You are on page 1of 4

‫التدبير المفوض للمرافق العامة بالمغرب‬

‫عبد الرحيم بنيحيى‬

‫التدبير المفوض للمرافق العامة بالمغرب ‪ " :‬نوع من الشراكة بين‬


‫القطاع العام والقطاع الخاص"‬
‫يعتبر التدبير المفوض للمرافق العامة من بين أهم المواضيع المرتبطة بالحياة‬
‫اليومية للفرد الموكولة للجماعات الترابية‪ ،‬باعتباره نوع من الشراكة ما بين القطاع‬
‫العام والقطاع الخاص الذي بموجبه يتم تسليم مرفق معين من قبل الدولة ( في‬
‫شخص الجماعات الترابية) إلى قطاع خاص الذي يتكلف بتسييرها وتدبيرها بناء على‬
‫عقد الذي يحدد الشروط المالية والتقنية لتحسين خدمة المرفق العمومي وخدمة‬
‫المواطن وتجاوبا مع متطلباته اليومية‪.‬حيث عمل المغرب على تحسين الإطار‬
‫القانوني المنظم للتدبير المفوض تماشيا مع مستجدات العصر لملئ الفراغ‬
‫التشريعي الذي يتعرض له هذا الموضو ع وتفادي الثغرات القانونية التي كان‬
‫يعرفها‪ ،‬حيث في سنة ‪ 2006‬أصدر النص التشريعي المنظم لعملية التدبير‬
‫المفوض للمرافق العامة القانون رقم ‪ ، 54.05‬وذلك في محاولة لتفادي الثغرات‬
‫القانونية التي كان يعرفها هذا المجال‪.‬وباعتبار هذا الموضوع يمس مجموعة من‬
‫القطاعات الاجتماعية المرتبطة بالمرفق العام التي تعتبر من بين أولويات المواطن‬
‫في حياته اليومية كالنقل‪ ،‬النظافة‪ ،‬الماء‪ ،‬والكهرباء‪ ،‬السكن‪ ...‬التي لم تستطيع‬
‫الدولة بنفسها على توفير المردودية والجودة في تدبيرها بسبب تقل المهام على‬
‫عاتقها وغياب الإمكانيات المادية والتقنية اللازمة‪... ..‬‬

‫حيث قبل اصدار قانون التدبير المفوض رقم ‪ 54,05‬لم يكن هناك أي تعريف لهذا‬
‫المفهوم من قبل المشرع المغربي فقط اقتصر الأمر على اجتهادات الباحثين في‬
‫هذا الميدان‪،‬أما بعد صدور هذا القانون أعطى المشرع من خلاله تعريفا للتدبير‬
‫ال مفوض ‪ ،‬حيث اعتبره" عقدا يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام‬
‫يسمى المفوض لمدة محددة تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص‬
‫معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى المفوض إليه يخول إليه حق تحصيل‬
‫أجرة من المرتفقين وتحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا"‬

‫وخلاصة يمكن القول بأن عقد التدبير المفوض "عقد اداري تعهد بمقتضاه السلطة‬
‫العامة المفوضة للمفوض له داخل المجال الترابي المحدد في مدار التفويض‬
‫باستغلال وتدبير المرفق العام لمدة محددة تنتهي بانتهاء مدة العقد مع امكانية‬
‫تجديد مدته‪.‬وبالنسبة للمبادئ التي يخضع لها هذا العقد فهي نفسها التي تخضع‬
‫لها النظم القانونية الاخرى التي تحكم المرافق العامة المختلفة حسب طبيعتها‬
‫سواء أكانت إدارية أو اقتصادية أو مهنية أو اجتماعية وهي مبدأ دوام سير المرافق‬
‫العامة بانتظام واضطراد ومبدأ المساواة أمام المرفق العام ومبدأ قابلية المرفق‬
‫العام للتعديل والتغيير‪.‬‬

‫كما يتضمن عقد التدبير المفوض شروطا غير مألوفة في عقود القانون الخاص‪،‬‬
‫تتمثل في شرطين اساسيين وهما‪:‬‬

‫شروط تعاقدية‪ :‬حيث في القانون الخاص يعتبر العقد شريعة المتعاقدين وهذه‬
‫القاعدة تلزم المتعاقدين بتنفيذ ما التزما به‪ ،‬ولا يسمح لأحدهما أن يعدل أو يضيف‬
‫التزاما لم يشمله العقد‪.‬‬

‫أما في القانون الإداري يعترف للسلطة الإدارية بحق تعديل المقتضيات التعاقدية‬
‫التي تقع على عاتق المتعاقد خدمة للمصلحة العامة‪،‬‬

‫شروط تنظيمية‪ :‬وهي الشروط التي تنظمها الإدارة حيث تستطيع تعديلها في أي‬
‫وقت وكلما دعت حاجة المرفق إلى ذلك‪.‬‬

‫كما تترتب على ذمة المفوض والمفوض إليه انطلاقا من القانون رقم ‪54،05‬‬
‫المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة‪ ،‬حقوقا و التزامات و تتمثل فيما يلي ‪:‬‬

‫أولا ‪:‬بالنسبة لحقوق و التزامات المفوض إليه‪:‬‬


‫الحقوق ‪:‬‬

‫حق تقاضي رسوم واتاوات من المرتفقين أو من المساهمات التي تدفعها الدولة أو‬
‫السلطة المفوضة‬

‫حق تأسيس شركات خاضعة للقانون المغربي ويمكن للمساهمين أن يكونوا‬


‫أشخاصا معنويين أو طبيعيين تسوي عليهم مقتضيات القانون العام أو الخاص‪.‬‬

‫حق التعويض عن الضرر الناشئ عن اثراء الإدارة بلا سبب وحق احتلال الملك العام‬
‫من آجل حاجيات المرفق العام‪.‬‬

‫الالتزامات‪:‬‬

‫‪-‬الالتزام بالتنفيذ الشخصي ‪:‬بمعنى يجب أن يتم تنفيذ العقد الإداري بواسطة‬
‫المتعاقد مع الإدارة المفوض إليه( شخصيا )‪،‬وذلك بضرورة أن يبذل المتعاقد الجهد‬
‫المناسب في التعاون الشخصي مع الإدارة في تنفيذ العقد بنفسه من جهة‪ ،‬و ألا‬
‫يتناول العقد أو جزء منه أو يتعاقد في شأنه من الباطن إلا بموافقة واعتماد الإدارة ‪.‬‬
‫‪ -‬الالتزام بالتنفيذ في المدة المحددة ‪:‬بمعنى أن يتم التنفيذ في الميعاد المحدد‬
‫لذلك الذي تحدده الإدارة قبل طرح الأعمال محل التعاقد ‪،‬وعقد التدبير المفوض لم‬
‫يحدد له المشرع المغربي مدة على سبيل الحصر حينما أكد في القانون ‪ 54,05‬أنه‬
‫يجب أن تكون مدة عقد تدبير المفوض محددة‪".‬‬

‫‪ -‬الالتزام بضمان سير المرفق العام و سلامة الأعمال ‪ :‬بمعنى يلتزم المتعاقد مع‬
‫الإدارة ''المفوض إليه'' باحترام القواعد الضابطة لتسييره وفق معايير الجودة وأن‬
‫يشم له بالعناية اللازمة‪ .‬و يتحمل المتعاقد مع الإدارة المسؤولية والمخاطر الملقاة‬
‫على عاتقه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬بالنسبة لسلطات المفوض و التزاماته‪:‬‬


‫‪-1‬سلطات المفوض ‪:‬‬

‫‪-‬سلطة التوجيه والمراقبة ‪ :‬كإعطاء تعليمات وأوامر للمتعاقد معها ولو لم ينص‬
‫العقد على ذلك صراحة فالأمر بإنجاز الخدمة يعتبر العنصر الأساسي الذي يميز‬
‫الصفقات العمومية ‪ ،‬اضافة إلى امكانية المفوض اجراء تحقيقات والاستعانة‬
‫بالخبراء والأعوان كلما ارتأى جدوى هذه الرقابة ‪،‬كما للمفوض سلطة عقد اجتماعات‬
‫وفق فترات منتظمة مع المفوض إليه قصد اعداد تقييم مشترك كل ‪ 5‬سنوات‬
‫للوقوف على حصيلة المنجزات‪.‬‬

‫‪-‬سلطة توقيع الجزاءات ‪ :‬كما في حالة إذا امتنع المتعاقد عن التنفيذ أو تأخر أو‬
‫أهمل في أدائه فإنه يكون مقصرا في تنفيذ التزامه وتوقع عليه جزاءات من قبل‬
‫الإدارة المتعاقدة بغية الاستمرار في تنفيذ الالتزام المتعلق بالمرفق العام وإزالة‬
‫دواعي الإخلال أو التقصير‪.‬‬

‫‪-2‬التزامات المفوض ‪:‬‬

‫عقد اجتماعات وفق فترات منتظمة قصد اعداد تقييم مشترك كل خمس سنوات‬
‫للوقوف على حصيلة المنجزات والصعوبات وعدم اساءة استعمال لسلطة الرقابة‬
‫بمعنى ألا تمارسها الإدارة على المتعاقد معها بالتعسف أو شطط في استعمال‬
‫السلطة‪. .‬‬

‫وخلاصة القول فالتدبير المفوض نظريا من خلال قانون ‪ 54,05‬و تطبيقيا ساهم‬
‫في تحقيق بعض المنجزات الاقتصادية و الاجتماعية ‪ ،‬حيث اصبح هذا التدبير‬
‫يفرض نفسه على مسؤولي الجماعات الترابية وذلك بما يتميز به من جودة و‬
‫تحسين الظروف الاجتماعية لذلك يجب الرقي به الى المستوى المطلوب و ذلك‬
‫بإيجاد حلول لسلبياته و تشجيع إيجابياته ولهذا اقترح ‪:‬‬
‫‪-‬تفعيل الدولة لآ ليات المراقبة على القطاع الخاص المفوض اليه‪ ،‬لتحافظ على‬
‫دورها الأصلي لكي لا يتحول هذه التدبير المفوض الى تدبير مطلق ‪.‬‬

‫‪-‬وضرورة مراعاة المصلحة العامة حتى تتحقق الأهداف المرجوة من التدبير‬


‫المفوض ‪.‬‬

‫‪-‬كما يستوجب على الدولة الشروع في التفكير لإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل‬
‫التي يعاني منها هذا القطاع سواء من خلال اطاره القانوني أو التطبيقي ‪.‬‬

You might also like