Professional Documents
Culture Documents
تعتبر املسؤولية حاجة أساسية تفرض نفسها داخل دولة الحق و القانون ،و عليه فقد تطورت هذه
املسؤولية عبر حقب تاريخية ،حيت كان مبدأ عدم املسؤولية و لزمن طويل هو الراجح و كان يبدو أمرا غير
عاديا أن تثار مسؤولية الحاكم بذريعة أنه ليس بوسع هذا ألاخير فعل السوء.1
تعرف املسؤولية :بأنها "الالتزام النهائي الذي يقع على عاتق شخص بتعويض شخص اخر عن الضرر الذي
تسبب له به" ،أو "مؤاخذة الشخص ومحاسبته عن ألافعال التي أتاها مخالفا للقواعد وألاحكام ألاخالقية
والقانونية ،ونتج عنها ضرر أصاب الغير".
أما مسؤولية إلادارة؛ فهي "الالتزام النهائي الذي يقع على عاتق إلادارة أو إحدى املؤسسات واملرافق العامة
بدفع تعويض عن الضرر الذي لحق بالغير نتيجة لنشاطها املتنوع أو تصرفاتها التي يطلق عليها "أعمال
إلادارة "كاألعمال املادية (حادث سير) ،أو نتيجة ألعمالها القانونية )قرار أو عقد إداري) وسواء أكان ذلك
النشاط أو التصرف.مشروعا أو غير مشروع" .
إن املسؤولية إلادارية -ذات النشأة القضائية الفرنسية -في أساسها معقودة على مفهوم املسؤولية املدنية،2
وقد أخذت املسؤولية إلادارية من قواعد القانون املدني بطريقة تتناسب مع القانون إلاداري وقواعده ،إال
أن القواعد التي وضعها مجلس الدولة الفرنس ي أثناء نظر املنازعات إلادارية لدعاوى مسؤولية إلادارة عن
أعمالها املشروعة التي ألحقت الضرر باألفراد قد صاغها الفقهاء كمبادئ للمسؤولية وأطلق عليها "القانون
العام للمسؤولية" ،وهذا ال يستلزم استبعاد القواعد املدنية؛ إذ أن بعض املنازعات إلادارية ملسؤولية
إلادارة عن أعمالها املشروعة وغير املشروعة ربما ال تخضع للقواعد املدنية في املسؤولية إلادارية ويتم
3
تنظيمها بقوانين خاصة ويطلق عليها الفقهاء " النظام القانوني للمسؤولية ".
وتعد نظرية املسؤولية إلادارية بدون خطأ 4من النظريات الحديثة في توسيع املسؤولية على الرغم من أنها
لم تظهر فجأة وال دفعة واحدة؛ فاألصل في مسؤولية إلادارة عن أعمالها في نظر الفقه والقضاء تقوم على
1ميشل روسي ،املنازعات اإلدارية باملغرب . ،ترمجة حممد هريي و اجلياليل امزيد ،editions la porte ،الرباط .2991
2املسؤولية املدنية :اخالل بالتزام قانوين واحد ال يتغري هو االلتزام بعدم االضرار بالغري ،للمزيد من املعلومات راجع يف املوضوع عبد الرزاق السنهوري :
الوسيط يف شرح القانون املدين ،نظرية االلتزام بوجه عام ،القاهرة دار النشر للجامعات.2991 ،
3الطماوي ،القضاء اإلداري قضاء التعويض وطرق الطعن يف االحكام " دارسة مقارنة"،الكتاب الثاين ،ص201-201
4حسب الفقيه :Réni chapusهي تلك املسؤولية اليت تنعقد بقوة القانون رغم غياب اخلطأ -استنادا اىل الضرر الناجم عن نشاط االدارةDroit ،
administratif général tome 1 ,8 édition montchrestien édition 1994m page 1129
1
أساس الخطأ ،إذ من يخطئ يتحمل تبعات خطأه ومن لم يخطئ فال مسؤولية عليه؛ أي حيث ال خطأ فال
5
مسؤولية وهذه القاعدة الاصلية.
مسؤولية إلادارة عن أعمالها دون خطأ هي نظرية من ابتداع مجلس الدولة الفرنس ي ،تهدف إلى حماية
حقوق ألافراد وحرياتهم وتقدم لهم التعويض مقابل ألاضرار التي لحقت بهم نتيجة لنشاط إلادارة املشروع
وهذا ما استقر عليه مجلس الدولة الفرنس ي من خالل حكم "بالنكو" الشهير الصادر عن محكمة التنازع
الفرنسية سنة ، 6 3781ثم تبلورت مبادئها على ألاساس القانوني في نظرية تحمل التبعة ،ومن ثم في مبدأ
املساواة وتحمل أعباء التكاليف العامة ضمانا لتحقيق التوازن بين امتيازات إلادارة وحقوق ألافراد .
وسيرا على نفس النهج اقتبس املشرع املغريي هذه النظرية و أدرجها في القوانين الاستجاالية التي صدرت
سنة ، 3131حيث نجد املسؤولية داخل الفصل 7من ظهير التنظيم القضائي ،7وكذا بشكل جلي من
خالل الفصلين 81و 878من قانون الالتزامات والعقود ،وهما فصلين فريدين من نوعهما في مدونة تعنى
9
بالخواص.
وتظهر أهمية املوضوع في كون إلادارة تسأل عن ألاضرار التي تصيب ألافراد من جراء أعمالها املشروعة دون
حاجة لتكليف املتضرر بأن يثبت خطأ إلادارة ،حيث يكفي أن يثبت املتضرر العالقة السببية بين عمل
إلادارة و الضرر الذي لحق به،
يف حني عرفها عبد اهلل احلارسي :جمموعة من انشطة االدارات العمومية تتضمن بعض املخاطر اليت من املمكن ان حتدث أضرار خطرية لبعض أفراد اجملتمع
مرتفقني كانو او أغيار او معاونني للمرفق العام الشيء الذي يلزم االدارة بالتعويض ولو يف غياب اخلطأ
5رائد "حممد عادل" بيان األساس القانوين للمسؤولية اإلدارية دون خطأ "دراسة مقارنة 1 ، 2016العدد 14 ،دراسات ،علوم الشريعة والقانون ،صفحة
190-189
6ولإلشارة فقد أرسى هذا احلكم جمموعة من املبادئ اليت تعترب عالمة يف تاريخ القانون االداري الفرنسي:
-ربط االختصاص بالقانون الواجب التطبيق؛
-فكرة املرفق العام كمعيار لتطبيق قواعد القانون االداري؛
-مسؤولية الدولة ليست عامة وال مطلقة ،وللمزيد من املعومات راجع يف املوضوع أمينة جربان البخاري ،دعوى القضاء الشامل ،املنشورات
اجلامعية املغربية طبعة ،2991صفحة .412-410-449
7مت تنظيم املسؤولية االدارية باملغرب يف 21غشت 2924مبقتضى ظهري التنظيم القضائي الذي نص يف املادة 8على اختصاص احملاكم الفرنسية بنظر
دعاوى املسؤولية امل رفوعة ضد االدارات العمومية ،وكانت هذ من النوع الوحيد من الرقابة القضائية الذي حم به املشرع على اعمال اإلدارة و م يقر هذ
الدعوى بشكل عام بل يف حاالت معينة على سبيل احلصر يف األضرار النامجة عن تنفيذ عقد أبرمته الدولة أو أشغال أمرت هبا أو أي قرار احلق ضررا بالغري.
8الفصل :99الدولة والبلديات مسؤولة عن االضرار الناجتة مباشرة عن تسيري إدارهتا وعن االخطاء املصلحية ملستخدميها
الفصل :80مستخدمو الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن االضرار الناجتة عن تدليسهم أو عن االخطاء اجلسيمة الواقعة منهم يف اداء وظائفهم"...
Serhane ( EH) : Le Contentieux administratif de pleine juridiction en droit public marocain , 9
Thèse d’état en droit . Bordeaux 1989
2
وبذلك فهي مسؤولية إدارية قائمة بدون توافر ركن الخطأ ،وذلك على غرار املسؤولية إلادارية التي تقوم
على أساس الخطأ.
وعليه ،تطرح إشكالية مهمة تتمثل في أين تتجلى ألابعاد املختلفة للمسؤولية إلادارية بدون خطأ و
تطبيقاتها؟
هذه إلاشكالية تتفرع عنها مجموعة من التساؤالت نوجزها فيما يلي:
-املبادئ والخصائص العامة التي تقوم عليها املسؤولية إلادارية بدون خطأ؛
-شروط انعقادها؛
-آلاراء املتباينة للفقهاء حول نظرية املسؤولية إلادارية بدون خطأ؛
-حاالت تطبيق املسؤولية بدون خطأ الواردة في النصوص التشريعية؛
حاالت تطبيق املسؤولية بدون خطأ الواردة في الاجتهادات القضائية؛ -
ومن وجهة نظرنا ،فإن طبيعة هذا املوضوع تفرض معالاته وفق املنهج الوصفي ومبرره واضح في بيان
الخصائص واملبادئ العامة ملسؤولية إلادارية بدون خطأ،كما سيتم اعتماد منهاا مقارنا ،عالوة على اعتماد
منهج تجريبي ملحاولة فحص آلاراء الفقهية التي تساعدنا لرصد موقف الفقه من املسؤولية إلادارية.
تتطلب هذه الدراسة ،اعتماد املقاربة التحليلية التي نروم من خاللها تحليل وتفكيك ألاحكام القضائية ،مع
الاستعانة بقراءات نقدية أو تقويمية نبرز من خاللها إيجابيات وسلبيات هذه املسؤولية إلادارية بدون خطأ
في سبيل الخروج بخالصات معينة.
و تماشيا مع طبيعة املوضوع سنعمل على وضع التصميم التالي الذي يتوزع إلى شقين:
حيث ستناول من خالل املبحث ألاول ألابعاد املختلفة للمسؤولية إلادارية ،في حين سنخصص املبحث
الثاني لتناول حاالت املسؤولية إلادارية بدون خطأ.
3
املبحث ألاول ألابعاد املختلفة للمسؤولية بدون خطأ
لقد أحدث مجلس الدولة الفرنس ي إلى جوار املسؤولية القائمة على أساس الخطأ ،نوعا آخر من املسؤولية
إلادارية ال عالقة له مطلقا بفكرة الخطأ ،وأقر التعويض عن أضرار ها ولو كانت ناتجة عن تصرفات
مشروعة ،بمعنى أنه أقام املسؤولية إلادارية على ركنين فقط ،هما :الضرر والعالقة السببية بينه وبين
تصرف إلادارة.
في حين نص املشرع املغريي من خالل الفصل 81من ظهير الالتزامات والعقود على إقرار مسؤولية الدولة
والبلديات عن ألاضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن ألاخطاء املصلحية ملستخدميها.
وما يستفاد من هذه الفقرة أن الشخص الذي يتعرض ألضرار تنتج مباشرة عن تسيير إلادارة ،فمن حقه أن
يطلب من املحكمة تعويضه عن الضرر الذي لحقه ،ولو لم ترتكب إلادارة أي خطأ من طرفها وذلك استنادا
إلى نظرية املخاطر.
إن دراسة نظرية املسؤولية إلادارية بدون الخطأ وتحديد أبعادها ،وإلاحاطة بقواعدها تقتض ي التعرف على
املبادئ والخصائص العامة املؤطرة لها من جهة ( مطلب ألاول) ،ومن جهة أخرى تستلزم شروطا معينة
لقيامها ،إذ أن املسؤولية املبنية على أساس املخاطر ال تقوم إال إذا توافرت هذه الشروط ،إضافة إلى
تباين آلاراء الفقهية بين مؤيد ومعارض لهذه النظرية (مطلب الثاني).
4
أضرار للغير ،ويجعل من الضروري تحمل الاماعة مقابل هذه املنافع عبئ التعويض لضحايا هذه ألاعمال
10
الضارة.
10فريد بن مشيش ،املسؤولية اإلدارية عن أخطاء املوظف العام ،مذكرة مكملة من متطلبات نيل شهادة املاسرت يف احلقوق ختصص قانون إداري ،حتت
إشراف نصر الدين عاشور ،جامعة حممد خيضر بسكرة كلية احلقوق والعلوم اإلنسانية – قسم احلقوق .1021 -1024 -صفحة .94
11حممد عادل ،األساس القانوين للمسؤولية االدارية بدون خطا دراسة مقارنة ،علوم الشريعة والقانون اجمللة 14العدد -1021- 2األردن ،الصفحة 199
12علي خطار شطناوي :مسؤولية االدارة العامة عن اعماهلا الضارة دون وجود اشارة اىل الطبعة ودار النشر ص 119-118
5
مجاني ضد تلك املخاطر ،وذلك بالتعويض عن ألاضرار التي قد تلحق باملواطنين نتيجة لنشاط إلادارة الذي
يخلو من عنصر الخطأ وتستفيد منه الاماعة ،أو بسبب خارج عن نشاطها كالكوارث ،باعتبار أن لكل خطر
يستوجب أن يكون هناك من يضمنه ،وأن كل ضرر يستوجب أن يكون هناك مسؤول عنه ،كما أن العبء
النهائي للتعويض يستوجب أن يستقر على عاتق الاماعة ،بأن تؤمن الدولة مواطنيها ضد املخاطر التي ال
ونشاطاتها13. تستطيع أن تدفع عنهم أذاها ،أو أن يكون التأمين ضد الضرر الناتج عن ممارسة إلادا رة ألعمالها
إن تعويض الدولة للمتضرر او املتضررين من جراء نشاط إلادارة أو غيرها من املخاطر ودون خطأ نهائيا منها
وقيام مسؤولية إلادارة عن أعمالها أو غيرها على أساس تبعة تحمل املخاطر والتامين منتقد وغير واضح من
طرف العديد من الفقهاء ،على الرغم من أنها ذات نشأة اخالقية تهدف إلى مساعدة املتضرر ،إال أن الخطر
بحد ذاته يكون شرطا للتعويض وليس أساسا للمسؤولية ،كما أن لإلدارة نشاطات وأعماال قد ال ينتج عنها
خطر كالقرارات إلادارية واملسؤولية عن القوانين ،فإن أي نشاط أو عمل ال ينطوي على خطورة سيمنع
املطالبة القضائية بالتعويض ،مما تعد نظرية تحمل تبعة املخاطر أو التأمين نظرية بعيدة وغريبة عن القانون
14
إلاداري وال تصلح أساسا قانونيا ملسؤولية إلادارة عن أعمالها دون خطأ.
ت -مبدأ املساواة أمام ألاعباء العامة :
يعتبر مبدأ املساواة أمام ألاعباء وتحمل التكاليف العامة من املبادئ الدستورية املستقرة التي تنص عليها
صراحة دساتير الدول واملواثيق الدولية ،15وتعتبر املادة من إعالن حقوق إلانسان لعام 1789املصدر
التاريخي ملبدأ املساواة ،الذي يحتوي على عنصرين فالعنصر ألاول منه :يتمثل في املساواة في حقوق املواطنين
ومنافعهم التي تتجسد باملساواة أمام القانون والوظائف العامة والاستفادة من خدمات املرافق العامة ،أما
العنصر الثاني منه :فيتمثل بالواجبات املتجسدة في املساواة أمام ألاعباء والتكاليف العامة كدفع الضرائب
16
والخدمة العسكري.
13حممد عادل ،األساس القانوين للمسؤولية االدارية بدون خطا دراسة مقارنة ،علوم الشريعة والقانون اجمللة 14العدد -1021- 2األردن ،الصفحة
199
14مرجع سابق ،نفس الصفحة .
15محاد محادي ،املسؤولية االدارية أطروحة لنيل الدكتورا حتت اشراف االستاد سعيد ابن البشري اجلزء األول جامعة حممد اخلامس بالرباط صفحة411
16خليل الفندري ،املسؤولية على أساس االخالل مببدأ املساواة امام األعباء العامة ،صفحة 19منشور باملوقع االلكرتوين
www.fdsf.rnu.tn/useruploads
6
إن الادارة موكول إليها أساسا تحقيق الصالح العام ،وهذا يفرض عليها أن تقدم خدماتها للمواطنين على
قدم املساواة ،اذا توافرت الشروط الضرورية املبينة بالنصوص التشريعية التنظيمية وأثناء قيامها بمهامها
تلك قد تضطر الى الحاق الاضرار بجانب من املواطنين دون آخرين ،مع العلم أن الغاية هي خدمة الاميع.
فاإلدارة مثال قد تقض ي بنزع امللكية من أجل املصلحة العامة ،أو فرض قيود وشروط اضافية في بعض
املجاالت تفرضها املصلحة العامة وليس مصلحة املستفيدين من تلك الشروط إلاضافية وتكون قراراتها
شرعية قابلة للتنفيذ بشرط أن تقدم التعويضات الضرورية للمتضررين مثال من نزع امللكية أو من فرض
القيود والشروط الاضافية في نشاط معين.
لهذا فمن الضروري أن تعامل الادارة املواطنين على قدم املساواة ،وبالتالي تكون ملزمة بتقديم تعويضات
مادية للمتضررين من جراء الاجراءات التي رأت الادارة ضرورة اتخاذها من أجل تحقيق املصلحة العامة،
وتؤدي تلك التعويضات من مالية إلادارة ،أي من الخزينة العامة التي هي ملك عمومي يشارك في ايجاده
17
مختلف فئات املواطنين ،وبالتالي يكون هؤالء مدعويين للمساهمة على قدم املساواة امام الاعباء العامة .
ث -مبدأ التضامن الاجتماعي أو الوطني :
يعد مبدأ التضامن الوطني أو الاجتماعي الاساس الاولى في املجتمع التي يجزم الاميع بوجودها قبل وجود
فكرة القانون والدولة؛ ومن ثم فهي تعتبر ألاصل ألاول من أصول الحياة الاجتماعية ،واملبدأ ألاهم من
املبادئ التي تحكم عالقة الفرد بالفرد والفرد بالدولة.
التضامن الاجتماعي في املجتمع يحركه الضمير الاماعي للاماعة الذي يوجب عليها أن ترفع وتجبر الضرر
الاستثنائي الذي يلحق بأفرادها ،وذلك بتعويضهم من خالل ما تدفعه لهم الدولة من الخزينة العامة واملتكونة
من الضرائب والرسوم التي يدفعها أعضاء الاماعة باعتبار أن الدولة ممثله وأداة لهذه الاماعة استنادا
لفكرة الصالح العام الذي يعني؛" تحقيق العدالة" ،فمن مصلحة الاماعة أن تعوض الاضرار التي تصيب
أفرادها من جراء العمل أو النشاط إلاداري تحقيقا للصالح العام لهذه الاماعة حتى يسود الاطمئنان والنظام
والعدالة .
جاء أصل مبدأ التضامن الاجتماعي من الدين إلاسالمي الحنيف ،18وقد أخذت فرنسا هذا املبدأ كأساس
ملسؤولية الدولة على أساس املخاطر ونصت عليه في دستورها لعام 191946بأن الفرنسيين متساوون
17عبد القادر باينة ،تطبيقات القضاء االداري باملغرب ،دار توبقال للنشر الطبعة االوىل ،2988صفحة .242
18
التضامن الوطين يف الشريعة االسالمية ،يقوم على أساس مبدأ التكافل والتعاون ،هذا املبدا جيد صدا يف القران الكرمي والسنة النبوية :فمن القران الكرمي قوله تعاىل" :
وتعاونوا على الرب والتقوى وال تعاونوا على االمث والعدوان" سورة املائدة آية رقم 1
7
ومتضامنون أمام التكاليف الناشئة عن الكوارث الوطنية ،وطالب الفقه بامتداد هذا التضامن ليشمل
ألاضرار التي تصيب ألافراد من جراء نشاط إلادارة ،من خالل دفع التعويض لهم لرفع ألاضرار التي قد تلحق
20. بهم وتصيبهم تحقيقا ملبدأ التضامن الاجتماعي وليسود الاطمئنان والثقة بين جميع املواطنين
ويؤدي مبدأ التضامن الوطني ،كأساس قانوني واجتماعي ،دورا هاما ورئيسيا في إلزام الدولة بتعويض
الضحايا من جراء اعمال ونشاطات مشروعة أو غير مشروعة .فبعضها مرتبط بفكرة اجتماعية املخاطر أو
املخاطر الاجتماعية ،Socialisation des Risquesويعضها الاخر بفكرة املخاطر الطبيعية كالزالزل
21
والفيضانات والاعصارات والبراكين والافاف وغيرها...
فالتضامن هو تعبير عن الاساس الذي يستند إليه املساعدة التي تقوم بواسطة ألامة ملجموعة ملجموعة
تواجه صعوبة أو مشقة ن ففي حالة ألازمة الحادة يظهر الشعور بالتضامن الوطني بمعنى الشعور باالنتماء
لذات الاماعة.
ويعد مبدأ التضامن الوطني ،من بين اهم املبادئ الدستورية باملغرب ،فمن املقرر وفقا الفصل 08من
دستور 22،1833ان املجتمع يقوم على مبدأ التضامن الوطني ،ومن تم فإن التضامن الوطني أو الاجتماعي
يلقي على عاتق الدولة التزاما بتعويض الاضرار الاسيمة والناجمة عن الكوارث وذلك بصرف النظر عن أي
23
خطأ او خطأ تنسب إليها أو تكون ممثلوها او تابعوها او موظفوها قد ارتكبوها .
19جاء يف ديباجة الدستور الفرنسي لسنة ،2911على أن الفرنسيني متساوون ومتضامنون مجيعا امام االعباء العامة النامجة عن الكوارث الوطنية ن ويف هذا
االطار ،أصدر املشرع الفرنسي جمموعة من التشريعات ،تطبيقا للمبدأ الدستوري املتمثل يف مبدا التضامن الوطين ونذكر منها:
-قانون 12مارس سنة 2918ينم تعويضات امجالية عن الكوارث اليت أصابت الفرنسيني عام 2919؛
-قانون 4أبريل سنة 2998الذي مين تعويضات تتحملها الدولة للمتضررين من عاصفة ثلجية اجتاحت فرنسا؛
-التشريع اخلاص مبقاومة االرهاب واالعتداء على أمن الدولة .2981
-التشريع اخلاص ببعض االحكام االجتماعية والذي يتضمن بعض النصوص املتعلقة بتعويض ضحايا االيدز .2992
-قانون حقوق املرضى ونوعية النظام الصحي الصادر 1مارس .1001
20حممد عادل ،األساس القانوين للمسؤولية االدارية بدون خطا دراسة مقارنة ،علوم الشريعة والقانون اجمللة 14العدد -1021- 2األردن ،الصفحة 191
21يونس شاخمي ،تطور أساس املسؤولية االدارية يف ضوء االجتهاد االجتهاد القضائي املغريب واملقارن اطروحة لنيل الدكتوراة حتت اشراف بوعزاوي بومجعة،
1029/1021بكلية العلوم القانونية واالجتماعية واالقتصادية بسال ،صفحة 419-418
22نص الفصل 10من الدستور 1022الذي يقضي بأن " :على اجلميع أن يتحمل ،بصفة تضامنية وبشكل يتناسب مع الوسائل اليت يتوفرون عليها،
التكاليف اليت تتطلبها تنمية البالد ،وكذا تلك الناجتة عن االعباء النامجة عن اآلفات والكوارث الطبيعية اليت تصيب البالد".
23
للمزيد من العلومات االطالع على يونس شاخمي ،تطور أساس املسؤولية االدارية يف ضوء االجتهاد االجتهاد القضائي املغريب واملقارنن مرجع سابق .
8
الفرع الثاني :الخصائص العامة ملسؤولية إلادارية بدون خطأ
تتمثل الخصائص العامة للمسؤولية إلادارية بدون خطأ في :
24محاد مح ادي ،املسؤولية االدارية أطروحة لنيل الدكتورا حتت اشراف االستاد سعيد ابن البشري اجلزء األول جامعة حممد اخلامس بالرباط صفحة 411
25املرجع السابق ،نفس الصفحة.
26منشور مبوقع ستار تاميز ،مت االطالع على املوقع بتاريخ 1021/09/09على الساعة 21زواال.
9
ت -الطابع املحدود للمسؤولية إلادارية على أساس املخاطر
من املعلوم طبعا أن املسؤولية الادارية على أساس املخاطر تستبعد فكرة الخطأ ،كما أن إلادارة ،تتحمل
املسؤولية عن نشاطها الضار ،ولو كان مرجع خطئها إلى حادث فجائي ،فإن هذا ال يعني ان مسؤولية الادارة
ال تخضع لقيود أو شروط معينة
وعليه ،ولقيام املسؤولية بدون خطا ،فإنه ال يكفي القول أن الضرر ال يتضمن خطأ ،بل يتعين توافر
شروط معينة لتحقق من هذا النوع من املسؤولية .
وتأسيسا على ما ذكر ،فإن مجلس الدولة الفرنس ي ،أكد في العديد من ألاحكام ،أن نظرية املسؤولية على
أساس املخاطر ال يمكن تطبيقها إال إذا تبينت العالقة السببية بين العمل إلاداري والضرر الحاصل ،إضافة
27
إلى شرطي الضرر الخاص والغير العادي.
فالقضاء الاداري قضاء إنشائي والقاض ي إلاداري له سلطات واسعة على عكس القاض ي املدني أسير النص
القانوني املكتوب.
لهذا نشأة نظرية مسؤولية الادارة بدون خطأ من خالل القضاء إلاداري حيث يعود الفضل في وجودها
وإبرازها وتطبيقها إلى القضاء إلاداري وخاصة القضاء إلاداري الفرنس ي الذي توسع كثيرا في إرساء قواعدها
وأسسها ،وحدد شروطها ومجاالت تطبيقاتها ،وذلك من اجل الحفاظ على التوازن بين املتضرر حماية
لحقوقه وحرياته ،وبين ما تتمتع به إلادارة من امتيازات السلطة العامة ،تحقيقا للعدالة والتضامن
الاجتماعي
27محاد مح ادي ،املسؤولية االدارية أطروحة لنيل الدكتورا حتت اشراف االستاد سعيد ابن البشري اجلزء األول جامعة حممد اخلامس بالرباط صفحة411
28املسؤولية االدارية بدون خطأ من إعداد طلبة ماسرت القضاء االداري حتت اشراف االستاد محيد ولد لبالد السنة الدراسية 1029-1021
11
الجزاء على املسؤولية بدون خطأ يكون دائما بالتعويض : ح-
إن تطبيق نظرية املخاطر يؤدي إلى الحكم بالتعويض حيث أن هذه النظرية ال عالقة لها إطالقا بقضاء
إلالغاء ،فهي بذلك تختلف عن نظرية الانحراف بالسلطة و تلتقي مع نظرية التعسف في استعمال الحقوق
إلادارية إذ يحكم فيها دائما هي أيضا بالتعويض.
املطلب الثاني :شروط انعقاد املسؤولية إلادارية وموقف الفقه من هذا النوع من
املسؤولية
الفرع : 1شروط انعقاد املسؤولية إلادارية بدون خطأ
تتقرر املسؤولية الدولة عن أعمالها إلادارية القائمة بدون خطأ بتوفر ركنين و هما :الضرر و
عالقة سببية و ذلك خالف للمسؤولية في القانون الخاص التي ال تتقرر إال بتوفر ركن الخطأ
باإلضافة إلى الركنين السابق ذكرهما .ومما يؤكد ذلك ما جاء في قرار للمجلس ألاعلى رقم 181
بتاريخ 1فبراير " 3178حيث أن مسؤولية إلادارة عن ألاضرار الناتجة مباشرة عن ألاشياء
الخطيرة التي تستعملها في تسيير مصالحها كالسيارة ،تخضع ملقتضيات الفصل 81السابق
الذكر في جزئه الذي يرتب هذه املسؤولية عليها وحتى بدون خطأ بل يكفي في ذلك إثبات وجود
عالقة سببية بين الضرر الحاصل للضحية و الاشياء املستعملة من طرف إلادارة وال تعفي هذه
ألاخيرة من املسؤولية كليا أو جزئيا إال بإثبات خطأ الضحية ،هذا الخطأ الوجود له في النازلة و
بهذه العلل القانونية املحضة املستمدة من الفصل 81املذكور و املطبقة على الوقائع الثابتة
لدى قضاة املوضوع ،يعوض املجلس ألاعلى العلل الخاطئة التي ارتكز عليها القرار املطعون فيه
استنادا منه غلى الفصل ، 77ويصير منطوقه بذلك مبرر تبرير قانونيا
وجاء في حكم آخر للمجلس ألاعلى عدد 3878بتاريخ 3198. 88.11بأن مسؤولية املكتب الوطني
للسكك الحديدية باعتباره مؤسسة عمومية عن ألاضرار الناشئة عن ألاشياء الخطيرة التي
يستعملها تخضع ملقتضيات الفصل 81من قانون العقود و ألالتزامات ،وتترتب هذه
11
املسؤولية عن سير مصالح املكتب ولو بدون خطأ وال تعفى من هذه املسؤولية إال إذا أثبت أن
29
الضرر يرجع إلى الضحية أو إلى القوة القاهرة "
أما بالنسبة لفرنسا فإن املسؤولية إلادارية على أساس املخاطر ،ال يمكن أن تقوم إال بتوفر
صفتين اساسيتين ثم استنتاجهما من خالل أحكام عديدة ملجلس الدولة الفرنس ي و الصادرة
في هذا الشأن ،و هما صفة الخصوصية ،بمعنى أن الضرر يلحق فردا معينا أو أفراد بذواتهم (
الفقرة ألاولى )باإلضافة إلى الاسامة غير العادية فمجلس الدولة ال يعوض عن الضرر الخاص
إذا كان من املمكن اعتباره من مخاطر املجتمع العادية ،و لم يمكن ارجاعه إلى خطأ مرفقي
30
محدد(الفقرة الثانية )
الفقرة ألاولى :صفة الخصوصية
و يقصد بهذه الصفة أن يكون الضرر قد أنصب على فرد معينا ،أو على أفراد معيين
إن اشتراط صفة الخصوصية في الضرر ،تم النص عليها من طرف قضاء مجلس الدولة الفرنس ي ،في
عبارات عامة و لقد جاء في أحد أحكامه ما يلي " :إن صفة الخصوصية ،تعتبر شرطا ضروريا لكي يعترف
للمعنيين باألمر ،بحق تعويض الاضرار الناتجة عن تدخل املشرع "
و جاء في حكم آخر ملجلس الدولة الفرنس ي ،في نفس املوضوع ":إن امتناع املشروع الذي عبرت عنه إلادارة
للطالبات املتعلقة بالترخيص لتسريح العمال املقدمة من طرف املشغلين ال يمكن أن يعطي الحق في
التعويض لفائدة هؤالء املشغلين إال إذا كان امتناع قد سبب لهما ضررا مباشرا و خاصا "
أما إذا كان الضرر قد لحق عددا كبيرا من ألاشخاص ،فإنه ال يمكن لهؤالء الاشخاص أن يحصلوا على
التعويض عن هذا الضرر ،ومن بين الاحكام الصادرة في هذا الشأن ،حكم مجلس الدولة الفرنس ي
الصادر بتاريخ 31مارس ، 3181حيث صرح بما يلي :
" إن مقتضيات هذا القانون .........له طابع عام........و نتيجة لذلك ،فإن صدور هذا الرسم ال يمكن أن يبرر
الحق في التعويض "
29مليكة الصروخ ،القانون اإلداري (دراسة مقارنة ) الطبعة السابعة مع آخر املستجدات ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء ص 999:
- 30ذ ،ثورية العيوين ،القضاء اإلداري ورقابته على أعمال اإلدارة (دراسة مقارنة ) ،دار النشر اجلسور ،وجدة ، 1009ص 121
12
فإذا كانت صفة الخصوصية تعتبر شرطا ضروريا ،لقيام املسؤولية إلادارية على أساس املخاطر ،فإن
السؤال املطروح ،هو متى تتحقق هذه الخصوصية ؟
إن طبيعة خصوصية الضرر ،يمكن توضيح مفهومها من خالل العبارة التالية لألستاذ ": M .heumannإن
الضرر الذي يعوض عنه ،هو ذلك الضرر الذي ال يصيب إال شخصا أو مجموعة محددة من ألاشخاص "
و على هذا ألاساس ،ينبغي التمييز بين حالتين :الحالة التي يلحق فيها الضرر شخصا واحد تعتبر هذه
ألاخيرة غير معقدة ،و من السهولة بمكان ،إذ أن الضرر في حالة من هذا القبيل يعتبر خاصا ،فأغلب
القرارات الصادرة عن مجلس الدولة الفرنس ي ،و التي تأخذ بمسؤولية السلطة العمومية بسبب القرارات
املشروعة ،تندرج ضمن هذه الحالة و يتجلى ذلك باألخص في القرارين املتعلقين باملسؤولية عن القوانين
،ذلك ان منع استعمال » "la gradinأو glucose de brasserieال يمكن أن تمس سوى املدعيين .كما أن
املشرع بوضعه هذه املقتضيات التي تنص على هذا املنع ،كان يسعي في الحقيقة إلى وصول إلى مؤسسة
معينة ،تتوفر فيها الشروط املنصوص عليها في القانون
و حالة الضرر الذي يصيب مجموعة من ألاشخاص فهي ال تترك مجال للحديث عن خصوصية الضرر و
لقد أعطي الاستاذ DéLVOVéعدة أمثلة عن هذه الحالة إجراءات تجميد ألاثمان ،القواعد املتعلقة
بمعدل الصرف أو تخفيض العملة .
نفس الش يء يمكن أن يقال عن القرارات التي تمس جميع التجار و الصناع في حالة إحداث رسم جديد على
قطاع معين ،أو مادة معينة .ففي حالة من هذا القبيل ،ال يمكن ألي مؤسسة أن تطالب بتعويض عن
الاضرار التي تلحقها من جراء هذا الاجراء
31
الفقرة الثانية :الجسامة غير عادية للضرر
إن اصطالح الاسامة الغير عادية " أو " الضرر غير العادي " غير مستعملة بكثرة في الاجتهادات القضائية
ملجلس الدولة الفرنس ي ،بل إن العبارات التي تضمنتها القرارات الصادرة عن مجلس الدولة الفرنس ي ،في
نفس املوضوع ،تشير إما "الخطورة " أو "الخاصية الاستثنائية " للتعبير عن وضعية واحدة .و نجد قرارات
أخرى تتحدث عن "تكاليف خاصة باملقارنة مع التحمالت العادية "
31محادي ،املسؤولية االدارية أطروحة لنيل الدكتورا حتت اشراف االستاد سعيد ابن البشري اجلزء األول جامعة حممد اخلامس بالرباط صفحة410
13
و جدير بالذكر ،أن الاسامة الغير عادية للضرر ،يفهم منها أهمية الضرر ،وخطورته ،فرغم اختالف
العبارات الواردة بشأن هذا الضرر ،فإن املحتوي لن يختلف ،إذا أن اشتراط الاسامة غير العادية
للضرر هو أمر معمول به ،لذا ينبغي معرفة متى تتحقق هذه الاسامة غير العادية؟
إن اشتراط صفة الاسامة غير العادية للضرر ،يعتبر أمرا ضروريا ،لقيام املسؤولية الادارية على أساس
32
املخاطر .
و من ثم ،فإن انتفاء هذه الصفة ،من شأنه استبعاد املسؤولية على اساس املخاطر ،و بالتالي لن يكون
هناك مجال للتعويض ،فمعظم القرارات الصادرة عن مجلس الدولة الفرنس ي تشير إلى هذه الصفة .
بحيث أنها تشير إما إلى أن الضرر الحاصل ال يتصف بالخطورة الكافية ،أو أن الضرر الحاصل ال يتضمن
صفة الخطورة ،التي من شأنها أن تولد مسؤولية الادارة في غياب أي خطأ صادر عنها
و هكذا فإن مجلس الدولة الفرنس ي في قرار « « lafleuretteيتحدث عن أعباء ال ينبغي أن تتحملها ،عادة
الشركة املدعية ،و مما جاء في هذا الحكم ما يلي :
"......حيث أن املنع الذي أتى به القانون في سبيل مصلحة صناعة ألالبان قد أضطر الشركة املدعية إلى
وقت إنتاج ال جرادين ،وهي كريمة لم يثبت أنها تمثل أي خطر على الصحة العامة ،وأنه ما من نص في
القانون أو في الاعمال التحضيرية أو في الظروف املحيطة بالقضية يسمح بالتفكير في أن املشرع أراد أن
يثقل كاهل الشركة صاحبة الشأن ،بتحم يلها عبئا ال يجب أن تتحمله عادة ،و أن هذا العبء قد نشأ في
سبيل تحقيق املصلحة العامة ،فمن الواجب أن تتحمله الاماعة "
و لقد أسندت املحاكم القضائية املغربية ،خاصة في القرارات القديمة التي صدرت خالل عهد الحماية ،
إلى فكرة الاسامة غير العادية ،لقيام املسؤولية الادارية على أساس املخاطر ،فلقد جاء في قرار محكمة
الاستئناف الرباط بتاريخ 7دجنبر 3111ذكر الضرر الذي ":يتجاوز التحمالت العادية و التي ينبغي أن
يتحملها عادة الافراد " .و نفس الاتجاه سلكته املحكمة املذكورة في القرار لها بتاريخ 8مارس ، 3101حيث
33
تحدثت عن مخاطر الاوار التي ال يمكن أن يعوض عنها إال إذا تجاوزت الحالة العادية .
أما إذا رجعنا إلى الاجتهاد القضائي الحديث ،فإن القرارات و الاحكام الصادرة عن القضاء في امليدان
املسؤولية الادارية ،قلما تشيرا الى هذه الفكرة ،فمن بين القرارات القليلة التي تضمنت هذه الفكرة ،
محادي ،املسؤولية االدارية أطروحة لنيل الدكتورا مرجع سابق 412 32
14
يمكن الاشارة على سبيل املثال إلى قرار مجلس ألاعلى الصادر بتاريخ 19نونبر 3181و تتلخص وقائع هذه
القضية كالتالي :تناول طفل عبد الناصر الزوين اقراصا من مادة معينة وقاية من مرض معدي ،بطلب
من مسؤولين عن املدرسة التي يتابع فيها دراسته تسببت له قروح في عينه ،أدت الى فقد البصره في عينه
اليسرى ،و بعد أن رفع والده دعوى ضد املسؤولين عن املدرسة ،و التي انتهت في الاستئناف بالحكم على
إلادارة بأداء التعويض للضحية ،مما دفع بالدولة الي املطالبة بنقض الحكم .و مما جاء في قرار مجلس
الاعلى مايلي :
"....و من جهة ثالثة فإن محكمة الاستئناف التي لم تكن ملزمة بتتبع الاطراف في جميع أقوالهم ،تكون قد
رفضت ضمنيا العمل بالنظرية الرامية إلى وجوب تحمل الضرر الخفيف في سبيل جلب املنفعة العامة ،
34
خصوصا وأن الضرر املشار إليه ال يمكن اعتباره خفيفا بالنسبة للطفل"......
الفرع الثاني :تباين آلاراء الفقهية بين مؤيد وعارض
تقوم املسؤولية بشكل عام على أساس الخطأ أي؛" حيث ال خطأ فال مسؤولية" ،وهذه القاعدة ألاصلية ،إال أن
القانون العام والقانون إلاداري بشكل خاص والذي يحاول دائما أن يوازن ما بين سلطة إلادارة وحرية ألافراد،
قد ساعد القضاء إلاداري في ميالد وابتداع نظرية ال عالقة لها بالخطأ نهائيا،
فقرر مجلس الدولة الفرنس ي مبتدع هذه النظرية التعويض عن ألاضرار الناشئة عن نشاط إلادارة املشروع
35
دون ارتكابها ألي خطأ ،معتمدا على ركني الضرر والعالقة السببية بين الضرر ونشاط إلادارة.
وقد برز هذا الدور للقضاء إلاداري في ضرورة إقامة التوازن بين مركز املتضرر حفاظا على حقوق ألافراد
وحرياتهم وحمايتهم من ألاضرار التي قد تلحق بهم جراء نشاط إلادارة وما تتمتع به إلادارة العامة من سلطة
وامتيازات ،مما دعى الفقه للبحث عن أساس قانوني ملسؤولية إلادارة عن نشاطها الضار دون ارتكابها ألي
خطأ ،ليكون مبدأ تنعقد على أساسه هذه املسؤولية في مواجهة إلادارة.
إال أن ذلك لم يكن محل اتفاق ما بين الفقهاء ،فظهرت العديد من الحجج التي تؤيد وتبرر وجود نظرية
املسؤولية بدون خطأ وأخرى تعارضها.
أ -الجانب املعارض والرافض لنظرية مسؤولية إلادارة بدون خطأ ومببراته
ال يسلم جانب من الفقة بهذه النظرية وال يعترف بها مستندا على الحجج التالية:
34محادي ،املسؤولية االدارية أطروحة لنيل الدكتورا مرجع سابق صفحة 411
35حممد العمري ،مسؤولية اإلدارة بدون خطأ دراسة مقارنة يف كل من األردن واإلمارات رسالة املاجستري صفحة 11-12
15
-1أنها نظرية غامضة ومبهمة وال يمكن التسليم بإقامة املسؤولية على هكذا نظريات ال تتفق مع مبادئ القانون
الدستوري ،حيث إن القانون إلاداري غير منفصل عن القانون الدستوري ،ويتوجب أن يسير في فلك واحترام
36
مبادئه ،وأهم مبدأ من هذه املبادئ مبدأ احترام سيادة الدولة.
-2إن مجلس الدولة الفرنس ي قد حقق نجاحا في تالفي عيوب مسؤولية إلادارة على أساس الخطأ من خالل
ابتداعه قرائن الخطأ البسيطة التي تقبل إثبات العكس ،أو املطلقة التي ال تقبل إثبات العكس إلعفاء
املتضرر من إثبات خطأ إلادارة الذي يعد في بعض الحاالت صعب إلاثبات ،أو الستحالة إثباته ،وتطبيق نظرية
مسؤولية إلادارة بدون خطأ يعد رجوع إلى الوراء وعدم اكتراث بالتطورات القضائية ملجلس الدولة الفرنس ي
37
.
ب .الجانب املؤيد لنظرية مسؤولية إلادارة بدون خطأ ومبرراته
يسلم جانب من الفقه بهذه النظرية ويؤيد تطبيقها وفقا ملا أقره القضاء الفرنس ي ،وللعديد من الاعتبارات،
وردا على ما ألاساس القانوني للمسؤولية اورده الاتجاه املعارض بالحجج التالية:
-1إلادعاء بأن نظرية مسؤولية إلادارة بدون خطأ مبهمة وغامضة؛ ادعاء غير مقبول وال أساس له من
الصحة؛ فهي نظرية قضائية استثنائية مكمله ال يتم تطبيقها إال إذا توفرت الشروط والضوابط التي أقرها
القضاء ،كما أن فكرة مبدأ احترام سيادة الدولة التقليدي املطلق غير موجود وقد انقرض في عالم القانون
والفقه الحديث،
-2إن تطبيق هذه النظرية ال يعد رجوع للوراء لعدم ألاخذ بنظام قرائن الخطأ التي تخفف من عيوب
املسؤولية على أساس الخطأ؛ ألن مسؤولية إلادارة بدون خطأ تعد مرحلة من م ا رحل تقدم القضاء إلاداري
وتطوره ،إذ إن إلادارة لم تكن مسؤوله عن أعمالها إطالقا ومن ثم أصبحت مسؤوله على أساس الخطأ وليس
كل ألاعمال ،ويعدها جاءت نظرية قرائن الخطأ املفترض لتخفف من عبء إثبات الخطأ ،وعندما وجد القضاء
إلاداري أن هناك ضرر بدون خطأ وجد من غير العدالة عدم التعويض ،ولهذا تعد نظرية مسؤولية إلادارة
بدون خطأ تقدما لألمام ،وال يمكن التقيد بنصوص القانون املدني املكتوبة على عكس القانون إلاداري غير
املقنن ،وكذلك القضاء إلاداري قضاء إنشائي عند عدم ورود النص ،وما استقر عليه القضاء إلاداري بأن
سليمان الطماوي ،القضاء اإلداري ،قضاء التعويض وطرق الطعن يف األحكام ،الكتاب الثاين ص 122
36
37مرجع سابق صفحة 121
16
مسؤولية إلادارة بدون خطأ هي نظرية تكميلية ال يمكن تطبيقها إال إذا توفرت شروطها وكل الضوابط الخاصة
3938
بها؛ فاألصل قيام مسؤولية إلادارة على أساس الخطأ والاستثناء قيام مسؤولية إلادارة بدون خطأ.
17
الفرع ألاول :ألاضرار املترتبة عن املس بحق امللكية
ينص الفصل 15من دستور 1833على أن " يضمن القانون حق امللكية .ويمكن الحد من نطاقها وممارستها
بموجب القانون،إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبالد .وال يمكن نزع امللكية إال
في الحاالت ووفق إلاجراءات التي ينص عليها القانون " .ويتجلى دور إلادارة في هذا إلاطار في الحفاظ على هذا
املبدأ وضمان تطبيقه.
ولذلك فإن حق نزع امللكية ثابت للدولة و الاماعات الترابية و ألاشخاص املعنوية ألاخرى حسب
مقتضيات الفصل 1من ظهير 9ماي ،3171والتي يتعين عليها-أي الهيئات العامة -تبرير هدف املصلحة
العامة .وفي مقابل ما تقوم به إلادارة من إجراءات لنزع امللكية من أجل املنفعة العامة،فإن املشرع لم يهضم
حق ألافراد ،إذ ألزم نازع امللكية بتعويض عادل يحدد أوال بالتراض ي ،وفي حالة تعذر ذلك تقوم السلطة
املختصة بتحديد مبلغ التعويض وفي هذه الحالة ألزم املشرع إلادارة باتباع القواعد املنظمة لتقديم
التعويض ،والتي لها أن تستعين بخبراء مختصين إذا ظهر لها صعوبة في التقدير .وحماية للمنزوع ملكيتهم
اشترط املشرع أال تقل التعويضات املقترحة من طرف نازع امللكية عن التعويضات التي سبق تحديدها من
جانب لانة التقويم.40وبذلك فإن مسؤولية الدولة تبرز في مثل هذه الحاالت بالرغم من عدم ارتكاب أي
خطأ من جانبها باعتبارها تسعى إلى خدمة املصلحة العامة وتسهر على تطبيق املبدأ الدستوري الذي يقض ي
بتساوي املواطنين أمام التحمالت أو التكاليف العامة.
وإذا كان الاجتهاد القضائي يعطي للسلطة نازعة امللكية سلطة واسعة في تحديد املنفعة العامة،بمعنى أنه
يغلب املصلحة العامة على املصلحة الخاصة ،41فإن التطبيقات القضائية ألاخيرة تبرز لنا أن املجلس ألاعلى
تراجع عن موقفه وأخذ بنظرية التوازن التي يأخذ بها مجلس الدولة الفرنس ي ،وذلك من خالل قراره في
40جلنة أوكل هلا املشرع مهمة حتديد مبلغ التعويض أشار إليها يف الفصل 10منظمة مبقتضى الفصل 9من املرسوم التطبيقي املتعلق بنزع امللكية الصادر
سنة 2984يف 21أبريل وقيدها مبقتضى الفصل 10من قانون نزع امللكية.
وجتدر اإلشارة إىل أن القاعدة أن التعويض عن نزع امللكية يكون نقدا باستثناء احلاالت املشار إليها يف الفصل 12من قانون .2981
أما إذا كان العقار املنزوع ملكيته حيتوي على منشآت أو بنايات أو أغراس فإن القاضي يعني عادة يف حكمه التعويض اخلاص باألرض من جهة مث التعويض
اخلاص باملنشئات أو البنايات أو األغراس مىت طلب منه من جهة ثانية ،ووضع املشرع محاية للمال العام من التبذير مقتضيات قانونية دقيقة جدا وتتعلق أساسا
بكيفية حتديد تلك التعويضات اليت وردت يف الفصل 10من قانون 1ماي .2981
41قرار اجمللس األعلى عدد 129بتاريخ 2989/20/2ملف ،81-9190قضية طاك طاك عبد العزيز،جربان،اجتهادات اجمللس األعلى ،ص.441.
يف هذ القضية وعلى الرغم من الدفوعات اليت تقدم هبا هذا الشخص ،من أمهها أن السكىن موضوع نزع امللكية توجد بالقرب من اجملزرة ورغم ذلك تريد
اجلماعة استخدامها مستودعا لشاحنات مجع األزبال مبا فيه من انعكاسات سلبية على الصحة العامة وعلى سالمت الذبائ ،فضال عن كون التكلفة املالية
للعملية تفوق بكثري ما ستجنيه اجلماعة من عملية النزع ،وبالرغم من ذلك اعترب اجمللس األعلى أن املنفعة العامة اليت يتطلبها القانون لتربير نزع امللكية متوفرة يف
العقار املنزوع ملكيته.
18
قضية الحاج بوبكر بن عيس ى ألابيض بتاريخ 8ماي 42 3118إذ قرر املجلس " :وحيث أن الاتجاه الحديث
في القضاء إلاداري ال يكفي بالنظر إلى املنفعة العامة نظرة مجردة وإنما تجاوز ذلك إلى النظر فيما يعود به
القرار من فائدة تحقق أكبر قدر من املنفعة العامة ،وذلك عن طريق املوازنة بين الفوائد التي يحققها
املشروع املزمن إنشاءه واملصالح الخاصة التي سيمس بها ،وبالتالي تقرير قرار نزع امللكية على ضوء مزاياه
وسلبياته و املقارنة بين املصالح املتعارضة لإلدارة والخواص املنزوع ملكيتهم كل ذلك في إطار نطاق
43
املشروعية املخولة لقاض ي إلالغاء"
42قرار رقم 900صادر يف 2999/09/9ملف إداري ،99-14جمموعة قرارات اجمللس األعلى الغرفة اإلدارية ،2998.2999،ص .194
43أنظر كذاك حكم عدد 4291ملف رقم 1029/208/2421بتاريخ 20يوليوز 1029الصادر عن احملكمة االدارية حول نزع امللكية للمنفعة العامة
حكم غري منشور
44مرسوم رقم 190.18لسنة 2918واملتعلق بتقدمي املساعدات واإلعانات لضحايا زلزال أكادير ج ر ،بتاريخ 21غشت ،2918ص .890
انظر في الموضوع حكم رقم 152بتاريخ 1122/12/21ملف رقم 718/21/1121الصادر عن المحكمة االدارية بالرباط قسم القضاء الشامل :القاعدة تحمل الدولة
التعويض عن االضرار المترتبة عن الفيضان .
19
الفرع الثالث :ألاضرار الحاصلة للموظفين العموميين املدنيين و العسكريين
امتنع القضاء املغريي ولفترة طويلة عن منح التعويض عن ألاضرار التي تصيب املوظفين أثناء ممارستهم
لوظيفتهم ،واعتبر أن الفصل 81الذي يضع مسؤولية الدولة بشكل عام ال يمكن تطبيقه على هؤالء
واستمر الوضع كذلك إلى سنة 3113حيث تراجع القضاء عن موقفه في قضية » .« vuilleminإن أهمية
هذا الحكم تتمثل في خلق نوع جديد من املسؤولية لم يكن يعترف به املشرع املغريي آنذاك ،وهذا ما دفع
به إلى وضع قوانين تشريعية خاصة تحمي هؤالء املوظفين وتؤمن تعويضهم عن ألاضرار التي تلحق بهم
48
ليقرر نظاما للتأمين و املعاشات بسبب وظائفهم ،47وفي نفس السياق صدر قانون فاتح غشت 3157
للموظفين املدنيين والعسكريين العاملين في القوات املسلحة امللكية والذي حل محله القانون املطبق حاليا
بتاريخ ، 49 3183/31/18كما نجد في هذا إلاطار الفصل 31من ظهير 3157الذي ينص على أنه ":يتعين على
إلادارة أن تحمي املوظفين من التهديدات والتهامات و إلاهانات والتشنيع و السباب التي قد يستهدفون لها
بمناسبة القيام بمهامهم ،وتعوضهم إن اقتض ى الحال ،طبقا للنظام الااري به العمل عن الضرر الناتج
عن ذلك في كل ألاحوال التي يضبطها التشريع الخاص برواتب التقاعد وبضمانة الوفاة،حيث تبقى الدولة
هي التي تقوم مقام املصاب في الحقوق و الدعاوى ضد املتسبب في الضرر".
45ظهري 29ماي 2918املتعلق باألضرار الناجتة عن احلرب .اجلريدة الرحمية الصادرة بتاريخ 24يونيو،2918ص.189.ويعترب هذا الظهري بالنسبة للفرتيت
وضع فيها مرتبطا بالتشريع الفرنسي اجلاري به العمل يف هذا اجملال.
46خالل الفرتة املمتدة من 2994إىل 2911مت إصدار ظهري 40شتنرب 2994إلصالح األضرار احلاصلة من جراء جرائم أو جن ارتكبت إثر جتمعات
مسلحة استعمل فيها العنف ضد أشخاص أو ممتلكات أو ما اعتربته سلطات احلماية وقتئذ بأعمال إرهاب قبل أن يتدخل املشرع يف عهد االستقالل ليزيل
هذا التأويل ويقدم التعويضات عن األعمال الفدائية و البطولية اليت قام هبا قدماء املقاومني وأعضاء جيش التحرير .ومن أجل حترير البالد وطرد املستعمر صدر
ظهري 21مارس 2999يتعلق بنظام املعاشات املمنوحة للمقاومني وألراملهم وفروعهم وأصوهلم .انظر باينة (عبد القادر ) ،تطبيقات القضاء اإلداري،ص
.140
47ظهري فات مارس 2940وفات ماي 2942و21ماي،2990جر لسنة ،2992ص 4491.وص .4104
48ج ر بتاريخ 19غشت ،2988ص.2491.
49قانوين 40دجنرب 2992املتعلق برواتب التقاعد املدنية وثالثة قوانني لرواتب التقاعد العسكرية بتاريخ ،2992/21/40ج ر عدد 4089مكرر لسنة
،2992ص.4491
50ظهري 19يونيو 2919املتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل ،ج ر بتاريخ 18يونيو ،2919ص.2109
21
القانون الخاص بالتقاعد للحصول على تعويض عن ألاضرار الحاصلة لهم أثناء تعاونهم مع إلادارة سواء
فيما يتعلق بنصوص التقاعد و املعاشات أو تلك الخاصة بحوادث الشغل .غير أن الش يء ألاساس ي هنا هو
أنه ال يمكن أن تطبق املسؤولية بناء على املخاطر على هؤالء املتعاونين مع إلادارة والذين يشملون مختلف
ألاشخاص املتطوعين للقيام ببعض ألانشطة املعهودة لإلدارة كحمالت النظافة و إلانقاد و إلاغاثة ،أو
املشاركة في الواجب الوطني كاملسيرة الخضراء أو إحياء املناسبات الوطنية .وكذا بالنسبة للمستشارين
الاماعيين أو كل املنتخبين الذين ال يتقاضون مقابال عن القيام بمهامهم الانتخابية.
21
املطلب الثاني :حاالت املسؤولية إلادارية بدون خطأ من خالل الاجتهاد القضائي
لقد أصبح مجال نظرية املسؤولية إلادارية بدون خطأ يتسع ليشمل العديد من جوانب النشاط إلاداري،
وفي مقابل ذلك فإن القضاء إلاداري قد عرف تطورا مهما حاول من خالله توسيع مجال املسؤولية بدون
خطأ ،بهدف تمييز املسؤولية إلادارية عن املسؤولية املدنية ،و إبراز خصوصيات ألاضرار الناتجة عن
النشاط إلادارة و تحملها املسؤولية دون افتراض أي خطأ من جانبها ،و بالتالي تعويض املتضررين من
نشاطها من منطلق كونها تحافظ على املصلحة العامة .وبناء على ذلك فإننا سنحلل هذه التطبيقات
القضائية لنظام املسؤولية بدون خطأ من خالل املحاور التالية :
تعتبر مادة ألاشغال العمومية ميدان نظرية املخاطر بامتياز ،و يمكن القول أن ألاشغال العامة املنجزة من
طرف إلادارة لبناء أو إصالح ممتلكاتها ال تعتبر كلها أشغال عامة ،بحيث نجد جزءا من هذه ألاشغال يشكل
خصوصية بسيطة شبيهة بتلك التي يقوم بها الخواص .و بذلك فإن ما يميز ألاشغال العامة في القانون
إلاداري هو كونها تنجز في إطار تحقيق املصلحة العامة .ولحساب شخص معنوي أو بواسطته في نطاق
تسيير موفق عام .
إن الاجتهاد القضائي يقر باملسؤولية بدون خطأ حينما يتعلق ألامر بضحية من ألاغيار بالنسبة للمرافق
العام ،بحيث أن هذا الغير وحده هو الذي تنطبق عليه املسؤولية على أساس املخاطر في مادة ألاشغال و
تستبعد مع املتعاملين أو املستفيدين من خدماتها ،إذا يخضع هؤالء لقواعد املسؤولية الخطيئة التي
تفرض عليهم إثبات خطأ إلادارة و الضرر و العالقة السببية بينهما .
22
54
وفي هذا إلاطار يمكن التمييز بين نوعين من ألاضرار الناتجة عن ألاشغال العامة.
-54حسن صحيب ،القضاء اإلداري املغريب ،منشورات اجمللة املغربية لإلدارة احمللية و التنمية " سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية " الطبعة األوىل 1008
ص88 ،
-55نشري أن الظهري 40نونرب 2928املتعلق بامللك العمومي يعطي احلق يف التعويض عن مثل هذ األضرار .
-56قرار رقم 90صادر يف 2910.2.9م.ق.أ ، 2910.2999ص 104.
-57روسي ميشيل املنازعات اإلدارية يف الغرب ،ص 299 ،
-58إدارية الرباط حكم عدد 998بتاريخ 2998/22/4ملف رقم 99.212غري منشور يف نفس السياق حكم إدارية مراكش عدد 91بتاريخ
1000/01/29ملف 99.1يتعلق األمر يف هذا احلكم بسقوط مواطن يف حفرة غري مواراة تابعة للمكتب الوطين للمواصالت السلكية و الالسلكية أتناء
مرور بشارع و إصابته على إثر ذلك بكسر و عدة جروح .يف نفس السياق كذلك حكم إلدارية الرباط رقم 499بتاريخ . 1002/1/11حممد بلوايف
ومن معه ضد الوكالة املستقلة لتوزيع املاء و الكهرباء بطنجة ،م.م.د.م.ت عدد 12سنة 1002ص218 ،
23
كما أن مد قنوات التطهير الاارية في امللك املجموعة الحضرية و إصابة فالحة الضحية بأضرار من جراء
مياه التطهير يفرض على املجموعة الحضرية تعويض املدعي عن تلك ألاضرار .59
ومن تم فإن عنصر الغير في إطار ألاضرار الناتجة عن ألاشغال العامة يعتبر أساسيا ،بحيث إنه يمكننا من
تطبيق نظام املسؤولية إلادارية ،الذي في اعتقادنا يصعب فيه قيام باملسؤولية على أساس الخطأ بشكل
مباشر.
الفقرة الثانية :ألاضرار الحاصلة للمستفيدين من ألاشغال العامة
في هذا النوع من ألاضرار الحاصلة للمستفيدين من ألاشغال يبدو أن القضاء يفضل إقامة مسؤولية
إلادارية على أساس الخطأ ،و إن كان نوعا من الخطأ املفترض الذي هو نظام وسط بين املسؤولية بناء
على الخطأ و املسؤولية بدون خطأ ،ابتكره القاض ي اعتبار ليس فحسب لوضعية الضحية و للصعوبة التي
يمكن أن يتعرض لها إثبات خطأ إلادارة الذي غالبا ما يكون خطأ تقنيا ،و لكن كذلك اعتبارا للوضعية
60
الواقعية لإلدارة التي تكون لها في أغلب ألاحيان في مادة ألاشغال العامة مهمة جد صعبة .
ويفترض هنا قيام الخطأ من جهة إلادارة من حيث النقض أو إلاهمال في الصيانة و في اتخاذ الاحتياطات
الالزمة بمجرد أن يثبت املتضرر بأن ما أصابه كان بسبب املرفق العام فال تتحلل إلادارة من مسؤولياتها إال
بإثبات خطأ املتضرر أو الغير بإثبات أنها لم تخطأ و اتخذت كافة الاحتياطات الالزمة وذلك اعتمادا على
الفصل 81من ق.ل.ع .وهذا ما استند عليه املجلس ألاعلى في قرار "دوجوا" بخصوص غياب عالمات
التنبيه بقارعة طريق متآكلة . 61وقد صدرت في نفس السياق العديد من القرارات ،تحمل الدولة املسؤولية
من منطلق خطئها الناتج عن إهمالها أو تقصيرها .
ومن ألاحكام الصادرة عن املحاكم إلادارية ،حكم إدارية الدار البيضاء بتاريخ 3118/38/9حيث قضت
املحكمة بمسؤولية الاماعة عن الضرر الناتج عن عدم صيانة الطرق العمومية و عدم إشعار املارة بما
يمكن أن يعترضهم من أخطار ،حيث حملت ثلثي املسؤولية إلي الاماعة و الثلث ألاخر للمتضرر نفسه ،و
-59احملكمة اإلدارية مبراكش ،حكم عدد 248بتاريخ 2999/21/29ملف رقم 98.99غري منشور .
-60حسن صحيب ،القضاء اإلداري املغريب ،منشورات اجمللة املغربية لإلدارة احمللية و التنمية " سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية " الطبعة األوىل 1008
ص90 ،
- 61قرار اجمللس األعلى رقم 81بتاريخ ، 2910/9/9ملف عدد ، 1990الدولة ضد دوجوا م.ق.م.أ 2999.2910 .ص 128جاء يف حيثيات
هذا احلكم " وحيث أنه يتبني من أسباب احلكم موضوع الطعن أن احملكمة بعدما تبث لديها سوء حالة الرصيف املوجود جبزء الطريق الواقع فيه حادثة السيارة
اليت أدت إىل إقامة الدعوى على الدولة من لدن السيد دوجوا وأن هذ احلالة السيئة كانت سببا يف وقوع احلادثة املذكورة بصرف النظر عن كل خطأ يكون قد
ارتكبه الشخص املتضرر باإلفراط يف السرعة و أنه ليس هناك أي طريق ميكن من التسليم بأن اإلدارة كانت غري قادرة على اإلصالح والسيما بوضع لوحات
تشري إىل خطر الرصيف املشار إليه "
24
مضمون وقائع هذا الحكم أن سيارة الضحية لريمد حميد تعرضت النقالب براكبيها نتيجة وجود حفرة
62
تركت مفتوحة وسط طريق .
انطالقا من استعراضنا للحاالت أعاله املتعلقة بالتعويض عن ألاضرار الناتجة عن إلاشغال العامة نالحظ
أن الاجتهاد القضائي يتعامل بشكل متباين مع الضرر حسب ما إذا كان ألامر يتعلق بضرر دائم أو ضرر
حصل بشكل عرض ي ،حيث يقيم املسؤولية في الحالة ألاولى بناء على املخاطر وفي الحالة الثانية بناء على
الخطأ.
-63عبد الوهاب رافع و التسوىل (م بلهامشي) مقاضاة الشخص املعنوي العام يف إطار القانون احملدث للمحاكم اإلدارية ،املطبعة و الورقة الوطنية ،مراكش
،الطبعة األوىل سنة ، 2999ص 119
25
أساس املخاطر ،و السبب في هذا التمييز أن أعوان الشرطة و الدرك ال يقومون إال بواجبهم و ليس هناك ما
يؤاخذون عليه نتيجة لذلك من جهة ،من جهة ثانية أن هناك مارة ال تشوب سلوكهم أية شائبة .في هذا
إلاطار اعتبرت محكمة الرباط في حكم لها بتاريخ : 3153/33/18
" أن املسؤولية تلقي على الدولة عند عدم ارتكاب أي خطأ في حالة ما إذا استعمل رجل الشرطة أسلحة و
64
آليات تنطوي علي أخطاء ا استثنائية بالنسبة لألشخاص و املمتلكات.
ومن ألاحكام الصادرة عن املحاكم إلادارية في هذا املجال حكم صادر عن املحكمة إلادارية بأكادير بتاريخ
3111/80/5في قضية مفرك أمنية ضد الدولة املغربية و تتلخص وقائع القضية في أن الضحية بينما كانت
تعمل على تنظيف "حوش" بجوار منزلها لقيت حدفها إثر الانفجار عبوة ناسفة تتواجد ضمن ركام املهمالت .
و عللت املحكمة حكمها بأن العبوة املتفجرة و التي تسببت في وفاة الضحية من النوع املحضور على
65
ألاشخاص مما يفيد أنها في ملكية الدولة
-64أحكام احملكمة االستئناف بالرباط ،ص 224 ،أشار إليه مشيال روسي و أخرون ،القانون اإلداري املغريب ص 999 ،
و أكدت نفس احملكمة االجتا نفسه يف قضية الالفاطمة اليت قتل طفلها برصاصة طائشة أطلقها شرطي ،حكم صادر بتاريخ 29.4.2910اجمللة املغربية
للقانون بتاريخ 2.2.2911ص .921.و كدا قضية عبد السالم الدكايل بتاريخ 14.22.2911حيث جرح من قبل الشرطي يطارد سارقا فارا فلم ميتثل
ألوامر فرما برصاصته ،أحكام حمكمة االستئناف بالرباط ص . 199 ،
-65حكم صادر عن احملكمة اإلدارية بأكادير بتاريخ 2999/01/9حتت رقم 99.89ملف 91.82
كما اعتربت احملكمة االدارية بالرباط بتاريخ 1021/09/19حكم عدد 1020/999/21أن مسؤولية وزاريت الداخلية عن وفاة مشجع يف احداث شغب
مبركب الدار البيضاء على اثر تعرض لضربة على مستوى الرأس من طرف رجل أمن فقد على اثرها الوعي ،ولك نتيجة تدخل رجال االمن الهناء الشغب
....ان مرفق االمن يعد مسؤوال عن االضرار الناجتة عن التدخل ملواجهة شغب املالعب الرياضية حبكم أن االعباء الكبرية واجلسيمة اليت يتحملها على السكينة
العامة ومواجهة التهديدات اليت يتعرض اجلمهور هلا واملمتلكات اخلاصة والعامة والضوابط ..............فإن مرفق األمن هو املسؤول طبقا لنظرية املخاطر
دون حاجة إلثبات اخلطأ املرفقي باعتبار ان األمن من مظاهر السيادة اليت تنفرد به الدولة مما تكون قائمة عن التسبب يف وفاة الضحية.
26
عالج ولو لم تكن صبغة جدية صرفة و جب أن ال يحتمل املريض وحده هذا الخطر بل يتقاسمها مع املرفق
الذي طبقه تطبيقا غير مالئم"
هذا الحكم يدفعنا إلى أن نتساءل عن نوع املسؤولية التي يتحملها الطبيب في القانون املغريي فهل هي
مسؤولية تقصيرية أم عقدية ؟
بالنسبة للقانون الوضعي و بإستتناء الفصل 81من ق.ل.ع و الذي جاء عاما و ال يميز بين موظفي الدولة
الذين يشكلون مختلف الفئات التي يذهب البعض أن مسؤولية الطبيب تدخل ضمنها باعتباره موظفا
للدولة ،فإن القانون املغريي لم يتحدث في فصوله عن مسؤولية ألاطباء التقصيرية كما فعل بالنسبة
لبعض موظفي الدولة ،كالقضاة الذين أفرد لهم نصا خاصا (الفصل 113من ق.ل.ع )
أمام هذا الفراغ التشريعي فإن الاجتهاد القضائي املغريي يتأرجح بين اعتبار هذا النوع من املسؤولية تارة
66
ضمن املسؤولية بدون خطأ و تارة أخري مسؤولية خطئية .
الفقرة الثالثة :ألاضرار الناتجة ألعاب الفروسية
في البداية يجب أن نشير إلى الحدود التي تتحمل فيها الدولة املسؤولية نتيجة ألاضرار التي تنشأ عن ألالعاب
الفروسية ،في الواقع إن ألاضرار التي تكون إلادارة مسؤولة عنها و التي تندرج ضمن استعمال إلادارة ألشياء
خطيرة هي تلك التي تشرف إلادارة على تنظيمها ،و تقوم املسؤولية بناء علي املخاطر بغض النضر عن
الطرف الذي ألحق به الضرر سواء تعلق بالخيول أو الفرنسان الذين يمتطون هذه الخيول بل تمتد إلى
املتفرجين .
يؤسس القضاء املغريي هذا النوع من املسؤولية بناء على املخاطر و يتضح ذلك من ألاحكام القضائية
الصادرة في هذا املجال ،فقد صدر في هذا الصدد عن استئنافية فاس حكم بتاريخ 3197/33/87في
قضية املاحي الشاعي .67كما عن ابتدائية فاس حكم في نفس الاتجاه بتاريخ 3185/85/88في قضية
إدريس الااللي ،و مما ورد في حيثيات الحكم ألاخير " ...أن الدولة عندما أرادت تنظيم الحفل كانت تعلم
حقيقة ما سيحدث فيه ،خصوصا و قد تأكد من البحث أنها هي التي قامت بتسليم رخص شراء مادة
البارود وهي التي منحته ملن ال يستطيع شراءه " و أضافت " أن كل هذا يجعل الدولة على بينة من نوع
الخطر الذي يمكن أن يحدث من جراء تنظيم الاحتفال ،وبالتالي كان عليها أن تتخذ الاحتياطات الواجبة
-67حكم بتاريخ ، 2918/22/8ملف مدين عدد 11018أشار إليه يف رافع عبد الوهاب يف ِمؤلفه ،مقاضاة الشخص املعنوي العام يف إطار القانون
احملدث للمحاكم اإلدارية م س ص 190
27
للوقاية من مثل هذا الخطر كاختيار مكان اللعب و الشخصيات املدعوة و مراقبة البندقيات التي
يستعملونها و عدد الطلقات املتتابعة التي يطلقونها .ولو أنها فعلت ذلك لكان بإمكانها منع املدعين من
استعمال البندقيات العتيقة أو على ألاقل عدم استعمالها عدة مرات "
ويتضح من خالل الحيثيات أعاله أن الدولة بتنظيمها ملثل هذه الاحتفاالت خلقت إمكانية الخطر ،وبالتالي
68
فكل متضرر منه في حالة وقوعه يجعل الدولة ملزمة بتعويضه .
68
حكم الصادر عن المحكمة االدارية بالرباط رقم 2211بتاريخ 1222/21/21في قضية السيد محمد الحمصي ضد الدولة المغربية :حيث اعتبرت
المحكمة أن المسؤولية عن العاب الفروسية تقوم على أساس المخاطر سواء بالنسبة للمشاركين أو الجمهور الحاضر وتستلزم االدراة المنظمة بالتعويض
ولو لم يثبت في حقها أي خطأ.
69
-محمد األعرج ،القانون اإلداري المغربي ،مرجع ،سابق ،ص 152،
70
-عدد 521بتاريخ 1221/22/12بين أسالمو شويعار وإدارة الدفاع الوطني ،منشور بالدليل العملي لالجتهاد القضائي ،لألستاد أحمد بوعشيق ،
الجزء األول ،ص 212
71
-روسي و أخرون القانون اإلداري المغربي ،المطبعة الملكية ،الطبعة أولى 2111ص 511 ،
28
تصيب جيران املرفق العام باستثناء الفصل 11ق .ل.ع لقد سلمت املحاكم املغربية بمبدأ املسؤولية من
غير خطأ بمناسبة وقوع خطر غير عادي للاوار ،و إن كانت أحكامها في هذا الشأن قليلة ألن ألامر يتعلق
بحاالت نادرة نسبيا .
و من أحكام املهمة التي أصدرته املحاكم املغربية في هذا الشأن حكم املحكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ
3117/83/13الذي تتلخص في وقائعه " أنه بناء على عادة قديمة كانت تطلق على ساعة 31زوالا من كل
يوم طلقة ملدفع بحي الدواية ،إال أن صدي هذا املدفع كان يؤدي إلى تكسير زجاج الدور املجاورة له "،و
بناء على ذلك قضت املحكمة بالتعويض ،مع تأكديها في تعليل قابل للنقاش " أن ألامر يتعلق بتصرف
صادر عن السلطة عامة وال يمكن أن يخضع لرقابة القاض ي.72
من ألاحكام الصادرة في هذا املوضوع حكمين الصادرين عن املحكمة الدار البيضاء بتاريخ
3153/80/39و 3153/89/37حيث امتنعت املحكمة عن تقديم صحة قرار اتخذه رئيس الناحية برفض
افراغ ملك يحتله شخص بغير حق أو موجب بينما يتوفر املالك على حكم باإلذن باإلفراغ وال حضت
املحكمة أن املالك قد لحقه ضرر خاص بسبب حرمانه من الحق تنفيذ الحكم القضائي فمنحه تعويضا
الخطأ73. من غير الالتفات إلى فكرة
-72قرار بتاريخ 2918/2/12شركة الفنون املغربية ضد باشا مدنية الرباط ،منشور مبجموعة حماكم االستئاف بالرباط .2918ص 419.
-73القرار اإلداري ،صادر عن الغرفة اإلدارية رقم 81بتاريخ 2989/1/9ملف إداري ،عدد . 81/9292أورد يف كتاب مليكة الصروخ القانون
اإلداري ،دراسة مقارنة ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الطبعة السابعة مع أخر املستجدات سنة ،ص 980
29
الفرع الخامس :ألاضرار املترتبة عن تطبيق القوانين و تنفيذ القرارات إلادارية
لن نقوم هنا باستعراض املراحل التي قطعتها مسؤولية الدولة عن النصوص التشريعية ،التي يمكن القول
أنها انطلقت من مبدأ عدم املسؤولية الذي تأسس آنذاك علي مبدأ السيادة الدولة ،قبل أن يقوم القضاء
بتضييق نطاق عدم املسؤولية ،منفذا املبررات التي يرتكز عليها املعارضين ملبدأ عدم مسؤولية الدولة .
فالقوانين التي تصدرها الدولة و التي تطبق قواعد عامة و مجردة على الاميع دون استثناء ال يمكن أن
يترتب عليها بأي حال من ألاحوال أية مسؤولية ،أما القوانين التي تخص فئات معينة من ألاشخاص ،أو
تتعلق بتنظيم نشاط معين و التي تنتج عنها أضرار محدودة لفئة من ألاشخاص فهذا النوع هو الذي يمكن
أن تترتب عنه مسؤولية الدولة.
وتثار مسؤولية الدولة على الخصوصية بالنسبة للمراسيم التي تماثل من حيث املضمون القانون ،و لعل ما
يزكي مساءلة الدولة على هذا النوع من القوانين أنه صادر اعن سلطة تنفيذية .74
74
-حسن صحيب ،القضاء اإلداري المغربي ،مرجع سابق ،ص 222
31
خاتمة :
على ضوء ما ذكر ،نستنتج أن موضوع املسؤولية اﻹدارية بدون خطا أي علﻰ أساس املخاطر
ﻫي نﻅرية قضاﺌية فكان ملجلس الدولة الفضل في إرساء معﻅم مبادﺌﻬا فتطبﻕ ﻫذﻩ النظرية
علﻰ كل نشاط يشكل خطر باألفراد ويهدد بوجود أضرار تصيبهم ،وهكذا أصبحنا أمام ما يسمﻰ
باﻹدارة ال تخطئ إلى إلادارة مسؤولة رغم أنها لم تخطئ.
كما أن االعتراف بﻬذﻩ النظرية يفتﺢ املجال أمام األفراد ملطالبة الدولة و إلادارة العامة
بالتعويض علﻰ األضرار الناجمة من أعمالها كما تفتﺢ املجال لتحديد الجهة القضاﺌية املختصة
في النزاع وهذا ما يجعلنا نفتﺢ باب السائل عن ما هي شكليات إلاجراءات دعوي املسؤولية
إلادارية؟ و هو ما سيتم بيانه في العروض القادمة.
31
الئحة املراجع
مراجع عامة :
-ثورية العيوني ،القضاء إلاداري ورقابته على أعمال إلادارة (دراسة مقارنة ) ،دار النشر الاسور 1885
-سليمان الطماوي ،القضاء الاداري ،قضاء التعويض وطرق الطعن في ألاحكام ،الكتاب الثاني
-ميشل روس ي ،املنازعات إلادارية باملغرب . ،ترجمة محمد هيري و الاياللي امزيد ،editions la porte ،
الرباط .3111
محمد ألاعرج ،القانون إلاداري املغريي(الازء الثاني)،منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية - -
والتنمية،سلسلة مواضيع الساعة ،عدد.1838 ، 99
-حسن صحيب ،القضاء الاداري املغريي ،منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية و التنمية " سلسلة
مؤلفات وأعمال جامعية " الطبعة ألاولى 1887
- -عبد الوهاب رافع و التسولى (م بلهاشمي) مقاضاة الشخص املعنوي العام في إطار القانون املحدث
للمحاكم إلادارية ،املطبعة و الورقة الوطنية ،مراكش ،الطبعة ألاولى سنة 3115
- -مشال روس ي و أخرون ،القانون إلاداري املغريي ،املطبعة امللكية ،الطبعة أولى .3177
-علي خطار شطناوي :مسؤولية إلادارة العامة عن أعمالها الضارة .
-عبد الرزاق السنهوري :الوسيط في شرح القانون املدني ،نظرية الالتزام بوجه عام ،القاهرة دار النشر
للاامعات3151 ،
-عبد القادر باينة ،تطبيقات القضاء الاداري باملغرب ،دار توبقال للنشر الطبعة الاولى ،3177صفحة .313
-أمينة جبران البخاري ،دعوى القضاء الشامل ،املنشورات الاامعية املغربية طبعة 3110
32
أطروحات :
-يونس شامخي ،تطور أساس املسؤولية الادارية في ضوء الاجتهاد القضائي املغريي واملقارن اطروحة لنيل
الدكتوراة تحت اشراف بوعزاوي بوجمعة 1835/1830 ،بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية
بسال
-محمد العامري ،مسؤولية إلادارة بدون خطأ دراسة مقارنة في كل من ألاردن وإلامارات رسالة املاجستير.
- -محمد عادل ،ألاساس القانوني للمسؤولية إلادارية بدون خطا دراسة مقارنة ،علوم الشريعة والقانون
املجلة 01العدد -1839- 3ألاردن
-فريد بن مشيش ،املسؤولية إلادارية عن اخطاء املوظف العام ،مذكرة مكملة من متطلبات نيل شهادة
املاستر في الحقوق تخصص قانون إداري ،جامعة محمد خيضر بسكرة كلية الحقوق والعلوم إلانسانية –
قسم الحقوق1830 -1831 -
-حماد حمادي ،املسؤولية إلادارية أطروحة لنيل الدكتوراه تحت إشراف الاستاذ سعيد ابن البشير الازء
ألاول جامعة محمد الخامس بالرباط.
-خليل الفندري ،املسؤولية على أساس إلاخالل بمبدأ املساواة أمام ألاعباء العامة ،صفحة 95منشور
www.fdsf.rnu.tn/useruploads باملوقع الالكتروني
-املسؤولية إلادارية بدون خطأ من إعداد طلبة ماستر القضاء إلاداري تحت إشراف إلاستاذ حميد ولد لبالد
السنة الدراسية .1830/1831
-املسؤولية إلادارية بدون خطأ من إعداد طلبة ماستر القضاء إلاداري تحت إشراف الاستاد حميد ولد لبالد
السنة الدراسية 1835-1830
النصوص القانونية
33
- -قانوني 18دجنبر 3183املتعلق برواتب التقاعد املدنية وثالثة قوانين لرواتب التقاعد العسكرية بتاريخ
،3183/31/18ج ر عدد 1878مكرر لسنة 3183
- -ظهير 15يونيو 3118املتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل ،ج ر بتاريخ 17يونيو 3118
- -ظهير شريف رقم 101-98-3بتاريخ 13مارس 3193ج ر لسنة ,3193
ألاحكام القضائية
-حكم صادر عن املحكمة إلادارية بأكادير بتاريخ 3111/80/5تحت رقم 11.75ملف 19.73
-حكم بتاريخ ، 3197/33/7ملف مدني عدد 11817أشار إليه في رافع عبد الوهاب في ِمؤلفه ،مقاضاة
الشخص املعنوي العام في إطار القانون املحدث للمحاكم إلادارية
- -عدد 581بتاريخ 1881/38/13بين أسالموشويعار وإدارة الدفاع الوطني ،منشور بالدليل العملي لالجتهاد
القضائي ،لألستاذ أحمد بوعشيق ،الازء ألاول
- -قرار بتاريخ 3117/3/13شركة الفنون املغربية ضد باشا مدنية الرباط ،منشور بمجموعة محاكم
الاستئاف بالرباط 3117القرار إلاداري ،صدر عن الغرفة إلادارية رقم 79بتاريخ 3178/0/1ملف إداري ،
عدد . 79/8313أورد في كتاب مليكة الصروخ القانون إلاداري ،دراسة مقارنة ،مطبعة النجاح الاديدة ،
الطبعة السابعة مع أخر املستجدات.
-حكم رقم 153بتاريخ 1830/83/31ملف رقم 788/31/1838الصادر عن املحكمة الادارية بالرباط قسم
القضاء الشامل :القاعدة تحمل الدولة التعويض عن الاضرار املترتبة عن الفيضان
-حكم عدد 1311ملف رقم 1835/387/3130بتاريخ 38يوليوز 1835الصادر عن املحكمة الادارية حول
نزع امللكية للمنفعة العامة حكم غير منشور
-حكم الصادر عن املحكمة الادارية بالرباط رقم 3811بتاريخ 1838/31/81في قضية السيد محمد
الحمص ي ضد الدولة املغربية
34
حول مسؤولية وزارة1838/585/31 ملف رقم1830/88/15 حكم املحكمة الادارية بالرباط بتاريخ-
الداخلية ووزارة الصحة في وفاة مشاع
مراجع بالفرنسية
Serhane ( EH) : Le Contentieux administratif de pleine juridiction en droit public marocain ,
Thèse d’état en droit . Bordeaux 1989
Réni chapus Droit administratif général tome 1 ,8 édition montchrestien édition 1994m page 1129
35
الفهرس
01 مقدمة
44 املطلب ألاول :املبادئ والخصائص العامة للمسؤولية إلادارية بدون خطأ
11 املطلب الثاني :شروط انعقاد املسؤولية إلادارية وموقف الفقه من هذا النوع من
املسؤولية
17 املبحث الثاني :حاالت املسؤولية بدون خطأ أو على أساس املخاطر
18 املطلب ألاول :حاالت املسؤولية بدون خطأ الواردة في النصوص التشريعية
36
22 املطلب الثاني :حاالت املسؤولية إلادارية بدون خطأ من خالل الاجتهاد القضائي
29 الفرع الرابع :ألاضرار الناتجة عن عدم تنفيذ ألاحكام القضائية .
29 الفرع الخامس :ألاضرار املترتبة عن تطبيق القوانين و تنفيذ القرارات إلادارية
30 خاتمة
37