You are on page 1of 148

1

‫مجلة الممارس للدراسات القا نو نية و القضائية‪ ،‬مجلة علمية‬

‫الكترونية تعنى بنشر المقاالت و األبحاث ذات الصلة با لمجال‬

‫القانوني و القضائي‪ ،‬تصدر كل ثالثة أشهر على الموقع‬

‫االلكتروني‪:‬‬

‫‪www.maroclaw.com‬‬
‫املدير املسؤول ‪ :‬ذ‪ .‬ياسني الصبار‬

‫رئيس التحرير ‪ :‬ذ‪ .‬عمر املوريف‬

‫الربيد االلكرتوني للمجلة ‪:‬‬

‫‪ALMOUMARIS@GMAIL.COM‬‬

‫اهلاتف ‪:‬‬

‫‪06.51.06.05.32‬‬

‫اإليداع القانوني للمجلة ‪:‬‬

‫‪ISSN : 2605-7670‬‬

‫اإلشراف الفين ‪ :‬ذ‪ .‬عزالدين الغوساني‬

‫كل احلقوق حمفوظة ®‬

‫‪2‬‬
‫تقديم‪:‬‬
‫بعد وصول البشرية إلى مرحلة التمدن والحضارة التي تعقدت فيها العالقات اإلنسانية‬
‫وتشابكت‪ ،‬كما تضاربت فيها املصالح لدرجة بات من الضروري إقامة الدولة ومؤسساتها التي‬
‫أمس مفروضا عليها تحقيق املوازنة بين سلطتها الشرعية في وضع سياسة التجريم والعقاب‪،‬‬
‫وبين املصالح الخاصة لألفراد سواء كانوا متابعين بمخالفتهم للتشريع الجنائي أو ضحايا‬
‫لألفعال الجرمية املرتكبة من طرف الجانحين‪ ،‬وطبيعي أن يشكل مفهوم املصلحة جدال‬
‫فكريا واسعا الرتباطه دوما بالبعد الثقافي واالجتماعي واالقتصادي والديني والسياس ي لكل‬
‫دولة على حدة‪ ،‬لكن يمكن القول بأن كل ما كان فيه نفع‪ ،‬سواء كان بالجلب والتحصيل‬
‫كاستحصال الفوائد واللذائذ‪ ،‬أو بالدفع واالتقاء كاستبعاد املضار واآلالم فهو جدير بأن‬
‫يسمى مصلحة‪ ،‬وقد عرفها علماء الشريعة اإلسالمية بأنها‪ " :‬املنفعة التي قصدها الشارع‬
‫الحكيم لعباده‪ ،‬من حفظ دينهم‪ ،‬ونفوسهم‪ ،‬وعقولهم‪ ،‬ونسلهم‪ ،‬وأموالهم‪ ،‬طبق ترتيب معين‬
‫فيما بينها"‪ ،1‬ومن املعلوم أن التشريع الوضعي يسعى بدوره إلى حماية هذه املصالح من خالل‬
‫سن القواعد القانونية‪ ،‬وترسيخ دعائم النظام القضائي الذي يلعب دورا رئيسيا في ترسيخ‬
‫قيم العدالة وحقوق اإلنسان‪ ،‬بحيث يبقى االنتقال من الدولة الشرعية إلى دولة الحق‬
‫والقانون التي يخضع فيها الحاكمون كما املحكومين إلى سلطة القانون رهينا بمدى فعالية‬
‫‪2‬‬
‫هذا النظام القضائي واستقالله‪ ،‬وحياده‪.‬‬
‫و يشكل الحق في املحاكمة العادلة أحد األعمدة األساسية‪ ،‬لدولة الحق والقانون‪،‬‬
‫ولحماية اإلنسان من التعسف والشطط والتمييز و االعتداء‪ .‬لذلك حظي هذا الحق بمكانة‬
‫خاصة كرستها الصكوك الدولية في مجال حقوق اإلنسان‪.‬من اإلعالن العالمي لحقوق‬
‫اإلنسان مرورا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية و السياسية وصوال إلى اتفاقية‬
‫مناهضة التعذيب و غيرها من اإلعالنات و القواعد واملبادئ الدولية ذات الصلة بحقوق‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫‪ 1‬الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي‪ :‬ضوابط المصلحة في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬شر دار الفكر‪ ،‬الطبعة ‪ ،10‬س‬
‫‪،2016‬ص ‪37‬‬
‫‪ 2‬اللجنة الدولية للحقوقين ‪ ،‬المبادئ الدولية المتعلقة بإستقالل ومسؤولية القضاة والمحامين وممثلي النيابة العامة‪ ،‬دليل‬
‫الممارسين رقم ‪ ،1‬ص ‪.17‬‬

‫‪3‬‬
‫ولهذا قام املغرب بإحداث مجموعة من املؤسسات التي تعتبر من ركائز دولة الحق‬
‫والقانون‪ ،‬وكذلك إصدار قوانين جديدة أو تعديل قوانين أخرى تالءم هدا التوجه‪ .‬و كان من‬
‫بينها قانون ‪ 22.01‬املتعلق باملسطرة الجنائية وذلك بمقتض ى الظهير الشريف رقم ‪1.02.255‬‬
‫الصادر في ‪ 30‬أكتوبر‪ ،2002‬والذي جاء في ديباجته أن هاجس توفير ظروف املحاكمة‬
‫العادلة وفقا للنمط املتعارف عليه عامليا واحترام حقوق األفراد وصون حرياتهم من جهة‪،‬‬
‫والحفاظ على املصلحة العامة والنظام العام من جهة أخرى‪ ،‬عناصر أساسية شكلت نقطة‬
‫مركزية أثناء إعادة النظر في قانون املسطرة الجنائية الصادر سنة ‪ ،1959‬والظهير الشريف‬
‫املتعلق باإلجراءات االنتقالية الجنائية الصادر سنة ‪ 1974‬لجعلهما يواكبان ترسيخ بناء دولة‬
‫الحق والقانون مع تالفي كل السلبيات التي أفرزتها تجربة األربعين سنة األخيرة من املمارسة‬
‫باستحضار تعاليم الدين اإلسالمي الحنيف وقيم املجتمع املغربي مع الحفاظ على األسس‬
‫املستقرة في التراث القضائي ودعم املكتسبات التي حققها التشريع الوطني في مجال حقوق‬
‫اإلنسان بمقتض ى التعديالت التي أدخلت على قانون املسطرة الجنائية خالل التسعينات‬
‫سواء فيما يتعلق بمدة الحراسة النظرية أو توفير حق الدفاع للمتهمين أو إشعار عائالت‬
‫املعتقلين بوضعهم تحت الحراسة النظرية‪ ،‬أو حقهم في أن يعرضوا على طبيب ملعاينتهم‬
‫بطلب منهم أو إذا عاين القاض ي ما يبرر ذلك ودعم هذه املكتسبات على نحو يتماش ى مع‬
‫املفهوم الكوني لحقوق اإلنسان في الوقت الراهن‪.‬‬
‫ويعتبر قانون املسطرة الجنائية أخطر القوانين املسطرية في مختلف املنظومات‬
‫القانونية الوطنية‪ ،‬الرتباطها املباشر بنوعية العالقة التي تحكم الدولة باملجتمع‪ ،‬والحق‬
‫العام بالحقوق الفردية‪ ،‬فضال عن كون القانون الذي يعكس باألصالة اختيار سياسة‬
‫الدولة في امليدان الجنائي‪.‬‬
‫وقد أفرد قانون املسطرة الجنائية املغربي موادا تخول لألفراد حماية حقوقهم‪،‬‬
‫والتعويض عن األضرار التي لحقتهم جراء الفعل الجرمي الذي أتاه املخالفين للقانون في‬
‫حقهم‪ ،‬فالوصول إلى الحق ال يكون هكذا إعتباطا وال عبثا وإال سادة الفوض ى واختل األمن‬
‫وحل الجور والظلم مكان العدل واملساواة‪.‬‬
‫ومن هذا املنطلق سنحاول معالجة املسطرة الواجب إتباعها لكل من لحقه ضرر جراء‬
‫فعل جرمي‪ ،‬من خالل التطرق إلى الدعوى املدنية التابعة من خالل املعطيات التالية‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫إشكالية البحث‪ :‬وتثير املعالجة القانونية إلجراءات الدعوى املدنية التابعة في قانون‬
‫املسطرة الجنائية املغربي والعمل القضائي واالجتهاد الفقهي ‪ ،‬مع إجراء دراسة مقارنة مع‬
‫القوانين اإلجرائية لدول أخرى وممارستها القضائية‪ ،‬دون إهمال التشريع اإلسالمي الحنيف‬
‫كلما ظهرت لنا فائدة في التطرق إليه‪.‬‬
‫أهمية البحث‪ :‬تتجلى هذه األهمية في كون موضوع البحث يندرج ضمن السياسة‬
‫الجنائية ودورها في تكريس حقوق اإلنسان والتي يعد الضحية وحمايتها من أبرز تصوراتها‪،‬‬
‫واملغرب وفي ظل تنامي الجريمة وتطورها يسعى جاهدا إلى النهوض بهذه السياسة والرقي بها‬
‫تحقيقا لألمن املجتمعي العام‪.‬‬
‫هدف البحث‪ :‬يهدف البحث إلى تدعيم الدراسات التي تناولت موضوع الدعوى املدنية‬
‫التابعة‪ ،‬ويحاول خلق استثناء من خالل جعل هذا املوضوع بارزا ومستقال‪ ،‬عكس العديد‬
‫من الدارسات األخرى التي تتطرق إليه ضمن شروح املسطرة الجنائية‪ ،‬وجعله عنوانا ضمن‬
‫مواضيع أخرى في البحث الواحد‪ ،‬كما يهدف إلى لفت اإلنتباه إلى كل اإلشكاليات املطروح‬
‫والثغرات القانونية التي قد تصادف املمارسين واملتقاضين في هذا املجال‪ ،‬مع التركيز على‬
‫الجانب العملي التطبيقي إلى جانب الشرح النظري‪.‬‬
‫منهجية البحث ‪ :‬سوف نحاول تناول هذا املوضوع من خالل اعتماد منهج تحليلي‬
‫مقارن‪ ،‬معتمدين فيه على النصوص القانونية واإلجتهادات القضائية‪ ،‬واآلراء الفقهية وذلك‬
‫باعتمادنا على التقسيم التالي‪:‬‬
‫مدخل تمهيدي‪ :‬نتطرق فيه إلى اإلطار العام للدعوى املدنية التابعة؛‬
‫‪ -‬الفصل األول ‪ :‬نتناول فيه اإلدعاء املدني أمام قضاء التحقيق؛‬
‫‪ -‬الفصل الثاني‪ :‬نحلل فيه إجراءات الدعوى املدنية التابعة أمام قضاء الحكم‬
‫سواء املرجع الزجري أو املرجع املدي‪.‬‬
‫‪ -‬خاتمة‪ :‬نقدم فيها تلخيصا موجزا للدراسة مع تبسيط وجهة نظرنا الخاصة في‬
‫املوضوع‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مدخل متهيدي‪:‬‬

‫الدعوى املدنية التابعة‬

‫تعريف الدعوى املدنية التابعة؛‬ ‫‪-‬‬


‫عالقة الدعوى املدنية التابعة بالدعوى العمومية؛‬ ‫‪-‬‬
‫طرفا الدعوى املدنية التابعة؛‬ ‫‪-‬‬
‫موضوع الدعوى املدنية التابعة؛‬ ‫‪-‬‬
‫إنتهاء الدعوى املدنية التابعة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪6‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تعريف الدعوى املدنية التابعة‬

‫إذا كان األصل هو أن القضاء املدني هو املختص بالنظر في املطالب املتعلقة بجبر األضرار‬
‫الخاصة الالحقة باملتضررين‪ .‬فإن املشرع املغربي سمح استثناء لهؤالء بإقامة املطالبة عن‬
‫تعويض األضرار الناجمة مباشرة عن الجريمة أمام القضاء الجنائي الذي ينظر في الدعوى‬
‫الزجرية الناجمة عن الجريمة‪ ،‬وذلك خروجا عن األصل السابق‪ ،‬ولذلك يطلق عليها في الفقه‬
‫بالدعوى املدنية التابعة‪ ،‬وهي تقام تبعا لدعوى عمومية قائمة‪ .‬وهكذا يمكن للمتضرر أو‬
‫ورثته من الجريمة أن يقيم دعوى مدنية تابعة ضد املدعى عليه‪ ،‬والهدف من ذلك هو‬
‫الحصول على تعويض لجبر الضرر‪.‬‬

‫فالجريمة الجنائية أيضا إذا نظر إليها من الوجهة املدنية هي (فعل ضار) يستوجب‬
‫التعويض املدني ملن لحقه ضررا من األفراد سواء كان هذا الضرر يتعلق بحياتهم أو مالهم أو‬
‫شرفهم أو مشاعرهم أو غير ذلك ‪ ،‬والتعويض عن الضرر إما مادي أو معنوي ملن لحق به‪،‬‬
‫وقد سمح أيضا املشرع الليبي في املادة ‪ 224‬من قانون اإلجراءات بإقامة الدعوى املدنية‬
‫الناشئة عن الجريمة أمام القضاء الزجري موازاة مع الدعوى الجنائية‪.‬‬
‫وانطالقا مما سبق فيمكننا أن نعرف الدعوى املدنية التابعة بكونها تلك الدعوى التي‬
‫تقام ممن لحقه ضرر من الجريمة‪ ،‬واملصاحبة للدعوى العمومية القائمة قصد املطالبة‬
‫بالتعويض عن الضرر الذي لحقه‪.‬‬
‫وقد عرفها قانون تحقيق الجنايات الفرنس ي بأنها الدعوى املتعلقة بإصالح الضرر‬
‫الناجم عن جناية أو جنحة أو مخالفة وتكون لكل أولئك الذين لحق بهم شخصيا ضرر‬
‫مباشر ناجم عن الجريمة‪.‬‬
‫ويتضح من التعريف األول للدعوى املدنية التابعة أنها قائمة على ركنين أساسين يتمثل‬
‫األول في كون الفعل يعد جريمة‪ ،‬والثاني كون الجريمة ضارة‪.‬‬
‫كما يتضح من تعريف قانون تحقيق الجنايات الفرنس ي أنه البد من كون الفعل الضار‬
‫ممثال لجريمة سواء جناية أو جنحة أو مخالفة فال يكفى أن يكون الضرر ناش ئ عن خطأ –‬
‫بمعناه الواسع – بل يشترط كون هذا الخطأ مجرم فى شكل جناية أو جنحة أو مخالفة‪،‬‬
‫فالثابت أنه ليس كل خطأ جريمة لكن كل جريمة تعد خطأ فهناك الخطأ البسيط الذي ال‬
‫‪7‬‬
‫يرق ليمثل جريمة كما أن هناك الخطأ الذي ال يمثل جريمة في حاالت متعددة كحاالت توافر‬
‫سبب من أسباب اإلباحة ‪.3‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬عالقة الدعوى املدنية التابعة بالدعوى العمومية‬


‫سنتناول في هذا املبحث عالقة الدعوى املدنية التابعة بالدعوى العمومية من خالل‬
‫رصد مظاهر اإلرتباط بينهما (املطلب األول)‪ ،‬ثم مظاهر استقالل كل واحدة عن األخرى‬
‫(املطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مظاهر إرتباط الدعوى المدنية التابعة بالدعوى العمومية‬
‫‪ -‬المظهر األول‪ :‬بخصوص اإلجراءات‬

‫يطبق القاض ي الجنائي قواعد املسطرة الجنائية على الدعوى املدنية التابعة وليس‬
‫إجراءات املسطرة املدنية ‪ ،‬غير أنه يمكن الرجوع إلى هاته األخيرة متى وجد نص خاص أو خلو‬
‫املسطرة الجنائية من نص ينظم الدعوى املدنية‪ ،‬وهكذا فشكليات الطعن وآجاله في‬
‫الدعوى املدنية التابعة تبقى خاضعة لقواعد املسطرة الجنائية ونفس األمر بالنسبة للترافع‬
‫واإلستماع للشهود وإجراءات التبليغ‪...‬الخ‪.‬‬

‫‪ -‬المظهر الثاني‪ :‬صدور الحكم‬


‫تكون املحكمة الزجرية وهي تفصل في الدعويين العمومية واملدنية ملزمة بالفصل فيهما‬
‫بحكم واحد‪ ،‬إذ ال يمكنها والحال هاته الفصل بينهما بحكمين منفصلين‪.‬‬
‫‪ -‬المظهر الثالث‪ :‬توقف الحكم في الدعوى المدنية بثبوث الجريمة‬
‫فاملحكمة الزجرية ال تبث في موضوع الدعوى املدنية التابعة إال إذا ثبت الجريمة أمامها‬
‫‪ ،‬فإذا لم تثبت تعين عليها الحكم بعدم اإلختصاص‪ ،‬وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 389‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج املغربي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مظاهر إستقالل الدعوى المدنية التابعة عن الدعوى العمومية‬
‫‪ -‬المظهر األول‪:‬‬

‫‪ )3‬رؤوف عبيد ‪،‬مشكالت االجراءات الجنائية طبعة‪ 3‬لسنة ‪ 1980‬الجزء ‪ 2‬صـ ـ‪399‬‬

‫‪8‬‬
‫عدم سلوك طريق الطعن في الدعوى املدنية التابعة لوحدها يجعلها نهائية عكس‬
‫الدعوى العمومية التي تبقى قائمة متى طعن فيها بأي طريق من طرق الطعن املحددة قانونا‪،‬‬
‫والعكس صحيح‪.‬‬

‫‪ -‬المظهر الثاني‪ :‬أسباب اإلنقضاء‬


‫فالدعويين املدنية والعمومية مستقلتين عن بعضهما البعض في أسباب اإلنقضاء‬
‫فالدعوى املدنية من حيث تقادمها تخضع ملقتضيات الفصل ‪ 106‬من قانون اإللتزام‬
‫والعقود املغربي‪ ،‬بينما تقادم الدعوى العمومية يظل خاضها للمادتين ‪ 06‬و ‪ 05‬من قانون‬
‫املسطرة الجنائية املغربي‪ ،‬والذي نص عليه أيضا املشرع املصري في املادة ‪ 15‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجنائية‪.‬‬
‫‪ -‬المظهر الثالث‪ :‬سقوط الدعوى‬
‫إن سقوط الدعوى العمومية بعد عرض الدعوى املدنية التابعة يجعل من األخيرة ال‬
‫تزال قائمة‪ ،‬فقد جاء في املادة ‪ 12‬من قانون املسطرة الجنائية املغربي ما يلي‪ " :‬إذا كانت‬
‫املحكمة الزجرية تنظر في الدعوى العمومية والدعوى املدنية معا‪ ،‬فإن وقوع سبب مسقط‬
‫للدعوى العمومية يترك الدعوى املدنية قائمة‪ ،‬وتبقى خاضعة للمحكمة الزجرية‪".‬‬
‫كما نص على ذلك املشرع املصري من خالل قانون اإلجراءات الجنائية في الفقرة الثانية‬
‫من املادة ‪ 259‬التي جاء فيها‪ " :‬وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من األسباب‬
‫الخاصة بها‪ ،‬فال تأثير لذلك في سير الدعوى املدنية املرفوعة معها‪".‬‬
‫ومن االجتهادات القضائية الواردة في هذا الصدد نورد ما ذهبت إليه محكمة النقض‬
‫املغربية بقولها‪ " :‬يجب على محكمة الدرجة الثانية التي يرفع إليها استئناف النيابة العامة‬
‫واملطالب بالحق املدني في حالة وفاة املتهم أثناء سريان الدعوى اإلستئنافية أن تقتصر‬
‫من وجهة النظر الجنائية على التصريح بسقوط الدعوى العمومية‪ ،‬وبالنسبة للدعوى‬
‫املدنية أن تنظر في هذه الدعوى التي تبقى خاضعة الختصاصها بموجب الفصل ‪ 12‬من‬
‫قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬ويعود لها أن تقدر حقيقة الوقائع املسببة للضرر املدعي من‬
‫‪4‬‬
‫جهة والنظراملتعلقة باملصالح املدنية فقط تطبيقا للفصل ‪ 410‬من نفس القانون‪".‬‬
‫أما محكمة النقض املصرية فقد سارت في نفس االتجاه حينما قضت بأنه " إذا كانت‬
‫الجريمة املطروحة لدى محكمة الجنح تقع تحت نصوص قانون عفو شامل صدر أثناء‬

‫‪ )4‬قرار عدد ‪ 832‬بتاريخ ‪ 1962/03/02‬منشور بمجموعة إجتهادات المجلس األعلى لسنوات ‪ 1965_1957‬ص ‪3‬‬
‫‪9‬‬
‫نظر الدعوى‪ ،‬فإن محكمة الجنح يجوز لها مع ذلك الحكم في الدعوى املدنية بالرغم من‬
‫‪5‬‬
‫سقوط الدعوى العمومية‪ ،‬أي أنها تبقى مختصة بنظرالدعوى املدنية ‪".‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬طرفا الدعوى املدنية التابعة‬


‫طرفا الدعوى املدنية هما املدعي واملدعى عليه‪،‬واملدعي هو من يطالب بالتعويض عما‬
‫لحقه من ضرر بسبب الجريمة‪ ،‬واملدعى عليه هو املتهم مرتكب الجريمة أو املساهم أو‬
‫‪6‬‬
‫املشارك فيها‪ ،‬وورثة هؤالء أو املسؤولون عنهم مدنيا املطلوب منهم أداء التعويض‪.‬‬
‫وسنتطرق إلى كال الطرفين في مطلب مستقل كما يلي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الطرف المدعي‬
‫املدعي في الدعوى املدنية التابعة هو املتضرر من الجريمة‪ ،‬وقد يعني أيضا الضحية أو‬
‫املجني عليه‪ ،‬وقد حاول الفقه والقضاء إعطاء تعريفات تمييزية بين هذه املصطلحات‪ ،‬فنجد‬
‫مثال القضاء السوري قد ميز بين املجني عليه وبين املتضرر من الجريمة فقد جاء في الحكم‬
‫رقم ‪ 561‬بتاريخ ‪ 1961/02/28‬ق ‪ " 861‬أن املادة ‪ 138‬من قانون العقوبات نصت على أن‬
‫كل جريمة تلحق بالغير ضررا ماديا أو أدبيا تلزم الفاعل بالتعويض‪ ،‬ويتبين من هذا النص‬
‫أنه ليس في القانون ما يمنع أن يكون املتضرر أي شخص كان غير املجني عليه ما دام قد‬
‫ثبت قيام هذا الضرر وكان ناتجا عن الجريمة مباشرة‪ ،‬وأن املادة ‪ 164‬من القانون املدني‬
‫السوري تلزم كل من سبب ضررا للغير بخطئه بالتعويض‪ ،‬كما أن املادة ‪ 443‬من القانون‬
‫املدني السوري شملت تعويض الضرر األدبي ولكن شرطت النتقاله إلى الغير أن يكون‬
‫محددا بمقتض ى إتفاق أو إذا طالب به الدائن أمام القضاء‪ ،‬فوالد املجني عليها في جرم‬
‫فض البكارة بوعد الزواج وهو الولي الشرعي بموجب أحكام املادة ‪ 20‬و ‪ 21‬من قانون‬

‫‪ )5‬نقض ‪ 1929/04/11‬منشور بمؤلف التعليق على قانون المسطرة الجنائية طبقا ألحدث قرارات المجلس األعلى‬
‫المغربي و أحكام محكمة النقض المصرية للمستشار أنور العمروسي و األستاذ محمود ربيع خاطر‪ ،‬ج ‪ ،1‬س ‪،2004‬‬
‫ص ‪125‬‬
‫‪ )6‬شرح قانون المسطرة الجنائي ة‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪،‬سلسة المعلومة للجميع‪ ،‬العدد ‪6‬‬
‫ص ‪60‬‬
‫‪10‬‬
‫األحول الشخصية السوري وبهذا الوصف فهو متضرر أدبيا مما أصاب ابنته ويحق له‬
‫‪7‬‬
‫إقامة الدعوى بطلب التعويض‪"..‬‬
‫أما في التشريع اإلسالمي فإننا نجد أن اإلسالم عني كعقيدة وعمل بكفالة الحقوق‬
‫واملصالح األساسية لإلنسان حتى يتحقق له االستخالف في األرض والوفاء بالتكليفات امللقاة‬
‫على عاتقه‪،‬حيث حصرها الفقهاء فيما عرف بالضرورات الخمس وهي حفظ العقل والنفس‬
‫والدين والعرض واملال‪ ،‬فإذا ما وقع اعتداء على أي من هذه الضرورات "املصالح املحمية"‬
‫كانت الجماعة اإلسالمية ككل هي الضحية ويكون للدولة كممثلة لهذه الجماعة كما للفرد‬
‫‪8‬‬
‫العادي عضو الجماعة الحق في إقامة الدعوى الجنائية‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى التشريع املغربي وبعض التشريعات العربية املقارنة نجدها قد نصت على‬
‫من لهم الحق في املطالبة بالتعويض في الدعوى املدنية التابعة‪ ،‬فقد جاء في املادة ‪ 07‬من‬
‫قانون املسطرة الجنائية املغربي ما يلي‪ " :‬يرجع الحق في إقامة الدعوى املدنية للتعويض عن‬
‫الضرر الناتج عن جناية أو جنحة أو مخالفة‪ ،‬لكل من تعرض شخصيا لضرر جسماني أو‬
‫مادي أو معنوي تسببت فيه الجريمة مباشرة‪.‬‬
‫يمكن للجمعيات املعلن أنها ذات منفعة عامة أن تنتصب طرفا مدنيا‪ ،‬إذا كانت قد‬
‫تأسست بصفة قانونية منذ أربع سنوات على األقل قبل ارتكاب الفعل الجرمي‪ ،‬وذلك في‬
‫حالة إقامة الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة أو الطرف املدني بشأن جريمة تمس‬
‫مجال اهتمامها املنصوص عليه في قانونها األساس ي‪.‬‬
‫يمكن للدولة وللجماعات املحلية أن تتقدم بصفتها طرفا مدنيا‪ ،‬ملطالبة مرتكب‬
‫الجريمة بأن يرد لها املبالغ التي طلب منها دفعها ملوظفين أو لذوي حقوقهم طبقا للقانون‬
‫الجاري به العمل‪".‬‬

‫‪ )7‬حماية ضحايا الجريمة في مرحلة التحقيق اإلبتدائي‪ ،‬دراسة مقارنة للباحثين د‪ .‬علي محمد سالم و محمد عبد المحسن‬
‫سعدون‪،‬جامعة بابل‪ /‬كلية القانون‪ ،‬ص ‪10‬‬
‫‪ )8‬محمد مؤنس محب الدين‪ ،‬تعويض ضحايا الجريمة في الشريعة والقانون‪،‬ط ‪ 1‬سنة ‪ ، 2012‬ص ‪49‬‬

‫‪11‬‬
‫بينما تنص املادة ‪ 251‬مكرر من قانون اإلجراءات الجنائية املصري على أنه ‪ ":‬ال يجوز‬
‫اإلدعاء بالحقوق املدنية وفقا ألحكام هذا القانون إال عن الضرر الشخص ي املباشر عن‬
‫الجريمة واملحقق الوقوع حاال أو مستقبال‪".‬‬
‫وجاء في املادة ‪ 07‬من مجلة اإلجراءات الجزائية التونس ي ‪ " :‬الدعوى املدنية من حق كل‬
‫من لحقه شخصيا ضرر نشأ مباشرة عن الجريمة‪".‬‬
‫لنجد املادة ‪ 02‬من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري تنص على أنه " يتعلق الحق في‬
‫الدعوى املدنية للمطالبة بتعويض الضرر الناتج عن جناية أو جنحة أو مخالفة بكل من‬
‫أصابهم شخصيا ضرر مباشر تسبب عن الجريمة"‬
‫وباستقرائنا لبعض االجتهادات القضائية نجدها تتناول بشكل صارم مضمون هذه‬
‫النصوص القانونية ‪ ،‬فمن اجتهادات محكمة النقض املغربية نجدها تؤكد على أن‪":‬الدعوى‬
‫ُ‬
‫املدنية ال تسمع أمام املحاكمة الجزائية إال من الطرف الذي تضرر شخصيا ومباشرة من‬
‫الجرم الذي نشأ عنه الضرر" ‪.9‬لتقر محكمة النقض املصرية أن "للمدعي بالحقوق املدنية‬
‫في دعواه التابعة للدعوى الجنائية سواء أكانت مرفوعة مباشرة أم بطريق التدخل في‬
‫الدعوى العمومية املرفوعة من النيابة‪ ،‬طلب تعويض الضرر الناش ئ عن الجريمة ‪،‬‬
‫وهذا التعويض يجوز أن يشمل رد الش يء املسروق أو املختلس عينا أو دفع ثمنه" ‪.10‬‬
‫أما محاكم املوضوع فإستئنافية آسفي تذهب في أحد اجتهاداتها على أنه " يشترط في‬
‫املطالب املدنية أمام املحاكم الزجرية أن تقدم من املتضرر شخصيا وبصفة مباشرة عن‬
‫‪11‬‬
‫الفعل اإلجرامي"‬
‫وعموما يشترط في الطرف املدعي التوفر على األهلية وحصول الضرر‪ ،‬وهو ما سنتناوله‬
‫في الفقرتين التاليتين‪:‬‬

‫‪ )9‬قرار عدد ‪ 237‬بتاريخ ‪ ،1975/12/13‬منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى ‪ ،‬المادة الجنائية ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ 314‬وما يليها‬
‫‪ )10‬نقض ‪ 1946/04/49‬في الطعن رقم ‪ 676‬لسنة ‪ 16‬ق‪ ،‬منشور بمؤلف التعليق على قانون المسطرة الجنائية‬
‫طبقا ألحدث قرارات المجلس األعلى المغربي و أحكام محكمة النقض المصرية للمستشار أنور العمروسي‬
‫واألستاذ محمود ربيع خاطر‪ ،‬ج ‪ ،1‬س ‪ ،2004‬ص‪130‬‬
‫‪ )11‬قرار عدد ‪ 8647‬بتاريخ ‪ 1987/10/07‬ملف جنحي سير رقم ‪ 861/09‬منشور بمجلة المحامون عدد ‪ 5‬ص‬
‫‪ 117‬وما يليها‬
‫‪12‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬األهلية‬
‫تعرف األهلية لغة بالجدارة والكفاءة ألمر من األمور‪ ،‬وفي محكم التنزيل جاء قوله تعالى‬
‫‪  :‬هو أهل التقوى وأهل المغفرة ‪‬؛ وهو ما فسره املفسرون بكون هللا عز وجل أهل‬
‫ألن يتقى فال يعص ى وأهل للمغفرة ملن إتقاه‪.‬‬
‫وفي االصطالح تعرف األهلية بكونها صالحية الشخص الكتساب الحقوق وتحمل‬
‫االلتزامات وكذا مباشرة التصرفات القانونية املتعلقة بهذه أو تلك ‪.12‬‬

‫ومتى كانت األهلية كاملة فإن التصرف الذي يقوم به الشخص يعتبر جائزا‪ ،‬وإذا كانت‬
‫ناقصة كان التصرف قابال لإلبطال‪،‬وإذا كانت معدومة كان التصرف باطال‪.‬‬
‫ويشدد أستاذنا املختار بن أحمد عطار على أن القواعد املنظمة لألهلية تهدف حماية‬
‫فاقدي األهلية وناقصيها‪ ،‬ويتعين مراعاتها ألنها نصوص آمرة تتعلق بالنظام العام ومن تم ال‬
‫‪13‬‬
‫يجوز االتفاق على ما يخالفها‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الضرر‬
‫اشترط املشرع املغربي عنصر الضرر لرفع الدعوى املدنية التابعة أمام املحاكم‬
‫الزجرية‪ ،‬وذلك استثناء عن القواعد العامة لالختصاص‪.‬‬
‫غير أن عنصر الضرر مقيد بشرطين أساسين أوالهما أن يكون شخصيا ماسا لجسم‬
‫الضحية أو ماله‪ ،‬أو فردا من أسرته‪ ،‬وثانيهما أن يكون مباشرا بمعنى أن يكون املدعي قد‬
‫تضرر مباشرة من الجريمة موضوع املتابعة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد استند القضاء الفرنس ي في رفضه للتعويض عن الضرر األدبي على كون هذا‬
‫األخير حق شخص ي للمجني عليه وال يتعداه وال ينتقل إلى الغير ومنهم ورثة املجني عليه‪.14‬‬
‫وقد أيد القضاء املصري نفس االتجاه حينما قرر أن الحق في التعويض عن الضرر‬
‫األدبي ال ينتقل إلى الورثة مستندا في ذلك على الفصل ‪ 222‬من القانون املدني املصري‪ ،‬حيث‬
‫نصت محكمة النقض املصرية على أنه "ملا كان التعويض عن الضرر األدبي الذي يصيب‬
‫املجني عليه نتيجة االعتداء الذي يقع عليه ال ينتقل منه إلى الغير طبقا للمادة ‪ 222‬من‬

‫‪ )12‬عبد الحق صافي‪،‬القانون المدني‪،‬ج ‪ 1‬المصدر اإلرادي لإللتزامات‪ :‬العقد‪ ،‬الكتاب األول تكوين العقد‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫س ‪ ،2005‬ص ‪ 134‬و ‪.135‬‬
‫‪ )13‬الوسيط في القانون المدني‪ :‬مصادر اإللتزام‪،‬ط‪ ،1‬س ‪ ،2002‬ص ‪.148‬‬
‫‪ )14‬محمد محمود سعيد‪ ،‬حق المجني عليه في تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ .‬ص ‪111‬‬
‫‪13‬‬
‫القانون املدني إال إذا تحدد بمقتض ى اتفاق أو طالبه الدائن أمام القضاء ما لم يقل‬
‫الحكم بتحقق ش يء منه في هذه الدعوى‪،‬وملا كان الحكم املطعون فيه قد قض ى بانتقال‬
‫حق املوروث في التعويض عن الضرر األدبي إلى ورثته على وجه يخالف املادة ‪ 222‬سالفة‬
‫الذكر‪ ،‬فإنه يكون قد أخطأ ويتعين نقضه"‪.15‬‬
‫وعلى ذات النهج سار جانب من الفقه املغربي‪ ،‬منهم األستاذ أحمد الخمليش ي مع‬
‫اشتراطه ملطالبة املتضرر بالتعويض عن الضرر األدبي املطالبة به أوال في حياته قبل أن‬
‫ينتقل إلى ورثته‪.16 .‬‬
‫وقد اعتبرت بعض محاكم املوضوع أن مشاركة الطرف املدني للمتهم في الفعل يعد سببا‬
‫النعدام الضرر املستوجب للتعويض‪ ،‬حيث قضت محكمة االستئناف بورزازات بالتالي‪" :‬‬
‫وحيث اتضح للمحكمة أن املطالبة بالحق املدني غير محقة في أي تعويض ألن الفعل الذي‬
‫أدين من أجله املتهم هو جنحة التحريض على الدعارة‪ ،‬وال يمكن تصور ضحية له إذ‬
‫املحرض و املحرض يتجاوزان مع بعضهما و يقعان معا تحت طائلة الجزاء الجنائي وال يمكن‬
‫ألحدهما الرجوع على اآلخر بالتعويض األمر الذي قررت معه املحكمة القول بعدم قبول‬
‫‪17‬‬
‫مطالبها املدنية" ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطرف المدعى عليه‬


‫املدعى عليه في الدعوى املدنية املقامة أمام املحاكم الزجرية هو كل شخص طبيعي أو‬
‫معنوي يلزمه القانون بتعويض الضرر الناش ئ عن الجريمة سواء كان فاعال أصليا أو‬
‫مساهما أو مشاركا في إرتكابها‪ ،‬كما تجوز إقامتها على ورثة مرتكب الجريمة‪ ،‬أو ضد‬
‫األشخاص املسؤولين عنه مدنيا ‪.18‬‬
‫ويمكن تحديد الطرف املدعى عليه في الدعوى املدنية التابعة في الفقرات التالية‪:‬‬

‫‪ )15‬نقض ‪ 13‬مارس ‪ ،1956‬مجموعة أحكام النقض س‪ 7‬رقم ‪ 99‬ص ‪.330‬‬


‫‪ )16‬أحمد الخمليشي‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.123‬‬
‫‪ )17‬قرار صادر بتاريخ‪ 2016/10/06 :‬بالملف الجنائي االستئنافي رقم ‪2016 /23‬؛ (غير منشور)‪.‬‬
‫‪ )18‬وزارة العدل المغربية‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪،‬ج‪ ،1‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،6‬أبريل ‪.2007‬‬
‫‪14‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المتهم‬
‫املتهم هو املتابع في الدعوى العمومية سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا‪ ،‬وسواء‬
‫ارتكب الفعل بصفته فاعال أصليا أو مساهما أو مشاركا في ارتكابه‪ ،‬وقد اشترطت املادتين‬
‫‪ 132‬و ‪ 133‬من قانون أصول املحاكمات الجزائي األردني أن يكون املشتكى عليه أهال‬
‫للمسؤولية‪ ،‬متمتعا باإلدراك والتمييز وحرية اإلختيار‪ ،‬وأن يكون معينا ومحددا ألن الدعوى‬
‫الجنائية ال تقام ضد مجهول‪.‬‬

‫وعرفه أحد الباحثين في الشريعة اإلسالمية‪ 19‬بكونه الشخص الذي ظن به إرتكاب‬


‫جريمة ما بناء على دالئل كافية لتكوين الظن‪ ،‬مستمدة من أحوال أو قرائن ظرفية أو مادية‬
‫سواء كان ما ينسب إليه جريمة موجبة لحد أو قصاص أو تعزير‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤول عن الحقوق المدنية‬
‫جاء في الفقرة الثانية من املادة ‪ 9‬من قانون املسطرة الجنائية املغربي‪ ،‬والتي تقابلها‬
‫املادة ‪ 220‬من قانون اإلجراءات املصري ‪ ":‬تختص هذه املحكمة سواء كان املسئول عن‬
‫الضرر شخصا ذاتيا أو معنويا خاضعا للقانون املدني‪ ،‬كما تختص بالنظر في القضايا‬
‫املنسوبة ألشخاص القانون العام في حالة ما إذا كانت دعوى املسؤولية ناتجة عن ضرر‬
‫تسببت فيه وسيلة من وسائل النقل"‪.‬‬
‫ففي الفقرة املذكورة ألزم املشرع شخصا آخر غير املتهم بالتعويض عن الضرر الناتج‬
‫عن الجريمة وهو املسئول عن الحقوق املدنية‪،‬الذي يقصد به األشخاص الذين يقرر‬
‫القانون مسؤوليتهم عن تعويض األضرار التي يتسبب فيها خطأ غيرهم وهم املذكورون على‬
‫سبيل الحصر في قانون اإللتزامات والعقود‪ ،‬وهم الدولة والبلديات والتابعون وأصحاب‬
‫الحرف واألقارب ومن يلتزم برقابة مختلي العقل‪.‬‬
‫والدعوى العمومية ترفع ضد املشتكي عليه الجاني‪ ،‬وال ترفع ضد املسؤول عن الحقوق‬
‫املدنية فقط‪ ،‬فال ترفع مثال على السيد إذا ارتكب خادمه جريمة جنائية‪ ،‬ولكن هذا ال يحول‬
‫دون حضور املسؤول عن الحقوق املدنية مع املتهم للحكم عليه باملصاريف الناشئة عن رفع‬

‫‪ )19‬أبو ليل محمود‪ ،‬معاقبة المتهم في الشريعة اإلسالمية‪ ،‬بحث مقدم في مجلة دراسات‪ ،‬الجامعة األردنية‪ ،‬العدد ‪5‬‬
‫‪،‬ص ‪.189‬‬
‫‪15‬‬
‫الدعوى الجنائية‪ ،‬كما ال ترفع الدعوى الجنائية ضد ورثة الجاني إذا مات وليه أو الوص ي‬
‫عليه أو القيم أو أحد أفراد أسرته ‪.20‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الوارث‬


‫تنص املادة ‪ 12‬من قانون املسطرة الجنائية املغربي على أنه " إذا كانت املحكمة‬
‫الزجرية تنظر في الدعوى العمومية والدعوى املدنية معا‪ ،‬فإن وقوع سبب مسقط للدعوى‬
‫العمومية يترك الدعوى املدنية قائمة‪ ،‬وتبقى خاضعة الختصاص املحكمة الزجرية"‪.‬‬
‫فانطالقا من هذه املادة التي تقابلها املادة ‪ 2/259‬من قانون اإلجراءات املصري‪ ،‬فإن‬
‫وفاة املدعى عليه تسقط في حقه الدعوى العمومية‪،‬وتواصل إجراءات الدعوى املدنية‬
‫التابعة في مواجهة الورثة‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد قضت محكمة االستئناف بالقنيطرة على أن " سقوط الدعوى‬
‫العمومية بحكم اكتسب قوة الش يء املقض ي به ال يمنع املحكمة من البث في الدعوى‬
‫‪21‬‬
‫املدنية منفصلة عن الدعوى العمومية ورفع التعويض املحكوم به ابتدائيا"‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الوكيل القضائي‬
‫تطرقت املسطرة املدنية املغربية إلى الحاالت التي يجب فيها إدخال الوكيل القضائي‬
‫للمملكة في الدعوى املقامة أمام املحاكم الزجرية وذلك في املادة ‪ ،514‬والتي حاء فيها‪ " :‬كلما‬
‫كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة‬
‫عمومية للدولة في قضية ال عالقة بالضرائب واألمالك املخزنية وجب إدخال العون القضائي‬
‫في الدعوى وإال كانت غير مقبولة"‪.‬‬
‫وبالتالي فمتى أقيمت الدعوى العمومية واملدنية ضد قاض أو موظف عمومي أو عون‬
‫تابع للسلطة أو القوة العمومية‪ ،‬يجب إدخال الوكيل القضائي للدفاع عن املصالح املالية‬
‫للدولة‪.‬‬

‫‪ )20‬محمد صبحي نجم‪ ،‬الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية‪،‬ط‪ ،1‬س‪ ،2006‬ص ‪94‬‬
‫‪ )21‬قرار عدد ‪ 415‬بتاريخ ‪ 1998/04/15‬ملف رقم ‪ 98/125‬منشور بمجلة القصر عدد ‪ 23‬ص ‪ 204‬وما يليها‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬موضوع الدعوى املدنية التابعة‬
‫إذا كان موضوع الدعوى العمومية هو املطالبة بإنفاذ الجزاء على املخالف للقانون‬
‫الجنائي‪،‬في صورتيه العقوبة أو التدبير الوقائي أو هما معا‪ ،‬فإن موضوع الدعوى املدنية‬
‫‪.22‬‬
‫التابعة يكون في حق املتضرر طلب رفع وجبر األضرار الالحقة به من جراء الجريمة‬
‫جاء في املادة األولى من مجلة اإلجراءات الجزائية التونسية الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 1968/08/06‬على أنه " ترتب على كل جريمة دعوى عمومية تهدف إلى تطبيق العقوبات‬
‫ويترتب عليها أيضا في صورة وقوع ضرر دعوى مدنية لجبر ذلك الضرر"‪.‬‬
‫وسنتناول موضوع الدعوى املدنية التابعة من خالل التطرق إلى التعويض والرد‬
‫واملصاريف القضائية‪ ،‬مخصصين لكل منها مطلبا مستقال‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التعويض‬
‫عرف الدكتور عبد الواحد العلمي التعويض‪ 23‬بكونه املقابل الذي يطالب به املتضرر‬
‫إلصالح ما لحقه شخصيا من الجريمة مباشرة من أضرار‪ ،‬واملقابل قد يكون ماديا ( وهو‬
‫الغالب) عينيا أو ببدل كأداء مبلغ من النقود أو القين بعمل معين‪ ،‬كما قد يحصل أن يكون‬
‫املقابل معنويا كطلب نشر املتضرر نشر الحكم الصادر ضد املتهم في الصحافة إلزالة ما قد‬
‫يكون علق بسمعته من شبهات مضرة بسبب الجريمة‪.‬‬
‫وينص الفصل ‪ 108‬من مجموعة القانون الجنائي املغربي على أن " التعويضات املدنية‬
‫املحكوم بها يجب أن تحقق للمتضرر تعويضا كامال عن الضرر الشخص ي الحال املحقق‬
‫الذي أصابه مباشرة من الجريمة"‪ ،‬ويبقى للمحكمة السلطة التقديرية الكاملة في تقدير‬
‫التعويض املناسب للمطالب بالحق املدنية‪،‬لكنها يجب أن تأخذ بمجموعة من املعايير‬
‫كمسؤولية املتضرر نفسه‪ ،‬والوضعية املادية للمتهم‪.‬‬
‫فبخصوص مسؤولية املتضرر نفسه ‪ ،‬يرى الدكتور محمد العربي شنة ‪ 24‬على أن‬
‫الجاني ال يقترف جريمته بطريقة عشوائية أو عفوية إال إذا كان مجنونا‪ ،‬أما دون ذلك فهو‬

‫‪ )22‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد للمسطرة الجنائية‪،‬ج‪ ، 1‬س ‪ ،2010‬ص ‪.233‬‬
‫‪ )23‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 233‬و ‪.234‬‬
‫‪ )24‬أستاذ القانون الجنائي المشارك ‪ ،‬كلية الحقوق بجامعة البحرين‪ ،‬موضوع له بعنوان‪ :‬دور المجني عليه في‬
‫تحديد المسؤولية الجنائية للجاني‪ ،‬منشور بمجلة القانون‪ ،‬المجلد الثامن‪ ،‬ص ‪.212‬‬
‫‪17‬‬
‫يتأثر في اختياره لضحيته بصفات موضوعية فيها أو شخصية‪،‬بل أحيانا فإن املجني عليه‬
‫يتخذ سلوكا يكون هو السبب في زرع الفكرة اإلجرامية في ذهن الجاني أو يكون من شأن هذا‬
‫السلوك أن ينمي الفكرة اإلجرامية إذا كانت موجودة لدى الجاني ويدفع بها لتظهر إلى الخارج‪.‬‬
‫وهناك من التشريعات أيضا من جعلت من البنية الجسمية الضعيفة أو الحالة‬
‫الصحية للمجني عليه من الظروف املشددة في العقاب‪ ،‬وبالتالي املستتبعة إلى تقدير‬
‫التعويض املناسب للفعل اإلجرام‪ ،‬وهو ما نص عليه املشرع البحريني في املادة ‪ 75‬من قانون‬
‫العقوبات‪.‬‬
‫وجدير بالذكر إلى أن املشرع املغربي في الظهير الصادر بتاريخ ‪ 1984/10/02‬املتعلق‬
‫بتعويض املصابين في حوادث السير‪ ،‬جاء بقواعد ومعايير حسابية وضعت حدا لخصوصية‬
‫املتضرر في تقويم الضرر‪ ،‬ونزع من املحكمة سلطتها التقديرية في تحديد التعويض‪ ،‬وأصبح‬
‫التعويض يحتسب على أساس سن ومورد املصاب‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الرد‬
‫عرف بعض الفقه‪ 25‬الرد بكونه إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل إرتكاب الجريمة‬
‫وصورته املألوفة كإعادة املال الذي تحصل عليه الجاني عن طريق الجريمة إلى مالكه أو‬
‫حائزه ‪.‬‬
‫وقد عرفته املادة ‪ 1/43‬من قانون العقوبات األردني بما يلي‪ " :‬الرد عبارة عن إعادة‬
‫الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة‪ ،‬وتحكم املحكمة بالرد من تلقاء نفسها كلما كان الرد في‬
‫اإلمكان"‪.‬‬
‫كما عرفه الفصل ‪ 106‬من القانون الجنائي املغربي بأنه إعادة األشياء أو املبالغ أو‬
‫األمتعة املنقولة املوضوعة تحت يد العدالة إلى أصحاب الحق فيها‪ ،‬وتضيف املسطرة‬
‫الجنائية‪ 26‬إلى أن هذه األشياء يمكن ردها في مرحلة البحث والتحقيق ما لم تكن الزمة لسير‬
‫الدعوى أو خطيرة أو قابلة للمصادرة‪.‬‬

‫‪ )25‬ذ‪ .‬محمد صبحي نجم‪،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪148‬‬


‫‪ )26‬المادة ‪ 366‬من قانون المسطرة الجنائية المغربي‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المصاريف القضائية‬
‫نص الفصل ‪ 105‬من مجموعة القانون الجنائي املغربي على أن " كل حكم بعقوبة أو‬
‫تدبير وقائي‪ ،‬يجب أن يبث في الصوائر ومصاريف الدعوى طبق القواعد املنصوص عليها في‬
‫الفصلين ‪ 349‬و ‪ 350‬من قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬ويجب أن يبث عالوة على ذلك‪ ،‬إذا‬
‫إقتض ى الحال في طلبات الرد والتعويضات املدنية"‪.‬‬

‫ويرى د‪ .‬عبد الواحد العلمي في هذا الصدد أن مصطلح املصاريف القضائية يجب ربطه‬
‫بمعنى خاص جدا‪،‬ليقتصر على النفقات التي يتكبدها املطالب بالحق املدني بغرض الوصول‬
‫إلى إقتضاء التعويض الجابر للضرر الذي لحقه شخصيا والتي إضطره إليها املتهم بالجريمة‬
‫التي تعتبر سببا للجوئه للمطالبة مدنيا أمام القضاء‪ ،‬فتشمل والحالة تلك الرسوم القضائية‬
‫املؤداة إن كانت واجبة‪ ،‬وأتعاب املحامي الذي يقوم له باملسطرة وغيرها من املصاريف التي‬
‫البد يكون بذلها حتى يتيسر له إقتضاء التعويض‪.27‬‬
‫وإذا كان املحكوم عليهم متعددين‪ ،‬فاملادة ‪ 45‬من قانون العقوبات األردني خول تقسيم‬
‫املصاريف عنهم بالتساوي إال إذا رأت املحكمة خالف ذلك‪ ،‬وهو التوجه الذي تستعمله‬
‫املحاكم املغربية أيضا حين تنصيصها في آخر أحكامها وقراراتها بتحميل املتهمين الصائر‬
‫تضامنا مع اإلجبار‪ ،‬ولو أن مفهوم التضامن يخول إعفاء الباقين متى أداه واحد من املتهمين‬
‫فقط‪ ،‬غير أنه ومن الناحية العملية‪ ،‬وتفاديا ملجموعة من اإلشكاالت كتساؤل املحكوم عليه‬
‫عن سبب تحميله الصائر لوحده دون غيره ممن حكم عليهم بمعيته في ذات الدعوى‪ ،‬فإن‬
‫وحدات التبليغ والتحصيل تنهج أسلوب التقسيم بالتساوي على املحكومين عليهم بتحمل‬
‫الصوائر في الدعوى الواحدة‪.‬‬

‫املبحث اخلامس‪ :‬إنتهاء الدعوى املدنية التابعة‬


‫تنتهي الدعوى املدنية التابعة بالتنازل (املطلب األول)‪ ،‬وبالتقادم (املطلب الثاني)‪،‬‬
‫وبصدور حكم نهائي في الدعوى (املطلب الثالث)‪:‬‬

‫‪ )27‬شروح في القانون الجديد للمسطرة الجنائية‪،‬ج‪ ، 1‬س ‪ ،2010‬ص ‪.240‬‬

‫‪19‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تنازل المطالب بالحق المدني‬
‫تنص املادة ‪ 13‬من ق‪.‬م‪.‬ج املغربي على أنه "يمكن للطرف املتضرر أن يتخلى عن دعواه‬
‫أو يصالح بشأنها أو يتنازل عنها‪."..‬‬

‫كما تنص املادة ‪ 260‬من قانون اإلجراءات الجنائية املصري على أن "للمدعي بالحقوق‬
‫املدنية أن يترك دعواه في أية حالة كانت عليها الدعوى‪"...‬‬
‫فانطالقا من هاتين املادتين يمكننا إستنتاج أن من حق املطالب بالحق املدني إنهاء‬
‫الدعوى املدنية التابعة بالتنازل أو الصلح سواء أمام هيئة التحقيق أو أمام املحكمة‬
‫الزجرية‪.‬‬
‫وقد إعتبر الدكتور محمد صبحي نجم الدعوى املدنية التابعة ملك خاص للمدعي املدني‬
‫الذي له بذلك حق التنازل عنها ـ أي عن كامل حقوقه ـ في أية حالة كانت عليها حتى صدور‬
‫حكم نهائي فيها ‪.28‬‬
‫وقد إعتبرت محكمة النقض املغربية أن " املحكمة قد خرقت النص ـ املادة ‪ 13‬ق‪.‬م‪.‬ج ـ‬
‫عندما لم تعتبر التصالح بين الفريقين لعلة أن التعويض املدني في هذه النازلة ينبثق عن‬
‫املسؤولية التقصيرية في حين أن الحق املنصوص عليه في الفصل ‪ 13‬املذكور عام‬
‫‪.29‬‬
‫ومطلق"‬
‫وهو ذات اإلتجاه الذي سارت عليه محكمة النقض املصرية التي إعتبرت أن املحكمة‬
‫خالفت مقتضيات املادة ‪ 260‬من قانون اإلجراءات الجنائية املصرية حينما أيدت الحكم‬
‫اإلبتدائي في شقيه العمومي واملدني بالرغم بأن املدعي بالحق املدني عن نفسه وبصفته قرر‬
‫التنازل عن دعواه وفق ما ضمن بمحضر الجلسة ‪..30‬‬
‫ومن املعلوم أن تنازل املطالب بالحق املدني عن دعواه ال يؤثر في سير الدعوى العمومية‬
‫التي تبقى قائمة في مواجهة املتهم‪ ،‬ما لم تكن املتابعة متوقفة على شكاية املشتكي ( املادة ‪4‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج)‪ ،‬وهو ما قرره املشرع املغربي في ‪ 13‬من قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬وكذا املشرع‬
‫الجزائري في الفقرة الثانية من املادة الثانية من قانون اإلجراءات الجزائية التي نص على أنه "‬

‫‪ )28‬المرجع السابق‪،‬ص ‪.175‬‬


‫‪ )29‬قرار عدد ‪ 548‬بتاريخ ‪ 1969/04/14‬منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى المادة الجنائية‪ ،‬ج‪،1‬ص ‪ 310‬وما‬
‫يليها‪.‬‬
‫‪ )30‬نقض ‪ 1980/01/17‬طعن رقم ‪ 1425‬لسنة ‪ 49‬ق‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ال يترتب على التنازل عن الدعوى املدنية إيقاف أو إرجاء مباشرة الدعوى العمومية مع‬
‫مراعاة الحاالت املشار إليها في الفقرة ‪ 3‬من املادة ‪."6‬‬
‫وفي ختام هذا املطلب نشير إلى أن تنازل املطالب بالحق املدني عن دعواه يستتبع أمرين‬
‫هامين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬تنازله عن الدعوى ال يمنعه من إقامتها فيما بعد أمام املحكمة املدنية‬
‫باعتبارها املرجع األصلي‪ ،‬وذلك وفق ما نصت عليه املادة ‪ 356‬من ق‪.‬م‪.‬ج املغربي التي‬
‫جاء فيها‪ " :‬ال يحول تنازل الطرف املدني عن طلبه دون إقامته الدعوى املدنية بعد‬
‫ذلك أمام املحكمة املختصة"‬
‫‪ -2‬يمنع عليه الرجوع إلى إثارته لدعواه التي تنازل عنها نهائيا في نفس القضية‬
‫بموضوعها وسببها وطرفيها‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تقادم الدعوى المدنية التابعة‬
‫تتقادم الدعوى املدنية التابعة طبقا للقواعد املقررة في القانون املدني ألمد التقادم‬
‫ولوقفه والنقطاعه‪ ،‬وهو املبدأ الذي نجده مطبقا في التشريع املغربي وفي بعض التشريعات‬
‫األخرى املقارنة التي إطلعنا عليها‪.‬‬
‫فاملشرع املغربي نص في املادة ‪ 14‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه "تتقادم الدعوى املدنية طبقا‬
‫للقواعد املعمول بها في القانون املدني‪ .‬إذا تقادمت الدعوى العمومية فال يمكن إقامة‬
‫الدعوى املدنية إال أمام املحكمة املدنية"‪،‬وهو ما كرسه املشرع املصري في املادة ‪ ،259‬وأيضا‬
‫املشرع التونس ي الذي جعل الدعوى العمومية خاضعة ألحكام القانون املدني في كل إجراءاتها‬
‫باستثناء سقوطها في املادة ‪ 8‬من مجلة اإلجراءات الجنائية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن الفصل ‪ 106‬من قانون واإللتزامات والعقود املغربي قد نص على‬
‫أن دعوى التعويض من جراء جنحة أو شبه جنحة تتقادم بمض ي خمس سنوات تبتدئ من‬
‫الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق املتضرر الضرر أو الشخص املسؤول عنه‪،‬وتتقادم في‬
‫جميع األحوال بمض ي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر‪.‬‬
‫ومن إجتهادات قضاء املوضوع نجد إبتدائية الفداء درب السلطان قد قضت على أنه‬
‫"إذا كانت مقتضيات الفصل ‪ 12‬من قانون املسطرة الجنائية تنص على أنه إذا كانت‬
‫املحكمة الزجرية تنظر في الدعوى العمومية والدعوى املدنية معا فإن وقوع حوادث‬

‫‪21‬‬
‫مسقطة للدعوى العمومية يترك الدعوى املدنية قائمة‪ ،‬وتبقى خاضعة إلى إختصاص‬
‫املحكمة الزجرية‪ ،‬فإن هذا النص العام وإن كان يشمل التقادم كإجراء مسقط للدعوى‬
‫العمومية طبقا للفصل الثالث من نفس القانون‪ ،‬إال أن مقتضيات الفقرة الثانية من‬
‫الفصل ‪ 14‬من نفس القانون التي جاء فيها ‪ " :‬إذا تقادمت الدعوى العمومية فال يمكن‬
‫إقامة الدعوى املدنية إال أمام املحكمة املدنية" تعتبر مقتضيات قانونية خاصة تتعلق‬
‫بأثر تقادم الدعوى العمومية على مصير الدعوى املدنية التابعة‪ ،‬وهي املقتضيات األولى‬
‫بالتطبيق‪ ،‬وبالتالي يترتب على ذلك الحكم بعدم قبول املطالب املدنية شكال"‪. 31‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬صدور حكم نهائي في الدعوى المدنية التابعة‬
‫تنتهي الدعوى املدنية التابعة بصدور حكم بات فيها‪ ،‬ال يمكن من خالله للطرف املدني‬
‫أن يسلك معه أي طريق من طرق الطعن‪ ،‬وبالتالي يمنع عليه رفع دعواه مجددا أمام محكمة‬
‫أخرى سواء الزجرية أو املدنية شرط أن يشمل حكم املحكمة السابقة جوهر الدعوى املنهي‬
‫لصلب النزاع‪.‬‬
‫ويرى الفقه املغربي‪ 32‬أنه – ونظرا للشرط التقليدي الذي يستوجب وحدة األطراف‬
‫والسبب واملوضوع – فإنه يمكن رفع دعوى مدنية ثانية متى اختلف سبب الدعويين‪ ،‬أو‬
‫كانت ضد أطراف آخرين لم تشملهم املتابعة‪ ،‬مع مالحظة أن هناك اختالف بين امليدانين‬
‫الزجري واملدني‪ ،‬حيث أن قوة الش يء املقض ي به في الدعوى املدنية ليس من النظام العام‪،‬‬
‫وبالتالي ينبغي إثارتها ممن له املصلحة في ذلك‪ ،‬وال يمكن للمحكمة أن تقوم بذلك من تلقاء‬
‫نفسها‪ ،‬وهذا ما سيؤدي إلى أنه متى سبق البث في الدعوى املدنية أمام املرجع املدني‪ ،‬ورفعت‬
‫من جديد أمام املرجع الزجري ولم يتم إثارة سبق الحكم من طرف املتهم أو املسؤول املدني‬
‫فإن املحكمة الزجرية تبث فيها من جديد‪.‬‬

‫‪ )31‬حكم صادر بتاريخ بتاريخ ‪ 2003/07/01‬ملف جنحي رقم ‪ ،518‬منشور ب"دراسات قضائية" لألستاذ محمد بفقير‪،‬‬
‫ج‪ ،3‬ص ‪ 303‬وما يليها‪.‬‬

‫‪ )32‬محمد عياط‪ ،‬دراسة في المسطرة الجنائية المغربية‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪،1‬س ‪ ،1991‬ص ‪.226‬‬

‫‪22‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬

‫إجراءات اإلدعاء املدني أمام‬


‫قاضي التحقيق‬
‫تقديم الشكاية أمام قاض ي التحقيق؛‬ ‫‪-‬‬
‫شروط وإجراءات اإلدعاء املدني أمام قاض ي التحقيق؛‬ ‫‪-‬‬
‫الطعن ضد أوامر قاض ي التحقيق من طرف املطالب بالحق املدني؛‬ ‫‪-‬‬
‫حق املطالب بالحق املدني في الطعن ضد قرارات الغرفة الجنحية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪23‬‬
‫متهيد‪:‬‬
‫إن الغاية من وضع املشرع للمسطرة الجنائية هو إحقاق العدل من خالل املزاوجة بين‬
‫الحفاظ على الحق الخاص للمتهمين والضحايا من جهة‪،‬والحق العام وصيانة هيبة الدولة‬
‫ومكانتها من جهة ثانية‪ ،‬وإحقاق العدل ال يمكن توفيره إال بالوصول إلى الحقيقة‪ ،‬هذه األخيرة‬
‫ال يمكن تصورها من دون تحقيق الذي الزمها منذ القدم‪ ،‬وكان غالبا هو السبيل إلى إظهارها‬
‫والكشف عنها‪ ،‬فالحقيقة كما يقولون ال تخرج على الناس من بئرها عارية‪ ،‬بل هي على الدوام‬
‫ثمرة مجهود مضن وبحث شاق ومتابعة فكرية وانتقاء ذهني‪ ،‬فالناس ليسوا أخيارا على‬
‫الدوام بل هناك من يخافها ويحاول طمسها‪ ،‬لذلك فهي بحاجة إلى من يكشف سرها حتى‬
‫تستقر وتبدو ظاهرة‪ ،‬وحتى ال ينطفئ وميضها ال بد للحقيقة من تحقيق يحقق لها ذلك ‪.33‬‬
‫والتحقيق مرحلة من مرحلة القضية الجنائية تسبق عملية املحاكمة‪ ،‬والهدف من‬
‫اللجوء إليه في الحدود التي يسمح بها القانون والتي تتسع أو تضيق بحسب اإلتجاهات‬
‫القانونية‪ ،‬هو تمحيص األدلة من قبل جهات التحقيق املتوفرة في التهمة‪ ،‬وتقديرها من أجل‬
‫إتخاذ القرار في ضوء ذلك إما باملتابعة واألمر بإحالة القضية على املحكمة إن هي قدرت بأن‬
‫هذه األدلة كافية‪ ،‬وإما بعدم املتابعة إن وجدت جهة التحقيق بأن هذه األدلة غير كافية‪،‬‬
‫وهي املرحلة التي توصف من طرف البعض بأنها "الوسطى" وتتموقع بين البحث التمهيدي‬
‫واملحاكمة النهائية‪ ،‬وهي مرحلة قضائية ألن القائم بها له صالحية التقدير لألدلة ومدى‬
‫كفايتها في إسناد التهمة من عدمه ‪. 34‬‬
‫واملتتبع ملجريات التحقيق عند عرب الجاهلية يجد أنهم اعتمدوا على عدة وسائل‬
‫منطقية في كشف حقيقة الحادث اإلجرامي وفي املقدمة تأتي شهادة الشهود والفراسة‬
‫واليمين ‪ ،‬وينصب التحقيق عندهم على اإلنسان فقط ؛ وتوفير الضمانات للمتهم كاشتراط‬
‫العدالة في البينة الشخصية أي شهادة الشهود‪.‬‬
‫والفراسة ‪:‬عبارة عن اإلستدلل باألحوال الظاهرة على الخلق الباطنة ويقال في أيام‬
‫العرب تفرست في وجه الرجل فعرفت من أين هو ومن أين قدم ‪ ،‬وهكذا اعتبر من ضمن‬
‫العلوم الشائعة آنذاك واملساعدة في التعرف على الجناة‪.‬‬

‫‪ )33‬عمارة فوزي‪ ،‬قاضي التحقيق‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم القانونية‪ ،‬جامعة اإلخوة منتوري –قسنطينة‪-‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬العام الجامعي ‪ ،2010-2009‬ص ‪.1‬‬
‫‪ )34‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في قانون المسطرة الجنائية الجديد‪ ،‬ج ‪،2‬ط ‪ ،3‬س ‪ ،2012‬ص ‪.9‬‬
‫‪24‬‬
‫وقد عرف علم الفراسة تعريفا بسيطا يعتبره إلهاما‪ ،‬فالفراسة هي ‪:‬فكرة تقفز فجأة‬
‫للوعي ‪,‬ممن شهد لهم بالذكاء واملعرفة الطويلة ‪,‬وقد اشتهرت أسر عربية ببراعتها في الفراسة‬
‫وتقص ي األثر‪ .‬ويستعان بالفراسة من حيث هي قدرة عقلية على اإلستدلل السريع وهي وسيلة‬
‫مشروعة للكشف عن الجريمة عند بعض الفقهاء وخاصة الحنابلة ‪.35‬‬
‫وفي القانون املغربي تناول املشرع مؤسسة قاض ي التحقيق في قانون املسطرة الجنائية‬
‫ضمن قسمين هما القسم الثالث من الكتاب األول الذي خصص له املواد من ‪ 83‬إلى ‪،230‬‬
‫ثم القسم الرابع من ذات الكتاب الذي خصص له املواد من ‪ 231‬إلى ‪ 250‬واملتعلقة بالغرفة‬
‫الجنحية لدى محكمة االستئناف‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى املادة ‪ 52‬من قانون املسطرة املغربي نجده ينص على أنه" يعين القضاة‬
‫املكلفون بالتحقيق في املحاكم اإلبتدائية من بين قضاة الحكم فيها ملدة ثالث سنوات قابلة‬
‫للتجديد بقرار لوزير العدل‪،‬بناء على إقتراح من رئيس املحكمة االبتدائية‪ .‬يعين القضاة‬
‫املكلفون بالتحقيق في محاكم االستئناف من بين مستشاريها ملدة ثالث سنوات قابلة للتجديد‬
‫بقرار لوزير العدل‪ ،‬بناء على اقتراح من الرئيس األول ملحكمة االستئناف‪.‬يمكن خالل هذه‬
‫املدة إعفاؤهم من مهامهم بنفس الكيفية‪.‬يباشر هؤالء القضاة مهامهم وفق ما هو منصوص‬
‫عليه في القسم الثالث بعده‪.‬ال يمكن لقضاة التحقيق‪ ،‬تحت طائلة البطالن‪،‬أن يشاركوا في‬
‫إصدار حكم في القضايا الزجرية التي سبق أن أحيلت عليهم بصفتهم قضاة مكلفين‬
‫بالتحقيق"‪.‬‬
‫أما املشرع الجزائري فقد أسند مهة التحقيق لقضاة يعينون خصيصا لهذا الغرض‪ ،‬إذ‬
‫يعين بمرسوم رئاس ي بناء على إقتراح من وزير العدل وبعد مداولة املجلس األعلى للقضاء‪،‬‬
‫وفق ما نصت عليه املادة الثالثة من النظام األساس ي للقضاء‪ ،‬لكن وعكس املشرع املغربي‪،‬‬
‫‪.36‬‬
‫فمدة انتداب قضاة التحقيق بالجزائر غير محددة‬
‫ويتصل قاض ي التحقيق بالقضية في تشريعنا الوطني بطريقتين أساسيتين هما‪:‬‬
‫ـ أوال‪ :‬ملتمس النيابة العامة بإجراء تحقيق‬

‫‪ )35‬علي سلطاني‪ ،‬محاضرات في علم النفس الجنائي‪،‬جامعة تبسة‪ ،‬كلية الحقوق الجزائر‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ )36‬عمارة فوزي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪25‬‬
‫وامللتمس عبارة عن صك مكتوب تصدره النيابة‪ ،‬بمقتضاه تلتمس من قاض ي التحقيق‬
‫الوارد إسمه فيه بإجراء تحقيق في وقائع تكون خاضعة للتحقيق اإلعدادي إن بصورة إلزامية‬
‫أو إختيارية‪.‬‬
‫ـ ثانيا‪ :‬المطالبة بالحق المدني أمام قاضي التحقيق‬
‫وهذه الطريقة الثانية هي التي تهمنا في بحثنا هذا‪ ،‬والتي سنحاول جاهدين تناولها بنوع‬
‫من التحليل من خالل منهجية نتطرق فيها إلى إتصال قاض ي التحقيق بالقضية بناء على‬
‫الشكاية التي تقدم بها املطالب بالحق املدني‪،‬مع شرح كيفية تحريك هذه الشكاية للدعوى‬
‫العمومية (املبحث األول)‪ ،‬ثم نعرج إلى الحديث عن شروط وإجراءات اإلدعاء بالحق املدني‬
‫أمام قاض ي التحقيق (املبحث الثاني)‪ ،‬ثم بإجراءات الطعن ضد أوامر قاض ي التحقيق من‬
‫طرف املطالب بالحق املدني (املبحث الثالث)‪ ،‬لنختم بحق الطرف املدني بالطعن ضد قرارات‬
‫الغرفة الجنحية‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تقديم الشكاية أمام قاضي التحقيق‬


‫وسنتناول في هذا املبحث اإلطار العام للشكاية في مطلب أول‪ ،‬وحق املتضرر في تحريك‬
‫الدعوى العمومية في مطلب ثان‪ ،‬وذلك كما يلي‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اإلطار العام للشكاية‬
‫يقتض ي منا الحديث عن اإلطار العام للشكاية تحديد مفهومها ومصدرها‪،‬‬
‫وشكلياتها‪،‬وموضوعها مخصصين لكل نقطة فقرة مستقلة‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف الشكاية ومصدرها‬
‫تعرف الشكاية بأنها إبالغ الضحية أو املجني عليه للنيابة العامة أو الضابطة‬
‫القضائية بأنه كان ضحية أفعال يعتبرها القانون إجرامية وأحدثت له ضررا جسمانيا أو‬
‫ماديا أو معنويا‪.‬‬

‫ويرى الدكتور اإلدريس ي العلمي املشيش ي أن الشكاية املقدمة إلى قاض ي التحقيق هي‬
‫الشكاية مع التنصيب طرفا مدنيا والتي تتطلب شكليات محددة‪ ،‬أما الشكاية العادية فال‬

‫‪26‬‬
‫تحتاج إلى مثل هاته الشكليات‪ ،‬ويكفي توجيهها بطريقة عادية إلى النيابة العامة لتتخذ بشأنها‬
‫ما تراه مناسبا ‪. 37‬‬
‫وتختلف الشكاية عن الوشاية كون األخيرة تصدر عن الشخص الذي لم يكن متضررا‬
‫أو ضحية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شكليات الشكاية‬
‫ال تخضع الشكاية العادية إلى شكل خاص‪ ،‬فقد تكون كتابية أو شفوية‪ ،‬وال يلتزم‬
‫املشتكي باإلدالء ببيانات خاصة أو إحترام شكليات معينة ‪.38‬‬

‫وهذا عكس الشكاية املقدمة إلى قاض ي التحقيق مع التنصيب طرفا مدنيا والتي تتطلب‬
‫مجموعة من الشكليات والبيانات‪ ،‬وهي موضوع بحثنا هذا التي سنتطرق إليها بالتفصيل فيما‬
‫بعد‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مضمون الشكاية‬
‫يكفي أن تتضمن الشكاية العادية إشعار الجهة املختصة من طرف املجني عليه بأنه‬
‫كان ضحية لجريمة ما‪ ،‬ارتكبت في وقت ومكان معينين‪ ،‬لتتولى النيابة العامة أو الضابطة‬
‫القضائية البحث فيها‪ ،‬وإجراء املعاينات الضرورية‪ ،‬واإلستماع إليه‪ ،‬وإلى كل من له عالقة‬
‫بالفعل املرتكب وذلك بشكل مفصل‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد ميز األستاذ الحسين بوعيس ي بين الشكاية وبين الوشاية من خالل أن‬
‫الوشاية يكفي أن تقدم بشكل مقتضب‪ ،‬ومن حق الواش ي أن يطلب عدم الكشف عن هويته‬
‫ألسباب خاصة‪ ،‬وفي هذه الحالة يجب إحترام إرادته ما لم يكن ذكر هويته ضروريا‪ ،‬أو هناك‬
‫مصلحة كبيرة جدا للمجتمع تفوق مصلحته في أن يبقى تحت الظل ‪.39‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حق المتضرر في تحريك الدعوى العمومية‬
‫تعتبر النيابة العامة هي صاحبة االختصاص األصــيل في تحريك الدعوى العمومية‬
‫ومراقبة سيرها الى حين صدور حكم فيها و تنفـيذ مقتضياته باعتبارها صاحبة السيادة على‬

‫‪ )37‬المسطرة الجنائية‪ ،‬منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية‪ ،‬ط ‪ ،1991‬ص ‪.216‬‬
‫‪ )38‬الحسين بوعيسي‪ ،‬تحريك الدعوى العمومية من طرف المتضرر عن طريق اإلستدعاء المباشر‪،‬ط ‪،1‬ص ‪129‬‬
‫‪ )39‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 129‬و‪.130‬‬
‫‪27‬‬
‫الدعوى العمومية فهي الجهة التـ ـ ــي أوكل إليها املشرع في إطار التفويض املعطى لها من قبل‬
‫املجتمع حق م ــتابعة الجناة و إحالتهم على قضاء الحكم و املطالبة بتوقيع العقاب عليهم و‬
‫ممارسـ ــة الطعن في األحكام الصادرة ضدهم و تنفيذها في حقهم ‪ ،‬إال أن املشرع املغربي نص‬
‫في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 348‬من ق م ج على أنه يمكن للط ـ ـ ـ ــرف املتضرر أن يقيم‬
‫الدعوى العمومية طبقا للشروط املحددة في هذا القان ـ ـ ــون فهذه اإلمكانية القانونية املتاحة‬
‫للمتضرر من الجريمة تجعل االدعاء املخ ــول إليه ممارسته يوصف بكونه مباشرا والعلة من‬
‫وراء هذا الوصف هو أن هـ ــذا االدعاء ال تسبقه أية إجراءات أولية تمهد لطور املحاكمة فهو‬
‫ال يعرف مرحلــة البحـث التمهيدي وإنما يدخل في حوزة قضاء الحكم بصفة مباشرة ‪.40‬‬
‫ويعرف إثارة املطالب بالحق املدني الدعوى العموميـ ــة أمام القضاء ب" االدعـاء‬
‫املباشر " أو " االستدعاء املباشر ‪ ،‬فقد ورد في الفقرة الثانية من املادة ‪350‬من ق م ج ما يلي‬
‫‪ << :‬إذا قام الطرف املدني دعواه عن طريق إيداع مذكرة تعين أن تتضمن هذه املذكرة‬
‫البيانات الكفيلة للتعريف به ‪ ،‬وأن تبين الجريمة املترتب عنها الضرر ومبلغ التعويض‬
‫املطلوب و األسباب املبررة للطلب و ان يحتوي على تعيين موطن مختار في املكان الذي يوجد‬
‫فيه مقر املحكمة ما لم يكن الطالب مقيما بدائرة نفوذها >> أما الشكاية املباشرة ‪ :‬هي‬
‫الدعوى العمومية املثارة من قبل املطالب بالحق املدني أمام قاض ي التحقيق‪ ،‬فقد ورد في‬
‫مقتضيات املادة ‪ 92‬من ق م ج << يمكن لكل شخص ادعى أن ـ ــه تضرر من جناية أو جنحة أن‬
‫ينصب نفسه طرفا مدنيا عند تقديم شكايته أمـ ــام قاض ي التحقيق املختص ‪ ،‬ما لم ينص‬
‫القانون على خالف ذلك >>‬
‫و بالتالي فإن كلمة الشكاية التي وردت بنص الفصل املذكور لم ترد عبثا مـ ــن قبل املشرع‬
‫الجنائي املغربي ‪ ،‬و إنما وظفت بكيفية تتالءم و طبيعة عمل قاض ي التحقيق ‪ ،‬هذا األخير‬
‫الذي ال يصدر أحكاما في موضوع النوازل املعروضـ ــة عليه ‪ ،‬و إنما يصدر أوامر تقض ي إما‬
‫باملتابعة أو إحالة امللف على قضاء الحكم أو بعدم املتابعة ‪.‬‬

‫‪ )40‬عبد الكريم ذكار‪،‬االدعاء المباشر و الشكاية المباشرة في التشريع المغربي ص ‪. 12‬‬


‫‪28‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬شروط وإجراءات اإلدعاء باحلق املدني أمام قاضي‬
‫التحقيق‬
‫يحق للمطالب بالحق املدني اللجوء مباشرة إلى قاض ي التحقيق لتسجيل شكايته‬
‫املباشرة التي يلتمس بمقتضاها إجراء تحقيق في مواجهة شخص معين بذاته أو ضد مجهول‬
‫‪ .41‬فقد نصت املادة ‪ 92‬من قانون املسطرة الجنائية املغربي على أنه "يمكن لكل شخص ادعى‬
‫أنه تضرر من جناية أو جنحة أن ينصب نفسه طرفا مدنيا عند تقديم شكايته أمام قاض ي‬
‫التحقيق املختص ما لم ينص القانون على خالف ذلك"‪ ،‬وهي التي تقابلها املادة ‪ 85‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫الفرنس ي‪ ،‬فاإلدعاء املدني أمام قاض ي التحقيق يتطلب مجموعة من الشروط واحترام‬
‫إجراءات محددة حتى تقبل شكايته‪ ،‬قبل اإلستماع إليه أمام قاض ي التحقيق املختص‪ ،‬وهو‬
‫ما سنتناوله في مطلبين أساسين نخصص األول لشروط األعداء املدني أمام قاض ي التحقيق‪،‬‬
‫والثاني لإلجراءات املتبعة أمامه‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬شروط اإلدعاء المدني أمام قاضي التحقيق‬
‫وتتحد هذه الشروط في‪ :‬تقديم الشكاية أمام قاض ي التحقيق املختص‪ ،‬إيداع مصاريف‬
‫الدعوى‪ ،‬إبراز الضرر‪ ،‬ثم تعيين املوطن املختار‪.‬‬
‫وهو ما سنبسط تباعا في الفقرات التالية‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تقديم الشكاية أمام قاضي التحقيق المختص‬

‫ال يمكن للمتضرر تقديم الشكاية أمام قاض ي التحقيق في جميع الجرائم‪ ،‬فاملشرع‬
‫املغربي استثنى املخالفات بصريح املادة ‪ ،92‬كما ال يمكنه ذلك في الجنح التي ال يوجد نص‬
‫خاص يسمح بالتحقيق فيها‪ ،‬كما منعت املادة ‪ 3/93‬على النيابة العامة أن تحيل على قاض ي‬
‫التحقيق ملتمسات بعدم إجراء تحقيق إال إذا كانت الوقائع املعروضة ال تستوجب قانونا‬
‫إجراء املتابعة لوجود أسباب تمس الدعوى العمومية‪،‬أو إذا كانت الوقائع ال تقبل تكييف‬
‫جرمي حتى ولو افترض وجودها‪،‬أو لم تكن الجريمة من النوع القابل للتحقيق‪.‬‬

‫‪ )41‬رياضي عبد الغاني‪ ،‬جهاز قاضي التحقيق ‪ :‬اختصاصاته واإلجراءات المسطرية المطبقة أمامه‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ط ‪،2007‬‬
‫ص ‪51‬‬
‫‪29‬‬
‫وقد أيدت الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف بورزازات أمر السيد قاض ي التحقيق‬
‫القاض ي بعدم إجراء البحث‪ ،‬على اعتبار أن الجنحة موضوع الشكاية لم ينص املشرع على‬
‫إمكانية التحقيق فيها‪ ،‬حيث جاء في حيثيات قرارها عدد ‪ 35‬الصادر بتاريخ ‪ 2015/05/07‬ما‬
‫يلي‪ ":‬وحيث تبين للمحكمة من خالل دراستها لوقائع القضية وظروفها ومالبساتها أن‬
‫الفعل املطلوب فيه إجراء تحقيق من طرف املشتكي يتعلق بجنحة اإلدالء بشهادة زور في‬
‫قضية جنحية وهي الجنحة غيرالقابلة للتحقيق‪( ".‬غير منشور)‬
‫وقد أكد األستاذ الحسن البوعيس ي على أنه يتعين على قاض ي التحقيق أن ينظر قبل‬
‫بدئ التحقيق هل هو مختص أم ال‪.42‬‬
‫ويجب على قاض ي التحقيق في حالة عدم اختصاصه باملطالبة املدنية أن يصدر بعد‬
‫تلقي ملتمسات النيابة العامة أمرا بإحالة الطرف املدني ليقيم دعواه أمام الهيئة القضائية‬
‫املختصة‪ ،‬وعدم تركه ليرفع شكواه إلى جهات قد تكون بدورها غير مختصة فيضيع بذلك‬
‫وقته وجهد القضاء عبثا‪.43 .‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إيداع مصاريف الدعوى‬
‫عمال بمقتضات املادة ‪ 95‬من ق‪.‬م‪.‬ج املغربي فيجب على الطرف املدني أن يودع بكتابة‬
‫الضبط املبلغ الذي يفترض أنه ضروري ملصاريف الدعوى ‪ ،‬ويحدد له قاض ي التحقيق أجال‬
‫لإليداع وذلك تحت طائلة عدم قبول شكايته‪ ،‬ويحدد هذا املبلغ بأمر من قاض ي التحقيق‬
‫الذي عليه أن يراعي اإلمكانيات املالية للمشتكي‪ ،‬وذلك ما لم يكن األخير محصال على‬
‫املساعدة القضائية‪.‬‬
‫وقد ترك املشرع الجزائري في املادة ‪ 75‬من قانون اإلجراءات ملسألة تقدير هذه‬
‫املصاريف للسلطة التقديرية لقاض ي التحقيق حسب طبيعة القضية وظروفها واإلجراءات‬
‫التي تستلزمها‪ ،‬وهو األمر الذي ال يحتاج إلى تسبيب أو شكلية معينة‪.‬‬
‫وقد أعطت املحكمة العليا الجزائرية الجواب عن اإلشكالية املترتبة عن إغفال قاض ي‬
‫التحقيق لتحديد هذه املصاريف ولم يطلب املدعي املدني إيداعها مسبقا‪ ،‬ووقع التحقيق‬
‫بموافقة النيابة العامة إنتهى بصدور حكم باإلدانة في حق املتهم غير أنه طعن فيه‬
‫باالستئناف حيث أكدت على أنه ال يجوز تقرير البطالن في هذه الحالة‪ ،‬ألن النيابة العامة‬
‫‪ )42‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪ )43‬الدكتور عبد الواحد العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج ‪ ،2‬ص ‪.36‬‬
‫‪30‬‬
‫بانضمامها إلى املدعي املدني وموافقتها على تحريك الدعوى الجزائية تكون قد أقامت الدعوى‬
‫العمومية بذاتها وأصبحت غير تابعة لإلدعاء املدني‪.44 .‬‬
‫كما أن محكمة النقض املغربية ذهبت إلى أن بمفهوم املخالفة للمادة ‪ 95‬فاملدعي املدني‬
‫إذا لم يكن هو مثير الدعوى العمومية فإن شكايته تقبل دون أن يلتزم بإيداع املبلغ املالي‪.45‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬إبراز الضرر‬
‫إن تحريك الدعوى العمومية عن طريق اإلدعاء املدني أمام قاض ي التحقيق ال يكفي‬
‫فيه مجرد إدعاء املتضرر املجرد ‪ ،‬بل يجب أن يوضح الظروف واملالبسات التي تسمح لقاض ي‬
‫التحقيق بأن يستشف من اإلدعاء إمكانية حصول الضرر لبدئ التحقيق‪ ،‬وهو ما أكدته‬
‫محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر في ‪ 09‬فبراير ‪ 1961‬الذي جاء فيه‪ ":‬لئن كان‬
‫الفصل ‪ 85‬من قانون املسطرة الجنائية يخول حق تحريك الدعوى العمومية عن طريق‬
‫التنصيب كطرف مدني أمام قاض ي التحقيق ودون تدخل النيابة العامة لكل شخص‬
‫يدعي أنه تضرر من جناية أو جنحة فإنه ال يستنتج من هذا التعبير أنه يكفي ألن يدعي‬
‫املتضرر من الجريمة التي يلجأ بشأنها إلى القضاء"‪.46‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬تعيين موطن مختار‬
‫أوجبت املادة ‪ 96‬من ق‪.‬م‪.‬ج على املشتكي أن يختار محال للمخابرة إن كان ال يقيم في‬
‫دائرة نفوذ املحكمة التي يجري فيها التحقيق وإال فقد إمكانية اإلحتجاج عن عدم تبليغه‬
‫الوثائق الواجب تبليغها إليه بمقتض ى القانون ‪.‬‬
‫وهو ما نصت عليه أيضا املادة ‪ 79‬من قانون اإلجراءات الجنائية املصرية التي جاء فيها‪:‬‬
‫" يجب على كل من املجني عليه واملدعي بالحقوق املدنية واملسؤول عنها‪ ،‬أن يعين له محال في‬
‫البلدة الكائن فيها مركز املحكمة التي يجري فيها التحقيق إذا لم يكن مقيما فيها‪ .‬وإذا لم‬
‫يفعل ذلك‪ ،‬يكون إعالنه في قلم الكتاب بكل ما يلزم إعالنه به صحيحا‪".‬‬

‫‪ )44‬عمارة فوزي‪،‬قاضي التحقيق‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم القانونية من جامعة اإلخوة منتوري‪-‬‬
‫قسنطينة‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬العام الجامعي ‪،2010-2009‬ص ‪.74‬‬
‫‪ )45‬قرار رقم ‪ 639‬بتاريخ ‪ 1961/11/13‬منشور بمجلة القضاء والقانون عدد ‪ 59‬و‪ 60‬و ‪ 61‬ص ‪.542‬‬
‫‪ )46‬أورده ذ الحسن البوعيسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 97‬‬

‫‪31‬‬
‫ونجد نفس الش يء بالنسبة للمشرع التونس ي الذي نص في الفصل ‪ 40‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجزائية على أنه ‪" :‬على القائم بالحق الشخص ي أن يختار لنفسه مقرا بمركز‬
‫املحكمة املتعهدة بالقضية وإن لم يفعل فال حق له في االحتجاج بعدم تبليغه األوراق التي‬
‫يوجب القانون إبالغه إياها"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات اإلدعاء المدني أمام قاضي التحقيق‬

‫بمجرد ما يقدم املطالب بالحق املدني شكايته أمام قاض ي التحقيق‪ ،‬يباشر األخير‬
‫مجموعة من اإلجراءات في سبيل البث فيها وذلك بمجرد ما يتم تقييدها بكتابة الضبط‪،‬‬
‫وهذه ا إجراءات تتحدد في الفقرات اآلتية‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تقييد الدعوى بكتابة الضبط‬

‫بعد تقديم الشكاية مباشرة من طرف املطالب بالحق املدني‪ ،‬أو باملطالبة بإجراء تحقيق‬
‫من طرف النيابة العامة تقيد الدعوى بسجل خاص بكتابة الضبط (بمكتب التحقيق) وفق‬
‫ترقيم تسلسلي يبتدأ كل سنة ميالدية من الرقم ‪ 01‬إلى آخر رقم مسجل خالل نفس السنة‪،‬‬
‫ويعد هذا السجل نموذجيا بوزارة العدل تحت رقم ‪ 901‬بالنسبة لألحداث‪ ،‬و‪ 904‬بالنسبة‬
‫للرشداء‪ ،‬ويتضمن مجموعة من البيانات التي يجب تضمينها بكل دقة من طرف كاتب‬
‫الضبط املكلف بشعبة التحقيق‪ ،‬هذه البيانات التي نوضحها كما يلي‪:‬‬

‫الصفحة ‪ 01‬من السجل‪:‬‬

‫إسم‬
‫مضمن‬
‫الضحية‬ ‫رقم‬
‫الوضع‬ ‫وقم‬ ‫تاريخ‬ ‫التهمة‬ ‫اإلسم‬
‫أو‬ ‫الملف‬ ‫تاريخ‬ ‫الرقم‬
‫تحت‬ ‫االعتقال‬ ‫االستنطاق‬ ‫المطالبة‬ ‫الشخصي‬
‫المطالب‬ ‫بالنيابة‬ ‫التسجيل‬ ‫الترتيبي‬
‫المراقبة‬ ‫وتاريخه‬ ‫اإلبتدائي‬ ‫بالتحقيق‬ ‫والعائلي‬
‫بالحق‬ ‫العامة‬
‫القضائية‬
‫المدني‬

‫‪01‬‬

‫‪32‬‬
‫الصفحة ‪ 02‬من السجل‪:‬‬
‫مدة‬
‫تاريخ‬ ‫تاريخ‬
‫تاريخ‬ ‫تاريخ‬
‫مالحظات‬ ‫نتيجة االستئناف‬ ‫تاريخها‬ ‫مضمنها‬ ‫االستنطاق‬ ‫التمديد‬
‫االستئناف‬ ‫التبليغ‬
‫التفصيلي‬ ‫أو‬
‫االلغاء‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إشعار الوكيل القضائي للمملكة‬

‫إذا كانت الشكاية املشفوعة باملطالب املدنية مقدمة في مواجهة قاض ي‪ ،‬أو موظف‬
‫عمومي‪ ،‬أو عون تابع للسلطة أو القوة العمومية وظهر أن الدولة يمكن أن تتحمل املسؤولية‬
‫املدنية من جراء أعمال تابعيها‪ ،‬وجب على قاض ي التحقيق أن يشعر الوكيل القضائي‬
‫للمملكة وفق ما نصت عليه املادة ‪ 95‬في فقرتها الثانية من ق‪.‬م‪.‬ج‬

‫ويوضح األستاذ رياض عبد الغاني‪ 47‬أن الشخص الذي ينصب نفسه طرفا مدنيا‬
‫يستفيد من مجموعة االمتيازات القانونية ومن ضمنها تخويله الحق في تنصيب دفاع‬
‫ملؤازرته‪ ،‬وحق األخير في وضع ملف التحقيق رهن إشارته قبل كل عملية استنطاق وإحالة‬
‫جميع األوامر والقرارات املتخذة من طرف قاض ي التحقيق عليه بقصد ممارسة حق الطعن‬
‫باالستئناف في مواجهتها‪ ،‬وهي ضمانات بالغة األهمية وال ينمكن اإلشهاد عليها سيما وأن عدم‬
‫احترامها من قبل قاض ي التحقيق يؤدي حتما إلى بطالن اإلجراءات املتخذة طبقا للقانون‪.‬‬
‫وبخصوص ما إذا كان إشعار الوكيل القضائي للمملكة يعتبر إجراء جوهريا ينتج إغفال‬
‫البطالن من عدمه أجابت محكمة النقض بقرار حديث لها على هذا التساؤل بقولها‪ " :‬وحيث‬
‫إن تبليغ إقامة الدعوى العمومية إلى الوكيل القضائي للمملكة طبقا للمادة ‪ 3‬من قانون‬
‫املسطرة الجنائية هو إجراء إداري ال يعتبر عدم انجازه من طرف النيابة العامة مبطال للقرار‬
‫أو الحكم مما تبقى معه الوسيلة على غير ذي أساس"‪.48‬‬

‫ا‬
‫‪ )47‬لمرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 86‬و ‪87‬‬

‫‪ )48‬قرار عدد ‪ 3/1696‬بتاريخ‪ 2016/12/07 :‬ملف جنائي رقم ‪.2016/3/6/13878‬‬


‫‪33‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬االستماع إلى المتهم‬
‫بناء على الشكاية التي تقدم بها املطالب بالحق املدني‪ ،‬يأمر قاض ي التحقيق املتهم‬
‫بالحضور أمامه في تاريخ وساعة محددين (م ‪ ،)144‬وحالة مثوله يقوم باستنطاقه هو‬
‫املنسوب إليه من أفعال‪ ،‬واالستنطاق في هذه املرحلة يكون ابتدائيا وتفصيليا‪ ،‬فاالستنطاق‬
‫االبتدائي يكون في املرحلة التي يمثل فيها املتهم ألول مرة أمام قاض ي التحقيق‪ ،‬وخاللها يقوم‬
‫األخير بالتأكد من هوية املتهم قبل إعالمه باملنسوب إليه مع إشعاره بأنه له الحرية في عدم‬
‫اإلدالء بأي تصريح وحقه في تنصيب محام للدفاع عنه‪ .‬أما اإلستنطاق التفصيلي فيقصد به‬
‫ذلك االستنطاق الذي يقوم به قاض ي التحقيق للمتهم بعد انتهاء االستنطاق االبتدائي‪ ،‬يركز‬
‫فيه قاض ي التحقيق في كافة التهم املنسوبة للمتهم بشكل دقيق من خالل التطرق إلى‬
‫الجزئيات والتفاصيل التي من شأنها إبراز الحقيقة‪ ،‬ويمكن أن يشمل هذا اإلستنطاق أكثر‬
‫من جلسة واحدة‪.‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬اإلستماع إلى لمطالب بالحق المدني‬
‫يستمع قاض ي التحقيق للمطالب بالحق املدني وفق نموذج خاص مرقم تحت عدد‪66 :‬‬
‫ج ‪ ،‬يضم مقر املحكمة ومراجع امللف‪ ،‬وتاريخ االستنطاق وساعته‪ ،‬وإسم قاض ي التحقيق‬
‫وكاتب الضبط‪ ،‬وهوية الجاري ضده املتابعة‪ ،‬كما تتم اإلشارة فيه إلى استدعاء دفاع املطالب‬
‫بالحق املدني وحضور األخير من عدمه‪ ،‬وأحقية املستمع إليه في التخلي عن االستماع إليه أو‬
‫مقابلته مع الشهود‪ ،‬ثم الهوية الكاملة للطرف املدني والتصريحات التي أدلى بها تأكيدا‬
‫لشكايته أو تدعيما لها من خالل األجوبة التي يقدمها عن تساؤالت قاض ي التحقيق‪ ،‬قبل أن‬
‫يوقع أو يبصم إلى جانب قاض ي التحقيق وكاتب الضبط (النموذج رقم ‪.)1‬‬
‫وقد أكدت املادة ‪ 49 139‬من قانون املسطرة الجنائية املغربي على أنه ال يجوز سماع‬
‫املطالب بالحق املدني من طرف قاض ي التحقيق أو مواجهته مع املتهم إال بحضور محاميه أو‬
‫بعد استدعائه بصفة قانونية‪ ،‬ما لم يتنازل صراحة عن مؤازرة الدفاع‪ ،‬ويستدعى املحامي‬
‫قبل كل استنطاق بيومين كاملين على األقل إما برسالة مضمونة أو بإشعار يسلم إليه مقابل‬
‫وصل ما لم يكن قد تم إشعاره في جلسة سابقة للتحقيق وأثبت ذلك في املحضر‪ ،‬مع وضع‬
‫امللف رهن إشارته قبل كل استماع إلى الطرف املدني بيوم واحد على األقل‪.‬‬

‫‪ )49‬وهي نفس المقتضيات المكفولة للمتهم‪.‬‬


‫‪34‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬االستماع إلى الشهود‬

‫في إطار البحث الذي يقوم به قاض ي التحقيق يقوم باالستماع إلى الشهود سواء أولئك‬
‫الذين التمس املطالب بالحق املدني أو املتهم أو دفاعهما استدعاءهم‪ ،‬أو أي شخص حضر‬
‫بمحض إرادته إذا ما تبين لقاض ي التحقيق الفائدة من االستماع إليه‪ ،‬أو أي شاهد يرى‬
‫قاض ي التحقيق نفسه ضرورة حضوره‪ ،‬إذ يعمد على استدعاء الشهود بالطرق اإلدارية‪ ،‬أو‬
‫برسالة مضمونة‪ ،‬أو بواسطة القوة العمومية التي يملك حق تسخيرها وفق املادة ‪ 54‬من‬
‫قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬أو بواسطة املفوضين القضائيين‪.‬‬

‫وإذا تخلف الشخص املستدعى وجه له قاض ي التحقيق استدعاء ثانيا‪ ،‬قبل أن يجبره‬
‫على الحضور بناء على ملتمس النيابة العامة حين تخلفه رغم التوصل‪ ،‬كما يمكن أن يصدر‬
‫في حقه أمرا غير قابل ألي طعن بأداء غرامة تتراوح بين ‪ 1200‬و ‪ 12000‬درهم‪ ،‬والتي يمكن‬
‫إعفاؤه منها كليا أو جزئيا إذا حضر وقدم مبررا مقبوال عن سبب تخلفه عن الحضور‪.‬‬
‫وقبل االستماع إلى الشهود يتم التأكد أوال من هويتهم ومن جود موانع الشهادة من‬
‫عدمها وكذا تذكيره بعواقب شهادة الزور‪ ،‬ثم أداء اليمين القانونية قبل اإلدالء بالتصريحات‬
‫التي يدونها كاتب الضبط في محضر يوقع عليه إلى جانب قاض ي التحقيق والشاهد‪.‬‬
‫الفقرة السادسة‪ :‬إجراء المواجهة‬

‫يقصد باملواجهة إجراء مقابلة بين شخصين أو أكثر من الشهود أو املتهمين‪ ،‬لبيان ما‬
‫اختلف فيه الشهود قصد تقييم شهادتهم وتمكين قاض ي التحقيق من تكوين قناعته لألخذ‬
‫بما يراه موافقا لألدلة التي بين يديه‪ ،‬وبالتالي عرض هذه األقوال على املتهم ليقرها أو يطعن‬
‫فيها‪.50‬‬

‫فلقاض ي التحقيق واستنادا للمادة ‪ 135‬من قانون املسطرة الجنائية إجراء مواجهة بين‬
‫املتهم واملطالب بالحق املدني لتوضيح حقيقة تضارب أقوالهما – متى كان هناك تضارب بينها‪-‬‬
‫وذلك بعد أن استمع لكل طرف على انفراد‪ ،‬وذلك لتكوين قناعته في اتخاذ األمر املناسب‪،‬‬
‫وهو ما كرسه أيضا املشرع املصري ضمن املادة ‪ 124‬من قانون اإلجراءات الجنائية (النموذج‬
‫‪.)2‬‬

‫‪ )50‬شرح قانون المسطرة الجنائية ج ‪ ، 1‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية العدد ‪ ،6‬ص ‪.262‬‬
‫‪35‬‬
‫الفقرة السابعة‪ :‬إجراء الخبرة‬

‫قد يتطلب البحث الذي فتحه قاض ي التحقيق بناء على شكاية املتضرر إجراء خبرة‬
‫للوقوف على املسائل التقنية التي يصعب عليه الوقوف عليها‪ ،‬كاملسائل املتعلقة بالحالة‬
‫الصحية للطرف املدني‪ ،‬أو التحقق من الخطوط والبصمات والتوقيعات في شأن الوثائق‬
‫املطعون في صحتها أو غيرها من املسائل الفنية التي تتطلب تدخل أهل اإلختصاص‪ .‬واألمر‬
‫بإجراء خبرة قد يتخذه قاض ي التحقيق إما تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو‬
‫األطراف‪ ،‬وفي حالة رفضه لهذا امللتمس وجب عليه أن يعلل قراره الذي يقبل الطعن‬
‫باإلستئناف أمام الغرفة الجنحية‪ ،‬أما األمر القاض ي بإجراء الخبرة فال يقبل الطعن‬
‫باالستئناف وفق ما نصت عليه املادتين ‪ 1/222‬و ‪ 196‬من قانون املسطرة الجنائية‪.‬‬

‫ويتم إختيار خبير من بين الخبراء املسجلين بجدول الخبراء القضائيين‪ ،‬وفي حالة عدم‬
‫تواجده‪ ،‬يتم تعيين خبير آخر خارج الجدول شرط أدائه اليمين القانونية أمام قاض ي‬
‫التحقيق قبل القيام باملهام املوكولة إليه‪.‬‬
‫الفقرة الثامنة‪ :‬تدوين إجراءات التحقيق‬

‫بالرجوع إلى املواد املنظمة ملؤسسة التحقيق سنجدها تحث على تدوين كل اإلجراءات‬
‫التي قام بها قاض ي التحقيق بمناسبة البحث الذي قام به‪ ،‬وال يغفل عن أحد أن مهمة‬
‫التدوين هته‪ ،‬أو مهمة التوثيق لإلجراءات ال يقوم بها إال كاتب الضبط‪ ،‬فاألخير يعتبر الشاهد‬
‫األمين وامللزم بكتمان السر املنهي‪ ،‬والذي ال يباشر مهامه الوظيفية إال بعد أدائه لليمين‬
‫القانونية‪.‬‬

‫فمحاضر االستماع واملواجهة وغيرها يحررها كاتب الضبط وفق ما عاينه وشاهده‬
‫وسمعه بما يمليه عليه الشرف والضمير‪ ،‬وفي هذا اإلطار أرى ضرورة إعادة الصياغة لبعض‬
‫املواد املتعلقة بالتحقيق االعدادي كتلك التي تنص على أن قاض ي التحقيق يحرر محضرا بما‬
‫أنجزه من أعمال ( املادة ‪ )3/99‬ألن الواقع يشهد أن محرر هذه املحاضر هو كاتب الضبط‬
‫وليس قاض ي التحقيق‪ ،‬إضافة إلى ما نصت عليه املادة ‪ 119‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أنه " يستمع‬
‫قاض ي التحقيق بمساعدة كاتبه‪ "!!..‬وكأن كاتب الضبط تابع للقاض ي والحال أنه ينتمي إلى‬
‫جهاز مستقل تماما عن السلطة القضائية التي ينتمي إليها قاض ي التحقيق‪ ،‬مع التأكيد على‬

‫‪36‬‬
‫أن مثل هذه النصوص إنما تكرس نظرة دونية لم تعد لها قائمة في هذا العهد الذي باتت فيه‬
‫اإلدارة القضائية تزخر به من طاقات ومؤهالت علمية وعملية موازية كليا للعاملين ضمن‬
‫منظومة العدالة ككل‪.‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬الطعن ضد أوامر قاضي التحقيق من طرف املطالب‬


‫باحلق املدني‬
‫يتطلب منا هذا املبحث التطرق أوال إلى الجهة املختصة للنظر في استئناف أوامر قاض ي‬
‫التحقيق املطعون فيها باالستئناف في مطلب أول‪ ،‬قبل الحديث عن إلجراءات املخولة‬
‫للمطالب باملدني سلوك مسطرة الطعن باالستئناف في مطلب ثاني‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الغرفة الجنحية‬


‫خالفا ملرحلة البحث التمهيدي‪ ،‬تعتبر مرحلة التحقيق اإلعدادي مرحلة قضائية‪ ،‬وهي‬
‫املرحلة التي يعتبرها الفقه‪ 51‬من املراحل الهامة التي تحكمها شكليات متعددة ودقيقة توخا‬
‫منها املشرع تحقيق قدر معتدل من الضمانات التي يتوازن معها حق املجتمع في تقص ي‬
‫الحقيقة املجردة‪ ،‬وحق املتهم الواجب له حق الدفاع عن نفسه والحصول على عدم املتابعة‪،‬‬
‫لذلك أناط مهمة مراقبتها لهيئة قضائية‪.‬‬

‫وسنتناول الغرفة الجنحية من خالل تشكيها‪ ،‬واختصاصاتها‪ ،‬ومسطرة إحالة القضية‬


‫عليها وذلك في الفقرات التالية‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تشكيل الغرفة الجنحية‬
‫تتشكل الغرفة الجنحية من الرئيس األول ملحكمة االستئناف أو من ينوب عنه بصفته‬
‫رئيسا لها‪ ،‬ومستشارين إثنين‪،‬وبحضور النيابة العامة التي يمثلها الوكيل العام للملك أو أحد‬
‫نوابه‪.‬‬

‫وتنص املادة ‪ 233‬من ق‪.‬م‪.‬ج املغربي على أن الغرفة الجنحية تجتمع بدعوة من رئيسها‬
‫أو بطلب من الوكيل العام للملك كلما اقتضت الضرورة ذلك‪.‬‬

‫‪ )51‬ذ عبد الواحد العملي المرجع السابق‪ ،‬ص ‪125‬‬

‫‪37‬‬
‫فاملالحظ إذن أن املشرع ظل متمسكا بمبدأ ثالثية التشكيلة في الغرفة الجنحية‪ ،‬كما‬
‫أسند مهة رئاستها للرئيس األول ملحكمة االستئناف خالفا ملا كان عليه األمر في قانون‬
‫املسطرة الجنائية لسنة ‪ 1959‬الذي لم يحدد صفة رئيس غرفة اإلتهام والذي يعين كباقي‬
‫األعضاء من طرف الجمعية العامة للمحكمة ‪.52‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إختصاصات الغرفة الجنحية‬
‫طبقا للمادة ‪ 231‬من ق‪.‬م‪.‬ج فالغرفة الجنحية تختص في ‪:‬‬

‫‪ ‬أوال‪:‬في طلبات اإلفراج املؤقت املقدمة إليها مباشرة طبقا للفقرتين الرابعة‬
‫والخامسة من املادة ‪ ،179‬وفي تدابير الوضع تحت املراقبة القضائية املتخذة طبقا‬
‫للمادة ‪161‬؛‬
‫‪ ‬ثانيا‪ :‬في طلبات بطالن إجراءات التحقيق املنصوص عليها في املواد ‪ 210‬إلى‬
‫‪213‬؛‬
‫‪ ‬ثالثا‪ :‬في اإلستئنافات املرفوعة ضد أوامر قاض ي التحقيق طبقا للمادة ‪222‬‬
‫وما يليها؛‬
‫‪ ‬رابعا‪ :‬في كل إخالل منسوب لضابط من ضباط الشرطة القضائية خالل‬
‫مزاولته ملهامه طبقا ملا هو منصوص عليه في املواد من ‪ 29‬إلى ‪ 35‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬
‫كما تختص أيضا الغرفة الجنحية في البث في امللتمسات الرامية إلى سحب قضية من‬
‫قاض للتحقيق وإحالتها على قاض آخر للتحقيق ضمانا لحسن سير العدالة(م ‪،)91‬وفي‬
‫إصدار مقرر بإيقاف التحقيق أثناء النظر في استئناف أمر قضائي (م ‪ ،)226‬وكذا للبث في‬
‫طلبات رد اإلعتبار (م ‪.)700‬‬
‫وفي هذا الصدد أكدت محكمة النقض (املجلس األعلى سابقا) على أن " اختصاصات‬
‫الغرفة الجنحية لدى محكمة االستئناف محددة قانونا وال يدخل ضمنها البث في‬
‫النزاعات العارضة املتعلقة بالتنفيذ الزجري‪ ،‬الذي يبقى االختصاص بشأنه للمحكمة‬
‫‪53‬‬
‫التي أصدرت القرارتنفيذه‪ ،‬والذي قد تتواله إحدى غرف محكمة االستئناف‪".‬‬

‫‪ )52‬اشرح قانون قانون المسطرة الجنائية ‪ ،‬ج ‪ ،2‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ط ‪ 5‬ص ‪155‬‬
‫‪ )53‬قرار عدد ‪ 217‬صادر بتاريخ ‪ 2011/03/03‬ملف عدد ‪ 11/569‬منشور بنشرة قرارات المجلس األعلى الغرفة‬
‫الجنائية ج ‪ 8‬ص ‪ 81‬وما يليها‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مسطرة إحالة القضية على الغرفة الجنحية‬
‫نصت املادة ‪ 234‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أن القضايا تحال على الغرفة الجنحية بواسطة النيابة‬
‫العامة بعد تهييئها داخل أجل خمسة أيام من تاريخ توصلها بامللف من طرف قاض ي التحقيق‪.‬‬

‫وفور توصل كتابة الضبط بملف الطعن تفتح له ملفا بالغرفة وتضمنه بالسجالت‬
‫املعدة لهذه الغاية ثم تحيله على الرئيس األول لتعيين املستشار املكلف الذي يقوم بدراسة‬
‫القضية وإعداد تقرير في املوضوع‪.‬‬
‫ويمكن لألطراف ودفاعهم اإلطالع على امللف وملتمسات النيابة العامة‪ ،‬وإيداع‬
‫مذكراتهم بكتابة الضبط ليتسنى لباقي األطراف اإلطالع عليها‪ ،‬كما أكدت املادة ‪ 236‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج على أن الغرفة الجنحية تعقد جلساتها بصفة سرية‪ ،‬وتصدر قراراتها في جلسة علنية‪،‬‬
‫ويمكنها أن تأمر بحضور األطراف شخصيا وبإحضار أدوات اإلقناع حتى يتمكن األطراف من‬
‫الدفاع عن مصالحهم‪ ،‬وفي هذا الصدد ذهبت محكمة النقض في أحد قراراتها على أنه "ال‬
‫وجود في قانون املسطرة الجنائية ألي نص يخول للمتهم حق التعرض على قرارات الغرفة‬
‫‪54‬‬
‫الجنحية التي هي غير ملزمة باستدعاء املتهمين أثناء جلساتها السرية‪".‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إستئناف أوامر قاضي التحقيق من طرف المطالب بالحق المدني‬
‫يعتبر املطالب بالحق املدني طرفا في الخصومة التي يحقق فيها قاض ي التحقيق‪ ،‬لذلك‬
‫خول له املشرع حق الطعن ضد القرارات الصادرة من طرق قاض ي التحقيق متى اعتبرها‬
‫مضرة بمصالحه‪ ،‬غير أن املشرع املغربي لم يسمح للطرف املدني باستعمال حق الطعن‬
‫باإلستئناف إال ضمن حاالت محددة‪ ،‬مع إتباع شكليات أساسية حتى يقبل طعنه‪ ،‬وهذا ما‬
‫سنتناوله ضمن هذا املطلب من خالل التطرق إلى أوامر قاض ي التحقيق التي يجوز للطرف‬
‫املدني استئنافها‪ ،‬ثم األوامر التي ال يجوز له إسئنافها‪ ،‬لنتطرق بعدها إلى القواعد‬
‫والشكليات الواجب إتباعها لسلوك هذا الطعن وإحالة امللف على الغرفة الجنحية‪،‬‬
‫مخصصين لكل نقطة فقرة مستقلة‪.‬‬

‫‪ )54‬قرار عدد ‪ 4/1290‬بتاربخ ‪ 2002/06/19‬منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 97‬ص ‪ 198‬ومايليها‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أوامر قاضي التحقيق التي يجوز للمطالب بالحق المدني‬
‫استئنافها‬
‫حددت املادة ‪ 224‬من ق‪.‬م‪.‬ج املغربي األوامر الصادر عن قاض ي التحقيق التي يجوز‬
‫للمطالب بالحق املدني إستئنافها في مايلي‪:‬‬

‫‪ -1‬األوامر القاضية بعدم إجراء تحقيق بعد تقديم الشكاية املرفوقة باإلدعاء‬
‫املدني؛‬
‫‪ -2‬األوامر القاضية بعدم املتابعة؛‬
‫‪ -3‬األوامر التي يبث فيها قاض ي التحقيق في شأن اختصاصه وذلك إما تلقائيا‪،‬‬
‫وإما بناء على دفع أحد األطراف بعدم إختصاص؛‬
‫‪ -4‬األوامر الصادرة عن قاض ي التحقيق الضارة بمصالح الطرف املدني‪.‬‬
‫وبخصوص الحالة الرابعة املشار إليها أعاله‪ ،‬يرى األستاذ عبد الواحد العلمي أن هذه‬
‫الحالة وإن كانت لها رمزية العموم – خالفا للحاالت األخرى الثالثة – بحيث يمكن للمطالب‬
‫بالحق املدني اللجوء إليها دوما بدعوى املحافظة على مصالحه من اإلضرار بها‪ ،‬كما في حاالت‬
‫األوامر الرافضة إلجراء خبرة التي طالب بها(م ‪ 194‬ق م ج)‪،‬أو إلجراء خبرة تكميلية أو مضادة‬
‫يتشبث بها (‪ 208‬ق م ج)‪ ،‬فإن هذه العمومية من شأنها أن تفسح املجال واسعا للمطالب‬
‫بالحق املدني إلطالة أمد اإلجراءات بكيفية تعسفية‪ ،‬تحججا في كل مرة بكون مقرر قاض ي‬
‫التحقيق قد أضر بمصالحه املدنية‪ ،‬ولذلك تحسب املشرع لهذه الفرضية فمنع عليه في كل‬
‫األحوال أن يستأنف أوامر أخرى ال يكون الغرض منها سوى عرقلة السير العادي للتحقيق‪.55‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أوامر قاضي التحقيق التي ال يجوز للمطالب بالحق المدني‬
‫إستئنافها‬
‫حسب الفقرة الثالثة من املادة ‪ 224‬من قانون املسطرة الجنائية املغربي‪ - ،‬والتي تقابلها‬
‫املادة ‪ 162‬من قانون اإلجراءات الجنائية املصري – فإنه يمنع على املطالب بالحق املدني بأي‬
‫حال من األحوال‪ ،‬أن يستأنف أمرا قضائيا متعلقا باعتقال املتهم‪ ،‬أو مقتض ى من مقتضيات‬
‫أمر قضائي يتعلق بهذا اإلعتقال أو باملراقبة القضائية‪ ،‬مهما تحجج املطالب بالحق املدني‬
‫من كون ذلك يمس مصالحه املدنية‪.‬‬

‫‪ )55‬المرجع السابق‪ ،‬ج ‪ ، 2‬ص ‪141‬‬

‫‪40‬‬
‫وهذا ما كرسه أيضا املشرع الجزائري في املادة ‪ 173‬من قانون اإلجرات الجزائية ‪،‬‬
‫مستندا في ذلك على أن اإلجراءات املتعلقة بحبس املتهم تتعلق بالدعوى العمومية التي ال‬
‫دخل للمدعي املدني فيها‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬شكليات الطعن باإلستئناف ضد أوامر قاضي التحقيق وإحالة‬
‫الملف‬
‫بعد توصل املطالب بالحق املدني أو محاميه باألوامر الصدرة عن قاض ي التحقيق وفق‬
‫ما نصت عليه املادة ‪ 220‬من قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬فيمكنه أن يقدم إستئنافه بتصريح‬
‫إلى كتابة ضبط املحكمة التي يوجد بها مقر قاض ي التحقيق خالل الثالثة أيام املوالية لتبليغ‬
‫األمر القضائي في موطنه الحقيق أو املختار‪.‬‬

‫ويحرر التصريح باإلستئناف من طرف كاتب الضبط في السجل املخصص لذلك‪ ،‬والذي‬
‫يحمل نموذج رقم‪ 410‬يحمل إسم املحكمة ونوع القضية ورقمها وتاريخ املقرر‪ ،‬وتاريخ‬
‫التصريح‪ ،‬وإسم وصفة املصرح‪ ،‬ثم التوقيع عليه من طرف كاتب الضبط واملصرح‪ ،‬أو بوضع‬
‫األخير لبصمته متى كان ال يحسن التوقيع‪.‬‬
‫وحسب املادة ‪ 225‬من ق‪.‬م‪.‬ج املغربي – تقابله املادة ‪ 167‬من قانون اإلجراءات الجنائية‬
‫املصري – فإنه يتعين على قاض ي التحقيق إذا قدم اإلستئناف إلى كتابة ضبط املحكمة التي‬
‫يوجد بها مقره‪ ،‬أن يوجه ملف التحقيق أو النسخة املأخوذة منه طبقا للفقرة الثانية من‬
‫املادة ‪ 85‬من ق‪.‬م‪.‬ج إلى النيابة العامة ملحكمته سواء كانت املحكمة اإلبتدائية أو محكمة‬
‫اإلستئناف‪.‬‬
‫وإذا وجه ملف التحقيق أو النسخة املأخوذة منه إلى النيابة العامة ملحكمة قاض ي‬
‫التحقيق اإلب تدائية‪ ،‬فإنه يتعين على وكيل امللك لديها أن يحيل امللف أو النسخة املأخوذة‬
‫منه إلى الوكيل العام للملك داخل أجل ‪ 48‬ساعة‪.‬‬
‫ويتعين على الوكيل العام للملك بعد التوصل بامللف أو بالنسخة املأخوذة منه‪ ،‬أن‬
‫يوجهه مرفوقا بملتمساته على الغرفة الجنحية بمحكمة اإلستئناف داخل خمس أيام على‬
‫األكثر من التوصل‪.56‬‬

‫‪ )56‬المادة ‪ '22‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬

‫‪41‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬حق املطالب باحلق املدني يف الطعن ضد قرارات الغرفة‬
‫اجلنحية‬
‫إذا كانت مسطرة الطعن باإلستئناف هي األصل في وسائل الطعن ضد قرارات قاض ي‬
‫التحقيق‪،‬فإن املشرع خول صالحية أخرى تعتبر من املستجدات في مواجهة القرار القاض ي‬
‫باإلحالة على غرفة الجنايات وهو املتمثل في الطعن بالنقض‪.57‬‬

‫وبالرجوع إلى املادة ‪ 525‬من ق‪.‬م‪.‬ج املغربي نجد أنه لم يمنح للمطالب بالحق املدني حق‬
‫الطعن ضد القرارت الصادرة عن الغرفة الجنحية القاضية بعدم املتابعة إال في حالتين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا نص هذا القرار على عدم قبول تدخله في الدعوى؛‬
‫‪ -2‬إذا تعددت التهم‪ ،‬وأغفل هذا القرار البث في أحدها‪.‬‬
‫وهذا ما أكدته محكمة النقض املغربية في أحد قراراتها الذي جاء فيه‪ " :‬ال يمكن‬
‫للمطالب بالحق املدني أن يطلب نقض القرار بعدم املتابعة إال إذا نص هذا القرار على‬
‫عدم قبول تدخله في الدعوى‪ ،‬أو أغفل البث في تهمة ما"‪.58‬‬
‫وفي اجتهاد آخر حديث قضت محكمة النقض بما يلي‪ " :‬حيث تنص املادة ‪ 525‬من‬
‫قانون املسطرة الجنائية على ما يلي‪ ( :‬ال يمكن للطرف املدني أن يطلب نقض القرار بعدم‬
‫املتابعة إال إذا نص هذا القرارعلى عدم قبول تدخله في الدعوى أو إذا أغفل البث في تهمة‬
‫ما)‪ ،‬وحيث إن القرار املطعون فيه لم ينص على عدم قبول تدخل الطاعن (املطالب‬
‫بالحق املدني) في الدعوى ولم يغفل البث في تهمة ما‪ ،‬مما يترتب عليه التصريح بعدم‬
‫قبول طلبه"‪ .59‬ويرى بعض الفقه‪ 60‬أن املشرع املغربي ودرء للتعسف في استعمال هذا الحق ‪،‬‬
‫جعله مقتصرا على عدم قبول تدخل الطرف املدني في الدعوى كأن اعتبره غير متضرر أصال‪،‬‬
‫أو أن تضرره غير مباشرة من الجريمة‪ ،‬أو أن الوقائع املبنية عليها الدعوى العمومية ليست‬
‫جريمة أصال‪ ،‬ومن ثم فال معنى لقبول تدخله‪ ،‬أو إذا هو قرار عدم املتابعة أغفل البث في‬

‫‪ )57‬ذ‪ .‬رياضي عبد الغاني‪ ،‬محكمة اإلستئناف‪ :‬إختصاصاتها واإلجراءات المسطرية المطبقة أمامها والقرارات الصادرة منها‪،‬‬
‫وطرق الطعن فيها‪ ،‬دراسة مقارنة علمية ونقدية‪ ،‬ط‪ 1‬ص ‪.115‬‬
‫‪ )58‬قرار عدد ‪ 181‬بتاريخ ‪ 1968/12/12‬منشور بمحموعة قرارات المجلس األعلى لسنوات ‪ 1986-1966‬ص ‪596‬‬
‫راجع في هذا الصدد أيضا مؤلف ذ‪.‬محمد بفقير‪ :‬قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربي‪،‬ط ‪ 3‬ص ‪405‬‬
‫‪ )59‬قرار عدد ‪ 1/1560‬بتاريخ‪ 2016/12/28 :‬ملف جنحي رقم‪.2016/17334 :‬‬
‫‪ )60‬ذ‪ .‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد للمسطرة الجنائية‪،‬ج ‪ 3‬ص ‪.189‬‬

‫‪42‬‬
‫تهمة ما من التهم التي يكون املطالب بالحق املدني بنى تدخله على التضرر منها إلى جانب غيرها‬
‫من التهم التي لم يتم اإلقتناع بها‪ ،‬فكان بذلك سببا بعدم املتابعة‪.‬‬
‫وفي ختام هذا الفصل نطرح إشكال تحريك الدعوى العمومية ضد املطالب بالحق‬
‫املدني في ذات القضية التي رفعها إلى قاض ي التحقيق للبحث فيها‪ ،‬وهل له ان يستأنف قرار‬
‫اإلتهام املوجه إليه؟‬
‫أجاب األستاذ إدريس طارق السباعي عن هذه اإلشكالية بقوله‪ " :61‬إلن كان املطالب‬
‫بالحق املدني يتمتع بعدة امتيازات أمام قاض ي التحقيق خاصة اإلستماع إليه دون يمين‬
‫قانونية‪ ،‬وبحضور محاميه ما لم يتنازل عن عن ذلك‪ ،‬وجعل امللف رهن إشارته لإلطالع‬
‫عليه‪ ،...‬فإن هذه اإلمتيازات ال يمكن أن يتحصن بها في مواجهة اتهامه إذا ما تبين من خالل‬
‫البحث أنه شارك أو ساهم في الجريمة التي يدعي أنه تضرر منها والتي يجري التحقيق في‬
‫شأنها‪ ،‬وبالتالي فإن إتهامه ال يزيل عنه صفة املطالب بالحق املدني التي تبقى قائمة إلى أن‬
‫تقول العدالة كلمتها في املوضوع‪.‬‬
‫وال يمكن القول بأن إتهامه هذا يمس مصالحه فيستأنف األمر القاض ي باتهامه‪" ،...‬‬
‫وقد أورد األستاذ السباعي في ذات السياق إجتهادا للغرفة الجنحية بفاس املتمثل في القرار‬
‫عدد‪ 80/85 :‬قضية عدد ‪ 80/278‬الذي جاء فيه‪ " 62‬وحيث إنه وعلى فرض أنه يوجد‬
‫هناك إجراء يقض ي بتوجيه اإلتهام إلى فالن فإن هذا اإلجراء غير قابل لإلستئناف سواء‬
‫بصفته متهما أو مطالبا بالحق املدني‪ ".‬وفي هذا الصدد نعتقد أن محكمة املوضوع متى ثبت‬
‫لها أن املطالب بالحق املدني قد ساهم أو شارك في الجريمة التي يدعي التضرر منها‪ ،‬فإنها‬
‫ستحكم برفض مطالبه إلنتفاء عنصر الضرر املباشر أصال‪ ،‬ألن مسؤولية هذا الضرر مع‬
‫فرض حدوثه تقع على عاتق الطرف املدني نفسه‪ ،‬هذا مع ما سيترتب عليه من حق النيابة‬
‫العامة بصفتها ممثلة للحق العام من تحريك الدعوى العمومية في حقه‪.‬‬

‫‪ )61‬ذ‪ .‬النيابة العامة وقضاء التحقيق‪،‬ط ‪ 1993‬ص ‪.138‬‬


‫‪ )62‬ذ‪ .‬إدريس طارق السباعي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪23‬‬
‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫اإلدعاء املدني أمام‬


‫قضاء احلكم‬
‫‪ -‬إجراءات اإلدعاء املدني أمام القضاء الزجري؛‬
‫‪ -‬اإلدعاء املدني أمام القضاء املدني‬
‫‪-‬‬

‫‪44‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫لقد أقر املشرع املغربي للمطالب بالحق املدني الحق في إقامة الدعوى املدنية للمطالبة‬
‫بالتعويض عن األضرار التي طالته مباشرة من الجريمة إلى جانب الدعوى العمومية املقامة‬
‫أمام القضاء الزجري‪ ،‬لكن هذا الحق االستثنائي ال يحرمه حق اللجوء إلى القضاء املدني‬
‫للمطالبة بالتعويض عن نفس الفعل‪ ،‬باعتبار أن القضاء املدني هو الجهة األصلية املختصة‬
‫بالنظر في املطالب املدنية‪ ،‬وهو ما يستشف من خالل تحليل املواد ‪ 9‬و ‪ 10‬و ‪ 11‬من قانون‬
‫املسطرة الجنائية‪ ،‬فقد جاء في املادة التاسعة أنه " يمكن إقامة الدعوى املدنية والدعوى‬
‫العمومية في آن واحد أمام املحكمة الزجرية املحال إليها الدعوى العمومية‪ ،‬تختص هذه‬
‫املحكمة سواء كان املسؤول عن الضرر شخصا ذاتيا أو معنويا خاضعا للقانون املدني‪ ،‬كما‬
‫تختص بالنظر في القضايا املنسوبة ألشخاص القانون العام في حالة ما إذا كانت دعوى‬
‫املسؤولية ناتجة عن ضرر تسببت فيه وسيلة من وسائل النقل‪".‬‬
‫فانطالقا من املادة ‪ 9‬املذكورة فيمكن إقامة الدعوى املدنية للتعويض عن الضرر الناتج‬
‫عن الجريمة أمام املحكمة الزجرية املحال إليها الدعوى العمومية لنظرهما معا في آن‬
‫واحد‪،‬فإذا كانت الدعوى العمومية محمولة على سبب غير الجريمة املحالة إلى املحكمة‬
‫الزجرية‪ ،‬فإنه يتعين على هذه املحكمة أن تقض ي بعدم إختصاصها للنظر فيها‪ ،‬ويتعين‬
‫كذلك على املحكمة الزجرية أن تقض ي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى املدنية إذا كانت‬
‫الواقعة املرفوعة بها الدعوى العمومية ال تشكل جريمة‪.63‬‬
‫وفي هذا الصدد نص املشرع املصري بدوره في املادة ‪ 220‬من قانون اإلجراءات الجنائية‬
‫على أنه " يجوز رفع الدعوى املدنية مهما بلغت قيمتها بتعويض الضرر الناش يء عن الجريمة‬
‫أمام املحاكم الجنائية لنظرها مع الدعوى الجنائية"‪ ،‬لتؤكد محكمة النقض املصرية في ذات‬
‫السياق " أن عدم اختصاص املحكمة الجنائية بنظر الدعوى املدنية عن تعويض ضرر ليس‬
‫ناشئا عن الجريمة هو مما يتعلق بواليتها القضائية‪ ،‬فهو إذن من صميم النظام العام‪،‬‬
‫ويجب على املحكمة أن تحكم به ولو من تلقاء نفسها‪ ،‬ويجوز الدفع به في أية حالة تكون‬
‫‪64‬‬
‫عليها الدعوى ولو أمام محكمة النقض‪".‬‬
‫أما املادة ‪ 10‬من ق‪.‬م‪.‬ج املغربي‪ -‬التي تقابلها املادة ‪ 265‬من قانون اإلجراءات الجنائية‬
‫املصري‪ -‬فقد نصت على أن إمكانية إقامة الدعوى املدنية منفصلة عن الدعوى العمومية‬
‫‪ )63‬المستشار أنور العمروسي وذ‪ /‬ربيع خاطر‪ ،‬المرجع السابق ص ‪142‬‬
‫‪ )64‬نقض ‪ 1944/4/3‬في الطعن رقم ‪ 412‬لسنة ‪ 14‬ق‬

‫‪45‬‬
‫لدى املحكمة املدنية املختصة‪ ،‬غير أنه يجب أن توقف املحكمة املدنية البث في هذه الدعوى‬
‫إلى أن يصدر حكم نهائي في الدعوى العمومية إذا كانت قد تمت إقامتها‪ ،‬بمعنى أن األصل أن‬
‫تقام الدعوى املدنية ولو كانت ناتجة عن جريمة لدى املحكمة املدنية املختصة‪ ،‬وأن تقام‬
‫الدعوى العمومية أمام املحكمة الزجرية‪ ،‬واستثناء من األصل يمكن أن تقام الدعوى املدنية‬
‫الناتجة عن الجريمة أمام املحكمة الزجرية املحال عليها الدعوى العمومية‪ ،‬فإذا أقيمت‬
‫الدعوى املدنية لدى املحكمة املدنية وأقيمت الدعوى العمومية أمام املحكمة الزجرية فإنه‬
‫يجب على املحكمة املدنية أن توقف البت في الدعوى املدنية إلى أن يصدر حكم نهائي في‬
‫الدعوى العمومية بالنسبة لجميع املتهمين‪.‬وقد جاء في قرار ملحكمة النقض املغربية ما يلي‪":‬‬
‫إذا رفعت الدعوى املدنية منفصلة عن الدعوى العمومية كان على املحكمة املدنية أن ترجئ‬
‫النظر في الدعوى املدنية في انتظار البت النهائي في الدعوى العمومية – طبقا للمادة ‪- 10‬‬
‫‪،‬يعني البت النهائي الوارد في الفصل املذكور أن يفصل القضاء الجنائي في الدعوى العمومية‬
‫بصورة مبرمة حتى ال يقع تعارض بين الحكم الجنائي والحكم املدني الذي يعتمد عليه‪،‬‬
‫يتعرض للنقض قرار املحكمة التي رفضت ايقاف النظر في الدعوى املدنية إلى حين البت في‬
‫الطعن بالنقض في القرار الجنائي الذي بنت عليه قضاءها"‪.65‬‬
‫وباستقرائنا للمادة ‪ 11‬من قانون املسطرة الجنائية التي تنص على أنه‪ " :‬ال يجوز للطرف‬
‫املتضرر الذي أقام دعواه لدى املحكمة املدنية املختصة‪ ،‬أن يقيمها لدى املحكمة الزجرية‪،‬‬
‫غير أنه يجوز له ذلك إذا أحالت النيابة العامة الدعوى العمومية إلى املحكمة الزجرية قبل‬
‫أن تصدر املحكمة املدنية حكمها في املوضوع"‪ ،‬نستخلص أن أنه ال يمكن للمتضرر من‬
‫جريمة معينة‪ ،‬والذي أقام دعواه أمام املحكمة املدنية املختصة باجراءات صحيحة لم يشبها‬
‫بطالن يجول دون نظر هذه املحكمة لها‪ ،‬أن يقيم الدعويين العمومية واملدنية معا أمام‬
‫املحكمة الزجرية‪ ،‬غير أنه يمكنه التخلي عن دعواه املدنية متى أحالت النيابة العامة الدعوى‬
‫العمومية الى املحكمة الزجرية‪ ،‬وذلك قبل أن تصدر املحكمة املدنية حكمها في املوضوع‪،‬‬
‫ليقيم بذلك دعواه املدنية إلى جانب الدعوى العمومية املقامة من طرف النيابة العامة‪ .‬وقد‬
‫قضت محكمة النقض املصرية على أن " املستفاد من مفهوم املخالفة من نص املادة ‪264‬‬
‫من قانون اإلجراءات الجنائية أن املضرور من الجريمة ال يملك بعد رفع دعواه أمام القضاء‬
‫املدني للمطالبة بالتعويض أن يلجأ إلى الطريق الجنائي‪ ،‬إال إذا كانت الدعوى الجنائية قد‬

‫‪ )65‬قرار رقم‪ 2605 :‬بتاريخ‪ ،1985/10/30 :‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 39‬ص ‪.98‬‬

‫‪46‬‬
‫رفعت من النيابة العامة‪ ،‬فإذا لم تكن رفعت منها امتنع على املدعي بالحقوق املدنية رفعها‬
‫بالطريق املباشر‪ .‬ويشترط لسقوط حق املدعي بالحقوق املدنية في تحريك الدعوى الجنائية‬
‫‪66‬‬
‫في هذه الحالة إتحاد الدعويين في السبب والخصوم واملوضوع‪".‬‬
‫وقبل الدخول في صلب هذا الفصل‪ ،‬ارتأينا التطرق أوال إلى العلة أو الغاية من إقرار حق‬
‫املطالب بالحق املدني الخيار بين الطريقين املدني والجنائي‪ ،‬ثم الحديث عن مدى أحقيته في‬
‫التراجع عن خياره في النقطتين التاليتين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬علة الخيار بين الطريقين المدني والجنائي‬

‫لم يبسط املشرع الغاية من إقرار الخيار بين الطريقين املدني والجنائي املكفوالن للطرف‬
‫املدني بصيغة مباشرة‪،‬لكن يمكن استنباط ذلك من خالل الفهم العميق للنص‪ ،‬والعمل‬
‫القضائي‪ ،‬وقد ترك هذه املهمة للفقه الذي أدلى بدلوه في هذه النقطة‪ ،‬ومنهم الدكتور املغربي‬
‫محمد عياط الذي يرى ‪ 67‬أن املشرع املغربي قد عمل على إقرار هذا الحق وتنظيمه وتقييده‬
‫مراعاة لوحدة مصدر الضرر بين العام والخاص في هذا الصدد وهو الجريمة‪ ،‬كما قصد به‬
‫إدخال بعض املرونة على قاعدة مالئمة املتابعة التي تتحكم فيها النيابة العامة‪ ،‬فضال عن‬
‫تالفي تضارب األحكام فيما لو ترك أمر الفصل لجهتين قضائيتين مختلفتين‪ ،‬عالوة على‬
‫إستفادة املتضرر من سرعة وفعالية الطريق الزجري‪.‬‬
‫ومن جانبه يرى األستاذ األردني محمد صبحي نجم‪ 68‬أن إقرار حق الخيار املطالب بالحق‬
‫املدني يجعله إن هو إختار الطريق الجنائي اإلستفادة من أدلة اإلثبات التي تقدمها النيابة‬
‫العامة‪ ،‬ويغنيه ذلك عن إنفاق الجهد واملال في تحضير وتقديم دفوعه وأدلته الخاصة به‪،‬‬
‫عالوة على اإلستفادة التي يستمدها من السلطات الواسعة التي يتمتع بها القضاء الجنائي‬
‫مما يكفل له حسما سريعا للدعوى املدنية ويتفادى احتمال أن يصدر الحكم في الدعوى‬
‫الجنائية أوال فيتقيد به القاض ي املدني الذي ينظر الدعوى املدنية فيما بعد‪ ،‬وقد يطول ذلك‬
‫في غير مصلحته لعدم إتاحة الفرصة له لعرض وجهة نظره على القاض ي الجنائي‪ .‬ومن‬
‫اإلعتبارات التي سردها أيضا ذ محمد صبحي نجم ما يتصل باملصلحة العامة للمجتمع‪ ،‬فقد‬

‫‪ )66‬نقض رقم‪ 773 :‬بتاريخ ‪ 1991/12/24‬لسنة ‪ 59‬ق‪.‬‬


‫‪)67‬كتاب حول المؤتمر الثالث للجمعية المصرية للقانون الجنائي حول حقوق المجني عليه في اإلجراءات الجنائية المنعقد بالقاهرة‬
‫أيام ‪ 14-13-12‬مارس ‪ ،1989‬نشر دار النهضة العربية سنة ‪ ،1990‬موضوع حقوق المجني عليه في القانون المغربي في نطاق‬
‫الدعوى المدنية التابعة‪ ،‬ص ‪.329‬‬
‫‪ )68‬المرجع السابق ص ‪ 160‬و ‪161‬‬

‫‪47‬‬
‫تكون مصلحته في املالحقة واإلتهام فإقامة هذه الدعوى هو أسلوب اإلدعاء املباشر الذي‬
‫يكفل تحريك الدعوى الجنائية إذا تقاعست النيابة العامة‪ ،‬ويستفيد املجتمع من انضمام‬
‫املدعي املدني إلى النيابة العامة وامداده لها بما لديه من أدلة ودفوع اتهام تدعم سلطة اإلتهام‬
‫أمام القضاء بحيث تعرض الدعوى عرضا كامال أمام املحكمة فيكون القاض ي الجنائي قد‬
‫تعرف على العناصر والوقائع املشتركة بين الدعويين الجنائية واملدنية فتصبح لديه الخبرة‬
‫والقدرة عن أي قاض آخر للفصل في الدعوى املدنية املرتبطة مع الدعوى الجنائية فيتحقق‬
‫بذلك مصلحة املجتمع في فعالية العقاب وفي تفادي أي احتمال لتناقض األحكام‪.‬‬
‫وإلى جانب ما بسطه األستاذان الفاضالن أعاله حول مزايا رفع الدعوى املدنية أمام‬
‫القضاء الزجري‪ ،‬فنعتقد أن من أهم الغايات التي أقرها املشرع من خالل إتاحة ممارسة‬
‫الدعوى املدنية التابعة أمام جهتين قضائيتين هو حماية حقوق املتضرر من الضياع متى‬
‫فاتته فرصة اإلنضمام إلى الدعوى الجنائية القائمة أمام القضاء الزجري‪ ،‬ألنه من املالحظ‬
‫عمليا أن العديد من املتضررين وهم يقدمون شكاياتهم إلى الجهة املختصة وتحريك الدعوى‬
‫العمومية بعدها بإحالة امللف على املحكمة‪ ،‬يعتقدون أن حضورهم واإلستماع إليهم –‬
‫بصفتهم مشتكين أو مصرحين بعد أدائهم لليمين القانونية‪ -‬كفيل لوحده بحصولهم على‬
‫التعويضات املرممة لألضرار التي طالتهم‪ ،‬إلى أن يفاجأوا بالبث في الدعوى العمومية وحدها‪،‬‬
‫ويتعذر عليهم بالتالي تدارك األمر في املرحلة التالية لعدم تنصبهم بصفة قانونية منذ البداية‬
‫ولعدم توفرهم على محام كان سيقيم الدعوى على أساس قانونيي منذ إنطالقتها األولى‪ ،‬وقد‬
‫يعتقد البعض منهم أن باب الحصول على التعويض قد أغلق في وجههم بصفة نهائية‪ ،‬لكن‬
‫إتاحة الفرصة لرفع دعواهم أمام القضاء املدني باعتباره الجهة األصليه يجعل من حقوقهم‬
‫في صيانة تامة من الضياع بعد ثبوث الفعل الجرمي للقضاء الزجري طبعا‪.‬‬
‫ويبقى في نظرنا رفع الدعوى املدنية التابعة أمام القضاء الزجري أفضل الخيارين‬
‫وأنجعهما ‪ ،‬فمن املميزات أيضا إمكانية الطعن من طرف املطالب بالحق املدني لوحده ضد‬
‫القرار الزجري القاض ي بالبراءة وبعدم اإلختصاص في املطالب املدنية ‪ ،‬ألن املادة ‪ 410‬من‬
‫قانون املسطرة الجنائية أعطت الصالحية للغرفة الزجرية االستئنافية لتتحول إلى غرفة‬
‫مدنية لها أن تبث في املطالب املدنية متى ثبت لديها وجود الضرر‪ ،‬بالرغم من اكتساب‬
‫الدعوى العمومية صبغة النهائية بعدم استئناف النيابة العام لها‪ ،‬وفي هذا الصدد قضت‬
‫محكمة النقض بما يلي‪ " :‬ملا كان املطالب بالحق املدني هو وحده الذي استأنف الحكم‬

‫‪48‬‬
‫اإلبتدائي فإن نظر محكمة اإلستئناف يقتصر على ما ورد في صك هذا اإلستئناف وال يتعداه‬
‫إلى الدعوى العمومية التي أصبحت نهائية لعدم الطعن فيها من املتهم أو النيابة العامة"‪.69‬‬
‫ثانيا‪ :‬مدى أحقية المطالب بالحق المدني في التراجع عن خياره‬

‫باستقراء مواد املسطرة الجنائية سنجد أن من حق املطالب بالحق املدني العدول عن‬
‫خياره الذي إختاره في إقامة دعواه للمطالبة بالتعويضات املدنية‪ ،‬غير أن من الفقه‪ 70‬من‬
‫اعتبر هذا الحق ليس مطلقا ولم يترك ملحض إرادة املتضرر يختار كيف يشاء وأنى شاء‬
‫للطريق الذي يراه محققا ملصلحته ‪ ،‬فإذا كان من حق املطالب بالحق املدني ترك دعواه أمام‬
‫القضاء الزجري قصد اللجوء إلى القضاء املدني باعتباره الجهة األصلية للنظر في هذا النوع‬
‫من الدعاوى وذلك دون أي قيد‪ ،‬فإن تركه لهذه الدعوى أمام القضاء املدني لإلنضمام إلى‬
‫الدعوى العمومية املقامة أمام القضاء الزجري لإلستفادة من املميزات اإلستثنائية املخولة‬
‫بمقتض ى املسطرة الجنائية خاضع وفق املادة ‪ 11‬من ق‪.‬م‪.‬ج لشرطين أساسين هما‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تكون النيابة العامة هي من حركت الدعوى العمومية وليس املطالب بالحق‬
‫املدني؛‬
‫‪ .2‬أن تكون املحكمة املدنية التي رفعت إليها دعوى املطالبة املدنية لم تصدر حكما‬
‫نهائيا في املوضوع‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار أكدت محكمة اإلستئناف بطنجة على أنه ‪ " :‬ال يحق للمطالب بالحق‬
‫املدني أن يقدم طلباته من جديد أمام املحكمة الزجرية بعد سبق حصوله على حقوقه أمام‬
‫املحكمة املدنية"‪.71‬‬
‫وباإلطالع على قانون اإلجراءات الليبي نجده بدوره يؤكد في املادة ‪ 235‬على أنه ال يرد‬
‫السقوط إال على حق االلتجاء إلى القضاء الجنائي‪ ،‬أما حق االلتجاء الى القضاء املدني ال‬
‫يسقط بوصفه حقا أصيال‪ .‬وإن لجأ أوال إلى القضاء الجنائي‪ .‬ليحدد في املادة ‪ 237‬شروط‬
‫سقوط حق خيار اللجوء إلى القضاء الجنائي كما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬أن يكون املضرور قد رفع دعوى التعويض فعال أمام املحكمة املدنية ‪ :‬وهي تعد كذلك‬
‫بإعالن صحيفة التكليف بالحضور إعالنا صحيحا الى املدعى عليه‪ ،‬أما قبل ذلك فال يعد‬

‫‪ )69‬قرار عدد ‪ 88‬بتاريخ ‪ 1982/02/04‬منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى –المادة الجنائية ج‪ ،1‬ص ‪ 218‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ )70‬ذ عبد الواحد العلمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪262‬و ‪263‬‬
‫‪ )71‬قرار عدد ‪ 16/903425‬بتاريخ ‪ 1990/07/17‬ملف رقم ‪ 16/902597‬منشور بمجلة الندوة عدد‪ ،12‬ص ‪ 86‬وما يليها‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫إعالنا‪ ،‬لكن إذا حكمت املحكمة املدنية بعدم االختصاص يزيل الدعوى ويعود للمضرور‬
‫حق الخيار‪.‬‬
‫أن تكون الدعوى الجنائية قد رفعت قبل التجاء املضرور الى املحكمة املدنية ‪ :‬فالذي‬ ‫‪.2‬‬
‫يثبت حق الخيار بين الطريقين رفع الدعوى الجنائية الى القضاء الجنائي ‪ ،‬وعكسه‬
‫انتفاء ثبوت الخيار‪ .‬أما سبق رفع الدعوى املدنية إلى القضاء املدني فهذا يجعل بوسع‬
‫املدعي املدني تركها أمام القضاء املدني وااللتجاء إلى القضاء الجنائي للمطالبة بحقه في‬
‫التعويض عن ضرر الجريمة ‪.‬‬
‫وحدة الدعويين خصوما وسببا وموضوعا ‪ :‬أي أنه يتعين أن تكون الدعوى التي يراد‬ ‫‪.3‬‬
‫رفعها الى املحكمة الجنائية هي ذات الدعوى التي رفعت الى املحكمة املدنية‪ ،‬فإذا اختلف‬
‫سبب أو موضوع أو خصوم الدعويان ظل الطريق الجنائي مفتوحا أمام املضرور‪.‬‬
‫أن يكون املضرور عاملا بقيام حقه في اللجوء إلى القضاء الجنائي ‪ :‬وذلك وقت رفع دعوى‬ ‫‪.4‬‬
‫التعويض الى املحكمة املدنية‪ ،‬وال يشتمل القانون على نص يستوجب العلم ‪ ،‬ولكنه‬
‫يشترط لزومه ‪ ،‬وتعليل لزومه أن سقوط الخيار مبني على قرينة التنازل ‪ ،‬وهي تنتفي‬
‫عقال إذا جهل املضرور ثبوت حقه في الخيار‪ .‬شريطة أن يقيم الدليل على ما وقع فيه من‬
‫خطأ إذا تمسك املدعي عليه بسقوط حقه ‪.‬‬
‫أن يدفع املدعي عليه بعدم قبول الدعوى املدنية لسقوط الحق في رفعها أمام القضاء‬ ‫‪.5‬‬
‫الجنائي ‪ :‬وهو دفع ال يتعلق بالنظام العام‪ ،‬بل بمصلحة الخصوم النقطاع الصلة بينه‬
‫وبين اختصاص املحكمة الجنائية ‪ ،‬ووقت الدفع هو قبل الدخول في موضوع الدعوى‬
‫وإال سقط الحق في التمسك به ‪ ،‬ويتوجب فصل املحكمة في موضوع الدعوى املدنية‬
‫التابعة ‪.‬‬

‫بعد هذه املقدمة التي تناولنا فيها خيار الطرف املتضرر من الجريمة من رفع دعواه أمام‬
‫القضاء املدني باعتباره الجهة األصل‪ ،‬أو أمام القضاء الزجري كاستثناء مقرر قانونا وما يقيد‬
‫هذا الخيار من شروط‪ ،‬سنحاول تناول هذا الفصل من خالل مبحثين أساسين نخصص‬
‫األول للدعوى املدنية التابعة أمام القضاء الزجري‪ ،‬والثاني بإقامة الدعوى املدنية التابعة‬
‫أمام القضاء املدني‪:‬‬

‫‪50‬‬
‫املبحث األول‪ :‬الدعوى املدنية التابعة أمام القضاء الزجري‬
‫تعتبر مرحلة املحاكمة في الدعوى الجنائية فترة تداول تلك الدعوى بالجلسات أمام‬
‫املحكمة الجنائية من بداية انعقاد الخصومة فيها وحتى تاريخ صدور قرار املحكمة بإقفال‬
‫باب املرافعة في الدعوى‪ ،‬ووجوب انعقاد الخصومة في مرحلة املحاكمة الجنائية هو شرط‬
‫الزم لقبول اإلدعاء املدني في تلك الدعوى وإذا لم تنعقد الخصومة لعيب يبطل اإلجراء‪،‬‬
‫كعدم تقديم الشكوى أو اإلذن أو الطلب الذي استلزم القانون تقديمه أو إذا أحيلت‬
‫الدعوى إلى محكمة غير مختصة‪ ،‬ففي كل هذه الحاالت تكون الدعوى املدنية غير مقبولة‬
‫أمام املحكمة الجنائية‪.72‬‬
‫ويقصد باإلدعاء املدني في مرحلة املحاكمة تدخل املضرور من الجريمة في الدعوى‬
‫الجنائية أثناء تداولها أمام املحكمة الجنائية وذلك للمطالبة بالتعويض الجابر للضرر‬
‫الشخص ي املباشر واملحقق الوقوع حاال أو استقباال والذي لحق به من جراء الفعل املكون‬
‫للجرم‪ ،‬والذي تختص املحكمة الجنائية بالفصل فيه‪ ،‬سواء كانت الدعوى الجنائية قد‬
‫أحيلت إليها من النيابة العامة أو سلطة التحقيق أو كانت قد حركت من جانب املدعي‬
‫املدني‪.73‬‬
‫سنقسم هذا املبحث إلى أربع مطالب أساسية نتطرق في األول إلى شروط إختصاص‬
‫القضاء الزجري بالدعوى املدنية التابعة‪ ،‬ثم إلى آثار قبول الدعوى املدنية التابعة أمام‬
‫القضاء الزجري في املطلب الثاني‪،‬ثم إجراءات هذه الدعوى أمام القضاء الزجري في املطلب‬
‫الثالث‪ ،‬قبل أن نعرج إلى الحديث عن الحكم في الدعوى املدنية التابعة في املطلب الرابع‪،‬‬
‫على أن نختم بطرق الطعن فيها في املطلب الخامس‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬شروط إختصاص القضاء الزجري بالدعوى المدنية التابعة‬
‫تختص املحكمة الجنائية أساسا بالنظر في الدعوى العمومية‪ ،‬واختصاصها بالنظر في‬
‫الدعوى املدنية إختصاص تبعي بسبب الجريمة التي أقيمت الدعوى العمومية بناء عليها‪،‬‬
‫وحتى تختص املحكمة الزجرية بالنظر في الدعوى املدنية التابعة ال بد من توفر مجموعة من‬
‫الشروط األساسية والتي نحددها في الفقرات التالية‪:‬‬

‫‪ )72‬فايز السيد اللمساوي وأشرف فايز اللمساوي‪ ،‬اإلدعاء المدني أمام القضاء الجنائي‪،‬ط‪ 1‬س ‪ ،2009‬ص ‪133‬‬
‫‪ )73‬فايز السيد اللمساوي وأشرف فايز اللمساوي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.135‬‬

‫‪51‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬وقوع جريمة من المتهم‬
‫يشترط الختصاص املحاكم الجنائية بالدعوى املدنية أن يكون سببها الضرر الناش ئ‬
‫مباشرة عن فعل إجرام مطروح أمام املحكمة الجنائية‪ ،‬فإذا كان الفعل الذي سبب الضرر‬
‫ال يشكل في القانون جريمة‪ 74‬فإنه يعد فعال غير مشروع من الناحية املدنية وحدها وال يكون‬
‫للمحاكم الجنائية اختصاص بنظر دعوى التعويض عنه وإنما يكون اإلختصاص للمحاكم‬
‫املدنية وحدها‪ .‬وعلى هذا األساس ال يكون للقضاء الجنائي اختصاص إال إذا كان الضرر قد‬
‫نشأ مباشرة عن جريمة وقعت من املتهم ومستكملة لركنيها املادي واملعنوي ولو كان املتهم غير‬
‫مسؤول جنائيا أو توفر له مانع من موانع العقاب‪.75‬‬

‫وقد نص املشرع املغربي في هذا اإلطار في املادة ‪ 389‬من قانون املسطرة الجنائية على أنه‪:‬‬
‫" إذا تبين أن املتهم لم يرتكب الفعل أو أن الفعل ال يكون مخالفة للقانون الجنائي‪ ،‬فإن‬
‫املحكمة تصدر حكما بالبراءة‪ ،‬وتصرح بعدم اختصاصها للبث في الدعوى املدنية‪ ،‬وتبث عند‬
‫اإلقتضاء في رد ما يمكن رده‪....‬إذا كان املتهم يستفيد من من عذر يعفي من العقوبة فإن‬
‫املحكمة تقرر إعفاءه‪ ،‬لكنها تبقى مختصة للبث في الدعوى املدنية"‪ .‬وبخصوصه قضت‬
‫محكمة النقض على أن " األساس القانون للحكم بالتعويض على املطالب بالحق املدني هو‬
‫الفصل ‪ 381‬من ق‪.‬م‪.‬ج الذي ينص على أنه إذا كان الفعل غير منسوب إلى املتهم أو لم تكن‬
‫له صفة مخالفة للقانون الجنائي فإن املحكمة تصدر حكما بالبراءة وتبث بموجب نفس‬
‫الحكم – إن اقتض ى الحال‪ -‬في مطالبة التعويض عن الضرر التي يقدمها املتهم ضد املطالب‬
‫بالحق املدني"‪.76‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬وجود ضرر الحق بالمطالب بالحق المدني‬
‫ال يكفي وقوع جريمة تنظر فيها املحكمة الزجرية بحكم اإلختصاص للقول بإمكانية رفع‬
‫الدعوى املدنية إليها‪ ،‬لكن وجب أن ينتج عن هذه الجريمة ضرر لحق املطالب بالحق املدني‬
‫بصفة مباشرة‪ ،‬وال يمكن والحالة هته الركون إلى الضرر واالضطراب االجتماعي الذي تسببت‬
‫‪ )74‬وهو المبدأ المعبر عنه بشرعية الجرائم وعقوباتها‪ ،‬أو يعبر عنه بمبدأ ال جريمة وال عقوبة إال بنص‪ ،‬وهو المبدأ المستمد من‬
‫الشرية اإلسالمية في اآلية الكريمة‪ " :‬وما كنا معظبين حتى نبعث رسوال" اآلية ‪ 51‬من سورة اإلسراء‪ ،‬وقد نص الفصل ‪ 3‬من‬
‫القانون الجنائي المغربي على أنه‪ ":‬ال يسوغ مؤاخذة أحد على فعل ال يعد جريمة بصريح القانون وال معاقبته بعقوبات لم يقرر ها‬
‫القانون"‪ ،‬وهو المبدأ الذي كرسه المشرع المغربي كقاعدة دستورية في الفصل ‪.23‬‬
‫‪ )75‬أحمد المهدي وأشرف شافعى ‪ :‬إجراءات اإلدعاء المباشر واآلثار المترتبة على تحريك الدعوى المباشرة‪ ،‬ط ‪،2010‬ص ‪112‬‬
‫‪ )76‬قرار عدد ‪ 3451‬بتاريخ ‪ 1986/4/24‬ملف جنحي رقم ‪ ،84/16324‬منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة‬
‫الجنائية ‪،‬ج‪ ،2‬ص ‪ 158‬وما يليها‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫فيه الجريمة باعتبار املتضرر فرد من هذه املنظومة االجتماعية املتضررة‪ ،‬وهو ما أكدته‬
‫محكمة النقض املصرية في أحد اجتهاداتها التي خلصت فيها إلى أن " القلق واالضطراب الذي‬
‫يتولد عن الجريمة لدى أحد املواطنين ال يجوز اإلدعاء به مدنيا أمام املحكمة الجنائية"‪.77‬‬

‫والضرر كما عرفه الدكتور خالد مصطفى فهمي‪ 78‬هو‪ :‬كل أذى يصيب الشخص في‬
‫نفسه أو ماله أو في مصلحة مشروعة له بدون وجه حق‪،‬لذا كان لزاما أن يكون الضرر‬
‫الحاصل للمطالب بالحق املدني جراء الفعل الجرمي ضررا مباشرا ومؤكدا سواء كان ماديا أو‬
‫معنويا‪ ،‬وفي هذا الصدد يذهب بعض الفقه‪ 79‬إلى القول بأن الضرر الذي ينجم عن الجريمة‬
‫ويصلح أساسا للمطالبة بالتعويض عنه أمام املحاكم الجنائية يمكن أن يكون ضررا ماديا‬
‫أي يصيب بأذاه املضرور في ذمته املالية‪ ،‬ويمكن أن يكون أدبيا محضا ينصب أذاه على شرف‬
‫املضرور أو سمعته أو اعتباره أو ينحصر في مجرد إيالم شعوره وعواطفه‪.‬أما الضرر‬
‫اإلحتمالي وهو الضرر الذي لم يقع ولكنه قد يقع في املستقبل فال هو مؤكد الوقوع وال هو‬
‫مقطوع بعدم وقوعه وإنما هو بين األمرين محتمل‪ ،‬فهو ضرر ال يصلح أساسا لدعوى‬
‫التعويض وإلنما ينبغي دائما انتظار وقوعه حقيقة وفعال‪.‬‬
‫وقد يعمد املطالب بالحق املدني في التوسع في مفهوم الضرر الذي لحقه ليشمل مطالب‬
‫أخرى‪ ،‬وطبعا يبقى ذلك من صالحية املحكمة التي لها أن تقدر ما إن كان يدخل ضمن مفهوم‬
‫املادة ‪ 7‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬ومن العمل القضائي الذي وقفنا عليه ما طالبت به شركة تأمين‬
‫باسترداد مبالغ مالية كانت قد أدتها للمتضررين نيابة عن املتهم في قضية تتعلق بحادثة سير‪،‬‬
‫حيث اعتبرت أن فتح املتابعة بخصوص جناية القتل العمد جعل من دفعها للتعويضات‬
‫سابق ألوانه‪ ،‬فانضمت إلى الدعوى الجنائية في إطار الدعوى املدنية التابعة طالبة استرجاع‬
‫هذه املبالغ‪ ،‬وقضت محكمة املوضوع برفض الطلب بعلة أنها غير متضررة بصفة مباشرة‬
‫من الجريمة‪ ،‬وقد أيدت محكمة النقض هذا التوجه بقولها‪ " :‬حيث إنه ملا كان املقرر قانونا‬
‫أن الحق في إقامة الدعوى املدنية استثناء أمام املحكمة الزجرية لكل من تعرض شخصيا‬
‫لضرر جسماني أو مادي أو معنوي تسببت فيه الجريمة مباشرة‪ ،‬وكان الظاهر من أوراق‬
‫امللف أن الطاعنة ترمي من وراء طلبها إلى استرداد ما دفعته من تعويض للمتضررين نيابة‬
‫عن املتهم ‪ ،‬وليس من أجل املطالبة بتعويض عن ضرر أصابها مباشرة من الجريمة فإن‬

‫‪ )77‬نقض ‪ 1955/02/22‬احكام النقض س ق ‪ 179‬ص ‪.545‬‬


‫‪ )78‬تعويض المضرورين من األعمال االرهابية – دراسة مقارنة‪ -‬ط ‪ ،1‬س ‪ ،2011‬ص ‪.30‬‬
‫‪ )79‬أحمد المهدي وأشرف شافعى ‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.116‬‬

‫‪53‬‬
‫املحكمة مصدرة القرار املطعون فيه إن كانت ما ساقته من تعليل ال يستقيم واملبدأ املذكور‬
‫فإن ما انتهت إليه من نتيجة يبقى مطابقا للقانون مما يجعل الوسيلة على ما هي عليه غير‬
‫مبنية على أساس قانوني سليم‪ ،‬ألجله قضت برفض الطلب"‪.80‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬أن تكون الدعوى العمومية قائمة ومقبولة أمام المحكمة الزجرية‬
‫المرفوعة إليها‬
‫وهذا أمر بديهي لكون الدعوى املدنية التابعة تابعة للدعوى العمومية التي تعتبر األصل‪،‬‬
‫وعدم قبول األصل يستتبع عدم قبول الفرع‪ ،‬وذلك كأن ترفع الدعوى أمام محكمة زجرية‬
‫غير مختصة نوعيا بالجريمة املنظور فيها‪ ،‬وبالتالي وجب أن تكون الدعوى العمومية مقبولة‬
‫أوال أمام املحكمة الزجرية حتى يمكن قبول تدخل املضرور كمطالب بالحق املدني‪.‬‬

‫في هذا اإلطار قضت محكمة اإلستئناف بورزازات في قرار لها رقم ‪ 45‬بتاريخ‪:‬‬
‫‪ 2015/04/07‬ملف جنائي رقم‪ " : 2015/63 :‬حيث إنه باستثناء املتهم املدان‪ ،‬فإنه ال توجد‬
‫أية دعوى عمومية جارية أمام هذه املحكمة ضد باقي املدخلين‪ ،‬واملعلوم قانونا أن مناط‬
‫اختصاص املحكمة الزجرية للبث في الدعوى املدنية التابعة مرتبط بقيام دعوى عمومية‬
‫ضد املتسبب في الضرر أمامها‪ ،‬مما يتعين معه التصريح بعدم اإلختصاص للبث في هذه‬
‫املطالب املدنية"‪( .‬غير منشور)‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آثار قبول الدعوى المدنية التابعة أمام القضاء الزجري‬
‫إن مناط الدعوى املدنية هو الضرر‪ ،‬فكل شخص ادعى أنه تضرر من جريمة يمكنه أن‬
‫يتقدم بصفته طرفا مدنيا أمام هيئة الحكم وفق مقتضيات املادة ‪ 348‬من قانون املسطرة‬
‫الجنائية‪ ،‬والضرر الذي يترتب عن الجريمة يكون إما ضررا جسمانيا أو ماديا أو معنويا‬
‫حسب ما جاء في املادة ‪ 7‬من نفس القانون‪ ،81‬ومتى توفرت هذه الشروط وكنا أمام جهة‬
‫زجرية مختصة للنظر في الدعوى املدنية التابعة فإن ذلك ينتج مجموعة من اآلثار التي‬
‫سنتطرق إليها في الفقرات التالية‪:‬‬

‫‪ )80‬قرار عدد ‪ 5/640‬بتاريخ‪ 2017/06/07 :‬ملف جنائي رقم‪.2016-5-6-23637 :‬‬


‫‪ )81‬وقد نصت المادة ‪ 9‬من القانون ‪ 108.13‬المتعلق بالقضاء العسكري على نفس المبدأ حيث أكدت على أنه‪ " :‬يمكن لكل من تضرر مباشرة‬
‫من جريمة تختص المحكمة العسكرية بالنظر فيها أن ينتصب طرفا مدنيا أمام هذه المحكمة‪ ...‬تسري على المطالبة بالحق المدني األحكام‬
‫المنصوص عليها في القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية في كل ما لم يرد به حكم في هذا القانون"‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المطالب بالحق المدني طرف في الدعوى‬
‫يصبح املطالب بالحق املدني طرفا في الخصومة الجنائية‪ ،‬ونظرا لهذه الصفة‬
‫ولخصوصيات الدعوى املدنية التابعة للدعوى العمومية‪ ،‬تصبح له حقوق تكاد تكون موازية‬
‫لحقوق املتهم‪ ،‬بحيث يتعين إعالمه باإلجراءات املتخذة‪ ،‬وقد أشارت املادة ‪ 96‬من قانون‬
‫املسطرة الجنائية إلى أن الطرف املدني الذي لم يختر موطنا بدائرة نفوذ املحكمة التي يجري‬
‫فيها التحقيق‪ ،‬ال يمكنه الدفع بعدم تبليغه اإلجراءات التي كان يجب تبليغها إليه بمقتض ى‬
‫القانون‪.82‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عدم خضوع المطالب المدنية ألداء الرسوم القضائية‬


‫فاملطالب املدنية معفاة من أداء الرسوم القضائية سواء قدمت بصورة شفوية بالجلسة‬
‫أو على شكل مذكرة‪ ،‬وال يطلب من املتضرر إال أداء القسط الجزافي املنصوص عليه في املادة‬
‫‪ 50‬من القانون رقم‪ 86.23 :‬املتعلق بتنظيم املصاريف في املادة الجنائية والتي جاء فيها‪" :‬‬
‫تشمل املصاريف في كل قضية جنائية قسطا جزافيا مبلغه‪:‬‬

‫‪ 30 .1‬درهما أمام املحاكم اإلبتدائية في قضايا املخالفات؛‬


‫‪ 100 .2‬درهم أمام املحاكم اإلبتدائية في القضايا الجنحية؛‬
‫‪ 500 .3‬درهم أمام الغرف الجنائية ملحاكم اإلستئناف وأمام جميع املحاكم الجزائية‬
‫األخرى وال سيما املحكمة العسكرية‪" ..‬‬
‫وفي هذا الصدد وجب التمييز بين حالتين هما‪ :‬إما أن يكون املطالب بالحق املدني هو‬
‫الذي أثار الدعوى‪ ،‬وإما أن يتدخل في دعوى تقدمت إثارتها من طرف النيابة العامة‪ 83‬كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬المطالب بالحق المدني مثير للدعوى بصفة مباشرة‬

‫إن الشخص الذي يرفع قضيته مباشرة إلى قاض ي التحقيق أو إلى املحكمة ملزم بأن‬
‫يودع بصندوق كتابة الضبط املبلغ املفترض أنه ضروري لتسديد جميع اإلجراءات وإال كانت‬
‫دعواه غير مقبولة وذلك ما لم يكن متمتعا باملساعدة القضائية‪.‬‬

‫‪ )82‬شرح وزارة العدل لقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء ‪ ،2‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ط ‪،5‬ص ‪.100‬‬
‫‪ )83‬رسالة دورية صادرة عن وزير العدل تحت رقم‪ 988 :‬بتاريخ ‪ 27‬أبريل ‪ 1987‬حول تطبيق القانون رقم ‪ 23.86‬المتعلق بتنظيم‬
‫المصاريف القضائية في الميدان الجنائي‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫ويمكن املطالبة بإيداع مبلغ تكميلي كلما تبين أثناء إجراءات التحقيق أو أمام هيئة‬
‫الحكم أن املبلغ األول لم يعد كافيا ملواجهة املصاريف‪ ،‬ويحدد مبلغ اإليداع الذي يشمل‬
‫القسط الجزافي املنصوص عليه في الفصل ‪ – 50‬من القانون املتعلق بتنظيم املصاريف في‬
‫امليدان الجنائي‪ -‬من طرف السيد قاض ي التحقيق بمجرد ما ترفع إليه الشكاية أو من طرف‬
‫املحكمة خالل أول جلسة تدرج فيها القضية في حالة اإلستدعاء املباشر‪.‬‬
‫كما يتعين عليه أن يودي زيادة على مبلغ اإليداع‪،‬مبلغ الرسم القضائي الذي كان عليه أن‬
‫يدفعه لو رفع الدعوى إلى املحكمة املدنية وإال اعتبر طلبه غير مقبول‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تدخل المطالب بالحق المدني في الدعوى‬

‫متابعة ح َّركتها النيابة العامة‪ ،‬ال يفترض عليه أداء الرسم‬


‫ٍ‬ ‫إن املتدخل أثناء الجلسة في‬
‫القضائي الذي يستوفيه الخازن العام من املحكوم عليهم بأداء املصاريف وال يفرض عليه أي‬
‫إيداع مسبق‪ ،‬لكنه ملزم بإيداع مبلغ يساوي القسط الجزافي املحدد في الفصل ‪ 50‬حسب‬
‫املحكمة وطريقة الطعن‪ ،‬وإال فال يقبل طلبه ما لم يكن مستفيدا من املساعدة القضائية‬
‫(الفصل ‪.)56‬‬
‫ومن العمل القضائي ملحاكم املوضوع في هذا اإلطار ما ذهبت إليه محكمة اإلستئناف‬
‫بمراكش في قرارها املؤرخ في ‪ 15‬مارس ‪ 1988‬تحت رقم‪ 1944 :‬في امللف الجنحي عدد‪:‬‬
‫‪ " :84 87/1406‬على املحكمة اإلبتدائية أن تنذر املطالب بالحق املدني إليداع املبلغ الجزافي‬
‫املترتب عن مطالبه املدنية"‪.‬‬
‫أما محكمة النقض فقد أكدت على أن " املطالب بالحق املدني في قضية حركت املتابعة‬
‫فيها النيابة العامة‪ ،‬واملتمتع باملساعدة القضائية‪ ،‬ال يكون ملزما بإيداع القسط الجزافي‬
‫املحدد في الفصل ‪ 50‬من نفس الظهير"‪.85‬‬
‫وإذا كانت املادة ‪ 50‬سالفة الذكر قد أكدت على إضافة مبلغ آخر متى تم إستئناف‬
‫الحكم من خالل إضافة مبلغ ‪ 50‬درهم بالنسبة لقضايا املخالفات‪ ،‬و‪ 100‬درهم في القضايا‬
‫الجنحية‪ ،‬فاملالحظ أنه صمت عن القضايا الجنائية‪ ،‬ليطرح التساؤل هل على املطالب‬
‫بالحق املدني دفع قسط جزافي آخر محدد في ‪ 500‬درهم حالة استئناف القرار أمام الغرفة‬
‫الجنائية اإلستئنافية أم أن القسط األول ٍ‬
‫كاف ويمكن اإلعتداد به في املرحلة املوالية؟‬

‫‪ )84‬م نشور بمجلة المحامي عدد ‪ 12‬ص ‪ 117‬وما يليها‬


‫‪ )85‬قرار عدد ‪ 1/1379‬بتاريخ‪ 2000/07/05 :‬ملف جنائي رقم‪ ،23525:‬منشور بمجلة المعيار عدد ‪ 27‬ص ‪ 156‬وما يليها‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫جوابا على هذا السؤال أكدت محكمة النقض على أنه ال يؤدى أمام غرف الجنايات‬
‫اإلبتدائية وغرف الجنايات اإلستئنافية إال قسط جزافي واحد شامل للمرحلتين معا ومن‬
‫حيثيات هذا القرار ‪ " :‬وحيث أن املحكمة املطعون في قرارها ملا قضت بعدم قبول استئناف‬
‫العارضين بصفتهم مطالبين بالحق املدني استندت في ذلك على عدم أدائهم الرسم الجزافي‬
‫عن استئنافهم‪ .‬وحيث إن القسط الواجب أداؤه أمام الغرف الجنائية ملحاكم اإلستئناف‬
‫طبقا للفقرة الثالثة من املادة ‪ 50‬املشار إليه هو القسط الجزافي الذي يتعين أداؤه أمام‬
‫الغرف املذكورة وهي تنظر في الدعاوي الجنائية‪ .‬وحيث إن املحكمة املطعون في قرارها‬
‫بصفتها غرفة الجنايات اإلستئنافية – أي تنظر في القضايا الجنائية على وجه اإلستئناف‪-‬‬
‫واملحدثة بمقتض ى القانون رقم ‪ 22-01‬املتعلق باملسطرة الجنائية الصادر بتنفيذه الظهير‬
‫الشريف املؤرخ ‪ 03‬أكتوبر ‪ 2002‬والجاري العمل بمقتضاه ابتداء من فاتح أكتوبر ‪ ،2003‬ملا‬
‫اعتبرت أن استئناف العارضين عند عدم أداء الرسم الجزافي عنه غير مستوف لكافة‬
‫أوضاعه القانونية تكون قد أساءت تطبيق املادة ‪ 50‬املشار إليها أعاله‪ ،‬ولم تجعل أساسا‬
‫صحيحا من القانون الذي يتعين معه نقض قراراها املطعون فيه وابطاله" ‪.86‬‬
‫ونعتقد أن ما ذهبت إليه محكمة النقض مصادف للصواب‪ ،‬ألن املادة ‪ 50‬سالفة الذكر‬
‫إنما أشارت إلى غرف محاكم اإلستئناف ولم تشر إلى حالة استئناف القرار كما فعلت مع‬
‫القضايا الجنحية واملخالفات‪ ،‬وهو ما جعل بعض محاكم املوضوع تعتبر أن القسط الذي‬
‫أداه املطالب بالحق املدني أمام السيد قاض ي التحقيق كاف لإلعتداد به أمام الغرف‬
‫الجنائية في مرحلة املحاكمة‪ ،‬وقضت بأحقية استرجاع الطرف املدني ألحد القسطين الذين‬
‫أداهما تباعا أمام قاض ي التحقيق وأمام غرفة الجنايات‪ ،‬ومنه ما ذهبت إليه محكمة‬
‫اإلستئناف بورزازات في أحد أعمالها القضائية الذي جاء فيه‪ " :‬وحيث إن العارض يهدف‬
‫بطلبه إرجاع مبلغ القسط الجزافي‪ ...‬وحيث إن محكمة اإلستئناف اطلعت على كافة الوثائق‬
‫املتعل قة بالطلب وخاصة ملف التحقيق‪ ...‬وكذا امللف الجنائي اإلستئنافي‪...‬فتأكد لها بأن‬
‫الطالب قد أدى القسط الجزافي مرتين‪ .‬وحيث إنه واعتمادا على ما ذكر فإنه يتعين التصريح‬
‫بحق الطالب في استرجاع القسط الجزافي وقدره ‪ 500‬درهم"‪.87‬‬

‫‪ )86‬قرار عدد ‪ 5/1047‬بتاريخ ‪ 2005/06/08‬ملف جنحي رقم‪ 2004/16396-16402 :‬منشور بمجلة الملف عدد ‪ 8‬سنة ‪ 2006‬ص ‪.314‬‬
‫‪ )87‬قرار عدد ‪ 179‬بتاريخ ‪ 2015/09/28‬ملف غرفة المشورة رقم ‪.2015/126‬‬

‫‪57‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬حقوق الدفاع الخاصة بالمطالب بالحق المدني‬
‫يمكن للمطالب بالحق املدني تنصيب محام للدفاع عنه‪ ،‬يحضر معه منذ أول استماع‬
‫لتصريحاته كما أكدت على ذلك املادة ‪ 137‬من قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬ويستمر هذا الحق‬
‫أمام هيئة الحكم التي يمكن خالل رفع القضية إليها أن يستعين بمحام للمطالبة بحقوقه‪،‬‬
‫وذلك من خالل مرافعة األخير الشفوية وتدوينها بمحضر الجلسة من طرف كاتب الضبط‬
‫وما تضمنته من طلبات وملتمسات‪ ،‬أو من خالل مذكرة دفاعية مكتوبة‪ ،‬مع تبرير أداء‬
‫القسط الجزافي في كلتا الحالتين من خالل الوصل املثبت لذلك‪.‬‬

‫وبناء عليه فللمطالب بالحق املدني كامل الصالحية في اإلدالء بكل ما يراه مفيدا للعدالة‬
‫لتعزيز مركزه سواء عن طرق الشهادة أو الخبرة أو غير ذلك من وسائل اإلثبات‪ ،‬كما يحق له‬
‫مناقشة الحجج وتصريحات الخصوم في نطاق الحدود القانونية‪ ،‬كما للمحكمة أن تستمع‬
‫إليه كشاهد ولها كامل السلطة التقديرية في تقدير تلك التصريحات‪.88‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬إمكانية رفع الدعوى المدنية في سائر مراحل المسطرة إلى غاية‬
‫اختتام المناقشات‬
‫فطبقا ملا نصت عليه املادة ‪ 354‬من قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬فإنه يجوز لكل من يدعي‬
‫أنه تضرر من جريمة أن يتقدم بطلب التعويض في سائر مراحل املسطرة إلى غاية اختتام‬
‫املناقشات‪ ،‬وهي نفس القاعدة التي أقرها املشرع املصري في املادة ‪ 251‬في فقرتها الثانية التي‬
‫جاء فيها‪ " :‬ملن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بحقوق مدنية أمام املحكمة‬
‫املنظور أمامها الدعوى الجنائية في أية حالة كانت عليها الدعوى حتى صدور القرار باقفال‬
‫باب املرافعة طبقا للمادة ‪ ،275‬وال يقبل منه ذلك أمام محكمة اإلستئناف"‪ ،‬ألجله قضت‬
‫محكمة النقض املصرية " إن طبيعة الطعن بطريق النقض وأحكامه وإجراءاته ال تسمح‬
‫بالقول بجواز تدخل املدعي بالحق املدني في الدعوى الجنائية ألول مرة بعد إحالتها من‬
‫محكمة النقض إلى محكمة املوضوع إلعادة الفصل فيها بعد نقض الحكم"‪.89‬‬

‫وجدير بالذكر أن املادة ‪ 345‬من قانون املسطرة الجنائية في فقرتها الثانية أكدت على أن‬
‫الشخص الذي أستمع إليه بالجلسة بصفته شاهدا بعد أدائه اليمين القانونية ال يمكنه بعد‬
‫‪ )88‬شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل‪ ،‬ج‪ ،2‬المرجع السابق ص ‪..101/100‬‬
‫‪ )89‬التعليق على قانون المسطرة الجنائية طبقا ألحدث قرا رات المجلس األعلى المغربي و أحكام محكمة النقض المصرية للمستشار أنور‬
‫العمروسي و األستاذ محمود ربيع خاطر‪ ،‬ج ‪ ،2‬س ‪ ،2004‬ص ‪.591‬‬

‫‪58‬‬
‫ذلك أن يتقدم بصفته طرفا مدنيا‪ ،‬وهو ما أكدته استئنافية ورزازات حينما قضت بالتالي‪" :‬‬
‫وحيث إنه سبق أن تم اإلستماع للمطالب بالحق املدني كشاهد أثناء التحقيق‬
‫االعدادي‪.‬وحيث إنه بمقتض ى الفقرة الثانية من الفصل ‪ 354‬من قانون املسطرة الجنائية‬
‫فإنه ال يمكن للشخص الذي استمع إليه كشاهد بعد أدائه لليمين القانونية أن يتقدم‬
‫كمطالب بالحق املدني‪.‬وحيث تبعا لذلك يتعين التصريح بعدم قبول هذه املطالب املدنية"‪.90‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬تعيين الوكيل الخصوصي‬
‫يكون للمحكمة‪ ،‬بناء على ملتمس النيابة العامة أن تعين وكيال خصوصيا للشخص‬
‫الذي يدعي أنه تضرر من جريمة ‪ ،‬إذا كان غير مؤهل لتقديم طلب التعويض بنفسه بسبب‬
‫مرض عقلي أو بسبب قصوره ولم يكن له ممثل قانوني‪ ،91‬وهذا املبدأ قررته املادة ‪ 353‬من‬
‫قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬كما أكده أيضا املشرع املصري في املادة ‪ 252‬من قانون اإلجراءات‪،‬‬
‫وال شك أن املشرع وفي إطار اإلهتمام بالفئات منعدمة األهلية أو ناقصتها شرع هذا املبدأ‬
‫حفاظا على حقوقها وصيانة ملكتسباتها تحقيقا للمساواة التي تعد قاعدة دستورية سامية‪.‬‬

‫ومن خالل املادة ‪ 353‬اآلنفة الذكر في فقرتها الثانية التي نصت على أنه " يمكن لرئيس‬
‫الهيئة املحال عليها أفعال إرتكبها في حق قاصر ممثله القانوني‪ ،‬أن يعين له وكيال خصوصيا‬
‫ليقوم بتقديم املطالب املدنية لفائدته‪ ،".‬يالحظ أن املشرع أحدث إمكانية جد هامة قد حلت‬
‫إشكال تقديم املطالب املدنية لفائدة قاصر بشأن أفعال مجرمة أتاها ممثله القانوني نفسه‪،‬‬
‫وما ننوه به في هذا الصدد هو إسناد مهمة تعيين الوكيل الخصوص ي لرئيس الهيئة وذلك‬
‫انسجاما مع املبادئ اإلستثنائية التي يتمتع بها قانون املسطرة الجنائية الذي يعد عدم هدر‬
‫الزمن القضائي من أبرز سماته‪ ،‬ألن هذه اإلمكانية ستوفر الكثير من الجهد والوقت‪،‬‬
‫وستقلص العديد من املساطر من أجل تعيين هذا الوكيل الخصوص ي للقاصر‪.‬‬
‫وكمثال نسرد واقعة حادثة سير تسبب فيها السائق بجروح إلبنه القاصر‪ ،‬فرفع املطالب‬
‫املدنية أمام القضاء الزجري لن يطرح إشكاال بتطبيق املادة ‪ ،2/353‬لكن اإلشكال –ربما‪-‬‬
‫سيطرح متى تقرر رفع الدعوى املدنية أمام القضاء العادي‪ ،‬فمن سيتقدم بهذه املطالب؟‬
‫فهل يسوغ لألب أن يرفع الدعوى باسمه ضد نفسه لصالح القاصر؟ وهل قانون املسطرة‬

‫‪ )90‬قرار عدد ‪ 45‬بتاريخ‪ 2015/04/07 :‬ملف جنائي رقم‪.2015/63 :‬‬


‫‪ )91‬العليق على قانون المسطرة الجنائية طبقا ألحدث قرارات المجلس األعلى المغربي و أحكام محكمة النقض المصرية للمستشار أنور‬
‫العمروسي و األستاذ محمود ربيع خاطر‪ ،‬ج ‪ ،2‬س ‪ ،2004‬ص ‪.590‬‬

‫‪59‬‬
‫املدنية نصت على إمكانية مماثلة ملا قررته املسطرة الجنائية؟ وما هي الجهة املخول لها تعيين‬
‫الوكيل الخصوص ي في هذه الحالة؟ هل رئيس الهيئة وهو ال يتوفر على سند قانوني لذلك؟‬
‫هل رئيس املحكمة في إطار أوامره الوالئية ونفس الش يء سيطرح والشك مسألة السند‬
‫القانوني؟ أم هل يمكن لقاض ي األسرة تعيينه والحال أن النيابة الشرعية محددة بدقة وعلى‬
‫أساس ترتيب محدد ال يمكن من خاللها سحب النيابة من األب إال في حالة عدم وجوده‬
‫أوفقده ألهليته وفق ما نصت عليه املادة ‪ 231‬من مدونة األسرة؟‬
‫لعل هذه األسئلة املطروحة في حاجة إلى إجابة شافية من خالل العمل القضائي أوال في‬
‫انتظار تعديل يطال املسطرة املدنية حتى يتم تضمين مبدأ مماثل ملا قررته املادة ‪ 353‬في‬
‫فقرتها الثانية‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالقانون املقارن‪ ،‬فإنه باإلطالع على قانون اإلجراءات اليمني سنجده نص‬
‫على ذات اإلمكانية‪ ،‬لكن بشكل أكثر توسعا مقارنة مع املشرع املغربي‪ ،‬كون األخير أسند مهمة‬
‫تعيين الوكيل الخصوص ي لرئيس الهيئة‪ ،‬بينما املشرع اليمني في املادة ‪ 47‬من قانون‬
‫اإلجراءات قد أسندها إلى النيابة العامة وإلى املحكمة املرفوعة أمامها القضية‪.‬‬
‫الفقرة السادسة‪ :‬الفصل في الدعويين العمومية والمدنية‬
‫كما سبق اإلشارة‪ ،‬فيتعين على املحكمة وهي تنظر في الدعويين معا‪ ،‬أن تبث في الدعوى‬
‫العمومية بثوبت الفعل وإقرار املسؤولية الجنائية أو اإلعفاء منها ثم تبث في املسؤولية‬
‫املدنية‪ ،‬فإذا حكمت بالبراءة وجب عليها انسجاما مع ذلك ان تحكم بعدم اإلختصاص في‬
‫املطالب املدنية‪ ،‬أما إذا أغفلت البث في شقها املدني لسبب من األسباب‪ ،‬فإنها تكون قد‬
‫رفعت يدها عن النازلة وال يحق لها لها الفصل في الدعوى املدنية‪ ،‬وهذا ما اكدته محكمة‬
‫النقض (املجلس األعلى سابقا) بموجب القرار عدد ‪ 1408‬س ‪ 20‬بتاريخ ‪ 1977/10/06 :‬إذ‬
‫جاء فيه‪ " :‬تختص املحكمة الزجرية بالنظر في جميع أجزاء الدعوى املدنية املرفوعة إليها إلى‬
‫جانب الدعوى العمومية في كل هذه األجزاء قبوال أو رفضا ما عدا في حالة الحكم بالبراءة‬
‫فيصرح بعدم اإلختصاص بالنظر في الدعوى املدنية‪ ،‬تكون املحكمة قد خرقت هذه القاعدة‬
‫من قانون املسطرة الجنائية حينما قضت لفائدة الطاعن باملبلغ املعترف به مع التعويض ولم‬
‫تبث في باقي طلباته قبوال أو رفضا مكتفية بحفظ الحق في اإلثبات بالحجة عليها"‪.92‬‬

‫‪ )92‬شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل‪ ،‬ج‪ ،2‬المرجع السابق ص ‪ 101‬و‪102‬‬

‫‪60‬‬
‫وأكيد أن تنازل الطرف املدني عن طلبه ال يترتب عنه سقوط الحق في املطالبة‬
‫بالتعويض وفقا لقواعد االختصاص العادية أمام املرجع املدني (م ‪ 356‬ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬
‫الفقرة السابعة‪ :‬للمطالب بالحق المدني سلوك طرق الطعن‬
‫إن انضمام املطالب بالحق املدني للخصومة الجنائية يجعل منه طرفا في الدعوى‪ ،‬وهو‬
‫ما يخول له حق الطعن في األحكام والقرارات الصادرة عن املحكمة متى اعتبرها ال تخدم‬
‫مصالحه املدنية وفق ما نصت عليه املادتين ‪ 394‬و ‪ 396‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬وهو ما سنبسط في‬
‫القادم من هذا البحث بحول هللا‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬إجراءات الدعوى المدنية التابعة أمام القضاء الزجري‬
‫بمجرد أن ترفع القضية إلى املحكمة الزجرية‪ ،‬والتي قد يكون املتضرر هو الذي حركها‪،‬‬
‫أو أنه إنضم إليها بعد تحريكها من طرف النيابة العامة‪ ،‬تبدأ إجراءات املحاكمة التي تحتل‬
‫فيها الدعوى املدنية حيزا هاما‪ ،‬إذ ال يمكنها أن تستقيم كما نظمتها مواد املسطرة الجنائية إال‬
‫باحترام املساطر املخولة للطرف املدني في سبيل الحصول عن التعويض املرمم لألضرار التي‬
‫طالته جراء فعل مجرم بمقتض ى القانون الجنائي‪ ،‬وأكيد أن إنعقاد الجلسة يسبقه إستدعاء‬
‫الطرف املدني – في الحالة التي ينص فيها القانون على ذلك‪ -‬ثم بعدها بدأ املناقشة وما‬
‫يتخللها من استنطاق وسماع للشهود ومرافعات‪ ،‬وطبعا الدور الهام الذي تقوم به كتابة‬
‫الضبط من خالل كاتب الجلسة ضمن هذه السلسة املتماسكة من إجراءات املحاكمة‪ ،‬وهي‬
‫األمور التي سنحاول التطرق إليها في الفقرات التالية‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إستدعاء الطرف المدني‬
‫في هذه الفقرة ال بد لنا من التمييز بين مسألتين هامتين هما‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المتضرر الذي سبق له أن تنصب طرفا مدنيا أمام قاضي التحقيق‬

‫نص املشرع املغربي في املادة ‪ 349‬من قانون املسطرة الجنائية على أنه " يجب أن‬
‫يستدعى أمام هيئة الحكم الطرف املدني الذي سبق أن تقدم بطلبه إلى هئية التحقيق"‪ ،‬ومن‬
‫خالل هذه املادة يتضح أن إستدعاء الطرف املدني مشروط بسبق تنصيبه طرفا مدنيا أمام‬
‫قاض ي التحقيق‪ ،‬وهو في هذه الحالة يختلف عن وضعه وهو منضم إلى الدعوى العمومية‬
‫التي حركتها النيابة العامة‪ .‬وقد حددت املادة ‪ 308‬من نفس القانون طرق تسليم اإلستدعاء‬

‫‪61‬‬
‫بالحضور حيث أشارت إلى أنها يتم طبق الشروط املنصوص عليها في الفصول ‪ 38 ،37‬و ‪39‬‬
‫من قانون املسطرة الجنائية‪.‬‬
‫وعيله إرتأيت مناقشة هذه النقطة من خالل تناول طرق التبليغ‪ ،‬ثم البيانات الواجب‬
‫توفرها في اإلستدعاء‪ ،‬وبعدها التطرق إلى بالدفع ببطالن اإلستدعاء‪ ،‬لنختم بتخلف الطرف‬
‫املدني بعد اإلستدعاء وذلك على الشكل التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬طرق تبليغ الطرف المدني‬
‫طبقا ملا نصت عليه املادة ‪ 308‬من قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬فإن تبليغ االستدعاء‬
‫للطرف املدني قصد الحضور للجلسة يتم بأحد الطرق التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬التبليغ بواسطة أعوان كتابة الضبط‪.93‬‬

‫وهي أول طريقة أشار إليها املشرع في الفصل ‪ 37‬من قانون املسطرة املدنية‪ ،‬إذ يقوم‬
‫املوظف املكلف بالتبليغ بإبالغ الحكم إلى الشخص املراد التبليغ له في املكان الذي يوجد‬
‫بدائرة نفوذ املحكمة‪ ،‬وإذا تعلق األمر بتبليغ للمحامي فان هذا األخير أو كاتبه هو من يتولى‬
‫تسلم طي التبليغ مباشرة من مكتب التبليغ بعد إن يوقع على شهادة التسليم والتي يسلمها‬
‫العون املكلف بالتبليغ إلى املصلحة املختصة إللحاقها بامللف أو يتوصل بالطي عن طريق‬
‫وضعه في خزانة خاصة لكل محام في املحكمة وهذه الطريقة تسهل التبليغ وتوفر الوقت‪.‬‬
‫وعلى كتابة الضبط واألعوان القضائيين الذي خول لهم الظهير الشريف املتعلق‬
‫باألعوان القضائيين في فصله الثاني صالحية القيام بعملية التبليغ وفق القانون مع مراعاة‬
‫تواريخ الجلسات حتى تنجز األعمال واإلجراءات في وقتها وأن أي تبليغ لم ينجز في وقته املحدد‬
‫سيؤخر الفصل في الدعوى وتعاد إجراءاتها بسبب عدم التبليغ وما يترتب عن ذلك من تراكم‬
‫القضايا على رفوف املحاكم‪.‬‬

‫‪ )93‬الزال المشرع المغربي يستعمل مصطل األعوان‪ ،‬مع العلم أن النظام األساسي لهيئة كتابة الضبط الصادر بمقتضى المرسوم رقم‪:‬‬
‫‪ 473.11.2‬الصادر في ‪ 15‬شوال ‪ 14 ( 1432‬سبتمبر ‪ )2011‬قد حذف هذا اإلطار‪ ،‬وأصبح كتابة الضبط تتكون من ثالث أطر‬
‫هي‪ :‬كتاب الضبط‪ ،‬المحررين القضائيين‪ ،‬والمنتدبين القضائيين‪ .‬وعليه كان األجد بالمشرع أن يواكب تعديل هذا النظام‪،‬‬
‫وهو ما عمد إليه مشرع مشروع المسطرة الجنائية الذي أصبح يستعمل مصطلح " الموظف المكلف بالتبليغ" وهو‬
‫مصطلح عام يشمل كل األطر العاملة باإلدارة القضائية‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫ب‪ -‬التبليغ عن طريق البريد المضمون‪:‬‬

‫حسب الفقرتين الثانية والثالثة من املادة ‪ 39‬من ق م م فإنه إذا تعذر على املوظف‬
‫املكلف بالتبيلغ والسلطة اإلدارية تسليم االستدعاء لعدم العثور على الطرف املعني أو أي‬
‫شخص في موطنه أو محل إقامته أشار إلى ذلك بشهادة التسليم التي ترجع إلى كتابة ضبط‬
‫املحكمة املصدرة لالستدعاء‪.‬وحينئذ توجه كتابة الضبط االستدعاء بالبريد املضمون مع‬
‫األشعار بالتوصل‪.‬‬

‫ج‪ -‬التبيلغ بالطريقة اإلدارية ‪:‬‬

‫لم يحدد املشرع املغربي عناصر السلطة اإلدارية التي خول لها القيام بالتبليغ في الفصل‬
‫‪ 37‬من ق م م إال أن العمل جرى على إسناد هذه املهمة إلى الشرطة والدرك امللكي‪ ،‬والعاملين‬
‫بوزارة الداخلية من شيوخ ومقدمين‪.‬‬

‫د‪ -‬التبليغ على الطريقة الديبلوماسية ‪:‬‬

‫التبليغ على الطريقة الديبلوماسية يكون في حالة ما إذا كان املبلغ إليه يسكن خارج‬
‫املغرب‪ ،‬ويوجه إليه االستدعاء بواسطة السلم اإلداري على الطريقة الديبلوماسية عدا إذا‬
‫كانت مقتضيات االتفاقيات الدولية تقض ي بغير ذلك حسب الفصل ‪57‬من ق م م‪.‬‬

‫ذ‪ -‬التبليغ عن طريق األعوان القضائيين‪:‬‬

‫لقد أناط املشرع العون القضائي بمسؤولية القيام بمهامه و منها مهام التبليغ كلما طلب‬
‫منه ذلك وإال أجبر عليه بمقتض ى أمر يصدره رئيس املحكمة التي ترتبط بها حسب الفصل‬
‫الرابع عشر ومهنته حرة حسب الفصل األول من الظهير املنظم لهذه الفئة من مساعدي‬
‫القضاء وغير تابع للوظيفة العمومية وال للمحاكم باستثناء الرقابة من طرف وكيل امللك‬
‫واإلدارة الجنائية وتتنافى مهنته مع كل نشاط تجاري أو مهنة محامي أو موثق عصري أو رجل‬
‫أعمال أو مستشار قانوني أو جنائي ‪.‬وقد حدد املشرع للعون القضائي عدة مهام يقوم بها‬
‫حسب الفصل الثاني من الظهير املنظم لهذه املهنة نذكر منها القيام بجميع التبليغات الالزمة‬
‫لتجهيز املسطرة وبجميع اإلجراءات املتعلقة بتبليغ األوامر واألحكام والقرارات عندما ال ينص‬
‫القانون على وسيلة أخرى للتبليغ‪ ،‬وكذلك العقود والسندات التي لها قوة تنفيذية مع الرجوع‬

‫‪63‬‬
‫إلى القضاء عند وجود صعوبة ‪.‬وبمجرد االنتهاء من القيام بعملية التبليغ إلى املبلغ له عليه إن‬
‫يسلم شهادة التسليم إلى كتابة الضبط باملحكمة االبتدائية التي يعمل بدائرة نفوذها مع‬
‫محضر التبليغ على أن توقع له املحكمة في سجل خاص‪.‬‬

‫‪ -2‬البيانات الواجب توفرها في االستدعاء‬


‫حددت املادة ‪ 308‬من ق‪.‬م‪.‬ج البيانات الجوهرية التي يجب توفرها في اإلستدعاء – تحت‬
‫طائلة البطالن وهي‪ :‬اليوم والساعة ومحل انعقاد الجلسة ونوع الجريمة وتاريخ ومحل ارتكابها‬
‫واملواد املطبقة بشأنها (نموذج ‪ .)3‬وعموما فعدم استدعاء املطالب بالحق املدني يعتبر‬
‫مساسا بحقوقه كما أكدت على ذلك محكمة النقض في قرارها رقم‪ 1464 :‬بتاريخ‬
‫‪ 1986/02/16‬الذي جاء فيه‪ " :‬أن عدم استدعاء املحكمة للمطالب بالحق املدني بوصفه‬
‫طرفا مستأنفا عليه ليتأتى له تقديم ملتمساته طبقا للنصوص اإلجرائية املنصوص عليها في‬
‫قانون املسطرة الجنائية يشكل مساسا بحقوق الدفاع وبالتالي فإن إخالل املحكمة بهذا‬
‫اإلجراء يجعل قرارها معرضا للنقض‪.94 "...‬‬

‫‪ -3‬بطالن االستدعاء‬
‫نصت املادة ‪ 309‬من قانون املسطرة الجنائية على أنه يتعرض لإلبطال اإلستدعاء‬
‫والحكم إذا لم يفصل بين تاريخ تبليغ االستدعاء واليوم املحدد للحضور بالجلسة أجل‬
‫ثمانية أيام على األقل‪.‬‬
‫أما الفقرة الثانية من نفس املادة فقد نصت على أنه إذا كان املتهم أو أحد األطراف‬
‫اآلخرين يقيمون خارج اململكة فال يمكن أن يقل األجل املذكور عن‪:‬‬
‫‪ ‬شهرين إن كانوا يسكنون بباقي دول املغرب العربي أو بدولة من دول أوربا؛‬
‫‪ ‬ثالثة أشهر إن كانوا يسكنون في دولة غير الدول املنصوص عليها في الفقرة‬
‫السابقة‪.‬‬
‫فهل يقصد املشرع بعبارة " األطراف اآلخرين" كل أطراف الدعوى ‪-‬باستثناء املتهم‪-‬‬
‫كالشهود واملسؤول املدني؟ وهل يمكن اعتبار الطرف املدني مشموال بهذا الوصف باعتباره‬
‫طرف في الخصمومة الجنائية؟ وبالتالي هل من حقه الدفع ببطالن االستدعاء متى لم تحترم‬

‫‪ )94‬منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية س ‪ 1997‬ص ‪ 101‬وما يليها‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫املحكمة هذين األجلين إن كان يقيم خارج الوطن؟‪ ،‬هل يمكنه التمسك بكونه مشمول‬
‫بالوصف املذكور في املادة ‪ 2/309‬إذا ما استند على املبررات التالية‪:‬‬
‫‪ ‬عموم لفظ "األطراف اآلخرين" وعدم استثنائه صراحة املطالب بالحق املدني؟‬
‫‪ ‬الفقرة الثانية من املادة ‪ 350‬من قانون املسطرة الجنائية تنص على أن تعيين املوطن‬
‫املختار للمطالب بالحق املدني الذي ال يقيم بدائرة نفوذ املحكمة التي تنظر دعواه‬
‫جاءت بصيغة اإللزام للطرف املدني الذي يتقدم بطلباته أمام هيئة الحكم كونه لم‬
‫يتدخل أمام هيئة التحقيق‪ ،‬لتحدد جزاء عدم تعيين هذا املوطن بعدم إمكانية‬
‫احتجاجه بعدم تبليغه اإلجراءات التي كان يتعين تبليغها له وفق نصوص القانون‪،‬‬
‫وبالتالي سنجد أن الطرف املدني الذي سبق له التدخل أمام قاض ي التحقيق غير‬
‫مشمول بهذه املقتضيات؛‬
‫‪ ‬املادة ‪ 349‬من ق‪.‬م‪.‬ج نصت على سبيل الوجوب على استدعاء الطرف املدني الذي سبق‬
‫أن تقدم بطلبه إلى هيئة التحقيق دون أن تشير إلى ضرورة تعيين املوطن املختار على‬
‫غرار املادتين ‪( 96‬أمام قاض ي التحقيق) و ‪ ( 350‬أمام هيئة الحكم للطرف املدني‬
‫املتدخل أمامها)‪ ،‬ولم تشر إلى أن هذا اإلستدعاء يجب أن يخضع للمقتضيات املتعلقة‬
‫بالطرف املدني غير املقيم داخل محكمة قاض ي التحقيق‪ ،‬أي أن تستدعيه بالعنوان‬
‫الذي أدلى به أو تطبيق جزاء عدم إبالغه باإلجراءات؛‬
‫‪ ‬تنصيص املادة ‪ 308‬من ق‪.‬م‪.‬ج على تسليم اإلستدعاء للطرف املدني وفق مقتضيات‬
‫الفصول ‪ 38 ،37‬و ‪ 39‬من قانون املسطرة املدنية والتي نجد من بينها التبليغ بالطريقة‬
‫الديبلوماسية؛‬
‫‪ ‬إذا كانت للمحكمة ملزمة باحترام األجلين (شهرين وثالثة أشهر) متى تعلق األمر بشاهد‬
‫أو شهود تعتبر شهادتهم حاسمة‪ ،‬فال يوجد معيار للتمييز بين منح هذه املدة للشاهد‬
‫وحرمان املطالب بالحق املدني منها مع العلم أن شهادته أيضا قد تكون حاسمة‪.‬‬
‫في اعقادنا أن املشرع حينما نص على وجوب استدعاء الطرف املدني الذي سبق له‬
‫التدخل أمام قاض ي التحقيق إنما يعني إعتماد مقتضيات املادة ‪ 96‬من خالل اعتماد‬
‫العنوان الذي أدلى به أمام هذه الجهة القضائية‪ ،‬أو األخذ بالجزاء املطبق حالة عدم تعيينه‬
‫للموطن املختار بعدم استدعائه أصال‪،‬ليجعلنا قادرين على القول أن الطرف املدني املقيم‬
‫بالخارج ال يشمله الوصف املنصوص في املادة ‪ 309‬السابقة مادام أن اإلجراءات املسطرة‬

‫‪65‬‬
‫للتنصب طرفا مدنيا جاءت بشكل دقيق ال يمكن اإلخالل بها والركون إلى مقتضيات غيرها‬
‫ضمن نفس القانون‪ ،‬وعليه نقترح أن تكون صياغة املادة ‪ 349‬من قانون املسطرة الجنائية‬
‫تتضمن اإلشارة إلى احترام مقتضيات املادة ‪ 96‬أعاله رفعا ألي لبس‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن املادة ‪ 310‬من ق‪.‬م‪.‬ج قدر بطت الدفع ببطالن اإلستدعاء بوجوب‬
‫تقديمه قبل أي دفع أو دفاع تحت طائلة سقوط الطلب‪ ،‬وهو ما قررته محكمة النقض‬
‫حينما قضت بأن "اإلخالل بفترة الخمسة عشر يوما في اإلستدعاء أمام غرفة الجنايات يجب‬
‫اإلحتجاج به قبل إثارة أي وجه للدفاع وإال فقد الحق في اإلحتجاج"‪ ،95‬وفي قرار آخر لها‬
‫أكدت على أنه " يجب تقديم الدفع ببطالن اإلستدعاء أمام محكمة املوضوع قبل البث في‬
‫جوهر القضية وإال سقط االستدالل به لفوات إبانه ولهذا يكون اإلستدالل به ألول مرة أمام‬
‫املجلس األعلى غير مقبول"‪.96‬‬
‫وختاما‪ ،‬نرى أن تنص الفقرة الثانية من املادة ‪ 310‬من ق‪.‬م‪.‬ج على منح املطالب بالحق‬
‫املدني حق إثارة البطالن عند حضوره أو حضور محاميه‪ ،‬وطلب تصحيح ما شاب اإلستدعاء‬
‫من أخطاء أو استيفاء أي نقص فيه‪،‬مع منحه أجال إلعداد دفاعه قبل بدأ املناقشة‪ ،‬وذلك‬
‫على غرار الحق املمنوح للمتهم‪ ،‬تحقيقا للمساواة‪ ،‬وتكريسا ملبدأ املوازنة بين حق الطرفين‬
‫الذي تستند إليه املحكمة الزجرية‪.‬‬
‫‪ -4‬تخلف املطالب بالحق املدني بعد اإلستدعاء‬
‫جاء في الفقرة األخيرة من املادة ‪ 314‬من قانون املسطرة الجنائية أن املقتضيات‬
‫املتعلقة باملتهم املنصوص عليها في هذه املادة تنطبق أيضا على الطرف املدني‪ ،‬وبالتالي فيمكن‬
‫القول أنه إذا لم يحضر األخير بعد استدعائه قانونيا في اليوم والساعة املحددين في‬
‫اإلستدعاء‪ ،‬حوكم غيايبا ما عدا في األحوال التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا طالب الطرف املدني شخصيا أو بواسطة محاميه‪ ،‬أن تجرى املناقشات في غيبته‪،‬‬
‫وارتأت املحكمة عدم ضرورة حضوره شخصيا‪ ،‬فإنها تستغني عن حضوره ويكون‬
‫حكمها بمثابة حضوري؛‬
‫‪ -‬ال يمكن أن يقبل من الطرف املدني اعتباره غائبا إذا كان حاضرا بالجلسة؛‬
‫‪ -‬إذا تسلم الطرف املدني اإلستدعاء شخصيا بصفة قانونية وتغيب عن الحضور من‬
‫غير أن يبرر تخلفه بعذر مشروع‪ ،‬يمكن للمحكمة أن تحكم بحكم بمثابة حضوري؛‬
‫‪ )95‬شرح وزارة العدل لقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ج‪ 2‬بمراجعه السابقة ص ‪.78‬‬
‫‪ )96‬قرار عدد ‪ 60‬بتاريخ ‪ 68/10/31‬منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية ج‪ 1‬ص ‪ 12‬وما يليها‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫‪ -‬يكون الحكم بمثابة حضوري في حقه إذا أعلم بتأجيل القضية قصد النطق بالحكم‬
‫لجلسة محددة التاريخ‪.‬‬
‫ومما قضت به محكمة النقض في هذا الصدد قرارها عدد ‪ 397‬بتاريخ ‪69/06/20‬‬
‫الذي جاء من حيثياته‪ ":‬حيث إنه من الثابت من الحكم املطعون فيه أن الطاعن كان حاضرا‬
‫صحبة محاميه بجلسة ‪ 1966/01/13‬التي أجريت فيها املناقشة وأخرت للمداولة إلصدار‬
‫الحكم فيها بجلسة ‪ 1966/11/23‬بعدما أخبر الطرفان بذلك فكان إذن الحكم حضوريا‬
‫‪97‬‬
‫بالنسبة إليه بالرغم مما وصف به خطأ من أنه بمثابة حضوري"‬

‫ثانيا‪ :‬الطرف المدني المنضم إلى الدعوى العمومية التي حركتها النيابة‬
‫العامة‬

‫عمال بمقتضيات املادة ‪ 350‬من قانون املسطرة الجنائية فإنه إذا كانت النيابة العامة‬
‫هي التي حركت الدعوى العمومية‪ ،‬فعلى املتضرر اإلختيار بين تقديم مذكرة بمطالبه املدنية‬
‫إما لدى كتابة الضبط أو بين يدي الرئيس أو يكتفي ببسطها شفويا أمام املحكمة والتي يقوم‬
‫كاتب الضبط (كاتب الجلسة) بتدوينها في محضر الجلسة‪ ،‬ويكون هذا الحق مخوال له في‬
‫سائر أطوار املحاكمة إلى غاية إختتام املناقشات ‪ ،‬وطبعا تقدم هذه املطالب أمام محكمة‬
‫الدرجة األولى‪ ،‬على اعتبار أن ال يمكن تقديم هذه املطالب ألول مرة أمام محاكم الدرجة‬
‫الثانية‪،‬وكما سبقت اإلشارة فالطرف املتضرر ملزم بأداء القسط الجزافي املنصوص عليه في‬
‫املادة ‪ 50‬من ظهير ‪ 1986/12/21‬وإال رفض تدخله في الدعوى ما لم يكن متمتعا باملساعدة‬
‫القضائية‪ .‬وقد أكدت محكمة النقض في قرارها رقم ‪ 2142‬بتاريخ ‪ 1983/03/10‬أنه " يلزم‬
‫املطالب بالحق املدني إيداع املبلغ الجزافي املحدد قانونا وإال اعتبر طلبه غير مقبول"‪.98‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إنعقاد الجلسة‬
‫إن من بين األهداف اإلجرائية املرسومة في قانون املسطرة الجنائية ضمان املحاكمة‬
‫العادلة كما هي متعارف عليها في العهود واملواثيق الدولية‪ ،‬وال سيما العهد الدولي الخاص‬
‫بالحقوق املدنية والسياسية‪ .‬ولعل مبدأ الشرعية خالل مراحل املحاكمة هو الذي يضمن‬
‫حقوق اإلنسان كما هي متعارف عليها دوليا‪ ،‬ومن ضمنها الحق في محاكمة عادلة تتوفر فيها‬

‫‪ )97‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد‪ 7‬ص ‪ 94‬وما يليها‪.‬‬


‫‪ )98‬منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية ج ‪ 2‬ص ‪ 262‬وما يليها‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫كافة الضمانات القانونية من تخويل أطراف الدعوى مناقشة وسائل الدفع املعروضة حتى‬
‫يتمكن القاض ي من تكوين قناعته الوجدانية من خالل وسائل إثبات عرضت ونوقشت‬
‫أمامه‪.99‬‬

‫والجلسة تنعقد بعد أن تتشكل الهيئة قانونا وفق ما نصت عليه املادة ‪ 296‬من قانون‬
‫املسطرة الجنائية‪ ،‬والتي يحضر أمامها األطراف ودفاعهم وكذا الشهود والخبراء عند‬
‫اإلقتضاء‪ ،‬بحث يتولى رئيس الجلسة ضبط نظامها وتسيير البحث واملناقشات بها وله مع‬
‫مراعاة حقوق الدفاع ورفض كل ما يرمي إلى إطالتها بدون جدوى وله أن يوقفها ( م ‪،)298‬‬
‫كما تبث الهيئة في طلبات التأجيل إلعداد الدفاع أو إستدعاء املصرحين أو امللتمسات‬
‫األخرى‪ ،‬والجلسة تنعقد علنية كقاعدة عامة‪ ،‬بينما تنعقد سرية في األحوال التي ينص فيها‬
‫القانون على ذلك (م ‪ ،)300‬وعموما متى تبين للمحكمة أن القضية جاهزة تبدأ مناقشتها‬
‫والتي يمنح فيها الطرف املدني حيزا هاما متى كان حاضر ومدعما بدفاعه وهو موضوع هذه‬
‫الدراسة الذي سنتناوله في الفقرات املوالية‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬التجريح كحق من حقوق الطرف المدني‬

‫يعتبر حياد القاض ي من الضمانات األساسية للمحاكمة العادلة‪ ،‬وإذا ما حدثت ظروف‬
‫من شأنها التأثير على هذا الحياد فمن حق األطرف املطالبة باستبعاد القاض ي املعني من البث‬
‫في النازلة‪ ،‬وقد أعطت املادة ‪ 276‬من قانون املسطرة الجنائية هذا الحق أيضا للمطالب‬
‫بالحق املدني سواء في مواجهة قاض ي التحقيق أو قاض ي الحكم‪ ،‬فإذا كان التجريح موجها إلى‬
‫قاض ي التحقيق‪ ،‬فيجب تقديمه قبل أي استجواب أو استماع يتعلق بالجوهر‪ ،‬ما لم تكن‬
‫أسباب التجريح قد طرأت الحقا بعد االستجواب أو االستماع إلى املعني باألمر في املوضوع‪،‬‬
‫كما أنه يتم إيقاف املناقشات واالستجواب متى إدعى الطرف املدني وجود سبب من أسباب‬
‫التجريح ضد واحد أو أكثر من هيئة الحكم‪.‬‬

‫وعلى املطالب بالحق املدني في هذه الحالة أن يقدم طلب التجريح كتابة‪ ،‬مثيرا فيه‬
‫تحت طائلة البطالن الوسيلة املثارة للتجريح وأن يرفقه بجميع الحجج املفيدة موقعا عليه‬
‫من طرفه شخصيا من من طرف وكيله‪ ،‬ويوجه الطلب إلى الرئيس األول الذي يطلب في جميع‬
‫األحوال إيضاحات من القاض ي أو القضاة املقدم طلب التجريح في حقهم‪ ،‬كما له أن يطلب‬
‫‪ )99‬شرح وزارة العدل لقانون المسطرة الجنائية‪،‬ج‪ 2‬بمراجعه السابقة ص ‪.39‬‬

‫‪68‬‬
‫أية إيضاحات من الطرف املدني مقدم طلب التجريح إذا رأى ضرورة لذلك‪ ،‬وبعدها يبث بعد‬
‫أخذ رأي الوكيل العام للملك‪ ،‬ويكون األمر الصادر بالقبول غير معلل وغير قابل ألي طعن‪،‬‬
‫ويترتب عنه التخلي عن الدعوى فورا من القاض ي أو القضاة الذين تم تجريحهم‪ ،‬أما إذا‬
‫صدر األمر بالرفض فيجب أن يكون معلال ويمكن الطعن فيه أمام محكمة النقض‪ ،‬على أنه‬
‫ال يحول هذا الطعن دون استمرار املناقشات وصدور الحكم في الدعوى‪.‬‬
‫وقد حدد املادة ‪ 273‬حاالت التجريح ضد قضاة الحكم كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬إذا كانت له أو لزوجه مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في الحكم في‬
‫الدعوى؛‬
‫‪ -‬إذا كانت له أو لزوجه قرابة أو مصاهرة مع أحد األطراف بما فيها درجة أبناء‬
‫األعمام واألخوال؛‬
‫‪ -‬إذا كان بين أحد األطراف والقاض ي أو زوجه أو أصولهما أو فروعهما دعوى ال‬
‫تزال جارية أو انتهت منذ أقل من سنتين؛‬
‫‪ -‬إذا كان القاض ي دائنا أو مدينا ألحد األطراف؛‬
‫‪ -‬إذا كان قد سبق له أن قدم استشارة أو رافع أم مثل أمام القضاء في قضية أو‬
‫نظر فيها بصفته حكما أو أدلى فيها بشهادة أو بث فيها في طورها اإلبتدائي؛‬
‫‪ -‬إذا كان قد تصرف بصفته ممثال قانونيا ألحد األطراف؛‬
‫‪ -‬إذا كانت هناك عالقة تبعية بين القاض ي أو زوجه أحد األطراف وزوجه؛‬
‫‪ -‬إذا كانت بين القاض ي وأحد األطراف صداقة أو عداوة معروفة؛‬
‫‪ -‬إذا كان القاض ي هو املشتكي‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن املادة ‪ 274‬من ق‪.‬م‪.‬ج قد نصت على عدم إمكانية تجريح قضاة‬
‫النيابة العامة‪ ،‬بينما أكدت املادة ‪ 285‬من نفس القانون على أنه يمكن أن يحكم على خاسر‬
‫طلب التجريح بغرامة تتراوح بين ‪ 1200‬و ‪ 2500‬درهم‪ ،‬بصرف النظر عن العقوبة التي قد‬
‫يتعرض لها عند اإلقتضاء من أجل إهانة القضاء إذا كان من طبيعة الوقائع املزعومة املس‬
‫بشرف وسمعة القاض ي‪.‬‬
‫وفي ذات السياق خولت املادة ‪ 318‬من ق‪.‬م‪.‬ج للطرف املدني أيضا حق تجريح‬
‫الترجمان وقت تعيينه مع بيان أسباب ذلك‪ ،‬وتبث املحكمة في طلبه بمقرر غير قابل ألي‬
‫طعن‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬اإلستماع إلى المتهم‬

‫بعد إعالن الرئيس افتتاح الجلسة‪ ،‬يبدأ في االستماع إلى املتهم سواء كان فاعال أصليا أو‬
‫مشاركا أو مساهما‪ ،‬وذلك من خالل توجيه التهمة املنسوبة إليه والفصول املتابع بها ثم‬
‫عرض وقائع القضية عليه ومكالبته بتقديم أجوبته وردوده حولها‪ ،‬كما يمكن لباقي أعضاء‬
‫الهيئة وللنيابة العامة واألطراف والدفاع أن يلقوا أسئلتهم عليه بعد استنطاقه بواسطة‬
‫رئيس الجلسة أو بإذن منه‪ ،‬ويبث األخير في كل نزاع عارض عند هذه األسئلة‪.‬‬

‫ويعتبر األستاذ الحسن البوعيس ي‪ 100‬املتهم الشاهد الثاني في القضية بعد الضحية‪،‬‬
‫فهو يكون حاضرا أثناء ارتكاب الجريمة‪ ،‬ولهذا فتصريحه له أهمية كبيرة‪ ،‬الش يء الذي يحتم‬
‫على املحكمة االستماع إليه بكل دقة وحذر‪ ،‬فهو يميل إلى الكذب وتحريف الوقائع أكثر من‬
‫الشهود والضحية‪.‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬اإلستماع إلى الطرف المدني‬

‫تبدأ املناقشات بالتأكد من هوية املتهم واستنطاقه بعد توجيه التهمة املنسوبة إليه‪،‬‬
‫ومن الفقه من يفضل البدأ باإلستماع إلى الطرف املتضرر وهو اإلتجاه الذي نؤيده ملا يفره‬
‫من مزايا حددها األستاذ الحسن البوعيس ي بقوله‪ " :‬نحبذ أن تبدأ املناقشة إلى املتضرر أو‬
‫املشتكي‪ ،‬حيث يبسط للمحكمة كل الوقائع واألفعال التي تعرض لها‪ ،‬الش يء الذي يسهل‬
‫مأمورية املحكمة التي غالبا ما ال تطلع على ملف القضية إال بالجلسة وتكون غير قادرة على‬
‫مناقشة القضية مناقشة تسمح لها بإجراء تحقيق دقيق فيها‪ ...‬وتعتبر الضحية أهم‬
‫األشخاص املستمع إليهم‪ ،‬فهي الشاهد األول عن األحداث وأول من يواجه الفاعل ويقاومه‪،‬‬
‫الش يء الذي يجعلها في الظروف العادية‪ ،‬تعطي وصفا كامال عن املجرم وتبين محالمحه‬
‫وثيابه وقوته الجسمانية ولغته والعالمات الخاصة التي يحملها‪ ،‬واملحيط الذي ينتمي إليه‪،‬‬
‫والوسائل التي استعملها في اإلعتداء‪ ،‬وزمان ومكان اإلعتداء بكل تدقيق‪ ،‬وتوضح إن إقتض ى‬
‫األمر عدد الفاعلين واملشاركين وتنقل إلى الباحث ما دار من حديث بينهم وبين الفاعل الش يء‬
‫‪101‬‬
‫الذي يمكن من فهم القضية وطرح األسئلة املالئمة على املتهم والشهود‪".‬‬

‫‪ )100‬المرجع السابق ص ‪.318‬‬


‫‪ )101‬المرجع السابق ص ‪ 316‬و ‪.317‬‬
‫‪70‬‬
‫وطبعا ال يتم اإلستماع إلى املطالب بالحق املدني إال بعد التأكد من هويته‪ ،‬وبعدها يتم‬
‫اإلنصات إليه وهو يبسط شكايته أو يجيب على األسئلة املوجهة إليه من طرف املحكمة أو‬
‫الدفاع‪.‬‬
‫ويثار التساؤل هنا حول إمكانية اإلستماع إلى املطالب بالحق املدني كشاهد في الجلسة‬
‫بعد أدائه لليمين القانونية؟‬
‫بالرجوع إلى مواد املسطرة الجنائية سنجد أن املطالب بالحق املدني لم يرد ضمن‬
‫الحاالت التي استثناها املشرع من أداء اليمين القانونية قبل أداء الشهادة‪ ،‬إذ أن املادتين‬
‫‪ 3/123‬و ‪ 2/332‬قد حددتها في‪ :‬أصول املتهم وفروعه وزوجه‪ ،‬وفي اجتهاد ملحكمة النقض‬
‫قضت األخيرة على أن‪.. " :‬قانون املسطرة الجنائية قد حدد األشخاص الذين يقع إعفاؤهم‬
‫من اليمين‪ ،‬ولم يجعل من ضمنهم الشاهد املطالب بالحق املدني‪ ،‬واملحكمة بسماعها‬
‫الشاهدة الضحية‪ ،‬واعفاؤها من أدائها لليمين القانونية لكونها مطالبة بالحق املدني‪ ،‬تكون‬
‫قد أخلت بما يتطلبه الفصل ‪ 323‬وعرضت قرارها للنقض واإلبطال"‪ ، 102‬أما املشرع املصري‬
‫فقد حسم في هذه املسألة بنص صريح حيث جاء في املادة ‪ 288‬من قانون اإلجراءات‬
‫الجنائية على أنه " يسمع املدعي بالحقوق املدنية كشاهد‪ ،‬ويحلف اليمين"‪.‬‬
‫لكن هل للمحكمة الركون إلى شهادة املطالب بالحق املدني الذي أدى اليمين القانونية‬
‫لبناء مقررها تطبيقا للمادتين ‪ 286‬و‪ 287‬من قانون املسطرة الجنائية؟‬
‫في اعتقادنا‪ ،‬فعمل بعض املحاكم على سماع املطالب بالحق املدني على سبيل‬
‫اإلستئناس دون يمين قانونية هو األقرب للصواب‪ ،‬وال يمكن اإلعتماد على شهادته حتى لو‬
‫أدى اليمين القانونية كي تبني املحكمة حكمها أو مقررها ما لم يتعزز ذلك بحجج أو قرائن‬
‫أخرى‪ ،‬وسندنا في هذا املعطى ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬تدخل املطالب بالحق املدني في الخصومة الجنائية يجعل منه طرفا في الدعوى – على‬
‫نحو ما بسطناه سابقا‪ -‬وبالتالي فحضوره ضروري في املناقشات‪ ،‬عكس الشهود الذين‬
‫يأمرهم الرئيس باإلنسحاب إلى القاعة املعدة لهم‪ ،‬وال يغادرونها إال ألداء شهادتهم‪،‬‬
‫ويتخذ الرئيس عند االقتضاء جميع التدابير ملنع الشهود من التحدث بشأن القضية‬
‫فيما بينهم أو فيما بينهم وبين املتهم كما نصت على ذلك املادة ‪ 328‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬وهو‬
‫اإلتجاه الذي أيدته محكمة النقض بقولها‪ " :‬أن الشهود الحاضرين للمحاكمة املنتصبين‬

‫‪ )102‬قرار عدد ‪ 23/1344‬بتاريخ ‪ 1980/12/11‬ملف جنائي رقم ‪ ،77275‬منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 23‬ص ‪ 35‬وما يليها‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫كمطالبين بالحق املدني يصيرون أطرافا في الدعوى مما ال تدعوا معه الحاجة إلى‬
‫إخراجهم إلى للقاعة املعدة لذلك" ‪ .‬وبالتالي فالهدف الذي توخاه املشرع من إخراج‬
‫‪103‬‬

‫الشهود من القاعة ال يتوفر في حق املطالب بالحق املدني‪ ،‬ألن حضوره استنطاق املتهم‬
‫قد يوجه شهادته إلى ما يضمن مصالحه ال ما يبرز الحقيقة؛‬
‫‪ .2‬مادام أن املطالب بالحق املدني قد تدخل في الخصومة الجنائية إال ويرمي إلى الحصول‬
‫على التعويضات عن األضرار التي يقول بأنها طالته بسبب الفعل الجرمي املنسوب‬
‫للمتهم‪ ،‬وبالتالي فإن شهادته ستنصب على ما يخدم مصالحه أكثر مما سيساعد على‬
‫إبراز الحقيقة‪ ،‬مما سيفقد تصريحاته الحياد املطلوب في شهادة الشهود العاديين‪،‬‬
‫ووضعية املطالب بالحق املدني –والحالة هذه‪ -‬لن تختلف عن وضعية املستثنون من‬
‫أداء اليمين القانونية للمؤثرات العدة التي قد تؤثر في شهادتهم‪ ،‬حيث اعتبرت املادة‬
‫‪ 2/332‬تصريحاتهم مجرد معلومات‪.‬‬
‫‪ .3‬من القواعد الفقهية املعمول بها في التشريع اإلسالمي أن الشاهد إذا كان سيجر‬
‫بشهادته إلى نفسه نفعا أو يدفع بها ضرا فال تقبل شهادته ؛‬
‫‪104‬‬

‫‪ .4‬هناك من الفقه من يعتبر اإلستماع إلى املطالب بالحق املدني كشاهد بعد أدائه لليمين‬ ‫‪105‬‬

‫القانونية إتجاه غير سليم‪،‬ذلك أن الشاهد يجب أن يكون أجنبيا عن النزاع‪ ،‬أما القول‬
‫بغير ذلك فيعتبر من الترقيعات املضرة بالعدالة؛‬
‫‪ .5‬اعتماد شهادة املطالب بالحق املدني لوحده سيجعل منه خصما وحكما في اآلن ذاته‪.‬‬
‫لذا نقترح تعديل املادة ‪ 332‬بأن يضاف املطالب بالحق املدني في الحاالت املستثناة من‬
‫أداء اليمين القانونية‪ ،‬واعتبار تصريحاته مجرد معلومات‪.‬‬
‫الفقرة السادسة‪ :‬اإلستماع إلى الشهود‬

‫تعرف الشهادة بأنها إخبار أو رواية يرويها شخص عما أدركه مباشرة بحواسه عن واقعة‬
‫معينة‪ ،‬وتأخذ شكل تصريح يدلي به صاحبه‪،‬و يدون بمحضر‪،‬و يعتمد عليه في اإلثبات بعد‬
‫أداء اليمين‪،‬و توفر الشروط القانونية‪.‬‬

‫‪ )103‬قرار عدد ‪ 3272‬بتاريخ ‪ 1985/04/11‬ملف جنائي عدد ‪ ،8669‬منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 45‬ص ‪ 80‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ )104‬عدنان خالد التركماني ‪:‬اإلجرءات الجنائية اإلسالمية وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية‪،‬أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬س‬
‫‪،1999‬ص ‪183‬‬
‫‪ )105‬ذ الحسن البوعيسي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.343‬‬

‫‪72‬‬
‫وتتجلى أهمية الشهادة من خالل ذكرها في كتاب هللا تعالى في أكثر من آية كقوله عز من‬
‫قائل‪  :‬يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامني بالقسط شهداء هلل ولو على‬
‫أنفسكم أو الوالدين أو األقببني ن يكن نناا أو ققارا قاهلل أو ى بهاا‪.‬‬
‫اآلية ‪ 134‬من سورة النساء‪.‬‬
‫و من حيث أنواع الشهادة فهي قد تكون إما مباشرة و هي التي يتم فيها اتصال الشاهد‬
‫مباشرة بالواقعة محل اإلثبات بحيث يشهد بما عاينه و أدركه مباشرة‪ ،‬و إما شهادة غير‬
‫مباشرة تتم عن طريق التواتر‪ ،‬كأن يروي الشاهد بأن غيره قد رأى الواقعة محل اإلثبات‪،‬و‬
‫تسمى بذلك شهادة التواتر و النقل أو السماع‪.‬‬
‫ويتم استدعاء الشهود إما من قبل املحكمة تلقائيا أو بناء على طلب من النيابة‬
‫العام ـ ـ ـ ـ ـ ــة أو املته ـ ـ ــم أو املطالب بالحق املدني أو املسؤول عن الحقوق املدنية‪،‬و بالتالي‬
‫فاملالحظ أن األطراف املعينة أساسـ ـ ـ ــا (املادة ‪ 325‬من ق‪.‬م‪,‬ج) بتعزيز مواقفها إما في الدفاع و‬
‫إما في االتهام في مرحلة املحاكمة‪..‬‬
‫ينص في اإلستدعاء على أن القانون يعاقب على عدم الحضور كما يعاقب على‬
‫شهادة الزور"‪ .‬فبالنسبة ملسألة الجزاء املترتب عن عدم أداء الشهادة أمام املحكمة‪,‬أو‬
‫الحضور و رفض إما أداء اليمين املتطلبة أو اإلدالء بالتصريحات‪ ،‬فإن املادة ‪ 339‬من قانون‬
‫املسطرة املدنية تحيل بشأنها املعني إلى ما تعاقب به املادة ‪ 128‬من قانون املسطرة‬
‫الجنائية‪,‬التي تنص على أنه" إذا لم يحضر الشاهد ثم وجه إليه إستدعاء ثان إما برسالة‬
‫مضمونة أو‪...‬جاز لقاض ي التحقيق بناء على ملتمسات النيابة العامة‪,‬أن يجبره على الحضور‬
‫بواسطة القوة العمومية و أن يصدر في حقه أمرا بأداء غرامة مالية تتراوح بين‬
‫‪1200‬و‪ 12000‬درهم‪ ".‬فاملشرع اعتبر هذا الفعل بمثابة جنحة ضبطية خالفا للقانون امللغى‬
‫الذي إعتبرها في كلتا الفرضيات السابقة الذكر مخالفة‪ ،‬على أنه يمكن أن يتعرض املستدعى‬
‫للشهادة و املعذور بعذر حضورها أن يتعرض على قرار القاض ي بتغريمه في أجل أقصاه ‪5‬‬
‫أيام من تبليغه إليه شخصيا أو في موطنه‪,‬و هو تعرض تنظر فيه نفس املحكمة التي أصدرت‬
‫الحكم بالغرامة (املادة ‪ 4/339‬ق‪.‬م‪.‬ج)‬
‫أما بخصوص أداء الشهادة‪ ،‬فبعد أن يتحقق رئيس الجلسة من هوية املتهم و يخبره‬
‫بالتهمة املوجهة إليه يقع النداء على الشهود و بعد ذلك يدعوهم لإلنسحاب إلى القاعة املعدة‬
‫لهم و ال يغادرونها إال لإلدالء بشهاداتهم‪ ،‬و يتخذ الرئيس لذلك كل تدبير مالئم ملنع الشهود‬
‫من التحدث فيما بينهم أو بينهم و بين املتهم‪ ،‬وبعد ذلك يستنطق الرئيس مباشرة املتهم ثم‬
‫‪73‬‬
‫يقع النداء على الشهود فرادى لكي يستمع إليهم بعد أن يستفسر الرئيس كل شاهد عن‬
‫اسمه العائلي و الشخص ي وسنه و حالته و مهنته ومحل إقامته وإن اقتض ى الحال عن‬
‫قبيلته وعن فخدته األصلية‪ ،‬وهل له قرابة أو مصاهرة باملتهم أو املطالب بالحق املدني وعن‬
‫درجة هذه العالقة وهل كانت تربط بينهما عالقة تتميز بالعداوة أو الخصومة‪ ،‬كما يسأله عن‬
‫ما إذا كان محروما من أهلية أداء الشهادة وقبل اإلدالء بالشهادة يتعين أداء اليمين املقررة‬
‫وفق الصيغة السابقة الذكر و إال كانت باطلة‪ ،‬اللهم إذا كان املشرع أعفى من أداء اليمين في‬
‫الحاالت السابقة التنصيص طبقا للمادتين(‪/3/123‬و‪ )332‬من ق‪.‬م‪.‬ج ويجب أن تؤدى‬
‫الشهادة بصورة شفاهية مما يمتنع معه على الشاهد االستعانة بمذكرات إال بكيفية‬
‫إستثنائية و بإذن الرئيس‪ ،‬وبعد اإلنتهاء من األداء يقوم الرئيس باستفسار املتهم فيما إذا‬
‫كانت لديه ردود بشأن ما وقع لإلفضاء به ثم يسأل النيابة العامة واملطالب بالحق املدني مما‬
‫إذا كان لديه أسئلة يلقيانها‪ ،‬وفق ما قضت به املادة ‪ 336‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬و بمقتض ى املادة ‪338‬‬
‫من ق‪.‬م‪.‬ج فإن كاتب الضبط ملزم باإلشارة في محضر تلقي الشهادة إلى هوية الشاهد و إلى‬
‫اليمين التي تم أداؤها‪ ،‬وملخص بأهم ما جاء في شهادته‪ ،‬وإغفال القيام بهذه الشكليات يؤدي‬
‫إلى بطالن قرار الحكم املبني على تلك الشهادة طبقا للفقرة ‪ 1‬من املادة ‪ 338‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬
‫وتبقى اإلشارة إلى أن الشهادة املدلى بها أمام القضاء الزجري تخضع من حيث قيمتها اإلثباتية‬
‫للسلطة التقديرية ملحكمة املوضوع التي لها أن تأخذ بها في حدود ما اقتنعت بها أو تستبعدها‬
‫كليا أو جزئيا إن هي ارتابت في صدقها و داللتها على الحقيقة‪.‬‬
‫ومن املؤكد أنه من حق الطرف املدني طلب املحكمة إستدعاء كل الشهود الذين ستعزز‬
‫شهادتهم مركزه القانوني‪ ،‬ذلك أن للشهادة قيمتها اإلثباتية أمام املحكمة الزجرية‪ ،‬في هذا‬
‫اإلطار ذهبت محكمة اإلستئناف بورزازات في إحدى إجتهاداتها الحديثة بالقول‪ " :‬وحيث إنه‬
‫بموجب املادة ‪ 286‬من ق‪.‬م‪.‬ج يمكن ملحكمة املوضوع تكوين قناعاتها من جميع وسائل‬
‫اإلثباث‪،‬ولم تقيدها بوسيلة إثباث معينة إال في حاالت إستثنائية منصوص عليها على سبيل‬
‫الحصر‪،‬ولها تبعا لذلك أن تأخذ بالقرائن املقبولة ‪،‬املنسجمة‪،‬السائغة‪،‬القوية‪،‬املؤدية‬
‫للنتيجة‪ ،‬وأن تأخذ بشهادة الشهود متى صيغت شهادتهم بصورة واضحة ومنسجمة مع‬
‫الواقع دون أن يتخللها أي تناقض أو لبس أو التباس‪،‬ومتى أطمأنت املحكمة لصدقها‬
‫ومطابقتها للحقيقة والواقع " ( قرارجنائي استئنافي عدد ‪ 121‬بتاريخ ‪)2013/06/17‬‬

‫‪74‬‬
‫ومن إجتهادات محكمة النقض (املجلس األعلى سابقا) في هذا الصدد قولها ‪" :‬وحيث‬
‫إن وسائل اإلثباث مستقلة بعضها عن لعض‪ ،‬وأن الشهادة وسيلة إثباث قائمة بذاتها‬
‫مهما كانت صفة من أدلى بها في الدعوى وال تحتاج إلى غيرها من وسائل اإلثباث‬
‫لتدعيمها‪".‬‬‫‪106‬‬

‫الفقرة السابعة‪ :‬االستماع إلى الخبراء‬

‫يستمع إلى الخبراء بالجلسة ويعرضون نتائج العمليات التقنية التي قاموا بها‪ ،‬ويمكنها‬
‫أثناء االستماع إليهم أن يطلعوا على تقريرهم وعلى ملحقاته‪ ،‬ويمكن للرئيس إما تلقائيا أو‬
‫بطلب من النيابة العامة أو من األطراف أو محاميهم‪ ،‬أن يطرح على الخبراء كل األسئلة التي‬
‫تدخل في نطاق املهمة املعهود بها إليهم‪ ،‬أو يأذن لهم بطرحها مباشرة‪ ،‬ويحضر الخبراء‬
‫املناقشات بعد االستماع إليهم ما لم يعفهم الرئيس من ذلك‪ ،‬وما لم تعترض النيابة العامة أو‬
‫األطراف‪.‬‬

‫وإذا كان الخبراء غير محلفين‪ ،‬فقد أوردت املادة ‪ 345‬من ق‪.‬م‪.‬ج صيغة القسم الذي‬
‫يؤدونه أمام املحكمة وهو ‪ " :‬أقسم باهلل العظيم على أن أقدم مساعدتي للعدالة وفق ما‬
‫يقتضيه الشرف والضمير"‪.‬‬
‫إذا عارض شخص استمع إليه أثناء جلسة الحكم بصفته شاهدا أو على سبيل‬
‫االستئناس فيما ورد بمستنتجات أحد الخبراء أو تقديم بيانات تقنية جديدة‪ ،‬فإن الرئيس‬
‫يطلب من الخبير ومن النيابة العامة واألطراف عند االقتضاء أن يقدموا مالحظاتهم‪ ،‬وتصرح‬
‫املحكمة بقرار معلل إما بصرف النظر عن املنازعة ومواصلة املناقشات‪ ،‬وإما بتأجيل‬
‫القضية إلى تاريخ الحق‪ ،‬وفي هذه الحالة يمكن للمحكمة أن تقرر كل تدبير تراه مفيدا‬
‫بالنسبة إلجراء الخبرة ( املادة ‪ 346‬من ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬
‫ومن الحاالت التي تناقش في هذا الصدد التقارير الطبية املنجزة من طرف الخبراء‬
‫واملتعلقة بالحالة الصحية للمطالب بالحق املدني سيما إذا كان هناك عدم الوضوح في نسب‬
‫العجز املحددة ودرجتها‪ ،‬مما يجعل املحكمة تستدعي الخبير لتلقي توضيحاته في املوضوع‬
‫ومناقشتها أمامها‪.‬‬

‫‪ )106‬قرار ‪ 9/977‬بتاريخ ‪ 2010/06/03‬ملف عدد ‪.2010/9/6/2596‬‬

‫‪75‬‬
‫الفقرة الثامنة‪ :‬مرافعة المطالب بالحق المدني‬

‫نصت املادة ‪ 306‬من قانون املسطرة الجنائية على أنه " تجري املناقشات بعد إنتهاء‬
‫البحث‪ ،‬ما لم يتقرر خالف ذلك بمقتض ى قانون خاص‪ ،‬أو بأمر من الرئيس حسب الترتيب‬
‫التالي‪:‬‬

‫يقدم الطرف املدني إن وجد طلبه بالتعويض عن الضرر؛‬


‫تقدم النيابة العامة ملتمساتها؛‬
‫يعرض املتهم دفاعه وكذا املسؤول عن الحقوق املدنية عند اإلقتضاء؛‬
‫يكون املتهم آخر من تكلم؛‬
‫يعلن الرئيس بعد ذلك انتهاء املناقشات‪".‬‬
‫وإنطالقا من هذه املادة‪ ،‬فوجود الطرف املدني يجعله محقا في تقديم طلباته من خالل‬
‫منحه فرصة للترافع أمام هيئة الحكم سواء بصفة شخصية أو بواسطة محام يكلفه بالنيابة‬
‫عنه‪ ،‬وقد تكون هذه املرافعة شفوية وحسب‪ ،‬يقوم كاتب الضبط بتدوبنها بمحضر الجلسة‪،‬‬
‫وقد تكون شفوية مدعمة بمذكرة كتابية‪ ،‬كما يمكن أن تكون على شكل مذكرة مكتوبة‬
‫تسمى مذكرة املطالب املدنية التي يتكتفي الطرف املدني أو دفاعه بتأكيدها‪ ،‬أو اإلشارة إلى‬
‫وجودها بامللف في حالة عدم حضور الطرف املدني‪ ،‬كون األخير ال يعد طرفا أساسيا في‬
‫الدعوى الجنائية لذلك ال يكون حاضر في جميع مراحلها ‪.‬‬
‫‪107‬‬

‫وعليه إرتأيت تناول هذه الفقرة من خالل نقاط ثالث نخصص األولى منها ملذكرة‬
‫املطالب املدنية‪ ،‬لنعرض في الثانية نموذجا ملرافعة الطرف املدني‪ ،‬لنختم في الثالثة‬
‫بمالحظاتنا حول هذه املرافعات‪ ،‬وذلك كما يلي"‬
‫أوال‪ :‬مذكرة المطالب المدنية‬

‫تعتبر مذكرة املطالب املدنية أكثر الوسائل املعتمد عليها حين التنصب طرفا في الدعوى‬
‫الجنائية‪ ،‬والتي قد يتقدم بها الطرف املتضرر بصفة شخصية أو بواسطة محاميه‪،‬وقد‬
‫نصت املادة ‪ 350‬من قانون املسطرة الجنائية على البيانات الواجب توفرها في هذه املذكرة‬
‫والتي يمكن تحديدها في التالي‪:‬‬

‫‪ )107‬شرح وزارة العدل لقانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ج‪ 2‬بمراجعه السابقة ص ‪.74‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ -1‬البيانات الكفيلة للتعريف بالطرف المدني‪ :‬واملتمثلة في كل البيانات الضرورية‬
‫لتحديد هوية املطالب بالحق املدني بالدقة املطلوبة كاالسم العائلي والشخص ي‪،‬‬
‫واسم األبوين والعنوان‪ ،‬ورقم البطاقة الوطنية أو ما يقوم مقامها‪ ،‬وأكيد أن هذه‬
‫املذكرة ال بد وأن تشير أيضا إلى إسم املتهم املتسبب في الجريمة املحدثة للضرر؛‬
‫‪ -2‬تبيان الجريمة المترتب عنها الضرر‪ :‬من خالل توضيح األفعال اإلجرامية التي‬
‫أتاها املتهم واملسببة للضرر؛‬
‫‪ -3‬تحديد األسباب المبررة للطلب‪ :‬ويمكن اعتبارها هنا بمثابة الحيثيات التي يستند‬
‫عليها املتضرر لتبرير طلبه كتحديد الحجج واألدلة التي تثبت قيام املتهم باملنسوب‬
‫إليه‪ ،‬وكذا تلك املثبتة لحجم للضرر الذي تعرض له؛‬
‫‪ -4‬تحديد مبلغ التعويض المطلوب‪ :‬يتعين على املتضرر أن يحدد مبلغ التعويض عن‬
‫الضرر الذي لحق به‪،‬ويحدد ذلك بالعملة املغربية‪ ،‬غير أنه يمكنه أن يطالب باملبلغ‬
‫بعملة أخرى مع التأكيد على أداء مقابلها بالدرهم وذلك تفاديا ملا قد يحدث له من‬
‫مشاكل تتعلق بقانون الصرف وإجراءاته من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فالدرهم هو‬
‫العملة القانونية املتداولة في املغرب‪ ،‬كما ال يمكن للمتضرر أن يحدد مبلغ‬
‫التعويض بالريال ( ‪ 5‬سنتيمات) رغم أن هذه التسمية لها استعمال شائع في‬
‫الوسط املغربي ‪.‬‬
‫‪108‬‬

‫‪ -5‬تعيين الموطن المختار‪ :‬وذلك في الحالة التي يكون فيها مقيما خارج دائرة نفوذ‬
‫املحكمة التي تنظر في الدعوى‪ ،‬وإال حرم من حق اإلحتجاج بعدم تبليغه باإلجراءات‬
‫التي كان يتعين تبليغها له وفق نصوص القانون‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن هذه املطالب معفاة من الرسوم القضائية‪ ،‬وال يؤدى عنها إال القسط‬
‫الجزافي املنصوص عليه في املادة ‪ 50‬من القانون رقم ‪ 23.86‬املتعلق بتنظيم املصاريف‬
‫القضائية في امليدان الجنائي‪ ،‬كما سبق وأن بسطناه سلفا‪.‬‬
‫وباستقراء املادة ‪ 349‬من ق‪.‬م‪.‬ج سنجد أن تقديم املذكرة وردة بصيغة اإللزام على من‬
‫سبق بتقديم مطالبه أمام هيئة التحقيق‪ ،‬أي أنه – وبصيغة املخالفة‪ -‬فاملتضرر الذي سبق‬
‫له أن تنصب طرفا مدنيا أمام قاض ي التحقيق ال يسوغ له أن يقدم مطالبه شفاهة أمام‬

‫‪ )108‬ذ الحسن البوعيسي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.264‬‬

‫‪77‬‬
‫هيئة الحكم‪ ،‬وإنما أن يقدم لزوما مذكرة املطالب املدنية قبل الجلسة بكتابة الضبط أو‬
‫أثنائها بين يدي الرئيس مع احترام الشروط التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬إرفاق املذكرة بصورة لوصل أداء القسط الجزافي؛‬
‫ب‪ -‬تحديد املطالب األساسية؛‬
‫ت‪ -‬تحديد مبلغ التعويض املطلوب‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نموذج لمرافعة عن المطالب بالحق المدني‬

‫عكس القيد الذي فرضته املادة ‪ 349‬من ق‪.‬م‪.‬ج على الطرف املدني الذي سبق له أن‬
‫قدم مطالبه أمام قاض ي التحقيق‪ ،‬جاءت املادة ‪ 350‬من نفس القانون لعطي الخيار‬
‫للمتضرر الذي يتقدم بصفته طرفا مدنيا أمام هيئة الحكم بأن يقدم مطالبه على شكل‬
‫مذكرة وفق الشكل النصوص عليه في املادة ‪ 349‬سالفة الذكر‪ ،‬أو بتصريح شفهي يسجله‬
‫كاتب الضبط بالجلسة‪ ،‬وينذر ألداء القسط الجزافي‪ ،‬لكن من الناحية العملية فالشائع هو‬
‫املرافعات التي يقوم بها رجال ونساء الدفاع نيابة عن الطرف املدني‪ ،‬سواء تعزز ذلك بمذكرة‬
‫مكتوبة أم ال‪.‬‬
‫وتتوحد في الغالب مرافعات دفاع الطرف املدني إذ أنها تنطلق باإلشارة إلى فصول‬
‫املتابعة وتبسيط وقائع النازلة‪ ،‬قبل أن تبرز عناصر الفعل الجرمي والضرر الناتج عنه والذي‬
‫طال املطالب بالحق املدني‪ ،‬قبل أن يتم ا إعالن عن امللتمسات سواء في الشق املتعلق‬
‫بالدعوى العمومية أو املدنية‪ ،‬وكنموذج نضع مرافعة لألستاذ محمادي ملعكشاوي التالية‪:‬‬
‫‪109‬‬

‫سيدي الرئيس‪:‬‬
‫أحضر مع السيد ‪ ....‬بصفته مطالبا بالحق املدني في مواجهة املتهم املتابع بخيانة األمانة‬
‫طبقا للفصل ‪ 547‬من القانون الجنائي‪ ،‬وأستعرض في عجالة وقائع هذه القضية التي ترجع‬
‫وقائعها األولى إلى صيف سنة ‪ 2005‬عندما كان موكلي يعتزم الرجوع إلى أملانيا حيث يعيش‬
‫مهاجرا منذ ثالثين سنة‪ ،‬يزور فيها مدينة أصيلة في شهر غشت من كل سنة‪ ،‬توجه إلى دكان‬
‫جاره املتهم ‪ ...‬ليتوجها إلى البلدية لإلشهاد على صحة إمضائيهما الذين ذيال به توكيال صادرا‬
‫عن املطالب بالحق املدني للمتهم‪ ،‬يتولى بموجبه اإلحتفاظ بسيارة املرسيدس ‪ 500‬التي‬
‫تسلمها منه مع وثائقها ومفاتحها حسب اعترافه‪ ،‬على أن يبيعها ملن يرغب في شرائها من‬

‫‪ )109‬املرافعات في القضايا الجنائية عما وعمال‪ ،‬ط‪ ،1‬س ‪ ،2011‬املرافعة رقم‪ 29 :‬ص ‪ 193‬و‪.194‬‬

‫‪78‬‬
‫الناس على أن ال يقل الثمن عن ‪ 300.000‬درهم‪ ،‬وإخباره هاتفيا للمجيء من أجل تسليمه‬
‫ثمن املبيع‪ ،‬مع تعويضه عن جميع املصاريف التي ينفقها‪ ،‬وبعد شهر من ذلك باع السيارة‬
‫بثمن قدره ‪ 350.000‬درهم‪ .‬وبعد تاريخ البيع بشهرين اتصل بالشرطة ليبلغ عن سرقة‬
‫السيارة‪ ،‬وليبلغ صديقه صاحب السيارة باتصال هاتفي أن السيارة سرقت ليعود هذا األخير‪،‬‬
‫ولتنتهي الحكاية بالعثور على السيارة ومشتريها الذي يتواجه بحججه مع البائع الذي خان‬
‫األمانة‪.‬‬
‫سيدي الرئيس‪ :‬إن عناصر خيانة األمانة تتكون من‪:‬‬
‫‪ _1‬فعل مادي‪ :‬يتكون من تسلم املنقول على وجه األمانة ثم إختالسه أو تبديده‪،‬‬
‫واملتهم تسلم املنقول وهي السيارة على وجه األمانة باعترافه املضمن في صك التوكيل‪ ،‬ونقلها‬
‫إلى مستودع له بداره‪ ،‬ثم باعها حسب نسخة العقد التي أدلى بها املشتري للضابطة القضائية‬
‫بالثمن املنصوص عليه في العقد‪ ،‬وقد صرح أنه خسر منه ‪ 150.000‬درهم على مائدة القمار‬
‫بالكازينو ‪ ...‬وهو ما يؤكد واقعة التبديد‪.‬‬
‫‪ _2‬محل الجريمة‪ :‬وهو منقول مملوك للغير‪ ،‬وهو سيارة مرسيدس ‪ 500‬مملوكة‬
‫للمطالب بالحق املدني‪.‬‬
‫‪ _3‬ضرر يلحق صاحب المنقول المختلس أو المبدد‪ :‬ستجلى الضرر في فقدانه‬
‫السيارة ألنه لم يتوصل بدرهم واحد من ثمنا‪ ،‬واملتهم يؤكد أنه خسر مبلغ ‪ 150.000‬درهم‬
‫وهو ما يناهز النصف تقريبا في املقامرة وال يعرف مصير الباقي‪.‬‬
‫‪ _4‬قصد جنائي‪ :‬واملطلوب في جريمة خيانة األمانة القصد العام كغيرها من الجرائم‪،‬‬
‫وهو مفترض‪.‬‬
‫وحيث إلن عناصر الجريمة ثابتة بأدلة يقينية فمن املناسب مؤاخذته على ما ارتكب‬
‫من أفعال‪.‬‬
‫ألجله‪ ،‬ألتمس من جنابكم‪:‬‬
‫*الحكم بإدانة املتهم طبقا للقانون‪ ،‬وتبعا لذلك‪:‬‬
‫* الحكم في الدعوى املدنية بأداء املتهم للعارض مبلغا قدره ‪ 350.000‬درهم شامال‬
‫قيمة الوديعة والتعويض‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫ثالثا‪ :‬مالحظات حول مرافعات الطرف المدني‬

‫إن ما نالحظه أثناء املمارسة العملية في مرافعات الدفاع خالل الخصومة الجنائية التي‬
‫يوجد بها طرف مدني هو ذلك النقاش الذي يدور هو مناقشة دفاع املطالب بالحق املدني‬
‫للدعوى العمومية وملتمساته الرامية من خاللها إلى تطبيق أقص ى العقوبات على املتهم قبل‬
‫أن يسرد التعويضات املطالب بها‪ ،‬ليثور التساؤل في هذه املناسبة حول أحقية دفاع املطالب‬
‫بالحق املدني بالخوض في الدعوى العمومية؟‬
‫بخصوص هذه اإلشكالية هناك اتجاهان متباينان هما‪:‬‬
‫‪ ‬اإلتجاه األول القائل بأحقية دفاع املطالب بالحق املدني بالخوض في الدعوى العمومية‪:‬‬
‫وسندهم في ذلك أنه وإلبراز الضرر الذي لحق بالطرف املدني‪ ،‬البد من إثبات األفعال‬
‫الجرمية املنسوبة للمتهم‪ ،‬واملطالب بالحق املدني في هذه الحالة طرف مساعد للنيابة‬
‫العامة املمثلة للمجتمع في سبيل استجالئها للحقيقة‪ ،‬كما أن الحكم بالعقوبات املناسبة‬
‫ضد الفاعل يدخل ضمن التعويض املعنوي الذي سيستفيد منه الضحية ال محالة‪.‬‬
‫‪ ‬اإلتجاه الثاني القائل بعدم جواز خوض دفاع الطرف املدني في الدعوى العمومية‪ :‬وذلك‬
‫على أساس أن الدعوى العمومية من اختصاص النيابة العامة لوحدها‪ ،‬واملسطرة‬
‫الجنائية حين مخاطبتها للطرف املدني تقتصر باإلشارة إلى ما يتعلق بحقوقه املدنية ال‬
‫غير‪ ،‬ولوضوح املادة الثانية من قانون املسطرة الجنائية التي نصت على أنه " يترتب عن‬
‫كل جريمة الحق في إقامة دعوى عمومية لتطبيق العقوبات‪ ،‬والحق في إقامة دعوى‬
‫مدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي تسببت فيه الجريمة"‪ ،‬وعليه‪ ،‬ومادام أن‬
‫تطبيق العقوبات يدخل ضمن الدعوى العمومية‪ ،‬فال يحق للمطالب بالحق املدني‬
‫املطالبة بتطبيق عقوبة محددة على املتهم‪ ،‬بل وال يحق له بناء على ذلك الخوض في‬
‫الدعوى العمومية‪.‬‬
‫ومن وجهة نظرنا املتواضعة‪ ،‬فلكال االتجاهين ركائز ودعامات يقوم عليها‪ ،‬لكن ال‬
‫يمكن التسليم بهما كلية‪ ،‬وإنما يمكن التوفيق بينهما من خالل‪:‬‬
‫أ‪ -‬حق دفاع الطرف املدني مناقشة األفعال الجرمية املنسوبة للمتهم ألن من شأن إثباتها‬
‫القول بأحقية املتضرر الحصول على التعويض املناسب لألضرار التي طالته جرائها؛‬

‫‪80‬‬
‫ب‪ -‬إمساك دفاع الطرف املدني عن التماس تطبيق عقوبات محددة ألن ذلك من صالحيات‬
‫النيابة العامة املمارسة للدعوى العمومية‪ ،‬وليس للمطالب بالحق املدني‪.‬‬
‫الفقرة التاسعة‪ :‬مرافعة النيابة العامة‬

‫تقدم النيابة العامة في مرافعتها تبسيطا للوقائع وكذا فصول املتابعة‪ ،‬وكذا مستنتجاتها‬
‫التي توصلت إليها بعد دراستها للقضية ووثائقها سيما محاضر البحث التمهيدي ومحاضر‬
‫االستنطاق أمامها وكذا وثائق التحقيق حالة وجودها‪ ،‬وما توصلت إليها أثناء مناقشة‬
‫القضية أمام املحاكمة‪ ،‬قبل أن تعرض ملتمساتها في املوضوع‪.‬‬

‫واملالحظ أنه من الناحية العملية‪ ،‬ونظرا لكثرة امللفات املعروضة على املحكمة‪ ،‬يعمد‬
‫بعض من ممثلي الحق العام إلى نطق جملة فريدة ووحيدة – وهو جالس‪ " -‬نلتمس اإلدانة‬
‫وفق فصول املتابعة" أو ما شابهها‪ ،‬هذا إن لم تكن كلمة وحيدة هي "اإلدانة"‪ ،‬هذا دون أن‬
‫ننكر وجود مرافعات باملفهوم املتعارف عليه سيما في بعض القضايا الهامة أو املستأثرة‬
‫بمتابعة الرأي العام أو غيرها‪.‬‬
‫الفقرة العاشرة‪ :‬مرافعة المتهم‬

‫تتم مرافعة املتهم بدفاع هذا األخير عن نفسه أو بواسطة محام يعينه لهذا الغرض أو‬
‫تعينه له املحكمة حسب األحوال ( املواد ‪ 423 ،385‬من ق‪.‬م‪.‬ج)‪ ،‬غير أن املرافعة بمفهومها‬
‫الدقيق ال تتم إال بوجود محامي املتهم‪ ،‬كون دفاع املتهم عن نفسه يتداخل ومرحلة‬
‫استنطاقه ومواجهته باملنسوب إليه وباألدلة املوجهة ضده‪ ،‬أما مرافعة الدفاع فتتجلى‬
‫أهميتها أنها تبدأ قبل مناقشة املحكمة ملوضوع القضية‪ ،‬أي في مرحلة إثارة الدفوع الشكلية‬
‫املتعلقة بكل من الدعويين املدنية والعمومية‪ ،‬ثم بعدها تأتي مناقشة املوضوع الذي من‬
‫خالله يقدم الدفاع كل الوسائل الكفيلة لتبرئة ساحة املتهم أو لتكييف األفعال إلى وصف‬
‫أخف مع توضيح الظروف االجتماعية والشخصية املستوجبة لتمتيع املتهم بظروف‬
‫التخفيف ألجل الخفض من العقوبة أو جعلها – جزئيا أو كليا – موقوفة التنفيذ‪ ،‬وما يترتب‬
‫عن ذلك من آثار بالنسبة للدعوى املدنية التابعة‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫الفقرة الحادية عشر‪ :‬دور كاتب الضبط بالجلسة‬

‫ال يخفى ألحد ما لكاتب الجلسة من دور هام في تدوينه لكل ما يروج بالجلسة‪ ،‬ومنها‬
‫مطالب ومرافعات الطرف املدني‪ ،‬فقد نصت املادتين ‪ 305‬و ‪ 442‬من قانون املسطرة‬
‫الجنائية على أن كاتب الضبط يحرر محضرا في كل قضية يضم فيه كل ما شاهده وسمعه‬
‫أثناء الجلسة‪ ،‬وبذلك يكون لهذا املحضر قوة ثبوتية هامة ال يمكن الطعن فيه إال بالزور‪،‬‬
‫وتعتبره محكمة النقض متى كان صحيحا مكمال للحكم فيما عس ى أن يكون قد أغفله ‪.‬‬
‫‪110‬‬

‫وحفاظا على مصالحه‪ ،‬يحق للمطالب بالحق املدني أن يطلب من الرئيس أمر كاتب‬
‫بتالوة املحضر أو جزء منه للتأكد من تضمين ملتمساته وطلباته أو لتضمين ما تم إغفاله‬
‫وفق ما أكدته املادتين ‪305‬و ‪ 442‬من قانون املسطرة الجنائية‪.‬‬
‫ولتسليط الضوء على هذه النقطة سنتناول بعض املسائل املتعلقة بكاتب الجلسة‬
‫واملحضر املحرر من طرفه (النموذج ‪ )4‬في النقاط التالية ‪:‬‬
‫‪111‬‬

‫أوال‪ :‬اإلطارالقانوني املنظم ملحضرالجلسة‬


‫‪ ‬التنظيم القضائي للمملكة‪.‬‬
‫‪ ‬املسطرة املدنية ‪ :‬الفصول ‪121-98-97-88-86-85-83-70-51 :‬‬
‫‪ ‬املسطرة الجنائية‪ :‬الفصول‪-149-140-139-135-134-126-124-122-121-119 :‬‬
‫‪-470-457-452-442-439-429-423-399-374-350-340-338-312-305-287 -232‬‬
‫‪490-488‬‬
‫ثانيا‪ :‬وظائف محضرالجلسة‬
‫‪ -‬وضعية الرقابة؛‬
‫‪ -‬ذاكرة امللف القضائي؛‬
‫‪ -‬مرجع لألحكام‪.‬‬
‫ثالثا ‪:‬الشروط املطلوبة في كاتب الجلسة‬
‫‪ -‬أن يكون موظفا من هيئة كتابة الضبط؛‬

‫‪ 439‬بتاريخ‪ 1980/04/03 :‬منشور بمجموعة قرارات املجلس األعلى في املادة الجنائية‪ ،‬ج‪ ،1‬ص ‪ 524‬وما يليها‪.‬‬ ‫‪ )110‬قرار عدد‬
‫‪ )111‬للتوسع أكثر يراجع ‪ :‬دليل اإلجراءات العملية باإلدارة القضائية‪ ،‬الجزء ‪ ،1‬عمر الموريف ويوسف أيت بها‪ ،‬نشر دار نور ‪ ،‬الطبعة ‪،1‬‬
‫س ‪ ،2017‬ص ‪ 19‬وما يليها‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫‪ -‬أداء اليمين القانونية؛‬
‫‪ -‬ارتداء البذلة النظامية؛‬
‫‪ -‬اعتماد النموذج الرسمي للمحضر؛‬
‫‪ -‬الحياد و األمانة؛‬
‫‪ -‬اإلملام باملرجعية القانونية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ما ينبغي مراعاته شكال و موضوعا في تحريرمحاضر الجلسات‬
‫‪ -‬ينبغي ان نراعي في كتابة املحضر بعض القواعد التي ال يمكن االستغناء عنها كالدقة‬
‫والحيطة من التشطيب أو املحو أو اإلضافة أو الكتابة بين السطور أو في الطرة‬
‫أو التغيير أو التكرار وال أي ش يء آخر من شأنه أن يثير الريبة حتى تكون‬
‫للمحضر قيمته اإلثباتية والقانونية ألن ما سجل به ال يمكن الطعن فيه إال‬
‫بالزور ;‬
‫‪ -‬إذا كان املحضر غير مستوف للبيانات القانونية الالزمة فإنه ال يؤخذ به وكاتب‬
‫الضبط مسؤول عن كل مخالفة قد يرتكبها;‬
‫‪ -‬تحرير محضر الجلسة يتطلب ان تكون لكاتب الضبط ثقافة قانونية وأن يكون‬
‫متصفا بالنزاهة واالستقامة والجدية حتى يتأتى له تحرير محضر سليم من‬
‫األخطاء الشكلية و املوضوعية و يجب أن تكون الصياغة بألفاظ مبسطة بعيدة‬
‫عن التعقيد;‬
‫‪ ‬من ناحية الشكل‪:‬‬
‫استعمال اللغة العربية الفصحى؛‬ ‫‪-‬‬
‫استعمال املصطلحات القانونية؛‬ ‫‪-‬‬
‫تنمية الثقافة القانونية؛‬ ‫‪-‬‬
‫السرعة و الدقة؛‬ ‫‪-‬‬
‫الكتابة بخط واضح و مقروء؛‬ ‫‪-‬‬
‫تفادي التشطيب أو املحو أو الكشط؛‬ ‫‪-‬‬
‫تفادي الحشو و االطناب و اإلطالة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ‬من ناحية الموضوع‬
‫‪ .1‬رقم القضية؛‬

‫‪83‬‬
‫‪ .2‬طبيعة النزاع؛‬
‫‪ .3‬تاريخ الجلسة ؛‬
‫‪ .4‬الهيئة الحاكمة ؛‬
‫‪ .5‬تسجيل افتتاح الجلسة وتسجيل املناداة على األطراف؛‬
‫‪ .6‬تسجيل علنية الجلسة أو سريتها طبقا للفصل ‪ 50‬من قانون املسطرة‬
‫أو بغرفة املشورة طبقا للفصل ‪ 345‬من ق م م ؛‬
‫‪ .7‬ذكر اسم األطراف طبقا للفصول ( ‪ 50‬و ‪ 345‬و ‪ 375‬من ق م م ) ؛‬
‫‪ .8‬تسجيل توصيل األطراف باالستدعاء طبقا للفصلين ‪ 37/36‬من ق م‬
‫م‪.‬‬
‫‪ .9‬اسم املحكمة؛‬
‫‪ . .10‬تسجيل حضور األطراف بالجلسة ؛‬
‫‪ .11‬تسجيل دفاع الطرفين منها ‪ :‬الدفوع الشكلية قبل كل دفع او دفاع؛‬
‫‪ .12‬تسجيل تأخير النظر في القضية إذا ما قررت املحكمة ذلك؛‬
‫‪ .13‬تسجيل تالوة التقرير من طرف الرئيس ؛‬
‫‪ .14‬تسجيل موقف املحكمة من هذه الدفوع ؛‬
‫‪ .15‬تسجيل استجواب رئيس الهيئة الحاكمة بالنسبة لكل واحد من‬
‫الحاضرين ؛‬
‫‪ .16‬تسجيل الكاتب جواب كل واحد من األطراف على األسئلة التي ‪,‬وجهتها‬
‫اليه املحكمة؛‬
‫‪ .17‬يسجل جميع األوجه والحجج التي يستند إليها األطراف في الدعوى أو‬
‫محاميهم من إقرار أو دليل كتابي رسمي أو عرفي ؛‬
‫‪ .18‬يسجل تبادل املذكرات التي تقدم في الجلسة من املحامين الى‬
‫املحكمة ( الفصل ‪ 32‬من م م )؛‬
‫‪ .19‬تسجيل سائر امللتمسات التي يقدمها األطراف أو املحامون سواء‬
‫بالنسبة للقرارات التمهيدية أو بالنسبة لصدور الحكم ؛‬
‫‪ .20‬تسجيل اإلجراءات التي قد تتخذها املحكمة بالنسبة لإلجراءات‬
‫التمهيدية‬

‫‪84‬‬
‫‪ .21‬يسجل الكاتب إقفال باب املناقشات عندما تنتهي املحكمة من‬
‫إجراءات التحقيق التي تراها مفيدة وضرورية في جلستها األخيرة‬
‫الختامية ؛‬
‫‪ .22‬تسجيل رفع الجلسة؛‬
‫‪ .23‬التوقيع على محضر الجلسة من طرف القاض ي والكاتب ؛‬
‫‪ .24‬تسجيل منطوق الحكم في املحضر و إقفاله مع التوقيع عليه بعد كل‬
‫جلسة؛‬
‫المطلب الرابع‪ :‬الحكم في الدعوى المدنية التابعة‬

‫ملا كان تخويل املحاكم الجنائية سلطة الفصل في الدعوى املدنية هو اختصاص‬
‫استثنائي من بين أسبابه اإلستفادة من التحقيقات التي أجريت في الدعوى الجنائية‪ ،‬فإن‬
‫النتيجة الطبيعية لهذه الحكمة هي وجوب الفصل فيهما بحكم واحد مبينا فيه ما قض ى به‬
‫بالنسبة إلى كل من الدعويين على حدة ‪ ،‬وذلك سواء قضت بالبراءة أو اإلدانة أو بالسقوط‬
‫‪112‬‬

‫أو باإلعفاء‪ ،‬ومتى تبين لها سبب موجب للحكم بالتعويض فإنها تقض ي به وفق سلطتها‬
‫التقديرية‪.‬‬
‫وعليه إرتأيت التطرق إلى موضوع الحكم في الدعوى املدنية التابعة من خالل تناول‬
‫حاالت الحكم باإلدانة والسقوط واإلعفاء والبراءة‪ ،‬ثم اإلشارة إلى سلطة املحكمة في تقدير‬
‫التعويض‪ ،‬وكذا إلى الطرف املتحمل للمصاريف قبل الختم بإشكال إغفال املحكمة البث في‬
‫املطالب املدنية وذلك من خالل النقاط التالية‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬حالة الحكم باإلدانة‬
‫باستقراء املادة ‪ 5/366‬والفقرة األولى من املادة ‪ 436‬من قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬يتضح‬
‫أنه على املحكمة الزجرية وهي تبث في الحكم أو القرار الصادر عنها بإدانة املتهم أن تبث في‬
‫املطالب املدنية من حيث الشكل أوال للوقوف على مدى صحته إن كان قدم ممن له الصفة‬
‫واألهلية واملصلحة‪ ،‬ومتى ثبت لديها صحة الجانب الشكلي‪ ،‬تنظر في موضوع الدعوى بتقدير‬
‫التعويض املناسب للضرر الذي طال الضحية من جراء الفعل الجرمي‪.‬‬

‫‪ )112‬حسن صادق املرصفاوي‪ ،‬الدعوى املدنية أمام املحاكم الجنائية نشر منشأة املعارف باالسكندرية س ‪ ،1989‬ص‪.454‬‬

‫‪85‬‬
‫ومن عمل محاكم املوضوع في هذا الصدد‪ " :‬وحيث يحق ملن تضرر من الجريمة طلب‬
‫التعويض لجبر ضرره‪.‬‬
‫وحيث أمام ما ثبت في حق املتهم من اغتصاب للقاصر دون رضاها نتج عنه افتضاض وحمل‬
‫كما فصل في حيثيات الدعوى العمومية أعاله يجعل طلب التعويض املقدم من طرف وليها‬
‫الشرعي وجيه و مبرر ملا حصل نتيجة ذلك من أضرار مادية و معنوية لها‪.‬‬
‫و حيث قررت املحكمة إعماال لسلطتها التقديرية تحديد مبلغ التعويض لجبر الضرر في‬
‫القدر املسطر بمنطوق الحكم" ‪.‬‬
‫‪113‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حالة الحكم بسقوط الدعوى العمومية أو باإلعفاء‬


‫إذا قضت املحكمة بسقوط الدعوى العمومية بأحد األسباب املنصوص عليها في املادة ‪4‬‬
‫من قانون املسطرة الجنائية فإن املحكمة الزجرية تستمر في النظر في الدعوى املدنية التابعة‬
‫والفصل فيها‪ ،‬وهو املبدأ الذي قرره املشرع املغربي في املادة ‪ 12‬من ق‪.‬م‪.‬ج الذي أكد فيه أنه‬
‫إذا كانت املحكمة الزجرية التي تنظر في الدعويين العمومية واملدنية معا‪ ،‬فإن وقوع سبب‬
‫مسقط للدعوى العمومية يترك الدعوى املدنية قائمة‪ ،‬وتبقى خاضعة الختصاص املحكمة‬
‫الزجرية‪ ،‬وقد اشترطت محكمة النقض أن يكون السبب املوجب للسقوط قد حصل بعد‬
‫رفع القضية للمحكمة الزجرية ال قبلها حتى يمكن تطبيق نص املادة ‪ 12‬سالفة الذكر‪ ،‬حيث‬
‫نصت في قرارها رقم ‪ 2677‬بتاريخ‪ 1989/03/20 :‬على ما يلي‪ " :‬إذا كانت املحكمة الزجرية‬
‫تنظر في الدعوى العمومية واملدنية معا فإن وقوع حوادث مسقطة للدعوى العمومية يترك‬
‫الدعوى املدنية قائمة وتبقى خاضعة إلى اختصاص املحكمة الزجرية ( املادة ‪ 12‬من ق‪.‬م‪.‬ج)‪،‬‬
‫إن ما ورد في الفصل املذكور من أن املحكمة الزجرية تظل مختصة بالنظر في الدعوى املدنية‬
‫التابعة مشروط بأن يكون سبب سقوط الدعوى العمومية قد طرأ بعد عرضها على‬
‫املحكمة‪ ،‬وليس إذا كان قد حدث قبل ذلك‪ ،‬لهذا تكون املحكمة على صواب حين قضت‬
‫بعدم اإلختصاص بالنظر في الدعوى املدنية لكون الدعوى العمومية كانت قد سقطت قبل‬
‫عرضها على املحكمة" ‪.‬وهو نفس الش يء الذي قرره املشرع املصري في املادة ‪ 2/259‬من‬ ‫‪114‬‬

‫قانون اإلجراءات الجنائية‪.‬‬

‫‪ )113‬محكمة االستئناف بورزازات قرار صادر بتاريخ‪ 2016/04/28 :‬بملف جنائي رقم ‪ 2016/10‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ )114‬منشور بمجموعة قرارات املجلس األعلى لسنوات ‪ ،1995-1981‬ص ‪ 298‬وما يليها‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫كما أكدت الفقرة الثانية من املادة ‪ 436‬من ق‪.‬م‪.‬ج على أن نفس املقتضيات تسرى على‬
‫الدعوى املدنية في حالة صدور حكم باإلعفاء تطبيقا للفصلين ‪ 76‬و ‪ 145‬من القانون‬
‫الجنائي ‪.‬‬ ‫‪115‬‬

‫ويرى بعض الفقه أن الحكمة من هذه القاعدة أنه ليس من العدالة أن يتأثر املدعي‬ ‫‪116‬‬

‫بالحق املدني بظروف طرأت على الدعوى الجنائية ال يد له فيها‪ ،‬فمن حقه أن تستمر‬
‫املحكمة الجنائية في نظر دعواه‪ ،‬كذلك إعماال لفكرة اإلستفادة من اإلجراءات التي تكون قد‬
‫اتخذته املحكمة الجنائية‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬حالة الحكم بالبراءة‬
‫إذا ناقشت املحكمة القضية وتبين لها أن الفعل الجرمي ال ينسب للمتهم‪ ،‬أو أن الفعل‬
‫املنسوب إليه ال يعاقب عليه القانون الجنائي أو لم يعد يعاقب عليه‪ ،‬أو إذا لم تقتنع باألدلة‬
‫املعروضة أمامها وظل الشك يخامرها‪ ،‬فإنها تقض ي بالبراءة‪ ،‬وتستتبع لذلك الحكم بعدم‬
‫االختصاص في املطالب املدنية‪ ،‬وهو ما ستشف من قراءة الفقرة األولى من املادة ‪398‬‬
‫والفقرة األخيرة من املادة ‪ 436‬من قانون املسطرة الجنائية‪.‬‬
‫جاء في أحد قرارات محكمة اإلستئناف بورزازات‪ " :‬وحيث أمام نفي املتهم في جميع مراحل‬
‫البحث و أمام ما اجري من تحقيق أمام املحكمة لم يسفر على كون املتهم هو الذي قام‬
‫باالعتداء على املشتكي و في غياب االقتناع الصميم للمحكمة فقد قررت إعمال األصل و‬
‫القول بالبراءة‪.‬‬
‫و حيث إن ذلك يقتض ي القول بعدم االختصاص للبث في املطالب املدنية" ‪.‬‬
‫‪117‬‬

‫ويمكن للمتهم الذي صدر في شأنه حكم بالبراءة أن يرفع ضد الطرف املدني دعوى‬
‫حسب اإلجراءات العادية يطلب فيها التعويض عن الضرر ( املادة ‪ 437‬من ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬تقدير التعويض‬

‫أن الشخص المتابع أمامها بجناية‬ ‫‪ )115‬نص الفصل ‪ 76‬من القانون الجنائي على ما يلي‪ " :‬إذا تبين ملحكمة املوضوع ‪،‬بعد إجراء خبرة طبية‪،‬‬
‫أو جنحة كان عديم المسؤولية تماما وقت ارتكاب الفعل بسبب اختالل عقلي‪ ،‬فإنه يجب عليها‪:‬‬
‫‪ .1‬أن تثبت أن المتهم كان‪ ،‬وقت الفعل‪ ،‬في حالة خلل عقلي يمنعه تماما من اإلدارك أو اإلرادة؛‬
‫‪ .2‬أن تصرح بانعدام مسؤوليته مطلقا وتحكم باعفائه؛‬
‫‪ .3‬أن تأمر في حالة استمرار الخلل العقلي‪ ،‬بإيداعه في مؤسسة لعالج األمراض العقلية؛‬
‫ويبقى األمر باإلعتقال ساريا على المتهم إلى أن يودع فعال في تلك المؤسسة‪".‬‬
‫ونص الفصل ‪ 145‬على أنه‪ " :‬يترتب على األعذار المعفية منح المؤاخذ اإلعفاء المانع من العقاب‪ ،‬غير أن القاضي يبقى له الحق في أن يحكم‬
‫على المعفى بتدابير الوقاية الشخصية العينية ما عدا االقصاء"‪.‬‬
‫‪ )116‬ذ حسن صادق املرصفاوي‪ ،‬املرجع السابق ص ‪.466‬‬
‫‪ )117‬قرار صادر بتاريخ ‪ 2016/05/12‬بامللف الجنائي االستئنافي رقم ‪ 2016/20‬غير منشور‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫املبدأ العام هو أن املحكمة هي التي تملك حق البث في وجود الضرر أو انتفائه كما تقدر‬
‫طبيعته وأهميته‪ .‬هل هو ضرر خاص يحق للمدعي املدني أن يتقاض ى بشأنه أم هو ضرر عام‬
‫تتكفل النيابة العامة وحدها بالتصدي للمتسبب فيه‪ ،‬وهل هو ضرر ضئيل أم ضرر جسيم‬
‫وعلى ضوء تقدر التعويض املناسب وفق ما تملك من سلطة تقديرية تزاوج فيه بين قيمة‬
‫الضرر وظروف املتهم‪ ،‬وفي هذا املجال يمكن للمحكمة االستعانة بآراء الخبراء كما قد‬
‫يستأنس أحيانا بمنشورات أو مطبوعات إدارية تعينه على أن يحدد بشكل تقريبي نسبة‬
‫الضرر التي يمكن اعتمادها حسب الحاالت‪ ،‬بل إن اعتماد جداول أوجدها املشرع مسبقا‬
‫لتقدير نسبة العجز الدائم أو املؤقت الذي أصيب به املتضرر وما يناسبه من تعويض أصبح‬
‫إجباريا في حوادث السير البري منذ صدور ظهير ‪. 1984/10/02‬‬
‫ويرى األستاذ الدكتور محمد عياط أنه ومهما يكن األمر فالقاض ي (املحكمة) يتحرى‬
‫دائما أن تكون متوافرة في الضرر املدعى به ثالث شروط مستخلصة من صياغة املادة‬
‫السابعة من قانون املسطرة الجنائية ومؤكدة من طرف اإلجتهاد القضائي‪ ،‬وهذه الشروط هي‬
‫‪118‬‬
‫أن يكون الضرر محققا‪ ،‬شخصيا ومباشرا‪.‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬تحميل المصاريف‬
‫يتحمل مصاريف الخصومة الجنائية الطرف الخاسر للدعوى‪ ،‬فبالرجوع إلى مقتضيات‬
‫املادة ‪ 441‬من ق‪.‬م‪.‬ج التي أحالت بدورها على املادتين ‪ 367‬و‪ 368‬من نفس القانون سنجد‬
‫أنها تحملها للمتهم في حالة الحكم باإلدانة أو اإلعفاء إن كليا أو جزئيا حسب األحوال‪،‬‬
‫وبخصوص املطالب بالحق املدني فيمكن التمييز بين أمرين هما ‪:‬‬
‫‪ -1‬تحميله مصاريف الدعوى في الحالتين التاليتين‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يكون خاسرا للدعوى التي حركها ال التي حركتها النيابة العامة(املادة ‪ 4/367‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج)؛‬
‫ب‪ -‬في الحالة التي لم يفصل فيها مقرر اإلدانة إال في جرائم وقع تغيير وصفها إما أثناء‬
‫التحقيق أو عند صدور الحكم أو القرار أو األمر وكذا إذا قض ى بإخراج بعض‬
‫األفراد املطلوب متابعتهم من الدعوى (املادة ‪368‬ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬

‫‪ )118‬دراسة في املسطرة الجنائية املغربية‪:‬ج‪ ،1‬س ‪ 1991‬ص ‪.145‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -2‬يعفى املطالب بالحق املدني الخاسر للدعوى من املصاريف – كليا أو جزئيا ‪ -‬متى‬
‫كانت النيابة العامة هي املثيرة للمتابعة وكان هو حسن النية‪ ،‬وذلك بقرار خاص‬
‫ومعلل تصدره املحكمة‪.‬‬
‫الفقرة السادسة‪ :‬إغفال المحكمة البث في المطالب المدنية‬
‫قد يحدث أن تغفل املحكمة البث في املطالب املدنية‪ ،‬وتقض ي في الخصومة الجنائية في‬
‫الدعوى العمومية وحدها‪ ،‬وبخصوص هذا اإلشكال ثار جدل فقهي كبير حول الحلول التي‬
‫يمكن للمتضرر الذي أغفلت طلباته اللجوء إليها حماية لحقوقه من الضياع‪ ،‬فاألستاذ‬
‫الدكتور عبد الواحد العلمي يعتبر أن الجواب املنطقي الجاهز هو أن للمدعي بالحق املدني‬
‫‪119‬‬

‫سلوك طريقي التعرض واالستئناف حسب األحوال ضد الحكم الذي أضر به عندما لم‬
‫يفصل في مطالبه املدنية‪ ،‬أما إذا كان سلوك الطريقين السابقين غير متاحين له‪ ،‬فقد أشار ذ‬
‫محمد عياط إلى إمكانية اللجوء إلى طريق الطعن بإعادة النظر طبقا للفصل ‪ 402‬من‬ ‫‪120‬‬

‫قانون املسطرة املدنية في فقرتها األولى الناصة على إغفال البث في أحد الطلبات‪ ،‬واعتبر هذا‬
‫الرأي منسجم مع بعض أحكام املجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) كالقرار عدد ‪489‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 1978/02/16‬في امللف الجنحي رقم ‪ 54-645‬الذي قض ى بأنه يكون صحيحا‬
‫ومقبوال االعتماد على مقتضيات في املسطرة املدنية اإلعادة النظر في قرار صادر عن املجلس‬
‫األعلى في مادة جنحية‪.‬‬
‫وفي نظري املتواضع‪ ،‬فالدعوى املدنية التابعة املرفوعة أمام املرجع الزجري تبقى‬
‫خاضعة لإلجراءات املنصوص عليها في املسطرة الجنائية‪ ،‬وال يمكن والحالة هته الركون إلى‬
‫مقتضيات املسطرة املدنية إال في الحالة التي ينعدم فيها أي نص يمكن اإلعتماد عليه في‬
‫املسطرة الجنائية‪ ،‬على اعتبار املسطرة املدنية هي األصل‪ ،‬وهذا اإلتجاه قضت به محكمة‬
‫اإلستئناف بورزازات في قرار لها رقم ‪ 157‬بتاريخ ‪ 2014/10/02‬في امللف املدني عدد‬
‫‪ 2014/06‬الذي سلك فيه الطرف طريق إعادة النظر املنصوص عليه في املسطرة املدنية‬ ‫‪121‬‬

‫ضد قرار جنحي في الشق املتعلق بالدعوى املدنية التابعة‪ ،‬ويبقى الحل متى تعذر اللجوء إلى‬
‫الطريقين العاديين في الطعن (التعرض واالستئناف) هو الطعن بالنقض كون إغفال البث في‬

‫‪ )119‬املرجع السابق ص ‪.326‬‬


‫‪ )120‬دراسة في املسطرة الجنائية املغربية‪:‬ج‪ ،1‬س ‪ 1991‬ص ‪.219‬‬
‫‪ )121‬غير منشور‬

‫‪89‬‬
‫الدعوى املدنية تتوفر فيه الشروط املتعلق بهذا الطريق غير العادي كما هي منصوص عليها‬
‫في قانون املسطرة الجنائية وذلك كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬يحق للطرف املدني أن يقدم الطعن بالنقض ملصلحته الخاصة بصفته طرفا في‬
‫الدعوى ( املادة ‪)520‬؛‬
‫ب‪ -‬باعتبار الطرف املدني طرفا في الدعوى‪ ،‬فإن إغفال البث في طلباته يشكل له‬
‫ضررا يخول له حق اللجوء إلى هذا النوع من الطعن ( املادة ‪)523‬؛‬
‫ت‪ -‬يشمل طعن الطرف املدني بالنقض حقوقه املدنية ال غير ( املادة ‪ ،)533‬وبالتالي‬
‫يحق له االحتجاج بعدم البث فيها من طرف محكمة املوضوع؛‬
‫ث‪ -‬نعتبر عدم البث في املطالب املدنية خرق للنصوص املسطرية وأساسا منها‬
‫املادتين ‪ 366‬و ‪436‬؛‬
‫ج‪ -‬إذا ما أثيرت هذه املطالب ولم تجب عنها املحكمة فنعتبرها داخلة ضمن خرق‬
‫حقوق الدفاع املخولة للطرف املدني‪.‬‬
‫وفي الحالة التي يعتبر فها حتى هذا الطريق غير العادي غير متاح‪ ،‬فال نر مانعا من تطبيق‬
‫املادة ‪ 599‬من قانون املسطرة الجنائية بقيام الطرف املتضرر من تقديم طلب لغرفة‬
‫املشورة الستدراك اإلغفال الذي طال مطالبه املدنية‪ ،‬ما دام أن الغرفة تعتبر في عدد من‬
‫قراراتها إغفال بعض األمور في األحكام داخال ضمن األخطاء املادية التي يمكن تداركها في هذا‬
‫اإلطار‪.‬‬
‫وقد قضت محكمة النقض في قرار حديث لها بنقض قرار املحكمة التي أغفلت البث في‬
‫الدعوى املدنية التابعة حيث ورد من حيثياتها ما يلي‪ " :‬وحيث إن الثابت من وثائق امللف ومن‬
‫محضر الجلسة صحيح الشكل أن محامي العارض أدلى للمحكمة املطعون في قرارها بوصل‬
‫أداء الصائر الجزافي في اسم املمثل القانوني لها والتمس على ضوء ذلك الحكم له بمطالبه‬
‫املدنية ‪ ،‬وال يستفاد من القرار املطعون فيه أن املحكمة أجابت عن امللتمس املذكور ال سلبا‬
‫‪122‬‬
‫وال إيجابا‪ ،‬فمست بذلك حقوق دفاعه‪ ،‬مما يعرض القرار للنقض واإلبطال"‬
‫هذا مع التذكير بأن املرجع املدني يبقى مفتوحا أمام املطالب بالحق املدني في هذه الحالة‬
‫أيضا‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫نشرة قرارات محكمة النقض – الغرفة الجنائية‪ ،‬العدد ‪ 20‬سنة ‪،2015‬ص ‪72‬‬

‫‪90‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬حق الطرف المدني بالطعن في الدعوى المدنية التابعة‬
‫إن الغاية من وراء إقرار املشرع ملختلف طرق الطعن في املسطرة الجنائية هي تجاوز‬
‫العيوب التي تكون قد طالت الحكم أو املقرر حين صدوره من املحكمة التي قد تس يء التقدير‬
‫وهي تتناول الوقائع‪،‬أو حين تطبيق القانون‪.‬‬

‫فطبيعي أن يشعر كل خصم في الدعوى التي تنتهي بحكم مشوب بالخطأ بالظلم املرير‬
‫نتيجة اإلعتداء ـ غير املقصود طبعا ـ على حق من حقوقه التي هضمت من قبل جهاز يفترض‬
‫فيه أنه حامي الحقوق ال هاضمها ‪.123‬‬
‫وقد خول املشرع للمطالب بالحق املدني حق الطعن في األحكام والقرارات التي يعتبرها‬
‫ضارة بحقوقه املدنية‪ ،‬وسنتناول في هذا املطلب إلى طرق الطعن التي يمكنها للطرف املدني‬
‫سلوكها أمام قضاء املوضوع الزجري من خالل التطرق إلى التعرض واإلستئناف والنقض‬
‫قبل أن نختم بعمل شعبة الطعون الزجرية باإلدارة القضائية‪،‬وذلك من خالل الفقرات‬
‫التالية‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الطعن بالتعرض‬

‫نظم املشرع املغربي التعرض ضمن املواد ‪ 394 ، 393‬و ‪ 395‬من قانون املسطرة‬
‫الجنائية‪ ،‬وهو طريق من طرق الطعن العادية الذي يرمي إلى إعادة عرض القضية إلى‬
‫املحكمة التي أصدرت الحكم أو القرار املعتبر غيابيا من الناحية القانونية‪.‬‬

‫وقد عرفته محكمة التمييز األردنية من خالل قولها‪ " :‬يترتب عن املعارضة في الحكم‬
‫الغيابي إعادة طرح القضية من جديد على املحكمة التي أصدرت الحكم والتي لم تستنفذ‬
‫واليتها بعد عن نظر القضية"‪ .124‬وبذلك يعد التعرض طريقا عاديا غير ناقل‪ ،‬ألن الجهة التي‬
‫صدر عنها الحكم أو القرار الغيابي هي املؤهلة للبث فيه بعد سلوكه‪ ،‬وهو قاصر على الجنح‬
‫واملخالفات فقط‪ ،‬أما الجنايات فتعرف مسطرة خاصة هي املسطرة الغيابية‪.125‬‬

‫‪123‬‬
‫ذ عبد الواحد العلمي‪،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪،‬الجزء الثالث ‪،‬ط‪،1‬ص ‪72‬‬
‫‪124‬‬
‫تمييز جزاء ‪ 71/48‬مجلة نقابة المحامين لسنة ‪ 1971‬و المصدر ‪ 3‬ص ‪ ،1330‬أنظر محمد صبحي نجم المرجع السابق ص ‪.512‬‬
‫‪125‬‬
‫وهي التي نظمها المشرع في المواد من ‪ 443‬إلى ‪ 454‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫ويرى األستاذ محمد صبحي نجم أن الحكمة من االعتراض (التعرض) تتمثل في مبدأ‬
‫جواز أن يدان شخص دون أن يسمع القضاء دفاعه‪ ،‬ولذلك فالحكم يكون ضعيفا ويحتمل‬
‫أن يكون غير صحيح‪ ،‬ألنه لم يعتمد سوى على أدلة املشتكي دون إعطاء الفرصة لسماع‬
‫أقوال املشتكى عليه‪.126‬‬
‫وهي ذات الحكمة التي نلتمسها بشأن املطالب بالحق املدني الذي فصل في الدعوى التي‬
‫يعد فيها طرفا في غيابه‪ ،‬فربما كانت له وسائل وحجج قد تجعل الحكم يصب لصالحه لو كان‬
‫حاضرا وأدلى بوسائل دفاعه‪.‬‬
‫واملالحظ أن املشرع املغربي في املادة ‪ 393‬من ق‪.‬م‪.‬ج خص الحديث عن التعرض‬
‫وشكلياته املحكوم عليه والذي قد يبدو عند الوهلة األولى أنه يقصد به املتهم واملسؤول‬
‫املدني‪ ،‬ليتضح في الفقرة الثانية منها أن املقصود هو املتهم ما دام يتحدث عن املحكوم عليه‬
‫بعقوبة!‪ ،‬ليطرح التساؤل هل الشكليات التي خصها باملتهم الراغب بالطعن بالتعرض تسري‬
‫أيضا على املسؤول املدني واملطالب بالحق املدني ما دام أن املادة ‪ 394‬من ق‪.‬م‪.‬ج قد خولت‬
‫لهما حق الطعن بالتعرض أيضا؟‪.‬‬
‫معلوم أن كل األطراف تخضع لذات الشروط الشكلية التي يجب عليهم سلوكها عند‬
‫الطعن بالتعرض‪ ،‬لذا أعتقد أنه كان من األجدر على املشرع املغربي أن يشير في املادة ‪393‬‬
‫سالف الذكر إلى كل من املسؤول املدني واملطالب بالحق املدني حتى تنسجم مقتضيات‬
‫النص مع املمارسة العملية‪ ،‬وحتى ال تبدو هذه املادة مشابهة للمادة ‪ 184‬من قانون‬
‫اإلجراءات الجنائية األردني الذي قصر حق الطعن بالتعرض على املحكوم عليه فقط دون‬
‫املدعي بالحقوق املدنية‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى املادة ‪ 394‬من ق‪.‬م‪.‬ج سنجد أن حق الطرف املدني بالطعن بالتعرض‬
‫مقتصر على حقوقه املدنية‪ ،‬وال يمكن بأي حال من األحول ان يتعداه إلى الدعوى العمومية‬
‫التي تبقى من اختصاص النيابة العامة لوحدها‪ .‬وهذا ما أكدته محكمة النقض حينما قضت‬
‫على أنه‪ " :‬ال يصح تعرض املطالب بالحق املدني إال فيما يتعلق بحقوقه املدنية‪ ،‬فال يجوز‬
‫للمحكمة وهي تنظر في هذا التعرض أن تعيد النظر فيما قض ى به الحكم الغيابي بالنسبة‬
‫للدعوى العمومية "‪.127‬‬

‫‪126‬‬
‫المرجع السابق ص ‪.512‬‬
‫‪127‬‬
‫قرار عدد ‪ 96‬بتاريخ ‪ 1981/02/02‬ملف جنحي رقم‪ 39134 :‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 29‬ص ‪.193‬‬

‫‪92‬‬
‫وسنتناول في هذه الفقرة كل من شكليات التعرض‪ ،‬وآجاله ثم آثاره كما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬شكليات الطعن بالتعرض‬

‫يقدم التعرض على شكل تصريح يقدمه املطالب بالحق املدني أو دفاعه سواء كتابة أو‬
‫شفاهة إلى كاتب الضبط الذي يحرر التصريح بالتعرض وفق النموذج الوزاري رقم ‪410‬‬
‫الذي يحمل إسم املحكمة ونوع القضية ورقمها وتاريخ املقرر‪ ،‬وتاريخ التصريح‪ ،‬وإسم وصفة‬
‫املصرح‪ ،‬ثم التوقيع عليه من طرف كاتب الضبط واملصرح‪ ،‬أو بوضع األخير لبصمته متى كان‬
‫ال يحسن التوقيع‪ ،‬حيث يحتفظ باألصل ويرفق نظيره بوثائق امللف التي تحل على النيابة‬
‫العامة قصد منح امللف رقما جديدا وإدراجه بالجلسة التي سبق للمصرح وأن بلغ بها‪.‬‬

‫وإذا حدث نزاع بين الراغب في التصريح وكاتب الضبط الرافض لتلقي التصريح إذا تعلق‬
‫األمر بنوع الحكم فإن املادة ‪ 3/393‬من ق‪.‬م‪.‬ج قد أحالت على مقتضيات املادة ‪ 401‬من‬
‫نفس القانون‪ ،‬وبالتالي فللمطالب بالحق املدني أن يلتمس في ظرف أربع وعشرين ساعة من‬
‫رئيس املحكمة بواسطة مذكرة‪ ،‬أن يأمر كاتب الضبط بتسجيل التصريح بالتعرض ويتعين‬
‫على كاتب الضبط أن يمتثل لهذا األمر‪ ،‬ويعتبر تاريخ تقديم هذا الطلب في حالة املوافقة عليه‬
‫تاريخا للتصريح بالتعرض‪.‬‬
‫ومن الناحية العملية‪ ،‬فغالبا ما ال تتدخل كتابات الضبط في هذه االصطدامات وال‬
‫تناقش نوع الطعن الذي يرغب الطاعن بسلوكه أو أجله وإما تكتفي بتلقي الطعن وتحيل‬
‫امللف على املحكمة التي يبقى لها الكلمة الفصل في موضوع الدعوى‪ ،‬وهو ما يثقل كاهل‬
‫املحاكم بدعاوى ال طائل منها سيما تلك التي تفتح بعد الطعن خارج األجل‪ ،‬أو من غير ذي‬
‫صفة‪ ،‬وبالتالي كان حريا باملشرع أن يمنح هذه الصالحية ملوظفي اإلدارة القضائية‪ ،‬سيما وأن‬
‫لهم من املؤهالت العلمية ما يخولهم القيام بهذه املهام التي قد تحقق النجاعة القضائية من‬
‫موقعها مع إلزامهم بتعليل قرارات الرفض التي يمكن لطالب الطعن أن يرفعها إلى رئيس‬
‫املحكمة ليبث في هذا‪ ،‬ألننا في عهد ما بعد دستور ‪ 2011‬قد تجازنا مرحلة التعليمات‬
‫الشفوية وملزمون بتعليل القرارات وممارسة املهام وفق مبادئ احترام القانون والحياد‬
‫والشفافية والنزاهة واملصلحة العامة كما أكد على ذلك الفصل ‪ 155‬من الدستور املغربي‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫ثانيا‪ :‬أجل التعرض‬

‫يحدد أجل التعرض في عشرة (‪ )10‬أيام من تاريخ التبليغ‪ ،.128‬وهو أجل كامل ال يحتسب‬
‫فيه اليوم األول و األخير‪ ،‬وإذا صادف اليوم األخير يوم عطلة أمتد األجل إلى يوم العمل املوالي‬
‫عمال بمقتضيات املادة ‪ 750‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪.‬‬

‫وحتى يبتدئ األجل في السريان‪ ،‬وجب أن يتم التبليغ وفق الشكل الذي يحدده القانون‬
‫في املادتين ‪ 391‬و ‪ 308‬من قانون املسطرة الجنائية واللتين توجبان معا تبليغ منطوق الحكم‬
‫أو القرار إلى الطرف املتغيب طبقا للكيفيات املنصوص عليها في الفصول ‪ 37‬و ‪ 38‬و ‪ 39‬من‬
‫قانون املسطرة املدنية والتنصيص في وثيقة التبليغ على أن أجل التعرض هو عشرة أيام‪.129‬‬
‫وإذا كان للمتهم حق الطعن بالتعرض إلى غاية تقادم العقوبة إذا لم يثبت توصله‬
‫بالحكم أو القرار‪ ،‬فإن هذه امليزة ال تنصرف إلى املطالب بالحق املدني وهذا ما قررته محكمة‬
‫النقض في قرارها رقم ‪ 27‬الصادر بتاريخ ‪ 2002 /01/09‬الذي جاء فيه أن‪ " :‬تمديد أجل‬
‫التعرض إلى غاية تقادم الدعوى ال يمكن التوسع في تفسيره وجعل مقتضياته تشمل‬
‫املسؤول املدني واملطالب بالحق املدني وإنما يتعلق باملتهم وحده دون غيره إذ أن ذكر تقادم‬
‫العقوبة ‪ -.. -‬يفيد أن األمر يتعلق بالدعوى العمومية دون الدعوى املدنية"‪.130‬‬

‫ثالثا‪ :‬آثار التعرض‬

‫حسب املادة ‪ 394‬من ق‪.‬م‪.‬ج فإن الطعن ينتج عنه مجموعة من اآلثار والتي يمكن‬
‫تحديدها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬بطالن الحكم الغيابي‪:‬‬


‫بمجرد قبول التعرض باستيفاء جميع الشروط الشكلية والقانونية املتطلبة يصبح‬
‫الحكم الغيابي باطال كأن لم يكن‪ ،131‬وبالتالي وجب على املحكمة مناقشة القضية من جديد‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫وهو نفس األجل الذي قرره المشرع األردني في المادة ‪ 184‬من قانو اإلجراءات الجنائية‪..‬‬
‫‪129‬‬
‫ذ عبد الواحد العلمي شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء ‪ ،3‬ط‪ ،1‬س ‪ ،2011‬ص ‪..80‬‬
‫‪130‬‬
‫منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى عدد ‪ 62‬ص ‪.318‬‬
‫‪131‬‬
‫نصت المادة ‪ 187‬من قانون اإلجراءات األردني على أنه " إذا قبل االعتراض شكال اعتبر الحكم الغيابي كأن لم يكن‪."...‬‬

‫‪94‬‬
‫وال يحق للمطالب بالحق املدني أن يطعن بالتعرض إال إذا كان الحكم أو القرار غيابي‬
‫في حقه وكان ماسا بحقوقه املدنية‪ ،‬فإذا نوقشت الدعوى العمومية ولم يتقدم بشأنها بأية‬
‫مطالب مدنية‪ ،‬فال يصح له التقدم بأي تعرض‪ ،‬وقد قضت محكمة النقض بأنه ال يصح‬
‫تعرض املطالب بالحق املدني إال فيما يتعلق بحقوقه املدنية فال يجوز للمحكمة وهي تنظر في‬
‫التعرض‪ ،‬أن تعيد النظر فيما قض ى به الحكم الغيابي بالنسبة للدعوى العمومية‪.‬‬

‫‪ -2‬إلغاء التعرض‬
‫يلغى التعرض في الحالة التي يتخلف فيها املطالب بالحق املدني بعد تسليمه لإلستدعاء‬
‫الجديد عقب تعرضه‪ ،‬ما لم يكن له عذر مشروع ومقبول ففي هذه الحالة أمكن تأخير‬
‫القضية الى حين حضوره‪ ،‬وإذا ما تم رفض عذره فيمكن له التمسك به أمام املحكمة األعلى‬
‫درجة‪.‬‬
‫وتثار هنا مسألة إذا كان محامي املطالب بالحق املدني هو من طعن بالتعرض وحضر‬
‫شخصيا دون املطالب بالحق املدني هل للمحكمة أن تقض ي بإلغاء التعرض لعدم حضور‬
‫الطرف املدني بصفة شخصية؟‬
‫أعتقد أن األمر هنا يختلف عن التصريح الذي يقوم به املحامي نيابة عن املتهم‪ ،‬إذ في‬
‫هذه الحالة تعمد املحكمة إلى استدعاء املهتم حال تخلفه عن الجلسة بالرغم من حضور‬
‫محاميه‪ ،‬وهو ما نعتبره مشكال لنوع من إطالة أمد الدعوى بدون جدوى‪ ،132‬فما الفائدة من‬
‫وراء طعن املحامي بالتعرض دون علم موكله بموعد الجلسة املقررة‪ ،‬أو علمه وعدم حضوره‬
‫بحجة أنه لم يتوصل باالستدعاء هذا إن لم تكن له غاية أخرى من وراء هذا الطعن بواسطة‬
‫املحامي‪ ،‬وألن املحامي يؤازر املتهم وال ينوب عنه‪ ،‬فإن األمر غير ذلك بالنسبة للطرف املدني‬
‫الذي يعد نائبا عنه‪ ،‬أي أنه يكفي حضوره – أي املحامي – في الجلسة األولى املوالية لتاريخ‬
‫التصريح بالتعرض لقبوله شكال‪ ،‬أو إلغائه حالة تخلفه وذلك دون حضور الطرف املدني‬
‫بصفة شخصية‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫وقد فطن المشرع المغربي لهذه اإلشكالية ونص في المادة ‪ 393‬من مشروع المسطرة الجنائية على أن تبليغ المحامي يعتبر بمثابة تبليغ‬
‫المتهم ويترتب عليه اعتبار الحكم بمثابة حضوري‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ -3‬تعدد أوصاف الحكم أو القرار‬
‫إذا كان الحكم أو املقرر يضم أكثر من وصف كان يكون غيابيا في حق بعض األطراف و‬
‫يكون حضوريا في حق البعض اآلخر‪،‬فإن الطعن بالتعرض ال يكون متاحا إال بالنسبة ملن كان‬
‫الحكم ‪/‬القرار غيابيا في حقه فقط دون سواه الذين كان حضوريا في حقهم‪.‬‬
‫‪ -4‬حالة التعرض على التعرض‪:‬‬
‫أعلنت الفقرة الخيرة من املادة ‪ 394‬من ق‪.‬م‪.‬ج أنه ال يقبل التعرض على الحكم الصادر‬
‫بناء على تعرض سابق‪ ،‬وهذا الجزاء كالجزاء الذي تم تقريره عند إلغاء التعرض من طرف من‬
‫لم يحضر ألول جلسة أعلم بعد التعرض‪.‬‬
‫وهذه كلها إجراءات استحدثت حتى ال يثقل كاهل املحكمة بملفات أثبت الواقع أن‬
‫أصحابها ال يعيرون اهتماما لقضاياهم‪ ،‬فيبقى أن يتحملوا وزر هذا التهور‪ ،‬بل قد نصت‬
‫أيضا مقتضيات املادة ‪ 395‬من ق‪,‬م‪,‬ج على إمكانية املحكمة التي تنظر التعرض‪ ،‬أن تحكم‬
‫على الفريق املتعرض بتحميله مصاريف تبليغ الحكم الغيابي والتعرض‪.133‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الطعن باإلستئناف‬

‫يعرف االستئناف بأنه تظلم من أخطاء املحكمة املصدرة للحكم الى محكمة أعلى درجة‬
‫منها‪ ،‬األخيرة تنظر في القضية من جديد من الناحية املوضوعية والناحية القانونية‪ ،‬وهو‬
‫تطبيق ملبدأ التقاض ي على درجتين الذي يقوم عليه نظام النظام اإلجرائي الجنائي الحديث‪.‬‬

‫ويعتبره الفقه املغربي‪ 134‬بكونه قدح في الحكم االبتدائي الذي يرى فيه رافع الطعن به‬
‫مساسا بمصالحه أثناء املرحلة االبتدائية‪ ،‬بسبب وقوع القاض ي االبتدائي في الخطأ نتيجة‪،‬‬
‫إما عدم تمحيصه وتقديره للوقائع كما يتعين‪ ،‬أو لسوء فهمه لها‪ ،‬أو ملا ينبغي أن ينطبق عليها‬
‫من نصوص القانون‪.‬‬
‫وقد خولت املسطرة الجنائية للمطالب بالحق املدني حق الطعن في األحكام والقرارات‬
‫التي يعتبرها ماسة بحقوقه املدنية وفي ذلك في املواد ‪ 397‬و ‪ 457‬و ‪ 494‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،135‬مع‬
‫التأكيد أن الصفة واملصلحة تظالن شرطين أساسين لتقديم هذا النوع من الطعون‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل‪ ،‬ج ‪ 2‬بمراجعه السابقة ص ‪.,281‬‬
‫‪134‬‬
‫د عبد الواحد العلمي المرجع السابق ص ‪.95‬‬
‫‪135‬‬
‫وهو ما قرره المشرع األردني بدوره في المادة ‪ 2/260‬من قانون االجراءات الجنائية‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫وسنطرق في هذه الفقرة إلى آجال اإلستئناف‪ ،‬وإجراءاته وآثاره ثم التنازل عنه في‬
‫النقاط التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬آجال اإلستئناف‬

‫بالرجوع إلى املادة ‪ 400‬من ق‪.‬م‪.‬ج فلالستئناف أجلين هما‪:‬‬

‫‪ -1‬األجل األصلي‪:‬‬
‫ومدته عشرة أيام‪ 136‬تبتدئ من تاريخ النطق بالحكم إذا صدر بعد مناقشات حضورية‬
‫في الجلسة بحضور الطرف املدني أو من يمثله إو إذا وقع إشعار أحدهما بيوم النطق به‪.‬‬
‫ويسري هذا األجل من يوم التبليغ للطرف املدني شخصيا أو في موطنه في الحاالت‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا لم يكن حاضرا أو ممثال بالجلسة التي صدر فيها الحكم بعد مناقشات‬
‫حضورية ولم يسبق إشعاره شخصيا هو أو من يمثله بيوم النطق به؛‬
‫‪ -‬إذا كان الحكم بمثابة حضوري حسب مقتضيات املادة ‪ 314‬من ق‪.‬م‪.‬ج في‬
‫فقراتها ‪ 2‬و ‪ 4‬و‪7‬؛‬
‫‪ -‬إذا صدر الحكم غيابيا حسب املادة ‪1/314‬؛‬
‫ومن إجتهادات محكمة النقض املغربية في هذا الصدد ما قضت به في قرارها الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 1993/07/15‬في امللف الجنحي رقم ‪ 92/15663‬إذ اعتبرت أن عدم تبليغ الطاعنة‬
‫بالتاريخ الذي حدد للنطق بالحكم‪ ،‬هو ما يجعل الحكم بمثابة حضوري ويسري استئنافه‬
‫من اليوم املوالي للتبليغ‪. 137‬‬
‫‪ -2‬األجل اإلضافي‪:‬‬
‫مدته خمسة (‪ )5‬أيام تمنح لألطراف التي لم تستأنف داخل األجل األصلي‪ ،‬إذا ما‬
‫استأنف أحد األطراف األخرى داخل األجل القانوني‪ ،‬أما إذا لم يتم اإلستئناف داخل األجل‬
‫األصلي فاالستئناف داخل األجل اإلضافي ال يقبل‪.‬‬
‫وقد أكدت محكمة النقض في أحد اجتهاداتها على أنه " ملا كان موضوع النزاع يتعلق‬
‫بأداء التعويض على وجه التضامن وهو غير قابل للتجزئة فإن استئناف أحد املحكوم عليهم‬

‫‪136‬‬
‫ومدته في التشريع األردني ‪ 15‬يوما حسب مقتضيات المادة ‪ 261‬من قانون اإلجراءات الجنائية‪.‬‬
‫‪137‬‬
‫منشور بمجلة اإلشعاع عدد ‪ 10‬ص ‪.132‬‬

‫‪97‬‬
‫خارج األجل يستفيد من الذي وقع داخل األجل القانوني وبالتالي فإن املحكمة ملا قضت بعدم‬
‫قبول االستئناف تكون قد عرضت قرارها للنقض"‪.138‬‬
‫ثانيا‪ :‬إجراءات االستئناف‬

‫يقدم التصريح باإلستئناف من طرف الطرف مدني أو بواسطة دفاعه أمام املحكمة‬
‫اإلبتدائية مصدرة الحكم بكتابة الضبط لديها‪ ،‬أو أمام كتابة ضبط محكمة اإلستئناف التي‬
‫ستنظر في الدعوى‪.‬‬
‫ويحرر اإلستئناف وفق نموذج يضم عدة بيانات كتاريخ التصريح‪،‬و تاريخ الحكم و‬
‫رقمه‪،‬و اسم كاتب الضبط الذي تلقاه‪،‬و اسم املصرح و التوقيع‪( ...‬النموذج ‪.)5‬‬
‫وإذا رفض كاتب الضبط تلقي التصريح باالستئناف فللمطالب بالحق املدني أن يلتمس‬
‫في ظرف أربع وعشرين ساعة من رئيس املحكمة بواسطة مذكرة‪ ،‬أن يأمر كاتب الضبط‬
‫بتسجيل التصريح ويتعين على كاتب الضبط أن يمتثل لهذا األمر‪ ،‬ويعتبر تاريخ تقديم هذا‬
‫الطلب في حالة املوافقة عليه تاريخا للتصريح باالستئناف ( املادة ‪ 410‬من ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬
‫ويعتبر أداء القسط الجزافي املنصوص عليه في املادة ‪ 50‬من القانون املتعلق باملصاريف‬
‫في امليدان الجنائي إجراء جوهريا يستتبع عدم احترامه الحكم بعدم قبول اإلستئناف شكال‪،‬‬
‫وهو ما قررته محكمة اإلستئناف بورزازات في قرار لها عدد‪ 267 :‬بتاريخ‪ 2017/10/03 :‬في‬
‫امللف الجنحي رقم‪ 2017/2602/257 :‬حينما قضت بأنه‪ " :‬وحيث أن الطرف املدني تخلف‬
‫عن الحضور وأداء القسط الجزافي رغم سابق إعالمه وإمهاله مما يكون معه اإلستئناف غير‬
‫مقبول شكال‪( ".‬غير منشور)‬
‫ثالثا‪ :‬آثار اإلستئناف‬

‫يترتب على اإلستئناف أثرين أساسين هما إيقاف التنفيذ‪ ،‬و طرح النزاع من جديد أمام‬
‫محكمة الدرجة الثانية وهو ما سنتناوله في التالي‪:‬‬

‫‪138‬‬
‫قرار عدد ‪ 3674‬بتاريخ ‪ 1992/05/19‬منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية لسنة ‪ 1997‬ص ‪.147‬‬

‫‪98‬‬
‫‪ -1‬اآلثار الواقف‬

‫القاعدة أن األحكام الزجرية ال يمكن تنفيذها إال إذا كانت نهائية حيث أن آجال‬
‫اإلستئناف وسريان إجراءات الدعوى يوقف الحكم املطعون فيه إال في الحاالت اإلستثنائية‬
‫كالحكم القاض ي بتعويض مسبق أو بالنفاذ املعجل في جزء من التعويضات‪.‬‬
‫ويأتي هذا ألثر متوافقا مع ما قضت به املادة ‪ 598‬من ق‪.‬م‪.‬ج التي نصت على أنه يمكن‬
‫أن يجري التنفيذ بطلب من الطرف املدني طبقا لقواعد املسطرة املدنية بمجرد ما يصبح‬
‫املقرر الصادر بمنح التعويضات املدنية نهائيا لعدم قبوله ألي طريق من طرق الطعن‬
‫العادية‪ .‬وطبعا يعد الطعن باالستئناف طريق عادي من طرق الطعن‪.‬‬

‫‪ -2‬اآلثار الناق ل‬
‫إذ أن القضية تنقل إلى محكمة أعلى درجة للبث فيها من جديد بعد نشرها للمناقشة‬
‫مرة أخرى‪.‬‬
‫غير أنه وجب اإلشارة إلى أن املادة ‪ 401‬من ق‪.‬م‪.‬ج قد أكدت على أن استئناف الطرف‬
‫املدني يجعل املرجع االستئنافي يقصر نظره على مصالح املستأنف املدنية ويتيح للمحكمة‬
‫تقدير حقيقة الوقائع املتسببة في الضرر املدعى به‪ ،‬وال يكون لهذا االستئناف – إذا ما قدم‬
‫لوحده – أي تأثير على الدعوى العمومية حتى ولو كان هو ما أثار املتابعة‪ ،‬وهذا ما قررته‬
‫محكمة اإلستئناف بمراكش‪ 139‬في قرار لها عدد ‪ 4600‬الصادر بتاريخ‪ 1983/11/17 :‬في امللف‬
‫الجنحي رقم‪ 1982/2231 :‬الذي أكدت فيه على أن " استئناف املطالب بالحق املدني بصفته‬
‫مثير للدعوى العمومية دون النيابة العامة ‪ ،‬يجعل نظر محكمة االستئناف منحصرا للبث‬
‫في املطالب املدنية فقط‪ ،‬وإن كان املطالب الحق املدني هو املثير للدعوى العمومية‪،140 ".‬‬
‫وهو ما قررته محكمة النقض حين قضت على أنه ملا كان املطالب بالحق املدني هو وحده‬
‫الذي استأنف الحكم االبتدائي فإن نظر محكمة االستئناف يقتصر على ما ورد في صك هذا‬
‫االستئناف وال يتعداه إلى الدعوى العمومية التي أصبحت هائية لعدم الطعن فيها من املتهم‬
‫أو النيابة العامة‪.141‬‬
‫‪139‬‬
‫وهو نفس االتجاه الذي قررته محكمة االستئناف بالدار البيضاء‪ ،‬راجع بخصوصه األستاذ محمد بفقير ‪ :‬قانون المسطرة الجنائية والعمل‬
‫القضائي‪ ،‬منشورات دراسات قضائية‪ ،‬سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين‪ ،‬العدد الثاني‪ :‬قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي‪ ،‬س‬
‫‪ ، 2006‬ص ‪ 308‬و ‪. 309‬‬
‫‪140‬‬
‫منشور بمجلة المحامي عدد ‪ 6‬ص ‪.40‬‬
‫‪141‬‬
‫قرار عدد ‪ 88‬بتاريخ ‪ 1982/02/04‬منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية الجزء األول ص ‪.218‬‬

‫‪99‬‬
‫ومن األخطاء التي نالحظها خالل املمارسة العملية هو تصريح بعض السادة املحامين‬
‫عن املطالب بالحق املدني بالطعن في الحكم في " جميع مقتضياته"‪ ،‬والحال أن الصواب هو‬
‫اإلشارة إلى الطعن في الشق املدني وحده‪ ،‬واملحاكم حين بثها في شكليات هذا الطعن ال تعير‬
‫البعض منها إهتماما بهذه الجزئيات‪ ،‬ليقتصر نظرها على تاريخ التصريح وصفة الطاعن‬
‫للقول بقبوله شكال‪ ،‬وفي نظري املتواضع‪ ،‬فاملحكمة وهي تنظر في تصريح الطرف املدني‬
‫املؤكد على الطعن في الحكم في جميع مقتضياته أن تصرح في الشكل بعدم قبوله فيما يخص‬
‫الدعوى العمومية‪ ،‬وقبوله فيما يخص الدعوى املدية التابعة ‪-‬متى توفر شروط ذلك طبعا‪.-‬‬

‫رابعا‪ :‬التنازل عن االستئناف‬

‫لقد خولت املادة ‪ 403‬من ق‪.‬م‪.‬ج للطرف املدني حق التنازل عن استئنافه‪ ،‬شرط أن‬
‫يكون هذا التنازل صريحا ال يتضمن أي غموض أو لبس قابل للتأويل‪ ،‬أو أن يكون واقفا على‬
‫شرط‪ ،‬ويبقى هذا التنازل عديم األثر ويمكن التراجع عنه ما دامت املحكمة لم تعط إشهادا‬
‫به‪ ،‬وهو ما أكدته محكمة النقض حينما قضت على أنه يمكن للمستأنف باستثناء النيابة‬
‫العامة أن يتنازل عن استئنافه شريطة أن يكون تنازال صريحا‪.142‬‬
‫ونؤيد اإلتجاه‪ 143‬القائل بضرورة الفصل في الدعوى دون استدعاء األطراف األخرى متى‬
‫تنازل املستأنف الذي طعن لوحده عن استئنافه واإلشهاد على ذلك فورا دون إطالة املسطرة‬
‫دون جدوى‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الطعن بالنقض‬

‫الطعن بالنقض هو طريق غير عادي للطعن في األحكام (املقررات القضائية)‪ ،‬ألنه ال‬
‫ينشر الدعوى أمام محكمة النقض بوقائعها املادية والقانونية ليتولى النظر فيها من جديد (‬
‫كما هو الشأن للطعن باالستئناف) النحصار مهمته في مراقبة التطبيق السليم لقواعد‬
‫القانون املوضوعية منها والشكلية من قبل قاض ي املوضوع على الوقائع املعروضة عليه‪،‬‬
‫والعمل على توحيد اإلجتهاد القضائي بين مختلف محاكم املوضوع التي قد يختلف نظرها في‬

‫‪142‬‬
‫قرار عدد ‪ 3898‬بتاريخ ‪ 1987/04/30‬منشور بمجلة القضاء والقانون عدد ‪ 139‬ص ‪.143‬‬
‫‪143‬‬
‫ذ الحسن البوعيسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ 434‬و ‪..435‬‬

‫‪100‬‬
‫املسألة الواحدة‪ ،‬وذلك من خالل تفسيره ملا استشكل عليها من قواعد جنائية سواء تعلقت‬
‫بالقواعد الجوهرية أو بقواعد املسطرة وإلزامها بإتباعه في ذلك وعدم مخالفته‪.144‬‬

‫وطبقا للمادتين ‪ 520‬و ‪ 523‬من ق‪.‬م‪.‬ج فيحق للطرف املدني الطعن بالنقض ضد‬
‫األحكام والقرارات النهائية الضارة بمصالحه املدنية‪ ،‬إال ما ستثنى القانون صراحة من هذه‬
‫القاعدة ومنها‪:‬‬
‫‪ ‬األمر بعدم املتابعة الصادر عن قاض ي التحقيق‪ ،‬إال إذا نص على عدم قبول‬
‫تدخله الدعوى أو أغفل البث في تهمة ما ( املادة ‪ 525‬من ق‪.‬م‪.‬ج)؛‬
‫‪ ‬املقررات اإلعدادية أو التمهيدية أو الصادرة بشأن نزاع عارض أو دفع‪ ،‬والتي ال‬
‫تقبل الطعن بالنقض إال آن واحد مع الطعن بالنقض في املقرر النهائي الصادر‬
‫في الجوهر ( املادة ‪ 522‬من ق‪.‬م‪.‬ج)‪.‬‬

‫وسنتناول في هذه الفقرة الطعن بالنقض من خالل التطرق إلى آجاله‪ ،‬وشكلياته‪،‬‬
‫وأجال تجهيز امللف ورفعه إلى محكمة النقض‪ ،‬وأسبابه ثم آثاره كما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬آجال الطعن بالنقض‬

‫حسب املادة ‪ 527‬منق‪.‬م‪.‬ج فأجل الطعن بالنقض هو عشرة (‪ )10‬أيام يبتدأ من ‪:‬‬
‫ـ تاريخ التبليغ للشخص نفسه أو موطنه إذا كان بمثابة حضوري‪،‬‬
‫ـ يوم النطق به لألطراف الحاضرة بالجلسة‪،‬‬
‫ـ اليوم الذي يصير فيه التعرض غير مقبول بالنسبة للقرارات الغيابية‪ ،‬ويعد الطعن بالنقض‬
‫بمثابة تنازل عن التعرض‪.‬‬
‫وقد إعتبرت املادة ‪ 750‬أجل النقض أجال كامال ال يحسب فيه اليوم األول و األخير ‪ ،‬وإذا‬
‫صادف اليوم األخير يوم عطلة امتد ليوم العمل املوالي‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫ذ عبد الواحد العلمي‪ ،‬لمرجع السابق ص ‪ 164‬و ‪.165‬‬

‫‪101‬‬
‫ثانيا‪ :‬شكليات الطعن بالنقض‬

‫يرفع الطعن بالنقض بتصريح لدى كتابة ضبط املحكمة مصدرة القرار‪،‬وذلك من‬
‫طرف الطرف املدني شخصيا أو بواسطة محاميه‪ ،‬ويسجل في سجل خاص يوقع عليه كاتب‬
‫الضبط و املصرح‪ ،‬وفق اإلجراءات املنصوص عليها سابقا‪.‬‬
‫وبذلك ال يعتبر طعنا قانونيا التصريح بالنقض الذي جاء في رسالة أو مذكرة ‪ ،‬أو‬
‫التصريح لدى كتابة الضبط غير التي توجد باملحكمة التي صدر عنها املقرر املطعون فيه‪ ،‬إو‬
‫إثبات التصريح دون التوقيع عليه من طرف كاتب الضبط والطاعن‪ ،‬كما ال يقبل الطعن‬
‫بواسطة برقية‪ ،‬وهذا ما أكدته محكمة النقض في عدة قرارات في هذا الشأن‪ ،‬منها القرار‬
‫عدد ‪ 3574‬الصادر بتاريخ ‪ 1989/04/27‬في امللف الجنحي عدد‪ 88/17779 :‬الذي جاء فيه‪" :‬‬
‫أن الطعن بالنقض يتم بواسطة تصريح يدلي به أمام كتابة الضبط طالب النقض شخصيا‬
‫أو بواسطة محاميه‪ ...‬ويعد هذا التصريح إجراء جوهريا ال يغني عنه أي إجراء آخر بما فيه‬
‫مذكرة الطعن بالنقض"‪.145‬‬

‫ثالثا‪ :‬آجال تجهيز الملف وإحالته على محكمة النقض‬

‫لقد حدد املادة ‪ 528‬من ق‪.‬م‪.‬ج أجل ثالثون (‪ )30‬يوما لتسلم نسخة القرار املطعون‬
‫فيه تبتدئ من يوم تلقي الطعن‪ ،‬يجب وضع املذكرة من طرف محام مقبول للترافع أمام‬
‫محكمة النقض داخل أجل ستين (‪ )60‬يوما املوالية للتصريح بالنقض‪ ،‬ويحال امللف الى‬
‫محكمة النقض بمجرد وضعها‪،‬وفي جميع األحوال فاألجل األقص ى إلحالة امللف هو تسعون‬
‫(‪ )90‬يوما‪.‬‬
‫وإذا لم تسلم نسخة املقرر للمصرح بالنقض داخل األجل املشار إليه أعاله‪ ،‬فإنه يتعين‬
‫عليه اإلطالع على امللف بكتابة ضبط محكمة النقض وتقديم مذكرة وسائل الطعن بواسطة‬
‫دفاعه خالل ستين يوما من تاريخ تسجيل امللف بها تحت طائلة الحكم بسقوط الطلب‪.‬‬
‫ويجب أن تكون املذكرة موقعة ومرفقة بنسخ مساوية لعدد األطراف الذين يهمهم البث طلب‬
‫النقض‪ ،‬ويشهد كاتب الضبط بعدد هذه النسخ ويضع طابع املحكمة وتوقيعه على األصل‪،‬‬
‫وعلى النسخة التي تسلم لطالب النقض‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل‪ ،‬الجزء الثاني بمراجعه السابقة‪ ،‬ص ‪.301‬‬

‫‪102‬‬
‫رابعا‪ :‬أسباب الطعن بالنقض‬

‫تناول املشرع املغربي أسباب الطعن بالنقض في املادة ‪ 534‬من ق‪.‬م‪.‬ج التي نصت على‬
‫أن الطعن بالنقض يجب أن يرتكز في األوامر أو القرارات أو األحكام القابلة للطعن به على‬
‫األسباب التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬خرق اإلجراءات الجوهرية للمسطرة‪،‬‬
‫ب‪ -‬الشطط في استعمال السلطة‪،‬‬
‫ت‪ -‬عدم اإلختصاص‪،‬‬
‫ث‪ -‬الخرق الجوهري للقانون‪،‬‬
‫ج‪ -‬إنعدام األساس القانوني أو إنعدام التعليل‪.‬‬
‫ويجب عدم الخلط بين األسباب والوسائل‪ ،‬فاألسباب هي ما سلف بيانه أعاله على وجه‬
‫الحصر‪ ،‬أما الوسائل فهي ما يثار في املذكرات املرفوعة ملحكمة النقض بهذا الصدد‪ ،‬والتي‬
‫توضح الخروقات التي شابت األحكام أو األوامر أو القرارات املطعون فيها بالنقض‪ ،‬والتي ال‬
‫تخرج عما حدده القانون من أسباب‪.146‬‬
‫وكما سبقت اإلشارة إليه‪ ،‬فإن طعن الطرف املدني ينحصر في الشق املدني وحده وال‬
‫يمكن ألي سبب كان أن يطال الدعوى العمومية‪ ،‬وهو ما تواتر عليه االجتهاد القضائي‬
‫ملحكمة النقض التي أكدت في أحد قراراتها على أن " املطالب بالحق املدني ال صفة له في‬
‫مناقشة الدعوى العمومية التي أصبحت نهائية‪ ،‬وأن طعنه يقتصر على الدعوى املدنية‬
‫التابعة"‪.147‬‬
‫وفي قرار حديث لها تحت عدد‪ 11/1313 :‬الصادر بتاريخ‪ 2016/10/27 :‬في امللف‬
‫الجنحي رقم‪ 2015/11/6/7777 :‬جاء فيه‪ " :‬وحيث إن املادة ‪ 533‬من ق‪.‬م‪.‬ج تنص على أنه‬
‫ينحصر أثر الطعن بالنقض املرفوع من طرف الطرف املدني فيما يرجع لنظر محكمة‬
‫النقض في املقتضيات املتعلقة بالدعوى املدنية‪ ،‬وأن الوسيلة تناقش الدعوى العمومية التي‬
‫يرجع أمر مناقشتها إلى إما إلى النيابة العامة وإما املتهم دون املطالب بالحق املدني‪ ،‬وبالتالي‬
‫يبقى ما أثير في الوسيلة غير مقبول" (غير منشور)‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫شرح قانون المسطرة الجنائية لوزارة العدل‪ ،‬الجزء الثاني بمراجعه السابقة‪ ،‬ص ‪.306‬‬
‫‪147‬‬
‫قرار عدد ‪ 06/1‬بتاريخ‪ 2005/01/05 :‬ملف جنحي رقم ‪ ،02/20490‬منشور بكتاب دالئل عملية عدد ‪ :5‬شكليات التقاضي والترافع من‬
‫خالل قضاء المجلس األعلى لسنوات ‪ ، 2005-2000‬إعداد وتنسيق امحمد لفروجي‪ ،‬ص ‪.246‬‬

‫‪103‬‬
‫خامسا‪ :‬آثار الطعن بالنقض‬

‫القاعدة أن أجل الطعن بالنقض و الطعن بالنقض يوقفان التنفيذ لكن املشرع أورد على‬
‫ذلك مجموعة من اإلستثناءات املحددة فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬املادة ‪ 392‬ق م ج ‪ :‬يمكن للمحكمة بناء على ملتمس النيابة العامة إذا كانت العقوبة‬
‫املحكوم بها تعادل أو تفوق سنة‪،‬في ان تصدر مقررا معلال تأمر فيه بإيداع املتهم‬
‫بالسجن أو بإلقاء القبض عليه حيث ينفذ ذلك رغم أي طعن عادي كان أو غير‬
‫عادي‪،‬‬
‫ب‪ -‬املادة ‪ 431‬من ق م ج‪ :‬يمكن لغرفة الجنايات في حالة الحكم بعقوبة سالبة للحرية أن‬
‫تأمر بإلقاء القبض على املحكوم عليه في حالة سراح و ينفذ هذا األمر رغم أي طعن‪،‬‬
‫ت‪ -‬تنفذ التعويضات املدنية رغم الطعن بالنقض‪.‬‬
‫وعليه يمكن للطرف املدني تنفيذ التعويضات املدنية املحكوم بها لصالحه بالرغم من‬
‫الطعن بالنقض في املقرر الذي قض ى له بها‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬عمل شعبة الطعون الزجرية باإلدارة القضائية‪.148‬‬


‫منتم إلى جهاز كتابة الضبط‪ ،‬والذي تفترض فيه‬ ‫يتولى تسيير هذه الشعبة موظف ٍ‬
‫سمات الكفاءة والدقة والضبط‪ ،‬فهو املكلف بتلقي هذه الطعون من األطراف املعنية‪،‬‬
‫ويسجلها في السجل املعد لذلك (نموذج عدد ‪،)410‬ويجب عليه مراعاة الضوابط التالية‪:‬‬
‫التأكد مما إذا كان للراغب في التصريح الصفة املخولة له ملمارسة الطعن‬ ‫‪‬‬
‫املرغوب( تعرض‪ ،‬استئناف‪ ،‬نقض) كاملتهم شخصيا‪ ،‬أو املشتكي‪ ،‬أو املحامي الذي ينوب في‬
‫امللف أو املحامي الذي يصرح نيابة عن محام آخر ينوب في امللف‪ ،‬أو الولي القانوني املصرح‬
‫عن القاصر سواء كان األخير متهما أو ضحية‪ ،‬أو النيابة العامة‪..‬‬
‫ال يحق لكاتب أن يرفض تلقي الطعن بسبب فوات األجل القانوني‪،‬ألن‬ ‫‪‬‬
‫املحكمة هي التي لها صالحية البث في ذلك‪،‬‬
‫التأكد من وضع الورق الناسخ (ورق الكاربون) قبل التحرير حتى يتسنى له‬ ‫‪‬‬
‫توفير نسخة النظير‪،‬و نسخة أخرى على ورقة مستقلة تمنح للمصرح‪،‬‬
‫‪148‬‬
‫للتوسع مراجعة‪ :‬عمر الموريف ويوسف أست بها‪ :‬دليل االجراءات العملية باإلدارة القضائية ‪ ، :‬المرجع السابق ص ‪ 120‬وما يليها‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫كتابة نوع التصريح على رأس ورقة التصريح (تعرض‪،‬استئناف‪،‬نقض)‪ ،‬ثم‬ ‫‪‬‬
‫الرقم الترتيبي للتصريح‪،‬ونوعه‪،‬و التاريخ الذي تلقاه فيه ‪،‬و رقم القضية ونوعها‪،‬و تاريخ‬
‫الحكم ثم رقمه‪،‬‬
‫مراعاة املكان املخصص للتصريح الخاص باألشخاص العاديين (املوجود‬ ‫‪‬‬
‫فوق)‪،‬و املخصص للنيابة العامة (املوجود أسفل) حسب املصرح‪،‬‬
‫كتابة تاريخ تلقي الطعن‪،‬وإسم كاتب الضبط املتلقي‪،‬و املحكمة (مقر‬ ‫‪‬‬
‫العمل)‪،‬و إسم املصرح و صفته في امللف‪،‬مع اإلشارة إلى حالة املتهم إذا املصرح دفاعه هل‬
‫هو في حالة سراح أم اعتقال‪،‬‬
‫تدوين تصريح املصرح ( و يصرح أنه يطعن بالتعرض‪/‬باإلستئناف‪/‬بالنقض في‬ ‫‪‬‬
‫القرار املشار إلى مراجعه يمنته ‪....‬‬
‫الحرص على توقيع التصريح من طرفك و من طرف املصرح‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يعتبر تصريح املتهم املعتقل الوارد من املؤسسة السجنية صحيحا‪،‬ويعامل‬ ‫‪‬‬
‫بنفس الحرص و املراقبة املتعلقين بالتصريح الذي تتلقاه بالسجل الخاص بالطعون‪.‬‬
‫أوال‪ :‬ضوابط الج ـ ـ ــرد‬
‫يعتبر الجرد عملية إلعداد امللف قصد إحالته للمرحلة املوالية‪ ،‬سواء إلى الغرفة‬
‫اإلستئنافية بالنسبة للملفات الجنائية املطعون فيها باإلستئناف‪ ،‬أو قصد إعدادها لإلحالة‬
‫إلى محكمة النقض بالنسبة للملفات املطعون فيها بالنقض‪.‬‬
‫و يستحسن إعداد الئحة خاصة بكل امللفات املطعون فيها حسب نوع الطعن ألن ذلك‬
‫يساعد على املراقبة إلى جانب السجالت‪،‬و يسهل عمليات اإلحصاء‪ ،‬ويحصر هذه امللفات‬
‫قصد بدأ الجرد فيها متى عادت من التحرير (تحرير القرارات)‪.‬‬
‫غير أنه إذا تعلق األمر بالطعن بالتعرض فالجرد يتم في أقرب وقت (يفضل أن يتم الجرد‬
‫فور تلقي الطعن بالتعرض)‪ ،‬ألنه من الواجب تسليم املصرح بهذا الطعن اإلستدعاء‬
‫بالجلسة املوالية‪ ،‬وجدير بالذكر هنا أنه قبل تلقي الطعن بالتعرض يجب على الراغب في‬
‫التصريح به اإلدالء بما يفيد توصله بالقرار الغيابي الراغب في الطعن فيه بالتعرض‪.‬‬
‫وقبل اإلشارة إلى عملية الجرد نعطي نموذجين لالئحة امللفات املطعون فيها‪.‬‬
‫نموذج رقم ‪1‬‬

‫‪105‬‬
‫الئحة الملفات المطعون فيها باإلستئناف‬
‫مالحظات‬ ‫رقم الصك‬ ‫تاريخ‬ ‫تاريخ الحكم‬ ‫رقم امللف‬
‫الطعن‬

‫نموذج رقم ‪2‬‬


‫الئحة الملفات المطعون فيها النقض‬
‫مالحظات‬ ‫رقم‬ ‫تاريخ‬ ‫تاريخ‬ ‫نوع ـ ـ ـ ــه‬ ‫رقم‬
‫الصك‬ ‫الطعن‬ ‫الحكم‬ ‫امللف‬

‫و يجب تضمين كل ملف طعن فيه باإلستئناف أو النقض في الجدول بمجرد تلقيه‬
‫تحقيقا لتحيين املطلوب و تجنب اإلغفال و النسيان‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عملية الجرد‬
‫الجرد هو إحصاء الوثائق املتعلقة بامللف‪،‬و تسجيلها بالئحة خاصة تسمى "الئحة الجرد"‬
‫(نموذج ‪،)6‬و يجب مراعاة املقتضيات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬ترتيب الوثائق حسب املرحلة التي أنجزت فيها‪،‬أو أدلي فيها بها‪،‬و حسب التاريخ الذي‬
‫تحمله ‪،‬إذ يعتمد عموما على الترتيب التالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬محاضر الضابطة القضائية و الوثائق املدلى بها معها‪،‬‬
‫ب‪ -‬املحاضر املنجزة من طرف النيابة العامة و الوثائق التي أدلي بها فيها‪،‬‬
‫ت‪ -‬املحاضر املنجزة من طرف غرفة التحقيق و الوثائق التي أدلي بها (إن وجدت)‪،‬‬
‫ث‪ -‬الوثائق التي أدلي بها أثناء رواج امللف‪،‬أو أثناء املحاكمة‬
‫ج‪ -‬محاضر الجلسة‪،‬‬

‫‪106‬‬
‫ح‪ -‬نسخة مصادق عليها من القرار املطعون فيه‪،‬‬
‫خ‪ -‬نظائر التصاريح الخاصة بالطعن سواء تلك املنزوعة من السجل ‪،‬أو الواردة من‬
‫املؤسسة السجنية‪،‬‬
‫د‪ -‬مذكرة الدفاع الخاصة بالنقض‪ ،‬أو املذكرة اإلستئنافية في حالة وجودها بالنسبة‬
‫للملفات التي ستحال على الغرفة الجنائية اإلستئنافية‪.‬‬
‫‪ -2‬مراقبة الوثائق و املذكرات إذا ما كانت معها مرفقات أخرى حيث يجب اإلشارة إلى‬
‫هذه املرفقات و تسجيلها هي األخرى في الالئحة ( مثال مذكرة متعلقة ب‪....‬أدلى بها‬
‫السيد‪/‬أو األستاذ‪ ....‬مرفقة بنسخة من‪.....‬و صورة طبق األصل ل‪.....‬و صورة شمسية‬
‫ل‪،)......‬‬
‫‪ -3‬إحصاء عدد الوثائق املسجلة و حصر عددها اإلجمالي‪،‬مع الختم بالتوقيع الشخص ي‬
‫و التاريخ و طابع الشعبة‪.‬‬
‫و تعتمد نفس الطريقة إذا تعلق األمربالطعن بالتعرض و اإلستئناف‬
‫مع الحرص على إحالة امللفات في اآلجال املعقولة و القانونية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مسك السجالت‬
‫يعتمد في تدبير الطعون على سجلين آخرين إلى جانب سجل تلقي التصاريح‪ ،‬وهما‬
‫سجل املراقبة (نموذج ‪ ) 314/200‬يخصص لكل طعن على حدة سيما اإلستئناف والنقض‪،‬و‬
‫الذي يستند على عدة بيانات يجب تضمينه فيه مستقاة من امللف املطعون فيه كالرقم‪ ،‬و‬
‫النوع‪،‬و تاريخ التسجيل‪،‬و تاريخ الحكم‪،‬و تاريخ الطعن‪ ،‬و تاريخ اإلحالة ورقم اإلرسال‪...‬‬
‫و يجب أيضا اإلعتماد على السجالت العامة‪ 149‬الخاصة بكل نوع من امللفات‪،‬والتي‬
‫تستوجب تضمين الطعن وتاريخ اإلحالة مع رقم اإلرسال إلى النيابة العامة أو محكمة‬
‫النقض‪،‬و نتيجة الطعن بعد رجوع امللف من محكمة النقض ( النقض مع اإلحالة‪،‬رفض‬
‫الطلب‪)....‬‬
‫و تتجلى أهمية السجلين باإلضافة إلى اإلحصاء‪،‬في املراجعة و التدقيق قبل منح أي‬
‫شهادة متعلقة بالطعن من عدمه‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫حال تواجدها على اعتبار أن المحاكم اليوم سائرة في طرق االستغناء عنها‬

‫‪107‬‬
‫♦سجل المراقبة‪:‬‬

‫الحكم المطعون‬
‫نتيجة‬ ‫رقم الملف‬
‫رقم‬ ‫تاريخ‬ ‫أسماء األطراف‬ ‫فيه باإلستئناف ‪/‬‬
‫الطعن‬ ‫بالمحكمة‬ ‫رقم‬ ‫توجيه‬ ‫رقم‬ ‫الرقم‬
‫القرا‬ ‫اإلستئناف‪/‬‬ ‫النقض‬ ‫نوعها‬
‫المستانف‬ ‫المضمون‬ ‫الملف‬ ‫القضية‬ ‫الترتيبي‬
‫ر‬ ‫النقض‬ ‫المدعى‬
‫مضمنه‬ ‫تاريخه‬ ‫لديها‬ ‫المدعي‬ ‫رقمه‬ ‫تاريخه‬
‫عليه‬

‫رابعا ‪ :‬تسليم الشواهد‬


‫يحق لكل طرف في امللف طلب شهادة بالطعن أو عدم الطعن في قرار قضائي يخصه‬
‫لكل غاية تعنيه‪،‬كأن يطلب من كاتب الضبط املكلف بشعبة تدبير الطعون مده بشهادة عدم‬
‫الطعن بالنقض‪،‬أو عدم الطعن باإلستئناف‪،‬أو الطعن بالتعرض ‪...‬إلخ ( نموذج ‪.)7‬‬
‫و لو أن الحياة العملية تفرز لنا الشواهد املتعلقة بالنقض ‪،‬ألن األحكام النهائية هي‬
‫املعتمد عليها في التنفيذ بشتى صوره (تسوية الوضعية‪،‬رد اإلعتبار‪ ،‬رد املحجوزات‪ ،‬طلبات‬
‫اإلدماج‪)....،‬‬
‫و بصورة أقل طلبات عدم الطعن باإلستئناف التي نادرا ما يطلب من كاتب الضبط‬
‫تجهيزها‪.‬‬
‫و عموما فتقديم شواهد الطعن‪،‬أو عدم الطعن يستوجب الوقوف على عدة خطوات‬
‫أهمها ‪:‬‬
‫‪ )1‬يطلب من الراغب في هذه الشهادة أن يدلي بطلب في املوضوع يتضمن كل‬
‫املعلومات الخاصة بامللف و القرار املرغوب بالحصول على شهادة طعن تتعلق به‪،‬‬
‫‪ )2‬أخذ الوقت الكافي في البحث و التدقيق‪ ،‬و يحبذ شرح ذلك للطالب بكونك في‬
‫حاجة لوقت كافي لتلبية طلبه ألهميته‪،‬مع عدم املماطلة طبعا‪،‬‬
‫‪ )3‬الرجوع إلى الوسائل التي تمكنك من التعرف من وقوع الطعن من عدمه‬
‫واملتمثلة في سجل املراقبة‪،‬و السجل العام‪،‬و اللوائح الخاصة التي أعددتها (النموذجين‬
‫‪ 1‬و ‪ 2‬أعاله )‪،‬‬
‫‪ )4‬طلب امللف ذاته لإلطالع عليه شخصيا‪،‬و البحث في وثائقه للتأكد أكثر من‬
‫حالة وجود الطعن من عدمه (وجود وثائق امللف كاملة‪،‬طابع الطعن وتاريخه على‬
‫‪108‬‬
‫امللف من عدمه‪،‬وجود قرار محكمة النقض من عدمه‪،‬الئحة الجرد‪ )....‬فكلها وسائل‬
‫تساعد على التدقيق و التمحيص‪،‬‬
‫‪ )5‬مراقبة نوع الحكم أو القرار إذا ما كان حضوريا أو غيابيا‪،‬فإن كان حضوريا‬
‫فالشهادة تمنح في حينها‪،‬أما إذا كان غيابيا أو بمثابة حضوري وتم تبليغه (مع مرور‬
‫األجل القانوني) و وجد بامللف ما يفيد التوصل فتمنح الشهادة في حينها مع اإلشارة إلى‬
‫تاريخ التبليغ‪ ،‬أما إذا كان غيابيا و لم يحدث التبليغ فال يمكن منح الشهادة إال بعد‬
‫إدالء املعني ما يفيد التوصل و مرور األجل القانوني الكافي املخول الكتساب املقرر‬
‫الصبغة النهائية‪.‬‬
‫‪ )6‬إحترام البيانات الشكلية املضمنة على الشهادة‪،‬مع الحرص على التوقيع‬
‫ووضع طابع الشعبة‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬الدعوى املدنية التابعة أمام القضاء املدني‬


‫يحق للطرف املدني – وكما أسلفنا ذكره‪ -‬أن يختار رفع دعوى املطالبة بالتعويض عن‬
‫األضرار التي لحقته جراء فعل إجرامي أتاه في أحقه أحد املخالفين للتشريع الجنائي‪ ،‬وهذا‬
‫املبدأ قرره املشرع املغربي في املادة ‪ 10‬من قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬وبالتالي تكون الدعوى‬
‫املدنية التابعة املرفوعة أمام املرجع املدني مثلها مثل أي دعوى تتعلق بأمور مدنية صرفة‬
‫تتبع فيها اإلجراءات الواردة في قانون املسطرة املدنية وليس تلك املقررة في قانون املسطرة‬
‫الجنائية‪.‬‬

‫ويعتبر الحكم الصادر في الدعوى املدنية التابعة من طرف املحكمة املدنية نسبي األثر‬
‫وغير مطلق‪ ،‬وال حجية له أمام املحاكم الزجرية إن هي الدعوى العمومية نظرت بعد صدور‬
‫حكم مدني إعماال لخيار الثابت للمتضرر إال إذا قرر القانون خالف ذلك‪.150‬‬
‫وإذا كانت قاعدة " الجنائي يوقف املدني " منصوص عليها صراحة في قانون املسطرة‬
‫الجنائية من خالل الفصل ‪ 10‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬والتي أكدتها محكمة النقض في أعمالها املتواترة‬
‫كالقرار عدد ‪ 2605‬الصادر بتاريخ‪ 1985/10/30 :‬الذي قضت فيه على أنه إذا رفعت‬
‫الدعوى املدنية منفصلة عن الدعوى العمومية كان على املحكمة املدنية أن ترجئ النظر في‬
‫الدعوى املدنية في انتظار البث النهائي في الدعوى العمومية‪ ،‬وبالتالي فقد قضت بنقض‬
‫‪150‬‬
‫د عبد الواحد العلمي‪ ،‬المرج السابق ص ‪266‬‬

‫‪109‬‬
‫وإبطال مقرر املحكمة القاض ي برفض إيقاف النظر في الدعوى املدنية إلى حين البث في‬
‫الطعن بالنقض في القرار الجنائي الذي بنت عليه قضائها‪ – .151‬إذا كان كذالك‪ -‬فالقاعدة‬
‫األخرى املقابلة القائلة بكون " الجنائي يقيد املدني" لم يرد بشأنه نص صريح‪ ،‬وإنما كرسه‬
‫العمل القضائي املغربي – على غرار العديد من التشريعات املقارنة‪ -‬في العديد من إجتهاداته‬
‫حتى أصبح يضاهي القاعدة القانونية الصريحة‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى مختلف القوانين املغربية نجد أن املشرع املغربي‪ ،‬كنظيره في فرنسا‪ ،‬لم‬
‫يقرر في أمر أساس مبدأ تقييد القاض ي املدني بالحكم الجنائي‪ ،‬على الرغم من أن القضاء في‬
‫البلدين اعترف باملبدأ وأخذ به‪.152‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬ونظرا ألن العديد قد تناول هذا املوضوع باستفاضة وتعمق‪ ،‬إرتأيت‬
‫التطرق إليه من خالل تحديد تأثير رفع الدعوى الجنائية على الدعوى املدنية املرفوعة أمام‬
‫املرجع املدني ( املطلب األول)‪ ،‬قبل التطرق إلى حجية املقرر املدني أمام املرجع الجنائي (‬
‫املطلب الثاني)‪ ،‬وحجية املقرر الجنائي أمام املرجع املدني ( املطلب الثالث)‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تأثير رفع الدعوى الجنائية على الدعوى المدنية المرفوعة أمام‬
‫المرجع المدني‬

‫إذا قام املطالب بالحق املدني برفع دعواه املدنية أمام املرجع املدني للمطالبة‬
‫بالتعويض عن األضرار الشخصية املباشرة التي لحقته جراء الفعل الجرمي في الوقت الذي‬
‫تكون فيه الدعوى الجنائية عن هذه الجريمة قد رفعت إلى املحكمة الزجرية سواء قبل رفع‬
‫الدعوى املدنية أو في أثناء سيرها أو تكون الدعوى الجنائية قد تحركت عن طريق النيابة‬
‫العامة‪ ،‬ففي هذه الحالة فاملحكمة املدنية ملزمة بإيقاف البث في هذه الدعوى إلى أن تفصل‬
‫املحكمة الزجرية في الدعوى العمومية بمقرر نهائي‪ ،‬إعماال بقاعدة " الجنائي يوقف املدني"‬
‫التي أكدها املشرع املغربي في املادة ‪ 10‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،‬كما قال بها املشرع املصري بدوره في املادة‬
‫‪ 265‬من قانون اإلجراءات الجنائية التي جاء فيها‪ " :‬إذا رفعت الدعوى املدنية أمام املحاكم‬
‫املدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائيا في الدعوى الجنائية املقامة قبل رفعها أو‬
‫أثناء السير فيها‪ .‬على أنه إذا أقف الفصل في الدعوى الجنائية لجنون املتهم يفصل في‬
‫الدعوى يفصل في الدعوى املدنية‪.‬‬
‫‪151‬‬
‫منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية‪ ،‬ج‪،2‬ص ‪.319‬‬
‫‪152‬‬
‫د‪ .‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬حجية األحكام الجنائية أمام القضاء المدني‪ ،‬ط‪ ،1‬س ‪ ،1998‬ص ‪.48‬‬

‫‪110‬‬
‫ويشترط لتحقيق إيقاف البث في الدعوى املدنية أمام املرجع املدني حين نظر املحكمة‬
‫الزجرية في الدعوى العمومية أن تكون الدعويين معا قد رفعتا إلى الجهة القضائية املختصة‪،‬‬
‫وحدة السبب واألشخاص‪ ،‬وهو ما سنبحثه في الفقرات التالية‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬رفع الدعويين أمام الجهة القضائية المختصة‬
‫بحيث تكون الدعوى املدنية والدعوى الجنائية مرفوعة إلى القضاء املختص للنظر فيها‬
‫طبقا للقانون‪ ،‬ويستوي أن هذا أن تكون الدعوى املدنية هي التي رفعت أوال أو أن تكون‬
‫الدعوى الجنائية هي القامة أوال‪ ،‬كما يستوي أن تكون إحدى الدعويين املدنية أو الجنائية‬
‫أمام محكمة الدرجة األولى والدعوى األخرى لدى الدرجة الثانية ألن التزام املحكمة املدني‬
‫بالحكم الجنائي ينبغي أن مؤسسا على حكم نهائي‪ ،‬فال معنى لبنيان القضاء املدني على حكم‬
‫غير نهائي ثم يتغير األساس عند الطعن في الحكم ويبقى الحكم الصادر في الدعوى املدنية‬
‫كما هو‪.153‬‬

‫وحول ما إذا كان هذا الحكم يطبق عند تحريك الدعوى العمومية بفتح التحقيق لدى‬
‫مؤسسة قاض ي التحقيق‪ ،‬يجيب األستاذ حسن صادق املرصفاوي‪ .154‬بقوله‪ " :‬اإلجابة على‬
‫هذا السؤال رهينة بمعرفة الحكمة التي من أجلها توقف الدعوى املدنية وهي اإللتزام بالحكم‬
‫النهائي الصادر عن املحكمة الجنائية‪ ،‬فهل تتوافر هذه الحكمة بالنسبة إلى القرارات التي‬
‫تصدر عن سلطة التحقيق؟ إن في هذه املسألة فرضان األول احتمال أن يصدر في الدعوى‬
‫قرار بأن أال وجه إلقامتها‪ ،‬وهذا القرار ال حجية له إال بالنسبة للخصوم ومن ثم فهو ال يقيد‬
‫املحكمة املدنية إذا نظرا الدعوى املدنية‪ ،‬والفرض اآلخر أن يصدر في الدعوى قرار بإحالتها‬
‫على املحكمة الجنائية املختصة‪ ،‬وفي هذا الفرض إما أن تكون الدعوى املدنية قد فصل فيها‬
‫نهائيا قبل اإلحالة‪ ،‬وهذه الصورة ال محل لبحثها‪ ،‬وإما أن تكون الدعوى املدنية لم يفصل‬
‫فيها بعد وفي هذه الحالة (‪ )...‬يوقف الفصل فيها حتى صدور حكم نهائي من املحكمة‬
‫الجنائية‪ ،‬ومن ثم ال يؤدى نحريك الدعوى الجنائية أمام سلطة قاض ي التحقيق إلى وقف‬
‫الدعوى املدنية املطروحة على املحكمة املدنية‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫د حسن صادق المرصفاوي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.418‬‬
‫‪154‬‬
‫المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ 419‬و ‪.420‬‬

‫‪111‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إتحاد السبب‬

‫لكي تتحقق قاعدة إيقاف الجنائي للمدني يجب أن سبب الدعويين متحد بينهما‪ ،‬بأن‬
‫تكون الدعوى الجنائية عن واقعة معينة تشكل جريمة‪ ،‬وأن تكون الدعوى املدنية مقامة‬
‫على األضرار الناشئة عن نفس الواقعة‪ ،‬فإن اختلفا فال محل لوقف الدعوى‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬إتحاد األشخاص‬

‫يجب أن يكون الشخص املعني بالدعويين املدنية والجنائية واحد‪ ،‬أي أن الشخص‬
‫املدعى عليه في الدعوى املدنية هو نفسه املتهم في الدعوى العمومية‪ ،‬فإن اختلفا فال موجب‬
‫للوقف‪ ،‬ألن الحكم الجنائي ال تكون له حجية أمام املحكمة املدنية بالنسبة لم يكن مختصما‬
‫أمام املحكمة الجنائية‪.‬‬

‫وبخصوص ما إذا كانت الدعوى املدنية مرفوعة على املسؤول املدني أمام املرجع‬
‫املدني‪ ،‬والجنائية على املتهم هل يجب إعمال اإليقاف من عدمه‪ ،‬يرى إتجاه من الفقه‪.155‬‬
‫بوجوب اإليقاف ما دام الفعل واحد‪ ،‬وإال لوجد احتمال التعارض بين األحكام‪ ،‬ومن ثم فال‬
‫لزوم التحاد األشخاص في هذه الصورة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حجية المقرر المدني أمام المرجع الجنائي‬

‫إذا رفع املطالب بالحق املدني دعواه أمام املحكمة املدنية ولم تكن الدعوى العمومية‬
‫قد رفعت بعد إلى املرجع الزجري‪ ،‬فعلى املحكمة املدنية أن تستمر في نظر الدعوى إلى أن‬
‫تصدر حكمها في املوضوع‪ ،‬فإذا صدر هذا املقرر‪ ،‬ورفعت الدعوى العمومية أمام املحكمة‬
‫الزجرية فال تكون لهذا املقرر املدني أية حجة أمام املحكمة الزجرية‪ ،‬فاألخيرة لها سلطة‬
‫تقييم الحجج املعروضة أمامها واملناقشة شفاهيا وحضوريا في خضرتها (املادتين ‪ 286‬و ‪287‬‬
‫من قانون املسطرة الجنائية)‪ ،‬وهو املبدأ الذي قرره املشرع املصري صراحة في املادة ‪ 457‬من‬
‫قانون اإلجراءات الجنائية التي نصت على أنه ال تكون لألحكام الصادرة من املحاكم املدنية‬
‫قوة الش يء املحكوم به أمام املحاكم الجنائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫د حسن صادق المرصفاوي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪..422‬‬

‫‪112‬‬
‫فاملبدأ إذن أن للمحكمة الجنائية عند نظرها للدعوى الجنائية كامل الحرية في الفصل‬
‫في وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها‪ ،‬ولها أن تقض ي بعكس ما قض ى به القاض ي املدني نهائيا‪،‬‬
‫باعتبارها صاحبة االختصاص األصيل في القضاء في مدى صحة وقوع الجريمة ونسبتها إلى‬
‫فاعليها دون أن تتقيد بما يتقيد به القاض ي املدني في اإلثبات‪ ،‬فالقاض ي الجنائي ال يتقيد بما‬
‫تصدره املحاكم املدنية من أحكام ليس فقط فيما يتعلق بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها‬
‫وإنما كذلك فيما يتعلق باملسائل الفرعية‪ ،‬مادام الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على‬
‫الفصل فيها فيكون له أن يقض ي على خالف ما قضت به املحكمة املدنية ألن األصل أن‬
‫املحكمة الجنائية مختصة بالفصل في جميع املسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى‬
‫الجنائية املرفوعة أمامها‪.156‬‬

‫ومن جهته‪ ،‬يرى جانب من الفقه املصري‪ 157‬أنه يمكن القول بأن األحكام الصادرة عن‬
‫املحاكم املدنية تحوز قوة الش يء املحكوم فيه أمام املحاكم الجنائية فيما يتعلق بجميع‬
‫املسائل غير املتعلقة " بوقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها"‪ ،‬كاملسائل العارضة التي يتعين‬
‫بحثها للفصل في الدعوى الجنائية‪ ،‬ومثاله أن يتم اإلدالء بمحكم مدني نهائي قض ى بملكية‬
‫املال املسروق موضوع الدعوى العمومية املعروضة أمام املحكمة الزجرية‪ ،‬إذ أن هذه الحكم‬
‫املدني يحوز حجيته أمام املحكمة الزجرية التي ال يسوغ لها الحكم بأن املال ال يعود إلى ملكية‬
‫صاحبه كما قضت بذلك املحكمة املدنية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حجية المقرر الجنائي أمام المرجع المدني‬

‫من املعلوم – إذن‪ -‬أن الجريمة التي تعتبر سبب الدعوى العمومية‪ ،‬هي نفسها أساس‬
‫الدعوى املدنية التابعة باعتبارها مصدر الضرر املبرر للمطالبة بالتعويض املدني‪ ،‬وإذا كان‬
‫من حق املتضرر اللجوء إلى املحاكم املدنية باعتبارها الجهة األصلية للبث في هذا النوع من‬
‫القضايا‪ ،‬فإن إشكاال يطرح في الحالة يسبق أن يصدر فيها مقرر في الدعوى العمومية قبل‬
‫رفع الدعوى املدنية أمام املرجع املدني‪ ،‬ليثار التساؤل حول حجية هذا املقرر أمام املحاكم‬
‫املدنية؟‪ ،‬وهو ما سأحاول ا إجابة عليه من خالل تحديد مفهوم الحجية ( الفقرة األولى)‪ ،‬ثم‬

‫‪156‬‬
‫أحمد المهدي و أشرف شافعي‪ :‬إجراءات اإلدعاء المباشر واآلثار المترتبة على تحريك الدعوى المباشرة‪ ،‬ط ‪ ،2‬س ‪ 2010‬دار العدالة‪ ،‬ص‬
‫‪. 289‬‬
‫‪157‬‬
‫الدكتور إدوار غالي الدهبي‪ ،‬حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني‪ ،‬ط‪ ،3‬مكتبة غريب‪ ،‬ص ‪242‬‬
‫‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫شروطها ( الفقرة الثانية) قبل الختم بالتطرق إلى موقف املشرعين املغربي واملصري من‬
‫حجية املقرر الجنائي أمام املحاكم املدنية (الفقرة الثالثة)‪:‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف الحجية‬
‫تهدف حجية الحكم القضائي إلى منع تجدد الخصومة وتضارب األحكام‪ ،‬وحتى يتحقق‬
‫هذا الهدف وجب أن يمتنع ما من شأنه عرض نفس النزاع املحكوم فيه على القضاء مرة‬
‫أخرى‪ ،‬وال يتأتى ذلك إال إذا منح الخصم ( املدعى عليه في الدعوى املدنية واملتهم في الدعوى‬
‫الجنائية) إمكانية رفض إعادة طرح هذا النزاع بدعوى جديدة بان يطلبوا من القاض ي عدم‬
‫قبول هذه الدعوى على اعتبار أنه قد سبق للقضاء الفصل فيها‪ ،‬وهو ما يسمى بالدفع‬
‫بسبقية الفصل (البث)‪ ،‬وحتى يتحقق من أنه ذات النزاع املعروض مسبقا‪ ،‬فإن الدعوى‬
‫املحكوم فيها والدعوى الجديدة يجب أن تكونا متطابقتين من حيث عناصرهما حتى يتمكن‬
‫للمدعى عليه طلب رفض الدعوى الجديدة ألنها نفسها هي الدعوى املحكوم فيها‪ ،‬ولهذا فإذا‬
‫لجأ خصوم الدعوى املدنية املحكوم فيها بذات الطلبات املثارة سلفا ولنفس السبب فإن ذلك‬
‫يعتبر مدعاة لتجديد الخصومة وكذلك لتضارب األحكام‪ ،‬وحينئذ يكون الدفع بسبقية‬
‫الفصل وجيها‪ ،‬ويكون على املحكمة أن تمنع نظر الدعوى‪.158‬‬
‫وحتى تتحقق النتيجة املشار إليها أعاله‪ ،‬البد أن يكتس ي املقرر القضائي حجية األمر‬
‫املقض ي فيه‪ ،‬هذه الحجية التي عرفها األستاذ عبد الواحد العلمي‪ 159‬بكونه يعني أن األمر‬
‫الذي تم الفصل فيه أمام القضاء يكون واجب اإلحترام‪ ،‬وال يمكن مراجعته بغير طرق‬
‫الطعن املقررة لألحكام‪ ،‬من قبل أية جهة قضائية‪ ،‬كما يكون واجب اإلحترام أيضا من طرف‬
‫الخصوم الذين ال يجوز لهم حمل أي نزاع مجددا أمام القضاء يستهدف وضع نفس ما سبق‬
‫وأن فصل فيه‪ ،‬ولنفس األسباب محل مجادلة بغير طرق الطعن التي اعتمدها املشرع للطعن‬
‫في األحكام‪ ،‬أصاب القضاء في فصله هذا أم أخطأ‪.‬‬
‫وقد ميز األستاذ حسن صادق املرصفاوي‪ 160‬بين الحجية كما عرفها األستاذ العلمي‬
‫أعاله وقوة الش يء املقض ي فيه باعتبار أن قوة الش يء املحكوم فيه يعني تلك الصفة التي‬
‫تطلق على الحكم الذي أصبح نهائيا باستنفاذ طرق الطعن العادية (التعرض واإلستئناف)‬

‫‪158‬‬
‫أطروحة لنيل شهادة الماستر فرع قانون العقوبات والعلوم الجنائية للطالب عليوش زكرياء حول موضوع‪ " :‬الحكم الجنائي وحجيته أمام‬
‫القضاء المدني" بجامعة قسنطينة الجزائريةـ س ‪ ، ،2014‬ص ‪. 46‬‬
‫‪159‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪8‬‬
‫‪160‬‬
‫المرجع السابق ص ‪. .486‬‬

‫‪114‬‬
‫ولو كان قابال للطعن فيه بطريق النقض أو كان هناك وجه لطلب إعادة الدعوى‪ ،‬بل حتى‬
‫ولو بوشر أي من الطريقين األخيرين‪ ،‬وتبقى له هذه القوة إلى أن يلغى بالطعن املشار إليه‪.‬‬

‫وتعتبر الحجية في امليدان الجنائي من النظام العام‪ ،‬أي أنه متى ثبت للمحكمة سبقية‬
‫محاكمة الشخص من أجل واقعة معينة وصدر حكم نهائي في الدعوى فإنه يمتنع عليها إعادة‬
‫محاكمته من جديد ولو بتكييف مغاير لنفس األفعال وذلك تطبيقا للمادة ‪ 369‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫والتي أكدتها محكمة النقض في العديد من إجتهاداتها املتواترة‪ ،‬ومنها القرار عدد ‪ 540‬الصادر‬
‫بتاريخ‪ 1970/04/16 :‬الذي اعتبرت فيه "أن كل شخص أبرئت ساحته أو حكم بإعفائه ال‬
‫يمكن متابعته بعد ذلك من أجل نفس الوقائع ولو أتصفت بصفة قانونية أخرى‪ ،‬ولهذا‬
‫تعرض للنقض الحكم بإدانة املتهم من أجل مخالفة في قانون السير والتسبب في جروح بغير‬
‫عمد في حين أنه قد وقعت براءته بمقتض ى حكم سابق"‪ ، 161‬وهذا ال يتوفر في بالنسبة‬
‫للمقررات املدنية‪ 162‬التي لها قوة نسبية بمعنى أن أثر هذه األحكام قاصر على الخصوم في‬
‫الدعوى دون غيرهم‪ ،‬فال موجب ألن يسري أثر الحكم املدني بالنسبة إلى فرد لم يكن ممثال في‬
‫الدعوى التي صدر فيها‪ ،‬وملا كان الحق الذي يصدر الحكم به يعتبر حقا خاصا فإنه يكون‬
‫للخصوم أن يتنازلوا عنه وأن يتصرفوا فيه بكل التصرفات الجائزة قانونا‪ ،‬وعلى هذا األساس‬
‫ال تعتبر حجية األحكام املدنية من النظام العام‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط حجية المقرر الجنائي‬

‫تثبت الحجية للمقررات الصادرة عن هيئة الحكم‪ ،‬على أن تكون نهائية ومتعلقة بواقعة‬
‫جنائية حتى يتم األخذ بها أمام املرجع املدني‪ ،‬وعليه سنتناول هذه الشروط من خالل النقاط‬
‫التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أن يتعلق األمر بمقرر قضائي‬


‫يجب أن يكون املقرر صادرا عن هيئة للحكم ومكتسبا لصفة النهائية‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫األوامر الصادرة عن النيابة العامة وقضاء التحقيق ال يكتس ي صبغة الحجية املقيدة للقضاء‬
‫امل دني‪ ،‬ذلك أنه من حق النيابة العامة أن تعدل عن القرار الذي اتخذته أو تقدم ملتمسا‬

‫‪161‬‬
‫منشور بمجموعة قرارات المجلس األعلى في المادة الجنائية ‪ 86-66‬ص ‪. 478‬‬
‫‪162‬‬
‫المرجع السابق ص ‪. .486‬‬

‫‪115‬‬
‫آخر مغاير مللتمساتها السابقة‪ ،‬كما أنه لها أن تحفظ الشكاية متى رأت توفر أسبابها‪ ،‬دون أن‬
‫يمنع ذلك املتضرر من تحريك املتابعة عن طريق الشكاية املباشرة‪.‬‬

‫وما قيل عن النيابة العامة‪،‬يمكن إسقاطه على قضاء التحقيق الذي تنحصر سلطته في‬
‫البحث والتحقق مما إذا كانت هناك قرائن وأدلة كافية لإلتهام وإحالة املتهم على املحاكمة‬
‫من عدمه‪ ،‬وضماناته أقل من تلك املقررة أمام محاكم املوضوع‪ ،‬وبالتالي فاإلحالة من عدمها‬
‫متوقفة على األدلة املتوفرة التي تم فحصها من طرف قاض ي التحقيق‪ ،‬هذه األدلة التي ال‬
‫يمكن الركون إليها من خالل الركون إلى أمر قاض ي التحقيق للقول بأن الفعل منسوب للمتهم‬
‫وبالتالي وقوع الضرر املوجب للتعويض من عدمه‪ ،‬وعليه تبقى األوامر الصادرة عن قاض ي‬
‫التحقيق غير مكتسبة للحجية الكافية لتقييد القاض ي املدني وهو ينظر في الدعوى املدنية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن يكون المقرر صادرا عن محكمة زجرية أو متعلقا بقضية زجرية‬

‫يعتبر صدور املقرر من جهة زجرية مسألة جوهرية حتى يمكننا الحديث عن مسألة‬
‫تقييد الجنائي للمدني‪ ،‬إذ أن هذه املسألة تنتفي متى كان املقرر صادرا من جهة مدنية‪ ،‬ويعتبر‬
‫بعض الفقه أن الجهة الزجرية يمكن أن تكون جهة عادية أو مختصة ( أو استثنائية بالنسبة‬
‫للمشرع املصري)‪ ،‬على أن تكون هذه املحاكم وطنية إذ ال حجية لألحكام الصادرة عن‬
‫املحاكم ا أجنبية‪.163‬‬

‫ويمكن أن يعتد بهذه الحجية متى صدرت عن جهة غير زجرية لكنها تعتبر مسألة زجرية‬
‫بطبيعتها كجرائم الجلسات التي خول فيها املشرع املغربي للمحكمة املدنية تطبيق مقتضيات‬
‫املسطرة الجنائية لتحريك املتابعة في حق املخالف طبقا ملا نص عليه الفصلين ‪ 43‬و ‪ 44‬من‬
‫‪164‬‬
‫قانون املسطرة املدنية‬

‫المرصفاوي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. .497‬‬


‫‪163‬‬
‫‪164‬‬
‫جاء في الفصل ‪ 43‬من قانون المسطرة المدنية‪ " :‬يجوز للرئيس دائما في حالة اضطراب أو ضوضاء أن يأمر بطرد الخصم أو وكيله أو أي‬
‫شخص آخر من الجلسة‪ .‬إذا ام تنع األفراد الذين وقع طردهم أو عادوا إلى الجلسة أمكن للرئيس أن ينخذ االجراءات طبق مقتضيات المسطرة‬
‫الجنائية‪ .‬إذا صدرت أقوال تتضمن سبا أو إهانة خطيرة تجاه القاضي حرر رئيس الجلسة محضرا يرسل في الحال إلى النيابة العامة لتطبيق‬
‫المسطرة المتعلقة بالجريمة"‬
‫وما نسط ره بخصوص هذا الفصل أنه إقتصر على القاضي متى تعرض للسب أو إهانة خطيرة كأن المشرع إستثنى من هذه الحماية عضوا هاما‬
‫يعتبر غيابه من أسباب بطالن تشكيل الهيئة وبالتالي بطالن الحكم الصادر عنها و هو كاتب الضبط الذي يقوم بمهام كاتب الجلسة‪ ،‬وبالتالي كان‬
‫األجدر بالمشر ع المغربي أن يستعمل أحد أعضاء الهيئة بمفهومها الواسع الذي يشمل قضاة الحكم والنيابة العامة وكتابة الضبط‪. .‬‬

‫‪116‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن يكون المقرر نهائيا‬

‫تكون الحجية لألحكام والقرارات النهائية الصادر في موضوع الدعوى‪ ،‬وبالتالي فال األوامر‬
‫التمهيدية وال املقررات الغيابية تكتس ي صبغة الحجية ألنها غير نهائية‪ ،‬والنهائية تكتسبها‬
‫األحكام والقرارات القضائية متى كانت غير قابلة ألي طريق من طرق الطعن‪ ،‬أو أن آجل‬
‫الطعن ضدها قد فات دون أن يسلكها من له الحق فيها‪ .‬ومن هذا املنطلق فقد عرف أستاذنا‬
‫عبد الكريم الطالب األحكام النهائية أو الباتة بكونها تلك التي ال تقبل أي طريق من طرق‬
‫الطعن سواء كان عاديا أو غير عادي‪.165‬‬

‫والعلة من هذا الشرط كما يرى األستاذ املرصفاوي أنه ما دام هناك احتمال ألن يتغير‬
‫الحكم عند الطعن فيه فقد يصل الحال إلى تعارض بين الحكمين الجنائي بعد أن صار‬
‫نهائيا‪ ،‬واملدني الذي اعتمد على حكم جنائي لم يكن قد أصبح نهائيا بعد‪.166‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬موقف المشرعين المغربي والمصري‬

‫باستقراء القانون املتعلق باإلجراءات في كل من البلدين املغرب ومصر سنجد نوعا من‬
‫اإلختالف بين املشرعين‪ ،‬وهو ما سنبينه من خالل النقطتين التاليتين‪:‬‬
‫‪167‬‬
‫أوال‪ :‬بالنسبة للمشرع المغربي‬

‫كما أسلفنا ذكره‪ ،‬فاملشرع املغربي قد نص على قاعدة " الجنائي يعقل املدني" بنص‬
‫صريح في قانون املسطرة الجنائية‪ ،‬غير أنه بالنسبة ملبدأ حجية األمر املقض ي فيه جنائيا أمام‬
‫القضاء املدني فقد التزم الصمت ولم يقرره في نص صريح‪ ،‬وهي نفسها الطريقة التي اتبعها‬
‫املشرع الفرنس ي‪ ،168‬غير أن العمل القضائي املغربي يأخذ بهذه القاعدة بالرغم من عدم وجود‬
‫السند القانوني‪ ،‬لكنه يتحاش ى دوما اإلشارة إلى األساس الذي اعتمده في األخذ باملبدأ‪.169‬‬
‫ومن العمل القضائي املغربي ما جاء في قرار رقم ‪ 908‬في ‪ 7‬جوان ألسنة ‪ 1938‬بأن"‬
‫القرار الجنائي الذي أصبح باتا له حجية األمر املقض ي فيه في مواجهة الشخص املبرأ من حرم‬

‫‪165‬‬
‫الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية‪ :‬ط‪ 7‬س ‪ ،2015‬نشر مكتبة المعرفة مراكش ص ‪. .225‬‬
‫‪166‬‬
‫المرجع السابق ص ‪. .499‬‬
‫‪167‬‬
‫للتوسع أكثر يراجع الدكتور عبد الواحد العلمي‪ :‬حجية األحكام الجنائية أمام القضاء المدني ‪.‬‬
‫‪168‬‬
‫ذ عبد الواحد العلمي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪. .37‬‬
‫‪169‬‬
‫ذ عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في قانون الجديد المتعلق ب المسطرة الجنائية ‪ ،‬ج ‪ 1‬بمراجعه السابقة‪ ،‬ص ‪274‬‬

‫‪117‬‬
‫التل غير العمدي‪ ،‬وتكون مسؤولية هذا الشخص املبرأ غير ممكن مناقشتها من جديد أمام‬
‫املحكمة املدنية"‪.170‬‬
‫‪171‬‬
‫ثانيا‪ :‬بالنسبة للمشرع المصري‬

‫أقر املشرع املصري مبدأ حجية الحكم الجنائي أمام القضاء املدني في املادة ‪ 456‬من‬
‫قانون اإلجراءات التي تنص على أنه يكون للحكم الجنائي الصادر من املحكمة الجنائية في‬
‫موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو باإلدانة قوة الش يء املحكوم به أمام املحاكم املدنية في‬
‫الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائيا فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني‬
‫ونسبتها إلى فاعلها‪.‬‬
‫فإذا صدر حكم بات في موضوع الدعوى الجنائية من املحكمة الجنائية ثم رفعت‬
‫الدعوى املدنية إلى املحكمة املدنية فالقاعدة هي حجية الحكم الجنائي فيما قض ى به وكان‬
‫قضاؤه ضروريا للحكم في الدعوى الجنائية‪ ،‬وعلى املحكمة املدنية أن تسلم به وترتب عليه‬
‫نتائجه الطبيعية بالحكم بالتعويض أو برفضه مادمت " الواقعة اإلجرامية" أي الجريمة التي‬
‫كانت أساسا للدعويين املدنية والجنائية واحدة‪ ،‬وحجية الحكم الجنائي أمام القضاء املدني‬
‫ال تشمل سائر املسائل التي وردت بالحكم الجنائي وإنما فقط ما فصل فيه الحكم في‬
‫منطوقه أو في أسبابه الجوهرية املكملة للمنطوق من مسائل ضرورية والزمة للفصل في‬
‫الدعوى الجنائية‪ ،‬وهو ما قرره املشرع في املادة املذكورة‪.172‬‬
‫ومن إجتهادات محكمة النقض املصرية في هذا الصدد ما ذهبت إليه على أنه " ملا كانت‬
‫الدعوى املدنية غير مطروحة على هذه املحكمة بعد أن قضت محكمة أول درجة بإحالتها إلى‬
‫املحكمة املختصة ‪ ،‬و اقتصر استئناف املتهم و طعنه بالنقض على الدعوى الجنائية وحدها‬
‫دون الدعوى املدنية ‪ ،‬إال أنه ملا كان من املقرر أن حق املحكمة الجنائية فى اإلحالة على‬
‫املحكمة املدنية بمقتض ى املادة ‪ 309‬من قانون اإلجراءات الجنائية يجب أن يساير حجية‬
‫األحكام الجنائية أمام املحكمة املدنية بمعنى أنه ال يجوز إصدار قرار بإحالة الدعوى املدنية‬
‫إلى املحكمة املختصة إذا كان حكم البراءة يمس أسس الدعوى املدنية مساسا يقيد حرية‬
‫القاض ي املدني ‪ ،‬وكانت املحكمة قد أقامت قضاءها املاثل بالبراءة على إنتفاء الخطأ فى جانب‬

‫‪ 170‬منشور بمجموعة قرارات محكمة اإلستئناف بالرباط لسنوات ‪ .1938 -1937‬ص ‪ 520‬و ‪521‬‬
‫‪171‬‬
‫للتوسع أكثر راجع الدكتور إدوار غالي الدهبي ‪ :‬حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني‪.‬‬
‫‪172‬‬
‫ذان‪ /‬احمد المهدي و أشرف شافعي‪ ،‬المرجع السابق ص ‪ 290‬و ‪. .291‬‬

‫‪118‬‬
‫املتهم ‪ ،‬وهو بهذه املثابة قضاء يؤثر بال أدنى شبهة فى رأى املحكمة املدنية املحالة عليها‬
‫الدعوى مما يكون معه مصيرها حتما إلى القضاء برفضها إعماال لنصوص القانون و نزوال‬
‫على قواعد قوة الش يء املقض ي فيه جنائيا أمام املحكمة املدنية ‪ ،‬ومن ثم يتعين القضاء‬
‫برفض الدعوى املدنية و إلزام رافعيها مصاريفها عن الدرجتين‪.173" .‬‬
‫وفي إجتهاد آخر قضت بأن " املقرر فى قضاء هذه املحكمة ان مؤدى نص املادتين ‪456‬‬
‫من قانون اإلجراءات الجنائية ‪102 ،‬من قانون اإلثبات ان الحكم الصادر فى املواد الجنائية‬
‫ال تكون له حجية ملزمة فى الدعوى املدنية أمام املحاكم املدنية إال إذا كان قد فصل فصال‬
‫الزما فى وقوع الفعل املكون لألساس املشترك بين الدعويين الجنائية واملدنية وفى الوصف‬
‫القانوني لهذا الفعل ونسبته الى فاعله فإذا فصلت املحكمة الجنائية بحكم بات فى هذه‬
‫املسائل امتنع على املحاكم املدنية مخالفة الحكم الجنائية فيما سبق له الفصل فيه‬
‫وتقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم الصادر باإلدانة أو بالبراءة وعلى أسبابه املؤدية‬
‫اليه بالنسبة ملا كان موضوع املحاكمة دون ان تلحق الحجية األسباب التي لم تكن ضرورية‬
‫للحكم بهذه البراءة أو باإلدانة"‪.174‬‬

‫‪173‬‬
‫الطعن رقم ‪ 23450‬لسنة ‪ 59‬ق جلسة ‪ 2/6/1996‬س ‪ 47‬ص ‪.703‬‬
‫‪174‬‬
‫الطعن رقم ‪ 2589‬لسنة ‪ 55‬ق جلسة ‪ 30/4/1995‬س ‪ 46‬ج ‪ 1‬ص ‪.745‬‬

‫‪119‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫صفوة القول‪ ،‬فالدعوى املدنية التابعة تحتل مكانة هامة ضمن الدعوى الجنائية‪ ،‬إذ‬
‫بالرغم من التنصيص على رفعها استثناء أمام املحاكم الزجرية‪ ،‬إال أن الواقع العملي يبرز لنا‬
‫أن رفعها كدعوى تابعة للدعوى العمومية هو األصل والقاعدة‪ ،‬لذا فإجراءات التقاض ي‬
‫بخصوصها تعرف عدة خصائص وتميزات في إطار املسطرة الجنائية عنها في نظيرتها املدنية‪،‬‬
‫ولعل عدم إملام شريحة واسعة من املتقاضين بشروطها وإجراءاتها تجعلهم يفوتون على‬
‫أنفسهم فرصة االستفادة من القواعد املقرر في امليدان الجنائي‪ ،‬وبالتالي ال يبقى أمامهم إال‬
‫املرجع املدني الذي تعرف إجراءاته نوعا من البطء والكثير من الشكليات‪ ،‬هذت إن لم تضع‬
‫حقوقهم حينما يصطدمون بعدم قبول تدخلهم في الدعوى العمومية للمطالبة بالتعويض‬
‫عن الضرار الذي أحدثه الفعل الجرمي‪ ،‬ليغضوا بعدها الطرف عن هذا الحق ظانين أنها قد‬
‫ضاعت بصفة نهائية‪ ،‬والحال أن لهم حق اللجوء إلى القضاء املدني باعتباره األصل‪.‬‬
‫من هنا يبقى موضوع الدعوى املدنية التابعة من املواضيع التي تتطلب املزيد من‬
‫اإليضاح والتبسيط‪ ،‬حتى يتحقق الغرض املتوخى منها وهو حماية الحقوق وجبر الضرر‪.‬‬

‫إنتهى بحمد هللا‬


‫مراكش‪ 04 :‬أكتوبر ‪.2019‬‬

‫‪120‬‬
‫ملحق ‪:1‬‬

‫عمل قضائي‬

‫‪121‬‬
‫قرار محكمة النقض عدد‪4/291 :‬‬
‫بتاريخ‪2017/02/08 :‬‬
‫ملف جنحي رقم‪2016/4/6/18823 :‬‬
‫القاعدة‬
‫عدم إيداع المطالبة بالحق المدني مذكرة تتضمن وسائل النقض ممضاة من طرف‬
‫محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض طبقا للمادة ‪ 528‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫رغم مرور أكثر من ستين يوما على تسجيل الملف بكتابة الضبط بمحكمة النقض‬
‫يستتبع الحكم بسقوط الطلب ‪ -‬نعم‬

‫بناء على الطلب املرفوع من طرف املطالبة بالحق املدني شركة معادن‪ ،‬بمقتض ى‬
‫تصريح أفضت به بواسطة األستاذ‪ ...‬بتاريخ‪ ،2016/5/4 :‬لدى كتابة الضبط بمحكمة‬
‫اإلستئناف بورزازات‪ ،‬والرامي إلى نقض القرار الصادر عن غرفة الجنح اإلستئنافية بمحكمة‬
‫االستئناف بورزازات بتاريخ ‪ 2016/4/26‬في القضية عدد ‪ 16/32‬والقاض ي بتأييد األمر‬
‫املستأنف فيما قض ى به من عدم إجراء تحقيق‪.‬‬
‫إن محكمة النقض‪.‬‬
‫بعد أن تال املستشار السيد عبد الرزاق الكندوز تقريره في القضية‪.‬‬
‫وبعد اإلنصات إلى املحامي العام السيد مفراض محمد في مستنتجاته‪.‬‬
‫وبعد املداولة طبقا للقانون‪.‬‬
‫نظرا للمادة ‪ 544‬من قانون املسطرة الجنائية‪.‬‬
‫وبناء على املادة ‪ 528‬من نفس القانون كما عدلت بالقانون رقم ‪ 23-05‬املطبق بظهير‬
‫‪ 23‬نوفمبر ‪.2005‬‬
‫حيث إن الفقرة الثانية من املادة األخيرة توجب على طالب النقض أن يودع بكتابة‬
‫الضبط للمحكمة التي أصدرت القرار املطعون فيه داخل الستين يوما املوالية لتصريحه‬
‫بالطلب بمذكرة تتضمن وسائل النقض بإمضاء محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض‪،‬‬

‫‪122‬‬
‫وأن الفقرة الثالثة من نفس املادة لم تجعل تقديم املذكرة إجراءا اختياريا إال في الجنايات‬
‫وبالنسبة للمحكوم عليه طالب النقض دون سواه‪.‬‬
‫وحيث إن طالبة النقض في هذه القضية املحكوم فيها من أجل جنحة مطالبة بالحق‬
‫املدني‪.‬‬
‫وأنها لم تودع املذكرة املنصوص عليها أعاله رغم مرور أكثر من ‪ 60‬يوما على تاريخ‬
‫تسجيل امللف بكتابة الضبط بمحكمة النقض بتاريخ ‪.1016/12‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫قضت بسقوط الطلب املقدم من طرف املطالبة بالحق املدني شركة معادن وحكمت‬
‫على رافعه باملصاريف وحددت اإلكراه البدني في أدنى أمده القانوني‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة الجلسات‬
‫العادية بمحكمة النقض الكائن بشارع النخيل حي الرياض الرباط وكانت الهيئة الحاكمة‬
‫متركبة من السيد‪ :‬مصطفى أزمو رئيسا والسادة املستشارين‪ :‬عبد الرزاق الكندوز مقررا‪،‬‬
‫الجياللي ابن الديجور‪ ،‬رشيد ملشرق‪ ،‬بوشعيب توتاوي‪ ،‬بحضور املحامي العام السيد محمد‬
‫مفراض الذي كان يمثل النيابة العامة‪ ،‬وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة رشيدة الخلفي‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫املستشار املقرر‬ ‫الرئيس‬

‫‪123‬‬
‫قرار محكمة النقض عدد‪435 :‬‬
‫بتاريخ‪2017/03/15 :‬‬
‫ملف جنائي رقم‪2016/4/6/1428 :‬‬
‫القاعدة‬

‫عدم تفصيل المطالب بالحق المدني لمطالبه المدنية أمام محكمة الموضوع‬
‫التي التمس أمامها الحكم بتعويض إجمالي ال يقل عن ‪ 160‬ألف درهم ال‬
‫يخول له التمسك بتفصيلها أمام محكمة النقض ‪ :‬رفض الطلب ‪ -‬نعم‬

‫بناء على الطلب املرفوع من طرف املطالب بالحق املدني علي ‪ ،...‬بمقتض ى تصريح‬
‫أفضت به بواسطة دفاعه بتاريخ‪ ،2016/10/20 :‬لدى كتابة الضبط بمحكمة اإلستئناف‬
‫بورزازات‪ ،‬الرامي إلى نقض القرار الصادر عن غرفة الجنايات لديها بتاريخ ‪ 2016/10/10‬في‬
‫القضية ذات العدد ‪ 16/66‬والقاض ي مبدئيا بتأييد الحكم االبتدائي بعدم االختصاص في‬
‫املطالب املدنية املقدمة في مواجهة املتهمة ‪ ،...‬والحكم لفائدة الطاعن بتعويض مدني قدره‬
‫‪ 40.000‬درهم‬
‫إن محكمة النقض‪.‬‬
‫بعد أن تال املستشار السيد الجياللي ابن الديجور تقريره في القضية‪.‬‬
‫وبعد اإلنصات إلى املحامي العام السيد مفراض محمد في مستنتجاته‪.‬‬
‫وبعد املداولة طبقا للقانون‪.‬‬
‫نظرا للمذكرة املدلى بها من لدن الطاعن بإمضاء األستاذين ‪ ....‬املحاميان بهيئة ورزازات‬
‫واملقبوالن للترافع أمام محكمة النقض‪.‬‬
‫في شأن وسيلة النقض الوحيدة املتخذة من نقصان التعليل املوازي النعدامه‪،‬‬
‫ذلك أن العارض تقدم بطلبين األول عن املسروق الذي هو ‪ 125‬ألف درهم والثاني‬
‫يتعلق بالتعويض عن الجرم الذي هو دخول املنزل وذلك في مذكرة إستئنافية فصل فيها‬
‫املطالب سواء من حيث املسروق أم من حيث التعويض‪ ،‬إال أن املحكمة مصدرة القرار‬
‫‪124‬‬
‫املطعون فيه خفضت املبلغ املحكوم به إلى ‪ 40.000‬درهم كتعويض إجمالي دون بيان القدر‬
‫املحكوم به كأصل للمحال املسروق وقدر التعويض املحكوم به وهو ما يجعل القرار املطعون‬
‫فيه منعدم التعليل ومعرضا للنقض واإلبطال‪.‬‬
‫لكن حيث بالرجوع إلى تنصيصات الحكم املطعون فيه ال يتبين منها أن الطاعن فصل‬
‫مطالبه كما ورد بالوسيلة‪ ،‬وإنما التمس الحكم له بتعويض إجمالي ال يقل عن ‪ 160‬ألف‬
‫درهم مما يكون معه ما أثير خالف الواقع والوسيلة غير مقبولة‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫قضت برفض الطلب املقدم من طرف (املطالبة بالحق املدني) وبأن املبلغ املودع أصبح‬
‫ملكا للخزينة العامة‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة الجلسات‬
‫العادية بمحكمة النقض الكائن بشارع النخيل حي الرياض الرباط وكانت الهيئة الحاكمة‬
‫متركبة من السيد‪ :‬مصطفى أزمو رئيسا والسادة املستشارين‪ :‬الجياللي ابن الديجور مقررا‪،‬‬
‫عبد الرزاق الكنذوز‪ ،‬رشيد ملشرق‪ ،‬واحمد املتني‪ ،‬بحضور املحامي العام السيد محمد‬
‫مفراض الذي كان يمثل النيابة العامة‪ ،‬وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة حفيظة الغراس‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫املستشار املقرر‬ ‫الرئيس‬

‫‪125‬‬
‫قرار محكمة النقض عدد‪8/1562 :‬‬
‫بتاريخ‪2014/11/27 :‬‬
‫ملف جنحي رقم‪2014/8/6/11335 :‬‬
‫القاعدة‬

‫ينحصر أثر الطعن بالنقض المرفوع من الطرف المدني طبقا للفقرة الثانية من المادة‬
‫‪ 533‬من ق‪.‬م‪.‬ج فيما يرجع لنظر محكمة النقض في المقتضيات المتعلقة بالدعوى‬
‫المدنية‪.‬‬
‫مناقشة الطرف المدني لعناصر إثبات الجريمة المتابع بها المتهم (المطلوب في‬
‫النقض) والتي تندرج ضمن الدعوى العمومية التي تستقل النيابة العامة بممارستها‪،‬‬
‫يجعل من الوسيلة غير مقبولة‪ ،‬ويعرض طلبه للرفض‪.‬‬

‫بناء على الطلب املرفوع من املطالب بالحق املدني أحمد ‪ ،..‬بمقتض ى تصريح أفض ى به‬
‫بواسطة األستاذ‪ ...‬بتاريخ‪ ،2014/04/29 :‬لدى كتابة الضبط بمحكمة اإلستئناف بورزازات‪،‬‬
‫والرامي إلى نقض القرار عدد ‪ 72‬الصادر عن غرفة الجنح اإلستئنافية بها بتاريخ ‪2014/4/22‬‬
‫في القضية ذات الرقم ‪ 2013/2602/346‬والقاض ي بإلغاء الحكم االبتدائي فيما قض ى به‬
‫من أداء املتهم (‪ )...‬لفائدته تعويضا مدنيا قدره خمسة آالف (‪ )5000‬درهم تبعا إلدانته من‬
‫أجل جنحة الضرب والجرح بالسالح مع يبق اإلصرار والترصد والحكم من جديد بعدم‬
‫االختصاص للبث في املطالب املدنية تبعا للحكم ببراءة املتهم املذكور مما نسب إليه وبتحميل‬
‫الخزينة العامة الصائر‪.‬‬
‫إن محكمة النقض‪.‬‬
‫بعد أن تال املستشار حجاج بنو غازي التقرير املكلف به في القضية‪.‬‬
‫وبعد االستماع إلى السيد محمد الفالحي املحامي العام في مستنتجاته‪.‬‬
‫وبعد املداولة طبقا للقانون‪.‬‬
‫في الشكل‪:‬‬

‫‪126‬‬
‫نظرا للمذكرة املدلى بها من لدن الطاعن بإمضاء األستاذ ‪ ...‬املحامي بهيئة مراكش‬
‫املقبول للترافع أمام محكمة النقض املتضمنة ألسباب الطعن بالنقض‪.‬‬
‫وحيث جاء الطلب عالوة على ذلك موافقا ملا يقتضيه القانون فهو مقبول‪.‬‬
‫في املوضوع‪:‬‬
‫في شأن وسيلة النقض الوحيدة املتخذة من نقصان التعليل ذلك أن حيثيات القرار‬
‫املطعون فيه ال ترقى إلى درجة البحث والتقص ي ولم يعلل براءة املتهم فالشهود املستمع إليهم‬
‫من طرف قاض ي التحقيق أكدوا معاينتهم له وهو يتوعد العارض باالنتقام منه كما أن املتم‬
‫نفسه يعترف بوجود عداوة مستحكمة بينه وبين العارض أدت به إلى أن يتوعده باالنتقام‪،‬‬
‫إضافة إلى أن الشهود الذين حضروا الواقعة شهدوا بعد أدائهم اليمين القانونية بأنه أوقف‬
‫السيارة التي تقل العارض ودخل في خصام معه في حين حاول املتهم إنكار هذه الواقعة فجاء‬
‫القرار ناقص التعليل مما يستوجب نقضه‪.‬‬
‫لكن حيث إنه بمقتض ى الفقرة الثانية من املادة ‪ 533‬من قانون املسطرة الجنائية فإنه‬
‫ينحصر أثر الطعن بالنقض املرفوع من الطرف املدني أو املسؤول املدني عن الحقوق املدنية‬
‫فيما يرجع لنظر محكمة النقض في املقتضيات املتعلقة بالدعوى املدنية‪.‬‬
‫وحيث إن الطاعن إنما يناقش في الوسيلة عناصر إثبات جريمة الضرب والجرح املتابع‬
‫بها املطلوب في النقض والتي تندرج ضمن الدعوى العمومية التي تستقل النيابة العامة‬
‫بممارستها مما تكون معه الوسيلة على النحو املذكور غير مقبولة‪.‬‬
‫من أجلــــــــــه‬
‫قضت برفض الطلب‪.‬‬
‫وبإرجاع مبلغ الضمانة للطاعن بعد استيفاء الصائر وفقا للقانون‪.‬‬
‫وبه صدر القرار وتلي بالجلسة العلنية املنعقدة بالتاريخ املذكور أعاله بقاعة الجلسات‬
‫العادية بمحكمة النقض الكائن بشارع النخيل حي الرياض الرباط وكانت الهيئة الحاكمة‬
‫متركبة من السادة‪ :‬عبد اللع زيادي رئيس الغرفة واملستشارين‪ :‬حجلج بنو غازي مقررا‪،‬‬
‫بوشعيب مرشود‪ ،‬و الطيبي تاكوتي ‪ ،‬وعبد الواحد الراوي‪ ،‬وبحضور املحامي العام السيد‬
‫محمد الفالحي الذي كان يمثل النيابة العامة‪ ،‬وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة حنان ؤقزاز‪.‬‬
‫كاتبة الضبط‬ ‫املستشار املقرر‬ ‫الرئيس‬

‫‪127‬‬
‫قرار جنائي ابتدائي رقم‪127 :‬‬
‫صادر عن محكمة اإلستئناف بورزازات بتاريخ‪2016/10/06 :‬‬
‫في امللف الجنائي رقم‪2016/26 :‬‬
‫القاعدة‪:‬‬
‫المطالبة بالحق المدني غير محقة في أي تعويض الن الفعل الذي أدين من أجله‬
‫المتهم هو جنحة التحريض على الدعارة‪ ،‬وال يمكن تصور ضحية له إذ‬
‫المحرض و المحرض يتجاوزان مع بعضهما و يقعان معا تحت طائلة الجزاء‬
‫الجنائي و ال يمكن ألحدهما الرجوع على اآلخر بالتعويض األمر الذي قررت‬
‫معه المحكمة القول بعدم قبول مطالبها المدنية‬

‫بتاريخ ‪ 2016 -10-06‬أصدرت محكمة االستئناف بورزازات بجلستها العلنية املنعقدة للبث‬
‫في قضايا الجنايات االبتدائية وهي متركبة من السادة ‪:‬‬
‫ذ‪.‬عبد هللا رئيسا ‪ ،‬ذ‪.‬عمر مستشارا مكلفا‪ ،‬ذ‪.‬هشام مستشارا بحضور السيد م‬
‫كاتب الضبط‬ ‫إسماعيل ممثل النيابة العامة‪ ،‬وبمساعدة السيد سعيد ايمارين‬
‫القرار األتي نصه ‪:‬‬
‫بين ‪:‬السيد الوكيل العام للملك لدى هذه املحكمة‪.‬‬
‫و املطالبة بالحق املدني ‪:‬سميرة ‪ ....‬النائب عنها ذ‪ ... ....‬املحامي بهيئة مراكش‪.‬‬
‫من جهة‬
‫وبين املسمى‪:‬إبراهيم ‪ ...‬بن احمد بن عمر‪،‬مغربي مزداد بتاريخ ‪ .. 1992‬و يسكن بها ‪،. .. ..‬‬
‫جماعة ‪ .‬قيادة ‪ ...‬زاكورة‪ ،‬صباغ‪ ،‬من والدته امينة ‪،.. ..‬عازب‪.… … ،‬‬
‫من جهة أخرى‬
‫املتهم بارتكابه داخل الدائرة القضائية لنفوذ هذه املحكمة ومنذ زمن لم يمض عليه أمد‬
‫التقادم الجنائي جناية االغتصاب الناتج عنه افتضاض متبوع بحمل‪،‬األفعال املنصوص‬
‫عليها و على عقوبتها في الفصلين ‪486‬و ‪ 488‬من القانون الجنائي‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫يؤازره في الدفاع ذ‪.‬برحو املحامي بهيئة مراكش‪.‬‬
‫موجزالوقائــع‬
‫بناء على قرار قاضية التحقيق باإلحالة الصادر بتاريخ ‪ 2016-07-21‬من اجل األفعال أعاله‬
‫و املبني على مطالبة السيد الوكيل العام للملك املؤرخ في ‪2016-06-28‬الرامية الى إجراء‬
‫تحقيق مع املذكور أعاله من اجل جناية االغتصاب الناتج عنه افتضاض‪ ،‬األفعال املنصوص‬
‫عليها و على عقوبتها في الفصلين ‪ 486‬و ‪ 488‬من القانون الجنائي و املستمدة عناصرها من‬
‫محضر الشرطة القضائية املنجز من طرف املركز القضائي للدرك امللكي بزاكورة رقم ‪...‬‬
‫بتاريخ ‪.2016-06-23‬‬
‫و بناء على البحث الذي اجري في النازلة تمهيديا و إعداديا كما يلي ‪:‬‬
‫أوال خالل مرحلة البحث التمهيدي‬
‫يستفاد من محضر الشرطة القضائية املشار الى مراجعه أعاله أن األستاذ ‪ ... ...‬املحامي بهيئة‬
‫الدار البيضاء تقدم بشكاية نيابة عن املسماة ‪ .. . .... ..‬الى السيد الوكيل العام للملك‬
‫بورزازات ضد املسمى ‪ ... ..‬بن ‪ ...‬من اجل االغتصاب الناتج عنه افتضاض و املتبوع بحمل و‬
‫والدة‪.‬‬
‫لدى االستماع الى املشتكية صرحت انه خالل سنة ‪ 2015‬التقت باملشتكى به و بعد تبادلت‬
‫معه أطراف الحديث طلب منها ان تربط معه عالقة غرامية و تبادال أرقامهما الهاتفية و في‬
‫اليوم املوالي اتصل بها و طلب منها ان تلتقي به بجانب الواد املجاور للدوار و بالفعل التقت به‬
‫في املكان املحدد حيث غازلها بعبارات جميلة و طلب منها ان تمارس معه الجنس فرفضت‬
‫طلبه لكنه ألح عليها و أمام رفضها امسكها و أسقطها أرضا و قام بخلع سروالها و كذا تبانها‬
‫و مارس عليها الجنس بداية بشكل سطحي و بعد هنينهة أعاد الكرة من جديد و قام بإدخال‬
‫قضيبه كامال بفرجها مفتضا بكارتها و مارس عليها الجنس الى ان اشبع رغبته و قذف سائله‬
‫املنوي خارج مهبلها و طلب منها عدم إخبار أي احد و وعدها بالزواج و بعد مرور خمسة‬
‫عشر يوما تلقت اتصاال هاتفيا منه طالبا إياها بان تلتقي به بنفس املكان بالواد حيث‬
‫توجهت عنده حوالي الساعة السادسة مساء و وجدته هناك رفقة احد أصدقائه املسمى‬
‫يونس و بعد ان بادلتهما التحية تركها ‪ .. ...‬بصحبة صديقه رغم إلحاحها بعدم تركها‪ ،‬آنذاك‬
‫قام املسمى ‪ ...‬باغتصابها بالعنف بعد ان أسقطها أرضا و خلع مالبسها و مارس عليها الجنس‬
‫الى ان اشبع رغبته و قذف سائله املنوي بداخل فرجها و بعده قام بنقلها على متن دراجته‬

‫‪129‬‬
‫النارية الى احد املساكن املهجورة بالدوار و بعد ان أعطاها كأسا من املاء ملا شربته أحست‬
‫بالدوار و مارس عليها الجنس مرة ثانية و حوالي الساعة العاشرة ليال قام بنقلها الى القرب من‬
‫منزلها و انصرف الى حال سبيله مضيفة ان املسمى يونس ضعيف البنية طويل القامة ابيض‬
‫اللون و شعره اسود و يقطن ‪ .. ..‬حسب ما صرح لها به ‪ .. ..‬و أنها ملا أكدت لهذا األخير بأنها‬
‫حامل أكد لها ان حملها من املسمى يونس و ليس منه‪.‬‬
‫لدى االستماع تمهيديا الى املتهم صرح ان ما جاء في تصريحات املشتكية ال أساس له من‬
‫الصحة و انه لم يقم باغتصابها أو ممارسة الجنس معها مفيدا انه هذه مدة سنتين تقريبا‬
‫التقى بها بالدوار و سلم لها رقم ندائه و مساء نفس اليوم اتصلت به و تبادال أطراف الحديث‬
‫و اعترفت له بإعجابها به كما طلبت منه ان تستمر عالقتهما فوافق على ذلك و بعد مرور‬
‫يومين سافر الى مدينة الدار البيضاء و بالفعل قدمت عنده و التقى بها بحي سيدي معروف و‬
‫توجها الى احد املقاهي بحي موالي رشيد و بعد تناولهما للقهوة انصرف الى حال سبيله و‬
‫انصرفت هي الى احد أفراد عائلتها بحي الهراويين و من تم قطع عالقته بها دون ان يمارس‬
‫عليها الجنس او يغتصبها كما ادعت‪.‬‬
‫و لدى تقديمه أمام النيابة العامة عن املنسوب إليه أجاب باإلنكار‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬خالل مرحلة التحقيق االعدادي‬
‫عند استنطاق املتهم ابتدائيا أنكر املنسوب اليه و لدى استنطاقه تفصيليا صرح انه على‬
‫معرفة باملشتكية و انه التقاها هذه مدة ثالث سنوات بالسوق بالدوار و تبادال رقمي هاتفيهما‬
‫و بعد مرور بضعة أيام سافر الى الدار البيضاء للعمل فالتقاها بالدار البيضاء التي حضرت‬
‫إليها دون ان يعرف سبب ذلك حيث التقيا بأحد املقاهي و بعد ذلك غادر كل واحد منهما الى‬
‫حال سبيله و أنكر ان يكون قد مارس عليها الجنس أو قام باغتصابها كما ادعت كما أنكر ان‬
‫يكون قد قام بافتضاض بكارتها و انه لم يسبق له ان وعدها بالزواج و ال معرفة بأي شخص‬
‫اسمه يونس كما أنكر ما ادعته املشتكية من كونه سبق ان تركها برفقة املسمى يونس و‬
‫الذي قام باغتصابه بدوره و ان ذلك مجرد كذب و أنكر ان يكون قد قام بزيارة أخ املشتكية‬
‫و ان آخ املشتكية التقاه بالسوق و اخبره انه يرغب في تزويج أخته و اخبره انه هو من قام‬
‫باغتصابها و هو ما نفاه و رفض ما اقترحه عليه‪.‬‬
‫لدى االستماع الى املشتكية كشاهدة بعد أدائها اليمين القانونية صرحت أنها كانت قد‬
‫تعرفت على املتهم و ربطت معه عالقة غرامية و تبادال الحديث عبر الهاتف و طلب منها اللقاء‬

‫‪130‬‬
‫به بجانب الواد املجاور للدوار و طلب منها أوال ان تمارس معه الجنس و ملا رفضت أسقطها‬
‫أرضا و قام بخلع سروالها و قام بممارسة الجنس عليها بالقوة الى ان افتض بكارتها و أكدت‬
‫ان ذلك تم رغما عنها و بعد ذلك وعدها بالزواج و استمرت باللقاء به و بعد ذلك تلقت‬
‫اتصاال منه للقاء به بنفس املكان و ملا توجهت عنده تفاجأت بتواجد شخص معه صرح لها‬
‫ان اسمه يونس حيث توجها معا الى منزل مهجور و لم تشعر بنفسها على ان فقدت الوعي و‬
‫ملا استفاقت اكتشفت أن املسمى ‪ ...‬قام باغتصابها و لم تخبر أي شخص بما وقع و غادرت‬
‫الى الدار البيضاء حيث اشتغلت كخادمة الى ان وضعت مولودة أنثى بتاريخ ‪ 2015-11-07‬و‬
‫أضافت ان املتهم كان قد اتصل بها هاتفيا و اكد لها انه على معرفة بالشخص الثاني الذي‬
‫اغتصبها و اسمه ‪ ....‬و ان الحمل من هذا األخير و حول ما إذا كانت على معرفة به و يمتنع‬
‫عن اإلفصاح عن ذلك‪.‬‬
‫بناء على إجراء مواجهة بين املتهم و املشتكية تشبث املتهم بإنكاره في حين تشبثت املشتكية‬
‫بتصريحها‪.‬‬
‫و بناء على القرار باالطالع بانتهاء البحث و إحالة امللف على السيد الوكيل العام للملك بتاريخ‬
‫‪.2016-07-14‬‬
‫و بناء على ملتمس النيابة العامة النهائي في ‪ 2016-07-18‬و الرامي الى متابعة املتهم أعاله من‬
‫اجل جناية االغتصاب الناتج عنه افتضاض و املتبوع بحمل طبقا للفصلين ‪ 486‬و ‪ 488‬من‬
‫ق ج و إحالته رفقة ملف القضية على غرفة الجنايات ملحاكمته طبقا للقانون‪.‬‬
‫املحكمة‬
‫بعد صدور قرار قاض ي التحقيق أحيل امللف على هذه املحكمة و ادرجت القضية بجلسة ‪-06‬‬
‫‪ 2016-10‬حضرها املتهم في حالة سراح و حضرت املشتكية و دفاعها‪ ،‬و أمرت بمغادرة القاعة‬
‫وبعد التأكد من هوية املتهم أكد انه عاجز عن تنصيب محام ملؤازرته فانتدبت املحكمة‬
‫ذ‪.‬برحو ملؤازرته في إطار املساعدة القضائية و بعد تالوة األمر باإلحالة عليه أجاب أول األمر‬
‫باإلنكار موضحا انه ال يعرف املشتكية و ال عالقة له بها و تراجع و صرح انه فعال التقى بها في‬
‫الدار البيضاء و جالسها باملقهى و انه هو من سلمها رقم هاتفه فاتصلت به ملا ذهب الى الدار‬
‫البيضاء و انه لم يذهب الى منزلها لحل املشكلة و لم يصرح ألخ املشتكية بذلك‪.‬‬
‫و أكدت املشتكية أقوالها بعد أدائها اليمين القانونية و أنها ربطت عالقة غرامية مع املتهم و‬
‫خرجت معه ثالث مرات الى الوادي فاغتصبها بالقوة في املرة األخيرة و انه هو من سلمها رقم‬

‫‪131‬‬
‫هاتفه و قد اتصل بها فالتقت به بالدار البيضاء و جلسا مرة باملقهى و مرة مارس عليها الجنس‬
‫بإصبعه في احد األزقة و أنها ال تعرف يونس باعدي و في احد األيام اتصل بها املتهم و طلب منها‬
‫املجيء الى الواد و ملا حضرت وجدت شخصا آخر غير املتهم فأخذها بالقوة على متن دراجة الى‬
‫منزل مهجور و لم تع ما حصل لها بعد ان أعطاها شيئا الستنشاقه و ان املتهم هو من اخبرها‬
‫باسم ذلك الشخص و ان حملها من ذلك الشخص‪.‬‬
‫و نودي على املسمى عمر ‪...‬شقيق املشتكية فأكد ان املتهم أخبرهم بأنه على عالقة غرامية مع‬
‫املشتكية و يريد الزواج بها و قد حضر مرة الى منزلهم رفقة يونس باعدي و اخبرهم بأنه لم‬
‫يمارس عليها الجنس و يريد الزواج منها‪ ،‬هذه الوقائع نفاها املتهم و أكد ان املصرح هو من‬
‫حضر اليه بمقر عمله و اخبره بالحمل فطلب منه تركه في حال سبيله‪.‬‬
‫و أعطيت الكلمة لألستاذ ‪ ....‬فرافع في القضية عن املطالبة بالحق املدني و أكد ثبوت الوقائع‬
‫ملتمسا اإلدانة و تعويض ال يقل عن ‪ 200‬ألف درهم و احتياطيا األمر بخبرة جينية‪.‬‬
‫و أعطيت الكلمة للسيد الوكيل العام للملك فرافع في القضية و أكد ان تناقض املشتكية‬
‫ش يء طبيعي لكونها الطرف الضعيف في القضية و عارض ملتمس إجراء الخبرة إلقرار‬
‫املشتكية بان الحمل من شخص آخر و التمس اإلدانة مع عقوبة مناسبة‪.‬‬
‫و تناول الكلمة ذ‪.‬برحو فأكد أن املشتكية ال يحق لها التنصيب كطرف مدني ألنها أدت اليمين‬
‫كشاهدة طبقا للفصل ‪ 354‬و أكد ان البراءة هي األصل و الحظ تناقضات املشتكية و ان‬
‫عناصر الفعل غير قائمة ملتمسا البراءة لفائدة القانون و احتياطيا لفائدة الشك و بعد ان‬
‫كان املتهم آخر من تكلم تقرر حجز القضية للمداولة و النطق بالقرار بآخر الجلسة‪.‬‬
‫وبعد املداولة طبقا للقانون‬
‫في الدعوى العمومية ‪:‬‬
‫حيث توبع املتهم من طرف قاض ي التحقيق من اجل ما سطر أعاله‪.‬‬
‫و حيث نفى املتهم واقعة االغتصاب الناتج عنه افتضاض متبوع بحمل في جميع مراحل‬
‫البحث والتحقيق لكن أكد انه سلم رقم هاتفه للمشتكية و ان التقى بها بمدينة الدار‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫و حيث اتضح للمحكمة من خالل مناقشة القضية ان الفعل القائم في حق املتهم هو جنحة‬
‫التحريض على الدعارة طبقا للفصل ‪ 502‬من القانون الجنائي و ذلك من خالل القرائن‬
‫املحيطة بالقضية و املتجلية أساسا فيما صرح به املتهم أمام املحكمة الذي حاول اول االمر‬

‫‪132‬‬
‫ان ينفي معرفته باملشتكية لكنه تراجع عند مواجهته بأقواله السابق وأكد انه التقى بها‬
‫بأحد املقاهي بمدينة الدار البيضاء و انه هو من سلمها رقم هاتفه من دون ان يدلل على‬
‫السبب املشروع الذي جعله يسلمها رقم هاتفه و ال سبب للقائه بها‪.‬‬
‫و حيث إن ما بدر منه أوال من تسليم رقم هاتفه لها ثم اللقاء بها بمكان عمومي عبارة عن‬
‫مقهى و الحال انه ال عالقة شرعية تجمعهما يعد قرينة على ان ذلك تحريض على الدعارة‬
‫تعززه أقوال املشتكية نفسها التي تأكد تعدد اللقاءات بينهما سواء بالواد او بمدينة الدار‬
‫البيضاء‪.‬‬
‫و حيث إن املحكمة و إعماال ملقتضيات الفصل ‪ 432‬من ق م ج ملزمة بإعطاء التكييف‬
‫القانوني السليم للوقائع من خالل املناقشات التي تجري أمامها وتبعا لذلك و ملا فصل أعاله‬
‫قررت القول بان الفعل الثابت في حق املتهم هو جنحة التحريض على الدعارة طبقا للفصل‬
‫‪ 502‬من ق ج و قررت مؤاخذته من اجله‪.‬‬
‫و حيث لظروف املتهم العائلية و االجتماعية فقد قررت املحكم إعمال مقتضيات الفصل‬
‫‪ 150‬من القانون الجنائي في حقه و ذلك باالقتصار على العقوبة الحبسية في حقه فقط‪.‬‬
‫في الدعوى املدنية التابعة ‪:‬‬
‫و حيث اتضح للمحكمة ان املطالبة بالحق املدني غير محقة في أي تعويض الن الفعل الذي‬
‫أدين من اجله املتهم هو جنحة التحريض على الدعارة ال يمكن تصور ضحية له إذ املحرض و‬
‫املحرض يتجاوزان مع بعضهما و يقعان معا تحت طائلة الجزاء الجنائي و ال يمكن ألحدهما‬
‫الرجوع على اآلخر بالتعويض األمر الذي قررت معه املحكمة القول بعدم قبول مطالبها‬
‫املدنية‪.‬‬
‫لهذه األسباب‬
‫تصرح املحكمة علنيا ابتدائيا و حضوريا ‪:‬‬
‫‪ -1‬في الدعوى العمومية ‪ :‬بمؤاخذة املتهم من اجل جنحة التحريض على الدعارة‬
‫طبقا للفصل ‪ 502‬من القانون الجنائي بعد إعادة التكييف و الحكم عليه بستة‬
‫(‪)6‬أشهرحبسا نافذا مع تحميله الصائر و اإلجبارفي األدنى‪.‬‬
‫‪ -2‬في الدعوى املدنية التابعة ‪ :‬بعدم قبولها شكال و تحميل رافعها الصائر و اشعر‬
‫املتهم بأجل االستئناف‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫بهذا صدر القرار في اليوم و الشهر و السنة أعاله بالقاعة العادية للجلسات بمقر محكمة‬
‫االستئناف بورزازات دون ان تتغير الهيئة الحاكمة أثناء الجلسات وهي مؤلفة من السادة‬
‫املذكورين أعاله‪.‬‬
‫اإلمضاء ‪:‬‬
‫الرئيس‬ ‫كاتب الضبط‬

‫‪134‬‬
‫ملحق ‪:2‬‬

‫مناذج‬

‫‪135‬‬
‫النموذج ‪1‬‬
‫المملكة المغربية‬
‫وزارة العدل‬
‫محكمة اإلستئناف ب‪....‬‬
‫المحكمة اإلبتدائية ب ‪....‬‬

‫سماع المطالب الحق المدني‬

‫بتاريخ ‪ .................. :‬على الساعة‪........................... :‬‬


‫نحن ‪ ................................ 1‬بمحكمة ‪..........................‬‬
‫مكتب التحقيق‬
‫بمساعدة السيد‪ ................. :‬كاتب الضبط‪ ،‬والسيد‪ ............ :‬ترجمان‬
‫اللغة‪................... :‬‬ ‫الملف عدد‪...... :‬‬

‫حضر لدينا المسمى‪.......................................... :‬‬ ‫قضية جنائية_ جنحية‬

‫المطالب بالحق المدني في الدعوى الجارية ضد‪..................... :‬‬


‫ونذكر أننا استدعينا األستاذ ‪........................................ :‬‬
‫بصفة قانونية طبقا للمواد‪ 486 -470 -139 :‬كما أعلمناه في نفس‬
‫الرسالة بأن ملف القضية يوجد رهن إشارته‪.‬‬
‫‪ 1‬قاضي األحداث‬
‫و‪ :‬حضر – لم يحضر – األستاذ وبين ‪ -‬ولم يبين تغيبه‬
‫المستشار المكلف باألحداث‬
‫وقد أوضح المطالب بالحق المدني بأنه يتخلى عن حقه في اإلستماع إليه أو‬
‫قاضي التحقيق‬
‫مقابلته مع الشهود بحضور محاميه وعن هويته أفاد‪:‬‬
‫بأن اسمه‪ ................... :‬المزداد ب‪............................ :‬‬
‫بتاريخ‪...................................... :‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫من والديه ‪ ....................... :‬و ‪...............................‬‬
‫يشطب على مال فائدة منه‬
‫الساكن ب ‪............................................... :‬‬
‫والحامل للبطاقة الوطنية عدد‪....................................... :‬‬
‫وحول ما وصل إلى علمه أدلى بمايلي‪............................ :‬‬
‫نموذج ‪66‬ج‬
‫كاتب الضبط‬ ‫المطالب بالحق المدني‬ ‫قاضي التحقيق‬

‫‪136‬‬
‫نموذج ‪2‬‬
‫المملكة المغربية‬
‫وزارة العدل‬
‫محكمة اإلستئناف ب‪....‬‬
‫المحكمة اإلبتدائية ب ‪....‬‬
‫مكتب التحقيق‬

‫ملف رقم‪................... :‬‬

‫محضر مقابلة‬
‫بتاريخ‪...................................................... :‬‬

‫نحن‪ ............................................ :‬القاضي‪/‬المستشار المكلف بالتحقيق بمحكمة‬


‫‪....................................‬‬

‫وبمساعدة السيد‪ ............................................................... :‬كاتب الضبط‬

‫أجرينا المقابلة التالية بين‪:‬‬

‫من جهة‬ ‫المطالب بالحق المدني‬

‫من جهة أخرى‬ ‫وبين المتهم‬

‫‪..............................................................................................................‬‬ ‫حيث صرح‬


‫‪...............................................................................................................................‬‬

‫‪......................................................................................................................... ........‬‬

‫‪.................................................................................................................................‬‬

‫‪............................................................................................................................. ....‬‬

‫كاتب الضبط‬ ‫المتهم‬ ‫المطالب بالحق المدني‬ ‫قاضي التحقيق‬

‫‪137‬‬
‫نموذج ‪3‬‬
‫رقم امللف األصلي‪2016/7:‬‬ ‫رقم امللف‪2017/00:‬‬ ‫اململكة املغربية‬
‫الصادر عن‪:‬محكمة االستئناف‬ ‫القضية‪:‬الجنايات‬ ‫وزارة العدل‬
‫بورزازات‬ ‫المستأنفة عنف ضد‬ ‫محكمة اإلستئناف بورزازات‬
‫األطفال سراح‬

‫استـدعـاء‬
‫للحضور أمام غرفة ‪........‬‬
‫تنفيذا لقرار حمكمة اإلستئناف بـورزازات نستدعي للمثول أمام هذه احملكمة ابجللسة اليت ستعقدها‪:‬‬
‫يوم ‪2016/09/19‬على الساعة ‪09:00‬بقاعة اجللسات ‪1‬للنظر يف اجلنح‪:‬‬
‫‪ )1‬املتـهـم‪:‬‬
‫الدفاع‬ ‫اإلسم الكامل‬
‫‪ 1‬حافظ حافظ‬
‫املتهم ابرتكابه يف الدائرة القضائية هلده حملكمة ومنذ أمد مل متضي عليه مدة التقادم اجلنائي األفعال اآلتية ‪:‬‬
‫الفصول القانونية‬ ‫الفعل‪/‬التهمة‬
‫جناية هتك عرض اطفال تقل سنهم عن ‪18‬‬
‫‪485‬و ‪ 487‬من القانون الجنائي‪.‬‬ ‫‪ 1‬سنة مع استعمال العنف من شخص له سلطة‬
‫عليهم‪.‬‬

‫املسؤول املدين‪ /‬شركة التأمني‪:‬‬ ‫‪)2‬‬


‫الدفاع‬ ‫اإلسم الكامل‬

‫املطالب ابحلق املدين‪/‬الضحية‪:‬‬ ‫‪)3‬‬


‫الدفاع‬ ‫اإلسم الكامل‬
‫ذ حممد‬ ‫رضوان رضوان‬
‫املصرحني أو الشهود يف القضية‪:‬‬
‫اإلسم الكامل‬
‫املالكي ‪...‬‬
‫نسخة مطابقة لألصل بقصد التبليغ يف التاريخ املعني بشهادة التسليم والغالف منوذج رقــم‪50126‬‬
‫حرر ورزازات يف ‪25/07/2016‬‬ ‫رئيس مصلحة كتابة الضبط‬

‫‪138‬‬
‫نموذج ‪4‬‬

‫نموذج ‪5‬‬

‫‪139‬‬
‫قائمة المراجع‪:‬‬
‫أوال‪ :‬الكتب‬
‫‪ ‬محمد سعيد رمضان البوطي‪ ،‬ضوابط المصلحة في الشريعة االسالمية‪ ،‬دار الفكر‪،‬‬
‫ط ‪2016 ،10‬؛‬
‫‪ ‬اللجنة الدولية لحقوق اإلنسان‪ :‬المبادئ الدولية المتعلقة باستقالل ومسؤولية القضاة‬
‫والمحامين وممثلي النيابة العامة‪ ،‬دليل الممارسين رقم ‪1‬؛‬
‫‪ ‬رؤوف عبيد ‪،‬مشكالت االجراءات الجنائية طبعة‪ 3‬لسنة ‪ 1980‬الجزء ‪2‬؛‬
‫‪ ‬أنور العمروسي و محمود ربيع خاطر التعليق على قانون المسطرة الجنائية طبقا‬
‫ألحدث قرارات المجلس األعلى المغربي و أحكام محكمة النقض المصرية ‪ ،‬ج ‪،1‬‬
‫س ‪2004‬؛‬
‫‪ ‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية‬
‫والقضائية‪،‬سلسة المعلومة للجميع‪ ،‬العدد ‪6‬؛‬
‫‪ ‬علي محمد سالم و محمد عبد المحسن سعدون‪ ،‬حماية ضحايا الجريمة في مرحلة‬
‫التحقيق اإلبتدائي‪ ،‬دراسة مقارنة ‪،‬جامعة بابل‪ /‬كلية القانون؛‬
‫‪ ‬محمد مؤنس محب الدين‪ ،‬تعويض ضحايا الجريمة في الشريعة والقانون‪،‬ط ‪ 1‬سنة‬
‫‪ 2012‬؛‬
‫‪ ‬عبد الحق صافي‪،‬القانون المدني‪،‬ج ‪ 1‬المصدر اإلرادي لإللتزامات‪ :‬العقد‪ ،‬الكتاب‬
‫األول تكوين العقد‪ ،‬ط ‪ ،1‬س ‪2005‬؛‬
‫‪ ‬المختار بن أحمد عطار‪ ،‬الوسيط في القانون المدني‪ :‬مصادر اإللتزام‪،‬ط‪ ،1‬س‬
‫‪2002‬؛‬
‫‪ ‬محمد محمود سعيد‪ ،‬حق المجني عليه في تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬دار الفكر‬
‫العربي‪.‬‬
‫‪ ‬أحمد الخمليشي‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ج‪1‬؛‬

‫‪140‬‬
‫‪ ‬وزارة العدل المغربية‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪،‬ج‪ ،1‬منشورات جمعية نشر‬
‫المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬العدد ‪ ،6‬أبريل ‪.2007‬‬
‫‪ ‬محمد صبحي نجم‪ ،‬الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية‪،‬ط‪ ،1‬س‪،2006‬‬
‫‪ ‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد للمسطرة الجنائية‪،‬ج‪ ، 1‬س ‪،2010‬‬
‫‪ ‬محمد بفقير ‪"،‬دراسات قضائية" ‪ ،‬ج‪،3‬‬
‫‪ ‬محمد عياط‪ ،‬دراسة في المسطرة الجنائية المغربية‪ ،‬ج‪ ،1‬ط‪،1‬س ‪،1991‬‬
‫‪ ‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في قانون المسطرة الجنائية الجديد‪ ،‬ج ‪،2‬ط ‪ ،3‬س‬
‫‪،2012‬‬
‫‪ ‬علي سلطاني‪ ،‬محاضرات في علم النفس الجنائي‪،‬جامعة تبسة‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫الجزائر‪،‬‬
‫‪ ‬الحسين بوعيسي‪ ،‬تحريك الدعوى العمومية من طرف المتضرر عن طريق‬
‫اإلستدعاء المباشر‪،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ ‬عبد الكريم ذكار‪،‬االدعاء المباشر و الشكاية المباشرة في التشريع المغربي؛‬
‫‪ ‬رياضي عبد الغاني‪ ،‬جهاز قاضي التحقيق ‪ :‬اختصاصاته واإلجراءات المسطرية‬
‫المطبقة أمامه‪ ،‬ج ‪ ، 1‬ط ‪،2007‬‬
‫‪ ‬محمد بفقير‪ ،‬قانون المسطرة الجنائية والعمل القضائي المغربي‪،‬ط ‪3‬؛‬
‫‪ ‬فايز السيد اللمساوي وأشرف فايز اللمساوي‪ ،‬اإلدعاء المدني أمام القضاء‬
‫الجنائي‪،‬ط‪ 1‬س ‪،2009‬‬
‫‪ ‬أحمد المهدي وأشرف شافعى ‪ :‬إجراءات اإلدعاء المباشر واآلثار المترتبة على‬
‫تحريك الدعوى المباشرة‪ ،‬ط ‪،2010‬‬
‫‪ ‬عدنا ن خالد التركماني ‪:‬اإلجرءات الجنائية اإلسالمية وتطبيقاتها في المملكة العربية‬
‫السعودية‪،‬أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية‪ ،‬س ‪،1999‬‬
‫‪ ‬محمادي لمعكشاوي‪ ،‬المرافعات في القضايا الجنائية عما وعمال‪ ،‬ط‪ ،1‬س ‪2011‬؛‬

‫‪141‬‬
‫‪ ‬عمر الموريف ويوسف أيت بها‪ ،‬دليل اإلجراءات العملية باإلدارة القضائية‪ ،‬الجزء‬
‫‪ ،1‬نشر دار نور ‪ ،‬الطبعة ‪ ،1‬س ‪،2017‬‬
‫‪ ‬حسن صادق المرصفاوي‪ ،‬الدعوى المدنية أمام المحاكم الجنائية نشر منشأة‬
‫المعارف باالسكندرية س ‪،1989‬‬
‫‪ ‬امحمد لفروجي ‪،‬دالئل عملية عدد ‪ :5‬شكليات التقاضي والترافع من خالل قضاء‬
‫المجلس األعلى لسنوات ‪، 2005-2000‬‬
‫‪ ‬أحم د المهدي و أشرف شافعي‪ :‬إجراءات اإلدعاء المباشر واآلثار المترتبة على‬
‫تحريك الدعوى المباشرة‪ ،‬ط ‪ ،2‬س ‪ 2010‬دار العدالة؛‬
‫‪ ‬الدكتور إدوار غالي الذهبي‪ ،‬حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني‪ ،‬ط‪ ،3‬مكتبة‬
‫غريب؛‬

‫ثانيا‪ :‬األطروحات والرسائل‬


‫‪ ‬عمارة فوزي‪ ،‬قاضي التحقيق‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم القانونية‪،‬‬
‫جامعة االخوة منتوري‪-‬قسنطينة‪ ،‬كلية الحقوق الجزائر‪ ،‬العام الجامعي ‪-2009‬‬
‫‪2010‬؛‬
‫‪ ‬عليوش زكرياء‪ ،‬الحكم الجنائي وحجيته أمام القضاء المدني‪ ،‬بحث لنيل شهادة‬
‫الماستر في الحقوق فرع قانون العقوبات والعلوم الجنائية‪ ،‬جامعة قسنطينة‬
‫الجزائر‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2014‬‬

‫ثالثا‪ :‬المجالت‬
‫مجموعة قرارات محكمة االستئناف بالرباط لسنوات ‪1938-1937‬؛‬ ‫‪‬‬
‫مجموعة اجتهادات المجلس األعلى لسنوات ‪1965-1957‬؛‬ ‫‪‬‬
‫مجلة المحامون العدد ‪5‬؛‬ ‫‪‬‬
‫مجلة دراسات الجامعة األردنية‪ ،‬العدد ‪5‬؛‬ ‫‪‬‬
‫مجلة القصر العدد ‪25‬؛‬ ‫‪‬‬
‫مجلة القانون المجلد الثامن؛‬ ‫‪‬‬
‫مجلة القضاء والقانون عدد ‪ 59‬و‪ 60‬و ‪61‬؛‬ ‫‪‬‬
‫مجلة الندوة عدد ‪12‬؛‬ ‫‪‬‬

‫‪142‬‬
‫مجلة المحامي العدد ‪12‬؛‬ ‫‪‬‬
‫مجلة الملف العدد ‪8‬؛‬ ‫‪‬‬
‫مجموعة قرارات المجلس األعلى لسنوات ‪1995-1981‬؛‬ ‫‪‬‬
‫نشرة قرارات المجلس محكمة النقض‪-‬الغرفة الجنائية العدد ‪ 20‬س ‪.2015‬‬ ‫‪‬‬

‫‪143‬‬
‫الفهرس‬
‫مدخل متهيدي‪6 ....................... ................................ ................................ :‬‬
‫الدعوى املدنية التابعة ‪6 ............... ................................ ................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تعريف الدعوى املدنية التابعة ‪7 ................................ ................................‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬عالقة الدعوى املدنية التابعة بالدعوى العمومية ‪8...........................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مظاهر إرتباط الدعوى المدنية التابعة بالدعوى العمومية ‪8.............................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مظاهر إستقالل الدعوى المدنية التابعة عن الدعوى العمومية ‪8........................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬طرفا الدعوى املدنية التابعة ‪10 ............................ ................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الطرف المدعي ‪10 ........................................ ................................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬األهلية ‪13 ................ ................................ ................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الضرر ‪13 ................ ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطرف المدعى عليه ‪14 .................................. ................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المتهم ‪15 ................. ................................ ................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤول عن الحقوق المدنية ‪15 ......................... ................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الوارث ‪16 ................ ................................ ................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الوكيل القضائي ‪16 ....................................... ................................‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬موضوع الدعوى املدنية التابعة ‪17 ........................... ................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التعويض ‪17 ............... ................................ ................................‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬الرد ‪18 .................... ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المصاريف القضائية ‪19 .................................. ................................‬‬
‫املبحث اخلامس‪ :‬إنتهاء الدعوى املدنية التابعة ‪19 ........................... ................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تنازل المطالب بالحق المدني ‪20 ......................... ................................‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬تقادم الدعوى المدنية التابعة ‪21 .......................... ................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬صدور حكم نهائي في الدعوى المدنية التابعة ‪22 .......................................‬‬
‫الفصل األول‪23 ............................ ................................ ................................ :‬‬
‫إجراءات اإلدعاء املدني أمام قاضي التحقيق ‪23 .............................................‬‬

‫‪144‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تقديم الشكاية أمام قاضي التحقيق ‪26 ....................... ................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬اإلطار العام للشكاية ‪26 ................................... ................................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف الشكاية ومصدرها ‪26 ........................... ................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شكليات الشكاية ‪27 ....................................... ................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مضمون الشكاية ‪27 ...................................... ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حق المتضرر في تحريك الدعوى العمومية ‪27 .........................................‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬شروط وإجراءات اإلدعاء باحلق املدني أمام قاضي التحقيق ‪29 ..............................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬شروط اإلدعاء المدني أمام قاضي التحقيق ‪29 ..........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تقديم الشكاية أمام قاضي التحقيق المختص ‪29 ........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إيداع مصاريف الدعوى ‪30 .............................. ................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬إبراز الضرر ‪31 ......................................... ................................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬تعيين موطن مختار ‪31 ................................. ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إجراءات اإلدعاء المدني أمام قاضي التحقيق ‪32 ........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تقييد الدعوى بكتابة الضبط ‪32 .......................... ................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إشعار الوكيل القضائي للمملكة ‪33 ....................... ................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬االستماع إلى المتهم ‪34 ................................... ................................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬اإلستماع إلى لمطالب بالحق المدني ‪34 ................ ................................‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬االستماع إلى الشهود ‪35 ............................... ................................‬‬
‫الفقرة السادسة‪ :‬إجراء المواجهة ‪35 .................................... ................................‬‬
‫الفقرة السابعة‪ :‬إجراء الخبرة ‪36 ........................................ ................................‬‬
‫الفقرة الثامنة‪ :‬تدوين إجراءات التحقيق ‪36 ............................. ................................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬الطعن ضد أوامر قاضي التحقيق من طرف املطالب باحلق املدني ‪37 ......................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الغرفة الجنحية ‪37 ........................................ ................................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬تشكيل الغرفة الجنحية ‪37 ............................... ................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إختصاصات الغرفة الجنحية ‪38 ......................... ................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬مسطرة إحالة القضية على الغرفة الجنحية ‪39 ...........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إستئناف أوامر قاضي التحقيق من طرف المطالب بالحق المدني ‪39 ...................‬‬

‫‪145‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أوامر قاضي التحقيق التي يجوز للمطالب بالحق المدني استئنافها ‪40 .................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أوامر قاضي التحقيق التي ال يجوز للمطالب بالحق المدني إستئنافها ‪40 ..............‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬شكليات الطعن باإلستئناف ضد أوامر قاضي التحقيق وإحالة الملف ‪41 ................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬حق املطالب باحلق املدني يف الطعن ضد قرارات الغرفة اجلنحية ‪42 ........................‬‬

‫الفصل الثاني‪44 ........................ ................................ ................................ :‬‬


‫اإلدعاء املدني أمام قضاء احلكم ‪44 ............................. ................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬الدعوى املدنية التابعة أمام القضاء الزجري ‪51 .............. ................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬شروط إختصاص القضاء الزجري بالدعوى المدنية التابعة ‪51 .........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬وقوع جريمة من المتهم ‪52 .............................. ................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬وجود ضرر الحق بالمطالب بالحق المدني ‪52 ..........................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬أن تكون الدعوى العمومية قائمة ومقبولة أمام المحكمة الزجرية المرفوعة إليها ‪54 ...‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آثار قبول الدعوى المدنية التابعة أمام القضاء الزجري ‪54 .............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المطالب بالحق المدني طرف في الدعوى ‪55 ..........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬عدم خضوع المطالب المدنية ألداء الرسوم القضائية ‪55 ................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬حقوق الدفاع الخاصة بالمطالب بالحق المدني ‪58 .......................................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬إمكانية رفع الدعوى المدنية في سائر مراحل المسطرة إلى غاية اختتام المناقشات‬
‫‪58 ....................................... ................................ ................................‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬تعيين الوكيل الخصوصي ‪59 .......................... ................................‬‬
‫الفقرة السادسة‪ :‬الفصل في الدعويين العمومية والمدنية ‪60 ............................................‬‬
‫الفقرة السابعة‪ :‬للمطالب بالحق المدني سلوك طرق الطعن ‪61 .........................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬إجراءات الدعوى المدنية التابعة أمام القضاء الزجري ‪61 .............................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬إستدعاء الطرف المدني ‪61 ............................. ................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إنعقاد الجلسة ‪67 .......................................... ................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬التجريح كحق من حقوق الطرف المدني ‪68 .............................................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬اإلستماع إلى المتهم ‪70 ................................. ................................‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬اإلستماع إلى الطرف المدني ‪70 ....................... ................................‬‬
‫الفقرة السادسة‪ :‬اإلستماع إلى الشهود ‪72 ............................... ................................‬‬

‫‪146‬‬
‫الفقرة السابعة‪ :‬االستماع إلى الخبراء ‪75 ............................... ................................‬‬
‫الفقرة الثامنة‪ :‬مرافعة المطالب بالحق المدني ‪76 ....................... ................................‬‬
‫الفقرة التاسعة‪ :‬مرافعة النيابة العامة ‪81 ................................ ................................‬‬
‫الفقرة العاشرة‪ :‬مرافعة المتهم ‪81 ....................................... ................................‬‬
‫الفقرة الحادية عشر‪ :‬دور كاتب الضبط بالجلسة ‪82 .................... ................................‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬الحكم في الدعوى المدنية التابعة ‪85 ..................... ................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬حالة الحكم باإلدانة ‪85 .................................. ................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حالة الحكم بسقوط الدعوى العمومية أو باإلعفاء ‪86 .................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬حالة الحكم بالبراءة ‪87 ................................. ................................‬‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬تقدير التعويض ‪87 ..................................... ................................‬‬
‫الفقرة الخامسة‪ :‬تحميل المصاريف ‪88 ................................ ................................‬‬
‫الفقرة السادسة‪ :‬إغفال المحكمة البث في المطالب المدنية ‪89 ........................................‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬حق الطرف المدني بالطعن في الدعوى المدنية التابعة ‪91 ...........................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الطعن بالتعرض ‪91 ..................................... ................................‬‬

‫أوال‪ :‬شكليات الطعن بالتعرض ‪93 ................................. ................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬أجل التعرض ‪94 .................. ................................ ................................‬‬

‫ثالثا‪ :‬آثار التعرض ‪94 ................... ................................ ................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الطعن باإلستئناف ‪96 ..................................... ................................‬‬

‫أوال‪ :‬آجال اإلستئناف ‪97 ............................................. ................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬الطعن بالنقض ‪100 ...................................... ................................‬‬


‫املبحث الثاني‪ :‬الدعوى املدنية التابعة أمام القضاء املدني ‪109 .............. ................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تأثير رفع الدعوى الجنائية على الدعوى المدنية المرفوعة أمام المرجع المدني ‪110 .‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬رفع الدعويين أمام الجهة القضائية المختصة ‪111 .....................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إتحاد السبب ‪112 ......................................... ................................‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬إتحاد األشخاص ‪112 ..................................... ................................‬‬

‫‪147‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حجية المقرر المدني أمام المرجع الجنائي ‪112 .........................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حجية المقرر الجنائي أمام المرجع المدني ‪113 .........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف الحجية ‪114 ..................................... ................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط حجية المقرر الجنائي ‪115 ....................... ................................‬‬

‫أوال‪ :‬أن يتعلق األمر بمقرر قضائي ‪115 .............................. ................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن يكون المقرر صادرا عن محكمة زجرية أو متعلقا بقضية زجرية ‪116 ...............‬‬

‫ثالثا‪ :‬أن يكون المقرر نهائيا ‪117 .................................... ................................‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬موقف المشرعين المغربي والمصري ‪117 .............................................‬‬

‫أوال‪ :‬بالنسبة للمشرع المغربي ‪117 ................................... ................................‬‬

‫ثانيا‪ :‬بالنسبة للمشرع المصري ‪118 .................................. ................................‬‬

‫خاتمة‪120 .................................... ................................ ................................ :‬‬

‫ملحق ‪121 ............................... ................................ ................................ :1‬‬


‫عمل قضائي ‪121 ......................... ................................ ................................‬‬
‫ملحق ‪135 ............................... ................................ ................................ :2‬‬
‫مناذج ‪135 .................................. ................................ ................................‬‬
‫قائمة المراجع‪140 .......................... ................................ ................................ :‬‬

‫‪148‬‬

You might also like