Professional Documents
Culture Documents
المحلي
وجد المغرب نفسه غداة االستقالل أمام تركة استعمارية جسيمة ،وتنظيما مجاليا جهويا وإقليميا ،يتنافى
شكال ومضمونا مع تطلعات الشعب المغربي ،وال يستجيب النشغاالت الجديدة للدولة علما أن رغبة المسؤولين
اتجهت بداية نحو القضاء على ضعف التأطير من جهة واثبات وجود السلطة الجديدة من جهة أخرى .و بذلك تبني
المغرب لإلطار اإلقليمي كوسيلة تمكن من فرض سلطة الدولة الفتية سياسيا و إداريا 1باعتبار اإلقليم أهم التقسيمات
اإلدارية للدولة و هو األمر الذي أكد عليه الملك محمد الخامس في خطاب له بمناسبة أول اجتماع لعمال العماالت و
األقاليم قائال ":و كلكم على علم بأننا منذ أخدنا نتقلب في هذه النعمة كان من بين ما أنجزناه في ميدان اإلصالح
اإلداري أن ق سمنا المغرب إلى عماالت و جعلنا مسؤوال على رأس كل عمالة، 2وبذلك يكون من جهة قد حدد
العماالت و األقاليم كإطار للتنظيم اإلداري و التقسيم الترابي ،الذي سينهجه المغرب في المستقبل ومن جهة أخرى
أسس لبعد جغرافي ذا أهمية في المنظومة الترابية لألمن و الضبط و مراقبة المجال .
و هكذا عرف التراب الوطني بعد االستقالل تقسيما إداريا بمقتضى المؤرخ بتاريخ 13اكتوبر 1956الذي
قسم المغرب إلى 19اقليم و 5عماالت ،غير أن هذا الظهير سرعان ما ثم تغيره بظهير التقسيم اإلداري الصادر في
2دجنبر ،31959الذي جاء برؤية وتوجها أكثر وضوحا .ويمكن اعتبار سنة 1959سنة مرجعية في التاريخ
الالمركزية بالمغرب ،حيث تم وضع اللبنات األولى للتنظيم الجماعي .وقد تم بمقتضاه تقسيم البالد إلى 16اقليما
وعمالتين .حيث شكل ذلك الظهير النواة القانونية والتنظيمية لتحديد أبعاد الخريطة اإلدارية والترابية ،وإعادة ترتيب
المجال الترابي بناء على استراتيجية سياسية جديدة تعزز من شرعية السلطة وتلغي العمل بالتقسيم الجهوي
االستعماري .4بل ومعطى أولي لظهور اإلدارة بمفهومها الحديث على المستوى المحلي في مرحلة االستقالل .و منذ
ذلك الفترة ثم اعتبار اإلقليم وحدة إدارية لعدم التركيز اإلداري من جهة و وحدة محلية المركزية من جهة ثانية
ا الالمركزية اإلقليمية ظلت دائما تصطدم بمجموعة من العوائق و المعيقات البنيوية العميقة و يتعلق األمر أساسا
- 1صالح المستف ":التطور اإلداري في أفق الجهوية بالمغرب (من المركزية إلى الالمركزية)» ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في العلوم
القانونية االقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء ،منشورات مؤسسة بنشه للطباعة والنشر 1989 ،ص. 5
- 2مقتطف من نص الخطاب الملك ي ،بمناسبة انعقاد أول اجتماع لعمال العماالت و األقاليم 12،يوليوز ،1956وارد ب:عبد الرحمان جمجامة
":اإلدارة بالالمركزية مع الالتمركز و سياسة القرب في الخطاب و النشاط الملكي من محمد الخامس إلى محمد السادس" ،دار السالم للطباعة و
النشر و التوزيع الرباط ،الطبعة االولى،2004ص .42
- 3الظهير الشريف رقم ،1.59.351الصادر في فاتح جمادى الثانية 1379موافق 2دجنبر ، 1959بتغيير الظهير الشريف رقم ،1.56.133
الصادر في 8ربيع األول 1376موافق 13أكتوبر 1956بشأن التقسيم اإلداري للمملكة ،الصادر ج ر عدد ،2458الصادرة بتاريخ 3جمادى
الثانية 1379موافق 4دجنبر ،1959ص . . 3419
- 4عبد الواحد مبعوث« :التنمية الجهوية بين عدم التركيز اإلداري و الالمركزية " ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية العلوم
القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،جامعة محمد الخامس أكدال الرباط ،2000-1999 ،ص .19
1
بتدخل السلطة المركزية و ممثليها في الشؤون الخاصة بسير المجالس المنتخبة و الدور المزدوج للعامل كممثل
للسلطة المركزية و كجهاز تنفيذي لإلقليم من خالل تشديد الرقابة الوصائية باإلضافة إلى قلة الموارد و ضعف
اإلمكانيات و من هنا فقد كان هذا األمر و ال يزال يحول دون تحقيق المركزية حقيقية و يحد من رقي في الحكامة
الترابية .5
و ارتباطا بما سبق و بعد رسم معالم الخريطة اإلدارية و ظهور بمفهومها الحديث بالمستوى المحلي في إطار
عدم تركيز اإلداري و تكريس النظام الالمركزية كذلك على مستوى األقاليم و العماالت بعد تطبيقه على صعيد
الجماعي بموجب ظهير 23يونيو 61960و بصدور دستور 1962الذي أضفى صفة الجماعة المحلية عليها و من
تم جاء اختيار اإلقليم كوحدة إدارية و ترابية قادرة على استيعاب التنظيم القبلي الذي كان قبل التنظيم التقليدي للتراب
الوطني و يعكس الخصوصية الثقافية و العرقية و االجتماعية للمجال الترابي المغربي باإلضافة إلى القيام بوظيفة
تمثيل و تجسيد الدولة على مستوى المحلي .
ولتدعيم دور اإلقليم قام المشرع بتعزيز مكانته كجماعة محلية بوضع إطار قانوني ينظم مؤسستها ويحدد
اختصاصات المنوطة بها بموجب الظهير 12شتنبر 71963وطبقا للفصل األول من هذا الظهير تعتبر العماالت
واألقاليم جماعات إقليمية يجري عليها القانون العام وتتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي .وينص هذا
الظهير أيضا على إن الشؤون العمالة واإلقليم يديرها المجلس اإلقليمي وذلك طبقا للشروط المحددة وعلى أن المجلس
يخضع من حيث النظام سير العمل به وكذا من حيث الرقابة المفروضة عليه لمقتضيات الظهير المذكور
و لقد حددت الفصول المتعلقة باختصاصات مجالس العماالت و األقاليم في الباب الرابع من ذلك الظهير و هي تشمل
اختصاصات تقريرية و أخرى استشارية و خالفا لما هو عليه األمر في التنظيم الجماعي فالتنظيم اإلقليمي جعل من
العامل الجهاز المنفذ للقرارات المجلس و صاحب السلطة األولى في اإلقليم حيث زوده المشرع باختصاصات جد
مهمة و لقد بقي ذلك القانون دون تغيير و لفترة طويلة مما افرز في تطبيقه عدة سلبيات لم تساير التطور المغرب و
لم تتكيف مع المعطيات ا القتصادية و االجتماعية و الثقافية الجديدة إضافة إلى هيمنة السلطة المحلية على جل أشغالها
و تنفيذ قراراتها اإلدارية و المالية
إن التأمل في االختصاصات التي منحت للعماالت واألقاليم حسب ظهير 1963يظن أنها كفيلة بالنهوض
بالتنمية اإلقليمية إال أنها في الواقع بقيت مجردة من أية وظيفة تذكر وذلك راجع لعدة اكراهات حالت دون تحقيق
ذلك:8
-مصطفى قريشي ":القانون التنظيمي للعماالت و األقاليم مستجدات محدودة و أفاق مبهمة "التدبير المحلي و الحكامة الترابية على ضوء 5
القوانين التنظيمية الجديدة ،مجلة سلسلة الدراسات الدستورية و السياسية ،عدد 4ص . 247
- 6الظهير الشريف رقم 1.59.315الصادر في 28ذي الحجة 1379الموافق ل 23يونيو ،1960بشأن النظام الجماعات ،الصادر بالجريدة
الرسمية عدد 2487الصادرة في 29ذي الحجة 1379الموافق ل 24يونيو 1960ص .1970
- 7الظهير الشريف ل 12شتنبر 1963بشأن التنظيم العماالت واألقاليم ومجالسها المشار إليه سابقا ،ص .2151
8 - El Yaagoubi" le bilan de la décentralisation provinciale au Maroc" REMAlD، série [thèmes actuels] N 32,
2001 ,p 916
2
• ضعف الوسائل المالية حيث ال تتوفر العماالت واألقاليم إال على بعض الرسوم القليلة العدد وذات مردودية
ضعيفة .
• هيمنة العامل على سائر الحياة االقتصادية مما يجعل منه الرئيس الفعلي في حين تبقى الوظيفة المجالس
التداولية اإلقليمية شكلية .
و لتلك األسباب و غيرها ثم التفكير في مراجعة الظهير 1963الذي كان مطلبا للسلطات العمومية و القوى
السياسية بمختلف مشاربها ، 9خاصة و إن المغرب عرف تحوالت كبيرة على مستوى بنية الدولة ووظيفتها في
ارتباطها مع اختصاصات الجماعات المحلية و قد تم تعبير عن هذه اإلرادة في عدة مناسبات كان أهمها ما خلصت
فقد ترجمت تلك 10
إليه أشغال المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية المنعقدة سنة 1998بالدار البيضاء
التوصيات التي خرجت بها المناظرة في شكل قانون 79.00 11المتعلق بتنظيم العماالت و األقاليم بحيث جاء بعدة
مستجدات عامة و خاصة على مستوى التدبير االقتصادي حيث أصبحت العماالت و األقاليم في نفس المرتبة
الجماعات الحضرية و القروية و الجهات.
لكن برغم من المستجدات المهمة التي أتى بها القانون 79.00والتي كان من شأنها لو تم إيجاد الظروف المناسبة
وأن تساهم في خدمة الحكامة وخصوصا على مستوى المحلي .وقد كان هذا القانون يرمي إلى تأهيل العماالت واألقاليم
باعتبارها جماعة وسيطة ،ومساواتها مع باقي الجماعات الترابية وجعلها تساير وتيرة التغيرات التي يعرفها المغرب كما
يمكن القول إن القانون 79.00قد حاول إخراج العماالت واألقاليم من جمودها اإلداري ومحدوديتها التنموية وحاول أن
فتح لها أفاق واعدة على صعيد التدبير االقتصادي لكن ذلك لم يتحقق إذ لم يتم إرفاقه بوسائل مالية وطاقات بشرية من
شأنها أن تترجم طموحاتها واستراتيجيتها الى ارض الواقع وأن تكون بالفعل جماعة وسيطة بين الدولة والمواطنين.12
و في نفس الوقت لم يأتي القانون 79.00بمستجدات جوهرية ترقى الالمركزية اإلدارية إلى مكانة التي تستحقها في هذا
المستو ى حيث ظل العامل هو األمر بالصرف و المسؤول عن تنفيذ قرارات المجلس و عموما يمكن القول إن السياسة
الترابية غير الناجحة السيما على مستوى التدبير االقتصادي ،حرمت مجموعة من العماالت و األقاليم من مؤشرات
تنموية مهمة فسوء التقسيم الترابي و اإلداري خلق تباينا واضح ا على مستوى توزيع الثروات الطبيعية و االستفادة من
13
اليد العاملة النشيطة بل األكثر من ذلك خلق تباينا بين األقاليم المملكة على مستوى التجهيزات األساسية و البنيات التحتية
أما بخصوص مسألة التأصيل الدستوري للتنظيم اإلداري المحلي بالمغرب و التي ابتدأت مع صدور أول دستور للمملكة
- 9محمد عنتري" :الجديد في السلطة التنفيذية المحلية « ،المجلة المغربية لإلدارة المحلية والتنمية [سلسلة مواضيع الساعة] ،عدد ،2001، 32
ص .29
- 10وزارة الداخلية " :أشغال المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية" أكتوبر 1998بالدار البيضاء تحت عنوان "الالتركيز الزمة
الالمركزية" مطبعة فضالة المحمدية ،1998 ،ص .130
- 11ظهير الشريف 1.02.269صادر في 25رجب 1/1423أكتوبر ،2002بتنفيذ القانون رقم 79.00المتعلق بتنظيم العماالت واألقاليم،
الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5058بتاريخ 16رمضان 23/1423نوفمبر 2002ص . 3490
- 12صالح المستف :الجهة بالمغرب رهان جديد لمغرب جديد ،مطبعة المنشورات الجامعية المغربية ،بدون دار النشر ،الطبعة األولى ،1993ص
. 39
- 13مصطفى القريشي ،مرجع السابق ،ص . 250
3
المغربية سنة ، 196214حيث ستتم دسترة هذا الشكل التنظيمي ألول مرة بمقتضيات محددة لمكوناتها و اإلطار عملها و
هو اإلطار الذي حافظت عليه الدساتير الالحقة إلى حدود سنة 1995التي ستعرف تحوال مهما على مستوى مكوناتها
بإضافة الجهات كجماعة محلية جديدة لقد جاء في الفصل 93من دستور 1962على أن " الجماعات المحلية بالمملكة
المغربية هي العماالت و األقاليم و الجماعات و يكون إحداثها بالقانون " و ثم االحتفاظ بنفس الصياغة في دساتير 197015
في الفصل 86و دستور 197216في الفصل 87من الدستور و إضافة الجهات في دستور 171992في الفصل 24و
دستور 181996في الفصل 100و خصص دستور 2011الباب التاسع منه للجهات و الجماعات الترابية حيث نص
الفصل 135منه على أن الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات و العماالت و األقاليم و الجماعات و اعتبارها أشخاص
معنوية خاضعة للقانون العام و تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية كما أكدت كل الدساتير المتعاقبة على مسألة تولي العمال
تنفيذ مقرارات مجالس العماالت و األقاليم إلى أن جاء دستور 192011الذي نص في الفصل 145منه على أنه " يساعد
الوالة و العمال رؤساء الجماعات الترابية و خاصة رؤساء مجالس الجهوية على تنفيذ المخططات و البرامج التنموية"
دخل المغرب في مرحلة جديدة من اإلصالحات الكبرى لإلدارة المغربية المحلية من خالل فتح ورش إصالح اإلدارة
الترابية ثم من خالل تنصيب اللجنة االستشارية للجهوية المتقدمة التي جاءت بعدد من المقترحات التي تهم اإلصالح
اإلطارات الترابية بما فيها اإلقليمية حيث خلصت إلى ضرورة االحتفاظ في الظروف الراهنة بمجالس العماالت و األقاليم
مع اقتراح إجراء تقييم شمولي لمنظومة الجماعات الترابية في المستقبل و تتويجا لتلك المقترحات صدر القانون التنظيمي
للعماالت و األقاليم 112.1420إلى جانب كل من القانون التنظيمي للجماعات و القانون التنظيمي للجهات و الذي حاول
تجسيد وتنزيل مقترحات اللجنة االستشارية للجهوية المتقدمة و تكريس المبادئ التي جاء بها دستور 2011بحيث جاء
إصدار هذا القانون التنظيمي رغبة من المشرع المغربي في تجاوز العيوب و النقائص التي شابت القوانين السابقة في
تدبيرها للشؤون المحل ية و إعطاء أدوار جديدة للمجالس المحلية و منحها مجاال أوسع للتدخل في شتى الميادين االقتصادية
و اجتماعية ،الثقافية و البيئية من اجل الوصول إلى التنمية الترابية حقيقية تجعل من خدمة اإلنسان و المواطن المحلي
األساس و الجوهر في كل مشروع تنموي محلي و على هذا األساس تم تحفيز الجماعات الترابية بجميع أصنافها على
إحداث قطيعة مع المرحلة السابقة و االنتقال من الممارسة التدبيرية ألمورها المحلية من الطابع اإلداري البيروقراطي
- 14دستور ، 1962الصادر بتنفيذه الظهير الشريف الصادر يوم الجمعة ،في 17رجب 1382موافق 14دجنبر 1962الصادر بجريدة الرسمية
عدد 2616مكرر ،الصادرة في 22رجب 1382موافق 19دجنبر 1962ص 2993
- 15دستور ،1970الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.70.177الصادر بالتاريخ 27جمادى األولى 1390موافق 31يوليوز ،1970
الصادر بالجريدة الرسمية عدد 3013مكرر ،الصادرة في 28جمادى األولى 1390موافق فاتح غشت ،1970ص 1930
- 16دستور ،1972الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.72.061الصادر بتاريخ 23محرم 1392الموافق ل 10مارس ،1972الصادر
بجريدة الرسمية عدد ،3098الصادر بتاريخ 28محرم 1392موافق 15مارس ،1972ص 626
- 17الدستور ،1992الصادر بتنفيذه الظهير الشريف عدد ، 1.155،5الصادر في 11ربيع األول 1413موافق ل 9أكتوبر ،1992الصادر
بالجريدة الرسمية عدد 4172الصادر في 16ربيع األول 1413موافق ل 14أكتوبر ،1992ص 1247
- 18الدستور ،1996الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.96.157الصادر في جمادى األولى 1417موافق 17أكتوبر ،1996الصادر
بالجريدة الرسمية عدد ،4420الصادرة بتاريخ 26جمادى األولى 1417موافق 10أكتوبر ،1996ص 2281
- 19الدستور ،2011الصدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.11.91الصادر 27شعبان ،1432الموافق ل 29يوليو ،2011الصادر بالجريدة
الرسمية عدد 5964مكرر ن الصادر في 28شعبان ،1432الموافق ل 30يوليو ،2011ص .3600
- 20الظهير الشريف رقم 1.15.84الصادر في 20رمضان 1436موافق ل 07يوليو 2015بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 112.14المتعلق
بالعماالت و األقاليم المنشور في الجريدة الرسمية عدد 6380بتاريخ 23يوليو 215الصفحة 6625
4
إلى التدبير المقاوالتي ما معناه أن تصبح الجماعات الترابية كمقاوالت من حيث تدبيرها و تسييرها الستراتيجياتها التنموية
كما تم حثها على التعاون فيما بينها كلما كان هناك عمل مشترك أو تدبير مرفق ذي فائدة مشتركة باإلضافة إلى إمكانية
التعاقد مع المجتمع المدني و القطاع الخاص باعتبارهم ا فاعلين أساسيين في عملية التنمية لكسب رهان التنمية الترابية
كهدف استراتيجي ال بد من تحقيقه على مستوى األقاليم والبد كذلك الحديث عن أنجع الوسائل واآلليات الحديثة لتحقيق
هذا البعد التنموي.
وبناء على ما سلف ذكره في مجال التنمية فان ذلك يقودنا إلى إشكالية رئيسية ومحورية وهي كالتالي:
ومن هذه اإلشكالية الرئيسية كان من الالزم البحث عن إجابة للتساؤالت الفرعية التالية:
ماهي العوائق المباشرة والغير المباشرة على تراب اإلقليم ؟
ماهي نتائج وتبيعات كل هذه المعيقات على تراب اإلقليم ؟
لإلحاطة بهذا الموضوع اقترحنا التقسيم التالي:
تواجه االقليم عدة قيود وصعوبات تحد من تدخله في مجال النهوض بالتنمية االجتماعية .وفي هذا
الجانب ،تشكل القيود السياسية والقانونية احدى االسباب االساسية لضعف التدخل التنموي على المستوى االقليمي.
كما تعزى محدودية االداء التنموي لإلقليم الى ضعف موارده البشرية والمالية وفي هذا اإلطار سنتناول بداية
مختلف القيود السياسية والقانونية التي تحد من تدخل التنموي لإلقليم لنعمد بعد ذلك الى التوقف عند صعوبات
االخرى المرتبطة بمحدودبة المالية والبشرية هذا سنعتمده فالمطلب االول بينما المطلب الثاني سنعمد االكراهات
التي تقف حاجزا لتحقيق التنمية كالتقسيم الترابي وتداخل االختصاص.
5
المطلب االول :المعيقات السياسية والقانونية لإلقليم
ان االقليم كوحدة ترابية يعاني من عدة اكرهات تحول دون تحقيق فعل تنموي حقيقي فمنها ماهو سياسي
وماهو قانوني مرتبط بالقوانين ومنها ماهو مرتبط باالكرهات البشرية سوءا المنتخب او المعين وكذلك ماهو
مالي مرتبط بالموارد و سنحاول في هذا المستوى تحليل تأثير القيود السياسية والقانونية على الوظيفة التنموية
لإلقليم وذلك بالتوقف في الفرع األول عند المعيقات السياسية والقانونية والفرع الثاني االكراهات البشرية والمالية
الذي يشكل أحد أبرز المعيقات التنمية اإلقليمية.
الفرع األول :المعيقات السياسية على التراب اإلقليمي
سنتمحور في هذا الفرع ذلك بتوقف أوال عند أسباب تهميش الوظيفة التنموية لفائدة أولوية الوظيفة االدارية
لإلقليم ،ثم التطرق ثانيا لتجليات الحضور القوي للممثل السلطة المركزية على المستوى االقليمي.
يكتسي االقليم أهمية قصوى في بنية التنظيم االداري للدولة ،اذ يعتبر حسب أحد الدارسين ،أداة إلعادة
التنظيم المجال الترابي ،وحلقة وصل بين الساكنة المحلية والسلطة المركزية .وعلى هذا يتحدد دور االقليم في
الوساطة بين المركز والمجال المحلي ،حيث يقوم بوظيفة الضبط االجتماعي والهيكلة االدارية للمجتمع 21ومن
هنا يشكل االقليم حلقة وصل بين االدارة المركزية و المجتمعات المحلية اذ يحتضن معظم المصالح الخارجية
لإلدارات المركزية.
وعلى الرغم من أن االقليم لم يعد اإلطار الوحيد لتوزيع المصالح الالممركزة للدولة ،بل أضحت الجهة
الفضاء الترابي ل بلورة السياسة الوطنية لالتمركز االداري ،بالنظر لموقع الصدارة الذي تحتله في التنظيم االداري
للمملكة ،22فيظهر أن االقليم سيحافظ على دوره التقليدي والمحوري ،كإطار لالتمركز االداري ،داخل البنيات
الترابية الضامنة للترابط بين المركز والمحيط .وفي هذا السياق ،يؤكد أحد الدارسين أن المقتضيات االدارية
23
ستظل تختار االقاليم كمركز الرئيسي يستقبل مختلف المصالح الالممركزة .
و من زاوية أخرى ،يدبر شؤون االقليم مجلس ينتخب أعضاؤه باالقتراع غير المباشر .هكذا فاعتماد
أسلوب االقتراع غير المباشر ،واستبعاد عنصر التمثيل المباشر للمنتخبين على مستوى االقليم ،يقلل من نجاعة
التنظيم الالمركزي على هذا المستوى 24وفي هذا الجانب يتكون المجلس االقليمي من فئتين من االعضاء:
- 21عبد الواحد مبعوث ،التنمية الجهوية بين عدم التركيز االداري والالمركزية ،مرجع سابق.
- 22المرسوم رقم 2.17.618صادر في 18من ربيع الثاني 26( 1440دجنبر )2018بمثابة ميثاق لالتمركز االداري ،جريدة الرسمية عدد
6738بتاريخ 19ربيع الثاني 27( 1440دجنبر ،)2018ص .9787
- 23محمد الزاهي " ،الوظيفة التنسيقية للوالة والعمال « ،المجلة المغربية للقانون االداري والعلوم االدارية ،عدد مزدوج ،2017 ،3-2ص 137
- 24عبد الواحد مبعوث ،مرجع سابق ،ص ,272
6
-أعضاء منتخبون من طرف الهيئة الناخبة تتألف من اعضاء المجالس الجماعات التابعة لإلقليم عن طريق
االقتراع بالالئحة وبالتمثيل النسبي على قاعدة أكبر بقية .ويتم انتخاب هؤالء االعضاء بطريقة االقتراع
25
غير المباشر من طرف المستشارين الجماعيين
-أعضاء يمثلون الغرف المهنية ينتخبون من بين أعضاء الغرف الفالحة والتجارة والخدمات والصناعية
التقليدية والصيد البحري ،وذلك عن طريق االقتراع باألغلبية النسبية.
هكذا يتضح أن تركيبة المجالس االقليمية توحي مبدئيا باشراك جميع الفعاليات السياسية االقتصادية
والمهنية المرتبطة بالشأن العام االقليمي في بلورة القرار التنموي .غير أن صورية أغلبية المجالس
االقليمية ،وغياب الوعي بالدور التنموي المنوط بها أمام أولوية الوظيفة السياسية واالدارية ،باإلضافة
الى وجود شريك قوي يمثل االدارة ،ويسهر على مصالح السلطة المركزية ،قد جعل التنظيم االقليمي
يخفق في تحقيق كل االهداف التي جاء بها من اجلها .فبناء على اهمية االقليم في النسق السياسي واالداري
المغربي ،باتت الوظيفة التنموية مهمشة حسب أحد الدارسين ،وتقلص دور االقليم من جماعة ترابية الى
مجرد دائرة تقوم بدور الوساطة بين السلطة المركزية والمجتمع المحلي 26وعلى هذا نحو يتبين أن
الوظيفة التي حددت لإلقليم منذ االستقالل ترت بط على الخصوص بالمجال الضبطي ،وهو مما يفسر
استمرارية تعطيل وظيفته التنموية ،وبالمقابل تكريس أدواره التقليدية المتمثلة في الوساطة والضبط
والتحكم.
الفرع الثاني :المعيقات القانونية على التراب اإلقليمي
انسجاما مع مبدأ ال تدبير الحر الذي يعني حرية االقليم واستقالليته في تدبير شؤونه ،حسمت الوثيقة
الدستورية في مسألة السلطة التنفيذية لإلقليم ،حيث يقوم بتنفيذ المداوالت المجلس و مقراراته . 27وقد عمل القانون
التنظيمي للعماالت واالقاليم على توسيع الهامش تحرك المجالس االقليمية ورؤسائها ،فضال عن حذف مفهوم
الوصاية وتعويضه بالمراقبة االدارية ،وتعزيز نظام الرقابة البعدية للقضاء اإلداري والمالي.
وعلى الرغم من أهمية اقرار مبدأ التدبير الحر في تسيير شؤون االقليم ،فان ذلك ال يعني االستقالل المطلق
للجماعات الترابية ،ذلك أن الفصل 145من الدستور يؤكد على أن الوالة والعمال يمارسون المراقبة
- 25الظهير الشريف رقم 1.11.173الصادر بتاريخ 21نوفمبر 2011بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 59.11المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس
الجماعات الترابية ،الجريدة الرسمية عدد 5997مكرر بتاريخ 22نوفمبر ،2011ص .5537
26عبد الواحد مبعوث ،مرجع السابق ،ص .267
27الفصل 138من الدستور ، 2011يشكل هذا المقتضى الدستوري تحوال نوعيا ،اذ لم يعد العامل سلطة التنفيذية خالفا لما كان منصوص عليه
في دساتير السابقة (الفصل 96من دستور ،1992والفصل 101من دستور .)1996
7
االدارية.28وهذا يعني مبدئيا االنتقال من وصاية المالءمة ،والتي كانت تمنح سلطة الوصاية مجاال كبيرا في
مراقبة الجماعات الترابية ،29الى المراقبة االدارية والتي من خاللها تتم مراقبة الشرعية القرارات والمقرارات.
وقد أولى المشرع التنظيمي اهتماما خاصا للمراقبة االدارية ،لكونها تشكل تحصينا لعمل المجالس االقليمية من
أي انزالق أو انحراف في المجال التدبير االداري والمالي .فالمراقبة االدارية للعامل العمالة واالقليم تطال أعمال
المجلس ونظامه الداخلي ،وكذا قرارات الرئيس المتخذة في إطار السلطة التنظيمية .كما يحق للعامل العمالة
واالقليم التعرض على االعمال و المقرارات التي ال تدخل قانونا في صالحيات المجلس االقليمي.
وفي هذا المضمار ،ال تكون مقرارات المجلس االقليمي قابلة للتنفيذ اال بعد التأشير عليها من طرف عامل العمالة
او االقليم ،داخل اجل عشرين ( )20يوما من تاريخ التوصل بها من رئيس المجلس .و تحدد هذه المقرارات فيما
يلي :المقرر المتعلق ببرامج التنمية االقليم ،المقرر المتعلق بالميزانية ،المقرر القاضي بتنظيم ادارة االقليم و
تحديد اختصاصاته ،المقرارات ذات الوقع المالي على نفقات و المداخيل ،و السيما االقتراضات و الضمانات و
تحديد السعر الرسوم و االتاوى ،و مختلف الحقوق ،و تفويت أمالك االقليم و تخصيصه ،المقرر المتعلق باتفاقيات
التعاون الالمركزي و التوأمة التي يبرمها االقليم مع الجماعات المحلية االجنبية.
غير أن المقرارات المتعلقة بالتدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية التابعة لإلقليم ،وبإحداث شركات
التنمية ،يؤشر عليها من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية .ويعتبر عدم اتخاذ أي قرار في شأن مقرر من
مقرارات المذكورة بعد انصرام أجل عشرين ( )20يوما بمثابة تأشيرة.
استنادا لذلك ،يتضح أن الدستور بوأ العمال مكانة متميزة باعتبارهم يمثلون االدارة المركزية على المستوى
االقليمي .فرغم تغيير مفهوم الوصاية بمفهوم الرقابة ،وتعويض الوصاية بالرقابة القضائية ،فان العمال احتفظوا
بصالحيات واسعة للرقابة على أشخاص و أعمال الجماعات الترابية (المبادرة لعرض األمر على القضاء،
الحلول ،المصادقة) . 30أضف الى ذلك ،أن المراقبة االدارية تنصب على الميادين األكثر حساسية في المواد
االقتصادية واالجتماعية ،وتهم التقنيات االدارية و المالية األكثر حيوية بالنسبة للتنمية االقتصادية المحلية.31
وتأسيسا على ذلك ،يتضح أن المشرع التنظيمي كرس الحضور القوي لممثل السلطة المركزية على مستوى
28وفي هذا اإلطار ،حدد الفصل 145من الدستور أدوار ممثلي الدولة على المستوى الترابي:
-ي مثل والة الجهات ،العمال االقاليم والعماالت ،السلطة المركزية في الجماعات الترابية
-يعمل الوالة والعمال ،باسم الحكومة ،على تأمين تطبيق القانون ،وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقراراتها ،كما يمارسون الرقابة االدارية
-يساعد الوالة والعمال ،تحت سلطة الوزراء المعنيين ،بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة ،ويسهرون على حسن سيرها
- 29تجدر االشارة ،حسب االستاذ ميشال روسي أن السلطة المركزية ظلت على الدوام ،أكثر حضورا في اشتغال مؤسسات العماالت واالقليم و
المؤسسات الجهوية أكثر من مؤسسات الجماعية.
Michel Rousset ; "Décentralisation et pouvoir central : constantes et évolution", REMALD, Série "Thèmes
actuals" ; n 44 ; 2003 ; P 21.
- 30أحمد أجعون" ،مضمون ونطاق التدبير الحر للجماعات الترابية" ،ضمن أشغال األيام المغاربية بعنوان "القانون الدستوري للجماعات
الترابية :دراسات مقارنة" ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،2015 ،ص 49
- 31محمد اليعقوبي" ،الجماعات الترابية بين الرقابة القضائية والتنمية المحلية" ،المجلة المغربية للقانون االداري والعلوم االدارية ،عدد مزدوج
،2017 ،2-3ص .12
8
االقليمي من خالل شساعة مجال أدواره التنسيقية ،وباألخص بالنظر لوظيفته الرقابية التي ال تقتصر على المطابقة
القانونية ،بل تتعداها الى مراقبة المالءمة.
وجدير بالذكر أن الوصاية على التدبير االداري والمالي على المستوى الترابي تتعارض مع مضمون
التدبير الحر والمستقبل للجماعات الترابية وهو ما يفسر ،حسب أحد الباحثين ،ازدواجية المشرع في التعامل مع
هذه الجماعات ،واقراره بضرورة الوصاية على النخب المحلية والتي من منظوره ،لم تتمكن بعد من تجميع
الشروط والمقومات الضرورية لتمتعيها باالستقالل والحرية الالزمة لحسن تدبير الشأن العام المحلي.32
الحاصل القول إن الحضور القوي للممثل السلطة المركزية من خالل ممارسته للوصاية على المستوى االقليمي
يحد من المبادرة الحرة والمستقلة للمنتخبين ،وبالتالي يبرز هوة بين االعالن الدستوري عن مبدأ التدبير الحر من
جهة ،والمؤشرات العملية الدالة على مدى تحققه على أرض الواقع من جهة ثانية .فمن المعلوم "أن الوصاية
المالءمة تحد من مبدئيا من حرية عمل المنتخبين المحليين ،ألنها تعني في الواقع أن المقرارات والمشاريع التي
تباشرها المجالس المحلية ال يمكن تنفيذها اال بعد التأشير عليها من طرف السلطة المركزية أو من يمثلها".33
المطلب الثاني :االكراهات البشرية والمالية.
يشكل ضعف الموارد البشرية ومحدودية االمكانات المالية أحد أبرز معيقات التنمية االقليمية .ومن هذا
المنطلق ،سنحاول تناول ضعف الموارد المالية لإلقليم ،فضال عن ابراز محدودية امكانية المالية.
الفرع األول :اإلكرهات البشرية على التراب اإلقليمي
تتشكل الموارد البشرية على المستوى االقليمي من المنتخب االقليمي والموظف .ويعتبر المنتخب االقليمي
اللبنة االساسية في البناء التنموي المحلي والعنصر االساسي في تدبير الشأن العام االقليمي كما يقوم الموظف
بدور جوهري في سير العمل االداري .لكن ال ممارسة العملية اثبتت أن هناك بعض المعيقات تحول بين
المستشارين االقليميين وبين ما هو متوخي منهم تنمويا ،ويأتي في مقدمة هذه المعيقات محدودية القدرات التدبيرية
لهؤالء المنت خبين ،و بالتالي عدم توفرهم على الخبرة الكافية لمزاولة صالحيتهم ،اذ كثيرا ما يجهلون
اختصاصاتهم و النصوص القانونية المنظمة للعمل الترابي.
وباستحضار نتائج انتخابات ،2015يبلغ عدد منتخبي العماالت واالقاليم ما مجموعه 1363منتخبا
34
- 32المهدي الفحصي " ،قراءة في بعض مظاهر اختالالت التدبير االداري ومعيقات التنمية الترابية والحكامة الجيدة «المجلة المغربية للقانون
االداري و العلوم االدارية ،عدد مزدوج ،2017 ،3-2ص. 86
- 33محمد اليعقوبي ،مرجع السابق ،ص .12-11
- 34تجدر اإلشارة أن المغرب يضم حاليا 62إقليما و 13عمالة.
- 35سنعتمد عل معطيات الرقمية الواردة في تقرير" :الالمركزية في أرقام "2015-2014المديرية العامة للجماعات المحلية ،وزارة الداخلية،
مملكة المغربية ،مطبعة الوزارة الداخلية ،2015 ،ص .11-10
9
55سنة فقد بلغ عدد منتخبيها 469منتخبا ،وبالخصوص الفئة العمرية بين 35و 45فعدد منتخبيها هو
336منتخبا ،أما الفئة العمرية بين 25و ،35فبلغ 79منتخبا ،أما فئة أقل من 25سنة فعدد منتخبيها هو
منتخبين .واضح أن تشكيالت المجالس لم تعرف تشبيبا كبيرا على خالف ما تبتغيه المداخل القانونية
والمؤسساتية الرامية إلدماج الشباب في الحياة السياسية من جهة ،وكذا انتاج نخب جديدة تتولى التدبير
الشأن العام اإلقليمي من جهة ثانية.
-ومن حيث المستوى التعليمي للمنتخبين على مستوى العماالت واألقاليم ،فان 637منتخبا يتوفرون على
مستوى تعليمي عالي ،و 462منتخبا يتوفرون على شواهد ثانوية ،وبالنسبة للحاصلين على المستوى
االبتدائي فيصل عددهم الى 211منتخبا .وعلى الرغم من تنامي حضور الفئات المتعلمة والمثقفة على
المستوى المجالس االقليمية ،فيالحظ استمرار حضور الفئات األمية ،اذ وصل عدد المنتخبين الذين ال
يتوفرون على مستوى تعليمي بالعماالت واالقاليم الى 53منتخبا ،مما يعني أن الفئات غير المتعلمة تظل
حاضرة في المجال تدبير الشأن العام على مستوى األقاليم.
-وعلى مستوى السوسيومهني لمنتخبي العماالت واالقاليم ،فيأتي أصحاب المهن الحرة على رأس قائمة
المنتخبين الفائزين ب 245منتخبا ،متبوعين بفئة الفالحين ب ،221ثم الموظفين ب ،210ثم التجار ب
.208أما رجال التعليم فقد حصلوا على 118منتخبا ،واالجراء ب 60منتخبا ،ثم الصناع ب 4منتخبين.
هذا الى جانب اصحاب المهن األخرى ب 277منتخبا ،وفئة بدون مهنة ب 20منتخبا .واستنادا لهذه
المعطيات يتأكد الحضور القوي للفئات المهنية والتجارية بالمجالس االقليمية.
-وباالنتقال الى األطر االدارية ،فتشغل العماالت واألقاليم 25668موظفا ،أي بنسبة %17،4من مجموع
األطر االدارية للجماعات الترابية البالغ عددهم 147637موظفا سنة .2014وكما هو الشأن بالنسبة
لموظفي الدولة ،تتميز الوظيفة العمومية الترابية بتوزيع متباين للموظفين على مختلف الوحدات الترابية
وبارتفاع في كتلة األجور .36كما ال يرتكز توزيع موظفي الجماعات الترابية على أساس اقتصادي أو
الديمغرافي في واضح .وفي هذا الصدد تشير التقارير المجالس الجهوية للحسابات الى وجود فائض في
أعداد الموظفين على مستوى عدد من الجماعات الترابية ،حيث التوظيفات التي تتم ال تكون دائما استجابة
لحاجيات واقعية.37
- 36حسب التقرير الموضوعاتي للمجلس األعلى للحسابات حول تقييم نظام الوظيفة العمومية ،بلغت النفقات المتعلقة بموظفي الجماعات الترابية
سنة 2016ما قدره 11,2مليار درهم ،وتشكل هذه النفقات نسبة %49,9من نفقات التسيير .كما تستحوذ على نسبة %59,7من حصة الجماعات
الترابية من منتوج ا لضريبة على قيمة المضافة .وهو ما يقلص من الهامش المتوفر على تغطية نفقات االستثمار .كما أن مستوى النفقات األجور
هو أيضا انعكاس ألعداد الموظفين التي تفوق في الغالب الحاجيات الحقيقية للجماعات الترابية.
- 37تقرير موضوعاتي للمجلس األعلى للحسابات حول تقييم نظام الوظيفة العمومية – خالصة ،أكتوبر ,2017ص .54
10
وفي نفس الوقت اإلطار ،تتميز الوظيفة العمومية الترابية بغياب التالؤم والتناسب بين أعداد وكفاءات الموظفين
من جهة والمهام المنوطة بالجماعات من جهة اخرى ،حيث تطرح اشكالية مدى قدرة الجماعات الترابية ،بمختلف
مستوياتها ،على اضطالع بمهامها في ظل هيمنة فئة أعوان التنفيذ على بنية مواردها البشرية.38
وتؤكد بعض الوثائق الصادرة عن المجالس االقليمية أن الوظيفة العمومية على المستوى االقليمي تعاني العديد
من المشاكل ،منها :نقص التأطير والتكوين ،المشاكل ذات الطبيعة التنظيمية ،عدم االستقرار في الوظائف
المسؤولية والتسيير المشترك غير المهيكل والمختل للمصالح .39وعلى المستوى الكيفي ،تبرز اشكالية تكوين
وتأهيل المورد البشري ،حيث يعد التكوين اليوم ضرورة ملحة بالنسبة لمنتخبي المجالس االقليمية وموظفيها.40
الفرع الثاني :اإلكرهات المالية على التراب اإلقليمي
يحيل مبدأ التدبير الحر ،الذي أضحى أهم المبادئ الدستورية الناظمة للتدبير الترابي ،على مبدأ آخر مالزم
له ،وناتج عنه بضرورة ،وهو مبدأ االستقالل المالي للجماعات الترابية .وعلى هذا ،يتضح أن دستور 2011قد
وضع المبادئ التي من شأنها ،نظريا أن تشكل أرضية لالستقالل المالي للمستويات الترابية .ومعلوم أنه ال يمكن
الحديث عن استقالل المالي حقيقي لإلقليم دون تمكينه من الموارد المالية الذاتية الالزمة للممارسة اختصاصاته،
وأداء وظائفه التنموية ،فضال عن حرية تدبيرها ،حتى ال يبقى مرتبطا باإلعانات المالية للدولة.
ومن هذا المنطلق ،يتوفر االقليم من أجل ممارسة اختصاصاته ،تمويل تنميته ،على موارد مالية ذاتية،41
وموارد مالية محولة من دولة ،وحصيلة االقتراضات .من هنا ،تتحدد تركيبة الموارد المالية لإلقليم فيما يلي:
المداخيل المتأتية من محاصيل الرسوم المفروضة لفائدة االقاليم ،مداخيل حصص ضرائب الدولة المخصصة
لفائدة هذه الوحدات الترابية ،وكذا الموارد المحولة من طرف الدولة 42فضال عن امكانية االقتراض .كما يمكن
االستعانة بآليات المساعدة من قبيل التضامن والتعاون والتعاضد ،واتفاقيات الشراكة ،لتحسين القدرات التمويلية
لإلقليم ،ومن ثمة التمويل التنمية على مستوى االقليمي ،وعلى مستوى الممارسة ،بلغت المداخيل المحصلة من
طرف العماالت واالقاليم ،خالل سنة ،2016ما مجموعه 5,9مليار الدرهم .مقارنة مع سنة ،2015سجلت
المداخيل تراجعا خالل سنة 2016بمعدل -23,5%بالنسبة للعماالت واألقاليم ،وذلك على خالف باقي الوحدات
- 38تقرير موضوعاتي للمجلس االعلى للحسابات حول تقييم نظام الوظيفة العمومية ،مرجع سابق ،ص .5
- 39يؤكد المجلس االقليمي لتزنيت ،على سبيل المثال ،على إن االقليم ما زال يعاني من ضعف التأطير وضعف الموارد البشرية ،والمكاتب
االدارية الالزمة لممارسة اختصاصاته وصالحياته بشكل فعال .ملخص تقرير تقييم السنة االولى من تنفيذ برنامج التنمية في اقليم تيزنيت – سنة
،2017ص .3
- 40هنا تظهر أهمية التكوين المستمر الذي أصبح حقا من حقوق أعضاء مجلس االقليم ،والذي تشرف عليه الجهة في المجاالت المرتبطة
باالختصاصات المخولة األقاليم.
- 41تشتمل موارد االقليم على :حصيلة الضرائب أو حصص ضرائب الدولة المخصصة لإلقليم بمقتضى قوانين المالية ،حصيلة الضرائب و
الرسوم المأذون لإلقليم في تحصيلها طبقا لتشريع الجاري به العمل ,حصيلة األتاوى المحدثة طبقا للتشريع الجاري به العمل ,حصيلة األجور عن
الخدمات المقدمة ,حصيلة الغرامات طبقا للتشريع الجاري به العمل ,حصيلة االستغالالت و األتاوى و حصص االرباح ,و كذلك الموارد و
الحصيلة المساهمات المالية المتأتية من المؤسسات و المقاوالت التابعة لإلقليم او المساهمة فيها ,االمدادات الممنوحة من قبل الدولة أو االشخاص
االعتبارية الخاضعة للقانون العام ،حصيلة االقتراضات المرخص بها ,دخول االمالك و المساهمات ,حصيلة بيع المنقوالت و العقارات ,أموال
المساعدات و الهبات و الوصايا ,مداخيل مختلفة و الموارد االخرى المقررة في القوانين و االنظمة الجاري بها العمل.
- 42طبقا للمادة 169من القانون التنظيمي المتعلق بالعماالت واالقاليم ،يمكن لإلقليم أن يستفيد من تسبيقات تقدمها الدولة في شكل تسهيالت مالية
في انتظار استخالص المداخيل الواجب تحصيلها برسم الموارد الضريبية وبرسم حصته من ضرائب الدولة .كما إن كل اختصاص تنقله الدولة
الى االقليم يكون مقترنا بتحويل الموارد المالية المطابقة لممارسة هذا االختصاص.
11
الترابية التي عرفت ارتفاعا في معدل تطور مداخيلها+2,3% :بالنسبة للجماعات +136,8% ،بالنسبة
للجهات .43وقد انعكس هذا تراجع سلبا نفقات العماالت واألقاليم ،حيث تراجعت بنسبة -1,9%سنة .442016
وبخصوص موارد الذاتية ،خص المشرع االقليم بثالثة رسوم وهي :الرسم على الرخص السياقة ،والرسم
على السيارات الخاضعة للفحص التقني ،والرسم على بيع الحاصالت الغابوية ،45لكن مردودية المتواضعة لهذه
الرسوم ،ال تسمح بالحديث عن جباية اقليمية من ش أنها تمكين االقليم من تدخل في مجاالت التنمية االقتصادية
واالجتماعية ،واالستجابة لحجم االكراهات التي تفرضها التنمية الترابية على المستوى االقليمي .وعلى هذا النحو،
تتميز الجباية االقليمية بالضعف والمحدودية ،فهي عاجزة عن مواكبة النفقات العمومية على المستوى االقليمي،
اذ في أغلب الحاالت ال تغطي مداخيل الجبائية اال نسبة ضئيلة من حاجيات التمويل .واستنادا لذلك ،يتبين أن
هزالة الموارد المالية الجبائية يحد من األدوار التنموية لإلقليم ،ويقود الى توقف تمويله على الموارد المرصودة
من طرف الدولة.
وعالوة على ذلك ،يتضح ،من خالل الممارسة العملية ،أنه ال يمكن المراهنة كثيرا على مداخيل الممتلكات
كمصدر لتمويل التنمية اإلقليمية في ظل االختالالت تدبير أمالك االقاليم ،وعدم االهتمام بها ،وعدم تحديد قيمتها،
وسيادة المحددات التقليدية في تدبيرها ،والتقصير والتأخير في تحصيل مداخيلها ،وكذا هزالة هذه المداخيل.
واستنادا لذلك ،فالقدرة التمويلية لمداخيل الممتلكات تظل محدودة جدا ،وهي بذلك ال يمكن أن تشكل أداة لتمويل
الذاتي للتنمية اإلقليمية.46
وبالموازاة مع مواردها الذاتية ،تستفيد األقاليم من تمويالت مالية تمنحها لها الدولة في شكل مخصصات
من منتوج الضريبة على القيمة المضافة .وتعتبر هذه التحويالت مصدرا أساسيا للتمويل بالنسبة للجماعات
الترابية .وبهذا الصدد ،تستفيد األقاليم ،في إطار ميزانية االستثمار ،من دعم خاص يقتطع من منتوج الضريبة
على القيمة المضافة.
- 43التقرير السنوي للمجلس األعلى للحسابات برسم سنتي ,2017-2016خالصة أن أنشطة المجالس الجهوية للحسابات ,نظرة عامة لمالية
الجماعات الترابية ،المجلس األعلى للحسابات ,المملكة المغربية ,2018 ,ص .59
- 44بلغ مجموع نفقات العادية للعماالت واألقاليم مبلغ 2,6مليار درهم.
- 45المادة 3من الظهير الشريف رقم 1.07.195الصادر في 19من ذي القعدة 30( 1428نونبر )2007بتنفيذ القانون رقم 47.06المتعلق
بالجبايات المحلية ،جريدة الرسمية ،عدد 5583بتاريخ 22ذو القعدة ( 3دجنبر ،)2007ص .3735
- 46للتمثيل لهذا الضعف نشير لمداخيل ممتلكات اقليم سطات :كراء بنايات للسكن بمبلغ 78.000.00درهم ،منتوج كراء عقارات اخرى
ومختلف األكرية 100.00درهم .برنامج التنمية االقليم سطات ،2021-2016ص .175
12
التحويالت من الدولة إلى العماالت واألقاليم خالل الفترة 2016-2012
(المبالغ بمليون درهم)
وبناء عليه ،يتبين أنه خالل فترة ،2016-2012استفادت العماالت واالقاليم في المتوسط من %27,8من
مجموع متوسط تحويالت الدولة للجماعات الترابية .47وبالنظر للمبالغ المتراكمة خالل الفترة ،2016-2012
ظلت العماالت واألقاليم األكثر تبعية للدولة على المستوى المالي ،حيث شكلت تحويالت الدولة اليها بما يناهز
84%من مداخيلها العادية.48
وقد بلغ مؤشر التبعية المالية سنة 2016نسبة تناهز %84,9للعماالت واألقاليم ،مقابل نسبة تناهز %51
للجماعات ،و %33,5للجهات .49ولعل ارتفاع مؤشر التبعية المالية أكبر دليل على ضعف المستوى االستقالل
الجبائي لإلقليم ،فما يقارب % 85من مداخيله تأتي من حصته من الضريبة على القيمة المضافة.
كما يوضح هذا المؤشر الهوة بين اإلقرار القانوني لالستقالل المالي من جهة ،ومؤشرات تحققه على المستوى
العملي من جهة ثانية.
وتجدر االشارة أن االقليم أضحى يتوفر على امكانية تمويل مشاريعه التنموية بواسطة االقتراض ،اذ
أضحت عمليات االقتراض مصدرا من مصادر تمويل الميزانية االقليمية .فطبقا ألحكام المادة 93من القانون
التنظيمي المتعلق بالعماالت واالقاليم ،يتداول مجلس االقليم في االفتراضات والضمانات الواجب منحها.
وتخصص القروض ،بصفة حصرية ،لتمويل النفقات التجهيز ،مع امكانية أن تخصص لتمويل مساهمة االقليم
525150
في مشاريع تكون موضوع عقود تعاون أو شراكة
13
المبحث الثاني :العوائق األخرى على التراب اإلقليمي وعاقبها.
الى جانب العوائق المباشرة على تراب اإلقليم هناك عوائق أخرى متعلقة التقطيع الترابي األخير وكذلك
إشكالية تداخل االختصاصات بينه وبين الوحدات الترابية األخرى الجهة والجماعات .ولذلك من عواقب على
هذه الوحدة ،فهناك من يرى ان هناك ضرورة لإلبقاء على هذه الوحدة الترابية باعتبارها ضرورة ملحلة وكفاعل
تنموي ومن يرى ان ال جدوى من اإلبقاء عليه على اعتبار انه فاعل اقتصادي وتنموي ،وبالتالي تقسيم هذا
المبحث سيكون من خالل التطرق في المطلب األول الى التقطيع الترابي األخير واشكالية تداخل االختصاصات
بين اإلقليم وباقي الوحدات االقتصادية ( المطلب االول)وعواقب هذه االختصاصات سنتركها (المطلب الثاني)
عد مشكل تحديد وتوزيع االختصاصات من أكبر المشاكل التي تحد من فعالية الالمركزية ،وذلك
الرتباطها بكل األزمات التي تعرفها الجماعات الترابية أثناء الممارسة العملية وما ينتج عن ذلك من تخبط
المسؤولين في محاولة فهم ما أنيط بهم من اختصاصات ومهام ،وهذا ما يؤدي في النهاية إلى تشتيت
.الجهود وتعثر عملية التنمية
إن مشكلة تداخل االختصاصات بين الجماعات المحلية فيما بينها من جهة وبين هذه األخيرة والدولة من
جهة ثانية ليست حديثة العهد ،بل ظهرت منذ اعتماد نظام الالمركزية الترابية ببالدنا .وتحديدا يمكن القول
بأنها طرحت منذ تطبيق ظهير 23يونيو 1960كأول ميثاق لتنظيم الجماعات الحضرية والقروية
.وهيئاتها ،ثم تطبيق ظهير 12شتنبر 1963المتعلق بتنظيم العماالت واألقاليم ومجالسها
غير أن حجم التداخل عرف اتساعا وأبعادا أوسع بعد تطبيق ظهير 30شتنبر 1976المتعلق بالتنظيم
الجماعي الذي اتجه أكثر إلى توسيع نطاق تدخل الجماعات الحضرية والقروية وهيئاتها في مجاالت
التنمية المختلفة سواء على مستوى المجالس التداولية أو على مس
إن تداخل وتشابك االختصاصات بين الجماعات العمومية المختلفة ،نتج وال يزال عن عدة أسباب
وعوامل لن يتأتى إزالته وانتفاؤه إال إذا زالت تلك األسباب ،ويمكن وبصفة عامة ودون محاولة الخوض
في كل األسباب تحديد أهمها في الطريقة التي اعتمدتها التشريعات المغربية المنظمة لالمركزية الترابية
بشان تحديد اختصاصات الجماعات المحلية بأصنافها الثالثة ،وقد ساهم كذلك في هذا التداخل ضعف
تدخل المشرع في مجال تحديد وتوزيع وتوضيح اختصاصات الجماعات المحلية ،يضاف إلى هذا تعدد
مستويات الالمركزية ببالدنا والتقسيمات الترابية المعتمدة ،وكذا أسباب أخرى
إن مظاهر التداخل تبدو جلية أكثر في الممارسة العملية لدرجة يصعب معها اإللمام بكل الحاالت ،وبالنسبة
.لمختلف القطاعات ،وهو ما سنتطرق له فيما يلي
15
أسباب تداخل االختصاصات بين الجماعات المحلية
التنمية المحلية ميدان تتقاسمه وبنسب متفاوتة الوحدات الالمركزية والهيئات الغير الممركزة ,أي أنها
مجال لتدخل كل من الدولة والجماعات المحلية كل حسب إمكانياته والنطاق الجغرافي والقانوني المسموح
له بالتحرك داخله ,إذن فهي اختصاص تشاركي يسهم في النهوض به عدة فاعلين وبنسب متفاوتة ولكنها
غير محددة قبال حيث اليمكن الفصل بسهولة داخل الفضاء المحلي بين ما يعد من مسؤوليات الدولة وبين
ما يعود إلى اختصاصات الجماعات المحلية ،وبين ما يعود لكل واحدة من هذه الجماعات فيما بينها
وهوما جعلنا نالحظ في الوقت الراهن أن القطاعات الحكومية تتابع كل على حدى برامج لم تكن متكاملة
إال بكيفية عرضية على الصعيد المحلي الشيء الذي ترتب عنه تعددية في المبادرات الغير المنسجمة ,نتج
,عنها تب ذير غير ذي فائدة بالرغم من كون أن الالمركزية اليمكن قيامها إال في كنف المركزية
ويمكن إجماال حصر األسباب التي تؤدي إلى تداخل االختصاصات بين الهيئات الالمركزية فيما هو
قانوني وتشريعي ،وكذا األسباب ذات الطبيعة التقنية وغيرها ،
16
..”.قضايا العمالة أو اإلقليم
يفصل المجلس «أما الميثاق الجماعي األخير ()2009فنجده بدوره ينص في الفصل 35على انه
بمداوالته في قضايا الجماعة… ”..وفي مادته الثانية يشير إلى انه “يتولى تدبير شؤون الجماعة مجلس
منتخب ”..وبذلك لم يحد هذا الميثاق عن قاعدة التعميم التي اعتمدت في المواثيق الجماعية السابقة
(1960/1976/2002).
وأخيرا فان القانون المنظم للجماعات المحلية الجهوية كرس نفس القاعدة ،فبعد أن نص في مادته األولى
على أن ” يتولى تدبير شؤون الجهة بحرية مجلس…” أكدت مادته السادسة بأن ” يبث المجلس الجهوي
…”.بمداوالته في قضايا الجهة
وخالصة مما سبق يترتب غلى اعتماد مبدأ المقتضى العام لالختصاص ،ومن خالل التعابير المكرسة
لهذا المقتضى يتبين العمومية والغموض وفتح المجال واسعا لكل جماعة محلية للتدخل في كل شيء
وانجاز كل شيء .فما معنـــــى ” شؤون الجماعة ” أو ” مسائل الجماعة ” أو ” قضايا الجماعة ” وما
معنى ” شؤون العمالة أو اإلقليم ” أو ” جميع المسائل الراجعة الختصاص المجلس اإلقليمي أو مجلس
العمالة ” وكلها تعابير مطاطة .فال يمكن مع هذه التعابير الفضفاضة حرمان مجلس إقليمي أو مجلس
عمالة من انجاز مشروع ما أو القيام بنشاط بدعوى عدم اختصاصه ،ويزداد األمر تعقيدا بالنسبة لمجالس
العماالت واألقاليم في غياب حتى أمثلة دقيقة عن بعض اختصاصاتها بالمقارنة مع األمثلة التي قدمها
.الميثاق الجماعي
17
والجماعات المحلية ا ،فالقضاء كان من المفروض أن يلعب دورا حاسما في تقوية الالمركزية ببالدنا .
ومن األسباب التي تحول دون تقدمه (القضاء) في هذا المجال ,هو عدم المعرفة الكافية بالمهام الملقاة
على عاتق المنتخبين ,وذلك نتيجة ضعف تكوينهم وقلة مؤهالتهم وتجربتهم العملية ,مما يجعلهم يقبلون
أي تأويل تقدمه السلطات المركزية وممثليها المحليين ” الوالة – العمال -رجال السلطة “ ،وبالتالي ,فان
فرص التقارب والتنازع في االختصاصات تزداد في غياب االلتقائية والتعاون ما بين الوحدات الترابية
.المختلفة ” الالمركزية وعدم التركيز” ,وذلك بهدف تحقيق التكامل والتطابق فيما بين هذه الوحدات
إن مظاهر التداخل تبدو جلية أكثر في الممارسة العملية لدرجة يصعب معها اإللمام بكل الحاالت ،وبالنسبة
وسنقتصر خالل هذا المطلب على استعراض بعض النماذج لهذا التداخل في الميادين .لمختلف القطاعات
.االقتصادية ،االجتماعية ،التجهيزات األساسية والبنيات التحتية ،ثم آثار هذا التداخل
فمن الناحية االقتصادية ،تتجلى أبرز مظاهر التداخل بين الهيئات الالمركزية والهيئات الالممركزة للدولة
من خالل مسألة تهييء المناطق الصناعية أو المناطق ذات األنشطة االقتصادية ،وهو اختصاص موكول
لألصناف الثالثة من الجماعات المحلية (العمالة و اإلقليم وباقي الوحدات الالمركزية ) ضمن
االختصاصات الذاتية ،و بعبارات فضفاضة من قبيل ” يبث ” أو ” يقوم باألعمال الالزمة إلنعاش
االستثمارات …“ :وبالمقابل نجد المراسيم المنظمة الختصاصات الوزارات التي تعنى بالمجاالت
االقتصادية تنص على إسناد نفس االختصاصات لهذه الهيئات العامة ،يضاف إلى ذلك دور وكاالت
.التنمية االقتصادية واالجتماعية بأقاليم الشمال والجنوب والشرق
فالنصوص المنظمة للجماعات المحلية لم تحدد الدور الحقيقي لكل منها .وفي الممارسة العملية تتولى
الدولة والجماعات المحلية المختلفة إنشاء وتهيئة المناطق االقتصادية سواء الصناعية منها أو المخصصة
.لممارسة األنشطة االقتصادية
فبخصوص المناطق الصناعية مثال ،ليست هناك معايير حتى اآلن للتفرقة بين ما يمكن اعتباره من
اختصاص المجلس اإلقليمي وما يعود إلى كل من الجماعات الحضرية والقروية أو الجهات أو الدولة
.ومؤسساتها ( كصندوق اإليداع والتدبير وغيره
أما في الجانب االجتماعي ،فإن التداخل في االختصاصات يتخذ طابعا أكثر حدة خاصة في ميادين
التكوين والتربية والثقافة ،حيث التداخل بين الجماعات المحلية فيما بينها( إقليمية /جماعية /جهوية ) وبين
.هذه األخيرة وبين الدولة
وبالرجوع إلى المراسيم المنظمة الختصاصات الوزارات المكلفة بقطاعات التكوين والتربية والثقافة
نالحظ أنها تحدد اختصاصات الدولة في هذه القطاعات مما يبين أن تدخل الجماعات المحلية فيها يعد
تضاربا معها ولو أن القوانين المنظمة لها ( الجماعات المحلية ) أقوى من النصوص التنظيمية
(المراسيم) ،فاعتمادا على المرسوم رقم 222.94.2بتاريخ 24ماي 1994المتعلق بتحديد اختصاصات
:وتنظيم وزارة الثقافة نالحظ انه يخولها
.استخدام جميع الوسائل الكفيلة بضمان ازدهار الثقافة وإشعاعها –
.الحفاظ على التراث الثقافي وصيانته واستثماره –
.المساهمة في تنشيط العمل الثقافي والنهوض به –
.القيام بإحداث وإدارة المؤسسات الثقافية للتأهيل والتعليم-
.تنشيط وتشجيع أعمال اإلبداع والبحث في المجاالت الثقافية –
.المساهمة مع الوزارات األخرى في حماية البيئة الثقافية –
……-
هنا نالحظ نفس االزدواجية في األعمال والمشاريع المرتبطة بهذه القطاعات ،فمثال تتولى الجماعات
المحلية اإلقليمية تحمل تمويل تسيير مراكز التكوين اإلداري والتقني المتخصصة في تكوين وتأهيل أطر
الجماعات المحلية بأصنافها الثالثة ( بل أطر الدولة كذلك) وذلك في إطار ميزانيات ملحقة كما هو الشأن
18
بالنسبة لمعهد التكوين التقني بسال ومركز التكوين اإلداري بالرباط التابعين لعمالة الرباط( كجماعة
محلية) .وجدير بالذكر أن اختصاص التكوين غير منصوص عليه في ظهير 12شتنبر 1963المتعلق
بتنظيم العماالت واألقاليم ،كما أن القانون 79.00المتعلق بتعديله يدرجه ضمن االختصاصات التي ستنقل
.إلى الجماعات المحلية اإلقليمية مستقبال ( المادة 37منه)
وفي المجال الثقافي ،نجد أن الدولة والجماعات المحلية تنفق على األنشطة والتظاهرات الثقافية وتمنح
المساعدات للجمعيات الثقافية ودور الشباب وغيرها من المؤسسات التي تعني بالثقافة كما تنجز
التجهيزات الثقافية كالمكتبات ودور الثقافة وغيرها وتتولى ترميم المآثر التاريخية مما يبرر االزدواجية
في األعمال والتداخل في االختصاصات بين الجماعات العمومية .ففيما يتعلق بترميم المصالح والمواقع
التاريخية كالمتاحف والمدارس واألسوار والدور واألبواب تقوم به الدولة والجماعات المحلية رغم أن
االختصاص يعود أصال إلى وزارة الثقافة استنادا إلى المرسوم المنظم لهياكلها واختصاصاتها يضاف إلى
.ذلك تمويل المهرجانات من قبل بعض مجالس العماالت واألقاليم آو الجماعات الحضرية
وخالصة القو ل يتضح مما سبق عرضه أن الكل يتدخل في القطاعات االجتماعية المختلفة وبدون حدود
اللهم ما كان من مشكلة توفير األموال الالزمة ليس إال.مما يتطلب باستعجال توضيح األدوار
واالختصاصات والمسؤوليات في مختلف القضايا االجتماعية األنف استعراضها وغيرها حتى يحدث
.تكامل وتناسق بين أدوار مختلف الفاعلين في هذه المجاالت
ال شك انه مع تشابك الوظائف والصالحيات واختالطها وتقاطعها وتدخل الجماعات العمومية في كل
الميادين والقضايا المرتبطة بها يترتب عنه تضارب في األدوار واألنشطة والمجهودات وتحدث ازدواجية
في األعمال والمشاريع والعمليات المختلفة .كما ينتج عن ذلك التنازع والتنافر حول تدبير مجموعة من
القضايا بل التردد والتنصل والتقاعس واإلحجام عن ممارسة وظائف معينة بدعوى اختصاص جهة أخرى
.كذلك
ويؤدي التداخل كذلك إلى صعوبة تحديد الجهة( الطرف) المسؤولة من النواحي السياسية والقانونية عن
فعل ما أو مشروع تجهيز مثال .كما يؤدي إلى صعوبة معرفة وضبط الطرف المالك ألمالك معينة
مرتبطة بتدخالت الجماعات كالتجهيزات المحلية المختلفة ( مدارس’ مستوصفات ،مستشفيات ،سدود
.ثلية… الخ) والمرافق العمومية المحلية االقتصادية والثقافية واإلدارية وغيرها
التقليدية) وكل أنواع (زد على ذلك أن تداخل االختصاصات يصعب معه ممارسة الوصاية القانونية
المراقبة األخرى،وانتشار ظاهرة التمويالت المختلطة ونقل األعباء إلى الجماعات المحلية بدون
االختصاصات القانونية والوسائل الضرورية للنهوض بها وفي مقدمتها اإلمكانات المادية وصعوبة توزيع
الم واد الضريبية وغيرها بشكل يتناسب مع حجم اختصاصاتها ،ومن اخطر اآلثار التي تنجم عن تداخل
:االختصاصات كذلك نجد
.انتشار كل أشكال التبذير –
.صعوبة معرفة الحاجيات الحقيقية للسكان –
.اإلضرار بالتنمية االقتصادية واالجتماعية –
اآلثار السلبية على الحكامة والمواطنين والمستثمرين وغيرهم –
كما سبقت اإلشارة إليه ،يعد مشكل تحديد وتوزيع االختصاصات من أكبر المشاكل التي تحد من فعالية
الالمركزية ،وذلك الرتباطها بكل األزمات التي تعرفها الجماعات الترابية أثناء الممارسة العملية وما
ينتج عن ذلك من تخبط المسؤولين في محاولة فهم ما أنيط بهم من اختصاصات ومهام ،وهذا ما يؤدي في
.النهاية إلى تشتيت الجهود وتعثر عملية التنمية
إن من أهم مقومات تحقيق التكامل في أدوار الجماعات المحلية المختلفة وفك تشابك وارتباط مسؤولياتها
وصالحياتها العمل على تح ديد بدقة وجالء اختصاصات كل واحدة منها على حدة في الميادين االقتصادية
واالجتماعية والبيئة والتعمير وغيرها ،بحيث تنفرد كل جماعة عمومية بمجموعة من االختصاصات
19
المحددة تكون مسؤولة عن ممارستها أمام الجميع وتوجه إليها األموال الضرورية واإلمكانات الالزمة ،
( مع توض يح بذات الوقت الميادين المشتركة بينها أو القضايا التي ال يمكن إسنادها بشكل محتكر
لواحدة منها .على أن توضح حدود تدخل كل طرف وميكانيزمات التعاون والشراكة )EXCLUSIF
وبعبارة أخرى ال بد أن يخطو المشرع ( وليس السلطة التنظيمية ) خطوة واحدة نحو .بينها بخصوصها
تج لية الغموض عن الصيغ العامة بل العدول عنها وعن المقتضى العام لالختصاص واستبدالهما بقائمة
.اختصاصات محددة بدقة لكل جماعة عمومية على حدة
ولمعالجة هذا التداخل الذي يصل أحيانا حد التعارض ،جاء دستور 2011كنقلة نوعية في مجال معالجة
اختالالت النظام الالمركزي والحد من تداعيات تضارب المهام بين الجماعات الترابية وبينها وبين باقي
الهيئات الالممركزة للدولة ،وهو ما سنعرض لم من خالل تناولنا لمبدأ التدبير الحر واالختصاصات
الجديدة للوالة والعمال كما نص على ذلك الدستور الجديد في فصليه 136و ، 145ثم مبدأ التفريع الذي
.جاء به الفصل 140من دستور 2011كأساس لتدبير اختصاصات الجماعات الترابية بالمملكة،
لقد نص الفصل 136من الدستور على أن “التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على مبادئ التدبير الحر،
وعلى التعاون والتضامن ،ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم ،والرفع من مساهمتهم في
”.التنمية البشرية المندمجة والمستدامة
وهو ما يلغي مفهوم الوصاية على عمل الجماعات الترابية و كل أشكال الرقابة المتعلقة باختيارات
الجماعات الترابية ،بحيث أن أدوار اإلدارة وجب أن تقتصر على الدعم والمساعدة كما هو منصوص عليه
في الفقرة الثالثة من الفصل 145من الدستور “يساعد الوالة والعمال رؤساء الجماعات الترابية ،وخاصة
.رؤساء المجالس الجهوية ،على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية
والتدبير الحر معناه إلغاء مفهوم الوصاية على عمل الجماعات الترابية و كل أشكال الرقابة المتعلقة
باختياراتها .بحيث أن أدوار اإلدارة وجب أن تقتصر على مراقبة مدى التقيد باالحترام العام للقوانين،
انسجاما مع ما نص عليه الدستور من أن من مسؤولية الوالة والعمال هي العمل باسم الحكومة ،على تأمين
تطبيق القانون ،وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها ،مع التأكيد على أنه ال يمكن بحال تحويل
هذه الرقابة إلى أي نوع من الوصاية ،إذ أن الدستور عندما أكد على مبدأ التدبير الحر فهو لم يقيده بأي
شكل من األشكال ،.وبالتالي حتى في حالة مالحظة ما يمكن اعتباره إخالال باحترام المقتضيات القانونية
في تدبير الجماعات الترا بية ،فوجب أن تشكل موضوع طعن لدى المحاكم اإلدارية احتراما لمبدأ التدبير
الحر.بل أكثر من ذلك فقد نص الدستور بشكل واضح في نفس المادة 145على أن دور الوالة والعمال في
عالقتهم بالجماعات الترابية هو دور “المساعدة على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية ،.الشيء الذي
.يستلزم منا إلقاء نظرة عن األدوار الجديدة للوالة والعمال بمقتضى دستور 2011
لقد كان دائما لوالة الجهات وعمال العماالت واألقاليم مكانة محورية في تدبير مجمل قضايا الشأن والتنمية
األدوار المخولة لهم دستوريا ،حيث أن الدستور السابق ( دستور :المحليين وذلك العتبارات كثيرة أهمها
)1996:كان ينص في مادته 102على األدوار التالية للعمال
تمثيل الدولة في العماالت واألقاليم والجهات• ،
السهر على تنفيذ القوانين ،وتحمل المسؤولية عن تطبيق قرارات الحكومة •
.تحمل مسؤولية تدبير المصالح المحلية التابعة لإلدارات المركزية •
وهو ما جعل العمال يحتلون مكانة سامقة في البناء المؤسساتي على المستوى الترابي باعتبارهم ممثلين
للدولة ومشرفين مباشرين على عمل المصالح الخارجية للوزارات ،وباعتبارهم كذلك مسؤولين عن
تطبيق قرارات الحكومة وتنفيذ القوانين .وهي االختصاصات التي تخولهم بامتياز لعب ضابط إيقاع عمل
.مختلف مؤسسات الدولة على المستوى المجالي
أما االعتبار الثاني فيتجلى في ترؤس الوالة والعمال لعدد كبير من اللجان المشرفة إما على اقتراح أو تنفيذ
السياسات والبرامج في لمختلف القطاعات الوزارية وفي مختلف الميادين ،وفق ما تنص عليه النصوص
20
القانونية والتنظيمية وكذا برامج هذه القطاعات ،وذلك في كل المجاالت تقريبا .وهو األمر الذي يمكن
اعتباره طبيعيا بالنظر لألدوار المحددة لهم في الدستور ،هذا إلى جانب دور الوصاية الذي يمارسونه على
الجماعات المحلية طبقا لمقتضيات الميثاق الجماعي والقوانين المنظمة لمجالس العمالت واألقاليم
.والجهات
وبمقتضى دستور ، 2011وإن كان هذا األخير قد حافظ بشكل عام للوالة والعمال على موقع متميز على
المستوى أدوارهم ومهامهم ،فإنه قد جاء بالعديد من المقتضيات والمتغيرات الهامة التي وجب أخذها بعين
.االعتبار
تمثيل الدولة إلى تمثيل السلطة المركزية :لقد نصت المادة 145من الدستور الجديد على المهام التالية 1.
:للوالة والعمال
تمثيل السلطة المركزية في الجماعات الترابية ؛ o
العمل ،باسم الحكومة ،على تأمين تطبيق القانون ،وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها ؛ o
ممارسة المراقبة اإلدارية؛ o
مساعدة الجماع ات الترابية ،وخاصة رؤساء المجالس الجهوية ،على تنفيذ المخططات والبرامج o
التنموية؛
القيام ،تحت سلطة الوزراء المعنيين ،بتنسيق أنشطة المصالح الالممركزة لإلدارة المركزية ،والسهر o
.على حسن سيرها
حيث يستفاد من هذه المهام أن وضعية ودور الوالة والعمال قد شهدت تغيرا عميقا يأخذ بعين االعتبار
تعزيز أدوار الجماعات الترابية وإعادة تحديد أدوار مختلف المؤسسات في سياق إعادة بناء نظام الحكامة
.بالبلد
ولعل أهم تغيير يتمثل في الوضع االعتباري العام للوالة والعمال ،حيث أصبحوا يمثلون السلطة المركزة
في الجماعات الترابية عوض الدولة كما كان منصوصا عليه في الدستور السابق .وهو تغيير عميق الداللة
ويأتي منسجما مع تعزيز موقع الجماعات الترابية ،خاصة الجهات .بحيث أن تمثيلية الدولة أصبحت
مركزية ،فالملك هو المثل األسمى للدولة ( الفصل )42وباقي المؤسسات تقوم بمسؤولياتها وفق
اختصاصاتها الدستورية والقانونية
العمل تحت سلطة الحكومة :لقد كان الدستور الجديد واضحا في وضع الوالة والعمال تحت سلطة 2.
الحكومة ،سواء بالنظر إلى ما نص عليه من أن تعيينهم يكون باقتراح من رئيس الحكومة بعد مبادرة
وزير الداخلية ،أو بما نص عليه من أنهم مكلفون بالعمل ،باسم الحكومة ،على تأمين تطبيق القانون ،وتنفيذ
النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها” ،حيث أكد على أنهم يعملون باسم الحكومة ،مع العلم بأن
الدستور السابق قد نص على أنهم مكلفون ” بالسهر على تنفيذ القوانين” دون اإلشارة إلى أن ذلك يتم باسم
.الحكومة
من الوصاية على الجماعات الترابية إلى دور المساعدة :إن حصر تمثيلية الوالة والعمال في السلطة 3.
المركزية ينقل العالقة مع المجالس المنتخبة إلى مستوى العالقة بين سلط متوازية ال وجود لعالقة تراتبية
.أو إشراف بينها
وما يؤكد هذا األمر هو أن الدستور قد نص بوضوح على أن “التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على
مبادئ التدبير الحر” (الفصل ) 136بما يعنيه من أن للجماعات الترابية كامل الصالحية والحرية في
تحديد وبلورة اختياراتها وبرامجها ،في احترام تام بطبيعة الحال للمقتضيات القانونية والتنظيمية وبمراعاة
.لإلمكانيات التمويلية المتاحة
والتدبير الح ر ،وكما أسلفنا ،معناه إلغاء مفهوم الوصاية على عمل الجماعات الترابية و كل أشكال الرقابة
المتعلقة باختياراتها بحيث أن أدوار اإلدارة وجب أن تقتصر على مراقبة مدى التقيد باالحترام العام
للقوانين ،انسجاما مع ما نص عليه الدستور من أن من مسؤولية الوالة والعمال هي العمل باسم الحكومة،
على تأمين تطبيق القانون ،وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها ،ع التأكيد على أنه ال يمكن
بحال تحويل هذه الرقابة إلى أي نوع من الوصاية ،إذ أن الدستور عندما أكد على مبدأ التدبير الحر فهو لم
يقيده بأي شكل من األشكال ،وبالتالي حتى في ح الة مالحظة ما يمكن اعتباره إخالال باحترام المقتضيات
21
القانونية في تدبير الجماعات الترابية ،فوجب أن تشكل موضوع طعن لدى المحاكم اإلدارية احتراما لمبدأ
.التدبير الحر
بل أكثر من ذلك فقد نص الدستور بشكل واضح في نفس المادة 145على أن دور الوالة والعمال في
عالقتهم بالجماعات الترابية هو دور “المساعدة على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية” ،وهو ما يعزز
ما طرحناه في موضوع الوصاية أو المراقبة ،كما أنه يحمل في نفس الوقت الوالة والعمال مسؤولية تعبئة
المؤسسات العمومية والمصالح الخارجية للعمل مع الجماعات الترابية من أجل تنفيذ مخططاتها وبرامجها
القيام ،تحت سلطة الوزراء المعنيين ،بتنسيق أنشطة المصالح “التنموية ،باعتبار السلطة الممنوحة لهم في
”.الالممركزة لإلدارة المركزية ،والسهر على حسن سيرها
مبدأ التفريع
يعتبر مبدأ التفريع من اآلليات الحديثة المتبعة في األنظمة الالمركزية ،وهو مبدأ يقوم على التوزيع
الشريف لالختصاصات والموارد عمال بالمبدأ األصيل في االلتزام على حسم قانوني واضح أو تعاون
.وتفاهم شريف ،أي ما يستطيع األدنى القيام به يترفع عنه األعلى وما يعجز عنه األدنى يتواله األعلى
وبمعنى آخر فإن اإلقليم إتباعا لمبدأ التفريع يقوم بما ال يمكن للجماعة أن تقوم به ،والجهة تتكفل بما ال
يمكن للجماعات الترابية األخرى أن تقوم به ،والدولة تمارس االختصاصات التي ال يمكن إسنادها
للجماعات الترابية في مستوياتها الثالث ،أي سيتم تشييد الدولة من القاعدة للقمة ،وال يمكن أن تتدخل في
المستقبل إال على أساس تعويض تخلفات ،أو تصحيح نقائص ،أو تقوية عجز لدى الجماعات والمجتمع
.المدني
وفي هذا اإلطار ،نص الفصل 140من الدستور المغربي لفاتح يوليوز 2011على أن للجماعات الترابية،
وبناءا على مبدأ التفريع ،اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة واختصاصات منقولة إليها
من هذه األخيرة .وعلى أن الجهات والجماعات الترابية األخرى تتوفر ،في مجاالت اختصاصاتها ،وداخل
:دائرتها الترابية ،على سلطة تنظيمية لممارسة صالحياتها .وهو ما يعني أمرين أساسيين
أ -اعتمادا على مبدأ التفريع وجب إعادة النظر بشكل عميق في اختصاصات الجماعات الترابية لتجنب
التداخل الحاصل حاليا فيما بينها بناءا على تقسيم واضح للوظائف ،حيث يمكن تركيز وظائف الجهات
.على كل ما هو تنموي والجماعات الترابية األخرى على ما هو خدماتي
ب -نص الدستور على أن كل الجماعات الترابية وجب أن تتوفر على سلطة تنظيمية لممارسة
صالحياتها ،مع ما يعنيه ذلك من حاجة إلى تنظيم هذه السلط ووضع المؤسسات اإلدارية الالزمة
.لممارستها
إن مبدأ التفريع يتجدد تلقائيا مع الالمركزية إذ ال يسمح للجماعات الصغيرة بضمان عمل المرفق ،بل إن
الواجبات تصبح موزعة حسب كل مستوى قادر على العمل ،كما يجبر الجماعات األدنى كلما أبانت عن
.المقدرة واالستعداد الالزمين
ومن جهة أخرى يسمح مبدأ التفريع أيضا بتنظيم القدرة على اتخاذ القرارات بشكل سريع وفوري دونما
الحاجة إلى انتظار توجيهات وأوامر آتية من فوق ،الشيء الذي يجعل الجهات قادرة على إغناء نفسها عن
.طريق اتساع الخيرات مع المكونات المجتمعية األخرى الفاعلة على المستوى المحلي
وبهذا المنظور سترتكز اختصاصات المجلس الجهوي على مبدأ المداركة أو التفريع ،بمعنى أن الدولة
اليمكن لها أن تمارس في المستقبل إال االختصاصات التي تتالءم مع طبيعتها كمستوى وطني،وبعبارة
أخرى يعني هذا لمبدأ في عمق ه أن السلطة المركزية اليمكن لها أن تمارس إال االختصاصات التي اليمكن
للجهة أن تمارسه بالنظر إلى خصوصية دورها الرئيسي أو بسبب محدودية الوسائل التي تتوفر عليها،
هذا وتجدر اإلشارة إلى أن أغلب الدول الديمقراطية تطبق هذا المبدأ دون التصريح به أحيانا ،وهذا قد
يكو ن راجعا إللى تعدد المصطلحات التي تطلق على هذا المبدأ ومنها :الفرعية ،المداركة ،التدارك،
…،التداركية ،الثانوية و مبدأ االحتياط
إن نظامي الالمركزية و الالتمركز يطرحان مسألة توزيع السلطة على المستوى المجالي والترابي في
إطار أجهزة الدولة فكلما تمكنت الدولة من إيجاد صيغة فعالة تتيح لها مباشرة االختصاصات المخولة لها
22
على مقربة من الساكنة والمنتخبين المحليين ،كلما كان ذلك أفضل تمهيدا لتأسيس حكامة ترابية محلية
مسؤولة .لكن نجاح ذلك يتوقف على السير قدما في مجال الالمركزية والجهوية المتقدمة ؛ فال يجب أن
ننسى بأن الالتمركز ليست له فائدة في ذاته إال بالقدر الذي يدعم -بما فيه الكفاية -قيام منظومة المركزية
.متطورة قادرة على مواجهة أعباء التنمية االقتصادية واالجتماعية ،وترسيخ قيم الديمقراطية المحلية
إال أن تحقيق هذا المبتغى كثيرا ما يصطدم بالتنازع والتضارب في المهام واالختصاصات بين األجهزة
الممثلة للدولة وعلى رأسها الوالة والعمال وكذا المصالح الخارجية للدولة وبين الهيئات الترابية المنتخبة،
وبين هذه األخيرة فيما بينها إلى حد تتعرقل معه الجهود الوطنية والمحلية لتحقيق التنمية المندمجة
.والمستدامة ،وتضيع بالتالي معه الموارد واإلمكانيات
من هذا المنطلق ،يمكن القول ،على أن متطلبات التنمية أصبحت تفرض تجاوز مشكل تنازع االختصاص
بين في إطار الالمركزية ،وكذلك تجاوز مسألة الوصاية اإلدارية بمفهومها الضيق والتقليدي؛ المتمثل في
الرقابة السابقة ورقابة المالئمة التي تعرقل وتعطل عمل الهيئات المحلية الذي أصبح يتطلب السرعة
والمرونة لمواكبة التطورات الحاصلة في المجاالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية ،ومنح هذه الرقابة
لألجهزة القضائية المختصة بشكل بعدي ،واالكتفاء فقط بالتوجيه والمصاحبة وتقديم المساعدة .وهو األمر
الذي تنبه له المشرع الدستوري من خالل الفصول 140 ،136و 145من دستور ،2011كما عرضنا له
,سالفا
لكن ذلك كله يفرض على الدولة تحديين أساسيين أولهما التسريع بتنزيل الجهوية المتقدمة و االنتقال من
نظام التمركز ذي طابع إداري ووصائي إلى ال تمركز يغلب عليه طابع المواكبة التنموية واالقتصادية
.التي ال ت لغي الجوانب السياسية ،ولكن ال تبوئها الصدارة في مباشرة مسؤولياتها
أما التحدي الثاني فيفرض على الدولة نهج سياسة جديدة لتدبير الموارد البشرية قوامها تزويد المصالح
الجهوية والمحلية للدولة بالعناصر البشرية المتوفرة على الخبرة والكفاءة في مجال التدبير العمومي لتقديم
الدعم الضروري والكافي للمؤسسات الجهوية المنتخبة .وهذا األمر يضعنا من جديد أمام ضرورة نهج
.سياسة إرادية فعالة في مجال إعادة االنتشار
لقد وضع الدستور الجديد المعالم والخطوط العريضة لكيفية توزيع االختصاصات بين الدولة والجهات
والجماعات الترابية األخرى ،وأصدرت الحكومة القوانين التنظيمية للجهات والجماعات لتوضيح وتحديد
بناء على مبدأ التفريع االختصاصات الذاتية لفائدة الجهات والجماعات الترابية األخرى ،واالختصاصات
المشتركة بينها وبين الدولة ،واالختصاصات المنقولة إليها من هذه األخيرة ،وما على الجماعات بمختلف
م ستوياتها إال أن تكون في مستوى المكانة التي خولها لها الدستور المغربي لسنة ،2011والذي أفرد لها
”.بابا خاصا وهو الباب السابع اسماه “الجهات و الجماعات الترابية
الفرع األول :اآلراء التي ترى ضرورة اإلبقاء على اإلقليم كوحدة ترابية
ان اإلقليم وحدة ترابية تتمتع بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي الى جانب الجماعة و الجهة التي لها
الصدرة في العملية التنموية ،وهذا االقيم يرى فريق من المهتمين بالشان المحلي على انه ضرورة ملحة وفاعل
تنموي حقيقي توجب تطويره واعطائه المزيد من الصالحيات وكذالك الحد من رقابة السلطة المركزية المتمثلة
23
في العامل الى جانب البحث عن مصادر تمويل أخرى ،وحسب األستاذ إبراهيم الزياني فان اإلقليم حلقة وصل
بين اإلدارة المركزية والسكان واكثر الوحدات الوزارية استخداما بعد الوزارات نظرا لعوامل متعددة من بينها
على الخصوص ان المستوى اإلقليمي قريب من اإلدارة المركزية دون ان يكون بعيد عن السكان وعن القاعدة
الشعبية ،وهو ما يفسر تواجد الفروع او المصالح الخارجية لكافة الوزارات تقريبا على المستوى اإلقليمي الشىء
الذي هيأ اإلقاليم لتكون بمثابة اطار لمعالجة القضايا المحلية والتخطيط النجاز بعض البرامج التنموية الصغرى
والمتوسطة تبعا للسياسة العامة الحكومية ومتماشية مع المخططات والبرامج الجهوية ،وهو ماجعل اإلقليم يحتل
مكانة بارزة داخل التنظيم الترابي المحلي الى جانب الجهة التي يبقى لها الصدارة وذلك بسسب الدور االستراتيجي
والمحوري الذي يقوم به العمال في تسيير وإدارة الشؤون المجتمعات المحلية وبالتالي اإلقليم ضرورة استراتيجية
وراهنية تنموية تبعا لموق عه في الخريطة الترابية لما يتوفر عليه من إمكانات قانونية مرتبطة بالصالحيات
الموكولة اليه بعد اإلصالح الدستوري األخير وكذلك القانون التنظيمي 14\112الذي اعطى لإلقليم عدة
صالحيات اقتصادية منها ماهو مباشر ومنها ما هو غير مباشر وذلك من خالل مجموعة من اليات التدخل
كالشراكة والتعاون ،وبالتالي إعطاء لإلقليم صالحيات النهوض بالتنمية االجتماعية خاصة في العالم القروي
وكذلك المجاالت الحضرية ،كم تتمثل هذه المهام في تعزيز النجاعة والتعاضد والتعاون بين الجماعات المتواجدة
بتراب اإلقليم ،ولهذه الغاية تعمل العماالت واالقاليم على توفير التجهزات والخدمات األساسية خاصة في الوسط
القروي وكذا محاربة القصاء والمشاركة في كل المجاالت ،كما تمارس العمالة واالقاليم اختصاصات ذاتية داخل
نفوذها الترابي في الميادن التالية ،النقل المدرسي في العالم القروي وإنجاز وصيانة المسالك القروية ووضع
و تنفيذ برامج الحد من الفقر والهشاشة .وهذا يتم عبر مجموعة بين الوسائل كالية التعاون والشراكة عبر شركات
التنمية المحلية ،ومجوعات العماالت واالقاليم واتفاقيات التعاون ،فأمام كل هذه االختصاصات والوسائل يرى
فريقين من الباحثين والهتمين بالشأن العام المحلي ان اإلق ليم كوحدة ترابية االبقاع علية ضرورة استراتيجية
وراهنية شريطة ادخال بعض اإلصالحات والتقليل من الرقابة اإلدارية وكذلك تاهيل النخب المحلة المنتخبة
والمعينة إضافة الى تمكين اإلقليم من الموارد االزمة للقام بمهامه على الشكل األمثل والناجع وإعادة النظر في
التقسيم الترابي أن يكون عادال ويراعي الخصوصيات المحلية ،وهناك فريق يرى ان ال حاجة باالقليم في ظل
تداخل االختصات مع الوحدات األخرى ...
الفرع الثاني :اآلراء التي ترى حذف اإلقليم كوحدة ترابية ضرورة ملحة .
أمام حدة العوائق المباشرة والغير المباشرة على التراب اإلقليم ي والمتمثلة في المعيقات السياسية والقانونية
والبشرية والمالية وكذلك التقصيع الترابي األخير للمملكة ،إضافة إلى تداخل االختصاصات وتشعبها بين الوحدات
الترابية أي اإلقليم والجماعة والجهات .كل هذا كان كافيا لتقسيم الباحثين إلى قسمين منهم من يرى ضرورة
اإلبقاء على اإلقليم كوحدة ترابية ألسباب ذاتية وأخرى موضوعية ،وفريق اخر من المهتمين بالشأن المحلي يرى
أن اإلقليم ال جدوى من وجوده في ظل اإلختصاصات الموكولة للجهة والجماعات خصوصا في المجال التنموي
24
وأن اإلقليم الهدف من وجوده أمني أكثر منه إقتصادي بحث وجد باألساس في فترة معينة للتحكم في كل الثورات
وكبح األصوات المعارضة للنظام خصوصا بعد التطاحن على السلطة التي عرفها المغرب بعد اإلستقالل مع
الملكية وبعض األحزاب الممثلة في اليسار ،لكن بعد هذه الفتره صاحبها إنفراج سياسي وتوجه النظام إلى
التقليص من مخلفات اإلستعمار من مغرب نافع ومغرب غير نافع ،وذلك بإدخال مجموعة من اإلصالحات
شملت كل المجاالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية ،توجت مؤخرا بدستور 2011الذي أعطى صالحيات
واسعة الفاعل المحلي وذلك عبر تبني الجهوية المتقدمة وذلك التأكيد على ضرورة وأهمية تنزيل ميثاق اآلتمركز
اإلداري ،إضافة إلى إستصدار القوانين التنظيمية الثالث سنة 2015التي حددت صالحيات وإختصاصات كل
من الجهة بإعتبارها القطب على المستوى المحلي من خالل القانون التنظيمي 111/14والعمالت واألقاليم من
خالل القانون 112/14الذي حدد إختصاصات اإلقليم وصالحياته ،وكذا القانون 113/14المنظم لعمل
الجماعات ،لكن مع كل هذا يسجل تداخل في اإلختصاصات أحيانا وضعف مردودية الجماعات الترابية
ومحدودية الموارد وهيمنة السلطات المركزية ،...فأمام هذا التداخل يؤكد فريق من المهتمين بالشأن العام المحلي
أن اإلقليم في ظل اإلختصاصات الموكولة للجهة والجماعات ال جدوى من وجوده على الخريطة الترابية بإعتبار
أن الفاعلين األخريين كافيين لخلق تنمية حقيقية وأن اإلقليم فقط يزيد من إثقال كاهل الجماعات الترابية من خالل
أجور الموظفين والعاملين فيه ال المنتخب وال المعيين ،كذالك يزيد من تشعب اإلختصاصات بينه وبين الجهة
والجماعات ،ويقترحون حذفه وإلحاق موارده وإختصاصاته بالوحدات األخرى الجماعة والجهة ،هذا الرأي له
مايبرره ويأكدون أن وجوده كان أمنيا أكثر منه تنمويا وأنه أصبح معرقل أكثر منه مساعد وفاعل في التنمية
الترابية المحلية
25
خاتمة:
تتسم حصيلة الالمركزية االقليمية بالمحدودية على مستوى المؤشرات التنمية بصفة عامة ،والتنمية
القروية بصفة خاصة .هكذا ،فعلى الرغم من محاولة المشرع ايجاد تموقع جديد لإلقليم داخل الهندسة الترابية من
خالل تكليفه بمهام النهوض بالتنمية االجتماعية ،خصوصا بالعالم القروي ،فان الصالحيات التي اسند تاليه ال
تتناسب وحجم الرهانات السوسيو اقتصادية التي يمثلها هذا العالم ،والصعوبات المقلقة التي تواجهها ،بصفة
عامة ،فتزايد اختالالت ومشاكل التدبير االداري والمالي على مستوى االقليم ،وتواضع حصيلته التنموية ،يسم
وجود هذا االخير وأدواره بالصورية.
وتعزى هزالة حصيلة التدخل التنموي لإلقليم الى اختزال وظيفته في المجال االداري ،والحضور القوي
والمهيمن لممثل الدولة على مستوى االقليمي ،وبالمقابل توفره على نخب تقليدية ،تعوزها المشروعية والكفاءة،
مما يجعلها عاجزة عن ابتكار برامج ومشاريع تنموية .ومن هذا المنطلق ،اضحى ضروريا تطوير وتقوية
القدرات التدبيرية للمنتخبين على مستوى االقليمي من خالل تدعيم الثقافة القانونية لهم عن طريق تكوين المستمر
مما يمكنهم من القيام بممارسة صالحيتهم.
وفضال عن ذلك ،نسجل صعوبة التمويل التنمية في ظل محدودية التمويل الذاتي والمستقل لإلقليم .فضعف
الموارد الذاتية ال يتيح له امكانية تمويل البرامج والمشاريع التنموية .من هنا ،فدور االقليم يبقى رهينا بإيجاد حل
االشكالية التمويل ،وبالتالي تمكين االقليم من الموارد المالية ا لذاتية التي تعد المحرك الرئيسي في عملية التنمية.
وعلى العموم ،فإمكانية مساهمة االقليم في تحقيق التنمية االجتماعية خاصة في الوسط القروي يحتاج الى اعادة
النظر في فلسفة وجوده ،وتحديد مشروعيته ،وتحديد اختصاصاته بشكل دقيق وواضح ،وتمتيعه باالستقالل
الحقيقي ،خصوصا على المستوى المالي ،وبحرية المبادرة والتدخل في قطاعات ومجاالت محددة بدفة ،وبالتالي
تحصين استقاللية اتخاذ مقراراته تكريسا لمبدأ تدبير الحر.
26
وعلى هذا النحو ،يتبين ادخال اصالحات جوهرية على التنظيم االقليمي هي الكفيلة بتطوير وظيفته
التنموية ،وتستند تلك االصالحات أساسا على ضرورة اعادة النظر في طبيعة عالقة الدولة بالجماعات الترابية
بصفة عامة ،وعالقاتها باإلقليم بصفة خاصة.53
إن نجاح التدبير التنموي االقتصادي واالجتماعي للجماعات الترابية يمر عبر توفير مجموعة من
الشروط والتدخالت وفي هذا اإلطار يأتي جانب القانوني في المقدمة هذه المجددات حيث يعتبر العنصر االول
والمؤسس لنوعية االدوار التي تقوم بها الالمركزية الترابية .لذا يجب توفر إطار قانوني محفز وأكثر ايجابية.
مما يحتاج في تفعيله الى محددات أخرى .وعلى رأسها الوسائل المادية ،بينما تكمن االشكالية التنموية والتدبير
الحكاماتي لها يبقى رهينا بالمستوى التعليمي والتدبيري للمنتخبين المحليين الذين يملكون المبادرة ويحددون
السياسة االمة لجماعتهم المحلية ويخططون لبرامجها اال أن جماعتنا الترابية اليوم تفتقر في الواقع االمر
لمكنيزمات تحقيق التنمية ويكمن هذا االشكال في غياب موارد الجماعات الترابية وبالتالي لجؤها للقروض أو
دغم الدولة .باإلضافة الى غياب آلية التقييم والتنسيق اذ أنه يتم وضع مخططات تنموية من طرف الجماعات
الترابية لمدة محددة لكن لم يتم مسايرته بمعرفة مدى تنفيذه من عدمه ومعرفة نسبة االنجاز.
أما بخصوص المخططات التي عرفتها الجماعات الترابية ،في تطبيق برامج التجهيز واالستثمار قد
بينت جيدا العيوب الناتجة عن غياب سياسة بعيدة المدى في ميدان التنمية الترابية .كما أن هذه العيوب قد ازدادت
بسبب عدم وجود إطار مجالي واسع لدى واضعي التخطيط يمكن بواسطته االلتقاء بالواقع المحلي والتخطيط له.
فاذا كانت المخططات السابقة قد ارتكزت على الجانب المحلي أو القطاعي ،فان هذا االخير لم يشكل اطارا مالئما
وبالتالي لم يكن كافيا إلعطاء مفهوم حقيقي التنمية الترابية ،ذلك أن االستثمارات ينبغي أن تدرس وتنجز على
جميع االصعدة المحلية ،أخدا بعين االعتبار الخصوصيات الجماعية باعتبارها النواة الرئيسية للتنمية الترابية.
فغياب هذه المستويات قد تشكل نقصا في البرامج المغربية السابقة للتخطيط الترابي ،يضاف الى ذلك أن تخطيط
القضايا والمشاكل المحلية ال يمكن أن يحل اال بإشاعة سلوك التعاون مع الجماعات والتآزر والتعاضد االجتماعي
واالقتصادي الذي يتناقض مع ما تسير اليه التجارب الديمقراطية المحلية من آفاق مسدود.
فالسياسة التخطيطية ساهمت في انتاج مظاهر مختلفة بعيدة عن تخطيط الترابي االستراتيجي تجلت في:
• االكتفاء بمخططات مديرية وقطاعية لم تسمح بقيام تنسيق وتفاعل بين مختلف القطاعات الحكومية
في رسم السياسات العمومية؛
• عدم ترجمة االستراتيجية الى برامج عمل واضحة وقابلة لإلنجاز بسبب النقص الحاصل في مهنة
الكفاءات البشرية وكذا سبب بطيء وتعقد المساطر التي تتحكم في االصالح؛
27
• صعوبة مراجعة البرامج والتدخل في الوقت المناسب أتاج فرصة لظهور الحلول الجزئية الظرفية،
أثر مستوى القرار االستراتيجي حيث تم االكتفاء بقرارات جزئية إليجاد الحلول الناجعة54؛
• الممارسة التي طبعت التقييم العمومي ظلت أسيرة التصور الرقابي الذي يرتكز على تطبيق وسالمة
المساطير والتدقيق .دون أن يتطور ليصبح أداة تنموية تساهم في االصالح شمولي للتدبير
االستراتيجي للشأن العام؛
• عدم فعالية المسلسل التخطيطي بسبب ضعف منظومة التواصل الداخلي والخارجي والخصائص
الكبيرة في الدراسات والبحوث حول الجدوى االهداف وعدم القدرة على انجاز تشخيص داخلي
للمؤسسات والذي قد يتيح للمخطط امكانية تلبيب الحاجيات وتحديد قيمتها ووقعها على االنتظارات
العمومية وتوظيف المشاريع االكثر تأثيرا في التنمية.55
28
قائمة المراجع المعتمدة:
الكتب:
✓ صالح المستف :الجهة بالمغرب رهان جديد لمغرب جديد ،مطبعة المنشورات الجامعية المغربية،
بدون دار النشر.
✓ عبد اللطيف بروحو ،مالية الجماعات الترابية بين واقع الرقابة ومتطلبات التنمية ،طبعة .2016
✓ أحمد أجعون" ،مضمون ونطاق التدبير الحر للجماعات الترابية" ،ضمن أشغال األيام المغاربية
بعنوان "القانون الدستوري للجماعات الترابية :دراسات مقارنة" ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط،
2015
✓
✓ عبد اللطيف جبراني ،تنظيم واختصاصات الجماعات الترابية ،سنة .2017-2016
الرسائل :
-1صالح المسقف ،التطور اإلداري في أفق الجهوية بالمغرب (من المركزية
إلى الآلمركزية ) رساله لنيل دبلوم الدراسات العليا في العلوم القانونية
اإلقتصادية واإلجتماعية ،جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء ،منشورات
مؤسسة بنشره للطباعة والنشر
النصوص القانونية:
الدستور:
29
✓ دستور ، 1962الصادر بتنفيذه الظهير الشريف الصادر يوم الجمعة ،في 17رجب 1382موافق
14دجنبر 1962الصادر بجريدة الرسمية عدد 2616مكرر ،الصادرة في 22رجب 1382
موافق 19دجنبر . 1962
✓ دستور ، 1970الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.70.177الصادر بالتاريخ 27جمادى
األولى 1390موافق 31يوليوز ،1970الصادر بالجريدة الرسمية عدد 3013مكرر ،الصادرة
في 28جمادى األولى 1390موافق فاتح غشت .1970
✓ دستور ،1972الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.72.061الصادر بتاريخ 23محرم 1392
الموافق ل 10مارس ،1972الصادر بجريدة الرسمية عدد ،3098الصادر بتاريخ 28محرم
1392موافق 15مارس .1972
✓ الدستور ، 1992الصادر بتنفيذه الظهير الشريف عدد ، 1.155،5الصادر في 11ربيع األول
1413موافق ل 9أكتوبر ،1992الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4172الصادر في 16ربيع
األول 1413موافق ل 14أكتوبر .1992
✓ الدستور ، 1996الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.96.157الصادر في جمادى األولى
1417موافق 17أكتوبر ،1996الصادر بالجريدة الرسمية عدد ،4420الصادرة بتاريخ 26
جمادى األولى 1417موافق 10أكتوبر .1996
✓ الدستور ،2011الصدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.11.91الصادر 27شعبان ،1432الموافق
ل 29يوليو ،2011الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5964مكرر ن الصادر في 28شعبان ،1432
الموافق ل 30يوليو .2011
الخطابات الملكية:
✓ مقتطف من نص الخطاب الملكي ،بمناسبة انعقاد أول اجتماع لعمال العماالت و األقاليم 12،يوليوز
،1956وارد ب:عبد الرحمان جمجامة ":اإلدارة بالالمركزية مع الالتمركز و سياسة القرب في
الخطاب و النشاط الملكي من محمد الخامس إلى محمد السادس" ،دار السالم للطباعة و النشر و
التوزيع الرباط ،الطبعة االولى.2004
30
القوانين التنظيمية:
✓ القانون التنظيمي 111.14المتعلق بالجهات الصادر سنة . 2015
✓ القانون التنظيمي 112.14المتعلق بالعماالت و االقاليم الصادر سنة .2015
✓ القانون التنظيمي 113.14المتعلق بالجماعات الصادر سنة . 2015
الظهائر:
✓ الظهير الشريف رقم ،1.59.351الصادر في فاتح جمادى الثانية 1379موافق 2دجنبر ، 1959
بتغيير الظهير الشريف رقم ،1.56.133الصادر في 8ربيع األول 1376موافق 13أكتوبر 1956
بشأن التقسيم اإلداري للمملكة ،الصادر ج ر عدد ،2458الصادرة بتاريخ 3جمادى الثانية 1379
موافق 4دجنبر .1959
✓ الظهير الشريف رقم 1.59.315الصادر في 28ذي الحجة 1379الموافق ل 23يونيو ،1960
بشأن النظام الجماعات ،الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2487الصادرة في 29ذي الحجة 1379
الموافق ل 24يونيو .1960
✓ المادة 3من الظهير الشريف رقم 1.07.195الصادر في 19من ذي القعدة 30( 1428نونبر
)2007بتنفيذ القانون رقم 47.06المتعلق بالجبايات المحلية ,جريدة الرسمية ,عدد 5583بتاريخ
22ذو القعدة ( 3دجنبر . )2007
✓ الظهير الشريف ل 12شتنبر 1963بشأن التنظيم العماالت و األقاليم و مجالسها المشار إليه سابقا
.
✓ ظهير الشريف 1.02.269صادر في 25رجب 1/1423أكتوبر ،2002بتنفيذ القانون رقم 79.00
المتعلق بتنظيم العماالت و ألقاليم ،الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5058بتاريخ 16رمضان
23/1423نوفمبر . 2002
✓ الظهير الشريف رقم 1.15.84الصادر في 20رمضان 1436موافق ل 07يوليو 2015بتنفيذ
القانون التنظيمي رقم 112.14المتعلق بالعماالت و األقاليم المنشور في الجريدة الرسمية عدد
6380بتاريخ 23يوليو . 215
✓ الظهير الشريف رقم 1.11.173الصادر بتاريخ 21نوفمبر 2011بتنفيذ القانون التنظيمي رقم
59.11المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية ،الجريدة الرسمية عدد 5997مكرر
بتاريخ 22نوفمبر .2011
مراسيم:
31
✓ المرسوم رقم 2.17.618صادر في 18من ربيع الثاني 26( 1440دجنبر )2018بمثابة ميثاق
لالتمركز االداري ،جريدة الرسمية عدد 6738بتاريخ 19ربيع الثاني 27( 1440دجنبر )2018
.
✓ المادة الثانية من مرسوم رقم 2.17.296صادر في 14رمضان 9 ( 1438يونيو )2017بتحديد
القواعد التي تخضع لها عمليات االقتراضات التي تقوم بها العمالة او االقليم ,عدد 6578بتاريخ
15يونيو .2017
✓ المادة 2من المرسوم رقم ،2.16.404صادر في 4غشت 2016بتحديد شروط و مساطر تشجيع
التعاون و التشاور و التكامل بين العمالة و االقليم و الجماعات الموجودة بترابها في كل ما يرتبط
باالشراف المنتدب على المشروع ،جريدة الرسمية .عدد 6508بتاريخ 11أكتوبر .2016
✓ مرسوم رقم ،2.17.309صادر في 3يوليو 2017بتحديد كيفيات تحفيز الدولة للعماالت و االقاليم
على تأسيس مجموعات عماالت أو أقاليم ،جريدة الرسمية ،عدد 6587بتاريخ 17يوليو .2017
المقاالت :
✓ مصطفى قريشي":القانون التنظيمي للعماالت و األقاليم مستجدات محدودة و أفاق مبهمة "التدبير
المحلي و الحكامة الترابية على ضوء القوانين التنظيمية الجديدة ،مجلة سلسلة الدراسات الدستورية
و السياسية.
✓ محمد عنتري " :الجديد في السلطة التنفيذية المحلية"،المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية
[سلسلة مواضيع الساعة ] ،عدد .2001، 32
✓ محمد الزاهي " ،الوظيفة التنسيقية للوالة و العمال " ،المجلة المغربية للقانون االداري و العلوم
االدارية ،عدد مزدوج .2017 ،3-2
✓ محمد اليعقوبي " ،الجماعات الترابية بين الرقابة القضائية و التنمية المحلية" ،المجلة المغربية
للقانون االداري و العلوم االدارية ،عدد مزدوج .2017 ،3-2
✓ المهدي الفحصي " ،قراءة في بعض مظاهر اختالالت التدبير االداري و معيقات التنمية الترابية و
الحكامة الجيدة"المجلة المغربية للقانون االداري و العلوم االدارية ،عدد مزدوج .2017 ،3-2
✓ أحمد حاسون ،االقليم ورهان التنمية الترابية بالمغرب :االدوات و المعيقات،المجلة المغربية لالدارة
المحلية و التنمية،عدد مزدوج ،145،2019_144مطبعة البيضاوي سال.
32
✓ محمد الغالي و الراشيدي الحسن " ،الحكامة المالية في ضوء االدوار الجديدة للجماعات الترابية"،
المجلة المغربية للالدارة المحلية و التنمية،عدد 124ن شتنبر -أكتوبر .2015
قرارات و مناشير:
المواقع االلكترونية:
33
https://attanmawi.wordpress.com/2017/01/09/%D8%AA%D9%86%D8% ✓
A7%D8%B2%D8%B9-
%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%B5%D8%A7%
D8%B5-%D8%A8%D9%8A%D9%86-
%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%8A%D8%A6%D8%A7%D8%AA -
%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%B1%D9%83%D
8%B2%D9%8A/
http://www.muat.gov.ma/?q=ar/article ✓
34
الفهرس:
مقدمة1...........................................................................................:
المبحث األول :عراقيل التنمية على التراب االقليمي 5...............................................
المطلب االول :المعيقات السياسية والقانونية على التراب اإلقليمي 6..........................
الفرع األول :المعيقات السياسية على التراب اإلقليمي 6......................................
الفرع الثاني :اإلكراهات القانونية على التراب
اإلقليمي09...........................................
المطلب الثاني :اإلكرهات البشرية والمالية على التراب اإلقليمي 11..........................
الفرع االول :اإلكرهات البشرية على التراب اإلقليمي 11.....................................
الفرع الثاني :اإلكرهات المالية على التراب اإلقليمي 12......................................
المبحث الثاني :العوائق األخرى على على التراب اإلقليمي وعواقبها ....................
المطلب األول :التقسيم الترابي وإشكالية تداخل اإلختصاص بين اإلقليم وباقي الوحدات
الترابية
الفرع األول :التقطيع الترابي األخير
12.........................................................
الفرع الثاني :إشكالية تداخل اإلختصاصات بين اإلقليم وباقي الوحدات الترابية 15.....