You are on page 1of 37

‫ماستر العلوم اإلدارية والمالية‬

‫حكامة المدنية‬

‫تحت اشراف األستاذ‪ :‬عبد الحفيظ أدمينو‬

‫من اعداد الطلبة‪:‬‬

‫حياة بلحور – عبد اإلله اقادة‬

‫السنة الجامعية ‪2018- 2017‬‬


‫مقدمة‬

‫تعتبر الحكامة أداة لضبط وتسيير التوجهات االستراتيجية الكبرى‪ ،‬وهي تنصب أساسا على‬

‫المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية كأسلوب جديد في التدبير يدعم تذويب‬

‫الحدود وتشجيع التشارك بين كل المعنيين‪ ،‬وتتوخى حسن التنظيم وتوزيع المسؤوليات وصقل‬

‫القدرات ودعم التواصل داخليا وخارجيا ‪ ،‬فالحكامة بذلك مبنية على تكامل عمل الدولة‬

‫ومؤسساتها والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في إطار تكريس ثقافة المشاركة‬

‫والمحاسبة والشفافية‪.‬‬

‫واذا كانت بالدنا قد ظلت لمدة طويلة بلدا قرويا على الرغم من تقاليدها الحضرية العريقة ‪،‬‬

‫فإنها قد تميزت خالل القرن الماضي بتسارع وتيرة التمدن بإيقاع متصاعد تضاعفت معه اعداد‬

‫الساكنة الحضرية بأزيد من ‪ 40‬مرة تقريبا في حوالي قرن من الزمن حيث بلغت ساكنتها حسب‬

‫‪1‬‬
‫االحصاء العام للسكان والسكنى لسنة ‪ 2014‬حوالي ‪. %62‬‬

‫وغير خاف ان هذه المدن عانت وما تزال تعاني اختالالت شتى اقتصادية واجتماعية وثقافية‬

‫وبيئية ما فتئت تؤرق الدولة وتؤثر سلبا في رفاه السكان الحضريين وفي منافسة المدن فيما‬

‫بينهم وأدائها االقتصادي‪ ،‬ورغم الجهود المبذولة من قبل السلطات العمومية والمجالس الجماعية‬

‫في مجال التعمير وتزويد المدن بالبنيات التحتية والتجهيزات الجماعية فإنها لم تستطيع التغلب‬

‫على العجز المهول بالنظر الى النمو الديمغرافي السريع‪ ،‬وتمدد رقعة المجاالت الحضرية من‬

‫‪ -1‬محمد الغالي والحسين اعبوشي‪ ،‬حكامة المدن في ضوء الهندسة الدستورية الجديدة‪ ،‬حكامة المدن ومسألة التنمية‪ ،‬منشورات كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية –مراكش‪ ،-‬سلسلة‪ :‬المؤتمرات والندوات العدد‪ ،48 :‬الطبعة االولى ‪.11 ،2015‬‬
‫جهة وتدبير األزمة الحضرية بمقاربات ظلت في مجملها محكمة بهاجس قطاعي صرف‪،‬‬

‫مرجحة في الغالب التحكم المجالي والضبط االجتماعي على متطلبات سياسة المدينة من‬

‫جهة آخرى‪.‬‬

‫فالمدن والحواضر التي استطاعت فرض نفسها في بنية نظام المدن العالمية هي تلك التي‬

‫تشبعت بمنطق التدبير العقالني المشترك بين مجموع الفاعلين المتكاملين وان تعددوا‪ ،‬وذلك‬

‫لتحقيق التجانس المجالي‪.‬‬

‫في هذا السياق ‪ ،‬تظهر قيمة البعد العقالني والتفاعلي ما بين الحكامة والمدينة انطالقا من‬

‫ضرورة التدبير الجيد والعقالني للشأن الحضري عن طريق التعامل مع المدينة ككيان حي‬

‫وفضاء عمومي وذاكرة جماعية ومنظومة تضطلع بجملة من الوظائف التي لم تعد منحصرة‬

‫في السكن والتعليم والترفيه فحسب‪ ،‬بل تجاوزتها إلى االضطالع بوظيفة الفاعل االقتصادي‬

‫القادر على الجذب واالستقطاب والفاعل االجتماعي القادر على االستيعاب وتشكيل الهوية‬

‫الجماعية ثم الفاعل السياسي الذي يعمل على تهذيب التفاعالت المختلفة اعتمادا على‬

‫النهج التشاركي‪.‬‬

‫ويمكن اعتبار حكامة المدن في مجال يتسم بتعدد المستويات والفاعلين‪ ،‬تلك العالقة المبنية‬

‫على التنسيق والشراكة والتعاقدات التي يمكنها أن تربط بين مختلف الفاعلين بغاية انجاح‬

‫األعمال والمشاريع ذات الصبغة الجماعية والعمومية‪.‬‬


‫‪ ‬أهمية الموضوع‬

‫المستوى القانوني‪ :‬ويتمثل أساسا في فهم النصوص القانونية المؤطرة للموضوع‪ ،‬بإضافة الى‬

‫سيرورة الزمنية التي جعلت المشرع ينهج هذا النوع من التدبير على مستوى المدن‪.‬‬

‫المستوى أكاديمي‪ :‬اغناء الخزانة القانونية‪ ،‬وتوسيع النقاش بين الطلبة‪.‬‬

‫اإلشكالية‪:‬‬

‫الى أي مدى عملت المرجعية الدستورية في إقرار البعد التدبيري لحكامة المدن؟‬

‫األسئلة الفرعية‪:‬‬

‫‪-‬الى أي حد انتقلت المقاربة القانونية المؤطرة لحكامة المدن؟‬

‫‪-‬ماهي أسس وابعاد المقاربات الدستورية لحكامة المدن؟‬

‫‪-‬ماهي ابعاد الرؤية التدبيرية لحكامة المدن؟‬

‫‪ -‬ما دور الفاعلين في حكامة المدن؟‬


‫تصميم الموضوع‬

‫المبحث األول‪ :‬المرجعيات المؤسسة لحكامة المدن‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المرجعية الدولية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المرجعية الدستورية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬مقومات تأهيل حكامة المدينة‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الرؤية التدبيرية للمدينة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الفاعلون والمدبرون في حكامة المدينة‪.‬‬


‫المبحث األول‪ :‬المرجعيات المؤسسة لحكامة المدن‪.‬‬

‫حكامة المدينة‪ ،‬تنبع أساسا من المرجعية الدولية‪ ،‬وخاصة مع الجيل الثالث من حقوق االنسان‪،‬‬

‫هذه األخيرة رسمت مقومات المدينة‪ ،‬التي من خاللها يعيش المواطن متمتعا بمجموعة من‬

‫الحقوق (الحق في البيئة‪ ،‬الحق في الملكية الخاصة‪ ،‬الحق في العمل‪ ،)...‬وهذه الحقوق اطرها‬

‫الميثاق العالمي للحق في المدينة‪ ،‬وانعكست في مجموعة من التشريعات الداخلية لدول‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المرجعية الدولية‪.‬‬

‫النماذج التنموية التي طُبقت في أغلب الدول النامية تتسم بالميل نحو تركيز الدخل والقوة‪،‬‬

‫وتوليد الفقر واإلقصاء‪ ،‬والمساهمة في التدهور البيئي‪ ،‬فضال عن تسريع وتيرة عمليات‬

‫الهجرة والتحول إلى الطابع الحضري‪ ،‬واإلقصاء االجتماعي والمكاني‪ ،‬وكذلك‪ ،‬خصخصة‬

‫السلع العامة والفضاء العام‪ .‬وتفضل هذه العمليات انتشار المناطق الحضرية الشاسعة التي‬

‫‪2‬‬
‫تتسم بالفقر وبأوضاع غير مستقرة‪ ،‬وعادة ما تكون عرضة لكوارث طبيعية‪.‬‬

‫فمدن اليوم بعيدة عن توفير ظروفا متساوية لسكانها‪ .‬فغالبية سكان محرومين أو محدودين‬

‫بحكم خصائصهم االقتصادية واالجتماعية والثقافية واإلثنية في إشباع احتياجاتهم وحقوقهم‬

‫األساسية جدا‪ .‬كما أن السياسات العامة التي تساهم في ذلك الوضع من خالل تجاهل‬

‫إجراءات المساهمات من قاطني المناطق الشعبية في بناء المدينة والمواطنة‪ ،‬وتضر بالحياة‬

‫‪ -2‬المفهوم والتطبيق لميثاق الحق في المدينة‪ :‬لبناء مدن عادلة‪ ،‬ديمقراطية‪ ،‬مستدامة‪ ،‬المنتدى الوطني لإلصالح الحضري‪ ،‬معهد البوليس‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.15‬‬
‫في المناطق الحضرية فقط‪ .‬كما تشمل العواقب الجسيمة لذلك الوضع‪ ،‬عمليات اإلخالء التي‬

‫تتم على نطاق واسع‪ ،‬والعزل‪ ،‬وما ينتج عنه من تدهور للتعايش االجتماعي الحضري‪.‬‬

‫مجزة وغير قادرة على إنتاج‬


‫تزل أ‬
‫ويدعم هذا السياق‪ ،‬إظهار النضاالت الحضرية التي ال ا‬

‫تغييرات تتسم بالطابع السامي في نموذج التنمية الحالي‪ ،‬على الرغم من أهميتها االجتماعية‬

‫‪3‬‬
‫والسياسية‪.‬‬

‫ولمواجهة ذلك الواقع وضرورة التصدي لتوجهاته‪ ،‬تعمل المنظمات والحركات في المناطق‬

‫التربط فيما بينها منذ المنتدى االجتماعي العالمي األول في (‪،)2001‬‬


‫الحضرية على ا‬

‫افترض التحديات من أجل بناء نموذج مستدام للمجتمع والحياة بالحضر‪ ،‬قائم على‬
‫لمناقشة ا‬

‫الكرمة‪ ،‬والعدالة االجتماعية‪ ،‬والتي تأسست على‬


‫مبادئ التضامن‪ ،‬والحرية‪ ،‬والمساواة‪ ،‬و ا‬

‫احترم الثقافات الحضرية المختلفة وتحقيق التوازن بين المجتمعات الريفية والحضرية‪.‬‬
‫ا‬

‫ومنذ ذلك الوقت‪ ،‬عملت مجموعة متكاملة من الحركات الشعبية والمنظمات غير الحكومية‪،‬‬

‫اللتزم‬
‫والجمعيات المهنية‪ ،‬والمنتديات‪ ،‬وشبكات من منظمات المجتمع المدني الدولية‪ ،‬على ا ا‬

‫الديمقرطية‪ ،‬واإلنسانية‪ ،‬واالستدامة‪،‬‬


‫ا‬ ‫بالنضال االجتماعي من أجل مدن قائمة على العدل‪ ،‬و‬

‫وقامت بإنشاء الميثاق العالمي للحق في المدينة‪.‬‬

‫‪ -3‬المفهوم والتطبيق لميثاق الحق في المدينة‪ :‬لبناء مدن عادلة‪ ،‬ديمقراطية‪ ،‬مستدامة‪ ،‬المنتدى الوطني لإلصالح الحضري‪ ،‬معهد البوليس‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.16‬‬
‫االلتزمات والتدابير التي يجب أن يضطلع بها المجتمع‬
‫ا‬ ‫ويهدف هذا الميثاق إلى جمع‬

‫المدني‪ ،‬والحكومات المحلية والوطنية‪ ،‬وأعضاء البرلمان‪ ،‬والمنظمات الدولية‪ ،‬حتى يمكن‬

‫بكرمة في مدننا‪ .‬فقد وسع الحق في المدينة من نطاق التركيز‬


‫لجميع الناس أن يعيشوا ا‬

‫التقليدي بشأن تحسين نوعية الحياة للناس القائمة على السكن والحي‪ ،‬ليشمل نوعية الحياة‬

‫على نطاق المدينة والمناطق الريفية المحيطة بها‪ ،‬كآلية لحماية السكان الذين يعيشون في‬

‫المدن أو األقاليم أثناء عمليات التحضر المتسارعة‪.‬‬

‫احترم‪ ،‬والدفاع والوفاء للحقوق المدنية‬


‫ويعني ذلك البدء في وسيلة جديدة لتعزيز‪ ،‬و ا‬

‫والسياسية‪ ،‬واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والثقافية والبيئية‪ ،‬المكفولة في المواثيق اإلقليمية‬

‫والدولية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫فالتربط بين تلك الحقوق وما يقابلها من واجبات ضرورية في المدينة والمناطق الريفية‬
‫ا‬

‫المحيطة بها‪ ،‬يمكن المطالبة به وفقا للمسئوليات واألوضاع االجتماعية واالقتصادية المختلفة‬

‫للسكان‪ ،‬وكأحد أشكال الترويج لما يلي‪ :‬التوزيع العادل للمنافع والمسئوليات الناجمة عن‬

‫عمليات التحضر؛ الوفاء بالوظيفة االجتماعية للمدينة والملكية؛ توزيع الدخل الحضري؛‬

‫ديمقرطية‪،‬‬
‫ا‬ ‫إجرءات الوصول لألرض والخدمات العامة لجميع المواطنين في إطار‬
‫وضع ا‬

‫‪4‬‬
‫خاصة الذين لديهم موارد اقتصادية قليلة وفي حاالت مستضعفة‪.‬‬

‫‪ -4‬المفهوم والتطبيق لميثاق الحق في المدينة‪ :‬لبناء مدن عادلة‪ ،‬ديمقراطية‪ ،‬مستدامة‪ ،‬المنتدى الوطني لإلصالح الحضري‪ ،‬معهد البوليس‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2006‬ص ‪.16‬‬
‫المطلب األول‪ :‬المرجعية الدستورية‪.‬‬

‫لم يعد ينظر إلى الدستور فقط كتعاقد سياسي‪ ،‬يتعلق بمجموعة من المبادئ األساسية المنظمة‬

‫لنسق السلطة داخل حدود الدولة‪ ،‬والتنصيص على الحقوق وواجبات كل من الحكام‬

‫والمحكومين فيها‪ .‬من خالل هندسة تضمن التأطير المؤسساتي لعالقات السلطة العامة‪ .‬وتنظيم‬

‫العالقة بين الدولة والمواطنين‪ .‬بل أصبح ينظر إلى الدستور‪ ،‬كذلك كوعاء يختزن مجموعة‬

‫من الروابط والعالقات التي تنصهر فيها أبعاد السلطة والدولة والمجتمع والفرد بما يحمله من‬

‫‪5‬‬
‫ثقافة وقيم‪.‬‬

‫يفيد تشخيص الوضعية الراهنة على ان دستور ‪ 2011‬جاء بهندسة جديدة تؤسس لعالقة‬

‫جديدة بين الفرد والدولة‪ ،‬مبنية على قيم الفعالية في التدبير والنجاعة في األداء لتحقيق جودة‬

‫الحياة‪ ،‬عبر التحكم في مجموعة من االختالالت والفوارق‪ ،‬التي نتجت عن‪:‬‬

‫التحديات الديمغرافية الناجمة عن التزايد السكاني‪ ،‬وما يرافقه من توسع عمراني وتوزيع‬

‫غير متوازن للمرافق العمومية‪.‬‬

‫التحديات العمرانية الناجمة عن الزحف العمراني‪ ،‬وعن تزايد الحجم السكاني للمدن‬

‫وبروز الضواحي وهوامش المدن‪.‬‬

‫‪ -5‬محمد الغالي والحسين اعبوشي‪ ،‬حكامة المدن في ضوء الهندسة الدستورية الجديدة‪ ،‬حكامة المدن ومسألة التنمية‪ ،‬منشورات كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية –مراكش‪ ،-‬سلسلة‪ :‬المؤتمرات والندوات العدد‪ ،48 :‬الطبعة االولى ‪ ،2015‬ص ‪.17‬‬
‫تحديات الحكامة الترابية الناجمة عن تغير وظائف المدن وتغير أدوار الفاعلين‬

‫المحليين‪ ،‬وأزمة أنماط التدبير المعتمد‪.‬‬

‫اختالالت عمل الدستور على تجاوزها من خالل التأسيس للمفهوم الجديد للمواطنة كأساس‬

‫للتنمية السياسية وتحقيق التماسك المؤسساتي والتأسيس لمجموعة من المبادئ التي تضمن‬

‫‪6‬‬
‫دينامية المؤسسات‪.‬‬

‫‪ -‬مفهوم المواطنة‪.‬‬

‫دور أساسيا في مفهوم التنمية السياسية‪ ،‬كأساس لتحقيق نهضة المجتمع‪،‬‬


‫يلعب مفهوم المواطنة ا‬

‫ويتضح ذلك من خالل أن المواطنة تفيد الرابطة القانونية والسياسية واالجتماعية‪ .‬التي ترتب‬

‫حقوقا وواجبات ناتجة عن انتماء إلنسان إلى فضاء ترابي‪ ،‬أي االستقرار بشكل ثابت داخل‬

‫إقليم الدولة والخضوع لنظامها القانوني في إطار مجتمع عادل وديمقراطية‪ ،‬يحرص على‬

‫المساواة وتكافئ الفرص‪ ،‬وتحمل اعباء التضحية من أجل ترسيخ هذه المبادئ وحمايتها‪ ،‬وعليه‬

‫تتحقق المواطنة إما أو باإلقامة أو الستقرار أو الوالدة أو التربية‪ ،‬ومختلف أشكال والمعايير‬

‫واألخرى التي يحددها النظام القانوني للدولة‪.‬‬

‫مما يعني أن مفهوم الجديد للمواطنة تجاوز المعايير الطبيعية المبنية على العرق والجنس‬

‫والعوامل األثنية والقومية والدينية وأصبح يكتسب على أساس قيم الفعالية والكفاية والمردودية‪.‬‬

‫‪ -6‬محمد الغالي والحسين اعبوشي‪ ،‬حكامة المدن في ضوء الهندسة الدستورية الجديدة‪ ،‬حكامة المدن ومسألة التنمية‪ ،‬منشورات كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية –مراكش‪ ،-‬سلسلة‪ :‬المؤتمرات والندوات العدد‪ ،48 :‬الطبعة االولى ‪ ،2015‬ص ‪.24‬‬
‫وما يؤكد هذا هو الفصل ألول من الدستور‪ ،‬بحيث اعتبر أن المواطنة من أسس التي يقوم‬

‫‪7‬‬
‫عليها النظام الدستوري المغربي‪.‬‬

‫" يقوم النظام الدستوري للملكة على أساس فصل السلط‪ ،‬وتوازنها وتعاونها والديمقراطية المواطنة‬

‫والتشاركية‪".....‬‬

‫تؤدي سيادة المقاربة المواطنة المؤسسة على المشاركة‪ .‬اإليجابية للمواطنين في السياسات‬

‫العمومية المحلية والجهوية والوطنية إلى ترسيخ وتكوين الشعور باالنتماء إلى الهوية الوطنية‪.‬‬

‫كوعاء ثقافي يعكس القيم المشتركة والمقتسمة بين مختلف الوحدات المشكلة لتسير المدينة‪.‬‬

‫المبادئ الدستورية الضامنة لدينامية المؤسسات‪.‬‬

‫تقوم تدخالت الدولة من اجل تمكين المواطنين والمواطنات من مختلف حقوقهم على مستوى‬

‫المدينة كوحدة بشرية وسياسية واقتصادية‪ ،‬على مجموعة من المبادئ الضامنة لدينامية‬

‫المؤسسات والمتمثلة في‪.‬‬

‫مبدأ المساواة‬

‫ويتحقق مبدأ المساواة بكون جميع المواطنات والمواطنين متساوون امام األعباء والخدمات‬

‫المقدمة من المرافق العامة‪ ،‬وال ويجوز ان يعامل المواطنون معاملة فيها اشكال التمييز‪.‬‬

‫السياقات الدستورية لمبدأ المساواة‪.‬‬

‫‪-7‬المادة األولى‪ ،‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪،5964‬‬
‫‪ 30‬يوليوز ‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫""الفصل ‪6‬‬

‫القانون هو أسمى تعبير عن إرادة األمة‪ .‬والجميع‪ ،‬أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين‪ ،‬بما فيهم‬

‫السلطات العمومية‪ ،‬متساوون أمامه‪ ،‬وملزمون باالمتثال له‪.8‬‬

‫""الفصل ‪ 19‬من الدستور‪.‬‬

‫يتمتع الرجل والمرأة‪ ،‬على قدم المساواة‪ ،‬بالحقوق والحريات المدنية والسياسية واالقتصادية‬

‫واالجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬الواردة في هذا الباب من الدستور‪ ،‬وفي مقتضياته األخرى‪،‬‬

‫وكذا في االتفاقيات والمواثيق الدولية‪ ،‬كما صادق عليها المغرب‪ ،‬وكل ذلك في نطاق أحكام‬

‫الدستور وثوابت المملكة وقوانينها‪.‬‬

‫تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء‪.‬‬

‫وتُحدث لهذه الغاية‪ ،‬هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز‪.9‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل ‪31‬‬

‫تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية‪ ،‬على تعبئة كل الوسائل المتاحة‪ ،‬لتيسير‬

‫أسباب استفادة المواطنات والمواطنين‪ ،‬على قدم المساواة‪ ،‬من الحق في‪:‬‬

‫‪ -8‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫‪-9‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫‪-10‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫‪ ‬العالج والعناية الصحية؛‬

‫‪ ‬الحماية االجتماعية والتغطية الصحية‪ ،‬والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛‬

‫‪ ‬الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة؛‬

‫‪ ‬التنشئة على التشبث بالهوية المغربية‪ ،‬والثوابت الوطنية الراسخة؛‬

‫‪ ‬التكوين المهني واالستفادة من التربية البدنية والفنية؛‬

‫‪ ‬السكن الالئق؛‬

‫‪ ‬الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل‪ ،‬أو في‬

‫التشغيل الذاتي؛‬

‫‪ ‬ولوج الوظائف العمومية حسب االستحقاق؛‬

‫‪ ‬الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة؛‬

‫‪ ‬التنمية المستدامة‪.‬‬

‫الفصل ‪154‬‬

‫يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها‪،‬‬

‫واإلنصاف في تغطية التراب الوطني‪ ،‬واالستم اررية في أداء الخدمات‪.‬تخضع المرافق‬

‫العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية‪ ،‬وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم‬

‫‪11‬‬
‫الديمقراطية التي أقرها الدستور‪.‬‬

‫‪ ، -11‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫‪ -‬مبدأ العدالة‬

‫يتأسس المبدأ على التوزيع الذي يعتمد على عدم االنحياز‪ ،‬وعدم الكيل بمكيالين في التعامل‬

‫مع نفس الوضعيات‪ ،‬مما يضمن التوازن وعدم التعدي وحماية المصالح الفردية العامة‪.‬‬

‫الفصل ‪35‬‬

‫يضمن القانون حق الملكية‪.‬‬

‫ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون‪ ،‬إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية‬

‫االقتصادية واالجتماعية للبالد‪ .‬وال يمكن نزع الملكية إال في الحاالت ووفق اإلجراءات التي‬

‫ينص عليها القانون‪.‬‬

‫تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة‪ ،‬والتنافس الحر‪ .‬كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية‬

‫مستدامة‪ ،‬من شأنها تعزيز العدالة االجتماعية‪ ،‬والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية‪ ،‬وعلى‬

‫حقوق األجيال القادمة‪.‬‬

‫تسهر الدولة على ضمان تكافؤ الفرص للجميع‪ ،‬والرعاية الخاصة للفئات االجتماعية األقل‬

‫‪12‬‬
‫حظا‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الفصل ‪116‬‬

‫‪-12‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫‪ -13‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫يعقد المجلس األعلى للسلطة القضائية دورتين في السنة على األقل‪.‬‬

‫يتوفر المجلس األعلى للسلطة القضائية على االستقالل اإلداري والمالي‪.‬‬

‫يساعد المجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬في المادة التأديبية‪ ،‬قضاة مفتشون من ذوي الخبرة‪.‬‬

‫ُيحدد بقانون تنظيمي انتخاب وتنظيم وسير المجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬والمعايير‬

‫المتعلقة بتدبير الوضعية المهنية للقضاة‪ ،‬ومسطرة التأديب‪.‬‬

‫يراعي المجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬في القضايا التي تهم قضاة النيابة العامة‪ ،‬تقارير‬

‫التقييم المقدمة من قبل السلطة التي يتبعون لها‪.‬‬

‫الفصل ‪113‬‬

‫يسهر المجلس األعلى للسلطة القضائية على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة‪ ،‬والسيما‬

‫فيما يخص استقاللهم وتعيينهم وترقيتهم وتقاعدهم وتأديبهم‪.‬‬

‫يضع المجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬بمبادرة منه‪ ،‬تقارير حول وضعية القضاء ومنظومة‬

‫ويصدر التوصيات المالئمة بشأنها‪.‬‬


‫العدالة‪ُ ،‬‬

‫ُيصدر المجلس األعلى للسلطة القضائية‪ ،‬بطلب من الملك أو الحكومة أو البرلمان‪ ،‬آراء‬

‫‪14‬‬
‫مفصلة حول كل مسألة تتعلق بالعدالة مع مراعاة مبدأ فصل السلط‪.‬‬

‫‪-14‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫‪ -‬مبدأ المنافسة‬

‫يعتبر هذا المبدأ من المرتكزات األساسية التي انبثت عليها الهندسة الجديدة للتدبير العمومي‬

‫من خالل دستور ‪ 2011‬ويجد تكريس مبدأ المنافسة سنده في الدستور في توفير األرضية‬

‫والبيئة المناسبة الكفيلتين بالمساعدة في التحكم في عامل ندرة اإلمكانيات والقدرات االقتصادية‪.‬‬

‫ومواجهة التحوالت المفاجئة الناجمة عن التقلبات االقتصادية‪ ،‬وفتح المجال أمام المبادرات‪.‬‬

‫وايجاد الحلول البديلة للمضالت المطروحة في موضوع السياسات العمومية ويحيل مبدأ‬

‫المنافسة إلى مفهوم الشفافية الذي يعني الولوج المتعادل للجميع إلى مصادر المعلومات‪ .‬مما‬

‫يفيد التحقق الحر للمعلومات وتوفيرها بشكل كاف للمعنيين ومساعدتهم في فهمها‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫الفصل ‪35‬‬

‫يضمن القانون حق الملكية‪.‬‬

‫ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون‪ ،‬إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية‬

‫االقتصادية واالجتماعية للبالد‪ .‬وال يمكن نزع الملكية إال في الحاالت ووفق اإلجراءات التي‬

‫ينص عليها القانون‪.‬‬

‫‪15‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة‪ ،‬والتنافس الحر‪ .‬كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية‬

‫مستدامة‪ ،‬من شأنها تعزيز العدالة االجتماعية‪ ،‬والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية‪،‬‬

‫وعلى حقوق األجيال القادمة‪.‬‬

‫تسهر الدولة على ضمان تكافؤ الفرص للجميع‪ ،‬والرعاية الخاصة للفئات االجتماعية األقل‬

‫حظا‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫الفصل ‪36‬‬

‫يعاقب القانون على المخالفات المتعلقة بحاالت تنازع المصالح‪ ،‬وعلى استغالل التسريبات‬

‫المخلة بالتنافس النزيه‪ ،‬وكل مخالفة ذات طابع مالي‪.‬‬

‫على السلطات العمومية الوقاية‪ ،‬طبقا للقانون‪ ،‬من كل أشكال االنحراف المرتبطة بنشاط‬

‫اإلدارات والهيئات العمومية‪ ،‬وباستعمال األموال الموجودة تحت تصرفها‪ ،‬وبإبرام الصفقات‬

‫العمومية وتدبيرها‪ ،‬والزجر عن هذه االنحرافات‪.‬‬

‫يعاقب القانون على الشطط في استغالل مواقع النفوذ واالمتياز‪ ،‬ووضعيات االحتكار‬

‫والهيمنة‪ ،‬وباقي الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العالقات‬

‫االقتصادية‪.‬‬

‫تحدث هيئة وطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها‪.‬‬

‫‪ -16‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ -‬مبدأ الحرية‪.‬‬

‫يفيد هذا المبدأ على االنفتاح‪ ،‬والى المبادرة والى غياب اإلكراهات والعراقيل التي تجعل من‬

‫النظام أكثر مرونة‪.‬‬

‫السياقات الدستورية لمبدأ الحرية‪:‬‬

‫الفصل ‪10‬‬

‫يضمن الدستور للمعارضة البرلمانية مكانة تخولها حقوقا‪ ،‬من شأنها تمكينها من النهوض‬

‫بمهامها‪ ،‬على الوجه األكمل‪ ،‬في العمل البرلماني والحياة السياسية‪.‬‬

‫ويضمن الدستور‪ ،‬بصفة خاصة‪ ،‬للمعارضة الحقوق التالية‪:‬‬

‫‪-‬حرية الرأي والتعبير واالجتماع؛‬

‫الفصل ‪12‬‬

‫تُؤسس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وتمارس أنشطتها بحرية‪،‬‬

‫الفصل ‪24‬‬

‫حرية التنقل عبر التراب الوطني واالستقرار فيه‪ ،‬والخروج منه‪ ،‬والعودة إليه‪ ،‬مضمونة للجميع‬

‫وفق القانون‪.‬‬

‫‪-17‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫الفصل ‪25‬‬

‫حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الفصل ‪28‬‬

‫حرية الصحافة مضمونة‪ ،‬وال يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية‪.‬‬

‫للجميع الحق في التعبير‪ ،‬ونشر األخبار واألفكار واآلراء‪ ،‬بكل حرية‪ ،‬ومن غير قيد‪ ،‬عدا ما‬

‫ينص عليه القانون صراحة‪.‬‬

‫حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها‪.‬‬

‫الفصل ‪35‬‬

‫تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة‪ ،‬والتنافس الحر‪ .‬كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية‬

‫مستدامة‪ ،‬من شأنها تعزيز العدالة االجتماعية‪ ،‬والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية‪ ،‬وعلى‬

‫‪19‬‬
‫حقوق األجيال القادمة‪.‬‬

‫‪ -18‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫‪ -19‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫‪20‬‬
‫‪ -‬مبدأ التضامن‬

‫يشكل مبدأ التضامن ركيزة أساسية في التدبير العمومي المعاصر وذلك من أجل التحكم في‬

‫الهوة الموجودة على مستوى تحقيق التنمية بين المواطنين والمواطنات وبين مختلف المجاالت‬

‫الترابية‪.‬‬

‫الفصل ‪31‬‬

‫تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية‪ ،‬على تعبئة كل الوسائل المتاحة‪،‬‬

‫لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين‪ ،‬على قدم المساواة‪ ،‬من الحق في‪:‬‬

‫‪ ‬العالج والعناية الصحية؛‬

‫‪ ‬الحماية االجتماعية والتغطية الصحية‪ ،‬والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛‬

‫الفصل ‪136‬‬

‫يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر‪ ،‬وعلى التعاون والتضامن؛ ويؤمن‬

‫مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم‪ ،‬والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة‬

‫والمستدامة‪.‬‬

‫تمكن هذه المبادئ من تحصين سياسة المدن من مختلف التقلبات المفاجئة وتعطيها المناعة‬

‫الالزمة لمعالجة مختلف التحوالت والتطورات التي تعرفها حياة المواطنين داخل مجال المدينة‪.‬‬

‫‪ -20‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫المساواة والعدالة تساعد على تحقيق االنسجام والتالحم واالندماج بين األفراد المشكلين لوحدة‬

‫المجالية المدينة‪ ،‬وترسيخ الوعي لالمركزية في تدبير على انخراط السكان في أمور حياتهم‬

‫بشكل مباشر مما يساعد على تكريس قيم االلتزام واالنخراط‪ ،‬فال حكامة دون القدرة على تحقيق‬

‫االنخراط وااللتزام في المشاريع التي يتم تصورها واعدادها لفائدة الساكنة‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫عمومية عادلة ومنصفة‪ ،‬فعالة وناجعة‪ .‬قادرة على التوفيق بين الفاعل والمنهج والهدف‪.‬‬

‫كما ان الدستور المغربي احاطة حكامة المدن بمجموعة من المقاربات الدستورية التنموية‬

‫لحكامة المدن‪.‬‬

‫‪-1‬المقاربة المجالية‬

‫المقاربة المجالية هي طريقة في التفكير‪ ،‬تهدف الى االعتراف‪ ،‬وتثمين اإلمكانات والقدرات‬

‫المجالية‪ ،‬واستثمار الفرص المتاحة والممكنة‪ ،‬والتحكم في مختلف التدفقات والمخاطر‪ ،‬في‬

‫إطار رؤية شمولية تضمن االتقائية في مستوى األهداف العامة والوطنية‪ ،‬وعليه تعتبر‬

‫المقاربة المجالية مصاحبة للسياسات الوطنية وليست بذيلة عنها‪.‬‬

‫وتشكل طريقة للتفكير في التنمية المحلية من خالل نموذج يعتمد على الجمع المتزامن‬

‫والمتوازي للعناصر التالية‪:‬‬

‫الفضاء الجغرافي‪.‬‬

‫‪ -21‬لالستزادة يراجع‪:‬‬
‫‪Stoker G (1998) ‘’Cinq proposition pour une théorie de la gouvernance’’ . dans Revue internationale des‬‬
‫‪sciences sociales , n° 155’ mars , pp , 19-29.‬‬
‫الحقائق االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬

‫التمثالت التقافية‪.‬‬

‫تموقعات الفاعلين ومراكزهم‪.‬‬

‫تبنى المقاربة المجالية يأتي انسجاما مع الفقرة االخيرة من الفصل االول من الدستور الذي‬

‫اسس لتنظيم ترابي للمملكة على اساس ال مركزي‪ ،‬ويقوم على الجهوية المتقدمة‪.‬‬

‫وما يدل على استراتيجية تبنى المقاربة المجالية في الخلفية المرجعية للقرار العام في الدولة‬

‫‪22‬‬
‫المغربية‪ ،‬جعل الجهوية المتقدمة مرتكزة على المبادئ التالية‪:‬‬

‫التدبير الحر‪.‬‬

‫التعاون والتضامن‪.‬‬

‫مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم‪ ،‬والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية‬

‫المندمجة والستدامة‪.‬‬

‫التفريع‪.‬‬

‫الشراكة‪.‬‬

‫تعتبر هذه المبادئ أساسية في مسلسل اعداد المدن وادارتها وتدبيرها‪ ،‬وأسس لتحقيق حكامة‬

‫جيدة للمدن‪.‬‬

‫‪ -22‬محمد الغالي والحسين اعبوشي‪ ،‬حكامة المدن في ضوء الهندسة الدستورية الجديدة‪ ،‬حكامة المدن ومسألة التنمية‪ ،‬منشورات كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية –مراكش‪ ،-‬سلسلة‪ :‬المؤتمرات والندوات العدد‪ ،48 :‬الطبعة االولى ‪ ،2015‬ص ‪.45‬‬
‫‪2‬ـ المقاربة البيئية‬

‫أصبح مفهوم البيئة استراتيجيا في كل المشاريع والمخططات االست ارتيجية التنموية‪ ،‬وذلك من‬

‫خالل مدخل التنمية المستدامة التي تعني التوزيع واالستغالل العادل والمتكافئ للخيرات بين‬

‫مختلف االجيال من خالل مبادئ االعتراف والتقاسم والتثمين‪.‬‬

‫اهتم دستور ‪ 2011‬ألول مرة‪ ،‬وهذا عكس دساتير (‪1962،1970،1992‬؛‪ ،)1996‬بشكل‬

‫صريح بالمقاربة البيئة‪ ،‬كطريقة في الفعل والتفكير في مجاالت السياسات العمومية‪ ،‬حيث‬

‫نص الفصل ‪ 31‬من الدستور على ما يلي‪:23‬‬

‫"تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة‪،‬‬

‫لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة ‪،‬من الحق في‪:‬‬

‫الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة؛‬

‫التنمية المستدامة‪".‬‬

‫كما نص الفصل ‪ 35‬في فقرته الثالثة على‪:‬‬

‫"تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة‪ ،‬والتنافس الحر‪ ،‬كما تعمل على تحقيق تنمية بشرية‬

‫مستدامة‪ ،‬من شأنها تعزيز العدالة االجتماعية والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية‪ ،‬وعلى‬

‫حقوق األجيال القادمة "‪.‬‬

‫‪ -23‬نفس المرجع‪ ،‬محمد الغالي والحسين اعبوشي‪ ،‬حكامة المدن في ضوء الهندسة الدستورية الجديدة‪ ،‬حكامة المدن ومسألة التنمية‪ ،‬منشورات‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية –مراكش‪ ،-‬سلسلة‪ :‬المؤتمرات والندوات العدد‪ ،48 :‬الطبعة االولى ‪ ،2015‬ص‪.55‬‬
‫نص الفصل ‪ 136‬في باب التنمية المستدامة على‪:‬‬

‫" يرتكز التنظيم الجهوية والترابي على مبادئ التدبير الحر‪ ،‬وعلى التعاون والتضامن‪ ،‬ويؤمن‬

‫مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم‪ ،‬والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية‬

‫المندمجة والمستدامة‪".‬‬

‫كما ان المواضيع المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة يرجع فيها الى رأي المجلس االقتصادي‬

‫واالجتماعي والبيئي‪ ،‬ويظهر االهتمام الذي أعطاه المشروع الدستوري لموضوع البيئة والتنمية‬

‫المستدامة‪ ،‬كمنهجية جديدة تبرز التوجهات المعاصرة في مجال اإلجابة عن الحاجيات‬

‫وانتظارات المواطنات والمواطنين‪ ،‬في مختلف مجاالت االجتماعية والسياسية واالقتصادية‪.‬‬

‫وعليه يمكن القول ان االشتغال بالمقاربة البيئية‪ ،‬كفيال بتحقيق االنتقال في المعادلة التدبيرية‬

‫قائمة على متغيرات تشتغل على منطق إدارة المدن وحكمها الى معادلة تعتمد على متغيرات‬

‫‪24‬‬
‫الحكامة الحضرية‪.‬‬

‫‪-3‬المقاربة التشاركية‬

‫ان التدبير التشاركي هو منهج فعال يقطع مع أسلوب األحادية والمركزية في اتخاذ القرار‬

‫ويمكن من ارساء جو من التعاون والتشارك والمساهمة الجماعية في صنع القرار المحلي بما‬

‫يخدم مصلحة الجميع وباألخص ما يرتبط بالتنزيل البرامج القطاعية االستراتيجية وكذا انجاز‬

‫‪ -24‬حميد القستلي‪ ،‬حكامة المدن‪ :‬نحو مستقبل حضري افضل‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط‪ ،2013 ،‬ص ‪.15‬‬
‫المخطط الجماعي للتنمية‪ ،‬كما أن تكامل مجهودات المجتمع المدني مع مجهودات الدولة‬

‫والجماعات الترابية وكذا القطاع الخاص سيمكن ال محالة من إنجاز المشاريع التنموية ومن‬

‫االستجابة النتظارات الساكنة وذلك من خالل تفعيل آليات الشراكة والتعاون واعادة بناء‬

‫‪25‬‬
‫العالقات على أسس جديدة تبتعد عن األساليب التقليدية في إدارة الشأن المحلي‪.‬‬

‫‪ -25‬دليل إصالح الميزانية‪ :‬المقاربة الجديدة المرتكزة على النتائج والمدمجة لمقاربة النوع االجتماعي‪ ،‬وزارة المالية والخوصصة‪ ،2005 ،‬ص‬
‫‪.38‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مقومات تأهيل حكامة المدن‪.‬‬

‫إن محددات تأهيل تدبير المدينة تتحدد عبر جملة من المقاربات‪ ،‬والتي برزت إلى السطح‬

‫في ظل واقع الدينامية الحضرية وتعقدها‪ ،‬الشيء الذي استلزم على مدبري الشأن العام‬

‫إدخال تقنيات التدبير العمومي الجديد التي تتمثل من جهة في الرؤية التدبيرية للمجال‬

‫الحضري‪ ،‬وترتكز على التسويق الحضري والتدبير المقاوالتي والتخطيط االستراتيجي(‬

‫المطلب األول) من جهة أخرى على أدوار الفاعلون والمدبرون في ترجمة السياسات‬

‫العمومية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الرؤية التدبيرية للمدينة‪.‬‬

‫يعتبر التدبير عملية معقدة‪ ،‬إنه ال يتوقف عند التسيير بل هو أعمق من ذلك‪ ،‬إلنه يفيد‬

‫التنظيم والتسيير والتخطيط واإلنجاز والمراقبة‪ ،‬ويستدعي توفر آليات وأدوات تعتمد على‬

‫مؤشرات واضحة‪ ،‬فالمدينة لم تعد مجرد وحدة ترابية إدارية بل تحولت إلى جماعات‬

‫اقتصادية تنافسية تقوم بتنشيط الحركة االقتصادية‪ ،‬ولهذا وجدت المدينة نفسها مطالبة بوضع‬

‫نموذجها التنموي الحضري‪ ،‬وتأسيس االقتصاد الحضري وتنافسي قادر على خلق الثروة‬

‫ومناصب الشغل ألفواج الشباب‪ ،‬وذلك عبر استعمال الوسائل واآلليات التدبيرية المقاوالتية‬
‫والتسويق الحضري ‪ ،‬والتدبير االستراتيجي للمجال الحضري‪ ،‬الذي ينهض على التخطيط‬

‫‪26‬‬
‫والمقاربة التشاركية‪.‬‬

‫يعد كل من التدبير المقوالتي والتسويق الحضري‪ ،‬كدعامتين للمقاربة التدبيرية للمدينة‬

‫ويسهمان في التأثيث الستراتيجية ترابية مندمجة للمدينة‪.‬‬

‫والحديث عن التدبير المقاوالتي يعني التطرق إلحدى أعمدة المقاربة التدبيرية للمدينة‬

‫وإلحدى الميكانيزمات الجديدة لسياسة اإلنماء الحضري واإلعداد المجالي بصفة عامة‪،‬‬

‫وسياسة المدينة بصفة خاصة‪ ،‬فالتدبير المقاوالتي نهج يتماشى ومظاهر التعقيد التي يعرفها‬

‫المشهد الحضري‪ ،‬والتي تستوجب تدبير المجال في إطار رؤيا استراتيجية وبمقاربة شمولية‬

‫مندمجة تجعل من المجال الترابي "المدينة" المحرك للدينامية المحلية‪ ،‬والمولد لثقافة الذكاء‬

‫الجمعي)‪ l’intelligence collective‬لمجموع إمكانات وقدرات الفاعلين الحضريين‪.‬‬

‫يمكن القول أن المدن المقاولة هي المدن التي يعتمد مدبروها التقنيات واآلليات التدبيرية‬

‫القائمة على التدبير باألهداف والنتائج لتحقيق الفعالية والنجاعة مع اعتماد التسويق الحضري‬

‫للتعريف بالبرامج والمخططات والمشاريع‪ ،‬وكذا حسن تدبير الشأن الحضري والتوفر على‬

‫مشاريع حضرية متكاملة للتنمية مع ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة‪.‬‬

‫‪ -26‬هشام زوبير ‪ ،‬سياسة المدينة في ضوء متطلبات التدبير العمومي الجديد‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام الداخلي وتنظيم الجماعات‬
‫الترابية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية والقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬سنة الجامعية‪ ،2014-2015 :‬ص ‪.97‬‬
‫ومن تم فالمدينة المقاولة هي التي تضع نصب أعينها الزيادة في مواردها وكفاءة عنصرها‬

‫البشري‪ ،‬ومواردها المادية‪ ،‬مع األخذ بالتسيير العقالني للشأن الحضري‪.‬‬

‫التسويق الحضري ‪Marketing urbain‬‬

‫يعتبر التسويق الحضري‪ ،‬أحد دعائم المقاربة التدبيرية للمدينة‪ ،‬فهو يسهم في تكريس قيم‬

‫التواصل على المستوى المحلي‪ ،‬كما أنه يذكي من القدرات التنافسية للمدن‪ ،‬وبالتالي يعزز‬

‫من إشعاعها الحضري والحضاري‪ .‬وأكيد أن كسب رهان التنمية الحضرية في أبعادها‬

‫المختلفة‪ ،‬يتطلب من المدينة كوحدة وظيفية اعتماد مجموعة من الميكانيزمات والتقنيات‬

‫الحديثة التي تمكنها من دخول غمار المنافسة لجذب المشاريع واالستثمارات الوطنية‬

‫واألجنبية انطالقا من خصوصياتها المميزة لها ومؤهالتها الطبيعية‪ ،‬والبشرية‪ ،‬والقانونية‪،‬‬

‫المالية‪ ...‬كعناصر جذب تؤهلها الستقطاب شبكة المقاوالت التي ترغب في اتخاذ مجالها‬

‫الحضري وجهة إلنجاز مشاريعها‪.27‬‬

‫ظهر مفهوم التسويق ‪ Marketing‬في القطاع التجاري كتقنية تستهدف توسيع السوق‬

‫االستهالكية لمنتوج ما من خالل اعتماد قواعد وآليات لحل مجموعة من اإلشكاليات التي‬

‫طرحها ترويج سلع وبضائع المقاوالت داخل األسواق‪ ،28‬فهو إذن منهجية للبحث عن أكبر‬

‫عدد من المستهلكين لتوزيع المنتوجات التي فاقت الطلب المقدم بمنطقة تواجد المقاولة‪ ،‬مما‬

‫‪ - -27‬هشام زوبير‪ ،‬سياسة المدينة في ضوء متطلبات التدبير العمومي الجديد‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام الداخلي وتنظيم‬
‫الجماعات الترابية‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية والقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬سنة الجامعية‪ ،2014-2015 :‬ص ‪.100‬‬
‫‪ -28‬نفس المرجع‪ ،‬هشام زوبير‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫يتطلب البحث عن أسواق أخرى خارجية‪ .‬وقد تطور هذا المفهوم لينتقل إلى حقل المؤسسات‬

‫العمومية‪ ،‬والجماعات الترابية التي أضحت ترتكز على اآلليات الجديدة للتدبير المستمدة من‬

‫تقنيات التسيير المقاوالتي‪ ،‬كتوجه فرضته تحديات العولمة واكراهات المنافسة ومتطلبات‬

‫الحكامة الجيدة‪.‬‬

‫وقبل التعرف على مقوم التسويق الحضري‪ ،‬ال بأس من اإلحاطة بمقترب التسويق الترابي‬

‫‪ ،le marketing territorial‬فكل األطراف والمستويات الترابية تحت الدولة أصبحت‬

‫مطالبة بأن تزيد من قدراتها التنافسية وتنخرط في مسلسل التنمية‪ ،‬وبالتالي أن تنهج نهج‬

‫مميز ما بين النظرة‬


‫ا‬ ‫التسويق الترابي‪ ،‬الذي يذكي وينمي القدرات التنافسية للمجاالت الترابية‪،‬‬

‫الشمولية المقدمة من مجموع المجاالت الترابية‪ ،‬وما يمكن أن يميزها من إمكانات ومؤهالت‬

‫محفزة على التوطين واالستثمار االقتصادي‪.29‬‬

‫ويعرف أحد الباحثين "مقترب التسويق الترابي بكونه مقاربة تدبيرية تعتمد على إبراز‬

‫المؤهالت الوظيفية والبنيوية‪ ،‬وبالتالي قدرات كل من المدينة والجهة‪".‬‬

‫ويمن تعريف التسويق الحضري بأنه مجموع المبادرات واإلجراءات التدبيرية واألعمال‬

‫التواصلية في المشروع الحضري الذي تنجزه المدينة‪ ،‬بهدف توطيد مسلسلها التنموي القائم‬

‫والمترقب عبر جملة من اآلليات‪ :‬التهيئة المجالية المحكمة‪ -‬التخطيط الحضري الذي يحدد‬

‫الوظائف التي على الحاضرة االضطالع بها‪ ،‬بنيات االستقبال المؤهلة‪ ،‬آليات الدعاية‪-‬‬

‫‪ -29‬امال بلشقير‪ ،‬التسويق الترابي دعامة أساسية للتنمية الجهوية المندمجة‪ ،‬مجلة دراسات ووقائع دستورية وسياسية‪ ،‬العدد ‪ ،9‬الرباط ‪،2013‬‬
‫ص ‪.71‬‬
‫المعارض والندوات‪ ،‬بجانب إحياء الموروث المعماري حول معلمة حضرية إشعاعية‪ .‬وبهذا‬

‫فتطبيق تقنيات التسويق المعمول بها في القطاع الخاص على المجال الحضري‪ ،‬يعطي قيمة‬

‫مضافة للتراب بشكل يعزز مكانة ووظيفة المدينة كرافعة للتنمية والرقي بها إلى مستوى‬

‫مقاولة حقيقية تساهم بشكل فعلي في إيجاد حلول عملية لمختلف المشاكل االقتصادية‬

‫واالجتماعية‪.‬‬

‫يشكل التخطيط االستراتيجي جزءا من مجموع أدوات تدبير المقاوالت وان طبق في الحقل‬

‫الحضري‪ ،‬فإنه يسمح بضمان عقلنة أفضل لصيرورة اتخاذ القرار وتنظيم وتنسيق السياسات‬

‫العمومية من جهة وعقلنه البنية من خالل إقامة ترابط بين التنظيم المجالي الفعلي للمواطنين‬

‫وتنظيم إدارتهم من جهة ثانية‪ .‬والتخطيط االستراتيجي يسمح بوضع القضايا التدبيرية للتنمية‬

‫الحضرية والتفكير فيها ليس على مستوى المهام والنجاعة‪ ،‬بل أيضا على مستوى التفاعالت‬

‫االجتماعية والتكامالت المتعددة‪ ،‬وبالتالي فإن مدبري المجال الحضري أو المدينة مدعوون‬

‫إلى إبداع نمط جديد من التسيير يدعمه نمط جديد من االستدالل والتفكير والتخطيط‪ .30‬ولقد‬

‫أصبح من المطروح أكثر فأكثر‪ ،‬كون أن األنماط الجديدة للحكامة سواء على المستوى‬

‫الوطني أو المحلي تتميز بتنمية الشركاء واعطاء القيمة لدور المواطنين‪ ،‬واقامة مكانيزمات‬

‫للتفاوض والمشاركة‪.31‬‬

‫‪ -30‬عبد الرزاق مرشد الجماعات المقاولة بالمغرب بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون العام كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬‬
‫السويسي‪ ،2014- 2013‬ص ‪.81‬‬
‫‪ -31‬نجيب جيري‪ ،‬الديمقراطية التشاركية براديغم جديد لتدبير الشأن العام المحلي‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬العدد ‪ ،13‬ماي –دجنبر ‪ ،2012‬ص ‪.107‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الفاعلون والمدبرون في حكامة المدن‬

‫‪32‬‬
‫كل سياسة عمومية محلية أو جهوية أو وطنية تتحدد من خالل ثالثة عناصر أساسية‪:‬‬

‫‪ -1‬الفاعل؛‬

‫‪ -2‬المنهج؛‬

‫‪ -3‬الهدف؛‬

‫‪ ‬كل فاعل (الدولة‪ ،‬جماعة ترابية‪ ،‬مؤسسة عمومية‪ )..‬يتدخل من أجل صياغة حل‬

‫لمشكل‪ ،‬ال بد وأن يتقيد في ذلك باحترام منهج في التدخل تحدده القيم المرجعية للدولة‪،‬‬

‫التي تعكسها الثقافة السائدة‪.‬‬

‫‪ ‬يعتبر اختيار المنهج أو المقاربة من أجل الوصول إلى الهدف الذي هو بمثابة الجواب‬

‫العملي عن المشكل‪ ،‬مرتبط بطبيعة اإلمكانات (بشرية‪ ،‬مادية‪ )...‬المتوفرة لدى الفاعل‪،‬‬

‫أو التي هو قادر على تعبئتها بالنظر إلى الفرص المتاحة أو الممكنة في ذالك‪.‬‬

‫‪ ‬يعتبر تحقيق الهدف بشكل فعال وناجع‪ ،‬بمثابة المقياس الحقيقي لشرعية الفاعل عند‬

‫المواطنين والمواطنات‪ ،‬فعامل الشرعية يشكل األساس المرجعي لقبول أو رفض سياسة‬

‫أو تدخل عمومي‪...‬‬

‫يميز دستور ‪ 2011‬بين ثالثة مستويات من الفاعلين كل بحسب تأثيره في مسلسل السياسات‬

‫العمومية كاالتي‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫‪- Voir MENY Yves et THOENIG Jean « les politiques publiques » paris . PUS, 1989 .‬‬
‫‪ -1‬الفاعل الذي يملك سلطة تقريرية‪.‬‬

‫‪ -2‬الفاعل الذي يملك قوة اقتراحيه‪.‬‬

‫‪ -3‬الفاعل الذي يملك سلطة توجيهية أو استشارية‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ .I‬الفاعل الذي يملك سلطة تقريرية‪.‬‬

‫حسب دستور ‪ 2011‬فعل السلطة تتداخل فيه الجهات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬الملك؛‬

‫‪ ‬البرلمان؛‬

‫‪ ‬الحكومة؛‬

‫‪ ‬القضاء؛‬

‫‪ ‬المؤسسات العمومية‪.‬‬

‫‪ ‬الجماعات الترابية‪.‬‬

‫وسنركز على هذا األخير‪ ،‬وخاصة منه المنتخبون بحيث هم فاعلون رئيسيون في مسلسل‬

‫إعداد مخطط التنمية الجماعي وتنفيذه ‪ ،‬إذ لهم وظيفة ريادية في قيادة مسلسل التشارك‬

‫الخالق ودور تنشيط في إعداد برنامج مشترك للمدينة وربطه بانتظارات وحاجيات الساكنة‬

‫ولهم موقع يستدعي المسائلة عن التدبير الشفاف‪.‬‬

‫‪ --33‬نفس المرجع‪ ،‬محمد الغالي والحسين اعبوشي‪ ،‬حكامة المدن في ضوء الهندسة الدستورية الجديدة‪ ،‬حكامة المدن ومسألة التنمية‪ ،‬منشورات‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية –مراكش‪ ،-‬سلسلة‪ :‬المؤتمرات والندوات العدد‪ ،48 :‬الطبعة االولى ‪ ،2015‬ص‪.39‬‬
‫فالتدبير اإلداري للمنتخب الترابي يقتضي منه اإلنصات لطموحات وانتظارات وحاجات‬

‫المواطنين عن طريق التواصل معهم عن قرب‪ ،‬ذلك أن من بين مؤشرات نجاح المنتخب‬

‫المحلي في تدبير الشأن العام المحلي هو انفتاحه على الساكنة المحلية والتواصل معهم‪،‬‬

‫فالسلوك القديم الذي ساد لفترات طويلة على اعتبار أن الساكنة مجرد أداة مناسباتية يتم‬

‫اللجوء غليها فترة االنتخابات قصد الحصول على أصوات الساكنة لم تعد تأت أكلها‪ ،‬بل‬

‫أفقدت الثقة بين السكان وممثليهم‪ ،‬وبالتالي كرست المشاكل الموجودة عوض حلها‪.‬‬

‫كما أن اعتبار المنتخب‪ ،‬ديبلوماسي لوطنه وللمركز الترابي الذي يمثله ما زال صعب التحقيق‪،‬‬

‫إذ أن بعض المنتخبين المحليين يفتقدون إلى الكفاءة وتقنيات الحوار والتفاوض والحس في‬

‫‪34‬‬
‫البحث عن المصالح العليا سواء لجماعته المحلية أو للوطن‪ .‬ما سجلت بعض‪.‬‬

‫‪ .II‬الفاعل الذي يملك سلطة توجيهية أو استشارية‬

‫تتمثل في مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية‬

‫والمستدامة والديمقراطية التشاركية التي تضمنها الباب الثاني عشر بعنوان الحكامة الجيدة‪.‬‬

‫‪ )1‬هيئات حماية حقوق اإلنسان والنهوض بها‪.‬‬

‫أ) المجلس الوطني لحقوق اإلنسان (الفصل ‪)161‬‬

‫ب) مؤسسة الوسيط (الفصل ‪.)162‬‬

‫‪ -‬سيدي حفظ هللا البودناني‪ ،‬تعدد المتدخلين في ميدان التعمير وإشكالية التنسيق‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق الرباط‪-‬‬
‫‪34‬اكدال‪ ،2011-2010 ،‬ص ‪.19‬‬
‫ت) الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز (الفصل ‪)164‬‬

‫أ) الهيئة العليا لالتصال السمعي البصري (الفصل ‪.)165‬‬

‫ب) مجلس المنافسة (الفصل ‪.)166‬‬

‫‪ )1‬هيئات النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية‪.‬‬

‫أ) المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي (الفصل ‪.)168‬‬

‫‪35‬‬
‫ب) المجلس االستشاري والعمل الجمعوي (الفصل ‪.)170‬‬

‫‪ .III‬الفاعل الذي يملك قوة اقتراحيه؛‬

‫تشكل جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية قوة اقتراحية لدى السلطات العمومية‬

‫في مختلف مراحل السياسات العمومية‪.‬‬

‫والذي أعطى للمجتمع المدني هذه المكانة‪ ،‬تلك األدوار التي يلعبها في الحياة العامة للمواطنين‬

‫خاصة من طرف الجمعيات التي لعبت دو ار أساسيا في التنمية الذاتية للمواطنين‪ ،‬وتدريب‬

‫القيادات‪ ،‬واشاعة الثقافة المدنية‪ ،‬ونشر المعلومات والمساهمة في التوعية‪.‬‬

‫عمل دستور ‪ 2011‬على توزيع األدوار بين مجموعة من الفاعلين غير الرسميين (الجمعيات‪،‬‬

‫النقابات‪ ،‬األحزاب) من خالل الفصول (‪ )7‬و(‪ )8‬و(‪. )12‬‬

‫‪ -35‬دستور المملكة المغربية ‪ ،2011‬الصادر بتنفيذه ظهير رقم ‪ 1.11.91‬بتاريخ ‪ 29‬يوليوز ‪ ،2011‬جريدة الرسمية‪ ،‬عدد ‪ 30 ،5964‬يوليوز‬
‫‪ ،2011‬ص ‪.3600‬‬
‫ويظهر من خالل األدوار المشار إليها في الفصول‪ ،‬أن هناك تقاطعا في األدوار بين مجموعة‬

‫من المنظمات‪ :‬الحزب‪ ،‬النقابة‪ ،‬الجمعية‪ ،‬خصوصا على مستوى التأطير‪ ،‬التكوين‪ ،‬التحسيس‬

‫والتوعية‪...‬‬

‫يولد هذا التقاطع في األدوار في مجموعة من األحيان عالقات تنازعية نظ ار للتباين في قراءة‬

‫المصالح وعامل التموقع لهذا الطرف أو ذاك‪ ،‬مما يضر بالمصلحة العامة ويسقط مؤسسات‬

‫االنتاج االجتماعي للدولة والمدينة في الركود‪.‬‬

‫سلوكا ومنهجا اساسيا لكن المشكل قد يطرح اذا لم يتمكن نظام‬ ‫‪36‬‬
‫تعد مسألة تعدد المتدخلين‬

‫االستقبال من تحديد المصفوفات القادرة على تيسير عملية أداء األدوار وتبادلها ودلك ضمانا‬

‫فتعدد المتدخلين‬ ‫‪37‬‬


‫لعالقات وقدرة على التحكم وادارة الصراع متى حصل بين هؤالء الفاعلين‪.‬‬

‫يعني تعدد الرهانات والمصالح مما يتطلب تفعيل الشراكة الحقيقية والتعاون بينهم في تدبير‬

‫المدن‪ ،‬مما قد يساعد على ترشيد النفقات‪ ،‬وتجميع الوسائل والطاقات‪ ،‬وتجاوز العراقيل المادية‬

‫والبشرية‪ ،‬والتوفيق بين القوى المتعارضة‪ ،‬وبالتالي تحقيق اكبر قدر من الفعالية وبأقل الوسائل‬

‫‪38‬‬
‫الممكنة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫‪- le Galés P (2006) Gouvernance des territoires , édition ; la documentation français , mars 2006. P 6 :‬‬
‫‪ -‬سيدي حفظ هللا البودناني‪ ،‬تعدد المتدخلين في ميدان التعمير وإشكالية التنسيق ‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق الرباط‪-‬‬
‫اكدال‪ 2011-2010 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -38‬هشام زوبير‪ :‬سياسة المدينة في ضوء متطلبات التدبير العمومي الجديد نفس المرجع سابق ( ص‪.)187-186 :‬‬
‫يتطلب فتح المجال أمام تعدد المتدخلين تماشيا مع قيم االنفتاح والشفافية والديمقراطية ضرورة‬

‫التوفر على لوحة للقيادة كعامل أساسي في مسلسل التقييم‪ .‬فتمكن لوحة القيادة بما توفره من‬

‫مؤشرات للقياس على ضمان التواصل المستمر مع النظام المشتغل على نحو يمكن من‪:‬‬

‫‪ ‬الوقوف عند مسلسل التفاعل بين المدخالت والنتائج المحققة (المخرجات)‪.‬‬

‫‪ ‬ضمان االستم اررية في التطور؛‬

‫‪ ‬التنبه إلى المخاطر واستباق التحكم في نتائجها؛‬

‫‪ ‬المساعدة في تنفيذ اإلجراءات االحت ارزية؛‬

‫‪ ‬إعادة التغذية ( ‪ )Feed Back‬في اتجاه تحسين األداء والتحكم في الكلفة‪.‬‬


‫خاتمة‬

‫تواجه المدن في ظل العولمة تحديات اقتصادية وبيئية واجتماعية وثقافية متعددة‪ ،‬تجعل من‬

‫التنمية الحضرية مسألة معقدة ومتشابكة‪ .‬فالمدن اليوم‪ ،‬تعتبر فضاءات لكسب رهان التنمية‬

‫على الصعيد الوطني‪ .‬وبالتالي فكل مدينة غير مؤهلة لمجابهة التحديات المطروحة‪،‬‬

‫ستعاني المحالة من تبعاتها الوخيمة وآثارها السلبية‪ .‬وتبقى الوسيلة الفضلى للخروج من هذا‬

‫النفق‪ ،‬هو اعتماد استراتيجيات ومناهج تعتبر المدينة كوحدة شمولية ومنها‪ ،‬سياسة المدن‬

‫الجديدة بالمغرب‪ ،‬والتي لألسف الشديد‪ ،‬وعوض أن تحقق أحد أهم أهدافها‪ ،‬والمتمثل في‬

‫الحد من التوسع الحضري الغير المتوازن‪ ،‬فإنها على النقيض من ذلك –كما أشار التقرير‬

‫السنوي للمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي لسنة‪ 2013‬ساهمت في تفاقم عوامله‪.‬‬

‫الشيء الذي جعلها سياسة محدودة األفق على األقل على المستوى المنظور‪ .‬إن اإلشكالية‬

‫المركزية للمدن المعاصرة تدور حول ضرورة تجديد الفعل العمومي الحضري والبحث عن‬

‫الوسائل الممكنة لتدبير المسائل الكبرى للمدينة‪ .‬كل ذلك يجب أن يتم هي إطار سياق جديد‪،‬‬

‫هو سياق الحكامة الحضرية‪ ،‬والتي على سياسة المدن الجديدة التوسل بآلياتها ومبادئها‪ ،‬إن‬

‫هي أرادت أن تجد لها موطأ قدم على مستوى سياسات تدبير الفعل العمومي‪.‬‬

You might also like