Professional Documents
Culture Documents
Ministère de l’Education Nationale, de la Formation وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني و التعليم العالي
Professionnelle, de l’Enseignement Supérieur et de la
و البحث العلمي
Recherche Scientifique
جامعة سيدي محمد بن عبد هللا
Université Sidi Mohamed Ben Abdellah
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية -فــاس
Faculté des Sciences Juridiques Économiques et Sociales-Fès
السنـة اجلـامعيـة
2019-2018
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
مقــــدمة :
في حياة المم والشعوب و على سلم التطور التاريخي للبشرية ،ثمة محطات رئيسية لتحوالت
عميقة أصابت صيرورة هذه الشعوب نحو تطورها وتقدمها ،وعلى الرغم من التباين واالختالف
بينها في الزمان واملكان ،وفي طبيعة التحول ذاته ،إذ شهدت املرحلة الحالية من تاريخنا املعاصر
تناقضا في مساراتها املتعددة ،وعلى الرغم من املخاض الصعب واملتناقض هذا ،يبدو أن صوت
ومما ال شك فيه أن خير حماية وضمانة للحقوق والحريات ،هو التنصيص عليها صراحة في
الدستور باعتباره أسمى تشريع في الدولة وهذا هو التوجه الذي سلكته معظم الدول ومنها الدولة
املغربية منذ إقرار أول دستور1؛ لن اإلقرار الدستوري للحريات والحقوق بالنص عليها في صلب
الوثيقة الدستورية ،يجعل منها تتمتع ليس فقط بالصفة الدستورية بل بالحماية الدستورية،
بحيث إذا اعتدى املشرع على هذه الحقوق والحريات بأن انتقص منها أو أهدرها ،من خالل
تشريعاته التي يصدرها أو أساء استخدامها ،فإن هذه التشريعات تكون عرضة للحكم عليها بعدم
الدستورية ،وإذا كان المر كذلك فإن أثر الرقابة الدستورية تمثل االرتكاز الساس ي في حماية
وتسند الدساتير حماية الحقوق والحريات الساسية عن طريق مراقبة دستورية القوانين
وأعمال السلطة العامة ،إلى هيئة عليا تعتبر املفسر السمى للدستور وتكون مستقلة عن الهيئات
الخرى ،وتختلف تسمية واختصاص هذه الهيئة تبعا للتنظيم الدستوري لكل دولة وحيث تسمى
1حجاجي امحمد ،بصمات المجلس الدستوري المغربي في مجال الحقوق والحريات األساسية ،سلسلة دراسات الدستورية والسياسية
منشورات مجلة العلوم القانونية ،العدد التاسع ،السنة ،2018ص.35
2عبد الحق بلفقيه ،القضاء الدستوري بالمغرب دراسة مقارنة ،مسالك في الفكر والسياسة واالقتصاد ،القضاء الدستوري بالمغرب
المحكمة الدستورية ونظم المراقبة على دستورية القوانين ،العدد ،37/38السنة ،2016ص.17
1
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
في الواليات املتحدة المريكية باملحكمة العليا االتحادية ،3وفي فرنسا املجلس الدستوري ،أما في
أملانيا االتحادية تتولى مهمة الرقابة املحكمة الدستورية االتحادية ،4وبخصوص املغرب فقد تميز
مسار الرقابة الدستورية التي تعد دعامة دولة الحق والقانون بالتذبذب واملحدودية انطالقا من
أول دستور تعرفه البالد في سنة 1962املحدث للغرفة الدستورية؛ التي كانت مجرد غرفة ضمن
غرف املجلس العلى للقضاء آنذاك ،وتعود مهمة رئاستها إلى رئيس هذا املجلس والى غاية دستور
1992املمهد إلرهاصات التناوب الولي حيث أسس إلحداث تطور نوعي في مجال الرقابة
الدستورية ،بنصه على إحداث هيئة مستقلة تختص بهذه الرقابة وتتمثل في املجلس الدستوري،
غير أن عمله تميز باملحافظة واالنغالق استنادا إلى حجم القرارات الصادرة عنه وكذلك بالنظر
إلى ضعف الوسائل واملكانة الوظيفية التي طبعت مساره قياسا مع باقي املؤسسات الدستورية.5
ولذلك عمل املشرع املغربي الدستوري بمناسبة املراجعة الدستورية لسنة ،2011إلى إحداث
تحول نوعي في مجال الرقابة الدستورية التي تعد أساس دولة القانون وذلك بنصه على إحداث
محكمة دستورية تعوض املجلس الدستوري ،والتي منح لها اختصاصات جديدة ولعل أهمها هو
البت في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون ،أثير أثناء النظر في قضية ،وذلك إذا دفع أحد
الطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع ،يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور.
إن الرقابة عن طريق الدفع بعدم دستورية القانون ليست دعوى أصلية يحق لألفراد
ممارستها أمام املحكمة الدستورية مباشرة ،وإنما اشترط املشرع أن يكون هذا الدفع بمناسبة
3أنشئت المحكمة سنة ، 1789وكانت تتكون من رئيس وخمسة أعضاء وهي مكونة حاليا من رئيس وثمانية أعضاء ،يعينهم رئيس
الجمهورية بموافقة مجلس الشيوخ ولمدى الحياة.
ورئيس المحكمة العليا الذي يلقب بالقاضي الرئيس للواليات المتحدة ،يعتبر الشخصية الثانية بعد رئيس الجمهورية ،متقدما بذلك عن
نائب الرئيس ومتفوقا عليه من ناحية األهمية.
راجع بهذا الخصوص مصطفى قلوش ،المبادئ العامة للقانون الدستوري ،شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة الرابعة ،ص
.236
4أحدثت هذه المحكمة -لتولي مهمة الرقابة على دستورية القوانين -في دستور ،1949وتتألف وفقا للمادة 94الفقرة األولى من
قضاة اتحاديين وأعضاء آخرين ،ينتخب نصف أعضاء ا لمحكمة الدستورية االتحادية من قبل البوندستاغ بينما ينتخب النصف اآلخر
من قبل البوندسترات وال يجوز أن يكون هؤالء أعضاء في البوندستاغ أو في البوندسترات ،أو في الحكومة االتحادية أو فيما يقابلها
من هيئات في الواليات «
5د عبد المولى المسعيد ،المحكمة الدستورية في ظل دستور ،2011مجلة مسارات في األبحاث والدراسات القانونية ،العدد األول
ص.9
2
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وجود نزاع معروض على القضاء بمقتض ى دعوى أصلية؛ حيث إن الرقابة عن طريق الدفع تكون
مقيدة وجوبا بوجود دعوى رائجة أمام إحدى املحاكم كانت مدنية أو تجارية أو زجرية أو إدارية.
وإذا كانت هذه اآللية أقرتها أكثر من 42دولة فإنها تتباين من حيث أساسها إذ تجد في البعض
منها أساسها في الدساتير كما هو الشأن بالنسبة للمغرب ،إذ نص الفصل 133من دستور 2011
" تختص املحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون ،أثير أثناء النظر في
قضية ،وذلك إذا دفع أحد الطراف بأن القانون ،الذي سيطبق في النزاع ،يمس بالحقوق
والحريات التي يضمنها الدستور" ،وفرنسا إذ اعتمد املشرع الفرنس ي هذه اآللية بمقتض ى التعديل
الدستوري ل23يوليوز ،2008غير أنه لم يستعمل كلمة دفع وسماها بمقتض ى القانون التنظيمي
مارس ،2010وتمت ترجمتها إلى اللغة العربية تحت مسمى "املسألة الدستورية ذات الولية" وقد
تم إعمالها سنة ،62010في حين شكلت السوابق التاريخية والحكام القضائية الصادرة من
املحاكم بعض الواليات واملتعلقة بالرقابة على دستورية القوانين قبل إنشاء االتحاد المريكي
واملحكمة االتحادية أهم أسس الرقابة على دستورية القوانين كما أن السباب التي استند إليها
قاض ي القضاة "مارشال "في قضية "ماربوري" ضد "ماديسون"عام 71803ال تزال تمثل حجر
6جمال العزوزي ،تأمالت أولية في مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القانونين ،المجلة المغربية للحكامة
القانونية والقضائية ،مطبعة األمنية ،الرباط ،العدد األول ،السنة ،2016ص .107
7ماربوري وهو قاضي أمريكي رفع دعوى أمام المحكمة العليا ضد ماديسون وهو وزير العدل ،يطلب فيها إصدار أمر قضائي على
ماديسون يقضي بتسليمه قرار تعينه قاضيا ،والذي وافق عليه مجلس الشيوخ وصدق عليه رئيس الدولة في ظل قانون النظام القضائي
الصادر عام ،1789الذي قررت الفقرة 13منه للمحكمة العليا أن تصدر أوامر قضائية بصفة أصلية (ابتدائية ) ،في حين أن المادة
الثالثة من الدستور حددت اختصاصات المحكمة بصورة حصرية وليس من بينها إصدار أوامر قضائية ،فبعد أن قررت المحكمة أنه
من حق ما ربوري الحصول على األنمر ا لقضائي الملزم لوزير العدل ،إال انها قررت عدم اختصاصها هذا األمر .
8عادل حميد الصلوي ،القضاء الدستوري في الواليات المتحدة األمريكية)(رقابة االمتناع نموذجا .مجلة قانونية قانون وأعمال ،العدد
الخامس،ص.107
3
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وتكمن أهمية املوضوع من الناحية النظرية في كون الدفع بعدم الدستورية ،تعد الركيزة
الساسية لحماية الحقوق والحريات العامة لألفراد ،التي كفلتها الشرائع السماوية والدساتير
واملواثيق الدولية ،وذلك من أي تعسف قد تقوم به املؤسسات العامة بما تصفه من قوانين
ولوائح لتنظيم الحيات العامة والنشاط ،أما عن الهمية العملية فتكمن في أن هذه اآللية
أضحت من أهم املوضوعات التي أسالت كثيرا من املداد فقها وقضاء وتشريعا ،وأثارت العديد
ومن هنا يمكن طرح اإلشكالية املحورية التالية :إلى أي حد يمكن القول أن الدفع بعدم
-ما هي الضوابط املوضوعية واإلجرائية للدفع بعد الدستورية؟ وماذا عن آثار هذا الدفع؟ ثم
وانطالقا من اإلشكالية املحورية والتساؤالت الفرعية يمكن طرح الفرضيات التالية :
ولإلجابة على اإلشكالية أعاله نقترح مقاربة املوضوع ،معتمدين في ذلك املنهج االستقرائي التحليلي
4
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
التشريعات املقارنة
5
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
تتأرجح أشكال الرقابة على دستورية القوانين 9بين رقابة سياسية وأخرى قضائية ،أو
الرقابة السابقة والرقابة الالحقة ،ومن دون الخوض في تفاصيل كل نوع على حدة ،فإنه في
املجمل تشكل الرقابة على دستورية القوانين محور الرهان في الحفاظ على حقوق وحريات
املواطنين ،بما يكفل عدم االعتداء عليها أو املس بها ،ولعل في صيانة هذه الحقوق والحريات
لألفراد ما يضمن تحقيق العدالة الدستورية 10والدفاع عن حرمة وسمو مقتضيات الدستور
لكن بالرغم من التطور الذي عرفه القضاء الدستوري باملغرب ،فإن حق إثارة الرقابة على
دستورية القوانين ظل في جميع الدساتير السابقة على دستور 2011حكرا على املؤسسات
التشريعية والتنفيذية؛ بحيث لم يكن من حق الفراد إثارتها أمام املجلس الدستوري 11بغرض
9ينسجم هذا الحق مع ما وافق عليه المغرب من اتفاقيات دولية وال سيما اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان لسنة 1948؛ الذي نص في
مادته الثامنة على أن "لكل شخص الحق في ان يلجأ إلى المحاكم الوطنية إلنصافه من أعمال فيها إعتداء على الحقوق األساسية التي
يمنحها له القانون.
10عثمان الزياني ،المواطن والعدالة الدستورية حق األفراد في الدفع بعدم الدستورية في ظل الفصل 133من دستور ،2011مجلة
الحقوق سلسة المعارف القانونية والقضائية ،اإلصدار 21تحت عنوان المحكمة الدستورية بالمغرب نحو رؤية استشرافية ،السنة
،2018ص .73
11مارس صالحياته مند تنصيبه في مارس 1994عوض الغرفة الدستورية وأصدر إلى غاية 973 2015قرارا ،المجلس
الدستوري ،الجامع لمبادئ وقواعد القضاء الدستوري المغربي ،مطبعة األمنية ،الرباط ص .7
6
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
الطعن في دستورية قانون ما يمس حقوقهم وحرياتهم ،12ولكن مع الدستور الحالي وبموجب
الفصل 133منه أصبح بإمكان الفراد مباشرة الرقابة القضائية عن طريق الدفع بعدم
الدستورية في إطار ضوابط موضوعية تحدد الشخاص املعنيين بهذا الدفع وميقاته وطبيعة
موضوعه (املطلب الول) وأخرى إجرائية وذلك وفق شروط وإجراءات حددها مشروع القانون
التنظيمي رقم ( 86.15املطلب الثاني) كل ذلك سيتم في إطار دراسة مقارنة للنموذج المريكي،
الولى من الفصل 133فإن الدستور قد حدد ضوابط موضوعية على أساسها يحق فقط لطراف
الدعوى بممارسة هذا الحق دون سواهم ،وإن كان المر ليس كذلك في تشريعات أخرى (الفقرة
الولى) داخل نسق موضوع الدفع نفسه ،كلما تعلق المر بقانون ماس بالحقوق والحريات التي
يضمنها الدستور (الفقرة الثانية) الذي حدد مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15كما أحال
وعلى اختالف درجاته ،فإن الوضع في الدفع بعدم الدستورية يظل مقصورا على فئات وجهات
معنية بذاتها ،تحددها التشريعات بناء على فلسفة دستورية ،سواء بمصلحة مباشرة أو غير
12أحمد مفيد ،النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات السياسية دراسة في الدولة وأنظمة الحكم الديمقراطي وآليات المشاركة
السياسية ،مطبعة أنفوبرانت ،فاس ،الطبعة األولى ،2017 ،ص .125
7
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
دعوى معروضة على إحدى محاكم اململكة أن يثير الدفع بعدم دستورية قانون ساري املفعول،
من شأن تطبيقه على النزاع أن يمس إحدى الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور ،13وكعادتها
تظل في كثير من الحيان بعض عبارات النصوص القانونية مثار جدل حول داللتها ومعانيها ،وهو
ولهذه الغاية وفي إطار مساهمته في إغناء النقاش العمومي املتعلق بإصالح منظومة العدالة،
عمد املجلس الوطني لحقوق اإلنسان إلى إصدار مذكرة 14بشأن القانون التنظيمي للدفع بعدم
الدستورية ،املسجل بالمانة العامة للحكومة في 14فبراير 2018وضمنها اقتراحات بناء على
مرجعيات دولية ووطنية ،خاصة فيما يتعلق بتحديد بعض املفاهيم ،ومن بينها مدلول عبارة
"الطراف" ،حيث اقترح املجلس أن يحيل هذا املدلول على الطراف الرئيسية واملتضمنة
غير أن واضعي املشروع املذكور في إطار تحديدهم ملدلول "أطراف الدعوى" عمدوا إلى
حصر هذه الطراف في كل من املدعى واملدعى عليه في الدعاوى املدنية أو التجارية أو اإلدارية وفي
وبما أن القوانين التنظيمية تحال حسب الفقرة الثانية من الفصل 132من دستور 2011
وجوبا على املحكمة الدستورية قبل صدور المر بتنفيذها في إطار الرقابة السياسية ،16فإن
8
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
املحكمة وفي قرار لها تحت رقم 17 18-70الصادر في 6مارس 2018صرحت في منطوق القرار
بعدم دستورية عدد من مواد مشروع القانون رقم 86.15ومن بينها البند "ب" من البند الثاني؛
حيث تمت إضافة النيابة العامة كطرف إلى جانب الطراف املذكورة سلفا على اعتبار أن حق
الدفع بعدم الدستورية جعلته الفقرة الولى من الفصل 133بصيغة العموم ،وحيث أنه لتحديد
املقصود بأطراف الدعوى يجب الرجوع لقانون املسطرة الجنائية واملدنية وإلى نصوص أخرى
التي تجعل النيابة العامة إلى جانب أطراف أخرى تتوفر على شرطي الصفة واملصلحة إما طرفا
وننتظر أن يدخل هذا املشروع حيز التنفيذ خاصة وأن أي دفع في الوقت الحالي سيكون مصيره
تعذر البت فيه كما حصل في قرار 19للمحكمة الدستورية؛ دفع فيه دفاع املتهم بأن املادة 265
النقاش نفسه – حول إمكانية تقديم الدفع من طرف النيابة العامة – احتدم أثناء مناقشة
القانون التنظيمي الفرنس ي 20املتعلق باملسألة الدستورية ذات الولية ،فالنقاشات البرملانية
أيدت إمكانية الدفع متى كانت النيابة العامة طرفا في الدعوى ،في حين أن الحكومة – خالل
16تعود نشأة الرقابة السياسية على دستورية القوانين إلى عهد الثورة الفرنسية ،وأخذت به الدول االشتراكية ،وتسمى بالرقابة السياسية
لكونها قبلية تتوالها ه يئة دستورية تتكون من أعضاء ينتدبون عن طريق مسطرة التعيين يفترض فيها االستقاللية عن جميع السلطات،
عبد الحق بلفقيه ،القضاء الدستوري بالمغرب دراسة مقارنة ،مجلة مسالك للفكر والسياسية واالقتصاد ،العدد مزدوج ،38/37
،2016ص .21
17قرار المحكمة الدستورية تحت رقم 70/18الصادر في 6مارس 2018المتعلق بمشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد
شروط وإجراءات تطبيق الفصل 133من دستور .2011
18وكانت المحكمة الدستورية قد وجهت أمرا بتبليغ نسخة من قرارها المذكور في تاري صدوره إلى رئيس الحكومة ،من أجل ترتيب
اآلثار القانونية على مشروع القانون التنظيمي السالف الذكر ونشره بالجريدة الرسمية ،الذي عقد بشأنه مجلس الحكومة في 11أبريل
2019وأدخل التعديالت الالزمة عليه.
19يتعلق األمر بقرار رقم 80/18ملف عدد 029/18بتاري 12يونيو ،2018منشور بموقع المحكمة الدستورية على الرابط
https://www.cour- : التالي
constitutionnelle.ma/ar/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA/%D9%82%
D8%B1%D8%A7%D8%B18018تم االطالع عليه بتاري 19/04/21على الساعة .20:43
20اعتمد المشرع الدستوري الفرنسي – بعدما ظل المجلس الدستوري مند سنة 1958يمارس رقابة سياسية –هذه اآللية بمقتضى
التعديل الدستوري ل 23يوليوز 2008تقدم به رئيس الجمهورية نيكوال ساركوزي ،غير أن لم يستعمل كلمة دفع وسماها بمقتضى
القانون التنظيمي رقم 1523لسنة 2009الصادر في " ،2009/12/10المسألة الدستورية ذات األولية" والمتضمن كيفية تطبيق
المادة 1-61من الدستور وقد تم إعمالها في فاتح مارس .2010
9
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
العمال التحضيرية -اعتبرتها غير مختصة بإثارة مسألة من القبيل ذاته ،غير ذلك ،فإن كل
شخص طرف في الدعوى يمكنه أن يثير مدى مطابقة املقتض ى التشريعي املتعلق بالحقوق
والحريات للدستور -وفي حالة قبول القاض ي للدفع فإنه يحليه ملحكمة النقض أو ملجلس الدولة
على حسب الحوال اللذان يملكان إحالته للمجلس الدستوري أو رفضه - 21وتضم هذه القاعدة
الشخاص الطبيعيين وكذا االعتباريين الخاضعين للقانون الخاص كما العام ،وقد عد حق
وفي أملانيا االتحادية فإن الرقابة من طرف املحكمة الدستورية االتحادية23يمكن اللجوء إليها
وفقا للمادة 93من دستورها ،24ورفع دعاوى أمامها من جهات متعددة وتختلف حسب موضوع
الدعوى ،يمكن إجمالها في سبع جهات :رئيس الجمهورية ،والحكومة الفدرالية ،والبوندسترات
يمكنهم دعوى املحكمة للبث في دستورية قانون ما ،واملواطن الذي يمكنه التقاض ي أمام املحكمة
بعد استنفاذه لجميع الطعون العادية ،26ومن خاصيات التجربة الملانية كون الجانب أيضا لهم
الحق في تقديم الدعوة الدستورية طاملا أنهم قادرون على التمتع بالحقوق الساسية.27
إذا كان المر واضحا في التشريعات آنف ذكرها؛ فإنه ال بد من التمييز في إطار مراقبة
الدستورية في الواليات املتحدة المريكية بين أساليب الرقابة؛ إذ يحق لألمريكيين في أسلوب
الدفع أو االمتناع الدفع بعدم دستورية القوانين في قضية معينة أمام املحاكم العادية للواليات
21حسن مصطفى البحيري ،القضاء الدستوري "دراسة مقارنة" ،دار الطبع غير مذكورة ،الطبعة األولى ،2017ص .75
22محمد أتركين ،دعوى ا لدفع بعد الدستورية في التجربة الفرنسية " اإلطار القانوني والممارسة القضائية " ،مطبعة النجاح الجديدة –
الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2013ص.38
23أحدثت هذه المحكمة -لتولي مهمة الرقابة على دستورية القوانين -في دستور .1949
24صدر بتاري 23ماي 1949وتم تعديله بموجب قانون صدر في 22يوليوز .2002
تنص في فقرتها الرابعة « الشكاوى الدستورية ،التي يجوز ألي شخص أن يرفعها إلى المحكمة بدعوى أن السلطات العامة قد
انتهكت أحد حقوقه األساسية ،أو أحد حقوقه الواردة في الفقرة 4من المادة 20أو المواد 33و 38و 101و 103و .104
25هما غرفتان بمجلس برلمان ألمانية االتحادية.
26محمد الرضواني ،مدخل للقانون الدستوري ،مطبعة المعارف الجديد ،الرباط ،الطبعة األولى ،2013 ،ص .100
27الذهبي بدر ،حق الدفع بعدم الدستورية بين الدستور المغربي والنموذج األلماني ،مجلة مسالك في الفكر والسياسية واالقتصاد ،العدد
المزدوج ،38/37السنة ،2016ص .90
10
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
بشأن مطابقة القانون فيه لدستور الوالية أو الدستور االتحادي أو أمام املحكمة العليا بشأن
أحكام هذه املحاكم .نفس المر بالنسبة لألحكام التقريرية شريطة توافر املصلحة الشخصية
والخصومة الحقيقية ،بخالف المر القضائي أسلوب يمكن الشخاص من مهاجمة القانون قبل
تطبيقه عليهم بدعوى عدم دستوريته ،ويمارس سواء أمام املحاكم االتحادية أو املحلية.28
جميع الحوال أن يثار الدفع بعدم الدستورية قبل اعتبار القضية املعروضة على املحكمة
جاهزة ،كما يمكن أن يثار هذا الدفع أمام مختلف محاكم الدرجة الولى أو الدرجة الثانية
ومحكمة النقض إذا تعلق المر بإثارة الدفع لول مرة ،على أن تبث املحكمة الدستورية في الدفع
داخل أجل 60يوما من تاريخ إحالة الدفع إليها أو من تاريخ إثارته لول مرة أمامها .29عكس
التوجه الفرنس ي الذي جعله في أي مرحلة من املسطرة ابتداء من وضع الدعوى وسريان
املحاكمة؛ يعني تقديم هذا الدفع مرتبط فقط بوجود دعوى موضوعية جارية ،وعدم إغالق
النقاش أو املسطرة الكتابية أو التحقيق ،30شروط تبدو في أملانية االتحادية أكثر تحررا ،بذلك
فأي خرق للمقتضيات املتعلقة بأحكام الدستور أو أي خطأ مسطري خالل إصدار القوانين قد
وبخصوص الواليات املتحدة المريكية فإن الرقابة على الدستورية 32تمارس إما عن طريق
الدفع أو االمتناع الذي تمارسه املحكمة العليا االتحادية أو محاكم الواليات ،أو عن طريق المر
11
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
القضائي وهو إجراء يسمح لي فرد أن يهاجم القانون قبل تطبيقه عليه ،استنادا إلى أن القانون
يتضمن مخالفة للدستور ،أو عن طريق الحكم التقريري؛ وتفترض هذه الوسيلة أن فردا يلجأ إلى
املحكمة يطلب منها إصدار حكم يقرر ما إذا كان القانون الذي يراد تطبيقه عليه دستوريا أو غير
دستوري ويترتب على ذلك توقف املوظف املختص بتنفيذ القانون إلى حين صدور الحكم.33
النصوص القانونية املوضوعة أمام املحكمة (أوال) أم أن المر يتعلق بنوع دون اآلخر ،وعن حدود
هو ما يدفع به أحد أطراف الدعوى بأنه يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور :كل
مقتض ى دو طابع تشريعي يراد تطبيقه في دعوى معروضة على املحكمة ويدفع طرف من أطرافها
بأن تطبيقه سيؤدي إلى خرق وانتهاك أو حرمان من حق من الحقوق أو حرية من الحريات التي
يضمنها الدستور.
ومعلوم أن املقتضيات التشريعية يمكن أن تفهم إما من خالل املعيار الشكلي؛ فيكون
املقصود بها النصوص التي تتخذ شكل القانون أو من خالل املعيار املادي؛ فتعني بذلك كل
النصوص التي تندرج في مجال القانون ،وإما من خالل التحليل املعياري؛ فتشمل بذلك كل
املقتضيات التي لها قوة التشريع بغض النظر عن شكلها ،34ومن ثم تكون جميع القوانين العادية
12
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
تقبل الدفع بعدم الدستورية سواء تلك التي صدرت قبل القانون التنظيمي رقم 86.15أو
وعن القرارات واملراسيم فهي تبقى خاضعة لرقابة القضاء اإلداري ،فيما القوانين التنظيمية
تخضع وجوبا لرقابة املحكمة الدستورية كما سبق ذكر ذلك؛ ويفهم مما سبق أنها غير معنية
بالدفع ،خاصة وأن قرارات املحكمة الدستورية ال تقبل كما نصت الفقرة الثانية من الفصل
134من الدستور لي طريق من طرق الطعن ،وتلزم كل الجهات اإلدارية والقضائية ،إال أنها تظل
قابلة للدفع بعدم دستوريتها في حال تغيرت السس التي تم بناء عليها البت في دستوريتها ،وهو ما
يمكن أن يستفاد من مقتضيات الشرط الخير من املادة 5من مشروع القانون التنظيمي.
نفس التوجه اختاره املشرع الفرنس ي بالنسبة لطبيعة موضوع الدعوى ،إذ سيضع املشرع
العضوي أخدا بعين االعتبار لطبيعة القواعد الدستورية املضمنة في الفصل 1-6135من
الدستور حدودا عديدة ملسطرة املسألة الدستورية ذات الولية وسيقصر دعوى الدفع على
املقتضيات التشريعية ،كما أن الحكام الدستورية املعنية بالحماية ال تتجاوز دائرة الحقوق
والحريات املضمونة دستوريا ،في حين تتميز في أملانيا كون دعوى الدفع يمكن أن توجه ضد أي
عمل صادر عن السلطة العامة؛ والذي قد يأخذ صيغة القانون ،املرسوم ،القرارات والحكام
القضائية ،وكذا القرارات اإلدارية ،36أو أي حكم قضائي اتخذته محكمة عادية.37
35
ARTICLE 61-1 Lorsque A l’occasion d’une instance en devant une juridiction il est soutenu
qu’une disposition législative porte atteinte aux droits et libertés que la constitution garantit le
conseil constitutionnel peut être saisi de cette question sur renvoi du conseil d’état ou de la
cour de cassation qui se prononce dans un délai déterminé.
-وقد دخلت هذه المادة حيز النفاذ في األول آذار 2010بعد صدور قانونها األساسي رقم 2009_1523بتاري .2009/12/10
13
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
خالفا لطبيعة موضوع الدفع بالنسبة للمغرب فإن الواليات املتحدة المريكية التي تعتبر
البلد الول الذي مارس الرقابة على دستورية القوانين عن طريق الدفع38؛ تمارس هذا الدفع
في ّإطار نظام مركزي – أي أن حق الرقابة مقتصرا فقط على املحكمة االتحادية العليا – تمارس
من خالله دستورية القوانين الصادرة في الواليات وقوانين الكونغرس ،أو ال مركزي – أي أن حق
الرقابة بيد محاكم الواليات – تمارس من خالله دستورية القوانين التي تصدرها الهيئات
التشريعية للواليات بالنسبة لدساتيرها املحلية دون القوانين التي تسنها الهيئة التشريعية
االتحادية.39
وحدود املس بها والتي اشترطها املشرع كسبب للدفع بعدم دستورية املقتض ى التشريعي ،وقد
اقترح املجلس الوطني لحقوق اإلنسان في مذكرته تعريفا واسعا للحقوق والحريات التي يضمنها
الدستور ،بالشكل الذي يمكن من إدماج تلك املتعارف عليها عامليا بما في ذلك املضمنة في
وهو ما ال يمكن أن يكون محال لذلك خاصة عندما جعل تصدير دستور 2011االتفاقيات
الدولية املصادق عليها تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية ،41فكيف يمكن إذن الدفع
بعدم دستورية مقتض ى وارد في إحدى االتفاقيات املصادق عليها وهي تسمو فوق هذا الدفع
الدستوري ،فيفهم من ذلك ومن البند الول من املادة الثانية مشروع القانون التنظيمي أن
موضوع الدفع يقتصر فقط على القانون الذي يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور،
14
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وقد سبقه في ذلك التعديل الدستوري الفرنس ي لسنة ،2008إذ حصر موضوع املسألة
الدستورية ذات الولية بموجب املادة 1-61في ما يمكن أن يمس الحقوق والحريات الساسية،
حيث تنص على أنه " إذا ثبت أثناء دعوى قيد النظر أمام جهة قضائية أن حكما تشريعيا ينتهك
الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور 42"...
ووفقا للمادة 93الفقرة الرابعة من دستورها تقرر املحكمة الدستورية االتحادية الملانية
بشأن الدعاوى الدستورية التي يمكن رفعها من قبل أي شخص يدعي أن السلطات قد انتهكت
واحدة من حقوقه الساسية أو واحدة من الحقوق املماثلة لحقوقه الساسية؛ بمعنى أنه ال يتم
استخدام هذه الدعاوى لضمان االمتثال لجميع الحقوق املكتوبة ،بل هي مسطرة محددة
تستخدم ملنع انتهاكات حقوق اإلنسان الساسية؛ ولذلك معايير مقبولة تقتصر على الحقوق
الساسية املنصوص عليها في املادة 93الفقرة الولى من دستور الجمهورية االتحادية الملانية.43
يقتض ي بأن تتم عملية تصفية الدفع بعدم الدستورية على مرحلتين ،حيث بعد أن يتأكد
قاض ي املوضوع من استفاء مذكرة الدفع للشروط املحددة لقبول الدفع بعدم الدستورية يقوم
بإحالة املذكرة إلى محكمة النقض (الفقرة الولى) التي يعود لها اختصاص إحالتها من عدمه إلى
15
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
الشروط ،وذلك تحت طائل عدم القبول ،ويمكن تقسيم هذه الشروط إلى شرط شكلية (أ)
يجب تقديم الدفع بعدم الدستورية في مذكرة كتابية 45تتوفر فيها مجموعة من الشروط
الشكلية وهي:
_ أن تقدم بصفة مستقلة ،بمعنى أن تقدم بشكل منفصل على النزاع الصلي.
_أن تكون موقعة من قبل الطرف املعني أو من قبل محام مسجل في جدول هيئة من هيئات
_أن يؤدى عنها رسم القضائي الذي يحدد مبلغه وفق التشريع الجاري به العمل ،ما لم يتم تمتيع
مثي ر الدفع باملساعدة ،كما يجب أن يتضمن املقتض ى التشريعي موضوع الدفع؛ بمعنى أن
تتضمن بشكل واضح ودقيق املقتض ى املطعون فيه(بند ،مادة ،فقرة )...مع بيان الحقوق التي تم
انتهاكها ويضمنها الدستور ......وبالرجوع إلى املشرع الفرنس ي وبالضبط البند الول من املادة 1-23
44تنص المادة الخامسة من مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15على ما يلي :
" يجب تحت طائلة عدم القبول من قبل المحكمة المعروض عليها النزاع إثارة الدفع بعد الدستورية بواسطة مذكرة كتابية ،مع مراعاة
الشروط التالية :
-أن تكون مذكرة الدفع مقدمة بصفة مستقلة؛
-أن تكون موقعة من قبل الطرف المعني أم من قبل محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب ،حسب الحالة ،مع
مراعاة االتفاقيات الدولية النافدة؛
-أن يؤدى عنها رسم قضائي يتم تحديد مبلغه وفق التشريع الجاري بها العمل ،ما لم يتم تمتيع مثير الدفع بالمساعدة القضائية؛
-أن يتضمن المقتضى التشريعي موضوع الدفع؛
-ان يكون المقتضى التشريعي موضوع الدفع هو الذي تم تطبيق ه أو يراد تطبقيه من لدن المحكمة في الدعوى أو المسطرة أو يشكل
أساسا للمتابعة حسب الحالة؛
-أال يكون قد سبق البت بمطابقة المقتضى التشريعي حمل الدفع للدستور ،ما لم تتغير األسس التي تم بناء عليها البت المذكور؛
-يجب أن ترفق المذكرة بنس منها متساوية لعدد األطراف وعند االقتضاء بأي وثيقة أخرى يرغب الطرف المعني في اإلدالء بها
أمام المحكمة ".
45بغض النضر عن طبيعة المسطرة المتبعة أمام المحكمة ،أي سواء تعلق األمر بالمسطرة الكتابية أو الشفوية.
16
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
نجده اشترط لقبول الدعوى أمام قاض ي املوضوع ،أن تقدم في مذكرة مكتوبة ،منفصلة ومعللة،
وشرط الكتابة يطبق ليس فقط على املساطر الكتابية بل أيضا الشفوية46؛ واملقصود بالتعليل
هنا هو تبيان عدم دستورية املقتض ى املطعون فيه ،وأن يكون التعليل كافيا ومستفيضا ،حتى
تتمكن املحكمة من مراقبة جدية املسألة وحسب regis fraisseفإن عريضة الطعن يجب أن
تتضمن "تحديد املقتض ى التشريعي بدقة ،هل يتعلق المر بمادة أو بند...وكيف يتم تطبيق
املقتض ى على النزاع ،حيث العريضة التي تطرح املسألة الدستورية ذات الولية يجب أن تحتوي
على تعليل متعلق بتطبيق املقتض ى املطعون فيه على النزاع ،إضافة إلى التحقق من كون املقتض ى
التشريعي املطعون فيه لم يتم التصريح بمطابقته للدستور من قبل املجلس الدستوري".47
وبجانب هذه الشروط الشكلية فإنه هناك شروط موضوعية يلزم االستناد عليها حتى يعتد
ال تقوم املحكمة التي أثير أمامها الدفع بإحالة مذكرة الدفع إلى محكمة النقض مباشرة إال بعد
_أال يكون القانون موضوع الدفع هو الذي هو الذي تم تطبيقه أو يراد تطبيقه من قبل املحكمة
_أال يكون قد سبق البث في بمطابقة القانون محل الدفع للدستور ،ما لم تتغير السس التي تم
17
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وبالرجوع إلى التشريع الفرنس ي نجد أن املحاكم التي أثيرت أمامها املسألة الدستورية ذات
الولوية 49ال تحيلها بشكل مباشر إال بعد التحقق من كونها تستجيب للشروط املحددة في املادة
_ أن املقتض ى التنظيمي املطعون فيه يطبق على النزاع أو على املسطرة أو يشكل أساس املتبعات.
_أنه لم يسبق للمجلس الدستوري ،وباستثناء حالة تغير الظروف ،أن صرح في حيثيات ومنطوق
وبمقارنة هذه الشروط نجدها تقريبا متطابقة فاملشرع املغربي وكما هو معروف يستأنس كثيرا
أما في ما يخص آجال الطعون فإن املشروع يلزم املحكمة بضرورة التحقق من استفاء الدفع
للشروط الشكلية واملوضوعية داخل أجل 12يوما من تاريخ صدور مقررها بقبول مذكرة الدفع
أمامها ،50وإن تم انصرام هذا الجل دون بت الحكمة داخل هذا التاريخ فان املشرع بقي صامتا
فيما يخص هذه النقطة ،لكن بالرجوع إلى املادة السادسة في فقرتها الثانية فانه يمكن أن يثار
أما فيما يخص املشرع الفرنس ي فإنه لم يحدد أي آجال لقاض ي املوضوع لكي يبت في املسألة
الدستورية ذات الولية ،51وفي مقابل عدم تحديد أجل البت ،فإن القانون التنظيمي قد حدد
أجال لإلحالة على املحكمة العليا التي يتبع لها قاض ي املوضوع في حالة استجابتها للشروط املتطلبة
49بمجرد إثارة المسألة الدستورية ذات األولية أمام محكمة تابعة لمحكمة النقض ،فإنها ملزمة بتوجيه المسألة المثارة أمامها إلى
النيابة العامة ،حتى تتمكن من إبداء رأيها في حالة إذا لم تكن طرفا في الدعوى حسب المادة 1_23من القانون التنظيمي.
50أنظر المادة األولى الفقرة السادسة من المشروع.
51أنظر المادة 2_23من القانون التنظيمي.
18
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
في ثمانية أيام من إصدار قرارها52؛ إذا وبعد تحقق قاض ي املوضوع من استفاء مذكرة الدفع
لشروطها فإنه يكون أمام خيارين إما إحالة مذكرة الدفع إلى محكمة النقض أو ملجلس الدولة
اللذان يملكان إحالته للمجلس الدستوري في حال كانت مستوفية لشرطها أو العكس صحيح.
إذا وبعد تحقق املحكمة من الشروط املذكورة فانه يتعين عليها إحالة الدفع إلى محكمة
هذا الدفع باملحكمة الدستورية ،كما يودع الدفع بعدم دستورية قانون بمنسبة الطعن في
االنتخابات البرملانية لدى نفس املحكمة ،ويقدم الدفع بعدم الدستورية قانون أمام املحكمة
الدستورية بواسطة مذكرة كتابية تتوافر فيها مجموعة من الشروط املنصوص عليها في البنود 1
كما تتضمن عالوة على ذلك االسم الشخص واالسم العائلي لصاحب الدفع وصفاته
وعنوانه ،ويجب إرفاق مذكرة الدفع بنسخ مساوية لعدد الطراف وكذلك بجميع الوثائق
واملستندات التي يرغب صاحب الدفع في اإلدالء باملحكمة الدستورية وتتحقق املحكمة من
استفاء جميع الشروط لتحدد بعدها لصاحب الدفع بموجب مقرر غير قابل للطعن لتحدد
بعدها أجل شهر يبتدئ من تاريخ صدور املقرر املذكور لتقديم دفعه أمام املحكمة الدستورية
وفيما يخص أجل البث في الدفع في دستورية القوانين من قبل املحكمة الدستورية فقد حدد
املشروع أجل 60يوم لكي تبث في الدفع ويحسب هذا الجل من تاريخ إحالته إليها 54بينما نجد
52حيث ينص البند 6من المادة 2_23من القانون التنظيمي على أنه"يوجد قرار إحالة المسألة على مجلس الدولة أو محكمة النقض
داخل أجل ثمانية أيام من صدوره".
53بالضبط المادة الخامسة منه.
54أنظر المادة 21من المشروع.
19
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
املشرع الفرنس ي قد حدده في ثالثة أشهر ،55وتجدر اإلشارة على أنه ال وجود إلمكانية التنازل بعد
إحالته على املحكمة الدستورية 56وبعد الحكم فإنه ينبغي تبليغ قرار املحكمة الدستورية ونشره
طبقا للمادة 24من املشروع إذ يتم تبليغ قرار املحكمة الدستورية الصادر بشأن الدفع بعدم
دستورية قانون إلى املحكمة املثار أمامها الدفع داخل أجل 8أيام من صدوره خالفا للمشرع
الفرنس ي الذي نص على ضرورة إرساله إلى مجلس الدولة أو محكمة النقض ،وعند االقتضاء إلى
املحكمة التي أثيرت أمامها املسألة الدستورية ذات الولوية ولم يحدد أجال لذلك 57كما يتم إبالغ
القرار إلى امللك ورئيس كما يتم إبالغ القرار إلى امللك وإلى رئيس الحكومة ورئيس كل مجلس من
مجلس ي البرملان ،ولألطراف وتنشر القرارات الصادرة بخصوص الدفع بعدم دستورية قانون
بالجريدة الرسمية.
وبعد استفاء دعوى الدفع بعدم الدستورية لكافة الضوابط موضوعية وإجرائية املبينة آنفا
وسلوكها مسطرة التصفية ،نتساءل عن اآلثار املمكنة للدفع بعدم الدستورية؟ و ما مدى
قانون أصدره البرملان ،حيث يقوم من خوله القانون رفع الدعوى ،بمخاصمة القانون غير
55المادة .10-23
56أنظر المادة التاسعة من المشروع .15-86
57الفصل 61من الدستور الفرنسي.
20
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
الدستوري بصفة أصلية طالبا إلغائه ،58وتظهر التجربة املغربية في مجال الدفع بعدم
الدستورية متأخرة قياسا مع العديد من الدول كالواليات املتحدة المريكية وفرنسا واسبانيا
وأملانيا ،وإذا كان املشرع الدستوري املغربي كرس حق الطراف بالدفع بعدم دستورية قانون فإن
ذلك الدفع يترتب عليه مجموعة من اآلثار سواء على الدعوى موضوع املنازعة ،أو على أطرافها
من خالل الحفاظ على حقوقهم وحرياتهم الفردية املكفولة دستوريا (املطلب الول) وهو ما
كرسه القضاء الدستوري في التجارب املقارنة التي أخذت بهذه اآللية القانونية كضمانة أخرى
القوانين تبنته مجموعة من دساتير التشريعات املقارنة من قبيل التشريع المريكي والملاني
ويترتب على هذا اإلجراء -أي الدفع بعدم الدستورية -مجموعة من اآلثار سواء على الدعوى
موضوع املنازعة كما يرتب آثارا على أطراف الدعوى كحق من حقوق املتقاضين وضمان حماية
حقوقهم وحرياتهم املنصوص عليها دستوريا ( الفقرة األولى ) حيث يترتب على إثارة الدفع بعدم
الدستورية وقبوله صدور قرار يتأرجح بين دستورية املقتض ى القانوني املطعون فيه أو عدم
دستوريته والدي يكتسب حجية تختلف من تجربة إلى أخرى ( الفقرة الثانية )
الفقرة األولى :آثار الدفع بعدم الدستورية على األطراف و الدعوى موضوع
المنازعة
إذا كانت الرقابة عن طريق الدفع بعدم دستورية القوانين ال تعتبر دعوى أصلية يحق لألفراد
ممارستها أمام املحكمة الدستورية بشكل مباشر ،59وإنما اشترط املشرع الدستوري أن يكون
58أحمد عبد الحميد الخالدي ،المبادئ الدستورية العامة للقانون الدستوري ،دار شتات للنشر والبرمجيات مصر ص .103
59لقد أقرت بعض الدساتير المقارنة ممارسة هذه الدعوى مباشرة أمام المحكمة الدستورية كالدستور األلماني ،على خالف المشرع
الدستوري المغربي الذي لم يخول لألفراد حق الدفع بعدم الدستورية القوانين أمام المحكمة الدستورية ،بدعوى أصلية مباشرة ،غير أنه
21
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
هذا الدفع بمناسبة وجود نزاع معروض على القضاء بمقتض ى دعوى أصلية حيث -أن الرقابة
عن طريق الدفع تكون مقيدة وجوبا بوجود دعوى رائجة أمام إحدى املحاكم سواء كانت مدنية
زجرية إدارية أو تجارية ،ويقتصر دور املحكمة العادية على إيقاف البث في الدعوى أثناء دفع
املتضرر بعدم دستورية القانون املراد تطبيقه في املنازعة وبكونه يمس بأحد الحقوق والحريات
وتثور دستورية القانون بمناسبة قضية معروضة على املحكمة ،حيث يدفع الشخص املراد
تطبيق القانون عليه بعدم دستوريته ،وتأكد القاض ي من عدم دستورية القانون يجعله يمتنع
عن تطبيقه في القضية املعروضة أمامه 61إذا كان الصل في الدفع بعدم الدستورية أن القاض ي
املختص في النظر في الدعوى الصلية مختص أيضا بالبث في الدفع بعدم الدستورية ،كما هو
الشأن في التجربة المريكية التي تعد مهد هذا النوع من الرقابة الدستورية على القوانين 62لكن
الدفع املنصوص عليه في الفصل 63133من دستور 2011ال يعدو أن يكون مجرد دفع فرعي يلزم
القاض ي الذي أثير أمامه بالتوقف عن البث في الدعوى الصلية إلى حين صدور قرار عن املحكمة
الدستورية التي أوكل لها الدستور أمر البث في هذا النوع من الدفوع.64
أجاز إثارة الدفع بعدم الدستورية أحد القوانين المراد تطبيقها في نزاع معين بمناسبة النظر في قضية معروضة على إحدى محاكم
الموضوع وليس كدعوى أصلية .
60مقال منشور ،مجلة األبحاث والدراسات القانونية ،مجلة علمية محكمة ،دار اآلفاق المغربية للنشر والتوزيع – العدد ، 1ص
.24- 23
61محمد يحيا ،النظرية العامة للقانون الدستوري والمؤسسات السياسية على ضوء دستور المملكة لفاتح يوليوز 2011مطبعة
اسبارطيل – طنجة لسنة 2013ص .74
62تم تكريس هذا النوع من الرقابة على دستورية القوانين في و م أ بمقتضى الحكم الشهير الذي أصدره القاضي جون مارشال في
قضية ''ماربوري'' ضد ''مادسون '' وذلك سنة ، 1803حول نشأة هذه الرقابة ،أنظر :عبد السالم محمد الغنامي ،مراقبة دستورية
القوانين في المغرب والقانون المقارن ،أطروحة لنيل دكتوراه في الدولة في القانون العام ،جامعة محمد الخامس كلية الحقوق الرباط
2000 ، 1999 ،ص .188
63ينص الفصل 133من الدستور تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون ،أثير أثناء النظر في
قضية ،وذلك إذا دفع أحد األطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور
يحدد قانون تنظيمي شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل .
64أجمع الفقه الفرنسي على أن المسألة الدستورية ذات األولوية المنصوص عليها في الفصل 61-1من الدستور الفرنسي ليست
بشكل دقيق دفعا بعدم الدستورية وإنما هي مجرد مسألة فرعية ،أنظر :محمد أتركين ،دعوى الدفع بعدم الدستورية في التجربة
الفرنسية – اإلطار القانوني والممارسة القضائية – مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة األولى 2003 ،ص32
22
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وبالتالي فإنه إذا قررت محكمة املوضوع إحالة مذكرة الدفع إلى محكمة النقض فإنه يترتب
على هذا القرار وقف الفصل في الدعوى الصلية املنظورة أمامها ،كما توقف اآلجال املرتبطة بها
وذلك إلى حين توصلها بقرار محكمة النقض القاض ي برفض الدفع أو بقرار املحكمة الدستورية
القاض ي برفض الدفع ،65وهو ما تنص عليه املادة 7من مشروع القانون رقم 15_86والبد من
إثارة االنتباه إلى أن العبارة الخيرة الواردة في الفقرة الثانية من املادة 7أي '' بقرار املحكمة
الدستورية في حالة إحالة الدفع إليها'' لن املحكمة ملزمة بتوقيف البث في الدعوى الصلية إلى
حين توصلها بقرار املحكمة الدستورية كيف ما كانت نتيجته إال أن املشروع نص على مجموعة
من االستثناءات التي ترد على وقف الفصل في الدعوى تتمثل في ما يلي :
اتخاذ اإلجراءات القانونية املناسبة متى تعلق المر بتدبير سالب للحرية:
عندما ينص القانون على أجل محدد للبث في الدعوى أو البث على سبيل
االستعجال؛
إذا كان اإلجراء يؤدي إلى إحداث ضرر بحقوق أحد الطراف يتعذر إصالحه
هذا ونجد املشرع املغربي نهج نفس أسلوب التجربة الفرنسية حيث تحدد املادة 23من القانون
التنظيمي في بندها الول مبدأ عاما ،يجعل قاض ي املوضوع في حالة إحالته املسألة الدستورية
ذات الولية إلى التوقف عن البث في الدعوى الصلية ،وانتظار قرار مجلس الدولة أو محكمة
النقض وقرار املجلس الدستوري في حالة اإلحالة عليه ،إذن عندما تحال املسألة ،تتوقف
65عبد الرحيم أضاوي ،مروان عبادي منشورات المجلة المغربية للحكامة القانونية والقضائية مجلة نصف ثانوية محكمة ،مطبعة
األمنية ،الرباط 2016 ،ص .114
23
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
املحكمة (محكمة املوضوع) عن البث في الدعوى إلى حين توصلها بقرار من مجلس الدولة أو
إن املحكمة ال يمكنها التوقف عن البث إذا كان الشخص معتقال على ذمة الدعوى أو إذا
كانت هذه الخيرة ترمي إلى وضع حد إلجراء املنع من الحرية ،وهو ما يعكس البند الثاني
من املادة نفسها'' ومع ذلك ال يمكن توقيف البت في الدعوى في حالة وجود شخص
محروم من حريته على ذمة الدعوى ،أو إذا كان من شأن الفصل فيها إنهاء إجراء سالب
للحرية''
كما أن هناك استثناء ثاني ورد في صيغة ''اإلمكانية'' ويتعلق بإمكانية استمرار البت في
الدعوى ،إذا كان القانون أو النظام ينصان على البث داخل أجل محدد ،أو على سبيل
القانون التنظيمي يستشرف أيضا حالة ثالثة تبقى اختيارية للتوقف عن البث ،وهي
الحالة التي يكون فيها للتوقف عن البث في الدعوى نتائج سلبية على حقوق الطراف
يتعذر معها إصالحها ،وفي هذه الفرضية ،املحكمة التي تقرر اإلحالة يمكنها أن تبث في
النقاط التي يجب أن يحسم فيها وبشكل فوري وهو ما كرسه البند الرابع من املادة
نفسها.
ومهما تكن شرعية هذه االستثناءات ،أفال تقود عمليا إلى إمكانية صدور حكم في
املوضوع ،دون انتظار موقف املجالس العليا ،وكذا قرار املجلس الدستوري في حالة
اإلحالة عليه ،تحرزا من هذه الفرضية ،فإن البند الخامس من املادة 23ومن مقتض ى
هذا البند علق عليه املجلس الدستوري بتأويل تحفظي في قراره رقم 2009-595يشترط
24
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
دستوريته ،معتبرا أنه ''.......يمكن للعبارة الخيرة من البند الخير من املادة )3( 23أن
تقود إلى إصدار قرار نهائي ،بخصوص الدعوى التي بمناسبتها تمت إحالة املسألة
الدستورية ذات الولية على املجلس الدستوري دون انتظار بت فيها ،وفي هذه الفرضية
فإن هذه املقتضيات كما حجية الش يء املقض ي به ال تحد من إمكانية املتقاض ي من
تقديم دعوى جديدة ،حتى يتمكن من أن يؤخذ بعين االعتبار قرار املجلس الدستوري،
وتحت طائلة هذا التحفظ فإن املادة )3( 23ليست مخالفة للدستور''66
وإذا كان املشرع املغربي رتب على الدفع بعدم الدستورية وقف الفصل في الدعوى كما هو
الشأن في التجربة الفرنسية ،فإن التشريع المريكي نجده مخالف تماما حيث نجد أن صاحب
الشأن ال يبادر إلى مهاجمة القانون بصورة مباشرة ،وإنما ينتظر حتى يطبق القانون عليه،
وعندئذ ينازع في صحة القانون الذي مس مركزا قانونيا له عن طريق الدفع بعدم دستوريته
مستهدفا فقط عدم تطبيق القانون في الدعوى املنظورة أمام القضاء67
كما يمكن مالمسة مجموعة من الهداف واآلثار التي يمكن تحقيقها من خالل الدفع بعدم
الدستورية ومن بينها إعطاء حق جديد للمتقاض ي بتمكينه من االعتداد بحقوقه املضمونة
دستوريا لتصفية النظام القانوني من املقتضيات غير الدستورية ،68وبالرجوع إلى التجربة
المريكية نجد أن الرقابة عن طريق الدفع هو حق لألمريكيين في قضية معينة أمام املحاكم
العادية للواليات بشأن مطابقة القانون املطعون فيه لدستور الوالية أو للدستور االتحادي ،أو
أمام املحكمة العليا بشأن أحكام هذه املحاكم وبشأن مطابقة القانون الفيدرالي املطعون فيه
للدستور االتحادي 69كما يعتبر هذا الشكل من الدفع الدستورية في النموذج الملاني تشجيعا
25
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
للمشاركة الفعالة للمواطنين في تحقيق الديمقراطية ،بل ويعطي كل شخص القدرة على معارضة
الدولة ''كموضوع'' ويجعله عنصرا أساسيا في الدفاع عن الديمقراطية ،كما نجد هذا الحق
مكفول دستوريا في التشريع الفرنس ي ذلك أن كل شخص طرف في الدعوى يمكنه أن يثير مدى
مطابقة املقتض ى التشريعي املتعلق بالحقوق والحريات للدستور ،وتضم هذه القاعدة الشخاص
الطبيعيين وكذا االعتباريين الخاضعين للقانون الخاص كما القانون العام ،فالدفع بعدم
الدستورية في التربة الفرنسية قد عد حقا للمواطن وال يمكن للقاض ي أن يثيره من تلقاء نفسه،70
كذلك فآلية الدفع بعدم الدستورية في تطوير عمل القضاء الدستوري املغربي في هذا الجانب
انطالقا مما سيخلفه من قرارات في هذا أمامها باإلضافة إلى أن املحكمة ستراكم اجتهادات هامة
تؤدي إلى تحقيق مالئمة العديد من القوانين مع الدستور ،كما أن مجمل البحاث واالجتهادات
الملانية بشأن هذه املسألة ،تفيد بأن الدعوى الدستورية هو إجراء قضائي يهدف لضمان
وفرض الحقوق القانونية الفردية التي كفلها الدستور ،وبالنظر إلى أن للمواطن الحق بأن يطالب
في كل حالة انتهاك ،بقرار من املحكمة الدستورية االتحادية ،فإنها ال تسمح بانتهاكات حقوق
اإلنسان من قبل أجهزة الدولة ،فوظيفة حماية الحقوق الفردية هي التي تميز الدعوى
الدستورية على جميع اإلجراءات الخرى في املحكمة الدستورية االتحادية ،ومن خاصية التجربة
الملانية كون الجانب أيضا لهم الحق في تقديم الدعوى الدستورية طاملا أنهم قادرون على التمتع
كما أن تفعيل هذا السلوب يكرس مبدأ مساواة املتقاضين أمام القضاء 71 بالحقوق الساسية
الدستوري من خالل تمكين املتقاضين أمام املحاكم العادية واملتخصصة بواسطة حكم تمهيدي
من تقديم دفوعاتهم الجدية أمام املحكمة الدستورية ،كغيرهم من املتقاضين الذين يدفعون
26
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
بعدم دستورية القوانين أمام املحكمة الدستورية مباشرة بمناسبة املنازعات املتعلقة بانتخاب
أعضاء البرملان.
وكخالصة فقد أظهرت لنا دراسة نموذج الدولة الملانية في املراقبة البعدية ''الشعبية''
للقوانين أن االستفادة من الطعن أمام املحاكم الدستورية ليست فقط ممكنة ولكنها ضرورية
فقد تكفل قانون املحكمة الدستورية بتحديد حجية أحكام املحكمة الدستورية ونص بما يفيد
أن أحكام املحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة
وللكافة ،ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو الئحة عدم جواز تطبيقه من اليوم
وملا كان الدفع بعدم دستورية مقتض ى قانوني دفع موضوعي لكون أن تطبيقه في النازلة يمس
بحقوق دستورية لدافعه والحكم لصالح خصمه ،وحيث أنه وسيلة توجه فيها الخصومة إلى
التشريع ذاته ،فإن مقتض ى ذلك أن الحكم الذي صدر بعدم دستورية نص تشريعي يلغى قوة
نفاذ هذا النص ،ويغدو معدوما من الناحية القانونية ،أو يسقط كتشريع من تشريعات الدولة،
وملا كان ذلك الثر ال يقبل التجزئة بطبيعته فإن حجية الحكم الصادر بعدم دستورية نص
تشريعي ال يقتصر على أطراف النزاع في الدعوى التي قض ى فيها فقط ،وإنما ينصرف أثر هذا
الحكم إلى الكافة ،وذلك يعني أن الحكام الصادرة برفض الطعن فإنها ال تمس التشريع املطعون
فيه ،وال يكون لهذه الحكام سوى حجية نسبية بين أطرافها.
27
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
ومما ال خالف عليه فقها وقضاء ،أن أحكام املحكمة الدستورية التي تقض ي بعدم دستورية
نص تتمتع بحجية مطلقة ،وتلتزم به جميع سلطات الدولة ،ويصبح له حجية على الكافة بما يعني
عدم جواز إثارة النزاع مرة أخرى حول مدى دستورية نص كانت املحكمة الدستورية قد قضت
بعدم دستوريته سواء كان ذلك من ذات الخصوم في الدعوى الدستورية أو من خصوم آخرين
فالحكم يحوز الحجية في مواجهة الكافة ،وفي مواجهة سلطات الدولة جميعها.
بالنسبة للواليات املتحدة المريكية يحق لألمريكيين الدفع بعدم دستورية القوانين في قضية
معينة معروضة 72أمام املحاكم العادية للواليات لشأن مطابقة القانون املطعون فيه لدستور
الوالية أو الدستور االتحادي أو أمام املحاكم العادية للواليات بشأن مطابقة القانون الفيدرالي
وفي حالة صدور حكم بعدم دستورية القوانين عن املحكمة العليل فإنه يلزم كافة محاكم
الواليات وتمنع عن تطبيقه نظرا لخذ الواليات املتحدة المريكية بنظام "السوابق القضائية" .أما
بالنسبة لملانيا فنجدها قد أخذت بأسلوب الدعوى الصلية ،وذلك منذ سنة 1949حيث تم
تعديل هذا الدستور أكثر من مرة وفي عام 1985أصدر تعديل القانون الخاص باملحكمة
الدستورية في 12ديسمبر .1985وأجاز الخذ بنظام الدعوى الصلية وأصبح تحريك الرقابة على
وفقا للمادة 93من الدستور فإن املحكمة الدستورية االتحادية تفصل في حالة النزاع أو الشك
في مطابقة قانون اتحادي أو قانون والية من واليات الدستور سواء من الناحية الشكلية أو
املوضوعية .كذلك نفس المر في حالة النزاع أو الشك في مطابقة قانون والية قانون اتحادي
آخر ،ومن نفس املادة يكون تحريك الدعوى الدستورية بناء على طلب الحكومة الفيدرالية أو
-72محمد اوزيان ومحمد الحمومي ،سليلة "المعارف القانونية والقضائية" ،المحكمة الدستورية بالمغرب.
28
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
حكومة والية من الواليات أو على طلب ثلث مجلس النواب .أما بالنسبة لتحريك الدعوى عن
طريق الفراد يتم اللجوء إلى املحكمة الدستورية الفيدرالية بدعوى انتهاك أحد الحقوق
الساسية الواردة في الفقرة 4من املادة ،104 ،103 ،38 ،30 ،20واملحكمة هي التي تقدر مدى
جدية هذا الدفع فإن هي قدرت جديته تم قبول الدعوى وصرحت لصاحب املصلحة باللجوء إلى
املحكمة الدستورية.
أما بالنسبة فرنسا فإذا كان قرار املجلس الدستوري بأن النص التشريعي املطعون فيه غير
دستوري فإنه يقرر بإلغائه وزواله نهائيا من النظام الفرنس ي ،ويكتسب القرار حجية مطلقة في
فإن مجمل حاالت الدفع سيكون مصيرها الرفض كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك مع قرار للمحكمة
الدستورية املغربية رقم 18/80ملف عدد ،7318/029فإن التجارب املقارنة في هذا املجال كما
سنبين في هذا املطلب غنية بقرارات عززت الحماية الدستورية للحقوق والحريات.
فالرقابة الالحقة على دستورية القوانين أي التثبت من دستورية أحكام قانونية دخلت حيز
النفاذ تكمن من كشف حالة عدم الدستورية التي تظهر عند تطبيق قانون ما والتي لم يكن من
املمكن أحيانا تشخيصها في بداية المر ،لذلك سنعرض لبعض القرارات التي كرست الحماية
الفعلية للحقوق الساسية في التجربة الملانية في (الفقرة األولى) والتجربتين الفرنسة والمريكية
73قرار حول الدفع بعد دستورية المادة 265من قانون المسطرة الجنائية تقدم به دفاع المتهم وقوبل بالرفض لكون القاضي التنظيمي
86.15لم يخل بعد حيز التنفيد.
29
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
للمادة 93من دستورها ورفع دعاوى من جهات متعددة ،وأنها الوحيدة املختصة بالحكم على
دستورية القوانين؛ فإذا امتنعت إحدى املحاكم من تطبيق مادة قانونية معينة لعدم دستوريتها
فإنها ترفع المر إلى املحكمة الدستورية لتفصل في املوضوع ومن تم االلتزام بقرارها سواء كان
بالتعديل أو السحب.
خير مثال نورده في هذا الصدد حكم املحكمة الدستورية الفيدرالية رقم 282/108الصادر عن
الغرفة الثانية بتاريخ 24شتنبر 2003يتعلق بالحجاب اإلسالمي ،74طالبت فيه الطاعنة بإعادة
توظيفها في املنظومة املدرسة في والية بادن فورتمبرغ ،بعد قرار وزارة التعليم املدرسة العليا
لشتوتكارت التي أقرته املحاكم اإلدارية ،وقد تم من خالل هذا القرار ،رفض قبول الطعن في
النظام الساس ي للموظفين العموميين بعد اجتياز االختبار (مدرسة في التعليم االبتدائي والتعليم
الساس ي) بحجة أنها تفتقر إلى الخبرة الالزمة للقبول في املنصب بناء على عزمها املعلن على ارتداء
قوبلت دعوى طعن الحماية بالقبول والدعم ،لن القرارات املطعون فيها تنتهك الفقرة 2من املادة
33من القانون الساس ي املرتبط بالفقرتين 1و 2من املادة 4من القانون الساس ي والفقرة 3من
املادة 33من القانون الساس ي ، 75وقد تمت املوافقة على هذا الحكم بواقع خمس أصوات مقابال
ثالثة . 76...
74يشير الحكم إلى الحجاب أو الخمار ،وهو لباس تستخدمه النسا ء المسلمات لستر الشعر والعنق عبارة كويشتوخ األلمانية أكثر دقة
من العبارتين :خمار ووشاخ باإلسبانية .
75تنص المادة 33من دستور ألمانيا ليوم 28مايو 1949مع آخر تعديل لسنة 2012على ما يلي :
الفقرة األولى :
يتمتع كل األلمان في كل الواليات بنفس الحقوق والواجبات الوطنية.
الفقرة الثانية :
يحق لكل ألماني ،أن يتدخل بالمساواة ألي منصب عمومي وفقا لمؤهالته وكفاءته وقدراته المهنية.
30
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وفي حكم آخر 77للمحكمة الدستورية الفيدرالية الملانية رقم 328/9يتعلق بالحد الدنى
للسن للقابالت قضت فيه املحكمة برفض طعن الحماية التي رفعتها القابلة ضد قرار املحكمة
الدستورية الفيدرالية الصادر بتاريخ 22نونبر 1-1956ت ،54/198حيث منعت الطاعنة من
االستمرار في مهنة القابلة بعد أن بلغت من العمر 70عاما في فاتح فبراير 1951تحت طائلة
العقوبة الجنائية.
وقد أعلنت الطاعنة أنه تشكل هذه القاعدة القانونية انتهاكا ملا هو منصوص عليه في الفقرة 1
من املادة 3من القانون الساس ي بدعوى أن نفس الوقائع – ممارسة مهنة املولدة ومهنة الطب –
قد تم تنظيمها بنظامين داخليين بشكل متمايز ،من جهة ال يوجد لألطباء أي حد أدنى للسن ،وال
وأبعدها تأثيرا وقد ظلت هذه التجربة طوال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشريين التجربة
الوحيدة في الرقابة على دستورية القوانين ،إلى أن بدأت في أروبا عقب الحرب العاملية الولى وبعد
لددذلك سددتكون دراسددتنا فددي هددذا املجددال بعددض تطبيقددات أو ق درارات املحكمددة العليددا فددي الواليددات
املتحدددة المريكيددة ،حيددث يعددد النظددام القضددائي المريكددي أكثددر الددنظم القضددائية قددوة فددي العددالم،
31
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وتدنهض أسدس هدده القدوة علدى حقيقددة أن املحداكم المريكيدة تفسدر القدانون وأن للمحكمدة الحكددم
النهددائي فددي تفسددير الدسددتور وقددد مارسددت املحكمددة منددذ عددام 1803سددلطة املراجعددة القض ددائية أي
واملقصدود بأحددد القدوانين هددو قدانون القضدداة االتحدادي لعددام 1789الدذي قضد ى بعدددم
دس ددتورية القاضد د ي " ج ددون مارش ددال" ف ددي القض ددية املش ددهورة " م دداربورى ض ددد ماديس ددون" 78حي ددث
تتلخص هذه القضية في تلدك الفتدرة أنده كدان صدراع بدين اإلتحدادين ،وملدا أجريدت االنتخابدات العامدة
سنة 1800أسفرت عن فوز ''جيفرسون '' بالرئاسة وهو من خصوم الفدرالية ،وسدنحت الفرصدة
لتعيددين رئدديس اتحددادي للمحكمددة العليددا وهددو جددون مارشددال وكددان ذلددك ضددمن برنددامج للسدديطرة علددى
السلطة القضائية فأصدر الكونغرس في عام 1801قانون جديد لينظم هذه السلطة .
وفددي منتصددف الي ددوم السددابق علددى تخلي دده عددن عملدده وق ددع رئدديس الدولددة عل ددى هددذه التعيين ددات
وعرف هؤالء القضاة بقضاة الليل وفي غمرة هذه الحداث نس ي الرئيس تسدليم عددد مدن القدرارات
إلددى أصددحابها فرفددع بددري وزمالئدده دعددوى أمددام املحكمددة العليددا ليصدددر أمددر قضددائي يسددلمهم ق درارات
التعيددين وعندددما عددرض المددر علددى جددون مارشددال أن يشددتغل هددذه القضددية غيددر الهامددة ليؤكددد حددق
املحكمددة العلي دا فددي الرقابددة علددى دسددتورية القددوانين حيددث لجددأ مارشددال إلددى مندداورة أذهلددت أنصدداره
وخصومه عنده وجد أن الفقرة الثالثة من قانون النظام القضائي الصادرة لعام 1789التي أقرت
للمحكمددة العلي ددا االختص دداص بإصدددار الوام ددر الس ددالفة بصددفة أص ددلية تخ ددالف املددادة الثالث ددة م ددن
الدس ددتور الت ددي ح ددددت االختص دداص االبت دددائي واالس ددتثنائي للمحكم ددة العل ددي عاتقه ددا الرقاب ددة عل ددى
78عادل حميد الصلوي ،القضاء الدستوري في الواليات المتحدة األمريكية ،رقابة االمتناع نموذجا ،مجلة قانونية ،قانون وأعمال العدد
الخامس ،السنة ،2017ص .107
32
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
دستورية القوانين ،وعلى اثر هذه الواقعة أعلنت املحكمة واستنادا إلى املادة 3من الباب الثاني
من الدستور أن الباب الثالث عشر من قانون القضاء االتحادي غير دستوري. 79
ومدن تطبيقددات الددفع بعدددم الدسدتورية أيضددا نجدد القددوانين تمتدد فددي الواليدات املتحدددة
المريكيددة مددن طددرف املحكمددة العليددا منددذ سددنة 1810فددي قضددية " فليشددر" ضددد " بيددك" قددد قضددت
بأن قانون إحدى الواليات غير دستوري على اساس أن القانون محل الطعن كان قدد انتهدك " فتدرة
كما نجد أيضا من أشهر القضايا ذلك النزاع الذي أثير بصدد دستورية أحد القوانين
أمددام محكمددة ''مقاطعددة روايلنددد'' وكددان ذلددك فددي سددنة 1786قبددل إنشدداء املحكمددة االتحاديددة العليددا،
وقدد انتهدت محكمددة املقاطعدة بعدد فحددص القدانون إلدى عدددم دسدتوريته ،ورفضدت تطبيقدده فدي الندزاع
املطددروح أمامهددا وكددذلك أيضددا عشددية االسددتقالل لسددنة 1786وجدده قاضد ي مددن واليددة ''ماساسددوت
''هيئة املحلفين لتقرير إن قوانين البرملان تنتهك القانون الساس ي ويجب تجنبها. 80
كمددا نجددد أيضددا ق درار للمحكمددة العليددا فددي الواليددات املتحدددة المريكيددة حيددث رفضددت مرسددوم
ال ددرئيس المريك ددي دونالد ددد ترام ددب لتقييد ددد الح ددق فد ددي طل ددب اللجد ددوء ال ددذي أقرتد دده محكم ددة اسد ددت ناف
فديرالية سابقا ،وبذلك رفضت املحكمة العليا المريكية تثبيت املرسوم الذي يستهدف بالسداس
طلب ددات اللج ددوء املقدم ددة م ددن أش ددخاص عب ددروا الح دددود الجنوبي ددة بش ددكل غي ددر ش ددرعي وال ددذي يح ددرم
املهاجرين العابرين للحدود بين الواليات املتحدة واملكسديك بطريقدة غيدر شدرعية مدن حدق املطالبدة
بدداللجوء ،المددر الددذي أدى إلددى إبطددال تعليددق هددذا املرسددوم املثيددر للجدددل الددذي يخددالف مقتضدديات
79بسمة عبد المعطي الحوراني ،بحث قانوني ودراسة حول تجربة الرقابة القضائية في الواليات المتحد األمريكية جامعة العلوم
اإلسالمية العالمية بحث منشور على موقع محاماة نت .كلية الشريعة والقانون ،بحث منشور على موقع محاماة نت
،https://www.mohamah.netتم االطالع عليه بتاري .04:30 ،25
80بسمة عبد المعطي الحوراني ،نفس المرجع أعاله.
33
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
الدستور والذي أقرته محكمة است ناف فدرالية في سان فرانسيسكو بعد أن وقعده دونالدد ترامدب
حقوق اإلنسان ركن أساس ي في شرعية السلطة ،وقد غدت محورا من محاور القانون
الدولي ،ولم تعد شأن محض داخلي ،فالتجارب التي مرت بها الشعوب خاصة أثناء الحرب
العاملية الثانية ،وما رافقها من انتهاكات فظيعة لحقوق اإلنسان أكدت انه ال يجوز اإلبقاء على
املبدأ القائل بأن حقوق اإلنسان شأن داخلي ،يندرج في إطار العالقة بين املواطنين والسلطة ،
وفي إطار ما تمثله هذه السلطة من سيادة وطنية ،وانه يجب على السلطة أن تحترم حقوق
مواطنيها وفق معاير دولية ،تعبر عن إرادة شعوب العالم باحترام حقوق اإلنسان وصونها في أية
بقعة من بقاع العالم ،مهما كانت االديولوجية التي ترتكز عليها النظمة السياسية
هذا المر يستدعي البحث في ضمانات الحقوق في القانون الداخلي ،ووفق تسلسل أو تراتبية
القواعد التي يقوم عليها النظام القانوني في الدولة ،والتي تجعل منها دولة مؤسسات ،يأتي
الدستور في سلم تراتبية القواعد الحقوقية ،مما يعني أن جميع القواعد القانونية بمختلف
أشكالها ينبغي أال تخالف الدستور ،ولضمان سمو قواعد هذا الخير أقر املشرع بعض اآلليات
القانونية ،كما أحدث أجهزة تتولى البت في دستورية القواعد القانونية الدنى وتختلف تسميتها
من دولة إلى أخرى ،إذ تسمى الولى في بعض الدول بآلية الدفع بعدم الدستورية وفي البعض
الخر املسألة الولية الدستورية ،وتسمى الثانية في بعض التجارب باملحكمة الدستورية وفي
ومن هنا فإن هذه الجهزة تسهر على حماية الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور كلما أثير
أمامها دعوى تتعلق بعدم دستورية مقتض ى قانوني ،ولم يشد املجلس الدستوري الفرنس ي على
81الواليات المتحدة :المحكمة العليا ترفض تطبيق مرسوم ترامب بشأن طلب اللجوء ،مقال منشور على صفحة فرانس ، 24تما
اإلطالع عليه بتاري 2019 06-2على الساعة .14:40
34
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
هذا النحو إذ اصدر بهذا الخصوص قرارات عديدة تكرس إعالء املقتضيات الدستورية وكان
أهمها القرار الذي صدر حديثا 82الذي أكد أن مساعدة مجانية لألجانب في وضع غير قانوني ال
يمكن أن تعرض صاحبها ملالحقات ،مكرسا للمرة الولى "مبدأ الخوة " باعتباره واحد من أبرز
مبادئ القانون الفرنس ي ،ذلك أن املجلس لدستوري شدد أن شعار الجمهورية الفرنسية هو
"حرية ،مساواة ،أخوة "ومن هذا املبدأ الدستوري تنبع حرية مساعدة الخر ،بهدف إنساني ،من
دون الخذ بعين االعتبار قانونية إقامته على الراض ي الفرنسية ،وهو ما يلغي جنحة التضامن
التي كان يالحق بها الفرنسيين يساعدون مجانا مهاجرين ،وتحقق ذلك بفعل قضية رفعها
سيدريك هيرو الذي أدين هو أخر من طرف املحاكم بتهمة تقديم املساعدة لألجانب املقيمين
بطريقة غير قانونية ،والذي بتكريس املجلس ملبدأ الخوة أضحت هذه الحكام غير دستورية
ومن ثم كانت املادة 622.1التي تعاقب املساعدة في الدخول والتنقل واإلقامة غير القانونية
كما اصدر املجلس الدستوري الفرنس ي قرار يقض ي بعدم دستورية املادة 13.600من
مدونة التعمير بتاريخ 19ابريل 2019رقم 777.2019بعد إحالة قدمت له من طرف مجلس
وتتلخص وقائع هذه القضية في كون املسمى بوشعيب سمير تقدم بطعن ضد املادة 13.600من
مدونة التعمير لنها تمس بأحد حقوقه اإلجرائية الساسية الذي هو حق في التقاض ي أمام
82
Décision n°2018-717/7818 QPC du 06 juillet 2018- saisi par le conseil constitutionnel française.
83
Pour la première fois le conseil constitutionnel a jugé que la fraternité est un principe, à valeur
constitutionnelle pour ce faire il a rappelé qu’aux termes de sont article 2 : « la devise de la
république est liberté, égalité, fraternité, » la constitution se réfère également dans son préambule
et dans son article 72-3 à idéale commun de liberté d ègalité et de fraternité il découle de ce principe
la liberté d aider autrui dans un but humanitaire son considération de la régularité de son séjour sur
le territoire national .
35
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
القضاء اإلداري في منازعات التعمير ،حيث تم االرتكاز في هذا الطعن ،على مبادئ ذات قيمة
دستورية تخص أساسا الحق في التقاض ي والحق في الولوجية إلى القانون ومفهوميته.
فقد نصت املادة 13.600من مدونة التعمير على انه يمكن للقاض ي أن يحكم ببطالن العريضة
االفتتاحية إذا لم يقدم صاحبها الوثائق املطلوبة للنظر في القضية داخل أجل محدد ،ووفق تبرير
مشروع ،وهو ما اعتبره الطاعن ،من خالل محاميه ،بمثابة عيب قانوني يشوب هذه املادة،
وفي هذا السياق ،فقد تأسست مذكرة الطعن على مجموعة من النواقص القانونية التي اعترت
املادة السابقة ،من بينها أن مقتضياتها جاءت عامة وفضفاضة ،ولم تحدد بدقة نوعية الوثائق
التي يجب أن تدرج في عريضة الطعن ،كما استند القاض ي الدستوري اثناء النظر في القضية على
املادة 16من إعالن حقوق اإلنسان واملواطن التي تضمن لألفراد حق ممارسة الطعن القضائي ،
حيث خلص في هذا الصدد على أن املقتض ى موضوع الطعن ال يتناسب مع املصلحة املرجوة،
36
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
خـــــــــــاتــــــــــــمة :
الحظنا من دراستنا ملوضوع الدفع بعد الدستورية ،الذي شكل ثورة حقوقية في بالدنا ،من
خالل مشروع القانون التنظيمي املتعلق بشروط وإجراءات الدفع بعدم الدستورية وبعض
التجارب املقارنة؛ أنه يعد من الركائز الساسية لحماية الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور،
كما أن هذه ا آلية القانونية تعتبر من الركائز الساسية لتكريس دولة الحق والقانون وكذا
الديمقراطية التشاركية ،من خالل فتح الباب أمام الفراد لولوج العدالة الدستورية .
وقيامنا باملقارنة بين التجارب املذكورة ليس من أجل تفضيل أو ترجيح نظام على آخر بقد ما
37
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وتنزيل هذه اآللية – الدفع بعدم الدستورية – ليس بالمر السهل وإنما يتطلب من املشرع
ضرورة تحقيق نوع من التوازن والتكامل بين الغاية املنشودة من إحداثها ،وهي صون الحقوق
والحريات التي يضمنها الدستور ،وبين ضرورة تحقيق النجاعة القضائية ،وال سيما على متسوى
ونشير فالخير إلى نجاح آلية الدفع بعد الدستورية رهين بحسن تقدير أهميتها ليس فقط من
طرف املواطنين ،بل حتى من طرف الجهزة القضائية التي تبت فيها .كما نتساءل عن مدى إمكانية
القاض ي الدستوري في الطعن بعدم دستورية قانون يمس بالحقوق والحريات التي تكفلها
املواثيق الدولية املصادقة عليه ،علما أن املشرع الدستوري جعل هذه الخير تسمو على
كما نود في الخير فتح باب النقاش حول موضوع ذو أهمية يرتبط أساسا بحماية القضاء
للحقوق والحريات ،ويتجلى في مدى إمكانية حماية الحقوق والحريات املنصوص عليها في املواثيق
وقد يبدو للوهلة الولى أن طرح هذا التساؤل مجرد تحصيل حاصل ،بدليل أن الدستور قد
نص على سمو االتفاقيات الدولية املصادق عليها على القوانين الوطنية ،لكن الصياغة الركيكة
الفضفاضة العامة التي جاء بها هذا املبدأ هي التي فرضت علينا طرح هذا التساؤل ،إذ نجد ان
هذا املبدأ مقيد بشروط تفرغه من محتواه ومضمونه إلى درجة يبدو وبشكل كبير أن الذي يسمو
هو القوانين الوطنية ،لكن نأمل رغم كل هذا أن يسير القضاء الدستوري املغربي على النحو
الذي سار عليه القضاء العادي واإلداري من خالل االستشهاد باملواثيق الدولية املصادق عليها
38
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
ملـحق :
املحكمة الدستورية
املحكمة الدستورية،
بعد اطالعها على القانون التنظيمي رقم 86.15املتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون ،املحال عليها
بمقتض ى رسالة السيد رئيس الحكومة ،املسجلة بأمانتها العامة في 14فبراير ،2018وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور؛
وبعد اطدالعها عدلى رسالدة السديد رئديس الحكدومة املسجلة بالمانة العامة املذكورة فدي 22فبراير 2018؛
39
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وبناء على الدستور ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91بتاريخ 27من شعبان 29( 1432يوليو ،)2011السيما
الفصول 5و 6و 49و 71و 84و 85و 110و 120و 123و 132و 133و 134و 153منه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13املتعلق باملحكمة الدستورية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139بتاريخ
16من شوال 13( 1435أغسطس ،)2014السيما املادتين 23و 25منه؛
حيث إن الفصل 132من الدستور ينص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية ،قبل إصدار المر بتنفيذها ،تحال إلى
املحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور ،مما تكون معه املحكمة املذكورة مختصة بالبت في مطابقة القانون التنظيمي
املحال إليها للدستور؛
حيث إنه ،يبين من االطالع على الوثائق املدرجة في امللف ،أن القانون التنظيمي رقم 86.15املتعلق بتحديد شروط وإجراءات
الدفع بعدم دستورية قانون ،املحال على املحكمة الدستوريةُّ ،اتخذ في شكل قانون تنظيمي ،جرى التداول في مشروعه باملجلس
الوزاري املنعقد بتاريخ 23يونيو 2016طبقا لحكام الفصل 49من الدستور ،وتم إيداعه بالسبقية لدى مكتب مجلس النواب
بتاريخ 11يوليو ،2016ولم يشرع في التداول فيه ،من قبل هذا املجلس ،إال بعد مض ي عشرة أيام على إيداعه لدى مكتبه ،ووافق
عليه ،في قراءة أولى ،في جلسته العامة املنعقدة بتاريخ 8أغسطس ،2017وبعد ذلك تداول فيه مجلس املستشارين وأدخل
تعديالت على بعض مواده ،ووافق عليه في جلسته العامة املنعقدة بتاريخ 16يناير ،2018ثم صادق عليه مجلس النواب نهائيا،
في قراءة ثانية ،في الجلسة العامة املنعقدة بتاريخ 6فبراير 2018بأغلبية 158صوتا من أصل 188من أعضائه الحاضرين؛
وحيث إنه ،تبعا لذلك ،يكون شكل تقديم القانون التنظيمي رقم 86.15املتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية
قانون وإجراءات إعداده والتداول فيه والتصويت عليه ،مطابقا لحكام الفصلين 84و 85من الدستور؛
-2في شأن اإلجراءات املتطلبة وفق املادة 25من القانون التنظيمي املتعلق باملحكمة الدستورية:
حيث إن املادة 25من القانون التنظيمي املذكور تنص على أنه "تقوم املحكمة الدستورية ،فور إحالة القوانين التنظيمية...بإبالغ
ذلك إلى امللك ورئيس الحكومة ورئيس كل مجلس من مجلس ي البرملان الذي يتولى إعالم أعضاء مجلسه بالمر.
ولرئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس املستشارين وأعضاء املجلسين أن يدلوا إلى املحكمة الدستورية بما يبدو
لهم من مالحظات كتابية في شأن القضية املعروضة عليها"؛
وحيث إنه ،بناء على ذلك ،أبلغت املحكمة الدستورية ،فورا ،الجهات املحددة في الفقرة الولى من املادة 25أعاله ،ومنحت رئيس
الحكومة ورئيس ي مجلس ي البرملان أجال لإلدالء بمالحظاتهم في املوضوع؛
وحيث إن املحكمة الدستورية توصلت ،تبعا لذلك ،برسالة من السيد رئيس الحكومة ،يطلب فيها من املحكمة املذكورة "تصحيح
أخطاء مادية" شابت بعض مواد القانون التنظيمي ،وهو ما ال يندرج ضمن املالحظات التي تكون محل نظر املحكمة الدستورية؛
40
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
حيث إن الفقرة الثانية من الفصل 133من الدستور تنص على أنه يحدد قانون تنظيمي شروط وإجراءات تطبيق الدفع بعدم
دستورية قانون؛
وحيث إن القانون التنظيمي رقم 86.15املتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون ،املعروض على نظر
املحكمة الدستورية ،يتكون من 27مادة موزعة على خمسة أبواب ،يتضمن الباب الول منها أحكاما عامة (املواد ،)3 -1والباب
الثاني شروط وإجراءات إثارة الدفع بعدم دستورية قانون أمام محاكم أول درجة ومحاكم ثاني درجة (املواد ،)9-4والثالث
اختصاص محكمة النقض بالنظر في الدفع بعدم دستورية قانون (املواد ،)13-10والرابع شروط وإجراءات الدفع بعدم
دستورية قانون أمام املحكمة الدستورية والبت فيه (املواد ،)24-14والخامس مقتضيات ختامية (املواد )27-25؛
وحيث إنه ،يبين من فحص هذه املواد ،مادة مادة ،أنها تثير من حيث اكتسائها طابع قانون تنظيمي أو مطابقتها للدستور ما يلي:
حيث إن املادتين املذكورتين تنصان ،بالتتابع ،على أنه "تطبيقا لحكام الفقرة الثانية من الفصل 133من الدستور ،يحدد هذا
القانون التنظيمي شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون ساري املفعول ،يراد تطبيقه بشأن دعوى معروضة على
املحكمة ،يدفع أحد أطرافها أنه يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور" ،وأنه "يترتب عن القرار الصادر عن املحكمة
الدستورية بعدم دستورية مقتض ى تشريعي ،نسخه ابتداء من تاريخ تحدده املحكمة الدستورية في قرارها ،طبقا لحكام الفصل
134من الدستور"؛
وحيث إن املواضيع التي جعلها الدستور من مشموالت القانون التنظيمي املتعلق بتطبيق الفصل 133من الدستور ،هي تلك التي
تهم شروط وإجراءات الدفع بعدم الدستورية؛
وحيث إن مضمون املادتين ،ليس سوى تذكير بما ورد في الفصلين 133و ( 134الفقرة الولى) من الدستور ،وال تتضمنان أي
شرط أو إجراء متعلق بمسطرة الدفع بعدم الدستورية ،مما يجعلهما ال تكتسيان طابع قانون تنظيمي؛
حيث إن هذه املادة تنص على أنه "يراد بالعبارات التالية في مدلول هذا القانون التنظيمي ما يلي:
أ -القانون الذي يدفع أحد أطراف الدعوى أنه يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور :كل مقتض ى ذو طابع تشريعي يراد
تطبيقه في دعوى معروضة على املحكمة ،ويدفع طرف من أطرافها بأن تطبيقه سيؤدي إلى خرق أو انتهاك أو حرمان من حق من
الحقوق أو حرية من الحريات التي يضمنها الدستور؛
ب -أطراف الدعوى :كل مدع أو مدعى عليه في قضية معروضة على املحكمة ،وكل متهم أو مطالب بالحق املدني أو مسؤول مدني
في الدعوى العمومية...؛
ج -دفع أحد الطراف بعدم دستورية قانون :الوسيلة القانونية التي يثير بواسطتها أحد أطراف الدعوى ،أثناء النظر فيها ،عدم
دستورية قانون يعتبره مسا بحق من الحقوق أو بحرية من الحريات التي يضمنها الدستور ،وذلك طبقا للشروط والكيفيات
املنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي"؛
وحيث إنه ،من جهة ،فإن هذه املادة ،لئن كانت ال تنص على اإلجراءات والشروط الكفيلة بتطبيق أحكام الفقرة الولى من
الفصل 133من الدستور ،فإن تحديدها ملدلوالت القانون وأطراف الدعوى واملقصود بالدفع ،التي يتوقف عليها إعمال آلية
الدفع بعدم الدستورية ،يجعلها ،بالتبعية ،من مشموالت القانون التنظيمي؛
41
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وحيث إنه ،من جهة أخرى ،فإن الفقرة الولى من الفصل 133من الدستور ،جعلت الدفع بعدم الدستورية حقا مخوال لألطراف
بصيغة العموم؛
وحيث إنه ،خالفا لذلك ،فإن البند (ب) من املادة الثانية املذكورة ،عمد إلى بيان وتحديد الطراف املخول لهم حق إثارة الدفع
بعدم الدستورية وجعله حقا محصورا فيهم ،وليس حقا مخوال لكل الجهات التي ينطبق عليها وصف "الطرف"؛
وحيث إنه ،لبيان املقصود بأطراف الدعوى ،يجب الرجوع إلى قانوني املسطرة املدنية والجنائية وإلى نصوص خاصة أخرى ،التي
تجعل ،من النيابة العامة ،إلى جانب أطراف أخرى تتوفر على شرطي الصفة واملصلحة ،إما طرفا رئيسيا أو منضما ،حسب
الحالة؛
وحيث إنه ،لئن كانت النيابة العامة ،باعتبارها طرفا في الدعوى املدنية ،قد يشملها تعبير "مدع أو مدعى عليه" ،فإن البند (ب)
يستثني النيابة العامة من أطراف الدعوى العمومية املعنيين بمسطرة الدفع ،بحصره الجهات املخول لها هذا الحق في املتهم أو
املطالب بالحق املدني أو املسؤول املدني؛
وحيث إن ممارسة النيابة العامة لالختصاص الدستوري املوكول لها ،واملتمثل في تطبيق القانون(الفصل ، )110يجب أن يتم في
استحضار ملا ورد في الفصل السادس من الدستور من أن دستورية القواعد القانونية "تشكل مبدأ ملزما"؛
وحيث إن التقيد بإلزامية دستورية القواعد القانونية ،يقتض ي من النيابة العامة ،بصفتها طرفا ،أن تدفع بعدم دستورية قانون،
في حال تقديرها أو شكها من أن مقتضياته الواجبة التطبيق ،تعتريها شبهة عدم الدستورية؛
وحيث إنه ،تبعا لذلك ،فإن عدم تخويل النيابة العامة ،إلى جانب أطراف أخرى ،صفة طرف في دعوى الدفع بعدم الدستورية،
يشكل مخالفة ملا قررته الفقرة الولى من الفصل 133من الدستور؛
حيث إن الفقرتين الخيرتين من املادتين الثالثة والعاشرة ،تنصان ،بالتتابع ،على أنه "ال يمكن إثارة الدفع...تلقائيا من لدن
املحكمة" ،وأن محكمة النقض ال يمكنها إثارة الدفع بشكل تلقائي؛
وحيث إن املحكمة تضم مكونين مختلفين ،بالرغم من انتمائهما معا إلى الجسم القضائي نفسه ،هما قضاة الحكام وقضاة
النيابة العامة ؛
وحيث إن التمييز بين قضاة الحكام املخول لهم إصدار الحكام ،وقضاة النيابة العامة باعتبارهم طرفا في الدعوى ،يجعل قاعدة
عدم تلقائية إثارة الدفع من قبل املحكمة ،ال تسري إال على قضاة الحكام دون قضاة النيابة العامة؛
وحيث إنه ،مع مراعاة هذا التفسير ،فإنه لي س في املادتين الثالثة (الفقرة الخيرة) والعاشرة (الفقرة الخيرة فيما نصت عليه في
آخرها من أنه "ال يمكنها إثارته تلقائيا") ،ما يخالف الدستور؛
حيث إن الفقرة الولى من املادة الثالثة تنص على أنه "يمكن أن يثار الدفع بعدم دستورية قانون أمام مختلف محاكم اململكة،
وكذا أمام املحكمة الدستورية مباشرة بمناسبة البت في الطعون املتعلقة بانتخاب أعضاء البرملان" ،وأن املادة 15تنص على أنه
"يترتب عن تقديم الدفع أمام املحكمة الدستورية بمناسبة املنازعة املتعلقة بانتخاب أعضاء البرملان ،إيقاف البت في هذه املنازعة
إلى حين بت املحكمة الدستورية في الدفع املقدم أمامها"؛
42
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وحيث إن املادة 14تنص على أنه "تحدد مسطرة البت في الدفع بعدم دستورية قانون أمام املحكمة الدستورية بموجب النظام
الداخلي لهذه املحكمة"...؛
وحيث إن الفصل 133من الدستور ،الذي أوكل اختصاص البت في الدفع بعدم الدستورية إلى املحكمة الدستورية ،لم يحدد
الجهة القضائية التي يمكن أن يثار أمامها ،عبر جعل إثارة الدفع تتم بمناسبة النظر في قضية ،مما يسمح بإمكانية إثارة الدفع
أمام محاكم التنظيم القضائي للمملكة بمختلف درجاتها ،وأيضا أمام املحكمة الدستورية في االختصاص املخول لها في شكل
"قضية"؛
وحيث إن الطعون االنتخابية ،بالرغم من طابعها املوضوعي ،فإنها تتخذ شكل منازعة بين أطراف العملية االنتخابية ،ويتوقف
فيها نظر املحكمة الدستورية على التحقق من صدقية ونزاهة وسالمة العملية االنتخابية ،دون البت في دستورية الحكام أو
املقتضيات املطبقة على النزاع ،وهو ما يبرر إدراج املشرع لحالة الطعون االنتخابية ضمن القضايا املعنية بتطبيق أحكام الفصل
133من الدستور؛
وحيث إن املحكمة الدستورية ،باعتبارها قاضيا انتخابيا بمناسبة نظرها في الطعون االنتخابية املتعلقة بأعضاء البرملان ،تطبق
أحكام القانونين التنظيميين املتعلقين بمجلس ي البرملان ،إلى جانب املقتضيات ذات الصلة الواردة في قوانين أو مراسيم؛
وحيث إنه ،يترتب عن هذا التفصيل للقواعد القانونية املطبقة ،أنه ال يمكن إثارة الدفع بخصوص أحكام القانونين التنظيميين
املتعلقين بمجلس ي البرملان ،بسبب سبق البت في دستوريتهما ،إال في حالة تغير ظروف القانون أو الواقع ،وهو ما يسري أيضا على
القوانين التي كانت موضوع مراقبة قبلية ،في حين أنه ال يندرج فحص دستورية املراسيم ضمن اختصاصات املحكمة الدستورية،
سواء في إطار املراقبة القبلية أو البعدية ،ولو تعلقت بالعملية االنتخابية؛
وحيث إنه ،مع مراعاة ما تقدم ،فإن تخويل أطراف الطعون االنتخابية ،بمناسبة تقديمها ،حق إثارة الدفع بعدم الدستورية،
ليس فيه ما يخالف الدستور؛
وحيث إنه ،باستثناء التأكيد على وقف البت في منازعة الطعون االنتخابية إلى حين البت في الدفع املرتبط بها ،فإن القانون
التنظيمي لم يتضمن أي مقتض ى يخص الشكل الذي يتخذه هذا الدفع ،وهل يقدم بمذكرة مستقلة أم في صلب عريضة الطعن
أو في املذكرة الجوابية بالنسبة للمطعون في انتخابه ،ومدى إلزامية االستعانة بمحام من عدمها؛
وحيث إنه ،ليس في القانون التنظيمي املعروض على نظر املحكمة أو في القانون التنظيمي املتعلق بها ،ما يفيد تطبيق القواعد
والحكام الواردة فيهما ،على الدفع بعدم الدستورية املثار بمناسبة املنازعة الخاصة بانتخاب أعضاء البرملان؛
وحيث إن القانون التنظيمي املعروض ،أحال بمقتض ى املادة 14منه على نظام داخلي للمحكمة الدستورية تحديد مسطرة البت
بعدم دستورية قانون أمامها ،مع مراعاة القواعد الواردة في املواد من 16إلى 24منه؛
وحيث إن إحالة القانون التنظيمي ،على نظام داخلي للمحكمة الدستورية ،تحديد قواعد تتعلق بالدفع املثار أمام املحكمة
املذكورة ،بخصوص املنازعة في انتخاب أعضاء البرملان ،يعد تخليا من املشرع عن ممارسة اختصاص موكول له حصرا ،بمقتض ى
الدستور؛
وحيث إن غياب أحكام من ذات القبيل املرتبطة بتطبيق حقوق وضمانات دستورية السيما ما يتعلق منها بإجراءات التقاض ي
وحق الدفاع ،يشكل إغفاال تشريعيا يتعين معه التصريح بعدم دستورية املادة 14؛
43
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
حيث إن هذه املادة تنص ،إلى جانب أحكام أخرى ،على أنه "يجب...إثارة الدفع بعدم الدستورية بواسطة مذكرة كتابية...تكون
موقعة من قبل الطرف املعني أو من قبل محام مسجل في جدول هيئة من هيئات املحامين باملغرب"...؛
وحيث إن الحكام املذكورة قد تؤول بأن إثارة الدفع يتيح للطرف املعني الخيار بين توقيعه شخصيا على مذكرة الدفع أو رفعها من
قبل محام؛
وحيث إنه ،تحقيقا لالنسجام التشريعي بين ما ورد في املادة الخامسة املشار إليها ،وبين املقتضيات اإلجرائية العامة التي جاءت
تطبيقا لفصول الدستور ،ال سيما الفقرة الخيرة من الفصل 120منه ،يتعين تفسير االختيار الوارد في املادة املذكورة ،بأن الدفع
بعدم الدستورية ،يتبع الدعوى الصلية بخصوص ما تتطلبه في موضوع االستعانة بمحام ،فتكون إجبارية االستعانة بمحام في
الحالة التي توجب ذلك الدعوى الصلية ،في حين يكون للمعني بالمر الحق في توقيع مذكرة الدفع ،إذا كانت الدعوى الصلية التي
أثير بمناسبتها معفية من تطبيق قاعدة االستعانة الوجوبية بمحام؛
وحيث إنه ،مع مراعاة هذا التفسير ،فإن ما تضمنته املادة الخامسة املشار إليها من توقيع مذكرة الدفع من قبل الطرف املعني أو
من قبل محام ،ليس فيه ما يخالف الدستور؛
حيث إن املادة السادسة تنص في فقرتيها الولى والثالثة ،على أنه "يجب على املحكمة أن تتأكد من استيفاء الدفع بعدم دستورية
قانون ،املثار أمامها ،للشروط املشار إليها في املادة ...5داخل أجل أقصاه ثمانية أيام من تاريخ إثارته أمامها .يكون مقررها بعدم
القبول معلال وغير قابل للطعن ،ويجوز إثارة نفس الدفع من جديد أمام املحكمة العلى درجة" ،وتنص املادة 10على أنه "يحال
الدفع بعدم دستورية قانون ،املثار أمام محكمة أول درجة أو محكمة ثاني درجة ،حسب الحالة ،إلى الرئيس الول ملحكمة
النقض...غير أنه إذا أثير الدفع بعدم دستورية قانون أمام محكمة النقض لول مرة بمناسبة قضية معروضة أمامها ،فإن
املحكمة تبت في الدفع مباشرة"...؛
وحيث إن القانون التنظيمي املعروض على املحكمة الدستورية ،يكون بهذا قد أرس ى نظاما للتصفية ،على مرحلتين اثنتين ،إذا
أثير الدفع أمام محكمتي أول وثاني درجة ،وعلى مرحلة واحدة إذا أثير الدفع لول مرة أمام محكمة النقض ،ويرمي هذا النظام إلى
التحقق من توافر شروط معينة (املادة 5والفقرة الثانية من املادة ،)10ويتم في أعقاب ذلك التصريح بقبول أو عدم قبول
الدفع ،وفي حال قبوله ،يحال على هيئة محدثة بمحكمة النقض للبت في جديته (املادة )11لتصدر مقررا معلال ،إما برد الدفع أو
بإحالته إلى املحكمة الدستورية؛
وحيث إن القانون التنظيمي ،أسند النظر في مقبولية الدفع من عدمها ،بما يعنيه ذلك من البت فيه شكال ،ملحاكم التنظيم
القضائي للمملكة ،دون املحكمة الدستورية ،مدعما ذلك الخيار بتحصين قرارات عدم القبول (محكمتي أول وثاني درجة أو
محكمة النقض) أو رد الدفع (محكمة النقض) من أي طعن؛
وحيث إن الفصل 132من الدستور ينص على أنه "تمارس املحكمة الدستورية االختصاصات املسندة إليها بفصول الدستور،
وبأحكام القوانين التنظيمية ،"...وأن الفصل 133منه ،ينص على أنه "تختص املحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق
بعدم دستورية قانون ،أثير أثناء النظر في قضية ،وذلك إذا دفع أحد الطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع ،يمس بالحقوق
وبالحريات التي يضمنها الدستور .يحدد قانون تنظيمي شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل"؛
وحيث إنه ،بمقتض ى أحكام الفصلين 132و 133املشار إليهما ،فإن الدفع بعدم الدستورية اختصاص موكول للمحكمة
الدستورية أصال بمقتض ى الدستور ،وليس وفق القانون التنظيمي املتعلق به؛
وحيث إن الفصل 133املذكور ،يميز بين مجال استأثر الدستور بتنظيمه ويتمثل في أن املحكمة الدستورية هي املختصة بالنظر
في كل دفع يتعلق بعدم دستورية قانون ،وأنه حق لألطراف يثار أثناء النظر في قضية ،ويجب أن يطبق موضوعه على النزاع ،وأن
44
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور ،وبين مجال للقانون التنظيمي محددة مشموالته في الشروط واإلجراءات الكفيلة
بتطبيق الفصل املعني؛
وحيث إن اختصاص النظر في كل دفع بعدم الدستورية املوكول للمحكمة الدستورية ،هو اختصاص عام ،يشمل النظر في
الدفوع املحالة عليها شكال وموضوعا ،وليس في الدستور ما يشرع لتجزيء هذا االختصاص املندرج في واليتها الشاملة ،وال أيضا ما
يبرر نقله لغير الجهة املحددة له دستوريا؛
وحيث إن الدستور حدد حصرا مجال القانون التنظيمي املعني ،في موضوع الشروط واإلجراءات ،بما تتضمنه من شكليات،
تتعلق بإقامة الدعوى وآجالها وإجراءات الدفاع والتواجهية وطبيعة الجلسات والعالقة بين الدعوى الصلية والدفع الفرعي ،ولم
يدرج ما يتعلق باالختصاص ضمن املواضيع املوكول التشريع بمقتضاه؛
وحيث إن التشريع وفق القانون التنظيمي ،يتم في نطاق املوضوعات املحددة له ،احتراما لسمو الدستور ،وال يجوز ،بالتالي،
للمشرع أن يتجاوز مشموالته أو بالحرى أن ينظم من خالله قاعدة دستورية بشكل يمس بجوهرها؛
وحيث إنه ،باستثناء القانونين التنظيميين املتعلقين باملجلس الوطني للغات والثقافة املغربية واملجلس االقتصادي واالجتماعي
والبيئي املخول لهما ،طبقا للفصلين الخامس و 153من الدستور ،تحديد صالحيات املجلسين املذكورين ،فإن باقي القوانين
التنظيمية ،املنصوص عليها دستوريا ،ينحصر مجال التشريع بمقتضاها على بيان كيفيات تطبيق أو تفعيل الصالحيات أو
االختصاصات املخولة دستوريا للمؤسسات املعنية؛
-من جهة ،فإن البت في الطبيعة التشريعية للمقتضيات القانونية موضوع الدفع وتحديد ما هو مندرج في الحقوق والحريات
املضمونة دستوريا من عدمه (املادة الخامسة والفقرة الثانية من املادة 10التي تحيل عليها) ،يعد توسعا في الشروط الواجب
التحقق منها من قبل القاض ي املثار أمامه الدفع بمناسبة قضية معروضة عليه ،ومن شأنه أن يحول مرحلة التحقق من استيفاء
الدفع لبعض الشروط املتمثلة ،في اتصال الدفع بالدعوى الصلية ومدى تضمينه للبيانات املتطلبة في أي دعوى وأدائه للرسم
القضائي ،إلى مراقب أولي للدستورية ،إذ أن الحسم في الطبيعة التشريعية للمقتض ى القانوني املعني ،وتحديد قائمة الحقوق
والحريات املضمونة دستوريا ،يعد من االختصاصات التي تنفرد املحكمة الدستورية بممارستها،
-ومن جهة أخرى ،فإن تقدير الجدية املوكول للهيئة املحدثة بمحكمة النقض ،يحول الهيئة املذكورة إلى مراقب سلبي
للدستورية ،بالنظر لصعوبة تحديد العناصر املشكلة للجدية ،وارتباط تقديرها باملوضوع ،وليس بالشكل؛
وحيث إن نظام التصفية ،كما تم بيانه ،يؤدي إلى عدم مركزة املراقبة الدستورية ،وانتقاص است ثار املحكمة الدستورية
بصالحية املراقبة البعدية للدستور ،وحرمانها من ممارسة اختصاصها كامال ،عبر دفعها ملباشرة النظر في موضوع الدفوع
املقبولة ،دون رقابة شكلية عليها؛
وحيث إنه ،يبين من اإلطالع على العمال التحضيرية للقانون التنظيمي ،أن غاية املشرع من خالل اختياره هذا النظام للتصفية،
تتمثل ،على الخصوص ،في تجنيب املحكمة الدستورية حالة تضخم عدد القضايا املحتمل إحالتها عليها؛
وحيث إن الغايات الدستورية ،لكي تكون مبررا مقبوال للتشريع ،يجب أن تتم في تالؤم وانسجام مع قواعد الدستور احتراما ملبدإ
وحدته؛
وحيث إن الغاية التي يستهدفها املشرع ،لئن كانت تستجيب للعديد من املبادئ املقررة في الدستور ،من قبيل ،إصدار الحكام
داخل آجال معقولة وضمان النجاعة القضائية ،فإنها تخالف قاعدة جوهرية صريحة تتعلق باالختصاص املعد من النظام
العام؛
45
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وحيث إنه ،لئن كان يعود للمشرع تكييف اختياراته وتفضيالته مع متطلبات الدستورية ،فإنه يسوغ للمحكمة الدستورية،
بالنظر الختصاصها في تفسير الدستور بمناسبة إحالة معروضة عليها ،وفي حدود ما تقتضيه مراقبة الدستورية ،تبيان كيفيات
تطبيق القواعد واإلجراءات الواردة في الدستور بما يتالءم مع سموه ووحدة أحكامه؛
وحيث إن التوفيق بين الحق في إثارة الدفع بمناسبة قضية معروضة على محكمة ما ،واختصاص املحكمة الدستورية بالبت
شكال وموضوعا في الدفوع الدستورية املحالة عليها ،وبين متطلبات النجاعة القضائية وحسن سير العدالة وسرعة البت في
الدفوع وإصدار قرارات بشأنها داخل أجل معقول ،يقتض ي من املشرع حصر نطاق الشروط التي يتحقق القاض ي من استيفائها
بمناسبة إثارة الدفع في تلك التي ال تشكل عناصر تقدير أولي للدستورية ،وفي إحداث آلية كفيلة بإرساء نظام للتصفية باملحكمة
الدستورية ،يحدد قانون تنظيمي تركيبتها وضوابط عملها ،وذلك تحقيقا للمرونة املتطلبة الكفيلة بالوصول إلى الغايات التي
سبق عرضها؛
وحيث إنه ،تأسيسا على ما سبق ،فإن أحكام املواد السادسة والعاشرة و ،11واملواد الخامسة (فيما نصت عليه من شروط
متصلة بمراقبة الدستورية كما تم بيانه) والسابعة (الفقرة الثانية) و ،12املرتبطة بها ،غير مطابقة للدستور؛
حيث إن الفقرة الولى من املادة السابعة تنص على أنه "توقف املحكمة ،التي أثير أمامها الدفع ،البت في الدعوى كما توقف
اآلجال املرتبطة بها ،ابتداء من تاريح تقديم الدفع ،مع مراعاة االستثناءات الواردة في املادة "...8؛
وحيث إن املادة الثامنة نصت على االستثناءات التي ترد على وقف البت في الدعوى الصلية ،والتي حددتها في حاالت "إجراءات
التحقيق في املجالين املدني والجنائي ،اتخاذ التدابير الوقتية أو التحفظية الضرورية ،اتخاذ اإلجراءات القانونية املناسبة متى
تعلق المر بتدبير سالب للحرية ،عندما ينص القانون على أجل محدد للبت في الدعوى أو البت على سبيل االستعجال ،إذا كان
اإلجراء يؤدي إلى إلحاق ضرر بحقوق أحد الطراف يتعذر إصالحه"؛
وحيث إن املادة 13تنص على أنه "توقف محكمة النقض البت في القضية املعروضة أمامها...غير أنها ال توقف البت في الحاالت
اآلتية :إذا تعلق المر بحرمان شخص من حريته في القضية التي أثير بمناسبتها الدفع ،إذا كان القانون ينص على أجل محدد
للبت في القضية املعروضة على النقض ،أو كانت محكمة النقض ملزمة بالبت فيها على سبيل االستعجال ،إذا كان من شأن وقف
البت في القضية إلحاق ضرر بحقوق أحد الطراف يتعذر إصالحه"؛
وحيث إن االستثناءات املذكورة تراعي ،إما قواعد جوهرية أو آجاال مقررة قانونا ،أو أنها تأخذ في االعتبار وضعيات تتعلق باملنع
من الحرية أو تلك التي يترتب عنها ضرر في حال توقف البت في الدعوى الصلية ،مما يجعلها استثناءات مشروعة ومبررة؛
وحيث إنه ،عمال بذلك ،فإن املحكمة املثار أمامها الدفع بعدم دستورية قانون ،تواصل نظرها في الدعوى املعروضة عليها إذا
تعلق المر بحاالت تستجيب لالستثناءات املذكورة ،دون اعتبار مآل الدفع وقرار املحكمة الدستورية بخصوصه ،إذا اعتبرت ،أن
املقتض ى التشريعي املطبق في الدعوى أو املسطرة أو يشكل أساس املتابعة ،غير دستوري؛
وحيث إن حجية قرارات املحكمة الدستورية امللزمة طبقا للفقرة الخيرة من الفصل 134من الدستور ،تقتض ي من املشرع أن
يدرج ضمن اإلجراءات املتعلقة بمسطرة الدفع بعدم الدستورية ،أحكاما تخول للمتقاضين ،تقديم دعوى جديدة ،تسمح بترتيب
آثار قرار املحكمة الدستورية في املوضوع ،في حال مواصلة املحكمة نظرها في الدعوى الصلية وصدور قرار من املحكمة
الدستورية بعدم الدستورية؛
وحيث إنه ،يترتب عن عدم التنصيص على الحكام املشار إليها ،عدم التقيد بإلزامية حجية قرارات املحكمة الدستورية ،ومس
بحق الطراف املعنية في االستفادة من الثر املترتب عن تلك القرارات ،مما يتعين معه التصريح ،من هذا الوجه ،بعدم دستورية
املادتين 8و13؛
46
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
في شأن املادة :21
حيث إن هذه املادة تنص على أنه "تكون الجلسة أمام املحكمة الدستورية علنية ،ما عدا في الحاالت التي تقرر فيها املحكمة
الدستورية سرية الجلسات طبقا لنظامها الداخلي"؛
وحيث إن الفقرة الخيرة من الفصل 133من الدستور ،تنص على أنه "يحدد قانون تنظيمي شروط وإجراءات تطبيق هذا
الفصل" ،بما يعنيه ذلك من أن مسطرة الدفع بعدم الدستورية ،سواء بمناسبة إثارته أمام املحكمة املعنية أو إحالته إلى
املحكمة الدستورية ،يجب أن تأتي وفق قانون تنظيمي؛
وحيث إن تحديد حاالت سرية الجلسات يندرج ضمن "الشروط واإلجراءات" املشكلة ملشموالت القانون التنظيمي املذكور؛
وحيث إن الدستور اعتبر علنية الجلسات إحدى حقوق املتقاضين ،مما يجعل تنظيمها موكوال للمشرع طبقا للفصل 71منه،
الذي ينص على أن القانون يختص بالتشريع في الحقوق والحريات املنصوص عليها في الدستور؛
وحيث إن الفصل 123من الدستور ،بنصه على أنه "تكون الجلسات علنية ماعدا في الحاالت التي يقرر فيها القانون خالف ذلك"،
يكون قد جعل تحديد حاالت سرية الجلسات ،من اختصاص املشرع ،حسب الحالة ،وفق قانون تنظيمي أو قانون؛
وحيث إنه ،تبعا لذلك ،فإن ما نصت عليه املادة 21املذكورة من إحالة تحديد حاالت سرية الجلسات إلى نظام داخلي للمحكمة
الدستورية ،غير مطابق للدستور؛
حيث إن هذه املادة تنص على أن "جميع اآلجال املنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي كاملة ال تشمل اليوم الول الذي يباشر
فيه أي إجراء من اإلجراءات املرتبطة بالدفع وال اليوم الخير الذي تنتهي فيه"؛
وحيث إن احتساب الجل الكامل ،طبقا للقواعد العامة للتقاض ي ،يستثنى منه اليومان الول والخير ،كما جاء في املادة 26
املذكورة ،وتضاف إليها الحالة التي يصادف فيها اليوم الخير لألجل يوم عطلة ،إذ يمتد الجل عندئذ إلى أول يوم عمل؛
وحيث إنه ،مع مراعاة هذا التفسير لألجل الكامل ،فإنه ليس في هذه املادة ما يخالف الدستور؛
حيث إن هذه املادة تنص على أنه "يدخل هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ بعد انصرام أجل سنة ،يبتدئ من تاريخ نشره
بالجريدة الرسمية"؛
وحيث إنه ،لئن كان الثر الفوري للقانون يشكل القاعدة ،فإنه يجوز للمشرع ،أن يرجئ نفاذ أحكام تشريعية إلى تاريخ آخر
يحدده ،وذلك لوضع الترتيبات الضرورية لتنفيذها؛
وحيث إن تحديد تاريخ دخول أحكام هذا القانون التنظيمي حيز التنفيذ ،املندرج في السلطة التقديرية للمشرع ،يجب أن يظل
محكوما بقاعدة التناسب ما بين املدة الزمنية لإلرجاء وما يقتضيه إخراج النصوص التي يتوقف عليها إعمال أحكام القانون
التنظيمي ،وما يتطلبه إرساء آلية جديدة للتقاض ي ،تكفل لألطراف حق الولوج إلى العدالة الدستورية؛
وحيث إنه ،تبعا لذلك ،فإنه ليس في املادة 27املذكورة ،ما يخالف الدستور؛
لهذه األسباب:
47
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
أوال -تصرح:
-بأن املواد ( 2البندان "أ" و "ج") و( 3الفقرات الولى والثانية والثالثة) و 4و( 7الفقرتين الولى والخيرة) و 9و 15و 16و 17و18
و 19و 20و 22و 24و ،25مطابقة للدستور؛
-بأن املواد 1و( 3الفقرة الخيرة) و( 5فيما يتعلق بتوقيع مذكرة الدفع) و( 10الفقرة الخيرة فيما نصت عليه في آخرها من أنه "ال
يمكنها إثارته تلقائيا") و 23و 26و ،27ليس فيها ما يخالف الدستور ،مع مراعاة التفسيرات املتعلقة بها؛
-بأن املواد ( 2البند "ب") و( 5فيما نصت عليه من شرطي املقتض ى التشريعي والحقوق والحريات) و 6و( 7الفقرة الثانية) ،و8
و( 13فيما يتعلق بعدم إقرار مسطرة ترتيب أثر قرار املحكمة الدستورية) و( 10باستثناء ما يتعلق بما ورد في آخرها من أنه "ال
يمكن إثارته تلقائيا") و 11و 12و 14و ،21غير مطابقة للدستور؛
ثانيا -تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس الحكومة ،وبنشره بالجريدة الرسمية.
وصدر بمقر املحكمة الدستورية بالرباط في يوم الثالثاء 17من جمادى الثانية .1439
اإلمضاءات
اسعيد إهراي
أحمد السالمي اإلدريس ي عبد الحد الدقاق الحسن بوقنطار السعدية بلمير
موالي عبد العزيز العلوي الحافظي محمد بن عبد الصادق محمد أتركين
ندير املومني محمد بن عبد الرحمان جوهري محمد النصاري محمد املريني
-2قرار حول الدفع بعدم دستورية املادة 265من قانون املسطرة الجنائية تقدم به
دفاع املتهم وقوبل بالرفض لكون القانون التنظيمي 86.15لم يدخل بعد حيز
التنفيذ.
الحمد هلل وحده، اململكة املغربية
املحكمة الدستورية
املحكمة الدستورية،
48
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
بعد اطالعها على العريضة املسجلة بأمانتها العامة في 28مايو ،2018التي قدمها ...بواسطة دفاعه ،طالبا فيها التصريح بعدم
دستورية املادة 265من قانون املسطرة الجنائية؛
وبناء على الدستور ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91بتاريخ 27من شعبان 29( 1432يوليو ،)2011ال سيما
الفصل 133منه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 066.13املتعلق باملحكمة الدستورية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139بتاريخ
16من شوال 13( 1435أغسطس ، )2014ال سيما املادة 28منه؛
حيث إن الفصل 133من الدستور ،ينص على أنه "تختص املحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون،
أثير أثناء النظر في قضية ،وذلك إذا دفع أحد الطراف بأن القانون ،الذي سيطبق في النزاع ،يمس بالحقوق وبالحريات التي
يضمنها الدستور.
وحيث إنه ،إذا كانت الفقرة الولى من الفصل املشار إليه خولت للمحكمة الدستورية اختصاص البت في كل دفع متعلق بعدم
دستورية قانون ،فإن الفقرة الثانية منه تجعل ممارسة هذا االختصاص متوقفا على صدور قانون تنظيمي يحدد شروط
وإجراءات الدفع؛
وحيث إن ارتباط الفقرتين الواردتين في الفصل 133املذكور ،وعلى عكس ما يدعيه الطاعن ،أكدته املادة 28من القانون
التنظيمي املتعلق باملحكمة الدستورية ،التي جعلت مجال نظر املحكمة املذكورة في كل دفع بعدم دستورية قانون ،مرتبطا
بصدور قانون تنظيمي يحدد شروطه وإجراءاته؛
وحيث إن القانون التنظيمي املتعلق بالدفع بعدم دستورية قانون لم يصدر بعد؛
وحيث إنه ،تبعا لذلك ،يتعذر على الحال ،االستجابة للطلب الرامي إلى فحص دستورية املادة 265من قانون املسطرة الجنائية؛
لهذه األسباب:
ثانيا -تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى املعني بالمر ،وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر املحكمة الدستورية بالرباط في يوم الثالثاء 27من رمضان 1439
اإلمضاءات
اسعيد إهراي
49
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
أحمد السالمي اإلدريس ي عبد الحد الدقاق الحسن بوقنطار السعدية بلمير
موالي عبد العزيز العلوي الحافظي محمد بن عبد الصادق محمد أتركين
محمد بن عبد الرحمان جوهري ندير املومني محمد النصاري محمد املريني
50
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
وهيب عياد سالمة :مبادئ القانون الدستوري وتحليل النظام الدستوري املصري
"مكتبة اآلالت الحديثة بأسيوط1999 ،ص.128
األطاريح :
عبد السالم محمد الغنامي ،مراقبة دستورية القوانين في املغرب والقانون املقارن ،
أطروحة لنيل دكتوراه في الدولة في القانون العام ،جامعة محمد الخامس كلية
الحقوق الرباط .2000 ، 1999 ،
أحمد كمال أبو املجد" ،الرقابة على دستورية القوانين في الواليات املتحدة األمريكية
واالقليم .املصري" رسالة الدكتوراه.1960 ،
: املقاالت
حجاجي امحمد ،بصمات املجلس الدستوري املغربي في مجال الحقوق والحريات األساسية،
سلسلة دراسات الدستورية والسياسية منشورات مجلة العلوم القانونية ،العدد التاسع ،السنة
.2018
عبد املولى املسعيد ،املحكمة الدستورية في ظل دستور ،2011مجلة مسارات في األبحاث
والدراسات القانونية ،العدد األول .
جمال العزوزي ،تأمالت أولية في مشروع القانون التنظيمي املتعلق بالدفع بعدم دستورية
القانونين ،املجلة املغربية للحكامة القانونية والقضائية ،مطبعة األمنية ،الرباط ،العدد األول،
السنة .2016
عادل حميد الصلوي ،القضاء الدستوري في الواليات املتحدة األمريكية)(رقابة االمتناع نموذجا.
مجلة قانونية قانون وأعمال ،العدد الخامس.
الزياني ،املواطن والعدالة الدستورية حق األفراد في الدفع بعدم الدستورية في ظل الفصل 133
من دستور ،2011مجلة الحقوق سلسة املعارف القانونية والقضائية ،اإلصدار 21تحت عنوان
املحكمة الدستورية باملغرب نحو رؤية استشرافية ،السنة .2018
عبد الحق بلفقيه ،القضاء الدستوري باملغرب دراسة مقارنة ،مجلة مسالك للفكر والسياسية
واالقتصاد ،العدد مزدوج ،38 /37السنة .2016
الذهبي بدر ،حق الدفع بعدم الدستورية بين الدستور املغربي والنموذج األملاني ،مجلة مسالك
في الفكر والسياسية واالقتصاد ،العدد املزدوج ،38/37السنة .2016
51
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
مجلة األبحاث والدراسات القانونية ،مجلة علمية محكمة ،دار اآلفاق املغربية للنشر والتوزيع –
العدد .1
عبد الرحيم أضاوي ،مروان عبادي منشورات املجلة املغربية للحكامة القانونية والقضائية مجلة
نصف ثانوية محكمة ،مطبعة األمنية ،الرباط.2016 ،
عادل حميد الصلوي ،القضاء الدستوري في الواليات املتحدة األمريكية ،رقابة االمتناع نموذجا،
مجلة قانونية ،قانون وأعمال العدد الخامس ،السنة .2017
مجلة املمارس للدراسات القانونية والقضائية ،العدد األول ،أكتوبر .2018
يتعلق األمر بقرار رقم 80/18ملف عدد 029/18بتاريخ 12يونيو ،2018منشور بموقع املحكمة
https://www.cour- : التالي الرابط على الدستورية
constitutionnelle.ma/ar/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA/%
. D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B18018
بسمة عبد املعطي الحوراني ،بحث قانوني ودراسة حول تجربة الرقابة القضائية في الواليات
املتحد األمريكية جامعة العلوم اإلسالمية العاملية بحث منشور على موقع محاماة نت .كلية
الشريعة والقانون ،بحث منشور على موقع محاماة نت https://www.mohamah.net
قوانين :
الدستور املغربي لسنة .2011
الدستور األملاني ،الصادر بتاريخ 23ماي 1949وتم تعديله بموجب قانون صدر في 22يوليوز
.2012
الدستور الفرنس ي ل 23يوليوز .2008
مشروع القانون التنظيمي رقم 86.15املتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم
الدستورية ،كما رتبت عليه اآلثار القانونية لقرار املحكمة الدستورية رقم 70.18بتاريخ 06مارس
.2018
القانون التنظيمي الفرنس ي املتضمن كيفية تطبيق املادة 1/61لسنة 2009الصادر في
.2009/12/10واملتعلق باملسألة الدستورية ذات األولية .« question prioritaire de
» constitutionnalité
52
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
53
الدفع بعدم الدستورية – دراسة مقارنة -
الفــــهــرس :
54