You are on page 1of 36

‫ماستر تدبير الشأن العام‬

‫المحلي‬

‫عنوان المادة ‪:‬‬


‫التنمية الترابية والجهوية‬

‫عنوان العرض ‪:‬‬


‫عوائق التنمية على مستوى اإلقليم‬

‫تحت إشراف الدكتور‪ :‬عبد الكبير يحيا‬


‫السنة الدراسية ‪2020/2019‬‬

‫من إعداد الطلبة الباحثين‪:‬‬


‫يونس خليل‬
‫مروى الگارح‬
‫المقدمة‪:‬‬

‫وجد المغرب نفسه غداة االستقالل أمام تركة استعمارية جسيمة‪ ،‬وتنظيما مجاليا جهويا وإقليميا‪ ،‬يتنافى‬
‫شكال ومضمونا مع تطلعات الشعب المغربي‪ ،‬وال يستجيب النشغاالت الجديدة للدولة علما أن رغبة المسؤولين‬
‫اتجهت بداية نحو القضاء على ضعف التأطير من جهة واثبات وجود السلطة الجديدة من جهة أخرى‪ .‬و بذلك تبني‬
‫المغرب لإلطار اإلقليمي كوسيلة تمكن من فرض سلطة الدولة الفتية سياسيا و إداريا‪ 1‬باعتبار اإلقليم أهم التقسيمات‬
‫اإلدارية للدولة و هو األمر الذي أكد عليه الملك محمد الخامس في خطاب له بمناسبة أول اجتماع لعمال العماالت و‬
‫األقاليم قائال ‪":‬و كلكم على علم بأننا منذ أخدنا نتقلب في هذه النعمة كان من بين ما أنجزناه في ميدان اإلصالح‬
‫اإلداري أن ق سمنا المغرب إلى عماالت و جعلنا مسؤوال على رأس كل عمالة‪، 2‬وبذلك يكون من جهة قد حدد‬
‫العماالت و األقاليم كإطار للتنظيم اإلداري و التقسيم الترابي ‪ ،‬الذي سينهجه المغرب في المستقبل ومن جهة أخرى‬
‫أسس لبعد جغرافي ذا أهمية في المنظومة الترابية لألمن و الضبط و مراقبة المجال ‪.‬‬
‫و هكذا عرف التراب الوطني بعد االستقالل تقسيما إداريا بمقتضى المؤرخ بتاريخ ‪13‬اكتوبر ‪ 1956‬الذي‬
‫قسم المغرب إلى ‪19‬اقليم و‪ 5‬عماالت‪ ،‬غير أن هذا الظهير سرعان ما ثم تغيره بظهير التقسيم اإلداري الصادر في‬
‫‪2‬دجنبر ‪ ،31959‬الذي جاء برؤية وتوجها أكثر وضوحا‪ .‬ويمكن اعتبار سنة ‪ 1959‬سنة مرجعية في التاريخ‬
‫الالمركزية بالمغرب‪ ،‬حيث تم وضع اللبنات األولى للتنظيم الجماعي‪ .‬وقد تم بمقتضاه تقسيم البالد إلى ‪16‬اقليما‬
‫وعمالتين‪ .‬حيث شكل ذلك الظهير النواة القانونية والتنظيمية لتحديد أبعاد الخريطة اإلدارية والترابية‪ ،‬وإعادة ترتيب‬
‫المجال الترابي بناء على استراتيجية سياسية جديدة تعزز من شرعية السلطة وتلغي العمل بالتقسيم الجهوي‬
‫االستعماري‪ .4‬بل ومعطى أولي لظهور اإلدارة بمفهومها الحديث على المستوى المحلي في مرحلة االستقالل‪ .‬و منذ‬
‫ذلك الفترة ثم اعتبار اإلقليم وحدة إدارية لعدم التركيز اإلداري من جهة و وحدة محلية المركزية من جهة ثانية‬
‫ا الالمركزية اإلقليمية ظلت دائما تصطدم بمجموعة من العوائق و المعيقات البنيوية العميقة و يتعلق األمر أساسا‬

‫‪ - 1‬صالح المستف‪ ":‬التطور اإلداري في أفق الجهوية بالمغرب (من المركزية إلى الالمركزية)»‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في العلوم‬
‫القانونية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء‪ ،‬منشورات مؤسسة بنشه للطباعة والنشر‪ 1989 ،‬ص‪. 5‬‬
‫‪ - 2‬مقتطف من نص الخطاب الملك ي‪ ،‬بمناسبة انعقاد أول اجتماع لعمال العماالت و األقاليم‪ 12،‬يوليوز ‪ ،1956‬وارد ب‪:‬عبد الرحمان جمجامة‬
‫‪":‬اإلدارة بالالمركزية مع الالتمركز و سياسة القرب في الخطاب و النشاط الملكي من محمد الخامس إلى محمد السادس"‪ ،‬دار السالم للطباعة و‬
‫النشر و التوزيع الرباط‪ ،‬الطبعة االولى‪،2004‬ص ‪.42‬‬
‫‪ - 3‬الظهير الشريف رقم ‪ ،1.59.351‬الصادر في فاتح جمادى الثانية ‪ 1379‬موافق‪ 2‬دجنبر ‪ ، 1959‬بتغيير الظهير الشريف رقم ‪،1.56.133‬‬
‫الصادر في ‪ 8‬ربيع األول ‪ 1376‬موافق ‪ 13‬أكتوبر ‪ 1956‬بشأن التقسيم اإلداري للمملكة‪ ،‬الصادر ج ر عدد ‪ ،2458‬الصادرة بتاريخ ‪ 3‬جمادى‬
‫الثانية ‪ 1379‬موافق ‪ 4‬دجنبر ‪ ،1959‬ص ‪. . 3419‬‬
‫‪ - 4‬عبد الواحد مبعوث‪« :‬التنمية الجهوية بين عدم التركيز اإلداري و الالمركزية "‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية و االقتصادية و االجتماعية ‪ ،‬جامعة محمد الخامس أكدال الرباط‪ ،2000-1999 ،‬ص ‪.19‬‬

‫‪1‬‬
‫بتدخل السلطة المركزية و ممثليها في الشؤون الخاصة بسير المجالس المنتخبة و الدور المزدوج للعامل كممثل‬
‫للسلطة المركزية و كجهاز تنفيذي لإلقليم من خالل تشديد الرقابة الوصائية باإلضافة إلى قلة الموارد و ضعف‬
‫اإلمكانيات و من هنا فقد كان هذا األمر و ال يزال يحول دون تحقيق المركزية حقيقية و يحد من رقي في الحكامة‬
‫الترابية ‪.5‬‬
‫و ارتباطا بما سبق و بعد رسم معالم الخريطة اإلدارية و ظهور بمفهومها الحديث بالمستوى المحلي في إطار‬
‫عدم تركيز اإلداري و تكريس النظام الالمركزية كذلك على مستوى األقاليم و العماالت بعد تطبيقه على صعيد‬
‫الجماعي بموجب ظهير‪ 23‬يونيو ‪ 61960‬و بصدور دستور ‪ 1962‬الذي أضفى صفة الجماعة المحلية عليها و من‬
‫تم جاء اختيار اإلقليم كوحدة إدارية و ترابية قادرة على استيعاب التنظيم القبلي الذي كان قبل التنظيم التقليدي للتراب‬
‫الوطني و يعكس الخصوصية الثقافية و العرقية و االجتماعية للمجال الترابي المغربي باإلضافة إلى القيام بوظيفة‬
‫تمثيل و تجسيد الدولة على مستوى المحلي ‪.‬‬
‫ولتدعيم دور اإلقليم قام المشرع بتعزيز مكانته كجماعة محلية بوضع إطار قانوني ينظم مؤسستها ويحدد‬
‫اختصاصات المنوطة بها بموجب الظهير ‪ 12‬شتنبر ‪ 71963‬وطبقا للفصل األول من هذا الظهير تعتبر العماالت‬
‫واألقاليم جماعات إقليمية يجري عليها القانون العام وتتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي‪ .‬وينص هذا‬
‫الظهير أيضا على إن الشؤون العمالة واإلقليم يديرها المجلس اإلقليمي وذلك طبقا للشروط المحددة وعلى أن المجلس‬
‫يخضع من حيث النظام سير العمل به وكذا من حيث الرقابة المفروضة عليه لمقتضيات الظهير المذكور‬
‫و لقد حددت الفصول المتعلقة باختصاصات مجالس العماالت و األقاليم في الباب الرابع من ذلك الظهير و هي تشمل‬
‫اختصاصات تقريرية و أخرى استشارية و خالفا لما هو عليه األمر في التنظيم الجماعي فالتنظيم اإلقليمي جعل من‬
‫العامل الجهاز المنفذ للقرارات المجلس و صاحب السلطة األولى في اإلقليم حيث زوده المشرع باختصاصات جد‬
‫مهمة و لقد بقي ذلك القانون دون تغيير و لفترة طويلة مما افرز في تطبيقه عدة سلبيات لم تساير التطور المغرب و‬
‫لم تتكيف مع المعطيات ا القتصادية و االجتماعية و الثقافية الجديدة إضافة إلى هيمنة السلطة المحلية على جل أشغالها‬
‫و تنفيذ قراراتها اإلدارية و المالية‬
‫إن التأمل في االختصاصات التي منحت للعماالت واألقاليم حسب ظهير ‪ 1963‬يظن أنها كفيلة بالنهوض‬
‫بالتنمية اإلقليمية إال أنها في الواقع بقيت مجردة من أية وظيفة تذكر وذلك راجع لعدة اكراهات حالت دون تحقيق‬
‫ذلك‪:8‬‬

‫‪ -‬مصطفى قريشي‪ ":‬القانون التنظيمي للعماالت و األقاليم مستجدات محدودة و أفاق مبهمة "التدبير المحلي و الحكامة الترابية على ضوء‬ ‫‪5‬‬

‫القوانين التنظيمية الجديدة‪ ،‬مجلة سلسلة الدراسات الدستورية و السياسية‪ ،‬عدد ‪ 4‬ص ‪. 247‬‬
‫‪ - 6‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.59.315‬الصادر في ‪ 28‬ذي الحجة ‪ 1379‬الموافق ل ‪ 23‬يونيو ‪ ،1960‬بشأن النظام الجماعات‪ ،‬الصادر بالجريدة‬
‫الرسمية عدد‪ 2487‬الصادرة في ‪ 29‬ذي الحجة ‪ 1379‬الموافق ل ‪ 24‬يونيو ‪ 1960‬ص ‪.1970‬‬
‫‪ - 7‬الظهير الشريف ل ‪ 12‬شتنبر ‪ 1963‬بشأن التنظيم العماالت واألقاليم ومجالسها المشار إليه سابقا‪ ،‬ص ‪.2151‬‬
‫‪8 - El Yaagoubi" le bilan de la décentralisation provinciale au Maroc" REMAlD، série [thèmes actuels] N 32,‬‬

‫‪2001 ,p 916‬‬

‫‪2‬‬
‫• ضعف الوسائل المالية حيث ال تتوفر العماالت واألقاليم إال على بعض الرسوم القليلة العدد وذات مردودية‬
‫ضعيفة ‪.‬‬
‫• هيمنة العامل على سائر الحياة االقتصادية مما يجعل منه الرئيس الفعلي في حين تبقى الوظيفة المجالس‬
‫التداولية اإلقليمية شكلية ‪.‬‬
‫و لتلك األسباب و غيرها ثم التفكير في مراجعة الظهير ‪ 1963‬الذي كان مطلبا للسلطات العمومية و القوى‬
‫السياسية بمختلف مشاربها‪ ، 9‬خاصة و إن المغرب عرف تحوالت كبيرة على مستوى بنية الدولة ووظيفتها في‬
‫ارتباطها مع اختصاصات الجماعات المحلية و قد تم تعبير عن هذه اإلرادة في عدة مناسبات كان أهمها ما خلصت‬
‫فقد ترجمت تلك‬ ‫‪10‬‬
‫إليه أشغال المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية المنعقدة سنة ‪ 1998‬بالدار البيضاء‬
‫التوصيات التي خرجت بها المناظرة في شكل قانون‪ 79.00 11‬المتعلق بتنظيم العماالت و األقاليم بحيث جاء بعدة‬
‫مستجدات عامة و خاصة على مستوى التدبير االقتصادي حيث أصبحت العماالت و األقاليم في نفس المرتبة‬
‫الجماعات الحضرية و القروية و الجهات‪.‬‬
‫لكن برغم من المستجدات المهمة التي أتى بها القانون ‪ 79.00‬والتي كان من شأنها لو تم إيجاد الظروف المناسبة‬
‫وأن تساهم في خدمة الحكامة وخصوصا على مستوى المحلي‪ .‬وقد كان هذا القانون يرمي إلى تأهيل العماالت واألقاليم‬
‫باعتبارها جماعة وسيطة‪ ،‬ومساواتها مع باقي الجماعات الترابية وجعلها تساير وتيرة التغيرات التي يعرفها المغرب كما‬
‫يمكن القول إن القانون ‪ 79.00‬قد حاول إخراج العماالت واألقاليم من جمودها اإلداري ومحدوديتها التنموية وحاول أن‬
‫فتح لها أفاق واعدة على صعيد التدبير االقتصادي لكن ذلك لم يتحقق إذ لم يتم إرفاقه بوسائل مالية وطاقات بشرية من‬
‫شأنها أن تترجم طموحاتها واستراتيجيتها الى ارض الواقع وأن تكون بالفعل جماعة وسيطة بين الدولة والمواطنين‪.12‬‬
‫و في نفس الوقت لم يأتي القانون ‪ 79.00‬بمستجدات جوهرية ترقى الالمركزية اإلدارية إلى مكانة التي تستحقها في هذا‬
‫المستو ى حيث ظل العامل هو األمر بالصرف و المسؤول عن تنفيذ قرارات المجلس و عموما يمكن القول إن السياسة‬
‫الترابية غير الناجحة السيما على مستوى التدبير االقتصادي ‪ ،‬حرمت مجموعة من العماالت و األقاليم من مؤشرات‬
‫تنموية مهمة فسوء التقسيم الترابي و اإلداري خلق تباينا واضح ا على مستوى توزيع الثروات الطبيعية و االستفادة من‬
‫‪13‬‬
‫اليد العاملة النشيطة بل األكثر من ذلك خلق تباينا بين األقاليم المملكة على مستوى التجهيزات األساسية و البنيات التحتية‬
‫أما بخصوص مسألة التأصيل الدستوري للتنظيم اإلداري المحلي بالمغرب و التي ابتدأت مع صدور أول دستور للمملكة‬

‫‪ - 9‬محمد عنتري‪" :‬الجديد في السلطة التنفيذية المحلية «‪ ،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية [سلسلة مواضيع الساعة] ‪ ،‬عدد ‪،2001، 32‬‬
‫ص ‪.29‬‬
‫‪ - 10‬وزارة الداخلية‪ " :‬أشغال المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية" أكتوبر ‪ 1998‬بالدار البيضاء تحت عنوان "الالتركيز الزمة‬
‫الالمركزية" مطبعة فضالة المحمدية‪ ،1998 ،‬ص ‪.130‬‬
‫‪ - 11‬ظهير الشريف ‪ 1.02.269‬صادر في ‪ 25‬رجب ‪1/1423‬أكتوبر ‪ ،2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 79.00‬المتعلق بتنظيم العماالت واألقاليم‪،‬‬
‫الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5058‬بتاريخ ‪ 16‬رمضان ‪ 23/1423‬نوفمبر ‪ 2002‬ص ‪. 3490‬‬
‫‪ - 12‬صالح المستف‪ :‬الجهة بالمغرب رهان جديد لمغرب جديد‪ ،‬مطبعة المنشورات الجامعية المغربية‪ ،‬بدون دار النشر‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1993‬ص‬
‫‪. 39‬‬
‫‪ - 13‬مصطفى القريشي‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪. 250‬‬

‫‪3‬‬
‫المغربية سنة ‪ ، 196214‬حيث ستتم دسترة هذا الشكل التنظيمي ألول مرة بمقتضيات محددة لمكوناتها و اإلطار عملها و‬
‫هو اإلطار الذي حافظت عليه الدساتير الالحقة إلى حدود سنة ‪ 1995‬التي ستعرف تحوال مهما على مستوى مكوناتها‬
‫بإضافة الجهات كجماعة محلية جديدة لقد جاء في الفصل ‪ 93‬من دستور ‪ 1962‬على أن " الجماعات المحلية بالمملكة‬
‫المغربية هي العماالت و األقاليم و الجماعات و يكون إحداثها بالقانون " و ثم االحتفاظ بنفس الصياغة في دساتير ‪197015‬‬
‫في الفصل ‪ 86‬و دستور ‪ 197216‬في الفصل ‪ 87‬من الدستور و إضافة الجهات في دستور ‪ 171992‬في الفصل ‪ 24‬و‬
‫دستور ‪ 181996‬في الفصل ‪100‬و خصص دستور ‪ 2011‬الباب التاسع منه للجهات و الجماعات الترابية حيث نص‬
‫الفصل ‪ 135‬منه على أن الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات و العماالت و األقاليم و الجماعات و اعتبارها أشخاص‬
‫معنوية خاضعة للقانون العام و تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية كما أكدت كل الدساتير المتعاقبة على مسألة تولي العمال‬
‫تنفيذ مقرارات مجالس العماالت و األقاليم إلى أن جاء دستور ‪ 192011‬الذي نص في الفصل ‪ 145‬منه على أنه " يساعد‬
‫الوالة و العمال رؤساء الجماعات الترابية و خاصة رؤساء مجالس الجهوية على تنفيذ المخططات و البرامج التنموية"‬
‫دخل المغرب في مرحلة جديدة من اإلصالحات الكبرى لإلدارة المغربية المحلية من خالل فتح ورش إصالح اإلدارة‬
‫الترابية ثم من خالل تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية المتقدمة التي جاءت بعدد من المقترحات التي تهم اإلصالح‬
‫اإلطارات الترابية بما فيها اإلقليمية حيث خلصت إلى ضرورة االحتفاظ في الظروف الراهنة بمجالس العماالت و األقاليم‬
‫مع اقتراح إجراء تقييم شمولي لمنظومة الجماعات الترابية في المستقبل و تتويجا لتلك المقترحات صدر القانون التنظيمي‬
‫للعماالت و األقاليم ‪ 112.1420‬إلى جانب كل من القانون التنظيمي للجماعات و القانون التنظيمي للجهات و الذي حاول‬
‫تجسيد وتنزيل مقترحات اللجنة االستشارية للجهوية المتقدمة و تكريس المبادئ التي جاء بها دستور ‪ 2011‬بحيث جاء‬
‫إصدار هذا القانون التنظيمي رغبة من المشرع المغربي في تجاوز العيوب و النقائص التي شابت القوانين السابقة في‬
‫تدبيرها للشؤون المحل ية و إعطاء أدوار جديدة للمجالس المحلية و منحها مجاال أوسع للتدخل في شتى الميادين االقتصادية‬
‫و اجتماعية ‪ ،‬الثقافية و البيئية من اجل الوصول إلى التنمية الترابية حقيقية تجعل من خدمة اإلنسان و المواطن المحلي‬
‫األساس و الجوهر في كل مشروع تنموي محلي و على هذا األساس تم تحفيز الجماعات الترابية بجميع أصنافها على‬
‫إحداث قطيعة مع المرحلة السابقة و االنتقال من الممارسة التدبيرية ألمورها المحلية من الطابع اإلداري البيروقراطي‬

‫‪ - 14‬دستور ‪ ، 1962‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف الصادر يوم الجمعة‪ ،‬في ‪ 17‬رجب ‪ 1382‬موافق ‪ 14‬دجنبر ‪ 1962‬الصادر بجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 2616‬مكرر‪ ،‬الصادرة في ‪ 22‬رجب ‪ 1382‬موافق ‪ 19‬دجنبر ‪ 1962‬ص ‪2993‬‬
‫‪ - 15‬دستور ‪ ،1970‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1.70.177‬الصادر بالتاريخ ‪ 27‬جمادى األولى ‪ 1390‬موافق ‪ 31‬يوليوز ‪،1970‬‬
‫الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3013‬مكرر‪ ،‬الصادرة في ‪ 28‬جمادى األولى ‪1390‬موافق فاتح غشت ‪ ،1970‬ص ‪1930‬‬
‫‪ - 16‬دستور ‪ ،1972‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1.72.061‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬محرم ‪ 1392‬الموافق ل ‪ 10‬مارس ‪ ،1972‬الصادر‬
‫بجريدة الرسمية عدد ‪ ،3098‬الصادر بتاريخ ‪ 28‬محرم ‪ 1392‬موافق ‪ 15‬مارس ‪ ،1972‬ص ‪626‬‬
‫‪ - 17‬الدستور ‪ ،1992‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف عدد ‪ ، 1.155،5‬الصادر في ‪ 11‬ربيع األول ‪ 1413‬موافق ل ‪ 9‬أكتوبر ‪ ،1992‬الصادر‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4172‬الصادر في ‪ 16‬ربيع األول ‪ 1413‬موافق ل ‪ 14‬أكتوبر ‪ ،1992‬ص ‪1247‬‬
‫‪ - 18‬الدستور ‪ ،1996‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1.96.157‬الصادر في جمادى األولى ‪ 1417‬موافق ‪ 17‬أكتوبر ‪ ،1996‬الصادر‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،4420‬الصادرة بتاريخ ‪ 26‬جمادى األولى ‪ 1417‬موافق ‪10‬أكتوبر ‪ ،1996‬ص ‪2281‬‬
‫‪ - 19‬الدستور ‪ ،2011‬الصدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1.11.91‬الصادر ‪ 27‬شعبان ‪ ،1432‬الموافق ل ‪ 29‬يوليو ‪ ،2011‬الصادر بالجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر ن الصادر في ‪ 28‬شعبان ‪ ،1432‬الموافق ل ‪ 30‬يوليو ‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫‪ - 20‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.84‬الصادر في ‪ 20‬رمضان‪ 1436‬موافق ل ‪ 07‬يوليو ‪ 2015‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 112.14‬المتعلق‬
‫بالعماالت و األقاليم المنشور في الجريدة الرسمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليو ‪ 215‬الصفحة ‪6625‬‬

‫‪4‬‬
‫إلى التدبير المقاوالتي ما معناه أن تصبح الجماعات الترابية كمقاوالت من حيث تدبيرها و تسييرها الستراتيجياتها التنموية‬
‫كما تم حثها على التعاون فيما بينها كلما كان هناك عمل مشترك أو تدبير مرفق ذي فائدة مشتركة باإلضافة إلى إمكانية‬
‫التعاقد مع المجتمع المدني و القطاع الخاص باعتبارهم ا فاعلين أساسيين في عملية التنمية لكسب رهان التنمية الترابية‬
‫كهدف استراتيجي ال بد من تحقيقه على مستوى األقاليم والبد كذلك الحديث عن أنجع الوسائل واآلليات الحديثة لتحقيق‬
‫هذا البعد التنموي‪.‬‬

‫وبناء على ما سلف ذكره في مجال التنمية فان ذلك يقودنا إلى إشكالية رئيسية ومحورية وهي كالتالي‪:‬‬

‫ماهي العوائق المانعة للتنمية على تراب اإلقليم؟‬

‫ومن هذه اإلشكالية الرئيسية كان من الالزم البحث عن إجابة للتساؤالت الفرعية التالية‪:‬‬
‫ماهي العوائق المباشرة والغير المباشرة على تراب اإلقليم ؟‬
‫ماهي نتائج وتبيعات كل هذه المعيقات على تراب اإلقليم ؟‬
‫لإلحاطة بهذا الموضوع اقترحنا التقسيم التالي‪:‬‬

‫✓ المبحث األول‪ :‬العوائق المباشرة على تراب اإلقليم‬


‫✓ المبحث الثاني‪ :‬العوائق األخرى على التراب اإلقليمي وعواقبها‬

‫المبحث األول‪ :‬العوائق المباشرة على التراب االقليمي‬

‫تواجه االقليم عدة قيود وصعوبات تحد من تدخله في مجال النهوض بالتنمية االجتماعية‪ .‬وفي هذا‬
‫الجانب‪ ،‬تشكل القيود السياسية والقانونية احدى االسباب االساسية لضعف التدخل التنموي على المستوى االقليمي‪.‬‬
‫كما تعزى محدودية االداء التنموي لإلقليم الى ضعف موارده البشرية والمالية وفي هذا اإلطار سنتناول بداية‬
‫مختلف القيود السياسية والقانونية التي تحد من تدخل التنموي لإلقليم لنعمد بعد ذلك الى التوقف عند صعوبات‬
‫االخرى المرتبطة بمحدودبة المالية والبشرية هذا سنعتمده فالمطلب االول بينما المطلب الثاني سنعمد االكراهات‬
‫التي تقف حاجزا لتحقيق التنمية كالتقسيم الترابي وتداخل االختصاص‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫المطلب االول‪ :‬المعيقات السياسية والقانونية لإلقليم‬
‫ان االقليم كوحدة ترابية يعاني من عدة اكرهات تحول دون تحقيق فعل تنموي حقيقي فمنها ماهو سياسي‬
‫وماهو قانوني مرتبط بالقوانين ومنها ماهو مرتبط باالكرهات البشرية سوءا المنتخب او المعين وكذلك ماهو‬
‫مالي مرتبط بالموارد و سنحاول في هذا المستوى تحليل تأثير القيود السياسية والقانونية على الوظيفة التنموية‬
‫لإلقليم وذلك بالتوقف في الفرع األول عند المعيقات السياسية والقانونية والفرع الثاني االكراهات البشرية والمالية‬
‫الذي يشكل أحد أبرز المعيقات التنمية اإلقليمية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المعيقات السياسية على التراب اإلقليمي‬
‫سنتمحور في هذا الفرع ذلك بتوقف أوال عند أسباب تهميش الوظيفة التنموية لفائدة أولوية الوظيفة االدارية‬
‫لإلقليم ‪ ،‬ثم التطرق ثانيا لتجليات الحضور القوي للممثل السلطة المركزية على المستوى االقليمي‪.‬‬
‫يكتسي االقليم أهمية قصوى في بنية التنظيم االداري للدولة‪ ،‬اذ يعتبر حسب أحد الدارسين‪ ،‬أداة إلعادة‬
‫التنظيم المجال الترابي‪ ،‬وحلقة وصل بين الساكنة المحلية والسلطة المركزية‪ .‬وعلى هذا يتحدد دور االقليم في‬
‫الوساطة بين المركز والمجال المحلي‪ ،‬حيث يقوم بوظيفة الضبط االجتماعي والهيكلة االدارية للمجتمع‪ 21‬ومن‬
‫هنا يشكل االقليم حلقة وصل بين االدارة المركزية و المجتمعات المحلية اذ يحتضن معظم المصالح الخارجية‬
‫لإلدارات المركزية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن االقليم لم يعد اإلطار الوحيد لتوزيع المصالح الالممركزة للدولة‪ ،‬بل أضحت الجهة‬
‫الفضاء الترابي ل بلورة السياسة الوطنية لالتمركز االداري‪ ،‬بالنظر لموقع الصدارة الذي تحتله في التنظيم االداري‬
‫للمملكة‪ ،22‬فيظهر أن االقليم سيحافظ على دوره التقليدي والمحوري‪ ،‬كإطار لالتمركز االداري‪ ،‬داخل البنيات‬
‫الترابية الضامنة للترابط بين المركز والمحيط‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬يؤكد أحد الدارسين أن المقتضيات االدارية‬
‫‪23‬‬
‫ستظل تختار االقاليم كمركز الرئيسي يستقبل مختلف المصالح الالممركزة ‪.‬‬
‫و من زاوية أخرى‪ ،‬يدبر شؤون االقليم مجلس ينتخب أعضاؤه باالقتراع غير المباشر‪ .‬هكذا فاعتماد‬
‫أسلوب االقتراع غير المباشر‪ ،‬واستبعاد عنصر التمثيل المباشر للمنتخبين على مستوى االقليم‪ ،‬يقلل من نجاعة‬
‫التنظيم الالمركزي على هذا المستوى‪ 24‬وفي هذا الجانب يتكون المجلس االقليمي من فئتين من االعضاء‪:‬‬

‫‪ - 21‬عبد الواحد مبعوث‪ ،‬التنمية الجهوية بين عدم التركيز االداري والالمركزية‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ - 22‬المرسوم رقم ‪ 2.17.618‬صادر في ‪ 18‬من ربيع الثاني‪ 26( 1440‬دجنبر ‪ )2018‬بمثابة ميثاق لالتمركز االداري‪ ،‬جريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 6738‬بتاريخ ‪ 19‬ربيع الثاني ‪ 27( 1440‬دجنبر ‪ ،)2018‬ص ‪.9787‬‬
‫‪ - 23‬محمد الزاهي‪ " ،‬الوظيفة التنسيقية للوالة والعمال «‪ ،‬المجلة المغربية للقانون االداري والعلوم االدارية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،2017 ،3-2‬ص ‪137‬‬
‫‪ - 24‬عبد الواحد مبعوث‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪,272‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬أعضاء منتخبون من طرف الهيئة الناخبة تتألف من اعضاء المجالس الجماعات التابعة لإلقليم عن طريق‬
‫االقتراع بالالئحة وبالتمثيل النسبي على قاعدة أكبر بقية‪ .‬ويتم انتخاب هؤالء االعضاء بطريقة االقتراع‬
‫‪25‬‬
‫غير المباشر من طرف المستشارين الجماعيين‬
‫‪ -‬أعضاء يمثلون الغرف المهنية ينتخبون من بين أعضاء الغرف الفالحة والتجارة والخدمات والصناعية‬
‫التقليدية والصيد البحري‪ ،‬وذلك عن طريق االقتراع باألغلبية النسبية‪.‬‬
‫هكذا يتضح أن تركيبة المجالس االقليمية توحي مبدئيا باشراك جميع الفعاليات السياسية االقتصادية‬
‫والمهنية المرتبطة بالشأن العام االقليمي في بلورة القرار التنموي‪ .‬غير أن صورية أغلبية المجالس‬
‫االقليمية‪ ،‬وغياب الوعي بالدور التنموي المنوط بها أمام أولوية الوظيفة السياسية واالدارية‪ ،‬باإلضافة‬
‫الى وجود شريك قوي يمثل االدارة‪ ،‬ويسهر على مصالح السلطة المركزية‪ ،‬قد جعل التنظيم االقليمي‬
‫يخفق في تحقيق كل االهداف التي جاء بها من اجلها‪ .‬فبناء على اهمية االقليم في النسق السياسي واالداري‬
‫المغربي‪ ،‬باتت الوظيفة التنموية مهمشة حسب أحد الدارسين‪ ،‬وتقلص دور االقليم من جماعة ترابية الى‬
‫مجرد دائرة تقوم بدور الوساطة بين السلطة المركزية والمجتمع المحلي‪ 26‬وعلى هذا نحو يتبين أن‬
‫الوظيفة التي حددت لإلقليم منذ االستقالل ترت بط على الخصوص بالمجال الضبطي‪ ،‬وهو مما يفسر‬
‫استمرارية تعطيل وظيفته التنموية‪ ،‬وبالمقابل تكريس أدواره التقليدية المتمثلة في الوساطة والضبط‬
‫والتحكم‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬المعيقات القانونية على التراب اإلقليمي‬
‫انسجاما مع مبدأ ال تدبير الحر الذي يعني حرية االقليم واستقالليته في تدبير شؤونه‪ ،‬حسمت الوثيقة‬
‫الدستورية في مسألة السلطة التنفيذية لإلقليم‪ ،‬حيث يقوم بتنفيذ المداوالت المجلس و مقراراته‪ . 27‬وقد عمل القانون‬
‫التنظيمي للعماالت واالقاليم على توسيع الهامش تحرك المجالس االقليمية ورؤسائها‪ ،‬فضال عن حذف مفهوم‬
‫الوصاية وتعويضه بالمراقبة االدارية‪ ،‬وتعزيز نظام الرقابة البعدية للقضاء اإلداري والمالي‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أهمية اقرار مبدأ التدبير الحر في تسيير شؤون االقليم‪ ،‬فان ذلك ال يعني االستقالل المطلق‬
‫للجماعات الترابية‪ ،‬ذلك أن الفصل ‪ 145‬من الدستور يؤكد على أن الوالة والعمال يمارسون المراقبة‬

‫‪ - 25‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.173‬الصادر بتاريخ ‪ 21‬نوفمبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم ‪ 59.11‬المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5997‬مكرر بتاريخ ‪ 22‬نوفمبر ‪ ،2011‬ص ‪.5537‬‬
‫‪ 26‬عبد الواحد مبعوث‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.267‬‬
‫‪ 27‬الفصل ‪ 138‬من الدستور ‪ ، 2011‬يشكل هذا المقتضى الدستوري تحوال نوعيا‪ ،‬اذ لم يعد العامل سلطة التنفيذية خالفا لما كان منصوص عليه‬
‫في دساتير السابقة (الفصل ‪ 96‬من دستور ‪ ،1992‬والفصل ‪ 101‬من دستور ‪.)1996‬‬

‫‪7‬‬
‫االدارية‪.28‬وهذا يعني مبدئيا االنتقال من وصاية المالءمة‪ ،‬والتي كانت تمنح سلطة الوصاية مجاال كبيرا في‬
‫مراقبة الجماعات الترابية‪ ،29‬الى المراقبة االدارية والتي من خاللها تتم مراقبة الشرعية القرارات والمقرارات‪.‬‬
‫وقد أولى المشرع التنظيمي اهتماما خاصا للمراقبة االدارية‪ ،‬لكونها تشكل تحصينا لعمل المجالس االقليمية من‬
‫أي انزالق أو انحراف في المجال التدبير االداري والمالي‪ .‬فالمراقبة االدارية للعامل العمالة واالقليم تطال أعمال‬
‫المجلس ونظامه الداخلي‪ ،‬وكذا قرارات الرئيس المتخذة في إطار السلطة التنظيمية‪ .‬كما يحق للعامل العمالة‬
‫واالقليم التعرض على االعمال و المقرارات التي ال تدخل قانونا في صالحيات المجلس االقليمي‪.‬‬
‫وفي هذا المضمار‪ ،‬ال تكون مقرارات المجلس االقليمي قابلة للتنفيذ اال بعد التأشير عليها من طرف عامل العمالة‬
‫او االقليم‪ ،‬داخل اجل عشرين (‪ )20‬يوما من تاريخ التوصل بها من رئيس المجلس‪ .‬و تحدد هذه المقرارات فيما‬
‫يلي ‪ :‬المقرر المتعلق ببرامج التنمية االقليم‪ ،‬المقرر المتعلق بالميزانية‪ ،‬المقرر القاضي بتنظيم ادارة االقليم و‬
‫تحديد اختصاصاته‪ ،‬المقرارات ذات الوقع المالي على نفقات و المداخيل‪ ،‬و السيما االقتراضات و الضمانات و‬
‫تحديد السعر الرسوم و االتاوى‪ ،‬و مختلف الحقوق‪ ،‬و تفويت أمالك االقليم و تخصيصه‪ ،‬المقرر المتعلق باتفاقيات‬
‫التعاون الالمركزي و التوأمة التي يبرمها االقليم مع الجماعات المحلية االجنبية‪.‬‬
‫غير أن المقرارات المتعلقة بالتدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية التابعة لإلقليم‪ ،‬وبإحداث شركات‬
‫التنمية‪ ،‬يؤشر عليها من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية‪ .‬ويعتبر عدم اتخاذ أي قرار في شأن مقرر من‬
‫مقرارات المذكورة بعد انصرام أجل عشرين (‪ )20‬يوما بمثابة تأشيرة‪.‬‬
‫استنادا لذلك‪ ،‬يتضح أن الدستور بوأ العمال مكانة متميزة باعتبارهم يمثلون االدارة المركزية على المستوى‬
‫االقليمي‪ .‬فرغم تغيير مفهوم الوصاية بمفهوم الرقابة‪ ،‬وتعويض الوصاية بالرقابة القضائية‪ ،‬فان العمال احتفظوا‬
‫بصالحيات واسعة للرقابة على أشخاص و أعمال الجماعات الترابية (المبادرة لعرض األمر على القضاء‪،‬‬
‫الحلول‪ ،‬المصادقة)‪ . 30‬أضف الى ذلك‪ ،‬أن المراقبة االدارية تنصب على الميادين األكثر حساسية في المواد‬
‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتهم التقنيات االدارية و المالية األكثر حيوية بالنسبة للتنمية االقتصادية المحلية‪.31‬‬
‫وتأسيسا على ذلك‪ ،‬يتضح أن المشرع التنظيمي كرس الحضور القوي لممثل السلطة المركزية على مستوى‬

‫‪ 28‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬حدد الفصل ‪ 145‬من الدستور أدوار ممثلي الدولة على المستوى الترابي‪:‬‬
‫‪ -‬ي مثل والة الجهات‪ ،‬العمال االقاليم والعماالت‪ ،‬السلطة المركزية في الجماعات الترابية‬
‫‪ -‬يعمل الوالة والعمال‪ ،‬باسم الحكومة‪ ،‬على تأمين تطبيق القانون‪ ،‬وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقراراتها‪ ،‬كما يمارسون الرقابة االدارية‬
‫‪ -‬يساعد الوالة والعمال‪ ،‬تحت سلطة الوزراء المعنيين‪ ،‬بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة‪ ،‬ويسهرون على حسن سيرها‬
‫‪ - 29‬تجدر االشارة‪ ،‬حسب االستاذ ميشال روسي أن السلطة المركزية ظلت على الدوام‪ ،‬أكثر حضورا في اشتغال مؤسسات العماالت واالقليم و‬
‫المؤسسات الجهوية أكثر من مؤسسات الجماعية‪.‬‬
‫‪Michel Rousset ; "Décentralisation et pouvoir central : constantes et évolution", REMALD, Série "Thèmes‬‬
‫‪actuals" ; n 44 ; 2003 ; P 21.‬‬
‫‪ - 30‬أحمد أجعون‪" ،‬مضمون ونطاق التدبير الحر للجماعات الترابية"‪ ،‬ضمن أشغال األيام المغاربية بعنوان "القانون الدستوري للجماعات‬
‫الترابية‪ :‬دراسات مقارنة"‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،2015 ،‬ص ‪49‬‬
‫‪ - 31‬محمد اليعقوبي‪" ،‬الجماعات الترابية بين الرقابة القضائية والتنمية المحلية" ‪ ،‬المجلة المغربية للقانون االداري والعلوم االدارية‪ ،‬عدد مزدوج‬
‫‪ ،2017 ،2-3‬ص ‪.12‬‬

‫‪8‬‬
‫االقليمي من خالل شساعة مجال أدواره التنسيقية‪ ،‬وباألخص بالنظر لوظيفته الرقابية التي ال تقتصر على المطابقة‬
‫القانونية‪ ،‬بل تتعداها الى مراقبة المالءمة‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن الوصاية على التدبير االداري والمالي على المستوى الترابي تتعارض مع مضمون‬
‫التدبير الحر والمستقبل للجماعات الترابية وهو ما يفسر‪ ،‬حسب أحد الباحثين‪ ،‬ازدواجية المشرع في التعامل مع‬
‫هذه الجماعات‪ ،‬واقراره بضرورة الوصاية على النخب المحلية والتي من منظوره‪ ،‬لم تتمكن بعد من تجميع‬
‫الشروط والمقومات الضرورية لتمتعيها باالستقالل والحرية الالزمة لحسن تدبير الشأن العام المحلي‪.32‬‬
‫الحاصل القول إن الحضور القوي للممثل السلطة المركزية من خالل ممارسته للوصاية على المستوى االقليمي‬
‫يحد من المبادرة الحرة والمستقلة للمنتخبين‪ ،‬وبالتالي يبرز هوة بين االعالن الدستوري عن مبدأ التدبير الحر من‬
‫جهة‪ ،‬والمؤشرات العملية الدالة على مدى تحققه على أرض الواقع من جهة ثانية‪ .‬فمن المعلوم "أن الوصاية‬
‫المالءمة تحد من مبدئيا من حرية عمل المنتخبين المحليين‪ ،‬ألنها تعني في الواقع أن المقرارات والمشاريع التي‬
‫تباشرها المجالس المحلية ال يمكن تنفيذها اال بعد التأشير عليها من طرف السلطة المركزية أو من يمثلها"‪.33‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االكراهات البشرية والمالية‪.‬‬
‫يشكل ضعف الموارد البشرية ومحدودية االمكانات المالية أحد أبرز معيقات التنمية االقليمية‪ .‬ومن هذا‬
‫المنطلق‪ ،‬سنحاول تناول ضعف الموارد المالية لإلقليم‪ ،‬فضال عن ابراز محدودية امكانية المالية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬اإلكرهات البشرية على التراب اإلقليمي‬
‫تتشكل الموارد البشرية على المستوى االقليمي من المنتخب االقليمي والموظف‪ .‬ويعتبر المنتخب االقليمي‬
‫اللبنة االساسية في البناء التنموي المحلي والعنصر االساسي في تدبير الشأن العام االقليمي كما يقوم الموظف‬
‫بدور جوهري في سير العمل االداري‪ .‬لكن ال ممارسة العملية اثبتت أن هناك بعض المعيقات تحول بين‬
‫المستشارين االقليميين وبين ما هو متوخي منهم تنمويا‪ ،‬ويأتي في مقدمة هذه المعيقات محدودية القدرات التدبيرية‬
‫لهؤالء المنت خبين‪ ،‬و بالتالي عدم توفرهم على الخبرة الكافية لمزاولة صالحيتهم‪ ،‬اذ كثيرا ما يجهلون‬
‫اختصاصاتهم و النصوص القانونية المنظمة للعمل الترابي‪.‬‬
‫وباستحضار نتائج انتخابات ‪ ،2015‬يبلغ عدد منتخبي العماالت واالقاليم ما مجموعه ‪ 1363‬منتخبا‬
‫‪34‬‬

‫وتبرز القراءة السوسيولوجية لنتائج ذات انتخابات ما يلي‪:35‬‬


‫فيما يخص هرم أعمار المنتخبين الجدد‪ ،‬يظهر إن عدد المنتخبين الذين تصل أعمارهم الى ‪ 55‬فما‬ ‫‪-‬‬
‫فوق وصل الى ‪ 477‬منتخبا من مجموع منتخبي العماالت واالقاليم‪ ،‬أما بالنسبة للفئة العمرية بين ‪45‬و‬

‫‪ - 32‬المهدي الفحصي‪ " ،‬قراءة في بعض مظاهر اختالالت التدبير االداري ومعيقات التنمية الترابية والحكامة الجيدة «المجلة المغربية للقانون‬
‫االداري و العلوم االدارية‪ ،‬عدد مزدوج ‪ ،2017 ،3-2‬ص‪. 86‬‬
‫‪ - 33‬محمد اليعقوبي‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12-11‬‬
‫‪ - 34‬تجدر اإلشارة أن المغرب يضم حاليا ‪ 62‬إقليما و‪ 13‬عمالة‪.‬‬
‫‪ - 35‬سنعتمد عل معطيات الرقمية الواردة في تقرير‪" :‬الالمركزية في أرقام ‪ "2015-2014‬المديرية العامة للجماعات المحلية‪ ،‬وزارة الداخلية‪،‬‬
‫مملكة المغربية‪ ،‬مطبعة الوزارة الداخلية‪ ،2015 ،‬ص ‪.11-10‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ 55‬سنة فقد بلغ عدد منتخبيها ‪ 469‬منتخبا‪ ،‬وبالخصوص الفئة العمرية بين ‪35‬و‪ 45‬فعدد منتخبيها هو‬
‫‪ 336‬منتخبا‪ ،‬أما الفئة العمرية بين ‪ 25‬و‪ ،35‬فبلغ ‪ 79‬منتخبا‪ ،‬أما فئة أقل من ‪ 25‬سنة فعدد منتخبيها هو‬
‫منتخبين‪ .‬واضح أن تشكيالت المجالس لم تعرف تشبيبا كبيرا على خالف ما تبتغيه المداخل القانونية‬
‫والمؤسساتية الرامية إلدماج الشباب في الحياة السياسية من جهة‪ ،‬وكذا انتاج نخب جديدة تتولى التدبير‬
‫الشأن العام اإلقليمي من جهة ثانية‪.‬‬
‫‪ -‬ومن حيث المستوى التعليمي للمنتخبين على مستوى العماالت واألقاليم‪ ،‬فان ‪ 637‬منتخبا يتوفرون على‬
‫مستوى تعليمي عالي‪ ،‬و‪ 462‬منتخبا يتوفرون على شواهد ثانوية‪ ،‬وبالنسبة للحاصلين على المستوى‬
‫االبتدائي فيصل عددهم الى ‪ 211‬منتخبا‪ .‬وعلى الرغم من تنامي حضور الفئات المتعلمة والمثقفة على‬
‫المستوى المجالس االقليمية‪ ،‬فيالحظ استمرار حضور الفئات األمية‪ ،‬اذ وصل عدد المنتخبين الذين ال‬
‫يتوفرون على مستوى تعليمي بالعماالت واالقاليم الى ‪ 53‬منتخبا‪ ،‬مما يعني أن الفئات غير المتعلمة تظل‬
‫حاضرة في المجال تدبير الشأن العام على مستوى األقاليم‪.‬‬
‫‪ -‬وعلى مستوى السوسيومهني لمنتخبي العماالت واالقاليم‪ ،‬فيأتي أصحاب المهن الحرة على رأس قائمة‬
‫المنتخبين الفائزين ب ‪ 245‬منتخبا‪ ،‬متبوعين بفئة الفالحين ب ‪ ،221‬ثم الموظفين ب ‪ ،210‬ثم التجار ب‬
‫‪ .208‬أما رجال التعليم فقد حصلوا على ‪ 118‬منتخبا‪ ،‬واالجراء ب ‪ 60‬منتخبا‪ ،‬ثم الصناع ب ‪ 4‬منتخبين‪.‬‬
‫هذا الى جانب اصحاب المهن األخرى ب ‪ 277‬منتخبا‪ ،‬وفئة بدون مهنة ب ‪ 20‬منتخبا‪ .‬واستنادا لهذه‬
‫المعطيات يتأكد الحضور القوي للفئات المهنية والتجارية بالمجالس االقليمية‪.‬‬
‫‪ -‬وباالنتقال الى األطر االدارية‪ ،‬فتشغل العماالت واألقاليم ‪ 25668‬موظفا‪ ،‬أي بنسبة ‪ %17،4‬من مجموع‬
‫األطر االدارية للجماعات الترابية البالغ عددهم ‪147637‬موظفا سنة ‪ .2014‬وكما هو الشأن بالنسبة‬
‫لموظفي الدولة‪ ،‬تتميز الوظيفة العمومية الترابية بتوزيع متباين للموظفين على مختلف الوحدات الترابية‬
‫وبارتفاع في كتلة األجور‪ .36‬كما ال يرتكز توزيع موظفي الجماعات الترابية على أساس اقتصادي أو‬
‫الديمغرافي في واضح‪ .‬وفي هذا الصدد تشير التقارير المجالس الجهوية للحسابات الى وجود فائض في‬
‫أعداد الموظفين على مستوى عدد من الجماعات الترابية‪ ،‬حيث التوظيفات التي تتم ال تكون دائما استجابة‬
‫لحاجيات واقعية‪.37‬‬

‫‪ - 36‬حسب التقرير الموضوعاتي للمجلس األعلى للحسابات حول تقييم نظام الوظيفة العمومية‪ ،‬بلغت النفقات المتعلقة بموظفي الجماعات الترابية‬
‫سنة ‪ 2016‬ما قدره ‪ 11,2‬مليار درهم‪ ،‬وتشكل هذه النفقات نسبة ‪ %49,9‬من نفقات التسيير‪ .‬كما تستحوذ على نسبة ‪ %59,7‬من حصة الجماعات‬
‫الترابية من منتوج ا لضريبة على قيمة المضافة‪ .‬وهو ما يقلص من الهامش المتوفر على تغطية نفقات االستثمار‪ .‬كما أن مستوى النفقات األجور‬
‫هو أيضا انعكاس ألعداد الموظفين التي تفوق في الغالب الحاجيات الحقيقية للجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪ - 37‬تقرير موضوعاتي للمجلس األعلى للحسابات حول تقييم نظام الوظيفة العمومية – خالصة‪ ،‬أكتوبر ‪ ,2017‬ص ‪.54‬‬

‫‪10‬‬
‫وفي نفس الوقت اإلطار‪ ،‬تتميز الوظيفة العمومية الترابية بغياب التالؤم والتناسب بين أعداد وكفاءات الموظفين‬
‫من جهة والمهام المنوطة بالجماعات من جهة اخرى‪ ،‬حيث تطرح اشكالية مدى قدرة الجماعات الترابية‪ ،‬بمختلف‬
‫مستوياتها‪ ،‬على اضطالع بمهامها في ظل هيمنة فئة أعوان التنفيذ على بنية مواردها البشرية‪.38‬‬
‫وتؤكد بعض الوثائق الصادرة عن المجالس االقليمية أن الوظيفة العمومية على المستوى االقليمي تعاني العديد‬
‫من المشاكل‪ ،‬منها‪ :‬نقص التأطير والتكوين‪ ،‬المشاكل ذات الطبيعة التنظيمية‪ ،‬عدم االستقرار في الوظائف‬
‫المسؤولية والتسيير المشترك غير المهيكل والمختل للمصالح‪ .39‬وعلى المستوى الكيفي‪ ،‬تبرز اشكالية تكوين‬
‫وتأهيل المورد البشري‪ ،‬حيث يعد التكوين اليوم ضرورة ملحة بالنسبة لمنتخبي المجالس االقليمية وموظفيها‪.40‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬اإلكرهات المالية على التراب اإلقليمي‬
‫يحيل مبدأ التدبير الحر‪ ،‬الذي أضحى أهم المبادئ الدستورية الناظمة للتدبير الترابي‪ ،‬على مبدأ آخر مالزم‬
‫له‪ ،‬وناتج عنه بضرورة‪ ،‬وهو مبدأ االستقالل المالي للجماعات الترابية‪ .‬وعلى هذا‪ ،‬يتضح أن دستور ‪ 2011‬قد‬
‫وضع المبادئ التي من شأنها‪ ،‬نظريا أن تشكل أرضية لالستقالل المالي للمستويات الترابية‪ .‬ومعلوم أنه ال يمكن‬
‫الحديث عن استقالل المالي حقيقي لإلقليم دون تمكينه من الموارد المالية الذاتية الالزمة للممارسة اختصاصاته‪،‬‬
‫وأداء وظائفه التنموية‪ ،‬فضال عن حرية تدبيرها‪ ،‬حتى ال يبقى مرتبطا باإلعانات المالية للدولة‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬يتوفر االقليم من أجل ممارسة اختصاصاته‪ ،‬تمويل تنميته‪ ،‬على موارد مالية ذاتية‪،41‬‬
‫وموارد مالية محولة من دولة‪ ،‬وحصيلة االقتراضات‪ .‬من هنا‪ ،‬تتحدد تركيبة الموارد المالية لإلقليم فيما يلي‪:‬‬
‫المداخيل المتأتية من محاصيل الرسوم المفروضة لفائدة االقاليم‪ ،‬مداخيل حصص ضرائب الدولة المخصصة‬
‫لفائدة هذه الوحدات الترابية‪ ،‬وكذا الموارد المحولة من طرف الدولة‪ 42‬فضال عن امكانية االقتراض‪ .‬كما يمكن‬
‫االستعانة بآليات المساعدة من قبيل التضامن والتعاون والتعاضد‪ ،‬واتفاقيات الشراكة‪ ،‬لتحسين القدرات التمويلية‬
‫لإلقليم‪ ،‬ومن ثمة التمويل التنمية على مستوى االقليمي‪ ،‬وعلى مستوى الممارسة‪ ،‬بلغت المداخيل المحصلة من‬
‫طرف العماالت واالقاليم‪ ،‬خالل سنة ‪ ،2016‬ما مجموعه ‪ 5,9‬مليار الدرهم‪ .‬مقارنة مع سنة ‪ ،2015‬سجلت‬
‫المداخيل تراجعا خالل سنة ‪ 2016‬بمعدل ‪-23,5%‬بالنسبة للعماالت واألقاليم‪ ،‬وذلك على خالف باقي الوحدات‬

‫‪ - 38‬تقرير موضوعاتي للمجلس االعلى للحسابات حول تقييم نظام الوظيفة العمومية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ - 39‬يؤكد المجلس االقليمي لتزنيت‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬على إن االقليم ما زال يعاني من ضعف التأطير وضعف الموارد البشرية‪ ،‬والمكاتب‬
‫االدارية الالزمة لممارسة اختصاصاته وصالحياته بشكل فعال‪ .‬ملخص تقرير تقييم السنة االولى من تنفيذ برنامج التنمية في اقليم تيزنيت – سنة‬
‫‪ ،2017‬ص ‪.3‬‬
‫‪ - 40‬هنا تظهر أهمية التكوين المستمر الذي أصبح حقا من حقوق أعضاء مجلس االقليم‪ ،‬والذي تشرف عليه الجهة في المجاالت المرتبطة‬
‫باالختصاصات المخولة األقاليم‪.‬‬
‫‪ - 41‬تشتمل موارد االقليم على ‪ :‬حصيلة الضرائب أو حصص ضرائب الدولة المخصصة لإلقليم بمقتضى قوانين المالية‪ ،‬حصيلة الضرائب و‬
‫الرسوم المأذون لإلقليم في تحصيلها طبقا لتشريع الجاري به العمل‪ ,‬حصيلة األتاوى المحدثة طبقا للتشريع الجاري به العمل‪ ,‬حصيلة األجور عن‬
‫الخدمات المقدمة‪ ,‬حصيلة الغرامات طبقا للتشريع الجاري به العمل ‪ ,‬حصيلة االستغالالت و األتاوى و حصص االرباح‪ ,‬و كذلك الموارد و‬
‫الحصيلة المساهمات المالية المتأتية من المؤسسات و المقاوالت التابعة لإلقليم او المساهمة فيها‪ ,‬االمدادات الممنوحة من قبل الدولة أو االشخاص‬
‫االعتبارية الخاضعة للقانون العام‪ ،‬حصيلة االقتراضات المرخص بها‪ ,‬دخول االمالك و المساهمات‪ ,‬حصيلة بيع المنقوالت و العقارات‪ ,‬أموال‬
‫المساعدات و الهبات و الوصايا‪ ,‬مداخيل مختلفة و الموارد االخرى المقررة في القوانين و االنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬
‫‪ - 42‬طبقا للمادة ‪ 169‬من القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت واالقاليم‪ ،‬يمكن لإلقليم أن يستفيد من تسبيقات تقدمها الدولة في شكل تسهيالت مالية‬
‫في انتظار استخالص المداخيل الواجب تحصيلها برسم الموارد الضريبية وبرسم حصته من ضرائب الدولة‪ .‬كما إن كل اختصاص تنقله الدولة‬
‫الى االقليم يكون مقترنا بتحويل الموارد المالية المطابقة لممارسة هذا االختصاص‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫الترابية التي عرفت ارتفاعا في معدل تطور مداخيلها‪+2,3% :‬بالنسبة للجماعات‪ +136,8% ،‬بالنسبة‬
‫للجهات‪ .43‬وقد انعكس هذا تراجع سلبا نفقات العماالت واألقاليم‪ ،‬حيث تراجعت بنسبة ‪-1,9%‬سنة ‪.442016‬‬
‫وبخصوص موارد الذاتية‪ ،‬خص المشرع االقليم بثالثة رسوم وهي‪ :‬الرسم على الرخص السياقة‪ ،‬والرسم‬
‫على السيارات الخاضعة للفحص التقني‪ ،‬والرسم على بيع الحاصالت الغابوية‪ ،45‬لكن مردودية المتواضعة لهذه‬
‫الرسوم‪ ،‬ال تسمح بالحديث عن جباية اقليمية من ش أنها تمكين االقليم من تدخل في مجاالت التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬واالستجابة لحجم االكراهات التي تفرضها التنمية الترابية على المستوى االقليمي‪ .‬وعلى هذا النحو‪،‬‬
‫تتميز الجباية االقليمية بالضعف والمحدودية‪ ،‬فهي عاجزة عن مواكبة النفقات العمومية على المستوى االقليمي‪،‬‬
‫اذ في أغلب الحاالت ال تغطي مداخيل الجبائية اال نسبة ضئيلة من حاجيات التمويل‪ .‬واستنادا لذلك‪ ،‬يتبين أن‬
‫هزالة الموارد المالية الجبائية يحد من األدوار التنموية لإلقليم‪ ،‬ويقود الى توقف تمويله على الموارد المرصودة‬
‫من طرف الدولة‪.‬‬
‫وعالوة على ذلك‪ ،‬يتضح‪ ،‬من خالل الممارسة العملية‪ ،‬أنه ال يمكن المراهنة كثيرا على مداخيل الممتلكات‬
‫كمصدر لتمويل التنمية اإلقليمية في ظل االختالالت تدبير أمالك االقاليم‪ ،‬وعدم االهتمام بها‪ ،‬وعدم تحديد قيمتها‪،‬‬
‫وسيادة المحددات التقليدية في تدبيرها‪ ،‬والتقصير والتأخير في تحصيل مداخيلها‪ ،‬وكذا هزالة هذه المداخيل‪.‬‬
‫واستنادا لذلك ‪ ،‬فالقدرة التمويلية لمداخيل الممتلكات تظل محدودة جدا‪ ،‬وهي بذلك ال يمكن أن تشكل أداة لتمويل‬
‫الذاتي للتنمية اإلقليمية‪.46‬‬
‫وبالموازاة مع مواردها الذاتية‪ ،‬تستفيد األقاليم من تمويالت مالية تمنحها لها الدولة في شكل مخصصات‬
‫من منتوج الضريبة على القيمة المضافة‪ .‬وتعتبر هذه التحويالت مصدرا أساسيا للتمويل بالنسبة للجماعات‬
‫الترابية‪ .‬وبهذا الصدد ‪ ،‬تستفيد األقاليم‪ ،‬في إطار ميزانية االستثمار‪ ،‬من دعم خاص يقتطع من منتوج الضريبة‬
‫على القيمة المضافة‪.‬‬

‫‪ - 43‬التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ ,2017-2016‬خالصة أن أنشطة المجالس الجهوية للحسابات‪ ,‬نظرة عامة لمالية‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬المجلس األعلى للحسابات‪ ,‬المملكة المغربية‪ ,2018 ,‬ص ‪.59‬‬
‫‪ - 44‬بلغ مجموع نفقات العادية للعماالت واألقاليم مبلغ ‪ 2,6‬مليار درهم‪.‬‬
‫‪ - 45‬المادة ‪ 3‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.195‬الصادر في ‪ 19‬من ذي القعدة ‪ 30( 1428‬نونبر ‪ )2007‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 47.06‬المتعلق‬
‫بالجبايات المحلية‪ ،‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 5583‬بتاريخ ‪ 22‬ذو القعدة (‪ 3‬دجنبر ‪ ،)2007‬ص ‪.3735‬‬
‫‪ - 46‬للتمثيل لهذا الضعف نشير لمداخيل ممتلكات اقليم سطات‪ :‬كراء بنايات للسكن بمبلغ ‪ 78.000.00‬درهم‪ ،‬منتوج كراء عقارات اخرى‬
‫ومختلف األكرية ‪ 100.00‬درهم‪ .‬برنامج التنمية االقليم سطات ‪ ،2021-2016‬ص ‪.175‬‬

‫‪12‬‬
‫التحويالت من الدولة إلى العماالت واألقاليم خالل الفترة ‪2016-2012‬‬
‫(المبالغ بمليون درهم)‬

‫‪2016 2015‬‬ ‫‪2014‬‬ ‫‪2013 2012‬‬ ‫التحويالت‬


‫‪5,033 5,955‬‬ ‫‪4,999 4,969 4,923‬‬ ‫العماالت‬
‫واألقاليم‬
‫المصدر‪ :‬تقرير المجلس األعلى للحسابات‪ ،‬نظرة حول مالية الجماعات الترابية‪ ،‬ص‪.67‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬يتبين أنه خالل فترة ‪ ،2016-2012‬استفادت العماالت واالقاليم في المتوسط من ‪ %27,8‬من‬
‫مجموع متوسط تحويالت الدولة للجماعات الترابية‪ .47‬وبالنظر للمبالغ المتراكمة خالل الفترة ‪،2016-2012‬‬
‫ظلت العماالت واألقاليم األكثر تبعية للدولة على المستوى المالي‪ ،‬حيث شكلت تحويالت الدولة اليها بما يناهز‬
‫‪ 84%‬من مداخيلها العادية‪.48‬‬
‫وقد بلغ مؤشر التبعية المالية سنة ‪ 2016‬نسبة تناهز ‪ %84,9‬للعماالت واألقاليم‪ ،‬مقابل نسبة تناهز ‪%51‬‬
‫للجماعات‪ ،‬و ‪ %33,5‬للجهات‪ .49‬ولعل ارتفاع مؤشر التبعية المالية أكبر دليل على ضعف المستوى االستقالل‬
‫الجبائي لإلقليم‪ ،‬فما يقارب ‪ % 85‬من مداخيله تأتي من حصته من الضريبة على القيمة المضافة‪.‬‬
‫كما يوضح هذا المؤشر الهوة بين اإلقرار القانوني لالستقالل المالي من جهة‪ ،‬ومؤشرات تحققه على المستوى‬
‫العملي من جهة ثانية‪.‬‬
‫وتجدر االشارة أن االقليم أضحى يتوفر على امكانية تمويل مشاريعه التنموية بواسطة االقتراض‪ ،‬اذ‬
‫أضحت عمليات االقتراض مصدرا من مصادر تمويل الميزانية االقليمية‪ .‬فطبقا ألحكام المادة ‪ 93‬من القانون‬
‫التنظيمي المتعلق بالعماالت واالقاليم‪ ،‬يتداول مجلس االقليم في االفتراضات والضمانات الواجب منحها‪.‬‬
‫وتخصص القروض‪ ،‬بصفة حصرية‪ ،‬لتمويل النفقات التجهيز‪ ،‬مع امكانية أن تخصص لتمويل مساهمة االقليم‬
‫‪525150‬‬
‫في مشاريع تكون موضوع عقود تعاون أو شراكة‬

‫‪13‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬العوائق األخرى على التراب اإلقليمي وعاقبها‪.‬‬

‫الى جانب العوائق المباشرة على تراب اإلقليم هناك عوائق أخرى متعلقة التقطيع الترابي األخير وكذلك‬
‫إشكالية تداخل االختصاصات بينه وبين الوحدات الترابية األخرى الجهة والجماعات ‪.‬ولذلك من عواقب على‬
‫هذه الوحدة ‪ ،‬فهناك من يرى ان هناك ضرورة لإلبقاء على هذه الوحدة الترابية باعتبارها ضرورة ملحلة وكفاعل‬
‫تنموي ومن يرى ان ال جدوى من اإلبقاء عليه على اعتبار انه فاعل اقتصادي وتنموي ‪ ،‬وبالتالي تقسيم هذا‬
‫المبحث سيكون من خالل التطرق في المطلب األول الى التقطيع الترابي األخير واشكالية تداخل االختصاصات‬
‫بين اإلقليم وباقي الوحدات االقتصادية ( المطلب االول)وعواقب هذه االختصاصات سنتركها (المطلب الثاني)‬

‫المطلب األول‪ :‬التقطيع الترابي األخير واشكالية تداخل االختصاصات بين‬


‫اإلقليم وباقي الوحدات الترابية‬
‫تبنى المغرب تقسيما ترابيا جديدا بحث قلص من عدد جهات المملكة لتنتقل من ‪16‬جهة الى ‪ 12‬جهة ‪،‬‬
‫وذلك وفق المرسوم رقم ‪ 2.15.40‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪ 2015‬والذي حدد عدد الجهات وتسمياتها‬
‫ومراكزها والعماالت األقاليم المكونة لها ‪ ،‬وقد نشر في الجريدة الرسمية عدد‪ 6340‬بتاريخ ‪ 5‬مارس ‪.2015‬وهذا‬
‫التقسيم اثار اشكالية كبيرة تتعلق بتداخل االختصاصات بين الوحدات الترابية المنبثقة عن هذا التقسيم أي اإلقليم‬
‫والجهة والجماعات‬

‫الفرع االول‪ :‬التقطيع الترابي األخير ‪.‬‬


‫تبنى المغرب تقسيما ترابيا جديدا قلص من عدد جهات المملكة لتنتقل من ‪ 16‬الى‪12‬جهة وذلك وفق المرسوم‬
‫رقم ‪ 2.15.40‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪ 2015‬والذي يحدد عدد الجهات وتسمياتها ومراكزها والعماالت‬
‫واالقاليم المكونة لها‪ .‬وقد نشر المرسوم الجريدة الرسمية عدد ‪6340‬بتاريخ ‪5‬مارس ‪.2015‬وقد ضمت هذه‬
‫الجهات تسميات جديدة وكذلك تغيرات جديدة مراكزها وكذا العمالت واالقاليم المكونة‪ ،‬لها وفيما يلي تسمية‬
‫ومراكز الجهات والعماالت واالقاليم المكونة لها بحيث سمية الجهة األولى بالرباط – سال‪ -‬القنيطرة ومركزها‬
‫الرباط وتظم الرباط‪,‬سال‪ ،‬الصخيرات‪ ،‬تمارة‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬الخميسات‪ ،‬سيدي قاسم‪ ،‬سيدي سليمان والجهة الثانية‬
‫تسميتها الدار البيضاء ‪ -‬سطات ‪ ،‬وضمت األقاليم التالية الدارالبيضاء‪ ،‬لمحمدية‪ ،‬الجديدة‪ ،‬النواصر‪ ،‬مديونة‪،‬‬
‫بنسليمان‪ ،‬برشيد ‪ ،‬سطات‪ ،‬سيدي بنور ‪.‬والجهة التالثة فتكونت من بني مالل ‪ ،‬زيالل ‪ ،‬الفقيه بن صالح ‪،‬‬
‫خنيفرة‪ ،‬خريبكة ومقرها بني مالل ‪،‬بينما الرابعة فسمية مراكش \اسفي ومقرها مراكش وتكونت من العماالت‬
‫واالقاليم التالية ‪ ،‬مراكش‪ ،‬شيشاوة‪ ،‬الحوز‪ ،‬قلعة السراغنة‪ ،‬الصويرة‪ ،‬الرحامنة‪ ،‬اسفي‪ ،‬اليوسفية بينما الجهة‬
‫الخامسة فهي كليميم ‪ -‬واد نون ومركزها بكلميم وضمت األقاليم التالية أسماؤها كلميم‪ ،‬أسا‪ ،‬الزاك ‪،‬طانطان‬
‫‪،‬سيدي إفني ‪.‬بينما تسمية الجهة الموالية فإسمها جهة طنجة ‪-‬تطوان ‪-‬الحسيمة ومركزها طنجة – أصيلة‬
‫‪14‬‬
‫وتضم االفاليم والعماالت التالية أسمائها طنجة ‪-‬أصيلة ‪،‬المضيق ـالفنيدق ‪،‬تطوان‪،‬الفحص‪-‬‬
‫أنجرة‪،‬العرا‪،‬الحسيمة‪ ،‬شفشاون‪،‬وزان أما جهة الشرق فمقرها وجدة ‪-‬أنكاد وتحوي األقاليم التالية وجدة‪-‬‬
‫انكاد‪،‬الناضور‪،‬الدريوش‪،‬جرادة‪،‬بركان‪،‬تاوريرت‪،‬جرسيف‪،‬فجبج أما جهة فاس‪-‬مكناس فمركزها بفاس وتحتوي‬
‫على األقاليم التالية فاس‪،‬مكناس‪،‬الحاجب‪،‬افران‪،‬موالي يعقوب‪،‬صفرو‪،‬بولمان‪،‬تاونات‪،‬تازة أما جهة درعة ‪-‬‬
‫تافاللت فمقرها بالراشدية ومكونة أيضا من هذه األقاليم الراشدية‪،‬ورزازات‪،‬انزكان ايت ملول‪ ،‬اشتوكة اية‬
‫باها‪ ،‬تارودانت‪،‬تيزنيت‪،‬طاطا أما جهة سوس ‪ -‬ماسة وتسمية الجهة أكادير اداوتانان وتضم األقاليم التالية‬
‫أكادير اداوتانان‪،‬انزكان أية ملول ‪،‬اشتوكة ايت باها‪ ،‬تارودانت‪،‬تيزنيت‪،‬طاطا أما جهة العيون الساقية الحمراء‬
‫فمقرها بالعيون وتحوي العيون ‪،‬بوجدور‪،‬طرفاية ‪،‬السمارة والجهة األخيرة فتسميتها الداخلة ـ وادي الذهب‬
‫ومقرها بوادي الذهب وتضم إقليمين وادي الذهب ‪،‬اوسرد ‪ .‬إذن فهذا التقسيم الجديد جاء انسجاما ودستور‬
‫‪ 2011‬ال ذي أعطى للجهة الصدارة في الخريظة الترابية إلى جانب الريادة إقتصاديا ‪ ،‬رغم كل هذا إال ان هذا‬
‫التقسيم ترك إشكالية تدخل اإلختصاصات وتشعبها بين اإلقيم كوحة ترابية وباقي الوحدات األخرى الجهة‬

‫والجماعات وفي األتي سنتعرض لهذا التداخل في اإلختصاص ‪.‬‬


‫\الفرع الثاني‪ :‬إشكالية تداخل االختصاص بين االقليم وباقي الوحدات الترابية‪.‬‬

‫عد مشكل تحديد وتوزيع االختصاصات من أكبر المشاكل التي تحد من فعالية الالمركزية ‪ ،‬وذلك‬
‫الرتباطها بكل األزمات التي تعرفها الجماعات الترابية أثناء الممارسة العملية وما ينتج عن ذلك من تخبط‬
‫المسؤولين في محاولة فهم ما أنيط بهم من اختصاصات ومهام‪ ،‬وهذا ما يؤدي في النهاية إلى تشتيت‬
‫‪.‬الجهود وتعثر عملية التنمية‬
‫إن مشكلة تداخل االختصاصات بين الجماعات المحلية فيما بينها من جهة وبين هذه األخيرة والدولة من‬
‫جهة ثانية ليست حديثة العهد‪ ،‬بل ظهرت منذ اعتماد نظام الالمركزية الترابية ببالدنا‪ .‬وتحديدا يمكن القول‬
‫بأنها طرحت منذ تطبيق ظهير ‪ 23‬يونيو ‪ 1960‬كأول ميثاق لتنظيم الجماعات الحضرية والقروية‬
‫‪ .‬وهيئاتها ‪ ،‬ثم تطبيق ظهير ‪ 12‬شتنبر ‪ 1963‬المتعلق بتنظيم العماالت واألقاليم ومجالسها‬
‫غير أن حجم التداخل عرف اتساعا وأبعادا أوسع بعد تطبيق ظهير ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬المتعلق بالتنظيم‬
‫الجماعي الذي اتجه أكثر إلى توسيع نطاق تدخل الجماعات الحضرية والقروية وهيئاتها في مجاالت‬
‫التنمية المختلفة سواء على مستوى المجالس التداولية أو على مس‬

‫إن تداخل وتشابك االختصاصات بين الجماعات العمومية المختلفة ‪ ،‬نتج وال يزال عن عدة أسباب‬
‫وعوامل لن يتأتى إزالته وانتفاؤه إال إذا زالت تلك األسباب ‪ ،‬ويمكن وبصفة عامة ودون محاولة الخوض‬
‫في كل األسباب تحديد أهمها في الطريقة التي اعتمدتها التشريعات المغربية المنظمة لالمركزية الترابية‬
‫بشان تحديد اختصاصات الجماعات المحلية بأصنافها الثالثة ‪ ،‬وقد ساهم كذلك في هذا التداخل ضعف‬
‫تدخل المشرع في مجال تحديد وتوزيع وتوضيح اختصاصات الجماعات المحلية ‪ ،‬يضاف إلى هذا تعدد‬
‫مستويات الالمركزية ببالدنا والتقسيمات الترابية المعتمدة ‪ ،‬وكذا أسباب أخرى‬
‫إن مظاهر التداخل تبدو جلية أكثر في الممارسة العملية لدرجة يصعب معها اإللمام بكل الحاالت‪ ،‬وبالنسبة‬
‫‪.‬لمختلف القطاعات‪ ،‬وهو ما سنتطرق له فيما يلي‬

‫‪15‬‬
‫أسباب تداخل االختصاصات بين الجماعات المحلية‬
‫التنمية المحلية ميدان تتقاسمه وبنسب متفاوتة الوحدات الالمركزية والهيئات الغير الممركزة ‪ ,‬أي أنها‬
‫مجال لتدخل كل من الدولة والجماعات المحلية كل حسب إمكانياته والنطاق الجغرافي والقانوني المسموح‬
‫له بالتحرك داخله ‪,‬إذن فهي اختصاص تشاركي يسهم في النهوض به عدة فاعلين وبنسب متفاوتة ولكنها‬
‫غير محددة قبال حيث اليمكن الفصل بسهولة داخل الفضاء المحلي بين ما يعد من مسؤوليات الدولة وبين‬
‫ما يعود إلى اختصاصات الجماعات المحلية ‪ ،‬وبين ما يعود لكل واحدة من هذه الجماعات فيما بينها‬
‫وهوما جعلنا نالحظ في الوقت الراهن أن القطاعات الحكومية تتابع كل على حدى برامج لم تكن متكاملة‬
‫إال بكيفية عرضية على الصعيد المحلي الشيء الذي ترتب عنه تعددية في المبادرات الغير المنسجمة ‪ ,‬نتج‬
‫‪ ,‬عنها تب ذير غير ذي فائدة بالرغم من كون أن الالمركزية اليمكن قيامها إال في كنف المركزية‬
‫ويمكن إجماال حصر األسباب التي تؤدي إلى تداخل االختصاصات بين الهيئات الالمركزية فيما هو‬
‫قانوني وتشريعي ‪ ،‬وكذا األسباب ذات الطبيعة التقنية وغيرها ‪،‬‬

‫األسباب ذات الطبيعة القانونية‬


‫عادة ما يتم اعتماد المقتضى العام والصيغ المبهمة في النصوص المتعلقة بتحديد اختصاصات الجماعات‬
‫المحلية من طرف المشرع المغربي ‪ ،‬ومــن الـــواضح أن اإلبهام في اختصاصات الجماعات المحلية‬
‫المختلفة يبدأ أوال بالغموض الذي يسود عددا من المصطلحات المستعملة في النصوص األساسية المنظمة‬
‫لها ‪ .‬وهكذا فبالرجوع إلى الميثاق الجماعي لسنة ‪ 2002‬والمعدل سنة ‪ 2009‬نجده يستعمل أكثر من لفظ‬
‫للداللة على نفس الشئ‪ ،‬أي االختصاص ‪ ،‬كاستعمال ألفاظ مثل مهام وسلطات وأعمال وقضايا‬
‫وصالحيات وغيرها ونفس المالحظة تثبت بالنسبة للقانون رقم ‪ 79-00‬المتعلق بالتنظيم اإلقليمي والقانون‬
‫المنظم للجهات ورغم تعدد المصطلحات التي نجدها سواء في النصوص القانونية والتنظيمية أو في‬
‫الخطب الرسمية والمناشير واالجتهادات القانونية ‪ ،‬فان أغلب الفقه يفضل مصطلح االختصاصات ألنه‬
‫أكثر داللة على المعنى المقصود في التشريعات المنظمة للجماعات المحلية ‪ ،‬وألنه ال يعني فقط مجال‬
‫‪.‬نشاط هذه الوحدات ووظائفها بل أيضا األعمال القانونية التي تتخذها في حقل تدخلها المحدد بقانون‬
‫وغني عن البيان أن مصطلح المهام المستعمل بكثرة في النصوص المنظمة للجماعات المحلية للداللة على‬
‫االختصاص يعني في الحقيقة ا ألعمال المختلفة المتفرعة عن كل اختصاص‪ .‬ومن تم فهو أقل شمولية منه‬
‫( بمثابة الفرع بالنسبة لألصل) لذلك من حقنا أن نتساءل عما إذا كان المشرع قد اسند االختصاص أم فقط‬
‫بعض المهام المتفرعة عنه ؟ كما أن قراءة النصوص المذكورة قد تسوغ التساؤل حول ما إذا كان المشرع‬
‫قد خول الجماعات المحلية سلطات أم صالحيات أم مسؤوليات أم وظائف ؟‬
‫لذلك نرى انه كان على المشرع أن يدقق المصطلحات ‪ ،‬بل كان عليه أن يوحد المعنى في مصطلح واحد‬
‫هو االختصاص ‪ ،‬ألنه يعني التأهيل القانوني لوحدة إدارية معينة للقيام بعمل سواء تعلق األمر باتخاذ‬
‫أو تقديم رأي أو استشارة ( اختصاصات استشارية ) أو بتقديم اقتراحات )قرارات (اختصاصات تقريرية‬
‫‪) .‬اختصاص االقتراح) أو لرفع ملتمس أو التعبير عن رغبة ( اختصاص تقديم الملتمسات (‬
‫هذا وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع المغربي قد حاكى نظيره الفرنسي فيما يتعلق باعتماد المقتضى العام‬
‫وذلك منذ الميثاق الجماعي لسنة ‪ 1960‬وقد ‪ la clause générale de compétence‬لالختصاص‬
‫سار المشرع المغربي على نفس النهج في الميثاق الجماعي لسنة ‪ 2009/2002‬وكذا في قانون ‪79-00 :‬‬
‫المتعلق بالعماالت واألقاليم ‪ .‬إال أن المشرع الفرنسي وانطالقا من قانون ‪ 2‬مارس ‪ 1982‬المتعلق بحقوق‬
‫وحريات الجماعات والمحافظات والجهات اتجه إلى تحديد االختصاصات على سبيل الحصر في شكل‬
‫مجموعة اختصاصات لكل مستوى على حدة ‪ ،‬األمر الذي دفع بكثير من الفقهاء إلى اعتبار هذا االتجاه‬
‫تخلي عن المقتضى العام لالختصاص وتحوال في الرؤية والتصور بخصوص طريقة تحديد‬
‫‪ .‬االختصاصات‬
‫و بالرجوع إلى ظهير ‪ 12‬شتنبر ‪ 1963‬المتعلق بالتنظيم اإلقليمي نجده في فصله الثاني ينص على أن ”‬
‫يدبر شؤون اإلقليم أو العمالة مجلس‪ ” ..‬أما القانون رقم‪ 79-00 :‬المنظم لهذه الجماعات المحلية فقد سار‬
‫بدوره على نفس النهج ‪ ،‬إذ جاء في فصله‪ 35‬على انه ” يفصل مجلس العمالة أو اإلقليم بمداوالته في‬

‫‪16‬‬
‫‪ ..”.‬قضايا العمالة أو اإلقليم‬
‫يفصل المجلس «أما الميثاق الجماعي األخير (‪)2009‬فنجده بدوره ينص في الفصل ‪ 35‬على انه‬
‫بمداوالته في قضايا الجماعة…‪ ”..‬وفي مادته الثانية يشير إلى انه “يتولى تدبير شؤون الجماعة مجلس‬
‫منتخب ‪ ”..‬وبذلك لم يحد هذا الميثاق عن قاعدة التعميم التي اعتمدت في المواثيق الجماعية السابقة‬
‫‪(1960/1976/2002).‬‬
‫وأخيرا فان القانون المنظم للجماعات المحلية الجهوية كرس نفس القاعدة‪ ،‬فبعد أن نص في مادته األولى‬
‫على أن ” يتولى تدبير شؤون الجهة بحرية مجلس…” أكدت مادته السادسة بأن ” يبث المجلس الجهوي‬
‫‪ …”.‬بمداوالته في قضايا الجهة‬
‫وخالصة مما سبق يترتب غلى اعتماد مبدأ المقتضى العام لالختصاص ‪ ،‬ومن خالل التعابير المكرسة‬
‫لهذا المقتضى يتبين العمومية والغموض وفتح المجال واسعا لكل جماعة محلية للتدخل في كل شيء‬
‫وانجاز كل شيء ‪ .‬فما معنـــــى ” شؤون الجماعة ” أو ” مسائل الجماعة ” أو ” قضايا الجماعة ” وما‬
‫معنى ” شؤون العمالة أو اإلقليم ” أو ” جميع المسائل الراجعة الختصاص المجلس اإلقليمي أو مجلس‬
‫العمالة ” وكلها تعابير مطاطة ‪ .‬فال يمكن مع هذه التعابير الفضفاضة حرمان مجلس إقليمي أو مجلس‬
‫عمالة من انجاز مشروع ما أو القيام بنشاط بدعوى عدم اختصاصه ‪ ،‬ويزداد األمر تعقيدا بالنسبة لمجالس‬
‫العماالت واألقاليم في غياب حتى أمثلة دقيقة عن بعض اختصاصاتها بالمقارنة مع األمثلة التي قدمها‬
‫‪.‬الميثاق الجماعي‬

‫‪ :‬األسباب ذات طبيعة تقنية وأسباب أخرى‬


‫يمكن التمييز في إط ار هذه األسباب بين أسباب ذات طبيعة تقنية تتعلق خصوصا بتعدد مستويات‬
‫الالمركزية وطبيعة التقسيمات الترابية المعتمدة‬
‫إن مشكلة توزيع االختصاصات بين الجماعات العمومية المختلفة تتعقد أكثر كلما تعددت أنواع الجماعات‬
‫المحلية بدولة ما ‪ ،‬وقد حصل ذلك في بالدنا حيث تم اعتماد ثالثة أصناف من الجماعات الترابية‬
‫الالمركزية وهي ‪ :‬الجماعات الحضرية والقروية (الصنف األول) والجماعات المحلية اإلقليمية ( الصنف‬
‫‪).‬الثاني ) والجماعات المحلية الجهوية (الصنف الثالث‬
‫يضاف إلى ذلك العديد من الوحدات الترابية المعتمدة في إطار عدم التركيز اإلداري وهي الواليات‬
‫‪ DISTRICTS ET‬والعماالت واألقاليم كوحدات للسلطة المركزية والدوائر الحضرية والقروية‬
‫والقيادات ‪ .‬وذلك زيادة على المصالح الخارجية الكثيرة التي بعضها جهوي وبعضها ‪CERCLES‬‬
‫إقليمي فقط والبعض األخر له تمثيليات محلية ‪ ،‬وتزداد الصورة أكثر تعقيدا والوضع أكثر إبهاما فيما‬
‫يخص تدخالت كل طرف على حدة حينما تجمع بعض الوحدات الترابية بين الصفة الالمركزية وصفة‬
‫عدم التركيز كالجهات والعماالت واألقاليم‪ ،‬حيث الوالي ‪ ،‬جهازا تنفيذيا للجهة والعامل جهازا تنفيذيا‬
‫للجماعة اإلقليمية ‪ .‬والواقع إن تعدد مستويات الالمركزية الترابية ومستويات عدم التركيز قد يطرح ليس‬
‫فقط مشكلة توزيع االختصاصات بينها وإشكالية تقسيم الموارد المالية والبشرية بين أنواعها‪ ،‬بل مدى‬
‫جدوى بعضها على األقل في الظروف الراهنة خصوصا وإنها مكلفة للغاية بالنسبة لميزانية الدولة‬
‫‪.‬والميزانيات المحلية كما يرى البعض بحق‬
‫ونفس المالحظات تثبت لوحدات عدم التركيز‪ ،‬فرغم تعددها أضيفت الوالية كوحدة ال يزال اإلبهام‬
‫يعتريها بسبب عدم وجود نص قانوني يحدد طبيعتها ودورها واختصاصاتها ووسائلها وكذا دور الوالي‬
‫سواء في عالقته بعمال العماالت واألقاليم المندرجة في إطار الوالية التي يشرف عليها أو في عالقته‬
‫‪.‬بعمال العماالت و األقاليم التابعة للجهة‬
‫إن تداخل االختصاصات بين الدولة والجماعات المحلية يرجع لعدة أسباب يمكن تحديدها في النصوص‬
‫التشريعية المنظمة للجماعات المحلية ‪ ,‬خاصة تلك المتعلقة بتحديد اختصاصاتها ‪ ,‬األمر الذي يجعل من‬
‫الصعب وضع حد فاصل بين تدخالت الجماعات المحلية وتلك الموكولة للدولة ومؤسساتها وهيأتها‬
‫‪ .‬بمختلف القطاعات والميادين‬
‫من جهة ثانية ‪ ,‬فقد ساعدت محدودية دور القضاء في تنامي مشكل تداخل االختصاصات بين الدولة‬

‫‪17‬‬
‫والجماعات المحلية ا‪ ،‬فالقضاء كان من المفروض أن يلعب دورا حاسما في تقوية الالمركزية ببالدنا ‪.‬‬
‫ومن األسباب التي تحول دون تقدمه (القضاء) في هذا المجال ‪ ,‬هو عدم المعرفة الكافية بالمهام الملقاة‬
‫على عاتق المنتخبين ‪ ,‬وذلك نتيجة ضعف تكوينهم وقلة مؤهالتهم وتجربتهم العملية ‪ ,‬مما يجعلهم يقبلون‬
‫أي تأويل تقدمه السلطات المركزية وممثليها المحليين ” الوالة – العمال‪ -‬رجال السلطة “‪ ،‬وبالتالي ‪ ,‬فان‬
‫فرص التقارب والتنازع في االختصاصات تزداد في غياب االلتقائية والتعاون ما بين الوحدات الترابية‬
‫‪ .‬المختلفة ” الالمركزية وعدم التركيز” ‪ ,‬وذلك بهدف تحقيق التكامل والتطابق فيما بين هذه الوحدات‬

‫‪.‬تجليات تداخل االختصاصات وآثاره على السير العادي للهيئات الالمركزية‬

‫إن مظاهر التداخل تبدو جلية أكثر في الممارسة العملية لدرجة يصعب معها اإللمام بكل الحاالت‪ ،‬وبالنسبة‬
‫وسنقتصر خالل هذا المطلب على استعراض بعض النماذج لهذا التداخل في الميادين ‪.‬لمختلف القطاعات‬
‫‪ .‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية ‪ ،‬التجهيزات األساسية والبنيات التحتية‪ ،‬ثم آثار هذا التداخل‬
‫فمن الناحية االقتصادية ‪ ،‬تتجلى أبرز مظاهر التداخل بين الهيئات الالمركزية والهيئات الالممركزة للدولة‬
‫من خالل مسألة تهييء المناطق الصناعية أو المناطق ذات األنشطة االقتصادية ‪ ،‬وهو اختصاص موكول‬
‫لألصناف الثالثة من الجماعات المحلية (العمالة و اإلقليم وباقي الوحدات الالمركزية ) ضمن‬
‫االختصاصات الذاتية ‪ ،‬و بعبارات فضفاضة من قبيل ” يبث ” أو ” يقوم باألعمال الالزمة إلنعاش‬
‫االستثمارات …‪“ :‬وبالمقابل نجد المراسيم المنظمة الختصاصات الوزارات التي تعنى بالمجاالت‬
‫االقتصادية تنص على إسناد نفس االختصاصات لهذه الهيئات العامة ‪ ،‬يضاف إلى ذلك دور وكاالت‬
‫‪.‬التنمية االقتصادية واالجتماعية بأقاليم الشمال والجنوب والشرق‬
‫فالنصوص المنظمة للجماعات المحلية لم تحدد الدور الحقيقي لكل منها‪ .‬وفي الممارسة العملية تتولى‬
‫الدولة والجماعات المحلية المختلفة إنشاء وتهيئة المناطق االقتصادية سواء الصناعية منها أو المخصصة‬
‫‪.‬لممارسة األنشطة االقتصادية‬
‫فبخصوص المناطق الصناعية مثال‪ ،‬ليست هناك معايير حتى اآلن للتفرقة بين ما يمكن اعتباره من‬
‫اختصاص المجلس اإلقليمي وما يعود إلى كل من الجماعات الحضرية والقروية أو الجهات أو الدولة‬
‫‪.‬ومؤسساتها ( كصندوق اإليداع والتدبير وغيره‬
‫أما في الجانب االجتماعي ‪ ،‬فإن التداخل في االختصاصات يتخذ طابعا أكثر حدة خاصة في ميادين‬
‫التكوين والتربية والثقافة‪ ،‬حيث التداخل بين الجماعات المحلية فيما بينها( إقليمية‪ /‬جماعية‪ /‬جهوية ) وبين‬
‫‪.‬هذه األخيرة وبين الدولة‬
‫وبالرجوع إلى المراسيم المنظمة الختصاصات الوزارات المكلفة بقطاعات التكوين والتربية والثقافة‬
‫نالحظ أنها تحدد اختصاصات الدولة في هذه القطاعات مما يبين أن تدخل الجماعات المحلية فيها يعد‬
‫تضاربا معها ولو أن القوانين المنظمة لها ( الجماعات المحلية ) أقوى من النصوص التنظيمية‬
‫(المراسيم)‪ ،‬فاعتمادا على المرسوم رقم ‪ 222.94.2‬بتاريخ ‪ 24‬ماي ‪ 1994‬المتعلق بتحديد اختصاصات‬
‫‪ :‬وتنظيم وزارة الثقافة نالحظ انه يخولها‬
‫‪.‬استخدام جميع الوسائل الكفيلة بضمان ازدهار الثقافة وإشعاعها –‬
‫‪.‬الحفاظ على التراث الثقافي وصيانته واستثماره –‬
‫‪.‬المساهمة في تنشيط العمل الثقافي والنهوض به –‬
‫‪ .‬القيام بإحداث وإدارة المؤسسات الثقافية للتأهيل والتعليم‪-‬‬
‫‪.‬تنشيط وتشجيع أعمال اإلبداع والبحث في المجاالت الثقافية –‬
‫‪ .‬المساهمة مع الوزارات األخرى في حماية البيئة الثقافية –‬
‫……‪-‬‬
‫هنا نالحظ نفس االزدواجية في األعمال والمشاريع المرتبطة بهذه القطاعات‪ ،‬فمثال تتولى الجماعات‬
‫المحلية اإلقليمية تحمل تمويل تسيير مراكز التكوين اإلداري والتقني المتخصصة في تكوين وتأهيل أطر‬
‫الجماعات المحلية بأصنافها الثالثة ( بل أطر الدولة كذلك) وذلك في إطار ميزانيات ملحقة كما هو الشأن‬

‫‪18‬‬
‫بالنسبة لمعهد التكوين التقني بسال ومركز التكوين اإلداري بالرباط التابعين لعمالة الرباط( كجماعة‬
‫محلية)‪ .‬وجدير بالذكر أن اختصاص التكوين غير منصوص عليه في ظهير ‪ 12‬شتنبر ‪ 1963‬المتعلق‬
‫بتنظيم العماالت واألقاليم‪ ،‬كما أن القانون ‪ 79.00‬المتعلق بتعديله يدرجه ضمن االختصاصات التي ستنقل‬
‫‪ .‬إلى الجماعات المحلية اإلقليمية مستقبال ( المادة ‪ 37‬منه)‬
‫وفي المجال الثقافي ‪ ،‬نجد أن الدولة والجماعات المحلية تنفق على األنشطة والتظاهرات الثقافية وتمنح‬
‫المساعدات للجمعيات الثقافية ودور الشباب وغيرها من المؤسسات التي تعني بالثقافة كما تنجز‬
‫التجهيزات الثقافية كالمكتبات ودور الثقافة وغيرها وتتولى ترميم المآثر التاريخية مما يبرر االزدواجية‬
‫في األعمال والتداخل في االختصاصات بين الجماعات العمومية‪ .‬ففيما يتعلق بترميم المصالح والمواقع‬
‫التاريخية كالمتاحف والمدارس واألسوار والدور واألبواب تقوم به الدولة والجماعات المحلية رغم أن‬
‫االختصاص يعود أصال إلى وزارة الثقافة استنادا إلى المرسوم المنظم لهياكلها واختصاصاتها يضاف إلى‬
‫‪ .‬ذلك تمويل المهرجانات من قبل بعض مجالس العماالت واألقاليم آو الجماعات الحضرية‬
‫وخالصة القو ل يتضح مما سبق عرضه أن الكل يتدخل في القطاعات االجتماعية المختلفة وبدون حدود‬
‫اللهم ما كان من مشكلة توفير األموال الالزمة ليس إال‪.‬مما يتطلب باستعجال توضيح األدوار‬
‫واالختصاصات والمسؤوليات في مختلف القضايا االجتماعية األنف استعراضها وغيرها حتى يحدث‬
‫‪.‬تكامل وتناسق بين أدوار مختلف الفاعلين في هذه المجاالت‬
‫ال شك انه مع تشابك الوظائف والصالحيات واختالطها وتقاطعها وتدخل الجماعات العمومية في كل‬
‫الميادين والقضايا المرتبطة بها يترتب عنه تضارب في األدوار واألنشطة والمجهودات وتحدث ازدواجية‬
‫في األعمال والمشاريع والعمليات المختلفة‪ .‬كما ينتج عن ذلك التنازع والتنافر حول تدبير مجموعة من‬
‫القضايا بل التردد والتنصل والتقاعس واإلحجام عن ممارسة وظائف معينة بدعوى اختصاص جهة أخرى‬
‫‪.‬كذلك‬
‫ويؤدي التداخل كذلك إلى صعوبة تحديد الجهة( الطرف) المسؤولة من النواحي السياسية والقانونية عن‬
‫فعل ما أو مشروع تجهيز مثال ‪ .‬كما يؤدي إلى صعوبة معرفة وضبط الطرف المالك ألمالك معينة‬
‫مرتبطة بتدخالت الجماعات كالتجهيزات المحلية المختلفة ( مدارس’ مستوصفات‪ ،‬مستشفيات ‪ ،‬سدود‬
‫‪.‬ثلية… الخ) والمرافق العمومية المحلية االقتصادية والثقافية واإلدارية وغيرها‬
‫التقليدية) وكل أنواع (زد على ذلك أن تداخل االختصاصات يصعب معه ممارسة الوصاية القانونية‬
‫المراقبة األخرى‪،‬وانتشار ظاهرة التمويالت المختلطة ونقل األعباء إلى الجماعات المحلية بدون‬
‫االختصاصات القانونية والوسائل الضرورية للنهوض بها وفي مقدمتها اإلمكانات المادية وصعوبة توزيع‬
‫الم واد الضريبية وغيرها بشكل يتناسب مع حجم اختصاصاتها‪ ،‬ومن اخطر اآلثار التي تنجم عن تداخل‬
‫‪ :‬االختصاصات كذلك نجد‬
‫‪.‬انتشار كل أشكال التبذير –‬
‫‪.‬صعوبة معرفة الحاجيات الحقيقية للسكان –‬
‫‪.‬اإلضرار بالتنمية االقتصادية واالجتماعية –‬
‫اآلثار السلبية على الحكامة والمواطنين والمستثمرين وغيرهم –‬

‫البناء الجديد لالختصاصات من خالل دستور ‪2011‬‬

‫كما سبقت اإلشارة إليه‪ ،‬يعد مشكل تحديد وتوزيع االختصاصات من أكبر المشاكل التي تحد من فعالية‬
‫الالمركزية ‪ ،‬وذلك الرتباطها بكل األزمات التي تعرفها الجماعات الترابية أثناء الممارسة العملية وما‬
‫ينتج عن ذلك من تخبط المسؤولين في محاولة فهم ما أنيط بهم من اختصاصات ومهام‪ ،‬وهذا ما يؤدي في‬
‫‪ .‬النهاية إلى تشتيت الجهود وتعثر عملية التنمية‬
‫إن من أهم مقومات تحقيق التكامل في أدوار الجماعات المحلية المختلفة وفك تشابك وارتباط مسؤولياتها‬
‫وصالحياتها العمل على تح ديد بدقة وجالء اختصاصات كل واحدة منها على حدة في الميادين االقتصادية‬
‫واالجتماعية والبيئة والتعمير وغيرها ‪ ،‬بحيث تنفرد كل جماعة عمومية بمجموعة من االختصاصات‬

‫‪19‬‬
‫المحددة تكون مسؤولة عن ممارستها أمام الجميع وتوجه إليها األموال الضرورية واإلمكانات الالزمة ‪،‬‬
‫( مع توض يح بذات الوقت الميادين المشتركة بينها أو القضايا التي ال يمكن إسنادها بشكل محتكر‬
‫لواحدة منها‪ .‬على أن توضح حدود تدخل كل طرف وميكانيزمات التعاون والشراكة )‪EXCLUSIF‬‬
‫وبعبارة أخرى ال بد أن يخطو المشرع ( وليس السلطة التنظيمية ) خطوة واحدة نحو ‪.‬بينها بخصوصها‬
‫تج لية الغموض عن الصيغ العامة بل العدول عنها وعن المقتضى العام لالختصاص واستبدالهما بقائمة‬
‫‪.‬اختصاصات محددة بدقة لكل جماعة عمومية على حدة‬
‫ولمعالجة هذا التداخل الذي يصل أحيانا حد التعارض‪ ،‬جاء دستور ‪ 2011‬كنقلة نوعية في مجال معالجة‬
‫اختالالت النظام الالمركزي والحد من تداعيات تضارب المهام بين الجماعات الترابية وبينها وبين باقي‬
‫الهيئات الالممركزة للدولة‪ ،‬وهو ما سنعرض لم من خالل تناولنا لمبدأ التدبير الحر واالختصاصات‬
‫الجديدة للوالة والعمال كما نص على ذلك الدستور الجديد في فصليه ‪ 136‬و‪ ، 145‬ثم مبدأ التفريع الذي‬
‫‪.‬جاء به الفصل ‪ 140‬من دستور ‪ 2011‬كأساس لتدبير اختصاصات الجماعات الترابية بالمملكة‪،‬‬

‫مبدأ التدبير الحر واألدوار الجديدة للوالة والعمال‬

‫لقد نص الفصل ‪ 136‬من الدستور على أن “التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على مبادئ التدبير الحر‪،‬‬
‫وعلى التعاون والتضامن‪ ،‬ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم‪ ،‬والرفع من مساهمتهم في‬
‫‪”.‬التنمية البشرية المندمجة والمستدامة‬
‫وهو ما يلغي مفهوم الوصاية على عمل الجماعات الترابية و كل أشكال الرقابة المتعلقة باختيارات‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬بحيث أن أدوار اإلدارة وجب أن تقتصر على الدعم والمساعدة كما هو منصوص عليه‬
‫في الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 145‬من الدستور “يساعد الوالة والعمال رؤساء الجماعات الترابية‪ ،‬وخاصة‬
‫‪.‬رؤساء المجالس الجهوية‪ ،‬على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية‬
‫والتدبير الحر معناه إلغاء مفهوم الوصاية على عمل الجماعات الترابية و كل أشكال الرقابة المتعلقة‬
‫باختياراتها‪ .‬بحيث أن أدوار اإلدارة وجب أن تقتصر على مراقبة مدى التقيد باالحترام العام للقوانين‪،‬‬
‫انسجاما مع ما نص عليه الدستور من أن من مسؤولية الوالة والعمال هي العمل باسم الحكومة‪ ،‬على تأمين‬
‫تطبيق القانون‪ ،‬وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها‪ ،‬مع التأكيد على أنه ال يمكن بحال تحويل‬
‫هذه الرقابة إلى أي نوع من الوصاية‪ ،‬إذ أن الدستور عندما أكد على مبدأ التدبير الحر فهو لم يقيده بأي‬
‫شكل من األشكال‪ ،.‬وبالتالي حتى في حالة مالحظة ما يمكن اعتباره إخالال باحترام المقتضيات القانونية‬
‫في تدبير الجماعات الترا بية‪ ،‬فوجب أن تشكل موضوع طعن لدى المحاكم اإلدارية احتراما لمبدأ التدبير‬
‫الحر‪.‬بل أكثر من ذلك فقد نص الدستور بشكل واضح في نفس المادة ‪ 145‬على أن دور الوالة والعمال في‬
‫عالقتهم بالجماعات الترابية هو دور “المساعدة على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية‪ ،.‬الشيء الذي‬
‫‪ .‬يستلزم منا إلقاء نظرة عن األدوار الجديدة للوالة والعمال بمقتضى دستور ‪2011‬‬
‫لقد كان دائما لوالة الجهات وعمال العماالت واألقاليم مكانة محورية في تدبير مجمل قضايا الشأن والتنمية‬
‫األدوار المخولة لهم دستوريا‪ ،‬حيث أن الدستور السابق ( دستور ‪ :‬المحليين وذلك العتبارات كثيرة أهمها‬
‫‪ )1996:‬كان ينص في مادته ‪102‬على األدوار التالية للعمال‬
‫تمثيل الدولة في العماالت واألقاليم والجهات‪• ،‬‬
‫السهر على تنفيذ القوانين‪ ،‬وتحمل المسؤولية عن تطبيق قرارات الحكومة •‬
‫‪.‬تحمل مسؤولية تدبير المصالح المحلية التابعة لإلدارات المركزية •‬
‫وهو ما جعل العمال يحتلون مكانة سامقة في البناء المؤسساتي على المستوى الترابي باعتبارهم ممثلين‬
‫للدولة ومشرفين مباشرين على عمل المصالح الخارجية للوزارات‪ ،‬وباعتبارهم كذلك مسؤولين عن‬
‫تطبيق قرارات الحكومة وتنفيذ القوانين‪ .‬وهي االختصاصات التي تخولهم بامتياز لعب ضابط إيقاع عمل‬
‫‪ .‬مختلف مؤسسات الدولة على المستوى المجالي‬
‫أما االعتبار الثاني فيتجلى في ترؤس الوالة والعمال لعدد كبير من اللجان المشرفة إما على اقتراح أو تنفيذ‬
‫السياسات والبرامج في لمختلف القطاعات الوزارية وفي مختلف الميادين‪ ،‬وفق ما تنص عليه النصوص‬

‫‪20‬‬
‫القانونية والتنظيمية وكذا برامج هذه القطاعات‪ ،‬وذلك في كل المجاالت تقريبا‪ .‬وهو األمر الذي يمكن‬
‫اعتباره طبيعيا بالنظر لألدوار المحددة لهم في الدستور‪ ،‬هذا إلى جانب دور الوصاية الذي يمارسونه على‬
‫الجماعات المحلية طبقا لمقتضيات الميثاق الجماعي والقوانين المنظمة لمجالس العمالت واألقاليم‬
‫‪.‬والجهات‬
‫وبمقتضى دستور ‪ ، 2011‬وإن كان هذا األخير قد حافظ بشكل عام للوالة والعمال على موقع متميز على‬
‫المستوى أدوارهم ومهامهم‪ ،‬فإنه قد جاء بالعديد من المقتضيات والمتغيرات الهامة التي وجب أخذها بعين‬
‫‪.‬االعتبار‬
‫تمثيل الدولة إلى تمثيل السلطة المركزية‪ :‬لقد نصت المادة ‪ 145‬من الدستور الجديد على المهام التالية ‪1.‬‬
‫‪:‬للوالة والعمال‬
‫تمثيل السلطة المركزية في الجماعات الترابية ؛ ‪o‬‬
‫العمل‪ ،‬باسم الحكومة‪ ،‬على تأمين تطبيق القانون‪ ،‬وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها ؛ ‪o‬‬
‫ممارسة المراقبة اإلدارية؛ ‪o‬‬
‫مساعدة الجماع ات الترابية‪ ،‬وخاصة رؤساء المجالس الجهوية‪ ،‬على تنفيذ المخططات والبرامج ‪o‬‬
‫التنموية؛‬
‫القيام‪ ،‬تحت سلطة الوزراء المعنيين‪ ،‬بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة المركزية‪ ،‬والسهر ‪o‬‬
‫‪.‬على حسن سيرها‬
‫حيث يستفاد من هذه المهام أن وضعية ودور الوالة والعمال قد شهدت تغيرا عميقا يأخذ بعين االعتبار‬
‫تعزيز أدوار الجماعات الترابية وإعادة تحديد أدوار مختلف المؤسسات في سياق إعادة بناء نظام الحكامة‬
‫‪ .‬بالبلد‬
‫ولعل أهم تغيير يتمثل في الوضع االعتباري العام للوالة والعمال‪ ،‬حيث أصبحوا يمثلون السلطة المركزة‬
‫في الجماعات الترابية عوض الدولة كما كان منصوصا عليه في الدستور السابق‪ .‬وهو تغيير عميق الداللة‬
‫ويأتي منسجما مع تعزيز موقع الجماعات الترابية‪ ،‬خاصة الجهات‪ .‬بحيث أن تمثيلية الدولة أصبحت‬
‫مركزية‪ ،‬فالملك هو المثل األسمى للدولة ( الفصل ‪ )42‬وباقي المؤسسات تقوم بمسؤولياتها وفق‬
‫اختصاصاتها الدستورية والقانونية‬
‫العمل تحت سلطة الحكومة‪ :‬لقد كان الدستور الجديد واضحا في وضع الوالة والعمال تحت سلطة ‪2.‬‬
‫الحكومة‪ ،‬سواء بالنظر إلى ما نص عليه من أن تعيينهم يكون باقتراح من رئيس الحكومة بعد مبادرة‬
‫وزير الداخلية‪ ،‬أو بما نص عليه من أنهم مكلفون بالعمل‪ ،‬باسم الحكومة‪ ،‬على تأمين تطبيق القانون‪ ،‬وتنفيذ‬
‫النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها”‪ ،‬حيث أكد على أنهم يعملون باسم الحكومة‪ ،‬مع العلم بأن‬
‫الدستور السابق قد نص على أنهم مكلفون ” بالسهر على تنفيذ القوانين” دون اإلشارة إلى أن ذلك يتم باسم‬
‫‪.‬الحكومة‬
‫من الوصاية على الجماعات الترابية إلى دور المساعدة‪ :‬إن حصر تمثيلية الوالة والعمال في السلطة ‪3.‬‬
‫المركزية ينقل العالقة مع المجالس المنتخبة إلى مستوى العالقة بين سلط متوازية ال وجود لعالقة تراتبية‬
‫‪.‬أو إشراف بينها‬
‫وما يؤكد هذا األمر هو أن الدستور قد نص بوضوح على أن “التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على‬
‫مبادئ التدبير الحر” (الفصل ‪ ) 136‬بما يعنيه من أن للجماعات الترابية كامل الصالحية والحرية في‬
‫تحديد وبلورة اختياراتها وبرامجها‪ ،‬في احترام تام بطبيعة الحال للمقتضيات القانونية والتنظيمية وبمراعاة‬
‫‪.‬لإلمكانيات التمويلية المتاحة‬
‫والتدبير الح ر‪ ،‬وكما أسلفنا‪ ،‬معناه إلغاء مفهوم الوصاية على عمل الجماعات الترابية و كل أشكال الرقابة‬
‫المتعلقة باختياراتها بحيث أن أدوار اإلدارة وجب أن تقتصر على مراقبة مدى التقيد باالحترام العام‬
‫للقوانين‪ ،‬انسجاما مع ما نص عليه الدستور من أن من مسؤولية الوالة والعمال هي العمل باسم الحكومة‪،‬‬
‫على تأمين تطبيق القانون‪ ،‬وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها‪ ،‬ع التأكيد على أنه ال يمكن‬
‫بحال تحويل هذه الرقابة إلى أي نوع من الوصاية‪ ،‬إذ أن الدستور عندما أكد على مبدأ التدبير الحر فهو لم‬
‫يقيده بأي شكل من األشكال‪ ،‬وبالتالي حتى في ح الة مالحظة ما يمكن اعتباره إخالال باحترام المقتضيات‬

‫‪21‬‬
‫القانونية في تدبير الجماعات الترابية‪ ،‬فوجب أن تشكل موضوع طعن لدى المحاكم اإلدارية احتراما لمبدأ‬
‫‪.‬التدبير الحر‬
‫بل أكثر من ذلك فقد نص الدستور بشكل واضح في نفس المادة ‪ 145‬على أن دور الوالة والعمال في‬
‫عالقتهم بالجماعات الترابية هو دور “المساعدة على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية” ‪ ،‬وهو ما يعزز‬
‫ما طرحناه في موضوع الوصاية أو المراقبة‪ ،‬كما أنه يحمل في نفس الوقت الوالة والعمال مسؤولية تعبئة‬
‫المؤسسات العمومية والمصالح الخارجية للعمل مع الجماعات الترابية من أجل تنفيذ مخططاتها وبرامجها‬
‫القيام‪ ،‬تحت سلطة الوزراء المعنيين‪ ،‬بتنسيق أنشطة المصالح “التنموية‪ ،‬باعتبار السلطة الممنوحة لهم في‬
‫‪”.‬الالممركزة لإلدارة المركزية‪ ،‬والسهر على حسن سيرها‬

‫مبدأ التفريع‬
‫يعتبر مبدأ التفريع من اآلليات الحديثة المتبعة في األنظمة الالمركزية‪ ،‬وهو مبدأ يقوم على التوزيع‬
‫الشريف لالختصاصات والموارد عمال بالمبدأ األصيل في االلتزام على حسم قانوني واضح أو تعاون‬
‫‪ .‬وتفاهم شريف‪ ،‬أي ما يستطيع األدنى القيام به يترفع عنه األعلى وما يعجز عنه األدنى يتواله األعلى‬
‫وبمعنى آخر فإن اإلقليم إتباعا لمبدأ التفريع يقوم بما ال يمكن للجماعة أن تقوم به‪ ،‬والجهة تتكفل بما ال‬
‫يمكن للجماعات الترابية األخرى أن تقوم به‪ ،‬والدولة تمارس االختصاصات التي ال يمكن إسنادها‬
‫للجماعات الترابية في مستوياتها الثالث‪ ،‬أي سيتم تشييد الدولة من القاعدة للقمة‪ ،‬وال يمكن أن تتدخل في‬
‫المستقبل إال على أساس تعويض تخلفات‪ ،‬أو تصحيح نقائص‪ ،‬أو تقوية عجز لدى الجماعات والمجتمع‬
‫‪.‬المدني‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬نص الفصل ‪ 140‬من الدستور المغربي لفاتح يوليوز ‪ 2011‬على أن للجماعات الترابية‪،‬‬
‫وبناءا على مبدأ التفريع‪ ،‬اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها‬
‫من هذه األخيرة‪ .‬وعلى أن الجهات والجماعات الترابية األخرى تتوفر‪ ،‬في مجاالت اختصاصاتها‪ ،‬وداخل‬
‫‪:‬دائرتها الترابية‪ ،‬على سلطة تنظيمية لممارسة صالحياتها‪ .‬وهو ما يعني أمرين أساسيين‬
‫أ‪ -‬اعتمادا على مبدأ التفريع وجب إعادة النظر بشكل عميق في اختصاصات الجماعات الترابية لتجنب‬
‫التداخل الحاصل حاليا فيما بينها بناءا على تقسيم واضح للوظائف‪ ،‬حيث يمكن تركيز وظائف الجهات‬
‫‪.‬على كل ما هو تنموي والجماعات الترابية األخرى على ما هو خدماتي‬
‫ب‪ -‬نص الدستور على أن كل الجماعات الترابية وجب أن تتوفر على سلطة تنظيمية لممارسة‬
‫صالحياتها ‪ ،‬مع ما يعنيه ذلك من حاجة إلى تنظيم هذه السلط ووضع المؤسسات اإلدارية الالزمة‬
‫‪.‬لممارستها‬
‫إن مبدأ التفريع يتجدد تلقائيا مع الالمركزية إذ ال يسمح للجماعات الصغيرة بضمان عمل المرفق‪ ،‬بل إن‬
‫الواجبات تصبح موزعة حسب كل مستوى قادر على العمل‪ ،‬كما يجبر الجماعات األدنى كلما أبانت عن‬
‫‪.‬المقدرة واالستعداد الالزمين‬
‫ومن جهة أخرى يسمح مبدأ التفريع أيضا بتنظيم القدرة على اتخاذ القرارات بشكل سريع وفوري دونما‬
‫الحاجة إلى انتظار توجيهات وأوامر آتية من فوق‪ ،‬الشيء الذي يجعل الجهات قادرة على إغناء نفسها عن‬
‫‪.‬طريق اتساع الخيرات مع المكونات المجتمعية األخرى الفاعلة على المستوى المحلي‬
‫وبهذا المنظور سترتكز اختصاصات المجلس الجهوي على مبدأ المداركة أو التفريع‪ ،‬بمعنى أن الدولة‬
‫اليمكن لها أن تمارس في المستقبل إال االختصاصات التي تتالءم مع طبيعتها كمستوى وطني‪،‬وبعبارة‬
‫أخرى يعني هذا لمبدأ في عمق ه أن السلطة المركزية اليمكن لها أن تمارس إال االختصاصات التي اليمكن‬
‫للجهة أن تمارسه بالنظر إلى خصوصية دورها الرئيسي أو بسبب محدودية الوسائل التي تتوفر عليها‪،‬‬
‫هذا وتجدر اإلشارة إلى أن أغلب الدول الديمقراطية تطبق هذا المبدأ دون التصريح به أحيانا‪ ،‬وهذا قد‬
‫يكو ن راجعا إللى تعدد المصطلحات التي تطلق على هذا المبدأ ومنها ‪ :‬الفرعية‪ ،‬المداركة‪ ،‬التدارك‪،‬‬
‫‪…،‬التداركية ‪ ،‬الثانوية و مبدأ االحتياط‬
‫إن نظامي الالمركزية و الالتمركز يطرحان مسألة توزيع السلطة على المستوى المجالي والترابي في‬
‫إطار أجهزة الدولة فكلما تمكنت الدولة من إيجاد صيغة فعالة تتيح لها مباشرة االختصاصات المخولة لها‬

‫‪22‬‬
‫على مقربة من الساكنة والمنتخبين المحليين‪ ،‬كلما كان ذلك أفضل تمهيدا لتأسيس حكامة ترابية محلية‬
‫مسؤولة‪ .‬لكن نجاح ذلك يتوقف على السير قدما في مجال الالمركزية والجهوية المتقدمة ؛ فال يجب أن‬
‫ننسى بأن الالتمركز ليست له فائدة في ذاته إال بالقدر الذي يدعم ‪-‬بما فيه الكفاية‪ -‬قيام منظومة المركزية‬
‫‪.‬متطورة قادرة على مواجهة أعباء التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وترسيخ قيم الديمقراطية المحلية‬
‫إال أن تحقيق هذا المبتغى كثيرا ما يصطدم بالتنازع والتضارب في المهام واالختصاصات بين األجهزة‬
‫الممثلة للدولة وعلى رأسها الوالة والعمال وكذا المصالح الخارجية للدولة وبين الهيئات الترابية المنتخبة‪،‬‬
‫وبين هذه األخيرة فيما بينها إلى حد تتعرقل معه الجهود الوطنية والمحلية لتحقيق التنمية المندمجة‬
‫‪.‬والمستدامة‪ ،‬وتضيع بالتالي معه الموارد واإلمكانيات‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬يمكن القول‪ ،‬على أن متطلبات التنمية أصبحت تفرض تجاوز مشكل تنازع االختصاص‬
‫بين في إطار الالمركزية‪ ،‬وكذلك تجاوز مسألة الوصاية اإلدارية بمفهومها الضيق والتقليدي؛ المتمثل في‬
‫الرقابة السابقة ورقابة المالئمة التي تعرقل وتعطل عمل الهيئات المحلية الذي أصبح يتطلب السرعة‬
‫والمرونة لمواكبة التطورات الحاصلة في المجاالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬ومنح هذه الرقابة‬
‫لألجهزة القضائية المختصة بشكل بعدي‪ ،‬واالكتفاء فقط بالتوجيه والمصاحبة وتقديم المساعدة‪ .‬وهو األمر‬
‫الذي تنبه له المشرع الدستوري من خالل الفصول ‪140 ،136‬و ‪ 145‬من دستور ‪ ،2011‬كما عرضنا له‬
‫‪,‬سالفا‬
‫لكن ذلك كله يفرض على الدولة تحديين أساسيين أولهما التسريع بتنزيل الجهوية المتقدمة و االنتقال من‬
‫نظام التمركز ذي طابع إداري ووصائي إلى ال تمركز يغلب عليه طابع المواكبة التنموية واالقتصادية‬
‫‪.‬التي ال ت لغي الجوانب السياسية‪ ،‬ولكن ال تبوئها الصدارة في مباشرة مسؤولياتها‬
‫أما التحدي الثاني فيفرض على الدولة نهج سياسة جديدة لتدبير الموارد البشرية قوامها تزويد المصالح‬
‫الجهوية والمحلية للدولة بالعناصر البشرية المتوفرة على الخبرة والكفاءة في مجال التدبير العمومي لتقديم‬
‫الدعم الضروري والكافي للمؤسسات الجهوية المنتخبة‪ .‬وهذا األمر يضعنا من جديد أمام ضرورة نهج‬
‫‪.‬سياسة إرادية فعالة في مجال إعادة االنتشار‬
‫لقد وضع الدستور الجديد المعالم والخطوط العريضة لكيفية توزيع االختصاصات بين الدولة والجهات‬
‫والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬وأصدرت الحكومة القوانين التنظيمية للجهات والجماعات لتوضيح وتحديد‬
‫بناء على مبدأ التفريع االختصاصات الذاتية لفائدة الجهات والجماعات الترابية األخرى‪ ،‬واالختصاصات‬
‫المشتركة بينها وبين الدولة ‪ ،‬واالختصاصات المنقولة إليها من هذه األخيرة‪ ،‬وما على الجماعات بمختلف‬
‫م ستوياتها إال أن تكون في مستوى المكانة التي خولها لها الدستور المغربي لسنة ‪ ،2011‬والذي أفرد لها‬
‫‪ ”.‬بابا خاصا وهو الباب السابع اسماه “الجهات و الجماعات الترابية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نتائج حدة العوائق على التراب االقليمي‬


‫لقد كان للعوائق المباشرة والغير المباشرة على تراب اإلقليم عواقب وخيمة وتضارب في اآلراء فهناك من يرى أن اإلقليم كوحدة‬
‫ال يمكن التخلي عن وأن هذه الوحدة ضرورية لتحقيق التنمية المنشودة إلى جانب الوحدات الترابية األخرى ‪،‬وهناك فريق أخر من‬
‫المهتمين بالشأن المحلي يرى أن ال حاجة باإلقيم في ظل تكريس الجهوية المتقدمة واآلتمركز اإلداري وتوزيع إختصاصات الجهة‬
‫وإعطائها الريادة محليا وجهويا إلى جانب الجماعات وبالتالي اإلبقاء على اإلقليم فقط هدر للمال وتشعب في اإلختصاصات‬
‫وتداخلها وأنا الحاجة إليه لم تعد في ظل التوجه الجديد أي التنموي وتغييب الهاجس األمني وهده بعض دفعات الفريق الثاني ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اآلراء التي ترى ضرورة اإلبقاء على اإلقليم كوحدة ترابية‬
‫ان اإلقليم وحدة ترابية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي الى جانب الجماعة و الجهة التي لها‬
‫الصدرة في العملية التنموية ‪،‬وهذا االقيم يرى فريق من المهتمين بالشان المحلي على انه ضرورة ملحة وفاعل‬
‫تنموي حقيقي توجب تطويره واعطائه المزيد من الصالحيات وكذالك الحد من رقابة السلطة المركزية المتمثلة‬
‫‪23‬‬
‫في العامل الى جانب البحث عن مصادر تمويل أخرى ‪،‬وحسب األستاذ إبراهيم الزياني فان اإلقليم حلقة وصل‬
‫بين اإلدارة المركزية والسكان واكثر الوحدات الوزارية استخداما بعد الوزارات نظرا لعوامل متعددة من بينها‬
‫على الخصوص ان المستوى اإلقليمي قريب من اإلدارة المركزية دون ان يكون بعيد عن السكان وعن القاعدة‬
‫الشعبية ‪،‬وهو ما يفسر تواجد الفروع او المصالح الخارجية لكافة الوزارات تقريبا على المستوى اإلقليمي الشىء‬
‫الذي هيأ اإلقاليم لتكون بمثابة اطار لمعالجة القضايا المحلية والتخطيط النجاز بعض البرامج التنموية الصغرى‬
‫والمتوسطة تبعا للسياسة العامة الحكومية ومتماشية مع المخططات والبرامج الجهوية ‪،‬وهو ماجعل اإلقليم يحتل‬
‫مكانة بارزة داخل التنظيم الترابي المحلي الى جانب الجهة التي يبقى لها الصدارة وذلك بسسب الدور االستراتيجي‬
‫والمحوري الذي يقوم به العمال في تسيير وإدارة الشؤون المجتمعات المحلية وبالتالي اإلقليم ضرورة استراتيجية‬
‫وراهنية تنموية تبعا لموق عه في الخريطة الترابية لما يتوفر عليه من إمكانات قانونية مرتبطة بالصالحيات‬
‫الموكولة اليه بعد اإلصالح الدستوري األخير وكذلك القانون التنظيمي ‪ 14\112‬الذي اعطى لإلقليم عدة‬
‫صالحيات اقتصادية منها ماهو مباشر ومنها ما هو غير مباشر وذلك من خالل مجموعة من اليات التدخل‬
‫كالشراكة والتعاون ‪،‬وبالتالي إعطاء لإلقليم صالحيات النهوض بالتنمية االجتماعية خاصة في العالم القروي‬
‫وكذلك المجاالت الحضرية ‪،‬كم تتمثل هذه المهام في تعزيز النجاعة والتعاضد والتعاون بين الجماعات المتواجدة‬
‫بتراب اإلقليم ‪،‬ولهذه الغاية تعمل العماالت واالقاليم على توفير التجهزات والخدمات األساسية خاصة في الوسط‬
‫القروي وكذا محاربة القصاء والمشاركة في كل المجاالت ‪،‬كما تمارس العمالة واالقاليم اختصاصات ذاتية داخل‬
‫نفوذها الترابي في الميادن التالية ‪،‬النقل المدرسي في العالم القروي وإنجاز وصيانة المسالك القروية ووضع‬
‫و تنفيذ برامج الحد من الفقر والهشاشة ‪.‬وهذا يتم عبر مجموعة بين الوسائل كالية التعاون والشراكة عبر شركات‬
‫التنمية المحلية ‪،‬ومجوعات العماالت واالقاليم واتفاقيات التعاون ‪،‬فأمام كل هذه االختصاصات والوسائل يرى‬
‫فريقين من الباحثين والهتمين بالشأن العام المحلي ان اإلق ليم كوحدة ترابية االبقاع علية ضرورة استراتيجية‬
‫وراهنية شريطة ادخال بعض اإلصالحات والتقليل من الرقابة اإلدارية وكذلك تاهيل النخب المحلة المنتخبة‬
‫والمعينة إضافة الى تمكين اإلقليم من الموارد االزمة للقام بمهامه على الشكل األمثل والناجع وإعادة النظر في‬
‫التقسيم الترابي أن يكون عادال ويراعي الخصوصيات المحلية ‪ ،‬وهناك فريق يرى ان ال حاجة باالقليم في ظل‬
‫تداخل االختصات مع الوحدات األخرى ‪...‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اآلراء التي ترى حذف اإلقليم كوحدة ترابية ضرورة ملحة ‪.‬‬
‫أمام حدة العوائق المباشرة والغير المباشرة على التراب اإلقليم ي والمتمثلة في المعيقات السياسية والقانونية‬
‫والبشرية والمالية وكذلك التقصيع الترابي األخير للمملكة ‪،‬إضافة إلى تداخل االختصاصات وتشعبها بين الوحدات‬
‫الترابية أي اإلقليم والجماعة والجهات‪ .‬كل هذا كان كافيا لتقسيم الباحثين إلى قسمين منهم من يرى ضرورة‬
‫اإلبقاء على اإلقليم كوحدة ترابية ألسباب ذاتية وأخرى موضوعية ‪،‬وفريق اخر من المهتمين بالشأن المحلي يرى‬
‫أن اإلقليم ال جدوى من وجوده في ظل اإلختصاصات الموكولة للجهة والجماعات خصوصا في المجال التنموي‬
‫‪24‬‬
‫وأن اإلقليم الهدف من وجوده أمني أكثر منه إقتصادي بحث وجد باألساس في فترة معينة للتحكم في كل الثورات‬
‫وكبح األصوات المعارضة للنظام خصوصا بعد التطاحن على السلطة التي عرفها المغرب بعد اإلستقالل مع‬
‫الملكية وبعض األحزاب الممثلة في اليسار ‪،‬لكن بعد هذه الفتره صاحبها إنفراج سياسي وتوجه النظام إلى‬
‫التقليص من مخلفات اإلستعمار من مغرب نافع ومغرب غير نافع ‪ ،‬وذلك بإدخال مجموعة من اإلصالحات‬
‫شملت كل المجاالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية ‪،‬توجت مؤخرا بدستور ‪ 2011‬الذي أعطى صالحيات‬
‫واسعة الفاعل المحلي وذلك عبر تبني الجهوية المتقدمة وذلك التأكيد على ضرورة وأهمية تنزيل ميثاق اآلتمركز‬
‫اإلداري ‪،‬إضافة إلى إستصدار القوانين التنظيمية الثالث سنة ‪ 2015‬التي حددت صالحيات وإختصاصات كل‬
‫من الجهة بإعتبارها القطب على المستوى المحلي من خالل القانون التنظيمي ‪ 111/14‬والعمالت واألقاليم من‬
‫خالل القانون ‪ 112/14‬الذي حدد إختصاصات اإلقليم وصالحياته ‪ ،‬وكذا القانون ‪ 113/14‬المنظم لعمل‬
‫الجماعات ‪ ،‬لكن مع كل هذا يسجل تداخل في اإلختصاصات أحيانا وضعف مردودية الجماعات الترابية‬
‫ومحدودية الموارد وهيمنة السلطات المركزية ‪،...‬فأمام هذا التداخل يؤكد فريق من المهتمين بالشأن العام المحلي‬
‫أن اإلقليم في ظل اإلختصاصات الموكولة للجهة والجماعات ال جدوى من وجوده على الخريطة الترابية بإعتبار‬
‫أن الفاعلين األخريين كافيين لخلق تنمية حقيقية وأن اإلقليم فقط يزيد من إثقال كاهل الجماعات الترابية من خالل‬
‫أجور الموظفين والعاملين فيه ال المنتخب وال المعيين ‪ ،‬كذالك يزيد من تشعب اإلختصاصات بينه وبين الجهة‬
‫والجماعات ‪،‬ويقترحون حذفه وإلحاق موارده وإختصاصاته بالوحدات األخرى الجماعة والجهة ‪،‬هذا الرأي له‬
‫مايبرره ويأكدون أن وجوده كان أمنيا أكثر منه تنمويا وأنه أصبح معرقل أكثر منه مساعد وفاعل في التنمية‬
‫الترابية المحلية‬

‫‪25‬‬
‫خاتمة‪:‬‬

‫تتسم حصيلة الالمركزية االقليمية بالمحدودية على مستوى المؤشرات التنمية بصفة عامة‪ ،‬والتنمية‬
‫القروية بصفة خاصة‪ .‬هكذا‪ ،‬فعلى الرغم من محاولة المشرع ايجاد تموقع جديد لإلقليم داخل الهندسة الترابية من‬
‫خالل تكليفه بمهام النهوض بالتنمية االجتماعية‪ ،‬خصوصا بالعالم القروي‪ ،‬فان الصالحيات التي اسند تاليه ال‬
‫تتناسب وحجم الرهانات السوسيو اقتصادية التي يمثلها هذا العالم‪ ،‬والصعوبات المقلقة التي تواجهها‪ ،‬بصفة‬
‫عامة‪ ،‬فتزايد اختالالت ومشاكل التدبير االداري والمالي على مستوى االقليم‪ ،‬وتواضع حصيلته التنموية‪ ،‬يسم‬
‫وجود هذا االخير وأدواره بالصورية‪.‬‬
‫وتعزى هزالة حصيلة التدخل التنموي لإلقليم الى اختزال وظيفته في المجال االداري‪ ،‬والحضور القوي‬
‫والمهيمن لممثل الدولة على مستوى االقليمي‪ ،‬وبالمقابل توفره على نخب تقليدية‪ ،‬تعوزها المشروعية والكفاءة‪،‬‬
‫مما يجعلها عاجزة عن ابتكار برامج ومشاريع تنموية‪ .‬ومن هذا المنطلق‪ ،‬اضحى ضروريا تطوير وتقوية‬
‫القدرات التدبيرية للمنتخبين على مستوى االقليمي من خالل تدعيم الثقافة القانونية لهم عن طريق تكوين المستمر‬
‫مما يمكنهم من القيام بممارسة صالحيتهم‪.‬‬
‫وفضال عن ذلك‪ ،‬نسجل صعوبة التمويل التنمية في ظل محدودية التمويل الذاتي والمستقل لإلقليم‪ .‬فضعف‬
‫الموارد الذاتية ال يتيح له امكانية تمويل البرامج والمشاريع التنموية‪ .‬من هنا‪ ،‬فدور االقليم يبقى رهينا بإيجاد حل‬
‫االشكالية التمويل‪ ،‬وبالتالي تمكين االقليم من الموارد المالية ا لذاتية التي تعد المحرك الرئيسي في عملية التنمية‪.‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬فإمكانية مساهمة االقليم في تحقيق التنمية االجتماعية خاصة في الوسط القروي يحتاج الى اعادة‬
‫النظر في فلسفة وجوده‪ ،‬وتحديد مشروعيته‪ ،‬وتحديد اختصاصاته بشكل دقيق وواضح‪ ،‬وتمتيعه باالستقالل‬
‫الحقيقي‪ ،‬خصوصا على المستوى المالي‪ ،‬وبحرية المبادرة والتدخل في قطاعات ومجاالت محددة بدفة‪ ،‬وبالتالي‬
‫تحصين استقاللية اتخاذ مقراراته تكريسا لمبدأ تدبير الحر‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وعلى هذا النحو‪ ،‬يتبين ادخال اصالحات جوهرية على التنظيم االقليمي هي الكفيلة بتطوير وظيفته‬
‫التنموية‪ ،‬وتستند تلك االصالحات أساسا على ضرورة اعادة النظر في طبيعة عالقة الدولة بالجماعات الترابية‬
‫بصفة عامة‪ ،‬وعالقاتها باإلقليم بصفة خاصة‪.53‬‬
‫إن نجاح التدبير التنموي االقتصادي واالجتماعي للجماعات الترابية يمر عبر توفير مجموعة من‬
‫الشروط والتدخالت وفي هذا اإلطار يأتي جانب القانوني في المقدمة هذه المجددات حيث يعتبر العنصر االول‬
‫والمؤسس لنوعية االدوار التي تقوم بها الالمركزية الترابية‪ .‬لذا يجب توفر إطار قانوني محفز وأكثر ايجابية‪.‬‬
‫مما يحتاج في تفعيله الى محددات أخرى‪ .‬وعلى رأسها الوسائل المادية‪ ،‬بينما تكمن االشكالية التنموية والتدبير‬
‫الحكاماتي لها يبقى رهينا بالمستوى التعليمي والتدبيري للمنتخبين المحليين الذين يملكون المبادرة ويحددون‬
‫السياسة االمة لجماعتهم المحلية ويخططون لبرامجها اال أن جماعتنا الترابية اليوم تفتقر في الواقع االمر‬
‫لمكنيزمات تحقيق التنمية ويكمن هذا االشكال في غياب موارد الجماعات الترابية وبالتالي لجؤها للقروض أو‬
‫دغم الدولة‪ .‬باإلضافة الى غياب آلية التقييم والتنسيق اذ أنه يتم وضع مخططات تنموية من طرف الجماعات‬
‫الترابية لمدة محددة لكن لم يتم مسايرته بمعرفة مدى تنفيذه من عدمه ومعرفة نسبة االنجاز‪.‬‬
‫أما بخصوص المخططات التي عرفتها الجماعات الترابية‪ ،‬في تطبيق برامج التجهيز واالستثمار قد‬
‫بينت جيدا العيوب الناتجة عن غياب سياسة بعيدة المدى في ميدان التنمية الترابية‪ .‬كما أن هذه العيوب قد ازدادت‬
‫بسبب عدم وجود إطار مجالي واسع لدى واضعي التخطيط يمكن بواسطته االلتقاء بالواقع المحلي والتخطيط له‪.‬‬
‫فاذا كانت المخططات السابقة قد ارتكزت على الجانب المحلي أو القطاعي‪ ،‬فان هذا االخير لم يشكل اطارا مالئما‬
‫وبالتالي لم يكن كافيا إلعطاء مفهوم حقيقي التنمية الترابية‪ ،‬ذلك أن االستثمارات ينبغي أن تدرس وتنجز على‬
‫جميع االصعدة المحلية‪ ،‬أخدا بعين االعتبار الخصوصيات الجماعية باعتبارها النواة الرئيسية للتنمية الترابية‪.‬‬
‫فغياب هذه المستويات قد تشكل نقصا في البرامج المغربية السابقة للتخطيط الترابي‪ ،‬يضاف الى ذلك أن تخطيط‬
‫القضايا والمشاكل المحلية ال يمكن أن يحل اال بإشاعة سلوك التعاون مع الجماعات والتآزر والتعاضد االجتماعي‬
‫واالقتصادي الذي يتناقض مع ما تسير اليه التجارب الديمقراطية المحلية من آفاق مسدود‪.‬‬
‫فالسياسة التخطيطية ساهمت في انتاج مظاهر مختلفة بعيدة عن تخطيط الترابي االستراتيجي تجلت في‪:‬‬
‫• االكتفاء بمخططات مديرية وقطاعية لم تسمح بقيام تنسيق وتفاعل بين مختلف القطاعات الحكومية‬
‫في رسم السياسات العمومية؛‬
‫• عدم ترجمة االستراتيجية الى برامج عمل واضحة وقابلة لإلنجاز بسبب النقص الحاصل في مهنة‬
‫الكفاءات البشرية وكذا سبب بطيء وتعقد المساطر التي تتحكم في االصالح؛‬

‫‪ -‬أحمد حاسون‪ ،‬مرجع السابق‪ .‬ص ‪144‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪27‬‬
‫• صعوبة مراجعة البرامج والتدخل في الوقت المناسب أتاج فرصة لظهور الحلول الجزئية الظرفية‪،‬‬
‫أثر مستوى القرار االستراتيجي حيث تم االكتفاء بقرارات جزئية إليجاد الحلول الناجعة‪54‬؛‬
‫• الممارسة التي طبعت التقييم العمومي ظلت أسيرة التصور الرقابي الذي يرتكز على تطبيق وسالمة‬
‫المساطير والتدقيق‪ .‬دون أن يتطور ليصبح أداة تنموية تساهم في االصالح شمولي للتدبير‬
‫االستراتيجي للشأن العام؛‬
‫• عدم فعالية المسلسل التخطيطي بسبب ضعف منظومة التواصل الداخلي والخارجي والخصائص‬
‫الكبيرة في الدراسات والبحوث حول الجدوى االهداف وعدم القدرة على انجاز تشخيص داخلي‬
‫للمؤسسات والذي قد يتيح للمخطط امكانية تلبيب الحاجيات وتحديد قيمتها ووقعها على االنتظارات‬
‫العمومية وتوظيف المشاريع االكثر تأثيرا في التنمية‪.55‬‬

‫‪ -‬نبيل ابوالخير‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.97‬‬ ‫‪54‬‬

‫‪ -‬نبيل ابوالخير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.98‬‬ ‫‪55‬‬

‫‪28‬‬
‫قائمة المراجع المعتمدة‪:‬‬
‫الكتب‪:‬‬
‫✓ صالح المستف‪ :‬الجهة بالمغرب رهان جديد لمغرب جديد‪ ،‬مطبعة المنشورات الجامعية المغربية‪،‬‬
‫بدون دار النشر‪.‬‬
‫✓ عبد اللطيف بروحو‪ ،‬مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية‪ ،‬طبعة ‪.2016‬‬
‫✓ أحمد أجعون‪" ،‬مضمون ونطاق التدبير الحر للجماعات الترابية"‪ ،‬ضمن أشغال األيام المغاربية‬
‫بعنوان "القانون الدستوري للجماعات الترابية‪ :‬دراسات مقارنة"‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫‪2015‬‬
‫✓‬
‫✓ عبد اللطيف جبراني‪ ،‬تنظيم واختصاصات الجماعات الترابية‪ ،‬سنة ‪.2017-2016‬‬

‫االطروحات والرسائل ‪:‬‬


‫األطروحات‪:‬‬
‫‪-1‬عبد الواحد مبعوث‪،‬التنمية الجهوية بين عدم التركيز اإلداري والآلمركزية ‪،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون العام ‪،‬جامعة محمد الخامس ‪،‬كلية العلوم القانونية واإلجتماعية الرباط ‪ -‬أكدال‪،‬السنة الجامعية‬
‫‪.1992-2000‬‬

‫الرسائل ‪:‬‬
‫‪ -1‬صالح المسقف ‪،‬التطور اإلداري في أفق الجهوية بالمغرب (من المركزية‬
‫إلى الآلمركزية ) رساله لنيل دبلوم الدراسات العليا في العلوم القانونية‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية ‪،‬جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء ‪،‬منشورات‬
‫مؤسسة بنشره للطباعة والنشر‬
‫النصوص القانونية‪:‬‬
‫الدستور‪:‬‬

‫‪29‬‬
‫✓ دستور ‪ ، 1962‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف الصادر يوم الجمعة‪ ،‬في ‪ 17‬رجب ‪ 1382‬موافق‬
‫‪ 14‬دجنبر ‪ 1962‬الصادر بجريدة الرسمية عدد ‪ 2616‬مكرر‪ ،‬الصادرة في ‪ 22‬رجب ‪1382‬‬
‫موافق ‪ 19‬دجنبر ‪. 1962‬‬
‫✓ دستور ‪ ، 1970‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1.70.177‬الصادر بالتاريخ ‪ 27‬جمادى‬
‫األولى ‪ 1390‬موافق ‪ 31‬يوليوز ‪ ،1970‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3013‬مكرر‪ ،‬الصادرة‬
‫في ‪ 28‬جمادى األولى ‪1390‬موافق فاتح غشت ‪.1970‬‬
‫✓ دستور ‪ ،1972‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1.72.061‬الصادر بتاريخ ‪ 23‬محرم ‪1392‬‬
‫الموافق ل ‪ 10‬مارس ‪ ،1972‬الصادر بجريدة الرسمية عدد ‪ ،3098‬الصادر بتاريخ ‪ 28‬محرم‬
‫‪ 1392‬موافق ‪ 15‬مارس ‪.1972‬‬
‫✓ الدستور ‪ ، 1992‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف عدد ‪ ، 1.155،5‬الصادر في ‪ 11‬ربيع األول‬
‫‪ 1413‬موافق ل ‪ 9‬أكتوبر ‪ ،1992‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4172‬الصادر في ‪ 16‬ربيع‬
‫األول ‪ 1413‬موافق ل ‪ 14‬أكتوبر ‪.1992‬‬
‫✓ الدستور ‪ ، 1996‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1.96.157‬الصادر في جمادى األولى‬
‫‪ 1417‬موافق ‪ 17‬أكتوبر ‪ ،1996‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،4420‬الصادرة بتاريخ ‪26‬‬
‫جمادى األولى ‪ 1417‬موافق ‪10‬أكتوبر ‪.1996‬‬
‫✓ الدستور ‪ ،2011‬الصدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1.11.91‬الصادر ‪ 27‬شعبان ‪ ،1432‬الموافق‬
‫ل ‪ 29‬يوليو ‪ ،2011‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5964‬مكرر ن الصادر في ‪ 28‬شعبان ‪،1432‬‬
‫الموافق ل ‪ 30‬يوليو ‪.2011‬‬

‫الخطابات الملكية‪:‬‬

‫✓ مقتطف من نص الخطاب الملكي‪ ،‬بمناسبة انعقاد أول اجتماع لعمال العماالت و األقاليم‪ 12،‬يوليوز‬
‫‪،1956‬وارد ب‪:‬عبد الرحمان جمجامة ‪":‬اإلدارة بالالمركزية مع الالتمركز و سياسة القرب في‬
‫الخطاب و النشاط الملكي من محمد الخامس إلى محمد السادس"‪ ،‬دار السالم للطباعة و النشر و‬
‫التوزيع الرباط‪ ،‬الطبعة االولى‪.2004‬‬

‫‪30‬‬
‫القوانين التنظيمية‪:‬‬
‫✓ القانون التنظيمي ‪ 111.14‬المتعلق بالجهات الصادر سنة ‪. 2015‬‬
‫✓ القانون التنظيمي ‪ 112.14‬المتعلق بالعماالت و االقاليم الصادر سنة ‪.2015‬‬
‫✓ القانون التنظيمي ‪ 113.14‬المتعلق بالجماعات الصادر سنة ‪. 2015‬‬

‫الظهائر‪:‬‬
‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ ،1.59.351‬الصادر في فاتح جمادى الثانية ‪ 1379‬موافق‪ 2‬دجنبر ‪، 1959‬‬
‫بتغيير الظهير الشريف رقم ‪ ،1.56.133‬الصادر في ‪ 8‬ربيع األول ‪1376‬موافق ‪ 13‬أكتوبر ‪1956‬‬
‫بشأن التقسيم اإلداري للمملكة‪ ،‬الصادر ج ر عدد ‪ ،2458‬الصادرة بتاريخ ‪ 3‬جمادى الثانية ‪1379‬‬
‫موافق ‪ 4‬دجنبر ‪.1959‬‬
‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.59.315‬الصادر في ‪ 28‬ذي الحجة ‪ 1379‬الموافق ل‪ 23‬يونيو ‪،1960‬‬
‫بشأن النظام الجماعات‪ ،‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد‪ 2487‬الصادرة في ‪ 29‬ذي الحجة ‪1379‬‬
‫الموافق ل ‪ 24‬يونيو ‪.1960‬‬
‫✓ المادة ‪ 3‬من الظهير الشريف رقم ‪ 1.07.195‬الصادر في ‪ 19‬من ذي القعدة ‪ 30( 1428‬نونبر‬
‫‪ )2007‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 47.06‬المتعلق بالجبايات المحلية‪ ,‬جريدة الرسمية‪ ,‬عدد ‪ 5583‬بتاريخ‬
‫‪ 22‬ذو القعدة (‪ 3‬دجنبر ‪. )2007‬‬
‫✓ الظهير الشريف ل ‪ 12‬شتنبر ‪1963‬بشأن التنظيم العماالت و األقاليم و مجالسها المشار إليه سابقا‬
‫‪.‬‬
‫✓ ظهير الشريف ‪ 1.02.269‬صادر في ‪ 25‬رجب ‪1/1423‬أكتوبر ‪ ،2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪79.00‬‬
‫المتعلق بتنظيم العماالت و ألقاليم‪ ،‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5058‬بتاريخ ‪ 16‬رمضان‬
‫‪ 23/1423‬نوفمبر ‪. 2002‬‬
‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.84‬الصادر في ‪ 20‬رمضان‪ 1436‬موافق ل ‪ 07‬يوليو ‪ 2015‬بتنفيذ‬
‫القانون التنظيمي رقم ‪ 112.14‬المتعلق بالعماالت و األقاليم المنشور في الجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 6380‬بتاريخ ‪ 23‬يوليو ‪. 215‬‬
‫✓ الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.173‬الصادر بتاريخ ‪ 21‬نوفمبر ‪ 2011‬بتنفيذ القانون التنظيمي رقم‬
‫‪ 59.11‬المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية ‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5997‬مكرر‬
‫بتاريخ ‪ 22‬نوفمبر ‪.2011‬‬
‫مراسيم‪:‬‬
‫‪31‬‬
‫✓ المرسوم رقم ‪ 2.17.618‬صادر في ‪ 18‬من ربيع الثاني‪ 26( 1440‬دجنبر ‪ )2018‬بمثابة ميثاق‬
‫لالتمركز االداري‪ ،‬جريدة الرسمية عدد ‪ 6738‬بتاريخ ‪ 19‬ربيع الثاني ‪ 27( 1440‬دجنبر ‪)2018‬‬
‫‪.‬‬
‫✓ المادة الثانية من مرسوم رقم ‪ 2.17.296‬صادر في ‪ 14‬رمضان ‪ 9 ( 1438‬يونيو ‪ )2017‬بتحديد‬
‫القواعد التي تخضع لها عمليات االقتراضات التي تقوم بها العمالة او االقليم‪ ,‬عدد ‪ 6578‬بتاريخ‬
‫‪ 15‬يونيو ‪.2017‬‬
‫✓ المادة ‪ 2‬من المرسوم رقم ‪ ،2.16.404‬صادر في ‪ 4‬غشت ‪ 2016‬بتحديد شروط و مساطر تشجيع‬
‫التعاون و التشاور و التكامل بين العمالة و االقليم و الجماعات الموجودة بترابها في كل ما يرتبط‬
‫باالشراف المنتدب على المشروع‪ ،‬جريدة الرسمية‪ .‬عدد ‪ 6508‬بتاريخ ‪ 11‬أكتوبر ‪.2016‬‬
‫✓ مرسوم رقم ‪ ،2.17.309‬صادر في ‪ 3‬يوليو ‪ 2017‬بتحديد كيفيات تحفيز الدولة للعماالت و االقاليم‬
‫على تأسيس مجموعات عماالت أو أقاليم‪ ،‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 6587‬بتاريخ ‪ 17‬يوليو ‪.2017‬‬

‫المقاالت ‪:‬‬

‫✓ مصطفى قريشي‪":‬القانون التنظيمي للعماالت و األقاليم مستجدات محدودة و أفاق مبهمة "التدبير‬
‫المحلي و الحكامة الترابية على ضوء القوانين التنظيمية الجديدة ‪ ،‬مجلة سلسلة الدراسات الدستورية‬
‫و السياسية‪.‬‬
‫✓ محمد عنتري‪ " :‬الجديد في السلطة التنفيذية المحلية"‪،‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية‬
‫[سلسلة مواضيع الساعة ] ‪ ،‬عدد ‪.2001، 32‬‬
‫✓ محمد الزاهي‪ " ،‬الوظيفة التنسيقية للوالة و العمال " ‪ ،‬المجلة المغربية للقانون االداري و العلوم‬
‫االدارية ‪ ،‬عدد مزدوج ‪.2017 ،3-2‬‬
‫✓ محمد اليعقوبي‪ " ،‬الجماعات الترابية بين الرقابة القضائية و التنمية المحلية"‪ ،‬المجلة المغربية‬
‫للقانون االداري و العلوم االدارية‪ ،‬عدد مزدوج ‪.2017 ،3-2‬‬

‫✓ المهدي الفحصي‪ " ،‬قراءة في بعض مظاهر اختالالت التدبير االداري و معيقات التنمية الترابية و‬
‫الحكامة الجيدة"المجلة المغربية للقانون االداري و العلوم االدارية‪ ،‬عدد مزدوج ‪.2017 ،3-2‬‬
‫✓ أحمد حاسون‪ ،‬االقليم ورهان التنمية الترابية بالمغرب‪ :‬االدوات و المعيقات‪،‬المجلة المغربية لالدارة‬
‫المحلية و التنمية‪،‬عدد مزدوج ‪ ،145،2019_144‬مطبعة البيضاوي سال‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫✓ محمد الغالي و الراشيدي الحسن‪ " ،‬الحكامة المالية في ضوء االدوار الجديدة للجماعات الترابية"‪،‬‬
‫المجلة المغربية للالدارة المحلية و التنمية‪،‬عدد ‪124‬ن شتنبر‪ -‬أكتوبر ‪.2015‬‬

‫قرارات و مناشير‪:‬‬

‫✓ سنعتمد على معطيات الرقمية الواردة في تقرير‪" :‬الالمركزية في أرقام ‪ "2015-2014‬المديرية‬


‫العامة للجماعات المحلية‪ ،‬وزارة الداخلية‪ ,‬مملكة المغربية‪ ،‬مطبعة الوزارة الداخلية‪.2015 ،‬‬
‫✓ حسب التقرير الموضوعاتي للمجلس األعلى للحسابات حول تقييم نظام الوظيفة العمومية‪.‬‬
‫✓ تقرير موضوعاتي للمجلس األعلى للحسابات حول تقييم نظام الوظيفة العمومية – خالصة ‪ ,‬أكتوبر‬
‫‪.,2017‬‬
‫✓ يؤكد المجلس االقليمي لتزنيت‪ ،‬ملخص تقرير تقييم السنة االولى من تنفيذ برنامج التنمية في اقليم‬
‫تيزنيت – سنة ‪2017‬‬
‫✓ التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ‪ ,2017-2016‬خالصة أن أنشطة المجالس‬
‫الجهوية للحسابات‪ ,‬نظرة عامة لمالية الجماعات التر ابية‪ ،‬المجلس األعلى للحسابات‪ ,‬المملكة‬
‫المغربية‪.2018 ,‬‬
‫✓ برنامج تنمية االقليم سطات ‪ 2021-2016‬مرجع سابق‪.‬‬
‫✓ تقرير مجلس االعلى للحسابات ‪ ,‬نظرة حول مالية الجماعات الترابية‪ ,‬مرجع سابق‪.‬‬
‫✓ دليل التعاون و الشراكة للجماعات المحلية‪ ،‬وزارة الداخلية‪ ،‬المديرية العامة للجماعات المحلية‪،‬‬
‫مطبعة وزارة الداخلية‪ ،‬يناير ‪.2011‬‬
‫✓ ندوات علمية‬
‫✓ وزارة الداخلية‪ " :‬أشغال المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية" أكتوبر ‪ 1998‬بالدار البيضاء‬
‫تحت عنوان "الالتركيز الزمة الالمركزية" مطبعة فضالة المحمدية‪.1998 ،‬‬
‫✓ عبد الكريم بن عاشور‪ ،‬أيمن فالق‪ ،‬ندوة علمية" الجهوية‪ ،‬الحكامة و التنمية الترابية بالمغرب بين‬
‫اشكالية التصور و التحديات"‪ ،‬مركز اآلداب و العلوم االنسانية‪ ،‬أيت ملول‪ ،‬سنة ‪.2017‬‬

‫المواقع االلكترونية‪:‬‬

‫‪33‬‬
https://attanmawi.wordpress.com/2017/01/09/%D8%AA%D9%86%D8% ✓
A7%D8%B2%D8%B9-
%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%B5%D8%A7%
D8%B5-%D8%A8%D9%8A%D9%86-
%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%8A%D8%A6%D8%A7%D8%AA -
%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%B1%D9%83%D
8%B2%D9%8A/
http://www.muat.gov.ma/?q=ar/article ✓

:‫المراجع بالغة الفرنسية‬


El Yaagoubi" le bilan de la décentralisation provinciale au Maroc" ✓
, série [thèmes actuels] N 32, 2001،REMAlD
Michel Rousset ; "Décentralisation et pouvoir central :constantes et ✓
évolution", REMALD, Série "Thèmes actuals" ; n 44 ; 2003
Jacqueline Montain-Domenach et Christine Brémondé. Droit des ✓
collectivités territoriales. PUG, 3 éd. Grenoble. Septembre 2007.

34
‫الفهرس‪:‬‬
‫مقدمة‪1...........................................................................................:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬عراقيل التنمية على التراب االقليمي ‪5...............................................‬‬
‫المطلب االول‪ :‬المعيقات السياسية والقانونية على التراب اإلقليمي ‪6..........................‬‬
‫الفرع األول‪ :‬المعيقات السياسية على التراب اإلقليمي ‪6......................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلكراهات القانونية على التراب‬
‫اإلقليمي‪09...........................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اإلكرهات البشرية والمالية على التراب اإلقليمي ‪11..........................‬‬
‫الفرع االول‪ :‬اإلكرهات البشرية على التراب اإلقليمي ‪11.....................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اإلكرهات المالية على التراب اإلقليمي ‪12......................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬العوائق األخرى على على التراب اإلقليمي وعواقبها ‪....................‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬التقسيم الترابي وإشكالية تداخل اإلختصاص بين اإلقليم وباقي الوحدات‬
‫الترابية‬
‫الفرع األول ‪ :‬التقطيع الترابي األخير‬
‫‪12.........................................................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬إشكالية تداخل اإلختصاصات بين اإلقليم وباقي الوحدات الترابية ‪15.....‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬نتائج حدة العوائق على التراب اإلقليمي ‪23....................................‬‬


‫الفرع االول‪ :‬اآلراء التي ترى ضرورة اإلبقاء على اإلقليم ‪23...............................‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬اآلراء التي ترى أن حذف اإلقليم كوحدة ترابية ضرورة ملحة ‪24.........‬‬
‫خاتمة‪26..........................................................................................:‬‬
‫الئحة المراجع‪29................................................................................:‬‬
‫الفهرس‪36......................................................................................................:‬‬

You might also like