقها على المنازعة التي بين يديه‬

‫و على حد قول الدكتورة سعاد الشرقاوي '' ان القانون العام لم يبلغ درجة من الثبات تكفي‬
‫‪14‬‬
‫لتنفيذ ما حدث بالنسبة للفروع االخرى التي تم فيها التقنين ‪ ،‬ذلك ان القانون العام دائم التطور ''‬
‫عن نظام وحدة القضاء الذي ساد لفترة طويلة و مر ذلك إلى اختالف المفاهيم و العناصر المميزة‬
‫للنظامين و التي أخذت بهياكل الدول التي تبنتها مثل‪ :‬مصر‪ ،‬تونس‪ ،‬فرنسا‪ ،‬غير أن اإلطار‬
‫القانوني للتنظيم اإلداري في الجزائر ينفرد من حيث مبادئه األساسية‪ ،‬األمر الذي جعل بعض‬
‫الدارسين يعتبرون أن التغيير الذي مس التنظيم القضائي هو مجرد تغيير هيكلة‪ ،‬و أن التنظيم‬
‫القضائي الجزائري هو بمثابة ازدواجية هيكلية و ليست ازدواجية قضائية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬ماهيــــــــــــــــــــة الشرطــــــــــــــــــــــــــــــة‬

‫تعتبر الشرطة احدى اجزاء النظام الوطني اذ توجد في جميع ِ‬


‫دول العالم لما لها دور هام‬
‫في المساهمة في تطبيق القانون و مساعدة االشخاص الذين يواجهون صعوبات معينه والحد‬
‫من الجريمة في المجتمع وكشف مالبساتها ان وقعت ويعد جهاز الشرطة احد ابرز واهم االقسام‬

‫‪13‬عمار بوضياف‪ .‬القضاء االداري في الجزائر‪.‬الطبعة الثانية ‪ .‬جسور النشر والتوزيع‪:‬الجزائر‪. 2117 .‬ص ص‪.73 – 22‬‬
‫سعاد الشرقاوي‪.‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪. 21‬‬ ‫‪14‬‬
‫في الدولة اذ يتولى القيام بنشاطات تنظيمية و اخرى مادية من اجل حفظ النظام العام في اطار‬
‫ما يسمى بالضبط االداري كما تتولى القيام بأعمال اخرى تندرج في اطار الضبط القضائي ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الشرطة‬

‫ينصرف مدلول الشرطة في اللغات األجنبية الى كلمة بوليس ‪ ، police‬ويستمد أصلها‬
‫التاريخي من الكلمة اإلغريقية ‪ politia‬التي تعني قوة الشعب و تنظيم نشاط معين وهي مستمدة من‬
‫‪ polis‬التي تعني المدينة ومنها ظهرت كلمة ‪ policia‬و تعني ادارة المدينة اما في اللغة العربية‬
‫بصفة عامة كل االجراءات واألوامر التي تتخذها السلطة المختصة‬ ‫يقصد بمفهوم الشرطة‬
‫على النظام العام بمدلوالته الثالثة الصحة السكينة واألمن عن طريق اصدار الق اررات‬ ‫للمحافظة‬
‫التنظيمية واستخدام القوة العمومية وفرض بعض القيود على الحريات الفردية حفاظا على مصالح‬
‫‪15‬‬
‫المجتمع ‪.‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬انواع الشرطة‬

‫اوال ‪ :‬الشرطة القضائية ‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫لقد حدد المشرع الجزائري من خالل المواد ‪ 12‬الى ‪ 27‬من قانون االجراءات الجزائية‬
‫تحت عنوان الضبط القضائي الدور المنوط بالشرطة القضائية المتمثل في البحث و التحري‬
‫عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات و جمع االدلة عنها و البحث عن مرتكبيها ما لم يبدأ فيها‬
‫بتحقيق قضائي اذ في حالة افتتاح تحقيق فان دور الضبطية القضائية ينحصر في تنفيذ تفويضات‬
‫جهات التحقيق و تلبية طلباتها و يشمل الضبط القضائي مثلما أشارت اليه المادة ‪ 11‬من قانون‬

‫‪ 15‬االمر رقم ‪ 122/22‬المؤرخ في ‪ 17‬سفر ‪ 1372‬الموافق ل ‪ 7‬يوليو‪ 1122‬المتضمن قانون االجراءات الجزائية‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 48‬المؤرخة في ‪1122/12/11‬‬
‫وللتفصيل راجع‪ :‬هناء نور الدين ‪ .‬المسؤولية االدارية عن أعمال الشرطة ‪.‬مذكرة تخرج لنيل شهادة تخرج ماستار‪.‬جامعة دمحم‬
‫خيضر بسكرة ‪,‬كلية الحقوق و العلوم السياسية ‪.‬تحت اشراف األستاذ عزري زين الدين ‪. 2112-2111 .‬‬
‫‪16‬االمر رقم ‪ 12/ 12‬المؤرخ في ‪ 8‬شوال ‪ 1132‬الموافق لـ ‪ 23‬يوليو ‪ 2112‬يعدل و يتمم االمر رقم ‪ 122/22‬المؤرخ في ‪ 17‬سفر‬
‫‪ 1372‬الموافق ل ‪ 7‬يوليو‪ 1122‬المتضمن قانون االجراءات الجزائية ‪ .‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 11‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬يوليو ‪.2112‬‬
‫االجراءات الجزائية ضباط الشرطة القضائية ‪،‬أعوان الضبط القضائي ‪،‬الموظفون و األعوان المنوط‬
‫بهم بعض مهام الضبط القضائي و يتولى وكيل الجمهورية تحت اشراف النائب العام ادارة الضبط‬
‫القضائي‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الشرطة االدارية‬

‫يعتبر بعض الفقهاء ان مدلول الضبط االداري وفقا للمعيار المادي هو مجموع التدخالت‬
‫تهدف من جهة‬ ‫االدارية التي تجسد في شكل التنظيمات ‪ la reglementation‬و التي‬
‫الى وضع قيود او حدود على حرية االفراد لممارستهم لبعض النشاطات و من جهة أخرى تهدف‬
‫الى حماية النظام العمومي اما من الناحية الموضوعية فان الضبط او البوليس االداري يعنى‬
‫‪ ،les agens de la police‬هذا و يقول ‪ Blaevoet‬في مفهوم الضبط‬ ‫به أعوان الشرطة‬
‫االداري‪ ( :‬ان الضبط نظام موضوعه تدارك اي اخالل محدق بالنظام العام ‪،‬او بوقفه ان كان قد‬
‫كما يرى الدكتور عادل السعيد دمحم ابو الخير بان الضبط االداري نظام قانوني يتميز‬ ‫وقع ‪)...‬‬
‫بخصائص مميزة اذ يعتبر نشاط وقائي مخصص الهدف ‪،‬ذو حدود و ضوابط ‪،‬تمارسه االدارة‬
‫‪17‬‬
‫باستخدام أعمال قانونية و مادية من أجل حفظ النظام العام‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬سلطات الشرطة‬

‫اوال ‪ .‬الضبط االداري ‪:‬‬


‫ان الحديث عن الضبط االداري العام فانه يتشكل من مجموع االختصاصات التي تمنح‬
‫لسلطات ادارية ‪ ،‬تمارسها هذه االخيرة و بصفة عامة في كل المجاالت و على جميع النشاطات‬
‫للحفاظ على النظام العمومي و الصحة العمومية و السكينة العمومية في حدود سلطتها االقليمية‬
‫اما الضبط االداري الخاص فانه يتشكل من مجموع االختصاصات التي تمنح لسلطات ادارية‬
‫تمارسه هذه االخيرة في نشاط محدد و الهدف منه الحفاظ على النظام العمومي فالضبط االداري‬
‫حسب المعيار العضوي هو مجموع االجهزة و الهيئات التي تقوم بإجراءات المحافظة على النظام‬
‫العام‪،‬اما حسب المعيار الموضوعي فهو مجموعة االجراءات و التدابير التي تقوم بها الهيات‬

‫عادل السعيد دمحم ابو الخير ‪.‬البوليس االداري‪.‬دار الفكر الجامعي ‪:‬مصر‪.2117.‬ص ‪88‬‬ ‫‪17‬‬
‫العامة حفاظا عن النظام العام‪،‬فالضبط االداري عبارة عن قيود و ضوابط تفرضها السلطات العامة‬
‫على نشاط االفراد خدمة لمقتضيات النظام العام‪. 18‬‬
‫أ‪ .‬خصائص الضبط االداري ‪ :‬يمكن ان ترد هذه الخصائص الى ما يلي‪:19‬‬
‫‪ .1‬الصفة الوقائية ‪:‬‬

‫يتميز الضبط االداري بالطابع الوقائي ‪ ،‬فالق اررات المتخذة في مجال الضبط االداري لها‬
‫الصفة الوقائية فهي تهدف الى منع وقوع اضرابات باتخاذ مسبقا االجراءات الضرورية و ذلك بتنبيه‬
‫المواطنين لألعمال و التصرفات التي يمنع عليهم القيام بها و مثال ذلك التنظيم الذي يمنع القيام‬
‫بالمظاهرات او التنظيم الذي ينظم المرور‪.‬‬
‫‪ .2‬صفة التعبير عن السيادة ‪:‬‬

‫اذ ان فكرة البوليس االداري تعتبر من أقوى و اوضح فكرة السيادة و السلطة العمومية‬
‫في مجال الوظيفة االدارية ‪ ،‬حيث تجسد في مجموع االمتيازات االستثنائية الني تمارسها سلطة‬
‫الضبط االداري بهدف المحافظة على النظام العمومي في الدولة و تحد وتقيد الحريات و الحقوق‬
‫الفردية‪.‬‬
‫‪ .3‬الصفة االنفرادية ‪:‬‬

‫تتمثل في شكل االجراء االنفرادي الصادر عن السلطة االدارية و الموجه الى المواطنين‬
‫سواء من خالل اوامر او ق اررات ادارية تنظيمية أو فردية اذ ان موقف المواطن اتجاه أعمال الضبط‬
‫االداري هو االمتثال لإلجراءات التي اتخذتها االدارة في هذا االطار و ذلك وفقا لما يحدده القانون‬
‫و تحت رقابة السلطة القضائية ‪.‬‬
‫ب‪ .‬سلطات الضبط االداري ‪:‬‬

‫ان المعنى العضوي للضبط االداري هي السلطات المخول لها صالحيات اتخاذ االجراءات‬
‫الضرورية لحفظ النظام العمومي عن طريق سلطة التنظيم اما المعنى المادي له فهي تلك االجهزة‬
‫المكلفة بمهمة حفظ النظام العمومي و مثال ذلك القرار التنظيمي بغلق مقهى فسلطة اصدار مثل‬
‫هذا القرار مخولة للوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي حسب الحالة أما محافظ الشرطة فيكلف‬
‫بالتنفيذ المادي للقرار اي الغلق‪ ،‬و سلطات الضبط االداري قد حددتها القوانين و التنظيمات‬

‫‪18‬‬
‫مالك قدادرة‪.‬الشرطة االدارية من الشرطة ‪.‬مجلة دورية تصدر عن المديرية العامة لألمن الوطني‪.‬العدد ‪. 28‬‬
‫‪.2112‬ص‪. 21‬‬
‫‪-‬أنظر تفصيال‪ :‬ناصر لباد‪ .‬الوجيز في القانون االداري‪.‬الطبعة الثانية ‪.‬الجزائر‪. 2118 .‬ص‬
‫‪19‬‬

‫‪-‬عمار بوضياف‪،‬الوجيز فيالقانون االداري ‪،‬الطبعة الثالثة‪،‬دار جسور للنشر والتوزيعالجزائر‪،2112،‬ص‪ 172‬وما يليها‪.‬‬
‫و تنقسم الى سلطات تمارس هذه الوظيفة على المستوى الوطني و سلطات تمارس هذه الوظيفة‬
‫‪20‬‬
‫على المستوى المحلي‪.‬‬
‫‪ -‬السلطات الممارسة للضبط االداري على المستوى الوطني ‪:‬‬

‫تتمثل سلطات الضبط االداري العام الجزائري بدرجة اولى في رئيس الجمهورية و الوزير االول‬
‫وزير الداخلية ‪.‬‬
‫‪ ‬رئيس الجمهورية ‪:‬‬

‫يعتبر رئيس الجمهورية رئيس السلطة التنفيذية بموجب الدساتير الصادرة الى حد االن‬
‫في نطاق وظائفه و اختصاصاته االدارية يعد الرئيس االداري االعلى في بناء و هيكل النظام‬
‫االداري الجزائري اذ يملك حق و سلطة اصدار المراسيم باسم الدولة و لحسابها و التي تكون نافذة‬
‫على مستوى كل االقليم الجزائري و يقوم رئيس الجمهورية في النظام الدستوري الجزاري مهام كبيرة‬
‫اذ يملك سلطة اصدار الق اررات االدارية التنظيمية و الق اررات االدارية الفردية و ذلك في نطاق‬
‫االختصاصات االدارية المقررة له بنص وتماشيا مع العرف الدستوري الذي يقضي بان السلطة‬
‫‪21‬‬
‫التي تمارس سلطة الضبط االداري العام باسم الدولة تتمثل في رئيس الجمهورية ‪.‬‬
‫إال انه يجب التمييز بين دستور ‪ 1182‬الذي في اطاره يعتبر رئيس الدولة رئيسا للحكومة‬
‫و بهذه الصفة المزدوجة يمارس اختصاصات ادارية هامة ‪ ،‬فاعتبار رئيس الدولة رئيسا للحكومة‬
‫يعني أنخه الرئيس الوحيد للسلطة التنفيذية و عليه يعتبر الرئيس االداري االعلى في الدولة حيث‬
‫يملك سلطة اصدار الق اررات االدارية التنظيمية السيما الق اررات المتعلقة بحفظ النظام العمومي‬
‫و الى جانب السلطات التي يمارسها رئيس الجمهورية في الحالة العادية توجد بعض السلطات‬
‫التي هو مطالب بممارستها في الفترات االستثنائية و يميز على سبيل المثال دستور ‪ 1182‬بينها‬
‫حسب درجة خطورتها و هي حالة الطوارئ حالة الحصار الحالة االستثنائية و حالة الحرب و كل‬
‫هذه الحاالت تهدف بالضبط الى زيادة سلطات الضبط لرئيس الجمهورية ‪.‬‬
‫اما دستور ‪ 1112‬أحدث منصبا جديد على مستوى السلطة التنفيذية يتجلة في منصب‬
‫رئيس الحكومة و تجدر االشارة أن في ظل كلى الدستورين ال يوجد نص يمنح لرئيس الدولة سلطة‬
‫الضبط االداري لكن يمكن اقرارها على أساس الوظيفة التنظيمية التي يمارسها رئيس الجمهورية‬

‫‪20‬ناصر لباد‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪-‬ص‪. 121-121‬‬

‫‪ 21‬عمار بوضياف ‪،‬الوجيز في القانون االداري ‪ .‬الطبعة الثالثة‪.‬جسور للنشر و التوزيع‪ :‬الجزائر‪ .2113.‬ص‪.111‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ ،‬و الى جانب السلطات التي‬ ‫و هذا ما جاءت به المادة ‪ 113‬فقرة‪ 1‬من دستور ‪1112‬‬
‫يمارسه رئيس الجمهورية في المراحل العادية بمقتضى الوظيفة التنظيمية فان دستور سنة ‪1112‬‬
‫اعترف لرئيس الجمهورية ممارسة مهام الضبط أثناء المراحل االستثنائي حيث خول له الدستور‬
‫اتخاذ جملة من االجراءات كاإلعالن على حالة الطوارئ‪ ،‬حالة الحصار الحالة االستثنائية و حالة‬
‫الحرب و هذه الوضعيات لها نتائج ادارية هامة فمن أثرها زيادة سلطات رئيس الدولة بصورة كبيرة‬
‫تسمح له باتخاذ كل اجراء مفيد على الصعيد االداري‪. 23‬‬
‫‪ ‬الوزير االول ‪:‬‬

‫استحدث منصب رئيس الحكومة في النظام الدستوري الجزاري ألول مرة في مناسبة التعديل‬
‫الدستوري لشهر نوفمبر ‪ 1177‬والذي مس احكاما تتعلق بالسلطة التنفيذية الواردة في دستور‬
‫‪ 1182‬وتم تكريس المنصب في دستور ‪ 1171‬وثبت في دستور ‪ 1112‬وبعد التعديل الدستوري‬
‫لسنة ‪ 2117‬بموجب القانون ‪ 11-17‬مؤرخ في ‪ 12‬نوفمبر ‪ 2117‬اخذت الجزائر بنظام الوزير‬
‫االول‪ ،‬إال ان المالحظ انتفاء نص بالدستور يمنح سلطة الضبط االداري للوزير االول الذي يبقى‬
‫يمارس صالحياته المخولة له وفقا للمادة ‪ 11‬من التعديل االخير للدستور‪.24‬‬
‫‪25‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪ ‬وزير الداخلية‬

‫ان الوزير بصفة عامة ال يتمتع بالسلطة التنفيذية الن مثل هده السلطة من اختصاص رئيس‬
‫الجمهورية ورئيس الحكومة فهو ال يستطيع اتخاذ قرارات تنظيمية إال عندما يسمح القانون بدلك‬
‫فالوزراء ال يكونون اذا سلطة لممارسة الضبط االداري العام و ال يمكنهم اتخاذ ق اررات ضبطية قابلة‬
‫للتنفيذ عل مستوى أنحاء التراب الوطني إال اذا سمح لهم القانون بذلك ‪،‬تطبيقيا فان القانون يتضمن‬
‫في غالب االحوال احكاما توضح انه باستطاعة الوزراء اتخاذ الق اررات التنظيمية الضرورية لتطبيقه‬
‫لهذا فان كان وزير الداخلية يلعب دو ار مهما في السير الحقيقي لجهاز السلطة بحيث ان شرطة‬
‫الدولة يمارس وظائفها تحت سلطته عن طريق المديرية العامة لألمن الوطني في المقابل فان وزير‬

‫دستور ‪ 1112‬المعدل و المتمم بموجب القانون رقم ‪ 11/12‬المؤرخ في ‪ 22‬جمادى االولى ‪ 1138‬الموافق ل ـ‪ 12‬مارس‬ ‫‪22‬‬

‫‪ 2112‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 11‬المؤرخة في ‪ 18‬مارس ‪. 2112‬‬

‫‪23‬‬
‫ناصر لباد ‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪ 121‬ص‪ . 122‬وانظر المواد‪112‬و‪112‬و‪118‬من التعديل الدستوري‬
‫لعام‪ 2112‬السالف الذكر‪.‬‬

‫‪24‬القانون رقم ‪ 11/12‬السالف الذكر‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ناصر لباد ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬ص ص‪. 128- 122‬‬
‫الداخلية ال يستطيع اتخاذ اجراء له صفة الضبط االداري العام إال بتفويض اي بموجب نص خاص‬
‫و في هذا فانه مثله مثل أعضاء الحكومة االخرين إال انه تجب الشارة إال ن وزير الداخلية يستطيع‬
‫اتخاذ اجراء له صفة الضبط االداري العام و لكن بصفة غير مباشرة فباعتباره الرئيس السلمي للوالة‬
‫يستطيع ان يأمرهم عن طريق تعليمات التخاذ اجراء كهذا كل واحد في واليته وفقا لمقتضيات المادة‬
‫‪ 12‬من قانون الوالية ‪.26‬‬
‫‪ -‬سلطات الضبط االداري على المستوى المحلي ‪:‬‬

‫بالحفاظ على النظام العمومي على المستوى المحلي تتمثل‬ ‫ان السلطات المكلفة‬
‫في شخص الوالي على مستوى الوالية و رئيس البلدية على مستوى البلدية و هذا ما سندرجه اسفله‬
‫وفقا لما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬الوالي ‪:‬‬

‫للوالي دور كبير في القيام بالضبط االداري العام و يستمد سلطته هذه من قانون الوالية‬
‫حيث نظم القانون رقم ‪11‬ـ ‪ 11‬المؤرخ في ‪ 8‬أفريل ‪ 1181‬المتضمن قانون الوالية سلطات الوالي‬
‫باعتباره ممثال للدولة وفقا لما نصت عليه المادة ‪ 12‬فهذه السلطات تجعل من الوالي مسئوال عن‬
‫وايضا تقابلها‬ ‫‪27‬‬
‫وهذا ما اشارت اليه المادة ‪ 12‬ن قانون الوالية‬ ‫النظام العمومي في واليته‬
‫المادة‪ 111‬من القانون الوالية الجديد رقم ‪ ،2818-12‬و قد حدد المرسوم رقم ‪-73‬ـ‪ 183‬المؤرخ في‬
‫‪ 27‬ماي ‪ 1173‬سلطات الوالي في ميدان األمن و المحافظة عل النظام العمومي بصفة أدق و‬
‫من جانب اخر يمكن للوالي ان يحل محل رئيس المجلس الشعبي البلدي التخاذ االجراءات الخاصة‬
‫و‬ ‫‪29‬‬
‫للحفاظ على االمن في حاالت معينة و هذا حسب ما جاء في المادة ‪ 71‬من قانون البلدية‬

‫المادة ‪ 12‬من قانون رقم ‪ 18/12‬المؤرخ في ‪ 27‬ربيع االول ‪ 1133‬الموافق ل ‪ 21‬فيبراير ‪ 2112‬المتعلق‬ ‫‪26‬‬

‫بالوالية‪،‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 12‬المؤرخة في ‪ 2112/2/ 21‬و التي تنص ‪ " :‬الوالي هو ممثل الدولة و مندوب الحكومة على‬
‫مستوى الوالية و ينفذ ق اررات الحكومة زياد على التعليمات التي يتلقاها من كل وزير من الوزراء و لكن تحت سلطته "‬

‫المادة ‪ 12‬من قانون رقم ‪ 18/12‬المؤرخ في ‪ 27‬ربيع االول ‪ 1133‬الموافق ل ‪ 21‬فيبراير ‪ 2112‬المتعلق‬ ‫‪27‬‬

‫بالوالية‪.‬المشور بالجريدة الرسمية رقم ‪ 12‬المؤرخة في ‪ 2112/2/ 21‬و التي تنص ‪" :‬الوالي مسئول عن المحافظة على‬
‫و السالمة و السكينة العامة ''‬ ‫النظام و االمن‬

‫‪-28‬المؤرخ في ‪ 2112/12/21‬الجريدة الرسمية عدد‪ 12‬المؤرخة في‪.2112/12/21‬‬

‫‪29‬تنص المادة‪ 71‬من قانون رقم ‪ 11/11‬المؤرخ في ‪ 21‬رجب ‪ 1132‬الموافق لـ ‪ 22‬يونيو ‪ 2111‬يتعلق بالبلدية ‪.‬المنشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 38‬المؤرخة في ‪ '' : 2111/8/3‬يمكن للوالي ان يتخذ كل االجراءات الخاصة للحفاظ على االمن‬
‫باإلضافة الى سلطات الضبط االداري العام فان الوالي يمارس كذلك سلطات الضبط االداري‬
‫الخاص ومن أجل الحفاظ على النظام العمومي يملك الوالي امتيازات السلطة العمومية ومن بين‬
‫هذه االمتيازات امكانية استعمال القوة المادية إلجبار األفراد على تنفيذ التنظيمات بحيث توضع‬
‫تحت تصرف الوالي من اجل قيامه بمسؤوليته المحافظة على النظام العمومي في الوالية كافة‬
‫‪30‬‬
‫مصالح االمن‬
‫‪ ‬رئيس المجلس الشعبي البلدي ‪:‬‬

‫يعتبر رئيس البلدية السلطة األساسية التي تمارس الضبط االداري العام في البلدية و‬
‫يسهر رئيس المجلس الشعبي البلدي على المحافظة على النظام العمومي بعناصره الثالث ‪،‬االمن‬
‫العومي السكينة العمومية و الصحة العمومية ‪ ،‬و طبقا لقانون البلدية يمارس رئيس البلدية باعتباره‬
‫ممثال لدولة جملة من الصالحيات ذات العالقة بالنظام العمومي و هذا ما تشير اليه المواد ‪21‬‬
‫من قانون البلدية ‪.‬‬ ‫‪31‬‬
‫‪82،‬‬
‫و تجدر االشارة الى ان المرسوم رقم ‪ 228-71‬المؤرخ في ‪ 11‬اكتوبر ‪ 1171‬المتعلق‬
‫بصالحيات المجلس الشعبي البلدي في ما يخص الطرق و الصحة و السكينة السالف الذكر قد‬
‫حدد بصفة ادق سلطات رئيس البلدية في ميدان األمن و المحافظة على النظام العمومي ‪.‬‬
‫كما تجدر االشارة ان رئيس البلدية يمارس كذلك سلطات الضبط االداري الخاص و للقيام بمهامه‬
‫للحفاظ على النظام العام فان رئيس البلدية يتصرف في الشرطة البلدية التي تمارس اختصاصها‬
‫تحت سلطته و بمساعدة االجهزة االمنية االخرى في حالة الضرورة ‪.32.‬‬
‫ثانيا ‪ .‬الضبط القضائي ‪:‬‬

‫و السالمة العموميين بالنسبة لجميع بلديات الوالية او جزء منها عندما ال تقوم السلطات البلدية بذلك يمكن للوالي ان يمارس‬
‫هذا الحق باستثناء الحاالت االستعجالية في البلدية الواحدة إال بعد انتهاء االجل المحدد في االنذار الموجه الى رئيس المجلي‬
‫الشعبي المعني و بقائه بدون نتيجة ''‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫ناصر لباد‪ .‬مرجع السابق‪ .‬ص‪ ،122‬ص‪. 128‬‬

‫تنص المادة ‪ 21‬من قانون البلدية رقم ‪ 11/11‬المؤرخ في ‪ 21‬رجب ‪ 1132‬اموافق ل ‪ 22‬يونيو ‪ 2111‬يتعلق بالبلدية‬ ‫‪31‬‬

‫الجريدة الرسمية ‪ 38‬المؤرخة في ‪ '' : 2111/8/3‬يتولى رئيس المجلس الشعبي البلدي تحت سلطة الوالي ما يلي ‪ :‬نشر‬
‫و تنفيذ القوانين و التنظيمات عبر تراب البلدية‪ ،‬ـ السهر على حسن النظام و المن العمومي و على النظافة العمومية '' المادة‬
‫و حريتهم على‬ ‫‪ '' : 82‬يتولى رئيس المجلس الشعبي البلدي في اطار أحكام المادة السابقة و احتراما لحقوق المواطينين‬
‫الخصوص ما يأتي ‪ :‬ـ المحافظة على النظام العمومي و سالمة االشخاص‪''...‬‬

‫قانون البلدية رقم ‪. 11/11‬المؤرخ في ‪ 21‬رجب عام ‪ 1132‬الموافق لـ ‪ 22‬يونيو ‪. 2111‬المشور بالجريدة الرسمية رقم‬ ‫‪32‬‬

‫‪ 38‬الصادرة في ‪ 3‬جويلية ‪. 2111‬ص‪.18‬‬


‫لقد أطلق المشرع على القائمين بمهمة الضبط القضائي تسمية ضباط الشرطة القضائية‬
‫و األعوان و الموظفين المكلفين ببعض مهام الضبط وفقا لما نصت عليه المادة ‪ 12‬من قانون‬
‫االجراءات الجزائية‪ ،‬فيباشرون مهمة البحث و التحري عن الجرائم و مرتكبيها تحت رقابة النيابة‬
‫‪33‬‬
‫العامة و غرفة االتهام‪.‬‬
‫و بهذا يكون قانون االجراءات الجزائية قد حدد صالحيات جهاز الضبطية القضائية‬
‫و حدود اختصاصها فبين لنا العناصر الذين تثبتت لهم صفة الضبطية القضائية من خالل ما جاء‬
‫في المادة ‪ 11‬من قانون االجراءات الجزائية و باستقرائنا لهذه المادة نالحظ ان الضبط القضائي‬
‫يشمل على ضباط الشرطة القضائية أعوان الضبط القضائي ‪ ،‬الموظفون و االعوان المنوط بهم‬
‫بعض مهام الضبط القضائي ‪ ،‬و عليه وفقا لما سبق سوف نتطرق لعناصر الضبطية القضائية‬
‫الى جانب التطرق الى اختصاصات عناصر الضبطية القضائية (‪ )2‬وفقا لما يلي ‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫‪ .1‬عناصر الضبطية القضائية ‪:34‬‬

‫تتمثل عناصر الضبطية القضائية وفقا لقانون االجراءات الجزائية في ضباط الشرطة‬
‫القضائية(أ) أعوان الضبط القضائي(ب) ‪ ،‬الموظفون و االعوان المنوط بهم بعض مهام الضبط‬
‫القضائي(ج)‪.‬‬
‫أ‪ .‬ضباط الشرطة القضائية ‪:‬‬

‫جاءت المادة ‪ 12‬من قانون االجراءات الجزائية لتحدد االشخاص الذين يتمتعون بصفة ضباط‬
‫الشرطة القضائية حيث نصت على أنه يتمتع بصفة ضابط الشرطة القضائية ‪:‬‬
‫‪ ‬رؤساء المجالس الشعبية البلدية‬
‫‪ ‬ضباط الدرك الوطني‬
‫‪ ‬محافظو الشرطة‬
‫‪ ‬ضباط الشرطة‬

‫‪33‬‬
‫االمر رقم ‪ 122-22‬السالف الذكر ولالستزادة اكثر راجع‪:‬‬
‫حسين طاهري‪.‬الوجيز في شرح قانون االجراءات الجزائية ‪،‬الطبعة الثانية‪.‬دار الدمحمية العامة‪:‬الجزائر‪.1111 .‬ص‪. 23‬‬
‫‪ 34‬المادة ‪ 12،11،21‬من االمر رقم ‪ 12/ 12‬المؤرخ في ‪ 8‬شوال ‪ 1132‬الموافق لـ ‪ 23‬يوليو ‪ 2112‬يعدل و يتمم‬
‫االمر رقم ‪ 122/22‬المؤرخ في ‪ 17‬سفر ‪ 1372‬الموافق ل ‪ 7‬يوليو‪ 1122‬المتضمن قانون االجراءات الجزائية ‪ .‬الجريدة‬
‫الرسمية رقم ‪ 11‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬يوليو ‪.2112‬‬
‫‪ ‬ذو الرتب في الدرك و رجال الدرك الذين أمضوا في سلك الدرك ‪ 3‬سنوات على األقل‬
‫و الذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر على وزير العدل و وزير الدفاع‬
‫الوطي‪،‬بعد موافقة لجنة خاصة‬
‫‪ ‬مفتشو االمن الوطني الذين قضوا في خدمتهم بهذه الصفة ‪ 3‬سنوات عى االقل و عين از‬
‫بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل و وزير الدفاع و الجماعات المحلية بعد‬
‫موافقة لجنة خاصة‬
‫‪ ‬ضباط و ضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية لألمن للذين تم تعيينهم خصيصا‬
‫بموجب قرار مشترك صادر بين وزير الدفاع و وزير العدل‪.‬‬

‫حيث نشير الى ان المشرع أضاف لفئة من الموظفين صفة ضابط الشرطة القضائية بموجب‬
‫القانون ‪ 21-11‬المعدل و المتمم لقانون ‪ 12-71‬المتضمن النظام العام للغابات منح لهم بموجب‬
‫المادة ‪ 22‬مكرر ضفة ضابط الشرطة القضائية للضباط المرسمين التابعين للهيأة الخاصة إلدارة‬
‫الغابات المعينين بقرار مشترك بين وزير العدل و الوزير المكلف بالغابات الى ان اختصاص هذه‬
‫الفئة محصورة في البحث التحري عن الجرائم المرتكبة باالخالل بالنظام العام و كل التنظيمات‬
‫‪35‬‬
‫التي نصت على اختصاصها‪.‬‬
‫ب‪ .‬أعوان الضبطية القضائية‬

‫هم العناصر الذين ليست لهم صفة ضابط شرطة قضائية و يالحظ تعداد طائفة اعوان‬
‫الضبطية القضائية قد اختلف بعد صدور األمر رقم ‪ 11 -12‬على ما كان عليه قبل هذا النص‬
‫فبعد تعديل قانون االجراءات الجزائية بموجب االمر التشريعي رقم ‪ 11 - 12‬فعدلت المادة ‪11‬‬
‫منه التي نصت بأنه يعد من أعوان الضبط القضائي موظفو مصالح الشرطة و ذو الرتب في الدرك‬
‫الوطني و رجال الدرك و مستخدمو مصالح االمن العسكري الذين ليست لهم صفة ضابط شرطة‬
‫قضائية و يالحظ من ذلك بأنه لم يرد ذكر ذوي الرتب في الشرطة البلدية مما يعني ان هذه الفئة‬
‫‪36‬‬
‫لم تعد تتمتع بصفة عون ضبطية قضائية‪.‬‬
‫ت‪ .‬االعوان و الموظفون المكلفون ببعض مهام الضبط القضائي‬

‫‪35‬‬
‫دمحم ارزقي سي الحاج‪.‬ممارسة صالحيات الضبطية القضائية من طرف موظفي ادارة الغابات‪ .‬الملتقى الجهوي حول‬
‫الحماية و المحافظة على الثروة الغابية الوطنية عبر الوسائل القانونية‪.‬ص‪. 31‬‬
‫‪36‬‬
‫‪. 23‬‬ ‫حسين طاهري‪ .‬مرجع سابق‪.‬ص‬
‫منح المشرع الجزائري في قانون االجراءات الجزائية صفة عون الضبطية القضائية لصفة‬
‫من الموظفين و األعوان االداريين في الدولة فمكنهم من ممارسة بعض مهام الضبط و وفقا لما‬
‫هو مقرر قانونا فهناك فئات نظمها قانون االجراءات الجزائية نفسه و فئات اخرى أحال تحديدها‬
‫‪37‬‬
‫لقوانين خاصة‪:‬‬
‫‪ -‬األعوان و الموظفون المحددون في قانون االجراءات الجزائية ‪:‬‬
‫‪ ‬مستخدمو الهيأة التقنية الغابية ‪:‬‬

‫يتمتع االعوان و الموظفون المختصون في الغابات وحماية االراضي ة استصالحها بصفة‬


‫أعوان الضبطية القضائية‪ ،‬و قد خولهم القانون صالحية ممارسة مهام الضبط القضائي في حدود‬
‫معينة نظمها القانون نفسه فنصت المادة ‪ 21‬من قانون االجراءات الجزائية علة أنه ‪( :‬يقوم رؤساء‬
‫االقسام و المهندسون و االعوان الفنيون و التقنيون المختصون في الغابات و حماية االراضي‬
‫و استصالحها بالبحث و التحري و معاينة جنح و مخالفات قانون الغابات و تشريع الصيد و نظام‬
‫السير و جميع االنظمة التي عينوا فيها بصفة خاصة و اثباتها في المحاضر ضمن الشروط‬
‫المحددة في النصوص الخاصة وفقا لما ورد في نص المادة يتشكل هذا السلك من الموظفين‬
‫و االعوان التاليين ‪:‬‬
‫‪ -‬رؤساء االقسام‬
‫‪ -‬المهندسون و مهندسو االشغال‬
‫‪ -‬األعوان و الفنيون المختصون في حماية االراضي و الغابات و استصالحها‬
‫‪ ‬فئات الوالة ‪:‬‬

‫أضفى قانون االجراءات الجزائية صفة الضبطية القضائية على والة الواليات في مجاالت‬
‫محددة بجرائم معينة توصف بأنها جناية أو جنحة ضد أمن الدولة و كذا حالة االستعجال اذا وصل‬
‫لعلمهم ان السلطات القانونية المختصة لم تخطر بالحادث‪،‬فيقع عليهم اتخاذ االجراءات الضرورية‬
‫إلثبات الجريمة المرتكبة اما بأنفسهم او يكلفون ضابط من ضباط الشرطة القضائية ليقوم بذلك‬
‫الى أن سلطة الوالي في مجال الضبط القضائي جوازية أي انها ليست وجوبية و هذا طبقا لما‬
‫‪.‬‬ ‫‪38‬‬
‫نصت عليه المادة ‪ 1/27‬من قانون االجراءات الجزائية‬

‫‪37‬‬
‫نصر الدين هنوني ‪.‬الضبطية القضائية في القانون الجزائري ‪.‬دار هوما ‪:‬الجزائر ‪. 3002.‬ص ‪00‬‬
‫‪38‬‬
‫تنص المادة ‪ 1/ 27‬من االمر رقم ‪ 12/ 12‬المؤرخ في ‪ 8‬شوال ‪ 1132‬الموافق لـ ‪ 23‬يوليو ‪ 2112‬يعدل و يتمم االمر‬
‫رقم ‪ 122/22‬المؤرخ في ‪ 17‬سفر ‪ 1372‬الموافق ل ‪ 7‬يوليو‪ 1122‬المتضمن قانون االجراءات الجزائية ‪ .‬الجريدة الرسمية‬
‫رقم ‪ . 11‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬يوليو ‪ .2112‬على‪ " :‬يجوز لكل والي في حالة وقوع جناية او جنحة ضد امن الدولة و عند‬
‫‪ -‬االعوان و الموظفون المحددون في قوانين خاصة ‪:‬‬

‫منح المشرع صفة عون في الضبطية القضائية لموظفي وأعوان االدارات و المصالح‬
‫العمومية بموجب نصوص خاصة وهذا بالنظر لحاجة كل قطاع إلضفاء هذه الصفة على عناصره‬
‫و هذا ما أكدته المادة ‪ 28‬من قانون االجراءات الجزائية‪ ،39‬هذا و قد تكلفت تلك القوانين الخاصة‬
‫بإضفاء هذه الصفة على أعوانها و موظفيها فتولت تحديد اختصاصاتهم و هم على التوالي ‪:‬‬
‫‪ ‬مفتشو العمل ‪:‬‬

‫اقر القانون لمفتشي العمل اختصاصا ضبطيا بالبحث و التحري عن الجرائم التي ترتكب‬
‫و تشكل انتهاكا لتشريعات العمل فمنح لهم صفة عون الضبطية القضائية وفقا لما تضمنته المادة‬
‫من القانون رقم ‪ 13-11‬المؤرخ في ‪ 12‬فيفري ‪ 1111‬المتعلق باختصاصات مفتشية‬ ‫‪11‬‬
‫العمل‪.40‬‬
‫‪ ‬اعوان الجمارك ‪:‬‬

‫نالحظ ان المشرع قد وسع‬ ‫‪41‬‬


‫انه و بالرجوع الى نص المادة ‪ 211‬من قانون الجمارك‬
‫من دائرة االشخاص المسموح لهم بمكافحة الجرائم الجمركية و هذا راجع للصعوبات التي تعترض‬
‫ا دالرة الجمارك للتصدي لهذا النوع من الجرائم من جهة و تطور الوسائل و التقنيات التي يستعملها‬

‫االستعجال فحسب‪،‬ان لم يكن قد وصل الى علمه ا ن السلطة القضائية قد اخطرت بالحادث ان يقوم بنفسه باتخاذ جميع‬
‫االجراءات الضرورية الثبات الجنايات و الجنح الموضحة انفا او يكلف بذلك كتابة ضباط الشرطة المختصين "‬
‫‪39‬‬
‫تنص المادة ‪ 28‬االمر رقم ‪ 12/ 12‬المؤرخ في ‪ 8‬شوال ‪ 1132‬الموافق لـ ‪ 23‬يوليو ‪ 2112‬يعدل و يتمم االمر رقم‬
‫‪ 122/22‬المؤرخ في ‪ 17‬سفر ‪ 1372‬الموافق ل ‪ 7‬يوليو‪ 1122‬المتضمن قانون االجراءات الجزائية ‪ .‬الجريدة الرسمية رقم‬
‫‪ . 11‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬يوليو ‪ .2112‬على ‪ ":‬يباشر الموظفون و أعوان االدارات و المصالح العمومية بعض سلطات‬
‫الضبط القضائي التي تناط بهم بموجب قوانين خاصة وفق االوضاع و في الحدود المبينة بتلك القوانين "‬
‫‪40‬القانون رقم ‪ 13-11‬المؤرخ في ‪ 12‬فيفري ‪ .1111‬المتعلق باختصاصات مفتشية العمل‪.‬الجريدة الرسمية‪.‬العدد‪. 12‬‬
‫‪18‬فيفري ‪. 1111‬‬
‫تنص المادة ‪ 211‬من قانون الجمارك ‪.‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 32‬المؤرخة في ‪ 18‬يونيو ‪ " : 2111‬يمكن اعوان الجمارك‬ ‫‪41‬‬

‫و ضباط الشرطة القضائية و اعوانها المنصوص عليهم في قانون االجراءات الجزائية و أعوان مصلحة الضرائب ‪،‬و اعوان‬
‫المصلحة الوطنية لحراس الشواطئ و كذا االعوان المكلفين بالتحريات االقتصادية و المنافسة و االسعار و الجودة و قمع‬
‫الغش‪ ،‬ان يقوموا بمعاينة المخالفات الجمركية و ضبطها‪"...‬‬
‫المهربون من جهة اخرى‪ ،42‬إال ان البحث عن الجرائم التي تمس باقتصاد البالد ‪،‬تجارته‪،‬تراثه‬
‫‪43‬‬
‫هو من اختصاص ادارة الجمارك و موظفيها بالدرجة االولى‪.‬‬

‫‪ ‬اعوان الصحة النباتية ‪:‬‬

‫اختصاص اعوان الصحة النباتية‬ ‫‪44‬‬


‫أقر القانون رقم ‪ 18-78‬المؤرخ في ‪ 11‬أوت ‪1178‬‬
‫بالتحري عن المخالفات التي تتعارض و احكام هذا القانون او النصوص التطبيقية له ‪.‬‬
‫‪ ‬اعوان شرطة المياه ‪:‬‬

‫انه تم استحداث جهاز اطلق عليه شرطة المياه‪،45‬خول لعناصره البحث و التحري في جرائم‬
‫المياه كون ان هذا النوع من الجرائم يتطلب ان يكون القائم بها على قدر كامل من التأهيل الفني‬
‫و الخبرة العلمية ليتمكن من ضبط و اثبات هذه الجرائم و ذلك وفقا لقانون المياه ‪،46‬و بالرجوع‬
‫‪47‬‬
‫و هم ‪:‬‬ ‫للمرسوم التنفيذي رقم ‪ 313-17‬نجده قد حدد اعوان شرطة المياه‬
‫‪ -‬مستخدمو الري‬
‫‪ -‬مستخدمو استغالل مساحات الري‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬اختصاصات الشرطة‬


‫حيث نميز هنا بين اساليب سلطة الضبط االداري(الفرع االول) واختصاصات الضبطية‬
‫القضائية(الفرع الثاني ) و فقا لما يلي ‪:‬‬

‫سعيد يوسف دمحم سعيد‪.‬وجها الجريمة الجمركية االداري و القضائي ‪.‬رسالة لنيل شهادة دكتوراه دولة ‪.‬جامعة االخوة منتوري‬ ‫‪42‬‬

‫قسنطينة‪.‬كلية الحقوق‪.1111.‬ص‪،‬ص ‪.112 ،112‬‬


‫‪43‬‬
‫ليندة بودودة ‪.‬دور ادارة الجمارك في متابعة الجرائم الجمركية ‪ .‬مذكرة تخرج لنيل اجازة المعهد الوطني للقضاء‪.‬المدرسة‬
‫العليا للقضاء ‪. 2111 .‬ص‪.7‬‬
‫القانون رقم ‪ 18-78‬المؤرخ في ‪ 11‬أوت المعدل و المتمم بموجب المرسوم التنفيذي رقم ‪ 117-17‬المؤرخ في ‪ 2‬يويو‬ ‫‪44‬‬

‫‪ 2117‬الذي يتضمن القنون االساسي الخاص بالموظفين المنتمين الى االسالك الخاصة بسلطة الصحة النباتية‪.‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ .‬عدد ‪ .37‬الصادرة بتاريخ ‪ 1‬يوليو ‪. 2117‬‬
‫شرطة المياه اشخاص يؤهلهم القانون للبحث عن مخالفات احكام قانون المياه و يعينون بموجب قرار وزاري ‪،‬راجع في ذلك‬ ‫‪45‬‬

‫‪ :‬راضية بودية ‪.‬الوسائل القانونية و المؤسساتية لحماية الموارد المائية في التشريع الجزائري ‪،‬مذكرة لنيل شهادة الماجستير‬
‫في القانون العقاري الزراعي ‪ .‬ص ‪.11‬‬
‫قانون رقم ‪ 12-12‬المؤرخ في ‪ 11‬اوت ‪ 2112‬المعدل و المتمم لألمر رقم ‪ 13-12‬مؤرخ في ‪ 27‬محرم عام ‪1118‬‬ ‫‪46‬‬

‫المـوافـق ‪ 12‬يونـيو سنة ‪ ,1112‬يعدل ويتمم القانون رقم ‪ 18-73‬المـؤرخ فـي ‪ 22‬ربـيع الـثـانـي عـام ‪ 1113‬الموافق ‪ 12‬يوليو‬
‫سنة ‪ 1173‬والمتضمن قانون المياه‪.‬‬
‫المرسوم التنفيذي رقم ‪ 317-17‬المؤرخ في ‪ . 1117 /11/18‬المتضمن شروط وكيفيات تطبيق المادة ‪ 113‬من قانون‬ ‫‪47‬‬

‫المياه ‪،‬جريدة الرسمية رقم ‪ .73‬المؤرخة في ‪. 1117/11/7‬‬


‫الفرع االول‪ .‬اساليب الضبط االداري‪:48‬‬
‫و تتمثل في ‪ :‬اللوائح ‪ ،‬ق اررات الضبط الفردية ‪ ،‬الجزاء االداري الوقائي التنفيذ الجبري‬
‫لق اررات الضبط الداري ‪.‬‬
‫‪ -‬اللوائح ‪:‬‬

‫تعتبر اللوائح اهم اساليب الضبط االداري وأبر مظاهر للممارسة سلطة الضبط االداري فعن‬
‫طريقها تضع هيئات الضبط االداري قواعد عامة مجردة تقيد بها أوجه النشاط الفردي من أجل‬
‫صيانة النظام العام في المجتمع ‪ ،‬و هي بذلك تمس حقوق األفراد و تقيد حرياتهم بالضرورة ألنها‬
‫تتضمن االوامر و النواهي و تقرر في الغاب عقوبات توقع على مخالفيها‪.‬‬
‫و يعد التنظيم الالئحي في مجال الضبط ضروري ذلك ان القانون قد يعجز ان يضبط الحريات‬
‫العامة ضبطا مفصال و ذلك بترتيبها و تنسيق تنظيمها ‪ ،‬كما يفعل التنظيم الالئحي الضابط‬
‫و الذي يتميز بالمرونة و المالئمة و القابلية للتغيير طبقا لمقتضيات الزمان و المكان و من ثم‬
‫كان التنظيم الالئحي الضابط ضرورة يكتمل بها التشريع عند االقتضاء‪.‬‬
‫‪ -‬ق اررات الضبط الفردية‬

‫تتم ممارسة سلطة الض بط أيضا عن طريق اصدار ق اررات الضبط الفردية و نجد أن نشاط‬
‫الضبط االداري يتحول كله او يكاد الى هذه الق اررات و االصل ان تصدر ق اررات الضبط الفردية‬
‫الى قاعدة تنظيمية عامة سواء في قانون او الئحة ‪ ،‬غير أنه قد تصدر تلك الق اررات في‬ ‫مسندة‬
‫أحوال خاصة و شروط معينة غير مستندة الى قاعدة تنظيمية عامة هذا و لقد وضع الفقه‬
‫و القضاء للعديد من الشروط و الضوابط الواجب توافرها في ق اررات الضبط الفردية تأكيدا‬
‫لمشروعيتها ‪.‬‬
‫‪ -‬الجزاء االداري الوقائي ‪:‬‬

‫يعتبر أسلوب من أساليب الضبط تقوم به هيئات الضبط من ـأجل صيانة النظام العام في أحد‬
‫نواحيه فهو بذلك اجراء وقائي تهدف االدارة به اتقاء خطر االخالل بالنظام العام لعدم اتاحة‬
‫الفرصة لمصدر التهديد للتمكن من احداث الضرر بذلك فهو ال ينطوي على معنى العقاب و هو‬
‫غالبا ما يمس المصالح األدبية للشخص المخالف لذلك فهو اجراء شديد الوطء على الحريات لذا‬
‫فال يجوز لهيئة الضبط ان تتخذه دون سند من نصوص القانون ‪ ،‬هذا و قد يختلط الجزاء االداري‬
‫بغيره من أنواع الجزاءات االخرى كالجنائية و المدنية و التأديبية ‪.‬‬
‫‪ -‬التنفيذ الجبري لق اررات الضبط االداري‬

‫‪48‬‬
‫عادل السعيد دمحم ابو الخير‪ .‬مرجع سابق‪.‬ص ‪. 211‬‬
‫تعتبر هذه الوسيلة من أشد أساليب الضبط االداري و أكثرها عنفا و بالتالي فهي أكثرها تهديدا‬
‫لحريات االفراد و ذلك بما تتضمنه من أساليب القهر و القوة ‪ ،‬ففي هذه الوسيلة ال تقوم هيأة‬
‫الضبط بعمل قانوني ‪ ،‬بل تقوم بعمل مادي يتمثل في استخدام القوة الجبرية ‪ ،‬من أجل ارغام‬
‫االفراد على االمتثال للوائح و ق اررات الضبط حماية للنظام العام ‪ ،‬و يعتبر التنفيذ الجبري لقارات‬
‫‪49‬‬
‫الضبط االداري تطبيق خاص للنظرية العامة للتنفيذ المباشر للق اررات االدارية و هي تلك النظرية‬
‫التي تعطي لإلدارة الحق في تنفيذ ق ارراتها االدارية تنفيذا مباش ار بالقوة الجبيرة دو حاجة للجوء‬
‫الى القضاء للحصول منه على اذن مسبق للتنفيذ ‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪:‬اختصاصات عناصر الضبطية القضائية ‪:50‬‬
‫يتمتع عناصر الضبطية القضائية بصالحيات تخولهم البحث‪،‬التحري عن الجرائم‬
‫و مرتكبيها ثم تحرير محاضر تثبت ما قاموا به من أعمال فيكون اختصاصهم عاما يشمل جميع‬
‫انواع الجرائم وتارة خاصا بفئة معينة في جرائم معينة تولى القانون تحديدها على سبيل الحصر‬
‫الى جانب االختصاصات االستثنائية و هذا ما سنتطرق اليه على التوالي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬االختصاص العام لعناصر الضبطية القضائية ‪:‬‬

‫يباشر الضباط المحددون في المادة ‪ 12‬في فقراتها من ‪ 1‬الى ‪ 2‬من قانون االجراءات‬
‫الجزائية اختصاصا عاما بالبحث ‪ ،‬التحري عن الجرائم و مرتكبيها و يساعدهم في ذلك األعوان‬
‫المحددون في المادتين ‪ 11‬و ‪ 21‬من قانون االجراءات الجزائية ‪51‬دون تقيدهم بنوع معين‬
‫من الجرائم فالقانون لم يدكر االجراءات التي يباشرونها أثناء البحث و التحري على سبيا الحصر‬
‫بل منحهم سلطة لمباشرة بعض الصالحيات التي من شأنها الكشف عن الجريمة و مرتكبها و هذا‬
‫من خالل المواد ‪ 12،13،18،17‬من قانون االجراءات الجزائية و ألزمهم بجملة من الواجبات من‬
‫أجل تحقيق الهدف المرجو‪ ،‬ولكي يقوم عناصر الضبطبة القضائية للكشف عن الجرائم و مرتكبيها‬
‫سمح لهم القانون بمباشرة جملة من الصالحيات نوجزها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬لضباط الشرطة القضائية سلطة تلقي البالغات و الشكاوى من المواطنين في مراكزهم‬
‫المعتادة‬
‫‪ -‬االنتقال الى أماكن الجريمة لمعاينتها و التحري على مالبساتها بعد اخطار و كيل‬
‫الجمهورية‬

‫‪ 49‬سليمان دمحم الطماوي ‪ .‬النظرية العامة للق اررات االدارية ‪.‬الطبعة الخامسة ‪.‬دار الفكر العربي‪ :‬القاهرة‪. 1173.‬ص ‪283‬‬
‫‪50‬‬
‫نصر الدين هنوني ‪.‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪. 52،54‬‬
‫االمر رقم ‪ 12/ 12‬المؤرخ في ‪ 8‬شوال ‪ 1132‬الموافق لـ ‪ 23‬يوليو ‪ 2112‬يعدل و يتمم االمر رقم ‪ 122/22‬المؤرخ في ‪ 17‬سفر‬
‫‪51‬‬

‫‪ 1372‬الموافق ل ‪ 7‬يوليو‪ .1122‬المتضمن قانون االجراءات الجزائية‪.‬‬


‫‪ -‬جمع االستدالالت بغرض الوصول للحقيقة فيكون هذا بالتحري عن صدق البالغات‬
‫التي وصلته‬
‫‪ -‬سماع أقوال الشهود و المشتبه فيهم‬
‫‪ -‬توقيف االشخاص للنظر لمدة ال تتجاوز ‪ 17‬ساعة و لهم سلطة االمر بعدم مبارحة‬
‫االشخاص سلطة الجريمة قبل انتهاء االجراءات وفقا للمادة ‪ 21‬من قانون االجراءات‬
‫الجزائية‬
‫‪ -‬تنفيذ تفويضات جهات التحقيق و تلبية طلباتهم بعد تحريك الدعوى العمومية‬
‫‪ -‬تنفيذ تصخيرات الوالي اذا تعلق االمر بجناية أو جنحة ماسة بأمن الدولة طبقا للمادة‬
‫‪ 27‬من قانون االجراءات الجزائية‬
‫‪52‬‬
‫ب ‪ -‬االختصاص الخاص لعناصر الضبطية القضائية ‪:‬‬
‫يباشر الضباط المحددون في المادة ‪ 12‬فقرة ‪ 8‬من قانون االجراءات الجزائية و الموظفون‬
‫اختصاصا‬ ‫‪53‬‬
‫و االعوان المنصوص عليهم وفقا للمواد ‪ 21،28،27‬من قانون االجراءات الجزائية‬
‫خاصا‪ ،‬فإذا كان المشرع قد تكلم عن االختصاص النوعي عن الموظفين و االعوان المكلفين‬
‫ببعض مهام الضبط إال انه لم يتكلم او يبين اختصاص مصالح األمن العسكري باعتبارهم فرعا‬
‫من النظومة العسكرية الى جانب توسيع دائرة اختصاصهم ليشمل كامل التراب الوطني لهذا نعتقد‬
‫ان اختصاصهم النوعي ورد خاصا في حدود جرائم معينة طبقا لما ورد في المادة ‪ 21‬من قانون‬
‫العقوبات و ما يليها ‪ ،‬المتعلقة بالجرائم الماسة بأمن الدولة ‪ ،‬الجرائم الماسة باالقتصاد الوطني‬
‫اضافة الى الجرائم المنصوص عليها ضمن قانون القضاء العسكري بموجب االمر رقم ‪21-81‬‬
‫‪ ،‬اما عن الموظفين و االعوان المكلفين ببعض مهام الضبط‬ ‫‪54‬‬
‫المتضمن قانون القضاء العسكري‬
‫القضائي فقد منح لهم القانون اختصاصا خاصا بالبحث و التحري عن الجرائم اتي تشكل مخالفة‬
‫في القوانين الخاصة التي منحت لهم هذه الصفة او في حدود الجرائم التي نص عليها قانون‬
‫االجراءات الجزائي فهي جرائم مرتبطة بوظائفهم فقط ‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫عبد هللاا اوهايبية ‪.‬مرجع سابق‪.‬ص‪،‬ص‪.118،117‬‬
‫‪53‬‬
‫االمر رقم ‪ 12/ 12‬المؤرخ في ‪ 8‬شوال ‪ 1132‬الموافق لـ ‪ 23‬يوليو ‪ 2112‬يعدل و يتمم االمر رقم ‪ 122/22‬المؤرخ‬
‫في ‪ 17‬سفر ‪ 1372‬الموافق ل ‪ 7‬يوليو‪ 1122‬المتضمن قانون االجراءات الجزائية‪.‬‬
‫االمر رقم ‪ 27/81‬المؤرخ في ‪ 22‬صفر ‪ 1311‬الموافق لـ ‪ 22‬افريل ‪ 1181‬المتضمن قانون القضاء العسكري الجريدة‬ ‫‪54‬‬

‫المؤرخة في ‪.‬‬ ‫الرسمية عدد‬


‫ج ‪ -‬االختصاصات االستثنائية لعناصر الضبطية القضائية ‪:55‬‬
‫ينحصر اختصاص عناصر الضبطية القضائية كأصل عام في البحث و التحري‬
‫عن الجرائم و مرتكبيها فهي بذلك مجرد اجراءات استثنائية النها ال تمس حقوق االفراد‬
‫و حريتهم إال انه قد يناط لضباط الشرطة القضائية مباشرة بعض اجراءات التحقيق على سبيل‬
‫االستثناء في ثالث(‪ )3‬حاالت حالة التلبس ‪ ،‬حالة اعتراض المراسالت ‪ ،‬تسجيل االصوات التقاط‬
‫الصور و التسرب حالة االنابة القضائية و هي موضحة على التوالي ‪:‬‬
‫‪ ‬سلطات ضباط الشرطة القضائي في حالة التلبس ‪:‬‬

‫يختص ضباط الشرطة القضائية بجمع االستدالت‪،‬إال انه هناك حاالن استثنائية تفرض‬
‫عليهم مباشرة بعض اجراءات التحقيق التي هي من اختصاص قضاة التحقيق في االصل‬
‫و من هذه الحاالت لدينا حالة التلبس باعتبارها قرينة قضائية قاطعة على وقوع الجريمة فمنحهم‬
‫المشرع هذه السلطة خوفا على االدلة من الضياع‪،‬اذ يباشر ضباط الشرطة القضائية مجموعة‬
‫من األعمال اذا تعلق االمر بحالة من حاالت التلبس الواردة في المادة ‪ 11‬من قانون االجراءات‬
‫الجزائية ‪.‬‬
‫‪ ‬سلطات ضباط الشرطة القضائي في حالتي اعتراض المراسالت‪،‬تسجيل المكالمات‬

‫المشرع الجزائري بموجب القانون رقم ‪ 22-12‬المعدل و المتمم لقانون‬ ‫لقد تطرق‬
‫لضباط الشرطة‬ ‫االجراءات الجزائية الى سلطة اعتراض المراسالت وتسجيل المكالمات فمنح‬
‫القضائية رخصة القيام بجملة من االعمال اذا اقتضت ضرورات التحري في الجرائم المتلبس بها‬
‫بموجب اذن من وكيل الجمهورية المختص وبموجب اذن من قاضي التحقيق و تتمثل في اعتراض‬
‫المراسالت التي تتم عن طريق وسائل االتصال السلكية و الالسلكية ‪ ،‬اجراء ترتيبات تقنية من أجل‬
‫و تثبيت بث و تسجيل الكالم المتفوه به من قبل االشخاص في أماكن عامة أو خاصة‬ ‫التقاط‬
‫و التقاط الصور لشخص أو أشخاص دو موافقة المعنيين باألمر‪.‬‬

‫‪ ‬سلطات ضباط الشرطة القضائي في حالة التسرب ‪:‬‬

‫لقد أجاز المشرع ضباط الشرطة القضائية و أعوانهم القيام بأعمال التسرب اذا دعت‬
‫مقتضيات التحقيق ذلك ‪،‬فيباشر عضو الضبطية القضائية مهامه من أجل الكشف عن مالبسات‬
‫الجريمة و يترتب عن ذلك جواز سماع ضابط الشرطة القضائية دون غيره عن العملية التي أجراها‬

‫عمر خوري ‪.‬الوجيز في شرح قانون االجراءات الجزائية ‪ .‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ :‬الجزائر‪ . 2118-2112.‬ص‪12‬‬ ‫‪55‬‬
‫بنفسه أو بالتنسيق مع أحد معاونيه بوصفه شاهدا باعتبار أن العون يباشر مهامه تحت مسؤولية‬
‫الضابط الذي عينه و بالتالي فالمسألة جوازية يرجع تقديرها للقاضي المطروح عليه النزاع فله‬
‫‪56‬‬
‫ان يطلب سماعه ان رأى ضرورة لذلك ‪.‬‬
‫و عليه نستخلص مما سبق و من خالل تطرقنا لماهية الشرطة و أهمية النشاط و الدور‬
‫الذي تقوم به من مهام قانونية في اطار الضبط القضائي و االداري‪،‬ان هذه الوظائف تكتسي أهمية‬
‫بالغة ألجل تحقيق النظام و االمن العام‪.‬‬
‫إال انها يجب ان تحقق من خالل أعمالها توازن بين مصلحتين من جهة مصلحة‬
‫المجتمع من خالل المحافظة على امنه و استق ارره بقمع االجرام و من جهة أخرى مصلحة‬
‫األشخاص و ذلك بإتمام الشرطي مهامه دون المساس بحقوق و حريات االفراد‪.‬‬
‫حيث انه و في الحالة العكسية أي في حالة تعرض األفراد ألضرار جسمانية أو مادية‬
‫جراء أخطاء يرتكبها أعوان الشرطة اثناء أدائهم لوظائفهم‪ ،‬فانه و بظهور نظرية المسؤولية االدارية‬
‫الحديثة النشأة‪ ،‬التي أقرها القضاء االداري الفرنسي في اواخر القرن التاسع عشر بحيث تبعه‬
‫فانه يحق لألشخاص المتضررين الحصول‬ ‫و تأثر به في ذلك القضاء االداري الجزائري‪،‬‬
‫على تعويضات من قبل الدولة جراء ما اصابهم من ضرر في اطار قيام المسؤولية االدارية‬
‫عن اعمال الشرطة‪.‬‬
‫هذه المسؤولية التي تعتبر من المسؤولية القانونية و التي تلتزم فيها الدولة بدفع التعويض‬
‫عن االضرار بفعل االعمال الضارة سواء كانت هذه االعمال شرعية او غير شرعية‬
‫اذا و من خالل الفصل الثاني سوف ندرك على أي أساس تقوم عليه هذه المسؤولية ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫نصر الدين هنوني ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬ص ‪02‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬‬
‫أساس قيام المسؤولية اإلدارية‬
‫عن أعمال الشرطة‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬أساس قيام المسؤولية االدارية عن أعمال الشرطة‬

‫لكي يحصل المضرور على حكم بالتعويض عليه أن يثبت خطأ الموظف ـ عون الشرطة ـ‬
‫و أن هذا األخير قد ارتكب الخطأ أثناء تأدية ألعماله الوظيفية او بسببها فلكي يعتبر عون الشرطة‬
‫مسئوال امام االدارة من جراء ما ألحقه من ضرر للغير يلزم ان يكون عون الشرطة قد ارتكب خطأ‬
‫فيكون الخطأ اساسا لقيام المسؤولية االدارية ألعمال الشرطة (المبحث أول) غير أنه في بعض‬
‫الحاالت يصعب على الضحايا اثباتهم او تحديدهم للخطأ المرتكب قبل اإلدارة‪ ،‬و عليه لتبرير‬
‫أحقية الضحايا في التعويض أقر القضاء مسؤولية االدارة حتى و لو لم ترتكب خطأ لذلك تقوم‬
‫المسؤولية االدارية ألعمال الشرطة من دون خطأ (المبحث الثاني) ‪.‬‬

‫المبحث االول ‪ :‬الخطأ كأساس لقيام المسؤولية االدارية عن أعمال الشرطة‬

‫لكي يعتبر الموظف ‪-‬عون الشرطة ‪ -‬مسؤوال أمام متعامل مع االدارة مع جراء ما لحقه‬
‫من ضرر يلزم ان يكون الموظف قد ارتكب خطا شخصي و باإلمكان مسائلة االدارة في حالة‬
‫التمييز بين الخطأ الشخصي و الخطأ‬ ‫ارتكاب الموظف لخطأ مرفقي‪ ،‬غير ان معايير‬
‫المرفقي(المطلب االول) بقي مدار أراء عديدة و سنحاول استعراض هذه المعايير لتحديد المقصود‬
‫لكل من الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي التي قال بها الفقه( الفرع االول) ‪ ،‬ثم لما استقر اليه‬
‫القضاء من تحديد لحاالت الخطأ الشخصي و المرفقي (الفرع الثاني ) و ان كان مجلس الدولة‬
‫الفرنسي قد أباح لألفراد اختصام جهة االدارة و مطالبتها للتعويض عن االضرار التي أصابتهم‬
‫من جراء خطأ الموظف الشخصي فقد تتحمل االدارة التعويض بصفة مؤقتة حماية للمتعاملين‬
‫من مسار الموظف فيعتبر ذلك أثر قيام المسؤولية على اساس الخطأ(المطلب الثاني) الذي يكون‬
‫وفقا لقواعد قانونية مطبقة للحكم بمسؤولية االدارة (الفرع االول) بموجب دعوى تقيمها االدارة‬
‫على الموظف (الفرع الثاني ) و كل ذلك في اطار مرفق الشرطة ‪.‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬معايير التمييز بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي‬

‫تسود دراسة مسؤولية السلطة االدارية على أعمال موظفيها التفرقة بين الخطأ الشخصي‬
‫و الخطأ المرفقي و هذا ما سوف يتم التطرق اليه من خالل معرفةٍ رأي الفقه في التمييز بين الخطأ‬
‫الشخصي والخطأ المرفقي (الفرع االول) و معرفة كذلك اتجاهات القضاء في التمييز بين الخطأ‬
‫الشخصي و الخطأ المرفقي (الفرع الثاني) و فقا لما يلي ‪:‬‬
‫الفرع االول ‪ :‬االتجاه الفقهي للتمييز بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي‬

‫يمكن لنا ان نتناول االتجاهات الفقهية التي قيلت بشأن التمييز بين الخطأ الشخصي‬
‫و الخطأ المرفقي الى خمس اتجاهات نعرضها كما يلي ‪:‬‬

‫‪57‬‬
‫أوال ‪ .‬معيار الخطأ العمدي ( ‪)l’intention mauvaise‬‬

‫يعد معيار الخطأ العمدي من أقدم المعايير التي قال بها الفقه في هذا الصدد و هو معيار‬
‫يقوم في البحث في مسلك الموظف وأهدافه حتى اذا تبين تعمده االضرار باألفراد يعد خطأه‬
‫شخصيا و تحمل وحدها العبء النهائي للتعويض عن األضرار التي لحقت باألفراد‪.‬‬

‫وقد عرف الفقيه الفريير الخطأ الشخصي بأنه " التصرف الذي يكشف عن االنسان‬
‫و اهوائه و عدم تبصره و هذا بخالف الخطأ المرفقي الذي يصدر عن رجل االدارة غير‬ ‫بضعفه‬
‫مطبوع بطابع شخصي و ينبئ عن موظف عرضة للخطأ و الصواب فالخطأ يكون مصلحيا "‪.58‬‬

‫وهذا المعيار يقوم على اساس القصد السيئ لدى الموظف و هو يقوم بواجبات وظيفته‬
‫فكلما قصد النكاية و االضرار او فائدته الشخصية كان الخطأ شخصيا يتحمل الموظف نتائجه‬
‫و هو يتمثل في اتجاه نية الموظف الى الحاق األذى بالغير ‪.‬‬

‫و قد ذهب االستاذ لوبادير في هذا الخصوص الى انه من المهم فقط تحديد اي غرض‬
‫غير سليم يستهدفه الموظف ال يمكن ان ينتهي بالضرورة الى خطأ شخصي‪ ،‬فالخطأ الشخصي‬
‫يتفق مع فكرة االنحراف بالسلطة الن القرار المشوب باالنحراف قد يظل منسوبا الى المرفق و كان‬
‫‪59‬‬
‫ان فكرة عيب‬ ‫الغرض الذي استهدفه الموظف هو هدفا مصلحيا‪ ،‬كما أضاف االستاذ ديلوبادير‬
‫االنحراف تتفق مع فكرة الخطأ الشخصي اذا كان هدف الموظف يتمثل في الحاق االذى لبعض‬
‫االفراد او في االهمال او االنتقام من شخص الى اخر‪.‬‬

‫فالعبرة اذا في تكييف الفعل الضار الذي يرتكبه الموظف أثناء قيامه بأعباء الوظيفة ألنه‬
‫يمثل خطـأ عمديا بالنظر الى القصد السيئ او العمد الذي تتجه اليه نية الموظف و هو يؤدي‬
‫واجبات وظيفته فاذا قصد االضرار بالغير او تحقيق منفعته الذاتية او االنتقام او االذاء بدون مبرر‬
‫او سبب الحقد الشخصي او الخصومة السياسية يجعل ما يصدر منه من خطا يمثل أخطاء‬

‫‪ 57‬سعاد الشرقاوي‪.‬مرجع سابق‪ .‬ص ص ‪.217،222‬‬


‫‪58‬‬
‫‪ -‬لحسين بن الشيخ اث ملويا دروس في المسؤولية االدارية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار هومة للنشر‪،‬الجزائر‪ ،3002‬ص ‪32‬و‪25.‬‬
‫شخصية ال ترتبط بأي عالقة مع الخدمة و تؤدي الى مسؤولية الموظف الشخصية و يلتزم‬
‫بالتعويض عن االضرار التي أصابت الغير‪.‬‬

‫كما قام أحد االعوان بافتعال مالحقات جزائية ضد احد االشخاص دون سبب مقبول سوى‬
‫تعمده ايذائه فهذا التعدي غير المبرر يعد خطا شخصيا‪.‬فالخطأ الشخصي طبقا لهذا المعيار‬
‫هو الخطأ الذي يظهر شخصية الموظف و يكون ذلك في حال ثبوت نيته اما الخطأ المرفقي فهو‬
‫الخطأ الذي ال يزيد عن المخاطر العادية للوظيفة و يرتكب بحسن نية ‪ ،‬غير ان هذا المعيار‬
‫و ان أخذ به أحد الفقهاء فانه لم يرق للغالبية و اعترضوا عليه بأنه ال يضم الخطأ الجسيم اي‬
‫‪60‬‬
‫كانت درجة هذه الجسامة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ .‬معيار الخطأ المنفصل ( ‪)la faute détachable‬‬

‫يقضي هذا المعيار باعتبار الخطأ شخصيا اذا امكن فصله عن الوظيفة و على العكس‬
‫من ذلك اذا كان عمل الموظف ال ينفصل عن الوظيفة التي يقوم بها فيعد خطؤه مرفقيا مهما كانت‬
‫‪61‬‬
‫فقرر ان الخطأ الشخصي هو الذي يمكن‬ ‫درجة جسامته و لقد قال بهذا الرأي العميد هوريو‬
‫عن الوظيفة ماديا او معنويا فإذا اتصل الخطأ او االهمال بالوظيفة اتصاال ال يمكن‬ ‫فصله‬
‫فصله كان الخطأ مرفقيا و يعتبر الفصل ماديا اذا كانت الوظيفة ال تتطلب القيام به أصال كما لو‬
‫قام أحد رؤساء البلديات بالتشهير بشخص حذف اسمه من جدول الناخبين فمثل هذا التشهير يعد‬
‫عمال منفصال انفصاال ماديا عن متطلبات الوظيفة و يكون الفصل معنويا اذا كانت الوظيفة‬
‫تتطلب القيام بالعمل و لكن لغرض اخر غير الذي أراد الموظف تحقيقه‪،‬و يعيب هذا المعيار انه‬
‫يستبعد من حاالت الخطأ الشخصي االخطاء الجسيمة التي يرتكبها الموظف لمجرد ان تلك‬
‫االخطاء قد اتصلت بواجبات الوظيفة‪،‬و خطأ كهذا له طبيعة من شأنها الزام مسؤولية العون‬
‫الشخصية مثال الشرطي الذي يتعرض أحد االشخاص يسوقه الى مركز الشرطة و لم يبدي‬
‫و انصاع تماما و مع ذلك فقد تعرض الى معاملة قاصية ال مبرر‬ ‫الشخص اي مقاومة‬
‫لها و قد ارتأى القاضي أنها منفصلة عن الوظيفة مكيفا اياها على انها خطا شخصي ‪ .‬و قد‬
‫يرتكب العون العمومي جرما يعاقب عليه قانون العقوبات فرئيس البلدية المكلف بإجراء جمع‬
‫االموال يلزم المواطن بأن يدفع له خمس أالف دينار ‪ 2111‬دج بتهديده بالموت بواسطة يالح‬
‫سالح هنا يرتكب جرما يعاقب عليه قانون العقوبات و يتحمل جميع العواقب بما فيها التعويض ‪ ،‬و‬

‫‪ 60‬سعاد الشرقاوي‪.‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪.222‬‬


‫‪ 61‬للتوسع راجع‪:‬سامي حامد سليمان نظرية الخطا الشخصي في مجال المسؤولية االدارية‪،‬دراسة مقارنة‪،‬الطبعة االولى‪،‬دار‬
‫النهضة العربية‪،‬القاهرة‪،1177،‬ص‪.111‬‬
‫حالة ذهاب أحد الجنود المناوبين في الثكنة الى حفل أقيم بالثكنة مصطحبا معه سالحه بدون‬
‫ترخيص و قد وقع حادث مميت ادى الى صدور حكم جنائي ضد الجندي و حكم بالتعويض ضد‬
‫الدولة باعتبارها المسئولة عن خطا الجندي‪. 62‬‬

‫ثالثا ‪ .‬معيار الخطأ الجسيم( ‪) la faute lourde‬‬

‫‪63‬‬
‫الى اعتبار الموظف مرتكبا لخطأ شخصي كلما كان الخطأ المنسوب اليه‬ ‫اتجه جيز‬
‫جسما بحيث ال يمكن اعتباره من المخاطر العادية التي يتعرض لها في أداء عمله اليومي و يجد‬
‫الخطأ الشخصي مصدره عندما يقع الموظف في خطأ جسيم في تفسيره للوقائع التي تبرر قيامه‬
‫او في فهمه لنصوص القانون التي تعطيه الحق في التصرف الى حد يمكن القول‬ ‫بالتصرف‬
‫معه بأنه لم يتجاوز فقط حدود سلطاته بل وصل الى حد التعسف فيها‪ ،‬كأن يأمر رئيس بلدية بهدم‬
‫من نصوص القانون كما يجد مصدره ايضا عندما يصل الموظف بتصرفه الى‬ ‫مبنى دون سند‬
‫حد ارتكاب الجريمة توقعه تحت طائلة العقاب كأن يزيل اعالنات الدعاية االنتخابية رغم وقوع ذلك‬
‫تحت طائلة العقوبات ‪.‬‬

‫و ضرورة توافر الخطأ الجسيم شرط تطلبه مجلس الدولة الفرنسي الذي بقي وفيا لقضائه‬
‫التقليدي الذي يتطلب دوما توافر خطا جسيم و ذو صعوبة خاصة لكي يعوض المتضرر و يظهر‬
‫ذلك بصورة واضحة في قرار داغمون (‪ ) Darmont‬حيث تطلب مجلس الدولة توافر الخطأ‬
‫الجسيم لقيام مسؤولية االدارة ‪ ،‬اما المفهوم الذي اعطي للخطأ الجسيم من قبل القاضي اإلداري‬
‫و كما الحظ مفوض الدولة أن االمر يتعلق بالمسؤولية على أساس الخطأ و تحريكها يتطلب خطأ‬
‫جسيم كما نصت عليه المادة ‪ 2‬من قانون ‪ 2‬جويلية ‪ 1182‬و يمكن للقاضي االداري ان يبحث‬
‫في موضوع طبيعة الخطأ اذ من األمثل التمسك بضرورة توافر الخطأ الجسيم هذا االخير هو ذلك‬
‫الخطأ الذي يجاوز المخاطر العادية للوظيفة و بعبارة أخرى هو ذلك الخطأ الذي ال يمكن قبوله‬
‫او ايجاد عذر الرتكابه و ال يمكن التسامح فيه حتى بالنسبة للموظف غير المتوسط‬
‫و ان كان مشكلة تحديد من هو الموظف المتوسط تثير مشكلة‪ ،‬فيشترط العتبار الخطأ الذي‬
‫يرتكبه الموظف أثناء الوظيفة شخصيا ان يكون جسيما و يتعدى المخاطر العادية للوظيفة بصرف‬
‫النظر عما اذا كان مرتكب الخطأ قد توافر اليه نية االيذاء ام لم تتوفر ‪،‬فالخطأ الجسيم هو غلطة‬

‫‪62‬‬
‫احمد محيو ‪.‬المنازعات االدارية ‪ .‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪:‬الجزائر‪.1173.‬ص‪.227‬‬

‫‪63‬سليمان دمحم الطماوي ‪ ،‬القضاء االداري وقضاء العويض‪ .‬وطرق الطعن في االحكام ‪.‬دار الفكر العربي‪ :‬القاهرة‪.‬‬
‫‪،2113‬ص‪.137‬‬
‫فاضحة مرتكبة من طرف العون و مستوحاة من مصلحة المرفق و ليس لها باعث شخصي فهو‬
‫‪64‬‬
‫اذن عبارة عن رعونة او شعور عدائي عميق ادى الى الضرر دون قصد االذاء‪.‬‬

‫رابعا ‪ .‬معيار الغاية ) ‪( Le bute poursuivie‬‬

‫ينسب هذا المعيار الى العميد درجي و هو معيار يقوم على أساس الغاية التي اتجه‬
‫الموظف الى تحقيقها و لمعرفة ما اذا كان الخطأ الذي ارتكبه الموظف خطأ شخصي يسأل عنه‬
‫في امواله الخاصة ام خطأ مرفقيا تسأل عنه جهة االدارة ‪،‬فانه يجب التحقق ما اذا كان الموظف قد‬
‫قصد بتصرفه تحقيق أحد االهداف لتي تختص بتحقيقها جهة االدارة كحفظ االمن و النظام مثال‬
‫و هنا ال تثريب على الموظف و يعتبر الخطأ الذي ارتكبه بقصد الوصول الى هذا الهدف منسوبا‬
‫الى المرفق العام أما اذا كان الموظف لم يقصد بتصرفه سوى تحقيق أغراضه الخاصة التي‬
‫ال عالقة لها بالوظيفة او االهداف االدارية فان الخطأ الذي يرتكبه في هذه الحالة ‪-‬مهما كان‬
‫يسي ار‪ -‬ال يكمن ان يندمج في اعمال الوظيفة بل يعد خطأ شخصيا يرتب مسؤوليته الخاصة‬
‫فواضح ان هذا المعيار ينفي كل أثر لجسامة الخطأ على قيام الخطأ الشخصي مع ان الخطأ‬
‫الجسيم الذي ينمي على االهمال و عدم التبصر الشديد ال يقل بحال من االحوال عما يرتكبه‬
‫الموظف من أخطاء بصدد قيامه بتصرفات ال يقصد منها خدمة المرفق العام و إال فان القول‬
‫بغير ذلك و عدم اعتبار الخطأ الجسيم الذي ارتكب بحسن نية خطا يؤدي الى مسؤولية الموظف‬
‫‪65‬‬
‫الشخصية سيؤدي الى تفشي روح االستهتار في الجهاز الحكومي‪.‬‬

‫خامسا ‪ .‬معيار االلتزام الذي أخل به‬

‫أقام الدوكراسي ‪ Douc Rasy‬التفرقة بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي على أساس‬
‫طبيعة االلتزام الذي أخل به‪ ،‬فإذا كان هذا االلتزام من االلتزامات العامة التي يقع عبؤها على جميع‬
‫المواطنين فان االخالل به يعتبر خطأ شخصيا أما ادا كان االلتزام من االلتزامات التي ترتبط اساسا‬
‫وقد استند الى بعض االحكام الصادرة‬ ‫بالعمل الوظيفي فان االخالل به يعد خطأ مرفقيا ‪,‬‬
‫من مجلس الدولة الفرنسي للقول بان القضاء يأخذ بهذا االتجاه و من ذلك أن المجلس قد قضى‬
‫بمسؤولية االدارة عن تعهد قام به بعض الجنود دون ان يمنعهم قائدهم من ذلك و اعتبر ان خطأ‬
‫مرفقيا رغم أنه قد ساهم مع مرؤوسيه في ارتكاب التعدي الذي اعتبر خطأ شخصيا من جانبه فخطأ‬

‫رمزي الشاعر ‪ .‬قضاء التعويض‪ .‬دار النهضة العربية ‪ :‬القاهرة‪.1172 .‬ص‪.211‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪65‬‬
‫احمد محيو ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬ص ‪. 00‬‬
‫مرفقيا الرئيس الذي ينحصر في عدم مراقبة مرؤوسيه يعد اخالال بالتزام وظيفي مما يجعله خطأ‬
‫‪66‬‬
‫مرفقيا اما مساهمته في التعدي فهي اخالل بالتزام عام و يعتبر كذلك خطا شخصيا ‪.‬‬

‫و بعد تعرفنا لمحاولة الفقه للتمييز بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي نحاول فيما يلي‬
‫التعرف على اتجاه القضاء في الفرع الثاني ‪:‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬اتجاهات القضاء في التمييز بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي‬

‫على الرغم من ان المعايير الفقهية التي قيلت للتمييز بيت الخطأ الشخصي و الخطأ‬
‫المرفقي لم توفق في وضع الحد الفاصل بينهما فإنها قد ساهمت في تيسير مهمة القضاء‬
‫في التعرف على كيفية التمييز بين هذه األخطاء‬

‫اوال ‪ .‬موقف مجلس الدولة الفرنسي ‪:‬‬

‫لم يحاول القضاء الفرنسي ان يضع معيا ار محددا للتمييز بين الخطأ الشخصي والخطأ‬
‫المرفقي و لم يتبع معيا ار محددا من المعايير التي قال بها الفقه بل استعان بجميع المعايير ‪.‬‬

‫و الستعراض بعض أحكامه في هذا الصدد يتضح لنا انه فرق بين نوعين من التصرفات ‪:‬‬
‫تصرفات تتخذ خارج نطاق الوظيفة و اخرى تتم داخلها و لقد اعتبر القضاء الفرنسي الخطأ‬
‫في كل مرة يقع خطا الموظف خارج نطاق الوظيفة ‪ ،‬و على العكس من ذلك‬ ‫الشخصي متواف ار‬
‫فقد تطلب لكي ترتب االخطاء التي يرتكبها الموظف داخل نطاق وظيفته مسؤوليته الشخصية‬
‫‪67‬‬
‫ان تتسم بطابع من الجسامة‪.‬‬

‫‪ .1‬التمييز بين الخطأ المتصل بالوظيفة و الخطأ الذي ينفصل عنه ‪:‬‬

‫ميز مجلس الدولة الفرنسي بين الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي استنادا الى مدى انفصال‬
‫الخطأ عن الوظيفة أو عدم انفصاله عنها و يعد الخطأ ضد دائرة النوع اذا كان الموظف قد ارتكب‬
‫وفي حياته الخاصة بعيدا تماما عن عمله الوظيفي كما لو خرج يتنزه بسيارته فاصاب أحد االفراد‬

‫‪66‬‬
‫احمد محيو ‪.‬مرجع نفسه ‪.‬ص‪. 02‬‬
‫‪67‬عادل بن عبد هللاا ‪،‬المسؤولية االدارية عن مخاطر استعمال السالح‪".‬مجلة المنتدى القانوني"‪.‬العدد الخامس‪.‬قسم الكفاءة‬
‫المهنية‪ .‬بسكرة‪.2117.‬ص‪.21‬‬
‫بالضرر‪،‬و هنا ال تسأل عنه جهة ادارية بل يسأل الموظف وحده دون تفرقة في ذلك بينما اذا كان‬
‫الخطأ الذي ارتكبه جسيما او غير جسيم وسواء كان عمديا او غير عمدي‪ ،‬و قد يرتكب الموظف‬
‫خطأ أثناء قيامه بالوظيفة و مع ذلك يعد ما ارتكبه من خطا قد تم خارج نطاق وظيفته و مرتبا‬
‫لخطأ شخصي‪،‬انقضاء كل صلة بينه و بين الوظيفة و في هذه الحالة اذن يسأل الموظف عما‬
‫اصاب الغير من أضرار كرجل البوليس الذي يضرب المتهم ضربا عنيفا دون ان يكون هذا المتهم‬
‫قد حاول الهرب أو قاوم امر القبض عليه‪.‬و يالحظ أن قضاء مجلس الدواة الفرنسي قد تطور و‬
‫جعل من هذه االخطاء التي ترتكب أثناء الوظيفة مصد ار الجتماع مسؤولية الموظفو مسؤولية‬
‫‪68‬‬
‫االدارة معا‪.‬‬

‫‪ .2‬الخطأ المتصل بالوظيفة ال يكون خطأ شخصي إال اذا كان خطا جسيما‬

‫ميز القضاء في هذه الحالة بين االخطاء البسيطة التي يرتكبها الموظف بحين النية و تلك‬
‫التي تصدر منه مشوبة بسوء النية او بدرجة معينة من الجسامة فقرر مسؤولية السلطة العامة‬
‫عن النوع األول و اعتبر النوع الثاني مرتبا لخطا شخصي يتحمل الموظف وحده عبئ التعويض‬
‫عن األضرار التي نجمت للغير من جرائه ‪.‬‬

‫و على ذلك اعتبر القضاء الفرنسي الموظف مرتكبا لخطأ شخصي اذا كان ما ارتكبه‬
‫من أخطاء قد اقترنت بنية سيئة كان يباشر تصرفه بنية الحاق األذى ببعض األفراد أو كان ما‬
‫قصد تحقيقه ال يتعلق بالمصلحة العامة بل محاباة لصديق او قريب فمثل هذا القصد السيئ الذي‬
‫تمليه رغبة الموظف في االنتقام او تمليه الكراهية و االحقاد يجعل ما يصدر منه من أخطاء مرتبا‬
‫لمسؤوليته الشخصية‪ ،‬الن مثل هذا القصد السيئ يحيل تصرف الموظف الى عمل شخصي‪ ،‬اما‬
‫اذا كان الخطأ قد ارتكب داخل اطار الوظيفة العامة و لكنه ال يظهر سوء نية الموظف الواضح‬
‫فان القضاء الفرنسي قد استقر على اعتبار ان الخطأ في هذه الحالة خطأ مرفقي‪.69 .‬‬

‫و مع ذلك فان كان الخطأ في تطبيق القانون غير جسيم فال يرتب خطأ شخصي و انما‬
‫يرتب خطا مرفقي يقع على عاتق الدولة التعويض عنه‪ ،‬اما اذا كان عدم التبصر غير جسيم فان‬
‫في هذه الحالة يعتبر خطا مرفقي تسأل عنه الدولة‪.‬‬ ‫الخطأ‬

‫‪68‬‬
‫عوابدي عمار‪ .‬مرجع السابق ‪ .‬ص‪111‬‬
‫‪69‬عوابدي عمار‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪111‬‬
‫و يعد خطأ شخصيا كذلك عدم الدراية من الموظف في اداء عمله كقيام احد رجال االدارة‬
‫بقيادة سيارة بمناسبة العمل دون ان يكون حائ از لرخصة القيادة‪ ،‬اما عدم الدراية غير الجسيم فال‬
‫يرتب خطأ شخصي و انما يرتب خطا مرفقي كالسرعة الزائدة او الخطأ في تطبيق قواعد المرور‬
‫و بهذا يكون القانون الفرنسي قد أخذ بالمعايير التي أخذ بها الفقه بصدد التمييز بين الخطأين‬
‫الشخصي و المرفقي بعد الموازنة و النظر في وقائع كل دعوى على حدى و يزن االفعال المنسوبة‬
‫‪70‬‬
‫الى الموظف لتبيان طبيعة الخطأ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ .‬موقف القضاء االداري الجزائري‬

‫‪ .1‬قبل دستور ‪1991‬‬

‫كان للظروف الخاصة و المؤدية الى وجود القضاء االداري اختصاص هذا األخير بقضايا‬
‫التعويض عن االخطاء الناجمة عن أعمال االدارة‪ .‬و قد أخذ القضاء الجزائري بمسؤولية االدارة‬
‫حتى في حالة غياب الخطأ و ان االدارة ملزمة بالتعويض فمن خالل قرار الغرفة االدارية بالمحكمة‬
‫العليا المؤرخ في ‪،71 1171/13/11‬الذي جاء في تسبيبه ‪:‬‬

‫حيث باعتبار ان قاعة الرياضات تعد مبنى عمومي تابع إلدارة الجمارك و ان الحادث وقع‬
‫للضحية عندما كانت تدرب الموظفين و ان الحادث وقع في محالت االدارة و ان مسؤولية‬
‫التصريح بالحادث تقع على االدارة التي قصرت بااللتزام القانوني الواقع على عاتقها و بهذا فان‬
‫القضاء االداري قد اقر قيام مسؤولية االدارة حتى في حالة انعدام الخطأ‪ ،‬اتجاه االشخاص ضحايا‬
‫الحوادث عندما يكونون مدعوين لتقديم مساهمتهم و بهذا توصل القضاء االداري بإثبات مسؤولية‬
‫االدارة حتى في غياب خطأ مرتكب من الموظف‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫على انه‪ ":‬من‬ ‫كما جاء في قرار صادر عن الغرفة االدارية بتاريخ ‪1177/2/3‬‬
‫في القضاء االداري ان المجموعات العمومية و حتى في غياب الخطأ تكون مسئولة‬ ‫المستقر‬
‫عن األضرار الالحقة بالغير بفعل عتاد مخصص لالستعمال العمومي و بما ان الحادث وقع‬

‫‪70‬‬
‫عوابدي عمار‪ ،‬مرجع السابق ‪ .‬ص‪111‬‬
‫‪71‬‬
‫قرار الغرفة االدارية بالمحكمة العليا المؤرخ في ‪ . 1171/13/11‬ملف رقم ‪ . 22232‬المجلة القضائية ‪ .‬العدد ‪-3‬‬
‫‪ 1111‬ـ ص ‪. 212‬‬
‫‪72‬‬
‫قرار الغرفة االدارية بالمحكمة العليا المؤرخ في ‪ .1177/12/13‬ملف رقم ‪. 21112‬المجلة القضائية ‪ .‬العدد ‪– 1‬‬
‫‪ . 1112‬ص ‪.122‬‬
‫للضحية عندما اتكئ على عمود حديدي كان يحمل خيطا كهربائيا عاديا غير معزول‪ ،‬و غير‬
‫معروف بتلك الوضعية لدى الشركة و بالتالي ال ينسب للضحية اي خطأ"‪،‬‬

‫وعليه فان قرار الغرفة االدارية اعتبران مسؤولية المجموعات العمومية قائمة حتى في غياب الخطأ‬
‫عن االضرار الالحقة بالغير‪.‬‬

‫كما ان الدولة ملزمة بالتعويض في حالة عدم معرفة المتسبب في الضرر و ان البلدية مسئولة‬
‫‪73‬‬
‫و لم يعتنق القضاء االداري‬ ‫عن االضرار و االتالف الناتجة عن االضطرابات في أراضيها‬
‫الجزائري في محاولته للتمييز بين الخطأ الشخصي والمرفقي معيا ار فقهيا محددا بل طبق في كل‬
‫مرة المعيار الذي يراه مناسبا‪.‬‬

‫و فيما يتعلق بأعمال الضبطية القضائية فلقد ذهب القضاء االداري الى اعطاء الحق‬
‫في التعويض لشخص اوقف من طرف رجال الضبطية القضائية و تعرض لضرب ادى الى فقد‬
‫‪74‬‬
‫و المقصود بالخطأ في هذه الحالة هو الخطأ الجسيم و ان لم يشر اليه القاضي‬ ‫احدى عينيه‬
‫االداري صراحة و لقيام الخطأ الجسيم يضع القاضي االداري عدة عناصر تتمثل في الظروف‬
‫المحيطة بالضرر و طرق تحديده و على هذا االساس فانه يمكننا القول بان الخطأ الشخصي هو‬
‫الذي يرتكبه الموظف خارج نطاق الوظيفة االدارية او الخطأ الذي يرتكب داخل الوظيفة االدارية‬
‫بسوء نية و على قدر من الجسامة اما الخطأ المرفقي فانه يعد االخالل بواجبات الوظيفة حتى‬
‫و لو كان االخالل بحسن نية و لم يكن على قدر كبير من الجسامة‪.‬‬

‫ان التفرقة الشهيرة بين الخطأ الشخصي و الخطأ الوظيفي تظهر في قرار الغرفة االدارية‬
‫لمجلس قضاء الجزائر الصادر بتاريخ ‪ 1‬جويلية ‪ 1181‬بحيث تعود وقائع القضية الى ‪ :‬ان سائق‬
‫احدى السيارات العسكرية التابعة لو ازرة الدفاع الوطني صدم شخص يبلغ من العمر ‪ 22‬سنة مما‬
‫ادى الى وفاته تاركا وراؤه اوالده و زوجته التي أقامت دعوى على السائق امام المحاكم المدنية‬
‫و التي حكمت عليه بدفع تعويض لزوجة المتوفى و أوالده عن الضرر الذي لحقه و لما رجع‬
‫السائق على و ازرة الدفاع الوطني الجزائرية مطالبا اياها بدفع التعويض الذي حكمت به المحكمة‬
‫دفعت له المبلغ المحكوم به من طرف الغرفة المدنية على اساس ان الخطأ الذي ارتكبه كان‬
‫متصال اتصاال وثيقا ماديا و معنويا بالوظيفة العامة أو المرفق العام بحيث يعتبر خطأ مرفقيا‬

‫‪73‬‬
‫قرار الغرفة االدارية الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ ‪ . 1171/11/8‬المجلة القضائية ‪ .‬العدد الثاني ‪. 1112 .‬‬
‫الجزائر‪ .‬ص ‪، 113‬أنظر المادة‪ 137‬من قانون‪ 17-11‬السابق الذكر‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫المجلس االعلى – الغرفة االدارية‪ 22. -‬جوان ‪. 1182‬وزير الداخلية ضد سماتي ‪ .‬مجموعة االحكام االدارية لبوشحدة‬
‫و خلوفي ‪.‬ص‪. 82‬‬
‫وظيفيا ال شخصيا اذا كان هذا السائق اوال عندما ارتكب الخطأ المذكور يؤدي واجبات الخدمة‬
‫ألمذكورة كما ان الخطأ المولد للمسؤولية كانت وسائل مرفقية ساعدت السائق على ارتكاب الخطأ‬
‫االمر الذي جعل الخطأ الشخصي يندمج اندماجا كليا في المرفق العام مما يجعله يتحول الى خطأ‬
‫مرفقي يولد مسؤولية االدارة ‪.75‬‬

‫و تجدر االشارة الى قرار الغرفة االدارية الصادر عن مجلس قضاء الجزائر بـ ‪ 11‬أفريل‬
‫‪76‬‬
‫اذ تتلخص وقائع القضية في تلقى أحد كتاب الضبط لإليداع مبلغا من المال بشكل‬ ‫‪1182‬‬
‫اوراق نقدية مصرفية صادرتها الشرطة القضائية و نسي ان يبدل كاتب الضبط هذه االوراق حين‬
‫اصدار اوراق مصرفية نقدية جديدة فبعد الحكم عن افراج صاحب المال قام هذا االخير بمطالبة‬
‫مسؤولية و ازرة العدل و حصل على حقوقه بسبب اهمال كاتب الضبط المعتبر عونا للدولة ‪.‬‬

‫‪ .2‬موقف مجلس الدولة من الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي‬

‫‪77‬‬
‫عمل على تكريس مسؤولية االدارة عن الخطأ الشخصي‬ ‫منذ وجود مجلس الدولة بالجزائر‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 1111/2/1‬انه أثار مسؤولية االدارة‬ ‫فيتضح من خالل قرار مجلس الدولة‬
‫عن الخطأ الشخصي للموظف الذي ألحق أضرار بالضحية و هذا الخطأ ال يمكن فصله‬
‫‪78‬‬
‫‪.‬‬ ‫عن المرفق الن الحادث ارتكب باستعمال السالح الناري الذي استلمه الموظف بحكم وظيفته‬

‫حيث بتاريخ ‪ 1117/11/12‬على الساعة وقعت سرقة بالسوق االسبوعي للغنم بالقرب‬
‫من بيت الضحية م‪،‬ع و بعد المناوشة التي حدثت بين هذا األخير و أفراد الحرس البلدي تم اطالق‬
‫النار على الضحية من طرف الحارس فتوفى الضحية تحت تأثير االصابة ‪.‬‬

‫حيث رفع ورثة الضحية الدعوى امام لغرفة االدارية لمجلس قضاء البليدة ضد بلدية والد فايت‬
‫طالبين التعويض عن االضرار االحقة بهم من جراء وفاة مورثهم ‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫عمار عوابدي ‪.‬األساس القانوني لمسؤولية االدارة عن أعمال موظفيها ‪.‬مرجع سايق ‪.‬ص ‪. 113‬‬
‫‪76‬‬
‫قرار الغرفة االدارية ‪.‬مجلس قضاء الجزائر ‪.‬المؤرخ بتاريخ‪ 11‬افريل ‪. 1182‬المجلة القضائية‪ . 1183 .‬ص ‪. 211‬‬
‫قانون عضوي رقم ‪ 11/17‬مؤرخ في ‪ 31‬ماي ‪ 1117‬يتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و عمله المعدل و‬ ‫‪77‬‬

‫المتمم بموجب القانون العضوي ‪ 13-11‬المؤرخ في ‪ 22‬يوليو ‪. 2111‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪.13‬مؤرخة في ‪13‬‬
‫غشت ‪. 2111‬‬
‫‪78‬‬
‫قرار مجلس الدولة –الغرفة االولى – الصادر بتاريخ ‪. 1111/2/1‬رقم القرار ‪. 112113‬منشور بمجلة مجلس الدولة‬
‫‪.‬العدد ‪. 2112 1‬ص‪. 11‬‬
‫‪79‬‬
‫حيث بتاريخ ‪ 1111/12/12‬اصدرت الغرفة االدارية قرار برفض الدعوى‪.‬‬

‫حيث استأنف ورثة الضحية القرار أعاله بتاريخ ‪، 1111/17/13‬امام مجلس الدولة و قد‬
‫أسسوا استأنافهم على ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬كون أن الضحية اغتيل عمدا مع سبق االصرار والترصد من طرف عون بلدي أثناء‬
‫ممارسته لوظيفته االدارية ‪.‬‬
‫‪ -‬اعتراف الحاني بارتكابه للوقائع ‪.‬‬
‫‪ -‬ان الخطأ المرتكب مرفقي و على المصلحة حمايته من العقوبات المدنية النتخذه ضده ‪.‬‬

‫حيث أجاب مجلس الدولة يق ارره في ‪ 2111/18/11‬بالغاء القرار المستأنف مع رفض الدعوى‬
‫لعدم التأسيس‪،‬مؤسسا قضائه على عنصرين و هما ‪:‬‬

‫‪ -‬ال يوجد ما يفيد بأن الحارس ه‪،‬ر قد توبع بتهمة القتل العمدي‬
‫‪ -‬لم يثبت بأن العون قد ارتكب األفعال موضوع النزاع أثناء تأديته لوظيفته او بسببها‬
‫و ان الخطأ المرفقي غي متوفر تبعا لذلك ‪ ،‬و المسؤول عن التعويض هو الفاعل نفسه‬

‫ما يالحظ هنا هو أن مجلس الدولة انتهى الى وجود خطا شخصي ال يسأل عنه المرفق‬
‫و بالرجوع الى تصريحات ورثة الضحية يتبن ما ياي ‪:‬‬

‫‪ -‬كون مرتكب الوقائع هو حارس بلدي مع استعمال سالح الخدمة‬


‫‪ -‬ان الوقائع تشكل جناية القتا العمدي مع سبق االصرار او الترصد أثناء ممارسة الحارس‬
‫البلدي لوظائفه ‪.‬‬
‫‪ -‬ان االمر يتعلق بخطأ مرفقي‬

‫وتبعا لذلك سوف نتعرض لهذه النقاط الثالث ‪:‬‬

‫‪80‬‬
‫‪ -‬كون مرتكب الوقائع هو حارس بلدي مع استعمال سالح الخدمة ‪:‬‬

‫‪79‬‬
‫لحسين بن شيخ اث ملويا ‪.‬مرجع سابق ‪.‬ص ‪.182‬‬
‫يجب بادئ ذي بدء التعرض للقوانين و التنظيمات التي كانت تحكم فئة حراس البلدية‬
‫و على ذلك نجد بأنه سنة ‪ 1112‬صدر مرسوم تنفيذي تحت رقم ‪ 222/12‬يتضمن انشاء سلك‬
‫مهام الحرس للبلدي ‪ ،‬و بعد صدور المرسوم التنفيذي رقم ‪ 222/12‬في اليوم نفسه يتضمن القانون‬
‫االساسي لموظفي الحرس البلدي‪.‬‬

‫و اذا كنا بصدد خطأ مرفقي فان االدارة هي المسؤولة على التعويض و على ذلك يجب البحث‬
‫المرسوم التنفيذي رقم‬ ‫عن السلطة الوصية ‪،‬بالنسبة لسلك الحرس البلدي‪،‬و هو ما يوضحه‬
‫السلطة االدارية المسؤولة عن‬ ‫‪ 222/12‬أعاله نجده ينص في المادة ‪ 13‬على ان الوالي يعتبر‬
‫اقامة و حدات الحرس البلدي التابعة لدائرة اختصاصه و عن دعمها االداري و المادي و يوفر‬
‫لهذه الوحدات حاجاتها عن طريق االعتمادات المخصصة و يتأكد من ظروف تكوينها و اعدادها‬
‫للقيام بمهامها و يراقب نشاطاتها و يسهر على سيرها العادي و لقد جاء في التعليمة ‪ 111‬الصادرة‬
‫عن وزير الداخلية أعاله على أنه تخول في هذا االطار صالحيات واسعة لمندوب الحرص البلدي‬
‫و مراقبة المدير العام للحرس البلدي ‪.‬‬ ‫للوالية تحت سلطة الوالي‬

‫و على ذلك يرى االستاذ الحسين بن الشيخ اث ملويا بأن الوالية هي المسئولة عن دفع‬
‫التعويض في حالة المسؤولية على أساس الخطأ المرفقي أو على أساس المخاطر و اعتبر المدعين‬
‫انهم رفعوا دعواهم على أساس الخطأ المرفقي ضد بلدية والد فايت بالرغم من كون هذه االخيرة‬
‫ال صفة لها بل الوالية هي السلطة الوصية التي يجب ان ترفع ضدها الدعوى‪.‬‬

‫و في قرار سابق لمجلس الدولة في ‪( 2111/1/21‬قضية أرملة م ضد والي والية جيجل‬


‫و من معه) ‪،‬نجده أخرج بلدية سيدي معروف من الخصام لكون سلك الحارس البلدي تابع للوالي‬
‫من الناحية التنظيمية ‪.‬حيث كما ذهب اليه ورثة الضحية فان قتل مورثهم ناتج عن فعل صادر عن‬
‫الحارس البلدي اذي استعمل سالحه الناري المسلم له بموجب الخدمة غير أن ذلك ال يكفي‬
‫العتبار الخطا مرفقي ‪ .‬فالمدعون يذهبون الى القول بمسؤولية االدارة و لكن دون تدقيقهم فيما‬
‫اذا كنا بصدد خطا مرفقي أم ال ‪ ،‬حقيقة لقد سهلت الوظيفة للحارس البلدي ارتكاب جريمة القتل‬
‫‪81‬‬
‫ضد الضحية لكن هل كانت الوظيفة سببا الرتكابها‪.‬‬

‫حيث أن الوقائع تشكل جناية القتل العمدي مع سبق االصرار و الترصد‪ ،‬حيث أثار المدعون‬
‫مسألة القتل العمدي مع سبق االصرار و الترصد و معنى ذلك ان الحارس البلدي سلك سلوك ليس‬

‫‪80‬لحسين بن شيخ اث ملويا ‪.‬مرجع سابق‪.‬ص ‪. 188‬‬


‫‪81‬‬
‫لحسين بن شيخ اث ملويا ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪181‬‬
‫بوصفه عون بلدي لكن بصفته انسان ‪ ،‬فهو حسب تعريف االستاذ الفيريير أعاله تصرفا وفقا‬
‫لميوله و تبعا لذلك نحن لسنا بصدد خطأ مرفقي بل بصدد خطأ شخصي فنحن أما عدة سلوكات‬
‫منها ما يعتبر عنص ار في جريمة القتل كالعمد و منها ماهو ظرف مشدد كالترصد و سبق االصرار‬
‫و اذا رجعنا الى انماط الخطأ الشخصي فان جريمة القتل مع سبق االصرار و الترصد انما نجدها‬
‫تدخل في النمط االول من الخطأ الشخصي لكون الحارس البلدي ارتكب جريدة القتل العمدي اثناء‬
‫ممارسته لوظيفته بالسوق االسبوعي للغنم اين يسكن الضحية وهدا بعد المناوشة التي جرت بين‬
‫الضحية و افراد الحرس البلدي و يدخل هذا الخطأ الشخصي في افردية من النمط االول الن‬
‫الحارس البلدي لم يكن يمارس انشغاالت ذات طابع خاص اذ كان مع بقية حراس البلدية‬
‫في مشاجرة مع الضحية لكن واقعة القتل العمدي ذات طابع خطري غير قبل للنقاش فاستعمال‬
‫السالح الناري دون مبرر ضد الضحية انما يفصح عن سلوك شخصي أتى به الحارس و ليس‬
‫عن خطا مرفقي فنحن بصدد قتل عمدي و ليس بصدد قتل غير عمدي مما ينفي بتاتا وجود خطا‬
‫منسوب من المصلحة فالجريمة العمدية ال يمكن ان تسأل عنها االدارة حتي و لو ارتكبت‬
‫عن طريق السالح الناري الممنوح للحارس البلدي بسبب وظيفته فالمصلحة منحت له سالحه الناري‬
‫للدفاع عن نفسه و حفص النظام العام و ليس الرتكاب جرائم عمديه و في ذلك جاء ف التعليمة‬
‫‪ 111‬ما يلي " ان حمل السالح ضروري من طرف عناصر الحرس البلدي بمناسبة أداء مهامهم‬
‫‪82‬‬
‫السيما اذا تعلق االمر بالحفاظ على النظام العام ‪.‬‬

‫و ما دام ان الحارس البلدي قد أدين من طرف محكمة الجنايات بجناية القتل العمدي‬
‫مع معاقبته بـ ‪ 12‬سنة سجنا فان المسئولية تكون على أساس الخطأ الشخصي الذي ال تتحمله‬
‫الدارة المستخدمة فاإلدارة ال تضمن إال الخطأ المرفقي و الذي من النادر ان يكون خطأ جزائيا‬
‫عمديا فالعمد معناه ان العون االداري انما سلك سلوكا بصفته انسانا فال يمكن اقامة المسؤولية‬
‫إال على أساس خطئه الشخصي و يكون وحده المسئول عن دفع التعويض و ال يهم ان يكون‬
‫الفعل االجرامي العمدي قد ارتكب أثناء تأدية الوظيفة او بسببها من خالل استعماله سالحه الناري‪.‬‬

‫‪ -‬ان االمر يتعلق بخطأ مرفقي ‪:‬‬

‫حقيقة لقد ارتكب الحارس البلدي جريمة القتل العمدي أثناء ممارسته لوظيفته في حفظ النظام‬
‫العام في السوق االسبوعي للغنم ‪.‬و حقيقة ايضا أنه استعمل في قتل الضحية السالح الناري المسلم‬
‫له بموجب وظيفته و على ذلك فان الفعل االجرامي ارتكب بمناسبة الوظيفة و بسببها ‪ ،‬لكن ال‬
‫يمكن اعتبار هذ الخطأ كم ذهب اليه ورثة الضحية خطا مرفقي بل هو خطأ شخصي ينسب‬

‫‪82‬لحسين بن شيخ اث ملويا ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪171‬‬


‫الى الفاعل وحده و يكون الحارس البلدي هو المسؤول عن دفع التعويض بمفرده و يبقى‬
‫‪83‬‬
‫االختصاص للقاضي العادي و ليس للقاضي االداري‪.‬‬

‫و على ذلك يرى االستاذ الحسين بن الشيخ اث ملويا معلقا على قرار مجلس الدولة الساف‬
‫الذكر بأن تعبير مجلس الدولة في كون الخطأ غير مصلحي جاء مطابقا للقانون ‪ ،‬ذلك انه‬
‫في حالة الجرائم الغير العمدية قد نوجد امام خطأ مرفقي لكن في الجرائم العمدية فانه من النادر‬
‫ان نكون امام خطأ مرفقي ‪.‬‬

‫قرار مجلس الدولة الصادر بتاريخ ‪ 1111/12/31‬و الذي يتمحور حول‬ ‫أما بالرجوع الى‬
‫قضية ارتكب فيها دركي جريمة قتل عمدي بمسدس خارج اوقات العمل‪ ،‬فاعتبر مجلس الدولة‬
‫ان الجريمة جنائية من جرائم القانون العام و ال عالقة لهذه الجريمة بوظيفة المحكوم عليه كدركي‬
‫و بالتالي فان مسؤولية التعويض عن الضرر الناتج عن فعله تقع على عاتقه و ليس على عاتق‬
‫االدارة التابعة لها‪.84‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬اثر قيام المسؤولية على أساس الخطأ‬

‫يجوز للمتضرر من خطأ االدارة المصلحي أو الخطأ الشخصي للموظف ان يختار بحرية‬
‫ان يرفع دعواه أمام القاضي االداري او ان يرفع دعواه ضد الموظف و مطالبته بالتعويض‬
‫عن الضرر الذي اصابه ‪ ،‬و لما كانت االدارة ال تسأل نهائيا اال عن الخطاء التي يرتكبها‬
‫‪.‬‬ ‫‪85‬‬
‫الموظفون و هم يستهدفون الصالح العام ‪ ،‬فان مساءلتها تجد أساسا في النشاط‬

‫و سنحاول في هذا المطلب التعرض الى القواعد القانونية المطبقة للحكم بمسؤولية االدارة‬
‫(الفرع أول) و معرفة طبيعة الدعوى التي تقيمها االدارة ضد الموظف (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬القواعد القانونية المطبقة للحكم بمسئولية االدارة‬

‫غالبا ما نجد المتضرر كان يلجأ مباشرة ليقيم دعواه امام الغرف االدارية للمجالس‬
‫للمطالبة بالتعويض عن االضرار التي لحقته من جراء‬ ‫القضائية (المحاكم االدارية حاليا )‪،‬‬
‫االعمال المعيبة للموظف ‪.‬‬

‫‪83‬لحسين بن شيخ اث ملويا ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪171‬‬


‫‪84‬‬
‫قرار مجلس الدولة – الغرفة الرابعة – ‪.‬الصادر بتاريخ ‪. 1111/12/31‬رقم القرار ‪.121811‬‬
‫سعاد الشرقاوي ‪.‬مرجع سابق ‪ .‬ص ‪. 221‬‬ ‫‪85‬‬
‫و قد اتيحت الفرصة حينها للمجلس االعلى الجزائري ان يؤكد مسؤولية الدولة بسبب اعمال‬
‫تعرض لها في محافظة الشرطة تتمثل في عملية ضرب ألحقت به أض ار ار خطيرة تمثلت في الحاق‬
‫عجز دائم يقدر بنسبة ‪ %21‬في عينه اليسرى ‪،‬تقدم المدعى بدعواه أمام الغرفة االدارية بالمجلس‬
‫فمنحته الغرفة االدارية تعويضات‪ ،‬و اثر استئناف أمام الغرفة االدارية بالمجلس االعلى هذا االخير‬
‫اكد ان حق المتضرر في التعويض عما اصابه من أضرار بسبب تعرضه للضرب من طرف رجال‬
‫الشرطة‪. 86‬‬

‫كما تسأل الدولة عن تعويض الخطأ الشخصي الذي يرتكبه القاضي االداري و الذي ال‬
‫يمكن فصله تماما عن المرفق ‪ ،‬و تكون مسؤولية الدولة في هذه الحالة نوعا من الضمان‬
‫‪87‬‬
‫‪.‬‬ ‫للمضرور ‪ ،‬بحيث ترجع الدولة على من ارتكب الخطأ الشخصي‬

‫كما انه يحق لذوي الضحية مطالبة االدارة عن العمل غير المشروع الذي يرتكبه العون‬
‫أ ثناء تأدية لوظيفته أو بسبها‪ ،‬و هذا مما جاء في القرار الصادر عن الغرفة االدارية بالمحكمة‬
‫‪88‬‬
‫و تتلخص حيثياته في ‪:‬‬ ‫العليا الصادر بتاريخ ‪1172/11/12‬‬

‫حيث ان الضحية أو ذوي حقوقها ال يفقدون عندما يرفعون دعوى مدنية على العون‬
‫المعني حق رفع دعوى الى الجهة القضائية االدارية للمطالبة بالتعويض و هي الدعو الموجهة ضد‬
‫الشخص العام الذي يعمل المتسبب في الضرر لحسابه و المبينية على خطأ المرفق ‪.‬‬

‫حيث ان القاضي االداري و عندما استعمل الضحية في نفس الوقت هذه الطريق القانونية‬
‫المزدوجة يعلق تسديد الشخص العام التعويض الذي يحكم عليه بدفعه للضحية‪ ،‬على حلول‬
‫الشخص العام محل هذه االخيرة في الحقوق التي تنشأ للضحية او لذوي حقوقها ‪...‬‬

‫حيث أن المستأنف فيما يتعلق في هذه القضية و بالرغم من أنه قد رفع دعواه على العون‬
‫في الضرر يحق له و يستطيع رفع دعوى ضد المرفق و ال يمكن النطق بعدم سماع‬ ‫المتسبب‬
‫الدعوى بخصوص الدعوى الثانية استنادا الى امكانية وجود الدعوى االولى ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬طبيعة الدعوى التي تقيمها االدارة ضد الموظف‬

‫المجلس االعلى‪.‬الغرفة االدارية ‪ 22.‬جوان ‪ . 1182‬وزير الداخلية ضد السمتي نبيل ‪،‬مجموعة احكام القضاء االداري‬ ‫‪86‬‬

‫لبوشحدة و خلوفي ‪.‬ص ص ‪.82 ، 82‬‬


‫رمزي الشاعر ‪.‬المسؤولية عن أعمال السلطة القضائية ‪ .‬دار النهضة العربية ‪ :‬القاهرة ‪ . 1172.‬ص ‪.222‬‬ ‫‪87‬‬

‫‪88‬‬
‫قرار الغرفة االدارية ‪ .‬المحكمة العليا ‪ . 1172/11/12.‬المجلة القضائية ‪ .1171 .‬ص ‪. 231‬‬
‫اذا قام المضرور بمالحقة االدارة و حصل على تعويض منها كما هو واضح في قرار‬
‫‪ Larvelle‬بحيث ان الضحية ملزمة برفع دعواها على االدارة‪ ،‬و لالدارة حق الرجوع فيما بعد‬
‫و بصدور حكم ‪ Larvelle‬اكتمل تطور مادة المسؤولية االدارية كما يرى البعض اذا اعيد التوازن‬
‫المفقود الى االدارة وموظفيها تبعا لقواعد أخذ مجلس الدولة الفرنسي على عاتقه تحديدها في‬
‫أحكامه و هذا المبدأ كرس ايضا من طرف محكمة التنازع بقرار ‪ Motiz‬حيث قضت بأن جهات‬
‫القضاء االدارية يمكنها نظر منازعات مسؤولية عالقة االدارة بموظفيها و فيما يتعلق بحق رجوع‬
‫االدارة على الموظفين تكون جهات القضاء االدارية هي المختصة بنظر النزاع غير أن تحمل‬
‫االدارة عبئ أطاء موظفيها اي كانت طبيعة هذه االخطاء وصلتها بالمرفق العام فيه تهديد لخزانة‬
‫الدولة و تنمية بالشعور بعدم المسؤولية لدى الموظفين و حسن ما فعل مجلس الدولة الفرنسي‬
‫عندما سمح لإلدارة بالرجوع على الموظفين السترداد مبلغ التعويض اذا كان خطأ الموظف منفصال‬
‫ذهنيا أو معنويا عن المرفق العام و ال يسمح لها بهذا الرجوع اذا كان الخطأ متصال اتصاال مباش ار‬
‫بالمرفق العام و على هذا يمكننا القول ان االدارة ال تتحمل المسؤولية بمفردها اال في حالة الخطأ‬
‫المصلحي أما اذا كان ثمة تعدد في األخطاء بأي صورة من الصور و اضطرت االدارة لسبب‬
‫من األسباب أن تدفع التعويض فإنها تتمتع بحق الرجوع على الموظف بما يقابل نصيبه من الخطأ‬
‫الشخصي غير أن االسراف في تحميل الموظف نتيجة أخطاء العمل قد يدفعه الى التهرب‬
‫‪89‬‬
‫من المسؤولية ‪.‬‬

‫وعليه تبين لنا من خالل تناولنا لهذه القواعد العامة التي يقوم عليها الخطأ الذي يؤدي‬
‫الى مسؤولية االدارة انه يكفي أن يثبت المضرور سوء تنظيم المرفق أو اهماله اذ ان الدعوى ترفع‬
‫مباشرة على االدارة دون رفعها على الموظف كما تبين لنا من ان االدارة تدفع التعويض ثم تعود‬
‫على الموظف المخطأ و هذا في حد ذاته يمثل حماية االدارة للمضرور من اعسار الموظف‬
‫باعتبار ان االدارة تحل محل الموظف و تعوض عن الخطأ الذي ارتكبه و هذا يمثل اكبر ضمانا‬
‫من أجل بناء دولة القانون‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬المسؤولية اإلدارية الغير خطئيه عن أعمال الشرطة‬

‫قد قضى القضاء االداري بأنه هناك أضرار يسببها نشاط االدارة و أعمالها دون أن يكون‬
‫هناك خطأ من جانبها او من جانب موظفيها بحيث يصبح اشتراط و تطلب ركن الخطأ للحكم‬
‫بالمسؤولية في مثل هذه الحاالت متعارضا مع ابسط قواعد العدالة ‪ ،‬فجاء في تقرير مفوض الدولة‬
‫السيد بازلي " ‪...‬اننا نرى أنه ما لم يوجد نص تشريعي مضاد فان العدالة تقضي بان تكون الدولة‬

‫‪89‬‬
‫فريجة حسين‪.‬مسؤولية االدارة عن أعمال موظفيها ‪.‬مجلة مجلس الدولة العدد رقم ‪ . 2111. 2‬ص ‪. 11‬‬
‫مسئولة قبل العامل المصاب عن المخاطر التي خلقها له مشاركته في تسيير المرفق العام‬
‫و ان االدارة ال تسأل عن األضرار الناجمة عن استعمال مرفق البوليس إال اذا كان السبب فيها‬
‫خطأ جسيما ارتكبه رجال البوليس‪ ،‬و لكن مسؤولية االدارة في هذا السبب يجب التسليم بها حتى‬
‫و لو لم يكن هناك خطأ إطالقا في حالة استعمال رجال البوليس ألسلحة او ادوات خطيرة تتضمن‬
‫بذاتها مخاطر استثنائية بالنسبة لألشخاص أو االموال‪ ، "...‬لقد قرر القضاء االداري و رسخ‬
‫المشرع الفرنسي مسؤولية االدارة العامة في حالة تخلف ركن الخطأ ‪ ،‬اي مسؤولية االدارة دون خطأ‬
‫كما ان القضاء الجزائري تأثر بذلك خاصة و ان مجموعة كبيرة من التشريعات الفرنسية التي طبقت‬
‫‪90‬‬
‫في فترة االحتالل امتد سريانها بعد االستقالل ‪.‬‬

‫فإذا كان الخطأ المرفقي او الشخصي للعون هو أساس المسؤولية االدارية التي تقوم‬
‫كقاعدة عامة على ركن الخطأ فيكون أساسا لتحميل االدارة عبئ التعويض‪ ،‬فعلى أي اساس تتحمل‬
‫لالجابة عن هذا التساؤل وجب التطرق‬ ‫االدارة عبئ التعويض في مسؤوليتها دون خطأ؟‬
‫الى نظرية المخاطر باعتبارها االساس القانوني و السليم الذي تستند اليه مسؤولية االدارة من دون‬
‫توفر خطأ‪ ،‬الشأن الذي يدفعنا الى االحاطة بهذه النظرية باعتبارها أساس لقيام للمسؤولية االدارية‬
‫(المطلب األول) ثم التطرق الى أثار تطبيق نظرية المخاطر(المطلب الثاني )‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬نظرية المخاطر كأساس لقيام للمسؤولية االدارية‬

‫قد ظهرت المسؤولية االدارية على أساس المخاطر أساسا في القانون الخاص وبالتحديد‬
‫في القانون المدني في مجال المخاطر المهنية‪ ،‬لكن تطورت المسؤولية على أساس المخاطر‬
‫في إطار القانون العام وأصبحت تشمل مختلف ميادين النشاط اإلداري و باألخص منها نشاط‬
‫الشرطة و هذا نتيجة للدور الذي يلعبه أعوان الشرطة في حفظ النظام العام و ما قد يرتبه هذا‬
‫النشاط من اضرار نتيجة االحتكاك باألفراد و مؤدى فكرة المخاطر انه إذا احدث نشاط السلطة‬
‫العامة خطأ ألحد األفراد من دون خطأ فأنها تلتزم بتعويض المضرور إذا كان الضرر جسيما‬
‫وخاصا ‪،‬فوجود هذه المخاطر هو الذي يبرر هذه المسؤولية و لمعالجة هذا الطرح استوجب منا‬
‫التطرق‪،‬ألسس نظرية المخاطر باعتبارها أساس قانوني لقيام المسؤولية االدارية (الفرع االول)‬
‫و خصائص نظرية المخاطر (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع االول ‪ :‬أسس نظرية المخاطر كأساس قانوني للمسؤولية االدارية ‪:‬‬

‫‪90‬‬
‫عوابدي عمار ‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪،‬ص ‪. 172، 171‬‬
‫تستند نظرية المخاطر او تحمل التبعة كأساس لمسؤولية السلطة االدارية الى خلفيات‬
‫قانونية و دستورية و اجتماعية و منها مبدأ الغنم بالغرم ‪،‬و مبدأ التضامن االجتماعي و مبدأ‬
‫العدالة المجردة التي تحتم و تستوجب رفع الضرر مهما كان مصدره مجهوال و مبدأ المساواة أمام‬
‫األعباء و التكاليف و الوضعيات العامة ‪ .‬كما كان هناك اعتبارات و مبررات فلسفية و سياسية‬
‫اقتصادية و اجتماعية قامت حديثا تدعم قيام هذه النظرية منها فلسفة التدخل التي اصبحت سمة‬
‫من سمات الدولة الحديثة النتشار االفكار و النظريات االشتراكية و النظريات الشمولية الجماعية‬
‫و تزايد االزمات االقتصادية و االجتماعية فترتب و نتج عن ذلك طغيان المصلحة العامة‬
‫و التضحية الى حد ما بحقوق و حريات االشخاص الخاصة و الذين أصبحوا في ظل هذه النظم‬
‫و سيادة مصلحة الجماعة بالوضوح و التنازل‬ ‫الحديثة مطالبين بحكم ضرورة و حتمية علو‬
‫أمامها مختارين أو مكرهين و التضحية بمصالحهم الخاصة ‪ ،‬فصار حتميا تبعا لذلك قيام نظرية‬
‫المخاطر او تحمل التبعة كضمان أمان لحماية هذه الحقوق الخاصة و حتى ال تتحول اعمال‬
‫‪91‬‬
‫السلطة االدارية و نشاطاتها الى عمل قهر مادي و اغتصاب غير شرعي لحقوق االفراد‪.‬‬

‫و عليه سوف نتطرق ألهم االسس القانونية التقليدية لنظرية المخاطر القانونية و فقا لما يلي ‪:‬‬

‫اوال ـ مبدأ الغنم بالغرم‬

‫ان قاعدة الغنم بالغرم أي مبدأ االرتباط بين المنافع و العباء تقوم أساسا قانونيا لنظرية‬
‫المخاطر او تحمل التبعة‪ ،‬ذلك أن منطق هذه القاعدة يحتم على الجماعة التي تعود عليها المنافع‬
‫و الفوائد من األعمال و النشاطات االدارية التي تقوم بها السلطة االدارية العامة تحقيقا لصالح‬
‫الجماعة العامة و التي سببت اضرار للغير من االشخاص و االفراد يجعل من المحتم تحمل‬
‫الجماعة العامة في مقابل المغنم و الثمار و الفوائد التي جنتها و عادت عليها من االعمال االدارة‬
‫الضارة يجب عليها في مقابل ذلك ان تتحمل في النهاية عبئ دفع التعويض للمضرور و ذلك‬
‫عن طريق التعويض الذي يجب أن تدفعه الدولة باسم الجماعة العامة من الخزينة العمامة‬
‫التي تتكون من مجموع الضرائب و الرسوم التي يدفعها أفراد هده الجماعة أي ان الخزينة العامة‬
‫‪92‬‬
‫هي ذمة الجماعة العامة التي يجب على الدولة ان تتحمل فيها مسؤولية مغانمها ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫عوابدي عمار‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص ‪. 620‬‬
‫سعاد الشرقاوي ‪ .‬مرجع سابق ‪.‬ص ‪.111‬وانظر ايضا‪:‬مسعود شيهوب‪،‬المسؤولية عن االخالل بمبدا المساواة وتطبيقاتها‬ ‫‪92‬‬

‫في القانون االداري‪،‬دراسة مقارنة‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر‪،2111،‬ص‪ 1‬وما يليها‪.‬‬


‫ثانيا ‪ .‬مبدأ التضامن االجتماعي‬

‫ان مبدأ التضامن االجتماعي في المجتمع الذي يحركه و يقوده الضمير الجماعي‬
‫يستوجب على هذه الجماعة أن تدفع الضرر االستثنائي الذي يتسبب ألحد اعضائها بالتعويض‬
‫الذي يجب أن تدفعه الدولة من الخزينة العامة للمضرور على اعتبار ان هذه الدولة ممثلة و اداة‬
‫لهذه الجماعة كما ان الصالح العام للجماعة يقضي أن يرفع الضرر االستثنائي الذي يلحق بأحد‬
‫افراد هذه الجماعة ال ن فكرة الصالح العام في مفهومها الديناميكي تعني تحقيق العدالة و التقدم‬
‫فمن مصلحة الجماعة بكل تأكيد أن تعويض االضرار التي تصيب أفرادها من جراء العمل‬
‫و النشاط الجماعي تحقيق للصالح العام حتى يسود االطمئنان و االستقرار النفسي ‪.‬‬

‫وان هذا االلتزام للدولة بالتعويض عن االضرار التي سببتها مخاطر العمل و النشاط‬
‫االداري هو التزام قانوني و ليس التزام أدبي أخالقي ذلك ان هذه الجماعة عندما تسأل عن مخاطر‬
‫و نشاط السلطة االدارية ألنها اوال قد استفادت و كسبت من جراء هذه االضرار و ثانيا ان مصلحة‬
‫هذه الجماعة العامة قد طغت في ظل النظم السياسية و االجتماعية للدولة الحديثة على حساب‬
‫حقوق و مصالح االفراد الخاصة لدرجة انها حولتها مع التطور الى مجرد مراكز قانونية ذاتية‪.‬‬

‫كما ان اصبح من المسلم به في الدول الحديثة انها مسؤولة عن اتخاذ كافة االحتياطات‬
‫الوقائية لحماية حقوق االفراد و حرياتهم ‪ ،‬االمر الذي يجعل مسؤولية الجماعة ممثلة‬
‫في السلطة االدارية العامة التي تعمل لصالحها مسؤولية قانونية بالمعنى الفني الدقيق و ليس‬
‫التزام اخالقي فلو كان الذي يتحمل عبئ المسؤولية هنا هو شخص عادي المكن مشاركة الفقيه‬
‫‪93‬‬
‫الفرنسي هوليو الرأي و القول ان المسؤولية هنا هي مسؤولية اخالقية و ليست قانونية ‪.‬‬

‫اما و ان الدولة هي التي تتحمل عبأ دفع التعويض من الخزينة العامة فمن المغالطة‬
‫للحقيقة القول بأن مسؤوليتها في هذه الحالة هي مسؤولية أخالقية اساسها الشفقة و الرحمة‬
‫و مضمونها المساعدة ة اننا نعتقد بان الذي أغرى الفقيه هوليو فيما ذهب اليه هنا هو فكرة الدولة‬
‫الحارسة اما و ان الدولة قد اصبحت دولة متدخلة فان رأيه هذا قد أصبح في حاجة الى اعادة‬
‫في الوقت الحاضر بالحقوق االجتماعية‬ ‫النظر‪ ،‬هكذا تبرر النظرية التضامنية ضرورة ما يسمى‬
‫و االقتصادية لألفراد باعتبار بأن روابط التضامن االجتماعي بين االفراد توجب هذه الحقوق‬
‫و تسمح بقيامها جنبا الى جنب مع الحريات الفردية و من ثم توسع النظرية التضامنية من دائرة‬

‫سعاد الشرقاوي‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪121‬‬ ‫‪93‬‬


‫حقوق االفراد قبل الدولة و من هذه الحقوق رفع االضرار التي يسببها عمل و نشاط السلطة‬
‫االدارية ال عامة حتى وان انعدم خطؤها او انتفى هذا و تجدر االشارة ان المشرع الفرنسي قد تعتنق‬
‫‪94‬‬
‫هذا المبدأ كأساس للمسؤولية على اساس نظرية المخاطر ‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫ثالثا ‪ .‬مبدأ المساواة امام االعباء العامة‬

‫اذ كان مبدأ المساواة القانونية يعني المساواة في المعاملة بين جميع افراد الدولة طبقا‬
‫للقاعدة القانونية العامة دون تمييز او استثناء و تحميل جميع االفراد قد ار متساويا من الحريات‬
‫العامة معنوية كانت او مادية او تقرير و فرض في حقهم قد ار متساويا من االعباء و التكاليف‬
‫و الواجبات العامة و لذلك يكون لمبدأ المساواة وجهان‪.‬‬

‫الوجه االول يتمثل في المساواة في الحقوق و المنافع التي تتمثل و تتجسد بدورها‬
‫في المساواة أمام القانون و المساواة امام الوظائف العامة والمساواة امام خدمات المرافق العامة‬
‫و الوجه الثاني يمثل المساواة في االعباء العامة و التكاليف و هي تتجسد في المساواة امام‬
‫الضرائب و المساواة امام الخدمة العسكرية أي المساواة في االعباء و التكاليف العامة بالمفهوم‬
‫االداري الخاص هو الذي يقوم اساسا في نظرية المخاطر او تحمل التبعة كأساس قانوني لمسؤولية‬
‫السلطة االدارية دون خطا من موظفيها و احترام قدسية هذا المبدأ في القانون العام مبدأ مساواة‬
‫الجميع امام األعباء والتضحيات العامة يحتم قيام و انعقاد مسؤولية االدارة على أساس المخاطر‬
‫ذلك ان كل ضرر يصيب‬ ‫في حالة حدوث ضرر أو أضرار خاصة و استثنائية لبعض االفراد‬
‫فردا او شخصا ما في الدولة و يجاوز من حيث طبيعته او أهميته او مدته ما تجيب الحياة العامة‬
‫او المصلحة العامة تحمله و من شأنه ان يخل او يهدم مبدأ المساواة امام التكاليف و االعباء‬
‫العامة بين المواطنين في الدولة حيث يفرض على البعض منهم في سبيل المصلحة العامة تكاليف‬
‫و اعباء و تضحيات تزيد عن تلك التي يتحملها باقي أعضاء الجماعة في الدولة فيختل بذلك‬
‫في بناء مبدأ المساواة امام االعباء العامة‪.‬‬

‫و السيما ان المساواة الحقيقية و الفعلية في الوقت الحاضر هي المساواة في التضحية‬


‫و التكاليف و الواجبات مما يتوجب اعادة و اصالح هذا التوازن المختل بتشتيت خسارة الضرر‬
‫الناجم بتوزيع عبئ التعويض المستحق للمضرور على ألفراد الجماعة العامة الذي تدفعه الدولة من‬
‫الخزينة العامة التي تتكون من مجموع الضرائب و االرادات العامة التي يتحمل اعباؤها الممولون‬

‫سعاد الشرقاوي‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪. 121‬‬ ‫‪94‬‬

‫‪95‬‬
‫عمار عوابدي ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.111‬‬
‫المواطنون في هذه الدولة و هذه الخزينة العامة التي كانت ايضا السبب المباشر الذي حرك النشاط‬
‫االداري ال ضار و بذلك توزع قيمة التعويض على أفراد الجماعة الممولين لخزانة الدولة االمر الذي‬
‫يؤدي الى اعادة بناء مبدأ المساواة امام االعباء العامة و بذلك يؤدي هذا المبدأ الى ضرورة قيام‬
‫نظرية المخاطر او تحمل التبعة كأساس لمسؤولية االدارة العامة و لقد اشار المشرع الجزائري‬
‫الى مبدأ المساواة امام االعباء و التكاليف العامة هذا كأساس لنظرية المخاطر التي توجب و تحتم‬
‫قيام مسؤولية االدارة الجزائري عن النشاطات الضارة و قرر ذلك قانون البلدية الذي نص‬
‫على ان التعويضات المستحقة و المحكوم عليها على البلديات في نطاق مسؤوليتها فهكذا نرى‬
‫المشرع الجزائري قد جسد مبدأ المساواة امام االعباء و التكاليف العامة للدولة الجزائرية كأساس‬
‫‪96‬‬
‫لمسؤوليتها‪.‬‬

‫فهكذا اذن تهتم نظرية المساواة امام االعباء العامة اساسا بالضرر و ترتكز على اصالحه‬
‫دون أدنى اهتمام بالخطأ الذين يعتبران حسب وجهة بعض أنصار النظرية مجرد شروط لقيام‬
‫المسؤولية و ليس اساسا لها ‪.‬‬

‫فحسب رأي االستاذ ‪ A .De Laubader‬أنه اليمكن ان ينسب الخطأ في مجال القانون‬
‫االداري الى االدارة مباشرة‪ ،‬فالخطأ يرتكب من قبل موظفين مجهولين‪ ،‬وتتحمل المسؤولية ذمة مالية‬
‫أخرى غير ذمة مرتكب الخطأ‪ ،‬و هو ما يبين أن الخطأ ليس سوى شرط من شروط قيام المسؤولية‬
‫و ليس أساسا لها‪.‬‬

‫يرى االستاذ شيهوب حسب هذا التحليل أنه هو في حقيقته أساس عام و وحيد للمسؤولية‬
‫االدارية‪،‬و يتطلب تعميمها فكلما حصل ضرر كلما كان هناك مساس بمبدأ المساواة‪ ،‬و قامت‬
‫المسئولية و لكن العتبا ارت مالية فقط حدد القضاء هذه المسؤولية ببعض المجاالت فقط و جعلها‬
‫خارج ذلك مشروطة بوقوع الخطأ هذه االعتبارات المالية تتمثل في الخوف من رؤية الذمة المالية‬
‫العامة تثقل بأعباء ضخمة‪ ،‬و هكذا لم يعد وفقا لهطه النظرية ممكنا في مجتمع الدولة المعاصرة‬
‫القوية و المنظمة تقنيا القول بأن الخطأ هو وحده مصدر الضرر المستوجب للتعويض فالضرر‬
‫‪97‬‬
‫كثي ار ما يكون نتيجة حتمية لسير المرافق العامة ‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫مسعود شيهوب ‪.‬المرجع السابق ص ص ‪. 2-1‬‬
‫‪97‬‬
‫مسعود شيهوب ‪.‬مرجع سابق‪.‬ص‪.2‬‬
‫كما ان مبادئ العدل و االنصاف تقتضي ان ال يتحمل أي فرد بسبب أضرار االدارة أعباء‬
‫اضافية أكثر من اآلخرين‪ ،‬ولذلك ينبغي ان تعوض الدولة –الفاعل غير المباشر‪ -‬ضحايا هذه‬
‫االضرار و بذلك يتشكل مبدأ التوزيع العادل لألعباء بين المواطنين في صيغته القانونية ‪.‬‬

‫انه و رغم الرواج الذي القته نظرية المساواة أمام االعباء العامة‪ ،‬و الدفاع عنها من قبل‬
‫غالبية عظمى من الفقه فقد انتقدها و رفضها انصار نظرية المخاطر مثل ‪، R. CHAPUS‬سعاد‬
‫الشرقاووي ابراهيم الفياض‪،‬دمحم نصر الرفاعي‪ ،‬فهؤالء يستبعدون ان تكون نظرية المساواة اساسا‬
‫للمسؤولية العامة او الخاصة‪ ،‬و لو حتى بصور جزئية ‪ ،‬اذ اعتبرها الفقيه ‪ G.CORNU‬انها مجرد‬
‫فكرة لقياس بعض حاالت المسؤولية و ليس أساسا لها‪ ،‬اذ و في الحقيقة أنه ال مفر لالعتراف‬
‫لنظرية المساواة بدور معين في تأسيس المسؤولية الغير خطئية‪ ،‬و في نفس الوقت ال مفر كذلك‬
‫‪98‬‬
‫من التقرير بأن هذه النظرية ليست هي األساس الوحيد للمسؤولية الغير خطئية‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬خصائص نظرية المخاطر في القانون الجزائري‬

‫تتميز نظرية المخاطر كأساس لمسئولية االدارة عن اعمال موظفيها بمجموعة‬


‫من الخصائص تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫اوال‪.‬نظرية المخاطر نظرية قضائية في عمومها‬

‫يعود الفصل في وجود نظرية المخاطر و تطبيقها الى القضاء االداري و خاصة القضاء‬
‫االدراي الفرنسي‪ ،‬الذي توسع في كثير من قواعدها و أسسها و حدد شروطها و مجالت تطبيقاتها‬
‫بخالف دور المشرع فيها الذي يعتبر دور ضعيف ‪ ،‬حيث أن المشرع قد قرر هذه النظرية‬
‫في نطاق محدود جدا ‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬يشترط فيها صدور قرار اداري ‪:‬‬

‫اذا كان نشاط السلطة االدارية و أعمالها يشمل التصرفات القانونية التي تجريها و منها‬
‫الق اررات االدارية و االعمال المادية التي تأتيها فانه ال يشترط في تطبيق هذه النظرية صدور قرار‬
‫حتى يحكم بالمسؤولية االدارية على اساسها و هي بذلك تختلف و تتميز عن كل‬ ‫اداري‬

‫‪98‬‬
‫مسعود شيهوب ‪ .‬مرجع نفسه‪.‬ص ‪.7‬‬
‫‪99‬‬
‫عمار عوابدي‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪ -‬ص‪. 212-212‬‬
‫من نظرتي االنحراف بالسلطة االدارية و التعسف باستعمال الحقوق االدارية اللتان يشترطا في‬
‫حقهما صدور قرار اداري‪.‬فنظرية المخاطر تقوم اساسا لمسؤولية السلطة االدارية عن أعمال‬
‫موظفيها في حالة الضرر الناشئ عن الق اررات السليمة من العيوب المعروفة التي قد تشوب أركانها‬
‫بحيث ال تصبح تشكل خطأ مرفقيا او وظيفيا على النحو السابق بيانه‪.‬‬

‫ثالثا‪ .‬نظرية المخاطر نظرية تكميلية استثنائية ‪:‬‬

‫ان االساس القانوني للمسؤولية االدارية بصفة خاصة هو الخطأ ‪ ،‬و لكن باعتبار النشاط‬
‫الضار الصادر عن اعوان االدارة قد تالبسه ظروف تجعل الخطأ معدوما فال يتطلب القضاء اثباته‬
‫للحكم بالتعويض للمضرور من قبل االدارة العامة ‪ ،‬االمر الذي يجعل من هذه النظرية ذات مكانة‬
‫استثنائية فهي كصمام أمان و صيغة قانونية تحقق التوازن بين الحقوق و االمتيازات المقررة‬
‫لالدارة‪.‬‬

‫رابعا‪ .‬الجزاء عل اساس نظرية المخاطر يكون التعويض ‪:‬‬

‫ان تطبيق نظرية المخاطر يؤدي الى الحكم بالتعويض حيث ان هذه النظرية ال عالقة لها‬
‫‪101‬‬
‫‪.‬‬ ‫بقضاء االلغاء ‪100‬و هي تختلف عن نظرية االنحراف بالسلطة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تطبيقات نظرية المخاطر‬

‫االمن ليس هدفا‪ ،‬بل هو وسيلة تمكن األفراد من انجاز أهدافهم ‪،‬انهم يحتاجون دائما‬
‫‪102‬‬
‫لكن في بعض االحيان و أثناء تأدية مرفق‬ ‫الى االمن للقيام بواجباتهم و ممارسة حقوقهم ‪،‬‬
‫االمن لنشاطه المتمثل في حفظ النظام العام ‪،‬قد يتسبب في أضرار للغير‪،‬و في نفس الوقت تكون‬
‫هذه الحاالت غير منطبقة مع شروط قيام مسؤولية الدولة بناءا على خطأ ‪،‬فابتدع المشرع الفرنسي‬
‫و اتبعه في ذلك القضاء الجزائري نظرية أو مبدأ المسؤولية االدارية بدون خطأ مؤسسة على مبدأ‬
‫‪103‬‬
‫وعليه سوف‬ ‫المخاطر و باألخص مخاطر استعمال األسلحة و االالت الخطيرة و المتفجرات ‪،‬‬

‫دعوى اإللغاء‪ :‬هي التي تعرض امام القضاء االداري عن طريق الطعن في قرار اداري معين وطلب الغاءه بسبب عدم‬ ‫‪100‬‬

‫شرعيته وتوجه الخصومه في دعوى اإللغاء إلى قرار الئحي عام او قرار اداري فردي حيث تنحصر سلطة القاضي في‬
‫التحقيق من مشروعيته فإذا ثبت له مخالفة القرار حكم بإلغائه دون امتداد سلطته الى اكثر من ذلك ‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫االنحراف بالسلطة ‪ :‬يوجد انحراف بالسلطة عندما تستخدم االدارة اختصاصاتها من أجل غرض غير المصلحة العامة‬
‫بشرى اليعقوبي ‪.‬مسؤولية الدولة عن األعمال االرهابية‪ ،‬رسالة تخرج ماستر القانون العام المعمق ‪ ،‬جامعة عبد المالك‬ ‫‪102‬‬

‫السعدي بطنجة ‪ .‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ‪.‬السنة الجامعية ‪. 2118.2117‬ص ‪.21‬‬
‫‪103‬‬
‫لطيفة الخال ‪ .‬مسؤولية الدولة عن االرهاب ‪.‬رسالة لنيل الدراسات العليا المعمقة‪ .‬جامعة الحسن الثاني عين الشق‪،‬الدار‬
‫البيضاء‪،‬المغرب ‪.‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ‪.‬السنة الجامعية ‪. 2111،2112‬ص ‪.88‬‬
‫نتطرق الى تطبيقات هذه النظرية في ظل االجتهاد القضائي الفرنسي (الفرع االول) ثم نتطرق‬
‫الى تطبيقات نظرية مخاطر استعمال السالح بالنسبة للقضاء الجزائري(الفرع الثاني )‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المسؤولية االدارية نتيجة استعمال السالح في ظل االجتهاد الفرنسي ‪:‬‬

‫و قرار ‪Franquette‬‬ ‫‪Lecomte‬‬ ‫قراري‬ ‫لقد اصدر مجلس الدولة الفرنسي‬


‫و ‪ Daramy‬في ميدان المسؤولية االدارية بسبب مخاطر استعمال االسلحة و تضمنا نفس‬
‫الصياغة القانونية ليخطو تطو ار قضائيا مهما في مجال مسؤولية مرفق حفظ االمن العام‪.‬‬

‫فبتاريخ ‪ 1113/12/28‬ليا‪ ،‬حدث شجار بأحد شوارع مدينة بوردو الفرنسية بين ثالثة‬
‫أشخاص و سائق و سيارة أجرة الذي أصيب بطعنة سكين‪ ،‬اثرها قام عون االمن العمومي بمالحقة‬
‫احد الفاعلين لذي حاول الهرب‪ ،‬و بعد ان وجعه له عدة انذارات للتوقف أطلق عليه عيارات نارية‬
‫أصابت احداها السيدة ‪ Daramy‬اصابة قاتلة ‪.‬‬

‫و في يوم ‪ 1112/12/11‬ليال بالعاصمة باريس وجه أعوان األمن العمومي اشارة لسيارات‬
‫قادمة من أجل التوقف لكن السيارة تعدت الحاجز‪ ،‬فقام أحد األعوان بإطالق النار من رشاش‬
‫فأصيب السيد ‪ Lecomte‬الذي كان جلسا بباب محله ‪.‬‬

‫لقد قبل القضاء الفرنسي مسؤولية الدولة عن اعمال التحقيق االبتدائي و لكنه ميز بين‬
‫الغير و بين المعنيين في عملية التحقيق ‪ ،‬ان المسؤولية في الحالة االخيرة ال تقوم اال بوجود خطا‬
‫جسيم بينما في االولى تقوم دون وجود خطأ ‪ ،‬و لقد قررت بذلك محكمة البداية االولى لمدينة‬
‫''ألسين '' في قرارها بتاريخ ‪ 31‬ماي ‪ 1181‬فعلى اثر خطأ في هوية الضحية كانت هذه االخيرة‬
‫محل أمر بالقبض في الوقت الذي لم تكن فيه معنية ال في الشكوى و ال في طلب االفتتاح و ال‬
‫ف ي أوراق ملف التحقيق ‪ ،‬ان ضحية تعتبر من الغير بالنسبة إلجراءات التحقيق و ان المسؤولية‬
‫االدارية يمكن ان تقوم حسب قرار المحكمة و لو في غياب الخطأ بحيث ان التمييز بين الغير‬
‫و المعنيين حسب االستاذة 'مارتين لومبير' هو تمييز تقليدي و ال يخلو من مصاعب‬
‫حتى في مجال األشغال العمومية اين ظهر بشكل مركز بحيث أن نقله الى مجال العمل القضائي‬
‫ال يكون أيضا بدون مصاعب اليس من الممكن اعتبار كل من صدر الحكم ببرائته ا وأمر بأن ال‬
‫وجه القامة الدعوى ضده في حكم الغير و في هذه الحالة فانه ال مجال للحديث اطالقا على الخطأ‬
‫‪104‬‬
‫الجسيم ‪.‬‬

‫من الغير أو‬ ‫و في رأي البعض‪ ،‬انه ال معنى لهذا التمييز أصال اذ سواء كانت الضحية‬
‫من المعنيين بعمليات المتابعة و التحقيق فإنها تستحق التعويض دو شرط الخطأ طالما صدر‬
‫لصالحها حكم بالبراءة أو قرار بأن ال وجه للمتابعة ‪ ،‬فعدم منح الضحية تعويضا إال اذا اثبت وجود‬
‫خطا قضائي بحجة أنها ليست من الغير يعني تعطيل مفعول حكم البراءة و افراغه من محتواه بل‬
‫انه حسب األستاذ عمر الفاروق الفحل فان دعوى المسؤولية هنا ال تناقض حجية الشيئ المحكوم‬
‫فيه و انما هي تقوم على احترام هذا الحكم فالتعويض بناءا على صادر بالب ارءة انما هو تأييد لحكم‬
‫البراءة‪.‬‬

‫اذ ان المشرع الفرنسي نفسه لم يأخذ بهذا التمييز عند تأسيسه نظام المسؤولية عن الحبس‬
‫االحتياطي فقد نص قانون ‪ 1181/18/18‬على نظام خاص للمسؤولية عن العمل القضائي و لكن‬
‫هذه المرة مسؤولية دون خطا أساسها االخالل بمبأ المساواة أمام االعباء العامة و تحدد المواد ‪111‬‬
‫‪ 121‬القواعد الخاصة بمسؤولية الدولة عن االضرار التي يسببها مرفق القضاء العادي‪ ،‬ان األمر‬
‫يتعلق بحاالت الحبس االحتياطي الذي يتوج بقرار بأن ال وجه للمتابعة أو بحكم البراءة و فيما يلي‬
‫عرض سريع لهذا النظام ‪:‬‬
‫‪105‬‬
‫‪ -‬من حيث االختصاص و االجراءات ‪:‬‬

‫يعود االختصاص للجنة خاصة تتكون من ‪ 3‬قضاة محكمة النقض لهم صفة رئيس غرفة‬
‫او مستشار يعينهم مكتب محكمة النقض و تمثا النيابة العامة من قبل نيابة محكمة النقض و مدة‬
‫الطعن أمام اللجنة هي ‪ 2‬اشهر من تاريخ صيرورة القضاء بأن ال وجه للمتابعة او بالبراءة نهائيا‬
‫و تجري المناقشة في الغرفة و هي مناقشة شفوية و يمكن سماع المدعى بناءا على طلبه ‪.‬‬

‫يعلق الفقه بأن حقوق الدفاع مهضومة في هذا النظام فعدم علنية الجلسات و عدم حضور‬
‫المدعى أو من يمثله يأتي هنا من دون مبرر ‪،‬ان تشكيلة اللجنة الكونة من قضاة محكمة النقش‬
‫يضفي عليها الطابع القضائي المدني و يفرض بالتالي على الخصوم التقيد بإجراءات التقاضي‬
‫المتبعة عادة أمام القضاء المدني من حيث شروط التعويض لكي تمنح اللجنة التعويض فال بد ان‬

‫‪104‬مسعود شيهوب ‪.‬المسؤولية عن المخاطر و تطبيقاتها في القانون االداري ‪ ،‬ديوان المطبوعات‬


‫الجامعية‪:‬الجزائر‪.2111.‬ص‪112‬‬
‫‪105‬مسعود شيهوب ‪.‬مرجع سابق‪.‬ص‪.118‬‬
‫يكون قد صدر أم ار بحبس الضحية من قبل قاضي التحقيق و ان تكون هذه الضحية قد استفادت‬
‫في النهاية من قرار بان ال وجه للمتابعة صادر عن قاضي التحقيق او بحكم بالبراءة صادر عن‬
‫المحكمة المختصة ‪.‬‬

‫و أخي ار ال بد ان يكون الضرر الذي أصاب الضحية خاصا وخطي ار كما هو الشأن‬
‫في جميع حاالت المسؤولية عن االخالل بمبدأ المساواة و على العموم فان االحكام الصادرة‬
‫عن اللجنة القضائية هي أحكام نهائية غير قابلة آلي شكل من أشكال الطعن و ال تخضع الي‬
‫تسبيب و تصدر ضد الدولة و يمكنها ان ترجع على شاهد الزور المتسبب في الحبس االحتياطي‬
‫و لكنها ال تستطيع الرجوع على قاضي التحقيق ألنه لم يرتكب خطأ و لو أن 'دفيقنون' يرى بان‬
‫الخطأ موجود‪ ،‬و عدم اشتراط القانون تسبيب ق اررات اللجنة القضائية انما جاء لعدم اظهار هذا‬
‫‪106‬‬
‫الخطأ للكافة‪.‬‬

‫‪ -‬الحل القانوني في ظل االجتهاد السائد ‪:‬‬

‫في ظروف مثل هذه الحوادث كان يمكن ان يتم اعمال مسؤولية الدولة التي وضعها القرار‬
‫‪ 1112/12/11 )C E Tomaso Grecco‬المكرس لمسؤولية االدارة عن فعل‬ ‫الشهير (‬
‫نشاط مرفق الشرطة الذي ربط انعقاد امسؤولية بوجود خطا مرفقي التي حددت مبادئه الحقا‬
‫و القضاء كان قد أخذ بعين االعتبار الصعوبات الخاصة التي تواجه مرفق الشرطة فضيق من‬
‫نطاق المسؤولية بربطها بموجب الخطأ الجسيم الذي وحده يمكنه اقامة مسؤولية الدولة‪ .‬مفوض‬
‫الحكومة ‪ Barbet‬الحظ ان الظروف القضيتين تتجانس مع القضية الشهيرة ‪Tomaso Grecco‬‬
‫التي اشترط فيها مجلس الدولة و جود خطأ جسيم من جانب االدارة لقيام المسئولية ‪ ,‬فالعون‬
‫الذي تسبب في قتل في قتل السيدة ‪ Daramy‬أخطأ التصويب مستعمال آلة جديدة حساسة دون‬
‫ان يتلقى تدريبا على استعمالها اما االعوان المسئولين قتل السيد ‪ Lecomte‬فانه كان عليهم ان‬
‫‪107‬‬
‫يضعوا حواجز لوقف السيارة المشبوهة‪،‬كال الحلتين تمثل حاالت محدودة ‪.‬‬

‫و في قضية السيدة ‪ Daramy‬يكون من الصعب اعتبار ان الشرطة ارتكبت خطأ جسيما‬


‫و فكرة الموجب الصارم لوجود الخطأ الجسيم كانت شرطا قاسيا في مواجهة الضحايا الكثيرين‬
‫ألنشطة مرفق الشرطة الذي يستخدم أعوانه سالحا ذو استعمال معقد و حساس و له قوة استثنائية‪،‬‬
‫في المقابل توجد نظرية للمسؤولية وضعت بالتحديد لبعض حاالت المخاطر مجلس الدولة تتبع‬

‫مسعود شيهوب ‪.‬مرجع نفسه ‪.‬ص‪,117‬‬ ‫‪106‬‬

‫‪107‬‬
‫عادل بن عبد هللاا‪.‬مرجع سابق‪.‬ص‪.122‬‬
‫و قبل مسؤولية الدولة دون خطأ عن فعل استعمال أسلحة نارية ‪.‬و هذا‬ ‫مفوض الحكومة‬
‫االستعمال ينطبق على أنشطة الشرطة القضائية و طبقته محكمة النقض الفرنسية ايضا‪.‬‬

‫‪ -‬شروط المسؤولية عن فعل استعمال األسلحة النارية ‪:‬‬

‫لقد ربط اجتهاد ‪ Lecomte‬مسؤولية الدولة عن استعمال السالح الناري بالمخاطر‬


‫التي تشكلها تلك االسلحة من جهة و درجة جسامة الضرر الذي تسببه من جهة أخرى ثم أضاف‬
‫االجتهاد القضائي شرطا ثالثا يتعلق بوضعية الضحية ‪ .‬و هذا ما سوف يتم توضيحه أسفله‪:‬‬

‫أ‪.‬الطبيعة الخطرة للسالح ‪:‬‬

‫مفوض الحكومة ‪ Barbet‬في خالصة تعليقه ربط تطبيق نظرية المخاطر بوجود ضرر‬
‫ناتج عن استعمال الة تشكل خط ار خاصا‪ .‬قرار مجلس الدولة الفرنسي أخذ هذا الشرط بعين‬
‫االعتبار بإشارته الى حالة استعمال أعوان الشرطة اسلحة أو الة تشكل مخاطر استثنائية بالنسبة‬
‫لألشخاص و االموال ‪ ،‬ثم وسع فيما بعد مفهوم السالح أو األدلة ذات الخطورة االستثنائية مفوض‬
‫الحكومة ‪ Barbet‬في قضيتي ‪ Lecomte‬و ‪ Daramy‬بين اعتقاده بان االعوان المكلفين بحفظ‬
‫االمن العام لألسلحة يعرض االفراد لمخاطر غير عادية تفتح لهم الحق في التعويض اذ تلك‬
‫المخاطر و ركز ايضا على قوة الرشاش المستعمل من قبل العون الذي قتل السيد ‪Lecomte‬‬
‫و الشكل الحديث للسالح و كذا استعماله الدقيق و الحساس بالنسبة للسالح الذي سلم لعون االمن‬
‫الذي أصاب السيدة ‪ Daramy‬اصابة قاتلة‪ ،‬في كال القضيتين أشير لفكرة السالح و االلة التي‬
‫تشكل مخاطر استه استثنائية‪،‬و استمر مجلس الدولة في استعمال نفس الصياغة ‪ ،‬و طبقها على‬
‫المسدس البسيط الذي يمثل الة خطيرة و ليس الة استثنائية ‪.‬إال ان االجتهاد القضائي الحديث‬
‫الذي سحب فكرة السالح و االلة الخطيرة على المسدس البسيط لم يمده الى قذيفة الغازات المسيلة‬
‫للدموع ‪ Grenades Lacrymogènes‬معتب ار بأن استعمالها خالل المظاهرات ال يشكل خط ار‬
‫استثنائيا‪،‬و ال بالنسبة للهروات ‪ Matraque‬التي يستعملها رجال الشرطة في تفريق المتظاهرين‪.‬‬
‫‪108‬‬

‫ب ‪.‬طبيعة الضرر القابل للتعويض ‪:‬‬

‫مفوض الحكومة ‪ Barbet‬اشترط أيضا أن يكوم الضرر المسبب يتجاوز حدود ما يجب‬
‫تحمله عادة عن فعل استخدام قوة الشرطة ميدانيا لحفظ النظام العام‪ ،‬فمجلس الدولة سايره‬

‫‪108‬عادل بن عبد هللاا ‪ .‬مرجع سابق‪.‬ص‪.128‬‬


‫في طرحه بجعل انعقاد المسؤولية دون خطأ عن فعل مرفق الشرطة في الحاالت اين يتعدى‬
‫الضرر المولد في جميع الظروف العبئ الذي يفترض تقبل تحمله من قبل االفراد مقابل المنفعة‬
‫الحاصلة عن وجود المرفق العام‪،‬و بالتالي فانه ال يكون قابال للتعويض في المسؤولية دون خطأ‬
‫عن مخاطر استعمال السالح إال الضرر الخاص و غير العادي‪،‬فالطبيعة غير العادية للضرر‬
‫‪L’anormalité‬هي من مقتضيات النظام الكمي ‪ une exigence d’ordre quantitatif‬و تفيد‬
‫ان يتصف الضرر بطابع الجسامة‪ ،‬فإذا كانت االضرار الجسمانية تعتبر غير عادية فانه ال يعطى‬
‫التعويض سوى عن االضرار المادية بطبيعتها او فترة استمرار اثارها تتعدى عتبة المقبول‪،‬اما‬
‫الطابع الخاص ‪ la spéciallité‬فهو عنصر كيفي ‪ élément qualitatif‬و يعني بان الضرر‬
‫يجب ان يكون قد مس سوى عددا محدودا من االفراد و جعلهم في وضع غير مقبول مقارنة بباقي‬
‫المواطنين‪،‬و يكون التساؤل ‪،‬هل ان الطبيعة غير العادية للضرر التي تتبين من درجة جسامته له‬
‫المحل بالنسبة للضرر المتولد عن استعمال السالح الناري ؟‬

‫االسلحة النارية تمثل خط ار استثنائيا فان نحقق هذه المخاطر يبرر‬ ‫لما كانت‬
‫من المفروض لوحده جبر الضرر الذي تولده دون شرط اضافي كما هو مع المر بالنسبة لباقي‬
‫حاالت المسؤولية عن مخاطر االشياء ‪،‬االوضاع و األنشطة الخطيرة‪ ،‬فهل يجب القبول بان‬
‫استعمال السالح الناري ال يفتح باب الحق في التعويض لضحية اصابة بسيطة ؟ في الواقع‬
‫بساطة االصابة يقابلها التعويض البسيط و ليس انعدام التعويض‪.109‬‬

‫ج ‪ .‬وضعية الضحية ‪:‬‬

‫لقد بين االجتهاد القضائي الحقا بان االستفادة من نظام المسؤولية عن مخاطر استعمال‬
‫السالح الناري يكون بالنسبة لألشخاص الذين لهم صفة الغير‪،‬اما اذا كانت ضحية استعمال هذه‬
‫االسلحة هي الشخص المقصود و المعني بالعملية المادية للشرطة فان مسؤولية االدارة ال تقوم إال‬
‫اذا ارتكب أعون مرفق الشرطة خطأ ‪ ،‬لكن كيفي الخطأ البسيط النعقاد المسؤولية و هو ما قرره‬
‫في قراري( ‪C E 27 sep 1951 Dame Auberge et‬‬ ‫اجتهاد مجلس الدولة الفرنسي‬
‫‪ )Dumont‬و قرار( ‪C E 5 oct 1960 Ministre de l’interieure c .Epoux Rigoll‬‬
‫)‪ ،‬و هو نفس المبدأ الذي طبقه مجلس الدولة في قرار ( ‪C E 29 nov 1963 Epoux‬‬
‫‪ )Marchon‬بالنسبة لعون الدرك الذي أصاب شخصا هاربا من التجنيد اصابة قاتلة بطلقة نارية‬
‫‪110‬‬
‫عندما كان يحاول توقيفه في مسكن والده‪.‬‬

‫‪109‬عادل بن عبد هللاا‪.‬مرجع سابق‪.‬ص‪.127‬‬


‫‪ 110‬عادل بن عبد هللاا‪.‬المرجع نفسه ‪.‬ص‪.121‬‬
‫و يرى الدكتور مسعود شيهوب ان فكرة التمييز بين المعني بعملية الشرطة و الغير‬
‫الشبيهة بفكرة التمييز بين مستعمل المرفق الغير في المسؤولية عن األشغال العمومية هو تمييز‬
‫غير موضوعي يؤدي الى تعايش نظامين للمسؤولية في نفس الموضوع و يرى أنه ال يوجد اي‬
‫مبرر قانوني مقنع لربط نظام المسؤولية بوضعية الضحية ‪ .‬و بالتالي فان حصر نظام المسؤولية‬
‫دون خطا عن االفراد الذين لهم صفة الغير دون المعني بعمليات الشرطة غير مستساغ ‪ ،‬فقد‬
‫يكون الشخص المعني بعملية الشرطة بريئا و المتابعة كانت بناءا على معلومات خاطئة ‪ ،‬فهل‬
‫من العدل مطالبته بإثبات الخطأ ؟ و بين االستاذ بأنه من المفيد تعميم نظام المسؤولية دو خطأ‬
‫على الجميع‪ ،‬سواء أكانوا من الغير أم من المعنيين بعملية الشرطة تحقيقا للعدل و حماية‬
‫على من ساهم بخطئه في الضرر‪ ،‬سواء كان‬ ‫الضحية ‪ ،‬ثم يكون ثم يكون للدولة حق الرجوع‬
‫من األعوان او من المعنيين او من الغير و في ذلك تبسيط لنظام المسؤولية عن عمل مرفق‬
‫‪111‬‬
‫‪.‬‬ ‫الشرطة‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬تطبيقات نظرية مخاطر استعمال السالح بالنسبة للقضاء الجزائري‬

‫من الصعب كشف موقف القضاء الجزائري بشكل واضح بسبب غياب نشر الق اررات‬
‫القضائية بشكل غزير و منتظم بالخصوص تلك المتعلقة بالمسؤولية االدارية لمخاطر استعمال‬
‫السالح لذلك سيقتصر البحث على التعليق على ما تم الحصول عليه من ملخصات ق اررات صادرة‬
‫عن الجهات القضائية االدارية خاصة مجلس الدولة و التي تعرضت الى تطبيقات نظرية المخاطر‬
‫بحسب تطرقها الى المخاطر المتحققة بمناسبة عمليات حفظ النظام العام (أوال) والمخاطر المتحققة‬
‫خارج عمليات حفظ النظام العام (ثانيا) وفقا لما يلي ‪:‬‬

‫أوال‪ .‬المخاطر المتحققة بمناسبة عمليات حفظ النظام العام‪:‬‬

‫التي تفيد‬ ‫من خالل استقراء ق اررين غير منشورين يمكن استخالص بعض المالحظات‬
‫في فهم موقف القضاء الجزائري‪.‬‬

‫‪ -‬قرار اصدره مجلس الدولة بتاريخ ‪:112 2112/11/2‬‬

‫حيث تعود وقائعه الى اصابة مواطن برصاصة أحد اعوان االمن الوطني الذي كان يحاول‬
‫القاء القبض على المشتبه فيه‪،‬فبعد ان ادين العون امام القضاء الجزائي عن جروح الخطأ رفعت‬

‫‪111‬‬
‫مسعود شيهوب مرجع سابق‪.‬ص‪.112‬‬
‫‪ 112‬لحسن بن الشيخ اث ملويا‪.‬دروس في المسؤولية االدارية ‪ .‬الكتاب الثاني‪ .‬دار الخلدونية‪:‬الجزائر‪.2118.‬ص‪. 13‬‬
‫الضحية دعوى المسؤولية امام القضاء االداري الذي أصدر قرار بعدم قبول الدعوى لعدم‬
‫االختصاص النوعي‪ ،‬و اثر االستئناف قدر مجلس الدولة مسؤولية الدولة عن فعل مخاطر‬
‫استعمال أعوانها ألسلحتهم على االفراد أثناء قيامهم بمهمة حفظ النظام العام‪.‬‬

‫ففي هذا القرار لم يبحث مجلس الدولة عن المسؤولية في وقائع الدعوى في نطاق الخطأ‬
‫بل أسسها على المخاطر‪.‬‬

‫‪ -‬قرار اصدره مجلس الدولة بتاريخ ‪: 1111/13/17‬‬

‫قدر مجلس الدولة مسؤولية الدولة على أساس مخاطر استعمال السالح و ذلك رغم بحثه‬
‫و اشارته الى الخطأ المرتكب من قبل أعوان الدولة المتمثل في عدم وضع االشارات المعلومة قانونا‬
‫و عدم وجود رمز السلطة على سيارتهم و عدم انذار الضحية بالتوقف سواء شفهيا أو بإطالق‬
‫الرصاص في الهواء أو في عجالت السيارة‪.‬‬

‫ففي هذه القضية اش اررة مجلس الدولة الى ان أعوان االمن كانوا مسلحين بأسلحة خطيرة‬
‫و ثق يلة تشكل مخاطر بالنسبة للغير و بالتالي فانه بغض النظر عن الخطأ المرتكب من قبل‬
‫هؤالء االعوان في أداء مهامهم ‪ ،‬توجد قاعدة قضائية متعلقة بنظرية المخاطر عن فعل استعمال‬
‫أعوان الدولة لألسلحة النارية و قد تحمل الدولة المسؤولية في حالة الحاق الضرر بالغير ‪.‬‬

‫اذ ن في هذا القرار اقام مجلس الدولة المسؤولية على أساس المخاطر و ذلك رغم وجود‬
‫خطا مرفقي يفتح امكانية التعويض للضحية ‪ ،‬ما يستخلص من الق اررين هو أنه لم يكون الضرر‬
‫االحق بالضحية في رابطة سببية مع فعل استعمال السالح الناري تنعقد مسؤولية الدولة بعيدا‬
‫عن فكرة الخطأ ‪ ,‬و يعني ذلك أنه متى تحققت مخاطر السالح على االفراد عى ارض الواقع بوجود‬
‫ضحية لحقها ضرر بالفعل تقوم المسؤولية دون الحاجة الى اثبات وجود خطأ مرفق ‪.‬‬

‫و يالحظ من الق اررين ان نظام المسؤولية دون خطأ على اساس مخاطر السالح تم‬
‫تطبيقه على ضحايا لهم صفة الغير في الواقع بالنسبة لعملية أعوان األمن ‪ ،‬و هو ما يتوافق مع‬
‫الحل القضائي الفرنسي و الفكرة المهمة هي ان الوقائع متعلقة باستعمال السالح الموكل للعون‬
‫من قبل الدولة في اطار مهمة حفظ النظام العام‪.‬و يرى االستاذ الحسين بن الشيخ اث ملويا ان‬
‫القضاء الجزائري لم يشترط الطبيعة الخاصة و غير العادية للضرر كما هو الحال بالنسبة للقضاء‬
‫الفرنسي وأحسن عندما فعل بعدم تطلبه لهذا الموجب ‪.‬فالقضايا التي فصل فيها بالمسؤولية تتعلق‬
‫بأضرار جسمانية‪ ،‬وهذه االخيرة تعتبر أضرار غير عادية بطبيعتها مهما كانت درجة جسامتها‪،‬اما‬
‫الى وجود خطأ المرتكب من أعوان األمن فهذا امر يوحي لفكرة التمييز بين الخطأ‬ ‫االشارة‬
‫الشخصي و خطأ المرفق‪ ،‬فعندما يثبت الخطأ الشخصي من جانب أعوان الدولة يكون للدولة حق‬
‫‪113‬‬
‫الرجوع اليهم و يكون للقضاء االداري توزيع عبئ التعويض النهائي ‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬المخاطر المتحققة خراج عمليات حفظ النظام العام ‪:‬‬

‫ففي واقعة متعلقة بضرر متولد عن استعمال سالح من قبل عون الدولة لكن غير مرتبط‬
‫بتنفيذ مهمة حفظ النظام العام ‪ ،‬أقام مجلس الدولة المسؤولية على أساس الخطأ لكن طبقا ألحكام‬
‫القانون المدني‪.114‬‬

‫فهل يمكن القول بأن مجلس الدولة استبعد المسؤولية دون خطأ على أساس مخاطر‬
‫استعمال السالح الن الضرر لم يتولد خالل مهام حفظ النظام ؟‬

‫المالحظ ان السالح المستعمل ‪ ،‬الذي كان سببا في الضرر هو سالح مملوك للدولة‬
‫التي عهدت به للعون‪ ،‬و يعني ظلك بأن السالح هو في حوزة العون بسبب الوظيفة التي يشغلها‬
‫و هو مصدر مخاطر على األفراد و تلك المخاطر تحققت بإصابة الضحية الذي لم يكن بطبيعة‬
‫الحال معنيا بتنفيذ مهمة حفظ االمن ‪.‬‬

‫و بالتالي كان من األنسب اقامة المسؤولية من دون خطأ على اساس مخاطر استعمال‬
‫السالح الناري بالنسبة للضحية و في النهاية يمكن مباشرة دعوى الرجوع على العون بسبب الخطأ‬
‫الشخصي ‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫‪:‬‬ ‫قرار صادر عن مجلس الدولة بتاريخ ‪2111/11/12‬‬ ‫‪-‬‬

‫حيث أسس مجلس الدولة المسؤولية على خطأ المرفق رغم ان األمر يتعلق بإصابة عون‬
‫برصاصة خطأ من قبل زميله خالل الخدمة ‪ ،‬فالعون المصاب له صفة الغير و الضرر االحق به‬
‫ناتج عن تحقق مخاطر استعمال السالح لكن القضاء قضى بالمسؤولية عن الخطأ و حمل‬
‫االدارة التعويض و رغم ان القضاء أرض الضحية ماليا لكن تأسيسه للمسؤولية على الخطأ يصعب‬
‫قيام المسؤولية في الوقائع المماثلة لصعوبة اثبات شروطها و اهمها وجود خطا مرفق الذي قد‬
‫عن اثباته ‪.‬‬ ‫تعجز الضحية‬
‫‪116‬‬
‫‪:‬‬ ‫‪ -‬قرار صادر عن مجلس الدولة ‪1111/2/13‬‬

‫‪113‬‬
‫لحسن بن الشيخ اث ملويا‪.‬المنتقى في قضاء مجلس الدولة ‪.‬مرجع سابق ‪.‬ص‪.11‬‬
‫‪114‬‬
‫لحسن بن الشيخ اث ملويا‪ .‬مرجع نفسه‪ .‬ص ‪.18‬‬
‫لحسن بن الشيخ أث ملويا‪ .‬مرجع نفسه‪.‬ص‪.11‬‬ ‫‪115‬‬
‫حيث تعود وقائعه الى جريمة القتل العمد التي ارتكبها دركي متقاعد بمسدس الدولة‪،‬قدر‬
‫مجلس الدولة انتفاء مسؤولية الدولة مستندا الى ان الضرر االحق بالضحية نتيجة الجريمة المرتكبة‬
‫في حقها ال عالقة له بوظيفة الجاني كدركي ‪ ،‬و بالتالي فان مسؤولية التعويض عن الضرر‬
‫الناتج عن فعله تقع على عاتقه و ليس على عاتق االدارة التي يتبعها‪.‬‬

‫اذن فمجلس الدولة ارجع الضرر االحق بالضحية الى خطأ شخصي أجنبي عن الوظيفة لكن‬
‫ال يمكن اهمال بان السالح المستعمل هو للدولة التي عهدت به للجاني ‪ ،‬و هو مصدر مخاطر‬
‫بالنسبة للغير عند استعماله و بالتالي ان الفعل المولد لضرر غير منقطع الصلة بالمرفق على‬
‫االقل لكون أداة الجريمة تابعة له ‪ ،‬و بالتالي كان االمكان اقامة المسؤولية دون خطأ لفائدة‬
‫الضحية المهدد بإعسار الجاني ‪.‬‬

‫نخلص في األخير إلى أن القضاء الجزائري كنظيره الفرنسي بين كل من الخطأ‬


‫الشخصي و المرفقي واعتمدها كأخطاء تقيم المسؤولية واإلدارية كما نجد الغرفة اإلدارية بالمحكمة‬
‫العليا اعتمدت قاعدة جمع األخطاء عندما يكون الضرر نتيجة خطأ شخصي وآخر مرفقي‪،‬واعتمدها‬
‫كأخطاء تقيم المسؤولية اإلدارية‪.‬‬

‫كما نجد الغرفة اإلدارية بالمحكمة العليا اعتمدت على قاعدة جمع األخطاء عندما يكون‬
‫الضرر نتيجة خطأ شخصي وآخر مرفقي ارتكبهما موظف ما وبالتبعية قد تكون أمام حالة جمع‬
‫المسؤوليات سواء كان ذلك على أساس الخطأ الشخصي المرتكب خارج المرفق‪ ،‬ومن اآلثار‬
‫المترتبة عن قاعدة الجمع هو منح الضحية حق االختيار في رفع الدعوى ضد اإلدارة أو ضد‬
‫الموظف العون‪.‬‬

‫لكن يقابل مبدأ جمع المسؤوليات مبدأ آخر هو عدم جمع التعويضات الذي يترتب عليه‬
‫حق كل من اإلدارة أو الموظف العون في رفع دعوى الرجوع يطلب فيها استرداد المبالغ المحكوم‬
‫بها عليه والتي قد تتخذ صورتين‪،‬إما دعوى الرجوع بين اإلدارة على الموظف العون أو من الموظف‬
‫العون على اإلدارة‪.‬‬

‫ذلك أن اإلدارة ال تتحمل المسؤولية كاملة إال في حالة الخطأ المصلحي الثابت والموظف‬
‫حول تقدير نصيب كل منهما‪ ،‬فإن جهة القضاء اإلداري هي التي تتولى تقدير نصيب كل‬
‫من الطرفين وذلك طبقا لدرجة جسامة الخطأ‪.‬أما في حالة تعدد المسئولين عن الخطأ الشخصي‬
‫فإنه ال تضامن بينهم فيسأل كل منهم بنسبة ما ارتكبه من خطأ‪ ،‬وذلك أن القرار الصادر‬

‫‪116‬‬
‫مجلة مجلس الدولة‪،‬العدد االول ‪.‬الجزائر‪.2112 .‬ص‪.18‬‬
‫على اإلدارة بدفع التعويض استنادا إلى أخطاء متعددة ال يحوز حجية الشيء المقضي به‬
‫في مواجهة الموظف العون‪،‬حيث توزع عبء التعويض النهائي بينه وبين اإلدارة‪.‬‬

‫وعليه فيحق للموظف عندما تتحرك عليه دعوى الرجوع أمام القضاء اإلداري يثير النزاع‬
‫برمته سواء فيما يتعلق بكيفية تقدير التعويض أو من حيث مبدأ المسؤولية اإلدارية عن أعمال‬
‫الشرطة على أساس الخطأ هي األصل وذلك بعد أن تدخل القضاء اإلداري بإق ارره المسؤولية‬
‫اإلدارية في قضية بالنكو الشهير‪.‬‬

‫كما يتضح بأن السياسة القضائية لالجتهاد الفرنسي هي لمصلحة الضحايا بابتداع تطبيق‬
‫جديد لنظرية المخاطر يتمثل في االشياء الخطيرة و السالح الناري‪ ،‬هذا النظام للمسؤولية دون خطأ‬
‫يقوم على اثبات عالقة السببية بين الضرر و السالح الخطير‪ ،‬فيسهل انعقاد المسؤولية بعيدا‬
‫عن فكرة خطأ المرفق الذي كثي ار ما يصعب على االفراد اثباته‪ ،‬و من ثم فانه بمجرد تحقق‬
‫المخاطر تقوم المسؤولية اذا توافرت باقي شروطها و يستفيد من هذا النظام للمسؤولية الضحية‬
‫التي لها صفة الغير‪.‬‬

‫اما بالنسبة للقضاء الجزائري فانه طبق ذات النظام رغم ان صياغة الق اررات الصادرة‬
‫عن مجلس الدولة ال توضح ذلك بشكل بسيط من خالل عرض قانوني للنظرية و مطابقتها‬
‫على الوقائع المنظورة و المالحظ ان القضاء الجزائري لم يتطرق للطبيعة الغير عادية للضرر‬
‫و يعود ذلك ربما لكون االضرار التي كانت موضوعا للدعاوى هي أضرار جسمانية ‪.‬‬
‫الخــاتمــة‬
‫الخاتمة ‪:‬‬

‫يمكن القول كحوصلة لما استنبطناه من دراستنا لهذا البحث‪ ،‬انه ونظ ار لخصوصية الدور‬
‫الذي تقوم به أجهزة الشرطة من خالل نشاطها في اطار الضبط القضائي و االداري‪ ،‬فانه في حالة‬
‫حدوث أضرار لألفراد من جراء االعمال و الوظائف التي تمارسها مصالح الشرطة‪ ،‬تلتزم الدولة‬
‫بتعويضهم عما سببته من أضرار و هذا في اطار قيام نظام المسؤولية االدارية ‪.‬‬

‫و نظ ار لطبيعة مرفق الشرطة فهو يختلف عن النظام المطبق في القانون المدني بحيث‬
‫انتهج القضاء االداري الجزائري متأث ار بنظيره الفرنسي نظام المسؤولية االدارية مسايرة منه‬
‫لخصوصية أنشطة أجهزة الشرطة‪ ،‬بحيث اعتبر ان المسؤولية االدارية عن اعمال الشرطة تقوم‬
‫على اساسين ‪:‬‬

‫اوال‪ .‬قيام المسؤولية االدارية على اساس الخطأ ‪:‬‬

‫بالتزامات و واجبات قانونية‬ ‫حيث ان وقوع او ارتكاب الخطأ الذي يشكل اخالال‬
‫عن طريق التقصير او االهمال و الذي يسند الى العون في شخصه و هو ما يعبر عنه بالخطأ‬
‫الشخصي او يسند الى مرفق الشرطة فيدعى الخطأ المرفقي‪ ،‬فتقام و تنعقد المسؤولية االدارية‬
‫و يكون النظر و االختصاص فيها لجهة القضاء االداري ‪.‬‬

‫ولقد ميز القضاء االداري الجزائري بين كل من الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي‬
‫و اعتمدها كأخطاء توجب المسؤولية اإلدارية‪ ،‬فتقام هذه االخيرة على اساس الخطأ المرفقي‬
‫في حالة توفر احدى صوره‪ ،‬و التي يمكن تلخيصها و فقا لما يلي ‪:‬‬

‫حالة التنظيم السيئ لمرفق الشرطة‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫بحيث تتحقق هذه الصورة في الحالة التي تكون فيها االضرار الالحقة بالضحية ناتجة‬
‫عن التنظيم السيئ للمرفق‪ ،‬فعندما تتوفر له كل االمكانيات المادية و البشرية لكنه ال يحسن‬
‫استغالل هذه الوسائل ليضمن السير الحسن للمرفق ‪ ،‬و كذلك اذا ما تباطأ مرفق الشرطة في تنفيذ‬
‫ما كان يتحتم عليه تنفيذه تباطأ اكثر من الالزم و المعقول في أداء تلك الخدمات ‪ ،‬فيترتب عنه‬
‫ضرر لألشخاص لتقوم بذلك المسؤولية االدارية للمرفق و ينسب الخطأ له و يتحمل عبئ‬
‫التعويض ‪.‬‬
‫في حالة سوء سير المرفق ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫بحيث تتمثل هذه الحالة في االعمال االيجابية التي تؤدي بها مصالح الشرطة خدماتها‬
‫و لكن على وجه سيئ مما يسبب االضرار بالغير سواء تجسد الخطأ هنا في صورة عمل مادي‬
‫او في صورة قرار اداري مخالف للقانون ‪.‬‬

‫‪ -‬في حالة عدم سير المرفق نهائيا ‪:‬‬

‫حيث تعتبر هذه الصورة من صور الخطأ المرفقي األحدث نسبيا ‪ ،‬و ترجع الى تبلور األفكار‬
‫الخاصة بسير المرفق العام كون أن المبدأ الحديث المتجسد هو ان سلطات االدارة لم تعد امتيا از‬
‫لها تباشره كيفما شاءت و متى أرادت ‪ ،‬ولكنها واجب على الموظف‪ -‬عون الشرطة ‪ -‬يؤديه بكل‬
‫أمانة مع حرصه التام على المصلحة العامة ‪ ،‬و يتمثل الخطأ هنا في ذلك الموقف السلبي الذي‬
‫يتخذه مرفق الشرطة بامتناع أحد ادواته (العون) عن أداء خدماته او االعمال التي يكون ملزما بها‬
‫قانونا ‪.‬‬

‫و تقام المسؤولية االدارية كذلك عل أساس الخطأ الشخصي لموظف الشرطة ‪ ،‬عندما‬
‫يصدر فعل ضار منه حالة تأديته لوظائفه و كان هذا الفعل مطبوعا بطابع شخصي يتميز بعدم‬
‫الحرص و التبصر‪ ،‬و بذلك وجب البحث عن نية الموظف أثناء تأديته وظائفه ‪ ،‬فيكون الخطأ‬
‫الشخصي في حالة ارتكابه من الموظف تحقيقا المصلحته الشخصية و التي من شأنها ان تحدث‬
‫ضر ار للغير ‪.‬‬

‫اال انه و لصعوبة التمييز بين الخطأين و لتداخلهما في بعض االحيان ‪ ،‬فلقد تعددت‬
‫معايير التفرقة بين نوعي الخطأ‪ ،‬كون أن القضاء ال يلتزم بقواعد ثابتة و معايير محددة و انما‬
‫يهتم بوضع الحل المالئم لكل حالة على حدى حسب الظروف المحيطة بها و هو ما تطرقنا اليه‬
‫في صلب بحثنا و قدمنا أمثلة لق اررات صادرة عن الجهات القضائية االدارية و باألخص مجلس‬
‫الدولة ‪.‬‬

‫و لقد اعتبر القضاء االداري الخطأ الشخصي الخارج عن نطاق الوظيفة عندما يرتكبه‬
‫موظف الشرطة اثناء قيامه بعمل خارج عن نطاق األعمال الوظيفية التابعة لمصلحته‪ ،‬مثاله‬
‫األفعال التي تتصل بالحياة الشخصية للموظف كلية و األعمال التي ال تدخل في نطاق مباشرة‬
‫الوظيفة ‪ ،‬اذ انه و في هذه الحاالت يسأل الموظف شخصيا عن الفعل الضار بصرف النظر‬
‫عن نيته او مدى جسامة الخطأ و ينفصل هذا النوع من الخطأ عن الوظيفة ماديا‪ ،‬و بالمقابل‬
‫تنعقد المسؤولية الشخصية للموظف وفقا لقواعد القانون المدني و أمام المحاكم العادية‪.‬‬

‫اما اذا كان الموظف يقوم بأعمال تدخل في نطاق مهامه الوظيفية بشكل سيء عد‬
‫مرتكبا لخطأ مرفقي موجب للمسؤولية االدارية ‪ ،‬اذ أن هذه التفرقة تعود الى السلطة التقديرية‬
‫لقاضي الموضوع باختالف وقائع كل قضية ‪.‬‬

‫اعتمد القضاء االداري الجزائري قاعدة جمع األخطاء‬ ‫كما انه و من جهة أخرى‬
‫و هو ما سلطنا عليه الضوء من خالل ما تم تقديمه في الفصل الثاني من بحثنا ألمثلة عن ق اررات‬
‫قضائية صادرة عن الجهات القضائية االدارية و باألخص مجلس الدولة‪ ،‬اذ ان هذه القاعدة تثار‬
‫عندما يكون الضرر نتيجة خطأ شخصي وآخر مرفقي ارتكبهما موظف ما‪ ،‬وبالتبعية نكون أمام‬
‫حالة جمع المسئوليات ومن اآلثار المترتبة عن قاعدة الجمع هو منح الضحية حق االختيار‬
‫في رفع الدعوى ضد اإلدارة أو ضد الموظف العون‪ ،‬لكن يقابل مبدأ جمع المسؤوليات مبدأ آخر‬
‫هو عدم جمع التعويضات الذي يترتب عليه حق كل من اإلدارة أو الموظف العون في رفع دعوى‬
‫الرجوع يطلب فيها استرداد المبالغ المحكوم بها‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬قيام المسؤولية االدارية على أساس نظرية المخاطر ‪:‬‬

‫حيث تتبلور هذه النظرية حول فكرة امكانية قيام المسؤولية االدارية من دون خطأ فيرتكز‬
‫طرحها في ما يعرف باألشياء الخطيرة و األسلحة النارية و المتفجرات التي اصبحت وسائل فعالة‬
‫قد تستعملها مصالح الشرطة حالة الضرورة و الحاجة في اطار المشروعية القانونية‪ ،‬إال انه و رغم‬
‫مشروعيتها فإنها قد تسبب أضرار للغير مما يستوجب دفع التعويض للضحايا لجبر أضرارهم‬
‫من قبل مصالح الشرطة ‪ ،‬الشأن الذي جعل الفقه و القضاء االداري يعتبرانها كنوع من أنواع‬
‫المسؤولية االدارية بحيث تقام هذه المسؤولية من خالل اثبات عالقة السببية بين الضرر و السالح‬
‫الخطير‪ ،‬فيسهل انعقاد المسؤولية بعيدا عن فكرة خطأ المرفق الذي كثي ار ما يصعب على االفراد‬
‫الضحايا إثباته و من ثم فانه بمجرد تحقق المخاطر تقوم المسؤولية االدارية و يستفيد من هذا‬
‫النظام للمسؤولية الضحية التي لها صفة الغير‪.‬‬
‫إال انه و ما تجدر االشارة اليه و امام انعدام مواد قانونية تنظم المسؤولية االدارية‬
‫عن أعمال الشرطة و امام قلة االجتهادات القضائية المحررة في هذا الصدد يبقى من بين‬
‫االشكاالت المطروحة‪:‬‬

‫‪ -‬عدم النص صراحة عن الجهات القضائية المختصة بالنظر حالة االعمال الضارة‬
‫ألجهزة الشرطة و موظفيها عندما يتعلق االمر بالمستوى المركزي و الغير مركزي‪،‬‬
‫فهل ترفع الدعوى الرامية لجبر الضرر نتيجة قيام المسؤولية االدارية التي تبنى سواء‬
‫على أساس الخطأ الشخصي أو المرفقي أو على أساس المخاطر امام المحاكم‬
‫االدارية ام أمام مجلس الدولة هذا من جهة ؟‬

‫‪ -‬و من جهة بقاء غموض حول التعويضات التي تدفع للضحايا –الغير‪ -‬حالة قيام‬
‫المسؤولية االدارية عن أعمال الشرطة‪ ،‬فهل تدفع في النطاق المركزي من ميزانية‬
‫الدولة ممثلة في و ازرة الداخلية؟ او في نطاق محلي عبر الميزانيات المخصصة ألجهزة‬
‫الشرطة؟‬
‫قائمة المراجع‬
‫قائــمــة المراجــع ‪:‬‬

‫أ‪-‬بالعربية‪:‬‬

‫اوال ‪ :‬النصوص القانونية‪:‬‬

‫‪-1‬الدساتير‪:‬‬

‫دستور ‪ 1112‬المعدل و المتمم بموجب القانون رقم ‪ 11/12‬المؤرخ في ‪ 22‬جمادى‬


‫االولى ‪ 1138‬الموافق ل ـ‪ 12‬مارس ‪ 2112‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 11‬المؤرخة‬
‫في ‪ 18‬مارس ‪. 2112‬‬

‫‪-2‬القوانين العضوية‪:‬‬

‫‪ -‬قانون عضوي رقم ‪ 11/17‬مؤرخ في ‪ 31‬ماي ‪ 1117‬يتعلق باختصاصات مجلس الدولة و‬


‫تنظيمه و عمله‪ .‬المعدل و المتمم بموجب القانون العضوي ‪ 13-11‬المؤرخ في ‪ 22‬يوليو ‪2111‬‬
‫‪.‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪.13‬بتاريخ ‪ 13‬اغست ‪2111‬‬

‫‪-3‬األوامر والقوانين‪:‬‬

‫أ‪-‬األوامر‪:‬‬

‫‪ -‬االمر رقم ‪ 122/22‬المؤرخ في ‪ 17‬سفر ‪ 1372‬الموافق ل ‪ 7‬يوليو‪ 1122‬المتضمن‬


‫قانون االجراءات الجزائية الجريدة الرسمية عدد ‪ 48‬المؤرخة في ‪1122/12/11‬‬

‫‪-‬األمر رقم ‪ 27/81:‬المؤرخ في في‪ 22‬افريل ‪ 1181‬المتضمن قانون القضاء‬


‫العسكري‪.‬‬

‫االمر رقم ‪ 27-82‬المؤرخ في ‪ 1182/11/22‬المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم‬


‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 17‬مؤرخة في ‪.1182/11/31‬‬

‫‪-‬االمر رقم ‪ 12/ 12‬المؤرخ في ‪ 8‬شوال ‪ 1132‬الموافق لـ ‪ 23‬يوليو ‪ 2112‬يعدل‬


‫المتمم لالمر رقم ‪ 122/22‬المؤرخ في ‪ 17‬سفر ‪ 1372‬الموافق ل ‪ 7‬يوليو‪1122‬‬
‫المتضمن قانون االجراءات الجزائية‪ .‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 11‬الصادرة بتاريخ ‪ 23‬يوليو‬
‫‪.2112‬‬

‫ب‪-‬القوانين‪:‬‬

‫*القانون رقم ‪ 18-78‬المؤرخ في ‪ 11‬أوت المعدل و المتمم بموجب المرسوم التنفيذي‬


‫رقم ‪ 117-17‬المؤرخ في ‪ 2‬يويو ‪ 2117‬الذي يتضمن القانون األساسي الخاص‬
‫بالموظفين المنتمين الى االسالك الخاصة بسلطة الصحة النباتية‪.‬الجريدة الرسمية‪ .‬عدد‬
‫‪ .37‬الصادرة بتاريخ ‪ 1‬يوليو ‪.2117‬‬

‫*القانون رقم ‪ 13-11‬المؤرخ في ‪ 12‬فيفري ‪ .1111‬المتعلق باختصاصات مفتشية‬


‫العمل‪ .‬المنشور بالجريدة الرسمية‪ .‬عدد‪ . 12‬بتاريخ‪ 18‬فيفري ‪. 1111‬‬

‫*القانون رقم ‪ 11-12‬المؤرخ في ‪ 2112/12/21‬المعدل و المتمم لألمر رقم ‪27/57‬‬


‫المتضمن القانون المدني ‪.‬‬

‫*قانون رقم ‪ 12-12‬المؤرخ في ‪ 11‬اوت ‪ 2112‬المعدل و المتمم لألمر رقم ‪13-12‬‬


‫مؤرخ في ‪ 27‬محرم عام ‪ 1118‬المـوافـق ‪ 12‬يونـيو سنة ‪ ,1112‬يعدل ويتمم القانون رقم‬
‫‪ 18-73‬المـؤرخ فـي ‪ 22‬ربـيع الـثـانـي عـام ‪ 1113‬الموافق ‪ 12‬يوليو سنة ‪1173‬‬
‫والمتضمن قانون المياه‬

‫*القانون رقم ‪ 11-17:‬المؤرخ في ‪ 2117/12/22‬المتضمن قانون االجراءات المدنية‬


‫واالدارية الجريدة الرسمية عدد‪ 21‬المؤرخة في ‪2117/11/23‬‬

‫*قانون البلدية رقم ‪ 11/11‬المؤرخ في ‪ 21‬رجب ‪ 1132‬الموافق لـ ‪ 22‬يونيو‬


‫‪.2111‬المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 38‬المؤرخة في ‪. 2111/8/3‬‬

‫*قانون الوالية رقم ‪ 18/12‬المؤرخ في ‪ 27‬ربيع االول ‪ 1133‬الموافق ل ‪ 21‬فبراير‬


‫‪. 2112‬الجريدة الرسمية رقم ‪ 12‬المؤرخة في ‪. 2112/2/ 21‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الــكــتب‬

‫‪ )1‬احمد محيو ‪.‬المنازعات االدارية ‪ .‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪:‬الجزائر‪.1173.‬‬


‫‪ )2‬حسين طاهري‪.‬الوجيز في شرح قانون االجراءات الجزائية ‪،‬الطبعة الثانية‪.‬دار الدمحمية‬
‫العامة‪:‬الجزائر‪.1111 .‬‬
‫‪ )3‬عمار بوضياف‪،‬الوجيز فيالقانون االداري ‪،‬الطبعة الثالثة‪،‬دار جسور للنشر والتوزيع‬
‫الجزائر‪2112،‬‬
‫‪ )4‬عمار عوابدي‪ .‬نظرية المسؤلية االدارية ‪ .‬الطبعة الثالثة‪ .‬ديوان الطبوعات الجامعية‬
‫‪:‬الجزائر‪.2118 .‬‬
‫‪ )7‬عمار عوابدي‪ .‬األساس القانوني لمسؤولية االدارة عن أعمال موظفيها ‪،‬الشركة الوطنية‬

‫للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر ‪1171‬‬

‫للنشر‬ ‫المعارف‬ ‫‪.‬دار‬ ‫الثالثة‬ ‫االدارية‪.‬الطبعة‬ ‫الشرقاوي‪.‬المسؤولية‬ ‫‪ )1‬سعاد‬


‫و التوزيع‪:‬مصر‪.1183.‬‬
‫‪ )5‬محمود دمحم حافظ‪ .‬القضاء االداري ‪ .‬الطبعة الخامسة ‪ .‬دار النهضة‬
‫العربية‪:‬مصر‪. 1112.‬‬
‫‪ )8‬طعيمة الجزف‪ .‬رقابة القضاء العمال االدارة العامة ‪ .‬مكتبة القاهرة الحديثة‪:‬مصر ‪.‬‬
‫‪.1181‬‬
‫‪ )9‬عمار بوضياف‪ .‬القضاء االداري في الجزائر‪.‬الطبعة الثانية ‪ .‬جسور النشر‬
‫والتوزيع‪:‬الجزائر‪. 2117 .‬‬
‫عمار بوضياف ‪،‬الوجيز في القانون االداري‪ .‬الطبعة الثالثة‪.‬جسور للنشر و‬ ‫‪)11‬‬
‫التوزيع‪ :‬الجزائر‪.2113.‬‬
‫عادل السعيد دمحم أبو الخير ‪.‬البوليس االداري‪.‬دار الفكر الجامعي ‪:‬مصر‪.2117.‬‬ ‫‪)11‬‬
‫ناصر لباد‪ .‬الوجيز في القانون االداري‪.‬الطبعة الثانية ‪.‬الجزائر‪. 2118 .‬‬ ‫‪)12‬‬
‫سامي حامد سليمان نظرية الخطا الشخصي في مجال المسؤولية االدارية‪،‬دراسة‬ ‫‪)13‬‬
‫مقارنة‪،‬الطبعة االولى‪،‬دار النهضة العربية‪،‬القاهرة‪.1177،‬‬
‫سليمان دمحم الطماوي ‪ ،‬القضاء االداري وقضاء العويض‪ .‬وطرق الطعن في‬ ‫‪)14‬‬
‫‪،2113‬ص‪.137‬‬ ‫االحكام ‪.‬دار الفكر العربي‪ :‬القاهرة‪.‬‬
‫سليمان دمحم الطماوي ‪ .‬النظرية العامة للق اررات االدارية ‪.‬الطبعة الخامسة ‪.‬دار‬ ‫‪)17‬‬
‫الفكر العربي‪ :‬القاهرة‪. 1173.‬‬
‫نصر الدين هنوني ‪.‬الضبطية القضائية في القانون الجزائري ‪.‬دار هوما ‪:‬الجزائر‬ ‫‪)11‬‬
‫‪. 2111.‬‬
‫عمر خوري ‪.‬الوجيز في شرح قانون االجراءات الجزائية ‪ .‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪)15‬‬
‫الجامعية‪ :‬الجزائر‪. 2118-2112.‬‬
‫رمزي الشاعر ‪ .‬قضاء التعويض‪ .‬دار النهضة العربية ‪ :‬القاهرة‪.1172 .‬‬ ‫‪)18‬‬
‫رمزي الشاعر ‪،‬المسؤولية عن أعمال السلطة القضائية ‪ .‬دار النهضة العربية ‪.‬‬ ‫‪)19‬‬
‫القاهرة‪.1172 .‬‬
‫دمحم رفعت عبد الوهاب ‪.‬القضاء االداري ‪.‬الجزءاالول ‪.‬منشورات المجلس الحقوقية‬ ‫‪)21‬‬
‫‪:‬لبنان‪. 2113 .‬‬
‫لحسن بن الشيخ اث ملويا‪.‬دروس في المسؤولية االدارية ‪ .‬الكتاب الثاني‪ .‬دار‬ ‫‪)21‬‬
‫‪.‬‬ ‫الخلدونية‪:‬الجزائر‪2118.‬‬
‫مسعود شيهوب ‪.‬المسؤولية عن االخالل بمبدأ المساواة و تطبيقاتها في القانون‬ ‫‪)22‬‬
‫االداري‪.‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪:‬الجزائر ‪.2111.‬‬
‫مسعود شيهوب ‪.‬المسؤولية عن المخاطر و تطبيقاتها في القانون االداري ‪ ،‬ديوان‬ ‫‪)23‬‬
‫الجزائر‪.2111.‬‬ ‫المطبوعات الجامعية‪:‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الرسائل و المذكرات ‪:‬‬

‫‪-‬الرسائل‪:‬‬

‫‪ )1‬سعيد يوسف دمحم سعيد‪.‬وجها الجريمة الجمركية االداري و القضائي ‪.‬رسالة لنيل شهادة‬
‫دكتوراه دولة ‪.‬جامعة االخوة منتوري قسنطينة‪.‬كلية الحقوق‪. 1111.‬‬

‫المذكرات‪:‬‬

‫راضية بودية ‪.‬الوسائل القانونية و المؤسساتية لحماية الموارد المائية في التشريع الجزائري مذكرة‬
‫لنيل شهادة الماجستير في القانون العقاري الزراعي‪.‬‬

‫‪ )2‬نور الدين هناء ‪ .‬المسؤولية االدارية عن أعمال الشرطة ‪.‬مذكرة تخرج لنيل شهادة تخرج‬
‫ماستار‪.‬جامعة دمحم خيضر بسكرة ‪,‬كلية الحقوق و العلوم السياسية ‪.‬تحت اشراف األستاذ‬
‫عزري زين الدين ‪. 2112-2111 .‬‬
‫‪ )3‬ليندة بودودة ‪.‬دور ادارة الجمارك في متابعة الجرائم الجمركية ‪ .‬مذكرة تخرج لنيل اجازة المعهد‬
‫‪.‬‬ ‫الوطني للقضاء‪.‬المدرسة العليا للقضاء‪2111.‬‬
‫‪ )4‬بشرى اليعقوبي ‪.‬مسؤولية الدولة عن األعمال االرهابية‪ ،‬مذكرة تخرج ماستر القانون العام‬
‫المعمق‪ .‬جامعة عبد المالك السعدي بطنجة‪.‬المغرب ‪ .‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية‬
‫و االجتماعية ‪.‬السنة الجامعية ‪. 2118.2117‬‬
‫‪ )7‬لطيفة الخال ‪ .‬مسؤولية الدولة عن االرهاب ‪.‬رسالة لنيل الدراسات العليا المعمقة‪ .‬جامعة‬
‫و االقتصادية‬ ‫الحسن الثاني عين الشق‪،‬الدار البيضاء‪،‬المغرب ‪.‬كلية العلوم القانونية‬
‫و االجتماعية ‪.‬السنة الجامعية ‪. 2111،2112‬‬

‫رابعا ‪ :‬المقاالت‪:‬‬

‫‪ )1‬مالك قدادرة‪.‬الشرطة االدارية من الشرطة ‪.‬مجلة دورية تصدر عن المديرية العامة لألمن‬
‫الوطني‪.‬العدد ‪.2112 . 28‬‬
‫‪ )2‬عادل بن عبد هللاا ‪،‬المسؤولية االدارية عن مخاطر استعمال السالح‪".‬مجلة المنتدى‬
‫القانوني"‪.‬العدد الخامس‪.‬قسم الكفاءة المهنية‪ .‬بسكرة‪. 2117.‬‬

‫خامسا‪ :‬المجالت القضائية‪:‬‬

‫المجلة القضائية ‪ .‬العدد ‪ .3‬الجزائر ‪. 1111.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫‪ 2‬المجلة القضائية ‪ .‬العدد ‪. 1‬الجزائر ‪..1112.‬‬

‫‪ - 3‬المجلة القضائية ‪ .‬العدد ‪ . 2‬الجزائر‪. 1112 .‬‬

‫‪ 1‬مجلة مجلس الدولة ‪.‬العدد ‪. 1‬الجزائر ‪. 2112 .‬‬

‫‪- 2‬مجلة مجلس الدولة العدد رقم ‪. 2‬الجزائر‪.2111.‬‬

‫‪-‬بالفرنسية‪:‬‬ ‫ب‬
‫‪-marceau long et autres ,les grands arrets de la jurisprudence‬‬
‫‪administrative,16eme edition , dalloz,paris, France,2007‬‬
‫‪--Frederic colin,Lessentiel de la jurisfrudence‬‬
‫‪administrative,gualino ,paris,France,2009‬‬

You might also like