Professional Documents
Culture Documents
حكامة المدنية
تعتبر الحكامة أداة لضبط وتسيير التوجهات االستراتيجية الكبرى ،وهي تنصب أساسا على
المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية كأسلوب جديد في التدبير يدعم تذويب
الحدود وتشجيع التشارك بين كل المعنيين ،وتتوخى حسن التنظيم وتوزيع المسؤوليات وصقل
القدرات ودعم التواصل داخليا وخارجيا ،فالحكامة بذلك مبنية على تكامل عمل الدولة
ومؤسساتها والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في إطار تكريس ثقافة المشاركة
والمحاسبة والشفافية.
واذا كانت بالدنا قد ظلت لمدة طويلة بلدا قرويا على الرغم من تقاليدها الحضرية العريقة ،
فإنها قد تميزت خالل القرن الماضي بتسارع وتيرة التمدن بإيقاع متصاعد تضاعفت معه اعداد
الساكنة الحضرية بأزيد من 40مرة تقريبا في حوالي قرن من الزمن حيث بلغت ساكنتها حسب
1
االحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014حوالي . %62
وغير خاف ان هذه المدن عانت وما تزال تعاني اختالالت شتى اقتصادية واجتماعية وثقافية
وبيئية ما فتئت تؤرق الدولة وتؤثر سلبا في رفاه السكان الحضريين وفي منافسة المدن فيما
بينهم وأدائها االقتصادي ،ورغم الجهود المبذولة من قبل السلطات العمومية والمجالس الجماعية
في مجال التعمير وتزويد المدن بالبنيات التحتية والتجهيزات الجماعية فإنها لم تستطيع التغلب
على العجز المهول بالنظر الى النمو الديمغرافي السريع ،وتمدد رقعة المجاالت الحضرية من
-1محمد الغالي والحسين اعبوشي ،حكامة المدن في ضوء الهندسة الدستورية الجديدة ،حكامة المدن ومسألة التنمية ،منشورات كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية –مراكش ،-سلسلة :المؤتمرات والندوات العدد ،48 :الطبعة االولى .11 ،2015
جهة وتدبير األزمة الحضرية بمقاربات ظلت في مجملها محكمة بهاجس قطاعي صرف،
مرجحة في الغالب التحكم المجالي والضبط االجتماعي على متطلبات سياسة المدينة من
جهة آخرى.
فالمدن والحواضر التي استطاعت فرض نفسها في بنية نظام المدن العالمية هي تلك التي
تشبعت بمنطق التدبير العقالني المشترك بين مجموع الفاعلين المتكاملين وان تعددوا ،وذلك
في هذا السياق ،تظهر قيمة البعد العقالني والتفاعلي ما بين الحكامة والمدينة انطالقا من
ضرورة التدبير الجيد والعقالني للشأن الحضري عن طريق التعامل مع المدينة ككيان حي
وفضاء عمومي وذاكرة جماعية ومنظومة تضطلع بجملة من الوظائف التي لم تعد منحصرة
في السكن والتعليم والترفيه فحسب ،بل تجاوزتها إلى االضطالع بوظيفة الفاعل االقتصادي
القادر على الجذب واالستقطاب والفاعل االجتماعي القادر على االستيعاب وتشكيل الهوية
الجماعية ثم الفاعل السياسي الذي يعمل على تهذيب التفاعالت المختلفة اعتمادا على
النهج التشاركي.
ويمكن اعتبار حكامة المدن في مجال يتسم بتعدد المستويات والفاعلين ،تلك العالقة المبنية
على التنسيق والشراكة والتعاقدات التي يمكنها أن تربط بين مختلف الفاعلين بغاية انجاح
المستوى القانوني :ويتمثل أساسا في فهم النصوص القانونية المؤطرة للموضوع ،بإضافة الى
سيرورة الزمنية التي جعلت المشرع ينهج هذا النوع من التدبير على مستوى المدن.
اإلشكالية:
الى أي مدى عملت المرجعية الدستورية في إقرار البعد التدبيري لحكامة المدن؟
األسئلة الفرعية:
حكامة المدينة ،تنبع أساسا من المرجعية الدولية ،وخاصة مع الجيل الثالث من حقوق االنسان،
هذه األخيرة رسمت مقومات المدينة ،التي من خاللها يعيش المواطن متمتعا بمجموعة من
الحقوق (الحق في البيئة ،الحق في الملكية الخاصة ،الحق في العمل ،)...وهذه الحقوق اطرها
النماذج التنموية التي طُبقت في أغلب الدول النامية تتسم بالميل نحو تركيز الدخل والقوة،
وتوليد الفقر واإلقصاء ،والمساهمة في التدهور البيئي ،فضال عن تسريع وتيرة عمليات
الهجرة والتحول إلى الطابع الحضري ،واإلقصاء االجتماعي والمكاني ،وكذلك ،خصخصة
السلع العامة والفضاء العام .وتفضل هذه العمليات انتشار المناطق الحضرية الشاسعة التي
2
تتسم بالفقر وبأوضاع غير مستقرة ،وعادة ما تكون عرضة لكوارث طبيعية.
فمدن اليوم بعيدة عن توفير ظروفا متساوية لسكانها .فغالبية سكان محرومين أو محدودين
األساسية جدا .كما أن السياسات العامة التي تساهم في ذلك الوضع من خالل تجاهل
إجراءات المساهمات من قاطني المناطق الشعبية في بناء المدينة والمواطنة ،وتضر بالحياة
-2المفهوم والتطبيق لميثاق الحق في المدينة :لبناء مدن عادلة ،ديمقراطية ،مستدامة ،المنتدى الوطني لإلصالح الحضري ،معهد البوليس ،سنة
،2006ص .15
في المناطق الحضرية فقط .كما تشمل العواقب الجسيمة لذلك الوضع ،عمليات اإلخالء التي
تتم على نطاق واسع ،والعزل ،وما ينتج عنه من تدهور للتعايش االجتماعي الحضري.
تغييرات تتسم بالطابع السامي في نموذج التنمية الحالي ،على الرغم من أهميتها االجتماعية
3
والسياسية.
ولمواجهة ذلك الواقع وضرورة التصدي لتوجهاته ،تعمل المنظمات والحركات في المناطق
افترض التحديات من أجل بناء نموذج مستدام للمجتمع والحياة بالحضر ،قائم على
لمناقشة ا
احترم الثقافات الحضرية المختلفة وتحقيق التوازن بين المجتمعات الريفية والحضرية.
ا
ومنذ ذلك الوقت ،عملت مجموعة متكاملة من الحركات الشعبية والمنظمات غير الحكومية،
اللتزم
والجمعيات المهنية ،والمنتديات ،وشبكات من منظمات المجتمع المدني الدولية ،على ا ا
-3المفهوم والتطبيق لميثاق الحق في المدينة :لبناء مدن عادلة ،ديمقراطية ،مستدامة ،المنتدى الوطني لإلصالح الحضري ،معهد البوليس ،سنة
،2006ص .16
االلتزمات والتدابير التي يجب أن يضطلع بها المجتمع
ا ويهدف هذا الميثاق إلى جمع
المدني ،والحكومات المحلية والوطنية ،وأعضاء البرلمان ،والمنظمات الدولية ،حتى يمكن
التقليدي بشأن تحسين نوعية الحياة للناس القائمة على السكن والحي ،ليشمل نوعية الحياة
على نطاق المدينة والمناطق الريفية المحيطة بها ،كآلية لحماية السكان الذين يعيشون في
فالتربط بين تلك الحقوق وما يقابلها من واجبات ضرورية في المدينة والمناطق الريفية
ا
المحيطة بها ،يمكن المطالبة به وفقا للمسئوليات واألوضاع االجتماعية واالقتصادية المختلفة
للسكان ،وكأحد أشكال الترويج لما يلي :التوزيع العادل للمنافع والمسئوليات الناجمة عن
عمليات التحضر؛ الوفاء بالوظيفة االجتماعية للمدينة والملكية؛ توزيع الدخل الحضري؛
ديمقرطية،
ا إجرءات الوصول لألرض والخدمات العامة لجميع المواطنين في إطار
وضع ا
4
خاصة الذين لديهم موارد اقتصادية قليلة وفي حاالت مستضعفة.
-4المفهوم والتطبيق لميثاق الحق في المدينة :لبناء مدن عادلة ،ديمقراطية ،مستدامة ،المنتدى الوطني لإلصالح الحضري ،معهد البوليس ،سنة
،2006ص .16
المطلب األول :المرجعية الدستورية.
لم يعد ينظر إلى الدستور فقط كتعاقد سياسي ،يتعلق بمجموعة من المبادئ األساسية المنظمة
لنسق السلطة داخل حدود الدولة ،والتنصيص على الحقوق وواجبات كل من الحكام
والمحكومين فيها .من خالل هندسة تضمن التأطير المؤسساتي لعالقات السلطة العامة .وتنظيم
العالقة بين الدولة والمواطنين .بل أصبح ينظر إلى الدستور ،كذلك كوعاء يختزن مجموعة
من الروابط والعالقات التي تنصهر فيها أبعاد السلطة والدولة والمجتمع والفرد بما يحمله من
5
ثقافة وقيم.
يفيد تشخيص الوضعية الراهنة على ان دستور 2011جاء بهندسة جديدة تؤسس لعالقة
جديدة بين الفرد والدولة ،مبنية على قيم الفعالية في التدبير والنجاعة في األداء لتحقيق جودة
التحديات الديمغرافية الناجمة عن التزايد السكاني ،وما يرافقه من توسع عمراني وتوزيع
التحديات العمرانية الناجمة عن الزحف العمراني ،وعن تزايد الحجم السكاني للمدن
-5محمد الغالي والحسين اعبوشي ،حكامة المدن في ضوء الهندسة الدستورية الجديدة ،حكامة المدن ومسألة التنمية ،منشورات كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية –مراكش ،-سلسلة :المؤتمرات والندوات العدد ،48 :الطبعة االولى ،2015ص .17
تحديات الحكامة الترابية الناجمة عن تغير وظائف المدن وتغير أدوار الفاعلين
اختالالت عمل الدستور على تجاوزها من خالل التأسيس للمفهوم الجديد للمواطنة كأساس
للتنمية السياسية وتحقيق التماسك المؤسساتي والتأسيس لمجموعة من المبادئ التي تضمن
6
دينامية المؤسسات.
-مفهوم المواطنة.
ويتضح ذلك من خالل أن المواطنة تفيد الرابطة القانونية والسياسية واالجتماعية .التي ترتب
حقوقا وواجبات ناتجة عن انتماء إلنسان إلى فضاء ترابي ،أي االستقرار بشكل ثابت داخل
إقليم الدولة والخضوع لنظامها القانوني في إطار مجتمع عادل وديمقراطية ،يحرص على
المساواة وتكافئ الفرص ،وتحمل اعباء التضحية من أجل ترسيخ هذه المبادئ وحمايتها ،وعليه
تتحقق المواطنة إما أو باإلقامة أو الستقرار أو الوالدة أو التربية ،ومختلف أشكال والمعايير
مما يعني أن مفهوم الجديد للمواطنة تجاوز المعايير الطبيعية المبنية على العرق والجنس
والعوامل األثنية والقومية والدينية وأصبح يكتسب على أساس قيم الفعالية والكفاية والمردودية.
-6محمد الغالي والحسين اعبوشي ،حكامة المدن في ضوء الهندسة الدستورية الجديدة ،حكامة المدن ومسألة التنمية ،منشورات كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية –مراكش ،-سلسلة :المؤتمرات والندوات العدد ،48 :الطبعة االولى ،2015ص .24
وما يؤكد هذا هو الفصل ألول من الدستور ،بحيث اعتبر أن المواطنة من أسس التي يقوم
7
عليها النظام الدستوري المغربي.
" يقوم النظام الدستوري للملكة على أساس فصل السلط ،وتوازنها وتعاونها والديمقراطية المواطنة
والتشاركية".....
تؤدي سيادة المقاربة المواطنة المؤسسة على المشاركة .اإليجابية للمواطنين في السياسات
العمومية المحلية والجهوية والوطنية إلى ترسيخ وتكوين الشعور باالنتماء إلى الهوية الوطنية.
كوعاء ثقافي يعكس القيم المشتركة والمقتسمة بين مختلف الوحدات المشكلة لتسير المدينة.
تقوم تدخالت الدولة من اجل تمكين المواطنين والمواطنات من مختلف حقوقهم على مستوى
المدينة كوحدة بشرية وسياسية واقتصادية ،على مجموعة من المبادئ الضامنة لدينامية
مبدأ المساواة
ويتحقق مبدأ المساواة بكون جميع المواطنات والمواطنين متساوون امام األعباء والخدمات
المقدمة من المرافق العامة ،وال ويجوز ان يعامل المواطنون معاملة فيها اشكال التمييز.
-7المادة األولى ،دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد ،5964
30يوليوز ،2011ص .3600
""الفصل 6
القانون هو أسمى تعبير عن إرادة األمة .والجميع ،أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين ،بما فيهم
يتمتع الرجل والمرأة ،على قدم المساواة ،بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واالقتصادية
واالجتماعية والثقافية والبيئية ،الواردة في هذا الباب من الدستور ،وفي مقتضياته األخرى،
وكذا في االتفاقيات والمواثيق الدولية ،كما صادق عليها المغرب ،وكل ذلك في نطاق أحكام
10
الفصل 31
تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ،على تعبئة كل الوسائل المتاحة ،لتيسير
أسباب استفادة المواطنات والمواطنين ،على قدم المساواة ،من الحق في:
-8دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
-9دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
-10دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
العالج والعناية الصحية؛
السكن الالئق؛
الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل ،أو في
التشغيل الذاتي؛
التنمية المستدامة.
الفصل 154
يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها،
العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية ،وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم
11
الديمقراطية التي أقرها الدستور.
، -11دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
-مبدأ العدالة
يتأسس المبدأ على التوزيع الذي يعتمد على عدم االنحياز ،وعدم الكيل بمكيالين في التعامل
مع نفس الوضعيات ،مما يضمن التوازن وعدم التعدي وحماية المصالح الفردية العامة.
الفصل 35
ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون ،إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية
االقتصادية واالجتماعية للبالد .وال يمكن نزع الملكية إال في الحاالت ووفق اإلجراءات التي
تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة ،والتنافس الحر .كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية
مستدامة ،من شأنها تعزيز العدالة االجتماعية ،والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية ،وعلى
تسهر الدولة على ضمان تكافؤ الفرص للجميع ،والرعاية الخاصة للفئات االجتماعية األقل
12
حظا.
13
الفصل 116
-12دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
-13دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
يعقد المجلس األعلى للسلطة القضائية دورتين في السنة على األقل.
يساعد المجلس األعلى للسلطة القضائية ،في المادة التأديبية ،قضاة مفتشون من ذوي الخبرة.
ُيحدد بقانون تنظيمي انتخاب وتنظيم وسير المجلس األعلى للسلطة القضائية ،والمعايير
يراعي المجلس األعلى للسلطة القضائية ،في القضايا التي تهم قضاة النيابة العامة ،تقارير
الفصل 113
يسهر المجلس األعلى للسلطة القضائية على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة ،والسيما
يضع المجلس األعلى للسلطة القضائية ،بمبادرة منه ،تقارير حول وضعية القضاء ومنظومة
ُيصدر المجلس األعلى للسلطة القضائية ،بطلب من الملك أو الحكومة أو البرلمان ،آراء
14
مفصلة حول كل مسألة تتعلق بالعدالة مع مراعاة مبدأ فصل السلط.
-14دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
-مبدأ المنافسة
يعتبر هذا المبدأ من المرتكزات األساسية التي انبثت عليها الهندسة الجديدة للتدبير العمومي
من خالل دستور 2011ويجد تكريس مبدأ المنافسة سنده في الدستور في توفير األرضية
والبيئة المناسبة الكفيلتين بالمساعدة في التحكم في عامل ندرة اإلمكانيات والقدرات االقتصادية.
ومواجهة التحوالت المفاجئة الناجمة عن التقلبات االقتصادية ،وفتح المجال أمام المبادرات.
وايجاد الحلول البديلة للمضالت المطروحة في موضوع السياسات العمومية ويحيل مبدأ
المنافسة إلى مفهوم الشفافية الذي يعني الولوج المتعادل للجميع إلى مصادر المعلومات .مما
يفيد التحقق الحر للمعلومات وتوفيرها بشكل كاف للمعنيين ومساعدتهم في فهمها.
15
الفصل 35
ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون ،إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية
االقتصادية واالجتماعية للبالد .وال يمكن نزع الملكية إال في الحاالت ووفق اإلجراءات التي
15دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة ،والتنافس الحر .كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية
مستدامة ،من شأنها تعزيز العدالة االجتماعية ،والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية،
تسهر الدولة على ضمان تكافؤ الفرص للجميع ،والرعاية الخاصة للفئات االجتماعية األقل
حظا.
16
الفصل 36
يعاقب القانون على المخالفات المتعلقة بحاالت تنازع المصالح ،وعلى استغالل التسريبات
على السلطات العمومية الوقاية ،طبقا للقانون ،من كل أشكال االنحراف المرتبطة بنشاط
اإلدارات والهيئات العمومية ،وباستعمال األموال الموجودة تحت تصرفها ،وبإبرام الصفقات
يعاقب القانون على الشطط في استغالل مواقع النفوذ واالمتياز ،ووضعيات االحتكار
االقتصادية.
-16دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
17
-مبدأ الحرية.
يفيد هذا المبدأ على االنفتاح ،والى المبادرة والى غياب اإلكراهات والعراقيل التي تجعل من
الفصل 10
يضمن الدستور للمعارضة البرلمانية مكانة تخولها حقوقا ،من شأنها تمكينها من النهوض
الفصل 12
تُؤسس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وتمارس أنشطتها بحرية،
الفصل 24
حرية التنقل عبر التراب الوطني واالستقرار فيه ،والخروج منه ،والعودة إليه ،مضمونة للجميع
وفق القانون.
-17دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
الفصل 25
18
الفصل 28
حرية الصحافة مضمونة ،وال يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية.
للجميع الحق في التعبير ،ونشر األخبار واألفكار واآلراء ،بكل حرية ،ومن غير قيد ،عدا ما
الفصل 35
تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة ،والتنافس الحر .كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية
مستدامة ،من شأنها تعزيز العدالة االجتماعية ،والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية ،وعلى
19
حقوق األجيال القادمة.
-18دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
-19دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
20
-مبدأ التضامن
يشكل مبدأ التضامن ركيزة أساسية في التدبير العمومي المعاصر وذلك من أجل التحكم في
الهوة الموجودة على مستوى تحقيق التنمية بين المواطنين والمواطنات وبين مختلف المجاالت
الترابية.
الفصل 31
تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ،على تعبئة كل الوسائل المتاحة،
لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين ،على قدم المساواة ،من الحق في:
الفصل 136
يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر ،وعلى التعاون والتضامن؛ ويؤمن
مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم ،والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة
والمستدامة.
تمكن هذه المبادئ من تحصين سياسة المدن من مختلف التقلبات المفاجئة وتعطيها المناعة
الالزمة لمعالجة مختلف التحوالت والتطورات التي تعرفها حياة المواطنين داخل مجال المدينة.
-20دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
المساواة والعدالة تساعد على تحقيق االنسجام والتالحم واالندماج بين األفراد المشكلين لوحدة
المجالية المدينة ،وترسيخ الوعي لالمركزية في تدبير على انخراط السكان في أمور حياتهم
بشكل مباشر مما يساعد على تكريس قيم االلتزام واالنخراط ،فال حكامة دون القدرة على تحقيق
21
عمومية عادلة ومنصفة ،فعالة وناجعة .قادرة على التوفيق بين الفاعل والمنهج والهدف.
كما ان الدستور المغربي احاطة حكامة المدن بمجموعة من المقاربات الدستورية التنموية
لحكامة المدن.
-1المقاربة المجالية
المقاربة المجالية هي طريقة في التفكير ،تهدف الى االعتراف ،وتثمين اإلمكانات والقدرات
المجالية ،واستثمار الفرص المتاحة والممكنة ،والتحكم في مختلف التدفقات والمخاطر ،في
إطار رؤية شمولية تضمن االتقائية في مستوى األهداف العامة والوطنية ،وعليه تعتبر
وتشكل طريقة للتفكير في التنمية المحلية من خالل نموذج يعتمد على الجمع المتزامن
الفضاء الجغرافي.
-21لالستزادة يراجع:
Stoker G (1998) ‘’Cinq proposition pour une théorie de la gouvernance’’ . dans Revue internationale des
sciences sociales , n° 155’ mars , pp , 19-29.
الحقائق االقتصادية واالجتماعية.
التمثالت التقافية.
تبنى المقاربة المجالية يأتي انسجاما مع الفقرة االخيرة من الفصل االول من الدستور الذي
اسس لتنظيم ترابي للمملكة على اساس ال مركزي ،ويقوم على الجهوية المتقدمة.
وما يدل على استراتيجية تبنى المقاربة المجالية في الخلفية المرجعية للقرار العام في الدولة
22
المغربية ،جعل الجهوية المتقدمة مرتكزة على المبادئ التالية:
التدبير الحر.
التعاون والتضامن.
المندمجة والستدامة.
التفريع.
الشراكة.
تعتبر هذه المبادئ أساسية في مسلسل اعداد المدن وادارتها وتدبيرها ،وأسس لتحقيق حكامة
جيدة للمدن.
-22محمد الغالي والحسين اعبوشي ،حكامة المدن في ضوء الهندسة الدستورية الجديدة ،حكامة المدن ومسألة التنمية ،منشورات كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية –مراكش ،-سلسلة :المؤتمرات والندوات العدد ،48 :الطبعة االولى ،2015ص .45
2ـ المقاربة البيئية
أصبح مفهوم البيئة استراتيجيا في كل المشاريع والمخططات االست ارتيجية التنموية ،وذلك من
خالل مدخل التنمية المستدامة التي تعني التوزيع واالستغالل العادل والمتكافئ للخيرات بين
صريح بالمقاربة البيئة ،كطريقة في الفعل والتفكير في مجاالت السياسات العمومية ،حيث
"تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة،
لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة ،من الحق في:
التنمية المستدامة".
"تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة ،والتنافس الحر ،كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية
مستدامة ،من شأنها تعزيز العدالة االجتماعية والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية ،وعلى
-23نفس المرجع ،محمد الغالي والحسين اعبوشي ،حكامة المدن في ضوء الهندسة الدستورية الجديدة ،حكامة المدن ومسألة التنمية ،منشورات
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية –مراكش ،-سلسلة :المؤتمرات والندوات العدد ،48 :الطبعة االولى ،2015ص.55
نص الفصل 136في باب التنمية المستدامة على:
" يرتكز التنظيم الجهوية والترابي على مبادئ التدبير الحر ،وعلى التعاون والتضامن ،ويؤمن
المندمجة والمستدامة".
كما ان المواضيع المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة يرجع فيها الى رأي المجلس االقتصادي
واالجتماعي والبيئي ،ويظهر االهتمام الذي أعطاه المشروع الدستوري لموضوع البيئة والتنمية
وعليه يمكن القول ان االشتغال بالمقاربة البيئية ،كفيال بتحقيق االنتقال في المعادلة التدبيرية
قائمة على متغيرات تشتغل على منطق إدارة المدن وحكمها الى معادلة تعتمد على متغيرات
24
الحكامة الحضرية.
-3المقاربة التشاركية
ان التدبير التشاركي هو منهج فعال يقطع مع أسلوب األحادية والمركزية في اتخاذ القرار
ويمكن من ارساء جو من التعاون والتشارك والمساهمة الجماعية في صنع القرار المحلي بما
يخدم مصلحة الجميع وباألخص ما يرتبط بالتنزيل البرامج القطاعية االستراتيجية وكذا انجاز
-24حميد القستلي ،حكامة المدن :نحو مستقبل حضري افضل ،مطبعة المعارف الجديدة ،الطبعة األولى ،الرباط ،2013 ،ص .15
المخطط الجماعي للتنمية ،كما أن تكامل مجهودات المجتمع المدني مع مجهودات الدولة
والجماعات الترابية وكذا القطاع الخاص سيمكن ال محالة من إنجاز المشاريع التنموية ومن
االستجابة النتظارات الساكنة وذلك من خالل تفعيل آليات الشراكة والتعاون واعادة بناء
25
العالقات على أسس جديدة تبتعد عن األساليب التقليدية في إدارة الشأن المحلي.
-25دليل إصالح الميزانية :المقاربة الجديدة المرتكزة على النتائج والمدمجة لمقاربة النوع االجتماعي ،وزارة المالية والخوصصة ،2005 ،ص
.38
المبحث الثاني :مقومات تأهيل حكامة المدن.
إن محددات تأهيل تدبير المدينة تتحدد عبر جملة من المقاربات ،والتي برزت إلى السطح
في ظل واقع الدينامية الحضرية وتعقدها ،الشيء الذي استلزم على مدبري الشأن العام
إدخال تقنيات التدبير العمومي الجديد التي تتمثل من جهة في الرؤية التدبيرية للمجال
المطلب األول) من جهة أخرى على أدوار الفاعلون والمدبرون في ترجمة السياسات
العمومية.
يعتبر التدبير عملية معقدة ،إنه ال يتوقف عند التسيير بل هو أعمق من ذلك ،إلنه يفيد
التنظيم والتسيير والتخطيط واإلنجاز والمراقبة ،ويستدعي توفر آليات وأدوات تعتمد على
مؤشرات واضحة ،فالمدينة لم تعد مجرد وحدة ترابية إدارية بل تحولت إلى جماعات
اقتصادية تنافسية تقوم بتنشيط الحركة االقتصادية ،ولهذا وجدت المدينة نفسها مطالبة بوضع
نموذجها التنموي الحضري ،وتأسيس االقتصاد الحضري وتنافسي قادر على خلق الثروة
ومناصب الشغل ألفواج الشباب ،وذلك عبر استعمال الوسائل واآلليات التدبيرية المقاوالتية
والتسويق الحضري ،والتدبير االستراتيجي للمجال الحضري ،الذي ينهض على التخطيط
26
والمقاربة التشاركية.
والحديث عن التدبير المقاوالتي يعني التطرق إلحدى أعمدة المقاربة التدبيرية للمدينة
وإلحدى الميكانيزمات الجديدة لسياسة اإلنماء الحضري واإلعداد المجالي بصفة عامة،
وسياسة المدينة بصفة خاصة ،فالتدبير المقاوالتي نهج يتماشى ومظاهر التعقيد التي يعرفها
المشهد الحضري ،والتي تستوجب تدبير المجال في إطار رؤيا استراتيجية وبمقاربة شمولية
مندمجة تجعل من المجال الترابي "المدينة" المحرك للدينامية المحلية ،والمولد لثقافة الذكاء
يمكن القول أن المدن المقاولة هي المدن التي يعتمد مدبروها التقنيات واآلليات التدبيرية
القائمة على التدبير باألهداف والنتائج لتحقيق الفعالية والنجاعة مع اعتماد التسويق الحضري
للتعريف بالبرامج والمخططات والمشاريع ،وكذا حسن تدبير الشأن الحضري والتوفر على
-26هشام زوبير ،سياسة المدينة في ضوء متطلبات التدبير العمومي الجديد ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات
الترابية ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية والقتصادية واالجتماعية مراكش ،سنة الجامعية ،2014-2015 :ص .97
ومن تم فالمدينة المقاولة هي التي تضع نصب أعينها الزيادة في مواردها وكفاءة عنصرها
يعتبر التسويق الحضري ،أحد دعائم المقاربة التدبيرية للمدينة ،فهو يسهم في تكريس قيم
التواصل على المستوى المحلي ،كما أنه يذكي من القدرات التنافسية للمدن ،وبالتالي يعزز
من إشعاعها الحضري والحضاري .وأكيد أن كسب رهان التنمية الحضرية في أبعادها
الحديثة التي تمكنها من دخول غمار المنافسة لجذب المشاريع واالستثمارات الوطنية
المالية ...كعناصر جذب تؤهلها الستقطاب شبكة المقاوالت التي ترغب في اتخاذ مجالها
ظهر مفهوم التسويق Marketingفي القطاع التجاري كتقنية تستهدف توسيع السوق
االستهالكية لمنتوج ما من خالل اعتماد قواعد وآليات لحل مجموعة من اإلشكاليات التي
طرحها ترويج سلع وبضائع المقاوالت داخل األسواق ،28فهو إذن منهجية للبحث عن أكبر
عدد من المستهلكين لتوزيع المنتوجات التي فاقت الطلب المقدم بمنطقة تواجد المقاولة ،مما
- -27هشام زوبير ،سياسة المدينة في ضوء متطلبات التدبير العمومي الجديد ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام الداخلي وتنظيم
الجماعات الترابية ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم القانونية والقتصادية واالجتماعية مراكش ،سنة الجامعية ،2014-2015 :ص .100
-28نفس المرجع ،هشام زوبير ،ص .75
يتطلب البحث عن أسواق أخرى خارجية .وقد تطور هذا المفهوم لينتقل إلى حقل المؤسسات
العمومية ،والجماعات الترابية التي أضحت ترتكز على اآلليات الجديدة للتدبير المستمدة من
تقنيات التسيير المقاوالتي ،كتوجه فرضته تحديات العولمة واكراهات المنافسة ومتطلبات
الحكامة الجيدة.
وقبل التعرف على مقوم التسويق الحضري ،ال بأس من اإلحاطة بمقترب التسويق الترابي
مطالبة بأن تزيد من قدراتها التنافسية وتنخرط في مسلسل التنمية ،وبالتالي أن تنهج نهج
الشمولية المقدمة من مجموع المجاالت الترابية ،وما يمكن أن يميزها من إمكانات ومؤهالت
ويعرف أحد الباحثين "مقترب التسويق الترابي بكونه مقاربة تدبيرية تعتمد على إبراز
ويمن تعريف التسويق الحضري بأنه مجموع المبادرات واإلجراءات التدبيرية واألعمال
التواصلية في المشروع الحضري الذي تنجزه المدينة ،بهدف توطيد مسلسلها التنموي القائم
والمترقب عبر جملة من اآلليات :التهيئة المجالية المحكمة -التخطيط الحضري الذي يحدد
الوظائف التي على الحاضرة االضطالع بها ،بنيات االستقبال المؤهلة ،آليات الدعاية-
-29امال بلشقير ،التسويق الترابي دعامة أساسية للتنمية الجهوية المندمجة ،مجلة دراسات ووقائع دستورية وسياسية ،العدد ،9الرباط ،2013
ص .71
المعارض والندوات ،بجانب إحياء الموروث المعماري حول معلمة حضرية إشعاعية .وبهذا
فتطبيق تقنيات التسويق المعمول بها في القطاع الخاص على المجال الحضري ،يعطي قيمة
مضافة للتراب بشكل يعزز مكانة ووظيفة المدينة كرافعة للتنمية والرقي بها إلى مستوى
مقاولة حقيقية تساهم بشكل فعلي في إيجاد حلول عملية لمختلف المشاكل االقتصادية
واالجتماعية.
يشكل التخطيط االستراتيجي جزءا من مجموع أدوات تدبير المقاوالت وان طبق في الحقل
الحضري ،فإنه يسمح بضمان عقلنة أفضل لصيرورة اتخاذ القرار وتنظيم وتنسيق السياسات
العمومية من جهة وعقلنه البنية من خالل إقامة ترابط بين التنظيم المجالي الفعلي للمواطنين
وتنظيم إدارتهم من جهة ثانية .والتخطيط االستراتيجي يسمح بوضع القضايا التدبيرية للتنمية
الحضرية والتفكير فيها ليس على مستوى المهام والنجاعة ،بل أيضا على مستوى التفاعالت
االجتماعية والتكامالت المتعددة ،وبالتالي فإن مدبري المجال الحضري أو المدينة مدعوون
إلى إبداع نمط جديد من التسيير يدعمه نمط جديد من االستدالل والتفكير والتخطيط .30ولقد
أصبح من المطروح أكثر فأكثر ،كون أن األنماط الجديدة للحكامة سواء على المستوى
الوطني أو المحلي تتميز بتنمية الشركاء واعطاء القيمة لدور المواطنين ،واقامة مكانيزمات
للتفاوض والمشاركة.31
-30عبد الرزاق مرشد الجماعات المقاولة بالمغرب بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون العام كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-
السويسي ،2014- 2013ص .81
-31نجيب جيري ،الديمقراطية التشاركية براديغم جديد لتدبير الشأن العام المحلي ،مجلة الحقوق ،العدد ،13ماي –دجنبر ،2012ص .107
المطلب الثاني :الفاعلون والمدبرون في حكامة المدن
32
كل سياسة عمومية محلية أو جهوية أو وطنية تتحدد من خالل ثالثة عناصر أساسية:
-1الفاعل؛
-2المنهج؛
-3الهدف؛
كل فاعل (الدولة ،جماعة ترابية ،مؤسسة عمومية )..يتدخل من أجل صياغة حل
لمشكل ،ال بد وأن يتقيد في ذلك باحترام منهج في التدخل تحدده القيم المرجعية للدولة،
يعتبر اختيار المنهج أو المقاربة من أجل الوصول إلى الهدف الذي هو بمثابة الجواب
العملي عن المشكل ،مرتبط بطبيعة اإلمكانات (بشرية ،مادية )...المتوفرة لدى الفاعل،
أو التي هو قادر على تعبئتها بالنظر إلى الفرص المتاحة أو الممكنة في ذالك.
يعتبر تحقيق الهدف بشكل فعال وناجع ،بمثابة المقياس الحقيقي لشرعية الفاعل عند
المواطنين والمواطنات ،فعامل الشرعية يشكل األساس المرجعي لقبول أو رفض سياسة
يميز دستور 2011بين ثالثة مستويات من الفاعلين كل بحسب تأثيره في مسلسل السياسات
العمومية كاالتي:
32
- Voir MENY Yves et THOENIG Jean « les politiques publiques » paris . PUS, 1989 .
-1الفاعل الذي يملك سلطة تقريرية.
33
.Iالفاعل الذي يملك سلطة تقريرية.
الملك؛
البرلمان؛
الحكومة؛
القضاء؛
المؤسسات العمومية.
الجماعات الترابية.
وسنركز على هذا األخير ،وخاصة منه المنتخبون بحيث هم فاعلون رئيسيون في مسلسل
إعداد مخطط التنمية الجماعي وتنفيذه ،إذ لهم وظيفة ريادية في قيادة مسلسل التشارك
الخالق ودور تنشيط في إعداد برنامج مشترك للمدينة وربطه بانتظارات وحاجيات الساكنة
--33نفس المرجع ،محمد الغالي والحسين اعبوشي ،حكامة المدن في ضوء الهندسة الدستورية الجديدة ،حكامة المدن ومسألة التنمية ،منشورات
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية –مراكش ،-سلسلة :المؤتمرات والندوات العدد ،48 :الطبعة االولى ،2015ص.39
فالتدبير اإلداري للمنتخب الترابي يقتضي منه اإلنصات لطموحات وانتظارات وحاجات
المواطنين عن طريق التواصل معهم عن قرب ،ذلك أن من بين مؤشرات نجاح المنتخب
المحلي في تدبير الشأن العام المحلي هو انفتاحه على الساكنة المحلية والتواصل معهم،
فالسلوك القديم الذي ساد لفترات طويلة على اعتبار أن الساكنة مجرد أداة مناسباتية يتم
اللجوء غليها فترة االنتخابات قصد الحصول على أصوات الساكنة لم تعد تأت أكلها ،بل
أفقدت الثقة بين السكان وممثليهم ،وبالتالي كرست المشاكل الموجودة عوض حلها.
كما أن اعتبار المنتخب ،ديبلوماسي لوطنه وللمركز الترابي الذي يمثله ما زال صعب التحقيق،
إذ أن بعض المنتخبين المحليين يفتقدون إلى الكفاءة وتقنيات الحوار والتفاوض والحس في
34
البحث عن المصالح العليا سواء لجماعته المحلية أو للوطن .ما سجلت بعض.
تتمثل في مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية
والمستدامة والديمقراطية التشاركية التي تضمنها الباب الثاني عشر بعنوان الحكامة الجيدة.
-سيدي حفظ هللا البودناني ،تعدد المتدخلين في ميدان التعمير وإشكالية التنسيق ،اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق الرباط-
34اكدال ،2011-2010 ،ص .19
ت) الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز (الفصل )164
35
ب) المجلس االستشاري والعمل الجمعوي (الفصل .)170
تشكل جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية قوة اقتراحية لدى السلطات العمومية
والذي أعطى للمجتمع المدني هذه المكانة ،تلك األدوار التي يلعبها في الحياة العامة للمواطنين
خاصة من طرف الجمعيات التي لعبت دو ار أساسيا في التنمية الذاتية للمواطنين ،وتدريب
عمل دستور 2011على توزيع األدوار بين مجموعة من الفاعلين غير الرسميين (الجمعيات،
-35دستور المملكة المغربية ،2011الصادر بتنفيذه ظهير رقم 1.11.91بتاريخ 29يوليوز ،2011جريدة الرسمية ،عدد 30 ،5964يوليوز
،2011ص .3600
ويظهر من خالل األدوار المشار إليها في الفصول ،أن هناك تقاطعا في األدوار بين مجموعة
من المنظمات :الحزب ،النقابة ،الجمعية ،خصوصا على مستوى التأطير ،التكوين ،التحسيس
والتوعية...
يولد هذا التقاطع في األدوار في مجموعة من األحيان عالقات تنازعية نظ ار للتباين في قراءة
المصالح وعامل التموقع لهذا الطرف أو ذاك ،مما يضر بالمصلحة العامة ويسقط مؤسسات
سلوكا ومنهجا اساسيا لكن المشكل قد يطرح اذا لم يتمكن نظام 36
تعد مسألة تعدد المتدخلين
االستقبال من تحديد المصفوفات القادرة على تيسير عملية أداء األدوار وتبادلها ودلك ضمانا
يعني تعدد الرهانات والمصالح مما يتطلب تفعيل الشراكة الحقيقية والتعاون بينهم في تدبير
المدن ،مما قد يساعد على ترشيد النفقات ،وتجميع الوسائل والطاقات ،وتجاوز العراقيل المادية
والبشرية ،والتوفيق بين القوى المتعارضة ،وبالتالي تحقيق اكبر قدر من الفعالية وبأقل الوسائل
38
الممكنة.
36
- le Galés P (2006) Gouvernance des territoires , édition ; la documentation français , mars 2006. P 6 :
-سيدي حفظ هللا البودناني ،تعدد المتدخلين في ميدان التعمير وإشكالية التنسيق ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،كلية الحقوق الرباط-
اكدال 2011-2010 ،ص.21
-38هشام زوبير :سياسة المدينة في ضوء متطلبات التدبير العمومي الجديد نفس المرجع سابق ( ص.)187-186 :
يتطلب فتح المجال أمام تعدد المتدخلين تماشيا مع قيم االنفتاح والشفافية والديمقراطية ضرورة
التوفر على لوحة للقيادة كعامل أساسي في مسلسل التقييم .فتمكن لوحة القيادة بما توفره من
مؤشرات للقياس على ضمان التواصل المستمر مع النظام المشتغل على نحو يمكن من:
تواجه المدن في ظل العولمة تحديات اقتصادية وبيئية واجتماعية وثقافية متعددة ،تجعل من
التنمية الحضرية مسألة معقدة ومتشابكة .فالمدن اليوم ،تعتبر فضاءات لكسب رهان التنمية
على الصعيد الوطني .وبالتالي فكل مدينة غير مؤهلة لمجابهة التحديات المطروحة،
ستعاني المحالة من تبعاتها الوخيمة وآثارها السلبية .وتبقى الوسيلة الفضلى للخروج من هذا
النفق ،هو اعتماد استراتيجيات ومناهج تعتبر المدينة كوحدة شمولية ومنها ،سياسة المدن
الجديدة بالمغرب ،والتي لألسف الشديد ،وعوض أن تحقق أحد أهم أهدافها ،والمتمثل في
الحد من التوسع الحضري الغير المتوازن ،فإنها على النقيض من ذلك –كما أشار التقرير
الشيء الذي جعلها سياسة محدودة األفق على األقل على المستوى المنظور .إن اإلشكالية
المركزية للمدن المعاصرة تدور حول ضرورة تجديد الفعل العمومي الحضري والبحث عن
الوسائل الممكنة لتدبير المسائل الكبرى للمدينة .كل ذلك يجب أن يتم هي إطار سياق جديد،
هو سياق الحكامة الحضرية ،والتي على سياسة المدن الجديدة التوسل بآلياتها ومبادئها ،إن
هي أرادت أن تجد لها موطأ قدم على مستوى سياسات تدبير الفعل العمومي.