You are on page 1of 432

‫املغربيةاإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫اململكة‬ ‫

‫املديرية العامة لل�ضىائب‬ ‫املجل�س الأعلى‬

‫الندوة الوطنية حول موضوع ‪:‬‬

‫اإلشكاالت القانونية والعملية‬


‫يف اجملال الضرييب‬

‫‪16‬‬ ‫عدد‬ ‫دفاتر المجل�س الأعلى‬

‫‪1‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫دفاتر المجلس األعلى‬


‫عدد ‪2011/16‬‬

‫‪2011 MO 1202 :‬‬


‫الإيداع القانوني ‬
‫‪978-9954-25-006-8 :‬‬ ‫ردمك ‬
‫‪2028-5086 :‬‬ ‫ردمد ‬

‫من�شورات الحلبي ‪-‬‬


‫‪0677.49.92.44 / 0537.56.23.27‬‬

‫مطبعة المعارف الجديدة ‪ -‬الرباط‬

‫‪2‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�صاحب اجلاللة امللك حممد ال�ساد�س‬


‫ن�رصه اهلل و�أيده‬

‫‪3‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪4‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الفهـــر�س‬

‫‪9‬‬ ‫‪ r‬الكلمات االفتتاحية‬


‫• كلمة ال�سيد الرئي�س الأول للمجل�س الأعلى‬
‫‪11‬‬ ‫ال�سيد م�صطفى فار�س‬ ‫ ‬
‫• كلمة ال�سيد وزير العدل‬
‫‪15‬‬ ‫ال�سيد محمد الطيب النا�صري‬ ‫ ‬
‫• كلمة ال�سيد الوكيل العام للملك لدى المجل�س الأعلى‬
‫‪20‬‬ ‫ال�سيد م�صطفى مداح‬ ‫ ‬
‫• كلمة ال�سيد المدير العام لل�ضرائب‬
‫‪23‬‬ ‫ال�سيد عبد اللطيف زغنون‬ ‫ ‬

‫‪31‬‬ ‫‪ r‬المداخـــــالت‬
‫• الأ�سباب المبررة للنق�ض في المنازعات ال�ضريبية على �ضوء قرارات‬
‫المجل�س الأعلى‬
‫‪33‬‬ ‫ذ‪ .‬محمد محجوبي‬ ‫ ‬
‫• المنازعات الإدارية في المادة ال�ضريبية �أو الطرق البديلة لت�سوية النزاعات‬
‫الجبائية‬
‫‪45‬‬ ‫ال�سيد محمد ال�شريقي‬ ‫ ‬
‫‪5‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫• الرقابة الق�ضائية على العمل ال�ضريبي ‪ -‬حاالت للدرا�سة‬


‫‪69‬‬ ‫ذ‪ .‬عبد المعطي القدوري‬ ‫ ‬
‫• دور الق�ضاء في تحقيق التوازن بين حقوق الملزم وواجباته في الميدان‬
‫الجبائي‬
‫‪82‬‬ ‫ال�سيد محمد ال�سباعي‬ ‫ ‬
‫• اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية‪ ،‬االخت�صا�ص والم�سطرة والقرارات‬
‫ال�صادرة عنها‬
‫‪96‬‬ ‫ذ‪ .‬الح�سن الكا�سم‬ ‫ ‬
‫• الإثبات في النزاعات ال�ضريبية‬
‫‪102‬‬ ‫ذ‪ .‬بو�شعيب البوعمري‬ ‫ ‬
‫• خ�صو�صيات الخبرة في المادة ال�ضريبية‬
‫‪110‬‬ ‫ال�سيد عبد الرحمان ابليال‬ ‫ ‬
‫• �إعادة تقدير �أ�سا�س ال�ضريبة‬
‫‪121‬‬ ‫ال�سيد خالد زعزوع‬ ‫ ‬
‫• تجريم التهرب ال�ضريبي‬
‫‪137‬‬ ‫ذ‪ .‬ح�سن بيو�ض‬ ‫ ‬
‫• الإخالالت الم�سطرية و�أثرها على االلتزام ال�ضريبي‬
‫‪148‬‬ ‫ال�سيد ابراهيم ال�شيكر‬ ‫ ‬
‫• درا�سة في بع�ض جوانب م�سطرة الت�صحيح ال�ضريبي على �ضوء م�ستجدات‬
‫قانون المالية ل�سنة ‪2011‬‬

‫‪160‬‬ ‫ذ‪ .‬ر�ضى التايدي‬ ‫ ‬

‫‪6‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫• �أي تطور للق�ضاء اال�ستعجالي الإداري في مجال المنازعات الجبائية ؟‬


‫‪179‬‬ ‫ذ‪ .‬م�صطفى التراب‬ ‫ ‬
‫• «وقف تنفيذ تح�صيل الدين ال�ضريبي على �ضوء المادة ‪ 242‬من المدونة‬
‫العامة لل�ضرائب‬
‫‪192‬‬ ‫ال�سيد محمد بنعزي‬ ‫ ‬
‫• نماذج من الإ�شكاليات التي يثيرها تطبيق القانون المتعلق بتح�صيل الدين‬
‫العمومي �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي‬
‫‪200‬‬ ‫ذ‪ .‬محمد الق�صري‬ ‫ ‬
‫• الإ�شعار للغير الحائز �أية فعالية‬
‫‪254‬‬ ‫ذ‪ .‬محمد نميري‬ ‫ ‬
‫• �ضمانات تح�صيل الدين ال�ضريبي‬
‫‪276‬‬ ‫ال�سيد عبد الغني خالد‬ ‫ ‬
‫• الإ�شكاالليات المرتبطة بالخبرة الق�ضائية في المجال ال�ضريبي‬
‫‪290‬‬ ‫ذ‪ .‬عزيز بودالي‬ ‫ ‬
‫• الإجـراءات ال�شكليـة في المنـازعـة ال�ضـريبيـة‪« ،‬المطـالبـة وال�ضمـانـة‬
‫نمـوذجـا»‬
‫‪302‬‬ ‫ذ‪ .‬م�صطفـى زاهـر‬ ‫ ‬
‫• ممار�سة حق ال�شفعة في المادة الجبائية بين الن�ص القانوني واالجتهاد‬
‫الق�ضائي‬
‫‪320‬‬ ‫ذ‪ .‬ح�سن المولودي‬ ‫ ‬

‫‪7‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫من المدونة‬ ‫‪242‬‬ ‫• �إ�شكاليات �أجل الطعن في المادة ال�ضريبية (الف�صل‬


‫نموذجا)‬
‫‪333‬‬ ‫ذ‪� .‬أنا�س ال�سبتي‬ ‫ ‬
‫• �إيقاف تنفيذ �إجراءات التح�صيل على �ضوء العمل الق�ضائي والت�شريع‬
‫ال�ضريبي‬
‫‪341‬‬ ‫ذ‪ .‬حلمي نفطاطة وذ‪� .‬سمير نور‬ ‫ ‬
‫• قراءة في القانون رقم ‪ 47-06‬بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬المتعلق بجبايات‬
‫الجماعات المحلية‬
‫‪356‬‬ ‫ذ‪ .‬محمد باهي‬ ‫ ‬
‫• �إ�شكالية الطرف الملزم برفع الدعوى �أمام المحكمة المخت�صة عند دفع‬
‫القا�ضي المنتدب بعدم االخت�صا�ص‬
‫‪386‬‬ ‫ال�سيد باري�ش الح�سين‬ ‫ ‬
‫• المطالبة التمهيدية ‪ :‬عبء ثقيل على الملزم �أم م�سطرة ناجعة لحل‬
‫المنازعات الجبائية‬
‫‪392‬‬ ‫ال�سيد بوبكر الأبي�ض‬ ‫ ‬
‫‪409‬‬ ‫• التقرير العام للندوة الوطنية‬

‫‪425‬‬ ‫‪ r‬الكلمات الختامية‬

‫• كلمة ال�سيد الرئي�س الأول للمجل�س الأعلى‬


‫‪427‬‬ ‫م�صطفى فار�س‬ ‫ ‬
‫• كلمة ال�سيد المدير العام لإدارة ال�ضرائب‬
‫‪429‬‬ ‫عبد اللطيف زغنون‬ ‫ ‬

‫‪8‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الكلمات االفتتاحية‬

‫‪9‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪10‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫كلمة ال�سيد الرئي�س الأول للمجل�س الأعلى‬


‫ال�سيد م�صطفى فار�س‬

‫ب�سم الله الرحمن الرحيم وال�صالة وال�سالم‬


‫على �سيد المر�سلين وعلى �آله و�صحبه �أجمعين‬

‫ال�سيد وزير العدل‬


‫ال�سيد الوكيل العام للملك لدى المجل�س الأعلى‬
‫ال�سيد المدير العام للمديرية العامة لل�ضرائب‬
‫�أ�صحاب ال�سعادة‬
‫�أ�صحاب الف�ضيلة‬
‫زميالتي زمالئي الأفا�ضل‬
‫الح�ضور الكريم؛‬
‫�أود بداية �أن �أرحب بال�سيد وزير العدل‪ ،‬و�أرحب بكم جميعا و�أ�شكركم على‬
‫م�شاركتكم القيمة في هذه الندوة التي جاءت تمرة تعاون بين المجل�س الأعلى‬
‫والمديرية العامة لل�ضرائب‪ ،‬وهي منا�سبة للتنويه بال�سيد عبد اللطيف زغنون‬
‫المدير العام لل�ضرائب على تعاونه مع المجل�س الأعلى والذي تمخ�ضت عنه هذه‬
‫الندوة الهامة التي هي ا�ستمرار للندوات الذي يعقدها المجل�س بهدف التعاون‬
‫والتوا�صل مع باقي الفاعلين في الحقل الوطني والدولي لتر�سيخ دولة الحق‬
‫والقانون و�إر�ساء دعائمها والحفاظ على حقوق المواطنين وحقوق المجتمع‬
‫عمال بالتوجيهات الملكية ال�سامية لجاللة الملك محمد ال�ساد�س ن�صره اهلل و�أيده‬
‫‪11‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الذي ما فتئ يولي اهتماما خا�صا بمجال حقوق الإن�سان وما الق�ضاء الإداري الذي‬
‫تنعم به بالدنا �إال وجه منه‪.‬‬
‫تتميز ندوتنا اليوم بم�شاركة ق�ضاة متميزين ورجال �إدارة محنكين و�صفوة من‬
‫النقباء والمحامين والموثقين ورجال الأعمال والخبراء المتخ�ص�صين‪ ،‬و�سينعك�س‬
‫هذا الم�ستوى الرفيع للم�شاركين ذوي التجربة المتقدمة في الميدان على النتائج‬
‫التي نهدف �إليها من خالل هذا اللقاء‪.‬‬
‫تتميز هذه الندوة كذلك ب�أهمية كبرى من خالل مو�ضوعها العام الذي هو‪:‬‬
‫«الإ�شكاالت القانونية والعملية في المجال ال�ضريبي»‪ ،‬ذلك �أن المجال ال�ضريبي‬
‫يح�ضى ب�أهمية كبرى من قبل الدولة باعتبار ال�ضريبة �أهم م�صادر تمويل الخزينة‬
‫العامة خا�صة بعد �سيا�سة االنفتاح على العالم الخارجي التي تنهجها بالدنا‪ ،‬والتي‬
‫جعلت الخزينة تفقد العديد من مواردها‪.‬‬
‫وباعتبار �أن الت�شريع الجبائي يعرف تعديالت عديدة وبع�ضه يكتنفه الغمو�ض‬
‫والت�شتت‪ ،‬ف�إن النزاعات بين الإدارة والملزمين تت�سم بالأهمية الكبرى وبالتزايد‬
‫الم�ستمر‪ ،‬و�إح�صائيا يروج حاليا بمختلف محاكم المملكة ما يزيد عن ‪ 7000‬ق�ضية‪،‬‬
‫ومن هنا يبرز الدور الهام الذي يقوم به الق�ضاء الإداري ببالدنا في الف�صل في‬
‫الق�ضايا ال�ضريبية‪ ،‬وذلك بتجاوز ثغرات الن�صو�ص وا�ستخراج المبادئ القانونية‬
‫وا�ستك�شاف روح الت�شريع‪ ،‬وهي مهمة لي�ست بال�سهلة‪ .‬ومنا�سبة هذه الندوة‬
‫فر�صة للإ�شادة بالمجهودات التي يبذلها رئي�س وق�ضاة الغرفة الإدارية بالمجل�س‬
‫الأعلى وجميع م�س�ؤولي وق�ضاة المحاكم الإدارية ببالدنا‪.‬‬
‫لقاء اليوم منا�سبة لتدليل الخالفات وتقريب وجهات النظر حول الكثير من‬
‫النقط القانونية وتو�ضيح الإ�شكاالت العملية وهي فر�صة كذلك لإغناء العمل‬
‫الإداري واالجتهاد الق�ضائي‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ال�سيد الوزير؛‬
‫الح�ضور الكريم؛‬
‫لقد حر�ص ال�سادة منظمو هذه الندوة على اختيار موا�ضيع تعك�س اهتمام‬
‫المتدخلين في الق�ضايا ال�ضريبية‪ ،‬ق�صد �إيجاد الحلول المالئمة للإ�شكاالت الأكثر‬
‫�إثارة‪.‬‬
‫المحور الأول ‪ :‬اهتم بالعمل الق�ضائي والهدف �إلقاء ال�ضوء على اجتهادات‬
‫المجل�س الأعلى بالخ�صو�ص‪ ،‬باعتباره محكمة قانون وقراراته ملزمة لمحاكم‬
‫المو�ضوع‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬يهتم بالإثبات والتحقيق في المنازعات الجبائية �سيلقي ال�ضوء‬
‫على عبء الإثبات وو�سائل الإثبات وعلى اال�ستثناءات من الو�سائل المن�صو�ص‬
‫عليها في قانون الم�سطرة المدنية وقانون االلتزامات والعقود‪ ،‬وكذلك تحديد‬
‫�سلطة القا�ضي الإداري للتحقيق في الدعوة ال�ضريبية ودور الخبرة الق�ضائية‬
‫وحدودها‪.‬‬
‫المحور الثالث ‪ :‬المتعلق بم�ساطر فر�ض ال�ضريبة وت�صحيحها‪ ،‬فالم�شرع �أعطى‬
‫للإدارة كما للملزم الحق في تدارك الأخطاء والإغفاالت التي يمكن �أن تقع في‬
‫مرحلة الربط �سواء ب�سبب عدم الت�صريح �أو �إغفال الإدارة‪ .‬ويكون الت�صحيح‬
‫ال�ضريبي �إما عن طريق تقويم الت�صريح المدلى به من طرف الملزم وهي م�سطرة‬
‫تواجهية �أو عن طريق الفر�ض التلقائي الذي قد تقوم به الإدارة ب�شكل انفرادي‪.‬‬
‫وعندها تكون الإدارة ملزمة ب�إثبات �صحة تقديرها �أمام الق�ضاء مما يوجب عليها‬
‫القيام بالتحريات الالزمة الدقيقة قبل �إعادة تقديرها لل�ضريبة المفرو�ضة على‬
‫الملزم‪.‬‬
‫المحور الأخير ‪ :‬والمتعلق بمنازعات التح�صيل ف�سيتطرق لإ�شكاليات الطعن‬
‫و�آجاله و�إيقاف تنفيذ �إجراءات التح�صيل ومجال تدخل الق�ضاء اال�ستعجالي‬

‫‪13‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫و�شروط تدخله وم�سطرة الحجوزات وم�سطرة تطبيق الإكراه البدني وغيرها من‬
‫الإ�شكاالت الهامة‪.‬‬
‫ال�سيد الوزير؛‬
‫الح�ضور الكريم؛‬
‫بالنظر �إلى الم�ستوى الرفيع للم�شاركين وتجربتهم الوا�سعة ف�إن هذه الندوة‬
‫�ستعرف �إن�شاء اهلل �أبحاثا متميزة ودرا�سات هامة وم�شاركة فعالة تمكننا من‬
‫اال�ستفادة من الخبرات وتجارب الم�شاركين و�إيجاد الحلول العملية المنا�سبة‬
‫لف�ض النزاعات الجبائية ب�شكل فعال و�سريع ي�ضمن حماية الحقوق وي�ؤمن م�صالح‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫و�أنتهز هذه المنا�سبة لأدعو �إلى بلورة هذا التعاون المثمر بين المجل�س الأعلى‬
‫والإدارة العامة لل�ضرائب من خالل خلق لجنة مكونة من ق�ضاة ومحامين ورجال‬
‫الإدارة وخبراء ومهتمين بهدف بلورة نتائج هذا اللقاء و�إيجاد الحلول لما قد‬
‫ي�ستجد من �إ�شكاالت‪.‬‬
‫قبل �أن �أختتم كلمتي �أريد التوجه بال�شكر والثناء لكل من �ساهم في الإعداد‬
‫لهذا اللقاء المتميز و�أخ�ص بالذكر الأ�ستاذ ح�سن القادري رئي�س غرفة بالمجل�س‬
‫الأعلى والأ�ستاذ عبد الرحمان �أبليال رئي�س م�صلحة ال�ش�ؤون الق�ضائية‪.‬‬
‫وفقنا اهلل �سبحانه وتعالى لما يحبه وير�ضاه ولما فيه خير وطننا العزيز تحت‬
‫القيادة الر�شيدة ل�صاحب الجاللة الملك محمد ال�ساد�س ن�صره اهلل و�أيده‪.‬‬
‫وال�سالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫كلمة ال�سيد وزير العدل‬


‫ال�سيد محمد الطيب النا�صري‬

‫ب�سم الله الرحمن الرحيم‬

‫ال�سيد الرئي�س الأول للمجل�س الأعلى؛‬


‫ال�سيد الوكيل العام للملك لدى المجل�س الأعلى‬
‫ال�سيد والي �صاحب الجاللة‬
‫ال�سيد المدير العام لل�ضرائب‬
‫ال�سيد رئي�س اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية‬
‫ال�سادة الم�س�ؤولون الق�ضائيون والق�ضاة‬
‫ال�سادة النقباء والمحامون‬
‫ح�ضرات ال�سيدات وال�سادة‬
‫ي�سعدني في م�ستهل هذا اللقاء �أن �أعبر لكم عما يخالجني من �سعادة واعتزاز‬
‫و�أنا �أح�ضر معكم‪ ،‬في مدينة مراك�ش جوهرة الجنوب‪ ،‬افتتاح �أ�شغال هذه‬
‫التظاهرة العلمية الهامة‪ ،‬التي ينظمها المجل�س الأعلى والمديرية العامة لل�ضرائب‬
‫حول مو�ضوع‪« :‬اال�شكاالت القانونية والعملية في المجال ال�ضريبي»‪.‬‬
‫و�أود بهذه المنا�سبة �أن �أتوجه بجزيل ال�شكر ووافر االمتنان �إلى كل من ال�سيد‬
‫الرئي�س الأول للمجل�س الأعلى وال�سيد الوكيل العام للملك لديه‪ ،‬وكذا لل�سيد‬
‫المدير العام لل�ضرائب على ت�شريفي بالدعوة لح�ضور افتتاح هذا اللقاء العلمي‬
‫‪15‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الرفيع الم�ستوى‪ ،‬الذي ينعقد اليوم بعد لقاء �أول عقد ب�شراكة بين المجل�س الأعلى‬
‫واالدارة العامة لل�ضرائب في �سنة ‪ ،2005‬مما يعك�س �سيا�سة االنفتاح التي ما فتئ‬
‫الجهاز الق�ضائي ينهجها من �أجل خلق �آليات للتوا�صل مع محيطه‪.‬‬
‫ح�ضرات ال�سيدات وال�سادة‪،‬‬
‫�إن �أهمية هذا المو�ضوع تكمن في خ�صو�صية المنازعات ال�ضريبية‪ ،‬وفي طبيعة‬
‫ال�صالحيات التي يتوفر عليها القا�ضي الإداري وهو ب�صدد الف�صل في المنازعات‬
‫المعرو�ضة عليه بهذا ال�ش�أن‪ ،‬ال�سيما و�أن الملزم يعد �شريكا في تمويل النفقات‬
‫العمومية‪ ،‬وهو بهذه ال�صفة يتمتع قانونا ب�ضمانات جبائية مهمة‪.‬‬
‫ولذلك؛ ف�إن الأمر يقت�ضي من القا�ضي الإداري ‪� -‬سواء بمنا�سبة تطبيقه للن�ص‬
‫القانوني �أو باعتباره من�شئا للقاعدة القانونية ‪ -‬التوفر على منهجية ر�صينة عند بته‬
‫في المنازعة ال�ضريبية‪ ،‬تروم في �أ�سا�سها خلق توازن بين غايتين جوهريتين هما‪:‬‬
‫‪� /1‬ضمان حق الدولة في العمل على توفير الموارد المالية الالزمة لتمكينها‬
‫من اال�ضطالع بوظائفها التدبيرية والإنمائية‪ ،‬والحد من كل تمل�ص �أو‬
‫تهرب �ضريبي‪.‬‬
‫‪� /2‬ضمان تحقيق مبد�أي الم�ساواة واالن�صاف في تحمل العبء ال�ضريبي‪،‬‬
‫واحترام ال�ضمانات المقررة لفائدة الملزم‪.‬‬
‫ومن خالل البحث عن نقطة التوازن بين هاتين الغايتين‪ ،‬يتبلور دور الق�ضاء‬
‫الإداري‪ ،‬وهو يبت في المنازعات ال�ضريبية‪ ،‬ليتعدى حدود التطبيق الجاف‬
‫والمجرد للن�ص القانوني‪� ،‬إلى االن�صهار في م�سل�سل ت�أويل منهجي �سليم لهذا‬
‫الن�ص‪ ،‬من �ش�أنه �أن يجعل القا�ضي ال يحيد عن منهج يحفظ به للدولة مواردها‬
‫المالية‪ ،‬ويقوي في نف�س الوقت ال�شعور بالأمن القانوني والق�ضائي لدى الخا�ضع‬
‫لل�ضريبة‪ ،‬وذلك من خالل تكري�س مبد�أ الم�شروعية‪ ،‬و�إعمال ال�ضمانات ال�شكلية‬
‫والجوهرية المقررة قانونا‪ ،‬والعمل على ا�ستقرار وتوحيد العمل الق�ضائي‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ومن ثم ف�إن للقا�ضي الإداري دورا هاما‪ ،‬يتجلى على عدة م�ستويات من‬
‫�أهمها‪:‬‬
‫‪ /1‬تكري�س مبد�أ الم�شروعية؛‬
‫‪ /2‬تر�سيخ قواعد ثابتة تتقيد بها الإدارة ال�ضريبية‪.‬‬
‫ومن خالل ذلك‪ ،‬ي�ساهم الق�ضاء‪ ،‬م�ساهمة فعالة‪ ،‬في ا�ستتباب الأمن القانوني‬
‫والق�ضائي والعدالة ال�ضريبية‪ ،‬وتكري�س مبد�أ المحافظة على المال العام‪ ،‬والت�شجيع‬
‫على اال�ستثمار‪ ،‬ودعم جهود التنمية االقت�صادية واالجتماعية‪.‬‬
‫ح�ضرات ال�سيدات وال�سادة‪،‬‬
‫�إن الطبيعة التقنية والإجرائية للن�صو�ص ال�ضريبية التي يت�شكل منها النظام‬
‫الجبائي‪ ،‬تجعل من المنازعات الجبائية‪ ،‬منازعات متميزة ‪� -‬أكثر من غيرها ‪-‬‬
‫بت�شعبها‪ ،‬بل وغمو�ضها �أحيانا‪ ،‬مما يطرح �إ�شكاالت قانونية وعملية في التطبيق‪ .‬هذا‬
‫ف�ضال عن اال�شكاليات الناجمة عن التعديل الم�ستمر للنظام الجبائي‪ ،‬عبر قوانين‬
‫المالية‪ ،‬كما هو ال�ش�أن بالن�سبة للتعديالت الجوهرية التي �أقرها قانون المالية ل�سنة‬
‫‪ ،2011‬ب�ش�أن م�سطرة ت�صحيح الوعاء ال�ضريبي في �إطار تعزيز ال�ضمانات المقررة‬
‫لفائدة الملزمين‪ ،‬عالوة على موا�ضيع ترتبط باالثبات في الميدان الجبائي‪،‬‬
‫وخ�صو�صية م�سطرة فر�ض وت�صحيح ال�ضريبة‪.‬‬
‫و�إن الق�ضاء الإداري‪ ،‬وعلى ر�أ�سه الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى‪ ،‬يبقى هو‬
‫المرجع في �إيجاد الحلول العملية لمختلف اال�شكاليات التي يعرفها ميدان الف�صل‬
‫في المنازعات الجبائية‪.‬‬
‫وقد برهن ق�ضا�ؤنا الإداري على كفاءة ومهنية عالية في هذا الم�ضمار‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل ما �أقره من حلول تحقق العدالة ال�ضريبية‪ ،‬وما كر�سه من مبادئ تكفل‬
‫حقوق الإدارة ال�ضريبية‪ ،‬وتر�سخ �ضمانات الخا�ضعين لل�ضريبة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫و�إن الق�ضاء الإداري‪ ،‬وهو يقر هذه الحلول في الميدان الجبائي‪ ،‬ي�ستر�شد‬
‫في تطبيقه للن�صو�ص القانونية بمبادئ قارة‪ ،‬تتمثل في التف�سير ال�ضيق للقانون‬
‫الجبائي‪ ،‬وتف�سير ال�شك ل�صالح الملزم‪� ،‬إلقاء عبء �إثبات الواقعة المن�شئة‬
‫لل�ضريبة و�صحة �سلوك م�سطرة فر�ضها �أو ت�صحيح وعائها على عاتق الإدارة‪،‬‬
‫هذا ف�ضال عن القواعد العامة التي تحكم النزاع ال�ضريبي‪ ،‬كقاعدة عدم رجعية‬
‫القوانين‪ ،‬وقاعدة ال �ضريبة وال �إعفاء �إال بن�ص القانون‪ ،‬وا�ستبعاد �أ�سلوب القيا�س‬
‫في المجال ال�ضريبي‪ ،‬والدور الإيجابي للقا�ضي الإداري في �إطار م�سطرة الفر�ض‬
‫التلقائي لل�ضريبة �أو م�سطرة مراجعتها‪.‬‬
‫وال �شك في �أن �إحداث محاكم ا�ستئناف �إدارية �سنة ‪ ،2006‬لمن �ش�أنه تعزيز‬
‫�ضمانات التقا�ضي من خالل تخلي الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عن الدور‬
‫اال�ستثنائي الذي ظلت ت�ضطلع به منذ �إحداث المحاكم الإدارية �سنة ‪1994‬‬
‫كجهة ا�ستئنافية‪ ،‬لت�ستعيد دورها الأ�صلي والطبيعي كجهة نق�ض‪ ،‬حيث �أ�ضحت‬
‫محاكم اال�ستئناف االدارية ت�ضطلع بدورها كجهة ا�ستئناف‪ ،‬مما �أغنى و�سيغني‬
‫االجتهاد الق�ضائي في المادة الجبائية من خالل تكري�س مبادئ العدالة ال�ضريبية‪،‬‬
‫وكذا ت�شكيل مرجعية عمل ق�ضائي من �ش�أنه �أن ي�سهم في تقويم عمل االدارة‪،‬‬
‫اعتبارا للحلول الق�ضائية التي يبدعها الق�ضاء الإداري‪ ،‬والتي ت�شكل ال محالة‬
‫�أ�سا�سا ت�ستر�شد به االدارة ال�ضريبية في االرتقاء بم�ستوى �أدائها‪ ،‬تحقيقا لما جاء‬
‫في خطاب �صاحب الجاللة محمد ال�ساد�س ن�صره اهلل عند افتتاح �أ�شغال المجل�س‬
‫الأعلى للق�ضاء بتاريخ ‪ 15‬دجنبر ‪ ،1999‬والذي قال فيه جاللته حفظه اهلل ‪« :‬كما‬
‫قررنا �إحداث محاكم ا�ستئناف �إدارية في �أفق �إن�شاء مجل�س للدولة يتوج الهرم‬
‫الق�ضائي والإداري لبالدنا‪ ،‬حتى تت�سنى مواجهة كل �أ�شكال ال�شطط‪ ،‬وحتى يتاح‬
‫�ضمان �سيادة ال�شرعية ودعم االن�صاف بين المتقا�ضيين» (انتهى النطق الملكي‬
‫ال�سامي)‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ح�ضرات ال�سيدات وال�سادة‪،‬‬


‫�إن هذه الندوة الوطنية حول «اال�شكاالت القانونية والعملية في المجال‬
‫ال�ضريبي»‪ ،‬لمن �ش�أنها �إتاحة الفر�صة لكل من الفاعلين في الميدان الق�ضائي‬
‫وم�س�ؤولي الإدارة ال�ضريبية‪ ،‬من �أجل طرح مختلف اال�شكاليات القانونية والعملية‬
‫في الميدان الجبائي‪ ،‬وتبادل الر�ؤى حول الحلول المقترحة لمعالجتها‪.‬‬
‫و�إنني لعلى يقين ب�أن �أعمال هذه الندوة �ستحقق بكل ت�أكيد الأهداف المرجوة‬
‫منها‪ ،‬بالنظر �إلى الم�ستوى القانوني والمهني الرفيع للم�شاركين فيها‪.‬‬
‫وختاما �أتمنى لهذا اللقاء العلمي كامل النجاح‪ ،‬راجيا من اهلل العلي القدير �أن‬
‫يوفقنا لما فيه الخير لبلدنا‪ ،‬تحت القيادة الر�شيدة ل�صاحب الجاللة الملك محمد‬
‫ال�ساد�س ن�صرها هلل‪.‬‬
‫وال�سالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫كلمة ال�سيد الوكيل العام للملك‬


‫لدى المجل�س الأعلى‬
‫ال�سيد م�صطفى مداح‬

‫ب�سم الله الرحمن الرحيم‬


‫يطيب لي بداية في هذا اللقاء الهام �أن �أ�ساهم بكلمة في �إطار الكلمات المبرمجة‬
‫الفتتاح �أ�شغال الندوة‪ ،‬التي ن�سعى من خاللها �سويا ق�ضاة وفعاليات المديرية العامة‬
‫لل�ضرائب �إلى ا�ستعرا�ض الإ�شكاليات والنزاعات التي تطرحها المادة الجبائية‬
‫وا�ستح�ضار الم�ساطر والإجراءات ذات ال�صلة لمناق�شتها وتحليلها و�إغنائها بنظرة‬
‫فاح�صة وقناعة تروم تحقيق التوازن بين مبد�أ عدم التفريط في م�ستحقات الدولة‬
‫والمحافظة على المال العام ومبد�أ عدم �إلزام الأفراد والجماعات بما هو غير‬
‫م�ستحق‪.‬‬
‫وتبرز �أهمية هذا اللقاء من خالل ما يرتبط به من ق�ضايا �أ�سا�سية تتعلق بوظيفة‬
‫الق�ضاء وبمفهوم ف�صل ال�سلط‪� .‬إن الق�ضاء الجهاز الم�ؤتمن على حقوق النا�س‬
‫لحري�ص على �أن ت�ؤدي الأمانات �إلى �أهلها وعلى �إ�شاعة الأمن المالي من خالل‬
‫التطبيق ال�سليم للقانون ومعاملة �أ�شخا�ص الحق العام والخا�ص على قدم الم�ساواة‪.‬‬
‫وف�صل ال�سلط من ناحية �أخرى ال يعني التنافر والقطيعة مع باقي المكونات الإدارية‬
‫للدولة و�إنما يفيد في معناه الحقيقي فكرة التعاون والتكامل لما فيه الم�صلحة العليا‬
‫للوطن والمواطنين �أ�شخا�صا طبيعيين كانوا �أو اعتباريين‪.‬‬
‫وت�أ�سي�سا على هذه القناعة‪ ،‬ف�إن الق�ضاء واع ب�أهمية االنفتاح على باقي الفاعلين‬
‫الذين ي�ؤثثون ف�ضاء المحيط الذي يتحرك داخله‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫فعلى هذا االنفتاح والتوا�صل يتوقف تحقيق ما ي�صبو �إليه الجميع من تكري�س‬
‫لمبادئ العدل والإن�صاف وحماية الحقوق والواجبات‪ ،‬وي�صبح هذا االنفتاح‬
‫والتوا�صل �ضرورة ملحة حينما يتعلق الأمر من جهة ب�إدارة تعتبر بمثابة رافعة‬
‫�أ�سا�سية‪ ،‬ومن جهة �أخرى بميدان تقني ودقيق‪.‬‬
‫مما ال �شك فيه �أن ال�ضرائب وما يدخل في حكمها مورد �أ�سا�سي ورافد مهم‬
‫للمالية العامة التي هي ع�صب االقت�صاد و�أ�سا�س كل تنمية‪ ،‬وتعتبر من المجاالت‬
‫التي تعرف عالميا على م�ستوى الت�شريع دينامية ملحوظة من خالل وفرة‬
‫التعديالت والتنقيحات التي تطر�أ على منظومتها في زمن قيا�سي‪ ،‬كلما �أملتها‬
‫الخيارات اال�ستراتيجية والم�ستجدات االقت�صادية والمالية واالجتماعية �أي�ضا‪،‬‬
‫وبطبيعتها هاته ت�أبى �أن ت�صاغ دفعة واحدة بل ترد في ن�صو�ص قانونية متعددة وفي‬
‫مقت�ضيات متفرقة �إلى حد يجعلها مت�شعبة و�شائكة �إن لم نقل م�ستع�صية‪� ،‬أمام نق�ص‬
‫في الأبحاث‪ ،‬وتق�صير في الدرا�سات التي تعنى بالمادة الجبائية‪ ،‬مقارنة مع ما‬
‫تعرفه ال�ساحة الثقافية من وفرة في مجاالت قانونية �أخرى‪ ،‬لأن الأنظمة ال�ضريبية‬
‫يغلب عليها الطابع التقني وم�صاغة بلغة الأرقام وبقامو�س لفظي مغاير‪ ،‬وبطبيعتها‬
‫وخ�صو�صيتها هاته ينكب عادة على �إعداد ت�صور لها ذوو الخبرة في الميدان المالي‬
‫والجبائي‪ ،‬والدراية في �إكراهات االختالالت والتوازنات المالية‪ ،‬والتمر�س على‬
‫ميكانيزمات الماكرو والميكرو اقت�صادية‪ ،‬وااللتزامات المالية والنقدية الدولية‪،‬‬
‫الأمر الذي يقلل من فر�ص الإدراك ال�سليم لمرامي القاعدة القانونية‪ ،‬ويجعلها‬
‫بالتالي وقفا وحكرا على المتمر�سين ق�ضاة كانوا �أو �أطرا �إدارية‪ ،‬ويفر�ض التدقيق‬
‫�أكثر في هذا المجال‪ ،‬خا�صة في ظرفية اقت�صادية عالمية متدهورة من الأكيد جدا‬
‫�أن يعاني بلدنا من تداعياتها‪.‬‬
‫وفي �سياق كل هذه االعتبارات ي�أتي تنظيم هذا اللقاء‪ ،‬الذي من خالله يج�سد‬
‫طرفاه ف�ضيلة االنفتاح وي�ؤمنان بح�سن الإ�صغاء وبالنقا�ش الجاد وتبادل وتالقح‬
‫الأفكار‪ ،‬والبعد ال�شمولي لدولة الحق والقانون‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ولي اليقين ب�أن كل الفعاليات التي قامت بالإعداد لهذه الندوة وتنظيمها‬
‫وحفزت الم�ساهمين فيها على �إثرائها بمداخالت قيمة ونافذة لعمق الإ�شكاالت‬
‫ال محالة �أنها �ستف�ضي �إلى نتائج مر�ضية ت�ؤدي �إلى بلورة خال�صات و�أجوبة لكل‬
‫الت�سا�ؤالت القانونية التي �ستطرحها العرو�ض المبرمجة للمناق�شة‪.‬‬
‫وبهذه المنا�سبة �أتوجه بال�شكر الجزيل والثناء الجميل �إلى كل من �شارك في‬
‫هذه الندوة �سواء بح�ضوره �أو ب�إلقائه عر�ضا من العرو�ض �أو باقتراحاته لإغناء‬
‫هذه المناق�شة‪.‬‬
‫واهلل ولي التوفيق‪.‬‬
‫وال�سالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫كلمة ال�سيد المدير العام لل�ضرائب‬


‫ال�سيد عبد اللطيف زغنون‬

‫ب�سم الله الرحمان الرحيم‬


‫ال�سيد وزير العدل المحترم‬
‫ال�سيد الأمين العام للحكومة المحترم‬
‫ال�سيد الرئي�س الأول للمجل�س الأعلى المحترم‬
‫ال�سيد الوكيل العام للملك لدى المجل�س الأعلى المحترم‬
‫ال�سادة ر�ؤ�ساء محاكم اال�ستئناف وال�سادة الوكالء العامون المحترمون‬
‫ال�سادة ر�ؤ�ساء المحاكم وال�سادة وكالء الملك المحترمون‬
‫ال�سادة الق�ضاة المحترمون‬
‫ال�سادة المحامون المحترمون‬
‫ال�سادة الخبراء المحترمون‬
‫�أيها الح�ضور الكريم‪،‬‬
‫تندرج هذه الندوة المباركة في �إطار تبادل الأفكار والمعلومات وتو�ضيح‬
‫المفاهيم والقناعات وتدار�س مختلف الإ�شكاليات القانونية والعملية التي يطرحها‬
‫تطبيق المقت�ضيات الجبائية‪.‬‬
‫وتعد هذه الندوة ثاني لقاء م�شترك بين المجل�س الأعلى والمديرية العامة‬
‫لل�ضرائب‪ ،‬بعد اللقاء الأول المنعقد يومي ‪ 28‬و‪ 29‬مار�س من �سنة ‪ ،2005‬الذي‬
‫كان لقاءا ناجحا وبناءا �إذ تم ا�ستثمار ح�صيلته من �أجل تح�سين الممار�سة الإدارية‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وكما ال يخفى عليكم فالمنازعة ال�ضريبية تحتل حيزا مهما �ضمن المنازعات‬
‫المعرو�ضة على الق�ضاء الإداري ال من حيث الكم وال من حيث الكيف‪ ،‬كما �أن‬
‫المادة ال�ضريبية تمثل ‪ -‬بال �شك ‪ -‬مجاال خ�صبا للنقا�ش الفقهي والق�ضائي نظرا‬
‫لخ�صو�صيتها وارتباطها بالمجاالت الحيوية في البالد‪.‬‬
‫وبالرغم من حداثة المحاكم الإدارية ببالدنا‪ ،‬ف�إن الق�ضاء الإداري راكم مجموعة‬
‫من االجتهادات الق�ضائية في مجال المنازعة ال�ضريبية‪ ،‬جعلت منه �شريكا فعليا في‬
‫�صناعة القرار ال�ضريبي وحاميا لحقوق الملزم وم�صالح الخزينة على حد �سواء‪،‬‬
‫وباعثا على تح�سين �صياغة القوانين ال�ضريبية في العديد من الحاالت‪.‬‬
‫ال�سيد الوزير‪،‬‬
‫ال�سيد الرئي�س الأول‪،‬‬
‫ال�سيد الوكيل العام للملك‪،‬‬
‫�أيها الح�ضور الكريم‪،‬‬
‫�إن دولة القانون بقدر ما تقت�ضي حماية حقوق الملزم بال�ضريبة ف�إنها تفر�ض‬
‫بموازاة مع ذلك �ضمان م�ساواة الجميع �أمام االلتزام ال�ضريبي‪.‬‬
‫وفي هذا ال�صدد‪ ،‬فالتحديات التي يفر�ضها تمويل خزينة الدولة وال�سيما‬
‫تمويل الم�شاريع التنموية الكبرى التي تتم بالمبادرة والإ�شراف الفعليين ل�صاحب‬
‫الجاللة الملك محمد ال�ساد�س ن�صره اهلل و�أيده‪ ،‬تتطلب م�ساهمة الجميع ‪ -‬كل‬
‫ح�سب قدرته‪-‬في تحمل التكاليف العامة للدولة‪ ،‬و�أمام هذه التحديات وكما‬
‫هو ال�ش�أن في جميع الدول‪ ،‬ف�إن الوفاء بااللتزامات ال�ضريبية �أ�صبح من الركائز‬
‫الأ�سا�سية للمواطنة الحقة‪ ،‬وهذا يتطلب من الجميع العمل على التطبيق ال�سليم‬
‫للقانون كما �سنه الم�شرع‪.‬‬
‫وهذا الهدف ي�ستلزم بطبيعة الحال مجهودا م�شتركا بين الإدارة والق�ضاء‬
‫الإداري من �أجل الوقوف على مواطن الغمو�ض �أو االختالف في ت�أويل بع�ض‬
‫المقت�ضيات القانونية وتقريب الر�ؤى بال�شكل الذي ين�سجم مع �إرادة الم�شرع‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ومن جهة �أخرى ف�إن الوفاء بااللتزامات ال�ضريبية رهين بمدى انخراط الملزم‬
‫ووعيه واقتناعه بكون ال�ضريبة التي ي�ؤديها هي تج�سيد لقيم المواطنة ولي�ست‬
‫انتقا�صا من ملكيته الخا�صة‪.‬‬
‫و�إن المجل�س الأعلى‪ ،‬باعتباره �أعلى م�ؤ�س�سة ق�ضائية في المملكة‪ ،‬ليقوم بدور‬
‫هام في هذا الخ�صو�ص‪ ،‬وذلك من خالل جملة من القرارات الق�ضائية التي‬
‫�أ�صدرها والتي تميزت بم�ستوى عال من االجتهاد والتب�صر‪.‬‬
‫ومن هنا يبرز الدور البيداغوجي للأحكام والقرارات الق�ضائية‪ ،‬ف�إذا كانت‬
‫القرارات ال�ضريبية تعتريها �أحيانا بع�ض الإخالالت التي لي�س لها ت�أثير على جوهر‬
‫الحق ال�ضريبي المطالب به‪ ،‬فال ينبغي لبع�ض الملزمين الذين ينهجون �سلوكات‬
‫مخالفة للمواطنة الجبائية‪� ،‬أن يعتبروا ب�أن هذه الإخالالت �ستف�سح لهم مجال‬
‫الإفالت من االلتزام ال�ضريبي الذي يعد من �أهم التزامات المواطنة التي يعمل‬
‫الق�ضاء على حمايتها‪ ،‬وذلك رعيا للتوجيهات الملكية ال�سامية التي وردت في‬
‫الخطاب الذي �ألقاه حفظه اهلل يوم الجمعة ‪� 8‬أكتوبر ‪ 2010‬بمنا�سبة افتتاح الدورة‬
‫الأولى لل�سنة الت�شريعية الحالية‪ ،‬ب�أن قال ‪�« :‬أن الق�ضاء م�ؤتمن على �سمو د�ستور‬
‫المملكة و�سيادة قوانينها وحماية حقوق والتزامات المواطنة»‪.‬‬
‫انتهى كالم �صاحب الجاللة‬
‫ال�سيد الوزير‪،‬‬
‫ال�سيد الرئي�س الأول‪،‬‬
‫ال�سيد الوكيل العام للملك‪،‬‬
‫�أيها الح�ضور الكريم‪،‬‬
‫لقد اتخذ الم�شرع على مدار قوانين المالية المتعاقبة مجموعة من التدابير‬
‫تتوخى بالأ�سا�س تب�سيط وع�صرنة النظام ال�ضريبي ودعم مناخ ال�شفافية مع تعزيز‬
‫�ضمانات الملزمين‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وانطالقا من هذا المنظور‪ ،‬فقد تم تطوير وتحديث المنظومة القانونية‪ ،‬وهو‬


‫الم�شروع الذي انطلق �سنة ‪ 2005‬ب�إ�صدار كتاب الم�ساطر الجبائية ثم كتاب الوعاء‬
‫والتح�صيل �سنة ‪ 2006‬قبل �إ�صدار المدونة العامة لل�ضرائب �سنة ‪.2007‬‬
‫كما و�ضعت المدونة العامة لل�ضرائب حدا لت�شتت المقت�ضيات الجبائية‪،‬‬
‫ون�صت على �ضرورة �إدراج كل مقت�ضى جبائي في �صلبها‪ ،‬الأمر الذي مكن من‬
‫توفير �أداة عمل مي�سرة ذات منهجية وا�ضحة ت�سهل عملية الرجوع �إلى القانون‬
‫ال�ضريبي بالن�سبة لموظفي الإدارة ال�ضريبية والمتعاملين معها والمهتمين عموما‬
‫بالقانون ال�ضريبي‪.‬‬
‫غير �أن الإدارة ال�ضريبية لواعية ب�أن بع�ض مقت�ضيات تلك المدونة الزال‬
‫يحتاج �إلى مزيد من التدقيق والتو�ضيح في اتجاه تكري�س ال�ضمانات المخولة‬
‫للملزمين بال�ضريبة وتو�ضيح بع�ض القواعد التي تبين عند التطبيق �أنه يكتنفها بع�ض‬
‫الغمو�ض‪.‬‬
‫وفي هذا االتجاه مثال جاء قانون المالية ل�سنة ‪ 2011‬بتدقيق في غاية الأهمية‬
‫لتحديد المق�صود بتاريخ بداية مزاولة المقاولة لن�شاطها حتى يمكنها اال�ستفادة من‬
‫اقتناء التجهيزات الأولية المتعلقة باال�ستثمار خالل مدة ‪� 24‬أو ‪ 36‬ح�سب الحالة‬
‫مع الإعفاء من ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪ ،‬وهذا الأمر كان يعتريه غمو�ض ويثير‬
‫بع�ض المنازعات‪.‬‬
‫كما عمل قانون المالية ل�سنة ‪ 2011‬على تكري�س مبد�أ وجوب �أخبار الملزم بكافة‬
‫حقوقه وواجباته قبل البدء في �أي عملية فح�ص‪ ،‬عن طريق تبليغه بالإ�شعار بالفح�ص‬
‫مرفقا بميثاق الخا�ضع لل�ضريبة الذي يت�ضمن كافة الحقوق والواجبات في مجال‬
‫المراقبة الجبائية تحت طائلة اعتبار م�سطرة الفح�ص الغية‪( .‬الرجوع �إلى مقت�ضيات‬
‫المادتين ‪ 212‬و‪ 220‬كما تم تتميمها بموجب قانون المالية ل�سنة ‪.)2011‬‬

‫‪26‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أيها ال�سادة الكرام؛‬


‫�إن هذا العمل الت�شريعي الذي ت�ساهم فيه الإدارة ال�ضريبية عن طريق اقتراح‬
‫التدابير التي من �ش�أنها تكري�س ال�ضمانات ورفع الغمو�ض هو عمل يجب �أن تتظافر‬
‫فيه جهود الجميع وخا�صة لرجال الق�ضاء وباقي �شركاء الإدارة ال�ضريبية من هيئات‬
‫الخبراء المحا�سبين وغيرهم من المهتمين بالميدان و�أن الإدارة ال�ضريبية لعاقدة‬
‫العزم على اال�ستمرار في هذا النهج الإ�صالحي بت�شارك مع جميع المبادرات‬
‫التي يمكنكم �أن ت�ساهموا بها والتي تندرج هذه الندوة المباركة والتو�صيات التي‬
‫يمكن �أن تتمخ�ض عنها في �صميم تحقيق ذلك الهدف‪.‬‬
‫كما تعمل المديرية العامة لل�ضرائب على �إعداد دورية تف�سيرية لجميع مقت�ضيات‬
‫المدونة العامة لل�ضرائب ت�ضمنها مختلف االجتهادات المرتبطة بالمو�ضوع والتي‬
‫من �ش�أنها �أن تجمع مختلف الدوريات التف�سيرية ال�صادرة على �إثر مختلف قوانين‬
‫المالية المتعاقبة والتي من المرتقب �أن يتم �إ�صدارها خالل �شهر �أبريل المقبل بحول‬
‫اهلل‪ .‬و�سيتم ال�سهر على ترجمتها فيما بعد �إلى اللغة العربية لتعميم الفائدة‪.‬‬
‫وفي �إطار تدعيم التوا�صل مع مختلف الملزمين والمتعاملين مع �إدارة ال�ضرائب‬
‫قامت مديرية ال�ضرائب على فتح بوابتها الإلكترونية وت�ضمينها مختلف الن�صو�ص‬
‫ال�ضريبية والدوريات التف�سيرية والأجوبة على مختلف مرا�سالت الملزمين التي‬
‫تثير ق�ضايا ذات اهتمام م�شترك تتعلق بكيفية تطبيق القانون ال�ضريبي‪.‬‬
‫وفي �إطار تب�سيط الإجراءات والحر�ص على جودة الخدمات فقد تم �إحداث‬
‫نظامي الإقرار والأداء الإلكترونيين‪� ،‬إذ بمقت�ضى هذين النظامين �أ�صبح من الواجب‬
‫على الخا�ضعين لل�ضريبة على ال�شركات وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة �أن يدلوا‬
‫ب�إقراراتهم وي�ؤدوا �ضرائبهم الم�ستحقة بطريقة �إلكترونية‪ ،‬وذلك ابتداءا من فاتح‬
‫يناير ‪ 2010‬بالن�سبة للمن�ش�آت التي يفوق رقم �أعمالها �أو ي�ساوي ‪ 100‬مليون درهم‪،‬‬

‫‪27‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وابتداءا من فاتح يناير ‪ 2011‬بالن�سبة للمن�ش�آت التي يفوق رقم �أعمالها �أو ي�ساوي‬
‫‪ 50‬مليون درهم دون احت�ساب ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪.‬‬
‫وموازاة مع التدابير المتخذة على الم�ستوى الت�شريعي والتنظيمي‪ ،‬فقد تمت‬
‫�إعادة هيكلة الإدارة ال�ضريبية بغية بلورة مزيد من �سيا�سة القرب عن طريق �أق�سام‬
‫وم�صالح ح�سب نوعية الملزمين و�أهمية ن�شاطهم‪ ،‬وبذلك تم �إحداث وحدات‬
‫�إدارية مكلفة بالأ�شخا�ص الطبيعيين و�أخرى بالأ�شخا�ص االعتباريين‪ ،‬كما تم خلق‬
‫وحدات خا�صة بالمن�ش�آت الكبرى ال�سيما على �صعيد كل من مدينتي الرباط والدار‬
‫البي�ضاء‪.‬‬
‫�إن مختلف هذه التدابير �سواء المتعلقة منها بتطوير وتحديث المنظومة القانونية‬
‫�أو البنيات المعلوماتية والتوا�صلية �أو بت�أهيل الإدارة ال�ضريبية �إنما ت�ستهدف بالأ�سا�س‬
‫تح�سين مناخ الثقة بين هذه الإدارة وبين الملزم بال�ضريبة ودعم مرتكزات‬
‫المواطنة الجبائية ورفع م�ستوى الح�س الح�ضاري لدى الملزم‪ ،‬كما �ستمكن هذه‬
‫التدابير من تي�سير الولوج �إلى المعلومة ال�ضريبية �سواء بالن�سبة للعاملين في �إدارة‬
‫ال�ضرائب �أو بالن�سبة للمتعاملين معها‪.‬‬
‫ومن جانب �آخر فالمديرية العامة لل�ضرائب ت�سعى جاهدة �إلى تح�سين م�ستوى‬
‫توا�صلها مع ال�سادة الق�ضاة‪� ،‬إيمانا منها ب�أن التوا�صل الفعال والم�ستمر هو الذي‬
‫ي�ضمن التطبيق الأمثل والفهم ال�سليم للقانون ال�ضريبي‪.‬‬
‫وينبغي الت�أكيد في هذا ال�صدد على �أن الق�ضاء الإداري يحظى باحترام كبير من‬
‫طرف �إدارة ال�ضرائب التي ت�سهر على تنفيذ الأحكام والقرارات النهائية ال�صادرة‬
‫عنه‪ ،‬وتحر�ص ما �أمكن على تطبيق االجتهادات ال�صادرة عنه في الممار�سة العملية‬
‫داخل الإدارة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ال�سيد الوزير‪،‬‬
‫ال�سيد الرئي�س الأول‪،‬‬
‫ال�سيد الوكيل العام للملك‪،‬‬
‫�أيها الح�ضور الكريم‪،‬‬
‫�إن عقد مثل هذه الندوة العلمية الإ�شعاعية مع هيئة الق�ضاء وعلى ر�أ�سها المجل�س‬
‫الأعلى من �ش�أنه �إثراء العمل الإداري واالجتهاد الق�ضائي على حد �سواء‪ ،‬كما �أنه‬
‫ي�سهم ب�شكل ملمو�س في �ضمان التطبيق ال�سليم للن�صو�ص القانونية ال�ضريبية‪.‬‬
‫ويحذوني �أمل كبير في �أن تكون ح�صيلة هذه الندوة غنية بالأفكار والمقترحات‬
‫التي تتوخى بالأ�سا�س فهم الن�صو�ص القانونية وتبادل الآراء حول م�ضمونها ومجال‬
‫تطبيقها وحدودها‪ ،‬ومن تم النظر فيما �إذا كانت ال�ضرورة ت�ستدعي تدخال ت�شريعيا‬
‫ب�ش�أن بع�ضها‪.‬‬
‫وفي الختام �أود �أن �أتقدم بجزيل ال�شكر �إلى ال�سيد الرئي�س الأول للمجل�س‬
‫الأعلى وال�سيد الوكيل العام للملك لديه‪ ،‬اللذين عبرا عن �إرادتهما في �أن تكت�سي‬
‫هذه الندوة طابعا عمليا بعيدا عن الخو�ض في الطروحات والأفكار النظرية‪،‬‬
‫كما �أتمنى لهذا الملتقى كامل التوفيق والنجاح‪ ،‬حتى يت�سنى لكافة الم�شاركين‬
‫اال�ستفادة من العرو�ض القيمة التي �سيلقيها على م�سامعكم خالل هذه الندوة‬
‫ال�سادة المتدخلون من ق�ضاة و�أطر �إدارية وهم ثلة من الكفاءات المتميزة من‬
‫ذوي الخبرة‪ ،‬والتي �ستعقبها ‪ -‬كما نتطلع �إلى ذلك ‪ -‬مناق�شة هامة نتمنى �أن‬
‫ت�سهم بدورها في بلورة تو�صيات مهمة من �ش�أنها �إثراء التر�سانة القانونية لل�ضرائب‬
‫و�إغناء العمل الق�ضائي والممار�سة الإدارية ببالدنا‪.‬‬
‫�أتقدم بجزيل ال�شكر لكل من �ساهم من قريب �أو بعيد في تنظيم هذه الندوة‪.‬‬
‫وفقنا اهلل لما فيه خير هذه البالد تحت قيادة عاهلنا المفدى جاللة الملك محمد‬
‫ال�ساد�س ن�صره اهلل و�أيده‪.‬‬
‫وال�سالم عليكم ورحمة اهلل‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪30‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫المداخـــــالت‬

‫‪31‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪32‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الأ�سباب المبررة للنق�ض في المنازعات ال�ضريبية‬


‫على �ضوء قرارات المجل�س الأعلى‬
‫الأ�ستاذ محمد محجوبي‬
‫م�ست�شار بالغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى‬

‫مما ال جدال فيه �أن الهدف من وجود المجل�س الأعلى كمحكمة للنق�ض تتربع‬
‫على قمة التنظيم الق�ضائي للمملكة‪ ،‬يتمثل في تحقيق مبد�أ م�ساواة المتقا�ضين �أمام‬
‫القانون عن طريق تج�سيد وحدة الق�ضاء ووحدة القانون على حد �سواء‪ ،‬وهذا‬
‫هو وجه الم�صلحة العامة بذاته (‪ ،)1‬ذلك �أن من �ش�أن التطبيق ال�صحيح للقانون‬
‫كما �أراده الم�شرع �ضمان اال�ستقرار الق�ضائي والقانوني داخل المجتمع‪ ،‬لذا ف�إن‬
‫ق�ضاة المجل�س الأعلى هم ق�ضاة قانون ولي�سوا ق�ضاة واقع‪ ،‬كما �أن المتقا�ضين‬
‫�أمام محكمة النق�ض لي�سوا هم الخ�صوم كما كانوا �أمام محاكم المو�ضوع‪ ،‬و�إنما‬
‫هي الأحكام والقرارات ال�صادرة من هذه المحاكم(‪.)2‬‬

‫(‪ )1‬فالم�شرع لما �أحدث المجل�س الأعلى كمحكمة واحدة للنق�ض‪ ،‬كان الغر�ض من ذلك هو تحقيق وحدة الق�ضاء‪،‬‬
‫�أي جعل مختلف محاكم المملكة تقتدي بر�أيه القانوني دونما اختالف فيما بينها �إن هي �سارت على هديه في تف�سير‬
‫القانون باعتباره محكمة قانون‪ ،‬بخالف محاكم المو�ضوع‪ ،‬التي و�إن كانت هي الأخرى مطالبة بتطبيق القانون‪� ،‬إال‬
‫�أن تعددها وتنوعها من �ش�أنه �أن ي�ؤدي �إلى اختالف وجهات نظرها بال�ضرورة‪ ،‬لذلك فالمجل�س الأعلى ال يراقب‬
‫من حيث المبد�أ الحكم �أو القرار المطعون فيه في �شقه الواقعي‪ ،‬الذي ال يتعلق بالم�صلحة العامة‪ ،‬و�إنما يقت�صر‬
‫على الم�صلحة الخا�صة للمتقا�ضين ب�صفة �أ�سا�سية‪ ،‬و�إن كان اقت�صار المجل�س الأعلى على مراقبة ال�شق القانوني‬
‫للحكم مو�ضوع الطعن بالنق�ض يحقق م�صلحة خا�صة للأفراد �أي�ضا‪� ،‬إال �أن هذه الم�صلحة لي�ست هي الهدف‬
‫الأ�سا�سي المق�صود مبا�شرة‪.‬‬
‫(‪ ) 2‬لمزيد من االطالع‪ ،‬راجع �أطروحة الدكتوراه لمحمد زكي �أبو عامر ‪�« :‬شائبة الخط�أ في الحكم الجنائي»‪� ،‬ص ‪208‬‬
‫وما بعدها‪ ،‬من�شورة �سنة ‪ 1985‬من دون بيانات �أخرى‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ومن المعلوم �أي�ضا �أن الطعن بالنق�ض يندرج �ضمن طرق الطعن غير العادية(‪،)3‬‬
‫وهو كذلك لأنه ال يمكن ولوجه �إال في حاالت محددة بن�ص القانون‪ ،‬وبالتالي فلي�س‬
‫لطالب النق�ض �أن يبدي ما ي�شاء من �أوجه الطعن في طلبه‪ ،‬و�إنما عليه �أن يتقيد بما‬
‫ن�ص عليه القانون على �سبيل الح�صر‪ ،‬و�إال كانت الو�سيلة �أو ال�سبب غير مقبول‪.‬‬
‫فقد حدد الم�شرع المغربي في الف�صل ‪ 359‬من قانون الم�سطرة المدنية �أ�سباب‬
‫الطعن بالنق�ض(‪ )4‬التي ال يمكن �أن يرتكز الطاعن �إال على واحدة منها �أو على‬
‫بع�ضها �أو عليها جمعاء‪ ،‬لكن دون غيرها(‪.)5‬‬
‫ومن جهته‪ ،‬فالمجل�س الأعلى يقت�صر نظره على الرد على �أ�سباب النق�ض المثارة‬
‫�أمامه على الوجه المذكور‪ ،‬المتم�سك بها من طرف طالب النق�ض‪ ،‬اللهم ما تعلق‬
‫ب�إمكانية �إثارته و�سائل بكيفية تلقائية عندما يتعلق الأمر بالم�سا�س بالنظام العام‪.‬‬
‫لذلك فطلب النق�ض يعتبر غاية في الدقة‪� ،‬سواء من حيث قبوله من الناحية‬
‫ال�شكلية‪� ،‬أو من حيث اال�ستجابة �إليه التي تقت�ضي نق�ض الحكم �أو القرار المطعون‬
‫فيه و�إحالة الملف �إلى نف�س المحكمة التي �أ�صدرته �أو �إلى محكمة �أخرى م�ساوية‬
‫لها في الدرجة والنوع لتبت فيه من جديد طبقا للقانون‪ ،‬ما لم يقت�ض الأمر النق�ض‬
‫من دون �إحالة(‪.)6‬‬

‫فقد ن�صت الفقرة الأولى من الف�صل ‪ 353‬من قانون الم�سطرة المدنية على �أن المجل�س الأعلى يبت‪« :‬ما لم ي�صدر‬ ‫(‪) 3‬‬
‫ن�ص �صريح بخالف ذلك‪ ،‬في‪:‬‬
‫‪ - 1‬الطعن بالنق�ض �ضد الأحكام االنتهائية ال�صادرة عن جميع محاكم المملكة‪ ،‬با�ستثناء‪ :‬الطلبات التي تقل قيمتها‬ ‫ ‬
‫عن ع�شرين �ألف درهم‪ ،‬والطلبات المتعلقة با�ستيفاء واجبات الكراء والتحمالت الناتجة عنه �أو مراجعة ال�سومة‬
‫الكرائية‪.»...‬‬
‫وهي خم�سة‪ ،‬تتمثل في خرق القانون الداخلي‪ ،‬والمق�صود به القانون النافذ داخل المملكة بمعناه الوا�سع‪ ،‬وخرق‬ ‫(‪) 4‬‬
‫قاعدة م�سطرية �أ�ضر ب�أحد الأطراف‪ ،‬وانعدام التعليل‪ ،‬لمزيد من االطالع‪ ،‬راجع بحثا للأ�ستاذ محمد بناني‪،‬‬
‫من�شور بالتقرير ال�سنوي للمجل�س الأعلى‪ ،‬عن ال�سنة الق�ضائية ‪ ،1998‬مطبعة الأمنية بالرباط‪ ،‬دجنبر ‪� ،1999‬ص‬
‫‪ 47‬وما بعدها‪.‬‬
‫هذا ف�ضال عن «تحريف العقود» الذي يعد �سببا من �إ�ضافة االجتهاد الق�ضائي‪ ،‬المرجع ال�سابق‪� ،‬ص ‪.39‬‬ ‫(‪) 5‬‬
‫تراجع الف�صول من ‪� 354‬إلى ‪ 359‬من قانون الم�سطرة المدنية بوجه خا�ص‪.‬‬ ‫(‪ )6‬‬

‫‪34‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وبما �أن المجل�س الأعلى محكمة قانون‪ ،‬فلي�س لكل من خ�سر دعواه �أمام �إحدى‬
‫محاكم المو�ضوع �أن يبلغ مراده �إن هو طعن بالنق�ض‪ ،‬و�إنما ال بد له من التقيد‬
‫‪ -‬كما �سلفت الإ�شارة ‪ -‬ب�أ�سباب النق�ض المح�صورة قانونا‪ ،‬و�أن يترك جانبا ال�شق‬
‫المو�ضوعي من النزاع قبل التفكير في طرق باب المجل�س الأعلى(‪ ،)7‬ومن ثم ف�إن‬
‫التقيد ب�أ�سباب الطعن بالنق�ض من طرف الطاعن كما حددها الم�شرع‪ ،‬وو�ضوح‬
‫هذه الأ�سباب‪ ،‬من �ش�أنه �أن ينير الطريق �أمام طالب النق�ض ويي�سر عمل المجل�س‬
‫الأعلى �أي�ضا‪.‬‬
‫هذا وقد ف�ضل الم�شرع الفرن�سي في الف�صل ‪ 604‬من قانون الم�سطرة المدنية‬
‫عدم تعداد �أ�سباب الطعن بالنق�ض وجعلها �سببا واحدا فقط‪ ،‬وهو مخالفة الحكم‬
‫�أو القرار المطعون فيه لقواعد القانون(‪� ،)8‬أما الم�شرع المغربي فقد عدد �أ�سباب‬
‫الطعن بالنق�ض وفق ما �سبقت الإ�شارة �إليه‪.‬‬
‫ومما ال �شك فيه �أن جميع �أ�سباب الطعن بالنق�ض تتمثل في مخالفة القانون بوجه‬
‫عام(‪ ،)9‬وهي على تعدادها في خم�سة ح�سب ن�ص الف�صل ‪ 359‬من قانون الم�سطرة‬
‫المدنية المغربي‪ ،‬ف�ضال عن ال�سبب الم�ضاف بموجب االجتهاد الق�ضائي‪ ،‬ال تعدو‬
‫�أن تمثل �إما مخالفة لقواعد القانون المو�ضوعي �أو مخالفة لقواعد قانون ال�شكل‪.‬‬
‫(‪ )7‬وذلك ال يعني �أن المجل�س الأعلى ال يراقب محاكم المو�ضوع من حيث الوقائع‪ ،‬و�إنما له ذلك‪ ،‬عندما يكون الحكم‬
‫�أو القرار المطعون فيه غير مبرر فيما انتهى �إليه من نتيجة في منطوقه ا�ستنادا �إلى وقائع النازلة‪� ،‬أو عندما يعمل على‬
‫تحريف تلك الوقائع مثال‪ ،‬فيو�صف عندئذ بنق�صان �أو بف�ساد التعليل المنزل منزلة انعدامه الموجب للنق�ض‪.‬‬
‫(‪ ) 8‬فقد ن�ص في الف�صل المذكور على ما يلي‪:‬‬
‫‪ « Le pourvoi en cassation tend à faire censurer par la cour de cassation la non-‬‬
‫‪conformité du jugement qu’il attaque aux règles de droit ».‬‬
‫انظر في تو�ضيح ذلك‪:‬‬ ‫ ‬
‫‪- Jacque BORE : « La cassation en matière civile »,préface de Pièrre RAYNAUD, Sirey,‬‬
‫‪Paris 1980, N° 1054 et N° 2041.‬‬
‫‪- Joéle FOSSERALL : « Cas d’ouverture à cassation », Juris classeur, procédure civile,‬‬
‫‪T.5, 1981, Fasc, 769, N° 1..‬‬
‫(‪ )9‬انظر تف�صيل تلك الفكرة عند‪:‬‬
‫‪- R. Martin : « Le font et le droit », J.C.P, 1974-I, N° 2625.‬‬
‫‪- R. Morel : « Traité élémentaire de procédure civile », Paris, Sirey, 1949, 3ème éd, N°‬‬
‫‪659.‬‬
‫‪- J. Vincent : « Procédure civile », éd.19, Paris 1978, N° 663.‬‬

‫‪35‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫فما هي �إذن الأ�سباب المبررة للنق�ض في المنازعات ال�ضريبية مو�ضوع هذا‬


‫البحث؟‬
‫من خالل اطالعنا على بع�ض القرارات الحديثة للمجل�س الأعلى(‪ )10‬القا�ضية‬
‫بنق�ض بع�ض قرارات محكمتي اال�ستئناف الإداريتين بكل من الرباط ومراك�ش(‪،)11‬‬
‫تبين لنا �أن مجمل و�سائل �أو �أ�سباب النق�ض التي ا�ستجاب لها المجل�س الأعلى في‬
‫المنازعات ال�ضريبية تكاد تقت�صر على مخالفة القانون‪� ،‬أو انعدام التعليل‪ ،‬وبما‬
‫�أن ال�سبب الأول المذكور ينتمي �إلى الأ�سباب التي تتعلق بالمو�ضوع‪ ،‬وال�سبب‬
‫الثاني له عالقة بال�شكل‪ ،‬ف�إن الترتيب المنطقي لها يقت�ضي منا البداية بال�سبب الثاني‬
‫قبل ال�سبب الأول‪.‬‬
‫�أوال ‪� :‬أ�سباب النق�ض المبنية على انعدام التعليل‬

‫يق�صد بالتعليل تبرير منطوق الحكم �أو القرار المطعون فيه بكيفية منطقية‬
‫وم�ست�ساغة عقال(‪ ،)12‬ف�إذا كانت المقدمات التي �سلكتها محكمة المو�ضوع ال‬
‫ت�ؤدي من الناحية المنطقية ال�سليمة �إلى النتيجة التي تو�صلت �إليها كان تعليل‬
‫الحكم فا�سدا‪ ،‬مما يعر�ضه للنق�ض‪� ،‬إذ يجب �أن تكون كل واقعة مقدمة منطقية لما‬
‫بعدها ونتيجة منطقية لما قبلها‪ ،‬و�إال لما ا�ستطاع المجل�س الأعلى ب�سط رقابته على‬
‫تطبيق القانون‪ ،‬وبالتالي ف�إن انتفاء التالزم المنطقي بين النتيجة التي انتهت �إليها‬
‫محكمة المو�ضوع في منطوق حكمها وبين عنا�صر اال�ستدالل الواقعية التي ثبتت‬
‫لديها يمثل �إحدى �صور ف�ساد التعليل المنزل منزلة انعدامه(‪.)13‬‬

‫(‪ ) 10‬لقد تعمدت االقت�صار على قرارات المجل�س الأعلى المتعلقة بالمو�ضوع ال�صادرة عنه باعتباره محكمة نق�ض‬
‫بعد �إحداث محاكم ا�ستئناف �إدارية‪ ،‬وربما لهذا ال�سبب لم �أعثر منها �إال على القليل‪ ،‬خا�صة و�أنني اقت�صرت على‬
‫القرارات القا�ضية بالنق�ض دون غيرها‪ ،‬وهي لم ت�صدر �إال بداية من �سنة ‪ 2009‬على وجه الخ�صو�ص‪.‬‬
‫(‪ ) 11‬وحبذا لو تم �إحداث محكمة ا�ستئناف �إدارية بفا�س في القريب العاجل نظرا لكثرة الق�ضايا المتراكمة‬
‫بمحكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط‪ ،‬وهو مطلب �سبق �أن نادينا به في منا�سبات عديدة نتمنى تحقيقه‪...‬‬
‫(‪ ) 12‬انظر محمد بناني‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.48‬‬
‫(‪ )13‬انظر �أحمد مليجي‪�« :‬أوجه الطعن بالنق�ض المت�صلة بواقع الدعوى»‪� ،‬ص ‪ 108‬وما بعدما‪ ،‬دار النه�ضة‬
‫العربية بالقاهرة‪.1988 ،‬‬

‫‪36‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ومن بين التطبيقات العملية لف�ساد التعليل المنزل منزلة انعدامه‪� ،‬أن محكمة‬
‫اال�ستئناف الإدارية(‪ )14‬اعتبرت ب�أنه لم يثبت لديها تبليغ الم�ست�أنف عليه (الملزم)‬
‫بالإ�شعار بفح�ص المحا�سبة‪ ،‬ف�أيدت حكم المحكمة الإدارية التي ق�ضت ب�إلغاء‬
‫ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة المفرو�ضة على المدعي‪ ،‬بينما �صح لدى المجل�س‬
‫الأعلى(‪ )15‬ما نعته �إدارة ال�ضرائب على القرار المطعون فيه ‪« :‬ذلك �أن المطلوب في‬
‫الطعن يقر �صراحة ب�أنه تو�صل ب�إ�شعار بتاريخ ‪ 2004/12/13‬تخبره فيه �إدارة ال�ضرائب ب�أن‬
‫مفت�شا �سوف يزوره بتاريخ ‪ 2004/12/29‬على ال�ساعة التا�سعة �صباحا ق�صد االطالع على‬
‫الوثائق المتعلقة بت�صريحاته ال�ضريبية»‪.‬‬
‫وينتج نق�صان التعليل المنزل منزلة انعدامه كذلك عن عدم كفاية الأ�سباب‬
‫الواقعية‪ ،‬التي ارتكز عليها الحكم �أو القرار المطعون فيه‪ ،‬وهي الأ�سباب التي‬
‫تبرر الواقع الذي ا�ستخل�صه قا�ضي المو�ضوع(‪ ،)16‬وبالتالي فالق�صور في �أ�سباب‬
‫الحكم الواقعية ي�ؤدي �إلى نق�ضه(‪ ،)17‬لأن ذلك يحول دون مراقبة المجل�س الأعلى‬
‫لمدى تطبيق القانون من لدن قا�ضي المو�ضوع على وقائع الدعوى تطبيقا �صحيحا‪،‬‬
‫بخالف عدم كفاية الأ�سباب القانونية‪ ،‬حيث �إن هذا ال يعيق المجل�س الأعلى عن‬
‫ب�سط رقابته متى كانت الأ�سباب الواقعية من �ش�أنها �أن ت�ؤدي �إلى نف�س النتيجة‬
‫والحال ما ذكر‪� ،‬إذ في هذه الحالة يمكن للمجل�س �أن ي�صحح الأ�سباب القانونية‬
‫الخاطئة وال ي�صرح بالنق�ض‪.‬‬
‫وينتج عيب عدم كفاية الأ�سباب الواقعية للحكم الذي يمثل نق�صانا في التعليل‪،‬‬
‫عن العر�ض غير الكامل للوقائع‪ ،‬مما ال يتمكن معه المجل�س الأعلى من مراقبة‬
‫مدى تطبيق القانون على وقائع النازلة‪.‬‬
‫(‪ )14‬يتعلق الأمر بقرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط ال�صادر بتاريخ ‪ 2009/1/8‬في الملف رقم ‪،9/07/317‬‬
‫(غير من�شور)‪.‬‬
‫(‪ ) 15‬قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 509‬بتاريخ ‪ 2010/06/14‬في الملف الإداري رقم ‪( 2010/1/4/455‬غير‬
‫من�شور)‪.‬‬
‫(‪ ) 16‬راجع �أحمد �أبو الوفا ‪« :‬نظرية الأحكام» بند ‪� 127‬ص ‪...291‬‬
‫(‪ )17‬وهو ما ن�ص عليه الم�شرع الم�صري �صراحة في الفقرة ‪ 3‬من المادة ‪ 178‬في قانون المرافعات التي ورد فيها‪:‬‬
‫«الق�صور في �أ�سباب الحكم الواقعية والنق�ص �أوالخط�أ الج�سيم في �أ�سماء الخ�صوم‪ ،‬وكذا عدم بيان �أ�سماء‬
‫الق�ضاة الذين �أ�صدروا الحكم يترتب عليه بطالن الحكم»‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ويندرج �ضمن هذه الحالة عدم مناق�شة محكمة المو�ضوع لوثائق �أحد‬
‫الطرفين‪ ،‬بالرغم مما لها من �أثر على نتيجة الحكم‪.‬‬
‫فقد �صح لدى المجل�س الأعلى ما عابته �إدارة ال�ضرائب على القرار المطعون‬
‫فيه (‪« : )18‬ذلك �أن المحكمة‪ ،‬ورغم تم�سك الطاعن بالقانون الت�أ�سي�سي ل�شركة(كذا)‬
‫والقانون الت�أ�سي�سي ل�شركة (كذا) اللذين ت�ضمنا التزاما �صريحا من المطلوب بو�ضع �شقتيه‬
‫بالرباط وتطوان رهن �إ�شارة ال�شركتين المذكورتين ابتداء من تاريخ التوقيع على القانون‬
‫الت�أ�سي�سي لكال ال�شركتين‪ ،‬ف�إنها لم تناق�ش هاتين الوثيقتين رغم ما لهما من �أثر في النزاع‬
‫بمراعاة مقت�ضيات المادة ‪ 82‬من القانون رقم ‪ 89.17‬المتعلق بال�ضريبة العامة على الدخل‪،‬‬
‫مما جاء معه قرارها ناق�ص التعليل الموازي النعدامه ومعر�ضا للنق�ض»(‪.)19‬‬
‫كما ثبت لدى نف�س المجل�س في نازلة �أخرى �أن الطاعن (مدير ال�ضرائب)‬
‫�أدلى رفقة مقاله اال�ستئنافي بالمرا�سالت الموجهة من طرفه �إلى الملزم (المطلوب‬
‫في النق�ض) ومالحظات العون المكلف بالتبليغ ب�ش�أن كل ر�سالة على حدة‪،‬‬
‫و�أن المحكمة عندما عللت قرارها المطعون فيه(‪ )20‬ب�أنه ‪ ...« :‬بينما لم تدل �إدارة‬
‫ال�ضرائب‪ ،‬بالرغم من تكليفها بذلك من طرف ال�سيد القا�ضي المقرر في المرحلة االبتدائية‬
‫بما يثبت �أن التبليغ تم لمن ذكروا‪ ،‬و�إنما اقت�صرت على الإ�شارة �إلى �أن محاولة التبليغ‬
‫تمت ل�شخ�ص يظهر �أنه قد يكون حار�سا للمقلع‪ ،‬من دون معرفة ا�سمه الكامل وال عالقته‬
‫بالمدير (الم�ست�أنف عليه)‪ ،‬حتى يمكن ترتيب الآثار القانونية على رف�ضه الت�سليم ب�ش�أن‬
‫الم�سطرة التواجهية للملزم من طرفه‪ ،‬ف�إنها تكون قد خرقت فعال مقت�ضيات المواد ‪ 28‬و‪56‬‬
‫مكرر من القانون رقم ‪ 85.30‬و‪ 103‬و‪ 112‬مكرر من القانون رقم ‪ ،89.17‬بما �أنها لم تناق�ش‬
‫الوثائق المدلى بها‪ ،‬علما ب�أن اال�ستئناف ين�شر الدعوى‪ ،‬وكان على المحكمة �أن تناق�ش‬

‫(‪ ) 18‬وهو قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط ال�صادر بتاريخ ‪ ،2007/11/07‬في الملف رقم ‪،9/06/28‬‬
‫(غير من�شور)‪.‬‬
‫(‪ ) 19‬قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 159‬بتاريخ ‪ 2009/52/25‬في الملف الإداري رقم ‪( 2008/2/4/304‬غير‬
‫من�شور)‪.‬‬
‫(‪ )20‬وهو قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط ال�صادر بتاريخ ‪ 2007/03/21‬في الملفين رقم ‪9/06/22‬‬
‫و‪ ،9/06/17‬اللذين �ضما �إلى الملف رقم ‪( 9/06/14‬غير من�شور)‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الوثائق المدلى بها �أمامها‪ ،‬وهي لما لم تفعل‪ ،‬فقد عر�ضت قرارها للنق�ض»(‪.)21‬‬
‫كما �صح لدى المجل�س الأعلى ما عابه الطاعن (الملزم) على القرار المطعون‬
‫فيه في نزاع حول ال�ضريبة العامة على الدخل وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪،‬‬
‫«ذلك �أن محكمة اال�ستئناف الإدارية(‪ )22‬لم تناق�ش العقد الم�سجل الذي تنازل بمقت�ضاه‬
‫الطاعن عن البقعة الأر�ضية في ‪ 1987/9/3‬لفائدة (�شخ�صين) خالية من البناء‪ ،‬واللفيف‬
‫المتعلق بالبناء الم�ؤرخ في ‪ ،2003/4/23‬ولم تجر �أي بحث لمعرفة ما �إذا كان الفر�ض‬
‫ال�ضريبي مبنيا على وقائع ثابتة �أم ال‪ ،‬فجاء قرارها ناق�ص التعليل الموازي النعدامه وعر�ضته‬
‫للنق�ض»(‪.)23‬‬
‫ومن جملة ما يعيب الحكم المطعون فيه بالنق�ض �أي�ضا عدم جوابه على �أحد‬
‫الدفوع الم�ؤثرة على النزاع‪ ،‬فقد «�صح ما نعاه الطاعنون (الملزمون) على القرار‬
‫المطعون فيه‪ ،‬ذلك �أن البائعين ثالثة �أ�شخا�ص‪ ،‬لكل واحد منهم ح�صته في المبيع‪ ،‬والعقد‬
‫المدلى به ي�شير بو�ضوح �إلى ح�صة كل واحد‪ ،‬والمحكمة لم تجب على الدفع المثار ب�ش�أن‬
‫الح�ص�ص العائدة للبائعين وعدم جواز فر�ض ال�ضريبة على ح�صة كل من (فالن وفالن)‬
‫لعدم خ�ضوعهما لها‪ ،‬ب�سبب كون قيمة ح�صة كل واحد منهما تقل عن �ستين �ألف درهم‪،‬‬
‫مما يكون معه القرار المطعون فيه(‪ )24‬ناق�ص التعليل على نحو ينزل منزلة انعدامه ويعر�ضه‬
‫للنق�ض»(‪.)25‬‬

‫(غير‬ ‫‪2007/2/4/385‬‬ ‫في الملف الإداري رقم‬ ‫‪2009/3/4‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫(‪ )21‬قرار المجل�س الأعلى عدد‬
‫‪176‬‬
‫من�شور)‪.‬‬
‫(‪ ) 22‬وهو قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بمراك�ش ال�صادر بتاريخ ‪ ،2008/1/29‬في الملف رقم ‪( 7/9/43‬غير‬
‫من�شور)‪.‬‬
‫(‪ )23‬قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 129‬بتاريخ ‪ ،2010/2/17‬في الملف الإداري رقم ‪( ،2009/2/4/370‬غير‬
‫من�شور)‪.‬‬
‫(‪ ) 24‬وهو قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط عدد ‪ 415‬ال�صادر بتاريخ ‪ 2008/4/3‬في الملف رقم ‪9/07/245‬‬
‫(غير من�شور)‪.‬‬
‫(‪ ) 25‬قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 505‬بتاريخ ‪ 2010/6/24‬في الملف الإداري رقم ‪( 2009/2/4/1171‬غير‬
‫من�شور)‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫والحقيقة �أن محكمة اال�ستئناف الإدارية في قرارها المذكور �أجابت عن الدفع‬


‫المثار �أمامها‪� ،‬إال �أنها �أخط�أت في تكييف الواقعة‪� ،‬إذ ورد في تعليلها �أنه «بالرجوع‬
‫�إلى عقد البيع المدلى به �ضمن وثائق الملف‪ ،‬يتبين من خالله �أن محل هذا البيع ان�صب‬
‫على قطعة �أر�ضية فالحية‪ ،‬و�أنه ت�ضمن �إ�شارة �إلى ح�ص�ص كل واحد من البائعين‪� ،‬إال �أن‬
‫ثمن بيعها لم يكن ب�صورة منفردة وم�ستقلة بع�ضها عن البع�ض‪ ،‬كي يت�سنى ت�ضريب كل‬
‫�شريك باعتبار ن�صيبه من ثمن البيع‪ ،‬بل تم تقويم البيع بثمن �إجمالي‪ ،‬مما يبقى معه ال�سبب‬
‫المعتمد في هذا ال�صدد غير جدير باالعتبار»‪.‬‬
‫و�أحيانا قد ي�ست�شف ف�ساد التعليل من ذلك الذي ينبني على وقائع مخالفة‬
‫للواقع‪ ،‬فقد �صح لدى المجل�س الأعلى ما عابته ملزمة على القرار المطعون فيه‬
‫بالنق�ض(‪ )26‬الذي بنى ق�ضاءه على �أن العقار مو�ضوع الت�ضريب محل النزاع‬
‫خا�ضع لل�ضريبة على الأرا�ضي غير المبنية‪ ،‬في حين �أنه يتوفر على بناء قائم من‬
‫خالل الثابت من ال�شهادة الم�سلمة للملزمة من �إدارة ال�ضرائب‪ ،‬التي تفيد �أنه �شاغر‬
‫ومعفى من ال�ضريبة الح�ضرية ب�سبب تداعي البناية المقامة عليه لل�سقوط‪ ،‬وهي‬
‫نف�س الواقعة التي �أكدتها الخبرة المنجزة في الملف‪ ،‬وبالتالي ال يمكن �إخ�ضاعه‬
‫لل�ضريبة على الأرا�ضي غير المبنية‪ ،‬ما دام خا�ضعا لل�ضريبة الح�ضرية (و�إن كان‬
‫معفى منها م�ؤقتا لكونه �شاغرا)‪ ،‬و�إال ف�إن ذلك يعد ازدواجا �ضريبيا‪ ،‬مما �أدى �إلى‬
‫نق�ض القرار المطعون فيه(‪.)27‬‬
‫ثانيا ‪� :‬أ�سباب النق�ض المبنية على مخالفة القانون‬

‫لئن كان عيب انعدام التعليل المبرر للنق�ض يمثل مخالفة القانون بمعناه‬
‫الوا�سع‪ ،‬ف�إنه من جهة ينتمي �إلى عيوب ال�شكل‪ ،‬ومن جهة �أخرى فهو يقت�ضي‬
‫‪ -‬كما مر ‪ -‬عدم كفاية الأ�سباب الواقعية المبررة للمنطوق‪.‬‬
‫‪9/07/666‬‬ ‫(‪ ) 26‬وهو قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط ال�صادر بتاريخ ‪ ،2008/11/20‬في الملف رقم‬
‫(غير من�شور)‪.‬‬
‫(‪ ) 27‬وذلك بموجب قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 705‬بتاريخ ‪ 2009/12/2‬في الملف الإداري رقم ‪2009/2/4/246‬‬
‫(غير من�شور)‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫بينما عيب مخالفة القانون بمعناه ال�ضيق ينتمي �إلى العيوب المو�ضوعية‪ ،‬ف�ضال‬
‫عن �أنه يفتر�ض �أن الحكم �أو القرار المطعون فيه متوفر على �أ�سبابه الواقعية‪� ،‬إال‬
‫�أن قا�ضي المو�ضوع �أخط�أ في تطبيق القانون على الواقع �أو �أنه �أخط�أ في تف�سيره‪،‬‬
‫مما �أثر على وجه الحكم‪� ،‬إذ لوال ذلك الخط�أ لق�ضت المحكمة بخالف ما جاء‬
‫في منطوقها‪� ،‬أما �إذا طبقت ن�صا قانونيا �آخر غير ذلك الواجب التطبيق‪ ،‬ومع ذلك‬
‫كان حكمها �سليما في نتيجته‪� ،‬أو �أنها لم تذكر الن�ص القانوني المطبق على النازلة‬
‫و�صادفت ال�صواب فيما انتهت �إليه مثال‪ ،‬فكل هذا ال يعيب الحكم في �شيء‪.‬‬
‫ومن خالل القرارات ال�صادرة عن المجل�س الأعلى في المنازعات ال�ضريبية‬
‫التي اطلعنا عليها‪ ،‬والتي ق�ضت بالنق�ض �إما لعدم تطبيق القانون بكيفية �سليمة‪� ،‬أو‬
‫تطبيقه في غير محله‪ ،‬مما �أدى �إلى �إ�صدار �أحكام معيبة قانونا‪ ،‬نورد بع�ض النماذج‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫فلئن كان الف�صل ‪ 142‬من قانون الم�سطرة المدنية يوجب ت�ضمين مقال اال�ستئناف‬
‫وقائع النازلة‪ ،‬تحت طائلة عدم قبول اال�ستئناف‪ ،‬ف�إن «ما يق�صده الم�شرع في هذا‬
‫الباب هو عدم التن�صي�ص على الوقائع بالمرة‪� ،‬أما �إذا قام الم�ست�أنف با�ستعرا�ض الوقائع‬
‫في �أ�سباب ا�ستئنافه ب�شكل يجعل بالإمكان الإلمام بمحتواه»‪ ،‬ف�إن محكمة اال�ستئناف‪،‬‬
‫عندما تق�ضي «بعدم قبول اال�ستئناف لعدم التن�صي�ص على الوقائع �صراحة‪ ،‬تكون قد‬
‫�أ�ساءت تطبيق الف�صل ‪ 142‬من الموم�أ �إليه وعر�ضت قرارها للنق�ض»(‪.)28‬‬
‫وكذلك الأمر بالن�سبة للقرار اال�ستئنافي الذي �أخط�أ في تطبيق مقت�ضيات الف�صل‬
‫‪ 134‬من قانون الم�سطرة المدنية وق�ضى بعدم قبول اال�ستئناف لتقديمه خارج‬
‫�أجل الثالثين يوما المن�صو�ص عليه في هذا الف�صل‪.‬‬
‫ف�إذا كان المدير الجهوي لل�ضرائب (بمراك�ش) قد بلغ بالحكم الم�ست�أنف بتاريخ‬
‫‪ ،2007/1/30‬ف�إن انتهاء الأجل المذكور بتاريخ فاتح مار�س من نف�س ال�سنة لي�س من‬
‫(‪ ) 28‬راجع قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 111‬بتاريخ ‪ 2009/2/11‬في الملف الإداري رقم ‪( 2008/2/4/480‬غير‬
‫من�شور)‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�ش�أنه عدم قبول اال�ستئناف‪ ،‬كما ق�ضت بذلك المحكمة المطعون في قرارها(‪،)29‬‬
‫و�إنما هو اليوم الموالي الذي �صادف �إيداع المقال‪ ،‬والحال �أن الف�صل ‪ 512‬من‬
‫قانون الم�سطرة المدنية ن�ص �صراحة على اعتبار جميع الآجال المن�صو�ص عليها في‬
‫هذا القانون �آجاال كاملة‪ ،‬بحيث ال يعتد في الح�ساب باليوم الذي يتم فيه التبليغ‪،‬‬
‫وال باليوم الأخير الذي ينتهي فيه الأجل انطالقا من يوم ح�صول التبليغ(‪ ...)30‬مما‬
‫�أدى �إلى نق�ض القرار المطعون فيه‪.‬‬
‫وعندما تعمد محكمة المو�ضوع �إلى تطبيق ن�ص قانوني في غير محله‪ ،‬وي�ؤثر‬
‫ذلك على نتيجة قرارها‪ ،‬ف�إنه يكون عر�ضة للنق�ض‪ ،‬كما في نازلة دفعت فيها �إدارة‬
‫ال�ضرائب بخرق مقت�ضيات المادة ‪ 27‬من القانون المتعلق بال�ضرائب والر�سوم‬
‫الم�ستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬ذلك �أن العقارات المكرية للغير‪ ،‬ح�سب‬
‫ن�ص المادة الأولى من القانون المتعلق بال�ضريبة الح�ضرية‪ ،‬ال تخ�ضع لل�ضريبة‬
‫المذكورة‪ ،‬و�إنما تخ�ضع فقط لر�سم النظافة طبقا للمادة ‪ 26‬من نف�س القانون‪ ،‬على‬
‫�أ�سا�س قيمة �إيجارية كما هي محددة في المادة ‪ 27‬من نف�س القانون ال�سالف الذكر‪،‬‬
‫في حين �أن القرار مو�ضوع الطعن ارتكز في تحديد القيمة الإيجارية الواجب‬
‫اعتمادها في النازلة على مقت�ضيات المادة ‪ 6‬من قانون ال�ضريبة الح�ضرية‪ ،‬دون‬
‫مراعاة �أحكام المادة ‪� 27‬أعاله الواجبة التطبيق‪ ،‬فتعر�ض بذلك للنق�ض(‪.)31‬‬
‫و�أي�ضا‪ ،‬لما طبقت محكمة المو�ضوع مقت�ضيات المادتين ‪ 19‬و‪ 20‬من القانون‬
‫رقم ‪ 89.37‬المنظم لل�ضريبة الح�ضرية على النازلة‪ ،‬والحال �أن الأمر يتعلق‬
‫بالمنازعة في تقدير ال�ضريبة ولي�س في مبد�أ فر�ضها‪ ،‬بينما المدعي المطلوب في‬
‫النق�ض �أ�س�س دعواه على كون عقاره ال يوجد �ضمن دوائر الجماعات الح�ضرية‬
‫‪2/07/09/46‬‬ ‫(‪ )29‬وهو قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بمراك�ش ال�صادر بتاريخ ‪ 2007/7/31‬في الملف رقم‬
‫(غير من�شور)‪.‬‬
‫(‪ )30‬راجع قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 8‬بتاريخ ‪ 2009/1/7‬في الملف الإداري رقم ‪( 2007/2/4/606‬غير‬
‫من�شور)‪.‬‬
‫(‪ )31‬راجع قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 696‬بتاريخ ‪ 2009/12/2‬في الملف الإداري رقم ‪( 2008/2/4/815‬غير‬
‫من�شور)‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وال المناطق المحيطة بها‪ ،‬و�أنه غير خا�ضع لل�ضريبة الح�ضرية ور�سم النظافة‪ ،‬فقد‬
‫عر�ضت المحكمة المذكورة قرارها للنق�ض(‪.)32‬‬
‫‪82.17‬‬ ‫وبالمقابل‪ ،‬ف�إن المق�صود من مقت�ضيات المادة ‪ 18‬من القانون رقم‬
‫المتعلق بت�شجيع اال�ستثمارات ال�صناعية �أن المقاولة المعنية بالأمر ت�ستفيد من‬
‫الإعفاء من ر�سوم الت�سجيل عندما يت�ضمن عقد اقتناء الأر�ض بيان الغر�ض المعدة‬
‫له‪ ،‬والتزام المقاولة بتخ�صي�صها لهذا الغر�ض في �أجل ال يتعدى ‪� 24‬شهرا ابتداء‬
‫من تاريخ ت�سجيل العقد المذكور‪ ،‬وبالتالي فعبارة «التخ�صي�ص» الواردة بتلك‬
‫المادة ال تتطلب وجوب ح�صول المقاولة على �شهادة المطابقة‪ ،‬والمحكمة لما‬
‫اعتمدت تاريخ ح�صول الطاعنة على �شهادة المطابقة دون البحث فيما �إذا كانت‬
‫هذه الأخيرة قد خ�ص�صت الأر�ض المقتناة من طرفها لإنجاز م�شروعها عليها‬
‫داخل الأجل الم�شار �إليه �أعاله‪ ،‬تكون قد خالفت المقت�ضى القانوني المحتج‬
‫بخرقه وعر�ضت قرارها للنق�ض(‪.)33‬‬
‫وفي حاالت كثيرة‪ ،‬ف�إن المجل�س الأعلى يثير تلقائيا �أ�سباب النق�ض المتمثلة‬
‫في خرق القانون عندما يتعلق الأمر بمخالفة النظام العام‪ ،‬كما في حالة مخالفة‬
‫القرار المطعون فيه للأحكام المنظمة لالخت�صا�ص النوعي التي هي من النظام‬
‫العام‪ ،‬والتي تقت�ضي من المحكمة �إثارة عدم اخت�صا�صها تلقائيا‪� ،‬إذا �أغفل‬
‫الأطراف ذلك‪ ،‬كما في نازلة تقدم فيها المطلوب في النق�ض بدعوى تهدف �إلى‬
‫الحكم على الدولة و�إدارة الدرك الملكي ب�أداء مبالغ مالية ب�سبب ال�ضرر الذي‬
‫لحقه من جراء تغيير الإدارة المذكورة لوجه ا�ستعمال العين المكراة من �إ�سكان‬
‫دركيين �إلى معهد لتعليم المو�سيقى‪ ،‬فطولب ب�أداء �ضريبة المباني‪ ،‬و�أداها لإدارة‬
‫ال�ضرائب ح�سب ادعائه مع �أنه �أدلى بو�صوالت �أداء ال�ضريبة الح�ضرية ور�سم‬
‫النظافة‪ ،‬وق�ضت المحكمة االبتدائية له بتعوي�ض معين و�أيدت حكمها محكمة‬
‫(‪ )32‬راجع قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 304‬بتاريخ ‪ 2009/5/6‬في الملف الإداري رقم ‪( 2008/2/4/1049‬غير‬
‫من�شور)‪.‬‬
‫(‪ )33‬راجع قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 749‬بتاريخ ‪ 2009/12/16‬في الملف الإداري رقم ‪2009/2/4/298‬‬
‫(غير من�شور)‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫اال�ستئناف (العادية) مع تعديله بخف�ض المبلغ المحكوم به من دون �إثارة عدم‬


‫اخت�صا�ص الق�ضاء العادي‪ ،‬فق�ضى المجل�س الأعلى تلقائيا بنق�ض القرار المطعون‬
‫فيه من دون �إحالة‪ ،‬لمخالفته مقت�ضيات المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 90.41‬المحدثة‬
‫بموجبة محاكم �إدارية(‪.)34‬‬
‫وكذلك في نازلة �أخرى �أثار المجل�س الأعلى تلقائيا و�سيلة تتعلق بالنظام العام‪،‬‬
‫عندما اعتبرت محكمة اال�ستئناف الإدارية �أن م�سطرة التظلم �إلى مدير ال�ضرائب‬
‫�إجبارية تطبيقا لمقت�ضيات المادة ‪ 19‬من القانون المتعلق بال�ضريبة الح�ضرية‪ ،‬في‬
‫حين �أن النزاع يتعلق ب�ضريبة النظافة التي يرجع �أمر فر�ضها �إلى رئي�س الجماعة‬
‫المحلية طبقا للمادة الثانية من القانون رقم ‪ 89.30‬المتعلق بال�ضرائب والر�سوم‬
‫الم�ستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها‪ ،‬والذي جعلت مادته ‪ 16‬التظلم الإداري‬
‫م�س�ألة اختيارية‪ ،‬فانتهى الأمر بنق�ض القرار المطعون فيه(‪.)35‬‬

‫(‪ )34‬راجع قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 231‬بتاريخ ‪ 2007/3/7‬في الملف الإداري رقم ‪( 2004/2/4/2652‬غير‬
‫من�شور)‪.‬‬
‫(‪ ) 35‬راجع قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 356‬بتاريخ ‪ 2009/6/3‬في الملف الإداري رقم ‪( 2008/2/4/849‬غير‬
‫من�شور)‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫المنازعات الإدارية في المادة ال�ضريبية‬


‫�أو الطرق البديلة لت�سوية النزاعات الجبائية‬
‫ال�سيد محمد ال�شريقي‬
‫المدير الجهوي لل�ضرائب بمكنا�س‬

‫مقدمــة‬

‫المنازعة الجبائية هي تلك الحالة القانونية النا�شئة عن وجود خالف بين الملزم‬
‫والإدارة ال�ضريبية بمنا�سبة قيام هذه الأخيرة بتحديد وعاء ال�ضريبة وت�صفيتها‬
‫وتح�صيلها‪ ،‬ومن خ�صو�صيات هذه المنازعة �أنها منازعة على مراحل‪ ،‬بمعنى �أنها‬
‫ال ترفع ابتداء �إلى الق�ضاء‪ ،‬بل البد لها �أن تمر من مرحلة الطعن الإداري �أو الطعن‬
‫�أمام اللجان الإدارية ال�ضريبية‪ ،‬قبل اللجوء في المرحلة الأخيرة �إلى الق�ضاء‪،‬‬
‫الذي يتحمل عبء تحقيق التوازن بين المحافظة على المال العام وعدم �إهداره‬
‫وبين المحافظة على حقوق الملزميــن وتكري�س ال�ضمانات المخولة لهم بمقت�ضى‬
‫القانون‪.‬‬
‫وهكذا ت�ستغرق المنازعة الجبائية منذ لحظة ن�شوئها وعبر مختلف مراحلها‬
‫وقتا طويال قبل البث النهائي فيها‪ ،‬لذا يبقى من المفيد بالن�سبة لطرفي المنازعة‬
‫‪-‬الإدارة والملزم‪ -‬ح�سم الخالف القائم بينهما في مراحله الأولى‪.‬‬
‫ومن هنا تكت�سي المنازعات ال�ضريبية الإدارية كحلول بديلة لت�سوية الخالفات‬
‫النا�شئة عن عملية تحديد وعاء ال�ضريبة وت�صفيتها وتح�صيلها �أهمية ق�صوى لأنها‬
‫تمكن الإدارة من ت�صفية معظم النزاعات في مراحلها الأولى ومن تم ت�سهم ب�شكل‬
‫ال ي�ستهان به في تخفيف العبء على الق�ضاء وعدم �إثقال كاهل المحاكم بالق�ضايا‬

‫‪45‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫والملفات التي يمكن �أن تجد لها حال في �إطار الحوار المبا�شر مع الإدارة عن‬
‫طريق المنازعة �أمام مدير ال�ضرائب �أو في �إطار الحوار غير المبا�شر عن طريق‬
‫المنازعة �أمام اللجان ال�ضريبية‪.‬‬
‫لذلك �سنحاول من خالل هذه المداخلة �إبراز �أهمية المنازعة الإدارية في‬
‫ت�صفية وحل النزاعات الجبائية �سواء خالل مرحلة الطعن الإداري �أو بمنا�سبة‬
‫الطعن �أمام اللجان ال�ضريبية‪ ،‬انطالقا من خ�صائ�صها ومزاياها بالن�سبة للإدارة‬
‫والملزم على حد �سواء‪� ،‬أو باعتبارها درجة مهمة من درجات الحوار الفعال بين‬
‫الإدارة والملزم‪ ،‬و�ضمانة �أ�سا�سية من ال�ضمانات المخولة له بمقت�ضى القانون‪ ،‬مع‬
‫ا�ستح�ضار كيفية تعاطي الق�ضاء مع المنازعة الإدارية في المادة ال�ضريبية‪.‬‬
‫‪ r‬المحور الأول ‪ :‬المطالبة الإدارية (التمهيدية)‬
‫في �إطار �سعيه لتحقيق نوع من التوازن بين الإدارة ال�ضريبية التي تتوفر على ما‬
‫يكفي من ال�سلطات واالمتيازات للقيام بوظيفتها في فر�ض وتح�صيل ال�ضرائب‪،‬‬
‫وبين الملزم الم�ساهم الرئي�سي في تمويل النفقات العمومية‪� ،‬أقر الم�شرع المغربي‬
‫على غرار مختلف الت�شريعات م�سطرة المطالبة الإدارية التمهيدية ك�آلية لتمكين‬
‫الملزم من �إبداء تعر�ضه على موقف الإدارة في �إطار حوار مبا�شر يف�سح المجال‬
‫للإدارة لمراجعة �أو تو�ضيح موقفها‪ ،‬فما هي المطالبة الإدارية والتمهيدية؟ وما هو‬
‫موقعها في القانون ال�ضريبي؟ وكيف تعامل معها الق�ضاء الإداري؟ وما هي �أهميتها‬
‫في ت�سوية النزاعات الجبائية؟‪.‬‬
‫• �أوال ‪ -‬الإطار القانوني للمطالبة الإدارية ‪:‬‬
‫يق�صد بالمطالبة الإدارية تقديم تظلم �إلى الإدارة �صاحبة القرار بق�صد التراجع‬
‫عنه �أو تعديله بما ي�صحح المراكز القانونية للمتظلم‪ ،‬وت�ستمد �أ�سا�سها القانوني من‬
‫مقت�ضيات المادة ‪ 235‬من المدونة العامة لل�ضرائب‪ ،‬والمادة ‪ 161‬من القانون رقم‬
‫‪ 47.06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية‪ ،‬وكذلك من المادة ‪ 120‬من القانون‬
‫رقم ‪ 15-97‬بمثابة مدونة تح�صيل الديون العمومية‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وقد جعل الم�شرع المغربي على غرار باقي الت�شريعات من المطالبة الإدارية‬
‫�شرطا الزما قبل عر�ض النزاع على الق�ضاء‪ ،‬وال �أدل على ذلك ا�ستهالله المادة‬
‫‪ 235‬ال�سالفة الذكر بفعل «يجب» الدال على قطعية م�ضمون الن�ص وعدم الجوازية‬
‫فيه‪.‬‬
‫وي�شترط لوقوع المنازعة �صحيحة اال�ستجابة لمجموعة من ال�شروط �سواء ما‬
‫يتعلق منها بال�صيغة الكتابية للمطالبة وتوجيهها �إلى الجهة المخت�صة (وهي في هذه‬
‫الحالة المدير العام لل�ضرائب �أو من ينوب عنه)‪ ،‬واحترام الآجال المقررة لذلك‬
‫بموجب المادة ‪� ،235‬أو ما يتعلق ب�ضرورة ت�ضمين المطالبة البيانات والمعلومات‬
‫المتعلقة بال�ضريبة مو�ضوع المنازعة والو�سائل والم�ستندات التي ي�ستند �إليها‬
‫الملزم في مطالبته‪ ،‬والغاية من هذه ال�شروط تمكين الإدارة من المعلومات‬
‫ال�ضرورية للبت في النزاع داخل الأجل المحدد من جهة‪ ،‬والحفاظ على حقوق‬
‫و�ضمانات الملزم من جهة �أخرى‪.‬‬
‫غير �أن الإدارة ال�ضريبية وفي �إطار �سعيها لت�سوية النزاعات المعرو�ضة عليها ال‬
‫ترف�ض المطالبات التي التتوفر على البيانات ال�ضرورية‪� ،‬إال بعد ا�ستدعاء الملزم‬
‫لت�صحيح النقائ�ص التي ت�شوب مطالبته وعدم ا�ستجابته لذلك‪ ،‬كما �أنها ال تولي‬
‫اهتماما لهذه النقائ�ص‪� ،‬إذا تعلق الأمر بالحاالت التي ت�ستوجب الإ�سقاط التلقائي‬
‫الكلي �أو الجزئي لل�ضريبة المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 236‬من المدونة العامة‬
‫لل�ضرائب‪.‬‬
‫• ثانيا ‪ -‬مجال المطالبة الإدارية ‪:‬‬

‫تتميز المنازعة الإدارية في المادة ال�ضريبية بات�ساع مجالها وتعدد مظاهرها‬


‫بتعدد ال�ضرائب والر�سوم وت�شعبها‪ ،‬وقد �أح�سن الم�شرع حينما لم يقم بح�صر‬
‫حاالت �أو مظاهر المنازعة �أمام مدير ال�ضرائب بالنظر لتعدد الحاالت الواقعية‬
‫للتعر�ض على ال�ضريبة والتي ال يمكن للن�ص القانوني �أن يحيط بها‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫كما �أن عدم ح�صر المنازعة في الأخطاء التي يفتر�ض ارتكابها من قبل الإدارة‬
‫له فائدة عملية لأنه يحدث �أن تقع �أخطاء كذلك من جانب الملزم كتلك التي قد‬
‫ت�شوب �إقراراته وت�صريحاته‪ ،‬وقد يت�أتى الخط�أ من جهة �أخرى تتدخل في العملية‬
‫ال�ضريبية ك�إدارة البريد مثال‪.‬‬
‫غير �أن الممار�سة العملية في مجال تدبير المنازعات ال�ضريبية ي�سمح لنا ب�إمكانية‬
‫ت�صنيف مختلف المنازعات الإدارية في ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬الأخطاء المادية من قبيل �ضريبة فر�ضت مرتين �أو فر�ضت بغير موجب‬
‫�صحيح؛‬
‫‪ .2‬الواقعة المن�شئة لل�ضريبة �أو تف�سير مقت�ضيات قانونية؛‬
‫‪� .3‬أ�س�س الفر�ض التلقائي �أو نتائج المراقبة؛‬
‫‪ .4‬عدم ا�ستيفاء الأكرية �أو الخ�سائر الالحقة بالمحا�صيل الزراعية؛‬
‫‪ .5‬الفر�ض التلقائي الناجم عن عدم تقديم �أو تقديم �إقرار ناق�ص؛‬
‫‪ .6‬الفر�ض التلقائي في حالة مخالفة الأحكام المتعلقة بتقديم الوثائق المحا�سبية‬
‫�أو حق المراقبة؛‬
‫‪ .7‬م�سطرة الت�صحيح؛‬
‫‪ .8‬عدم دفع ال�ضريبة المحجوزة في المنبع؛‬
‫‪ .9‬ا�سترداد �ضريبة غير م�ستحقة ثم دفعها؛‬
‫‪ .10‬عدم اال�ستفادة من امتياز جبائي؛‬
‫• ثالثا ‪ -‬التعامل الق�ضائي مع المطالبة الإدارية التمهيدية ‪:‬‬

‫من الطبيعي �أال تتمكن الإدارة ال�ضريبية من ت�سوية كل النزاعات المعرو�ضة‬


‫عليها بال�شكل الذي ير�ضي جميع الملزمين الم�شتكين‪ ،‬وفي بع�ض الحاالت ال‬
‫تتمكن من البت في المنازعة داخل الأجل المحدد لأ�سباب قد تعود لها وقد تعود‬

‫‪48‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫للملزم‪ ،‬لذا‪ ،‬يبقى الق�ضاء هو المالذ الأخير الذي يلج�أ له الملزم باعتباره �صاحب‬
‫الوالية العامة في مجال المنازعة الجبائية‪ ،‬فما هو موقف الق�ضاء من المطالبة‬
‫الإدارية �سواء من حيث �إلزاميتها �أو من حيث التقيد ب�آجالها؟‪.‬‬
‫�أ‪ -‬موقف الق�ضاء من �إلزامية المطالبة الإدارية ‪:‬‬

‫ي�ؤكد العمل الق�ضائي بالمغرب على الطابع الإلزامي للتظلم الإداري �أو المطالبة‬
‫الإدارية‪ ،‬ويعتبر ذلك �شرطا �أ�سا�سيا يجب التقيد به‪� ،‬إذ ال يحق للملزم الذي ينازع‬
‫في ال�ضريبة �أن يلج�أ �إلى الق�ضاء �إال بعد �أن يكون قد ا�ستنفذ المرحلة الإدارية في‬
‫المنازعة �سواء حينما يتقدم بمطالبة �أمام الإدارة ال�ضريبية ولم ير�ض بقرارها �أو لم‬
‫تجب عن مطالبته خالل الأجل الم�ضروب لها‪.‬‬
‫غير �أنه يت�ضح من خالل ر�صد واقع التعامل الق�ضائي مع �سلوك م�سطرة المنازعة‬
‫الإدارية‪� ،‬أن الق�ضاء و�إن كان قد فر�ض الخ�ضوع لهذه الم�سطرة على اعتبار �أن‬
‫المنازعة الجبائية منازعة على مراحل‪ ،‬ف�إنه جعل من عدم �سلوكها �أمرا واردا‪،‬‬
‫وبذلك �أجاز في بع�ض الحاالت قبول الدعـوى حتـــى ولو كانت غير م�سبوقة ب�أية‬
‫مطالبة �أمام مدير ال�ضرائب‪ ،‬ومن بين هذه الحاالت ‪:‬‬
‫‪ -‬حالة عدم احترام الإدارة لم�سطرة الفر�ض ال�ضريبي ‪:‬‬

‫تتفق مختلف المحاكم الإدارية المغربية على �أن �سلوك م�سطرة المطالبة‬
‫الإدارية ال يكون �إلزاميا �إال في حالة تحقق �شروط الإخ�ضاع لل�ضريبة‪� ،‬أما في حالة‬
‫عدم تحققها ك�أن تلج�أ الإدارة �إلى فر�ض ال�ضريبة دون احترام الم�سطرة القانونية‬
‫لفر�ضها‪ ،‬ف�إن ذلك يجعل الملزم غير مقيد بم�سطرة المطالبـــة الإدارية و�آجالها‬
‫تطبيقا لقاعدة توازي االخالالت ال�شكلية‪.‬‬
‫غيــر �أن هــذا التوجــه ال ي�أخــذ بعين االعتبـــار مبــــد�أ �أ�سبقيــــة الخطــــ أ�‬
‫«‪ »Antériorité de la faute‬في حالة الفر�ض التلقائي‪ ،‬الذي يقوم على �أ�سا�س �أن‬
‫الخا�ضع لل�ضريبة �أو الملزم هو الذي كان �سباقا �إلى الخط�أ حينما لم يقم بالتزامه‬

‫‪49‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫القانوني‪ ،‬المتمثل في وجوب تقديم الإقرار بالدخول والعمليات الخا�ضعة‬


‫لل�ضريبة‪ ،‬وبالتالي لم يمكن الإدارة من عنوان التخاطب معه �أو من العنا�صر‬
‫ال�ضرورية لتحديد وعاء ال�ضريبة وت�صفيتها‪ ،‬وبذلك فالخط�أ من جانب الإدارة في‬
‫عدم احترام الم�سطرة ي�سبقه و�سببه خط�أ من جانب الملزم‪.‬‬
‫لذلك يبقى التوجه الق�ضائي ال�سليم هو ما �أقرته الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى‬
‫في قرارها عدد ‪ 79‬الم�ؤرخ في ‪ 2006/2/1‬الذي �أكدت فيه �أنه بغ�ض النظر عن مدى‬
‫احترام الإدارة للم�سطرة‪ ،‬ف�إن الطعن في ال�ضريبة المفرو�ضة تلقائيا على المدعي تقت�ضي منه‬
‫تقديم مطالبة �إلى مدير ال�ضرائب قبل رفع الدعوى �أمام المحكمة تحت طائلة عدم قبول‬
‫الطلب‪.‬‬
‫‪ -‬حالة المنازعة في مبد�أ فر�ض ال�ضريبة ‪:‬‬

‫لقد د�أب العمل الق�ضائي على اعتبار الخا�ضع لل�ضريبة غير ملزم بتقديم مطالبة‬
‫�إدارية �أمام الإدارة الجبائية متى كانت منازعته �أمام الق�ضاء تن�صب على مبد�أ فر�ض‬
‫ال�ضريبة وال تن�صرف �إلى وعائها‪ ،‬وعلى �سبيل المثال ال الح�صر جاء في الحكم‬
‫رقم ‪� 5/2008/630‬ش ال�صادر عن �إدارية مكنا�س بتاريخ ‪�« 2009/10/1‬أن المدعي‬
‫ينازع في مبد�أ فر�ض ال�ضريبة‪ ،‬وفي الأ�سا�س الخا�ضع لها‪ ،‬وبالتالي وح�سبما ما‬
‫جرى عليه العمل الق�ضائي يكون المدعي والحالة هاته غير ملزم ب�سلوك م�سطرة‬
‫التظلم الإداري»‪.‬‬
‫لكنه بالرجوع �إلى مقت�ضيات المادة ‪ 235‬من المدونة العامة لل�ضرائب والمواد‬
‫الموافقة لها في قانون جبايات الجماعات المحلية �أو مدونة تح�صيل الديون‬
‫العمومية‪ ،‬يت�ضح �أن الم�شرع �أوجب على كل من ينازع في ال�ضريبة �أن يوجه‬
‫مطالبته �إلى ال�سلطة ال�ضريبية المخت�صة‪ ،‬دون �أن يقيم �أي تمييز في هذا ال�صدد‪.‬‬
‫ومن باب المقارنة في هذا ال�سياق‪ ،‬فقد تميزت �أحكام مجل�س الدولة الفرن�سي‬
‫بالدقة والو�ضوح من حيث الت�أكيد على �إلزامية المطالبة الإدارية قبل طرف باب‬

‫‪50‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الق�ضاء‪ ،‬وذلك دون التمييز بين حالة و�أخرى‪� ،‬إذ يكون م�آل الدعوى غير الم�سبوقة‬
‫بمطالبة �إدارية عدم القبول‪.‬‬
‫‪ -‬حالة التم�سك بواقعة التقادم ‪:‬‬

‫من بين اال�ستثناءات التي �أوردها الق�ضاء على مبد�أ �إلزامية المطالبة الإدارية قبل‬
‫اللجوء �إلى المنازعة الق�ضائية تلك المتعلقة بعدم وجوب �سلوك هذه الم�سطرة‬
‫حينما يتعلق الأمر بالمنازعة في م�سطرة التح�صيل الم�ؤ�س�سة على �سقوط الدين‬
‫العمومي للتقادم من منطلق �أن المادة ‪ 119‬من مدونة التح�صيل العمومية حددت‬
‫على �سبيل الح�صر الحاالت الموجبة ل�سلوك المطالبة الإدارية والتي لي�س من بينها‬
‫حالة التقادم‪.‬‬
‫غير �أن ما ي�ؤاخذ على هذا التوجه انه ال ي�أخذ مقت�ضيات المادة ‪ 120‬من مدونة‬
‫التح�صيل العمومية على �أنها الإطار العام للمطالبات في مجال التح�صيل ت�ستلزم‬
‫�سلوك م�سطرة المطالبة تحت طائلة عدم القبول دون تمييز بين حالة و�أخرى‪.‬‬
‫ب‪ -‬التوجهات الق�ضائية بخ�صو�ص الآجال المترتبة عن تطبيق‬
‫المطالبة الإدارية ‪:‬‬

‫يمكن القول في هذا ال�سياق �أنه بالرغم من و�ضوح مقت�ضيات المادة ‪ 243‬من‬
‫المدونة العامة لل�ضرائب بخ�صو�ص �آجال التقا�ضي على �إثر م�سطرة المطالبة‬
‫الإدارية‪ ،‬فقد �سلك الق�ضاء وجهة مغايرة لمنحى الن�ص القانوني‪ ،‬وذلك بفتحه‬
‫لآجال جديدة لم ين�ص عليها الم�شرع نخ�ص منها بالذكر‪:‬‬
‫‪ -‬قبول الطعن ولو قدم قبل الأوان ‪:‬‬

‫ا�ستقر الق�ضاء الإداري على �أن اللجوء على الطعن الق�ضائي قبل انق�ضاء �أجل‬
‫جواب الإدارة المحدد في ‪� 6‬أ�شهر لي�س له �أي ت�أثير على قبول الدعوى‪ ،‬ما دام �أنه‬
‫ب�إمكان الإدارة اتخاذ قرارها �أثناء �سريان الدعوى من جهة‪ ،‬وما دام �أن الم�شرع لم‬
‫يرتب �أي جزاء على ذلك من جهة ثانية ولغياب ال�ضرر من جهة �أخيرة‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ولكن وخالفا لما �سار عليه العمل الق�ضائي‪ ،‬نرى �أنه ال يجوز رفع المنازعة �أمام‬
‫الق�ضاء قبل انتهاء الأجل الممنوح للإدارة لكي تبث في م�ضمون التظلم الإداري‪،‬‬
‫الن من �ش�أن ذلك �أن ي�ساهم في �إرباك عمل الإدارة‪� ،‬إذ ت�صبح ملزمة باتخاذ قرارها‬
‫في �سياق الجواب على مقال الدعوى بالرغم من عدم توفر العنا�صر الكافية للبت‬
‫في المنازعة من جهة‪ ،‬والن من �ش�أن معرفة النتيجة تمكين المحكمة من ح�صر‬
‫النزاع في المبلغ �أو الت�صحيحات المحتفظ بها وتحديد مجال الخالف في ذلك‬
‫الذي لم تتمكن الإدارة من ح�سمه‪.‬‬
‫‪ -‬قبول الطعن المقدم خارج الأجل متى دخلت الإدارة في حوار مع الملزم‬
‫من �أجل البت في �شكايته ‪:‬‬

‫لقد ذهب الق�ضاء �إلى القول ب�أن مطالبة �إدارة ال�ضرائب للم�شتكي بالإدالء‬
‫بالوثائق المثبتة ل�شكايته‪ ،‬يفتح له �أجال جديدا الحت�ساب �أجل الطعن الق�ضائي‪،‬‬
‫وق�ضى في هذا ال�سياق بقبول المنازعة التي تقدم داخل الأجل القانوني انطالقا‬
‫من �أجل المطالبة بالوثائق وتبليغها للملزم‪.‬‬
‫�إن هذا الموقف الذي عبر عنه الق�ضاء في �إطار تكري�سه لبع�ض ال�ضمانات التي‬
‫ابتدعها لفائدة الملزم‪� ،‬إنما يتعار�ض �صراحة مع مقت�ضيات المادة ‪ 243‬من المدونة‬
‫العامة لل�ضرائب التي حددت �أجل الطعن في حالة عدم جواب الإدارة في ال�شهر‬
‫ال�سابع الذي يلي تاريخ تقديم المطالبة‪.‬‬
‫وفي ختام هذه الفقرة التي خ�ص�صناها لإبداء بع�ض المالحظات حول التعامل‬
‫الق�ضائي مع م�سطرة المطالبة الإدارية و�آثارها على المنازعة الجبائية الق�ضائية‪،‬‬
‫ن�ؤكد على �أهمية االجتهاد الق�ضائي في خلق التوازن المطلوب بين الحر�ص على‬
‫تكري�س ال�ضمانات القانونية للملزم الذي يقوم بواجباته والتزاماته ال�ضريبية‪ ،‬وبين‬
‫الحر�ص على التطبيق ال�سليم للمقت�ضيات القانونية التي ترمي من بين ما ترمي‬
‫�إليه �إلى ا�ستقرار الأو�ضاع والمراكز القانونية لأطراف المنازعة الجبائية الإدارة‬
‫والملزم‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫• رابعا ‪ -‬مزايا المطالبة الإدارية وفعاليتها في ت�سوية النزاعات‬


‫الجبائية ‪:‬‬

‫�إن الغاية المتوخاة من م�سطرة المطالبة الإدارية هي التعجيل بالبت في النزاع‬


‫و�إخبار المعني بالأمر بنتائج البحث الذي بني عليه القرار‪ ،‬حتى يت�أتى لهذا الأخير‬
‫�إما التخلي عن مطالبته نتيجة ت�سوية النزاع �أو العدول عن موقفه في حالة اقتناعه‬
‫بقرار الإدارة �أو في حالة العك�س رفع �أمره �إلى الق�ضاء‪.‬‬
‫من هذا المنطلق يمكن القول �أن المطالبة الإدارية التمهيدية باعتبارها �آلية بديلة‬
‫لت�سوية النزاعات الجبائية تقوم على الحوار المبا�شر بين الإدارة والملزم وتت�سم‬
‫بال�سهولة من حيث �إجراءاتها و�شكلياتها وباالقت�صاد في وقتها وتكاليفها‪� ،‬ساهمت‬
‫في ح�سم ن�سبة هامة من المطالبات المعرو�ضة على الإدارة ال�ضريبية‪ ،‬ال �سيما و�أن‬
‫غالبية هذه المطالبات ت�ستهدف ت�صحيح الأخطاء المادية التي قد ت�شوب وعاء‬
‫ال�ضريبة �أو طريقة ح�سابها‪� ،‬أو �أنها تكون بمثابـة رد فعل على الطابع الجبري لفر�ض‬
‫ال�ضريبة وتح�صيلها‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬فقد كانت غاية الم�شرع الأ�سا�سية من �إقرارها وفر�ض �إلزاميتها‪ ،‬خلق‬
‫حوار مبا�شر بين الإدارة والملزم‪ ،‬لتمكين هذا الأخير من عر�ض موقفه وخالفه‬
‫مع الإدارة مقابل تمكين هذه الأخيرة من �إجراء مراقبة ذاتية على عملها وتدارك‬
‫�أخطائها بما ي�صحح المراكز القانونية للملزم �إو �إقناعه ب�صحة ال�ضريبة المتنازع‬
‫فيها من جهة‪ ،‬وت�سوية الخالفات النا�شئة بين الملزم والإدارة في مراحلها الأولى‪،‬‬
‫وبالتالي تخفيف العبء على الق�ضاء وو�ضع حد تراكم الق�ضايا ال�ضريبية �أمام‬
‫المحاكم من جهة �أخرى‪.‬‬
‫وعموما ت�شكل المنازعة الجبائية مر�صدا لعمل الإدارة وطرق عملها‪ ،‬وكذلك‬
‫م�ستوى جودة �أداء موظفيها‪ ،‬كما تر�صد �سلوك الملزم ومدى درجة فهمه‬
‫وانخراطه في ال�ضريبة‪ ،‬وهي �أي�ضا من �أهم العنا�صر لتقييم عمل الإدارة ومدى‬
‫تقبله من طرف المتعاملين معها‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫فالإدارة ال�ضريبية في �إطار القيام بوظيفتها تبقى ملزمة باحترام مبادئ التب�سيط‬
‫والم�ساواة التي يجب �أن تميز عالقتها مع الخا�ضع لل�ضريبة وفي نف�س الوقت‬
‫حري�صة على ت�أمين المداخيل الجبائية للدولة‪.‬‬
‫ويترتب عن المطالبة الإدارية جملة من المزايا �سواء بالن�سبة للملزم �أو الإدارة‬
‫�أو الق�ضاء كذلك‪ ،‬يمكن الإ�شارة �إلى �أهمها في ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬بالن�سبة للملزم ‪:‬‬

‫تكفل المطالبة التمهيدية للملزم العديد من المزايا التي قد ال تتوفر في غيرها‬


‫من المطالبات �أمام اللجان ال�ضريبية �أو �أمام الق�ضاء ومن هذه المزايا ‪:‬‬
‫• الحفاظ على خ�صو�صية النزاع وح�صره بين الملزم والإدارة في �إطار‬
‫حوار مبا�شر‪ ،‬بحيث ال تتدخل جهات �أخرى كما هو ال�ش�أن في المنازعة‬
‫الق�ضائية �أو المنازعة �أمام اللجان‪.‬‬
‫• االقت�صاد في التكاليف بحيث ال تتطلب المطالبة الإدارية �أداء �أية ر�سوم‬
‫وال م�ؤازرة محامي �أو خبير‪.‬‬
‫• التعامل المرن للإدارة مع �شكايات الملزمين بخالف الدعوى ال�ضريبية‬
‫التي تتطلب ا�ستيفاء مجموعة من ال�شروط تحت طائلة عدم القبول‪.‬‬
‫• وجود م�صالح خارجية للمديرية العامة لل�ضرائب بمختلف مناطق المغرب‬
‫في �إطار �سيا�سة القرب وتفوي�ض اخت�صا�ص البت في المنازعة لهذه الم�صالح‬
‫ي�ضمن للملزم مزية القرب وال�سرعة في معالجة مطالبته‪.‬‬
‫‪ -‬بالن�سبة للإدارة ‪:‬‬

‫ال تقت�صر مزايا المطالبة الإدارية على الملزم وحده بل ت�شمل الإدارة كذلك‬
‫بحيث ت�ضمن لها ‪:‬‬
‫• الإلمام بجميع العنا�صر المفيدة في تحديد وعاء ال�ضريبة وفر�ضها‬
‫وت�صفيتها‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫• ت�صحيح الأخطاء القانونية والواقعية التي قد ت�شوب عملية الفر�ض ال�ضريبي‬


‫في حالة ت�أكدها من وجود و�سائل �إثبات جدية‪.‬‬
‫• تفادي �صدور �أحكام ق�ضائية �ضدها من خالل عملها على ت�صحيح الأخطاء‬
‫وت�سوية النزاعات في مراحلها الأولى‪.‬‬
‫• تح�سين العالقة مع الملزم وخلق جو من الثقة يجعل هذا الأخير يبادر‬
‫�إلى الم�ساهمة في تمويل النفقات العمومية تلقائيا‪.‬‬
‫‪ -‬بالن�سبة للق�ضاء ‪:‬‬

‫�إن تفعيل المطالبة الإدارية ك�آلية لت�سوية النزاعات الجبائية لها انعكا�سات �إيجابية‬
‫كذلك على الق�ضاء ‪:‬‬
‫• فمن جهة �أولى تقوم المطالبة الإدارية بدور « الم�صفاة « للطعون بحيث‬
‫ال ي�صل منها �إلى الق�ضاء �سوى تلك التي يكون فيها الخالف من�صبا على‬
‫م�سائل قانونية دقيقة‪ ،‬مما ي�ساهم من تقليل المنازعات التي تحال على‬
‫الق�ضاء‪.‬‬
‫• ومن جهة �أخرى ت�ساهم المطالبة الإدارية في تحديد �إطار الخالف للقا�ضي‬
‫وح�صره في الجانب الذي لم تتمكن الإدارة من ح�سمه وتعطي �صورة‬
‫وا�ضحة للمحكمة عن جميع جوانب الخالف‪.‬‬
‫ون�شير في نهاية هذا المحور �إلى �أنه خالل �سنة ‪ 2009‬بلغ مجموع العمليات‬
‫الجبائية دون احت�ساب عمليات الت�سجيل والتمبر ‪ 4.719.964‬بما فيها االداءات‬
‫التلقائية ومختلف الإقرارات ال�ضريبية وعمليات المراقبة والر�سوم المحولة‪،......‬‬
‫في حين لم ت�ستقبل الإدارة بر�سم نف�س ال�سنة �سوى ‪� 68.845‬شكاية تم البث فيها كليا‪،‬‬
‫وهو ما يمثل ن�سبة ‪ %1,45‬من مجموع العمليات ال�ضريبية‪ ،‬بمعنى �أن درجة القبول‬
‫ال�ضريبي ت�صل �إلى ‪ % 98,55‬وهي ن�سبة مهمة جدا‪.‬‬
‫وفي نف�س الوقت بلغ عدد الملفات المحالة على الق�ضاء خالل ال�سنة المذكورة‬
‫‪ 2434‬وهو ما يمثل ن�سبة ‪ % 3,70‬من مجموع المنازعات الجبائية الإدارية‪ ،‬بمعنى‬

‫‪55‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�أن ‪ % 96,30‬من الم�شتكين اقتنعوا بموقف الإدارة وتقبلوا قرارها‪ ،‬الأمر الذي‬
‫يو�ضح �أهمية المطالبة الإدارية‪ ،‬وفعاليتها في ت�سوية النزاعات الجبائية‪.‬‬
‫‪ r‬المحور الثاني‪ :‬المنازعة �أمام اللجان ال�ضريبية‬
‫�إلى جانب المطالبة الإدارية �أمام مدير ال�ضرائب‪ ،‬ت�شكل المنازعة �أمام‬
‫اللجان ال�ضريبية المن�صو�ص عليها في كل المادتين ‪ 225‬و‪ 226‬من المدونة العامة‬
‫لل�ضرائب‪ ،‬و�سيلة ذات �أهمية ق�صوى في ت�سوية النزاعات الجبائية النا�شئة على‬
‫�إثر ت�صحيح ومراقبة الإدارة لإقرارات الملزم‪ ،‬تقوم على �أ�سا�س الو�ساطة المتمثلة‬
‫في �إ�شراك �أطراف �أخرى في النزاع بين الإدارة والملزم بغر�ض �إيجاد الحلول‬
‫المالئمة لطبيعة النزاعات ال�ضريبية‪.‬‬
‫ونظرا لأهمية هذه الم�ؤ�س�سات ك�آليات بديلة لت�سوية النزاعات الجبائية‪ ،‬فقد‬
‫�أحاطها الم�شرع بكل ال�ضمانات التي تجعل منها م�ؤ�س�سات م�ستقلة عن الإدارة‪،‬‬
‫كما وفر لها كل �أ�سباب الفعالية للقيام بعملها على الوجه الأكمل‪.‬‬
‫لذلك �سنحاول في هذا المحور �إبراز هذه الأهمية من خالل التركيز على‬
‫و�ساطة اللجان ال�ضريبية في النزاعات الجبائية ك�ضمانة �أ�سا�سية للملزم وعلى‬
‫العوامل التي ت�ضمن لها الفعالية في عملها‪ ،‬مع �إبراز مظاهر التفاعل بينها وبين‬
‫الق�ضاء باعتباره �صاحب االخت�صا�ص العام في المنازعة الجبائية‪ ،‬دونما التطرق‬
‫لم�س�ألة ت�شكيل اللجان ال�ضريبية �أو كيفية انعقادها‪� ،‬أو الإجراءات المتبعة �أمامها‪،‬‬
‫باعتبارها من الم�سائل البديهية والمعروفة لدى المتدخلين والفاعلين في المنازعة‬
‫ال�ضريبية‪.‬‬
‫�أوال‪ -‬و�ساطة اللجان ال�ضريبة في ت�سوية المنازعات الجبائية‪:‬‬
‫تعتبر و�ساطة اللجان ال�ضريبية‪ ،‬اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة واللجنة الوطنية‬
‫للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة‪� ،‬إحدى �أهم ال�ضمانات المخولة للملزم في‬
‫الت�شريع ال�ضريبي المغربي �أمام ال�سلطات واالمتيازات المخولة للإدارة‪ ،‬في �إطار‬
‫قيامها بمراقبة وت�صحيح �إقرارات الملزمين‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ولن يت�أتى تحقيق هذه الو�ساطة ك�ضمانة �أ�سا�سية من �ضمانات الملزم‪� ،‬إال بوجود‬
‫�آليات ت�سمح للملزمين بفر�ض احترام حقوقهم في مواجهة الإدارة بعد ا�ستكمال‬
‫مراحل الم�سطرة التواجهية دون ح�صول اتفاق بين طرفي المنازعة‪.‬‬
‫ويتحقق ذلك على وجه الخ�صو�ص في كون اللجان ال�ضريبية ت�شكل درجة‬
‫مهمة و�أ�سا�سية من درجات الحوار غير المبا�شر مع الإدارة‪ ،‬ي�سمح للملزم بعر�ض‬
‫وجهة نظره في الت�صحيحات المعتمدة من قبل الإدارة ال�ضريبية‪ ،‬ب�إ�شراك �أطراف‬
‫�أخرى تتوفر على خبرة كافية في مجال الأن�شطة المهنية التي ينتمي �إليها ن�شاط‬
‫الملزم‪ ،‬وهو ما ي�شكل نوعا من الرقابة الخارجية على عمل الإدارة‪.‬‬
‫ولكي يجري هذا الحوار في جو من الحرية والنزاهة‪ ،‬فقد حر�ص الم�شرع على‬
‫ت�أمين حياد وا�ستقاللية اللجان الإدارية ال�ضريبة وذلك من خالل �إ�سناد رئا�ستها �إلى‬
‫هيئة الق�ضاء باعتبارها هيئة م�ستقلة‪ ،‬الأمر الذي يبعث الثقة واالطمئنان في نفو�س‬
‫الملزمين حتى اليح�سبوا �أنف�سهم في موقف �ضعف �أمام الإدارة ال�ضريبية التي ال‬
‫تتمتع ب�أي امتياز خا�ص �أمام اللجان ال�ضريبية‪.‬‬
‫ومن بين مظاهر الحياد واال�ستقاللية كذلك �إلحاق ‪ 30‬موظفا باللجنة الوطنية‪،‬‬
‫حيث يبقى المغزى الأ�سا�سي من هذا الإلحاق ا�ستقالل اللجنة الوطنية وعدم‬
‫تبعيتها للمديرية العامة لل�ضرائب التي ينتمي �إليها الموظفون الملحقون بجعلهم‬
‫في م�أمن عن ت�أثيرات الإدارة التي ينتمون �إليها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬مظاهر الفعالية في اللجان ال�ضريبية ‪:‬‬

‫بالإ�ضافة �إلى مظاهر الحياد واال�ستقاللية التي تتمتع بها اللجان ال�ضريبية‪ ،‬حر�ص‬
‫الم�شرع ‪ -‬بالرغم من بع�ض المالحظات التي يمكن ت�سجيلها في هذا ال�صدد‪-‬‬
‫على توفير �أ�سباب الفعالية في عملها لتمكينها من الم�ساهمة الفعالة في ت�سوية‬
‫النزاعات ال�ضريبية المعرو�ضة عليها‪ ،‬ومن مظاهر الفعالية هذه ن�شير �إلى ما يلي ‪:‬‬

‫‪57‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�أ‪� -‬سرعة البت في النزاعات ‪:‬‬

‫على خالف المنازعة الق�ضائية‪ ،‬تتميز المنازعة �أمام اللجان ال�ضريبية بتحديد‬
‫�أجل البت فيها من قبل الم�شرع في ‪� 24‬شهر بالن�سبة للجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة‬
‫(المادة ‪ )225‬وفي ‪� 12‬شهرا بالن�سبة للجنة الوطنية (المادة ‪.)226‬‬
‫وي�سعى الم�شرع من خالل ذلك �إلى الإ�سراع في معالجة الملفات المعرو�ضة‬
‫على �أنظار اللجان ال�ضريبية وتفادي تراكمها �أو البطء في عملية البت فيها‪ ،‬بالنظر‬
‫لخ�صو�صية المنازعة الجبائية التي ال تحتمل المزيد من الت�أخير لما قد يكون لذلك‬
‫من ت�أثيرات �سلبية على المراكز المالية لكل من الملزم والخزينة على حد �سواء‪.‬‬
‫ولهذا الغر�ض ولإعطاء المزيد من الديناميكية لعمل اللجان ال�ضريبة على‬
‫م�ستوى �سرعة البت في النزاعات المعرو�ضة عليها‪ ،‬فقد تم رفع عدد اللجان‬
‫الفرعية الم�شكلة منها اللجنة الوطنية من ‪ 5‬لجان فرعية �إلى ‪ 7‬لجان فرعية وفي‬
‫نف�س الوقت �أ�صبحت مقررات اللجنة المحلية ال�صادرة في الق�ضايا المتعلقة‬
‫بال�ضريبة على الدخل بر�سم الأرباح العقارية وبواجبات الت�سجيل نهائية متى كان‬
‫مبلغها ي�ساوي �أو يقل عن خم�سين �ألف درهم (‪ )50.000‬طبقا للتعديل الذي طال‬
‫مقت�ضيات المادتين ‪ 225‬و‪ 226‬من المدونة العامة لل�ضرائب بمقت�ضى �أحكام البند‬
‫‪ I‬من المادة ‪ 7‬من قانون المالية ل�سنة ‪.2010‬‬
‫ب‪� -‬إ�شراك فعاليات من قطاعات مهنية مختلفة واال�ستعانة بخبراء ‪:‬‬

‫في �إطار فل�سفة جديدة للعالقات بين الإدارة والملزم تقوم على �أ�سا�س الحوار‬
‫االيجابي والو�ساطة في حل المنازعات النا�شئة بينهما‪� ،‬سعى الم�شرع ال�ضريبي في‬
‫ت�شكيل اللجان ال�ضريبية �إلى �إ�شراك فعاليات تنتمي �إلى قطاعات مهنية مختلفة‪ ،‬تقوم‬
‫بتن�شيط الحوار بين طرفي المنازعة بغر�ض الو�صول �إلى الحلول المالئمة‪ ،‬معتمدة‬
‫في ذلك على خبرتها ودرايتها في ميادين ال�ضرائب والمحا�سبة واالقت�صاد‪.....‬‬

‫‪58‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وف�ضال عن ذلك يمكن لكل من اللجنة المحلية �أو اللجنة الوطنية اال�ستعانة على‬
‫�سبيل اال�ستئنا�س بخبير �أو خبيرين فيما يخ�ص كل ق�ضية كلما ر�أت ذلك �ضروريا‬
‫ومفيدا لت�سوية المنازعة‪ ،‬يتم تعيينهما من بين الموظفين �أو غير الموظفين‪.‬‬
‫�إن �إ�شراك مختلف هذه الفعاليات المنتمية �إلى قطاعات مهنية مختلفة في ت�شكيل‬
‫اللجان ال�ضريبية واال�ستعانة بخبراء في مداوالتها �إنما الغاية منه �إ�ضفاء الديناميكية‬
‫والفعالية ال�ضروريتين في عملها بغر�ض و�ضع حد للمنازعة النا�شئة بين الإدارة‬
‫والملزم حول تحديد الأ�سا�س الخا�ضع لل�ضريبة من خالل قيام هذه الفعاليات‬
‫المهنية والجماعية بتقريب وجهات النظر بين طرفي الخ�صومة م�ستغلة في ذلك‬
‫�سلطتها المعنوية الم�ستمدة من خبراتها الوا�سعة في مختلف المجاالت‪.‬‬
‫ج‪ -‬االخت�صا�ص في الم�سائل الواقعية دون القانونية ‪:‬‬

‫ينح�صر اخت�صا�ص اللجان ال�ضريبية بموجب القانون في الم�سائل الواقعية‬


‫�أي تلك التي تتعلق بتحديد الأ�س�س ال�ضريبية على �إثر الت�صحيح �أو المراقبة التي‬
‫�أقدمت عليها الإدارة للأ�س�س الم�صرح بها‪ ،‬وهذا االخت�صا�ص يفر�ض عليها‬
‫الت�صريح بعدم اخت�صا�صها كلما تعلق الأمر بتف�سير مقت�ضيات قانونية �أو تنظيمية‪.‬‬
‫وقد �أثار هذا التمييز في االخت�صا�ص ما بين الم�سائل القانونية والم�سائل الواقعية‬
‫العديد من النقا�شات القانونية والفقهية التي ذهبت �إلى حد اعتباره انتقا�صا من‬
‫قيمة اللجان ال�ضريبية وتقليال من �أهمية عملها‪.‬‬
‫غير �أننا وخالفا لهذا الر�أي‪ ،‬نرى �أن غاية الم�شرع من هذا التمييز هو تجنيب‬
‫اللجان ال�ضريبية الدخول في مناق�شات وجداالت ذات طبيعة قانونية‪ ،‬قد تكون‬
‫عامال معيقا لعملها وللغاية من �إحداثها‪ ،‬وبالتالي الحد من فعاليتها في ت�صفية‬
‫النزاعات‪.‬‬
‫وبالمقابل يمكن القول �أن ح�صر اخت�صا�ص اللجان ال�ضريبية في الم�سائل‬
‫الواقعية والتقنية المتعلقة بتحديد وعاء ال�ضريبة و�أ�سا�سها‪� ،‬إنما ين�سجم مع‬

‫‪59‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫طبيعتها الإدارية‪ ،‬ومع متطلبات ال�سرعة في معالجة الملفات المعرو�ضة عليها‪،‬‬


‫ومع تكوينها من متخ�ص�صين في مجال الجبايات والمحا�سبة وفي ميدان الأعمال‪،‬‬
‫ولي�س في تف�سير القانون‪ ،‬ولعل هذا التمييز يعتبر من بين العوامل التي �ساهمت‬
‫في �إ�ضفاء كثير من الفعالية في عمل اللجان ال�ضريبية‪.‬‬
‫د ‪ -‬اعتماد قواعد العدالة في عملها ‪:‬‬

‫�إنه من بين �أهم مظاهر الفعالية في عمل اللجان ال�ضريبية وخ�صو�صا اللجنة‬
‫الوطنية‪ ،‬كونها ت�ستلهم مبادئ العدالة المطبقة �أمام الق�ضاء‪ ،‬ويتمثل ذلك في‬
‫وجود نظام الطعن على درجتين‪ ،‬اللجنة المحلية كدرجة ابتدائية واللجنة الوطنية‬
‫كدرجة ا�ستئنافية‪ ،‬وفي اعتمادها القواعد الإجرائية المتبعة في التحقيق من قبيل‬
‫التواجهية وعقد الجل�سات الكافية التخاذ مقرراتها التي يجب �أن تكون معللة‬
‫وم�سببة حتى تكت�سب القوة الثبوتية وحتى يت�سنى للق�ضاء معرفة مواطن العيب‬
‫والخلل في بنائها‪ ،‬ف�ضال عن كونها تتبع نظام جماعي في �سير �أعمالها يقوم على‬
‫ت�شكيل مختلط ي�ضم ممثلي الإدارة وممثلي الملزم‪.‬‬
‫وعموما فقد �ساهمت اللجان ال�ضريبية من خالل و�ساطتها في ت�صفية العديد‬
‫من الق�ضايا والمنازعات وقطع الطريق على الكيدية منها مما خفف العبء على‬
‫الإدارة والق�ضاء معا‪.‬‬
‫غير �أن ذلك ال يمنع من �إثارة بع�ض النقائ�ص في عملها التي ينبغي الوقوف‬
‫عندها في �إطار الإ�صالحات المقبلة‪ ،‬ومن ذلك على وجه الخ�صو�ص ‪:‬‬
‫• م�س�ألة تحرير مقررات اللجان ال�ضريبية باللغة الفرن�سية التي تثير احتجاج بع�ض‬
‫الملزمين وخا�صة في الق�ضايا المتعلقة بالأرباح العقارية ور�سوم الت�سجيل‪،‬‬
‫وي�صبح هذا الأمر �أكثر تعقيدا عندما يتم الطعن في هذه المقررات �أمام‬
‫المحاكم حيث اللغة العربية هي لغة المرافعات والمداوالت والأحكام‪� ،‬إذ‬
‫يتطلب ذلك بذل مجهود م�ضاعف من قبل المتدخلين في المنازعة الق�ضائية‬

‫‪60‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫من ق�ضاة ومحامين وخبراء ومفت�شين ق�صد القيام بترجمة م�ضامين مقررات‬
‫اللجان دون الإخالل ببنائها‪.‬‬
‫• عدم ن�شر قرارات اللجنة الوطنية يخلق �أزمة توا�صل بين الباحثين وخبراء‬
‫المحا�سبة وجمهور الملزمين وبين الإدارة ال�ضريبية‪ ،‬والعلة في نظر �أع�ضاء‬
‫اللجنة �ضعف الو�سائل المادية‪ ،‬مما ي�ؤدي �إلى عدم ن�شر قراراتها لت�شكل‬
‫مرجعا لكل المهتمين‪.‬‬
‫• مزاولة الق�ضاة ر�ؤ�ساء اللجان ال�ضريبية لمهام مزدوجة‪ ،‬مهام �أ�صلية داخل‬
‫المحاكم ومهام �إ�ضافية داخل اللجان‪.‬‬
‫ثالثا ‪� -‬أوجه تعاطي الق�ضاء الإداري مع مقررات اللجان ال�ضريبية‬

‫رغم ما تتمتع به اللجان ال�ضريبية من ا�ستقالل وحياد وفعالية في عملها‪ ،‬ورغم‬


‫�إتباعها لقواعد ومبادئ العدالة المطبقة �أمام المحاكم‪ ،‬فقد حر�ص الم�شرع على‬
‫�إخ�ضاع مقرراتها للرقابة الق�ضائية‪ ،‬وفتح باب الطعن فيها من قبل الإدارة والملزم‬
‫�أمام الق�ضاء الذي يبقى �صاحب الكلمة الأخيرة والحا�سمة في المنازعة الجبائية‪.‬‬
‫و�سنحاول فيما يلي �إبراز �أهم مظاهر التعاطي االيجابي للق�ضاء مع مقررات‬
‫اللجان ال�ضريبية �سواء من خالل الحر�ص على التطبيق ال�سليم للقانون وتف�سير ما‬
‫كان منه بحاجة �إلى تف�سير‪� ،‬أو من خالل �إقرار مبد�أ توزيع عبء الإثبات وغيرها‬
‫من التدخالت الفعالة للق�ضاء في هذا ال�صدد‪ ،‬على �أن نبرز في نقطة ثانية بع�ض‬
‫مظاهر انعدام الت�صدي لمقررات اللجان ال�ضريبية‪ ،‬وال يدخل هذا في باب‬
‫تقييم الأحكام الق�ضائية بقدر ما ن�سعى منه �إلى ب�سط بع�ض الإ�شكاليات الق�ضائية‬
‫والقانونية وعر�ضها للمناق�شة‪.‬‬
‫�أ‪ -‬مظاهر التعاطي االيجابي للق�ضاء مع مقررات اللجان ال�ضريبية ‪:‬‬

‫�إذا كان الم�شرع ال�ضريبي قد �أقر مجموعة من ال�ضمانات في �إطار مراقبة ال�ضريبة‬
‫وت�صحيح وعائها‪ ،‬غايته في ذلك حماية المراكز القانونية للملزمين وتمكينهم من‬

‫‪61‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الدفاع عنها في �إطار م�سطرة تواجهية قد تف�ضي �إلى عر�ض النزاع على اللجان‬
‫ال�ضريبية ك�ضمانة �إ�ضافية لهم‪ ،‬ف�إن الق�ضاء الإداري جاء ليكر�س هذه ال�ضمانات‬
‫على �أر�ض الواقع انطالقا من تطبيق المقت�ضيات القانونية وتف�سيرها ب�شكل �سليم‬
‫ي�ضمن تحقيق التوازن بين الحفاظ على المال العام من جهة وحماية حقوق‬
‫الملزمين من جهة �أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬حر�ص الق�ضاء على التطبيق ال�سليم للقانون ‪:‬‬

‫فالقا�ضي الإداري وفي �سياق ممار�سة رقابته على مقررات اللجان ال�ضريبية‬
‫قد ي�صادف العديد من الحاالت التي يحاول فيها �أطراف المنازعة تطويع الن�ص‬
‫الجبائي بما يخدم مطالباتهم‪ ،‬وهو الأمر الذي ي�ستدعي من القا�ضي الحر�ص على‬
‫تطبيق المقت�ضيات القانونية تطبيقا �سليما متى كان الن�ص وا�ضحا‪� ،‬أو �إعمال قواعد‬
‫التف�سير بما يتنا�سب وخ�صو�صية المادة ال�ضريبية لإظهار مدلول الن�ص ال�ضريبي‪.‬‬
‫وبالرجوع �إلى القرارات والأحكام ال�صادرة عن المحاكم الإدارية بالمغرب‪،‬‬
‫يت�ضح �أن القا�ضي الإداري لم يتردد في الحر�ص على تطبيق الن�ص القانوني متى‬
‫كان وا�ضحا ومن ذلك على �سبيل المثال ‪:‬‬
‫• قرار الغرفة الإدارية رقم ‪ 420‬بتاريخ ‪ 2003/6/26‬الذي ق�ضى ب�أن �أجل الطعن‬
‫في ال�ضرائب المفرو�ضة على �إثر مقرر اللجنة الوطنية محدد ح�صرا في ‪ 60‬يوما من‬
‫تاريخ و�ضع الأمر بالتح�صيل �أو تبليغ المقرر‪ ،‬وتقديم تظلم جديد بهذا ال�ش�أن ال‬
‫يفتح �أجال جديدا للطعن‪.‬‬
‫• الحكم رقم ‪ 1201‬ال�صادر عن �إدارية البي�ضاء بتاريخ ‪ 2009/6/17‬في الملف‬
‫‪ 07/807‬بمنا�سبة الطعن في �إ�صدار الأمر بالتح�صيل في �إطار الم�سطرة‬
‫ال�سريعة قبل ا�ستنفاد م�سطرة اللجان ال�ضريبية‪ ،‬والذي جاء فيه‪� ،‬أنه ي�ستفاد‬
‫من المقت�ضيات الم�شار �إليها �أعاله �أن الم�شرع خول الإدارة الحق في �إ�صدار الأمر‬
‫بالتح�صيل تبعا للتقديرات المحددة في الر�سالة الثانية مما يكون معه الدفع بعدم‬
‫م�شروعية الأمر بالتح�صيل عديم الأ�سا�س‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫و�إذ ال يت�سع المجال هنا لعر�ض العديد من القرارات والأحكام التي تك�شف عن‬
‫مدى حر�ص القا�ضي الإداري على التطبيق ال�سليم للمقت�ضيات القانونية‪ ،‬نكتفي‬
‫بالإحالة على الأحكام الكثيرة التي تكر�س هذا الحر�ص على التطبيق ال�سليم للقانون‬
‫خالل المنازعة الق�ضائية بمنا�سبة الطعن في مقررات اللجنة الوطنية بالخ�صو�ص‪،‬‬
‫�سواء فيما يتعلق بالم�سطرة التواجهية (الإ�شعار بالفح�ص ‪ -‬م�سطرة الت�صحيح) �أو‬
‫ما يتعلق بم�سطرة المثول �أمام اللجان وم�سطرة اتخاذ مقرراتها‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التو�سع في �إعمال البطالن ‪:‬‬

‫�إن القا�ضي الإداري‪ ،‬حر�صا منه على تطبيق القاعدة القانونية تطبيقا �سليما متى‬
‫كانت وا�ضحة‪ ،‬ق�ضى بعدم التو�سع في �إعمال الجزاء المتمثل في بطالن مقررات‬
‫اللجان ال�ضريبية باعتبار �أن حاالت البطالن جاءت في المادة ‪ 220‬من المدونة‬
‫العامة لل�ضرائب على �سبيل الح�صر ‪:‬‬
‫• حالة عدم توجيه الإ�شعار بالتحقيق داخل الأجل‬
‫• حالة عدم تبليغ جواب المفت�ش على مالحظات الخا�ضع لل�ضريبة داخل‬
‫الأجل‬
‫ومن بين �أبرز المواقف ال�صادرة عن الق�ضاء بخ�صو�ص عدم التو�سع في �إعمال‬
‫جزاء البطالن كون عدم تبليغ مقرر اللجنة الوطنية �إلى الملزم داخل �أجل ‪� 6‬أ�شهر‬
‫الموالية ل�صدوره‪ ،‬ال يف�ضي �إلى بطالن هذا المقرر بعلة �أن الم�شرع لم يرتب �أي‬
‫جزاء على ذلك‪.‬‬
‫‪� -‬إقرار مبد�أ توزيع عبء الإثبات ‪:‬‬

‫�إن المبد�أ العام في الإثبات كما هو معروف �أن البينة على المدعي‪ ،‬وهو ما‬
‫�أقرته المادة ‪ 399‬من قانون االلتزامات والعقود‪� ،‬إال �أن الأخذ بهذا المبد�أ على‬
‫�إطالقه ال ي�ستقيم مع خ�صو�صية المنازعة ال�ضريبية وكذا مع الطابع الح�ضوري‬
‫لم�سطرة التحقيق فيها‪ ،‬لذلك لم ينظم الم�شرع م�س�ألة الإثبات في المادة ال�ضريبية‬
‫في تنظيم خا�ص‪ ،‬حتى يترك للقا�ضي هام�شا من الحرية في هذه الم�س�ألة‬

‫‪63‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫لذلك فقد ارت�أى الق�ضاء الإداري المغربي عدم التطبيق ال�صارم لقاعدة �إلقاء‬
‫عبء الإثبات على المدعي‪ ،‬بل عمد �إقرار مبد�أ توزيع عبء الإثبات بين الإدارة‬
‫ال�ضريبية والملزم تبعا لطبيعة وجدية الدفوع الم�صرح بها ونوعية و�سائل الإثبات‬
‫المدلى بها‪ ،‬علما �أن و�سائل الإثبات المتاحة في النزاعات العادية لي�ست متاحة‬
‫للملزم في النزاع ال�ضريبي (كاليمين و�شهادة ال�شهود مثال)‪.‬‬
‫وفي هذا الإطار وكمثال لتوزيع عبء الإثبات‪،‬اعتبر الق�ضاء الإداري �أن‬
‫الإدارة هي الملزمة بعبء �إثبات �أنها التزمت بال�ضوابط المتعلقة بم�سطرة التحقيق‬
‫وخا�صة ما يتعلق باحترام �أجل ‪ 15‬يوما الفا�صلة بين تبليغ الإ�شعار بالفح�ص وبداية‬
‫الأ�شغال‪.‬‬
‫وبالمقابل جعل الق�ضاء عبء الإثبات على عاتق الملزم متى دفع بتخلف‬
‫الإدارة عن تقديم الملف �إلى اللجنة الوطنية داخل الأجل المقرر لذلك قانونا‪.‬‬
‫وقد اعتبر الق�ضاء الإداري كقاعدة عامة في مجال توزيع عبء الإثبات �أن‬
‫الأ�صل هو تحقق ما ذكر وداخل الآجال المقررة قانونا و�أن على من يدعي خالف‬
‫ذلك �إثباته (قرار الغرفة الإدارية عدد ‪ 204‬الم�ؤرخ في ‪.)2008/3/5‬‬
‫وهكذا ومن خالل ما �سبق يمكن القول �أن القا�ضي الإداري لم يعمل فقط‬
‫على مراقبة التطبيق ال�سليم للقانون وتكري�س ال�ضمانات المخولة بمقت�ضاه لكل‬
‫من الملزم والإدارة بل �ساهم بالإ�ضافة �إلى ذلك تطوير الن�صو�ص القانونية بتف�سير‬
‫غمو�ضها وملء فراغها‪ ،‬وبذلك فهو ي�شكل با�ستمرار م�صدرا رئي�سيا للت�شريع‬
‫الجبائي في بالدنا‪.‬‬
‫ب‪ -‬بع�ض مظاهر عدم ت�صدي الق�ضاء لمقررات اللجان ال�ضريبية ‪:‬‬

‫�إذا كان القا�ضي الإداري قد لعب دورا �إيجابيا في ممار�سة الرقابة على مقررات‬
‫اللجان ال�ضريبة فيما يخ�ص الحر�ص على احترام التطبيق ال�سليم للقانون ومراقبة‬
‫مدى احترام الإجراءات القانونية للمثول �أمام اللجان ال�ضريبية وانعقادها‪ ،‬ف�إنه‬

‫‪64‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫بالمقابل لم يعمل على الت�صدي للو�سائل المو�ضوعية المتعلقة بجوهر الت�صحيحات‬


‫التي اعتمدتها اللجان ال�ضريبية متى ثبت له انعقاد الإجراءات القانونية التخاذ‬
‫مقرراتها‪ ،‬فكان من نتائج ذلك التجاوز الكلي لمرحلة اللجان ال�ضريبية وعدم‬
‫الت�صدي لمقرراتها فيما يخ�ص جوهر الت�صحيحات‪.‬‬
‫‪ -‬التجاوز الكلي لمرحلة اللجان ال�ضريبية ‪:‬‬

‫�إن القول ب�أن المنازعة الجبائية هي منازعة على مراحل ينطوي على عن�صر‬
‫اال�ستمرارية والتوا�صل بين مراحل وحلقات هذه المنازعة وهو ما ي�ستوجب في‬
‫نظرنا عدم تجاهل �أهمية مرحلة الطعن �أمام اللجان ال�ضريبية كمحطة �أ�سا�سية في‬
‫النزاع‪ ،‬ا�ستغرقت وقتا وجهدا مهمين في �إعادة تحديد �أ�سا�س ال�ضريبة من خالل‬
‫مجموعة معقدة من العمليات الجبائية والمحا�سبية والح�سابية قبل �أن ت�صل �إلى‬
‫اتخاذ مقررها‪.‬‬
‫ومما ال �شك فيه �أن الممار�سة الق�ضائية في هذا الباب ا�ستقرت على اعتبار‬
‫النتيجة التي تو�صلت �إليها مرحلة الطعن �أمام اللجان غير جديرة باالعتبار‪ ،‬و�أن‬
‫الطعن �أمام الق�ضاء ين�شر الملف من جديد ويعيد المنازعة �إلى نقطة البداية‪.‬‬
‫ومن �ش�أن التجاوز الكلي لمرحلة الطعن �أمام اللجان ال�ضريبية �أن تترتب عنه‬
‫بع�ض النتائج غير ال�سليمة والمتمثلة في عدم مراعاة ‪:‬‬
‫• �أن الملزم �أو الإدارة ال يمكنهما الطعن في ت�صحيح لم يطعنا فيه في‬
‫المراحل ال�سابقة‬
‫• �أن الملزم �أو الإدارة ال يمكنهما الطعن في ت�صحيح �سبق �أن وافقا عليه‬
‫وفي هذا ال�صدد ال يفوتنا �أن ن�شيد ببع�ض التوجهات الق�ضائية اال�ستثنائية التي‬
‫ال تتجاهل مرحلة الطعن خالل اللجان ال�ضريبية وتجعل منها ا�ستمرارية للمرحلة‬
‫الق�ضائية‪ ،‬وعلى �سبيل المثال الحكم عدد ‪ 56‬ال�صادر عن �إدارية البي�ضاء بتاريخ‬
‫‪ 2004/2/11‬في الملف الإداري عدد ‪ 3/309‬غ الذي جاء فيه ‪:‬‬

‫‪65‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫«وحيث بالن�سبة لباقي الو�سائل‪ ،‬ف�إن نظر المحكمة ينح�صر في الدفوع المثارة �أمام‬
‫اللجنة الوطنية دون غيرها من الو�سائل التي �أثيرت �أول مرة من خالل المرحلة الق�ضائية‪،‬‬
‫مما تكون معه هذه الدفوع غير جديرة بالرد عليها‪.»....‬‬
‫‪ -‬عدم الت�صدي للو�سائل المثارة خالل مرحلة اللجان ‪:‬‬

‫لقد �ألزم الم�شرع اللجان ال�ضريبية بتعليل قراراتها حتى تك�سبها القوة الثبوتية‬
‫الالزمة وحتى يت�سنى للق�ضاء معرفة وتبيان مواطن القوة ومواطن الخلل والعيب‬
‫في بنائها‪ ،‬وبالتالي يبقى من ال�ضروري �أن يعمل القا�ضي الإداري على ا�ستثمار‬
‫ذلك المجهود الذي بدله �أع�ضاء اللجان التي ير�أ�سها ق�ضاة وتتكون من متخ�ص�صين‬
‫وخبراء في ال�ضرائب والمحا�سبة واالقت�صاد من خالل الت�صدي لمختلف الو�سائل‬
‫والدفوعات المثارة خالل مرحلة اللجان والمتعلقة بجوهر الت�صحيحات التي‬
‫اعتمدها هذه اللجان �أو تخلت عنها‪.‬‬
‫ون�شير في هذا الباب �إلى �أنه �إذا كان الف�صل في النزاع ال�ضريبي ي�ستلزم الح�سم‬
‫في تقنيات بالغة التعقيد وفي مفاهيم ذات محتوى تقني دقيق تفر�ض بال�ضرورة‬
‫اللجوء �إلى الخبير‪ ،‬لإبداء ر�أيه في هذا الجانب الفني‪ ،‬ف�إن دور القا�ضي ال ينبغي‬
‫�أن يقت�صر في مراقبة الجانب ال�شكلي للخبرة بل �إن رقابة القا�ضي ينبغي �أن تكون‬
‫�شاملة لمختلف عنا�صر وم�ضامين الخبرة من حيث واقعيتها وفنيتها ودرجة ثبوتها‪،‬‬
‫حتى يكون موقفه وق�ضاءه معلال تعليال �سليما (الخبرة مو�ضوع مداخلة �أخرى في‬
‫هذه الندوة)‪.‬‬
‫كانت هذه بع�ض المالحظات حول بع�ض مظاهر عدم تفاعل القا�ضي الإداري‬
‫مع مرحلة الطعن �أمام اللجان‪ ،‬لي�س الهدف منها تقييم الأحكام الق�ضائية‪ ،‬ولكن‬
‫الهدف منها عر�ض هذه المالحظات للمناق�شة من قبل المتدخلين والمهتمين‬
‫للو�صول �إلى بع�ض الخال�صات المفيدة في تطوير عمل الإدارة واللجان والق�ضاء‬
‫في مجال المنازعة ال�ضريبية‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫خاتمـة ‪:‬‬

‫بالرغم من كون المنازعات الإدارية تعتبر مرحلة مهمة و�أ�سا�سية من مراحل‬


‫المنازعة الجبائية‪ ،‬ف�إن ذلك ال ي�شكل ب�أي حال من الأحوال مناف�سة للمرحلة‬
‫الق�ضائية باعتبار �أن الق�ضاء يبقى هو �صاحب الوالية العامة في المنازعة ال�ضريبية‬
‫وال�ضمانة الأ�سمى للملزم من �أي �ضرر قد يطاله من عمل الإدارة‪ ،‬ف�ضال عن دوره‬
‫الأ�سا�سي كم�صدر من م�صادر الت�شريع ال�ضريبي‪ ،‬حيث �أ�سهم ب�شكل �إيجابي‬
‫في �إبداع الكثير من االجتهادات لمواجهة بع�ض �أوجه الغمو�ض والق�صور في‬
‫الن�صو�ص القانونية لم يملك الم�شرع �إزاءها �إال �أن يتدخل لو�ضعها في �شكل‬
‫ن�صو�ص ومقت�ضيات قانونية‪.‬‬
‫الئحة المراجع ‪:‬‬

‫‪ )1‬المراجع الأ�سا�سية ‪:‬‬


‫‪ -‬المدونة العامة لل�ضرائب‪.‬‬
‫‪ -‬مدونة تح�صيل الديون العمومية‪.‬‬
‫‪ -‬قانون جبايات الجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪� -‬أعمال الندوة الوطنية حول العمل الق�ضائي والمنازعات ال�ضريبية ‪ 28‬و‪ 29‬مار�س ‪ 2005‬المن�شورة‬
‫بدفاتر المجل�س الأعلى عدد ‪.2005/8‬‬
‫‪� -‬أعمال الندوة الوطنية حول المنازعات ال�ضريبية المنظمة بكلية الحقوق بمكنا�س �أيام ‪ 4‬و‪ 5‬دجنبر‬
‫‪ ،2009‬من�شورة بمجلة الق�سطا�س والزيتونة عدد خا�ص‪.‬‬
‫‪ -‬حياة البجدايني ‪ :‬قواعد التقا�ضي في المادة ال�ضريبية‪ ،‬من�شورات مجلة الحقوق المغربية �سل�سلة‬
‫درا�سات ق�ضائية الإ�صدار الثالث ‪.2010‬‬
‫‪ -‬محمد ق�صري ‪ :‬المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتح�صيل ال�ضريبة �أمام الق�ضاء الإداري‪ ،‬من�شورات‬
‫المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ‪� REMALD‬سل�سلة �أعمال وم�ؤلفات جامعية الطبعة الأولى‬
‫‪.2005‬‬
‫‪- LAZRAK Rachid : Le contrôle et le contentieux de l’impôt au Maroc, édition la porte‬‬
‫‪2007.‬‬
‫‪- Assises nationales sur la fiscalité au Maroc , le 26 et 27 novembre 1999.‬‬

‫‪67‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ )2‬المقاالت والدرا�سات ‪:‬‬


‫‪ -‬لبي�ض بوبكر ‪ :‬المطالبة التمهيدية كحل بديل للمنازعة الجبائية �أمام الق�ضاء درا�سة غير من�شورة‪.‬‬
‫‪ -‬خالد عبد الغني ‪ :‬المنازعة الجبائية‪ ،‬درا�سة غير من�شورة‪.‬‬
‫‪ -‬المختار ال�سريدي ‪ :‬الطعن في �أ�سا�س ال�ضريبية �أمام اللجان ال�ضريبية‪ ،‬درا�سة من�شورة بجريدة‬
‫ال�صباح‪.‬‬
‫‪ -‬المختار ال�سريدي ‪ :‬الطعن الق�ضائي في الأ�سا�س ال�ضريبي لإر�ساء مفهوم جديد درا�سة من�شورة بجريدة‬
‫ال�صباح‪.‬‬
‫‪- Jean Paul CORDEAU : l’amélioration des relations entre l’administration fiscale et le‬‬
‫‪contribuable, Revue du trésor N° 10, octobre 2008.‬‬

‫‪ )3‬القرارات والأحكام الق�ضائية ‪:‬‬


‫‪ -‬قرار الغرفة الإدارية عدد ‪ 420‬الم�ؤرخة في ‪.2003/06/26‬‬
‫‪ -‬قرار الغرفة الإدارية عدد ‪ 79‬الم�ؤرخ في ‪.2006/2/1‬‬
‫‪ -‬قرار الغرفة الإدارية عدد ‪ 204‬الم�ؤرخ في ‪.2008/3/5‬‬
‫‪ -‬الحكم رقم ‪ 1201‬ال�صادر عن �إدارية البي�ضاء في الملف ‪ 07/807‬بتاريخ ‪.2009/6/17‬‬
‫‪ -‬الحكم رقم ‪ 56‬ال�صادر عن �إدارية البي�ضاء في الملف رقم ‪ 3/309‬غ بتاريخ ‪.2004/2/11‬‬
‫‪ -‬الحكم رقم ‪ 630‬ال�صادر عن �إدارية مكنا�س بتاريخ ‪.2009/9/1‬‬
‫‬

‫‪68‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الرقابة الق�ضائية على العمل ال�ضريبي‬


‫حاالت للدرا�ســة‬
‫الأ�ستاذ عبد المعطي القدوري‬
‫رئي�س المحكمة الإدارية ب�أكادير‬

‫�إن �أ�سا�س الرقابة على �أعمال الإدارة هو �إخ�ضاع هذه الأعمال للقانون وهو ما‬
‫يعبر عنه ا�صطالحا بمبد�أ الم�شروعية �أي �سيادة حكم القانون‪ .‬وطرق هذه الرقابة‬
‫في المجال الإداري نوعان ‪ :‬رقابة �إدارية ورقابة ق�ضائية(‪ .)1‬والذي يعنينا هنا في‬
‫هذه المداخلة هو الرقابة الثانية والمبا�شرة من طرف الق�ضاء الإداري بالذات‪،‬‬
‫والعمل الإداري الذي يهمنا هو العمل ال�ضريبي �إن على م�ستوى الت�أ�سي�س �أو‬
‫على م�ستوى التح�صيل‪ .‬والرقابة الق�ضائية على هذا العمل لي�ست رقابة ذاتية‪ ،‬وال‬
‫رئا�سية‪ ،‬وال تلقائية‪ ،‬بل تبا�شر من طرف م�ؤ�س�سات ق�ضائية م�ستقلة محددة قانونا‬
‫تنظيما واخت�صا�صا‪ ،‬وتبت بمنا�سبة رفع المنازعة �إليها‪ ،‬وتعتبر من �أنجع و�سائل‬
‫المراقبة باعتبار الق�ضاء ال�سلطة المخت�صة في مراجعة ن�شاط الإدارة ال�ضريبية‪،‬‬
‫ومراقبة مدى مالءمة الإجراءات المتبعة في ن�ش�أة الإلزام ال�ضريبي‪ ،‬للمبادئ العامة‬
‫للقانون(‪� ،)2‬أي �إحقاق الحق‪ .‬وتكون مهمة القا�ضي �أي�سر كلما طابق القانون الحق‬
‫�أو قاربه‪ ،‬وتكون �أ�صعب كلما ابتعد القانون عن الحق لأنه (�أي القا�ضي) ملزم‬
‫بتطبيق القانون‪ ،‬والبت في المنازعة و�إال اعتبر منكرا للعدالة‪ .‬ف�أمام مقت�ضيات‬
‫قانونية ثبتت مخالفتها للمبادئ العامة للقانون �أو �أ�ضحت بعيدة عن الحق يجتهد‬
‫القا�ضي متخذا في ذلك م�سالك متعددة‪ ،‬للتخفيف من �آثار المقت�ضيات المعيبة‬
‫(من منظور الحق) �سعيا للتقرب �أكثر �إلى الحق م�ستغال كل غمو�ض �أو �إبهام �أو‬
‫(‪ ) 1‬مليكة ال�صروخ ‪ :‬القانون االداري درا�سة مقارنة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪� ،1992‬ص ‪.372‬‬
‫(‪ )2‬عبد الغني خالد ‪ :‬الم�سطرة في القانون ال�ضريبي المغربي‪� ،‬ص ‪.355‬‬

‫‪69‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ثغرة‪� ،‬أي ي�ضحى م�شرعا بقدر ما ي�سمح به فراغ الن�ص �أو غمو�ضه(‪ )3‬دون الإخالل‬
‫بالتوازن الالزم بين �ضمان حقوق الملزم‪ ،‬وحقوق الخزينة العامة‪ .‬ولهذا‪،‬‬
‫وخالفا لما يذهب �إليه البع�ض(‪ )4‬فللق�ضاء الإداري في المغرب دور حا�سم في‬
‫مجال المادة ال�ضريبية على الرغم من �أنها مطبوعة بالتقنين‪ ،‬وهذا الدور ي�شمل كل‬
‫المنازعات �سواء ان�صبت على ال�شكل والإجراءات �أو الجوهر‪ .‬والدليل ارتفاع‬
‫وثيرة الدعاوى ال�ضريبية المعرو�ضة على المحاكم الإدارية‪ .‬ومعلوم �أن مقا�ضاة‬
‫المواطنين للإدارة ال�ضريبية ظاهرة �صحية تجعل من الق�ضاء الإداري �شريكا فعليا‬
‫في �صناعة القرار ال�ضريبي(‪ .)5‬ولما لهذا من انعكا�س ايجابي على الملزم يتجلى‬
‫في تدعيم الثقة في الم�ؤ�س�سات‪ ،‬كما �أن للعمل الق�ضائي دور هام وباعث على‬
‫تح�سين �صياغة القوانين ال�ضريبية‪ ،‬وخير م�ؤ�شر على ذلك هذه الندوة الوطنية في‬
‫المادة ال�ضريبية‪ ،‬وكذا التحيين التدريجي للن�صو�ص ال�ضريبية والذي انتهى �إلى‬
‫�صدور مدونة عامة لل�ضرائب �سنة ‪ ،)6(2007‬ومدونة تح�صيل الديون العمومية‬
‫�سنة ‪ )7(2000‬بالإ�ضافة �إلى �أن التعديالت ال�سنوية في قوانين المالية ت�ستح�ضر دائما‬
‫االجتهاد الق�ضائي‪ ،‬وتجدر الإ�شارة هنا �إلى م�س�ألة �أ�سا�سية وهي قراءة وتطبيق‬
‫القانون من طرف كل من القا�ضي والمفت�ش ال�ضريبي والمحا�سب العمومي‪ .‬ف�إذا‬
‫كان الثالثة ينطلقون في قراءتهم و�أحيانا في تف�سيرهم للمقت�ضيات ال�ضريبية من‬
‫منطلق واحد وهو القانون ف�إن الهاج�س �أو البعد الذي ي�سيطر على كل واحد منهم‬
‫ادري�س ال�ضحاك ‪ :‬الكلمة االفتتاحية‪� ،‬أ�شغال اليومين الدرا�سيين ‪ 28‬و‪ 29‬مار�س ‪ - 2005‬العمل الق�ضائي‬ ‫(‪) 3‬‬
‫والمنازعة ال�ضريبية‪ ،‬دفاتر المجل�س الأعلى‪ ،‬عدد ‪.2005/8‬‬
‫عبد الرحمان بليال ‪ :‬خ�صو�صيات العمل الق�ضائي في المنازعات الجبائية بالمغرب‪ ،‬المجلة المغربية لالدارة‬ ‫(‪) 4‬‬
‫المحلية والتنمية‪ ،‬ملف موا�ضيع ال�ساعة‪.‬‬
‫نور الدين بن �سودا ‪ :‬الكلمة االفتتاحية‪� ،‬أ�شغال اليومين الدرا�سيين ‪ 28‬و‪ 29‬مار�س ‪ ،2005‬العمل الق�ضائي‬ ‫(‪) 5‬‬
‫والمنازعة ال�ضريبية‪ ،‬دفاتر المجل�س الأعلى‪ ،‬عدد ‪.2005/8‬‬
‫المحدثة بموجب المادة خم�سة من قانون المالية رقم ‪ 06.43‬لل�سنة المالية ‪ 2007‬ال�صادر بتنفيذه الظهير ال�شريف‬ ‫(‪ )6‬‬
‫رقم ‪ 1.06.232‬بتاريخ ‪ 10‬ذي الحجة ‪ 31( 1427‬دجنبر ‪.)2006‬‬
‫ظهير �شريف رقم ‪� 1.00.175‬صادر في ‪ 28‬محرم ‪ 3( 1421‬ماي ‪ )2000‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 15.97‬بمثابة مدونة‬ ‫(‪ )7‬‬
‫تح�صيل الديون العمومية‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫بحكم طبيعة وظيفته يختلف من واحد لآخر‪ .‬فالقا�ضي انطالقته القانون وبعده‬
‫�إحقاق الحق وتحقيق العدالة‪.‬‬
‫والمفت�ش ال�ضريبي (�إدارة ال�ضرائب) ينطلق من القانون ‪� -‬أي نعم ‪� -‬إ�ضافة‬
‫للدوريات (الفقه ال�ضريبي) لكن هاج�سه وبعده مالي وهذا حق م�شروع فهو‬
‫يدافع عن حقوق الخزينة‪ ،‬وحقوق الخزينة وحدها ال غير‪ ،‬وي�س�أل ويقيم عمله‬
‫من طرف �إدارته بح�سب الرقم المالي الذي �أفرزه تحقيقه‪ .‬والمحا�سب العمومي‬
‫(الخزينة العامة) ينطلق كذلك من ن�صو�ص قانونية (مدونة التح�صيل مثال)‬
‫ومن الدوريات والمنا�شير الداخلية‪ ،‬لكن هاج�سه وبعده محا�سبي‪ ،‬فهو يراقب‬
‫ويحا�سب من طرف ال�سلطة الرئا�سية‪ ،‬لكن لي�س على مدى �ضمان حقوق المدينين‬
‫بل بقدر ما ا�ستخل�صه من ديون �ضريبية ور�سوم في حكمها بغ�ض النظر عن احترامه‬
‫لإجراءات اال�ستخال�ص �أو تقادم الدين‪.‬‬
‫بعد هذه المقدمة الالزمة لتو�ضيح معالم هذه المداخلة‪ ،‬وما دام �إطارها‬
‫محدد في عنوانها وهو حاالت للدرا�سة‪� ،‬أتناول �صور هذه الرقابة الق�ضائية في‬
‫بع�ض الحاالت على �سبيل المثال ال الح�صر (فقرة ثانية)‪ ،‬لكن البد في فقرة �أولى‬
‫من الإ�شارة �إلى الم�ؤ�س�سات الق�ضائية المعنية بالمنازعات ال�ضريبية (�أ) ثم �سرد‬
‫لأهم القواعد والمبادئ التي تحكم لزاما المادة ال�ضريبيـة (ب)‪.‬‬
‫الفقرة الأولى �أ ‪ -‬م�ؤ�س�سات الق�ضاء الإداري ‪:‬‬
‫(‪)8‬‬
‫منذ مار�س ‪� 1994‬شرعت المحاكم الإدارية المحدثة بموجب قانون ‪41.90‬‬
‫في عملها ب�صفتها الجهة الق�ضائية المخت�صة والمتخ�ص�صة بالنظر في المنازعات‬
‫الإدارية ومنها المنازعة ال�ضريبية في مواكبة للتحوالت الكبرى التي عرفها المغرب‬
‫في مجال تر�سيخ دولة الحق والقانون(‪.)9‬‬

‫(‪ )8‬ظهير �شريف رقم ‪� 1.91.225‬صادر في ‪ 22‬من ربيع الأول ‪� 10( 1414‬سبتمبر ‪.)1993‬‬
‫(‪ )9‬كلمة وزير العدل في �أ�شغال اليوم الدرا�سي الذي نظمته المدر�سة الوطنية لالدارة العمومية حول مو�ضوع «تطور‬
‫الق�ضاء الإداري بالمغرب» في �ضوء �إحداث محاكم ا�ستئناف �إدارية يوم ‪ 22‬نونبر ‪.2006‬‬

‫‪71‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وفي �شهر �شتنبر ‪ ،)10(2007‬وفي ا�ستمرارية لدعم بناء دولة الحق والقانون‪،‬‬
‫�شرعت محاكم اال�ستئناف الإدارية في عملها و�أ�ضحت بالتالي الغرفة الإدارية‬
‫بالمجل�س الأعلى تقوم بدورها الأ�صيل كمحكمة قانون بعد �أن كانت ولمدة ‪� 13‬سنة‬
‫تنظر كمحكمة مو�ضوع في ا�ستئناف الأحكام ال�صادرة عن المحاكم الإدارية‪.‬‬
‫الفقرة الأولى ب ‪ -‬مبادئ وقواعد تحكم المادة ال�ضريبية ‪:‬‬

‫هذه �أهم القواعد المنظمة للمادة ال�ضريبية‪ ،‬م�صدرها القانون �أو االجتهاد‬
‫الق�ضائي ن�سردها دون �شرح �أو تف�صيل الن المجال ال ي�سمح بذلك ‪:‬‬
‫‪ -‬قاعدة �شرعية ال�ضريبة‪ ،‬ال �ضريبية وال ر�سم �إال بمقت�ضى القانون‪.‬‬
‫‪ -‬ال �إعفاء وال �إ�سقاط �ضريبي �إال بمقت�ضى القانون‪.‬‬
‫‪ -‬التف�سير ال�ضيق للقانون ال�ضريبي‪.‬‬
‫‪ -‬ال�شك في مدى الن�ص وحدوده يف�سر ل�صالح الملزم‪.‬‬
‫‪ -‬عدم جواز اللجوء �إلى القيا�س‪ ،‬الن ا�ستعمال اال�ستنتاج والقيا�س يتناق�ض‬
‫مع مبد�أ د�ستورية ال�ضريبية‪.‬‬
‫‪ -‬الق�ضاء ال�ضريبي م�صدر من الم�صادر التف�سيرية للقاعدة الجبائية‪.‬‬
‫‪ -‬القانون ال�ضريبي كالقانون الجنائي ا�ستثناء وقيد على حرية الفرد في العمل‬
‫والتملك‪.‬‬
‫‪ -‬قاعدة تطبيق القانون ال�ضريبي من حيث الزمان‪ ،‬عدم رجعية القانون‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪� -‬صور للرقابة الق�ضائية (حاالت للدرا�سة) ‪:‬‬
‫الحالة الأولى ‪� -‬إ�شكالية تعذر الت�سليم �إلى الخا�ضع لل�ضريبة و�صحة التبليغ‬
‫على �ضوء المادة ‪ 219‬من المدونة العامة لل�ضرائب ‪:‬‬

‫من �أهم ال�ضمانات المقررة قانونا لفائدة الخا�ضع لل�ضريبة �إعالمه بالدين‬
‫(‪ ) 10‬ظهير �شريف رقم ‪� 1.06.07‬صادر في ‪ 15‬من محرم ‪ 14( 1427‬فبراير ‪ )2006‬بتنفيذ القانون رقم ‪80-03‬‬
‫المحدثة بموجبه محاكم ا�ستئناف �إدارية‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ال�ضريبي �سواء في مرحلة الت�أ�سي�س �أو التح�صيل‪ ،‬فال يقبل ت�أ�سي�س الدين ال�ضريبي‬
‫في غفلة من الملزم به‪ ،‬وقد كان القانون المالي بمقت�ضى المادة ‪ )11(5‬منه يعطي‬
‫�ضمانات كبيرة للملزم في هذا المجال‪� ،‬ضمانات �أكدها الق�ضاء على م�ستوى‬
‫المجل�س الأعلى‪ ،‬وتراجع عن �أهمها كتاب الم�ساطر الجبائية قانون المالية ل�سنة‬
‫‪ 2005‬في المادة ‪ 10‬منه‪.‬‬
‫فالرقابة هنا رقابة على الو�سائل والإجراءات في فر�ض ال�ضريبة �أو تح�صيلها‪،‬‬
‫و�إبطال الدين ال�ضريبي لهذه العلة ي�ؤدي �إلى �إ�سقاط الدين ال�ضريبي �ضمانا‬
‫ال�ستقرار المعامالت ما لم يكن الأجل ال زال مفتوحا �أمام الإدارة لإعادة التبليغ‬
‫وفقا لما يقت�ضيه القانون‪.‬‬
‫ويهمنا هنا ما ورد بالمادة ‪ 219‬من مدونة ال�ضرائب ل�سنة ‪ 2007‬الفقرة الأخيرة‬
‫التي تن�ص على �أنه «�إذا تعذر ت�سليم الوثيقة �إلى الخا�ضع لل�ضريبة بالعنوان المدلى‬
‫به �إلى مفت�ش ال�ضرائب عندما يتم توجيه الوثيقة في ر�سالة م�ضمونة الو�صول مع‬
‫�إ�شعار بالت�سلم �أو بوا�سطة �أعوان كتابة ال�ضبط �أو المفو�ضين الق�ضائيين �أو بالطريقة‬
‫الإدارية وتم �إرجاع الوثيقة مذيلة ببيان غير مطالب به �أو انتقل من العنوان �أو‬
‫عنوان غير معروف �أو غير تام �أو �أماكن مغلقة �أو خا�ضع لل�ضريبة غير معروف‬
‫بالعنوان‪ ،‬في هذه الحاالت يعتبر الظرف م�سلما بعد ان�صرام �أجل الع�شرة �أيام‬
‫الموالية لتاريخ �إثبات تعذر ت�سليم الظرف المذكور»‪.‬‬
‫وانطالقا من المقت�ضيات القانونية المذكورة �أعاله ف�إن التبليغ يعتبر �صحيحا‬
‫في بع�ض الحاالت‪ ،‬يعني حاالت محددة ح�صرا وال يجوز القيا�س عليها �أو �إ�ضافة‬
‫حاالت �أخرى غير الحاالت المن�صو�ص عليها ح�صرا‪ .‬وقد �أكد الق�ضاء �أن اعتماد‬
‫الإدارة في �صحة التبليغ بيانا غير البيانات الواردة ح�صرا في المادة ‪ .»219‬يعتبر‬
‫مخالفا للقانون ويجعل التبليغ غير �صحيح ويعر�ض الإجراءات التي بني عليها‬

‫(‪ )11‬المادة ‪ 5‬من قانون المالية ل�سنة ‪.1995‬‬

‫‪73‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الفر�ض للإبطال»(‪.)12‬‬
‫الحالة الثانية ‪ -‬حجية الجداول ال�ضريبية �أمام ال�سلطة الق�ضائية ‪:‬‬

‫�أرى من المفيد �سرد وقائع ق�ضية عر�ضت على الق�ضاء ثم التعليق في �شكل‬
‫قراءة للن�صو�ص المطبقة على النازلة‪.‬‬
‫خ�ضعت �شركة خا�صة لم�سطرة معالجة �صعوبات المقاولة فقام القاب�ض (الخزينة‬
‫العامة) بالت�صريح بمقت�ضيات �ضريبية تجاه هذه المقاولة �أمام القا�ضي المنتدب‪،‬‬
‫فنازع رئي�س المقاولة في الدين ال�ضريبي نافيا المديونية‪ ،‬ف�أ�صدر القا�ضي المنتدب‬
‫�أمرا بعدم االخت�صا�ص في تحقيق الدين بعلة �أن المنازعة في �صحة قيام الدين‬
‫العام تخت�ص المحكمة الإدارية بنظره طبقا لأحكام المادة ‪ 8‬من القانون المحدث‬
‫للمحاكم الإدارية‪.‬‬
‫فتقدم الخازن العام للمملكة بمقال �أمام المحكمة الإدارية باكادير في مواجهة‬
‫المقاولة المدينة والمدير العام لل�ضرائب وال�سنديك ملتم�سا اال�شهاد بثبوت‬
‫مديونيته تجاه المقاولة المدعى عليها‪ .‬ف�أ�صدرت المحكمة الإدارية ب�أكادير حكما‬
‫بعدم االخت�صا�ص النوعي ا�ست�أنفه قاب�ض قبا�ضة �آيت ملول و�صدر ب�ش�أنه قرار‬
‫عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى تحت رقم ‪ 350‬وتاريخ ‪ 2008-4-30‬ملف‬
‫�إداري (الق�سم الأول) عدد ‪ 2008/1/4/306‬ق�ضى ب�إلغاء حكم المحكمة الإدارية‬
‫ب�أكادير والت�صريح باخت�صا�ص هذه الأخيرة للبت في الطلب وب�إرجاع الملف �إليها‬
‫لموا�صلة النظر فيه معلال قراره بما يلي ‪« :‬حيث �إن الخازن العام عندما رفع الأمر‬
‫�إلى المحكمة الإدارية امتثاال لمقت�ضيات الفقرة الأخيرة من المادة ‪ 697‬من مدونة‬
‫التجارة وخ�شية �سقوط الحق‪ ،‬وطلب منها الإ�شهاد بثبوت دائنيته‪ ،‬ف�إن ذلك ال‬
‫يعني نقل اخت�صا�ص القا�ضي المنتدب �إلى المحكمة الإدارية‪ ،‬ولكن ح�سبه �أنه رفع‬
‫�أمامها المنازعة في الدين باعتباره دينا �ضريبيا يدخل في اخت�صا�صها طبقا للمادة ‪8‬‬

‫(‪ ) 12‬الحكم عدد ‪ 2009/363 :‬ال�صادر عن المحكمة الإدارية ب�أكادير في الملف عدد ‪� 2007/721‬ش والحكم‬
‫عدد ‪ 2010/792 :‬ال�صادر عن نف�س المحكمة في الملف عدد ‪� 2009/638‬ش‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫من القانون رقم ‪ ،41.90‬وطلب منها تكليف الملزم بعر�ض موجبات طعنه و�أوجه‬
‫منازعته‪ ،‬وال يمنع المحكمة الإدارية من الق�ضاء في المنازعة قبوال �أو رف�ضا»‪� .‬أن‬
‫ترفع في مثل نازلة الحال ‪ -‬وخروجا عن الأ�صل ‪ -‬من طرف الإدارة بدل الملزم‬
‫المنازع تطبيقا لن�ص خا�ص (المادة ‪ 697‬الم�شار �إليهـا‪.)...‬‬
‫ولأن المحكمة الإدارية ب�أكادير ملزمة بالبت والئيا بمقت�ضى قرار الإحالة �أعاله‪،‬‬
‫فقد بتت في الدعوى بعد التحقيق فيها وق�ضت برف�ض الطلب‪ .‬وجاء ب�أعلى حكمها‬
‫القاعدة التالية ‪( :‬تذيل الجداول ال�ضريبية بمجرد �إ�صدارها بال�صيغة التنفيذية من‬
‫طرف وزير المالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض له في ذلك وتكون قابلة للتنفيذ بقوة‬
‫القانون‪ ..‬نعم‪.‬‬
‫‪ -‬طلب الخازن العام الرامي �إلى الحكم ب�إثبات وح�صر الدين ال�ضريبي في‬
‫مبلغ معين في ذمة المقاولة المدعى عليها … ‪ -‬طلب غير م�ؤ�س�س قانونا … ‪-‬‬
‫رف�ضه‪ ...‬نعم) (تم �سحب الن�سخ التبليغية من الحكم المذكور ولم ي�ستـ�أنف)‪.‬‬
‫‪ -‬قراءة في المقت�ضيات القانونية المطبقة على المنازعة ‪:‬‬

‫جاء في المادة ‪ 8‬من قانون ‪ 41.90‬المحدث للمحاكم الإدارية �أنه ‪« :‬تخت�ص‬


‫المحاكم الإدارية‪ ...‬بالنظر في النزاعات النا�شئة عن تطبيق الن�صو�ص الت�شريعية‬
‫والتنظيمية المتعلقة بال�ضرائب‪ ...‬وبالبت في الدعاوى المتعلقة بتح�صيل الديون‬
‫الم�ستحقة للخزينة العامة‪.»...‬‬
‫وتن�ص المادة ‪ 36‬من نف�س القانون المذكور �أعاله والواردة في الباب الخام�س‬
‫تحت عنوان ‪« :‬اخت�صا�ص المحاكم الإدارية» فيما يتعلق بال�ضرائب وتح�صيل‬
‫الديون الم�ستحقة للخزينة والديون التي في حكمها على �أنه ‪« :‬تقدم الطعون‬
‫المن�صو�ص عليها في هذا الباب ويبت فيها وفق الإجراءات المقررة في الن�صو�ص‬
‫المتعلقة بال�ضرائب والر�سوم والديون المعنية»‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وال يوجد �أي ن�ص في قانون الت�أ�سي�س وال في قانون التح�صيل يورد �صراحة �أو‬
‫�ضمنيا هذه الحالة بجعل الخازن يطلب اال�شهاد ب�صحة دين �ضريبي �أمام المحكمة‬
‫الإدارية ال�سيما و�أنه بمقت�ضى المادة ‪ 8‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية ف�إنه‬
‫«تذيل جداول ال�ضرائب وقوائم الإيرادات و�أوامر المداخيل التي ي�صدرها‬
‫قبا�ض الت�سجيل عن الر�سم الق�ضائي وتلك المتعلقة بعائدات �أمالك الدولة بمجرد‬
‫�إ�صدارها ب�صيغة التنفيذ من طرف الوزير المكلف بالمالية �أو ال�شخ�ص الذي‬
‫يفو�ضه لذلك»‪.‬‬
‫وحيث �أنه بمقت�ضى المادة ‪ 695‬من مدونة التجارة ف�إن «القا�ضي المنتدب يقرر‬
‫بناء على اقتراحات ال�سنديك قبول الدين �أو رف�ضه �أو يعين �إما وجود دعوى جارية‬
‫�أو �أن المنازعة ال تدخل في اخت�صا�صه»‪.‬‬
‫وحيث �أنه بمقت�ضى المادة ‪ 697‬من مدونة التجارة ف�إنه ‪�« :‬إذا كان المو�ضوع‬
‫من اخت�صا�ص المحكمة التي فتحت الم�سطرة ف�إن الطعن �ضد �أوامر القا�ضي‬
‫المنتدب يعر�ض على �أنظار محكمة اال�ستئتاف‪ ،‬ويخول الطعن للدائن والمدين‬
‫وال�سنديك داخل �أجل خم�سة ع�شر يوما من تاريخ الإ�شعار بالن�سبة للدائن والمدين‬
‫ومن تاريخ المقرر بالن�سبة لل�سنديك‪ .‬غير �أنه ال يمكن للدائن الذي وقع نزاع في‬
‫دينه كال �أو بع�ضا والذي لم يرد على ال�سنديك داخل الأجل القانوني‪� ،‬أن يطعن‬
‫في �أمر القا�ضي المنتدب الم�ؤيد القتراح ال�سنديك‪ .‬حينما يكون المو�ضوع من‬
‫اخت�صا�ص محكمة �أخرى‪ ،‬ي�ؤدي تبليغ المقرر القا�ضي بعدم االخت�صا�ص ال�صادر‬
‫عن القا�ضي المنتدب �إلى �سريان �أجل مدة �شهران يجب خاللهما على المدعي �أن‬
‫يرفع الدعوى �إلى المحكمة المخت�صة تحت طائلة ال�سقوط»‪.‬‬
‫وحيث �أنه اعتبارا للمقت�ضيات القانونية �أعاله ف�إن تذييل الجداول ال�ضريبية‬
‫بمجرد �إ�صدراها بال�صيغة التنفيذية من طرف وزير المالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض له‬
‫يجعلها قابلة للتنفيذ بقوة القانون‪ ،‬و�أن طلب القاب�ض في الحالة مو�ضوع المناق�شة‬
‫المقدم �إلى القا�ضي المنتدب بالمحكمة التجارية والرامي �إلى �إثبات وح�صر‬

‫‪76‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الدين ال�ضريبي في ذمة المقاولة مو�ضوع م�سطرة معالجة �صعوبات المقاولة طلب‬
‫قانوني رفع �إلى من يملك والية البت فيه وعليه ح�صره و�إثباته وعلى من ينازع‬
‫فيها �شركة �أو �سنديكا �أن يرفع المنازعة في �صحة الدين المذكور �إلى المحكمة‬
‫المخت�صة وهي المحكمة الإدارية‪.‬‬
‫الحالة الثالثة ‪ -‬حالة عدم ذكر �أ�سباب الت�صحيح المادة ‪ 224‬من مدونة‬
‫ال�ضرائب ‪:‬‬

‫تن�ص مقت�ضيات المادة ‪ 224‬من م‪�.‬ض على �أنه «�إذا الحظ مفت�ش ال�ضرائب‪،‬‬
‫فيما يتعلق بالأرباح العقارية بعد االطالع على القرار الخا�ضع لل�ضريبة لمن�صو�ص‬
‫عليه في المادة ‪ ،83‬ما ي�ستوجب القيام ببع�ض الت�صحيحات �أو تقدير ثمن التملك‬
‫�أو نفقات اال�ستثمار الغير المبررة �أو هما معها �أو القيمة التجارية للأمالك المبيعة‪،‬‬
‫وجب عليه �أن يبلغ �إلى الخا�ضع لل�ضريبة‪ ،‬وفقا للإجراءات المن�صو�ص عليها‬
‫في المادة ‪ ،219‬الأ�سا�س الجديد الم�صحح وكذا �أ�سباب ومبلغ الت�صحيحات‬
‫المزمع القيام بها داخل �أجل ال يتجاوز ت�سعين يوما الموالية لتاريخ �إيداع الإقرار‬
‫المذكور‪»...‬‬
‫�إذن فمقت�ضيات المادة ‪ 224‬المذكورة �أعاله توجب على المفت�ش �إذا قرر‬
‫الت�صحيح �أن يبلغ �إلى الخا�ضع لل�ضريبة الأ�سا�س الجديد الم�صحح وكذا �أ�سباب‬
‫ومبلغ الت�صحيحات المزمع القيام بهـا‪ .‬وهو االتجاه الذي �سارت عليه المحكمة‬
‫الإدارية ب�أكادير في العديد من �أحكامها نذكر منها على �سبيل المثال الحكم عدد‬
‫‪ 2010/512‬الذي جاء فيه «�إن مفت�ش ال�ضرائب ملزم ب�أن يبلغ للخا�ضع لل�ضريبة‬
‫�أ�سباب الت�صحيح والتي تتجلى في ذكر المعطيات التقنية المعتمدة كعن�صر‬
‫للمقارنة في تحديد الأ�سا�س الجديد الم�صحح‪ .‬و�أن الثابت من ر�سالتي التبليغ‬
‫الأولى والثانية �أن الأ�سا�س الذي اعتمده مفت�ش ال�ضرائب في م�سطرة الت�صحيح‬
‫جاء خاليا من ذكر �أي عن�صر للمقارنة واعتمد تقديره على مجرد التخمين»‪.‬‬
‫والحكم عدد ‪ 2010/324‬الذي جاء فيه «ب�أن �إدخال تعديالت على �إقرار المدعية‬

‫‪77‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫يجب �أن ي�ستند على �أ�س�س قانونية وواقعية‪ ،‬والتي تتمثل في اال�ستناد على عقود‬
‫المقارنة للعقارات التي تتميز بنف�س الموا�صفات والمميزات للعقار مو�ضوع‬
‫م�سطرة الت�صحيح ال�ضريبي‪ ،‬والتي يتعين على الإدارة ت�ضمينها في الر�سالة المبلغة‬
‫�إلــى الملزم»‪.‬‬
‫وذكر �أ�سباب الت�صحيح في �صلب الر�سالة الأولى �أو الثانية ال يتعار�ض مع‬
‫مقت�ضيات المادة ‪ 246‬المتعلقة بال�سر المهني والتي تن�ص على �أنه «يلزم بكتمان‬
‫ال�سر المهني وفق �أحكام الت�شريع الجنائي الجاري به العمل‪ ،‬بمنا�سبة مزاولة‬
‫مهامه �أو اخت�صا�صاته‪ ،‬في تحديد ال�ضرائب والر�سوم ومراقبتها وا�ستيفائها �أو‬
‫المنازعات المتعلقة بها وكذا �أع�ضاء اللجان المن�صو�ص عليها في المواد ‪ 50‬و‪225‬‬
‫و‪ .226‬غير �أنه ال يجوز لمفت�ش �إدارة ال�ضرائب �أن ي�سلموا المعلومات �أو ن�سخ من‬
‫العقود �أو الوثائق �أو ال�سجالت التي في حوزتهم لأ�شخا�ص غير المتعاقدين �أو‬
‫الملزمين بال�ضريبة المعنيين �أو خلفهم العام‪� ،‬إال بموجب �أمر �صادر عن القا�ضي‬
‫المخت�ص»‪.‬‬
‫الحالة الرابعة ‪ -‬حاالت ح�سم فيها الق�ضاء ‪:‬‬

‫ر�أيت �أن �أثير من جديد هذه الحالة المتعلقة بنوع من المنازعات ح�سم فيها‬
‫الق�ضاء‪ ،‬وبالرغم من ذلك مازالت تقدم ب�ش�أنها دعاوى‪ ،‬وا�ستغل هذا اليوم‬
‫التوا�صلي الوطني لإعادة �سردها للح�سم فيها كذلك نهائيا من طرف الإدارة‬
‫ال�ضريبية وعدم �إ�صدار القرار ال�ضريبي ب�ش�أنها حفاظا على المال العام‪ ،‬وقتا‬
‫وجهدا‪ ،‬وم�صاريفا‪ ،‬ولك�سب ثقة الملزم ‪ /‬الم�ساهم‪ ،‬في م�ؤ�س�سات وطنه‪.‬‬
‫ومن بين هذه الحاالت‪ ،‬حالة الم�صاريف الق�ضائية المتعلقة بالم�ساعدة‬
‫الق�ضائية‪ ،‬اللوحة المهنية لبع�ض المهن (المحامي‪ ،‬الطبيب) وحالة الوكيل عن‬
‫الملزم الحقيقي‪ ،‬وحالة �إعفاء الأحبا�س العامة‪.‬‬
‫�أوال ‪ -‬فبالن�سبة للوحة المهنية (حكم المحكمة الإدارية لأكادير عدد ‪ 40‬وتاريخ‬
‫‪ 1995-6-8‬ملف رقم ‪ 1995-95‬وهو نف�س االتجاه الذي �سار عليه المجل�س الأعلى‬

‫‪78‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫بمقت�ضى قراره عــدد ‪ 342 :‬ال�صادر بتاريخ ‪ 2007-4-4 :‬ملف �إداري (الق�سم الثاني‬
‫‪ )1012/4/2/2005‬حيث جاء فيه �أن اللوحة التي يعلقها الطبيب بباب عيادته �أو بباب‬
‫بناية التي توجد بها العيادة المذكورة ال تتوفر فيها ال�شروط والموا�صفات التي‬
‫ق�صدها الم�شرع في الف�صل ‪ 192‬من القانون ‪ 30.89‬المتعلق بال�ضرائب والر�سوم‬
‫المقررة لفائدة الجماعات المحلية وهيئاتها‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬وبالن�سبة للم�صاريف الق�ضائية قرار المجل�س الأعلى ‪ 95‬وتاريخ ‪2006-2-8‬‬
‫ملف �إداري الق�سم الثاني عدد ‪( 2003/2/4/306‬وزير المالية والخو�ص�صة �ضد‬
‫ال�شركة الإفريقية للفالحة والمعادن) حيث جاء فيه �أن الأوامر بالتح�صيل بخ�صو�ص‬
‫الر�سوم الق�ضائية المطلوب ت�أديتها تفوق ما ق�ضت بها تلك الأحكام مما يجعل‬
‫ما طالبت به الم�ست�أنفة زائدا عن الم�صاريف المحكوم بها واجب الإلغاء‪ ،‬و�أن‬
‫المحكمة لما نحت هذا المنحى تكون قد �صادفت ال�صواب وحكمها واجب‬
‫الت�أييد‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬حالة ربط ال�ضريبة في مواجهة الوكيل بدل الملزم الحقيقي ‪:‬‬
‫الوكيل غير ملزم بالدين ال�ضريبي على الإدارة الإثبات‬
‫القرار ‪ 2004-4-29-649‬ملف �إداري الق�سم الثاني عدد ‪ 2003/2/4/405‬مدير‬
‫ال�ضرائب �ضد ال�سيد كبير ال�شرفي «لكن من جهة حيث �أن الوثائق المحا�سبية‬
‫الم�ستدل بها من طرف الم�ست�أنف (مدير ال�ضرائب) تفيد الطريقة التي تم بها‬
‫تنفيذ الوكالة وال تنفي هذه الوكالة‪ ،‬وال تدل بال�ضرورة على وجود عالقة تجارية‬
‫تربط الم�ست�أنف عليه ب�شركة �أبو �أيوب تتعلق بعمليات بيع الأول ال�سمك �إلى‬
‫هذه الأخيرة‪ .‬ومن جهة �أخرى حيث �أن الإدارة الجبائية التي تعتبر نف�سها دائنة‬
‫للم�ست�أنف عليه بال�ضريبة العامة على الدخل لي�س لها �سوى حق ال�ضمان العام على‬
‫جميع �أمواله»‪.‬‬
‫قرار ا�ستئنافية مراك�ش رقم ‪ 1035‬وتاريخ ‪ 2009-7-9‬مدير ال�ضرائب ‪� -‬ضد كمال‬
‫�شتواني «حيث �أن محكمة الدرجة الأولى قد �أ�شارت في حكمها عن �صواب �إلى �أن‬

‫‪79‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ال�ضرائب تهم كل خا�ضع ملزم ب�صفته ال�شخ�صية‪ ،‬و�أن التن�صي�ص في الوكالة على‬
‫القيام ب�إنجاز عملية البيع والقيام بالإجراءات المترتبة عنه ال يمنح الحق للإدارة‬
‫في �إلزام غير الخا�ضع ‪ -‬الوكيل ‪ -‬مكان الخا�ضع �شخ�صيا ‪ -‬الموكل‪ .‬وحيث �أن‬
‫الثابت من وثائق الملف وخا�صة الإعالم بال�ضريبة �أن هذه الأخيرة فر�ضت على‬
‫الم�ست�أنف عليه ب�صفته وكيال ولم تفر�ض على الملزم �شخ�صيا ‪ -‬الموكلة ‪ -‬فيكون‬
‫فر�ضها غير م�ؤ�س�س ويكون الحكم الم�ست�أنف القا�ضي ب�إلغائها م�صادفا لل�صواب‬
‫ويتعين ت�أييده»‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬حالة عدم تطبيق الن�ص ال�ضريبي من حيث الزمان ‪:‬‬
‫وهي حالة ن�سخ �أحكام قانونية �ضريبية دون الن�ص على مقت�ضيات انتقالية ب�ش�أن‬
‫الدين النا�شئ قبل الإلغاء ولم ي�صدر الأمر بتح�صيله‪.‬‬
‫قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 700‬الم�ؤرخ في ‪ 2008-9-17‬ملف �إداري الق�سم‬
‫الثاني عدد ‪ 2005/2/4/1278‬مدير ال�ضرائب �ضد عبد اهلل النا�صري‪.‬‬
‫«حيث �أن الم�ست�أنف ال يجادل في �أن واجب الت�ضامن الوطني على الأرا�ضي‬
‫غير المبنية بر�سم �سنة ‪ 1980‬لم يتم فر�ضه �إال �سنة ‪� 2002‬أي بعد ن�سخ �أحكام الف�صل‬
‫الأول مكرر من قانون المالية ل�سنة ‪ 1980‬بمقت�ضى المادة ‪ 9‬من قانون المالية ل�سنة‬
‫‪ 2001‬دون �أن يرد �ضمن مقت�ضيات هذه المادة �أي ن�ص ي�شير �إلى القانون الواجب‬
‫التطبيق بخ�صو�ص الدخول المح�صل عليها والأرا�ضي التي كانت خا�ضعة له قبل‬
‫�إلغائه �أي قبـل ‪ 2000-12-31‬كما هو الحال بالن�سبة للدخول والأرباح الخا�ضعة‬
‫لل�ضريبة على ال�شركات»‪.‬‬
‫خام�سا ‪ -‬الإعفاء ال�ضريبي المقرر للأوقاف العامة ‪:‬‬
‫المادتين ‪ 22‬و‪ 34‬من القانون رقم ‪ 47.06‬ال�صادر بتنفيذه الظهير ال�شريف رقم‬
‫‪ 1.07.203‬بتاريخ ‪ 2007-11-30‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية‪ ،‬حيث ا�ستثنت‬
‫المادة ‪ 22‬منه الأوقاف العامة من الخ�ضوع لر�سم ال�سكن الذي حل محل ال�ضريبة‬

‫‪80‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الح�ضرية‪ ،‬وا�ستثنت المادة ‪ 34‬من نف�س القانون الأوقاف العامة من الخ�ضوع‬


‫لر�سم الخدمات الجماعية الذي حل محل ر�سم النظافة(‪.)13‬‬
‫�إذن فوزارة الأوقاف وال�ش�ؤون الإ�سالمية عندما تنازع في �صفتها كملزمة‬
‫فهي في حل من �سلوك م�سطرة التظلم الإداري �أي من مقت�ضيات المادة ‪ 161‬من‬
‫القانون ‪ 47.06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية(‪.)14‬‬
‫ويجب الت�أكيد على �أن االحبا�س العامة تتولى ت�سييرها وزارة الأوقاف وال�ش�ؤون‬
‫الإ�سالمية �أما الأحبا�س المعقبة‪ ،‬فيكون للوزارة ب�ش�أنها حق الرقابة دون الت�سيير‬
‫المبا�شر ويقع على الإدارة ال�ضريبية �إذن �إثبات �أن الأحبا�س معقبة وبالتالي غير‬
‫معفية من ال�ضريبة في �إطار ما لها من �سلطة المراقبة في �إطار لجنة الإح�صاء‪.‬‬
‫هذه بع�ض الحاالت على �سبيل المثال ت�ؤكد �أهمية الرقابة الق�ضائية في حماية‬
‫ال�ضمانات المقررة قانونا لفائدة الملزمين بهدف تحقيق توازن �أف�ضل بين حقوق‬
‫ه�ؤالء وواجباتهم‪.‬‬
‫وال�سالم عليكم ورحمته تعالى وبركاته‪.‬‬

‫(‪ )13‬ظهير �شريف رقم ‪� 1.07.195‬صادر في ‪ 19‬من ذي القعدة ‪ 30( 1428‬نونبر ‪ )2007‬بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪ 47.06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية‪.‬‬
‫(‪ ) 14‬المادة ‪ 161‬من القانون ‪ 47.06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية والتي تنظم حق و�أجل المطالبة‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫دور الق�ضاء في تحقيق التوازن بين حقوق الملزم وواجباته‬


‫في الميدان الجبائي‬
‫ال�سيد محمد ال�سباعي‬
‫المدير الجهوي لل�ضرائب بالرباط‬

‫ال�شك �أن للق�ضاء دور هام في بناء دعائم دولة الحق والقانون‪ ،‬وتحقيق العدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬وبالتالي بناء �صرح ح�ضاري متين‪ ،‬قوامه الم�ساواة �أمام القانون‪،‬‬
‫والعدل والإن�صاف في المجتمع‪.‬‬
‫ودور القا�ضي في ظل دولة الحق والقانون هو �أوال و�أخيرا احترام م�ضمون‬
‫القاعدة القانونية؛ ومن �أجل ذلك فهو ي�أخذ بعين االعتبار م�س�ألتين �أ�سا�سيتين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬احترام القاعدة القانونية‪ ،‬بتطبيقها؛‬
‫‪ - 2‬العمل على تطويرها بف�ضل التف�سير واالجتهاد‪ ،‬وذلك في �إطار م�ؤ�س�سة‬
‫القا�ضي الم�شرع «‪»Le Juge Jurislateur‬؛ وهذا االجتهاد هو الذي‬
‫ي�سمح با�ستمرار القاعدة القانونية‪ ،‬وي�ضمن في النهاية احترام الم�صلحة‬
‫العامة للمجتمع؛ �أي ذلك التوازن القائم بين حقوق الأفراد والجماعات‬
‫وواجباتهم تجاه الدولة والمجتمع‪.‬‬
‫والتوازن في الميدان الجبائي هو االعتراف بحقوق وواجبات الملزمين‪،‬‬
‫ومراعاة هذه الحقوق مقابل حقوق الدولة والخزينة‪.‬‬
‫ومما ال �شك فيه‪� ،‬أن مبد�أ التوازن بين الحقوق والواجبات نابع من �أ�س�س‬
‫فل�سفية‪� ،‬أخالقية ودينية‪ ،‬كما كر�سته المواثيق الدولية‪ ،‬و�أقرته الد�ساتير العالمية‪.‬‬
‫وفي هذا ال�سياق ن�صت المادة ‪ 17‬من الد�ستور المغربي على �أنه ‪:‬‬

‫‪82‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫«على الجميع �أن يتحمل‪ ،‬كل قدر ا�ستطاعته التكاليف العمومية التي للقانون وحده‬
‫ال�صالحية لإحداثها وتوزيعها ح�سب الإجراءات المن�صو�ص عليها في الد�ستور»‪.‬‬
‫وهذه الحقوق والواجبات قد �أقرها الم�شرع عبر تر�سانة جبائية قوية ؛ كان‬
‫�آخرها �إقرار ميثاق الملزم في مجال المراقبة ال�ضريبية‪ ،‬كما ن�صت عليه المادة ‪212‬‬
‫من المدونة العامة لل�ضرائب التي تم تعديلها بمقت�ضى قانون المالية ل�سنة ‪.2011‬‬
‫وقد �أناط مهمة تطبيق هذه التر�سانة بالإدارة‪ ،‬ولكنه �أناط �أي�ضا بالق�ضاء الإداري‬
‫مهمة مراقبة مدى احترام الإدارة والملزمين على حد �سواء لهذا التوازن باعتباره‬
‫روح القانون الجبائي‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فتدخل الق�ضاء في الميدان الجبائي‪ ،‬يروم تحقيق هدفين متالزمين‪:‬‬
‫�أوال ‪ :‬الحر�ص على تفادي ال�شطط والتع�سف في ا�ستعمال ال�سلطة من طرف‬
‫الإدارة؛‬
‫وثانيا ‪ :‬تح�صين موارد الدولة من كل �أ�ساليب الغ�ش والتهرب ال�ضريبيين‪،‬‬
‫باعتبار �أن هذه الأ�ساليب تتطور ب�سرعة فائقة‪ ،‬و�أن الق�ضاء وحده الكفيل‬
‫بتطوير القاعدة القانونية‪ ،‬وا�ستباق الت�شريع الذي يتميز بطبيعته بالبطئ‬
‫وتعقيد م�سطرته‪ ،‬وعدم �إمكانية تغطيته لجميع الحاالت‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ف�إن‬
‫دور الق�ضاء �أ�سا�سي جدا في مالحقة كل الأ�ساليب التي من �ش�أنها �إلحاق‬
‫ال�ضرر بالم�صالح العليا للبالد‪.‬‬
‫ف�إلى �أي حد ا�ستطاع الق�ضاء المغربي‪ ،‬في تعامله مع الق�ضايا الجبائية‪� ،‬أن ي�ضمن‬
‫احترام الم�صلحة العامة للمجتمع‪ ،‬و�أن يوازن بين حقوق الملزم وواجباته؟‬
‫تلكم‪� ،‬أيتها ال�سيدات وال�سادة‪ ،‬هي الإ�شكالية التي �س�أحاول �أن �أناق�ش معكم‬
‫بع�ض محاورها‪ ،‬و�أ�شاطركم اهتمامات الإدارة الجبائية ب�ش�أنها‪.‬‬
‫وقبل ذلك‪� ،‬أتوجه �إلى �سعة �صدوركم ف�أذكركم �أن النظام الجبائي المغربي قد‬
‫�أقر حقوقا وفر�ض واجبات‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫و�أول هذه الواجبات‪ ،‬واجب الإدالء بالت�صريح‪ ،‬في ال�شكل والم�ضمون‬


‫والآجال التي يحددها القانون‪.‬‬
‫�إن الإدالء بالت�صريح الجبائي هو �أول ما يقوم به المواطن ليدخل دائرة االلتزام‬
‫الجبائي‪ ،‬وي�صبح بالتالي داخل �إطار القانون الذي يمكنه من حمايته ويمتعه‬
‫ب�ضماناته‪.‬‬
‫و�أود �أن �أعر�ض عليكم جدوال يت�ضمن �أهم الواجبات والحقوق وال�ضمانات‬
‫التي �أقرها النظام الجبائي المغربي‪.‬‬
‫وال�شك �أنكم �ستالحظون �أن هذا النظام يرتكز على مبد�أ �أ�سا�سي هو مبد�أ‬
‫الت�صريح التلقائي‪ .‬كما يرتكز على مبد�أ الأداء التلقائي بالن�سبة لغالبية ال�ضرائب‪.‬‬
‫وهكذا جعل الم�شرع المغربي الت�صريح التلقائي للملزم ركيزة النظام وحجر‬
‫الزاوية فيه‪ ،‬و�أراد �أن يتمتع هذا الت�صريح بقرينة ال�صدق ؛ وجعل على الإدارة‪،‬‬
‫التي �أناط بها مهمة المراقبة‪ ،‬عبء �إثبات عدم �صدقيته عند االقت�ضاء؛ وبالتالي‪،‬‬
‫ف�إن عمل الإدارة ون�شاطها ين�صب بالأ�سا�س على تطبيق القانون الجبائي وقواعده‪،‬‬
‫وهو ب�صفة عامة يرتكز على محورين‪:‬‬
‫الأول ‪ :‬ين�صب على مراقبة الت�صريحات والبيانات المدلى بها والأداءات‬
‫المقدمة من طرف الملزمين ومدى مطابقتها للقواعد القانونية الجبائية‪،‬‬
‫فيما يتعلق بقواعد الأ�سا�س ال�ضريبي والت�صفية والإعفاءات‪� ...‬إلخ‪ ،‬وكذا‬
‫بالآجال التي يجب احترامها‪.‬‬
‫�أما الثاني ‪ :‬فيتعلق بتتبع الملزمين الذين تخلفوا �أو امتنعوا عن الإدالء‬
‫بالت�صريحات القانونية والأداء التلقائي لل�ضرائب التي في ذمتهم‪.‬‬
‫وفي كلتي الحالتين‪ ،‬ف�إن الإدارة ملزمة باتباع م�سطرة �أقرها الم�شرع لتحمل‬
‫الملزم على االمتثال للقانون‪ ،‬و�أن تطبق الغرامات والجزاءات عند االقت�ضاء‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫و�أود �أن �أ�شير في هذا ال�صدد �أن الت�شريع الجبائي في المغرب‪ ،‬مثله مثل‬
‫باقي الت�شريعات العالمية يقيم تمييزا �أ�سا�سيا في التعامل بين الملزم الذي هو في‬
‫و�ضعية قانونية من حيث الإدالء بت�صريحاته في �إبانها ويقوم بالأداء �أي�ضا في وقته؛‬
‫فهذا يتمتع بحماية و�ضمانات خا�صة ‪ :‬فت�صريحاته على �سبيل المثال تتمتع بقرينة‬
‫ال�صدق‪ ،‬وعند القيام بم�سطرة الت�صحيح‪ ،‬يكون على الإدارة �أن تقدم الدليل‪ ،‬وله‬
‫�أي�ضا اللجوء �إلى الطعن �أمام اللجان المحلية واللجنة الوطنية للنظر في الطعون‬
‫ال�ضريبية‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة للملزم المتخلف عن الإدالء بالت�صريح‪ ،‬فهو يتعر�ض للفر�ض التلقائي‬
‫لل�ضريبة‪ .‬في حين �أن الذي يدلي به خارج الآجال‪ ،‬فهو يتعر�ض للجزاءات‬
‫والغرامات جراء عدم احترامه للآجال القانونية التي فر�ضها الم�شرع‪.‬‬
‫وقد دلت الممار�سة العملية‪� ،‬أن هناك فعال نوعان من الملزمين‪ ،‬الأول من�ضبط‬
‫والثاني متهرب �أو متمل�ص‪.‬‬
‫وقد اعتبر الق�ضاء الفرن�سي �أن تطبيق الغرامة عن الت�أخير في الت�صريح الزم‬
‫ل�ضمان ح�سن �سير النظام الجبائي الت�صريحي (قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية‬
‫بباري�س بتاريخ ‪.)2007/06/14‬‬
‫�إن عالقتنا مع عموم الملزمين عالقة عادية يطبعها االحترام المتبادل‪ .‬وبالتالي‬
‫ف�إن اللجوء �إلى الق�ضاء ال يكون �إال عند اختالف الإدارة مع الملزم حول تطبيق‬
‫القاعدة الجبائية بما لها من انعكا�س على حقوق الدولة وحقوق الملزم‪.‬‬
‫فكيف يتعامل الق�ضاء الإداري المغربي مع هذه الق�ضايا ؟ هل يراعي الم�صلحة‬
‫العامة للمجتمع ويتما�شى مع مفهوم العدالة الإجتماعية ؟ وبمعنى �آخر‪ ،‬هل ا�ستطاع‬
‫الق�ضاء �أن يخلق ذلك التوازن الذي �أقره الم�شرع بين الحقوق والواجبات ؟‬
‫هل يميز الق�ضاء في التعامل بين الملزم المخل بالتزاماته كليا‪ ،‬فال هو يقوم‬
‫بالت�صريح التلقائي وال بالأداء التلقائي‪ ،‬وبين الملزم الذي يطلب تدخل الق�ضاء‬

‫‪85‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وهو في و�ضعية �سليمة من حيث واجباته تجاه الدولة ؟‬


‫�أيتها ال�سيدات وال�سادة‪� ،‬إننا ن�ؤكد احترامنا ل�سلطة الق�ضاء وهيبته‪ ،‬ونعتبره‬
‫ال�ضمانة الأ�سا�سية لحماية حقوق الإدارة والمواطنين على حد �سواء‪ .‬ومن هذا‬
‫المنطلق‪ ،‬ف�إننا �سن�سعى �إلى ب�سط وجهة نظرنا حول م�س�ألة التوازن في الميدان‬
‫الجبائي من خالل ثالثة محاور �أ�سا�سية‪.‬‬
‫‪ -‬المحور الأول ‪ :‬تعامل الق�ضاء مع الملزم المخل بالتزاماته كليا ؛‬
‫‪ -‬المحور الثاني ‪ :‬الق�ضايا المرتبطة بالملزمين الذين �أدلوا ب�إقراراتهم‪ ،‬ولكنهم رف�ضوا‬
‫االمتثال للمراقبة ؛‬
‫‪ -‬المحور الثالث ‪ :‬الإثراء بال �سبب على ح�ساب الخزينة ؛‬

‫المحور الأول ‪ :‬تعامل الق�ضاء مع الملزم المخل بالتزاماته كليا ؛‬


‫الحالة الأولى ‪ :‬عدم تقديم الت�صريح بعملية البناء الذي ي�سلمه ال�شخ�ص لنف�سه؛‬

‫حيث �أ�صدرت المحكمة الإدارية بالرباط ‪ -‬الق�ضاء ال�شامل ‪ -‬بتاريخ ‪ 13‬فبراير‬


‫‪ 2009‬حكما يق�ضي ب�إلغاء ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة المطعون فيها ل�سقوطها‬
‫بالتقادم‪ .‬وتعود وقائع هذه الق�ضية �إلى تاريخ ‪� 20‬أبريل ‪ ،2007‬حيث قامت الإدارة‬
‫ب�إجراء الم�سطرة القانونية تدعو من خاللها الملزم �إلى تقديم ت�صريحه عن عملية‬
‫البناء الذي �سلمه لنف�سه ؛ فتقدم المعني بالأمر بطلب يهدف �إلى الحكم ب�إلغاء‬
‫ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة و�أ�س�س طعنه على و�سيلتين ‪ :‬الأولى م�ستمدة ح�سب‬
‫تقديره من عدم احترام الإدارة لم�سطرة الفر�ض التلقائي لل�ضريبة والثانية من‬
‫تقادم �إجراءات فر�ض ال�ضريبة‪.‬‬
‫ونعتقد �أن هذا الحكم ي�ستوجب الإدالء بالمالحظات التالية ‪:‬‬
‫�أوال ‪� :‬إن المدعي‪ ،‬وهو مخاطب بقواعد القانون الجبائي‪ ،‬كان عليه حال االنتهاء‬
‫من �أ�شغال البناء القيام بالت�صريح والأداء المن�صو�ص عليه في القانون‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وحفاظا على حقوق الخزينة وحق المجتمع‪ ،‬تمت معه مبا�شرة م�سطرة الفر�ض‬
‫التلقائي؛ وهي م�سطرة �صحيحة لم تناق�شها المحكمة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬لقد ا�ستندت المحكمة الموقرة �أ�سا�سا على واقعة عقد اال�شتراك للتزود‬
‫بالكهرباء للقول بالتقادم‪ .‬ولم تطالب المعني بالأمر بتقديم ن�سخة من و�صل �إيداعه‬
‫الت�صريح؛ ولم تكلف نف�سها �أي�ضا طرح �س�ؤال هل فعال عقد اال�شتراك هذا كان‬
‫بعد االنتهاء من الأ�شغال �أم �أثناء القيام بالأ�شغال لما تتطلبه وجوبا من ا�ستخدام‬
‫القوة الكهربائية‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫ثالثا ‪� :‬أثناء مناق�شة وقت انتهاء الأ�شغال‪ ،‬ا�ستدلت هيئة المحكمة بالف�صل‬
‫من القانون المنظم لل�ضريبة على القيمة الم�ضافة ‪ ،30-85‬واعتبرت �أن الم�شرع لم‬
‫يحدد بدقة م�س�ألة �إثبات انتهاء الأ�شغال ؛ مادام �أنه تحدث عن رخ�صة ال�سكنى �أو‬
‫�أي وثيقة �أخرى تقوم مقامها‪ ،‬وهذا �صحيح‪ .‬ولكنه ترك للقا�ضي حرية االجتهاد‪:‬‬
‫فانتهاء الأ�شغال يقترن عادة بطلب رخ�صة ال�سكنى ؛ وفي حالة عدم طلبها يقترن‬
‫بواقعة ال�سكن ذاتها‪.‬‬
‫وهنا �أطرح الت�سا�ؤل التالي ‪:‬‬
‫كيف ي�ستند الق�ضاء في حكمه على �شهادة ال�سكنى‪ ،‬مع العلم �أن �أي مواطن‬
‫يمكنه �أن ي�ستقر ب�سكنه دون طلب �أي �شهادة �سكنى من ال�سلطة المحلية �إال عند‬
‫حاجته �إليها‪ .‬وقد يكون هذا بعد �أكثر من �سنتين �أو ثالث‪ ،‬مع �أن �شهادة ال�سكنى‬
‫لي�ست قرينة تفيد تاريخ انتهاء الأ�شغال‪ ،‬بل تفيد واقعة ال�سكنى في تاريخ ت�سليمها‬
‫من طرف الإدارة (وغالبا ما ت�سلم هذه ال�شهادة ب�أثر رجعي عن �سنوات �سابقة)‪.‬‬
‫وعندما ق�ضت المحكمة ب�إلغاء ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة ب�سقوطها بالتقادم‪،‬‬
‫هل حققت فعال ذلك التوازن بين حق الملزم في االعترا�ض ودفعه بالتقادم‪ ،‬وبين‬
‫واجبه في �إيداع �إقراره و�أداء ال�ضريبة في الأجل القانوني ؟‬

‫‪87‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�إننا نعتقد وبكل احترام‪� ،‬أن هيئة المحكمة الموقرة بوا�سطة حكمها هذا‪ ،‬قد‬
‫فوتت فر�صة �إعادة الأمور �إلى مجراها الطبيعي بم�ساءلة المعني بالأمر عن عدم‬
‫�إيداعه الت�صريح‪ ،‬و�إعطاء الإ�شارات ال�صحيحة للإدارة والملزمين‪ .‬وبذلك فهي‬
‫في نظرنا لم تقم ذلك التوازن بين حقوق الملزم وواجباته‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪ :‬الفر�ض التلقائي لل�ضريبة ‪/‬الأرباح العقارية‪ ،‬وتم�سك الملزم بعدم احترام‬
‫الم�سطرة ؛‬

‫وتتلخ�ص هذه الحالة في كون �أحد المواطنين قام بمقت�ضى عقد عرفي م�صحح‬
‫الإم�ضاء بتاريخ ‪ 11‬غ�شت ‪ 1989‬بتفويت عقار يقع بمدينة الرباط‪ .‬وكان على‬
‫المعني بالأمر طبقا للمادة ‪ 5‬من قانون المالية ل�سنة ‪ 1978‬المنظم لهذه ال�ضريبة‪،‬‬
‫�إخبار الإدارة الجبائية بالواقعة المن�شئة لل�ضريبة وذلك عن طريق تقديم ت�صريح‬
‫بعملية التفويت واحت�ساب ال�ضريبة الواجبة و�أدائها‪� .‬إال �أنه لم يفعل قيد حياته ؛‬
‫والمالحظ �أي�ضا �أن العقد العرفي المذكور لم ي�شر �إلى محل �سكنى البائع �أو محل‬
‫المخابرة معه مما حدا بالإدارة �إلى فر�ض ال�ضريبة ب�صورة تلقائية بعنوان العقار‪.‬‬
‫فقام الورثة بتقديم دعوى في المو�ضوع لدى المحكمة الإدارية بالرباط والتي‬
‫�أ�صدرت حكمها بتاريخ ‪ 2006/06/23‬والقا�ضي في ال�شق المتعلق بالوعاء بقبول‬
‫الطلب �شكال‪ ،‬ومو�ضوعا‪ ،‬ب�إلغاء م�سطرة فر�ض ال�ضريبة على الأرباح العقارية‬
‫وواجب الت�ضامن الوطني‪ .‬كما حكمت في ال�شق المتعلق بالتح�صيل‪ ،‬ب�إلغاء‬
‫المطالبة ب�أداء ال�ضريبة الم�شار �إليها‪.‬‬
‫وبغ�ض النظر عن الحيثيات التي بني عليها الحكم‪ ،‬ف�إننا نود �أن نتعر�ض هنا �إلى‬
‫مناق�شة م�س�ألة �أ�سا�سية وهي ‪ :‬هل الق�ضاء عند مناق�شته لملفات من هذا القبيل لم‬
‫يتم الت�صريح فيها مطلقا من طرف الملزم‪� ،‬أي �أنه يقع خارج دائرة القانون‪ ،‬هل‬
‫يتم الأخذ بعين االعتبار الواقعة المن�شئة لل�ضريبة �أي حقوق الدولة والجماعة‪،‬‬
‫�أم يتم تغليب الجانب ال�شكلي للم�سطرة للقول ب�إ�سقاط ال�ضريبة ؟ بمعنى‪ ،‬هل �إن‬

‫‪88‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫عدم احترام الإدارة ل�شكلية من ال�شكليات يعد وحده �سببا كافيا لإ�سقاط حقوق‬
‫الدولة جملة وتف�صيال ؟‬
‫وهكذا‪ ،‬ف�إن الق�ضاء ب�إلغائه م�سطرة فر�ض ال�ضريبة‪ ،‬قد �أ�سقط حق الدولة في‬
‫ا�ستخال�ص ال�ضريبة على الأرباح العقارية‪ ،‬و�أعفى الملزم ؛ ا�ستنادا �إلى خرق‬
‫الم�سطرة ؛ من الت�صريح والأداء مع �أنه �أخل بواجب من واجبات المواطنة‪.‬‬
‫و�أريد �أن �أذكر على �أن الم�شرع لم يرتب على عدم احترام م�سطرة الفر�ض‬
‫التلقائي �إ�سقاط ال�ضريبة‪ ،‬بل ترك الباب مفتوحا �أمام الق�ضاء ليجتهد طبقا لكل‬
‫حالة على حدة‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬ي�ستخل�ص مما �سبق �أن �إلغاء ال�ضريبة العتبارات م�سطرية‪ ،‬ي�ؤكد‬
‫المنحى ال�شكلي للق�ضاء الإداري دون نظره في الدعاوى ال�ضريبية على م�ستوى‬
‫المو�ضوع‪.‬‬
‫المحور الثاني ‪ :‬الق�ضايا المرتبطة بالملزمين الذين �أدلوا ب�إقراراتهم‬
‫ورف�ضوا الخ�ضوع للمراقبة‬

‫من المدونة العامة لل�ضرائب والمتعلقة‬ ‫‪229‬‬ ‫الإ�شكاليات الناتجة عن تطبيق المادة‬
‫بم�سطرة الفر�ض التلقائي ؛‬

‫في �إطار م�سطرة المراقبة التي �أقرها الم�شرع‪ ،‬تطالب الإدارة الملزمين‬
‫الخا�ضعين لهذه الم�سطرة بو�ضع الوثائق المحا�سبية رهن �إ�شارة المفت�ش المحقق‪،‬‬
‫�إال �أن بع�ضهم ال يمتثل لهذا الإجراء فتبا�شر م�سطرة الفر�ض التلقائي في حقهم‬
‫(المادة ‪ 229‬من المدونة العامة لل�ضرائب)‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة ف�إن الإدارة تحدد �أ�سا�س ال�ضريبة بناء على المعلومات‬
‫المتوفرة لديها ؛ والتي تح�صل عليها في �إطار حق الإطالع المن�صو�ص عليه في‬
‫المادة ‪ 214‬من المدونة العامة لل�ضرائب‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وفي الوقت الذي تتكثف فيه الجهود عبر العالم ل�ضمان ال�شفافية في المعامالت‪،‬‬
‫والت�صريح بالمداخيل �أيا كانت ن�ش�أتها‪ ،‬ومطالبة الكثير من الدول كالواليات‬
‫المتحدة الأمريكية‪ ،‬و�ألمانيا‪ ،‬وفرن�سا برفع ال�سر البنكي عن ودائع مواطنيها في‬
‫البنوك ال�سوي�سرية‪ ،‬وا�ستفادتها من خ�صم ال�ضرائب من المنبع بتفعيل قوانينها‬
‫الداخلية على ح�ساب القانون ال�سوي�سري‪ ،‬ومحاربة كل �أ�شكال تبيي�ض الأموال‬
‫�أو عدم الت�صريح بها جبائيا‪ ،‬ف�إن �صدور بع�ض الأحكام في المغرب تبعا للمراقبة‬
‫الجبائية ا�ستعملت فيها الإدارة حق الإطالع لدى الأبناك وخا�صة التعليل الذي‬
‫اعتمدته هذه الأحكام‪ ،‬للقول ب�إ�سقاط ال�ضريبة الفتقادها للم�شروعية‪ ،‬ي�ستدعي‬
‫التنبيه �إلى هذا التوجه الذي قد يع�صف بحقوق الدولة في هذا المجال‪.‬‬
‫و�إليكم التعليل والحكم الذي خل�ص �إليه ‪ :‬يقول الحكم «فقد �أثبتت الخبرة‬
‫المنجزة من طرف المحكمة بوا�سطة الخبير ب�أن الح�سابات البنكية للمدعية‪،‬‬
‫المعتمدة من طرف الإدارة في تحديد الأ�سا�س الجديد لفر�ض ال�ضريبة المفتوحة‬
‫لدى ال�شركة العامة المغربية للأبناك‪ ،‬بكل من الوكاالت الأربع‪ ،‬هي ح�سابات‬
‫�شخ�صية ال عالقة لها بن�شاطها المهني‪ ،‬و�أن المبالغ المودعة بها غير مت�أتية من هذا‬
‫الأخير‪ ،‬وبالتالي ف�إن االرتكان �إليها من طرف الإدارة ب�صفة منفردة يخالف الغاية‬
‫المق�صودة من حق الإطالع الم�شار �إليه �أعاله‪ ،‬لأنها ال تمكن من تحديد المداخيل‬
‫المحققة من طرف المدعية‪ ،‬ف�ضال عن انعدام ال�سند القانوني الذي ي�سمح للإدارة‬
‫بفر�ض ال�ضريبة على مبالغ الح�سابات البنكية دون �إثبات ارتباطها بن�شاط خا�ضع‬
‫لل�ضريبة»‪.‬‬
‫وي�ضيف التعليل ‪:‬‬
‫«وحيث من جهة ثانية‪ ،‬ف�إن االعتماد المجرد على الح�سابات ال�شخ�صية في‬
‫غياب الإدالء بحجج وقرائن تفيد ب�أنها ناتجة عن ن�شاط خا�ضع لل�ضريبة �سوف‬
‫ي�ؤدي �إلى الت�شكيك التلقائي في �إقرارات الخا�ضع لل�ضريبة وفر�ض ال�ضريبة على‬
‫الأر�صدة المودعة بتلك الح�سابات‪ ،‬كما �سي�ؤدي �إلى قلب عبء الواقعة المن�شئة‬

‫‪90‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫لل�ضريبة وجعله على عاتق الملزم بدل الإدارة‪� ،‬أي �إلزام الخا�ضع لل�ضريبة ب�إثبات‬
‫م�صدر الأر�صدة المذكورة عو�ض �أن تكون الإدارة هي الملزمة ب�إثبات خ�ضوعها‬
‫لل�ضريبة‪.‬‬
‫وحيث تبعا لذلك‪ ،‬تكون ال�ضريبة المفرو�ضة على المدعية تفتقد �إلى الم�شروعية‬
‫لإنعدام �أ�سا�سها‪ ،‬ويتعين بالتالي الحكم ب�إلغائها»‪.‬‬
‫فالق�ضاء الإداري في نازلة الحال‪ ،‬ق�ضى ب�إلغاء ال�ضريبة‪ ،‬اعتبارا لما جاء في‬
‫قاعدة الحكم التي اعتمدها‪ ،‬وهي �أن الإدارة اعتمدت على مبالغ الأر�صدة‬
‫البنكية المودعة بالح�ساب ال�شخ�صي للمدعية رغم انتفاء �صلتها بن�شاطها المهني‬
‫وفر�ض ال�ضريبة عليها دون �إثبات ت�أتيها من ن�شاط خا�ضع لل�ضريبة‪.‬‬
‫وفي هذا ال�صدد‪ ،‬يجب التذكير بالنقط والمبادئ القانونية التالية ‪:‬‬
‫�أوال ‪� :‬إذا كان الق�ضاء كقاعدة عامة يلج�أ �إلى الخبرة كو�سيلة للتحقق في‬
‫الوثائق المقدمة‪ ،‬ف�إن هذا الحكم قد ا�ستند على الخبرة كو�سيلة �إثبات‪ ،‬للقول ب�أن‬
‫الأر�صدة البنكية للمعنية بالأمر هي ودائع �شخ�صية وال عالقة لها بن�شاطها المهني ؛‬
‫ك�أن الخبير على �إطالع بعالقة المداخيل البنكية ب�أن�شطة �أخرى غير الن�شاط المهني‬
‫الخا�ضع لل�ضريبة‪ .‬وحتى في هذه الحالة‪ ،‬كان على المعنية بالأمر �أن تثبت ذلك‬
‫للإدارة‪ ،‬وكان حريا بالخبير �أي�ضا �أن يثبت ذلك ويبينه في تقريره‪ .‬هذا من جهة‪،‬‬
‫ومن جهة ثانية‪ ،‬ف�إن الح�سابات ال�شخ�صية هي بالن�سبة للإدارة و�سيلة �إثبات رقم‬
‫المعامالت �إال �إذا �أدلت المعنية بالأمر بما يفند ذلك‪ ،‬كح�صولها على مداخيل‬
‫ناتجة عن ن�شاط معفى‪� ...‬إلخ‪.‬‬
‫ثانيا ‪� :‬إن هذا الحكم قلب عبء الإثبات على الإدارة‪ ،‬مع �أنه في حالة المراقبة‬
‫و�إتباع م�سطرة الفر�ض التلقائي يكون عبء الإثبات على الملزم‪ .‬ذلك �أن المادة‬
‫‪ 229‬من المدونة العامة لل�ضرائب تن�ص على �أنه ‪« :‬غير �أنه يمكن المنازعة في‬
‫ال�ضريبة المذكورة وفق ال�شروط المن�صو�ص عليها في المادة ‪� 235‬أدناه»‪� ،‬أي‬

‫‪91‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫تقديم مطالبة �إدارية و�إن اقت�ضى الأمر مطالبة ق�ضائية‪ .‬ومن المبادئ الم�ستنبطة‬
‫من المادة الجبائية‪� ،‬أن عبء الإثبات يتحمله من كلفه الم�شرع باحترام التزام‬
‫�إجرائي‪ ،‬وهكذا بالن�سبة لم�سطرة المنازعة ال�ضريبية‪ ،‬ف�إن عبء الإثبات يقع على‬
‫الملزم‪.‬‬
‫ثالثا ‪� :‬إن الأ�سا�س هو ت�ضريب جميع المداخيل كيفما كان م�صدرها‪� ،‬إال ما �أعفاه‬
‫الم�شرع ب�صريح العبارة‪.‬‬
‫ومقارنة مع نازلة �أخرى مماثلة‪ ،‬لم يحمل الق�ضاء فيها الإدارة عبء �إثبات ت�أتي‬
‫الأر�صدة البنكية من ن�شاط خا�ضع لل�ضريبة‪ ،‬بل اجتهد في منحى �آخر وطالب‬
‫بوجوب �إتباع م�سطرة المراجعة‪ ،‬في حين �أننا �أمام حالة رف�ض الخ�ضوع للمراقبة‪.‬‬
‫وبالتالي تخ�ضع الحالة للمادة ‪ 229‬من المدونة العامة لل�ضرائب‪.‬‬
‫والخال�صة‪� ،‬أننا �إذا نظرنا �إلى م�س�ألة التوازن بين حق الملزم وواجباته في ميدان‬
‫المراقبة الجبائية‪ ،‬ف�إنه من ال�ضروري الت�أكيد على المبادئ التالية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬في حالة فر�ض ال�ضريبة تلقائيا و�سلوك الملزم لم�سطرة المنازعة ال�ضريبية‪،‬‬
‫ف�إن عبء الإثبات يقع على هذا الأخير �أي الخا�ضع لل�ضريبة‪.‬‬
‫‪ - 2‬ال يمكن �إعمال الم�سطرة التواجهية المن�صو�ص عليها في المادة ‪ ،220‬في‬
‫حالة رف�ض الملزم الخ�ضوع للمراقبة مما يجعله تحت طائلة الم�سطرة‬
‫المن�صو�ص عليها في المادة ‪( 229‬الفر�ض التلقائي لل�ضريبة)‪.‬‬
‫كما يتبين �أي�ضا �أن الق�ضاء يمكن �أن يلعب دورا هاما و�إيجابيا في حث الملزم‬
‫على الإتيان بالتزاماته وقبوله لحق الإدارة في المراقبة‪.‬‬
‫المحور الثالث ‪ :‬الإثراء بال �سبب على ح�ساب الخزينة ؛‬

‫ومن بين ما لوحظ من خالل درا�سة مجموعة من الملفات تركيز الق�ضاء على‬
‫الجانب الم�سطري فقط ولو �أدى الأمر �إلى �إثراء بع�ض الملزمين بال �سبب على‬

‫‪92‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ح�ساب الخزينة وال�سيما في ميدان ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪ ،‬وال�ضريبة على‬
‫الدخل المفرو�ضة على الأجر والمقتطعة في المنبع‪.‬‬
‫‪ - 1‬فمن الم�ؤكد �أن ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة تن�صب على اال�ستهالك‪.‬‬
‫و�أن اقتطاعها يمر على كل مراحل الإنتاج وت�صريف المنتوج �إلى �أن ي�صل �إلى‬
‫الم�ستهلك النهائي‪ .‬و�أن هذا الأخير هو الذي يتحمل عبئها‪ .‬ويكون الملزم‬
‫بال�ضريبة اتجاه �إدارة ال�ضرائب هو الو�سيط بين الم�ستهلك والدولة باعتباره يقوم‬
‫بجمع ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة لح�ساب الخزينة‪.‬‬
‫فال�ضريبة التي يتم جمعها هي �أموال الدولة‪ .‬ويتعين على الملزم بال�ضريبة على‬
‫القيمة الم�ضافة‪ ،‬الوفاء بالتزاماته‪� ،‬أي تقديم الت�صريح برقم المعامالت المحقق‬
‫ودفع ال�ضريبة المطابقة للخزينة‪ .‬وهكذا ف�إن بع�ض الملزمين يخلون بهذه‬
‫االلتزامات فال يودعون �إقرارهم برقم المعامالت‪ ،‬وال ي�ؤدون ال�ضريبة الم�ستحقة‬
‫عليهم‪.‬‬
‫‪ - 2‬كما �أنه في ميدان ال�ضريبة على دخل الأجور‪ ،‬فقد �أوجب الم�شرع على‬
‫الم�شغلين والمدينين بالإيرادات حجزها في المنبع وذلك لح�ساب الخزينة‬
‫(المادة ‪ 156‬من المدونة العامة لل�ضرائب)‪.‬‬
‫كما �أوجب عليهم دفع هذه ال�ضرائب المحجوزة في المنبع‪� ،‬إلى قاب�ض الخزينة‬
‫وذلك خالل ال�شهر الموالي لل�شهر الذي تم فيه الحجز (المادة ‪ 174‬من المدونة‬
‫العامة لل�ضرائب) مع الإدالء بالإقرار ال�سنوي المتعلق بها‪.‬‬
‫وقد �أبانت الممار�سة العملية على �أن بع�ض الملزمين‪ ،‬بالرغم من �إيداعهم‬
‫للإقرارات ال�سنوية‪ ،‬المت�ضمنة لمبالغ ال�ضريبة التي احتجزوها في المنبع‪ ،‬فهم‬
‫يتقاع�سون عن دفع هذه المبالغ للخزينة وال ي�ستجيبون للر�سائل الموجهة �إليهم‬
‫في �إطار م�سطرة الفر�ض التلقائي (المادة ‪ 228‬من المدونة العامة لل�ضرائب)‪ ،‬مما‬
‫ي�ؤدي �إلى فر�ضها تلقائيا و�إ�صدارها عن طريق الجدول‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وعند لجوئهم �إلى الق�ضاء‪ ،‬بدعوى عدم احترام م�سطرة فر�ض ال�ضريبة‪ ،‬ينظر‬
‫القا�ضي فقط �إلى م�س�ألة الم�سطرة ويق�ضي ب�إلغائها‪ ،‬دون م�ساءلة الملزم ب�إرجاع‬
‫المبالغ المحجوزة �إلى �صندوق الدولة‪ ،‬باعتبارها ال تعود �إليه‪ .‬حيث ق�ضى حكم‬
‫في هذا المو�ضوع ب�إلغاء الم�سطرة‪ ،‬وجاء في حيثياته «ال جدوى من �إجراء البحث‬
‫في �سبب رجوع طي التبليغ»‪.‬‬
‫�إن هذه ال�ضرائب هي �أموال الدولة‪ ،‬ويجب على القا�ضي حر�صا منه على‬
‫المال العام‪� ،‬أن يطلب تلقائيا �أن تودع في الخزينة‪ ،‬و�إن عدم �إيداعها هو هدر‬
‫للأموال العمومية من جهة و�ضرب لمبد�أ العدالة ال�ضريبية من جهة ثانية‪.‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬

‫ال�سيدات وال�سادة الأ�ساتذة المحترمين ‪:‬‬

‫�إن �إ�شكالية التوازن في الميدان الجبائي بين الحق والواجب �إ�شكالية معقدة‬
‫ومتعددة الجوانب‪ ،‬يتداخل فيها �أوال‪ ،‬ما هو قانوني في �شكله وجوهره‪ ،‬وثانيا‪،‬‬
‫ما يرتبط بمحيط تطبيق القاعدة القانونية في المجتمع كم�ستوى الثقافة الجبائية‬
‫والح�س الجبائي الوطني‪ ،‬و�أخيرا م�ستوى �أداء الإدارة الجبائية‪.‬‬
‫ويلعب الق�ضاء في هذه الإ�شكالية دور العدل والإن�صاف ودور الردع‬
‫والعقاب ؛ ولكنه يلعب �أي�ضا دورا بيداغوجيا وح�ضاريا هاما‪ .‬فبقدر ما ن�ؤكد على‬
‫�أهميته في �إر�ساء مبادئ العدالة الجبائية والم�ساواة �أمام تحمل الأعباء الجبائية‬
‫طبقا للد�ستور‪ ،‬ف�إننا نحث �أي�ضا على دوره في ردع �سلوكيات الغ�ش والتهرب‬
‫ال�ضريبي‪ .‬كما نتطلع �إلى المزيد من الأحكام التي تنير طريق المجتمع وتحمل في‬
‫ثناياها ر�سائل بيداغوجية في ميدان المواطنة الحقة باحترام االلتزامات الجبائية‪،‬‬
‫ور�سائل ح�ضارية للملزمين وللإدارة على حد �سواء‪.‬‬
‫و�إننا لننوه �أخيرا بالعمل الجاد والد�ؤوب الذي قامت به �أ�سرة الق�ضاء في‬ ‫ ‬

‫‪94‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الميدان الجبائي منذ مطلع اال�ستقالل �إلى الآن‪ ،‬ونفتخر بما راكمته من تجارب‬
‫وما �أعطته من درو�س ا�ستفادت منها الإدارة الجبائية وكل المتعاملين معها‪.‬‬
‫ �إن الإدارة لي�ست دائما الطرف القوي في عالقتها مع الملزم‪ ،‬فقد �أظهرت‬
‫الممار�سة على �أن هناك بع�ض الملزمين ال يحترمون التزاماتهم الجبائية وهم‬
‫بعيدون عن الح�س الجبائي الوطني‪.‬‬
‫و�أختم بقوله تعالى في �سورة المائدة الآية ‪: 8‬‬ ‫ ‬
‫ «ي�أيها الذين �آمنوا كونوا قوامين هلل �شهداء بالق�سط ؛ وال يجرمنكم‬
‫�شن�آن قوم على �أال تعدلوا‪ ،‬اعدلوا هو �أقرب للتقوى‪ ،‬واتقوا اهلل �إن اهلل خبير بما‬
‫تعملون»‪.‬‬
‫وال�سالم عليكم ورحمة اهلل‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية‬


‫االخت�صا�ص والم�سطرة والقرارات ال�صادرة عنها‬
‫الأ�ستاذ الح�سن الكا�سم‬
‫الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستئناف التجارية بالدارالبي�ضاء‬
‫رئي�س لجنة فرعية باللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية‬

‫�أحدثت منذ �سنة ‪ 1989‬لجنة دائمة تخت�ص بالنظر في الطعون المرفوعة �ضد‬
‫قرارات اللجن المحلية لتقدير ال�ضريبة‪ ،‬ت�سمى اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية‪،‬‬
‫تحت ال�سلطة المبا�شرة للوزير الأول ويوجد مقرها بالرباط‪.‬‬
‫و�سنتناول المو�ضوع من خالل �أربعة �أق�سام نخ�ص�ص الق�سم الأول لتركيبة‬
‫اللجنة الوطنية والق�سم الثاني الخت�صا�صها والم�سطرة �أمامها والق�سم الثالث‬
‫للقرارات ال�صادرة عنها والق�سم الرابع لطبيعة القرارات ال�صادرة عنها‪.‬‬
‫الق�سم الأول‬
‫تركيبة اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية‬

‫تت�ألف اللجنة الوطنية من ‪:‬‬


‫‪ - 1‬رئي�س‪.‬‬
‫ ير�أ�س اللجنة الوطنية وي�سيرها قا�ض ينتمي �إلى ال�سلك الق�ضائي يعين من‬
‫طرف الوزير الأول باقتراح من وزير العدل‪ ،‬وينوب عنه في حالة غيابه‬
‫رئي�س لجنة فرعية يعين من طرف الرئي�س كل �سنة (المادة ‪ 226‬من المدونة‬
‫العامة لل�ضرائب)‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪� - 2‬سبعة ق�ضاة ينتمون �إلى ال�سلك الق�ضائي يعينون من طرف الوزير الأول‬
‫باقتراح من وزير العدل (نف�س المادة ال�سابقة)‪.‬‬
‫‪ - 3‬ثالثون (‪ )30‬موظفا يعينون من طرف الوزير الأول باقتراح من وزير‬
‫المالية يتوفرون على تكوين جبائي‪ ،‬محا�سبي‪ ،‬قانوني �أو اقت�صادي من بين‬
‫فئة مفت�ش على الأقل �أو من درجة م�ساوية لها ويلحقون باللجنة الوطنية‪.‬‬
‫‪ - 4‬مائة (‪ )100‬ع�ضو من عالم الأعمال يعينون من طرف الوزير الأول باقتراح‬
‫م�شترك لوزراء المالية والتجارة وال�صناعة وال�صناعية التقليدية وال�صيد‬
‫البحري لمدة ثالث �سنوات باعتبارهم ممثلين للملزمين‪.‬‬
‫ويختار ه�ؤالء الممثلون من بين المنخرطين في المنظمات المهنية الأكثر‬ ‫ ‬
‫تمثيال‪.‬‬
‫‪ - 5‬كاتب عام‪.‬‬
‫ �أحدث من�صب الكاتب العام للجنة الوطنية بمقت�ضى المر�سوم رقم‬
‫‪ 2-09-606‬الم�ؤرخ في ‪ 2009/12/30‬ال�صادر تطبيقا للمادة ‪ 226‬من المدونة‬
‫العامة لل�ضرائب‪.‬‬
‫ويعين الكاتب العام من طرف الوزير الأول باقتراح من وزير المالية وحدد‬ ‫ ‬
‫المر�سوم المذكور مهام الكاتب العام في ‪:‬‬
‫‪ -‬تدبير الموارد الب�شرية الإدارية‪.‬‬
‫‪ -‬طلب عنا�صر الم�سطرة من �إدارة ال�ضرائب‪.‬‬
‫‪ -‬توزيع الملفات على الموظفين �أع�ضاء اللجنة وعلى اللجن الفرعية‪.‬‬
‫‪ -‬برمجة الملفات �أمام اللجن الفرعية‪.‬‬
‫‪ -‬تنظيم جل�سات اللجن الفرعية‪.‬‬
‫‪ - 6‬تنق�سم اللجنة الوطنية �إلى �سبع لجن فرعية وتت�ألف كل لجنة فرعية من‪:‬‬

‫‪97‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ -‬قا�ض رئي�سا‬
‫‪ -‬موظفين اثنين‬
‫‪ -‬ممثلين اثنين للملزمين‬
‫‪ -‬كاتب مقرر لح�ضور اجتماعات اللجنة الفرعية دون �أن يكون له حق‬
‫الت�صويت‪.‬‬
‫الق�سم الثاني‬
‫اخت�صا�ص اللجنة الوطنية والم�سطرة �أمامها‪.‬‬

‫‪ - 1‬اخت�صا�ص اللجنة الوطنية‬

‫تخت�ص اللجنة الوطنية بالنظر في الطعون المرفوعة �ضد قرارات اللجن المحلية‬
‫لتقدير ال�ضريبة �سواء تعلق الأمر بال�ضريبة على ال�شركات �أو ال�ضريبة على الدخل‬
‫�أو ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة �أو حقوق الت�سجيل‪.‬‬
‫و�سواء تعلق الأمر بالم�سطرة العادية �أو ال�سريعة لت�صحيح ال�ضرائب ف�إن الم�سطرة‬
‫تمر بمرحلة ر�سالة التبليغ الأولى وجواب الخا�ضع لل�ضريبة عليها ور�سالة التبليغ‬
‫الثانية وجواب الملزم عليها وفي حالة وجود ت�صحيحات مطعون فيها من طرف‬
‫الخا�ضع لل�ضريبة‪ ،‬فيحال الطعن المقدم ب�ش�أنها �إلى المفت�ش الذي ي�سلمه بدوره‬
‫�إلى اللجنة المحلية داخل �أجل �أربعة �أ�شهر‪ ،‬ولهذه اللجنة �أجل �أق�صى للبث في‬
‫النزاعات المعرو�ضة عليها محدد في �أربعة وع�شرين �شهرا ابتداء من تاريخ تقديم‬
‫الطعن‪.‬‬
‫ويمكن الطعن في قرارات اللجنة المحلية خالل �ستين يوما من تاريخ التبليغ من‬
‫طرف الملزم �أو الإدارة‪.‬‬
‫غير �أن القرارات ال�صادرة عن اللجن المحلية والمتعلقة بال�ضريبة على الدخل‬
‫بخ�صو�ص الأرباح العقارية وحقوق الت�سجيل ت�صدر ب�صورة نهائية �إذا كان مبلغ‬

‫‪98‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أ�صل الحقوق ال يتعدى ‪ 50.000‬درهم وال يجوز تبعا لذلك الطعن فيها �أمام اللجنة‬
‫الوطنية‪.‬‬
‫الم�سطرة �أمام اللجنة الوطنية‪.‬‬
‫توجه الطعون المرفوعة �ضد قرارات اللجن المحلية من طرف الملزم �أو‬
‫الإدارة �إلى رئي�س اللجنة الوطنية خالل ‪ 60‬يوما من تاريخ تبليغ القرار‪.‬‬
‫ويعهد بالملفات المتعلقة بالطعن �إلى موظفي اللجنة ق�صد البحث فيها‪.‬‬
‫وبعد االنتهاء من البحث تحال الملفات على اللجن الفرعية التي تعقد عددا‬
‫من الجل�سات كلما تطلب الأمر ذلك وت�ستدعي اللجنة وجوبا الملزمين وممثل‬
‫�إدارة ال�ضرائب في �شخ�ص المفت�ش الذي قام بتبليغ الت�صحيح وممثلي الملزمين‪،‬‬
‫وت�ستمع اللجنة الفرعية �إلى الطرفين �إما ب�صورة انفرادية �أو تجري مواجهة بينهما‬
‫بناء على طلب الطرفين �أو �أحدهما �أو عندما ترى اللجنة الفرعية �أن اال�ستماع �إلى‬
‫الطرفين �ضروري‪.‬‬
‫ويمكن للجنة الفرعية �أن ت�ضم �إليها خبيرا �أو خبيرين موظفين �أم ال لال�ستعانة‬
‫بخبرتهم ويكون ر�أيهم ا�ست�شاريا‪.‬‬
‫الق�سم الثالث‬
‫قرارات اللجنة الوطنية‬

‫تتداول اللجنة الفرعية وت�صدر قراراتها ب�أغلبية �أع�ضائها وفي حالة تعادل‬
‫الأ�صوات يكون �صوت الرئي�س مرجحا‪ ،‬وتجدر الإ�شارة �إلى �أن الكاتب المقرر‬
‫ال ي�شارك في الت�صويت كما ال يمكن اتخاذ القرار بح�ضور الخبير �أو الخبيرين في‬
‫حالة اللجوء �إليهم ال�ست�شارتهم‪.‬‬
‫ويجب �أن تنظر اللجنة في النزاع المعرو�ض عليها خالل ‪� 12‬شهرا من تاريخ‬
‫الطعن المرفوع �إلى اللجنة الوطنية (المادة ‪ 226‬من المدونة العامة لل�ضرائب)‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫كما يجب �أن تكون القرارات ال�صادرة عن اللجن الفرعية مف�صلة ومعللة‬
‫(المادة ‪ 226‬من المدونة العامة لل�ضرائب) وذلك بذكر الوقائع و�إجراءات‬
‫الم�سطرة تم تعليل القرار والتعليل يبرز الجهد المبذول من طرف اللجنة ب�إبراز‬
‫مجموعة من الأ�سباب الواقعية والقانونية التي بني عليها القرار والتعليل يهدف‬
‫�إلى اعتناء اللجنة بقرارها وتوخي العدالة ويقف التعليل حاجزا �ضد على تحيز �أو‬
‫تحكم محتمل من طرف اللجنة ويبين مدى احترام حقوق الدفاع وذلك بمناق�شة‬
‫�أوجه دفاع الأطراف وهو و�سيلة لإقناع الأطراف بوجهة نظر اللجنة و�أخيرا يمكن‬
‫المحكمة عند عر�ض النزاع عليها من مراقبة مدى �صوابية قرار اللجنة‪.‬‬
‫ويمنع على اللجنة �أن تبت في الم�سائل المتعلقة بتف�سير المقت�ضيات الت�شريعية‬
‫�أو التنظيمية‪ ،‬ذلك �أن القواعد القانونية �أيا كان م�صدرها قد تحتاج �إلى تف�سير‬
‫لتحديد مراد الم�شرع‪ ،‬وهذه المهمة ي�ضطلع بها الق�ضاء �سواء كان التف�سير للن�ص‬
‫ال�ضريبي �ضيقا �أو وا�سعا‪ ،‬فكلما تبين للجنة �أن البث في �أمر يتطلب تف�سير ن�ص‬
‫الت�شريعي �أو التنظيمي لغمو�ضه �إال ويتعين عليها �أن ت�صرح بعدم اخت�صا�صها‬
‫للنظر في ذلك‪� ،‬أما �إذا كان الن�ص �صريحا وال يحتاج �إلى تف�سير فيمكنها تطبيقه‪.‬‬
‫وقد �أكدت المحكمة الإدارية بوجدة بحكمها ال�صادر في ‪ 1999/09/29‬تحت‬
‫عدد ‪� 99/109‬أن لجوء اللجنة الوطنية �إلى تف�سير ن�ص قانوني و�إعطائه ت�أويال ح�سب‬
‫منظورها تكون قد بتت في م�س�ألة تتعلق بتف�سير ن�ص قانوني وعر�ضت قرارها‬
‫للبطالن و�أ�ضاف الحكم �أنه �إذا كان الن�ص وا�ضحا كعدم الطعن لديها داخل‬
‫الأجل القانوني �أو غير ذلك مما هو وا�ضح وال يحتاج �إلى تف�سير فيمكنها تطبيقه‬
‫(مجلة الحقوق المغربية الإ�صدار الثالث ل�سنة ‪� 2010‬صفحة ‪.)99‬‬
‫من الم�ؤكد �أن تف�سير الغمو�ض الذي قد يكتنف بع�ض الن�صو�ص القانونية �أو‬
‫التنظيمية تخت�ص به المحاكم وعندما ي�ستقر اجتهادها على �إعطاء مدلول معين‬
‫للن�ص في�صبح وا�ضحا ويمكن للجنة االعتماد عليه حين تطبيقها للن�ص المذكور‬
‫وال يعد ذلك خروجا عن اخت�صا�صها مادامت الجهة الموكول �إليها تف�سير الن�ص‬
‫قد بينت مدلوله والمق�صود منه‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الق�سم الرابع‬
‫طبيعة القرارات ال�صادرة عن اللجنة الوطنية‬

‫يرى اتجاه �أن الطعون �أمام اللجنة الوطنية تدخل �ضمن المنازعات الإدارية‬
‫على اعتبار �أن اللجنة الوطنية هيئة �إدارية تخ�ضع للجهاز التنفيذي �إذ تن�ص المادة‬
‫‪ 226‬من المدونة العامة لل�ضرائب على �أن اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية تخ�ضع‬
‫لل�سلطة المبا�شرة للوزير الأول كما �أن جميع �أع�ضاء اللجنة الوطنية يعينون من‬
‫طرف ال�سلطة التنفيذية بالإ�ضافة �إلى �أن قراراتها يطعن فيها �أمام المحاكم الإدارية‬
‫باعتبارها قرارات �إدارية ولي�ست �أحكاما‪ ،‬ذلك �أن الأحكام ت�صدر عن المحاكم‬
‫كما هي محددة في التنظيم الق�ضائي ومن طرف ق�ضاة ينتمون �إلى ال�سلك الق�ضائي‬
‫وت�صدر با�سم جاللة الملك بالإ�ضافة �إلى �أن الم�شرع منع على اللجنة الوطنية‬
‫تف�سير المقت�ضيات القانونية �أو التنظيمية وذلك باعتبارها هيئة �إدارية ولي�ست هيئة‬
‫ق�ضائية‪.‬‬
‫وجاء في حكم للمحكمة الإدارية بوجدة �صادر بتاريخ ‪ 2005/06/30‬في الملف‬
‫رقم ‪ 2004/312‬من�شور بمجلة الحقوق المغربية الجزء الأول �سنة ‪� 2010‬أن‬
‫الإدارة ملزمة ب�إحالة ملف النزاع ال�ضريبي على اللجنة المحلية وتكون �أي مطالبة‬
‫ب�أداء ال�ضريبة المتنازع ب�ش�أنها قبل انتهاء الم�سطرة الإدارية �أمام اللجنتين المحلية‬
‫والوطنية مطالبة باطلة مادامت الإدارة قد حرمت الملزم من الحقوق وال�ضمانات‬
‫المخولة له على م�ستوى المنازعة الإدارية‪ .‬فيتبين من الحكم المذكور �أن الم�سطرة‬
‫�أمام اللجن المحلية والوطنية هي م�سطرة الإدارية‪.‬‬
‫وقرارات اللجنة الوطنية ال تعتبر �أحكاما تحكيمية للأ�سباب التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬التحكيم يعتبر ق�ضاءا خا�صا �إذ يختار الأطراف ق�ضاتهم للف�صل بينهم‪.‬‬
‫‪ -‬التحكيم هو اتفاق الأطراف على اللجوء �إلى التحكيم �إما بمقت�ضى �شرط‬
‫ي�ضمن في العقد الرابط بين الطرفين �أو بمقت�ضى عقد يبرم بين الطرفين‬
‫باللجوء �إلى التحكيم عند ن�شوب نزاع بينهما ويختار الطرفان القواعد‬

‫‪101‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الإثبات في النزاعات ال�ضريبية‬


‫الأ�ستاذ بو�شعيب البوعمري‬
‫رئي�س غرفة بالمجل�س الأعلى‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫للإثبات دور �أ�سا�سي في ف�ض النزاعات مهما كانت طبيعتها‪ ،‬مدنية �أو تجارية‬
‫�أو جبائية‪ ،‬فهو مرحلة االنطالق في م�سار �إجراءات �أي دعوى �إلى �أن ي�صدر فيها‬
‫حكم منهي وقاطع للنزاع‪ ،‬فتطبيق القاعدة القانونية ال يتم �إال على الوقائع الثابتة‬
‫دون غيرها‪ ،‬وثبوت الوقائع يكون بدليل من الأدلة المن�صو�ص عليها ح�صرا في‬
‫القانون وبالكيفية المن�صو�ص عليها في القانون �أي�ضا‪ ،‬والنزاعات ال�ضريبية ال‬
‫تخرج من حيث المبد�أ عن هذه المبادئ‪ ،‬مع الأخذ بعين االعتبار خ�صو�صياتها‬
‫نظرا الختالفها في الطبيعة عن غيرها‪.‬‬
‫�إن طرق الإثبات في النزاعات ال�ضريبية هو �إعطاء الإدارة ال�ضريبية �صالحية‬
‫�إثبات الوقائع المتنازع في �ش�أنها مع الملزم‪ ،‬وتتمثل هذه الوقائع في �شروط‬
‫�إعمال الن�صو�ص الجبائية‪ ،‬وخ�صو�صا الواقعة المن�شئة لل�ضريبة و�إثبات الوعاء‬
‫ال�ضريبي‪ ،‬و�أ�س�س ال�ضريبة‪ ،‬و�إجراءات فر�ضها وت�صحيحها‪ ،‬ف�ضال عن �إثبات‬
‫المخالفات للنظام الجبائي‪.‬‬
‫�أما الملزم فغايته من الإثبات في المادة ال�ضريبية هو �إثبات انعدام �صفته كملزم‬
‫بالفر�ض ال�ضريبي‪� ،‬أو �إثبات انعدام الواقعة المن�شئة لل�ضريبة‪ ،‬كما تكون غايته هي‬
‫�إثبات دخله‪� ،‬أو رقم �أعماله الحقيقيين‪� ،‬أو �إعفائه من الواجب ال�ضريبي‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وبالرغم من �أنه يبدو �أن هناك تعار�ضا في الغاية بالن�سبة للوقائع المتنازع فيها‬
‫بين الإدارة الجبائية والملزم‪ ،‬ف�إن الحقيقة �أن لكل منازعة �ضريبية واقعة �أو �أكثر‬
‫متنازع فيها يتعين �إثباتها �إيجابا �أو �سلبا من لدن �أحد �أطراف النزاع‪ ،‬وبذلك يطرح‬
‫ال�س�ؤال التالي‪ :‬من يتحمل عبء الإثبات؟ وما هي الو�سائل المعتمدة في الإثبات؟‬
‫لذا ف�س�أتطرق في هذه المداخل �إلى ثالث م�سائل ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الوقائع المتنازع فيها‪،‬‬
‫‪ - 2‬عبء االثبات‪،‬‬
‫‪ - 3‬و�سائل االثبات‪،‬‬
‫‪ - 1‬الوقائع المتنازع فيها‬

‫�إن الوقائع المتنازع فيها في المنازعات ال�ضريبية متعددة وال تقع تحت ح�صر‪،‬‬
‫نظرا لتعدد ال�ضرائب وتنوعها وقابليتها للتعديل والت�صحيح والإلغاء من حين‬
‫لآخر‪ ،‬الرتباطها بالحياة االجتماعية والمالية واالقت�صادية للدولة‪ ،‬و�س�أ�ضرب بع�ض‬
‫الأمثلة عن هذه الوقائع‪:‬‬
‫�أ‪ -‬الواقعة المن�شئة لل�ضريبة ‪ :‬وهي واقعة ينطبق عليها ن�ص جبائي‪ ،‬فبناء عقار‬
‫والح�صول على رخ�صة ال�سكن ين�ش�أ عنه مطالبة الإدارة الجبائية �صاحب‬
‫العقار بال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪ ،‬وبيع هذا العقار تن�ش�أ عنه ال�ضريبة‬
‫عن الدخل بالن�سبة للمالك البائع ور�سوم الت�سجيل بالن�سبة للم�شتري‬
‫والمنازعة في تلك الواقعة تتم من طرف الملزم �إما فيما يخ�ص وجودها‬
‫�أ�صال �أو فيما يخ�ص �آثارها‪.‬‬
‫ب‪ -‬التقادم ‪ :‬حالة قانونية من �ش�أنها �إذا تحققت �أن ت�سقط حق الإدارة الجبائية‬
‫في الفر�ض ال�ضريبي‪ ،‬وقد نظمت المادة ‪ )1(23‬من الم�ساطر الجبائية‬
‫(‪ ) 1‬عو�ضتها المادة ‪ 232‬من مدونة ال�ضرائب ‪ -‬مدة التقادم �إلى غاية ‪ 31‬دي�سمبر من ال�سنة الرابعة التالية ل�سنة اختتام‬
‫ال�سنة الح�سابية اكت�شاف بيع منزل �أو عقار‬
‫ج‪ -‬بالن�سبة للت�سجيل من تاريخ ت�سجيل العقود‪.‬‬ ‫ ‬

‫‪103‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫المحدثة بمقت�ضى قانون المالية ل�سنة ‪ 2005‬التقادم من حيث �شروطه‬


‫وحاالته‪ ،‬وبالن�سبة لل�ضرائب الرئي�سية‪ :‬ال�ضريبة على ال�شركات‪ ،‬وال�ضريبة‬
‫على الدخل‪ ،‬وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪ ،‬ويلحق بها ر�سوم الت�سجيل‪،‬‬
‫�أما المنازعة فيه فهي ادعاء �صادر عن الملزم لرفع ال�ضريبة عنه‪.‬‬
‫ج‪ -‬الإعفاء من ال�ضريبة ‪ :‬حالة قانونية من �ش�أن تحقق �شروطها المن�صو�ص عليها‬
‫في القانون ال�ضريبي �أن تعفي الملزم كال �أو بع�ضا من مبلغ ال�ضربية لمدة‬
‫محدودة �أو دائمة‪ ،‬بالرغم من ثبوت الواقعة المن�شئة لل�ضريبة‪ ،‬والمنازعة‬
‫يثيرها الملزم وتنح�صر في �إثبات �شروط الإعفاء‪.‬‬
‫د‪ -‬م�سطرة ت�صحيح الفر�ض ال�ضريبي ‪ :‬هي م�سطرة تت�ضمن �إجراءات (مرا�سالت‬
‫متبادلة) متتابعة ومرتبطة ي�شارك فيها كل من �إدارة ال�ضرائب والملزم‪،‬‬
‫ومن�صو�ص عليها في الم�سطرة الجبائية في المواد من ‪� 219‬إلى ‪،226‬‬
‫ولكي تكون واقعة متنازع فيها ينبغي �أن تنتهي بالفر�ض التلقائي‪.‬‬
‫هـ‪ -‬تحديد الوعاء ال�ضريبي ‪ :‬المنازعة في هذه الواقعة تتح�صل في المنازعة‬
‫في �أ�س�س رف�ض ال�ضريبة المعتمدة من طرف �إدارة ال�ضرائب‪� ،‬إما ب�سلوك‬
‫م�سطرة المادة ‪ 228‬في حالة الفر�ض التلقائي‪� ،‬أو الطعن في قرار اللجنة‬
‫الوطنية �أمام الق�ضاء الإداري في حالة �سالمة الم�سطرة التواجهية‪ ،‬والأ�س�س‬
‫المتنازع فيها هي مثال العائدات المفرو�ضة عيها ال�ضريبة والتكاليف القابلة‬
‫للخ�صم وغير القابلة للخ�صم‪ ،‬وعوائد الأ�سهم‪ ،‬وح�ص�ص الم�شاركة‪،‬‬
‫وحا�صالت التوظيفات المالية ذات الدخل الثابت‪ )2(...‬الخ (المواد ‪10‬‬
‫وما بعدها من ال�ضريبة على ال�شركات)‪.‬‬
‫(‪ )2‬التكاليف القابلة للخ�صم ‪ :‬هي التكاليف التي يتم خ�صمها من العائدات‪ ،‬م�صاريف الم�ستخدمين‪ ،‬ال�ستهالكات‪،‬‬
‫المخزونات‪ ،‬ل�ضرائب والر�سوم ‪ -‬تكاليف اال�ستغالل‪...‬الخ‬
‫التكاليف غير قابلة للخ�صم ‪ :‬الغرامات والذعائر والزيادات مهما كان نوعها ‪ -‬مبالغ الم�شتريات والأ�شغال غير‬ ‫ ‬
‫المبررة (المادة ‪ 13‬من ال�ضريبة على ال�شركات)‪.‬‬
‫المادة ‪ : 14‬عوائد الأ�سهم الناتجة عن توزيع �أرباح ال�شركات‪.‬‬ ‫ ‬
‫حا�صالت التوظيفات المالية ‪ :‬التي يتم حجزها في الم�شيع مثل ال�سندات و�أذون ال�صندوق (المادة ‪14‬‬ ‫ ‬
‫�ض‪�.‬ش)‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ - 2‬عبء الإثبات (توزيع عبء الإثبات)‬

‫�إن عبء االثبات م�صدره القانون �إذ ن�ص الف�صل ‪ 400‬من قانون االلتزامات‬
‫والعقود الذي جاء فيه ‪�« :‬إذا �أثبت المدعي وجود االلتزام كان على من يدعي‬
‫انق�ضاءه �أو عدم نفاذه تجاهه �أن يثبت ادعاءه»‪ ،‬وهذا الف�صل ي�أخذ �صورة �أخرى‬
‫مفادها �أن عبء الإثبات يتحمله من يدعي خالف الظاهر �أ�صال �أو الظاهر عر�ضا �أو‬
‫الظاهر فر�ضا‪ ،‬فالأول كان ظاهرا بح�سب �أ�صله‪� ،‬أي ح�سب طبيعة الأ�شياء‪ ،‬والثاني‬
‫ما ظهر بدليل �أقيم عليه خالفا للأ�صل‪ ،‬والثالث ما افتر�ض الم�شرع ظهوره بناء‬
‫على قرينة قانونية‪.‬‬
‫وعبء الإثبات في المنازعات ال�ضريبية يختلف من حالة �إلى حالة بتنوع‬
‫مو�ضوع المنازعة‪ ،‬وهكذا ف�إن توزيع عبء الإثبات في الواقعة المن�شئة لل�ضريبة‬
‫يختلف عن توزيعه في الإجراءات‪ ،‬كما يختلف عنه في المراقبة الجبائية وفي‬
‫التقادم واالعفاء ال�ضريبي وغيرها‪ ،‬ون�سوق �أمثلة على ذلك فيما يلي ‪ :‬فبالن�سبة‬
‫للواقعة المن�شئة لل�ضريبة (توظيف الأموال مثال‪ ،‬ن�شاط محل تجاري)‪ ،‬فعبء‬
‫�إثباتها يقع على كاهل الإدارة الجبائية في جميع الأحوال وبجميع طرق الإثبات‪.‬‬
‫�أما التقادم بخ�صو�ص الفر�ض ال�ضريبي‪ ،‬فيكفي من الملزم �أن يثيره حتى ينتقل‬
‫عبء الإثبات �إلى �إدارة ال�ضرائب التي عليها �إثبات �أن الفر�ض المذكور تم داخل‬
‫�أمد التقادم �أو داخل المدة الالحقة عن انقطاعه‪ ،‬لأن في التقادم �أن الأ�صل هو‬
‫براءة الذمة‪ ،‬وعلى من يدعي خالف ذلك �أن يثبته‪ ،‬و�أن �إجراءات قطع التقادم‬
‫تنجزها �إدارة ال�ضرائب‪.‬‬
‫من ال�ضريبة‪ ،‬لأن الأ�صل هو عدم‬ ‫والملزم يتحمل عبء �إثبات �إعفائه‬
‫(‪)3‬‬

‫(‪� )3‬أمثلة على الإعفاء ‪:‬‬


‫‪ -‬ما ي�سلمه ال�شخ�ص لنف�سه من مبان (�ض‪.‬ق‪.‬م‪.).‬‬ ‫ ‬
‫‪ -‬الإعفاء لدخل يقل عن ‪ 20.000‬درهم‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ -‬الإعفاء الم�شجعة على اال�ستثمار‪.‬‬ ‫ ‬

‫‪105‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الإعفاء‪ ،‬علما ب�أن الإعفاء ال يكون �إال بن�ص �صريح في القانون الجبائي الذي يحدد‬
‫�شروطه‪ ،‬والملزم هو المكلف ب�إثبات هذه ال�شروط ومدى انطباقها عليه‪.‬‬
‫وبخ�صو�ص م�سطرة الفر�ض ال�ضريبي وغيرها من االجراءات المن�صو�ص عليها‬
‫في القانون ال�ضريبي‪ ،‬ف�إن كل ملزم ب�إنجازها بموجب القانون المذكور يتحمل‬
‫عبء �إثبات هذا االنجاز‪ ،‬لأن الأ�صل هو عدم التنفيذ‪ ،‬ما دام االلتزام ثابتا قانونا‪،‬‬
‫فعلى الملزم به �إذا ما ادعى تنفيذه �أن يثبت ما يدعيه‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة للوعاء ال�ضريبي وتحديد الأ�س�س لربط ال�ضريبة‪ ،‬فيتوزع فيه عبء‬
‫الإثبات بين الملزم والإدارة ال�ضريبية‪ ،‬فالأول ملزم بتقديم �إقراره بالدخول في‬
‫مجال تطبيق �أحد الن�صو�ص ال�ضريبية التي يمكن �أن تكون ربحا‪� ،‬أو رقم �أعمال‪،‬‬
‫�أو عملية من العمليات الخا�ضعة لل�ضريبة‪ ،‬ويبقى للإدارة ال�ضريبية حق تقييم‬
‫الت�صريح عن طريق االطالع ومراقبة ملزم ت�شك في �صدق �إقراره وحقيقة مقدرته‬
‫الجبائية‪.‬‬
‫‪ - 3‬و�سائل االثبات ‪:‬‬

‫المبد�أ العام في النظام ال�ضريبي �أن االدارة ال�ضريبية حرة في ا�ستعمال �أي‬
‫و�سائل من و�سائل االثبات‪ ،‬في حين �أن الملزم ي�ستعمل و�سائل االثبات المن�صو�ص‬
‫عليها في القانون‪ ،‬وهذا المبد�أ ناجم على �أن االدارة الجبائية هي الموكول لها‬
‫تطبيق النظام الجبائي‪ ،‬وبالتالي فهي ال تتقيد بو�سائل الإثبات القانونية‪ ،‬وبالمقابل‬
‫تتحمل في �أغلب الحاالت‪� ،‬سواء �أكانت مدعية �أو مدعى عليها عبء الإثبات‪،‬‬
‫ويكفي الملزم �أن يدعي عدم حدوث الواقعة المن�شئة لل�ضريبة �أو عدم احترام‬
‫الإدارة لم�سطرة الفر�ض ال�ضريبي‪� ،‬أو ت�صحيح ال�ضريبة‪ ،‬ليتحلل من الإثبات‬
‫وينتقل عب�ؤه على كاهلها‪.‬‬
‫ونظرا لدور القا�ضي ال�ضريبي الإيجابي في توجيه الدعوى‪ ،‬فله �سلطة وا�سعة‬
‫في تقدير و�سائل االثبات المقدمة ومدى قوتها‪ ،‬وبا�ستثناء اليمين و�شهادة ال�شهود‪،‬‬

‫‪106‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ف�إن باقي الو�سائل يعمل بها في المنازعات ال�ضريبية‪ ،‬وهذه الو�سائل يتعين تناولها‬
‫في �إطارين‪ ،‬وهما ‪:‬‬
‫‪ -‬و�سائل الإثبات في �إطار المحا�سبة‪.‬‬
‫‪ -‬و�سائل الإثبات خارج �إطار المحا�سبة‪.‬‬
‫‪ - 1‬و�سائل الإثبات في �إطار المحا�سبة ‪:‬‬
‫�إن ال�ضرائب(‪ ،)4‬وال�سيما ال�ضرائب الرئي�سية‪( ،‬ال�ضريبة على الدخل وال�ضريبة‬
‫على ال�شركات وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة) �أ�صبحت تخ�ضع لنظام الإقرار �أو‬
‫الت�صريح والمحا�سبة‪ ،‬وكالهما يفر�ض على الملزم القيام بهما تحت طائلة توقيع‬
‫الجزاءات الجبائية عليه‪ ،‬واالقرار عمل �أولي من خالله يقر الملزم بما ح�صل‬
‫عليه من دخل �أو ربح‪ ،‬وما حققه من رقم �أعمال �أو ما قام به من عمليات خا�ضعة‬
‫لل�ضريبة‪ ،‬ويتخذ �شكل مطبوع ت�سلمه الإدارة �إلى الملزم‪ ،‬ويت�ضمن بيانات تتعلق‬
‫بالهوية وبيانات تتعلق بالنتيجة ال�ضريبية‪ ،‬فبالن�سبة لل�ضريبة على ال�شركات‪ ،‬ف�إن‬
‫المادة ‪ 20‬من مدونة ال�ضرائب تن�ص على وجوب توجيه ال�شركة الإقرار بح�صيلتها‬
‫الخا�ضعة لل�ضريبة �إلى المفت�ش‪ ،‬والمادة ‪ 8‬وما بعدها من نف�س المدونة توجب‬
‫هي الأخرى على الخا�ضعين لل�ضريبة �أن ي�سلموا �إلى المفت�ش �إقرارا بمجموع‬
‫دخولهم خالل ال�سنة ال�سابقة والمادة ‪ 112‬توجب كذلك �إيداع �إقرار لدى مكتب‬
‫قاب�ض �إدارة ال�ضرائب‪ ،‬ويتعين �إرفاق الإقرار بالوثائق التي تعززه‪.‬‬
‫والجدير بالذكر �أنه �إذا كانت القواعد العامة للإثبات تق�ضي ب�أنه ال يجوز‬
‫لل�شخ�ص �أن يقدم دليال ل�صالح نف�سه‪ ،‬ف�إنه في المنازعة الجبائية يجوز الإثبات‬
‫بوا�سطة الوثائق المحا�سبية‪ ،‬وهذه الوثائق تو�ضع رهن �إ�شارة الإدارة ال�ضريبية‬
‫لالطالع على ما ت�ضمنته من بيانات‪ ،‬ومقابل الإقرار المقدم من طرف الملزمين‬
‫تمار�س الإدارة ال�ضريبية حق المراقبة �أو الفح�ص ولممار�سة هذا الحق‪ ،‬ف�إن الإدارة‬
‫(‪ )4‬هناك نوعان من ال�ضرائب ‪:‬‬
‫‪� -‬ضرائب الإقرار ‪ :‬ال�ضرائب الرئي�سية‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪� -‬ضرائب معاينة ‪ :‬ال�ضريبة الح�ضرية وال�ضرائب لفائدة الجماعات المحلية‪.‬‬ ‫ ‬

‫‪107‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫تتمتع بعدة و�سائل ‪ :‬منها حق تحقيق ومراجعة المحا�سبة وت�صريحات الملزمين‪،‬‬


‫كما تتمتع بحق االطالع على الوثائق‪ ،‬وبذلك فقد �ألزم القانون بع�ض الملزمين‬
‫بم�سك محا�سبة حتى تتمكن الإدارة ال�ضريبية من ب�سط رقابتها على العمليات التي‬
‫يقومون بها‪ ،‬كما �أوجب عليهم �أن يدلوا بجميع الإثباتات ال�ضرورية‪ ،‬ويقدموا‬
‫جميع الوثائق المحا�سبية �إلى الم�أمورين المحلفين التابعين لإدارة ال�ضرائب‪،‬‬
‫لتمكينهم من �إجراء الفح�ص والتحقيق ومراجعة المحا�سبة‪.‬‬
‫وللإدارة �سلطة تقديرية في تقييم المحا�سبة‪ ،‬ف�إن �شابتها �إخالالت(‪ )5‬من �ش�أنها‬
‫�أن ت�شكك في قيمة الإثباتات التي تكت�سي المحا�سبة‪ ،‬ف�إن الإدارة ال ت�أخذ بها وجاز‬
‫لها �أن تعتمد �أ�سا�س ال�ضريبة باعتبار العنا�صر المتوفرة لديها‪ ،‬وبذلك ف�إن الإثباتات‬
‫الكتابية تعتبر و�سائل كافية بال�ضرورة ل�صحة المحا�سبة المقدمة من طرف الملزم‪،‬‬
‫بل يبقى للإدارة في �إطار حق المراقبة �صالحية عدم الأخذ بها في تحديد �أ�س�س‬
‫فر�ض ال�ضريبة‪ ،‬الأمر الذي تنتقل معه المنازعة ال�ضريبية �إلى مرحلة التحكيم ثم‬
‫�إلى المرحلة الق�ضائية‪.‬‬
‫‪ - 2‬و�سائل الإثبات خارج �إطار المحا�سبة ‪:‬‬
‫وهذه الو�سائل هي المن�صو�ص عليها في الف�صل ‪ 404‬من قانون االلتزامات‬
‫والعقود‪ ،‬وهي التي يتم بها االثبات في كثير من الق�ضايا‪ ،‬كالكتابة والإقرار‬
‫والقرائن‪� ،‬أما �شهادة ال�شهود فمن الم�ستبعد �إعمالها كو�سائل �إثبات في المادة‬
‫ال�ضريبية‪.‬‬
‫�أ‪ -‬الحجة الكتابية ‪ :‬تعتبر بع�ض ال�شهادات الإدارية لدى بع�ض الملزمين و�سائل‬
‫�إثبات في الميدان ال�ضريبي‪ ،‬مثل رخ�صة البناء ورخ�صة ال�سكن والتوقف‬
‫عن الن�شاط و�شهادة �إغالق المحل �إلخ‪.‬‬
‫ب‪ -‬المحا�ضر ‪� :‬إن الم�شرع ال�ضريبي �أعطى الحق للم�أمورين ب�إدارة ال�ضرائب‬
‫من درجة مفت�ش على الأقل‪ ،‬في تحرير محا�ضر لإثبات المخالفات الجبائية‬
‫(‪ )5‬من الإخالالت الج�سيمة المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 213‬من مدونة ال�ضرائب ‪ :‬انعدام �أوراق الإثبات و�أهمها‬
‫الفاتورات المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 145‬فر�ض زيادة على بطاقة ال�صندوق بالن�سبة للخوا�ص‪.‬‬
‫الوثائق ‪ :‬الفاتورات والدفاتر وال�سجالت والوثائق المهنية (م‪ )210 .‬مدونة ال�ضرائب‪.‬‬ ‫ ‬

‫‪108‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 231‬من مدونة ال�ضرائب(‪ ،)6‬وي�شترط ل�صحة‬


‫المح�ضر �أن يكون الم�أموران منتدبين لهذا الغر�ض‪ ،‬ومحلفين وفق الت�شريع‬
‫الجاري به العمل‪ ،‬و�أن يتم �إثبات المخالفة في �إطار مراقبة �ضريبية‪.‬‬
‫ج‪ -‬القرائن ‪ :‬القرينة هي ا�ستنتاج من طرف الم�شرع �أو القا�ضي لأمر مجهول‬
‫من �أمر معلوم‪ ،‬مثال ذلك القرينة القانونية المن�صو�ص عليها في الف�صل‬
‫‪ 341‬من قانون االلتزامات والعقود الذي ين�ص على �أن ‪�« :‬إرجاع الدائن‬
‫اختيارا �إلى المدين ال�سند الأ�صلي للمدين يفتر�ض به ح�صول الإبراء من‬
‫الدين» ف�إرجاع الدائن �سند الدين‪ ،‬وهو �أمر معلوم‪ ،‬ي�ؤدي �إلى ا�ستنتاج‬
‫دفع المدين للدين‪ ،‬وهو �أمر مجهول‪ ،‬ولي�س ثابتا بو�سيلة �أخرى‪.‬‬
‫وفي الميدان ال�ضريبي‪ ،‬فالقرائن القانونية كثيرة متنوعة‪ ،‬ومثالها القرينة‬
‫القانونية المن�صو�ص عليها في الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 30‬من مدونة ال�ضرائب‪ ،‬حيث‬
‫اعتبر الم�شرع الدخول التي تكت�سي طابع التكرار وال ي�شملها �أي نوع من �أنواع‬
‫الدخول الم�شار �إليها في المادة ‪( 22‬من الفقرة ‪� 2‬إلى الفقرة ‪ ،)5‬وكذلك ال�ش�أن‬
‫في الم�ساطر الجبائية (المادة ‪ )110‬حيث اعتبر الم�شرع �أن عدم تقديم الطعن‬
‫داخل ‪ 60‬يوما قرينة قانونية على القبول ال�ضمني بمقرر اللجنة المحلية لتقدير‬
‫ال�ضريبة‪ ،‬وكذلك قرينة ثبوت التفويت المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 14‬من نف�س‬
‫المدونة‪ ،‬حيث اعتبر الم�شرع �أن تفويت العقارات والحقوق العينية يكون ثابتا‬
‫ثبوتا كافيا للمطالبة بواجبات الت�سجيل‪� ،‬إما ب�إدراج الحائز الجديد في جداول‬
‫ر�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية (�ضريبة النظافة)‪� ،‬أو عن طريق عقود‬
‫�إيجار �أو غيرها‪.‬‬
‫(‪ ) 6‬تن�ص المادة ‪ 231‬من مدونة ال�ضرائب على �أنه يتعر�ض لغرامة من خم�سة �آالف �إلى خم�سين �ألف درهم كل �شخ�ص‬
‫ثبت في حقه ق�صد الإفالت من �إخ�ضاعه لل�ضريبة �أو التمل�ص من دفعها �أو الح�صول على خ�صم منها �أو ا�سترجاع‬
‫مبالغ بغير حق با�ستعمال الو�سائل التالية ‪:‬‬
‫ ‪ -‬ت�سليم �أو تقديم فاتورة �صورية ؛‬
‫ ‪ -‬تقديم تقييدات محا�سبية مزيفة �أو �صورية ؛‬
‫ ‪ -‬بيع بدون فاتورة ب�صورة متكررة ؛‬
‫ ‪� -‬إخفاء �أو �إتالف وثائق المحا�سبة المطلوبة قانونا ؛‬
‫ ‪ -‬اختال�س مجموع �أو بع�ض �أ�صول ال�شركة �أو الزيادة ب�صورة تدلي�سية في خ�صومها ق�صد افتعال �إع�سارها‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫خ�صو�صيات الخبرة في المادة ال�ضريبية‬


‫ال�سيد عبد الرحمان ابليال‬
‫رئي�س م�صلحة ال�ش�ؤون الق�ضائية‬
‫المديرية العامة لل�ضرائب‬

‫تمهيد‬

‫هناك �أكثر من مبرر يدفع القا�ضي للجوء �إلى الخبرة في بع�ض الق�ضايا الجبائية‬
‫المعرو�ضة عليه ويمكن �أن نذكر من بين هذه المبررات ‪:‬‬
‫‪ -‬تعقد المادة الجبائية وت�شعبها‪ ،‬واحتواء بع�ض المنازعات فيها على �أمور‬
‫تقنية �أو فنية لي�س من ال�ضروري �أن يكون القا�ضي ملما بها‪.‬‬
‫‪� -‬صعوبة ا�ستيعاب وفهم بع�ض و�سائل الإثبات المقدمة خا�صة الوثائق‬
‫المحا�سبية نظرا الحتوائها على �أمور تقنية وجزئيات تتطلب دراية وا�سعة‬
‫بالتقنيات المحا�سبية‪.‬‬
‫‪ -‬كثرة الملفات المعرو�ضة على القا�ضي وعدم وجود وقت كاف لديه من‬
‫�أجل البحث بنف�سه في الأمور الفنية‪.‬‬
‫وقد �آثرت �أن �أتعر�ض لمو�ضوع الخبرة في المادة الجبائية لمجموعة من‬
‫الأ�سباب الأ�سا�سية منها ‪:‬‬
‫‪ -‬كثرة اللجوء �إلى الخبرة في الدعاوى ال�ضريبية (على �سبيل المثال ما يزيد‬
‫عن ‪ % 95‬من الق�ضايا الرائجة والمتعلقة بمنازعة الملزمين في �ضرائب‬
‫�صادرة على �إثر مراقبة �ضريبية)‪،‬‬
‫‪ -‬الأهمية التي تح�ضى بها م�ستنتجات الخبرة من طرف الق�ضاء‪،‬‬

‫‪110‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ -‬تدخل الم�شرع الجبائي م�ؤخرا للن�ص على قواعد خا�صة بالخبرة في الدعوى‬
‫ال�ضريبية‪،‬‬
‫‪ -‬موقف الإدارة ال�ضريبية عن هذه الخبرات والذي ما فت�أت تعبر عنه في‬
‫جميع المنا�سبات‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فقد ر�أيت �أن �أتناول هذا المو�ضوع في مجموعة من المحاور بد�أ‬
‫بالتطرق لمبد�أ اللجوء �إلى الخبرة �إلى تحديد مهمة الخبير �إلى ندب �أو اختيار‬
‫خبير �إلى �إجراءات الخبرة و�أخيرا �إلى تقييم م�ستنتجاتها‪.‬‬
‫�أوال ‪ :‬مبد�أ اللجوء �إلى الخبرة‬
‫طبعا المعروف �أن القا�ضي حر في اللجوء �إلى الخبرة‪ ،‬و�أنه يتم اللجوء �إليها‬
‫�إما تلقائيا �أو بناء على طلب �أحد الأطراف‪.‬‬
‫لكن هناك على الأقل ثالث مالحظات �أ�سا�سية تمت معاينتها في هذا الإطار ‪:‬‬
‫المالحظة الأولى ‪� :‬أغلبية الق�ضايا التي يتم اللجوء فيها �إلى الخبرة تتعلق بالق�ضايا‬
‫المتعلقة بالمنازعة في �ضرائب تكميلية مبنية على مراقبة جبائية‪� ،‬أف�ضت �إلى م�سطرة‬
‫اللجن (ما يزيد عن ‪ .)% 95‬بحيث يكفي �أن يتقدم الملزم بال�ضريبة �أمام الق�ضاء‬
‫بطعن �ضد مقرر اللجنة الوطنية‪ ،‬يتم�سك فيه ب�أن محا�سبته منتظمة و�أن الإدارة غير‬
‫محقة في ا�ستبعادها‪ ،‬و�أن الت�صحيحات التي بنيت عليها ال�ضريبة ت�صحيحات غير‬
‫م�شروعة‪� ،‬أو �أن القيمة التجارية الم�صححة للعقار المبيع غير مقبولة‪ ،‬وبدون �أن‬
‫يتقدم في هذا الطعن ب�أية و�سائل جدية‪ ،‬يلتم�س �إجراء خبرة في المو�ضوع‪ ،‬هنا‬
‫يكون الهدف الأ�سا�سي من رفع الدعوى هو الو�صول �إلى خبرة‪ ،‬وهذا �أمر ال‬
‫يجوز ح�سب المتفق عليه فقها وق�ضاء‪.‬‬
‫المالحظة الثانية ‪� :‬أن المتفق عليه �أن الخبرة في المادة الجبائية هي و�سيلة للتحقيق‬
‫والبحث في �إثباتات وو�سائل مقدمة من الأطراف‪ ،‬وهذا يفتر�ض �أن يكون ه�ؤالء‬
‫الأطراف قد قدموا في مقاالتهم ومذكراتهم �إلى المحكمة هذه الو�سائل وهذه‬
‫الوثائق‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫لكن في ن�سبة مهمة من الق�ضايا المعرو�ضة ال تقدم �أمام المحكمة �أية وثائق وال‬
‫حتى و�سائل‪ ،‬و�أحيانا حتى الخبير ال تقدم له �أية وثائق بالمرة‪.‬‬
‫وهنا طبعا المو�ضوع‪ ،‬الذي هو الإثباتات والذي من المفرو�ض �أن ي�شتغل عليه‬
‫الخبير ويحقق فيه‪ ،‬غير موجود‪.‬‬
‫الملفت لالنتباه هنا �أن هذه الوثائق �إذا وجدت ف�إنها تقدم مبا�شرة �إلى الخبير‬
‫غير �أن بع�ض مواقف الق�ضاء تجيز هذا الأمر وتعتبر ‪ -‬كما ذهبت �إلى ذلك الغرفة‬
‫الإدارية بالمجل�س الأعلى في �إحدى قراراتها �أنه ‪:‬‬
‫«ال يلزم �إدالء الملزم ب�أ�سانيده �صحبة المقال االفتتاحي لإثبات ما يدعيه‪ ،‬بل �إن هذه‬
‫الأ�سانيد �إن وجدت تقدم �إلى الخبير ال �إلى المحكمة التي عليها تقديـر الخبرة»‪.‬‬
‫والملفت لالنتباه �أي�ضا �أن �أغلبية هذه الوثائق �إما وثائق محا�سبية تمت معاينة‬
‫عدم وجودها في المراحل ال�سابقة التي مرت منها المنازعة‪� ،‬أو وثائق �إثباتية‬
‫لإثبات تحمالت �أو م�صاريف �أو لإثبات ا�ستثمارات �أنجزت‪� ،‬أو عنا�صر المقارنة‬
‫التي ي�ستند عليها الملزم لإثبات القيمة التجارية للعقار مو�ضوع التفويت‪.‬‬
‫وبالتالي ف�إنه من النتائج ال�سلبية لهذه الم�س�ألة �أن الخبرة لم تعد و�سيلة تحقيق‬
‫في �إثبات مقدم‪ ،‬كما تن�ص على ذلك قواعد الم�سطرة المدنية‪.‬بل يحل محل‬
‫الإثبات الذي من المفرو�ض �أن يقدمه الملزم‪ ،‬مما ي�شكل عرقلة وا�ضحة لل�سير‬
‫العادي لقواعد الإثبات‪.‬‬
‫المالحظة الثالثة ‪ :‬م�ؤخرا عايننا تزايد الخبرات التي تهدف �إلى تحقيق الخطوط‪،‬‬
‫والهدف طبعا من هذه الخبرات هو البحث فيما �إذا كان توقيع الملزم الوارد على‬
‫ت�صريحه ال�ضريبي‪� ،‬أو على �إ�شعار بريدي بالت�سلم‪� ،‬أو ما �إلى ذلك من الوثائق‬
‫الإدارية‪ ،‬هو توقيع الملزم الذي ينكر هذا التوقيع‪.‬‬
‫و�أريد �أن �أقول �أنه ولحد ال�ساعة لي�ست هناك ولو خبرة واحدة اعتبرت �أن‬
‫التوقيع المذكور هو توقيع الملزم نف�سه‪ ،‬وبالتالي اعتبرت �أن الت�صريح المقدم �أو‬
‫الإ�شعار البريدي بالتو�صل ال �صلة للملزم به‪ ،‬والأحكام ال�صادرة في هذا الإطار‬
‫�أبطلت مجموعة من ال�ضرائب المهمة تتجاوز �أحيانا ماليين الدراهم‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫خطورة هذه الخبرات‪ ،‬وخطورة الأمر بهذه الخبرات ت�أتي من ت�أثيرها على‬
‫الثوابت التي يقوم عليها النظام ال�ضريبي المغربي‪ ،‬باعتباره نظاما يقوم على‬
‫مبد�أ الت�صريح‪ ،‬ويقوم �أي�ضا على الحوار الذي تج�سده المرا�سالت والإ�شعارات‬
‫بالتو�صل بين الطرفين‪ ،‬ومحا�ضر االتفاقات‪ ،‬وبالتالي ف�إن فتح المجال للطعن في‬
‫التوقيع و�إنكار الت�صريح والمرا�سالت واالتفاقات مع الإدارة �سي�ؤثر �سلبا على‬
‫هذه الثوابت‪.‬‬
‫علما �أن الخطورة ت�أتي �أي�ضا من طبيعة وطبائع بع�ض الملزمين �سيئي النية خا�صة‬
‫�أوالئك الذين ال يتوفرون وال ي�ستخدمون توقيعا واحدا‪.‬‬
‫المالحظة الرابعة ‪ :‬عايننا �أن هناك بع�ض الأحكام الق�ضائية التي تعتبر �أن مجرد‬
‫الأمر ب�إجراء خبرة يعني وجود جدية في المنازعة المعرو�ضة‪ ،‬وهذا مبرر ح�سب‬
‫هذا االتجاه للأمر ب�إيقاف تنفيذ ال�ضريبة مو�ضوع المنازعة؛ هذا االتجاه كان �ساريا‬
‫خا�صة قبل التعديل الذي لحق بالمادة ‪ 242‬من المدونة العامة لل�ضرائب‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تعيين الخبير‬
‫المعلوم �أن الخبير هو المخت�ص الذي يتولى بتكليف من المحكمة التحقيق في‬
‫نقط تقنية وفنية‪.‬‬
‫وهنا �أريد �أن �أتناول مالحظتين �أ�سا�سيتين تتعلقان بالخبير الذي وقع عليه‬
‫االختيار للقيام بهذه المهمة في الدعوى ال�ضريبية‪:‬‬
‫المالحظة الأولى ‪ :‬تتعلق بالخبير المختار‪ ،‬حيث ن�ص الم�شرع في المادة ‪242‬‬
‫من المدونة العامة لل�ضرائب بموجب التعديل الذي طر�أ على هذه المادة في‬
‫قانون المالية ل�سنة ‪ 2009‬على �أنه‪:‬‬
‫«يجب على الخبير المعين من طرف القا�ضي �أن يكون م�سجال في جدول هيئة الخبراء‬
‫المحا�سبيين �أو في الئحة المحا�سبين المعتمدين»‪.‬‬
‫طبعا بما �أن هذا الن�ص جاء في �إطار المادة ‪ 242‬ف�إنه يهم جميع المنازعات‬
‫المتعلقة بال�ضرائب التكميلية المبنية على مراقبة �ضريبية‪ ،‬بمفهومها العام �سواء‬

‫‪113‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�أف�ضت �إلى �صدور مقرر للجن ال�ضريبية �أم لم تف�ض �إلى ذلك‪.‬‬
‫الإ�شكال المطروح هنا هو �أنه ال تتم مراعاة ال�شرط القانوني الذي و�ضعه‬
‫الم�شرع في الخبير المعين‪ ،‬بحيث �أن ن�سبة مهمة من الخبراء المعينين ال ينتمون‬
‫ال �إلى هيئة الخبراء المحا�سبين وال �إلى الئحة المحا�سبين المعتمدين‪.‬‬
‫�صحيح �أن الجدول الق�ضائي يت�ضمن بع�ض الخبراء الم�سجلين تحت �صفة‬
‫«خبير في المحا�سبة» وقد لقي هذا الأمر اعترا�ضا من طرف الهيئة الوطنية للخبراء‬
‫المحا�سبين بدعوى �أن حمل هذا اللقب يخ�ضع للقانون الذي يفر�ض �أن يتوفر هذا‬
‫الخبير على م�ؤهالت علمية عالية قد ال تتوفر في ه�ؤالء‪.‬‬
‫وعلى الرغم من �أن الإدارة تبا�شر م�سطرة التجريح �ضد ه�ؤالء الخبراء‪� ،‬إال �أن‬
‫بع�ض الأحكام ترف�ض هذا التجريح وتعتبر �أنها غير ملزمة �إال بالخبراء المدرجين‬
‫في جدول الخبراء الق�ضائيين‪.‬‬
‫المالحظة الثانية ‪ :‬تتعلق ببع�ض الخبراء المعينين والذين كانوا مو�ضوع مراقبة‬
‫جبائية �أف�ضت �إلى منازعة �أمام اللجن‪.‬‬
‫ولهذا ال�سبب تقوم الإدارة‪ ،‬في �إطار ما تن�ص عليه المادة ‪ 62‬من قانون‬
‫الم�سطرة المدنية‪ ،‬بمبا�شرة م�سطرة التجريح في مواجهة ه�ؤالء على �أ�سا�س وجود‬
‫نزاع معهم معرو�ض على اللجن‪� ،‬إما �أمام اللجنة المحلية �أو �أمام اللجنة الوطنية‪،‬‬
‫و�أن هذا النزاع �سي�ؤثر ال محالة على حياد ومو�ضوعية الخبير‪،‬‬
‫�إال �أن بع�ض الأحكام الق�ضائية ترف�ض طلب التجريح بدعوى �أن النزاع لم ي�صل‬
‫بعد �إلى المرحلة الق�ضائية‪.‬‬
‫ما نريد �أن نقوله هنا هو �أن حجم و�أهمية بع�ض الق�ضايا ال�ضريبية الرائجة والتي‬
‫تفوق ماليير ال�سنتيمات يبدو �أكبر من الخبير المعين منها‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬تحديد مهمة �أو �صالحيات الخبير‬
‫طبعا هذه المهمة تختلف ح�سب اختالف الواقعة المن�شئة �أو التي على �أ�سا�سها‬
‫تم فر�ض ال�ضريبة؛‬

‫‪114‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ -‬هناك خبرة عقارية لتحديد القيمة الإيجارية للعقار (ال�ضريبة على الر�سم‬
‫المهني‪)......‬‬
‫‪ -‬وهناك خبرة عقارية لتحديد القيمة التجارية للعقار (ال�ضريبة على الربح‬
‫العقاري)‪.‬‬
‫‪ -‬وهناك خبرة ح�سابية لتقييم المحا�سبة‪.‬‬
‫في كل الأحوال �صالحيات الخبير تقت�صر على تقديم الر�أي �أو اال�ست�شارة في‬
‫الم�سائل الفنية دون الم�سائل القانونية الواردة طبعا في الدعوى‪ ،‬هنا �أي�ضا من‬
‫المنا�سب ا�ستعرا�ض بع�ض المالحظات التي تمت معاينتها بخ�صو�ص مختلف‬
‫الأحكام التمهيدية القا�ضية ب�إجراء خبرة في الدعوى ال�ضريبية‪.‬‬
‫المالحظة الأولى ‪ :‬نحن نعتقد ب�أن �أغلبية الأمور التي ينتدب الخبير للتحقيق‬
‫فيها هي �أمور قانونية تخرج عن مجال اخت�صا�صه‪ ،‬من هذه الأمور يمكن �أن نذكر‬
‫الأمثلة التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬البحث في مجال ونطاق تطبيق ال�ضريبة �أو في توفر �شروط الإعفاء منها؛‬
‫‪ -‬البحث في انتظام المحا�سبة من عدمه‪.‬‬
‫‪ -‬تقدير و�سائل الإثبات المقدمة كالفاتورات والوثائق المحا�سبية عموما ومدى‬
‫ا�ستيفائها ل�شروط القبول‪.‬‬
‫‪ -‬البحث في القانون الواجب التطبيق‪.‬‬
‫‪ -‬االطالع على الملف الجبائي للملزم‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد تاريخ بداية مزاولة الن�شاط المهني‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد ال�شكل القانوني لل�شركة‪.‬‬
‫‪ -‬البحث في �إخ�ضاع واقعة ما لل�ضريبة‪.‬‬
‫في المقابل يمكن �أن يعهد �إلى الخبير بو�صف الوثائق المحا�سبية دون �أن يبدي‬
‫ب�ش�أنها حكما مثال‪ ،‬كما قد يعهد �إليه بو�صف الإخالالت المحا�سبية دون �أن يقول‬
‫ب�أنها خطيرة �أو يعيد تكييفها؛ كالقول ب�أنها مجرد �أخطاء مادية ب�سيطة‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫في كل الأحوال نحن نرى ب�أن عدم التمييز بين الو�سائل الواقعية والقانونية‬
‫وتركها برمتها للخبير‪ ،‬قد يجعل دور القا�ضي في مراقبة مدى ح�سن تطبيق القانون‬
‫دورا ثانويا‪.‬‬
‫المالحظة الثانية ‪ :‬فيما يتعلق بالدعاوى المتعلقة بالمنازعة في ال�ضرائب التكميلية‬
‫الناجمة عن م�سطرة الفح�ص �أو المراقبة‪ ،‬لوحظ �أنه تمنح للخبير �صالحيات وا�سعة‬
‫تبد�أ بتقييم المحا�سبة برمتها‪ ،‬مرورا ب�إعادة تقدير �أ�سا�س ال�ضريبة وانتهاء بت�صفية �أو‬
‫تحديد مبلغها �أ�صال وغرامات وفوائد الت�أخير‪ ،‬وبالتالي ف�إن الأمر ال ينح�صر في‬
‫الو�سائل والدفوعات المقدمة‪ ،‬وال حتى في الت�صحيحات التي تكون مو�ضوع‬
‫منازعة‪ ،‬بل يمتد �إلى التحقيق في جميع جوانب ملف المراقبة الجبائية‪.‬‬
‫المالحظة الثالثة ‪ :‬في جميع الق�ضايا التي يتم فيها تعيين خبير‪ ،‬ف�إن الأر�ضية التي‬
‫ي�شتغل عليها هذا الخبير هي محا�سبة الملزم بال�ضريبة والت�صحيحات والتقديرات‬
‫التي قام بها المفت�ش المحقق‪ ،‬في الوقت الذي يكون فيه ملف المنازعة قد مر من‬
‫عدة مراحل مرحلة الفح�ص‪ ،‬المرحلة التواجهية‪ ،‬مرحلة اللجن‪،‬‬
‫نحن نعتقد ب�أن هذا الأمر قد يكون مجانبا لل�صواب على اعتبار �أن المنازعة‬
‫الجبائية هي منازعة على مراحل؛ وفي هذه المراحل قد تكون هناك ت�صحيحات‬
‫تمت ت�سويتها بالرف�ض �أو بالقبول ال�ضمني �أو ال�صريح من هذا الطرف �أو من ذلك‪،‬‬
‫وبالتالي فمن المفرو�ض �أن تكون �آخر مرحلة و�صل �إليها الملف؛ وهي غالبا مرحلة‬
‫اللجن وما �أ�سفر عنها من مقرر؛ هي الأر�ضية التي يجب �أن ي�شتغل عليها الخبير‪.‬‬
‫رابعا ‪� :‬إجراءات الخبرة‬
‫على م�ستوى الإجراءات التي يقوم بها الخبير �أثناء قيامه بالمهمة الم�سندة �إليه‪،‬‬
‫من المتعين ت�سجيل المالحظات التالية‪:‬‬
‫المالحظة الأولى ‪� :‬إن �أهم �شرط يراقبه الق�ضاء في الخبرة هو �شرط التواجهية‪،‬‬
‫والمق�صود منه ‪ -‬ح�سب المحكمة ‪� -‬أن يقوم الخبير با�ستدعاء جميع الأطراف‬
‫لجل�سة الخبرة‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫نحن نعتقد ب�أن �شرط التواجهية بهذا المفهوم لي�س غاية في ذاته‪ ،‬ولكنه و�سيلة‬
‫للمحافظة على حقوق الطرفين في الدفاع عن حقوقهم وم�صالحهم‪ ،‬بحيث‬
‫�أن المق�صود منه هو تخويل الفر�صة والحق لكل طرف ليطلع ويناق�ش الو�سائل‬
‫والوثائق المدلى بها من الطرف الآخر‪ ،‬على غرار ما ح�صل في المراحل ال�سابقة‪،‬‬
‫خالل الم�سطرة التواجهية �أو �أمام اللجن‪.‬‬
‫لكن ما يحدث فعليا هو �أن بع�ض الخبراء �إما �أنهم يبنون م�ستنتجاتهم على‬
‫م�ستندات ووثائق لم يطلع عليها الطرف الآخر الذي غالبا ما يكون المفت�ش المحقق‪،‬‬
‫�أو �أنهم يرف�ضون بالمرة �إطالع المفت�ش على هذه الوثائق‪� ،‬أو �أن هذه الوثائق غير‬
‫موجودة �أ�صال �أو على الأقل ال ترفق بتقرير الخبرة المقدم للمحكمة‪.‬‬
‫المالحظة الثانية ‪� :‬إن �أهم �أر�ضية ي�شتغل عليها الخبير هي الوثائق والحجج‬
‫المقدمة من كل طرف‪.‬‬
‫الإ�شكال الذي كان مطروحا هو �أن بع�ض الوثائق الحا�سمة المبررة مثال لبع�ض‬
‫التحمالت‪� ،‬أو بع�ض اال�ستثمارات‪ ،‬ال تظهر �إال �أمام الخبير‪ ،‬فهي لم تقدم ال خالل‬
‫مدة الفح�ص‪ ،‬وال خالل الم�سطرة التواجهية‪ ،‬وال �أمام اللجن ال�ضريبية‪ ،‬وال حتى‬
‫للمحكمة نف�سها‪،‬‬
‫وقد كانت الإدارة ت�شتكي من هذا الأمر لأنه يم�س بحقوق الدفاع‪ ،‬يم�س بجو‬
‫الثقة الذي يجب �أن تمر فيه م�سطرة المراقبة‪ ،‬كما حرمها هذا الأمر من �إبداء موقفها‬
‫بخ�صو�ص هذه الوثائق في المراحل ال�سابقة‪ ،‬وبناء الت�صحيحات على �أ�سا�س هذه‬
‫الوثائق‪.‬‬
‫وقد انتبه الم�شرع �إلى هذه الم�س�ألة فعمد �إلى التن�صي�ص في المادة ‪ 242‬من‬
‫المدونة العامة لل�ضرائب على �أنه ال يمكن للخبير‪:‬‬
‫«�أن ي�ستند في خال�صاته على دفوع �أو وثائق لم يتم �إطالع الطرف الآخر في‬
‫الدعوى عليها خالل الم�سطرة التواجهية»‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫المالحظة الثالثة ‪� :‬أن الخبير يقوم بالتحقيق في الملف الجبائي يطرح برمته‪ ،‬بما‬
‫فيه جميع الت�صحيحات التي �صدرت بناء عليها ال�ضريبة‪ ،‬بما فيها الت�صحيحات‬
‫التي تم قبولها �صراحة �أو �ضمنا من طرف الملزم بال�ضريبة‪ ،‬والت�صحيحات التي‬
‫لم تتم المنازعة فيها �أمام الق�ضاء‪.‬‬
‫المبرر وراء هذا الأمر �أن الطعن �أمام الق�ضاء ين�شر ملف النزاع من جديد‪.‬‬
‫نحن نعتقد ب�أنه و�إ�ضافة �إلى ما قلناه �سابقا‪ ،‬ف�إن المنازعة الجبائية هي منازعة‬
‫على مراحل يفتر�ض �أن ت�أخذ المرحلة الق�ضائية فيها بعين االعتبار ما تم وما تحقق‬
‫في المراحل ال�سابقة‪ ،‬وبالتالي ف�إن الت�صحيحات التي تم القبول بها مثال يجب �أن‬
‫ال تكون مو�ضوع �أي تحقيق من طرف الخبير‪.‬‬
‫و�إ�ضافة �إلى ذلك ف�إن طرح الملف برمته يتعار�ض �أي�ضا مع المادة ‪ 3‬من قانون‬
‫الم�سطرة المدنية التي تقيد القا�ضي بالنظر فقط في الو�سائل والدفوعات المثارة‬
‫�أمامه‪.‬‬
‫المالحظة الرابعة ‪� :‬أن الخبير الذي ت�سند له مهمة التحقيق في المحا�سبة يقوم في‬
‫الواقع ب�إعادة م�سطرة الفح�ص‪ ،‬هذه الم�سطرة التي ا�ستغرقت من المفت�ش المحقق‬
‫�شهورا ومن اللجن ال�ضريبة جل�سات طويلة‪ ،‬غير �أن ال�سيد الخبير يختزلها في‬
‫جل�سة واحدة ال تتعدى في �أق�صى الحاالت ن�صف �ساعة �إلى �ساعة‪.‬‬
‫خام�سا ‪ :‬تقييم الخبرة‬
‫لقد لوحظ ب�أنه تتم الم�صادقة جملة وتف�صيال على جميع الخبرات التي تنجز‬
‫�سواء كانت خبرات محا�سبية �أو خبرة عقارية‪ ،‬على الرغم من المالحظات التي‬
‫قد تبدى بخ�صو�ص هذه الخبرات ومنها على وجه الخ�صو�ص ‪:‬‬
‫‪� -‬أن بع�ض الخبرات تبنى على معطيات وخا�صة على وثائق غير موجودة �أ�صال‪،‬‬
‫ك�أن يجزم الخبير ب�أنه اطلع على جميع الوثائق المحا�سبية ووجدها منتظمة‪،‬‬
‫ولهذا تنتبه بع�ض الأحكام �إلى هذا الأمر ومنها قرار للمجل�س الأعلى والذي‬
‫ورد فيه ما يلي ‪:‬‬

‫‪118‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫«وبذلك ف�إنه ‪� -‬أي الخبرة ‪ -‬تكون قد اعتمدت وثائق لم تتم مناق�شتها �أمامها وهو ما‬ ‫ ‬
‫ي�شكل �إخالال بحق الدفاع يكون الحكم الم�ست�أنف مجانبا لل�صواب‪،‬‬
‫ وحيث �إن الق�ضية غير جاهزة ويقت�ضي الأمر الإطالع على الفواتير مو�ضوع‬
‫الخ�صم»‪.‬‬
‫‪ -‬في بع�ض الأحيان ن�شك هل نحن �أمام تقرير خبرة �أم �أمام مقال الدفاع عن‬
‫طرف؛ يتجلى ذلك في ال�صياغات واال�ستنتاجات الم�ستعملة‪ .‬وفي بع�ض‬
‫الخبرات يثير الخبير من تلقاء نف�سه و�سائل لم ي�سبق للملزم �أن �أثارها‪ ،‬في‬
‫مقال الدعوى‪ ،‬ك�إثارة عيوب م�سطرية‪� ،‬أو تقادم‪.‬‬
‫‪ -‬بع�ض الخبرات ال يتبين �أن الخبير المعين فيها بدل مجهودا فيها �إذ غالبا ما‬
‫يكتفي بالو�صف ال�سطحي ودون اعتماد �أية منهجية مقبولة‪ ،‬وهو ما تفطن �إليه‬
‫بع�ض الأحكام من قبيل القرار ال�صادر عن الغرفة بالمجل�س الأعلى الذي‬
‫ورد فيه ب�أن الخبير‪:‬‬
‫ «لم يبين – �أي الخبير‪ -‬العنا�صر التقنية والمو�ضوعية والح�سابية لما انتهى �إليه بل‬
‫اكتفى فقط ب�سرد عبارات عامة وف�ضفا�ضة ال ي�ستنتج منها قيام الخبير بمجهود فني‬
‫وميداني في النازلة»‪.‬‬
‫ قرار عدد ‪� 856‬صادر بتاريخ ‪ 2001/06/28‬في الملف عدد ‪.2000-1-4-1253‬‬
‫‪ -‬في ن�سبة مهمة من الخبرات ي�صل الخبير �إلى تقديرات �أو �أ�س�س‪ ،‬من �أرباح‬
‫ومداخيل �أقل حتى من تلك التي �صرح بها الملزم نف�سه‪ ،‬وهذا من �أف�ضح‬
‫مظاهر التناق�ض التي تت�سم بها بع�ض الخبرات‪.‬‬
‫عموما يمكن �أن نجزم ب�أن الق�ضاء يمنح دورا كبيرا للخبير في العملية ال�ضريبية‬
‫�أكبر من دور الإدارة و�أكبر حتى من دور اللجن‪ ،‬و�أحيانا من دور الق�ضاء نف�سه‪،‬‬
‫كما يتجلى ذلك فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬هناك ثقة كبيرة للق�ضاء في ا�ستنتاجات الخبير‪� ،‬أكبر من ثقته في الإدارة‬
‫وفي ثقته في اللجنة ال�ضريبية‪ ،‬بحيث �أنه من النادر جدا �أن يغير من هذه‬
‫اال�ستنتاجات‪ ،‬وحتى �إذا كان هناك تغيير ف�إنه في الغالب ما يكون طفيفا‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ -‬مراقبة الق�ضاء لم�ستنتجات الخبرة غالبا ما تن�صب على �إجراءاتها دون‬


‫م�ضمونها‪ ،‬وفي الغالب ما تكتفي الأحكام بالتعليل العام الذي مفاده‪:‬‬
‫ «ب�أن الخبرة جاءت ح�ضورية وم�ستوفية ل�شروط قبولها مما يتعين الم�صادقة عليها»‬
‫وهذا ما قد يكون مبررا لعدم مناق�شة الو�سائل والدفوعات المثارة من طرفي‬
‫الدعوى‪.‬‬
‫ بل �إن المحكمة غير ملزمة حتى بتعليل اعتماد الخبرة‪ ،‬من قبيل ما ورد في‬
‫قرار للغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى من �أن «المحكمة عندما �أخذت بتقرير‬
‫الخبير م�صطفى �أمحزون جملة وتف�صيال لم تكن ملزمة بتعليل ذلك �إذ يندمج هذا‬
‫التعليل بم�ضمن التقرير المذكور»‪.‬‬
‫‪ -‬تخويل ا�ستنتاجات الخبرة حجية كاملة وقلب عبء الإثبات ما يخالفها �ضد‬
‫الإدارة‪.‬‬
‫‪� -‬صحيح �أن ر�أي الخبير من الوجهة القانونية هو ر�أي ا�ست�شاري �إال �أنه في كثير‬
‫من المنازعات المعرو�ضة ر�أيه تقريري‪.‬‬
‫‪ -‬بع�ض الأحكام ال تقدم �أي تعليل لترجيح خبرة على �أخرى رغم االختالف‬
‫الكبير الموجود بينهما في اال�ستنتاجات‪ ،‬بل تكتفي بالقول ب�أن «تقرير الخبير‬
‫�أ‪ .‬جاء �أكثر تو�ضيحا وتف�صيال على م�ستوى الأ�س�س فيكون الأجدر باالعتماد عليه‬
‫من حيث النتائج»‪.‬‬
‫في كل الأحوال �أقول �أنه من غير المنطقي ومن غير المقبول �أن تذهب �أغلبية‬
‫الخبرات المنجزة �إلى �إلغاء ما يزيد عن ‪ % 50‬من الت�صحيحات المنجزة لأنه في‬
‫هذه الحالة هناك �شيء ما غير طبيعي‪ ،‬ف�إما الم�شكل في الت�صحيحات التي تقوم‬
‫بها الإدارة‪ ،‬و�إما في اللجن التي تعتمد هذه الت�صحيحات و�إما �أن الم�شكل في‬
‫الخبراء �أنف�سهم‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�إعادة تقدير �أ�سا�س ال�ضريبة‬


‫ال�سيد خالد زعزوع‬
‫المدير الإقليمي لل�ضرائب بالدارالبي�ضاء‬

‫المقدمة‬
‫تعتبر ال�سلطة التقديرية من بين ال�صالحيات القانونية التي خولها الم�شرع لإدارة‬
‫ال�ضرائب لتحديد �أو مراجعة �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة وفق �شروط معينة‪ .‬وبالمقابل‬
‫يمتع الخا�ضع لل�ضريبة بحق المنازعة في هذا الأ�سا�س �أمام الق�ضاء وفق الم�ساطر‬
‫التي ن�ص عليها القانون‪.‬‬
‫فبقدر ما يحق للملزم �أن ينازع بكل الو�سائل القانونية دفاعا عن وجهة نظره في‬
‫ما يتعلق بتحديد �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة بقدر ما تتجلى م�س�ؤولية الإدارة في الدفاع‬
‫والحفاظ على موارد خزينة الدولة وتعزيزها من خالل تو�سيع الوعاء ال�ضريبي‬
‫مع مراعاة الأحكام والمبادئ التي ت�ؤمن توزيعا عادال للعبء ال�ضريبي‪.‬‬
‫وهكذا ف�إن مو�ضوع هذه المداخلة ين�صب على �أهم الحاالت التي تقوم فيها‬
‫الإدارة بت�صحيح �أو �إعادة تقدير �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة ويت�ضمن ثالثة محاور‪:‬‬
‫• المحور الأول ‪ :‬مراجعة القيمة الإيجارية (الر�سم المهني)‬
‫• المحور الثاني ‪ :‬مراجعة القيمة التجارية للعقار المبيع‬
‫• المحور الثالث ‪� :‬إعادة تقدير رقم الأعمال على �إثر ا�ستبعاد المحا�سبة‬
‫ومن خالل هذه المداخلة �سيتم �إبراز الدور الكبير الذي تلعبه الإدارة الجبائية‬
‫عبر محاربة التمل�ص والتهرب ال�ضريبي وكذا �ضعف الت�ضريب ‪Sous-imposition‬‬
‫لتحقيق الم�ساواة والعادالة الجبائية‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫المحور الأول ‪ :‬مراجعة القيمة االيجارية ك�أ�سا�س لفر�ض الر�سم‬


‫المهني‬
‫في البداية ال بد من التذكير ب�إلغاء الظهير ال�شريف ال�صادر في ‪ 30‬دي�سمبر ‪1961‬‬
‫المتعلق ب�ضريبة «الباتنتا» بموجب القانون رقم ‪ 47-06‬ال�صادر في ‪ 30‬نونبر ‪2007‬‬
‫والمتعلق بجبايات الجماعات المحلية الذي �أحدث ر�سما مهنيا عو�ض «الباتنتا»‪.‬‬
‫�إال �أن تعريف القيمة الإيجارية في المادة ال�ساد�سة للقانون المنظم للباتنتا‬
‫والمادة ال�سابعة للقانون المنظم للر�سم المهني لم يطر�أ عليه �أي تغيير جوهري من‬
‫ناحية ال�صيغة على م�ستوى الفقرتين الأولى والثانية ‪:‬‬
‫وهكذا �س�أقت�صر في المداخلة على مفهوم القيمة االيجارية بالرجوع �إلى المادة‬
‫ال�سابعة للقانون الحالي ‪:‬‬
‫المادة ‪ - 7‬تحديد القيمة االيجارية‬
‫�أ ‪ :‬يفر�ض الر�سم المهني على القيمة االيجارية ال�سنوية الإجمالية العادية‬
‫والحالية للمتاجر والدكاكين والمعامل والم�صانع وال�سقائف والمرائب واالورا�ش‬
‫و�أماكن الإيداع وجميع المحالت والأماكن والمراكز المعدة لمزاولة الأن�شطة‬
‫المهنية الخا�ضعة للر�سم‪.‬‬
‫تحدد القيمة االيجارية المعتبرة �أ�سا�سا لح�ساب الر�سم �إما بوا�سطة عقود الإيجار‬
‫�أو الكراء و�إما عن طريق المقارنة والتقييم المبا�شر‪ ،‬دون اللجوء �إلى م�سطرة‬
‫الت�صحيح المن�صو�ص عليها في القانون‪.‬‬
‫المادة ‪ - 6‬الباتنتا‬
‫يفر�ض الأداء الن�سبي على القيمة الكرائية الإجمالية العادية المقدرة حاليا‬
‫للمتاجر والدكاكين والمعامل والم�صانع وال�سقائف والمرائب والأورا�ش و�أماكن‬
‫الإيداع‪ ،‬وجميع المحالت والأماكن والمراكز المعدة لمزاولة المهن المفرو�ضة‬
‫عليها ال�ضريبة‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وتحدد القيمة الكرائية المعتبرة �أ�سا�سا لح�ساب الأداء الن�سبي �إما بوا�سطة عقود‬
‫الإيجار �أو الكراء و�إما عن طريق المقارنة �أو حتى التقييم المبا�شر‪.‬‬
‫وهكذا حدد الم�شرع في الفقرة الأولى مفهوم القيمة االيجارية التي تعتبر �أ�سا�س‬
‫فر�ض الر�سم المهني مبرزا بكل و�ضوح �أربع �صفات يجب �أن تتوفر فيها وهي ‪:‬‬
‫‪ -‬قيمة �إيجارية �سنوية‬
‫‪ -‬قيمة �إيجارية اجمالية‬
‫‪ -‬قيمة ايجارية عادية‬
‫‪ -‬قيمة ايجارية حالية‬
‫وعليه فكل قيمة ايجارية ال تتوفر فيها هذه المعايير تعتبر مخالفة للأحكام‬
‫القانونية‪ .‬فالتركيز في هذه المداخلة على �صفتي «عادية» و«حالية» للقيمة‬
‫االيجارية نابع من الحر�ص على �إبراز مقا�صد الم�شرع التي تهدف �إلى تحقيق‬
‫مبد�أي الم�ساواة والتوزيع العادل للعبء ال�ضريبي‪.‬‬
‫�أما الفقرة الثانية من المادة ال�سابعة فهي تكمل الفقرة الأولى حيث ت�شير �إلى‬
‫طرق تحديد القيمة االيجارية وذلك ‪:‬‬
‫‪ -‬بوا�سطة عقود الإيجار �أو الكراء‬
‫‪ -‬و�إما عن طريق المقارنة‬
‫‪� -‬أو عن طريق التقييم المبا�شر‬
‫فالتطبيق ال�سليم للأحكام الواردة في المادة ال�سابعة للقانون المنظم للر�سم‬
‫المهني يقت�ضي في اعتقادنا عدم الف�صل بين الفقرتين الأولى والثانية عند تحديد‬
‫�أ�سا�س فر�ض الر�سم المهني‪ .‬فالفقرة الأولى تت�ضمن المعايير التي يجب �أن تتوفر‬
‫في القيمة االيجارية والفقرة الثانية تبين الطرق التي يجب على الإدارة اعتمادها‬
‫لتحديد �أ�سا�س ال�ضريبة‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وبناء على هذا الترابط خ�ضوع القيمة الإيجارية وجوبا للمعايير الم�شار �إليها في‬
‫الفقرة الأولى هو الذي يحدد الطريقة التي يتعين اعتمادها لح�ساب تلك القيمة‪.‬‬
‫وهكذا ف�إن وجود عقد الإيجار ال يعتبر في حد ذاته عن�صرا كافيا لتفر�ض ال�ضريبة‬
‫المهنية على �أ�سا�سه بل يتعين على المفت�ش �أن يت�أكد �أن القيمة االيجارية المترتبة‬
‫على العقد «عادية» و«حالية» وفق ما ن�ص عليه الم�شرع في الفقرة الأولى وذلك‬
‫مقارنة مع م�ستوى ال�سومة الكرائية التي تحددها قواعد ال�سوق مع مراعاة �أوجه‬
‫ال�شبه من ناحية الموقع والمرافق وحالة العقار والغر�ض المعد له الخ‪....‬‬
‫وقد �أثيرت عدة نزاعات حول م�س�ألة تحديد �أ�سا�س فر�ض الر�سم المهني من‬
‫طرف بع�ض الملزمين بعد ا�ستبعاد الإدارة الجبائية لعقود االيجار التي تبين �أنها ال‬
‫تعك�س م�ستوى ال�سومة الكرائية الحالية وتحيينها باللجوء �إلى طريقة المقارنة‪.‬‬
‫وانطالقا من م�س�ؤوليتها في تطبيق القواعد القانونية ف�إن الإدارة الجبائية تعتبر‬
‫ا�ستبعاد عقود الإيجار التي ال تبدو طبيعية بحيث ال تتوفر فيها �صفتي «العادية»‬
‫و«الحالية» هو تطبيق �سليم لإرادة الم�شرع الذي يتوخى من خالل التحيين تحقيق‬
‫مبد�أ العدالة الجبائية‪.‬‬
‫ومن خالل المثال الذي �س�أ�سوقه �س�أو�ضح بالأرقام �أن الم�شرع بتن�صي�صه على‬
‫قيمة ايجارية عادة وحالية �إنما �أراد �أن يحقق الم�ساواة بين الملزمين‪ .‬لنفتر�ض مثال‬
‫�أن تاجران يمار�سان نف�س التجارة‪ .‬الأول ي�ستغل منذ �سنة ‪ 1995‬محال بموجب عقد‬
‫كراء حددت �سومته في ‪ 2500‬درهم والثاني ي�ستغل محال بنف�س الموا�صفات وفي‬
‫نف�س الحي منذ �سنة ‪ 2004‬ب�سومته كرائية قدرها ‪ 6000‬درهم‪ .‬وحيث �أن القيمة‬
‫الإيجارية هي مجموع الكراء ال�سنوي ف�إن �أ�سا�س ح�ساب الر�سم المهني بالن�سبة‬
‫للتاجر الأول هو ‪ 30000‬درهم (�أي ‪ )12×2500‬في حين �أن �أ�سا�س ح�ساب الر�سم‬
‫المهني بالن�سبة للتاجر الثاني هو ‪ 72000‬درهم‪�( .‬أي ‪ )12×6000‬و�إذا افتر�ضنا �أن‬
‫�سعر ال�ضريبة بالن�سبة لنوعية التجارة هو ‪ % 20‬ف�إن الر�سم المهني الواجب �أداءه‬
‫هو ‪ 6000‬درهم بالن�سبة للتاجر الأول في حين �أن التاجر الثاني عليه �أن ي�ؤدي‬
‫‪ 14400‬درهم‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫و�إذا علمنا فوق هذا كله �أن تحديد الربح ال�سنوي للخا�ضعين لل�ضريبة على‬
‫الدخل الذين اختاروا نظام الربح الجزافي يتم �أي�ضا على �أ�سا�س القيمة االيجارية‬
‫ال�سنوية المعتمدة لح�ساب الر�سم المهني م�ضروبة في معامل ما يت�ضح �أن العدالة‬
‫ال�ضريبية لن تت�أتى �إذا �أ�سقطنا قاعدة تحيين القيمة االيجارية تطبيقا للأحكام الفقرة‬
‫الأولى‪ .‬وهنا يبرز المغزى العميق للتن�صي�ص على �صفتي «العادية» و«الحالية»‬
‫لهذا وبناء على ما �سبق ذكره ف�إن الإدارة الجبائية ال ت�شاطر القرارات ال�صادرة‬
‫عن المحكمة الإدارية التي ق�ضت ب�إلغاء قاعدة التحيين لأنها تعتبر تلك القرارات‬
‫ال ت�صب في اتجاه تكري�س العدالة الجبائية‪.‬‬
‫وهكذا جاء في حيثيات قرار المحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء والتي �أيدتها‬
‫الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى في حكمها ال�صادر بتاريخ ‪ 16‬فبراير ‪ 2005‬ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫«لكن حيث ن�صت المادة ال�ساد�سة المحتج بها على تحديد القيمة الكرائية‬
‫ال�سنوية المعتبرة ك�أ�سا�س لتحديد ال�ضريبة المهنية يتم انطالقا من عقد الكراء‬
‫�إن وجد‪� ،‬أو عن طريق المقارنة �أو عن طريق التقويم المبا�شر‪.‬‬
‫ولما كان الم�شرع قد �أورد الخيارات المذكورة مرتبة و�أولها الكراء وا�ستطرد‬
‫قائال �إن وجد معنى ذلك �أنه �إذا كان عقد الكراء موجودا ال تكون الإدارة في‬
‫حاجة �إلى اللجوء �إلى المقارنة �أو التقييم المبا�شر‪»...‬‬
‫ويت�ضح �أن المحكمة قد اعتمدت في قرارها على قراءة جزئية للن�ص حين‬
‫ا�ستمدت تعليلها ب�إلغاء ال�ضريبة المهنية التكميلية من الفقرة الثانية للمادة ال�سابعة‬
‫معتبرة �أنه بوجود عقد الكراء ي�سقط حق الإدارة في اللجوء �إلى المقارنة والتقييم‬
‫المبا�شر‪ .‬وتجدر الإ�شارة �إلى �أن القا�ضي �أ�ضاف عبارة «�إن وجد» على الرغم �أنها‬
‫لم ترد �إطالقا في الن�ص ليق�ضي «�أنه �إذا كان عقد الكراء موجودا ال تكون الإدارة‬
‫في حاجة �إلى اللجوء �إلى المقارنة»‪ .‬بيد �أن الم�شرع وكما �سبقت الإ�شارة �إلى‬
‫ذلك‪ ،‬ن�ص �صراحة ودون �أي لب�س في الفقرة الأولى على ان القيمة االيجارية‬

‫‪125‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫يجب �أن تكون «عادية» و«حالية» مما يحتم على الإدارة تحيينها باعتماد عنا�صر‬
‫المقارنة المو�ضوعية بغية تحقيق التوزيع العادل للعبء ال�ضريبي‪.‬‬
‫وفي نف�س ال�سياق هناك نقطة �أخرى البد من �إثارتها وتتعلق بم�س�ألة الدفع بمبد�أ‬
‫«حجية ال�شيء المق�ضي به» عندما تقوم الإدارة بتحيين القيمة االيجارية التي �سبق‬
‫و�أن خ�ضعت منذ فترة طويلة �إلى تحيين بموجب حكم �أيده المجل�س الأعلى‪.‬‬
‫فخ�صو�صيات المادة ال�ضريبة وارتباطها بال�سيا�سة االقت�صادية واالجتماعية تقت�ضي‬
‫التعامل مع القيمة االيجارية كواقعة من�ش�أة لل�ضريبة في بعديها الزمني والمكاني‪.‬‬
‫لهذا نعتبر �أن الحكم في مجال تحيين القيمة الإيجارية مرتبط بزمن معين وحجيته‬
‫تبقى ن�سبية‪.‬‬
‫المحور الثاني ‪ :‬تقييم القيمة التجارية للعقار‬
‫ال �أحد ينكر �أن ظاهرة النق�صان في ثمن التفويت المعبر عنه في عقد البيع قد‬
‫تف�شت على نطاق وا�سع ب�سوق العقار بالمغرب خالل ال�سنين الأخيرة وال �أرى‬
‫حاجة لتو�ضيح الغاية من هذه الممار�سة‪ .‬فالكل يعلم �أن الهدف منها هو التهرب‬
‫من �أداء ال�ضريبة على الجزء المخفي من قمن التفويت الذي ي�صل �أحيانا �إلى‬
‫ن�سب مئوية عالية‪.‬‬
‫�إن ممار�سة ما ي�صطلح عليه «بالأ�سود» تجعل �سوق العقار غير �شفاف وتفقد فيه‬
‫التفويتات العقارية ال�ضمانات القانونية‪ ،‬عالوة على كونها تحرم �صندوق خزينة‬
‫الدولة من مداخيل هامة‪.‬‬
‫ومن باب العدالة وتحقيقا لم�ساواة الجميع �أمام الواجب المتعلق ب�أداء‬
‫ال�ضريبة الم�ستحقة قانونيا ووعيا منه منذ البداية ب�ضرورة تمكين الإدارة الجبائية‬
‫من الو�سائل القانونية الكفيلة بمحاربة ظاهرة النق�صان والغ�ش في ثمن التفويت‬
‫فقد �أعطى الم�شرع الحق للإدارة في القيام بالت�صحيح كلما توفرت لديها القناعة‬
‫�أن ثمن التفويت العقار ال يتنا�سب مع قيمته التجارية وهكذا جاء في البند الأول‬
‫من المادة ‪ 65‬من المدونة العامة لل�ضرائب ‪:‬‬

‫‪126‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫«يراد بثمن التفويت ثمن البيع �أو القيمة التقديرية الم�صرح �أو المعترف بها من‬
‫لدن الطرفين �أو �أحدهما في العقد �أو القيمة المحددة طبقا للمادة ‪� »224‬أي بعد‬
‫اللجوء �إلى م�سطرة الت�صحيح‪.‬‬
‫«ويبا�شر ت�صحيح الثمن المعبر عنه في عقد البيع �أو في �إقرار الخا�ضع لل�ضريبة‬
‫�إذا ظهر �أن الثمن غير مطابق لقيمة الملك التجارية في تاريخ البيع وذلك وفق ال�شروط‬
‫المن�صو�ص عليها في المادة ‪� »224‬أي بعد اللجوء �إلى م�سطرة الت�صحيح‪.‬‬
‫وفي �سنة ‪ 2005‬و�سع الم�شرع المجال القانوني الذي يتيح للإدارة القيام‬
‫بت�صحيح ثمن التفويت وهكذا تم تعزيز المادة ‪ 86‬من القانون المنظم لل�ضريبة‬
‫على الدخل المتعلق بالأرباح العقارية (المادة ‪ 65‬من المدونة العامة لل�ضرائب‬
‫حاليا) بالفقرتين التاليتين ‪:‬‬
‫«في حالة تفويت عقار �أو حق عيني عقاري �سبق للإدارة �أن قامت بت�صحيح‬
‫ثمن تملكه �أو ثمن تكلفته في حالة ت�سليم ال�شخ�ص العقار لنف�سه �إما فيما يتعلق‬
‫بواجبات الت�سجيل و�إما فيما يتعلق بال�ضريبة على القيمة الم�ضافة ف�إن ثمن‬
‫التملك الواجب اعتباره هو الثمن الذي تم ت�صحيحه من لدن الإدارة والذي‬
‫على �أ�سا�سه دفع الخا�ضع لل�ضريبة الواجبات الم�ستحقة‪.‬‬
‫ي�ؤخذ الثمن المحدد �أعاله كثمن تفويت لدى المفوت فيما يتعلق بال�ضريبة على‬
‫ال�شركات وال�ضريبة على الدخل وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة»‪.‬‬
‫وهكذا �أ�ضاف الم�شرع للإدارة و�سيلة قانونية �إ�ضافية لمحاربة ا�ستفحال ظاهرة‬
‫الغ�ش ال�ضريبي بحيث �أجاز لها �أن تعتبر ثمن اقتناء العقار الذي تم ت�صحيحه وعلى‬
‫�أ�سا�سه دفع الم�شتري واجبات الت�سجيل الم�ستحقة هو نف�سه ثمن التفويت الذي‬
‫�سيتم اعتماده ك�أ�سا�س لفر�ض ال�ضريبة على الأرباح العقارية لدى المفوت‪.‬‬
‫غير �أنه وبالرغم من تن�صي�ص الم�شرع �صراحة على �ضرورة �أن يطابق ثمن‬
‫التفويت قيمة الملك العقارية فقد ن�ش�أت نزاعات بين الإدارة الجبائية والخا�ضعين‬

‫‪127‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫لل�ضريبة حول مفهوم «قيمة الملك التجارية» حيث �أبانت التجربة والممار�سة عن‬
‫وجود مجموعة من الإ�شكاليات العملية فيما يتعلق بالمرجعية التي تعتمد عليها‬
‫الإدارة لتحديد القيمة التجارية للملك‪.‬‬
‫وانطالقا من غياب �أي تعريف قانوني للقيمة التجارية‪ ،‬يبقى التعريف العام‬
‫المتعارف عليه هو ال�سائد حيث يعتبر ال�سوق الذي يخ�ضع لنظام المناف�سة الحرة‬
‫هو المجال الأمثل الذي يعك�س القيمة التجارية الأكثر واقعية والأقرب �إلى الحقيقة‬
‫خ�صو�صا �إذا تمت مراعاة خ�صو�صيات العقار التي ت�ضمن المو�ضوعية في اختيار‬
‫عنا�صر المقارنة‪.‬‬
‫وهكذا ف�إن الت�شكيك في �صدق الإقرار بثمن التفويت من طرف الإدارة الجبائية‬
‫ال يتم �إال بناء على عنا�صر المقارنة المتوفرة لديها �آخذة دائما بعين االعتبار �أوجه‬
‫ال�شبه التي تعتمد عليها في �شرح �أ�سباب الت�صحيح �أثناء الم�سطرة التعار�ضية‪.‬‬
‫وفي هذا ال�سياق البد من الإ�شارة �إلى �أن الم�صلحة الإدارية المخت�صة في‬
‫�ضريبة الدخل المفرو�ضة على الأرباح العقارية تنطلق في ممار�سة ال�سلطة التقديرية‬
‫من ا�ضطالعها بتطورات �سوق العقار والمعلومات التي تح�صل عليها من خالل‬
‫عقود التفويت واالتفاقات المبرمة كتابة �أثناء م�سطرة الت�صحيح وكذا قيامها‬
‫بزيارات ميدانية للوقوف على خ�صو�صيات العقار التي تثار من طرف الملزمين‪.‬‬
‫لذا فهي تتوفر على المرجعية والخبرة والتجربة التي تمكنها من الت�أكد من �صحة‬
‫بع�ض الأثمنة الم�صرح بها‪.‬‬
‫وهنا البد من الإ�شارة �إلى �أن مرجعية الإدارة ت�أخذ بعين االعتبار قيم التفويت‬
‫التي ح�صلت في �ش�أنها على اتفاقات مع الملزمين الذين خ�ضعت �إقراراتهم‬
‫لم�سطرة الت�صحيح‪.‬‬
‫وعلى هذا الأ�سا�س وخالفا لما يعتقده الكثيرون ف�إن التفويتات ال تكون كلها‬
‫مو�ضع ت�شكيك من طرف الإدارة الجبائية‪ .‬فهناك �إقرارات تعتبر �صحيحة نظرا‬

‫‪128‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫لكون الثمن الم�صرح به يتالءم مع القيمة التجارية‪ .‬وقد الحظنا خالل المدة‬
‫الأخيرة �أن القيم الم�صرح بها �أ�صبحت تقترب �أكثر ف�أكثر من القيمة التجارية‬
‫الحقيقية‪.‬‬
‫ومن خالل درا�ستنا للمو�ضوع نالحظ �أن جل النزاعات مرتبطة في الأ�سا�س‬
‫ب�إ�شكالية ا�ستيعاب مفهوم القيمة التجارية من طرف الخا�ضعين لل�ضريبة‪ .‬وهكذا‬
‫ف�إن المحاوالت التي تقوم بها الإدارة �أثناء الم�سطرة التعار�ضية لتو�ضيح العنا�صر‬
‫الواقعية وال�سند القانوني المعتمد في تحديد القيمة التجارية‪ ،‬ال تجد �صدا عند‬
‫بع�ض الملزمين فيمار�سون حقهم الم�شروع في الطعن �أمام المحاكم الإدارية‪.‬‬
‫ومن خالل درا�ستنا وتحليلنا للعديد من الملفات المعرو�ضة على الق�ضاء‬
‫خالل ال�سنوات الأخيرة ات�ضح لنا �أن ن�سبة كبيرة من المنازعات تم اللجوء فيها‬
‫�إلى الخبرة وح�سمت باالعتداد بر�أي الخبير ب�شكل مطلق وا�ستبعاد عن�صر المقارنة‬
‫المعتمد من طرف الإدارة‪.‬‬
‫والنقطة الأ�سا�سية التي نود �إثارتها في هذا ال�صدد هي لماذا تواجه الم�آخذ التي‬
‫تثيرها �إدارة ال�ضرائب في �أغلب الحاالت بالرف�ض على الرغم من �إثارتها للإخالالت‬
‫التي تت�ضمنها الخبرة علما ب�أن المحكمة لها كامل الحق في �أن ت�أخذ بالخبرة كليا �أو‬
‫جزئيا ما دام ر�أي الخبير ال يقيدها في �شيء وتتمتع في هذا ال�ش�أن ب�سلطتها الكاملة‬
‫�إزاء تقريره الذي يعتبر �إجراء من �إجراءات التحقيق ولي�س بالدليل القاطع‪ .‬ففي‬
‫مقاالتها تعيب الإدارة الجبائية على الأحكام �إ�ضرارها بحقوق الخزينة على اعتبار‬
‫�أن الخبرة المعتمدة غير مو�ضوعية النعدام بحث جدي تطبعه الكفاءة المهنية‬
‫في �أوجه المقارنة من طرف الخبير وكذلك افتقار التقرير للوثائق المبررة لما‬
‫تو�صل �إليه‪ .‬لكن خالفا لهذا تق�ضي المحكمة ب�أن الخبير قد �أخذ بعين االعتبار كل‬
‫المعايير المو�ضوعية الحقيقية لتحديد القيمة التجارية للعقار بما في ذلك الموقع‬
‫والموا�صفات وتاريخ التفويت وكذا الأثمان التي كانت �سائدة وقت التفويت‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫عندما نطرح �إ�شكالية تحديد القيمة التجارية للعقار يطرح معها ال�س�ؤال الكبير‪:‬‬
‫هل �أ�سندت الخبرة �إلى �شخ�ص م�ؤهل للقيام بها علما ب�أن الخبرة في ال�ش�ؤون‬
‫العقارية تقت�ضي المعرفة التقنية المعمقة والإلمام الكبير والتجربة الوا�سعة في كل‬
‫المجاالت المرتبطة بالعقار من حيث طبيعته والعنا�صر التي تدخل في تحديد قيمته‬
‫التجارية‪ .‬نطرح هذا الت�سا�ؤل كي ال يغيب عن �أدهاننا جميعا �أن همنا الأول هو‬
‫تكري�س العدالة الجبائية ومحاربة ظاهرة الغ�ش المتف�شية‪ .‬وهذا يقت�ضي منا الحر�ص‬
‫ال�شديد على تطبيق تام لإرادة الم�شرع ب�أن تفر�ض ال�ضريبة على الربح الناتج عن‬
‫القيمة التجارية المحددة ب�أكبر ما يمكن من الدقة والمو�ضوعية درءا لمخاطر الفكر‬
‫الذاتي‪ .‬ولهذا نعتبر �أن تحديد هذه القيمة من طرف الخبير ال يتوقف فقط على‬
‫م�ؤهالته ومهاراته التقنية والفنية بل يتوقف �أي�ضا على الطريقة التي ينجز بها مهمته‬
‫فيجب �أن ال نن�سى �أن الإدارة الجبائية هي الأخرى تعتمد على كل خبراتها وعنا�صر‬
‫المقارنة المتوفرة لديها �أثناء تحديدها للقيمة التجارية‪ .‬ولذلك فهي تولي اهتماما‬
‫خا�صا لل�شروط المو�ضوعية التي يتعين �أن تتوفر في الخبرة لمعرفة القيمة الم�ضافة‬
‫التي �أتت بها حتى تطم�أن لنتائجها وتقتنع بحجيتها وقوة �إثباتها بل �أكثر من ذلك‬
‫لال�ستفادة من الأخطاء الحقيقية والمثبتة التي تكون قد �شابت عنا�صر التقدير‪.‬‬
‫المحور الثالث ‪� :‬إعادة تقدير رقم الأعمال على �إثر ا�ستبعاد‬
‫المحا�سبة‬

‫�إن �أهمية م�سك المحا�سبة بالن�سبة للإدارة الجبائية تكمن في كونها تحدد �سنويا‬
‫الح�صيلة الخا�ضعة لل�ضريبة‪.‬‬
‫وهكذا �ألزم الم�شرع الخا�ضعين لل�ضريبة م�سك محا�سبة طبقا للن�صو�ص‬
‫الت�شريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ب�شكل يتيح للإدارة �أن تقوم بالمراقبة‬
‫المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 210‬من المدونة‪.‬‬
‫و�أوجب عليهم الإدالء بجميع الإثباتات ال�ضرورية وتقديم جميع الوثائق‬
‫المحا�سبتية �إذا قررت الإدارة القيام بفح�ص المحا�سبة‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫فمبدئيا يجب على المحا�سبة �أن تت�ضمن جميع العمليات التي قام بها الخا�ضع‬
‫لل�ضريبة و�أن تتوفر فيها �شروط االنتظام ويفتر�ض فيها ال�صدق‪.‬‬
‫فالمراد هنا هو �أن ي�ؤدي الخا�ضع ما عليه من واجبات اتجاه خزينة الدولة في‬
‫�إطار ال�شفافية على �أ�سا�س الح�صيلة الحقيقية للن�شاط المفرو�ضة عليه ال�ضريبة‪.‬‬
‫فما هي �إذن الحاالت التي تكون فيها قيمة المحا�سبة مو�ضع ت�شكيك وما هي‬
‫الآثار القانونية المترتبة عن هذه الحاالت وما هو موقف الق�ضاء من المنازعات‬
‫المتعلقة ب�إعادة تقدير رقم المعامالت‪.‬‬
‫‪ - 1‬حاالت الت�شكيك في قيمة الإثبات التي تكت�سيها المحا�سبة ‪:‬‬
‫�إن مراقبة المحا�سبة يمكن �أن تقود الإدارة �إلى حالتين ‪:‬‬
‫• وجود �أحد الإخالالت الج�سيمة التي تفقد المحا�سبة قيمتها الإثباتية‪.‬‬

‫وقد �أ�شار الم�شرع �إلى طبيعة هذه الإخالالت في المادة ‪ 213‬من المدونة العامة‬
‫لل�ضرائب التي ن�صت على ما يلي ‪:‬‬
‫«ويعد من الإخالالت الج�سيمة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬عدم تقديم محا�سبة مم�سوكة وفقا لأحكام المادة ‪� 145‬أعاله؛‬
‫‪ - 2‬انعدام الجرود المقررة في المادة الآنفة الذكر؛‬
‫‪� - 3‬إخفاء بع�ض الأ�شرية �أو البيوع �إذا �أثبتت الإدارة ذلك؛‬
‫‪ - 4‬الأخطاء �أو الإغفاالت �أو البيانات غير ال�صحيحة الج�سيمة والمتكررة‬
‫المالحظة فيما تت�ضمنه المحا�سبة من عمليات؛‬
‫‪ - 5‬انعدام �أوراق الإثبات الذي يجرد المحا�سبة من كل قيمة �إثباتية؛‬
‫‪ - 6‬عدم �إدراج عمليات في المحا�سبة بالرغم من �إنجاز الخا�ضع لل�ضريبة‬
‫لها؛‬
‫‪� - 7‬إدراج عمليات �صورية في المحا�سبة‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وهكذا فالم�شرع هو الذي حدد طبيعة الإخالالت وهو الذي و�صفها بالج�سيمة‬
‫ومتى ثبت وجودها اعتبرت كذلك ب�صرف النظر عن درجة ت�أثيرها على ح�صيلة‬
‫المحا�سبة‪.‬‬
‫�أما الآثار المترتبة عن هذه الإخالالت تتمثل �أ�سا�سا في‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة باعتبار العنا�صر المتوفرة لدى الإدارة‪.‬‬
‫‪ -‬جعل عبء الإثبات ي�صبح على عاتق الخا�ضع لل�ضريبة‪.‬‬
‫• الحالة الثانية هي التي تكون فيها المحا�سبة ال ي�شوبها �شيء من الإخالالت الج�سيمة‬
‫وربط فيها الم�شرع �إعادة تقدير رقم المعامالت ب�إثبات نق�صان الأرقام التي‬
‫وقع الإقرار بها‪ .‬وهكذا جاء في الفقرة الأخيرة من البند الأول للمادة ‪ 213‬من‬
‫م‪.‬ع‪�.‬ض‪« .‬و�إذا كانت المحا�سبة المدلى بها ال ي�شوبها �شيء من الإخالالت‬
‫الج�سيمة المبينة �أعاله‪ ،‬ال يجوز للإدارة �أن تعيد النظر في المحا�سبة المذكورة‬
‫وتعيد تقدير رقم المعامالت �إال �إذا �أثبتت نق�صان الأرقام التي وقع الإقرار بها»‪.‬‬
‫‪� - 2‬إعادة تقدير رقم الأعمال ‪:‬‬
‫كثيرة هي الطرق والو�سائل التي يمكن اعتمادها لإعادة تقدير رقم الأعمال‬
‫لكن �أهم ما يتم مراعاته في هذه العملية هو المو�ضوعية والتقيد بالعنا�صر الواقعية‬
‫واختيار �أف�ضل ال�سبل للو�صول �إلى الو�ضع الطبيعي الذي يالم�س حقيقة العائدات‬
‫التي ح�صل عليها الخا�ضع لل�ضريبة‪.‬‬
‫وتجدر الإ�شارة �إلى �أن الإدارة وعيا منها ب�ضرورة احترام مبد�أ الإن�صاف‬
‫والعدالة الجبائية توظف �أحيانا وقتا طويال في البحث والتحري لجمع المعلومات‬
‫الكفيلة ب�إ�ضفاء طابع الم�صدافية على العملية بتحديد الح�صيلة الخا�ضعة‬
‫لل�ضريبة‪.‬‬
‫ومن �أهم المقاربات التي يتم اعتمادها لإعادة تقدير رقم الأعمال نذكر على‬
‫�سبيل المثال‪ :‬المراقبة الكمية التي تعتمد على المعادلة التالية ‪ :‬المدخر في بداية‬

‫‪132‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ال�سنة ‪ +‬الكمية الم�شتراة‪ -‬المدخر في �آخر ال�سنة = الكمية المباعة التي تقارن‬
‫بالكمية المباعة الم�صرح بها‪.‬‬
‫‪� -‬أما بالن�سبة للوحدات ال�صناعية فتعتمد �أحيانا على العن�صر الذي يدخل في‬
‫عملية الإنتاج ب�صورة ثابتة مما يمكن من تحديد حجم المنتوج والت�أكد من‬
‫الكمية الإجمالية للمنتجات الم�صرح بها‪.‬‬
‫‪ -‬االعتماد على معدل هام�ش الربح الفردي الذي يتم احت�سابه عبر مقارنة ثمن‬
‫بيع و�شراء ال�سلع والت�أكد بعد ذلك من مدى مطابقته مع معدل هام�ش الربح‬
‫الإجمالي الم�صرح به‪.‬‬
‫‪ - 3‬المنازعات المتعلقة ب�إعادة تقدير رقم المعامالت ‪:‬‬
‫في البداية ال بد من التذكير مرة �أخرى �أن الم�شرع �أجاز للإدارة في �إطار‬
‫ال�سلطة التقديرية �أن تحدد �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة باعتبار العنا�صر المتوفرة لديها‬
‫�إذا �شابت المحا�سبة �إخالالت ج�سيمة من �ش�أنها �أن ت�شكك في قيمة الإثبات (البند‬
‫الأول من المادة ‪ 213‬من م‪.‬ع‪�.‬ض)‪.‬‬
‫وفي الحالة التي ال ت�ستجيب المحا�سبة لل�شروط ال�شكلية والجوهرية وتفقد‬
‫بذلك �صدقها وقيمة �إثباتها‪ ،‬نت�ساءل حول جدوى ممار�سة الإدارة ل�سلطتها‬
‫التقديرية في تحديد �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة تطبيقا للأحكام ال�سالفة الذكر �إذا لم‬
‫ينح�صر البث في النزاع من طرف �أجهزة التحكيم الإداري والق�ضائي حول‬
‫مدى اعتماد الإدارة في هذا التحديد على العنا�صر المتوفرة لديها وقت فح�ص‬
‫المحا�سبة‪.‬‬
‫ف�إرادة الم�شرع وا�ضحة كل الو�ضوح وال تحتمل �أي ت�أويل حيث �أعطى للإدارة‬
‫الآلية القانونية التي تمكنها من محاربة عمليات الغ�ش ال�ضريبي والت�صدي لكل‬
‫ممار�سة من �ش�أنها �أن تم�س بحقوق خزينة الدولة‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫فال نجادل في �أن المحا�سبة تعتبر �صادقة حتى يثبت العك�س ويقع هذا العبء‬
‫على الإدارة لكن �إذا ات�ضح �أنهال تت�ضمن �إخالالت ج�سيمة تفقدها قيمتها الإثباتية‬
‫ينتقل �إذاك عبء الإثبات �إلى الخا�ضع لل�ضريبة‪.‬‬
‫وفي هذا ال�صدد نعتبر �أن الإدارة تكون قد طبقت �أحكام القانون تطبيقا تاما‬
‫و�سليما في ممار�ستها ل�سلطتها التقديرية �إذا ‪:‬‬
‫‪� -‬أثبتت وجود �إخالالت ج�سيمة في المحا�سبة �أو في نق�صان في الأرقام لتي‬
‫تم الإقرار بها‪.‬‬
‫‪ -‬اعتمدت على العنا�صر المتوفرة لديها‪.‬‬
‫‪ -‬بينت للخا�ضع لل�ضريبة �أ�سباب الت�صحيح طبيعة وتفا�صيل مبلغه‪.‬‬
‫�أما كيفية �إثبات الخا�ضع لل�ضريبة لما يخالف المعطيات الواقعية التي اعتمدت‬
‫عليها الإدارة في تقدير رقم المعامالت فنعتقد �أنه عليه �أن يبدي مالحظاته معززة‬
‫ب�أرقام ومعطيات م�ستقاة من الواقع ومدعمة بكل و�سائل الإثبات المتاحة التي‬
‫تكت�سي طابع الحجية والإقناع ال �أن تقت�صر دفوعاته على �أفكار عامة و�صفية �أو‬
‫الرف�ض الغير المبرر‪.‬‬
‫وهكذا ن�صل �إلى النقطة الأخيرة في تحليلنا لإ�شكالية �إعادة تقدير رقم الأعمال‬
‫على �إثر ا�ستبعاد المحا�سبة على �ضوء الخبرة الذي تلج�أ �إليها المحكمة لح�سم‬
‫النزاعات المرتبطة بالجوانب التقنية‪ .‬فكيف تعامل القا�ضي الإداري مع م�س�ألة‬
‫�إعادة تقدير رقم المعامالت التي ينازع فيها الخا�ضع لل�ضريبة وقد وقع عليه عبء‬
‫الإثبات؟‬
‫لقد ات�ضح من خالل درا�سة بع�ض قرارات المحاكم الإدارية �أن القا�ضي يلج�أ‬
‫في جل الق�ضايا �إلى طلب خبرة لح�سم المنازعة‪ .‬وجدير بالذكر �أن المنازعة قبل‬
‫�أن تعر�ض على الق�ضاء تمر عبر عدة مراحل بدءا بر�سالة التبليغ الأولى وتبادل‬
‫المالحظات في �إطار الم�سطرة التعار�ضية و�أحيانا �أثناء اللقاءات التي تروم البحث‬

‫‪134‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫عن حل توافقي‪ ،‬ثم تعر�ض اتباعا �أمام اللجنتين المحلية والوطنية قبل �أن تنتهي بين‬
‫يدي القا�ضي الإداري‪.‬‬
‫وفي �إطار �إجراءات التحقيق يلج�أ القا�ضي �إلى انتداب خبير لإعداد تقرير‬
‫حول الجوانب التقنية للمنازعة لأن الأ�صل في الحكم ب�إجراء خبرة يتوقف‬
‫على وجود �أمور فنية تنح�صر في الم�سائل الواقعية‪ .‬لكن ونظرا لت�شعب المادة‬
‫ال�ضريبية وارتباطها بعدة قواعد ومقت�ضيات من قوانين مختلفة كالقانون التجاري‬
‫والعقاري وقانون الح�سابات والأبناك وال�شغل والت�أمين وال�شركات �إلخ‪ ...‬ونظرا‬
‫�أي�ضا ل�صعوبة الف�صل بين الم�سائل الواقعية والقانونية المرتبطة بالمادة ال�ضريبية‬
‫لت�شعبها وتداخلها‪ ،‬يخ�شى خروج الخبير عن المجال التقني المح�ض و�إبداء ر�أيه‬
‫في م�سائل قانونية من اخت�صا�ص القا�ضي‪.‬‬
‫ف�ضرورة اللجوء �إلى الخبير في ف�ض النزاع ال�ضريبي تحمل في طياتها بع�ض‬
‫المخاطر نذكر منها غياب عن�صري الحياد والمو�ضوعية اللذان قد يت�أثرا بالتوجهات‬
‫التقنية التي تغلب على نمط التفكير الذاتي للخبير وفق قناعات م�سبقة وخال�صات‬
‫جاهزة‪ .‬وكمثال على عدم الوجاهة والمو�ضوعية التي طبعت �إحدى الخبرات‬
‫حيث جاء في التقرير حول ن�سبة التلف في الب�ضاعة (الزليج) �أن ال�شركة طالبت‬
‫بتطبيق ‪ % 5,5‬كن�سبة للتلف الحا�صل في الب�ضاعة و�أن الخبير حدد ن�سبة التلف‬
‫الحا�صل في الب�ضاعة في حدود ‪ %4‬بالن�سبة لل�سنة الأولى وفي حدود ‪% 5,5‬‬
‫بالن�سبة لل�سنة الموالية وا�ستنتج من خالل الئحة الح�سابات المف�صلة �أن هناك فائ�ض‬
‫في ال�سلع الم�صرح بها بالن�سبة لل�سنة الأولى مقارنة مع رقم الأعمال الذي �أعيد‬
‫تقييمه و�أن هناك نق�ص في ال�سلع الم�صرح بها بالن�سبة لل�سنة الموالية‪ .‬خال�صة‬
‫يطبعها عدم االن�سجام وال ت�ستند �إلى المنطق حيث حدد الخبير ن�سب مختلفة‬
‫بالن�سبة للتلف من �سنة �إلى �أخرى واعتبر حالة الفائ�ض في ال�سلع التي ح�صل عليها‬
‫�أمرا طبيعيا‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وفي الأخير ال بد من الإ�شادة بالجوانب الإيجابية لبع�ض الأحكام التي ق�ضت‬


‫بعد �أن تبنت الإخالل المحا�سبي ب�إمكانية لجوء �إدارة ال�ضرائب مثال �إلى معيار‬
‫الربح الخام �شريطة االعتماد على عنا�صر اقت�صادية ت�ستند �إلى المقارنة مع م�ؤ�س�سة‬
‫�أو م�ؤ�س�سات تمار�س ن�شاطا مماثال‪ .‬لكن في المقابل ي�شكل الطابع «التقريري»‬
‫للخبرة في ح�سم المنازعات الجبائية المرتبطة ب�إعادة تقدير رقم الأعمال �إ�شكالية‬
‫تقت�ضي في ر�أينا �إعادة النظر في الحاالت التي ت�ستوجب اللجوء �إلى الخبرة من‬
‫جهة ومن جهة �أخرى تكليف الخبراء ذوي الكفاءات العالية المت�شبعين بروح‬
‫العدالة والإن�صاف والم�ساواة �أمام القانون‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫تجريم التهرب ال�ضريبي‬


‫الأ�ستاذ ح�سن بيو�ض‬
‫وكيل الملك لدى المحكمة االبتدائية بكر�سيف‬

‫�إن البحث الحثيث للدولة عن و�سيلة تمويلية تتميز باال�ستقرار والدوام وتكون‬
‫عن�صرا هاما من عنا�صر ماليتها �أدى �إلى االهتمام بال�ضريبة التي �أ�صبحت من �أهم‬
‫الموارد الم�ستقرة والدائمة المعتمدة في تغطية نفقات الدولة‪ ،‬ويظهر ذلك جليا‬
‫من خالل ما تن�ش�ؤه الت�شريعات ال�ضريبية من التزامات على عاتق المكلفين بال�ضريبة‬
‫وما ترتبه بالمقابل من جزاءات على الإخالل بهذه االلتزامات‪.‬‬
‫ومنذ �أن ن�ش�أ االلتزام بدفع ال�ضريبة على عاتق المكلف عرف التمل�ص منها‬
‫والتحايل في �أدائها �ش�أنه في ذلك �ش�أن الجريمة بمفهومها القانوني �إذ عرفت منذ‬
‫�أن وجد القانون‪ ،‬حيث كان الحاكم في الما�ضي يلزم ويجبر محكوميه على دفع‬
‫ال�ضريبة في عدة �أ�شكال تختلف باختالف طبقات المجتمع‪ ،‬وقد كان يح�صلها‬
‫لح�سابه الخا�ص فيختلط ماله بالمال العام مما ي�ؤدي �إلى �شعور الأفراد ب�أن‬
‫ال�ضرائب ال تفر�ض عليهم بغية تحقيق الم�صلحة العامة و�أنها لي�ست �إال مظهرا من‬
‫مظاهر الظلم الذي يجب عليه مقاومته عن طريق التمرد �أو تجاهل قواعد ال�ضريبة‪،‬‬
‫وظل هذا االعتقاد مت�سلطا على المكلفين على الرغم من تغير النظم ال�سيا�سية‬
‫وتطور النظام الد�ستوري للدولة‪.‬‬
‫وقد �أدى التو�سع في فر�ض ال�ضرائب ب�سبب التو�سع في الم�شاريع الذي‬
‫�صاحب ظهور النظريات االقت�صادية الحديثة �إلى عدم تمكين الأفراد من االدخار‬
‫الخا�ص ف�شعروا �إذ ذاك بالخطر يحف ب�أموالهم فتمردوا على قوانين ال�ضرائب‬

‫‪137‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ولجئوا �إلى ممار�سة الغ�ش اعتقادا منهم ب�أن ذلك لي�س �إال نوعا من الدفاع ال�شرعي‬
‫�ضد مغاالة الدولة في فر�ض ال�ضريبة‪ ،‬و�ساهم في ذلك تف�ضيلهم للمنفعة القريبة في‬
‫�صورة المال الموجود بين �أيديهم على انتظار المنفعة البعيدة التي �ستعود عليهم‬
‫نتيجة التو�سع في الم�شاريع الممولة من ال�ضريبة و�شعورهم بالم�صلحة والملكية‬
‫الخا�صتين الذي يفوق كثيرا ال�شعور بالخدمات والمرفق العامين واعتقادهم �أن‬
‫ال�ضريبة اقتطاع مالي دون مقابل وبالتالي هي و�سيلة تع�سف على �أمالك الأفراد‪.‬‬
‫ورغم ما تولده هذه الدوافع من قوى كامنة في نف�س المكلف بهدف التمل�ص‬
‫من �أداء ال�ضريبة �إال ان ذلك لم يكن ليح�صل بالحجم الحالي لوال اتحاد عوامل‬
‫�أخرى تنطوي �أ�سا�سا على تعقيد الت�شريعات الجبائية وعدم ا�ستقرارها‪ ،‬ف�ضال‬
‫عن ابتعادها على مبد�أ العدالة ال�ضريبية من جهة ومحدودية الإمكانيات المتاحة‬
‫للإدارة الجبائية وما ينجر عن ذلك من �ضعف في فعالية الرقابة التي ت�ضطلع بها‬
‫من جهة �أخرى‪.‬‬
‫هذه العوامل وغيرها مما ال يت�سع المجال لتناولها بالتف�صيل �ساهمت �إلى حد‬
‫بعيد في تمكين المكلفين بال�ضريبة من التخل�ص من عبء �أدائها عن طريق االحتيال‪،‬‬
‫وقبل الخو�ض في درا�سة الغ�ش ال�ضريبي يجب التمييز بينه وبين التهرب ال�ضريبي‬
‫�إذ يتفق �أغلب الفقه على �أن التهرب ال�ضريبي يعني التخل�ص من عبء ال�ضريبة‬
‫كليا �أو جزئيا دون مخالفة القانون‪.‬‬
‫�أما التهرب �أو الغ�ش ال�ضريبي فيرى بع�ض الفقه �أنه يتمثل في كل الحركات‬
‫المادية والعمليات القانونية والمحا�سبية وكل الو�سائل والترتيبات التي يلج�أ �إليها‬
‫المكلف �أو الغير بهدف التخل�ص من دفع ال�ضرائب والم�ساهمات‪ ،‬ويعرفه البع�ض‬
‫الآخر �أنه خرق القانون الجبائي بهدف التهرب من فر�ض مادة ال�ضريبة وتخفي�ض‬
‫�أ�سا�س تقديرها‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وتتفق كل الن�صو�ص ال�ضريبية على تعريف الغ�ش ال�ضريبي كالآتي ‪ :‬ا�ستعمال‬


‫طرق احتيالية للتمل�ص �أو محاولة التمل�ص كليا �أو جزئيا من ت�صفية �أو من دفع‬
‫ال�ضرائب والر�سوم المفرو�ضة‪.‬‬
‫و�إذا كان التهرب ال�ضريبي ح�سب مفهومه ال�سابق ال ي�شكل جرما وال يترتب‬
‫عليه بالنتيجة �أي جزاء ف�إن الغ�ش ال�ضريبي على خالف ذلك ينطوي على �سلوك‬
‫مجرم ي�ستوجب متابعته وقمعه‪ ،‬واعتبارا لذلك ونظرا لأهمية ال�ضريبة ومركزها‬
‫في ميزانية الدولة خا�صة مع ات�ساع مجال اال�ستثمار في بالدنا وما يدره بال�ضرورة‬
‫من مداخيل جبائية هي معر�ضة �أكثر من �أي وقت م�ضى للإفالت والتخل�ص من‬
‫�أدائها‪ ،‬ونظرا لما ت�شكله جريمة الغ�ش ال�ضريبي من تهديد للأمن االقت�صادي‬
‫وما تتميز به من �أحكام قانونية خا�صة من حيث متابعتها وقمعها ارت�أينا تناول هذا‬
‫المو�ضوع بالدرا�سة القانونية في �شقها الجزائي‪.‬‬
‫�إن الإجراءات الوقائية التي اعتمدها الم�شرع المغربي �أثبتت عدم قدرتها على‬
‫�سد الباب �أمام المتمل�صين من ال�ضرائب‪ ،‬وهكذا عمل الم�شرع على و�ضع حواجز‬
‫�أخرى تتمثل في اتخاذ �إجراءات قانونية عبر عدة قوانين مالية كان �أهمها القانون‬
‫المالي ل�سنة ‪ 1997-1996‬والذي �صدر بتنفيذ الظهير ال�شريف رقم ‪ 1-96-77‬بتاريخ‬
‫‪ 29‬يونيو ‪ ،1996‬حيث تبنى الم�شرع المغربي �أول مرة مبد�أ تحريم ممار�سة التهرب‬
‫ال�ضريبي‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى فالإ�صالح ال�ضريبي الذي اعتمده المغرب ال يمكن �أن يكتمل‬
‫�إال �إذا كان مقترنا ب�إ�صالح �إداري �أي �إ�صالح الإدارة التي �سوف تطبقه وت�سهر‬
‫على تنفيذه ب�شكل �سليم‪ ،‬وفي هذا الإطار قال الفقيه «ارادان غابريال» «�إن النظام‬
‫الجبائي الأح�سن �صياغة ال ي�ستقيم �إال بالإدارة التي تطبقه»‪.‬‬
‫ومن �أجل تفعيل قانون تجريم الغ�ش والتهرب ال�ضريبي‪ ،‬الذي كان على‬
‫الم�شرع المغربي �أن يطبقه منذ اال�ستقالل‪ ،‬لأن الخزينة العامة‪ ،‬قد خ�سرت �أموال‬

‫‪139‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫جد �ضخمة قبل تجريم التهرب ال�ضريبي‪ ،‬لكن في المقابل فقد خ�سرت عدة عوامل‬
‫حالت دون �إخراج هذا القانون �إلى حيز الوجود وكانت عقبة �أمام الم�شرع حتى‬
‫ال يتم �سن هذا القانون‪.‬‬
‫وبعد مرورالوقت اقتنع الم�شرع المغربي ب�ضرورة تجريم الغ�ش ال�ضريبي‪،‬‬
‫نتيجة الأزمات التي يخلفها هذا الم�شكل الكبير‪ ،‬ومن بينها العجز على م�ستوى‬
‫تمويل الميزانية‪ ،‬حيث بلغ العجز في الميزانية العامة للدولة �سنة ‪ 1995‬حوالي‬
‫‪ 10.5‬مليار درهم‪ ،‬وفي �سنة ‪ 1997/1996‬بلغ العجز ‪ 6.5‬مليار درهم‪� ،‬إلى جانب‬
‫ذلك فقد ت�ضررت الميزانية من عدة عوامل �أخرى كانخفا�ض م�ستوى الموارد‬
‫المالية في القطاع العام والخا�ص‪ ،‬وانت�شار ظاهرة التهرب وتهريب ال�سلع والمواد‬
‫المهربة المحظورة حيث �سبب ذلك عجزا كبيرا في تمويل الخزينة العامة‪.‬‬
‫وعلى �صعيد �آخر نجد ب�أن النظام ال�ضريبي المغربي يعتمد على ال�ضرائب غير‬
‫المبا�شرة‪ ،‬الأمر الذي يمكن �أن ينعك�س على ا�ستقرار المداخيل ال�ضريبية‪ ،‬بحكم‬
‫�أن ال�ضرائب غير المبا�شرة تخ�ضع لتقلبات الأ�سعار والأثمان وانعكا�س التجارة‬
‫الخارجية عليها‪ ،‬مما يجعل النظام الجبائي المغربي نظام ت�سوده ال�ضرائب غير‬
‫المبا�شرة �أو ما عبر عنه الفقه �أنه نظام ملي �سكوني �أكثر مما هو تحركي‪ ،‬و�أن ماليته‬
‫مالية �صاحب �صندوق‪� ،‬أكثر مما هي مالية اقت�صادي‪.‬‬
‫وعلى �أية حال فالم�شرع المغربي حاول تدارك بع�ض نقاط ال�ضعف في النظام‬
‫الجبائي حيث عمل على �سن القانون المتعلق بتجريم الغ�ش ال�ضريبي لزجر‬
‫المتالعبين والمتهربين من ال�ضرائب‪ ،‬ولتو�ضيح ذلك �سنعمل على تق�سيم هذا‬
‫المو�ضوع �إلى مبحثين‪:‬‬
‫�أوال ‪ :‬تحديد م�ضمون قانون تجريم الغ�ش ال�ضريبي ل�سنة ‪1997-1996‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تحديد العنا�صر المكونة لجريمة التهرب ال�ضريبي‬

‫‪140‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أوال ‪ :‬م�ضمون قانون تجريم الغ�ش ال�ضريبي ل�سنة ‪1997-1996‬‬

‫كما قلنا �سابقا فالمغرب عمل على تطوير المنظومة الجبائية من خالل الإ�صالح‬
‫الجبائي ل�سنة ‪ ،1984‬ولكن هذه المنظومة حاولت تدارك بع�ض الثغرات التي‬
‫كانت تعتري الن�صو�ص الجبائية ومن بينها �إخراج قانون لزجر وردع المرتكبين‬
‫للتهرب ال�ضريبي‪.‬‬
‫وهكذا فقد حدد قانون تجريم الغ�ش ال�ضريبي مجموعة من الإجراءات تتمثل‬
‫في ‪:‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ : 12‬تتعلق بالغ�ش المخل بالقانون رقم ‪ 24-26‬المتعلق بال�ضريبة على‬
‫ال�شركات‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ : 13‬تتعلق بالغ�ش في مجال القانون رقم ‪ 17-89‬المتعلق بال�ضريبة‬
‫العامة على الدخل‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ : 14‬تتعلق بالغ�ش في مجال القانون رقم ‪ 30-85‬المنظم لل�ضريبة على‬
‫القيمة الم�ضافة‪.‬‬
‫وما يالحظ على م�ستوى هذا القانون �أنه ح�صر نطاق التهرب ال�ضريبي في‬
‫ال�ضرائب الثالث التي تم ذكرها‪ ،‬دون تناوله لباقي ال�ضرائب الأخرى مما يعني‬
‫ذلك �أن الم�شرع ا�ستثنى ال�ضرائب الأخرى من نطاق الغ�ش ال�ضريبي‪ ،‬كما �أن هذه‬
‫الإحاالت التي ين�ص عليها قانون ‪ 1997-1996‬المتعلق بتجريم الغ�ش ال�ضريبي قد‬
‫كانت في ظل القوانين المالية ال�سابقة وهذا يعني �أن الم�شرع من خالل هذا القانون‪،‬‬
‫ف�إنه ق�صد جميع حاالت الغ�ش التي تن�ص عليها القوانين المالية ال�سنوية‪ ،‬وبخ�صو�ص‬
‫القانون المالي ل�سنة ‪ ،2007‬فقد عدل ا�سم تلك القوانين لت�صبح المدونة العامة‬
‫لل�ضرائب‪ ،‬التي ترتب بدورها جزاءات مالية وجنائية على المتهربين من ال�ضرائب‬
‫حيث تتمثل في ‪:‬‬

‫‪141‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ -‬المادة ‪ 187‬من المدونة العامة لل�ضرائب بر�سم قانون المالية ل�سنة ‪ ،2007‬تن�ص‬
‫على �أنه‪« :‬تطبق غرامة ت�ساوي ‪ % 100‬من مبلغ ال�ضريبة المتمل�ص منها على‬
‫كل �شخ�ص ثبت �أنه �ساهم في �أعمال تهدف �إلى التمل�ص من دفع ال�ضريبة‪� ،‬أو‬
‫�ساعد الخا�ضع لل�ضريبة �أو �أ�شار عليه بخ�صو�ص تنفيذ الأعمال المذكورة‪،‬‬
‫ب�صرف النظر عن العقوبة الت�أديبية �إذا كان يمار�س وظيفة عمومية»‪.‬‬
‫ وفي هذه المادة نرى �أن الم�شرع ح�صر العقوبات المتعلقة بالتهرب ال�ضريبي‬
‫في الغرامة فقط‪ ،‬دون الأخذ بعقوبات �سالبة للحرية‪ ،‬كما �أنه اقت�صر على‬
‫العقوبات الت�أديبية بالن�سبة لل�شخ�ص المتهرب الذي يمار�س وظيفة عمومية‪،‬‬
‫وعليه ف�إننا نرى ب�ضرورة العقوبة في هذه المادة و�إقحام العقوبات ال�سالبة‬
‫للحرية عو�ض االكتفاء بالغرامة فقط‪ ،‬وذلك حتى يتم زجر وردع المتهربين‬
‫من ال�ضرائب كيفما كانوا‪.‬‬
‫‪� -‬أما بخ�صو�ص المادة ‪ 192‬من المدونة العامة لل�ضرائب بر�سم القانون‬
‫المالي ل�سنة ‪ ،2007‬فتن�ص على �أنه‪« :‬ب�صرف النظر عن الجزاءات ال�ضريبية‬
‫المن�صو�ص عليها في هذه المدونة يتعر�ض لغرامة من خم�سة �آالف درهم �إلى‬
‫خم�سين �ألف درهم كل �شخ�ص ثبت في حقه الإفالت من �إخ�ضاعه لل�ضريبة‬
‫�أو التمل�ص من دفعها �أو الح�صول على خ�صم منها �أو ا�سترجاع مبالغ بغير‬
‫حق‪ ،‬ا�ستعمال �إحدى الو�سائل التالية‪:‬‬
‫‪ -‬ت�سليم �أو تقديم فاتورات �صورية؛‬
‫‪ -‬تقديم تقييدات محا�سبية �أو �صورية؛‬
‫‪ -‬بيع فاتورات ب�صفة متكررة؛‬
‫‪� -‬إخفاء �أو �إتالف وثائق المحا�سبة المطلوبة قانونيا؛‬
‫‪ -‬اختال�س مجموع �أو بع�ض �أ�صول ال�شركة �أو الزيادة ب�صورة تدلي�سية في‬
‫خ�صومها ق�صد افتعال �إع�سارها‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫في حالة العود �إلى المخالفة قبل م�ضي خم�س �سنوات على الحكم في الغرامة‬
‫المذكورة الذي اكت�سى قوة ال�شيء المق�ضي به‪ ،‬يعاقب مرتكب المخالفة زيادة‬
‫على الغرامة المقررة �أعاله‪ ،‬بالحب�س من �شهر واحد �إلى ‪� 3‬أ�شهر‪.‬‬
‫تطبق الأحكام �أعاله وفق الإجراءات وال�شروط المن�صو�ص عليها في المادة‬
‫‪� 231‬أدناه ‪:‬‬
‫�إذن هكذا نجد �أن مقدار الغرامة يتراوح بين ‪� 5‬آالف درهم و‪� 50‬ألف درهم‪،‬‬
‫�أما العقوبة الحب�سية المحددة فهي الحب�س من �شهر واحد �إلى ثالثة �أ�شهر‪ ،‬ويجب‬
‫االنتباه على �أن هذه العقوبة الحب�سية ال تطبق �إال في حالة العود‪� ،‬أي بعد تكرار‬
‫الفعل الإجرامي مرة ثانية حتى يتم قيام العقوبة الحب�سية لكن �شريطة �أن يكون هذا‬
‫الفعل الذي تم تكراره داخل خم�س �سنوات‪ ،‬يبتدىء من تاريخ ارتكاب الفعل‬
‫الأول‪.‬‬
‫كما �أن المادة ن�صت على الم�ساهمة والم�شاركة في جريمة التهرب ال�ضريبي‬
‫حيث �أن العقاب يطال كل �شخ�ص ثبت عليه �أن �ساهم في ارتكاب الأفعال الم�شار‬
‫�إليها �أعاله �أو �ساعد �أو �أر�شد الأطراف في ارتكابها‪.‬‬
‫وبخ�صو�ص الإثبات فقد �أ�شرنا �إليه في المادة ‪ ،231‬حيث تثبت المخالفات‬
‫بمح�ضر يحرره م�أموران ب�إدارة ال�ضرائب من درجة مفت�ش على الأقل ينتدبان‬
‫خ�صي�صا لهذا الغر�ض ومحلفين وفق الت�شريع الجاري به العمل‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة لمبد�أ ت�شخي�ص الجريمة‪ ،‬تتمثل قي تطبيق العقوبة ال�سالبة للحرية‬
‫على ال�شخ�ص الطبيعي فقط مما يعني �أن ال�شخ�ص المعنوي ال تطبق في حقه‬
‫عقوبات �سالبة للحرية نظرا لطبيعته الخا�صة‪.‬‬
‫وعلى �أية حال فالم�شرع عمل ح�سنا حينما ن�ص على عقوبات �سالبة للحرية لأول‬
‫مرة في قانون تجريم الغ�ش ال�ضريبي ل�سنة ‪ 1997/1996‬حيث تبين له �أن الغرامات‬

‫‪143‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫المالية ال تكفي لردع المتهربين من ال�ضريبة‪ ،‬وبالتالي ف�إن تطبيق العقوبات الحب�سية‬
‫�سيجعل الملزمين بال�ضريبة الذين لهم نية التهرب ال�ضريبي ن�سبية نظرا لوجود‬
‫حاجز قانوني �أمامهم‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬العنا�صر المكونة لجريمة التهرب ال�ضريبي‬

‫لقد و�ضع الم�شرع المغربي مجموعة من الن�صو�ص القانونية التي تجرم التهرب‬
‫ال�ضريبي‪ ،‬والتي �أتى بها القانون المالي ل�سنة ‪ ،1997/1996‬وهذه المواد تتمثل في‬
‫المادة ‪ 12‬من قانون رقم ‪ 24-26‬المتعلق بال�ضريبة على ال�شركات‪ ،‬ثم المادة ‪13‬‬
‫من قانون ‪ 17-89‬المتعلق بال�ضريبة على الدخل‪ ،‬ثم المادة ‪ 14‬من قانون ‪30-85‬‬
‫المنظم لل�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪� ،‬أما المدونة العامة لل�ضرائب ل�سنة ‪2007‬‬
‫فقد حددت جريمة التهرب ال�ضريبي في المادة ‪ 192‬المتعلقة بالجزاءات الجنائية‬
‫ثم المادة ‪ 187‬من نف�س المدونة المتعلقة بالجزاء المترتب على التمل�ص من �أداء‬
‫ال�ضريبة �أو الم�ساعدة على ذلك‪.‬‬
‫وهذه الن�صو�ص تمثل مبد�أ ال�شرعية في التجريم الذي يعتبر من المبادئ‬
‫الأ�سا�سية للقانون الجنائي والذي �أخذت به جل الت�شريعات الحديثة‪ ،‬ويعني هذا‬
‫المبد�أ �أنه ال جريمة وال عقوبة �إال بن�ص �سابق‪� ،‬أي �أن الم�شرع هو الذي ي�ستطيع‬
‫�أن يتولى تحديد الجرائم وتقرير العقوبات لها‪ .‬وفي هذا ال�صدد ين�ص الف�صل‬
‫الثالث من القانون الجنائي المغربي على �أنه «ال ي�سوغ م�ؤاخذة �أحد على فعل ال‬
‫يعد جريمة ب�صريح القانون وال بعقوبات لم يقررها القانون»‪.‬‬
‫�أما بخ�صو�ص العنا�صر الأخرى لجريمة التهرب ال�ضريبي فتتمثل في الركن‬
‫المادي والركن المعنوي‪.‬‬
‫�أوال ‪ :‬الركن المادي لجريمة التهرب ال�ضريبي‬
‫يتمثل الركن المادي لجريمة التهرب ال�ضريبي في الأفعال الآتية ‪:‬‬

‫‪144‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أوال ‪ -‬ا�ستعمال مناورات تدلي�سية عن طريق تقديم بيانات غير �صحيحة تتعلق‬
‫بالمداخيل �أو بالعمليات الخا�ضعة لل�ضريبة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬تقديم تقييدات محا�سبية مزورة �أومزيفة �أو�صورية‪ ،‬ك�إخفاء بع�ض‬
‫الدخول عن طريق البيع بدون فاتورات‪� ،‬أو تقديم فاتورات مزيفة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬ت�ضخيم بع�ض المبالغ المتعلقة بالم�صروفات العامة بوا�سطة دمج‬
‫الم�صروفات الخا�صة في �أبواب الم�صروفات العامة‪.‬‬
‫رابعا ‪ -‬الإغفال العمدي في ت�سجيل الم�شتريات �ضمن ال�سجالت التجارية‪.‬‬
‫خام�سا ‪ -‬الإمتناع عن تقديم البيانات الالزمة للمراقبين ال�ضريبيين �أو الخ�ضوع‬
‫لمراقبتهم عند ال�ضرورة‪.‬‬
‫�ساد�سا ‪� -‬إخفاء وثائق تتعلق ببيوعات ال�شركة �أو م�شترياتها‪.‬‬

‫�سابعا ‪� -‬إغفال ت�ضمين �إقرارات الممول بها ببيانات تتعلق بالوعاء ال�ضريبي �أو‬
‫بت�صفيته‪.‬‬
‫ثامنا ‪ -‬اختال�س مجموع �أو بع�ض �أ�صول ال�شركة �أو الزيادة ب�صورة تدلي�سية‬
‫في خ�صومها ق�صد افتعال �إع�سارها‪.‬‬
‫وهذه الأركان التي تم ذكرها تتعلق بالتهرب ال�ضريبي الب�سيط والتهرب‬
‫ال�ضريبي المركب اللذان ي�شكالن جريمة التهرب ال�ضريبي ب�شكل عام‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الركن المعنوي‬
‫�إن جريمة التهرب ال�ضريبي تتطلب وجود ركن معنوي‪ ،‬يتمثل في نية الت�ضليل‬
‫لتحقيق هدف غير م�شروع‪ ،‬هذا الهدف يتمثل في اتجاه نية المتهرب �إلى التخل�ص‬
‫الكلي �أو الجزئي من ال�ضريبة المفرو�ضة عليه قانونا‪ ،‬وهكذا نجد الم�شرع في �إطار‬
‫المدونة العامة لل�ضرائب قد ا�ستوجب حالة العود في ممار�سة التهرب ال�ضريبي‬
‫حتى يتم تطبيق العقوبة ال�سالبة للحرية والتي تتمثل �إ�ضافة �إلى الغرامة من خم�سة‬
‫‪145‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�آالف درهم �إلى خم�سين �آلف درهم‪ ،‬عقوبة الحب�س من �شهر �إلى ثالثة �أ�شهر‪.‬‬
‫ففي هذه الحالة يتم تطبيق العقوبة ولو ارتكبها المتهرب عن ح�سن نية‪ ،‬نظرا‬
‫لكون الم�شرع جاء �صريحا في �إطار المادة ‪ 192‬من المدونة العامة لل�ضرائب حينما‬
‫ا�شترط حالة العود كطرف موجب لإنزال العقوبات الحب�سية‪� ،‬أما �إذا لم تكن هناك‬
‫حالة العود وتم ممار�سة التهرب ال�ضريبي لأول مرة‪ ،‬هنا اكتفى الم�شرع بالغرامة‬
‫فقط دون العقوبات الحب�سية‪.‬‬
‫ ولكن نجد في بع�ض الأحيان �أن �سوء النية تكون غير موجودة لدى الفاعل‬
‫حينما يتم تكرار بع�ض الأفعال كالغلط في المحا�سبة‪� ،‬أو البيع بدون فاتورات ب�صفة‬
‫متكررة‪ ،‬بحيث نجد �أن المكلف بال�ضريبة في بع�ض الأحيان يهمل هذه الإجراءات‬
‫نتيجة عدة عوامل كال�سرعة في �إبرام ال�صفقات‪ ،‬ف�ضال عن وجود �أعراف بين‬
‫التجار تقوم على �أ�سا�س الثقة في المعامالت الأمر الذي ال ينتبه �إليه ه�ؤالء في‬
‫بع�ض الأحيان‪ ،‬فرغم تعاملهم بدون فاتورات عن ح�سن النية �إال �أن القانون اعتبر‬
‫ذلك تهربا �ضريبيا ا�ستنادا �إلى المادة ‪ 192‬بحيث جعل البيع بدون فاتورات ب�صفة‬
‫متكررة من بين الأفعال التي تكون جريمة التهرب ال�ضريبي‪ ،‬و�أخيرا يجب التمييز‬
‫بين التهرب ال�ضريبي الم�شروع والتهرب ال�ضريبي غير الم�شروع‪ ،‬فالأول يقوم‬
‫على �أ�سا�س ا�ستغالل ثغرات قانونية وبالتالي ال يهدف �إلى خرق الن�صو�ص الجبائية‬
‫ال�شيئ الذي ال ينتج عنه عقوبات نظرا لمبد�أ ال�شرعية التي تحدثنا عنها‪� ،‬أما الثاني‬
‫فهو يقوم على �أ�سا�س القيام بعمليات تدلي�سية ينتج عنها خرق القوانين ال�ضريبية‬
‫المعمول بها‪ ،‬وبالتالي ف�إن هذا النوع من التهرب ال�ضريبي هو الذي ي�شكل في‬
‫�آخر المطاف جريمة الغ�ش ال�ضريبي المعاقب عليها جنائيا ونقترح في الأخير جملة‬
‫من الأفكار لتدعيم الزجر ال�ضريبي ‪:‬‬
‫• الت�صدي بحزم للغ�ش ال�ضريبي وتجريم جميع مظاهره‪ ،‬نظرا للأ�ضرار‬
‫الوخيمة التي ي�سببها القت�صاد البالد‪.‬‬
‫• تكثيف المراقبة الكت�شاف و�ضبط المخالفات ال�ضريبية‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫• �إقرار عقوبات متدرجة متنا�سبة مع الفعل المرتكب‪ ،‬تراعي الو�ضع‬


‫االقت�صادي االجتماعي للمقاولة‪.‬‬
‫• تبني عقوبات غير جنائية كالغرامات الإدارية والمالية �إذا لم يتعلق الأمر‬
‫بحالة العود‪.‬‬
‫• تب�سيط الم�سطرة الق�ضائية للمتابعة من �أجل الغ�ش ال�ضريبي‪.‬‬
‫• تكوين ق�ضاء متخ�ص�ص في هذا النوع من الجرائم‪.‬‬
‫• �إدخال الأفعال الجرمية المتعلقة بال�ضريبة في القوانين الجنائية‪.‬‬
‫• اعتبار جريمة التهرب ال�ضريبي من قبيل جريمة غ�سل الأموال‪.‬‬
‫• اعتبار جريمة التهرب ال�ضريبي من الجرائم المترتب عنها �سقوط الأهلية‬
‫االنتخابية‪.‬‬
‫وال�سالم عليكم‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الإخالالت الم�سطرية و�أثرها‬


‫على االلتزام ال�ضريبي‬
‫ال�سيد ابراهيم ال�شيكر‬
‫نائب المدير المكلف بالت�شريع‬
‫وبالدرا�سات وبالتعاون الدولي‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫في البداية �أود �أن �أذكر ب�أن من بين �أهم ما �أتى به الإ�صالح الجبائي هو دعم‬
‫الحقوق وال�ضمانات للخا�ضعين لل�ضريبة وذلك عبر التدابير الأ�سا�سية التالية ‪:‬‬
‫‪� -‬إر�ساء النظام الت�صريحي الذي ي�ضفي على الت�صاريح الجبائية الم�صداقية‬
‫الم�سبقة ما دام لم يثبت عك�س ما جاء فيها‪.‬‬
‫‪� -‬إخ�ضاع مراجعة الإقرارات ل�ضوابط مقننة تحد بذلك من ال�سلطة التقديرية‬
‫للإدارة الجبائية‪ .‬ونذكر على �سبيل المثال ‪:‬‬
‫• تكري�س المحا�سبة كو�سيلة �إثبات في مواجهة الإدارة‪،‬‬
‫• ت�أطير م�ساطر الفح�ص والت�صحيح‪ ،‬بحيث �أقر الم�شرع بطالن الم�سطرة‬
‫في حاالت الإخالل بها‪.‬‬
‫فكيف تعامل الملزم مع هذه ال�ضمانات والحقوق في �إطار التزامه ال�ضريبي‪.‬‬
‫بالرجوع �إلى موا�ضيع المنازعات ال�ضريبية نالحظ �أن تعامل الملزم مع هذه‬
‫ال�ضمانات والحقوق مر من مرحلتين �أ�سا�سيتين‪:‬‬
‫المرحلة الأولى والتي اقترنت ببداية تطبيق الإ�صالح الجبائي‪ ،‬ات�سمت‬
‫المنازعات بالتم�سك من طرف بع�ض الملزمين ببطالن ال�ضريبة في الحاالت التي‬
‫‪148‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ين�ص عليها القانون �صراحة‪ .‬وكانت هذه الحاالت مرتبطة بالم�شاكل التي كانت‬
‫تنتج عن تطبيق قواعد التبليغ‪ .‬وهذا ما �سنتطرق �إليه في المحور الأول‪.‬‬
‫ثم عرفت موا�ضيع المنازعات ال�ضريبية مجاال �أو�سع في مرحلة ثانية بحيث‬
‫�أ�صبحت المطالبات تتجه نحو بطالن الم�سطرة في حاالت �أخرى رغم �أن هذا‬
‫البطالن كجزاء‪ ،‬ال ين�ص عليه القانون ال�ضريبي‪ ،‬وهذا ما �س�أحاول �أن �أتناوله في‬
‫المحور الثاني‪.‬‬
‫المحور الأول ‪ :‬الإخالالت ذات الأثر المن�صو�ص عليه في القانون‬

‫‪ - 1‬نوع الإخالالت‬
‫بالرجوع �إلى المقت�ضيات الجبائية نجد �أن الم�شرع ن�ص على بطالن الم�سطرة‬
‫في حالتين فقط‪:‬‬
‫‪ -‬الحالة الأولى وتتعلق بعدم التزام الإدارة ب�أجل ‪ 15‬يوما قبل ال�شروع في‬
‫فح�ص المحا�سبة‪ .‬ويعتبر هذا الأجل ذو �أهمية بالغة بالن�سبة للملزم لأنه يعد‬
‫�ضمانة تمكنه من تهيئ نف�سه ووثائقه للمراقبة‪ ،‬حتى يكون بمن�أى عن كل تدخل‬
‫مباغت من طرف الإدارة‪.‬‬
‫‪ -‬الحالة الثانية وتتعلق بعدم احترام �أجل ‪ 60‬يوما بالن�سبة للر�سالة الثانية المفرو�ض‬
‫تبليغها �إلى الملزم بعد رده على الر�سالة الأولى في �إطار الم�سطرة التواجهية‪.‬‬
‫وتتجلى �أهمية هذا االلتزام في كونه ي�شكل �ضمانة هامة بعدم تماطل الإدارة‬
‫في جوابها وبالتالي تجنب طول الم�سطرة �إلى ما نهاية‪.‬‬
‫هذه هي العبرة من تخ�صي�ص الم�شرع الإخاللين بالن�ص والجزاء‪ ،‬نظرا‬
‫لأهميتها‪ ،‬مقارنة مع الإجراءات الم�سطرية الأخرى‪.‬‬
‫كما حر�ص الم�شرع على الت�أكيد على �أن البطالن يطال م�سطرة الت�صحيح وال‬
‫يطال فر�ض ال�ضريبة‪ .‬ونعتقد �أن هذا االتجاه الذي �سار فيه الم�شرع اتجاه �سليم‬
‫ومنطقي لمجموعة من الأ�سباب نذكر منها ‪:‬‬
‫‪149‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�أوال ‪ :‬لأن الإخالل الذي ح�صل‪ ،‬له طابع م�سطري وال يم�س بمو�ضوع ال�ضريبة‬
‫ووعائها والذي يكون بالإمكان تداركه‪،‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الم�شرع التزم بالمبد�أ الد�ستوري الذي يق�ضي بم�ساهمة الجميع في‬
‫النفقات العمومية كل ح�سب قدرته‪ ،‬وبالتالي ال يجب �أن يكون هناك �أي‬
‫ت�أثير لإخالل م�سطري على القيام بهذا االلتزام‪.‬‬
‫وبناء عليه ف�إن الإ�شكالية التي تبقى مطروحة هنا تتعلق بمعرفة �آثار �إلغاء م�سطرة‬
‫الت�صحيح‪.‬‬
‫‪� - 2‬آثار �إلغاء م�سطرة الت�صحيح‬
‫وهكذا ف�إن �إلغاء م�سطرة الت�صحيح كما جاءت في الن�ص القانوني تفر�ض طرح‬
‫الأ�سئلة التالية‪:‬‬
‫‪ -‬هل الإلغاء هو �إلغاء مطلق �أم ن�سبي‪ ،‬بمعنى يبيح �إعادة الم�سطرة من‬
‫جديد‪.‬‬
‫‪ -‬وفي حالة �إعادة الم�سطرة هل ي�صح الرجوع �إلى كل ال�سنوات التي �شملتها‬
‫عملية الفح�ص �أم االقت�صار على ال�سنوات الغير المتقادمة بما قد ينجم عن‬
‫ذلك من �إق�صاء لبع�ض الفترات التي �شملها الفح�ص‪.‬‬
‫‪ -‬وبالن�سبة للتقادم هل ي�ؤخذ بعين االعتبار مدة انقطاعه و�إيقافه تبعا على‬
‫التوالي لر�سالة الفح�ص الأولى وطلب الطعن �أمام اللجنة المحلية المقدم‬
‫من طرف الملزم‪.‬‬
‫للجواب على هذه الأ�سئلة يتعين الرجوع �إلى بع�ض المقت�ضيات الجبائية وكذا‬
‫بع�ض الأحكام الق�ضائية في هذا ال�ش�أن ‪:‬‬
‫في هذا الإطار تن�ص المادة ‪ II-212‬من المدونة العامة لل�ضرائب على ما يلي ‪:‬‬
‫يجب على الإدارة عب �إجراء مراقبة في عين المكان ‪:‬‬

‫‪150‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪� -‬أن تطبق الم�سطرة المن�صو�ص عليها في المادة ‪......220‬؛‬


‫‪ -‬ويجوز لها �أن تقوم فيما بعد بفح�ص جديد للح�سابات التي �سبق فح�صها‪،‬‬
‫من غير �أن يترتب على الفح�ص الجديد‪ ،‬ولو تعلق الأمر ب�ضرائب ور�سوم‬
‫�أخرى‪ ،‬تغيير �أ�س�س فر�ض ال�ضريبة التي وقع �إقرارها عقب المراقبة الأولى‪.‬‬
‫ي�ستنتج من هذه المادة �أنه ال مانع من �إعادة الم�سطرة‪� ،‬شريطة �أن ال يترتب‬
‫عليها تغيير �أ�س�س ال�ضريبة المحددة في �إطار الم�سطرة الأولى‪.‬‬
‫كما جاء في المادة ‪ 210‬ما يلي ‪:‬‬
‫«وال يجوز �إثارة حاالت البطالن الم�شار �إليها �أعاله من لدن الخا�ضع لل�ضريبة‬
‫لأول مرة �أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة»‪.‬‬
‫ويق�صد الم�شرع من هذا المقت�ضى �إلزام الخا�ضع لل�ضريبة �إذا ما الحظ عيبا في‬
‫الم�سطرة �أن يثيره حاال حتى تتمكن الإدارة من تدارك هذا العيب مبكرا‪ .‬وهذا‬
‫يدل مرة �أخرى على �أن الإدارة تتمتع بالحق في �إعادة الم�سطرة بعد �إلغائها‪.‬‬
‫وقد ذهب الق�ضاء في نف�س االتجاه ونذكر هنا على �سبيل المثال الحكم تحت‬
‫رقم ‪ 446‬بتاريخ ‪ 2004/3/30‬والذي ورد فيه في �ش�أن عدم احترام �أجل ‪ 15‬يوم ما‬
‫يلي ‪:‬‬
‫«وحيث ت�أ�سي�سا على ما ذكر ف�إن الأمر بالتح�صيل الم�ستند �إلى م�سطرة التحقيق‬
‫الباطلة ي�صبح غير مرتكز على �أ�سا�س ويتعين الحكم ب�إلغائه‪.‬‬
‫وحيث �أن �آثار الإلغاء تقت�صر على �إعادة م�سطرة التحقيق وفقا لما هو من�صو�ص‬
‫عليه قانونا مع �ضمان حقوق الملزم في مناق�شة تقديرات المفت�ش المحقق �أمام‬
‫اللجان ال�ضريبية»‪.‬‬
‫وهكذا يت�ضح �أنه ال يوجد ما يمنع من �إعادة الم�سطرة من جديد‪� ،‬شريطة تطبيق‬
‫هذه الم�سطرة على ال�سنوات التي لم يطلها التقادم‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫بالن�سبة لإ�شكالية التقادم لل�سنوات المعنية ب�إعادة الم�سطرة �أعتقد �أن القانون‬
‫الجبائي نف�سه لما رتب بطالن الم�سطرة لم يرتب بطالن الأثر القانوني لأي �إجراء‬
‫�صحيح متعلق بها‪ .‬وهذا ي�صح �أوال على الأثر القانوني للر�سالة الأولى والمتمثل في‬
‫قطع التقادم وثانيا على الأثر القانوني لطلب الطعن الموجه للجنة المحلية والمتمثل‬
‫في �إيقاف نف�س التقادم �إلى ان�صرام ال�شهر الثالث التالي لل�شهر الذي �صدر فيه‬
‫المقرر النهائي للجنة المذكورة �أو اللجنة الوطنية للطعون في ال�ضريبة‪.‬‬
‫وتجدر الإ�شارة �إلى �أن بطالن الم�سطرة المتعلقة بالإ�شعار بالفح�ص والر�سالة‬
‫الثانية عرفت انت�شارا مذهال في بداية الإعمال بالنظام الجبائي الجديد‪ .‬وكانت من‬
‫�أهم م�سببات هذه الظاهرة قواعد التبليغ التي عرفت عدة تغييرات كانت �آخرها ما‬
‫تم التن�صي�ص عليه في �سنة ‪.2005‬‬
‫ونظرا الرتباط قواعد التبليغ ببطالن الم�سطرة ارت�أينا من المفيد تناول هذا‬
‫المو�ضوع من جانب التعديالت المتتالية التي �أدخلت على هذه القواعد وكذا‬
‫موقف الق�ضاء الأخير المتعلق بها‪.‬‬
‫‪� - 3‬أهم م�سببات حاالت البطالن‪ :‬قواعد التبليغ‬
‫لقد عرف النظام الجبائي ثالث محطات تتعلق بكيفية تطبيق �إجراءات تبليغ‬
‫المرا�سالت والإ�شعارات الإدارية ‪:‬‬
‫�أ‌‪ -‬مرحلة ما قبل �صدور قانون المالية ل�سنة ‪1995‬‬

‫خالل هذه المرحلة كانت المرا�سالت تتم فقط عن طريق م�صالح البريد‪ .‬لكن‬
‫ات�ضح �أن الكثير من عمليات التوزيع البريدي كانت تتم خارج الآجال القانونية مما‬
‫�أدى �إلى �إلغاء ن�سبة كبيرة من ال�ضرائب ب�سبب عيب في الم�سطرة‪ ،‬ال�شيء الذي‬
‫دفع الم�شرع �إلى �سن مقت�ضيات جديدة في �إطار قانون المالية ل�سنة ‪.1995‬‬
‫ب‌‪� -‬إجراء التبليغ في قانون المالية ل�سنة ‪1995‬‬

‫وهكذا ول�سد الثغرات المتعلقة بقواعد التبليغ والحد من مظاهر بطالن‬


‫الم�سطرة �أدخل الم�شرع تعديالت في قانون المالية ل�سنة ‪ 1995‬وذلك لتمكين‬

‫‪152‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الإدارة من اال�ستعانة بالم�أمورين المحلفين التابعين لها �أو �أعوان كتابة ال�ضبط �أو‬
‫المفو�ضين الق�ضائيين �أو بالطريقة الإدارية وذلك بعدما يتعذر التبليغ عن طريق‬
‫م�صالح البريد‪.‬‬
‫لكن الهدف لم يتحقق من خالل هذا التعديل لكون التبليغ كان �إلزاميا في‬
‫البداية عن طريق البريد وقد ا�ستمر الحال في �إنتاج نف�س الظواهر التي كانت‬
‫�سائدة قبل ‪ .1995‬ذلك ما �أدى �إلى التعديالت التي �أتى بها قانون المالية ل�سنة‬
‫‪.2001‬‬
‫ج‪ -‬التعديالت التي جاء بها قانون المالية ل�سنة ‪2001‬‬

‫وتكمن هذه التغييرات في �إعطاء االختيار للإدارة ال�ضريبية ال�ستعمال �أي‬


‫طريقة لتبليغ مرا�سالتها‪� .‬إال �أنه في �إطار البحث عن و�سائل �إ�سقاط الم�سطرة كانت‬
‫الإدارة ت�صطدم بعدم ت�سليم بع�ض المرا�سالت من جراء عدم ح�ضور الملزم‬
‫�أثناء التبليغ �أو �إقفال م�ؤ�س�سته �أو تغيير عنوانه‪ ،‬زيادة على �أن المحا�ضر المحررة‬
‫في هذا ال�ش�أن كانت ال ت�شكل حجة قانونية للتبليغ من وجهة نظر الق�ضاء‪ .‬وقد قام‬
‫الم�شرع بمعالجة هذا الإ�شكال في �إطار قانون المالية ل�سنة ‪.2005‬‬
‫د – م�ستجدات قانون المالية ل�سنة ‪2005‬‬

‫وهكذا �أقر الم�شرع في قانون المالية ل�سنة ‪ 2005‬اعتبار المرا�سالت م�سلمة‬


‫بطريقة قانونية بر�سالة م�ضمونة الو�صول �أو من طرف �أعوان كتابة ال�ضبط �أو‬
‫المفو�ضين الق�ضائيين �أو بالطريقة الإدارية �إذا تم �إرجاعها مذيلة ببيان غير مطالب‬
‫به �أو انتقل الملزم من العنوان �أو عنوان غير معروف �أو غير تام �أو �أماكن مغلقة �أو‬
‫الخا�ضع لل�ضريبة غير معروف بالعنوان‪.‬‬
‫تجب الإ�شارة هنا �أن هذا الإجراء‪ ،‬الذي يتم بطريقة م�ستقلة على الإدارة‪،‬‬
‫ي�ستهدف حقيقة على م�ستوى الواقع فئة قليلة التي تبحث بكل الو�سائل لإف�شال‬
‫�إجراءات التبليغ؛ علما �أن الإدارة ال�ضريبية ال تلج�أ �إلى هذه الو�سيلة �إال عندما‬

‫‪153‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫يتعذر عليها ت�سليم الر�سائل بوا�سطة �أعوانها وذلك حفاظا على جو الحوار‬
‫والتوا�صل الذي يجب �أن يقوم بين الملزم وبين الإدارة �أثناء كل ت�سوية جبائية‪.‬‬
‫ومن المفيد هنا الإ�شارة‪ ،‬وهذا هو المهم �إلى �أن الق�ضاء المغربي كان �سباقا‬
‫مثل الم�شرع �إلى ابتكار وخلق خ�صو�صية لم�سطرة التبليغ في المادة الجبائية‬
‫والتي ترتكز على �أن يتم التبليغ بالعنوان المحدد من قبل الخا�ضع لل�ضريبة في‬
‫�إقراراته �أو عقوده �أو مرا�سالته المدلى بها �إلى مفت�ش ال�ضرائب التابع له مكان فر�ض‬
‫ال�ضريبة‪ .‬ويجب �إخبار �إدارة ال�ضرائب بكل تغيير يطر�أ عليه‪.‬‬
‫وقد �صدرت في هذا الإطار مجموعة من الأحكام تقريبا عن جميع المحاكم‬
‫الإدارية تقر هذه الخ�صو�صية‪ .‬وعن المجل�س الأعلى �صدرت قرارات متواترة‬
‫تطبق هذه الخ�صو�صية على فترات لم تكن وقتها م�شمولة بالمقت�ضيات الجديدة‬
‫المتعلقة بم�سطرة التبليغ‪.‬‬
‫وا�سمحولي هنا �أن �أ�ستعر�ض ما جاء في قرارين �صادرين عن الغرفة الإدارية‬
‫بهذا الخ�صو�ص الأول في الملف رقم ‪ 2005-2-4-58‬بتاريخ ‪ 2007/04/11‬قرار‬
‫عدد ‪ 36‬جاء فيه ‪:‬‬
‫«لكن حيث �أن الثابت من م�ستندات الملف �أن �إدارة ال�ضرائب قامت بتبليغ‬
‫الم�ست�أنفة بالر�سالة الأولى تو�صلت بها‪ ،‬تم وجهت لها الر�سالة الثانية عن‬
‫طريق البريد الم�ضمون و�أرجعت بمالحظة «غير مطلوب» فقامت بالإجراء‬
‫المذكور بوا�سطة العون التابع لها ولم تتمكن من �إنجاز التبليغ بعد انتقاله‬
‫�إلى عنوان الم�ست�أنفة حيث �أفادت امر�أة بال�شقة ب�أن الم�ست�أنفة انتقلت من‬
‫العنوان المذكور‪ ،....‬مما يجعل الإدارة تقوم ب�إجراءات التبليغ المطلوبة‬
‫قانونا‪.»....‬‬
‫والثاني قرار عدد ‪ 726‬بتاريخ ‪ ،2007/07/18‬ملف �إداري عدد ‪2005/2/4/1414‬‬
‫جاء فيه‪:‬‬

‫‪154‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫«‪ ...‬وعدم ح�صول التبليغ ال يمكن ن�سبته للإدارة و�إنما يتحمله الم�ست�أنف‬
‫عليهما ب�سبب عدم �إدالئهما بالعنوان الجديد‪»....‬‬
‫لم�سنا من خالل هذا المحور �أن الم�شرع لما ق�ضى ببطالن الم�سطرة ح�صرها‬
‫في حالتين اثنتين‪ :‬عدم احترام �أجل ‪ 15‬يوما قبل ال�شروع في مراقبة المحا�سبة‬
‫و�أجل ‪ 60‬يوما للرد على مالحظات الملزم بالر�سالة الثانية‪ ،‬كما �أن الم�شرع حمل‬
‫الم�س�ؤولية للإدارة والملزم كل على حدا في حالة عدم احترام ال�ضوابط المتعلقة‬
‫بقواعد التبليغ‪.‬‬
‫�إال �أنه بالرجوع �إلى الممار�سة الق�ضائية يالحظ �أن الملزم تو�سع في مجال‬
‫المطالبة ببطالن الم�سطرة في حاالت متعددة �أخرى �سنتطرق لبع�ضها في المحور‬
‫التالي‪:‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬الحاالت التي لم يتم التن�صي�ص على جزاء في �ش�أنها‬
‫بالرجوع �إلى بع�ض الق�ضايا الرائجة �أمام الق�ضاء والأحكام ال�صادرة فيها يت�ضح‬
‫�أن جلها يتعلق ببطالن م�سطرة فر�ض ال�ضريبة ولو �أن الحاالت المتعلقة بها ال تخ�ضع‬
‫لأي جزاء من�صو�ص عليه قانونا‪ .‬وانطالقا من هذا الو�ضع نطرح الأ�سئلة التالية‪:‬‬
‫‪� -‬أال يعتبر الحكم ب�إبطال الم�سطرة خروجا عن الن�ص القانوني ال�صريح وعن‬
‫القاعدة ال بطالن بدون ن�ص‪.‬‬
‫‪ -‬وحتى في حالة العك�س �أال يعتبر الحكم بالبطالن جزاء قا�س‪ ،‬له عواقب‬
‫وخيمة على المبد�أ الد�ستوري ال�سالف الذكر‪.‬‬
‫‪� -‬أال يعتبر م�سا لمبد�أ ال �ضريبة وال �إعفاء بدون ن�ص‪.‬‬
‫‪� -‬أال يمكن التخلي عن الجزاءات المتعلقة بالعيوب الب�سيطة والتفكير في‬
‫�إيجاد م�ستوى معقول لجزاء خا�ص لكل �إخالل ح�سب م�ستوى خطورته‪،‬‬
‫حتى يتنا�سب الجزاء المحكوم به مع العيب المرتكب‪.‬‬
‫�سنحاول الإجابة على هذه الت�سا�ؤالت �أثناء ا�ستعرا�ض بع�ض الحاالت العملية‬
‫المالحظة على �ضوء الأحكام الق�ضائية في هذا المجال‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪� - 1‬إلغاء ال�ضريبة بعلة ال�شروع في فح�ص المحا�سبة في تاريخ �أتى بعد اليوم‬
‫ال�ساد�س ع�شر الموالي لتبليغ الإ�شعار بالفح�ص‪.‬‬
‫عن محكمة اال�ستئناف الإدارية‬ ‫‪2010/05/13‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫‪925‬‬ ‫قرار تحت عدد‬
‫بالرباط‪:‬‬
‫لكن نعتقد �أن هذا القرار لم ي�أخذ بعين االعتبار العنا�صر الأ�سا�سية التالية ‪:‬‬
‫‪� -‬أوال هذه لي�ست من الحاالت التي ن�ص عليها الم�شرع �صراحة‪.‬‬
‫‪� -‬إن الغاية من هذا الإجراء تحققت لأن الإدارة منحت الملزم مدة تفوق ‪15‬‬
‫يوما قبل ال�شروع في مراقبة المحا�سبة‪.‬‬
‫‪� -‬إن ت�أجيل عملية الفح�ص ي�ستفيد منه الملزم لأن المدة الإ�ضافية تمكنه من‬
‫اال�ستعداد وتهييء الوثائق والمعطيات المتطلبة‪.‬‬
‫‪� - 2‬إلغاء م�سطرة الت�صحيح بعلة عدم �إثبات الإدارة لكونها �شرعت في عملية‬
‫الفح�ص بعد ان�صرام ‪ 15‬يوما على تبليغ الإ�شعار بالفح�ص‪.‬‬
‫حكم رقم ‪ 945‬بتاريخ ‪ 2009/05/13‬عن المحكمة الإدارية بالرباط‪.‬‬
‫نعتقد �أن هذا الحكم لم ي�أخذ بعين االعتبار العنا�صر التالية‪:‬‬
‫‪� -‬إن تاريخ ال�شروع في المراقبة يقترن عموما باليوم ال�ساد�س ع�شر المحدد في‬
‫الإ�شعار بالفح�ص �أو تاريخ الحق‪ .‬وفي هذه الحالة الأخيرة يتم تذكيره في‬
‫الر�سالة المتعلقة ب�إ�شعار الملزم بتاريخ انتهاء الفح�ص وال يكون مو�ضوع‬
‫نزاع �أثناء الم�سطرة التواجهية‪.‬‬
‫‪� -‬إن الإ�شعار بالفح�ص ي�شكل �إثباتا على �أن فح�ص المحا�سبة �أتى بعد ان�صرام‬
‫‪ 15‬يوما كما هو مبين في م�ضمونه‪ ،‬وال يمكن للملزم �أن ي�ستقبل المفت�ش‬
‫المحقق �إال في موعد يتفق عليه الطرفان وي�أتي تاريخه ح�صريا بعد ان�صرام‬
‫‪ 15‬يوما المذكورة‪.‬‬
‫‪� -‬إن الم�شرع لم ين�ص على �أنه يتعين �إثبات ال�شروع بالفح�ص بو�سيلة معينة‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪� - 3‬إلغاء ال�ضريبة بعلة عدم ا�ستدعاء الملزم للدفاع عن نف�سه �أثناء جل�سات‬
‫اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية‪.‬‬
‫في الملف الإداري رقم‬ ‫‪2001/01/4‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫‪12‬‬ ‫قرار �صادر تحت رقم‬
‫‪.2001/4/167‬‬
‫ولكن يمكن �إبداء الم�ؤاخذات التالية على هذا القرار‪.‬‬
‫‪� -‬إن الجزاء المقرر ال ين�ص عليه القانون ال�ضريبي من جهة‪ ،‬وغير مت�ساوي مع‬
‫العيب المدعى به من جهة �أخرى‪.‬‬
‫‪� -‬إن هذا الجزاء يعتبر قا�س في مواجهة خزينة الدولة طالما �أن الإدارة ال�ضريبية‬
‫ال تتحمل �أي م�س�ؤولية في عدم تطبيق الإجراء المذكور‪.‬‬
‫‪� -‬إن الحالة مو�ضوع القرار تتعلق بطعن موجه من طرف الملزم �إلى اللجنة‬
‫الوطنية الذي لم يحدد فيه نقط الخالف وال الدفوعات المتعلقة به وهذا ما‬
‫يدل على عدم جدية الطعن المذكور‪.‬‬
‫‪ - 4‬بطالن ال�ضريبة بعلة عدم �سلوك م�سطرة فح�ص المحا�سبة عو�ض م�سطرة‬
‫الفر�ض التلقائي عندما تبين للإدارة �أن الملزم حقق رقم المعامالت يفوق مليون‬
‫درهم والذي يجعله ال يخ�ضع لل�ضريبة ح�سب النظام الجزافي‪.‬‬
‫قرار عدد ‪ 168‬بتاريخ ‪ 1999/02/18‬بالملف الإداري ‪.98/425/424‬‬
‫�إن هناك مجموعة من المالحظات على هذا القرار‪:‬‬
‫‪� -‬إن الملزم ي�صبح خا�ضعا لل�ضريبة ح�سب نظام المحا�سبة كلما فاق رقم‬
‫معامالته مليون درهم طوال �سنتين متتاليتين (المادة ‪ 41‬من المدونة العامة‬
‫لل�ضرائب والمواد ال�سابقة المقابلة لها)‪.‬‬
‫‪� -‬إن الإقرار المودع في �إطار النظام الجزافي ي�صبح غير تام لعدم �إ�شفاعه‬
‫بالم�ستندات الملحقة والمقررة في القانون �أي البيانات المحا�سبتية (المادة‬
‫‪ 82‬من م ع �ض) وذلك بعد ما يفوق قدر المعامالت مليون درهم‪.‬‬
‫‪157‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪� -‬إن م�سطرة الفر�ض التلقائي هي �أكثر �ضمانا لحقوق دفاع الملزم نظرا لأن‬
‫م�سطرة فح�ص المحا�سبة تبتدئ بتبليغ الإ�شعار بالفح�ص مع �إعطاء ‪ 15‬يوما‬
‫للملزم لتهيئ محا�سبته ثم تتوا�صل مبا�شرة خالل ‪ 30‬يوما ب�سلوك م�سطرة‬
‫الفر�ض التلقائي لأن الملزم ال يتوفر على �أي محا�سبة‪ ،‬بينما يتمتع الملزم‬
‫في �إطار م�سطرة الفر�ض التلقائي بمدة ‪ 60‬يوما ال�ستكمال �إقراره قبل تطبيق‬
‫ال�ضريبة �إذا اقت�ضى الحال‪.‬‬
‫لم�سنا من خالل هذا المحور �أن جملة من الق�ضايا المطروحة �أمام المحاكم‬
‫تدور حول و�سائل م�سطرية وتتجه فيها الأحكام �إلى بطالن الم�سطرة ولو في غياب‬
‫ن�ص قانوني يت�ضمن البطالن كجزاء‪.‬‬
‫بينما نعتقد �أن تحقيق العدالة الجبائية يمر حتما عبر تحديد الدخل الحقيقي‬
‫للملزم وهذا ال يت�أتى �إال من خالل درا�سة الجانب الجوهري للنزاع مع الأخذ‬
‫باالعتبار الإخالالت التي ن�ص الم�شرع عليها �صراحة‪.‬‬
‫وقد ذهب الم�شرع الفرن�سي في هذا المنحى عندما كر�س مبد�أ ال بطالن �إال بن�ص‬
‫جبائي دعما وت�أكيدا لخ�صو�صية القانون الجبائي‪.‬‬
‫وفي هذا الإطار ن�صت المادة ‪ L.80.CA‬من المدونة العامة لل�ضرائب بفرن�سا‬
‫على الجزاءات وكذا الأخطاء المتعلقة بها التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬الحكم بالإلغاء في الحاالت التي ين�ص عليها القانون ال�ضريبي �صراحة‪،‬‬
‫‪ -‬الحكم ب�إلغاء الغرامات والزيادات في الحاالت الأخرى دون الم�س بال�ضريبة‬
‫الأ�صلية وغرامات الت�أخير �إذا كان الخط�أ المرتكب من طرف الإدارة غير‬
‫ج�سيم‪.‬‬
‫كما �أن المجل�س الأعلى المغربي ذهب في نف�س االتجاه ليكر�س مبد�أ ال‬
‫بطالن بدون ن�ص عبر القرار عدد ‪ 623‬بتاريخ ‪ 2006/07/12‬ملف �إداري عدد‬
‫‪،2003/2/4/182‬‬

‫‪158‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وا�سمحولي �أن �أقر�أ عليكم م�ضمون هذا القرار ‪:‬‬


‫«�إن جزاء البطالن على مخالفة مقت�ضى قانوني معين ال ي�ستنتج �ضمنيا و�إنما‬
‫يجب التن�صي�ص عليه في القانون �صراحة‪.‬‬
‫�إن ما ذهب �إليه الحكم الم�ست�أنف من ترتيب جزاء البطالن على عدم احترام‬
‫اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية الأجل المحدد لها لتبليغ مقررها �إلى ال�شركة‬
‫الم�ست�أنف عليها ال ينبني على �أ�سا�س قانوني �سليم ما دام القانون نف�سه ال يرتب‬
‫�أي جزاء على هذا الإخالل مما يجعل الحكم الم�ست�أنف مجانبا لل�صواب‬
‫ومعر�ضا للإلغاء»‪.‬‬
‫وقد ذهب الم�شرع المغربي في نف�س االتجاه كذلك عندما �أكد ب�صريح العبارة‬
‫�أنه كل ما تعلق الأمر بمقت�ضى له طابع جبائي وجب التن�صي�ص عليه في المدونة‬
‫العامة لل�ضرائب كما جاء ذلك في المادة ‪ 163‬من المدونة المذكورة‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫درا�سة في بع�ض جوانب م�سطرة‬


‫الت�صحيح ال�ضريبي على �ضوء م�ستجدات‬
‫قانون المالية ل�سنة ‪2011‬‬
‫الأ�ستاذ ر�ضى التايدي‬
‫م�ست�شار بمحكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط‬

‫يقوم النظام ال�ضريبي في المغرب منذ �سنة ‪ 1983‬على مبد�أ الإقرار التلقائي من‬
‫جانب الملزم كتعبير عن ح�س المواطنة لديه وامتثاله للواجبات التي تفر�ضها عليه‬
‫ب�شكل طوعي‪� ،‬إيمانا منه ب�أن ال�ضرائب التي يدفعها لخزينة الدولة يتم �إعادتها �إليه‬
‫بعد دورة اقت�صادية وذلك في �صورة م�شاريع ا�ستثمارية وخدمات عمومية وباقي‬
‫مظاهر التنمية التي يعرفها بلده‪.‬‬
‫ولهذا ف�إن تدخل الإدارة ال�ضريبية بامتيازاتها و�سلطتها العامة في الفر�ض ال�ضريبي‬
‫االنفرادي حيادا على هذا المبد�أ ينبغي �أن يظل في �إطاره اال�ستثنائي بحيث ال يلج�أ‬
‫�إليه �إال في حالة عدم �إدالء الملزم ب�إقراره �أو الإدالء به ناق�صا �أو ت�ضمينه معطيات‬
‫مخالفة لحقيقة الن�شاط االقت�صادي‪.‬‬
‫وعملية الفر�ض ال�ضريبي من جانب االدارة ال تخرج عن �صورتين‪� ،‬إما م�سطرة‬
‫الفر�ض التلقائي لل�ضريبة �أو م�سطرة ت�صحيح الأ�سا�س ال�ضريبي‪ .‬وخطورة هذه‬
‫الأخيرة تكمن في �أنها ت�ضع الملزم في قف�ص االتهام المتجلي في محاولة التهرب‬
‫ال�ضريبي وذلك من خالل الت�شكيك في �صحة �إقراره بالح�صيلة الخا�ضعة لل�ضريبة‪.‬‬
‫ولهذا كان من ال�ضروري �إحاطتها ب�سياج من القيود وال�ضوابط منعا لكل تع�سف‬
‫محتمل وتفاديا لكل مفاج�أة تم�س المركز المالي الخا�ضع لل�ضريبة الذي يعتقد في‬
‫نف�سه ب�أنه في و�ضعية جبائية �سليمة‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ومن ثم ف�إن م�سطرة ت�صحيح الأ�سا�س ال�ضريبي تمتاز بكثرة �إجراءاتها وتعقيداتها‬
‫�أحيانا حماية لحقوق الملزم في مواجهة �سلطة الإدارة في �أفق الو�صول �إلى �أعلى‬
‫م�ستوى ممكن من العدالة ال�ضريبية‪ ،‬وهو الأمر الذي ترتب عنه بروز العديد من‬
‫النزاعات الق�ضائية التي ال يكتفي فيها الخا�ضعون لل�ضريبة بالمنازعة في �سوء‬
‫تطبيق الإدارة للن�ص القانوني مما حرمهم من �إحدى المزايا التي يقررها لهم‬
‫القانون‪ ،‬و�إنما تعدى ذلك �إلى المنازعة في التف�سير الذي تعطيه الإدارة للمقت�ضى‬
‫القانوني والذي يرون فيه �إهدارا لحقوقهم كطرف �ضعيف في المعادلة ليبرز معه‬
‫الدور االن�شائي للقا�ضي الإداري الذي يحاول من خالل اجتهاداته �سد ثغرات‬
‫الن�ص الت�شريعي وغمو�ضه غايته المثلى في ذلك �إقرار حلول عادلة ومن�صفة‬
‫ت�ضمن التوازن بين طرفي العالقة‪.‬‬
‫وي�ستح�ضرني في هذا المقام مقتطفا من الكلمة االفتتاحية لل�سيد الرئي�س الأول‬
‫للمجل�س الأعلى الدكتور ادري�س ال�ضحاك قبل خم�س �سنوات بمنا�سبة لقاء‬
‫علمي مماثل لندوتنا اليوم بين المجل�س الأعلى والمديرية العامة لل�ضرائب يومي‬
‫‪ 28‬و‪ 29‬مار�س ‪ 2005‬والذي ورد فيه «وهكذا يكون عمل القا�ضي �سهال عندما‬
‫تكون الن�صو�ص وا�ضحة م�ضبوطة �شاملة وهادفة‪ ،‬لكن الأمر يتعقد عندما يكون‬
‫هناك غمو�ض �أو نق�ص �أو عدم اكتمال في معالجة الحاالت �أو عدم التمكن من‬
‫معرفة �أهداف الم�شرع فيلج�أ القا�ضي �إلى االجتهاد ال�ستخراج المبد�أ القانوني‬
‫والقاعدة المالئمة وهو في ذلك ي�سلك طريق ه�ضم الن�صو�ص �أوال ليحلل ويقتنع‬
‫ويقرر»(‪.)1‬‬
‫ومن هنا جاء تركيزي في هذه المداخلة على بع�ض الجوانب فقط من م�سطرة‬
‫ت�صحيح ال�ضريبة اعتبارا للإ�شكاالت التي تثيرها في الممار�سة العملية وكانت‬
‫منا�سبة لإقرار االجتهاد الق�ضائي ب�ش�أنها‪ ،‬و�أي�ضا من باب االن�ضباط للحيز الزمني‬
‫المخ�ص�ص للمداخلة والذي ال ي�سمح بالحديث عن جميع تف�صيالت وجزئيات‬
‫(‪« )1‬العمل الق�ضائي والمنازعات ال�ضريبية»‪� ،‬أ�شغال اليومين الدرا�سيين يومي ‪ 28‬و‪ 29‬مار�س ‪ 2005‬بين المجل�س‬
‫الأعلى والمديرية العامة لل�ضرائب‪ ،‬دفاتر المجل�س الأعلى‪ ،‬عدد ‪� ،2005/8‬ص ‪.9‬‬

‫‪161‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫م�سطرة الت�صحيح‪ ،‬و�سنعمل على معالجة المو�ضوع في محورين يت�صدى الأول‬


‫للحديث عن الآليات الجوهرية لعملية الت�صحيح ونق�صد بها م�سطرتي فح�ص‬
‫المحا�سبة وفح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية للملزم‪ ،‬في حين يتناول الثاني‬
‫�إ�شكالية الطعن �أمام اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة‪.‬‬
‫المبحث الأول ‪ :‬الآليات الجوهرية لعملية الت�صحيح ال�ضريبي‬

‫في كثير من الأحيان تكون الم�سطرة التواجهية للت�صحيح التي تعك�سها‬


‫ر�سالتي التبليغ الأولى والثانية وردود الملزم عليهما م�سبوقة ب�إجراء الإدارة‬
‫لفح�ص لمحا�سبة هذا الأخير الهدف منه مراقبة �صدق الإقرار الجبائي بمقارنته مع‬
‫البيانات المحا�سبية‪ ،‬وذلك من �أجل �ضمان تقدير حقيقي للأ�سا�س ال�ضريبي ومنع‬
‫كل �إمكانية لخف�ضه‪.‬‬
‫و�إذا كانت م�سطرة فح�ص المحا�سبة ت�شترك فيها الثالثية ال�ضريبية الكبرى �أي‬
‫ال�ضريبة على الدخل وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة وال�ضريبة على ال�شركات‪،‬‬
‫ف�إن م�سطرة فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية للملزم تخت�ص بها ال�ضريبة الأولى‬
‫فقط وتهدف �إلى الت�أكد من �صحة الدخل الم�صرح به من قبل الملزم انطالقا من‬
‫م�ستوى �إنفاقه‪.‬‬
‫الفقرة الأولى ‪ :‬م�سطرة فح�ص المحا�سبة‬

‫تنطلق م�سطرة فح�ص المحا�سبة بتوجيه �إ�شعار للخا�ضع لل�ضريبة من �أجل‬


‫�إخباره بعزم الإدارة على فح�ص محا�سبته‪ ،‬ويالحظ ب�أن �أكثر المنازعات التي‬
‫طرحت على الق�ضاء حول الأحكام الإجرائية لم�سطرة الفح�ص ان�صبت على‬
‫الإ�شعار المذكور‪.‬‬
‫وهكذا تن�ص المادة ‪ 212‬من المدونة العامة لل�ضرائب قبل تعديلها بموجب قانون‬
‫المالية ل�سنة ‪ ،2011‬وهي المادة الوحيدة التي نظمت م�سطرة فح�ص المحا�سبة‪،‬‬
‫على �أنه «�إذا قررت الإدارة القيام بفح�ص محا�سبة تتعلق ب�ضريبة �أو ر�سم معين‬

‫‪162‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وجب تبليغ �إ�شعار بذلك �إلى الخا�ضع لل�ضريبة وفقا للإجراءات المن�صو�ص عليها‬
‫في المادة ‪� 219‬أدناه قبل التاريخ المحدد لل�شروع في عملية الفح�ص بخم�سة‬
‫ع�شر (‪ )15‬يوما على الأقل»‪.‬‬
‫هذه ال�صياغة نف�سها �سبق ورودها في كتاب الم�ساطر الجبائية ال�صادر بمقت�ضى‬
‫المادة ‪ 22‬من قانون المالية ل�سنة ‪ ،)2(2005‬ويح�سب للم�شرع المغربي �أنه ن�ص‬
‫�صراحة على �إجبارية تبليغ الإ�شعار بالفح�ص �إلى الخا�ضع لل�ضريبة لي�ضع بذلك‬
‫حدا للجدل حول تف�سير العبارة ال�سابقة التي ت�ضمنتها المادة ‪ 105‬من القانون‬
‫رقم ‪ 89.17‬المنظم لل�ضريبة العامة على الدخل والمادة ‪ 32‬التي تقابلها في القانون‬
‫رقم ‪ 24.86‬المنظم لل�ضريبة على ال�شركات وهما المادتان اللتان وردا فيهما‬
‫ا�ستعمال عبارة «وجب توجيه �إ�شعار»‪� ،‬إذ �أن الإدارة في تطبيقها لم�سطرة الفح�ص‬
‫كانت تتم�سك بعدم وجوب التبليغ ا�ستنادا �إلى حرفية عبارة «توجيه» التي تفيد‬
‫«التبليغ»‪.‬‬
‫�إال �أن اجتهاد الق�ضاء الإداري كان له موقف مغاير‪ ،‬حيث اعتبر �أن م�صطلح‬
‫«توجيه» في مثل هذه الحالة يق�صد به تبليغ الخا�ضع لل�ضريبة بالإ�شعار بالفح�ص‬
‫تبليغا قانونيا مت�سائال عن الغاية من االكتفاء بتوجيه اال�شعار �إن لم يقرن بالتبليغ‬
‫طالما �أن العلة من الإجراء �أ�سا�سا هي �إتاحة الفر�صة للملزم من �أجل تهيئ دفاعه‬
‫و�إعداد وثائقه المحا�سبية‪ ،‬وفي هذا تقول الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى في‬
‫قرار لها بتاريخ ‪« 2003/01/23‬وحيث �إن م�ؤدى ذلك �أن الآجال الفا�صلة بين تاريخ‬
‫التو�صل بالإ�شعار ب�إجراء التفتي�ش وتاريخ ح�ضور المفت�ش المحقق �أمام ال�شركة‬
‫المعنية لفح�ص الم�ستندات يجب �أال يقل عن ‪ 15‬يوما‪ ،‬و�أن العبرة في ذلك هي‬
‫التو�صل بالإ�شعار ولي�س تاريخ الإر�سال لما في ذلك من �ضمانات لفائدة الملزم‬
‫ليتمكن من تهيئ دفاعه»(‪.)3‬‬
‫وهذا التوجه الق�ضائي تم ت�أكيده في العديد من الأحكام والقرارات الق�ضائية‬
‫(‪ )2‬المادة الثالثة من كتاب الم�ساطر الجبائية‪.‬‬
‫(‪ )3‬قرار الغرفة الإدارية عدد ‪ 53‬بتاريخ ‪ 2003/01/23‬في الملف الإداري عدد ‪.2002/2/4/866‬‬

‫‪163‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫حيث غدا اجتهادا متواترا يجد �سنده في روح الت�شريع ومغزاه الحقيقي الذي‬
‫يقت�ضي �إثبات التبليغ في حق الملزم ولي�س مجرد التوجيه(‪ .)4‬ولهذا ف�إن تدخل‬
‫الم�شرع من �أجل التن�صي�ص على وجوب تبليغ الإ�شعار بالفح�ص جاء فقط من‬
‫�أجل تكري�سه على م�ستوى الن�ص القانوني مع الإ�شارة �إلى �أن تدخله كان ناق�صا‬
‫بحيث �إنه عند ا�ستعرا�ضه لحاالت بطالن م�سطرة الت�صحيح في المادة ‪ 11‬من‬
‫كتاب الم�ساطر الجبائية (البند الثامن) ومن بعدها المادة ‪ 220‬من المدونة العامة‬
‫لل�ضرائب‪ ،‬حافظ على نف�س ال�صياغة ال�سابقة عند حديثه عن حالة عدم توجيه‬
‫الإ�شعار بالتحقيق �إلى المعنيين بالأمر داخل الأجل المن�صو�ص عليها في المادة‬
‫‪( 212‬الفقرة الأولى)‪ ،‬وهو ما يقت�ضي تدخال ثانيا منه لإزالة هذا التناق�ض في‬
‫�صياغة المادتين ‪ 212‬و‪ 220‬من المدونة‪.‬‬
‫الأمر الثاني الذي يطرحه الإجراء المتعلق بالإ�شعار بالفح�ص هو التاريخ الذي‬
‫يتعين فيه ال�شروع فعال في عملية الفح�ص بعد التو�صل بالإ�شعار‪ ،‬فالمادة ‪ 212‬من‬
‫المدونة توجب ب�أن يكون الفا�صل الزمني بين التاريخين هو ‪ 15‬يوما على الأقل‪،‬‬
‫�أي �أن كل عملية فح�ص �شرع فيها قبل �إدراك ذلك الأجل يترتب عنها بطالن‬
‫م�سطرة الت�صحيح برمتها ب�صريح ن�ص المادة ‪ 220‬اعاله‪ ،‬في حين يبقى الت�سا�ؤل‬
‫قائما بالن�سبة للحالة التي تتخلف فيها الإدارة عن الموعد الذي حددته للخا�ضع‬
‫لل�ضريبة من �أجل ال�شروع في التفتي�ش بعد ا�ستيفاء مدة ‪ 15‬يوما من تاريخ التو�صل‬
‫بالإ�شعار‪.‬‬
‫�أمام �سكوت الن�ص القانوني‪ ،‬فمن وجهة نظر الإدارة طالما �أن الأجل الفا�صل‬
‫وقع احترامه ف�إن تغيير تاريخ ال�شروع في التفتي�ش ال يعيب الم�سطرة لأن الملزم‬
‫ا�ستفاد من ال�ضمانة التي يخولها له القانون في هذا الخ�صو�ص‪ ،‬وهو طرح ينطوي‬
‫على فهم �ضيق لم�س�ألة ال�ضمانات التي يتيحها الإ�شعار بالفح�ص والتي اعتبر الحكم‬
‫ال�صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2009/01/14‬ب�أنها تبرز على م�ستويين‬

‫(‪ )4‬قرار الغرفة الإدارية عدد ‪ 329‬بتاريخ ‪ 2003/05/29‬في الملف الإداري عدد ‪2001/2/4/2350‬‬

‫‪164‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫اثنين(‪.)5‬‬
‫‪ - 1‬تمكين الملزم من تهييئ حججه وتجهيز وثائقه المحا�سبية حتى تكون رهن‬
‫ا�شارة المفت�ش المحقق عند قدومه �إلى الم�ؤ�س�سة‪ ،‬وهو ما يقت�ضي منحه‬
‫الأجل الكامل المحدد لهذا الغر�ض والذي ينبغي �أال يقل عن ‪ 15‬يوما من‬
‫تاريخ تو�صله بالإ�شعار‪.‬‬
‫‪ - 2‬احترام الموعد المحدد في الإ�شعار كتاريخ النطالق عملية الفح�ص‪ ،‬وذلك‬
‫تفادي لعن�صر المباغثة بالن�سبة للملزم في حالة عدم ح�ضور المفت�ش في‬
‫الموعد المذكور‪ ،‬لأن ذلك �سيجعل الخا�ضع للفح�ص في و�ضعية انتظار‬
‫�إلى ما ال نهاية مادام �أنه لي�س هناك �أي �أجل يقيد الإدارة بوجوب ال�شروع‬
‫في الفح�ص من تاريخ توجيه الإ�شعار‪ ،‬وبالتالي ف�إن عدم االلتزام بالموعد‬
‫الوارد في هذا الأخير يفر�ض عليها توجيه �إ�شعار ثان يحدد الموعد الجديد‬
‫للفح�ص(‪.)6‬‬
‫وهذه النتيجة التي تو�صل �إليها الحكم المذكور �سبق للغرفة الإدارية �أن �أقرتها‬
‫في وقت �سابق ا�ستنادا �إلى علة مغايرة ذهبت فيها �إلى �أن تغيير موعد �إجراء التفتي�ش‬
‫يعتبر تنازال من الإدارة عن الإ�شعار الأول ب�إجراء الفح�ص وهو ما يقت�ضي لزاما‬
‫توجيه �إ�شعار جديد �إلى المعني بالأمر مع حتمية التقيد ب�أجل ‪ 15‬يوما الفا�صل بين‬
‫تاريخ التو�صل وتاريخ �إجراء الفح�ص(‪.)7‬‬
‫كما �أنه بعد �إحداث محكمتي اال�ستئناف الإدارية في �صيف ‪ 2006‬تبنت نف�س‬
‫التوجه الق�ضائي كما يت�ضح من خالل القرار ال�صادر عن محكمة اال�ستئناف‬
‫الإدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2009/1/22‬وهي تلغي حكم المحكمة الإدارية بالرباط‬
‫(‪ )5‬الحكم رقم ‪ 71‬بتاريخ ‪ 2009/01/14‬في الملف عدد ‪� 2008/450‬ش‪� .‬ض‪.‬‬
‫(‪� ) 6‬أنظر في نف�س االتجاه الحكم ال�صادر عن نف�س المحكمة عدد ‪ 589‬بتاريخ ‪ 2008/04/09‬في الملف رقم ‪07/2092‬‬
‫�ش‪� .‬ض‪.‬‬
‫(‪ ) 7‬قرار الغرفة الإدارية عدد ‪ 53‬ال�سابق الإ�شارة �إليها �آنفا‪ ،‬وقرارها عدد ‪ 1482‬بتاريخ ‪ 2003/10‬في الملف‬
‫‪.2118/4/2/02‬‬

‫‪165‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الم�ؤرخ في ‪ 2007/12/4‬تحت عدد ‪ 2450‬في الملف رقم ‪� 07/420‬ش‪�.‬ض‪ .‬الذي‬


‫نحى اتجاها مخالفا‪ ،‬حيث ذهبت محكمة اال�ستئناف �إلى �أن الإدارة الم�ست�أنف‬
‫عليها عندما لم تح�ضر في الموعد المحدد لل�شروع في الفح�ص وهو اليوم ال�ساد�س‬
‫ع�شر الموالي لتو�صل الم�ست�أنفة بالإ�شعار في ‪ ،2002/07/23‬وتحديد بداية الفح�ص‬
‫في ‪ 2002/08/09‬تكون قد �أخلت بالأجل المحدد لها قانونا لإجراء هذا الأخير‪،‬‬
‫وبالتالي بطالن م�سطرة الت�صحيح(‪.)8‬‬
‫وهكذا ف�إن الق�ضاء الإداري المغربي على م�ستوى جميع درجاته مجمع على‬
‫وجوب �إعادة تبليغ الملزم ب�إ�شعار جديد للفح�ص في حالة تغيير الموعد المحدد‬
‫في الإ�شعار الأول‪ ،‬وذلك اعتبارا لنف�س العلة التي فر�ضت اللجوء �إلى هذا الأخير‬
‫بداية وهي الحيلولة دون مباغثة الخا�ضع لل�ضريبة بفح�ص مفاجئ غير م�ستعد له‪.‬‬
‫ولهذا نرى �أنه عند قيام الإدارة ب�إبالغ الملزم بتغيير تاريخ ال�شروع في الفح�ص‬
‫قبل حلول الموعد المحدد في الإ�شعار الأول فال يجب عليها في مثل هذه الحالة‬
‫�أن يف�صل �أجل ‪ 15‬يوما بين تاريخ التو�صل بالإ�شعار الثاني والتاريخ الجديد للفح�ص‬
‫ويكون الأجل المذكور قد احترم باعتبار تاريخ التو�صل بالإ�شعار الأول‪.‬‬
‫�أما في الحالة التي تقدم فيها الإدارة على تحديد تاريخ جديد للفح�ص بعد‬
‫فوات التاريخ المحدد في الإ�شعار الأول ف�إنه لزاما عليها �آنذاك �أن يف�صل بين‬
‫تاريخ التو�صل بالإ�شعار الثاني وتاريخ ال�شروع الفعلي في الفح�ص مدة ‪ 15‬يوما‬
‫كاملة دون �أي اعتبار لتاريخ التو�صل بالإ�شعار الأول التي تكون �آثاره القانونية‬
‫منتهية‪.‬‬
‫ورغم �أن قانون المالية ل�سنة ‪ 2011‬عند تعديله للمادة ‪ 212‬من المدونة العامة‬
‫لل�ضرائب حاول �أن يدقق �أكثر في البيانات التي يجب ت�ضمينها في الإ�شعار بالفح�ص‬
‫من خالل الإ�شارة فيه �إلى فترة الفح�ص وال�ضرائب والر�سوم المعنية �أو البنود �أو‬
‫العمليات الم�شمولة بالمراقبة‪� ،‬إلى جانب �إرفاقه بميثاق الخا�ضع لل�ضريبة الذي‬
‫(‪ )8‬القرار عدد ‪ 121‬بتاريخ ‪ 2009/1/22‬في الملف عدد ‪.9/08/267‬‬

‫‪166‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫يذكر بالحقوق والواجبات في مجال المراقبة الجبائية‪� ،‬إال �أنه لم يعالج الإ�شكالية‬
‫المترتبة عن عدم ح�ضور المفت�ش في اليوم المحدد للفح�ص وما يقت�ضيه ذلك من‬
‫تبليغ �إ�شعار جديد بالفح�ص كما انتهى �إلى ذلك العمل الق�ضائي‪.‬‬
‫ن�شير �إلى �أن �إثبات تاريخ تو�صل الملزم بالإ�شعار وكذا تاريخ ال�شروع في الفح�ص‬
‫يظل عب�ؤه على عاتق الإدارة التي يمكنها �إثبات الواقعتين بجميع الو�سائل ا�ستنادا‬
‫�إلى مبد�أ حرية االثبات وال ي�شترط في حقها �سوى �أن تكون الو�سيلة الم�ستدل بها‬
‫ت�صلح فعال لإثبات الواقعة المعنية‪ .‬وفي هذا ال�صدد اعتبرت المحكمة االدارية‬
‫بالرباط في حكمها الم�ؤرخ في ‪� 2008/4/19‬إلى �أن ر�سالة االخبار التي توجهها‬
‫الإدارة �إلى الخا�ضع لل�ضريبة ال يمكن �أن تكون حجة على تاريخ ال�شروع في‬
‫عملية الفح�ص لأن تلك الر�سالة ال ت�صلح لال�ستدالل على واقعة مادية في م�صلحة‬
‫االدارة وتحتج بها في مواجهة الملزم‪ ،‬باال�ضافة �إلى �أن الر�سالة المذكورة هي‬
‫مخ�ص�صة لواقعة مغايرة وهي �إخبار هذا الأخير بانتهاء عملية الفح�ص‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫يمكن ت�ضمينها واقعة �سابقة عليها في التاريخ واعتماد ذلك كحجة(‪.)9‬‬
‫كما ذهبت محكمة اال�ستئناف االدارية بالرباط في نف�س المنحى في قرارها‬
‫الم�شار �إليه �آنفا والذي ورد فيه «و�أن �أجل ‪ 15‬يوما الفا�صلة بين تاريخ التو�صل‬
‫وتاريخ بداية ال�شروع في عملية الفح�ص غير ثابت في النازلة ما دام �أن الم�ست�أنفة‬
‫(�إدارة ال�ضرائب) لم تدل ب�أي مح�ضر يثبت بداية تاريخ ال�شروع في عملية‬
‫الفح�ص»‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية للملزم‬

‫فح�ص مجموع الو�ضعية ال�ضريبية للملزم هي �آلية تنفرد بها م�سطرة المراقبة‬
‫بالن�سبة للأ�شخا�ص الطبيعيين الخا�ضعين لل�ضريبة على الدخل نظمتها المادة ‪216‬‬
‫من المدونة العامة لل�ضرائب‪ .‬ويق�صد بها مراقبة �صحة الإقرار ب�إجمالي الدخل‬
‫(‪ )9‬حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد ‪ 588‬بتاريخ ‪ 2008/4/9‬في الملف رقم ‪� 07/2092‬ش �ض وهو ما �أكدته نف�س‬
‫المحكمة في حكم الحق لها بتاريخ ‪ 2009/5/13‬تحت عدد ‪ 945‬في الملف رقم ‪� 07/2655‬ش‪ .‬د‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ال�سنوي المحقق من خالل مقارنته بمجموعة من النفقات المحددة في المادة ‪29‬‬


‫من نف�س المدونة‪ .‬ف�إذا ثبت �أن تلك النفقات تفوق الدخل الم�صرح به‪ ،‬وعجز‬
‫الخا�ضع لل�ضريبة عليها باعتبارها مداخيل غير م�صرح بها‪.‬‬
‫وبهذا يت�ضح �أن هناك حاالت ينح�صر خاللها حق الإدارة في اللجوء �إلى‬
‫م�سطرة فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية‪� ،‬إلى جانب �شروط �أخرى ت�ؤطر عملية‬
‫تطبيق الم�سطرة‪.‬‬
‫�أوال ‪ :‬حاالت تطبيق م�سطرة فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية‬
‫�إن حق الإدارة في تطبيق م�سطرة فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية ي�شمل‬
‫جميع الخا�ضعين لل�ضريبة على الدخل‪� ،‬سواء الذين �أدلوا بالإقرار بمجموع‬
‫دخلهم ال�سنوي‪� ،‬أو الذين ي�ستفيدون من الإعفاء من الإدالء بالإقرار المذكور‪،‬‬
‫�أو الذين �سبق فر�ض ال�ضريبة عليهم ب�صورة تلقائية‪ ،‬ال�شرط الوحيد الذي تقت�ضيه‬
‫الم�سطرة هو توفر المعنى بالأمر على موطن �ضريبي بالمغرب‪.‬‬
‫وقبل التعديل الذي طر�أ على هذه الم�سطرة بموجب كتاب الم�ساطر‬
‫الجبائية(‪ ،)10‬لم يكن من حق الإدارة تطبيق فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية في‬
‫مواجهة الأ�شخا�ص الذين يعفون من الإدالء ب�إجمالي دخلهم ويتعلق الأمر ب‪:‬‬
‫‪ -‬الخا�ضعين لل�ضريبة الذين لي�س لهم �سوى دخول زراعية نا�شئة من م�شغلة‬
‫واحدة �إذا كانوا خا�ضعين لل�ضريبة وفق النظام الجزافي‪.‬‬
‫‪ -‬الخا�ضعين لل�ضريبة الذين يقت�صر دخلهم على �أجور يدفعها م�شغل �أو مدين‬
‫ب�إيراد واحد يكون م�ستوطنا �أو م�ستقرا بالمغرب‪ ،‬وملزما بمبا�شرة حجز‬
‫ال�ضريبة في المنبع‪.‬‬
‫ويبقى الت�سا�ؤل مثارا بالن�سبة للخا�ضع لل�ضريبة الذي يقع عليه واجب الإدالء‬
‫ب�إقرار مجموع الدخل �إال �أنه تخلف عن تقديمه‪ ،‬بحيث هل يمكن للإدارة فح�ص‬
‫(‪ )10‬المادة ال�سابعة من كتاب الم�ساطر الجبائية ل�سنة ‪.2005‬‬

‫‪168‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫مجموع و�ضعيته الجبائية مبا�شرة‪ .‬وفي جوابها على هذا الت�سا�ؤل اعتبرت المحكمة‬
‫الإدارية بالرباط و�أيدتها محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط �أنه في هذه الحالة‬
‫يتوجب على الإدارة �أن تبا�شر بداية م�سطرة الفر�ض التلقائي بالن�سبة للمداخيل‬
‫غير الم�صرح بها حتى ين�ش�أ حقها في فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية‪ ،‬لأن‬
‫الم�شرع يتحدث عن حالة الدخل الم�صرح به فعال من طرف الخا�ضع لل�ضريبة‪،‬‬
‫ولي�س فقط واجب هذا الأخير في تقديمه‪� ،‬إلى جانب حالتي الدخل المعفى من‬
‫الت�صريح �أو الذي كان محل فر�ض تلقائي(‪.)11‬‬
‫ثانيا ‪� :‬شروط تطبيق فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية‬
‫ا�ستنادا �إلى مقت�ضيات المادتين ‪ 29‬و‪ 216‬من المدونة العامة لل�ضرائب‪ ،‬يمكن‬
‫تلخي�ص ال�شروط المحددة لتطبيق م�سطرة فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية‬
‫للملزم في العنا�صر التالية ‪:‬‬
‫‪� - 1‬إن الدخل ال�سنوي الذي يخ�ضع للمراقبة من خالل الم�سطرة المذكورة‬
‫يجب �أن يغطي فترة غير متقادمة‪� ،‬أي يخ�ص ال�سنوات الأربع الأخيرة‪.‬‬
‫‪� - 2‬إن النفقات المعتمدة من طرف الإدارة في تقييم �صحة الدخل الإجمالي‬
‫الم�صرح به ينبغي �أن يتجاوز مبلغها ‪ 120.000‬درهم في ال�سنة‪� ،‬إلى جانب‬
‫�أنها محددة ح�صرا في ثمان حاالت هي ‪:‬‬
‫‪ -‬الم�صاريف المتعلقة بالإقامة الرئي�سية التي تزيد م�ساحتها المغطاة عن‬
‫‪ 150‬متر مربع‪ ،‬وبكل �إقامة ثانوية‪.‬‬
‫‪ -‬الم�صاريف المتعلقة بت�سيير و�صيانة عربات نقل الأ�شخا�ص‪.‬‬
‫‪ -‬الم�صاريف المتعلقة بت�سيير و�صيانة العربات الجوية والبحرية‪.‬‬
‫‪ -‬مبالغ الإيجار الحقيقية التي يدفعها الخا�ضع لل�ضريبة لأغرا�ضه الخا�صة‪.‬‬

‫(‪ )11‬حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد ‪ 1614‬بتاريخ ‪ 2009/7/1‬في الملف رقم ‪� 07/546‬ش �ض‪ ،‬الم�ؤيد‬
‫من طرف محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط في قرارها عدد ‪ 106‬ال�صادر بتاريخ ‪ 2011/1/13‬في الملف رقم‬
‫‪.9/10/496‬‬

‫‪169‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ -‬المجموع ال�سنوي للمبالغ المرجعة من �أ�صل وفوائد االقترا�ضات التي‬


‫يبرمها الخا�ضع لل�ضريبة لحاجاته غير المهنية‪.‬‬
‫‪ -‬مجموع المبالغ التي يدفعها الخا�ضع لل�ضريبة لأجل تملك عربات �أو‬
‫عقارات غير معدة لغر�ض مهني بما في ذلك نفقات ت�سليم العقارات‬
‫المذكورة لنف�سه‪.‬‬
‫‪ -‬عمليات تملك القيم المنقولة و�سندات الم�ساهمة‪.‬‬
‫‪ -‬ال�سلفات المدرجة في الح�سابات الجارية لل�شركاء �أو في ح�ساب‬
‫الم�شغل والقرو�ض الممنوحة للغير‪.‬‬
‫‪ - 3‬في مقابل حق االدارة في تقييم تلك النفقات والت�أكد من مدى تنا�سبها مع‬
‫الدخل الإجمالي الم�صرح به‪ ،‬يملك الخا�ضع لل�ضريبة كامل الحرية في‬
‫�إثبات الموارد التي تبرر عدم التنا�سب المالحظ‪ ،‬وبالأخ�ص ‪:‬‬
‫‪ -‬دخول ر�ؤو�س الأموال المنقولة الخا�ضعة للحجز المنجز في المنبع‬
‫الذي يبرئ من ال�ضريبة‪.‬‬
‫‪ -‬الدخول المعفاة من ال�ضريبة على الدخل‪.‬‬
‫‪ -‬حا�صالت بيوع المنقوالت �أو العقارات‪.‬‬
‫‪ -‬االقترا�ضات المبرمة لدى البنوك �أو الغير لأغرا�ض غير مهنية‪.‬‬
‫‪ -‬المبالغ المت�أتية من تح�صيل القرو�ض الممنوحة لفائدة الغير‪.‬‬
‫والدخول المذكورة �إنما وردت على �سبيل المثال ال الح�صر‪ ،‬فالم�شرع‬
‫الجبائي �أعطى للملزم حرية �إثبات موارده بجميع الو�سائل المتاحة لديه‪� ،‬أي يقع‬
‫عليه فقط عبء �إثبات تح�صله على الموارد التي تفيد في تغطية النفقات التي‬
‫تو�صلت �إليها الإدارة بمنا�سبة فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية‪ ،‬ودون �أن ملزما‬
‫ب�إثبات �أن موردا �أو دخال معينا �صرف في تغطية نفقة محددة بذاتها‪� ،‬أو بمعنى �آخر‬
‫�إثبات العالقة ال�سلبية بين النفقة والدخل المبرر لها‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫كما �أنه من جهة �أخرى‪ ،‬ال يجوز للإدارة عند �إعادة تحديد الأ�سا�س ال�ضريبي‬
‫تخطي النفقات الثمانية الم�شار �إليها �أعاله واعتماد عنا�صر �أخرى �إ�ضافية كما �أثير‬
‫في بع�ض الحاالت النزاعية التي �أقدمت فيها االدارة على �إدماج مبالغ الح�ساب‬
‫ال�شخ�صي للملزم و�إ�ضافتها �إلى مبالغ النفقات المذكورة‪ ،‬معللة ذلك ب�أن تلك‬
‫الأر�صدة تعتبر مداخيل غير م�صرح بها �إلى �أن يثبت الملزم ب�أنها مت�أتية من ن�شاط‬
‫خا�ضع لل�ضريبة‪ ،‬وهو الأمر الذي يخالف �إحدى القواعد الأ�سا�سية التي تقوم‬
‫عليها المنازعة الجبائية‪ ،‬وهي �أن �إثبات الواقعة المن�شئة لل�ضريبة يقع على عاتق‬
‫الإدارة‪� ،‬أي يكون عليها �إثبات �أن دخل معين ناتج عن ن�شاط يخ�ضع للت�ضريب‬
‫ولي�س العك�س‪� ،‬إلى جانب انتفاء ال�سند القانوني الذي ي�سمح باعتبار مبالغ الح�ساب‬
‫ال�شخ�صي في عملية فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية للملزم(‪.)12‬‬
‫ويالحظ ب�أن الم�شرع في المادة ‪ 216‬من المدونة العامة لل�ضرائب لم ي�شترط‬
‫وجوب تبليغ الخا�ضع لل�ضريبة باال�شعار بالفح�ص كما هو مقرر بالن�سبة لم�سطرة‬
‫فح�ص المحا�سبة‪ ،‬وذلك لأن فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية ال يتطلب االنتقال‬
‫�إلى مقر الملزم حتى يتوجب �إ�شعاره م�سبقا لإعداد وثائقه‪ ،‬و�إنما يمكن �أن تقوم‬
‫الإدارة بالفح�ص ا�ستنادا �إلى المعطيات المتوفرة لديها حول نفقات الخا�ضع‬
‫لل�ضريبة والت�أكد من مدى مطابقتها مع الدخل الم�صرح به‪.‬‬
‫غير �أنه في بع�ض الأحيان قد ت�سلك الإدارة الم�سطرتين معا‪ ،‬فتخ�ضع الملزم‬
‫لفح�ص المحا�سبة وفح�ص مجموع و�ضعيته الجبائية في نف�س الوقت‪ ،‬وفي هذه‬
‫الحالة يجب تفادي الوقوع في االزدواج ال�ضريبي كما حدث في الق�ضية التي‬
‫(‪)13‬‬
‫عر�ضت على المحكمة الإدارية بالرباط مو�ضوع الملف عدد ‪� 07/1268‬ش �ض‬
‫فعندما تقوم االدارة بفح�ص المحا�سبة ويترتب عنها ا�ستبعاد هذه الأخيرة و�إعادة‬
‫تحديد الأ�سا�س ال�ضريبي من جديد‪ ،‬ف�إنه يمتنع عليها القيام بتقييم �إجمالي لمجموع‬
‫(‪ )12‬حكم المحممة الإدارية بالرباط عدد ‪ 913‬بتاريخ ‪ 2010/3/31‬في الملفين الم�ضمومين رقم ‪� 06/1223‬ش‬
‫د‪ ،‬ورقم ‪� 08/77‬ش‪� .‬ض‪.‬‬
‫(‪ ) 13‬الحكم عدد ‪ 1726‬بتاريخ ‪.2009/7/14‬‬

‫‪171‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الدخل الم�صرح به في �إطار فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية‪ ،‬لأن هذاالأخير لم‬
‫يعد له �أثر و�أ�صبح االعتداد بالدخل الذي تو�صلت �إليه الإدارة �إثر فح�ص المحا�سبة‪،‬‬
‫وبالتالي ال يمكن �أن ت�ضيف �إليه النق�ص المالحظ في الدخل الم�صرح به لعدم‬
‫تنا�سبه مع النفقات الم�شار �إليه �أعاله‪ ،‬و�إال كنا �أمام فر�ض �ضريبي مزدوج‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪� :‬إ�شكالية الطعن �أمام اللجنة المحلية لتقدير‬
‫ال�ضريبة‬

‫يعتبر الطعن �أمام اللجان ال�ضريبية مرحلة و�سط بين الم�سطرة التواجهية والطعن‬
‫الق�ضائي‪ ،‬وتبتدئ هذه المرحلة بطلب الملزم �إحالة الملف على اللجنة المحلية‬
‫لتقدير ال�ضريبة‪ ،‬وهو الطلب الذي يجب �أن يعبر عنه �صراحة في رده على ر�سالة‬
‫الت�صحيح الثانية(‪.)14‬‬
‫الفقرة الأولى ‪ :‬الطعن �أمام اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة‬

‫�إن �أهم ما يميز الطعن �أمام اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة قبل التعديالت‬
‫الأخيرة هو الح�ضور القوي لمفت�ش ال�ضريبة كو�سيط بين الملزم واللجنة بحيث‬
‫�أن الطعن يقدم �إليه بداية قبل �أن يحيله على اللجنة كما �أنه هو الذي يقوم بتبليغ‬
‫الملزم المقرر الذي تتخذه هذه الأخيرة‪ ،‬ثم �إن ممثل الإدارة في اللجنة هو‬
‫الذي يتولى مهمة المقرر لديها‪ ،‬وذلك على خالف الم�سطرة المتبعة �أمام اللجنة‬
‫الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة بحيث �أن الطعن يوجه �إليها مبا�شرة‬
‫ورئي�سها هو الذي يتولى تبليغ مقرراتها �إلى الطرفين‪ ،‬ويقوم بمهمة المقرر لديها‬
‫�أحد الموظفين المنتدبين لديها المعينين من طرف الوزير الأول باقتراح من وزير‬
‫المالية‪.‬‬
‫�إن هذه الخ�صو�صية التي تطبع عمل اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة كانت �سببا‬
‫في �إثارة العديد من المنازعات الق�ضائية التي ا�ستند فيها �أ�صحابها �إلى عدم قيام‬
‫المفت�ش المحقق ب�إحالة طعنهم على اللجنة المحلية في مخالفة لمقت�ضيات البند‬
‫(‪ ) 14‬البند ‪ 2‬من المادتين ‪ 220‬و‪ 221‬من المدونة العامة لل�ضرائب‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الثالث من المادة ‪ 220‬من المدونة العامة لل�ضرائب الذي كان ين�ص قبل تعديله‬
‫م�ؤخرا على �أنه «يت�سلم المفت�ش المطالبات الموجهة �إلى اللجنة المحلية لتقدير‬
‫ال�ضريبة ويبلغ مقررات هذه اللجنة �إلى المعنيين بالأمر وفق الإجراءات المن�صو�ص‬
‫عليها في المادة ‪� 219‬أعاله»‪.‬‬
‫هذه ال�صياغة المقت�ضبة والقا�صرة للبند المذكور جعل الكيفية التي تتم بها‬
‫�إحالة طعن الملزم على اللجنة المحلية والأجل المقرر لذلك م�سائل غام�ضة مع �أن‬
‫الأمر يتعلق ب�أحكام �إجرائية يفتر�ض فيها �أن تكون منظمة بدقة من طرف الم�شرع‪،‬‬
‫وهو ما فتح المجال �أمام تف�سيرات وت�أويالت متباينة للن�ص القانوني د�أبت الإدارة‬
‫بخ�صو�صها على تبرير موقفها بعدم �إحالة طعن الملزم على اللجنة المحلية في‬
‫بع�ض الأحيان �إلى عدم وجود �أي مقت�ضى قانوني يلزمها بتلك الإحالة‪ ،‬وان ذلك‬
‫ال يمكن �أن يترتب عنه بطالن م�سطرة الت�صحيح المحددة حاالته في البند الثامن‬
‫من المادة ‪ 220‬الم�شار �إليها �أعاله‪ ،‬ولي�س من بينها عدم �إحالة الملف على اللجنة‬
‫المحلية‪ ،‬ثم �إلى طبيعة هذه الأخيرة التي ال تتوفر على مقر خا�ص بها وال على‬
‫�سكرتارية تتولى �ضبط الواردات وال�صادرات‪.‬‬
‫�إال �أن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى ا�ستبعدت جميع هذه التبريرات وكان‬
‫لها موقف حا�سم �أكدت من خالله على �أن عدم قيام �إدارة ال�ضرائب ب�إحالة ملف‬
‫المدعي على اللجنة المحلية رغم تقديمه طلبا بذلك داخل الأجل القانوني ي�شكل‬
‫�إخالال جوهريا في الم�سطرة ويجعل ال�ضريبة المطعون فيها مفرو�ضة حيادا على‬
‫القانون‪ .‬وهذا الموقف �أكدت عليه في �أكثر من منا�سبة كما ورد في قرارها ال�صادر‬
‫بتاريخ ‪ 2008/4/2‬والذي جاء فيه «لكن حيت �إن الثابت من الر�سالة التي وجهها‬
‫الم�ست�أنف عن طريق البريد الم�ضمون بتاريخ ‪� 2001/7/13‬أنه يطلب فيها من �إدارة‬
‫ال�ضرائب �إحالة ملفه على اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة‪ ،‬و�أن الم�ست�أنف (مدير‬
‫ال�ضرائب) ال ينازع في ذلك بل �أكده في المذكرة المدلى بها بتاريخ ‪2004/8/27‬‬
‫التي جاء فيها �أن ملف المدعي �أحيل بناء على طلبه على اللجنة المحلية لفر�ض‬
‫ال�ضريبة وكان عليه انتظار �صدور قرار اللجنة المحلية‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وحيث �إن الم�ست�أنف لم يدل بما يفيد �إحالة ملف الم�ست�أنف عليه على اللجنة‬
‫المحلية مما يجعل الإدارة تحرم المدعي من �إحدى ال�ضمانات المن�صو�ص عليها‬
‫قانونا‪ ،‬وبالتالي تكون م�سطرة الفر�ض المطعون فيها مخالفة للقانون ويكون الحكم‬
‫الم�ست�أنف عندما ق�ضى على النحو المذكور �صائبا وواجب الت�أييد»(‪.)15‬‬
‫�أما عن التبريرات الم�شار �إليها �أعاله ف�إنها ال ت�صمد �أمام ال�ضمانة التي تحققها‬
‫�إحالة الملف على اللجنة المحلية لفائدة الملزم من خالل تخويله �إمكانية النظر في‬
‫ملفه من طرف جهة محايدة تتمثل في اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة على درجة‬
‫�أولى واللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة على درجة ثانية‪ ،‬بل �إن‬
‫�ضمانة اللجنة المحلية هي خال�صة للملزم الذي يطعن �أمامها في تقديرات المفت�ش‬
‫في حين �أن �ضمانة اللجنة الوطنية هي حق للطرفين معا اللذان يلجئان �إليها من‬
‫�أجل الطعن في المقرر ال�صادر عن اللجنة المحلية‪.‬‬
‫وبما �أن علة بطالن م�سطرة الت�صحيح في حالة عدم �إحالة طعن الملزم على‬
‫اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة هي خرق حقوق الدفاع‪ ،‬ف�إن نف�س الحكم ت�أخذه‬
‫الحالة التي تقع فيها تلك الإحالة ولكن بعد فوات الأجل المحدد للجنة من �أجل‬
‫البت في الطعن �أي ‪� 24‬شهرا من تقديم هذا الأخير‪ ،‬طالما �أن الإدارة عندما‬
‫تقاع�ست عن �إحالة الطعن على اللجنة �إال بعد ان�صرام الأجل المذكور مما يف�ضي‬
‫�إلى رفع هذه الأخيرة يدها عن النزاع‪ ،‬تكون قد تعمدت حرمان الملزم من �إحدى‬
‫�ضمانات الم�سطرة التنازعية(‪.)16‬‬
‫ولهذا نعتقد �أن ال�ضرورة تقت�ضي تدخل الم�شرع بمقت�ضى قانوني �صريح يلزم‬
‫المفت�ش ب�إحالة طعن الملزم على اللجنة المحلية داخل �أجل معين على غرار الأجل‬
‫المحدد للإدارة (‪ 60‬يوما) من �أجل �إر�سال الملف ال�ضريبي �إلى اللجنة الوطنية‬
‫للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة بعد طلبه من طرف هذه الأخيرة‪.‬‬
‫‪2007/6/27‬‬ ‫(‪ )15‬القرار عدد ‪ 294‬في الملف الإداري عدد ‪ 2006/2/4/140‬وكذلك قرارها عدد ‪ 654‬بتاريخ‬
‫في الملف الإداري عدد ‪.2005/2/41558‬‬
‫(‪ ) 16‬حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد ‪ 945‬بتاريخ ‪ 2009/5/13‬في الملف رقم ‪� 08/2655‬ش د‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وهذا التدخل و�إن كان تحقق �أخيرا بموجب قانون المالية الأخير ل�سنة ‪،2011‬‬
‫�إال �أنه جاء ناق�صا ومعيبا في �صياغته حيث �أ�صبح البند الثالث من المادة ‪220‬‬
‫من المدونة ين�ص بعد تعديله على �أنه «يت�سلم المفت�ش المطالبات الموجهة �إلى‬
‫اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة وي�سلمها لها م�صحوبة بالوثائق المتعلقة ب�إجراءات‬
‫الم�سطرة التواجهية التي تمكن هذه اللجنة من البت‪.‬‬
‫يحدد �أجل �أق�صاه �أربعة �أ�شهر لت�سليم المطالبات والوثائق ال�سالفة الذكر من‬
‫طرف الإدارة للجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة‪ ،‬ابتداء من تاريخ تبليغ الإدارة بالطعن‬
‫المقدم من طرف الخا�ضع لل�ضريبة �أمام اللجنة المذكورة»‪.‬‬
‫و�إذا كنا ن�ستح�سن ما �أقدم عليه الم�شرع من �إلزام المفت�ش ب�إحالة طعن الملزم‬
‫على اللجنة المحلية داخل �أجل محدد‪� ،‬إال �أن الت�ضارب في ال�صياغة بين الإ�شارة‬
‫في الفقرة الأولى �إلى �أن المفت�ش هو الذي يت�سلم المطالبات وبين ما ت�ضمنته‬
‫الفقرة الثانية من �أن االدارة هي التي ت�سلم تلك المطالبات للجنة بعد تو�صلها‬
‫بها‪ ،‬يحيل على الفهم ب�أن م�سطرة الإحالة كما لو �أنها تمر بمرحلتين‪ ،‬مرحلة تو�صل‬
‫المفت�ش بالطعن وتبليغه للإدارة‪ ،‬ومرحلة تبليغ الطعن من طرف هذه الأخيرة �إلى‬
‫اللجنة داخل �أجل �أربعة �أ�شهر من تاريخ تو�صلها به‪.‬‬
‫كما �أنه في ال�سياق ذاته ال يجوز للإدارة ال�ضريبية في �شخ�ص المفت�ش المحقق‬
‫�أن تقرر ما �إذا كان يتعين �إحالة الطعن على اللجنة المحلية �أم ال حتى ولو قدم‬
‫خارج الأجل القانوني �أو في م�س�ألة تخرج عن اخت�صا�ص هذه الأخيرة‪ ،‬لأن ذلك‬
‫ينافي قاعدة عدم جواز الجمع بين �صفتها كخ�صم وحكم في نف�س الآن‪ ،‬وبالتالي‬
‫ف�إن الإلزام الواقع على الإدارة هو �إلزام مطلق مهما كان موقفها من تاريخ تقديم‬
‫الطعن ومو�ضوعه والذي يرجع �أمر البت فيه �إلى اللجنة بمفردها‪ ،‬وهذا ما بنت‬
‫عليه المحكمة الإدارية بالرباط حكمها ب�إلغاء م�سطرة فر�ض الواجبات التكميلية‬
‫ب�ش�أن ال�ضريبة على الأرباح العقارية في الملف رقم ‪� 08/2519‬ش �ض بتاريخ‬
‫‪ ،2009/11/23‬وذلك ب�سبب �إحجام الإدارة عن �إحالة طعن المدعي على اللجنة‬
‫المحلية اعتقادا منها �أنه قدم خارج الأجل القانوني‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الفقرة الثانية ‪� :‬آثار الطعن �أمام اللجنة المحلية لتقدير‬


‫ال�ضريبة‬

‫رفع الطعن �أمام اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة يترتب عنه �أثرين �أ�سا�سين‪،‬‬
‫الأول هو وقف �أمد التقادم من تاريخ رفع الطعن �إلى غاية ان�صرام ال�شهر الثالث‬
‫الموالي لتاريخ تبليغ المقرر ال�صادر ب�صورة نهائية عن اللجنة المذكورة �أو عن‬
‫اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة (البند ال�ساد�س من المادة ‪232‬‬
‫من المدونة العامة لل�ضرائب)‪.‬‬
‫وهذه ال�صياغة التي ا�ستعملها كتاب الم�ساطر الجبائية وكر�ستها المدونة العامة‬
‫لل�ضرائب تحمل بع�ض الغمو�ض الذي يجعلها �صياغة معيبة‪ ،‬فالمقرر الذي ت�صدره‬
‫اللجنة المحلية ال ي�صبح نهائيا �إال بعد تبليغه �إلى الخا�ضع لل�ضريبة وعدم الطعن‬
‫فيه داخل �أجل ‪ 60‬يوما من تاريخ التو�صل‪ ،‬ولهذا ال يمكن ت�صور �أن ي�صير المقرر‬
‫نهائيا قبل تبليغه �إلى المعني بالأمر كما ورد في المادة ‪� 232‬أعاله التي ن�صت على‬
‫«تبليغ المقرر ال�صادر ب�صورة نهائية» وك�أن �صفة النهائية التي يحوزها المقرر ت�سبق‬
‫واقعة تبليغه‪.‬‬
‫وبالرجوع �إلى قوانين الثالثية ال�ضريبية(‪ )17‬قبل �صدور كتاب الم�ساطر الجبائية‪،‬‬
‫نجد �أن ال�صياغة التي كانت ت�ستعملها �أقرب لل�صواب من ال�صياغة الحالية‪ ،‬بحيث‬
‫كانت تن�ص على �أن «التقادم يوقف �إلى غاية ان�صرام ال�شهر الثالث الموالي لل�شهر‬
‫الذي �صدر فيه المقرر النهائي عن اللجنة المحلية»‪� ،‬أي �أن وقف التقادم ي�ستمر‬
‫من تاريخ تقديم الطعن �إلى غاية تبليغ المقرر ال�صادر �إلى الخا�ضع لل�ضريبة وم�ضي‬
‫ثالثة �أ�شهر الموالية لل�شهر الذي وقع فيه التبليغ دون تقديم طعنه �أمام اللجنة‬
‫الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة‪.‬‬
‫(‪� )17‬أي القانون رقم ‪ 89.17‬المنظم لل�ضريبة العامة على الدخل‪ ،‬والقانون رقم ‪ 85.30‬المنظم لل�ضريبة على‬
‫القيمة الم�ضافة‪ ،‬والقانون رقم ‪ 86.24‬المنظم لل�ضريبة على ال�شركات الذي يحيل في م�س�ألة الطعن �أمام اللجان‬
‫ال�ضريبية على القانون الأول‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أما الأثر الثاني المترتب على رفع الطعن �إلى اللجنة المحلية فهو اعتبار النزاع‬
‫م�ستمرا وعدم �إف�ضاء الم�سطرة التواجهية �إلى حل ر�ضائي بين الملزم والإدارة‪.‬‬
‫وطالما �أن الطرفين لم يتو�صال �إلى �إبرام �صلح �أثناء نظر اللجنة المحلية في النزاع‪،‬‬
‫ف�إن هذه الأخيرة ت�صدر مقررها الذي يقبل الطعن داخل �أجل ‪ 60‬يوما من تاريخ‬
‫تبليغ المقرر �إلى الخا�ضع لل�ضريبة‪� ،‬سواء بالن�سبة للطعن المقدم من طرف هذا‬
‫الأخير �أو من طرف الإدارة(‪.)18‬‬
‫ونعتقد �أن �إقران احت�ساب �أجل الطعن بالن�سبة للإدارة بتبليغ المقرر �إلى الخا�ضع‬
‫لل�ضريبة مجانب لل�صواب‪ ،‬لأن فيه �إطالة لأمد النزاع في حالة تقاع�س المفت�ش عن‬
‫القيام بذلك التبليغ �سيما و�أن هذه الفترة ال تحت�سب في �أمد التقادم كما تمت‬
‫الإ�شارة �إلى ذلك �أعاله‪ ،‬في الوقت الذي ال يتوقف فيه عداد الغرامات وذعائر‬
‫الت�أخير‪ .‬كما �أنه لم يعد م�ست�ساغا مع التعديل الأخير للمادة ‪ 225‬من المدونة العامة‬
‫لل�ضرائب بموجب قانون المالية ل�سنة ‪ ،2011‬حيث �أ�صبح مقرر اللجنة هو الذي‬
‫يقوم بتبليغ القرار ال�صادر �إلى الطرفين خالل الأربعة �أ�شهر الموالية لتاريخ �صدوره‬
‫ولي�س المفت�ش‪ ،‬ولهذا ف�إن تكامل الن�صو�ص القانونية يقت�ضي احت�ساب �أجل الطعن‬
‫بالن�سبة للإدارة من تاريخ تبليغها بالقرار‪ ،‬ولي�س من تاريخ تبليغ الخا�ضع لل�ضريبة‬
‫به‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية‪ ،‬ف�إن عدم تقديم الطعن �أمام اللجنة الوطنية داخل الأجل‬
‫المذكور يعتبر قبوال �ضمنيا لمقرر اللجنة المحلية ا�ستنادا �إلى البند الرابع من‬
‫المادة ‪ 220‬من المدونة‪ ،‬في حين ين�ص البند ال�سابع من نف�س المادة على �أنه‬
‫يمكن الطعن في المقررات النهائية ال�صادرة عن اللجان المحلية لتقدير ال�ضريبة‬
‫�أمام المحكمة المخت�صة وفقا لأحكام المادة ‪ ،242‬وهي المادة التي تحدد �أجل‬
‫تقديم الطعن الق�ضائي في �ستين يوما الموالية لتاريخ تبليغ المقررات المذكورة‪.‬‬
‫فكيف يمكن الجمع بين الأثر المتمثل في القبول ال�ضمني لمقرر اللجنة المحلية‬
‫عند عدم الطعن فيه �أمام اللجنة الوطنية‪ ،‬وبين الإمكانية المتاحة للخا�ضع لل�ضريبة‬
‫للطعن فيه �أمام الق�ضاء‪.‬‬
‫(‪ ) 18‬البند الرابع من المادة ‪ 220‬من المدونة العامة لل�ضرائب‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وفي تعاملها مع هذه الإ�شكالية اعتبرت المحاكم الإدارية �أن الخا�ضع لل�ضريبة‬
‫و�إن كان القانون يبيح له الطعن �أمام الق�ضاء في مقرر اللجنة المحلية الذي �صار‬
‫نهائيا‪� ،‬إال �أنه مع ذلك ال يمكنه مناق�شة الأ�سا�س ال�ضريبي الذي �أقرته هذه الأخيرة‪،‬‬
‫ويبقى من حقه فقط مناق�شة مدى تقيد الإدارة بالن�صو�ص القانونية عند احت�ساب‬
‫الغرامات وذعائر الت�أخير(‪.)19‬‬
‫�أما في الحالة التي ينازع فيها �أحد الطرفين في مقرر اللجنة المحلية �أمام اللجنة‬
‫الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة‪ ،‬ويحجم الطرف الآخر عن المنازعة‬
‫فيه‪ ،‬ف�إن هذا الأخير ال يمكنه الطعن ق�ضائيا في مقرر اللجنة الوطنية �إال فيما تجاوز‬
‫الأ�س�س التي حددتها اللجنة المحلية لأنه �سبق و�أن قبل �ضمنيا بمقررها عندما لم‬
‫يطعن فيه �أمام اللجنة الوطنية‪.‬‬
‫وقبل �صدور قانون المالية الأخير‪ ،‬كان احت�ساب �أجل الطعن الق�ضائي يختلف‬
‫بح�سب ما �إذا ترتب عن المقرر النهائي للجنة المحلية �أو مقرر اللجنة الوطنية‬
‫�صدور �أمر بالتح�صيل �أم ال‪ ،‬بحيث يحت�سب �أجل ‪ 60‬يوما المحددة للطعن من‬
‫تاريخ �صدور الأمر المذكور في الحالة الأولى‪ ،‬ومن تاريخ تبليغ قرار اللجنة‬
‫في الحالة الثانية‪ .‬وبما �أن �أجل الطعن تم توحيده بعد �صدور القانون المذكور‬
‫و�أ�صبح يحت�سب في جميع الحاالت من تاريخ تبليغ مقرر اللجان المذكورة‪ .‬ف�إن‬
‫ذلك �سي�ؤدي �إلى تداخله مع الأجل المحدد للملزم من �أجل الطعن في مقرر‬
‫اللجنة المحلية �أمام اللجنة الوطنية والمحدد �أي�ضا في مدة ‪ 60‬يوما من تاريخ تبليغ‬
‫المقرر‪ ،‬وبفواتها ي�صبح هذا الأخير نهائيا‪.‬‬

‫‪795‬‬ ‫(‪ )19‬حكم المحكمة الإدارية بوجدة عدد ‪ 22‬بتاريخ ‪ 1999/2/10‬في الملف رقم ‪ ،98/20‬وحكمها عدد‬
‫بتاريخ ‪ 1997/10/15‬في الملف رقم ‪.97/09‬‬

‫‪178‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أي تطور للق�ضاء اال�ستعجالي الإداري‬


‫في مجال المنازعات الجبائية ؟‬
‫الأ�ستاذ م�صطفى الرتاب‬
‫الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستئناف بالدارالبي�ضاء‬

‫المحور الأول ‪ :‬مقدمة عامة‬

‫هناك مفارقة عجيبة هي �أن الق�ضاء عموما وفي جميع دول المعمور‪ ،‬كان‬
‫قديما ق�ضاء واحدا يمتاز بالفعالية‪ ،‬والنجاعة‪ ،‬وال�سرعة‪ ،‬والعجلة في �إ�صدار‬
‫الأحكام وتنفيذها‪ ،‬وال�سهولة والمرونة في الإجراءات الم�سطرية‪ ،‬لكن هذه‬
‫ال�سمات بد�أت تت�ضاءل في اتجاه معاك�س للح�ضارة المعا�صرة و�أن وجه المفارقة‬
‫يتمثل في �أننا اليوم في ع�صر ال�سرعة التي �شملت ب�شكل مهول وخطير مختلف‬
‫ميادين الحياة‪� ،‬أ�صبح الق�ضاء يت�سم بالبطء وتنوع الإجراءات وتنوعها‪ ،‬فبقدر ما‬
‫تزداد الح�ضارة الإن�سانية تطورا‪ ،‬تتباط�أ خطى الق�ضاء الذي �أ�ضحى ال يقوى على‬
‫م�سايرة هذا التطور وهذه ال�سرعة بنف�س الوتيرة وعلى نف�س الإيقاع‪ ،‬وقد تمت‬
‫معالجة هذا الإ�شكال ب�أن قام رجال القانون بالبحث عن ال�سبل الكفيلة ال�ستنباط‬
‫الطرق الإجرائية الهادفة �إلى تحقيق االن�سجام بين �سير الق�ضاء و�سير المعامالت‪،‬‬
‫وفي هذا الإطار ظهرت الحاجة �إلى خلق ق�ضاء من نوع �آخر �إ�سمه «الق�ضاء‬
‫الم�ستعجل» وهي �آلية فر�ضتها الظروف االقت�صادية واالجتماعية لحماية الحقوق‬
‫من يد العابثين بها الذين ي�ستغلون بطء الق�ضاء لتحقيق �أغرا�ضهم غير الم�شروعة‪،‬‬
‫وتتجلى هذه الحماية من خالل �صد كل محاولة يائ�سة لعرقلة حق �أو �إهداره عن‬
‫طريق الأمر بكيفية فاعلة وناجعة باتخاذ الإجراء الوقتي والتحفظي المنا�سب ريثما‬
‫يتم البت في جوهر النزاع المتعلق به‪ ،‬وذلك من خالل �إ�سناد هذه المهمة �إلى‬

‫‪179‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫رئي�س الم�ؤ�س�سة الق�ضائية بحكم تجربته وقدرته على تلم�س حالة اال�ستعجال دون‬
‫الم�سا�س بالجوهر‪.‬‬
‫وقد عرف هذا الق�ضاء الم�ستعجل لأول مرة في باري�س �سنة ‪ 1685‬و�أ�ضحى‬
‫ينمو ويتطور بوتيرة �سريعة خالل القرن ‪ 19‬بف�ضل االجتهادات الق�ضائية خ�صو�صا‬
‫تلك ال�صادرة عن رئي�س المحكمة االبتدائية بباري�س‪ ،‬ومن تم بد�أ هذا النوع من‬
‫الق�ضاء ينت�شر في ربوع العالم‪ ،‬ف�أخذت به جل الت�شريعات العربية ومنها المغرب‪،‬‬
‫و�أ�صبح الق�ضاء الم�ستعجل بفعل نجاعته وفعاليته ي�شمل كافة الميادين والمجاالت‬
‫التي تقت�ضي حماية الحقوق و�صيانتها‪ ،‬كما �أ�صبح لكل نوع من المنازعات ق�ضا�ؤه‬
‫الم�ستعجل الخا�ص به‪ ،‬والذي يهمنا في هذا البحث هو المنازعات الإدارية في‬
‫المجال الجبائي التي �أ�ضحى لها ق�ضا�ؤها اال�ستعجالي الخا�ص بها‪.‬‬
‫المحور الثاني ‪ :‬مجال تدخل قا�ضي الم�ستعجالت الإداري في‬
‫المنازعات الجبائية‬

‫يلعب قا�ضي الم�ستعجالت الإداري دورا حا�سما وفعاال في المنازعات الجبائية‬


‫ذلك �أنه ‪:‬‬
‫• يتفح�ص ظاهر الوثائق المدلى بها للوقوف على مدى جدية المنازعة‬
‫المو�ضوعية؛‬
‫• ي�ساعد قا�ضي المو�ضوع من خالل الإجراء الوقتي الم�أمور به على البحث‬
‫عن مواطن الخلل التي ت�شوب م�سطرة فر�ض ال�ضريبة �أو تح�صيلها؛‬
‫• مثال ‪� :‬إذا �أمر قا�ضي الم�ستعجالت الإداري بوقف الأمر بالتح�صيل فهذا‬
‫دليل على جدية المنازعة التي يتعين على قا�ضي المو�ضوع االهتداء �إلى‬
‫مكامنها؛‬
‫• ك�أن يتعلق الأمر بعدم احترام القاب�ض لمبد�أ تدرج �إجراءات التح�صيل‬
‫�إخالال ب�أحكام المادتين ‪ 36‬و‪ 41‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية؛‬

‫‪180‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫• يتدخل قا�ضي الم�ستعجالت الإداري لوقف كل �أنواع المتابعات من‬


‫حجز وبيع و�إ�شعار للغير الحائز و�إكراه بدني‪ ..‬متى تبينت له جدية النزاع‬
‫المعرو�ض �أمام محكمة المو�ضوع؛‬
‫• ي�أمر برفع الحجز �أو الإ�شعار للغير الحائز �إذا كانت مراكز الأطراف‬
‫وا�ضحة؛‬
‫• يت�أكد من مدى كفاية ال�ضمانة المقدمة من قبل الملزم في حالة رف�ضها من‬
‫طرف القاب�ض المالي حين مطالبته لهذا الأخير بت�أجيل الأداء‪.‬‬
‫المحور الثالث‪� :‬شروط انعقاد اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت الإداري‬
‫في المنازعات الإدارية‬

‫�إن �أهم منازعة جبائية يخت�ص بها قا�ضي الم�ستعجالت الإداري هو النظر في‬
‫طلب الإجراء الوقتي المتعلق ب�إيقاف الأمر بالتح�صيل‪.‬‬
‫فما هي ال�شروط التي ينعقد بها اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت الإداري حتى‬
‫يمكنه النظر في هذا الطلب ؟‬
‫هناك �شروط عامة و�شروط خا�صة ‪:‬‬
‫�أ‪ .‬ال�شروط العامة ‪:‬‬

‫وهي ال�شروط التي ينعقد بها عموما اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت الإداري‬
‫المن�صو�ص عليهما في الف�صلين‪ 149 :‬و‪ 152‬من ق‪.‬م‪.‬م المحال �إليهما بمقت�ضى‬
‫المادة ‪ 7‬من القانون رقم ‪ 90/41‬المحدثة بموجبه محاكم �إدارية‪ ،‬ويتعلق الأمر‬
‫بال�شرطين التاليين ‪:‬‬
‫‪ -‬اال�ستعجال‬
‫‪ -‬عدم الم�سا�س بالجوهر‬

‫‪181‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ال�شرط الأول ‪ :‬اال�ستعجال‬


‫ين�ص الف�صل ‪ 149‬من ق‪.‬م‪.‬م على اخت�صا�ص رئي�س المحكمة ب�صفته قا�ضيا‬
‫للم�ستعجالت بالبت في ال�صعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم �أو �سند قابل للتنفيذ‬
‫�أو �أي �إجراء �آخر‪ ..‬كلما توفر عن�صر اال�ستعجال في الإجراء الوقتي المطلوب‪،‬‬
‫لكن كيف يتحقق �شرط اال�ستعجال في الإجراء الوقتي المتعلق ب�إيقاف تنفيذ الأمر‬
‫بالتح�صيل؟‬
‫لقد اعتبرت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى في عدة قرارات متواترة لها‬
‫«ب�أن طلب ت�أجيل التنفيذ الجبري هو طلب ا�ستعجالي بطبيعته وال�شيء في القانون‬
‫ينفي �صفة اال�ستعجال عن الإجراءات الوقتية التي تتم بمنا�سبة تنفيذ ا�ستخال�ص‬
‫ال�ضرائب» (قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد ‪ 83‬بتاريخ ‪1999/10/28‬‬
‫في الملف الإداري عدد ‪)98/712‬‬
‫لكن �إذا كان طلب �إيقاف �أو ت�أجيل تنفيذ الأمر بالتح�صيل طلب ا�ستعجالي‬
‫بطبيعته‪ ،‬فما هو المبرر الذي يجعل عن�صر اال�ستعجال محققا في هذا الإجراء‬
‫الوقتي؟ �أو بمعنى �آخر ما هو وجه اال�ستعجال في الإجراء الوقتي المذكور؟‬
‫لقد بررت محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط وجه اال�ستعجال في طلب �إيقاف‬
‫الأمر بالتح�صيل في عدة قرارات لها (م�سايرة لها للغرفة الإدارية) منها القرار عدد‬
‫‪ 3‬بتاريخ ‪ 2006/11/13‬في الملفين ‪ 14‬و‪ 2/06/3‬جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫«�إن طلب ت�أجيل التنفيذ الجبري هو طلب ا�ستعجالي اعتبارا للخطر الذي‬
‫يهدد الذمة المالية للملزم وحريته من خالل ما تفر�ضه المتابعات من حجز‬
‫وبيع لمنقوالته و�إمكانية الزج به في ال�سجن في �إطار الإكراه البدني‪»..‬‬
‫ال�شرط الثاني ‪ :‬عدم الم�سا�س بجوهر الحق‬
‫ين�ص الف�صل ‪ 152‬من ق‪.‬م‪.‬م المحال �إليه بمقت�ضى المادة ‪ 7‬من القانون رقم‬
‫‪ 90/41‬المحـدث للمحاكم الإدارية على ما يلي ‪:‬‬

‫‪182‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫«ال تبت الأوامر اال�ستعجالية �إال في الإجراءات الوقتية وال تم�س بما يمكن �أن‬
‫يق�ضى به فـي الجوهر‪».‬‬
‫ففي �إطار المنازعات الجبائية خ�صو�صا الطلبات الوقتية المقدمة �أمام قا�ضي‬
‫الم�ستعجالت الإداري‪ ،‬ف�إن �شرط عدم م�سا�س الأمر اال�ستعجالي بالجوهر‪،‬‬
‫يقت�ضي من قا�ضي الم�ستعجالت الإداري �أن ال يغور في المو�ضوع‪ ،‬وال يح�سم‬
‫في الوثائق المثبتة للحق �أو النافية له‪ ،‬بل يتفح�ص ظاهرها فقط �إلى الحد الذي‬
‫يتلم�س من خالله جدية النزاع للبت في الطلب قبوال �أو رف�ضا‪.‬‬
‫وتطبيقا لهذه القاعدة ‪ :‬ف�إنه في مجال الإ�شعار للغير الحائز مثال‪ :‬ف�إن المطالبة‬
‫برفع هذا الحجز قد �صدرت عدة قرارات عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى‬
‫تعتبر قا�ضي الم�ستعجالت غير مخت�ص في هذا الطلب لم�سا�سه بما يمكن �أن يق�ضى‬
‫به في الجوهر‪.‬‬
‫فقد جاء في قرار عدد ‪ 409‬بتاريخ ‪ 2006/05/15‬في الملف ‪ 2003/2/4/1441‬ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫«يعتبر الحجز لدى الغير (الإ�شعار للغير الحائز) الذي �أوقعه القاب�ض �إجراء من‬
‫�إجراءات التح�صيل‪ ،‬و�أن القول بعدم تطابقه مع القانون ي�شكل منازعة مو�ضوعية‬
‫تم�س بجوهر الحق الذي يخرج عن نطاق اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت‪،‬‬
‫و�أن الأمر الم�ست�أنف حينما اعتبر الحجز المذكور مخالفا للمادة ‪ 653‬من مدونة‬
‫التجارة وق�ضى برفعه على هذا الأ�سا�س‪ ،‬يكون قد تجاوز حدود اخت�صا�ص‬
‫قا�ضي الم�ستعجالت نظرا لم�سا�سه بجوهر الحق‪»..‬‬
‫وجاء في قرار مماثل عدد ‪ 532‬بتاريخ ‪ 2006/06/21‬في الملف رقم ‪2003/2/4/258‬‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫«�إن مناط انعقاد اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت هو توفر عن�صر اال�ستعجال في‬
‫النازلة وعد الم�سا�س بما يمكن �أن يق�ضى به في الجوهر‪..‬‬

‫‪183‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�إن طلب رفع الإ�شعار للغير الحائز هو طلب ي�شكل منازعة مو�ضوعية تقت�ضي‬
‫النظر في مدى م�شروعية �إجراء التح�صيل المتخذ من قبل القاب�ض وهو بذلك‬
‫يخرج عن نطاق اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت لم�سا�سه بجوهر الحق‪»..‬‬
‫وهذا االتجاه يخالف تماما ما كانت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى ت�سير عليه‪،‬‬
‫�إذ كانت تعتبر ب�أن «قا�ضي الأمور الم�ستعجلة يخت�ص بالنظر في طلب رفع حجز ما‬
‫للمدين لدى الغير (الإ�شعار للغير الحائز) باعتباره طلبا يكت�سي طابع اال�ستعجال‬
‫وال يتعلق بالمنازعة في المو�ضوع‪(»..‬قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد‬
‫‪ 156‬بتاريخ ‪ 2003/03/13‬في الملف الإداري رقم ‪.)2002/2/4/2180‬‬
‫لكن في نظرنا �أن المجل�س الأعلى قد �أح�سن �صنعا حينما تراجع عن هذا‬
‫االتجاه‪ ،‬على اعتبار �أن قا�ضي الم�ستعجالت الإداري ال ينعقد اخت�صا�صه للأمر‬
‫برفع الإ�شعار للغير الحائز �إال �إذا كانت مراكز الأطراف وا�ضحة‪..‬‬
‫وهذا اال�ستثناء قد �سايرته فعال محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط في عدة‬
‫قرارات لها منها القرار عدد ‪ 231‬بتاريخ ‪ 2007/04/30‬في الملف رقم ‪ 2/07/3‬جاء‬
‫فيه ما يلي‪:‬‬
‫«ال �شيء في القانون يمنع قا�ضي الم�ستعجالت الإداري من حماية المراكز‬
‫القانونية للأطراف �إذا كانت وا�ضحة وذلك بالتدخل لإرجاع الأمور �إلى ن�صابها‬
‫متى تحقق عن�صر اال�ستعجال وكان من �ش�أن هذا التدخل الحد من الخطر الذي‬
‫يهدد الحق المراد حمايته‪.‬‬
‫«مادام الإ�شعار للغير الحائز الذي يبا�شره القاب�ض قد ان�صب على ح�ساب بنكي‬
‫ال يخ�ص الملزم ب�صفة �شخ�صية‪ ،‬و�إنما ان�صب على ودائع زبنائه ح�سب الظاهر‬
‫من ال�شهادة البنكية المدلى بها في الملف‪ ،‬ف�إن تدخل قا�ضي الم�ستعجالت‬
‫الإداري من �أجل الحد من مفعول الإجراء المذكور له ما يبرره لدرء الخطر‬
‫الذي يهدد الحق المراد حمايته المتمثل في ودائع الزبناء الذين ال عالقة لهم‬
‫بالدين ال�ضريبي الذي بو�شر هذا الإجراء ب�سببه‪»..‬‬

‫‪184‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫لكن ما هي حدود عدم م�سا�س قا�ضي الم�ستعجالت الإداري بجوهر الحق؟‬

‫لقد �أو�ضحت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى حدود هذا ال�شرط في عدة‬
‫قرارات لها جاء في �أحدها ما يلي‪:‬‬
‫«�إن قا�ضي الم�ستعجالت لي�س ممنوعا من مناق�شة ظاهر ما هو معرو�ض ال‬
‫من �أجل �إثبات الحق �أو نفيه و�إنما للت�أكد من مدى جدية المنازعة التي تبرر‬
‫الإجراء المطلوب‪( »..‬قرار الغرفة الإدارية المجل�س الأعلى عدد ‪ 107‬بتاريخ‬
‫‪ 2000/10/26‬في الملف الإداري رقم ‪.)2000/1/4/407‬‬
‫وقد �سايرت محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط هذا المنحى من خالل تبيانها‬
‫لحدود قا�ضي الم�ستعجالت بخ�صو�ص �شرط عدم الم�سا�س بجوهر الحق‪.‬‬
‫فقد جاء في قرار لها عدد ‪ 24‬بتاريخ ‪ 2006/12/25‬في الملف رقم ‪ 2/06/22‬ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫«�إن طلب �إيقاف �إجراءات التح�صيل الجبري هو طلب ا�ستعجالي بطبيعته‬
‫يهدف �إلى وقف المتابعات التي تهدد المركز المالي للطالب المدين في انتظار‬
‫البت في دعوى المو�ضوع المتعلقة بالطعن �إما في الوعاء ال�ضريبي �أو في‬
‫�إجراءات التح�صيل مما يجعله �إجراء وقتيا ال م�سا�س له بالجوهر ولو بني على‬
‫�أ�سباب مو�ضوعية تبرر تقديمه لأن قا�ضي الم�ستعجالت في هذه الحالة ال يناق�ش‬
‫تلك الأ�سباب‪ ،‬و�إنما يتلم�س فقط ظاهر الم�ستندات المدلى بها للوقوف على‬
‫مدى جدية المنازعة ذات العالقة بالحق المراد حمايته‪»...‬‬
‫ب ‪ -‬ال�شروط الخا�صة ‪:‬‬

‫بالإ�ضافة �إلى �شرطي اال�ستعجال وعدم الم�سا�س بجوهر الحق اللذين ال بد‬
‫من توافرهما للأمر ب�إيقاف �إجراءات التح�صيل �أو �أي �إجراء وقتي �آخر يتعلق‬
‫بالمنازعات الجبائية اال�ستعجالية‪ ،‬البد من توافر �شروط �أخرى خا�صة وهي‪:‬‬

‫‪185‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫• تكوين �ضمانة تكون كافية لتغطية الدين ال�ضريبي‬


‫• تقديم مطالبة �أمام القاب�ض (المحا�سب المكلف بالتح�صيل)‬
‫وذلك طبقا للمادتين ‪ 117‬و‪ 118‬من القانون رقم ‪ 15-97‬المتعلق بمدونة تح�صيل‬
‫الديون العمومية‪.‬‬
‫لكن الق�ضاء الإداري فرق بالن�سبة لهذين ال�شرطين بين حالتين ‪:‬‬
‫الحالة الأولى ‪� :‬إيقاف الأداء المقدم �أمام القاب�ض �أو المحا�سب‪ ،‬فهنا يجب‬
‫تقديم مطالبة �إلى هذا الأخير‪ ،‬مع تكوين �ضمانة يعتبرها هذا القاب�ض كافية لتغطية‬
‫الدين ال�ضريبي وذلك تحت طائلة ا�ستمراره في عملية التح�صيل‪.‬‬
‫الحالة الثانية ‪ :‬تتعلق بم�سطرة �إيقاف تنفيذ الأمر بالتح�صيل التي تقدم �أمام‬
‫الق�ضاء اال�ستعجالي الإداري‪ ،‬فقد جاء في قرار للغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى‬
‫عدد ‪ 272‬بتاريخ ‪ 2003/04/24‬في الملف الإداري عدد ‪ 2001/4/4/70‬ما يلي‪:‬‬
‫«حيث �إنه بالرجوع �إلى ن�ص المادة ‪ 117‬من مدونة التح�صيل يتبين �أن الطلب‬
‫الذي ي�ستلزم تقديم الكفالة هو طلب وقف الأداء المتعلق بجزء من ال�ضريبة‬
‫المنازع فيه وتقدم �أ�سا�سا �إلى المحا�سب المكلف بالتح�صيل كما ي�ستخل�ص من‬
‫الن�ص المذكور‪ ،‬في حين �أن الطلب المعرو�ض يتعلق ب�إيقاف �إجراءات التنفيذ‬
‫ب�ش�أن �ضريبة منازع فيها كليا بناء على �أن طالب �إيقاف التنفيذ ينازع في �صفته‬
‫كملزم وال يتعلق الطلب بمجرد �إيقاف الأداء‪ ،‬وال محل في هاته الحالة للتم�سك‬
‫ب�أن طلب �إيقاف التنفيذ يخ�ضع لمقت�ضيات المادة ‪ 117‬المحتج به‪»..‬‬
‫وفي قرار �آخر �صدر عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى ت�أكيدا لنف�س االتجاه‬
‫جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫«حيث �إن مقت�ضيات المادة ‪ 117‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية تتعلق‬
‫بطلبات ت�أجيل الأداء الموجهة للمحا�سب المكلف بالتح�صيل‪� ،‬أما طلبات‬
‫�إيقاف التنفيذ الموجهة لقا�ضي الم�ستعجالت‪ ،‬ف�إنها تخ�ضع للقواعد العامة‬

‫‪186‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫لال�ستعجال وخا�صة مقت�ضيات الف�صل ‪ 149‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي يجيز الأمر‬


‫ب�إيقاف التنفيذ كلما توفر الطلب على عن�صر الجدية واال�ستعجال‪( »..‬قرار‬
‫الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد ‪ 257‬بتاريخ ‪ 2002/04/11‬في الملف رقم‬
‫‪)2001/1/4/1511‬‬
‫وقد عرف المجل�س الأعلى «الجدية» في قرار له جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫«حيث �إن االجتهاد الق�ضائي الذي كر�سته الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى قد‬
‫ا�ستقر على �أن جدية المنازعة تتجلى �إما في منازعة الملزم في و�ضعيته كخا�ضع‬
‫لل�ضريبة �أو في قانونية ت�أ�سي�س وفر�ض ال�ضريبة‪ ،‬و�أنه بالرجوع �إلى ظاهر �أوراق‬
‫الملف يتبين �أن الم�ست�أنفة ت�ستكثر تقديرات الإدارة الجبائية المطالب بها‪ ،‬وال‬
‫تنازع ب�صورة جدية في �صفتها كملزمة بال�ضريبة �أو في م�سطرة فر�ضها‪»..‬‬
‫(قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى ‪ 10‬بتاريخ ‪ 2002/01/03‬في الملف رقم‬
‫‪)2001/1/4/1528‬‬
‫في نف�س هذا االتجاه �سارت محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط في عدة قرارات‬
‫لها‪ ،‬منها القرار عدد ‪ 45‬بتاريخ ‪ 2007/02/05‬في الملف رقم ‪ 2/06/91‬جاء فيه‪:‬‬
‫«ال يعفى من تكوين ال�ضمانة �إال من كان ينازع في مبد�أ فر�ض ال�ضريبة �أو في‬
‫�صفته كملزم �أو في م�شروعيتها ب�صورة جدية‪� ،‬أما �إذا كان الملزم ينازع فقط‬
‫في قيمة ال�ضريبة المفرو�ضة عليه فهو مخاطب بمقت�ضيات المادة ‪ 117‬من مدونة‬
‫تح�صيل الديون العمومية‪»..‬‬
‫لكن من �أين ي�ستمد قا�ضي الم�ستعجالت الإداري الجدية؟‬

‫ي�ستمد قا�ضي الم�ستعجالت الجدية من دعوى المو�ضوع المقدمة من قبل‬


‫الملزم التي يطعن من خاللها �إما في م�شروعية فر�ض ال�ضريبة �أو تح�صيلها‪،‬‬
‫وبالتالي ف�إن دعوى المو�ضوع تعتبر �شرطا �أ�ضافه الق�ضاء الإداري لي�ستمد منها‬
‫الجدية‪ ،‬هذا بخالف ما ورد في الف�صل ‪ 149‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي يعطي االخت�صا�ص‬

‫‪187‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫لقا�ضي الم�ستعجالت للبت في الأوامر الوقتية �سواء كان النزاع في الجوهر قد‬
‫�أحيل على المحكمة �أم ال‪..‬‬
‫وهكذا جاء في قرار لمحكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط من وجوب ا�شتراط‬
‫تقديم دعوى الطعن ال�ضريبي ما يلي‪:‬‬
‫«يتلم�س قا�ضي الم�ستعجالت الإداري وهو ينظر في طلب �إيقاف �إجراءات‬
‫التح�صيل المعرو�ضة �أمامه جدية المنازعة في �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة �أو في‬
‫تح�صيلها من خالل اطالعه على ظاهر الم�ستندات التي يعتمدها الطالب تدعيما‬
‫للطعن ال�ضريبي المقدم من قبله �أمام محكمة المو�ضوع‪ ،‬وبالتالي ف�إن طلب‬
‫�إيقاف �إجراءات التح�صيل المعرو�ض �أمام قا�ضي الم�ستعجالت الإداري‬
‫رهين بتقديم الطعن المذكور تحت طائلة عدم القبول‪( »..‬قرار عدد ‪56‬‬
‫بتاريخ ‪ 2007/02/19‬في الملف رقم ‪.)2/06/110‬‬
‫�إال �أن هذه القاعدة لي�ست مطلقة‪� ،‬إذ �أن قا�ضي الم�ستعجالت الإداري يمكنه‬
‫قبول طلب �إيقاف �إجراءات التح�صيل مع تحديد �أجل للطالب من �أجل تقديم‬
‫منازعته المو�ضوعية‪.‬‬
‫كما يمكن �أن ي�أمر قا�ضي الم�ستعجالت الإداري ب�إيقاف الأمر بالتح�صيل �إلى‬
‫حين انتهاء م�سطرة التظلم الإداري‪ ،‬لأن الدعوى المو�ضوعية ال تقدم مبدئيا �إال‬
‫بعد انتهاء الم�سطرة المذكورة في حالة ما �إذا كانت المنازعة تن�صب حول فر�ض‬
‫ال�ضريبة‪.‬‬
‫�أما �شرط التظلم الإداري �أو المطالبة فقد اعتبرته الغرفة الإدارية بالمجل�س‬
‫الأعلى �إلزاميا في حالة مطالبة الغير با�ستحقاق المنقوالت المحجوزة‪...‬‬
‫فقد جاء في قرار للمجل�س الأعلى ‪ -‬الغرفة الإدارية ‪ -‬ما يلي‪:‬‬
‫«�إن الغير الذي طلب ا�ستحقاق �أ�شياء محجوزة من �أجل تح�صيل دين عمومي‬
‫ومن ذلك ال�ضرائب ملزم تحت طائلة عدم قبول طلبه �أن يتظلم �إلى المحا�سب‬
‫المكلف بالتح�صيل‪( »...‬قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد ‪216‬‬

‫‪188‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫بتاريخ ‪ 2003/04/10‬في الملف الإداري رقم ‪.)2002/1/4/173‬‬


‫�أما في غير هذه الحالة فقد اعتبر المجل�س الأعلى م�سطرة التظلم الإداري‬
‫غير �إلزامية في الطلبات الوقتية اال�ستعجالية‪ ،‬فقد ورد في قرار للغرفة الإدارية‬
‫بالمجل�س الأعلى ما يلي‪:‬‬
‫«�سلوك م�سطرة التظلم الإداري قبل االلتجاء �إلى الق�ضاء الم�ستعجل لرفع‬
‫الحجز يعتبر غير الزم لتعار�ضه مع حالة اال�ستعجال التي يفر�ضها هذا الإجراء‬
‫والتي ال تتحمل بطبيعتها االنتظار وتقت�ضي عر�ض النزاع على الق�ضاء ب�أق�صى‬
‫�سرعة ممكنة‪ ،‬وبالتالي ف�إن احترام هذه الم�سطرة ت�سري على الدعاوى‬
‫المو�ضوعية دون اال�ستعجالية‪( »..‬قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد‬
‫‪ 156‬بتاريخ ‪ 13‬مار�س ‪ 2003‬في الملف رقم ‪.)2002/2/4/2180‬‬
‫المحور الرابع ‪ :‬مدى اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت الإداري في‬
‫�إيقاف م�سطرة الإكراه البدني في حق الملزم‬
‫لقد ثار نقا�ش حول ما �إذا كان االخت�صا�ص للبت في طلبات �إيقاف م�سطرة‬
‫الإكراه البدني خ�صو�صا بعد �إيداع الملزم بال�سجن تنفيذا للم�سطرة المذكورة‪،‬‬
‫تعود لرئي�س المحكمة الإدارية ب�صفته قا�ضيا للم�ستعجالت‪� ،‬أم �أن الأمر يتعلق‬
‫بم�س�ألة نزاعية حول التنفيذ وترجع بالتالي �إلى المحكمة المعنية بالتنفيذ‪.‬‬
‫لقد ح�سم المجل�س الأعلى في هذه الم�س�ألة بمقت�ضى قرار له جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫«�إن اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت م�ستمد من اخت�صا�ص محكمته و�أن‬
‫المحكمة الإدارية تخت�ص نوعيا بالبت في الدعاوى المتعلقة بتح�صيل الديون‬
‫الم�ستحقة للخزينة العامة وعلى ر�أ�سها ال�ضرائب ح�سب ن�ص المادة ‪ 8‬من‬
‫القانون رقم ‪ 90/41‬المحدث للمحاكم الإدارية‪ ،‬و�أن �إجراءات تطبيق الإكراه‬
‫البدني من �أجل الديون الم�ستحقة للخزينة العامة تختلف عن �إجراءات تطبيقه‬
‫من �أجل دعوى �صادرة عن الق�ضاء العادين مما يجعل قا�ضي الم�ستعجالت‬
‫الإداري على �صواب عندما �صرح باخت�صا�صه نوعيا بالبت في طلب �إيقاف‬

‫‪189‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�إجراءات تنفيذ �إكراه بدني تخت�ص بمراقبته المحكمة الإدارية‪( »..‬قرار الغرفة‬
‫الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد ‪ 141‬بتاريخ ‪ 2000/11/09‬في الملف الإداري‬
‫رقم ‪.)2000/1/4/835‬‬
‫المحور الخام�س ‪ :‬تنفيذ الإدارة الجبائية للأوامر اال�ستعجالية‬
‫ال�صادرة في مواجهتها‬

‫من المعلوم �أن الدولة المعا�صرة يحكمها مبد�أ �سامي و�أخالقي هو مبد�أ‬
‫الم�شروعية الذي يرادف مبد�أ �سيادة القانون‪ ،‬والدولة في مفهومها الحالي قد‬
‫ا�ستقر الفقهاء على تعريفها ب�أنها « �شخ�ص من �أ�شخا�ص القانون تلتزم به ونخ�ضع‬
‫له‪.‬‬
‫وبالتالي ف�إن ما ي�صدر عن الدولة من قرارات و�أعمال ال يكون �صحيحا‪ ،‬وال‬
‫نافذا‪ ،‬وال ملزما في مواجهة المحكومين �إال �إذا كان مغلفا بالقانون روحا وتطبيقا‪،‬‬
‫�أما تلك القرارات التي ت�صدر خارج هذا الإطار‪ ،‬فتكون قرارات غير م�شروعة‪،‬‬
‫يت�صدى لها الق�ضاء �إما ب�إلغائها �أو بوقف تنفيذها‪� ،‬أو بتعوي�ض ال�ضرر النا�شئ عنها‬
‫وذلك ح�سب االختيار الذي �أقدم عليه �صاحب الحق‪.‬‬
‫ومادام مبد�أ الم�شروعية ي�شكل ال�ضمانة الأ�سا�سية للمواطنين في مواجهة‬
‫ال�سلطات العامة‪ ،‬ويحميهم من �أي تع�سف �أو اعتداء من جانبها‪ ،‬ف�إن الق�ضاء‬
‫يظل هو العن�صر المكمل لهذا المبد�أ عن طريق مراقبة ت�صرفات هذه ال�سلطات‪،‬‬
‫ومراجعة الح�ساب معها في مدى التزامها بالقانون في كل ما ت�أمر به وتنهى عنه‬
‫حتى ينتهي بعد الإحاطة بالق�ضية من جميع جوانبها وا�ستجماع العنا�صر والنتائج‬
‫التي و�صل �إليها بحثه �إلى �إ�صدار حكم كا�شف للحقن ي�صبح بعد ا�ستنفاده لطرق‬
‫الطعن القانونية‪� ،‬أو لفوات مواعيد هذه الطعون لي�س فقط حكما نافذا‪ ،‬بل �أكثر‬
‫من هذا ي�صبح «قاعدة القانون الواجب االتباع» اعتبارا للطابع الر�سمي للأحكام‬
‫الذي يفر�ض على الجميع احترامها والخ�ضوع لها‪ ،‬والدولة هي التي ت�ضفي على‬
‫عمل المحاكم طابع الهيبة‪ ،‬والقد�سية‪ ،‬وقوة الإلزام بما �أوتيت من قوة «احتكارية»‬

‫‪190‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫التي ت�ستطيع بوا�سطتها �إخ�ضاع الأفراد للأحكام والقرارات الق�ضائية مجبرة �إياهم‬
‫على تنفيذها بكافة الطرق والو�سائل التي ت�صل �إلى حد الزج بالممتنع عن التنفيذ‬
‫في ال�سجن (الإكراه البدني)‪.‬‬
‫والدولة هي الم�س�ؤولة على فر�ض هيبة الق�ضاء لي�س في عالقة الأفراد بع�ضهم‬
‫مع بع�ض‪ ،‬بل حتى في عالقتها معهم‪ ،‬ف�إذا كانت دولة الحق والقانون تعني خ�ضوع‬
‫الدولة لمبد�أ الم�شروعية ولل�سيادة القانون في العالقة التي تربطها بالمواطنين‪ ،‬ف�إن‬
‫هذا يقت�ضي منها �أن تلتزم هي قبل غيرها باحترام قوة ال�شيء المق�ضي به عن طريق‬
‫�سن قواعد من �ش�أنها �إجبار الإدارة على تنفيذ الأحكام والقرارات ال�صادرة في‬
‫مواجهتها‪.‬‬
‫ولئن �شكل �إحداث المحاكم الإدارية حدث بارزا وطفرة �إيجابية في تاريخ‬
‫الق�ضاء المغربي جديرة باالفتخار واالعتزاز‪ ،‬ولئن ا�ستطاعت هذه المحاكم لحد‬
‫الآن �إبراز الدور الإيجابي المنتظر منها وذلك عن طريق تر�سيخها لعدة مبادئ‪،‬‬
‫وابتكارها لعدة قواعد قائمة على العدل والإن�صاف‪ ،‬ف�إنه يجب �أن ال تبقى هذه‬
‫الأحكام مثار نقا�شات ودرا�سات في الجامعات وتعاليق في المجالت فقط‪ ،‬بل البد‬
‫�أن ي�ستفيد منها بالدرجة الأولى �أ�صحابها الذين �صدرت تلك الأحكام لفائدتهم‪،‬‬
‫ولن يت�أتى ذلك �إال �إذا تدخل الم�شرع المغربي من �أجل �إعطاء القوة والمناعة لهذه‬
‫الأحكام عن طريق �سن قواعد خا�صة بالتنفيذ الجبري في مواجهة الإدارة‪ ،‬فحينئذ‬
‫يمكن للمواطنين االطمئنان على حقوقهم التي �أن�ش�أتها لهم الأحكام الإدارية‪.‬‬
‫ونظرا لأهمية الأمر الق�ضائي اال�ستعجالي القا�ضي ب�إيقاف الأمر بالتح�صيل‪ ،‬ف�إن‬
‫تنفيذه يقت�ضي من القاب�ض (المحا�سب المكلف بالتح�صيل) وقف كل متابعة في‬
‫�أي مرحلة و�صلت �إليها‪.‬‬
‫ف�إذا كان الأمر يتعلق ب�إنذار فال يمكن �أن ينتقل به �إلى الحجز؛ و�إذا كان الأمر‬
‫يتعلق بالحجز فال يمكن �أن ينتقل به �إلى البيع؛ و�إذا و�صلت المتابعة �إلى حد‬
‫تطبيق م�سطرة الإكراه البدني‪ ،‬يجب توقيف هذه الم�سطرة‪ ،‬ويتعين توقيف �سريان‬
‫الذعائر وغرامات الت�أخير‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وقف تنفيذ تح�صيل الدين ال�ضريبي‬


‫على �ضوء المادة ‪ 242‬من المدونة العامة لل�ضرائب‬
‫ال�سيد حممد بنعزي‬
‫رئي�س م�صلحة التح�صيل المديرية العامة لل�ضرائب‬

‫تقديم ‪:‬‬
‫في الذكرى الخم�سينية لت�أ�سي�س المجل�س الأعلى‪ ،‬في مايو ‪ ،2007‬وفي الندوة‬
‫التي �أقيمت بالرباط حول المنازعات االنتخابية والجبائية‪ ،‬خل�ص ذ‪ .‬بليال في‬
‫المداخلة التي �ساهم بها �إلى �أن هناك نقا�ش جدي حول مدى اعتبار طلب وقف‬
‫تنفيذ �إجراءات ا�ستخال�ص الديون ال�ضريبية طلبا وقتيا �أو ا�ستعجاليا بطبيعته‪.‬‬
‫وبين كيف �أن �أداء ال�ضريبة في وقتها له عالقة بتنفيذ الميزانية العامة للدولة في‬
‫جانبيها المتعلق بالموارد وبالنفقات‪ ،‬وله عالقة �أي�ضا بالتزامات الحكومة الواردة‬
‫في القانون المالي‪ ،‬وبتنفيذ القانون المالي كما نوق�ش و�صودق عليه من طرف‬
‫البرلمان‪.‬‬
‫كما بين �أي�ضا كيف �أن الأمر بوقف تنفيذ ا�ستخال�ص بع�ض الديون ال�ضريبية‬
‫بدون �ضمانة قد تكون له انعكا�سات خطيرة على تح�صيل هذه الديون م�ستقبال‬
‫باعتبار �أن بع�ض المدينين بها ومبا�شرة بعد الح�صول على هذا الأمر يبا�شرون‬
‫م�سطرة �صعوبات المقاولة‪ ،‬التي تمكنهم من التوقف القانوني عن �أداء ديونهم‪،‬‬
‫كما �أن القاب�ض في بع�ض الحاالت يتواجد �أمام تقادم تح�صيل الدين ال�ضريبي‬
‫الذي تم الأمر ق�ضائيا ب�إيقافه‪.‬‬

‫‪192‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وخل�ص �أي�ضا بالتبعية لهذا �إلى �أنه لي�ست هناك مقت�ضيات قانونية �صريحة‬
‫وخا�صة في المغرب؛ تبيح الأمر بوقف تنفيذ ا�ستخال�ص ديون �ضريبية‪( .‬المداخلة‬
‫من�شورة في �إ�صدارات المجل�س الأعلى)‪.‬‬
‫اليوم �أقول �إلى �أنه وابتداء من فاتح يناير ‪ 2009‬ن�ص الم�شرع ب�صريح العبارة‬
‫ولأول مرة على م�سطرة ق�ضائية يمكن بموجبها �أن ي�أمر ب�إيقاف تنفيذ تح�صيل الدين‬
‫ال�ضريبي الم�ستحق على �إثر مراقبة �ضريبية �شريطة تكوين �ضمانة كافية لت�أمين هذا‬
‫الدين‪ ،‬وقد جاءت هذه القاعدة على �إثر التعديل الذي لحق بالمادة ‪ 242‬من‬
‫المدونة العامة لل�ضرائب‪.‬‬
‫الآن وبعد انتهاء ال�سنتين من دخول الم�سطرة الق�ضائية لإيقاف تنفيذ ا�ستخال�ص‬
‫الدين ال�ضريبي كما ن�صت عليها المادة ‪ 242‬حيز التنفيذ يبدو �أن بع�ض التطبيقات‬
‫الق�ضائية لمقت�ضيات هذا الن�ص فتحت نقا�شا حول مدى م�صادفتها �أو مجانبتها‬
‫لل�صواب‪ ،‬وقد همت بالخ�صو�ص؛‬
‫مجال تطبيق المادة ‪،242‬‬
‫وكذا طبيعة ال�ضمانة الكفيلة بت�أمين الدين ال�ضريبي؛‬
‫و�س�أتعر�ض في المحور الأول لبع�ض التطبيقات الق�ضائية للمادة ‪ 242‬فيما يتعلق‬
‫بمجال التطبيق‪.‬‬
‫بداية ال بد من المالحظة �إلى �أن م�صدر الم�سطرة الق�ضائية المتعلقة بوقف‬
‫التنفيذ كما تن�ص عليها المادة ‪ 242‬هو اجتهاد ق�ضائي متواتر والذي اعتبر �أن‬
‫المنازعة في التقديرات ال تكت�سي �صفة جدية المنازعة التي قد تخول الأمر بوقف‬
‫التنفيذ‪.‬‬
‫وقتها كانت المنازعة في مقررات اللجنة الوطنية خا�صة‪ ،‬والمنازعة في ال�ضرائب‬
‫التكميلية الناتجة عن مراقبة �ضريبية تعتبر منازعة في التقديرات لأن الملزم عادة ال‬
‫ينازع في �صفته كملزم بال�ضريبة‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫من هنا جاءت قناعة الم�شرع لتكري�س هذا االتجاه الق�ضائي في ن�ص جبائي‬
‫قائم الذات بالمادة ‪ 242‬من المدونة العامة ومد القاعدة الواردة في هذا االتجاه‬
‫لت�شمل جميع الديون ال�ضريبية الناتجة عن مراقبة �ضريبية‪.‬‬
‫الآن وبعد �إعمال مقت�ضيات هذه المادة حيز التنفيذ ظهرت بع�ض التوجهات‬
‫الق�ضائية التي تثير بع�ض النقا�ش‪.‬‬
‫في هذا الإطار �أريد �أن �أقف عند توجهين ق�ضائيين‪.‬‬
‫التوجه الأول ‪ :‬يعتبر �أن المقت�ضيات المتعلقة بوقف التنفيذ الواردة في المادة‬
‫‪ 242‬تخاطب المحا�سبين الإداريين المكلفين بالتح�صيل وال تخاطب الق�ضاء‪،‬‬
‫وطبعا عمل هذا االتجاه على عدم التقيد بهذه المقت�ضيات‪ ،‬وبدال منها ا�ستعمل‬
‫�سلطته التقديرية والنظر فيما �إذا كان الأمر متوقف على تقديم �ضمانة �أم ال‪.‬‬
‫نحن نعتقد �أن هذا االتجاه قد يكون مجانبا لل�صواب لمجموعة من الأ�سباب‪:‬‬
‫�أوال ‪� :‬أن المادة ‪ 242‬المت�ضمنة للمقت�ضيات المتعلقة بوقف التنفيذ وردت في‬
‫الباب الثاني من المدونة العامة لل�ضرائب والمتعلق بالم�سطرة الق�ضائية‬
‫في المنازعة الجبائية‪ ،‬وهذه المادة و�ضعت تحت عنوان «الم�سطرة‬
‫الق�ضائية على �إثر مراقبة ال�ضريبة»؛ وبالتالي فهي تت�ضمن مجموعة من‬
‫الإجراءات الخا�صة بالمرحلة الق�ضائية في هذه المنازعة‪.‬‬
‫ثانيا ‪� :‬إن المتفق عليه وفقا وق�ضاء �أن هناك م�سطرتين لت�أجيل الوفاء بالدين‬
‫ال�ضريبي‪.‬‬
‫• م�سطرة �إدارية �سميت بوقف الأداء‪.‬‬
‫• وم�سطرة ق�ضائية ت�سمى بوقف التنفيذ‪.‬‬
‫والم�شرع نف�سه ميز بين الم�سطرتين حينما ن�ص على الأولى في المادة ‪ 117‬من‬
‫مدونة تح�صيل الديون العمومية‪ ،‬ون�ص على الثانية في المادة ‪ 242‬من المدونة العامة‬

‫‪194‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫لل�ضرائب‪( .‬يظهر هذا جليا حتى على م�ستوى ال�صياغة والكلمات الم�ستعملة في‬
‫المادتين وقف �أداء في المادة ‪ 117‬ووقف التنفيذ في المادة ‪.)242‬‬
‫التوجه الثاني ‪ :‬يعتبر �أن ال�ضريبة المخاطبة ب�أحكام المادة ‪ 242‬هي ال�ضريبة‬
‫المبنية على مراقبة قانونية غير منازع في �إجراءاتها والمحت�سبة على تقديرات‬
‫اللجن ال�ضريبية‪ ،‬من نتائج هذا التوجه �أن هناك مجموعة من الأوامر الق�ضائية‬
‫ب�إيقاف التنفيذ تخرج عن الأحكام الواردة في هذه المادة‪.‬‬
‫نحن نعتقد �أن هذا التوجه قد يكون مجانبا لما �أراده الم�شرع في و�ضعه‬
‫للمقت�ضيات المتعلقة بوقف التنفيذ بالنظر لما يلي‪:‬‬
‫ف�أوال ‪ :‬الم�شرع و�ضع مقت�ضيات عامة ال تحتمل التمييز‪� ،‬إذ هو لم يميز بين‬
‫الدين ال�ضريبي المبني على مراقبة منازع في �إجراءاتها‪ ،‬وبين الدين‬
‫ال�ضريبي المبني على مراقبة غير منازع في �إجراءاتها‪ ،‬وبالتالي فحين ال‬
‫يميز الم�شرع ال يجب التمييز‪.‬‬
‫وثانيا ‪ :‬الم�شرع �أي�ضا ن�ص على لفظ المراقبة على �إطالقه �أي ب�صيغة العموم‪،‬‬
‫بحيث لم يميز بين المراقبة التي تف�ضي �إلى م�سطرة اللجن‪ ،‬والمراقبة‬
‫التي قد ال تف�ضي �إلى عر�ض الملف على اللجن‪� ،‬أي التي قد ت�ؤول �إلى‬
‫الفر�ض التلقائي لل�ضريبة‪.‬‬
‫وثالثا ‪� :‬صحيح �أن الم�شرع خ�ص الدين ال�ضريبي الناجم عن مراقبة �ضريبية‬
‫بالمقت�ضيات المتعلقة بوقف التنفيذ‪ ،‬اقتناعا منه ب�أن هذا الدين هو نتيجة‬
‫م�سطرة تواجهية بين الطرفين ا�ستنفذت فيها مجموعة من ال�ضمانات‪،‬‬
‫واقتناعا منه �أي�ضا ب�أن جدية المنازعة فيه لن تت�ضح �إال في �إطار دعوى‬
‫المو�ضوع ووفق م�سطرة تواجهية �أي�ضا‪ ،‬وهو ما يخرج عن اخت�صا�ص‬
‫قا�ضي الم�ستعجالت‪ ،‬لذلك ربط وقف التنفيذ ب�شرط تقديم �ضمانة‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫المحور الثاني ‪ :‬يتعلق ببع�ض المالحظات حول التطبيقات الق�ضائية‬


‫لل�ضمانة الموجبة لوقف التنفيذ‬

‫تطرح الأوامر الق�ضائية التي تق�ضي بوقف تنفيذ �إجراءات ا�ستخال�ص الدين‬
‫ال�ضريبي بناء على �ضمانة مجموعة من المالحظات الأ�سا�سية‪ ،‬ح�سب نوع ال�ضمانة‬
‫المقدمة؛‬
‫�أوال ‪ -‬بخ�صو�ص الكفالة البنكية‬

‫لوحظ �أن بع�ض الكفاالت البنكية التي تق�ضي بع�ض الأوامر الق�ضائية بوقف‬
‫التنفيذ بناء عليها‪ ،‬كفاالت غير مقبولة على الأقل ل�سببين رئي�سيين‪:‬‬
‫ال�سبب الأول ‪� :‬أغلبية الكفاالت البنكية المقدمة يكون مبلغها م�ساويا لمبلغ‬
‫الدين ال�ضريبي غير �أن هذه الكفاالت �إذا كانت كافية لتغطية الدين ال�ضريبي وقت‬
‫تقديم الطلب‪� ،‬أو حين �صدور الأمر بوقف التنفيذ‪ ،‬ف�إنها قد ال تكون كذلك طيلة‬
‫المدة التي �سيتم فيها وقف التنفيذ‪ ،‬باعتبار �أن مبلغ الدين ال�ضريبي يتزايد بفعل‬
‫فوائد الت�أخير التي تترتب عليه‪.‬‬
‫ال�سبب الثاني ‪� :‬أن جل الكفاالت البنكية ال تتعدى �سنة‪ ،‬وهناك كفاالت �أخرى‬
‫ال تتعدى �شهر �إلى ثالثة �أ�شهر‪ ،‬وقد لوحظ �أن بع�ض الأوامر الق�ضائية قد ال تنتبه‬
‫�أوال ت�أخذ بعين االعتبار هذه الم�س�ألة‪� ،‬إذ �أن هذه الأوامر تق�ضي بوقف التنفيذ �إلى‬
‫غاية �صدور الحكم النهائي في دعوى المو�ضوع الذي يتطلب �صدوره مدة �أكثر‬
‫بكثير من مدة الكفالة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬الحجز التحفظي ك�ضمانة‬

‫بع�ض الأوامر تق�ضي بتحويل الحجز التحفظي الذي يقوم به القاب�ض في �إطار‬
‫الإجراءات التحفظية التي يبا�شرها في �إطار ما تن�ص عليه المادة ‪ 29‬من مدونة تح�صيل‬
‫الديون العمومية‪� ،‬إلى �ضمانة وت�أمر بناء عليه ب�إيقاف �إجراءات اال�ستخال�ص‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫لكننا نعتقد �أن هذا الحجز التحفظي لي�س من �ش�أنه �أن يكون �ضمانة حقيقية‬
‫ونافذة ما لم يتم ا�ستبداله برهن على �أ�صل تجاري �أو برهن ر�سمي على عقار‬
‫وذلك وفق ما تن�ص عليه المادة ‪ 18‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية‪ .‬وال�سبب‬
‫كما هو معلوم يعود �إلى �أن القاب�ض في �إطار الحجز التحفظي يدخل في �إطار‬
‫كتلة الدائنين ال�شيء الذي يجعله يفقد حق الأ�سبقية �أو الأولوية في التنفيذ على‬
‫ال�ضمانة �إذا اقت�ضت ال�ضرورة ذلك‪ .‬ما دام �أنه يت�ساوى مع ه�ؤالء الدائنين العاديين‬
‫ويتقا�سم الدين معهم بالمحا�صة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ -‬بخ�صو�ص تقديم �أ�صل تجاري ك�ضمانة لوقف تنفيذ �إجراءات‬
‫اال�ستخال�ص‬

‫نحن كنا نعتر�ض على بع�ض الأ�صول التجارية التي تقدم �ضمانة لمجموعة من‬
‫الأ�سباب الأ�سا�سية‪:‬‬
‫�أوال ‪ :‬لأنها لم تكن م�سجلة �أو مدرجة �ضمن الأ�صول الثابتة للمقاولة‪ ،‬وبالتالي‬
‫فهي �أ�صول غير نظامية خا�صة من الناحية المحا�سبية‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬غالبا ما يجري تقويم الأ�صل التجاري من طرف المدين بوا�سطة خبرة‬
‫جزافية تحدد قيمته هكذا بدون اال�ستناد �إلى �أية معايير‪ ،‬وقد كنا نرف�ض هذا الأمر‬
‫لمجموعة من الأ�سباب ‪:‬‬
‫• لأن هذه الخبرة غير تواجهية �إذ لم تكن الجهة المعنية بتح�صيل الدين‬
‫مو�ضوع المطالبة بوقف التنفيذ حا�ضرة فيها‪� ،‬إ�ضافة �إلى �أن �أغلبية الخبرات‬
‫لم ت�أمر بها المحكمة والمدين هو من طلبها مبا�شرة من الخبير وهو من �أدى‬
‫�أتعابها‪ ،‬وقد جاءت بناء على رغبته و�إرادته بحيث لو كانت �ضده لما �أدلى‬
‫وتم�سك بها‪،‬‬
‫• لأن بع�ض هذه الأ�صول التجارية قد تكون مثقلة بديون �سابقة وبالتالي‬
‫فهي غير كافية لتغطية هذه الديون وبالأحرى الدين ال�ضريبي‪� .‬إ�ضافة �إلى �أن‬
‫المحا�سب يفقد حق الأ�سبقية فيها بفعل تواجده �إلى جانب دائنين �آخرين‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫• لأن تقييم الأ�صل التجاري يجب �أن ي�ستند �إلى القيمة المحددة له في‬
‫البيان الختامي للمقاولة بعد تحيينها‪.‬‬
‫وفي حالة عدم وجود تحديد لهذه القيمة‪ ،‬هناك مجموعة من المعطيات التي‬
‫لها عالقة بالعنا�صر الأ�سا�سية المكونة للأ�صل التجاري وخا�صة بعن�صر الزبائن‬
‫الذي يجب �أن ت�أخذ بعين االعتبار؛ وهذه المعطيات تتعلق �أ�سا�سا برقم المعامالت‬
‫الم�صرح به‪� ،‬إذ كلما كان هذا الرقم مهما كلما كانت قيمة الأ�صل التجاري مرتفعة‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الأ�صل التجاري وغيره من ال�ضمانات يجب �أن يعر�ض بداية على‬
‫المحا�سب المكلف بالتح�صيل فهو من يحوزه وطبعا حيازته القانونية تتمثل في‬
‫ت�سجيله ك�ضمانة في ال�سجل التجاري‪ ،‬لأن بدون هذا التقييد ت�صبح ال�ضمانة بدون‬
‫�أية قيمة‪ .‬وهذا ما �سار عليه الق�ضاء نف�سه الذي اعتبر �أن الأمر ب�إيقاف التنفيذ ي�صبح‬
‫بدون �أثر ويحق معه للمحا�سب موا�صلة �إجراءات اال�ستخال�ص �إذا تبين �أن المدين‬
‫لم يقم بتقييد الأ�صل التجاري ك�ضمانة في ال�سجل التجاري‪.‬‬
‫من هنا يبدو �أن مهمة تقدير ال�ضمانة لي�ست بالمهمة ال�سهلة‪ ،‬وال يمكن �أن تكون‬
‫رهينة �إرادة الملزم المدين و�إنما هي مهمة مو�ضوعية تدخل فيها عدد من العنا�صر‬
‫القانونية والتقنية‪.‬‬
‫ختاما ‪� :‬أعتقد ب�أنه يتعين التعامل مع الم�سطرة الق�ضائية لإيقاف تنفيذ ا�ستخال�ص‬
‫ال�ضريبة الواردة في المادة ‪ 242‬من المدونة العامة‪ ،‬على �أ�سا�س �أنها م�سطرة‬
‫ا�ستثنائية على غرار م�سطرة وقف الأداء الواردة في المادة ‪ 117‬من مدونة تح�صيل‬
‫الديون العمومية‪ ،‬وباعتبار هذه الم�سطرة الق�ضائية م�سطرة ا�ستثنائية ف�إن اال�ستثناء‬
‫ال يقا�س عليه وال يتو�سع في تف�سيره‪.‬‬
‫فالقاعدة الإلزامية هي �أداء الديون ال�ضريبية في �أجلها القانوني‪ ،‬لأن التخلف‬
‫عن الأداء داخل هذا الأجل �ستكون له نتائج وخيمة على تنفيذ النفقات العمومية‬
‫ولأن الدولة في حاجة لمواردها ال�ضريبية باعتبار �أنها ملزم ببرامج التنمية‬
‫االقت�صادية واالجتماعية التي ت�ضعها‪ ،‬وملزمة �أي�ضا تجاه دائنينها المتعددين‪ .‬في‬

‫‪198‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫المقابل تبقى ذمة الدولة ذمة مليئة يمكن دائما الرجوع عليها في حالة ما �إذا ثبت‬
‫�أن الدين ال�ضريبي دين غير م�شروع‪.‬‬
‫في المقابل الإدارة ال�ضريبية مدعوة لأن تح�صن العمليات ال�ضريبية التي تقوم‬
‫بها �سواء على م�ستوى الوعاء �أو على م�ستوى التح�صيل؛ تح�صنها من �أي عيب‬
‫في ال�شكل �أو �شطط في الم�ضمون‪ ،‬وتح�صنها من �أي �إفراط في التقدير �أو تفريط‬
‫في �ضمانات الملزم �أو المدين‪.‬‬
‫كانت تلك مجموعة من الإ�شكاليات التي تعتر�ض تطبيق المادة ‪ 242‬من المدونة‬
‫العامة لل�ضرائب‪� ،‬أتمنى �أن �أكون قد �ساهمت بر�أيي المتوا�ضع فاتحا باب المناق�شة‬
‫حولها م�ؤكدا مرة �أخرى �أن طلبات تنفيذ الدين العمومي يجب �أن ال تحكمها قواعد‬
‫اال�ستعجال المن�صو�ص عليها بالف�صل ‪ 149‬من قانون الم�سطرة المدنية و�إنما يجب‬
‫التعامل مع الم�سطرة الق�ضائية و�إنما يجب التعامل مع الم�سطرة الق�ضائية لإيقاف‬
‫تنفيذ ا�ستخال�ص ال�ضريبة وفق ما تقت�ضيه المادة ‪ 242‬من المدونة العامة لل�ضرائب‬
‫على �أ�سا�س �أنها م�سطرة ا�ستثنائية‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫نماذج من الإ�شكاليات التي يثيرها تطبيق القانون‬


‫المتعلق بتح�صيل الدين العمومي‬
‫�أمام الق�ضاء اال�ستعجالي‬
‫الأ�ستاذ حممد الق�صري‬
‫الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫المالحظ من ا�ستقرار العمل الق�ضائي حول المنازعات المتعلقة ب�إجراءات‬


‫التح�صيل الجبري للدين العمومي �سواء �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي �أو ق�ضاء‬
‫المو�ضوع يتبين �أن متابعة الخزينة للمدين بالدين العمومي تطرح �إ�شكاالت‬
‫عديدة خ�صو�صا فيما يتعلق بالحجز على الأ�صل التجاري والحجز على العقار‬
‫وما يطرحه ذلك من تنازع في االخت�صا�ص بين المحاكم العادية والإدارية‪ ،‬كما �أن‬
‫تطبيق م�سطرة الإكراه البدني يطرح �إ�شكاالت عديدة وتنازع في االخت�صا�ص بين‬
‫المحاكم عالوة على م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز من حيث طبيعتها وما �إذا كانت‬
‫مباغتية �أم تنطوي على �ضرورة احترام مبد�أ تدرج المتابعات باعتبارها حجزا‬
‫على �أموال المدين ومدى اخت�صا�ص القا�ضي اال�ستعجالي برفعه‪ ،‬كما �أن المتابعة‬
‫بالدين العمومي في �إطار �صعوبة المقاولة تطرح �إ�شكاالت عديدة من حيث طبيعة‬
‫الدين العمومي �أمام القا�ضي المنتدب وحدود االمتياز المقرر للدين العمومي‬
‫ومدى جواز امتداده للعقار �أم هو مح�صور في المنقول‪ ،‬وقد تناول الفقه والق�ضاء‬
‫الإ�شكاالت المذكورة وتباين العمل الإداري والق�ضائي حول ذلك وذلك راجع‬
‫�إلى الغمو�ض والإبهام والإجمال الذي تتبع به هاته الن�صو�ص التي تولدت عنه‬
‫خالفات في الر�أي والتف�سير والتطبيق‪ ،‬وعليه �سوف تتناول هاته الإ�شكاليات في‬

‫‪200‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫فقرات متتالية م�ستر�شدين بالعمل الق�ضائي للمحاكم الإدارية والتجارية واجتهاد‬


‫الغرفة الإدارية والتجارية في المو�ضوع‪.‬‬
‫الفقرة الأولى‪ :‬حجز الأ�صل التجاري في �إطار ا�ستخال�ص الدين‬
‫العمومي وما يطرحه من �إ�شكاالت‬
‫ين�ص الف�صل ‪ 68‬من مدونة التح�صيل على �أنه يتم تنفيذ حجز الأموال التجارية‬
‫وبيعها وفقا لل�شروط والأحكام المن�صو�ص عليها بمدونة التجارة وقد تم تعديل‬
‫هذا الف�صل بمقت�ضى قانون المالية ل�سنة ‪ 2005‬الذي ن�ص بما معناه �أنه يتم حجز‬
‫الأ�صول التجارية طبقا لأحكام الفقرة الثالثة من الف�صل ‪ 455‬من ق‪.‬م‪.‬م من لدن‬
‫م�أموري التبليغ والتنفيذ التابعين للخزينة بعد الترخي�ص الم�شار �إليه بالمادة ‪37‬‬
‫من نف�س القانون بناء على طلب من المحا�سب المكلف بالتح�صيل وينفذ بيع‬
‫الأ�صول التجارية وفق ال�شروط والأ�شكال المن�صو�ص عليها في القانون ‪15-95‬‬
‫المتعلق بمدونة التجارة وبمقت�ضى هذا التعديل الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من‬
‫‪� 2005/1/1‬أ�صبح القاب�ض المالي في غنى عن ا�ست�صدار �أمر ق�ضائي بحجز الأ�صل‬
‫التجاري حيث يجوز له �إيقاع الحجز مبا�شرة على الأ�صل التجاري �أ�سوة باالمتياز‬
‫المقرر له بالن�سبة للمنقوالت غير �أن طلب البيع ال يت�أتى �إال في �إطار مدونة التجارة‬
‫وخا�صة الف�صول ‪ 112 ،111‬و‪ 113‬منها‪ .‬و�إذا كان الأ�صل التجاري هو مجموعة من‬
‫عنا�صر مادية ومعنوية فكما يجوز للقاب�ض المالي �أن يوقع حجزا على منقوالت‬
‫الأ�صل التجاري لت�أمين ا�ستخال�ص الدين العمومي يجوز له كذلك �أن يوقع حجزا‬
‫على الأ�صل التجاري برمته تبعا لمقدار الدين العمومي المعني بالتنفيذ غير �أن‬
‫الإ�شكال قد يطرح في الحالة التي يقوم فيها العون المكلف بالتح�صيل على حجز‬
‫بع�ض المنقوالت الأ�صل التجاري ولما يعتبر المدين �صاحب الأ�صل التجاري‬
‫�إن بيع هاته المنقوالت بمعزل عن الأ�صل التجاري �سوف ي�ضر به وينق�ص من‬
‫قيمة الأ�صل التجاري ليبادر برفع دعوى �أمام المحكمة التجارية في �إطار القانون‬
‫‪ 53-95‬للمطالبة ببيع الأ�صل التجاري ككل ويتقدم بطلب �إيقاف �إجراءات بيع‬
‫المحجوز �أمام الق�ضاء الإداري فهل يكون رئي�س المحكمة االدارية مخت�ص بالبت‬
‫‪201‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫في طلب �إيقاف �إجراءات تنفيذ بيع منقوالت الأ�صل التجاري مع وجود دعوى‬
‫�أمام المحكمة التجارية تتعلق ببيع الأ�صل التجاري ككل �أم �أن المحكمة التجارية‬
‫هي المخت�صة بذلك في �إطار اخت�صا�صها بالنزاع برمته‪.‬‬
‫لقد طرحت على الق�ضاء اال�ستعجالي الإداري نازلة من نف�س ال�شاكلة تتعلق‬
‫ب�إيقاف �إجراءات وم�سطرة الحجز الم�ضروب على الأ�صل التجاري لعدم تبليغ‬
‫المعني بالأمر بالإنذار بدون �صائر والإنذار القانوني مناط الحجز بدعوى تقديم‬
‫دعوى �أمام المو�ضوع تتعلق ببطالن م�سطرة الحجز وتبين �أثناء النظر في طلب‬
‫�إيقاف �إجراءات الحجز �إن هنالك دعوى مرفوعة �أمام المحكمة التجارية تتعلق‬
‫بطلب بيع الأ�صل التجاري برمته مرفوعة من طرف القاب�ض المالي ال�ستخال�ص‬
‫الدين ال�ضريبي مو�ضوع الحجز في هاته الحالة ال يمكن �إنكار االخت�صا�ص على‬
‫المحكمة التجارية للبت في طلب بيع الأ�صل التجاري في �إطار تطبيقها للف�صل‬
‫‪ 68‬من القانون ‪ 15-97‬والف�صول ‪ 111‬و‪ 112‬و‪ 113‬من القانون ‪ 53-95‬كما ال يمكن‬
‫القول ب�أن بت المحكمة التجارية في طلب بيع الأ�صل التجاري يحجب االخت�صا�ص‬
‫عن الق�ضاء الإداري �سواء كمحكمة مو�ضوع �أو كق�ضاء ا�ستعجالي ما دام �أن‬
‫االجراءات التي كانت �سابقة لعملية حجز الأ�صل التجاري والتي تمت من طرف‬
‫القاب�ض المالي مما تخت�ص بتقييمها المحكمة االدارية المخت�صة مكانيا‪ ،‬ثم �إنه �إذا‬
‫كانت تلك الإجراءات ال�سابقة على الحجز م�شوبة بالبطالن لعدم تبليغ الإنذار‬
‫القانوني الذي ي�سبق الحجز فم�ؤدى ذلك �أن �إجراءات حجز الأ�صل التجاري‬
‫الجارية م�سطرة بيعه �أمام المحكمة التجارية �سوف تكون م�شوبة بالبطالن و�إذا‬
‫تبين لقا�ضي الم�ستعجالت من ظاهر �أوراق الملف جدية النزاع حول ذلك‬
‫�سوف يق�ضي ب�إيقاف �إجراءات بيع منقوالت الأ�صل التجاري وحتى �إذا ما ق�ضى‬
‫الق�ضاء اال�ستعجالي اعتبارا لوجود نزاع جدي حول بطالن م�سطرة حجز الأ�صل‬
‫التجاري ب�إيقاف �إجراءات بيع منقوالت الأ�صل التجاري فهل يكون قراره ملزما‬
‫للمحكمة التجارية التي تبا�شر م�سطرة بيع الأ�صل التجاري في �إطار اخت�صا�صها‬
‫النوعي بذلك‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫لقد ذهب �أمر رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س(‪ )1‬بعدما تبين له من ظاهر �أوراق‬
‫الملف عدم جدية ال�سبب المتعلق ببطالن م�سطرة الحجز على الأ�صل التجاري‬
‫لعدم التبليغ بالإنذار القانوني مناط الحجز �إلى القول بما يلي‪:‬‬
‫«علما ب�أن الأمر في هاته النازلة كما هو ظاهر من وقائعها يتعلق بدعوى بيع‬
‫الأ�صل التجاري برمته معرو�ض على الق�ضاء التجاري في �إطار مقت�ضيات الف�صل‬
‫‪ 68‬من القانون ‪ 15-97‬ومدونة التجارة وخ�صو�صا البنود ‪ 111‬و‪ 112‬و‪ 113‬من‬
‫القانون ‪ ،53-95‬وان تقديم دعوى ب�ش�أن بطالن م�سطرة الحجز للإخالل ب�إجراءات‬
‫تبليغ الإنذار القانوني المتطلب الحجز يقت�ضي تقديم المطالبة ب�إيقاف البت �أمام‬
‫الق�ضاء التجاري لغاية البت في دعوى بطالن م�سطرة الحجز الواقع على الأ�صل‬
‫التجاري و�إن مثل هذا الطلب يوازي المطالبة ب�إيقاف تنفيذ بيع منقوالت الأ�صل‬
‫التجاري لغاية البت في دعوى المو�ضوع مما يبقى معه الطلب غير مقبول»‪.‬‬
‫ولنفر�ض هنا �أن القا�ضي اال�ستعجالي الإداري بدا له من ظاهر م�ستندات ملف‬
‫المو�ضوع الذي يتعلق ببطالن م�سطرة الحجز الواقع على الأ�صل التجاري‪� ،‬إن‬
‫هاته الم�سطرة م�شوبة ب�إخالالت قانونية تتمثل في عدم التبليغ بالإنذار القانوني‬
‫وعدم توجيه الإ�شعار بدون �صائر قبله وبالتالي �سوف تكون م�شوبة بالبطالن �أمام‬
‫محكمة المو�ضوع ويتعين في �ضوء ذلك �إيقاف �إجراءات بيع منقوالت الأ�صل‬
‫التجاري لغاية البت في دعوى المو�ضوع فهل يرتب هذا الأمر �آثاره القانونية �أمام‬
‫المحكمة التجارية نعتقد �أن الآثار القانونية التي يمكن �أن تترتب على مثل هذا‬
‫الأمر هو �إيقاف البت في النازلة من طرف المحكمة التجارية لغاية البت النهائي‬
‫في نزاع المو�ضوع المتعلق ببطالن م�سطرة الحجز من طرف الق�ضاء الإداري‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬هل يجوز للقا�ضي التجاري في �إطار م�سطرة المطالبة ببيع الأ�صل التجاري‬
‫ال�ستيفاء الدين العمومي طبقا لمقت�ضيات الف�صل ‪ 68‬من مدونة التح�صيل ‪97/15‬‬
‫والف�صل ‪ 113‬من مدونة التجارة ‪� 95/15‬أن يناق�ش م�شروعية الإجراءات ال�سابقة‬
‫(‪� )1‬أمر رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س عدد ‪ 04/1125‬بالملف ‪� 32‬س‪ 04/‬م�ؤ�س�سة الودغيري �ضد الخزينة‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫على حجز الأ�صل التجاري‪ ،‬بخ�صو�ص الإ�شعار بدون �صائر والإنذار القانوني‪،‬‬
‫لقد عر�ضت على الق�ضاء التجاري اال�ستئنافي نازلة من هذا القبيل تم�سك فيها‬
‫الم�ست�أنف وهو يعيب على الحكم االبتدائي القا�ضي ببيع الأ�صل التجاري عدم‬
‫ارتكازه على �أ�سا�س �سليم لعدم احترام القاب�ض المكلف بالتح�صيل للإجراءات‬
‫الم�سطرية والمقت�ضيات القانونية المن�صو�ص عليها بمدونة التح�صيل باعتبار �أنه‬
‫ال يجوز له �أن يجري �أية متابعة �إال بعد �أن يوجه �إ�شعارا بدون �صائر‪ ،‬كما �أنه ال‬
‫يمكن له �أن يجري �أي حجز �إال بعد ترخي�ص م�سبق من طرف رئي�س الإدارة الذي‬
‫ينتمي �إليها‪ ،‬وذهبت محكمة اال�ستئناف التجارية(‪� )2‬إلى القول وهي ت�ؤيد الحكم‬
‫االبتدائي عدد ‪ 01/409‬القا�ضي ببيع الأ�صل التجاري بما يلي ‪« :‬لكن حيث �إن الدين‬
‫الذي على �أ�سا�سه تمت المطالبة بالبيع الإجمالي للأ�صل التجاري هو دين عمومي‬
‫و�أن المنازعة ب�ش�أنه وكذا الإجراءات المتعلقة بتح�صيله يتعين �أن تكون �أمام الجهة‬
‫المخت�صة وهي المحكمة الإدارية ولي�س �أمام المحكمة التجارية بمنا�سبة المطالبة‬
‫ببيع الأ�صل التجاري‪.‬‬
‫وحيث �إنه في غياب ما يفيد �أن الإجراءات التي �سلكها القاب�ض قد تم �إلغا�ؤها‬
‫�أو �إيقاف تنفيذها من طرف الجهة المخت�صة‪ ،‬ف�إن طلب البيع الإجمالي للأ�صل‬
‫التجاري من طرف القاب�ض طبقا لمقت�ضيات المادة ‪ 113‬من مدونة التجارة‬
‫يكون في محله ومن تم ف�إن اال�ستئناف يبقى غير مبرر وينبغي رده وت�أييد الحكم‬
‫الم�ست�أنف»‪.‬‬
‫وهو نف�س المنحى الذي �سلكته في عدة قرارات منها القرار الم�ؤيد للحكم‬
‫االبتدائي ‪ 98/530‬القا�ضي بالبيع الإجمالي للأ�صل التجاري والذي جاء فيه ما‬
‫يلي(‪:)3‬‬

‫(‪ )2‬قرار محكمة اال�ستئناف التجارية بالدارالبي�ضاء رقم ‪ 2005/466‬بتاريخ ‪ ،2005/02/14‬ق�ضية �شركة الت�أمين‬
‫بنعزوز �ضد قاب�ض تابريكت‪.‬‬
‫(‪ )3‬قرار محكمة اال�ستئناف التجارية بالدارالبي�ضاء رقم ‪ 02/3575‬بتاريخ ‪ ،2002/12/26‬ق�ضية �شركة برا�سري‬
‫ال�شاون �ضد قاب�ض البي�ضاء‪.‬‬

‫‪204‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫«وحيث �إنه بخ�صو�ص ما تم�سكت به الم�ست�أنفة من كون الدين المتنازع فيه‬


‫منازعة جدية فذلك مردود على اعتبار �أن الم�ست�أنفة لم تدل بما يفيد �أنها �سلكت‬
‫الم�ساطر المخولة لها قانونا للطعن �سواء في الوعاء ال�ضريبي �أو م�سطرة التح�صيل‬
‫�أمام المحكمة المخت�صة‪ ،‬مما يبقى معه الطعن غير مبرر ويتعين رده وت�أييد الحكم‬
‫المطعون فيه‪.‬‬
‫و�إذا كان البين من االتجاه الق�ضائي ال�سالف الذكر �أنه يرف�ض تقييم مدى‬
‫ا�ستيفاء الإجراءات المتطلبة بموجب مدونة تح�صيل الديون العمومية في حجز‬
‫الأ�صل التجاري من توجيه �إ�شعار بدون �صائر وتبليغ �سليم للإنذار القانوني على‬
‫اعتبار ان ذلك من اخت�صا�ص الق�ضاء الإداري ولي�س التجاري‪ ،‬ف�إنه في نوازل‬
‫مماثلة جنح �إلى ب�سط رقابته على �صحة الإجراءات المتطلبة قبل الحجز‪ ،‬فبعد‬
‫�أن نعى الم�ست�أنف على حكم محكمة الدرجة الأولى عدم ارتكازه على �أ�سا�س‬
‫باعتبار �أن القاب�ض لم يدل بما يفيد احترام ال�شروط الم�سبقة للتح�صيل الجبري‬
‫و�أن مديونيته غير محققة بعد ا�ستفادته من تخفي�ضات �ضريبية و�أدائه لمجموعة‬
‫من الديون ال�ضريبية‪ ،‬ذهب ق�ضاء محكمة اال�ستئناف التجارية(‪ )4‬وهو يتحقق من‬
‫ا�ستيفاء تلك الإجراءات �إلى القول بما يلي‪:‬‬
‫«حيث �إنه بخ�صو�ص الدفع بعدم احترام �شروط التح�صيل الجبري‪ ،‬ف�إنه‬
‫بالرجوع �إلى وثائق الملف وخا�صة قائمة االنذارات المدلى بها من طرف الم�ست�أنف‬
‫عليه‪ ،‬يتبين �أن هذا الأخير وجه للطاعن �إنذارا تو�صل به بتاريخ ‪ 00/09/21‬كما �أدلى‬
‫بمح�ضر حجز تنفيذي م�ؤرخ في ‪ 01/11/26‬يفيد �إجراء حجز تنفيذي على الأ�صل‬
‫التجاري للمدعى عليه‪ ،‬وكذا من �شهادة ال�سجل التجاري للأ�صل التجاري‪»...‬‬
‫وحيث �إن الم�ست�أنف عليه بتوجيهه للإنذار و�إجراءه للحجز يكون قد احترم‬
‫مقت�ضيات المادة ‪ 39‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية التي جاء فيها ‪ « :‬تبا�شر‬
‫�إجراءات التح�صيل الجبري للديون ح�سب الترتيب التالي ‪ :‬الإنذار‪ ،‬الحجز‪،‬‬
‫(‪ )4‬قرار محكمة اال�ستئناف التجارية رقم ‪ 04/163‬بتاريخ ‪ ،04/01/15‬ق�ضية ال�سعودي قا�سم �ضد قاب�ض درب‬
‫ال�سلطان‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫البيع‪ ،‬وكذا المادة ‪ 68‬من نف�س القانون التي تن�ص على �أنه ‪« :‬يتم حجز الأ�صول‬
‫التجارية وبيعها وفق ال�شروط والأ�شكال المن�صو�ص عليها في القانون ‪95/15‬‬
‫المتعلق بمدونة التجارة» وفي نف�س االتجاه‪ ،‬ذهب الق�ضاء التجاري اال�ستئنافي‬
‫�إلى القول وهو يق�ضي برف�ض المطالبة ببيع الأ�صل التجاري المقدمة من طرف‬
‫نائب قاب�ض وزان ويتحقق من �صحة الدين ال�ضريبي في �إجراءات تح�صيله» حيث‬
‫�إن الثابت من خالل الوثائق و�إقرار الطاعن قاب�ض وزان �أن الدين المطالب به في‬
‫مح�ضر الحجز طر�أت عليه مجموعة من التعديالت تتمثل في كون الم�ست�أنف عليه‬
‫ح�صل على رفع اليد من طرف قاب�ض وزان وعلى �إعفاء من �ضريبة التجارة عن‬
‫�سنوات ‪� 96‬إلى ‪ 99‬كما يتبين ذلك من الوثيقة ال�صادرة عن النائب الجهوي لإدارة‬
‫ال�ضرائب وكذا �إقرار الطاعن بكون الم�ست�أنف عليه �أدى �سلفات بمجموعة من‬
‫المبالغ خالل �سنة ‪ 2000‬وكذلك �إدالء الم�ست�أنف عليه ب�صور و�صل �أداء مجموعة‬
‫من المبالغ خالل �سنة ‪« 2001‬وحيث �إنه ثبت للمحكمة �أن المبلغ الوارد بمح�ضر‬
‫الحجز الم�ستند عليه طلب البيع وقعت عليه عدة تغييرات ثابتة بالوثائق و�إن‬
‫الطاعن لم يعدل طلبه حتى تتمكن المحكمة من تطبيق مقت�ضيات الفقرة الثامنة‬
‫من الف�صل ‪ 113‬من مدونة التجارة ال�شيء الذي يتعين معه الت�صريح بعدم قبول‬
‫الطلب وبالتالي ت�أييد الحكم الم�ست�أنف»‪.‬‬
‫و�أعتقد �أنه يجوز للقا�ضي التجاري بمنا�سبة البت في طلب البيع االجمالي‬
‫للأ�صل التجاري في �إطار مقت�ضيات الف�صلين ‪ 68‬من مدونة تح�صيل الديون‬
‫العمومية ‪ 97/15‬والف�صل ‪ 113‬من مدونة التجارة �أن يتحقق من ا�ستيفاء �إجراءات‬
‫التح�صيل ال�سابقة على حجز الأ�صل التجاري من توجيه للإ�شعار بدون �صائر‬
‫وتبليغ قانوني للإنذار القانوني ب�أداء الدين ال�ضريبي مناط الحجز كما هو ال�ش�أن‬
‫في ذلك بالن�سبة لتحقيق الرهن الم�ضروب على الأ�صل التجاري خ�صو�صا و�أن‬
‫الأمر يتعلق بم�سطرة تواجهية كفيلة بالمحافظة على حقوق الأطراف حول الأ�صل‬
‫التجاري المعني بالبيع و�أن ذلك ال يعتبر تطاوال على اخت�صا�ص القا�ضي الإداري‬
‫بقدر ما يعتبر التزاما بتطبيق مقت�ضيات الف�صلين ‪ 68‬من القانون ‪ 97/15‬والف�صل‬

‫‪206‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ 113‬من مدونة التجارة ‪ 95/15‬دون �أن يتعدى ذلك مناق�شة الوعاء ال�ضريبي‪ ،‬وهو‬
‫االتجاه الذي تبنته الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى(‪ )5‬حيث �ألزمت تبليغ الإنذار‬
‫بالأداء للمدين ك�شرط ال�ست�صدار الحكم ببيع �أ�صله التجاري المرهون في �إطار‬
‫ا�ستخال�ص الدين‪.‬‬
‫و�إذا كان القا�ضي الإداري يتمتع بوالية عامة للبت في المنازعات المتعلقة‬
‫بالتح�صيل بنوعيها المو�ضوعي واال�ستعجالي‪ ،‬وكان القا�ضي التجاري هو المخت�ص‬
‫الوحيد بالبت في المطالبة بالبيع الإجمالي ال�ستخال�ص الدين العمومي‪ ،‬فقد‬
‫يحدث �أن يلج�أ الملزم �إلى المنازعة في �صحة �إجراءات التح�صيل �أو تقادم الدين‬
‫ال�ضريبي �أمام الق�ضاء الإداري‪ ،‬وبالموازاة لذلك‪ ،‬يتقدم �أمام الق�ضاء الإداري‬
‫اال�ستعجالي بالمطالبة ب�إيقاف �إجراءات تح�صيل الدين ال�ضريبي لغاية البت النهائي‬
‫في جوهر النزاع‪ ،‬وقد تبين للقا�ضي الإداري اال�ستعجالي �أن هناك منازعة جدية‬
‫في عدم �صحة �إجراءات التح�صيل و�أن حالة اال�ستعجال قائمة‪ ،‬في�أمر باال�ستجابة‬
‫للطلب في الوقت الذي تكون فيه م�سطرة بيع الأ�صل التجاري ال�ستخال�ص ذات‬
‫الدين‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬حجز العقار في �إطار ا�ستخال�ص الدين ال�ضريبي‬
‫والإ�شكاالت المطروحة‬

‫ين�ص الف�صل ‪ 67‬من القانون ‪ 15-97‬بما معناه �أنه يتم حجز العقارات وبيعها عن‬
‫طريق �أعوان التبليغات والتنفيذات الق�ضائية طبقا لأحكام قانون الم�سطرة المدنية‬
‫ونالحظ �أن الم�شرع من خالل الف�صل المذكور لم يحدد الجهة الق�ضائية المخت�صة‬
‫مما يطرح تنازعا في االخت�صا�ص �إذ يرى البع�ض �أن االخت�صا�ص يعود للق�ضاء‬
‫العادي بالإحالة على قانون الم�سطرة المدنية ويرى البع�ض �أن االخت�صا�ص يعود‬
‫�إلى المحاكم الإدارية ب�صراحة الف�صل ‪ 141‬من القانون ‪ 15-97‬الذي ين�ص على‬
‫�أن جميع المنازعات المتعلقة بتح�صيل الديون العمومية مما يخت�ص به الق�ضاء‬
‫(‪ )5‬قرار الغرفة التجارية الق�سم الأول عدد ‪ 568‬بتاريخ ‪ 10/04/2002‬بالملف التجاري عدد ‪.655/01‬‬

‫‪207‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الإداري �سواء كانت مو�ضوعية �أو ا�ستعجالية و�أن الدين ال�ضريبي هو الم�ستهدف‬
‫ب�إجراء الحجز ولي�س العقار و�أن القا�ضي الإداري يطبق بدوره قواعد الم�سطرة‬
‫المدنية بالإحالة الواردة بالف�صل ‪ 7‬من القانون ‪.41-90‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد تباين العمل الق�ضائي بخ�صو�ص �إيقاع الحجز التحفظي على‬
‫العقار ل�ضمان �أداء الدين العمومي‪� ،‬إذ ذهب �أمر �صادر عن المحكمة الإدارية‬
‫بالدارالبي�ضاء(‪� )6‬إلى اال�ستجابة لمطالبة القاب�ض الرامية �إلى �إيقاع حجز تحفظي‬
‫على العقار ذي الر�سم العقاري عدد ‪ 31447‬ل�ضمان �أداء دين عمومي بينما ذهب‬
‫�أمر رئي�س المحكمة الإدارية بالرباط(‪� )7‬إلى رف�ض طلب �إيقاع حجز تحفظي على‬
‫العقار ل�ضمان �أداء دين �ضريبي‪ ،‬جاء في تعليله ما يلي ‪« :‬حيث يهدف الطلب �إلى‬
‫ا�ست�صدار �أمر ب�إيقاع الحجز على عقارات المطلوب �ضده �ضمانا ال�ستيفاء الدين‬
‫ال�ضريبي المترتب بذمته»‪.‬‬
‫«وحيث �إنه �إذا كان يجوز للقاب�ض �أينما كان �أن يقوم تلقائيا بحجز منقوالت‬
‫المدين في �إطار االمتياز المخول له بمقت�ضى القانون ‪ 97/15‬على المنقوالت‪ ،‬ف�إنه‬
‫ال يملك حق حجز العقار �إال بمطالبته �أمام الجهة الق�ضائية المخت�صة في �إطار‬
‫الف�صل ‪ 148‬من ق‪.‬م‪.‬م بعد �إثبات عدم كفاية المنقول في �ضمان ا�ستخال�ص‬
‫الدين ال�ضريبي»‪.‬‬
‫«وحيث تبقى الجهة المخت�صة ب�إيقاع الحجز على العقار هي جهة الق�ضاء‬
‫العادي باعتباره القا�ضي الطبيعي للعقار والم�ؤهلة محكمته العادية للبت في‬
‫جميع الدعاوى الفرعية المتعلقة با�ستحقاق العقار �أو الدعاوى المتعلقة ببطالن‬
‫الحجز العقاري التي يترتب عنها االيقاف التلقائي للبيع‪ ،‬وي�ستنتج ذلك من تنظيم‬
‫الم�شرع المغربي بالقانون ‪ 97/15‬لم�سطرة بيع المنقول دون العقار واخت�صا�ص‬
‫الق�ضاء العادي بذلك في �إطار قواعد الم�سطرة المدنية»‪.‬‬

‫(‪� )6‬أمر �صادر عن رئي�س المحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء عدد ‪ 234‬بتاريخ ‪.10/03/29‬‬
‫(‪� )7‬أمر �صادر عن رئي�س المحكمة الإدارية بالرباط رقم ‪ 9‬بالملف ‪ 07/766‬بتاريخ ‪.08/01/16‬‬

‫‪208‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وفي نازلة �أخرى تتعلق بالمطالبة برفع الحجز الم�ضروب على العقار من‬
‫طرف القاب�ض المالي بوا�سطة �أمرق�ضائي �صادر عن رئي�س المحكمة االبتدائية‬
‫بالدارالبي�ضاء(‪ )8‬ذهب �إلى القول وهو يق�ضي بعدم قبول تلك المطالبة ما يلي‪:‬‬
‫«احتراما لمبد�أ توازي ال�شكليات تبقى الجهة التي �أمرت ب�إجراء الحجز التحفظي‬
‫على العقار هي الجهة المخول لها قانونا بالبت في طلب رفعه ما لم ي�ؤ�س�س الطلب‬
‫على المنازعة في قانونية �إجراءات التح�صيل‪.‬‬
‫ثبوت �أن الحجز التحفظي على العقار المطلوب رفع حجزه بناء على �أمر‬
‫ق�ضائي �صادر عن رئي�س المحكمة العادية بنزع الحق عن رئي�س المحكمة االدارية‬
‫بالبت في طلب رفعه �أو تحويله �إلى �إجراء تنفيذي نعم»‪.‬‬
‫ونعتقد �أن االمتياز الممنوح للقاب�ض المكلف بالتح�صيل على �أموال المدين �إنما‬
‫يتعلق فقط ب�سلطة التنفيذ المبا�شر على المنقول دون العقار الذي يبقى الق�ضاء‬
‫العادي هو المجال الطبيعي للمنازعات المتعلقة به خ�صو�صا و�أنه قد يترتب على‬
‫�إيقاع الحجز على العقار رفع دعوى اال�ستحقاق الفرعي �أمام المحكمة االبتدائية‬
‫طبقا للف�صلين ‪ 482‬و‪ 483‬من ق‪.‬م‪.‬م والتي يترتب عنها وقف التنفيذ كما قد‬
‫يقام طعن ببطالن م�سطرة بيع العقار المحجوز طبقا للف�صل ‪ 484‬من ق‪.‬م‪.‬م‬
‫والذي يرتب بدوره وقف تنفيذ بيع العقار و�إذا كان القاب�ض المالي ال يملك �أية‬
‫�سلطة امتيازية على العقار تخوله مبا�شرة الحجز عليه ب�صورة تلقائية ف�إنه مع ذلك‬
‫فالأمر ال يخلو من �إ�شكال فقد يلج�أ المدين المحجوز عليه �إلى رفع دعوى �أمام‬
‫المحكمة الإدارية تتعلق بالمنازعة في المرحلة ال�سابقة على حجز العقار وتتعلق‬
‫ببطالن م�سطرة الحجز على العقار لعدم التبليغ بالإنذار القانوني الذي ت�سبق‬
‫مرحلة الحجز وعدم قيام القاب�ض المالي بتوجيه الإنذار بدون �صائر ويتقدم على‬
‫�ضوء ذلك بطلب �إيقاف �إجراءات تح�صيل الدين العمومي بما فيه م�سطرة الحجز‬
‫لأجل ال�سبب المذكور �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي فكيف يتعامل القا�ضي الإداري‬
‫اال�ستعجالي مع الإ�شكال المطروح‪.‬‬
‫(‪� )8‬أمر �صادر عن رئي�س المحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء عدد ‪ 108‬بتاريخ ‪.10/02/11‬‬

‫‪209‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫لقد عر�ضت على �أنظار الق�ضاء الإ�ستعجالي بالمحكمة الإدارية بفا�س ق�ضية‬
‫من هاته ال�شاكلة كان فيها الطالب قد تقدم بطلب ا�ست�صدار �أمر ب�إيقاف بيع العقار‬
‫المحجوز حجزا تنفيذا بملف الحجز العقاري الجارية م�سطرة بيعه �أمام المحكمة‬
‫المركزية بتي�سة لغاية البت في الدعوى المعرو�ضة على ق�ضاء مو�ضوع المحكمة‬
‫(‪)9‬‬
‫االدارية الم�ستمد من تقادم المطالبة بالدين العمومي وقد �سن �أمر �إدارية فا�س‬
‫في هذا ال�ش�أن قاعدة مفادها �أن حجز العقار وبيعه ال�ستخال�ص الدين العمومي‬
‫عمال بالف�صل ‪ 67‬من القانون ‪ 15-97‬والنظر في الإ�شكال وال�صعوبات التي تعتر�ض‬
‫تنفيذه الناتجة عن تطبيق قواعد الم�سطرة المدنية مما يخت�ص به الق�ضاء العادي‬
‫دون الإداري الذي يخت�ص بالمنازعات المتعلقة ب�إجراءات تح�صيله كما هي‬
‫من�صو�ص عليها بنف�س القانون ‪ 15-97‬متى كانت الإدارة تتمتع ب�سلطة التنفيذ‬
‫التلقائي لمبا�شرة تلك الإجراءات‪.‬‬
‫وهكذا يمكن ترتيب النتائج التالية عن القاعدة المذكورة ‪:‬‬
‫‪ -‬حجز العقار حجزا تنفيذيا ال�ستخال�ص الدين العمومي مما يخت�ص به الق�ضاء‬
‫العادي‪.‬‬
‫‪ -‬الطعون المتعلقة بالإجراءات الموالية للحجز �سواء كانت مو�ضوعية �أو‬
‫ا�ستعجالية مما يخت�ص به الق�ضاء العادي دون االداري‪.‬‬
‫‪� -‬إجراءات التح�صيل الجبري ال�سابقة على الحجز من توجيه �إ�شعار بدون‬
‫�صائر وتبليغ الإنذار القانوني عالوة على ادعاء التقادم مما يخت�ص بالبت في‬
‫العيوب المنعاة عليها والمطالبة ببطالنها الق�ضاء الإداري‪.‬‬
‫‪� -‬إيقاف تنفيذ بيع العقار المحجوز لالخالالت التي �شابت التح�صيل ال�سابقة‬
‫على الحجز مما يخت�ص به الق�ضاء الإداري اال�ستعجالي وله في هذا المجال‬
‫�أن ي�أمر ب�إيقاف �إجراءات بيع العقار المحجوز حجزا تنفيذيا الجارية م�سطرة‬
‫تنفيذه �أمام المحكمة العادية متى ظهر له من واقع النزاع خرق وا�ضح و�سافر‬
‫(‪� )9‬أمر رئي�س المحكمة االدارية بالملف اال�ستعجالي ‪�41‬س‪ 2004/‬ق�ضية العماري �ضد الخزينة‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫لإجراءات التح�صيل مناط الحجز لغاية البت في جوهر النزاع المتعلق‬


‫ببطالن تلك الم�سطرة �أمام ق�ضاء مو�ضوع المحكمة الإدارية‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬الإ�شكاالت المثارة ب�ش�أن م�سطرة الإ�شعار للغير‬
‫الحائز‬

‫في �إطار تو�سيع قاعدة �ضمان ا�ستخال�ص الدين العمومي لتمويل النفقات العامة‬
‫خولت مدونة التح�صيل من خالل الف�صول ‪ 100 ،95‬و‪ 104‬من القانون ‪15-97‬‬
‫متابعة الغير الحائز للأموال المملوكة للمدين الأ�صلي عن طريق ما ي�سمى م�سطرة‬
‫الإ�شعار للغير الحائز �إذ �ألزم الم�شرع الغير المودعة لديه �أموال المدين الأ�صلي‬
‫ب�أداء ال�ضرائب وباقي الديون العمومية �إما تلقائيا �أو بناء على طلب المحا�سب‬
‫تحت طائلة ترتيب م�س�ؤوليته بالأداء على وجه الت�ضامن‪.‬‬
‫وهكذا �ألزمت المادة ‪ 95‬من المدونة كال من الموثق والعدل وكل �شخ�ص �آمر‬
‫يقوم بمهام توثيقية في حالة انتقال ملكية عقار �أن يطلب الإدالء ب�شهادة م�سلمة من‬
‫قطاع التح�صيل ال�ضريبي تفيد �أداء الر�سوم وال�ضرائب المتعلقة بالعقار مو�ضوع‬
‫التفويت بر�سم ال�سنة الجارية وكذا ال�سنوات ال�سابقة تحت طائلة ترتيب م�س�ؤوليته‬
‫الق�ضائية عو�ض المدينين المبا�شرين بالأداء‪ ،‬كما �أوجبت المادة ‪ 100‬من المدونة‬
‫الأ�شخا�ص الحائزين لأموال المدين من مت�صرفين وموثقين ومت�صرفين لل�شركات‬
‫وكتاب ال�ضبط والأعوان الق�ضائيين والمحا�سبين والم�ؤ�س�سات البنكية ب�أداء‬
‫الديون العمومية الواجبة على المدينين المبا�شرين قبل ت�سليمها �إياهم �إما تلقائيا �أو‬
‫بناء على طلب ولو مع وجود تعر�ض من طرف المدعي �أو الغير ما لم يكن الأمر‬
‫يتعلق ب�أ�صحاب االمتياز المن�صو�ص عليهم بالف�صل ‪ 1248‬من ق‪.‬ل‪.‬ع والف�صل‬
‫‪ 107‬من مدونة التح�صيل‪.‬‬
‫وين�ص الف�صل ‪ 104‬من نف�س القانون على �أنه يمكن �إلزام الأغيار الحائزين �أو‬
‫المودع لديهم الم�شار �إليهم في المادتين ‪ 100‬و‪ 101‬بنف�س الطرق الم�ستعملة �ضد‬

‫‪211‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الملزمين �أنف�سهم لدفع المبالغ الموجودة لديهم والمتمتعة بامتياز الخزينة �إلى‬
‫المحا�سب المكلف بالتح�صيل با�ستثناء اللجوء �إلى م�سطرة الإكراه البدني‪.‬‬
‫وهكذا وفي نازلة من نف�س القبيل تتعلق بممار�سة م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز‬
‫ال�ستخال�ص الدين ال�ضريبي في مواجهة الخلف العام بمنا�سبة بيع عقار في‬
‫�إطار الحجز التنفيذي طالب القاب�ض المالي رئي�س كتابة ال�ضبط بت�سليم الأموال‬
‫المتح�صلة من ثمن بيع العقار المحجوزحجزا تنفيذيا عن طريق ممار�سة م�سطرة‬
‫الإ�شعار للغير الحائز‪ ،‬فطالب ورثة المدين �أمام الق�ضاء الإداري اال�ستعجالي‬
‫برفع التعر�ض المقدم �أمام رئي�س كتابة ال�ضبط ال�ستخال�ص الدين ال�ضريبي في‬
‫�إطار م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز غير �أن رئي�س المحكمة الإدارية ق�ضى برف�ض‬
‫طلب رفع التعر�ض الممار�س في �إطار م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز و�سن قاعدة‬
‫مفادها‪�« :‬أنه يجوز للقاب�ض المالي �أن يطالب بوا�سطة الإ�شعار للغير الحائز المن�صو�ص‬
‫عليه بالف�صل ‪ 100‬و‪ 101‬من القانون ‪ 15-97‬رئي�س كتابة ال�ضبط بت�سليم الأموال‬
‫المتح�صلة من ثمن بيع عقار محجوز حجزا تنفيذيا ال�ستخال�ص الدين العمومي‬
‫المترتب في ذمة المدين باعتباره خلفا عاما للملزم الحقيقي بالدين العمومي»‪.‬‬
‫وقد جاء في تعليل الأمر المذكور(‪ )10‬ما يلي ‪« :‬حيث �إنه بموجب الف�صل ‪ 100‬من‬
‫مدونة التح�صيل ال يمكن لكتاب ال�ضبط �أن ي�سلموا الأموال الناتجة عن عمليات‬
‫التفويت للورثة �أو الم�ستحقين لها �إال بعد �إثبات �أداء ال�ضرائب والر�سوم الواجبة‬
‫على الأ�شخا�ص الذين يمتلكون تلك الأموال �أو العقارات المبيعة ويتعين على كل‬
‫الحائزين لتلك الأموال بمقت�ضى المادة ‪ 101‬طلب من هذا الأخير في �شكل �إ�شعار‬
‫للغير الحائز»‪.‬‬
‫وفي نازلة �أخرى تتعلق بممار�سة م�سطرة الإ�شعار لدى الغير من طرف القاب�ض‬
‫المالي ال�ستخال�ص دين �ضريبي في ذمة الملزم �أوقع هذا الأخير حجزا على‬
‫ح�ساب المدين ببنك الوفاء وعلى �ضوء ذلك تقدم المحجوز عليه �أمام الق�ضاء‬
‫(‪� )10‬أمر �صادر عن رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س عدد ‪ 1090‬بالملف اال�ستعجالي عدد ‪� 19‬س‪ 04/‬ق�ضية ورثة‬
‫الزركاني �ضد الخزينة‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الإداري اال�ستعجالي بطلب ا�ست�صدار �أمر ب�إيقاف تنفيذ الحجز الم�ضروب على‬
‫ح�سابه ببنك الوفاء عن طريق م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز لخرق م�سطرة المتابعة‬
‫في حقه لتلك ال�ضريبة ولتقادمها وبعد �أن بدا لقا�ضي الم�ستعجالت من خالل‬
‫�أوراق الملف �أن الطالب لم يبلغ ب�أي �إنذار قانوني �سابق قبل الحجز على �أمواله‬
‫لدى البنك المذكور وان الدين مو�ضوع تلك الم�سطرة م�شوب بال�سقوط للتقادم‬
‫ق�ضى ب�إيقاف تنفيذ الحجز الم�ضروب على ح�ساب الطالب بنك الوفاء عن طريق‬
‫م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز لغاية البت في نزاعه المو�ضوعي حول ذلك ومنح‬
‫الطالب مهلة �أربعين يوما لتقديم دعوى في المو�ضوع‪.‬‬
‫جاء في �أمر رئي�س المحكمة الإدارية ما يلي ‪�« :‬أن الطالب ينازع جديا في‬
‫قانونية �إجراءات المتابعة لدى ال�ضريبة �سواء من زاوية م�سطرة اال�ستخال�ص �أو‬
‫من زاوية عن�صر تقادم المطالبة با�ستخال�ص ال�ضريبة مما يجعله ذلك في حل من‬
‫تقديم ال�ضمانة الكفيلة لت�أمين ا�ستيفاء دين ال�ضريبة لو�ضوح مركزه القانوني حول‬
‫جدية المنازعة في م�سطرة ا�ستخال�صها التي تبقى م�شوبة بالبطالن والتقادم و�أن‬
‫حالة اال�ستعجال تبقى قائمة بالنظر لما يترتب عن تنفيذ الحجز وتحويل المبالغ‬
‫المحجوزة لح�ساب الخزينة العامة من �أ�ضرار ي�صعب تداركها بعد التنفيذ الجله‬
‫يبقى طلب ا�ست�صدار الإجراء المطلوب م�ؤ�س�سا»‪.‬‬
‫وقد تم ت�أييد هذا الأمر من طرف الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى(‪ )11‬جاء‬
‫في قرارها وهي تجيب عن الو�سيلة المتعلقة بعدم ا�شتراط �ضرورة تبليغ الإنذار‬
‫القانوني قبل اللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز ومخالفة مقت�ضيات الف�صل‬
‫‪ 117‬من القانون ‪« 15-97‬لكن حيث �إنه من جهة بالرجوع �إلى تن�صي�صات الأمر‬
‫الم�ست�أنف ف�إنه يالحظ �أن قا�ضي الم�ستعجالت �أبرز من خالل الأمر المطعون فيه‬
‫وجه الجدية الذي يعد �شرطا �أ�سا�سيا وجوهريا لإيقاف التنفيذ»‪« .‬لكن حيث �إنه‬
‫بالرجوع �إلى مقت�ضيات الف�صل ‪ 117‬من القانون ‪ 15-97‬يتبين �أن الكفالة التي‬
‫(‪ ) 11‬قرار الغرفة الإدارية عدد ‪ 158‬بتاريخ ‪ 2003/03/03‬بالملف الإداري عدد ‪ 02/2/9/2343‬ق�ضية ولد عبو‬
‫�ضد الخزينة‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫يلزمها الف�صل المذكور ك�شرط لتقديم طلب �إيقاف التنفيذ تخ�ص فقط الجزء‬
‫غير المنازع فيه من ال�ضريبة وموجهة �إلى القاب�ض‪� ،‬أما �إذا كانت المنازعة جدية‬
‫و�شاملة لمجموع مبلغ ال�ضريبة ي�ضل طلب �إيقاف التنفيذ خا�ضعا للقواعد العامة‬
‫المتعلقة باال�ستعجال المن�صو�ص عليها بقانون الم�سطرة المدنية فكان ما ق�ضى‬
‫الأمر الم�ستانف م�ؤ�س�س وواجب الت�أييد»‪.‬‬
‫وهكذا ي�ستنتج من االتجاه الق�ضائي ال�سالف الذكر �أن حجز ما للمدين لدى‬
‫الغير عن طريق م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز باعتباره حجزا تنفيذيا على �أمواله‬
‫يتطلب ل�صحته توجيه الإ�شعار بدون �صائر من طرف القاب�ض المالي وتبليغ الإنذار‬
‫القانوني قبل �سلوك م�سطرة الحجز تلك تحت طائلة اعتبار الحجز عن طريق‬
‫م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز باطال لما ترتب على ذلك من �آثار قانونية بخ�صو�ص‬
‫�إيقاف تنفيذه‪.‬‬
‫وهكذا يتجلى �أن م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز تثير عدة ا�شكاالت قانونية تتمثل‬
‫في تحديد طبيعة المنازعة فيه وما �إذا كانت وقتية مما يخت�ص بالبت فيها قا�ضي‬
‫الم�ستعجالت �أو تعتبر مو�ضوعية مما يخت�ص بالبت فيها ق�ضاء المو�ضوع‪.‬‬
‫وما �إذا كان الإ�شعار للغير الحائز باعتباره �إجراء من �إجراءات التح�صيل‬
‫الجبري يخ�ضع لمبد�أ تدرج المتابعات �أم يعتبر ذا �صبغة مباغتية‪ ،‬وما �إذا كان‬
‫يجوز للمحا�سب العمومي �سلوك تلك الم�سطرة في جميع الأحوال حتى ولو‬
‫كان ب�إمكانه �سلوك و�سيلة قانونية متاحة وما �إذا كان يجوز تحوير الطلب من‬
‫طرف قا�ضي الم�ستعجالت في المطالبة برفع الحجز �إلى �إيقاف تنفيذ �إجراءاته‬
‫هاته مجموعة من الإ�شكاليات �سوف نتناولها تباعا م�ستر�شدين في ذلك بالعمل‬
‫الق�ضائي بالمحاكم الإدارية ومحاكم اال�ستئناف الإدارية وقرارات الغرفة الإدارية‬
‫بالمجل�س الأعلى‪.‬‬
‫�إذا كان الإ�شعار للغير الحائز يعتبر في حد ذاته حجزا تنفيذيا على �أموال المدين‬
‫ف�إن النزاع حوله يقت�ضي تقييم م�شروعيته على �ضوء مدونة التح�صيل ‪ 15-97‬وهو‬

‫‪214‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ما ي�ضفي على هاته المنازعة الطابع المو�ضوعي خ�صو�صا فيما يتعلق الأمر بالمطالبة‬
‫برفعه لأجل ال�سبب المذكور وبالتالي تكون محكمة المو�ضوع هي المخت�صة‬
‫بالنظر في مدى �صحته وم�شروعيته لما في ذلك من م�سا�س بجوهر المو�ضوع‬
‫وينزع عنه ال�صبغة الم�ؤقتة على الرغم من توافر حالة اال�ستعجال المتمثلة في‬
‫الأ�ضرار الالحقة بالملزم من جراء تنفيذه و�صعوبة �إرجاع الحالة �إلى ما كانت‬
‫عليه وقد �صدرت عن المجل�س الأعلى الغرفة الإدارية عدة قرارات ت�صب في‬
‫هذا االتجاه يذكر منها القرار(‪ )12‬الذي جاء في تعليله ما يلي‪« :‬يعتبر الإ�شعار للغير‬
‫الذي �أوقعه القاب�ض �إجراءا من �إجراءات التح�صيل وان القول بعدم تطابقه على‬
‫القانون �شكل منازعة مو�ضوعية تم�س جوهر الحق الذي يخرج عن نطاق اخت�صا�ص‬
‫قا�ضي الم�ستعجالت‪ ،‬وان الأمر الم�ست�أنف حينما اعتبر �أن الحجز المذكور‬
‫مخالف المادة ‪ 653‬من مدونة التجارة وق�ضى برفعه على هذا الأ�سا�س يكون قد‬
‫تجاوز حدود اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت نظرا لم�سا�سه بجوهر الحق فيكون‬
‫بذلك غير م�صادف لل�صواب ويتعين �إلغا�ؤه والت�صريح من جديد بعدم اخت�صا�ص‬
‫قا�ضي الم�ستعجالت للبت في الطلب‪.‬‬
‫وقد �أكدت نف�س االتجاه في ق�ضية مماثلة جاء في قرارها(‪ )13‬ما يلي ‪�« :‬أن مناط‬
‫انعقاد اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت هو توفر عن�صر اال�ستعجال في النازلة‬
‫وعدم الم�سا�س بما يمكن �أن يق�ضي به في الجوهر»‪.‬‬
‫«�إن طلب رفع الإ�شعار للغير الحائز هو طلب ي�شكل منازعة مو�ضوعية يقت�ضي‬
‫النظر في مدى م�شروعية �إجراء التح�صيل المتخذ من قبل القاب�ض‪ ،‬وهو بذلك‬
‫يخرج عن نطاق اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت لم�سا�سه بجوهر الحق»‪.‬‬
‫وهو االتجاه الذي ت�أخذ به محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط حيث تعتبر‬
‫االخت�صا�ص من النظام العام وتثيره تلقائيا جاء في �أحد قراراتها وهي ت�صرح‬
‫من�شور بمجلة ق�ضاء المجل�س‬ ‫‪03/2/4/1441‬‬ ‫بالملف‬ ‫‪06/05/15‬‬ ‫بتاريخ‬
‫(‪ )12‬قرار الغرفة الإدارية عدد‬
‫‪404‬‬
‫الأعلى عدد ‪� 67‬ص ‪.277‬‬
‫(‪ ) 13‬قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد ‪ 532‬بتاريخ ‪ 06/06/21‬ملف �إداري عدد ‪.03/2/4/258‬‬

‫‪215‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫بعدم االخت�صا�ص للبت في الطلب(‪« )14‬من ال�سبب المثار تلقائيا من طرف محكمة‬
‫اال�ستئناف لتعلقه بالنظام العام»‪.‬‬
‫«حيث �إن الحجز الذي �أوقعه القاب�ض الم�ست�أنف يعتبر �إجراء من �إجراءات‬
‫التح�صيل وان القول بعدم تطابقه مع القانون ي�شكل منازعة مو�ضوعية تم�س بجوهر‬
‫الحق الذي يخرج عن نطاق اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت و�أن الأمر الم�ست�أنف‬
‫حينما ق�ضى برفع الحجز يكون قد تجاوز حدود اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت‬
‫لم�سا�سه بجوهر الحق مما يجعله غير م�صادف لل�صواب ومعر�ضا للإلغاء والت�صريح‬
‫من جديد بعدم اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت للبت في الطلب»‪.‬‬
‫وهو نف�س المنحى الذي ت�أخذ به المحاكم الإدارية‪ ،‬جاء في �أحد �أوامر رئي�س‬
‫المحكمة الإدارية بفا�س(‪ )15‬وهو ت�صريح بعدم اخت�صا�صه للبت في طلب رفع‬
‫الحجز ب�صفته قا�ضيا للم�ستعجالت ما يلي‪:‬‬
‫«حيث �إن طلب رفع الحجز ال يعتبر �إجراءا وقتيا ما دام ان رفع الحجز ينبغي‬
‫�إبطاله وهو نف�سه مو�ضوع الحق كما ان قا�ضي المو�ضوع ال ي�صدر حكمه ب�إبطال‬
‫لحجز �إال بعد الت�أكد من العيوب التي قد تكون �شابت م�سطرة الحجز في حين‬
‫ان قا�ضي الم�ستعجالت الإداري يكتفي بالإطالع على ظاهر الوثائق التي يدل بها‬
‫الأطراف مما يخرج عن نطاق اخت�صا�صه ويبرر رفع النظر في هذا الطلب لعدم‬
‫االخت�صا�ص‪».‬‬
‫و�إذا كان العمل الق�ضائي بالمحاكم الإدارية ومحكمة اال�ستئناف الإدارية وكذا‬
‫اجتهادات الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى قد ا�ستقر من جهة على �أنه كلما كان‬
‫الأمر من �ش�أنه �أن يق�ضي �إلى تقييم م�شروعية �إجراءات التح�صيل للبت في المطالبة‬
‫برفع الحجز فهو يخرج عن اخت�صا�ص الق�ضاء اال�ستعجالي لما من �ش�أنه الم�سا�س‬
‫بما يمكن �أن يق�ضي به في الجوهر‪.‬‬
‫قبا�ضة‬ ‫‪02/07/16‬‬ ‫بالملف عدد‬ ‫‪07/05/07‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫(‪ ) 14‬قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط عدد‬
‫‪260‬‬
‫الواحة البي�ضاء �ضد بنكيران‪.‬‬
‫�أمر رقم‬ ‫‪2010/11/24‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫‪10/1/382‬‬ ‫(‪� )15‬أمر �صادر من رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س تحت رقم‬
‫‪.10/416‬‬

‫‪216‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ف�إن العمل الق�ضائي بتلك المحاكم وكذا اجتهاد الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى‬
‫قد ا�ستقر �أي�ضا على �أنه كلما كانت المراكز القانونية للأطراف وا�ضحة �إزاء الحجز‬
‫يجوز لقا�ضي الم�ستعجالت �أن يتدخل لحماية تلك المراكز باال�ستجابة لطلبات‬
‫رفع الحجز الم�ضروب على �أموال المعني بالأمر في �إطار م�سطرة الإ�شعار للغير‬
‫الحائز وفي هذا الإطار �صدر قرار عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى(‪ )16‬يق�ضي‬
‫بتاييد الأمر ال�صادر عن قا�ضي الأمور الم�ستعجلة بالمحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء‬
‫تحت عدد ‪ 02/474‬جاء في تعليله وهو يجيب عن الو�سيلة المتعلقة بعدم اخت�صا�ص‬
‫قا�ضي الم�ستعجالت للبت في الطلب لتعلقه بالجوهر وعن الو�سيلة المتعلقة‬
‫بعدم �سلوك م�سطرة التظلم قبل اللجوء �إلى الق�ضاء اال�ستعجالي للمطالبة برفع‬
‫الحجز‪.‬‬
‫«لكن من جهة حيث �إن قا�ضي الأمور الم�ستعجلة مخت�ص للنظر في طلب‬
‫رفع الحجز على ما للمدين لدى الغير باعتباره طلبا يكت�سي طابع اال�ستعجال‬
‫وال يتعلق بالمنازعة في المو�ضوع ويتمثل عن�صر اال�ستعجال في ال�ضرر الذي‬
‫يلحق بالمحجوز عليه في حب�س ماله ل�سبب منعه منه وعدم تمكينه من االنتفاع به‬
‫�أما عن�صر عدم الم�سا�س بالمو�ضوع يتمثل في كون الدين المحجوز ال تتوفر فيه‬
‫مبررات الحجز‪.‬‬
‫«وحيث من جهة ثالثة حيث �إن �سلوك م�سطرة التظلم الإداري قبل االلتجاء �إلى‬
‫الق�ضاء الم�ستعجل لرفع الحجز بتعار�ض معه حالة اال�ستعجال التي يفر�ضها هذا‬
‫الإجراء والتي ال ي�ستحمل بطبيعتها االنتظار وتقت�ضي عر�ض النزاع على الق�ضاء‬
‫ب�أق�صى �سرعة ممكنة لذا ف�إن م�سطرة التظلم تخ�ص الدعاوى المو�ضوعية وحدها‬
‫دون الدعاوى اال�ستعجالية»‪.‬‬
‫وفي نف�س االتجاه ق�ضت محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط(‪� )17‬أنه «ال �شيء في‬
‫القانون يمنع قا�ضي الم�ستعجالت الإداري من حماية المراكز القانونية للأطراف‬
‫(‪ ) 16‬قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد ‪ 156‬بتاريخ ‪ 03/03/13‬بالملف الإداري عدد ‪.02/4/2/2180‬‬
‫(‪ ) 17‬قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط بالملف ‪ 02/07/3‬بتاريخ ‪.07/04/30‬‬

‫‪217‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�إذا كانت وا�ضحة وذلك بالتدخل لإرجاع الأمور �إلى ن�صابها متى تحقق عن�صر‬
‫اال�ستعجال وكان من �ش�أن هذا التدخل الحد من الخطر الذي ي�صون الحق المراد‬
‫حمايته»‪.‬‬
‫«مادام ان اال�شعار للغير الحائز الذي با�شره القاب�ض قد ان�صب على ح�ساب‬
‫بنكي يخ�ص الملزم ب�صفة �شخ�صية و�إنما ان�صب على ودائع زبناءه ح�سب الظاهر‬
‫من ال�شهادة البنكية المدلى بها في الملف ف�إن تدخل قا�ضي الم�ستعجالت الإداري‬
‫من �أجل الحد من مفعول الإجراء المذكور له ما يبرره درءا للخطر الذي يهدد‬
‫الحق المراد حمايته والمتمثل في ودائع الزبناء الذي ال عالقة له بالدين ال�ضريبي‬
‫الذي بو�شر ذلك الإجراء ب�سببه»‪.‬‬
‫وهو االتجاه الذي �سلكه ق�ضاء الأمور الم�ستعجلة بالمحكمة الإدارية بالرباط‬
‫في عدة �أوامر جاء في �إحداها(‪ )18‬وهو يق�ضي برفع الحجز الم�ضروب على‬
‫الح�ساب البنكي بوا�سطة م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز جوابا على الدفع المتعلق‬
‫لعدم االخت�صا�ص وعدم �سلوك م�سطرة التظلم الإداري‪.‬‬
‫«يخت�ص قا�ضي الأمور الم�ستعجلة بالنظر في طلب رفع الحجز الم�ضروب عن‬
‫طريق م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز باعتباره طلب يكت�سي طابع اال�ستعجال وال‬
‫يتعلق بالمنازعة في المو�ضوع‪.‬‬
‫�سلوك م�سطرة الطعن الإداري المن�صو�ص عليها بالف�صل ‪ 120‬من القانون‬
‫‪ 15-97‬قبل اللجوء للق�ضاء الم�ستعجل لرفع الحجز يعتبر غير ملزم لتعار�ضه‬
‫مع حالة اال�ستعجال التي يفر�ضها هذا االجراء والتي ال تتحمل بطبيعتها االنتظار‬
‫ويقت�ضي عر�ض النزاع على الق�ضاء ب�أق�صى �سرعة ممكنة وبالتالي ف�إن احترام هذه‬
‫الم�سطرة ي�سري على الدعاوى المو�ضوعية دون اال�ستعجالية‪.‬‬
‫(‪� ) 18‬أمر المحكمة الإدارية بالرباط رقم ‪ 701‬بتاريخ ‪ 06/27‬بالملف ‪ 06/476‬ق�ضية ذ حمادي ماني �ضد الخازن‬
‫العام‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫«ي�شترط في �صحة الحجز عن طريق اال�شعار للغير الحائز الذي يعد في حد‬
‫ذاته حجزا تنفيذيا على �أموال المدين �أن يحترم ب�ش�أنه مبد�أ تدرج المتابعات من‬
‫توجيه الإ�شعار بدون �صائر والتبليغ ال�سليم للإنذار القانوني للمدين و�أن ين�صب‬
‫الحجز على �أموال خا�صة بالمدين دون حجزه وكل �إخالل لهاته ال�شروط بجعل‬
‫الحجز غير م�ؤ�س�س‪.‬‬
‫«الح�ساب المهني للمحامي المنظم بن�ص ‪ 1224/1/10‬وظ ‪ 93/9/10‬يعتبر ح�سابا‬
‫للزبون ولي�س ح�سابا خا�صا بالمحامي مما يجعل الحجز الم�ضروب عليه لتنفيذ‬
‫دين �ضريبي في ذمة المحامي غير م�ؤ�س�س ‪ -‬رف�ضه ‪ -‬نعم» والحا�صل مما ذكر‬
‫�أن الق�ضاء الإداري اال�ستعجالي قد ا�ستقر على انه كلما كانت المراكز القانونية‬
‫للأطراف وا�ضحة وت�ست�أهل الحماية الق�صوى تدخل لتوفير تلك الحماية بالق�ضاء‬
‫برفع الحجز الم�ضروب بوا�سطة م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز وفي نازلة من هذا‬
‫القبيل كان القاب�ض المالي قد �أوقع حجزا على ح�ساب المدين ال�ستخال�ص دين‬
‫�ضريبي نا�شئ قبل فتح م�سطرة الت�سوية الق�ضائية وم�صرح به لدى �سنديك الت�سوية‬
‫ذهب قا�ضي الأمور الم�ستعجلة بالمحكمة الإدارية بالرباط �إلى الأمر برفعه ت�صحيحا‬
‫للمراكز القانونية للأطراف جاء في تعليله ما يلي‪:‬‬
‫«يترتب على الحكم بفتح م�سطرة الت�سوية الق�ضائية منع ووقف كل دعوى‬
‫تتعلق بالمديونية‪ ..‬وكل �إجراء تنفيذي على المنقول والعقار و�أداء كل دين ن�ش�أ‬
‫قبل فتح تلك الم�سطرة ق�ضاء المادتين ‪ 653‬و‪ 657‬من القانون رقم ‪.15-95‬‬
‫«بعد �إجراء الحجز عن طريق م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز على ح�ساب‬
‫المدين ب�ش�أن دين ن�ش�أ قبل فتح م�سطرة الت�سوية ق�ضاء وم�صرح به لدى �سنديك‬
‫الت�سوية الق�ضائية باطال نعم ‪ -‬الأمر برفعه ت�صحيحا للمراكز القانونية للأطراف‬
‫وتفاديا للأ�ضرار الناتجة عن غل يد الطالب في الت�صرف فيه نعم(‪.)19‬‬

‫ق�ضية‬ ‫‪05/12/16‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫‪1485‬‬ ‫تحت رقم‬ ‫‪05/1412‬‬ ‫(‪� ) 19‬أمر رئي�س المحكمة الإدارية بالرباط بالملف رقم‬
‫�شركة نقل بلدي �ضد ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫كما ق�ضى(‪ )20‬لرفع الحجز الم�ضروب بوا�سطة م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز‬
‫على ح�ساب الم�ساهم في �شركة الأموال القت�ضاء دين �ضريبي في مواجهة ال�شركة‬
‫ال�ستقالل ذمة ال�شريك بها عن ذمة ال�شركة وتوافر حالة اال�ستعجال جاء في تعليله‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫«حيث ي�ؤخذ من ظاهر �أوراق الملف �أن المدين الحقيقي بال�ضريبة مو�ضوع‬
‫�إجراءات الحجز عن طريق م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز هي �شركة الأموال‪...‬‬
‫دون الطالب الذي يعتبر مجرد �شريك بها وهي تتوفر على ذمة مالية و�شخ�صية‬
‫معنوية م�ستقلة ولذلك تبقى �إجراءات الحجز تلك في مواجهة ال�شريك المتابع‬
‫م�شوبة بالبطالن في �ضوء ظاهر �أوراق الملف وم�ستنداته على اعتبار �أنه لئن كان‬
‫يجوز موا�صلة تح�صيل الدين ال�ضريبي في مواجهة الخلف العام �أو الخا�ص �أو‬
‫المودع لديه والأغيار المن�صو�ص عليهم بالف�صول ‪ 104-100-95‬ف�إنه ال توجد‬
‫مقت�ضيات قانونية مخالفة تجيز مبا�شرة الحجز على الأموال الخا�صة بال�شريك في‬
‫�شركة الأموال �إال �إذا ثبتت م�س�ؤوليته بالغ�ش والتدلي�س �إطار الف�صل ‪ 98‬من القانون‬
‫‪� 15-97‬أمام الجهة الق�ضائية المخت�صة كما �أن مقت�ضيات قانون االلتزامات والعقود‬
‫ال ت�سعف في مالحقة ال�شريك في �شركة الأموال ب�أداء دين ال�شركة بوا�سطة م�سطرة‬
‫الإ�شعار للغير الحائز‪.‬‬
‫م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز ومبد�أ تدرج المتابعات‬

‫و�إذا كان الإ�شعار للغير الحائز يعتبر في حد ذاته حجزا تنفيذيا فهل يخ�ضع لمبد�أ‬
‫تدرج المتابعات المن�صو�ص عليها بالقانون ‪� 15-97‬أم يعتبر �إجراء مباغتا ال يتقيد به‬
‫بالمبد�أ المذكور‪ ،‬من الم�سلم به �أن الإ�شعار للغير الحائز يعتبر �إجراء من �إجراءات‬
‫تح�صيل الدين العمومي من�صو�ص عليه بالقانون ‪ 15-97‬وهو بذلك يخ�ضع لمبد�أ‬
‫تدرج المتابعات المن�صو�ص عليها بالمادة ‪ 39‬من القانون ومن تم ال يجوز للقاب�ض‬
‫المالي المكلف بالتح�صيل �أن يلج�أ �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز �إال بعد توجيه‬
‫(‪� ) 20‬أمر رئي�س المحكمة الإدارية بالرباط رقم ‪ 28‬بتاريخ ‪ 07/01/31‬بالملف ‪.06/1511‬‬

‫‪220‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�إ�شعار بدون �صائر وتبليغ الإنذار القانوني بو�سائل التبليغ المن�صو�ص عليها بالقانون‬
‫‪ 15-97‬المتعلق بتح�صيل الديون العمومية ولقانون الم�سطرة المدنية تحت طائلة‬
‫اعتباره �إجراء باطال‪ .‬والمالحظ هنا �أن هنالك ازدواجية في قواعد التبليغ بين‬
‫ت�أ�سي�س ال�ضريبة وا�ستخال�صها �إذ في الوقت الذي �أ�صبحت �إدارة ال�ضرائب هي‬
‫المكلفة بتح�صيل دين ال�ضريبة ت�ستعمل قواعد التبليغ المن�صو�ص عليها بالمدونة‬
‫العامة لل�ضرائب في ربط ال�ضريبة وت�صحيح وعائها‪ ،‬في حين ي�ستعمل و�سائل‬
‫التبليغ المن�صو�ص عليها بمدونة التح�صيل ‪ 97/15‬وقواعد الم�سطرة المدنية فيما‬
‫يتعلق الأمر ب�سلوك �إجراءات تح�صيل الدين ال�ضريبي‪ ،‬لذلك وما دام �أن �إدارة‬
‫ال�ضرائب هي الجهة المخول لها قانونا مبا�شرة ت�أ�سي�س ال�ضريبة وا�ستخال�صها‬
‫ي�ستح�سن �أن يعمل الم�شرع على توحيد قواعد التبليغ في هذا المجال بال�شكل‬
‫الذي يحافظ على �ضمانات الدفاع بالن�سبة للملزمين وحقوق الخزينة‪.‬‬
‫وهكذا ف�إن �سلوك م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز تقت�ضي في �إطار احترام مبد�أ‬
‫تدرج المتابعات �أوال توجيه �إ�شعار بدون �صائر وتبليغ بالإنذار القانوني في �ضوء‬
‫القواعد الالزمة للتبليغ المن�صو�ص عليها بالقانون ‪ 15-97‬وقانون الم�سطرة المدنية‬
‫تحت طائلة اعتباره �إجراءا قانونيا لما يترتب على ذلك من �آثار قانونية بخ�صو�ص‬
‫�إيقاف �إجراءات تنفيذه �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي والق�ضاء ببطالنه مو�ضوعا‪.‬‬
‫لكن هل يجوز للمحا�سب المكلف بالتح�صيل �أن يلج�أ �إلى م�سطرة الإ�شعار‬
‫للغير الحاجز في جميع الأحوال بعد توجيه الإنذار بدون �صائر والتبليغ ال�صحيح‬
‫للإنذار القانوني حتى ولو كان يتوفر على و�سيلة قانونية �أخرى متاحة في‬
‫اال�ستخال�ص‪ ،‬جوابا على تلك الت�سا�ؤل ذهبت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى‬
‫في �إحدى قراراتها �إلى القول(‪.)21‬‬
‫�إذا كان من حق �شركة القر�ض الفالحي المغربي بناء على المادة ‪ 15‬من القانون‬
‫(‪ ) 21‬قرار الغرفة االدارية بالمجل�س االعلى بتاريخ ‪ 06/04/19‬من�شور في مجلة الق�ضاء القانون عدد ‪ 153‬عدد‬
‫‪ 214‬اورده في التراب‪ .‬طعن الرئي�س االول بمحكمة اال�ستئناف االدارية بالرباط في‪ ....‬حول احدى الم�ضاربة‬
‫والمعارفة بين الحجز لدى الغير واال�شعار للغير الحائز ظ ‪.14‬‬

‫‪221‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫رقم ‪ 15-97‬بتاريخ ‪ 03/11/11‬المتعلق ب�إ�صالح القر�ض الفالحي موا�صلة تح�صيل‬


‫مبلغ القرو�ض الممنوحة من لدن ال�صندوق الوطني للقر�ض الفالحي قبل تحويلها‬
‫�إلى �شركة م�ساهمة وفقا للت�شريع المتعلق لتح�صيل الديون العمومية‪ ،‬ف�إنه ال يمكن‬
‫لتلك ال�شركة ا�ستخال�ص الدين العمومي عن طريق م�سطرة الحجز لدى الغير �إال‬
‫بعد ا�ستيفاء م�سطرة تحقيق الرهن المن�صب م�سبقا على عقارات المدين وح�صول‬
‫عدم كفاية ال�ضمانات الرهينة لتغطية مجموع الدين»‪.‬‬
‫وهل يجوز للقاب�ض المكلف بالتح�صيل �أن يلج�أ �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير‬
‫الحائز ال�ستخال�ص دين عمومي في مواجهة المدين بعد ا�ست�صدار هذا الأخير‬
‫�أمرا ق�ضائيا ب�إيقاف �إجراءات تح�صيله جوابا عن هذا الت�سا�ؤل ذهب ق�ضاء الأمور‬
‫الم�ستعجلة بالمحكمة الإدارية(‪ )22‬بالرباط �إلى القول بما يلي‪:‬‬
‫«حيث يملك القا�ضي اال�ستعجالي �سلطة رفع الحجز على �أموال المدين متى‬
‫كانت المراكز الواقعية والقانونية للأطراف وا�ضحة حوله �أو متى ان�صب على‬
‫�أموال غير قابلة للحجز �أو اكت�سى طابعا غير قانوني»‪.‬‬
‫«وحيث �إن ا�ست�صدار �أمر ب�إيقاف �إجراءات تح�صيل الدين ال�ضريبي المنازع‬
‫فيه لغاية البت النهائي في الجوهر �أو ب�أمر ق�ضائي �أ�ضحى نهائيا بعد ت�أييده بمقت�ضى‬
‫قرار ا�ستئنافي عدد ‪ 81‬بالملف ‪ 2/08/198‬م�ؤداه عدم جواز اتخاذ �أي �إجراء من‬
‫�إجراءات التح�صيل الجبري في مواجهة الطالبة عن طريق م�سطرة الإ�شعار للغير‬
‫الحائز بخ�صو�ص ذات الدين تحت طائلة اعتباره الغيا باعتبار �أن الأحكام الق�ضائية‬
‫القابلة للتنفيذ ت�سمو على القاعدة القانونية وعلى كل �إجراء من الإجراءات الإدارية‬
‫مما يبقى معه م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز الواقعة على ح�سابات العار�ضة غير‬
‫مرتكزة على �أ�سا�س قانوني والطلب حول رفع الحجز عليها م�ؤ�س�س»‪.‬‬
‫هذا ويجوز للقا�ضي اال�ستعجالي الإداري متى كانت و�ضعية المدين ت�ست�أهل‬
‫الحماية لوجوده في مركز معين �أن يحور الطلب لما فيه م�صلحة الطرف الأجدر‬
‫(‪� ) 22‬أمر رئي�س المحكمة االدارية بالرباط رقم ‪ 476‬بتاريخ ‪ 2009/03/30‬بالملف ‪.09/1/296‬‬

‫‪222‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫بالحماية الق�ضائية من مطالبة برفع الإ�شعار للغير الحائز �أي الأمر ب�إيقاف �إجراءات‬
‫ت�سليم المبالغ المحجوزة بوا�سطة م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز جاء في �أمر رئي�س‬
‫المحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء(‪.)23‬‬
‫«للقا�ضي اال�ستعجالي �أن يحور الطلبات المعرو�ضة عليه طبقا لما فيه م�صلحة‬
‫الطرف الأجدر بالحماية الق�ضائية ب�شرط عدم الم�سا�س بالمو�ضوع �أو تجاوز‬
‫الحدود التي �أرادها الخ�صوم»‪.‬‬
‫تحوير الطلب من رفع الحجز �إلى الإيقاف الم�ؤقت لإجراءات ت�سليم المبالغ‬
‫المحجوزة �إلى حين �صيرورة الحكم الم�ستدل بها نهائيا نعم»‪.‬‬
‫الفقرة الرابعة ‪ :‬الإ�شكاليات القانونية والعملية المتعلقة بالإكراه‬
‫البدني �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي‬

‫تن�ص المادة ‪ 77‬من المدونة على ما يلي‪:‬‬


‫ال يمكن اللجوء �إلى الإكراه البدني فيما يخ�ص تح�صيل ال�ضرائب والر�سوم‬
‫والديون العمومية الأخرى في الحاالت الآتية منها �إذا كان مجموع المبالغ‬
‫الم�ستحقة تقل عن ‪ 8000‬درهم‪.‬‬
‫ويعرف الف�صل ‪ 2‬من نف�س القانون الدين العمومي بال�ضرائب المبا�شرة‬
‫والر�سوم المماثلة والحقوق والر�سوم الجمركية‪ ،‬وحقوق الت�سجيل والتنبر‬
‫والر�سوم المماثلة ومداخيل وعائدات �أمالك الدولة والغرامات والأداءات‬
‫النقدية و�ضرائب ور�سوم الجماعات المحلية وهيئاتها و�سائر الديون الأخرى‬
‫لفائدة الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والم�ؤ�س�سات العمومية التي يعهد بها‬
‫للمحا�سبين المكلفين بالتح�صيل با�ستثناء الديون ذات الطابع التجاري‪.‬‬
‫وين�ص الف�صل ‪ 134‬على ما يلي‪:‬‬
‫ق�ضية العرابي‪ .....‬الخزينة‬ ‫‪10/2/9‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫‪10/118‬‬ ‫(‪� ) 23‬أمر رئي�س المحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء عدد‬
‫العامة‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫يبقى الإكراه البدني في ميدان تح�صيل الغرامات والأداءات النقدية خا�ضعا‬


‫للف�صول ‪� 675‬إلى ‪ 687‬من قانون الم�سطرة الجنائية‪.‬‬
‫وين�ص الف�صل ‪ 162‬على انه تن�سخ جميع الأحكام المخالفة وال �سيما الأحكام‬
‫الواردة به المذكورة على �سبيل المثال ال الح�صر‪.‬‬
‫وين�ص الف�صل ‪ 141‬ما معناه �أنه تعر�ض النزاعات التي قد تن�ش�أ عن تطبيق �أحكام‬
‫هذا القانون على المحاكم الإدارية الموجودة بالمكان الذي ي�ستحق فيه الديون‬
‫العمومية‪.‬‬
‫يالحظ من ال�صياغة القانونية للف�صلين ‪ 77‬و‪� 134‬أنه هنالك تعار�ض بين الف�صلين‬
‫المذكورين �إذ يمنع الف�صل ‪ 77‬الإكراه البدني في ال�ضرائب والر�سوم الديون‬
‫العمومية الأخرى التي تقل عن ‪ 8000‬درهم وح�سب �صياغة هذا الف�صل تكون‬
‫الغرامات كدين عمومي بمدلول الف�صل ‪� 2‬أعاله التي تقل في معظمها عن ‪8000‬‬
‫درهم غير م�شمولة بالإكراه البدني بينما في �صياغة الف�صل ‪ 134‬تبقى الغرامات‬
‫م�شمولة باالكراه البدني ومثل هذا التعار�ض مطروح في الوقت الحالي بين‬
‫مختلف المحاكم العادية حول �إمكانية اللجوء �إلى الإكراه البدني حول التنفيذ‬
‫الزجري للغرامات في �ضوء ال�صياغة المعار�ضة للف�صلين معا‪.‬‬
‫وهكذا وفي نازلة من هذا القبيل عر�ضت على �أنظار غرفة الم�شورة بمحكمة‬
‫اال�ستئناف بالرباط‪ ،‬تتلخ�ص وقائعها في �أنه تمت �إحالة مجموعة من الملفات‬
‫المتعلقة بالتنفيذ الزجري ال�ستخال�ص غرامات مالية لدين عمومي على قا�ضي‬
‫تطبيق العقوبة للموافقة على تطبيق الإكراه البدني في حق من توافرت فيه �شروط‬
‫التطبيق ف�أ�صدر قراره بعدم تطبيق الإكراه البدني بعلة �أن مبلغ الغرامة يقل عن‬
‫‪ 8000‬درهم تطبيقا لمقت�ضيات المادة ‪ 77‬من مدونة التح�صيل (ملف الإكراه‬
‫البدني عدد ‪ )04/268‬في هذه الحالة ا�ست�أنف ال�سيد الوكيل العام للملك القرار‬
‫المذكور بعلة خرقها لمقت�ضيات المادة ‪ 134‬من مدونة التح�صيل التي تن�ص على‬
‫�أن الإكراه البدني في ميدان تح�صيل الغرامات والأداءات النقدية يبقى خا�ضعا‬
‫‪224‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫للف�صول ‪� 675‬إلى ‪ 687‬من ق‪.‬م‪.‬ج التي حلت محلها الف�صول ‪� 635‬إلى ‪ 647‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج الجديد‪.‬‬
‫وذهبت غرفة الم�شورة(‪ )24‬وهي تلغي القرار القا�ضي بتطبيق العقوبات �إلى‬
‫القول ‪« :‬لكن حيث �إنه بالرجوع �إلى الف�صل ‪ 640‬من ق‪.‬م‪.‬ج يتبين �أن رقابة‬
‫قا�ضي تطبيق العقوبات على تطبيق الإكراه البدني تنح�صر في ثالث �شروط وهي‪:‬‬
‫‪ - 1‬توجيه �إنذار من طرف طالب الإكراه �إلى المعني بتطبيق الإكراه يبقى دون‬
‫نتيجة بعد مرور �أكثر من �شهر واحد على تاريخ التو�صل به‪.‬‬
‫‪ - 2‬تقديم طلب كتابي من المطالب بالإكراه البدني يرمي �إلى الإيداع‬
‫بال�سجن‪.‬‬
‫‪ - 3‬الإدالء بما يفيد عدم �إمكانية التنفيذ على �أموال المدين و�أن رقابته ال تمتد‬
‫�إلى رف�ض تطبيق الإكراه البدني محددا بمقت�ضى حكم‪.‬‬
‫وحيث �إنه بالرجوع �إلى الف�صل ‪ 77‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية يتبين‬
‫�أن هذا الف�صل ين�ص على انه ال يمكن اللجوء �إلى الإكراه البدني فيما يخ�ص‬
‫تح�صيل ال�ضرائب والر�سوم والديون العمومية الأخرى في الحاالت التالية‪� ،‬إذا‬
‫كان مجموع المبالغ الم�ستحقة يقل عن ‪ 8000‬درهم‪ ،‬وان عبارة ال يمكن اللجوء‬
‫�إلى الإكراه البدني يق�صد بها طلب تحديد الإكراه البدني ولي�س تطبيقه الذي يتم‬
‫ب�إيداع المدين بال�سجن بدليل ن�ص المادة ‪ 80‬من نف�س المدونة التي تن�ص على‬
‫�أنه يتم اللجوء �إلى الإكراه البدني بناء على طلب يوجه �إلى المحكمة االبتدائية‬
‫من طرف المحا�سب المكلف بالتح�صيل‪ ،‬ويبت قا�ضي الم�ستعجالت في طلب‬
‫المعرو�ض عليه و�إن الغرامات ال يقدم ب�ش�أنها طلب تحديد الإكراه البدني الذي‬
‫يحدد بمقت�ضى الحكم القا�ضي بها �إال في حالة الإغفال في �إطار الف�صل ‪ 636‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج ولي�س في �إطار الف�صل ‪ 80‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية و�إن‬
‫الف�صل ‪ 57‬من مدونة التح�صيل‪ ،‬ورد في الفرع ال�ساد�س من الباب الثالث من‬
‫(‪ ) 24‬غرفة الم�شورة ملف عدد ‪ 35/05/44‬حكم رقم ‪ 31‬بتاريخ ‪.05/12/22‬‬

‫‪225‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الق�سم الثاني الذي ورد تحت عنوان «�أحكام م�شتركة» وان المدونة �أفردت‬
‫الق�سم الثالث تحت عنوان «�أحكام خا�صة للغرامات والإدانات النقدية وال�صوائر‬
‫والم�صاريف الق�ضائية» وق�ضت في المادة ‪ 134‬من نف�س الق�سم على �أن الإكراه‬
‫البدني في ميدان تح�صيل الغرامات والأداءات النقدية يبقى خا�ضعا للف�صول‬
‫‪� 675‬إلى ‪ 687‬من ق‪.‬م‪.‬ج الجديد‪ ،‬وان المادة ‪ 638‬من ق‪.‬م‪.‬ج حددت الإكراه‬
‫البدني في ‪� 6‬أيام �إلى ‪ 20‬يوما �إذا كان مبلغ الغرامة �أو ما عداها من العقوبات‬
‫المالية يقل عن ‪ 8000‬درهم و�أنه من غير المنطقي �أن يحدد الإكراه البدني في مثل‬
‫هذه الحالة وال يطبق وان الف�صل ‪ 77‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية يبقى‬
‫مجاله جميع الديون العمومية ما عدا الغرامات والأداءات النقدية التي �أحالها‬
‫على القانون العام‪ ،‬وهو قانون الم�سطرة الجنائية‪.‬‬
‫وحيث �إن القول بعدم تطبيق الإكراه البدني بعلة ان المبلغ دون ‪ 8000‬درهم‬
‫فيه م�سا�س بحجة الأحكام والقرارات التي يرجع النظر في النزاعات العار�ضة‬
‫المتعلقة بتنفيذها �إلى المحكمة م�صدرها‪.‬‬
‫وحيث اعتبارا لذلك‪ ،‬يبقى قرار ال�سيد قا�ضي تطبيق العقوبة القا�ضي بعدم‬
‫تطبيق الإكراه البدني غير م�ؤ�س�س ويتعين �إلغا�ؤه والقول بمبا�شرة موا�صلة‬
‫�إجراءات التنفيذ في طلب الإكراه البدني ‪.04/628‬‬
‫لقد ن�ص الم�شرع على ان تحديد الإكراه البدني يخت�ص به رئي�س المحكمة‬
‫االبتدائية بو�صفه قا�ضيا للم�ستعجالت ويحدده داخل �أجل ‪ 30‬يوما لكنه لم يحدد‬
‫من جهة الجزاء المترتب عن عدم تحديده داخل الأجل المذكور كما لم يحدد‬
‫�سلطة قا�ضي الم�ستعجالت بمنا�سبة هذا التحديد هل يقت�صر دوره على مراقبة‬
‫الإجراءات ال�شكلية �أم تمتد �إلى مراقبة مدى توافر �شروط تحديد الإكراه البدني‬
‫من عدم �إثبات الع�سر وباقي ال�شروط الأخرى لقد ن�صت الفقرة الثانية من المادة‬
‫‪ 80‬من القانون ‪ 15/97‬بما معناه �أن قا�ضي الم�ستعجالت يبت في الطلب وهنا يطرح‬
‫�إ�شكال حول الإطار القانوني للطلب هل يبت فيه �إطار الف�صل ‪ 148‬من ق‪.‬م‪.‬م في‬

‫‪226‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫غياب المدين المعني بالإكراه البدني �أو في ظل الم�سطرة التواجهية المن�صو�ص‬


‫عليها بالف�صل ‪ 149‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬
‫نعتقد �أن تن�صي�ص الم�شرع ب�صبغة قا�ضي الم�ستعجالت وتمييزه بذلك عن‬
‫قا�ضي الأوامر المبنية على الطلب ال تدع مجاال لل�شك في �أن الإطار القانوني‬
‫للطلب هو الف�صل ‪ 149‬من ق‪.‬م‪.‬م ينبغي �أن يبت فيه رئي�س المحكمة �أو من ينيبه‬
‫بو�صفه قا�ضيا للم�ستعجالت في �إطار م�سطرة تواجهية بمعرفة ال�شروط ال�شكلية‬
‫والمو�ضوعية لتحديد الإكراه البدني وموقف المدين من ذلك وفي ذلك �ضمانة‬
‫حقيقية للمدين حيث يكون مهددا بالم�سا�س بحريته والزج به في ال�سجن عن‬
‫طريق تحديد الإكراه البدني وتنفيذه من طرف النيابة العامة وفي حالة اتخاذ قرار‬
‫برف�ض هذا التحديد �أو اال�ستجابة له كيف يتم الطعن في قراره وهل تملك المحكمة‬
‫الإدارية حق ت�سليط الرقابة على قراره في �إطار اخت�صا�صها الأ�صلي بالبت في‬
‫المنازعات المتعلقة بالتح�صيل �أم �أن ذلك ا�ستثناء من قاعدة عدم ت�سليط الرقابة‬
‫من طرف القا�ضي على �سلطة الق�ضاء �إال بو�سائل الطعن المقررة قانونا ؟‬
‫ونعتقد �أن القول ببت رئي�س المحكمة العادية بو�صفه قا�ضيا للم�ستعجالت في‬
‫�إطار مقت�ضيات الف�صل ‪ 149‬من ق‪.‬م‪.‬م يجيز للمعني بالأمر الطعن في القرار‬
‫ال�صادر على �ضوء ذلك طبقا للقواعد العامة لال�ستعجال‪.‬‬
‫و�إذا كانت اوامر قا�ضي الم�ستعجالت بتحديد الإكراه البدني م�شمولة بالنفاذ‬
‫المعجل‪ ،‬فهل تملك النيابة العامة تنفيذها مبا�شرة بعد التحديد ولو في حالة الطعن‬
‫فيها طبقا للقواعد العامة للم�سطرة المدنية وما هي الجهة الموكولة �إليها �أمر وقف‬
‫التنفيذ بالأداء الزجري بالمدين في ال�سجن من �شانه �أن يلحق به �أ�ضرار ي�صعب‬
‫تداركها بعد التنفيذ‪.‬‬
‫و�إذا كان رئي�س المحكمة الإبتدائية يبت في طلب تحديد الإكراه البدني ب�صفته‬
‫قا�ضيا للم�ستعجالت في �إطار م�سطرة تواجهية‪ ،‬فهل يملك الحق في مراقبة �صحة‬
‫الإجراءات ال�سابقة على تحديد الإكراه البدني في �إطار مبد�أ تدرج المتابعات‬
‫‪227‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫كما هي من�صو�ص عليها بالقانون ‪ 37/15‬وهل يحق له مناق�شة حتى الدين ال�ضريبي‬
‫المعني بم�سطرة تحديد الإكراه البدني‪.‬‬
‫(‪)25‬‬
‫في هذا الإطار‪ ،‬ذهب �أمر ق�ضائي �صادر عن رئي�س المحكمة االبتدائية ب�سال‬
‫�إلى القول وهو يراقب �صحة التبليغ بالإنذار القانوني بالأداء ويق�ضي بعدم قبول‬
‫الطلب ‪:‬‬
‫«حيث �إن الأمر يتعلق بم�سطرة الإكراه البدني»‬
‫«وحيث �إنه لم يقع دليل على تو�صل الطرف المدعى عليه ح�سبما �أفيد من‬
‫�شهادة الت�سليم»‪.‬‬
‫«وحيث بذلك يكون الطلب غير م�ستوف ل�شروطه ال�شكلية المتطلبة قانونا مما‬
‫يتعين معه الت�صريح بعدم قبول الطلب»‪.‬‬
‫وفي نازلة �أخرى‪ ،‬ذهب �أمر رئي�س المحكمة االبتدائية(‪ )26‬بطنجة �إلى �أبعد من‬
‫ذلك حيث ناق�ش الدين ال�ضريبي مو�ضوع المطالبة بتحديد الإكراه البدني وانتهى‬
‫�إلى القول برف�ض طلب تحديد الإكراه البدني لوجود منازعة جدية في الدين‬
‫ال�ضريبي جاء في تعليله ما يلي‪ « :‬حيث �إنه‪� ....‬أمام وجود منازعة جدية في قيمة‬
‫الدين لم يح�سم فيها بعد يكون الطلب الرامي �إلى تحديد فترة الإكراه البدني غير‬
‫مرتكز على �أ�سا�س �سليم وي�ستوجب الت�صريح برف�ضه»‪.‬‬
‫فيما ذهبت محكمة اال�ستئناف بطنجة(‪� )27‬إلى القول ب�إلغاء �أمر رئي�س المحكمة‬
‫االبتدائية بطنجة القا�ضي برف�ض طلب تحديد الإكراه البدني �أعاله معللة قرارها‬
‫بما يلي‪:‬‬
‫«حيث �إنه بالرجوع �إلى محتويات الملف وم�ستنداته وخا�صة الف�صول من ‪76‬‬
‫�إلى ‪ 83‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية تتجلى عدم �صحة ما نعاه الطاعن على‬
‫(‪� ) 25‬أمر رئي�س المحكمة االبتدائية ب�سال رقم ‪ 04/309‬بتاريخ ‪.2004/02/12‬‬
‫(‪� )26‬أمر رئي�س المحكمة االبتدائية بطنجة تحت رقم ‪ 04/352‬بتاريخ ‪ 04/05/27‬قاب�ض طنجة �ضد عبد الرحمان‬
‫�أربعين‪.‬‬
‫(‪ ) 27‬قرار محكمة اال�ستئناف بطنجة رقم ‪ 43‬بتاريخ ‪.05/06/29‬‬

‫‪228‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الحكم المطعون فيه‪ ،‬ذلك �أن هذه الف�صول لي�س من بينها �أي ن�ص يعطي لقا�ضي‬
‫الأمور الم�ستعجلة ال�صالحية للقول بتطبيق م�سطرة الإكراه البدني والتي تبقى من‬
‫اخت�صا�ص النيابة العامة»‪.‬‬
‫ومما تجدر الإ�شارة �إليه هنا �أن المطبوع الذي ت�ستعمله الخزينة في مثل هذه‬
‫الحاالت تطالب من خالله تطبيق م�سطرة الإكراه البدني ولي�س تحديد الإكراه‬
‫البدني‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وفي �إطار الجواب عن الدفع المتعلق بمنع الإكراه البدني في �ش�أن‬
‫ا�ستخال�ص الدين العمومي بناء على الف�صل ‪ 11‬من االتفاقية الدولية للحقوق‬
‫المدنية وال�سيا�سية‪ ،‬ذهب الأمر الق�ضائي ال�صادر عن رئي�س المحكمة االبتدائية‬
‫بمراك�ش(‪� )28‬إلى القول بما يلي ‪« :‬لكن حيث ف�ضال عن كون الف�صل المذكور من‬
‫المعاهدة الدولية الخا�صة بالحقوق المدنية وال�سيا�سية الم�صادق عليها من لدن‬
‫الدولة المغربية بتاريخ ‪ 9‬يونيو ‪� 1979‬إنما ين�صرف �إلى حالة عدم القدرة على‬
‫الوفاء بااللتزامات التعاقدية �أي الديون الخ�صو�صية ولي�س الديون العمومية كما‬
‫هو الأمر في نازلة الحال»‪.‬‬
‫و�إذا كانت المادة ‪ 141‬من مدونة التح�صيل تن�ص على �أن جميع المنازعات التي‬
‫تن�ش�أ عن تطبيق مدونة التح�صيل الجديدة مما تخت�ص بالبت فيها المحاكم الإدارية‬
‫الموجودة بالمكان الذي ت�ستحق فيه تلك الديون مو�ضوع م�سطرة اال�ستخال�ص‬
‫و�إذا كان الق�ضاء اال�ستعجالي بالمحكمة الإدارية يعتبر جزءا من المحكمة وي�ستمد‬
‫اخت�صا�صه من اخت�صا�صها‪� ،‬أمكن القول ب�أن الق�ضاء اال�ستعجالي بالمحاكم‬
‫الإدارية يخت�ص بالبت في جميع الطلبات المتعلقة ب�إيقاف �إجراءات التح�صيل‬
‫الجبري للديون العمومية بما فيها الإنذار والحجز والبيع والإكراه البدني مادام‬
‫�أن محكمة المو�ضوع مخت�صة بقوة القانون بالبت في جميع المنازعات المتعلقة‬
‫بم�سطرة مبا�شرة تلك الإجراءات وبالتالي يكون الق�ضاء اال�ستعجالي للمحكمة‬
‫(‪� )28‬أمر ق�ضائي �صادر عن رئي�س المحكمة االبتدائية بمراك�ش بالملف ‪ 03/4/467‬بتاريخ ‪ 09/03/16‬قاب�ض مراك�ش‬
‫�ضد عمر �أبو الزهور‪.‬‬

‫‪229‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫االدارية م�ؤهال للبت في طلبات �إيقاف م�سطرة الإكراه البدني با�ستثناء الحالة‬
‫المتعلقة بتحديد الإكراه البدني التي ا�ستثناها الم�شرع من اخت�صا�صه ومنحها‬
‫لرئي�س المحكمة االبتدائية عمال بمقت�ضيات الف�صل ‪ 80‬من القانون ‪ .15/97‬وتبقى‬
‫المحكمة االدارية مخت�صة في المنازعات التي تلي �صدور الأمر الق�ضائي بتحديد‬
‫مدة الإكراه البدني �سواء المو�ضوعية �أو اال�ستعجالية منها وفي هذا الإطار يملك‬
‫رئي�س المحكمة �أن يوقف �إجراءات الإكراه البدني م�ؤقتا لغاية البت في جوهر‬
‫النزاع �إذا كان معرو�ضا على �أنظار محكمة المو�ضوع حول بطالن م�سطرة الإكراه‬
‫البدني �أو منح الطالب مهلة لرفع تلك الدعوى المتعلقة ببطالن �إجراءات الإكراه‬
‫البدني داخل �أجل معين تحت طائلة موا�صلة �إجراءات الإكراه البدني كلما الحظ‬
‫عيبا ج�سيما �شاب الم�سطرة المتعلقة بها‪ ،‬وهكذا جاء في �أمر رئي�س المحكمة‬
‫االدارية بفا�س(‪ )29‬وهو يق�ضي بالإيقاف الم�ؤقت لتنفيذ م�سطرة االكراه البدني‬
‫الجاري �ضد الطالب ملف االكراه ‪ 98/224‬المفتوح لدى النيابة العامة بابتدائية فا�س‬
‫�إلى حين �صدور حكم نهائي في مو�ضوع بطالن م�سطرة االكراه البدني‪.‬‬
‫«حيث �إنه �أمام المنازعة الجدية في م�سطرة التبليغ و�أمام عدم و�ضوح �سالمة‬
‫هذه الم�سطرة ب�شكل ال غبار عليه وتفاديا لتنفيذ االكراه البدني رغم ما قد ي�شوبها‬
‫من عيوب ت�ؤدي بق�ضاء المو�ضوع �إلى الت�صريح ببطالنها وما قد ينتج عن ذلك من‬
‫�صعوبة تدارك الأ�ضرار الناتجة عن تنفيذ هذه الم�سطرة خا�صة و�أن الأمر يتعلق‬
‫بحرية االن�سان ف�إننا قدرنا �أن طلب ت�أجيل تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني مبرر علما‬
‫ب�أن ت�أجيل هذه الم�سطرة ال يغل يد القاب�ض عن �سلوك م�ساطر التنفيذ الأخرى‬
‫كالحجز والبيع من �أجل تح�صيل الديون العمومية في �إطار ال�شروط القانونية‬
‫المعمول بها»‪.‬‬

‫(‪� )29‬أمر رئي�س المحكمة االدارية بفا�س في الملف ‪ 2001/91‬بتاريخ ‪ 2002-2-6‬ق�ضية ر�شيد لزرق �ضد الخازن‬
‫العام‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وذهبت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى(‪ )30‬في نف�س المنحى وهي ت�ؤيد‬
‫�أمر رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س بالملف ‪ 01/28‬القا�ضي ب�إيقاف تنفيذ م�سطرة‬
‫الإكراه البدني الجارية �ضد الطالب لغاية البت في دعوى بطالن م�سطرة االكراه‬
‫البدني المعرو�ضة على ق�ضاء المو�ضوع لعدم التبليغ القانوني بالإنذار بدون �صائر‬
‫والإنذار القانوني ال�سابقين على تطبيق م�سطرة االكراه البدني جاء في قرارها ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫«لكن من جهة‪� ...‬إن الف�صل ‪ 30‬من ظهير ‪ 1935/08/21‬الذي كان �ساري‬
‫المفعول بتاريخ الواقعة ي�ستوجب قبل تطبيق االكراه البدني �أن يبلغ المعني بالأمر‬
‫ب�إنذار قانوني تبليغا �شخ�صيا �أو بموطنه في غالف مختوم �إلى �أحد الأ�شخا�ص الذين‬
‫حددهم الف�صل المذكور للنيابة عنه في ت�سليم ذلك الإنذار‪ .‬ومن جهة ثانية يبدو‬
‫من ظاهر الوثائق التي تحتج بها الإدارة انها ال ت�شير �إلى رقم االكراه البدني‪...‬‬
‫فكانت منازعة المدعي الم�ست�أنف عليه جدية وكان الأمر الم�ستانف على �صواب‬
‫عندما ق�ضى في مثل هاته الحالة المعرو�ضة ب�إيقاف �إجراءات تنفيذ االكراه البدني‬
‫�إلى حين البت في طلب معاينة بطالنه مما يجعل ما �أثير بدون �أ�سا�س»‪.‬‬
‫لكن هل يكون رئي�س المحكمة الإدارية مخت�صا ب�إيقاف م�سطرة تنفيذ الإكراه‬
‫البدني حتى لو كان المعني بالأمر معتقال في �إطار تطبيقه للمادة ‪ 141‬من القانون‬
‫‪ 15/97‬الذي ين�ص على �أن جميع النزاعات الناتجة عن تطبيق القانون المذكور مما‬
‫يخت�ص به الق�ضاء الإداري �سواء كانت مو�ضوعية �أو ا�ستعجالية �أم �أن مقت�ضيات‬
‫الف�صل ‪ 683‬من ق‪.‬م‪.‬م التي لم يطلها �أي تعديل تجعله غير مخت�ص بالبت في‬
‫الطلب متى كان المعني بالأمر معتقال لقد ت�ضارب موقف المحاكم الإدارية حول‬
‫هاته الم�س�ألة بين م�ؤيد الخت�صا�ص الق�ضاء اال�ستعجالي في �إيقاف م�سطرة تنفيذ‬
‫الإكراه البدني حتى لو كان المعني بها معتقال وبين منف عن الق�ضاء اال�ستعجالي‬
‫ق�ضية الهزاط �ضد‬ ‫‪2001/1/4/1282‬‬ ‫بالملف عدد‬ ‫‪2001/12/6‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫‪713‬‬ ‫(‪ )30‬قرار الغرفة الإدارية عدد‬
‫الخزينة‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫االخت�صا�ص بالبت في طلب �إيقاف م�سطرة الإكراه البدني حالة وجود المدعي‬
‫في حالة اعتقال‪.‬‬
‫وفي هذا الإطار �صدر �أمر عن رئي�س المحكمة الإدارية بوجدة(‪ )31‬ق�ضى بعدم‬
‫اخت�صا�صه نوعيا بالبت في طلب �إيقاف م�سطرة تنفيذ الإكراه البدني باعتبار �أن‬
‫المدين معتقال في �إطار تنفيذ الإكراه البدني و�أن الن�ص الواجب التطبيق هو‬
‫الف�صل ‪ 683‬من ق‪.‬م‪.‬ج الذي يعطي االخت�صا�ص في هذا ال�ش�أن لرئي�س المحكمة‬
‫االبتدائية جاء فيه ما يليه ‪« :‬حيث لئن كان الف�صل ‪ 69‬من القانون المتعلق بم�سطرة‬
‫تح�صيل ال�ضرائب والر�سوم التي في حكمها كما وقع تعديله بالمادة ‪ 30‬من قانون‬
‫المحاكم الإدارية يعطي الوالية العامة للمحاكم الإدارية بالبت في جميع النزاعات‬
‫النا�شئة عن تطبيق الظهير المذكور �سواء كانت مو�ضوعية �أو ا�ستعجالية فقد ظل‬
‫قيد الف�صل ‪ 683‬من ق‪.‬م‪.‬ج الذي لم يطله �أي تعديل �أو ن�سخ وارد وكا�ستثناء‬
‫من تلك الوالية حينما يكون الملزم بال�ضريبة �أو الر�سوم التي في حكمها معتقال‬
‫عن طريق تنفيذ الإكراه البدني حيث يخت�ص رئي�س المحكمة االبتدائية بالبت في‬
‫الطلبات الرامية �إلى �إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني والت�صريح بعدم �صحتها‬
‫ومرد ذلك �أن الأمر يتعلق بالحرية ال�شخ�صية للمعني باالعتقال عن طريق تنفيذ‬
‫الإكراه البدني وتواجد النيابة العامة بمقر هاته المحاكم المنفذة لالجراء المذكور‬
‫والم�ؤهلة لرفع حالة االعتقال في حالة اال�ستجابة للطلب حول ايقاف م�سطرة‬
‫الإكراه البدني»‪.‬‬
‫«وحيث لما كان الطالب معتقال في �إطار تنفيذ الإكراه البدني تبقى مقت�ضيات‬
‫ظهير ‪ 1935/8/21‬من ق‪.‬م‪.‬ج هي الواجبة التطبيق في النازلة ويكون معها رئي�س‬
‫المحكمة االبتدائية هو المخت�ص بالبت في الطلب ووكيل الملك بها هو الم�ؤهل‬
‫قانونا لرفع حالة االعتقال و�إطالق �سراح الطالب في �إطار تنفيذ �أمر رئي�س المحكمة‬
‫حالة اال�ستجابة للطلب دون الق�ضاء اال�ستعجالي لهاته المحكمة»‪.‬‬
‫(‪� ) 31‬أمر رئي�س المحكمة الإدارية بوجدة بالملف ‪� 2000/100‬س بتاريخ ‪ 2000/10/24‬ق�ضية �إبراهيم عبد العزيز‬
‫�ضد وزارة المالية‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وعلى خالف ذلك ذهب رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س(‪� )32‬إلى القول‬
‫باخت�صا�ص رئي�س المحكمة الإدارية للبت في طلب �إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه‬
‫البدني ولو كان المعني بالأمر في حالة اعتقال تنفيذا للإكراه البدني معلال م�ؤقفه‬
‫فيما يلي ‪« :‬حيث �إن هذا الطلب و�إن كان يتعلق بنظر م�شروعية االعتقال التي‬
‫يرجع فيها الأمر �صراحة �إلى رئي�س المحكمة االبتدائية بمقت�ضى المادة ‪ 683‬من‬
‫قانون الم�سطرة الجنائية ف�إن �أ�سباب الطلب تبنى على ما ن�سب �إلى الخزينة العامة‬
‫من خرق لمقت�ضيات ظهير ‪.»1935/8/21‬‬
‫وحيث �إنه من المعلوم �أن لقا�ضي الم�ستعجالت �إمكانية تحوير الطلبات الوقتية‬
‫بالتحوير والتعديل‪.‬‬
‫وحيث �إنه في هذا الإطار قدرنا �أن الأمر يتعلق بطلب �إيقاف م�سطرة الإكراه‬
‫البدني‪.‬‬
‫«وحيث ذلك يعني �أن الطرف الرئي�سي في هاته المنازعة هي الخزينة العامة‬
‫�أو من يمثلها من القبا�ض و�أن عدم ادخال ال�سيد وكيل الملك الم�ؤ�شر على الأمر‬
‫باالعتقال ال يعيب الم�سطرة مادام �أن هذا الأخير ال يعتبر طرفا رئي�سيا �إال عندما‬
‫يتعلق الأمر بمقت�ضيات الف�صل ‪ 683‬من ق‪.‬م‪.‬ج»‪.‬‬
‫وقد ق�ضى الأمر الق�ضائي المذكور ب�إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني‬
‫لعدم �إدالء الخزينة بما يفيد احترام ال�شكليات المتعلقة بم�سطرة الإكراه البدني‬
‫وخ�صو�صا التبليغ بالإنذار بدون �صائر والإنذار القانوني ومنح الطالب مهلة ثمانية‬
‫�أيام من تاريخ �صدور الأمر لتقديم دعوى في المو�ضوع مع ا�ستمرار الإيقاف �إلى‬
‫حين �صدور حكم في المو�ضوع‪.‬‬
‫وذهب الق�ضاء الإداري اال�ستعجالي للمحكمة الإدارية بالرباط(‪� )33‬إلى القول‬
‫ق�ضية المرا�ضي‬ ‫‪2000/04/28‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫‪2000/17‬‬ ‫(‪� ) 32‬أمر رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س بالملف اال�ستعجالي‬
‫�ضد الخزينة‪.‬‬
‫(‪� )33‬أمر رئي�س المحكمة الإدارية بالرباط بالملف عدد ‪ 198‬ق�ضية اعمارة �ضد الخزينة‪.‬‬

‫‪233‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫باخت�صا�ص رئي�س المحكمة االبتدائية بالبت في طلب �إيقاف تنفيذ الإكراه البدني‬
‫كلما كان المتابع معتقال في �إطار تنفيذ الإكراه البدني عمال بمقت�ضيات الف�صل‬
‫‪ 683‬من ق‪.‬م‪.‬ج جاء فيه‪ « :‬حيث �إن الف�صل ‪ 683‬من ق‪.‬م‪.‬ج ي�سند االخت�صا�ص‬
‫في طلب الت�صريح ببطالن �إجراءات الإكراه البدني �إلى رئي�س المحكمة االبتدائية‬
‫لذلك تكون المحكمة الإدارية غير مخت�صة �صراحة بن�ص القانون للبت في مثل‬
‫هذا الطلب»‪.‬‬
‫وقد ح�سمت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى(‪ )34‬في مو�ضوع الخالف‬
‫المذكور وجاء في قرارها وهي تجيب عن الو�سيلة المتعلقة بعدم اخت�صا�ص رئي�س‬
‫المحكمة الإدارية نوعيا للبت في الطلب ت�أ�سي�سا على مقت�ضيات الف�صل ‪ 683‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج ‪« :‬لكن حيث �إن اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت ي�ستمد من اخت�صا�ص‬
‫محكمته و�أن المحكمة الإدارية تخت�ص نوعيا بالبت في الدعاوى المتعلقة بتح�صيل‬
‫الديون الم�ستحقة للخزينة العامة وعلى ر�أ�سها ال�ضرائب ح�سب ن�ص الف�صل ‪8‬‬
‫من القانون رقم ‪ 41-90‬المتعلق ب�إحداث المحاكم الإدارية وي�ؤكد هذا االخت�صا�ص‬
‫الف�صل ‪ 69‬من ظهير ‪ 1935/08/21‬كما عدلته المادة ‪ 30‬من القانون رقم ‪41-90‬‬
‫المذكور»‪.‬‬
‫وحيث �إنه بالرجوع �إلى المقال االفتتاحي للدعوى تبين �أن الطلب يتعلق‬
‫بالمنازعة في الإجراءات التي يجب على الخزينة العامة �أن تقوم بها ح�سب‬
‫الف�صل ‪ 84‬من ظ ‪ 1935‬وبمقت�ضاه ال يجوز ال�شروع في التنفيذ �إال بعد توجيه تنبيه‬
‫بدون �صائر وبعده الإ�شعار الم�سمى الإنذار القانوني وفق الف�صل ‪ 28‬من الطلب‬
‫المذكور وال يتعلق النزاع بالأمر ال�صادر عن النيابة العامة بالإيداع في ال�سجن وال‬
‫ين�سب �إليها �أي خرق لقانون الم�سطرة الجنائية‪.‬‬
‫«وحيث �إن �إجراءات الإكراه البدني من �أجل الديون الم�ستحقة للخزينة العامة‬
‫تختلف عن �إجراءات تطبيقه من �أجل دعوى �صادرة عن الق�ضاء العادي ويتجلى‬
‫(‪ ) 34‬قرار الغرفة الإدارية بالملف عدد ‪ 2000/1/4/635‬بتاريخ ‪ 2000/11/5‬ق�ضية المرا�ضي �ضد الخزينة‪.‬‬

‫‪234‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫هذا الإختالف خا�صة فيما يتعلق بالآجال بمقارنة الف�صل ‪ 680‬من ق‪.‬م‪.‬ج مع‬
‫الف�صل ‪ 28‬من ظهير ‪ 1935/8/21‬وكذلك اختالف مدة الإكراه البدني بين الف�صل‬
‫‪ 678‬من ق‪.‬م‪.‬ج والف�صل ‪ 30‬المذكور وكان قا�ضي الم�ستعجالت بالمحكمة‬
‫الإدارية على �صواب عندما �صرح باخت�صا�صه نوعيا بالبت في طلب �إيقاف‬
‫�إجراءات تنفيذ الإكراه البدني»‪.‬‬
‫وبعد �أن اعتبرت الغرفة الإدارية �أن المنازعة جدية في التبليغ بالإنذار بدون‬
‫�صائر وبالإنذار القانوني المتطلب في �صحة م�سطرة الإكراه البدني �أيد �أمر‬
‫القا�ضي الإ�ستعجالي القا�ضي ب�إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني مع منح الطالب‬
‫مهلة ثمانية �أيام لرفع نزاعه الق�ضائي حول بطالن تلك الم�سطرة‪ ،‬هذا و�أن م�سطرة‬
‫الإكراه البدني بالقانون ‪ 15-97‬الذي حل محل ظ ‪ 1935/08/21‬ودخل حيز التنفيذ‬
‫ابتداء من ‪ 2000/10/01‬يثير ا�شكاالت عديدة‪ ،‬ذلك �أنه �إذا �أخذنا بعين االعتبار‬
‫�صياغة الف�صل ‪ 162‬الذي ين�ص على ن�سخ جميع الأحكام المخالفة والف�صل ‪139‬‬
‫من نف�س القانون الذي �أبقى على تطبيق مقت�ضيات الف�صول من ‪� 675‬إلى ‪687‬‬
‫المتعلقة بالإبقاء على الإكراه البدني جاريا على الغرامات والأداءات النقدية‬
‫فقط دون ال�ضرائب يبقى الت�سا�ؤل مطروحا حول �إمكانية �إيقاف م�سطرة الإكراه‬
‫البدني من طرف رئي�س المحكمة العادية طبقا للف�صل ‪ 683‬من ق‪.‬م‪.‬ج بخ�صو�ص‬
‫ال�ضرائب في حالة اعتقال المدين عن طريق تنفيذ الإكراه البدني‪.‬‬
‫و�إذا قلنا باخت�صا�ص المحاكم الإدارية في هذا ال�ش�أن ا�ستنادا �إلى الف�صلين ‪77‬‬
‫و‪ 134‬والف�صل ‪ 141‬الذي ين�ص على اخت�صا�ص المحاكم الإدارية كق�ضاء مو�ضوع‬
‫�أو كق�ضاء ا�ستعجالي في جميع النزاعات التي تن�ش�أ عن تطبيق مدونة التح�صيل‬
‫‪ .15-97‬فهي ال تتوفر على نيابة عامة لرفع االعتقال عن المحبو�س في �إطار تنفيذ‬
‫الإكراه البدني و�أن المفو�ض الملكي لهاته المحكمة ال يقوم بدور النيابة العامة‬
‫و�أن المحاكم الإدارية غير منت�شرة عبر �أقاليم المملكة و�أن الأمر يتعلق بالحرية‬
‫ال�شخ�صية للمدين فهل يمكن القول ب�أن الأداءات النقدية ال تت�صرف �إلى جميع‬

‫‪235‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الديون العمومية بما فيها ال�ضرائب والر�سوم والغرامات للقول باخت�صا�ص الق�ضاء‬
‫العادي في �شخ�ص رئي�س المحكمة في حالة اعتقال المدين لتجنب الإ�شكال‬
‫المطروح‪.‬‬
‫نعتقد �أن �صراحة الف�صل ‪ 132‬من الق�سم الثالث من مدونة التح�صيل تمنعنا من‬
‫القول بذلك حينما عرفت الأداءات النقدية في ميدان الجمارك وال�ضرائب غير‬
‫المبا�شرة بالأداءات التي تكت�سي طابع التعوي�ض المدني ومن هنا فال مجال للقول‬
‫باخت�صا�ص رئي�س المحكمة االبتدائية للقول بعدم �صحة م�سطرة الإكراه البدني‬
‫�إال فيما يخ�ص الغرامات والأداءات النقدية في �إطار الف�صل ‪ 683‬من ق‪.‬م‪.‬ج‬
‫وحتى �إذا قلنا باخت�صا�ص رئي�س المحكمة االبتدائية في هذه الحالة فاخت�صا�صه‬
‫م�شروط بحالة االعتقال وحالة المنازعة في �صحة الم�سطرة على مقت�ضى الف�صل‬
‫‪ 683‬من ق‪.‬م‪.‬ج فكيف يتعامل مع المطالبة ب�إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني‬
‫في حالة المنازعة في غير �صحة الم�سطرة كمثل المنازعة في المديونية ك�أن تكون‬
‫غير ثابتة بحكم ق�ضائي �أو في حالة �إثارة �صعوبة قانونية ممثلة في �إلغاء ال�ضريبة ولو‬
‫ابتداء هل �سي�صرح بعدم اخت�صا�صه للبت في الطلب ولو مع توفر حالة االعتقال‬
‫وهل تملك المحكمة الإدارية بوا�سطة الق�ضاء اال�ستعجالي البت في الطلب مع‬
‫حالة االعتقال وعدم وجود نيابة عامة بالمحكمة الإدارية لرفع حالة االعتقال عن‬
‫المحبو�س في �إطار تنفيذ �أحكامها القا�ضية ب�إيقاف تطبيق م�سطرة الإكراه البدني‪.‬‬
‫ونعتقد �أن حل هذا الإ�شكال القانوني يكمن في منح االخت�صا�ص لرئي�س‬
‫المحكمة من �أجل النظر في جميع الطلبات المتعلقة ب�إيقاف م�سطرة الإكراه البدني‬
‫�سواء كان المدين معتقال �أو في حالة �سراح تطبيقا لمقت�ضيات الف�صل ‪ 141‬من‬
‫مدونة التح�صيل ‪ 15-97‬التي ت�سند جميع النزاعات الناتجة عن تطبيق هذا القانون‬
‫�إلى الق�ضاء الإداري �سواء كانت تلك المنازعات مو�ضوعية �أو ا�ستعجالية مادام‬
‫�أن المخا�صم في هاته المنازعة هي �إجراءات التح�صيل الجبري الآيلة �إلى تطبيق‬
‫م�سطرة الإكراه البدني والجهة المعنية ذات ال�صفة للدفاع عن موقفها حول ذلك‬

‫‪236‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫هي الخزينة دون النيابة العامة التي ال يمكن �أن يحاكم قرارها بالإيداع في ال�سجن‬
‫تنفيذا لم�سطرة الإكراه البدني �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي الإداري وي�ستعا�ض من‬
‫ذلك ب�إدخالها في هاته الدعوى المتعلقة ب�إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني‬
‫لت�سهيل تنفيذ الأمر الق�ضائي الذي قد يق�ضي ب�إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني‬
‫في مواجهة النيابة العامة باعتبارها طرف في النزاع وحتى ال تدفع بمنا�سبة التنفيذ‬
‫كونها �أجنبية عن النزاع المرفوع في غير الحالة المن�صو�ص عليها بالف�صل ‪ 683‬من‬
‫ق‪.‬م‪.‬ج هذا وفي �إطار تجاوز الإ�شكال المطروح وبالرجوع �إلى القانون ‪15-97‬‬
‫�أعاله نجد قد ن�ضم الإكراه البدني ب�شكل مغاير لظهير ‪� 1935/08/21‬إذ ن�ص من‬
‫خالل الف�صل ‪ 76‬منه بما معناه �أنه �إذا لم ت�ؤد طرق التنفيذ على �أموال المدين �إلى‬
‫نتيجة يمكن �أن يتابع التح�صيل الجبري لل�ضرائب والر�سوم والديون العمومية‬
‫الأخرى بوا�سطة الإكراه البدني ويتم اللجوء �إلى الإكراه البدني مع مراعاة �أحكام‬
‫المادتين ‪ 77‬و‪� 78‬ضد من لم يثبت ع�سره والمفتعل للع�سر‪ .‬وم�ؤدى ذلك �أنه ال‬
‫مجال لتطبيق الإكراه البدني خارج افتعال الع�سر ذلك �أن الأمر ال يخلو من حالتين‬
‫اثنتين ال ثالث لهما �إما �أن يكون مو�سرا �أو على درجة من الي�سر ويبا�شر الحجز‬
‫على منقوالته �أو عقاراته القابلة للحجز وتنفيذ بذلك م�سطرة الإكراه البدني و�إما �أن‬
‫يكون المدين مع�سرا و�آنذاك ال تطبق في حقه م�سطرة الإكراه البدني وقد �سايرت‬
‫مدونة التح�صيل في هذا ال�ش�أن قواعد ال�شريعة اال�سالمية واالتفاقيات الدولية التي‬
‫ال تجيز �سجن المدين المع�سر الغير القادر عن �أداء ما بذمته وفي هذا المنحى‬
‫ذهب �أمر رئي�س المحكمة االدارية بفا�س(‪ )35‬وهو يق�ضي بايقاف م�سطرة الإكراه‬
‫البدني لغاية البت في دعوى بطالنها مو�ضوعا �إلى القول بما يلي ‪« :‬فاالتفاقيات‬
‫الدولية الم�صادق عليها من طرف المملكة المغربية بتاريخ ‪ 1997/5/3‬والمادة ‪11‬‬
‫من معاهدة نيويورك تحرم �سجن المدين في حالة عدم قدرته على الوفاء بدينه‬
‫وقواعد ال�شريعة اال�سالمية تحرم �سجن المدين المع�سر ومدونة التح�صيل ‪15-97‬‬
‫التي ت�ساير كال من قواعد ال�شريعة اال�سالمية واالتفاقيات الدولية ال تجيز تطبيق‬
‫‪05/1/19‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫‪05/33‬‬ ‫�أمر رقم‬ ‫‪�73‬س‪2004/‬‬ ‫(‪� )35‬أمر رئي�س المحكمة االدارية بفا�س بالملف اال�ستعجالي‬
‫ق�ضية رجب �ضد الخزينة‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫م�سطرة الإكراه البدني اال في حق المدين المفتعل للع�سر على اعتبار �أن المدين‬
‫�إما �أن يتوفر على �ضمانة مالية تتمثل في منقول �أو عقار قابل للحجز يتم مبا�شرة‬
‫تنفيذ الحجز عليه و�إما �أن يكون مفتعال للع�سر ب�سوء نية فتطبق في حقه م�سطرة‬
‫الإكراه البدني و�إما �أن يكون مع�سرا وغير قادر على الوفاء بدينه فال تنفذ م�سطرة‬
‫الإكراه البدني في حقه»‪.‬‬
‫لذلك فكل هاته المبررات ت�صب في اتجاه واحد‪ .‬وهو ا�ستبعاد م�سطرة الإكراه‬
‫البدني في حق المع�سر الذي ال يتوفر على منقول �أو عقار قابل للحجز لذلك تبقى‬
‫المطالبة ب�إيقاف م�سطرة الإكراه البدني في حق الطالب م�ؤ�س�سة‪.‬‬
‫هذا وقد �سن الأمر الق�ضائي المذكور قاعدة �أخرى مفادها �أن المنازعة الجدية‬
‫في م�سطرة التح�صيل الآيلة ح�سب الظاهر �إلى �إلغاء الدين العمومي �أو بطالن‬
‫م�سطرته ال يتقيد فيها ب�ضوابط �إيقاف الأداء المن�صو�ص عليها بالف�صلين ‪ 117‬و‪118‬‬
‫من مدونة التح�صيل‪.‬‬
‫الفقرة الخام�سة ‪ :‬الإ�شكاليات المثارة ب�صدد �إجراءات تح�صيل الدين‬
‫العمومي في �إطار �صعوبة المقاولة‬

‫‪ -‬الإ�شكالية المتعلقة بتطبيق الف�صل ‪ 695‬من مدونة التجارة �أمام القا�ضي‬


‫المنتدب‪:‬‬

‫ين�ص الف�صل ‪ 695‬من مدونة التجارة بما معناه �أن القا�ضي المنتدب يتخذ ب�ش�أن‬
‫اقتراحات ال�سنديك �إما قبول الدين المقترح �أو رف�ضه �أو معاينة دعوى جارية �أو‬
‫�أن المنازعة ال تدخل في اخت�صا�صه‪.‬‬
‫والت�سا�ؤل الذي يطرح هنا هو ما �إذا كان يجوز للمدين بدين عمومي م�صرح به‬
‫لدى ال�سنديك داخل الأجل القانوني المحدد بالف�صل ‪ 687‬من مدونة التجارة �أن‬
‫ينازع فيه �أمام القا�ضي المنتدب وكيف تعامل القا�ضي المنتدب مع هاته المنازعة‬
‫في �ضوء مقت�ضيات الف�صل ‪� 695‬أعاله ؟‪.‬‬

‫‪238‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫بالرجوع �إلى العمل الق�ضائي التجاري وقرارات الق�ضاة المنتدبون يت�ضح �أنه‬
‫ا�ستقر على القول بالت�صريح بعدم االخت�صا�ص للبت في تلك المنازعة بمنا�سبة‬
‫االعترا�ض على الدين العمومي‪ ،‬جاء في �أمر �صادر عن القا�ضي المنتدب بالمحكمة‬
‫التجارية بالدارالبي�ضاء(‪ )36‬وهو يق�ضي بعدم االخت�صا�ص ما يلي ‪« :‬حيث يتبين‬
‫من المعطيات �أعاله �أن مبلغ الدين الم�صرح به من طرف قبا�ضة رو�ش نوار منازع‬
‫فيه من قبل رئي�س المقاولة وال�سنديك»‪.‬‬
‫وحيث تن�ص المادة ‪ 8‬من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على �أن هذه‬
‫الأخيرة تخت�ص في الدعاوى المتعلقة بتح�صيل الديون الم�ستحقة للخزينة‬
‫والديون التي في حكمها‪.‬‬
‫وحيث وح�سب مفهوم المادة ‪ 695‬من مدونة التجارة‪ ،‬ف�إن القا�ضي المنتدب‬
‫يتخذ ب�ش�أن اقتراحات ال�سنديك �إما قبول الدين المقترح �أو رف�ضه �أو معاينة‬
‫دعوى جارية‪� ،‬أو �أن المنازعة ال تدخل في اخت�صا�صه مما يدل على �أن القا�ضي‬
‫المنتدب عند بته يتعين عليه �أن يراعي اخت�صا�ص الجهات الق�ضائية الأخرى غير‬
‫المحكمة التجارية المفتوحة �أمامها م�سطرة الت�سوية الق�ضائية ح�سب طبيعة الدين‬
‫ونوعه‪ ،‬ولذلك ف�إن قواعد االخت�صا�ص النوعي الخا�صة بالمحاكم االدارية تعتبر‬
‫منطبقة على الدين المطلوب من المدين الذي في حالة الت�سوية الق�ضائية‪ ،‬وهو‬
‫نف�س النهج الذي �سلكه المجل�س الأعلى(‪ )37‬في قرار له و�أن تعلق بدين ال�صندوق‬
‫الوطني لل�ضمان االجتماعي ف�إنه اعتبر المحاكم التجارية غير مخت�صة لتحقيق هذا‬
‫الدين ا�ستنادا �إلى القواعد العامة (ف�صل ‪ 20‬من ق‪.‬م‪.‬م ) التي ت�سند االخت�صا�ص‬
‫في هذا ال�ش�أن للمحاكم االبتدائية‪ ،‬وحيث تبعا لهذا ن�صرح بعدم اخت�صا�صنا للبت‬
‫في الطلب‪.‬‬
‫و�أعتقد �أن �صياغة كال من المادة ‪ 8‬من مدونة تح�صيل ال�ضرائب والف�صل ‪117‬‬
‫بتاريخ‬ ‫‪06/1821‬‬ ‫و�أمر عدد‬ ‫‪06/11/1‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫‪66/1620‬‬ ‫ملف الت�صفية الق�ضائية عدد‬ ‫‪420‬‬ ‫(‪� ) 36‬أمر عدد‬
‫‪.06/11/12‬‬
‫(‪ )37‬قرار �صادر عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد ‪ 320‬بتاريخ ‪.05/04/27‬‬

‫‪239‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫من نف�س القانون والمادة ‪ 242‬من م‪.‬ع‪�.‬ض يمنع من نهج هذا المنحى‪� ،‬إذ تن�ص‬
‫المادة ‪ 8‬ال�سالفة الذكر بما معناه «�أنه تذيل جداول ال�ضرائب وقوائم االبراءات‬
‫و�أوامر المداخيل التي ي�صدرها قاب�ض الت�سجيل بمجرد �إ�صدارها ب�صيغة التنفيذ‬
‫من طرف الوزير المكلف بالمالية �أو المفو�ض له‪ ،‬وتن�ص المادة ‪� 117‬أعاله بما‬
‫معناه �أن ال�ضرائب والر�سوم التي في حكمها وب�صفة عامة الديون العمومية ال‬
‫يمكن �إيقاف تنفيذها �إال بعد تقديم ال�ضمانات الكفيلة بت�أمين ا�ستخال�صها كما هي‬
‫من�صو�ص عليها بالف�صل ‪ 118‬من نف�س القانون كما تق�ضي المادة ‪ 242‬من المدونة‬
‫العامة لل�ضرائب على �أنه ال يمكن رغم جميع الأحكام المخالفة �إيقاف تنفيذ دين‬
‫�ضريبي مفرو�ض في �إطار المراقبة ال�ضريبية �إال بعد تكوين ال�ضمانة الكفيلة بت�أمين‬
‫ا�ستخال�صها كما هي من�صو�ص عليها بالف�صل ‪� 118‬أعاله‪.‬‬
‫والبين من مبنى ومعنى المواد ال�سالفة الذكر �أن الجداول ال�ضريبية بعد تذييلها‬
‫ب�صيغة التنفيذ من طرف وزير المالية �أو المفو�ض له ت�صبح �سندات تنفيذية ال يمكن‬
‫ا�ستبعادها �إال بعد �إلغاءها �أو �إيقاف تنفيذها ق�ضاء‪.‬‬
‫ومن تم فالديون ال�ضريبية الواردة بها تعتبر في الأ�صل ديون م�ستحقة وقائمة‬
‫طالما �أنه ال يتقرر �إلغا�ؤها �إداريا �أو ق�ضائيا‪ ،‬ومن تم وفي اعتقادي �أنه كان يتعين على‬
‫القا�ضي المنتدب �أن يعمل على تحقيقها وقبولها باعتبارها م�ؤ�س�سة على �سندات‬
‫تنفيذية‪ ،‬والت�سا�ؤل الذي يطرح هنا هو ما �إذا كان يجوز للقا�ضي المنتدب �أن‬
‫يرف�ض دينا م�ستحقا على المقاولة في حالة ت�سوية ق�ضائية بناء على �سند تنفيذي‬
‫من طرف الخوا�ص كما هو ال�ش�أن بالن�سبة لحكم نهائي مكت�سب لقوة ال�شيء‬
‫المق�ضي به‪ ،‬خ�صو�صا و�أن الت�صريح بعدم االخت�صا�ص تتولد عنه �إ�شكاالت‬
‫عديدة ا�ستنادا للفقرة الأخيرة من الف�صل ‪ 697‬من مدونة التجارة ؟ فمن هي‬
‫الجهة المعنية بمراجعة الق�ضاء المخت�ص ب�ش�أن تلك المنازعة التي اعتبر القا�ضي‬
‫المنتدب �أنه غير مخت�ص بالبت فيها‪� ،‬إذ �أنه ال يمكن �أن نت�صور �أن القاب�ض الذي‬
‫يتوفر على �سند تنفيذي �أن يلج�أ �إلى المحكمة لتقديم منازعة حول ذلك‪ ،‬علما ب�أن‬

‫‪240‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الأ�صل �أن المدعى عليه �أمام المحاكم الإدارية ال يت�صور �إال �شخ�صا من �أ�شخا�ص‬
‫القانون العام‪ ،‬وقد �أثارت الفقرة الأخيرة من الف�صل ‪ 697‬من مدونة التجارة عدة‬
‫�إ�شكاالت �أمام المحاكم الإدارية‪ ،‬فمن المخاطب باللجوء �إلى المحكمة المخت�صة‬
‫لأجل المنازعة في الدين ال�ضريبي داخل ال�شهرين المواليين للتبليغ بمقرر القا�ضي‬
‫المنتدب القا�ضي بعدم االخت�صا�ص‪ ،‬هل الملزم بال�ضريبة �أم الخزينة التي تتوفر‬
‫على �سند تنفيذي‪.‬‬
‫في نازلة عر�ضت على الق�ضاء الإداري بالمحكمة االدارية بالدارالبي�ضاء‬
‫من هذا القبيل تقدم فيها الملزم بدعوى التم�س من خاللها الحكم ب�سقوط حق‬
‫الخزينة العامة في ا�ستيفاء ال�ضرائب الم�ستحقة عن الفترة ال�سابقة على حكم فتح‬
‫م�سطرة الت�سوية الق�ضائية الم�صرح بها على اعتبار �أن القاب�ض لم يتقدم بدعوى‬
‫�أمام المحكمة االدارية داخل �أجل ال�شهرين المواليين للتبليغ بمقرر القا�ضي‬
‫المنتدب القا�ضي بعدم االخت�صا�ص للبت في المنازعة المتعلقة بالدين ال�ضريبي‬
‫المذكور‪.‬‬
‫وذهبت المحكمة االدارية(‪ )38‬وهي تق�ضي برف�ض الطلب �إلى القول بما يلي‪:‬‬
‫«حيث �أ�س�س الطاعن طعنه على كون حق الخزينة قد �سقط في تح�صيل الديون‬
‫ال�ضريبية مو�ضوع الطلب‪....‬‬
‫«وحيث �إنه بالرجوع �إلى نازلة الحال‪ ،‬ف�إن دين الخزينة العامة ثابت ومحقق‬
‫لكونه مبني على �سند تنفيذي الذي يعتبر في حد ذاته عمال قانونيا‪ ،...‬لذا ف�إن‬
‫مقت�ضيات المادة ‪ 697‬من مدونة التجارة المرتكز عليها من طرف الطاعن ال ت�سعفه‬
‫لأن المخاطب باللجوء �إلى الجهة المخت�صة من �أجل البت في المنازعة �أ�سا�س‬
‫الدين ال�ضريبي هو الملزم ولي�س الخزينة المتوفرة على �سند تنفيذي»‪ .‬‬

‫(‪ ) 38‬حكم المحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء عدد ‪ 09/6/130‬بتاريخ ‪ ،2009/10/19‬ق�ضية المغاري �ضد الخازن‬
‫العام‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وفي نازلة �أخرى‪ ،‬عر�ضت على المحكمة الإدارية ب�أكادير(‪ )39‬تتعلق بتطبيق‬
‫مقت�ضيات الفقرة الأخيرة من الف�صل ‪ 697‬من مدونة التجارة تقدم فيها قاب�ض �آيت‬
‫ملول بدعوى �أمام المحكمة الإدارية ب�أكادير التم�س من خاللها �إ�شهاد المحكمة‬
‫بثبوت مديونية المقاولة المنازع في الدين الم�صرح به لدى ال�سنديك الذي‬
‫�أ�صدر حوله القا�ضي المنتدب �أمرا بعدم االخت�صا�ص‪ ،‬ذهبت المحكمة �إلى القول‬
‫بعدم اخت�صا�صها النوعي للبت في الطلب معللة ذلك بقولها «�إن الطلب يتعلق‬
‫ب�صحة الدين وح�صره وهو من اخت�صا�ص القا�ضي المنتدب وال يتعلق بمنازعة‬
‫�ضريبية لأنه ثابت بمجرد �صدور جدول ال�ضريبة وتذييله بال�صيغة التنفيذية‪ ،‬وعلى‬
‫القا�ضي المنتدب �إثباته وح�صره في الدرجة المحددة له قانونا مما يخرج عن‬
‫االخت�صا�صات المخولة للمحكمة االدارية في المادة ال�ضريبية على الجهة المنازعة‬
‫فيه بعد ذلك �أن تلج�أ �إلى المحكمة المخت�صة طبقا للفقرة الأخيرة من المادة ‪697‬‬
‫من مدونة التجارة»‪.‬‬
‫وتم ا�ستئناف الحكم بالبناء على عدم ارتكازه على �أ�سا�س لأن الإدارة الجبائية‬
‫تتخذ دائما مركز المدعى عليه و�أن المقاولة هي التي يجب �أن تلج�أ �إلى المحكمة‬
‫لعر�ض موجب طعنها و�أنه لم يكن هناك بد من اللجوء �إلى المحكمة المخت�صة‬
‫ا�ستنادا للمادة ‪ 697‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫وذهبت الغرفة الإدارية(‪ )40‬وهي تلغي الحكم الم�ست�أنف وت�صرح باخت�صا�ص‬
‫المحكمة الإدارية للبت في الطلب �إلى القول بما يلي‪:‬‬
‫«حيث �إن الخازن العام عندما رفع الأمر �إلى المحكمة الإدارية ا�ستنادا‬
‫لمقت�ضيات الفقرة الأخيرة من المادة ‪ 697‬من مدونة التجارة خ�شية �سقوط‬
‫الحق وطلب منها الإ�شهاد بثبوت مديونيته ف�إن ذلك ال يعني �أنه نقل اخت�صا�ص‬
‫القا�ضي المنتدب �إلى المحكمة الإدارية ولكنه ح�سبه �أنه رفع �أمامها المنازعة‬
‫في الدين باعتباره دينا �ضريبيا يرجع �إلى اخت�صا�صها طبقا للمادة ‪ 8‬من القانون‬
‫(‪ ) 39‬حكم المحكمة الإدارية ب�أكادير بالملف عدد ‪ 04/310‬بتاريخ ‪.04/06/17‬‬
‫(‪ ) 40‬قرار الغرفة الإدارية عدد ‪ 350‬بتاريخ ‪ 2008/04/30‬بالملف الإداري ‪.08/1/4/306‬‬

‫‪242‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ 41-90‬وطلب منها تكليف الملزم بعر�ض موجبات طعنه و�أوجه المنازعة وال يمنع‬
‫المحكمة الإدارية من الق�ضاء في المنازعة قبوال �أو رف�ضا �إن رفع في مثل نازلة‬
‫الحال وخروجا عن الأ�صل من طرف الإدارة بدل الملزم تطبيقا لتوجه‪ ...‬المادة‬
‫‪ 617‬الم�شار �إليها �أعاله فلم يكن الحكم الم�ست�أنف في محله وواجب الإلغاء‪.‬‬
‫وفي نازلة �أخرى تتعلق بنف�س المو�ضوع تتلخ�ص وقائعها في �أن الطاعنة تقدمت‬
‫بدعوى �أمام المحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء تلتم�س في ختامها الت�صريح ب�سقوط‬
‫الدين ال�ضريبي لعدم الت�صريح به داخل الأجل القانوني وبعد �أن �أجابت الخزينة‬
‫العامة ب�أن الدين المذكور غير م�شمول بالت�صريح المذكور بالمادة ‪ 568‬من مدونة‬
‫التجارة وقد تم �إ�صداره بعد الحكم بفتح م�سطرة الت�سوية وهو خا�ضع لمقت�ضيات‬
‫المادة ‪ 575‬من م‪.‬ت التي تن�ص على �أنه يتم �سداد الديون النا�شئة ب�صفة قانونية‬
‫بعد �صدور حكم فتح الت�سوية بالأ�سبقية على كل الديون الأخرى �سواء كانت‬
‫مقرونة �أم ال بامتيازات �أو �ضمانات فهي الأولى بالت�سبيق والتم�س رف�ض الطلب‪.‬‬
‫وذهبت المحكمة الإدارية(‪ )41‬وهي تق�ضي بعدم اخت�صا�صها للبت في الطلب‬
‫�إلى القول بما يلي ‪« :‬يقرر القا�ضي المنتدب بالمحكمة التجارية بناء على اقتراحات‬
‫ال�سنديك قبول الدين �أو رف�ضه �أو يعاين وجود دعوى جارية �أو �أن المنازعة ال‬
‫تدخل في اخت�صا�صه‪ ...‬طلب مقدم �إلى المحكمة الإدارية ق�صد الحكم ب�سقوط‬
‫دين يرجع اخت�صا�ص النظر فيه �إلى القا�ضي المنتدب عدم اخت�صا�صها للبت في‬
‫الطلب ن�صه نعم»‪.‬‬
‫وبخ�صو�ص موقف المجل�س الأعلى (الغرفة التجارية) من الإ�شكال المطروح‬
‫في نازلة من نف�س القبيل في ق�ضية تتلخ�ص وقائعها في �أن قاب�ض ال�ضرائب بمراك�ش‬
‫(بالحي المحمدي) تقدم بت�صريح بالدين لدى �سنديك الت�سوية الق�ضائية يطالب‬
‫بقبول دينه المحدد في ‪ 583.394,76‬درهم ب�صفة امتيازية‪ ،‬وبعد �أن �أ�صدر القا�ضي‬
‫المنتدب قبول الدين الم�صرح به ا�ستانفته �شركة �ستراكوب كان محل تعديل من‬
‫(‪ ) 41‬حكم �إدارية الدارالبي�ضاء عدد ‪� 07/1893‬ش‪.‬ق بتاريخ ‪ 08/06/16‬حكم عدد ‪.1150‬‬

‫‪243‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫طرف محكمة اال�ستئناف في مبلغ ‪ 579.905,20‬درهما بقرارها عدد ‪ 74‬بتاريخ‬


‫‪ 2006/02/14‬وقد نعى الطاعن قاب�ض ال�ضرائب على القرار المطعون فيه خرق‬
‫قواعد االخت�صا�ص‪ ،‬ذلك �أنه �صرح بدينه في ذمة �شركة �ستراكوب في مبلغ‬
‫‪ 583.394,72‬درهما و�أن القرار �صرح بتقادم جزء من الدين الم�صرح به حدده في‬
‫مبلغ ‪ 3.489,50‬درهما لكون الت�صريح بالدين لم يقع �إال بعد مرور �أزيد من �أربع‬
‫�سنوات من التاريخ المحدد لتح�صيله‪ ،‬في حين �أن النزاعات المتعلقة ب�إجراءات‬
‫تح�صيل الديون العمومية يرجع االخت�صا�ص فيه للق�ضاء االداري وكذلك القول‬
‫بتقادم الدين ال�ضريبي من عدمه مما يجعل المحكمة متجاوزة الخت�صا�صها ويكون‬
‫قرارها عر�ضة للنق�ض‪.‬‬
‫وذهبت الغرفة التجارية(‪� )42‬إلى القول وهي تقرر نق�ض القرار المذكور و�إحالته‬
‫على المحكمة لتبت فيه بهيئة �أخرى ما يلي‪:‬‬
‫«حيث ا�ستندت المحكمة م�صدرة القرار المطعون فيه فيما ق�ضت به في تعديل‬
‫الأمر الم�ستانف �إلى ما جاءت به من �أنه نظرا لكون الت�صريح بالدين المتعلق‬
‫بال�ضريبة لم يقع �إال بعد مرور �أزيد من �أربع �سنوات من التاريخ المحدد لتح�صيله‪،‬‬
‫مما ينبغي معه خ�صم ذلك المبلغ من مجموع الدين المقبول»‬
‫«من حيث �إن الطاعن �أدلى رفقة ت�صريحه ك�إثبات للدين بجدول ال�ضرائب‬
‫الذي يعتبر (المادة ‪ 8‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية) �سندا تنفيذيا ال يمكن‬
‫للقا�ضي المنتدب عنه تحقيق الدين المتعلق به وال لمحكمة اال�ستئناف التي تبت‬
‫في �أمر القا�ضي المذكور كدرجة ثانية �أن تعدله بالتخفي�ض بناء على منازعة المدين‬
‫بل عليها �أن تقبل الدين الم�صرح به ما لم يدل المدين بما يفيد منازعته �أمام الجهة‬
‫المخت�صة في الجدول �أي المحكمة االدارية‪� ،‬إذ في هذه الحالة عليها �أن ت�صرح‬
‫بعدم االخت�صا�ص والمحكمة التي ت�صدت بتعديل الدين الم�صرح به بناء على‬
‫ق�ضية قاب�ض قبا�ضة الحي‬ ‫‪07/1/3/55‬‬ ‫بالملف عدد‬ ‫‪09/10/07‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫(‪ )42‬قرار الغرفة التجارية عدد‬
‫‪1424‬‬
‫المحمدي �ضد �شركة �ستراكوب‪.‬‬

‫‪244‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫تقادم جزء منه تكون قد خرقت قواعد االخت�صا�ص وبتت في نقطة يرجع �أمر‬
‫الح�سم فيها �إلى المحكمة االدارية مما يتعين معه نق�ض قرارها بخ�صو�ص ذلك‪».‬‬
‫والبين من قرار الغرفة التجارية �أنها �سطرت من خاللها قرارها المذكور القواعد‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪� -‬إن الدين العمومي الم�صرح به داخل الآجال القانونية والمبني على جداول‬
‫�ضريبية مذيلة بال�صيغة التنفيذية تعتبر بمثابة �سند تنفيذي ويجب �أن يقبل من‬
‫طرف القا�ضي المنتدب في �إطار مقت�ضيات الف�صل ‪ 697‬من مدونة التجارة‬
‫‪.95/15‬‬
‫‪� -‬إنه عند المنازعة في ا�ستحقاق الدين العمومي �أمام الجهة الق�ضائية المخت�صة‬
‫وهي المحكمة االدارية من طرف المدين ي�صرح القا�ضي المنتدب بعدم‬
‫اخت�صا�صه للبت فيه‪.‬‬
‫‪� -‬إنه ال يجوز للقا�ضي المنتدب عبر تحقيق الدين العمومي وال لمحكمة‬
‫اال�ستئناف بمثابة الطعن فيه باال�ستئناف �أن تعدله بالتخفي�ض باال�ستناد �إلى‬
‫عن�صر التقادم المن�صو�ص عليه بالف�صل ‪ 123‬من قانون ‪ 97/25‬المتعلق بمدونة‬
‫التح�صيل و�إنها لو فعلت ذلك تكون خارقة لقواعد االخت�صا�ص النوعي‬
‫الذي يجعل المحكمة االدارية هي المخت�صة بالبت في النزاعات ال�ضريبية‬
‫ونزاعات التح�صيل‪.‬‬
‫وفي نازلة �أخرى بين ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي و�شركة �سودبيلدينغ‬
‫عابت هذه الأخيرة على القرار ال�صادر عن محكمة اال�ستئناف بمراك�ش رقم ‪369‬‬
‫بالملف عدد ‪ 66/6/624‬ف�ساد التعليل والت�أويل الخاطئ للقانون حينما اعتبر �أن‬
‫الجداول ال�صادرة عن ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي تعتبر �سندات‬
‫ر�سمية تكت�سي حججا ر�سمية‪ ،‬و�أنه لما اعتبر �أن الطاعنة لم ت�سلك الم�ساطر الق�ضائية‬
‫لإلغاء م�ضمون تلك الجداول يكون مخالفا للمادتين ‪ 642‬و‪ 656‬من مدونة التجارة‬
‫التي تخول لل�سنديك �سلوك مثل هاته الم�ساطر‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫بالمجل�س الأعلى وهي تق�ضي بنق�ض القرار‬ ‫(‪)43‬‬


‫وذهبت الغرفة التجارية‬
‫المذكور �إلى القول بما يلي‪:‬‬
‫«وحا�صل ما ذهبت �إليه �أنها اعتبرت قائمة المداخيل ال�صادرة عن المطلوب‬
‫�سندات ر�سمية م�ضفية عليها القابلية للتنفيذ واال�ستخال�ص‪ ،‬كما يقرر ذلك الف�صل‬
‫‪ 28‬من ظهير ‪ 1972/07/27‬المتعلق بنظام ال�ضمان االجتماعي �أ�ضحى م�ستحقا في‬
‫مواجهة الملزم الطالبة ما دامت لم تطعن فيها في حين ولو �أن الديون مو�ضوع‬
‫التحقيق هي ديون عمومية ف�إنها لم ت�ستنفذ طرق التح�صيل الحبي والجبري ب�ش�أنها‬
‫حتى ت�أخد الجداول والقوائم المتعلقة بها �صفة ال�سند الر�سمي عمال بما تق�ضي‬
‫به المواد التي تجيز ا�ستيفاء الديون العمومية عن طريق الأداء التلقائي والف�صل‬
‫‪ 5‬التي توجب على الإدارة �إخبار الملزمين بتواريخ ال�شروع في التح�صيل‪...‬‬
‫والف�صل ‪ 36‬الذي ين�ص على �أنه ال يمكن مبا�شرة التح�صيل الجبري �إال بعد �إر�سال‬
‫�آخر �إ�شعار للمدين بدون �صائر»‪.‬‬
‫«وهكذا‪ ،‬ومن كل ما ذكر ال ي�ستقيم قانونا القول ب�أن الجداول المدلى بها‬
‫للقا�ضي المنتدب هي �سندات ر�سمية لم يطعن فيها �أمام الجهة المخت�صة‪ ،‬والحال‬
‫�أنه تم الإدالء بها لأول مرة �أمام هذا الأخير ولم ت�صبح بعد �سندات ر�سمية حتى‬
‫يعاب على المدينة عدم الطعن فيها‪ ،‬ف�ضال عن �أن ال�سند التنفيذي نف�سه ال يكون‬
‫مو�ضوع منازعة جدية يجرده الق�ضاء الإداري من القابلية للتنفيذ مما يبقى معه‬
‫القرار مت�سما بف�ساد التعليل المعتبر بمثابة انعدامه وعر�ضة للنق�ض»‪.‬‬
‫وفي نازلة �أخرى‪ ،‬ذهب ق�ضاء الغرفة التجارية(‪ )44‬في منحى �آخر في ق�ضية‬
‫تتلخ�ص وقائعها في �أنه بعد فتح م�سطرة الت�سوية الق�ضائية في حق ال�شركة‬
‫العقارية لتان�سيفت تقدم ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي بت�صريح بالدين‬
‫�شركة‬ ‫‪09/1/3/15‬‬ ‫بالملف عدد‬ ‫‪10/05/13‬‬ ‫(‪ )43‬قرار الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى عدد ‪ 798‬بتاريخ‬
‫�سودبيلدينغ �ضد ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‪.‬‬
‫ملف عدد‬ ‫‪2010/02/04‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫‪181‬‬ ‫(‪ ) 44‬قرار الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى الق�سم الأول قرار عدد‬
‫‪ 08/1/3/1006‬ق�ضية ال�شركة العقارية لتان�سيفت �ضد �ص و�ض ج‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أمام ال�سنديك المعين وحدد دينه ب�صفة امتيازية في مبلغ ‪ 2.000.000,00‬درهم‪،‬‬


‫وبعد عر�ض الت�صريح على رئي�س المقاولة نازع فيه كليا بعلة �أن ال�شركة ال تتوفر‬
‫على �أي م�ستخدم وغير مدينة ب�أي مبلغ‪ ،‬وبعد تبادل الردود والأجوبة �أ�صدر‬
‫القا�ضي المنتدب �أمره بعدم قبول الطلب لكون الدين الم�صرح به قد طاله‬
‫التقادم عمال بمقت�ضيات الف�صل ‪ 76‬من ظهير ‪� 72/07/27‬أيدته محكمة اال�ستئناف‬
‫وتم الطعن في قرارها بالنق�ض بعلة �أن القا�ضي المنتدب لي�س من حقه مناق�شة‬
‫عن�صر التقادم المن�صو�ص عليه بالف�صل ‪� 76‬أعاله‪ ،‬وان الت�صريح ب�سقوط حقه في‬
‫دعوى التح�صيل تدخل في نطاق اخت�صا�ص الق�ضاء الإداري في �إطار المنازعة في‬
‫�إجراءات تح�صيل دينه الذي يعتبر دينا عموميا‪ ،‬في حين �أن القرار المطعون فيه‬
‫منح للقا�ضي المنتدب اخت�صا�صات خارجة عن النطاق القانوني المحدد له في‬
‫تحقيق الدين و�أن القرار المطعون فيه بالنق�ض يكون بذلك غير مبني على �أ�سا�س‬
‫ومتجاوز لمقت�ضيات المادة ‪ 695‬من مدونة التجارة مما يعر�ضه للنق�ض‪.‬‬
‫«وذهبت الغرفة التجارية �إلى القول وهي ترف�ض طلب النق�ض ما يلي ‪:‬‬
‫«‪...‬و�أن ما �أثاره الم�ست�أنف بكون القا�ضي المنتدب تجاوز اخت�صا�صه و�أن‬
‫الت�صريح ب�سقوط الدين يتعلق بدعوى التح�صيل والتي هي من اخت�صا�ص الق�ضاء‬
‫االداري يبقى غير مرتكز على �أ�سا�س لأن القا�ضي المنتدب يت�أكد من ثبوت الدين‬
‫وا�ستحقاقه‪ ،‬و�أن ما يخرج عن اخت�صا�صه هو الح�سم في وعاء المديونية بالن�سبة‬
‫للديون العمومية‪� ،‬أما �إذا كان الدين ثابتا بموجب القوائم والبيانات الح�سابية ولم‬
‫تتم المطالبة به �إلى �أن طاله ال�سقوط‪ ،‬ف�إن القا�ضي المنتدب يبقى مخت�صا بمعاينة‬
‫ذلك والت�أكد منه وترتيب الآثار القانونية على ذلك‪ ،‬فيكون قد �صادف ال�صواب‬
‫بتطبيقه مقت�ضيات الف�صل ‪ 76‬من القانون المتعلق بنظام ال�ضمان االجتماعي على‬
‫تقادم ديون ال�صندوق الذي حدد الم�سطرة الخا�صة لهذا االجراء ولو تعلق الأمر‬
‫بمبلغ الدين وح�صره‪ ،‬وكان موقفه �صائبا لما اعتبر القا�ضي المنتدب مخت�صا‬
‫بتحقيق دين ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي‪ ....‬وبذلك لم يخرق القرار‬
‫�أي مقت�ضى و�أتى مرتكزا على �أ�سا�س والو�سيلة على غير �أ�سا�س‪».‬‬

‫‪247‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫طبيعة االمتياز المخول للخزينة العامة‪ ،‬حدوده ومجاالته‪ ،‬هل يتعلق بالمنقول �أم‬
‫يمتد �إلى العقار؟‬
‫تن�ص المادة ‪ 105‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية على �أنه «لتح�صيل‬
‫ال�ضرائب والر�سوم‪ ،‬تتمتع الخزينة ابتداء من تاريخ ال�شروع في تح�صيل الجداول‬
‫�أو قائمة الإيرادات بامتياز الأمتعة وغيرها من المنقوالت التي يملكها المدين �أينما‬
‫وجدت‪ ،‬وكذا على المعدات وال�سلع الموجودة في الم�ؤ�س�سة المفرو�ضة عليها‬
‫ال�ضريبة والمخ�ص�صة لأ�شغالها»‬
‫و�إذا كانت مقت�ضيات المادة ‪� 105‬أعاله تخول االمتياز للخزينة وفق الأ�سبقية في‬
‫تح�صيل الديون العمومية‪ ،‬ف�إن هذا االمتياز ال يمتد �إلى منتوج العقار‪ ،‬جاء في قرار‬
‫محكمة اال�ستئناف التجارية(‪ )45‬وهي تجيب عن الو�سيلة المتعلقة بامتياز الخزينة‬
‫على منتوج العقار المرتهن وتق�ضي برده وت�ؤيد الأمر اال�ستعجالي ال�صادر عن رئي�س‬
‫المحكمة التجارية بالملف عدد ‪« 07/1/1855‬وحيث �إنه بخ�صو�ص الدفع تكون‬
‫ديون الخزينة لها امتياز على باقي الديون بخ�صو�ص بيع العقار‪ ،‬ف�إن الف�صل ‪56‬‬
‫من ظهير ‪ 1962/3/15‬المتعلق بنظام المتابعات في ميدان ال�ضرائب ال يتحدث عن‬
‫�أي امتياز للخزينة على منتوج بيع العقارات بل �إنه ح�صر مفعول دينها على ثمن‬
‫المنقوالت والمعدات والب�ضاعة ولم يورد منتوج بيع العقار �ضمن االمتياز؛‬
‫‪97/15‬‬ ‫وحيث �إ�ضافة �إلى ما ذكر ف�إن المادة ‪ 105‬وما يليها من القانون رقم‬
‫ال تعطي الخزينة العامة �أي امتياز على العقار‪ ،‬ومن تم فالدائن المرتهن للعقار‬
‫والذي هو الم�ست�أنف عليه في نازلة الحال يتمتع بحق الأ�سبقية ال�ستخال�ص دينه‬
‫على باقي الدائنين»‪.‬‬
‫وفي نازلة من هذا القبيل‪ ،‬ذهب رئي�س المحكمة التجارية بالدارالبي�ضاء‬
‫(‪)46‬‬

‫(‪ ) 45‬قرار محكمة اال�ستئناف التجارية رقم ‪ 08/1760‬بتاريخ ‪ 08/04/08‬بالملف ‪.04/08/670‬‬


‫(‪� )46‬أمر رئي�س المحكمة التجارية بالدارالبي�ضاء ملف رقم ‪ 10/1/1369‬بتاريخ ‪.10/07/14‬‬
‫ �أمر رئي�س المحكمة التجارية بالدارالبي�ضاء ملف رقم ‪ 10/1/1648‬بتاريخ ‪.10/07/23‬‬

‫‪248‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وهو ي�أمر برفع تعر�ض قاب�ض ال�ضرائب بالبي�ضاء الواقع على العقار لكونه ال يتمتع‬
‫ب�أي امتياز حوله �إلى القول بما يلي‪:‬‬
‫«حيث �إنه بخ�صو�ص امتياز المدعى عليها بمقت�ضى المادة ‪ 105‬من مدونة‬
‫تح�صيل الديون العمومية‪ ،‬ف�إنه مح�صور على الأموال الراجعة للملزم بال�ضريبة‬
‫على المنقوالت والمعدات والأدوات وما ينتجه العقار فقط‪.‬‬
‫وحيث �إنه الم�ستقر عليه �أن ثمن بيع العقار ال يندرج �ضمن دائرة تلك الأموال‬
‫وبالتالي تبقى المدعية �صاحبة الرهن لها الأولوية في ا�ستخال�ص دينها من منتوج‬
‫البيع مما يتعين معه اال�ستجابة لطلب رافعه»‪.‬‬
‫وقد �أكد المجل�س الأعلى في عدة قرارات(‪� )47‬أن االمتياز العام المخول‬
‫للخزينة وال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي بمقت�ضى المادة ‪ 105‬من مدونة‬
‫التح�صيل ‪ 97/15‬يتعلق بالمنقوالت والمعدات والب�ضائع وما ينتجه العقار من غلل‬
‫وال يتعلق بمنتوج العقار المرهون جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫«‪ ...‬ف�إن المادة ‪ 106‬من القانون ‪ ...97/15‬ح�صرت االمتياز العام الذي يتمتع‬
‫به ال�صندوق على المنقوالت والمعدات والب�ضائع والغلل وماتنتجه العقارات‬
‫والمحكمة م�صدرة القرار المطعون فيه التي اعتمدت مقت�ضيات المادة ‪106‬‬
‫المذكور ورتبت على ذلك كون تعر�ض الطاعن على منتوج بيع العقار المرهون‬
‫لفائدة البنك المطلوب غير قائم على �أ�سا�س م�ؤيدة الأمر االبتدائي الذي ق�ضى‬
‫برفع التعر�ضات ال�صادرة عن الطاعن بكون قرارها مرتكزا على �أ�سا�س ومعلال‬
‫تعليال كافيا والو�سيلة على غير �أ�سا�س»‪.‬‬
‫وهو نف�س المنحى الذي ت�أخذ به محاكم اال�ستئناف التجارية في عدة قرارات‬
‫نذكر منها �إحدى القرارات ال�صادرة عن محكمة اال�ستئناف التجارية بالدارالبي�ضاء‬
‫جاء في تعليله جوابا عن الو�سيلة المتعلقة ب�أ�سبقية ديون الخزينة على باقي الدائنين‬
‫(‪ )47‬قرار الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى الق�سم الأول عدد ‪ 458‬بتاريخ ‪ 2005/04/27‬بالملف التجاري عدد‬
‫‪.02/1/3/958‬‬

‫‪249‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫من مدونة التجارة‬ ‫‪628‬‬ ‫تطبيقا لمقت�ضيات المواد ‪ 1248‬من ق‪.‬ل‪.‬ع والمادة‬
‫والمادة ‪ 100‬و‪ 106‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية‪.‬‬
‫وحيث �إنه بخ�صو�ص الدفع بكون ديون الخزينة لها امتياز على باقي الديون‬
‫بخ�صو�ص بيع العقار‪ ،‬ف�إن الف�صل ‪ 56‬من ظهير ‪ 1962/03/15‬المتعلق بنظام‬
‫المتابعات في ميدان ال�ضرائب ال يتحدث عن �أي امتياز للخزينة على منتوج بيع‬
‫العقارات بل �إنه ح�صر مفعول دينها على ثمن المنقوالت والمعدات والب�ضاعة‬
‫ولم يورد منتوج بيع العقار �ضمن االمتياز‪.‬‬
‫وحيث �إنه �إ�ضافة �إلى ما ذكر‪ ،‬ف�إن المادة ‪ 105‬وما يليها من القانون ‪ 97/15‬ال‬
‫يعطي للخزينة العامة �أي امتياز على العقار ومن تم فالدائن المرتهن للعقار والذي‬
‫هو الم�ست�أنف عليه في نازلة الحال يتمتع بحق الأ�سبقية ال�ستخال�ص دينه على باقي‬
‫الدائنين»‪.‬‬
‫هل تعتبر ديون الخزينة بمثابة الديون الحاملة ل�ضمانات �أو عقد ائتمان �إيجاري‬
‫تم �شهرها وي�ستلزم �إ�شعار ال�سنديك للدائن طبقا لمقت�ضيات الف�صل ‪ 686‬من‬
‫مدونة التجارة �أم ت�سري عليها مقت�ضيات الف�صل ‪ 687‬التي تلزم الدائن بتقديم‬
‫ت�صريحه بالدين لدى ال�سنديك داخل �أجل �شهرين من تاريخ ن�شر حكم فتح م�سطرة‬
‫الت�سوية الق�ضائية بالجريدة الر�سمية تحت طائلة ال�سقوط ما لم يتم رفعه بدعوى‬
‫رفع ال�سقوط داخل �أجل �سنة من تاريخ �صدور مقرر فتح الم�سطرة‪.‬‬
‫في نازلة من هذا القبيل‪ ،‬وبعد �أن دفع ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي ب�أنه‬
‫م�ؤ�س�سة عمومية و�أن ديونها عمومية وتتمتع بامتياز عام و�إنه كان على ال�سنديك �أن‬
‫ي�شعره من �أجل الت�صريح بديونه‪ ،‬ذهبت الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى(‪�)48‬إلى‬
‫القول وهي ترد تلك الو�سيلة وت�ؤيد �أمر القا�ضي المنتدب الذي ا�ستبعد دفوعها‬
‫بعدم الت�صريح بها داخل �أجل �شهرين من تاريخ فتح م�سطرة الت�سوية الق�ضائية‪.‬‬
‫من مدونة التجارة‬ ‫‪ 686‬و‪688‬‬ ‫«لكن حيث ي�ستخل�ص من ن�ص المادتين‬
‫(‪ ) 48‬قرار الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى عدد ‪ 10‬بتاريخ ‪ 04/01/07‬ملف عدد ‪.03/2/3/735‬‬

‫‪250‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أن الدائنين الذين يعود دينهم لما قبل �صدور حكم فتح الم�سطرة با�ستثناء‬
‫الم�أجورين يوجهون ت�صريحهم بديونهم لل�سنديك وي�شعر �شخ�صيا الدائنين‬
‫الحاملين ل�ضمانات �أو عقد ائتمان �إيجاري تم �شهرهما وي�ضم الت�صريح مبلغ الدين‬
‫الم�ستحق بتاريخ فتح الم�سطرة مع تحديد ق�سط الدين الم�ؤجل في حالة الت�سوية‬
‫الق�ضائية‪ ،‬ويحدد الت�صريح طبيعة االمتياز �أو ال�ضمان الذي قد يكون الدين مقرونا‬
‫به ف�إن هذه ال�صفة الأخيرة (م�ؤ�س�سة عمومية) التي ولئن كانت تخول الطالب رتبة‬
‫امتيازية �أثناء م�سطرة وفاء الديون فهي ال تعفيه من الت�صريح بمجموع دينه‪ ،‬كما‬
‫هو ال�ش�أن بالن�سبة للم�أجورين ولو كانت م�ستحقاته تخ�ص االقتطاع من الأجور‪،‬‬
‫ه�ؤالء الآخرين وال يلزم ب�إ�شعاره لعدم توفره على �ضمانات �أو عقد ائتمان �إيجاري‬
‫تم �شهرهما وق�ضى برف�ض الطلب»‪.‬‬
‫وفي نازلة �أخرى‪ ،‬ذهبت الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى وهي ت�ؤيد نف�س‬
‫االتجاه جوابا عن الو�سيلة المثارة من طرف قاب�ض البي�ضاء الواحة(‪ )49‬الذي‬
‫ا�ستبعد دين الخزينة لعدم الت�صريح به داخل الأجل القانوني وقد ت�ضمنت الو�سيلة‬
‫ما معناه �أنه طبقا للمادة ‪ 686‬من مدونة التجارة لم يلزم الم�شرع الخزينة بالت�صريح‬
‫بديونها‪ ،‬بل يبقى من واجب ال�سنديك مرا�سلة القاب�ض نظرا لما تتمتع به هذه الديون‬
‫من امتياز و�أن المادة ‪ 100‬من مدونة التح�صيل تن�ص على �أن ال�سنديك باعتباره‬
‫م�ؤتمنا على �أموال ال�شركة ملزم ب�أداء ال�ضرائب ولو لم يتقدم القاب�ض ب�أي طلب‪،‬‬
‫�أما المادة ‪ 101‬من نف�س المدونة فتلزم كل حائز لأموال تعود للملزمين وتتمتع‬
‫بامتياز الخزينة �أن يدفعوا بناء على طلب المحا�سب المكلف بالتح�صيل على‬
‫�شكل �إ�شعار للغير الحائز الأموال التي يحوزونها‪ ،‬وكل هذه المقت�ضيات تو�ضح‬
‫�أن ديون الخزينة العامة امتيازية خالف ما ذهب �إليه القرار اال�ستئنافي وتبين �أنه‬
‫يجب دفعها بالأولوية عن باقي الديون الأخرى ولو لم تكن مقرونة ب�أي امتياز �أو‬
‫�ضمان‪ ،‬جاء في قرارها ما يلي‪:‬‬
‫بالملف التجاري‬ ‫‪04/03/31‬‬ ‫(‪ )49‬قرار الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى الق�سم الأول عدد ‪ 404‬بتاريخ‬
‫‪ 03/2/3/1302‬قاب�ض البي�ضاء الواحة �ضد ال�شركة الر�سمية لل�صباغة والزجاج‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫«‪ ...‬والمحكمة م�صدرة القرار المطعون فيه التي اعتبرت �أن دين الخزينة‬
‫و�إن كان دينا امتيازيا بن�ص القانون «�إال �أن هذا ال يعفيها من الت�صريح بدينها داخل‬
‫الأجل المذكور على اعتبار �أنها لي�ست من الدائنين الحاملين ل�ضمانات �أو عقد‬
‫ائتمان ايجاري تم �شهرهما لذلك‪ ،‬فانه ما دام الت�صريح بالدين قد تم خارج الأجل‬
‫القانوني ولي�س بالملف ما يفيد رفع ال�سقوط عن دينها من طرف القا�ضي المنتدب‬
‫ف�إن ما تتم�سك به الم�ست�أنفة المطلوبة بخ�صو�ص دين الخزينة العامة مرتكز على‬
‫�أ�سا�س قانوني تكون قد طبقت �صحيح �أحكام المقت�ضى المذكور‪ ،‬اعتبارا منها لما‬
‫هدف �إليه الم�شرع من م�ساواة بين الدائن العادي والدائن االمتيازي في �إجبارية‬
‫الت�صريح بالديون داخل الأجل المحدد قانونا ومن تم ف�إن ال�صفة االمتيازية لدين‬
‫الخزينة العامة و�إن كانت تخولها حق الأف�ضلية على غير الدائنين الآخرين خالل‬
‫م�سطرة وفاء الديون في حدود ما هو مقرر لها قانونا فهي ال تعفيها من الت�صريح‬
‫بديونها كما هو ال�ش�أن بالن�سبة للم�أجورين وال يلزم ب�إ�شعارها بفتح الم�سطرة لعدم‬
‫توفرها على �ضمانة �أو عقد ائتمان ايجاري تم �شهرهما»‪.‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬

‫وهكذا يتبين من ا�ستقراء مدونة التح�صيل في الجانب المتعلق بايقاف تنفيذ‬


‫الديون العمومية �أن بع�ض بنودها خ�صو�صا فيما يتعلق ب�إجراءات التح�صيل‬
‫الجبري للدين العمومي‪ ،‬كالحجز على الأ�صل التجاري والحجز على العقار‬
‫و�إجراء الإكراه البدني والإ�شعار للغير الحائز والمتابعة بالدين العمومي في �إطار‬
‫�صعوبة المقاولة تت�سم بالإجمال والغمو�ض وتطرح �إ�شكاليات عديدة وتباينا في‬
‫الر�أي بين العمل الإداري والق�ضائي‪.‬‬
‫لذا نقترح �أن يتدخل الم�شرع بن�صو�ص وا�ضحة منظمة لإجراءات التح�صيل‬
‫الجبري تلك بال�شكل الذي يزيل كل اال�شكاالت المطروحة حول ذلك باال�ستئنا�س‬
‫بالعمل الق�ضائي واجتهاد المجل�س الأعلى المتواتر في المو�ضوع‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫والبين من ا�ستقراء الأوامر اال�ستعجالية ال�صادرة في مو�ضوع �إيقاف تنفيذ‬


‫الدين العمومي يت�ضح �أن جلها م�ؤ�س�سة على �أ�سباب جدية تكمن في ت�ضريب‬
‫�شخ�ص غير خا�ضع لل�ضريبة �أو خرق م�سطرة فر�ضها �أو تح�صيلها �أو �سقوط الدين‬
‫العمومي بالتقادم‪ ،‬مما يعني ذلك من جهة قيام خط�أ في تف�سير الن�صو�ص الجبائية‬
‫�أو في تطبيقها �أو تهاون في ت�أ�سي�س ال�ضريبة �أو تح�صيلها من طرف الإدارة المعنية‬
‫�أو تحايل من طرف الملزم للتمل�ص من العبء ال�ضريبي‪ ،‬ومن هنا يجب ت�أهيل‬
‫الإدارة وتحديثها وتمكينها من الو�سائل المادية الالزمة لتحمل عبء المحافظة‬
‫على المال العام وتحقيق العدالة الجبائية‪ ،‬كما يجب تعميم ثقافة المواطنة وجعلها‬
‫�أ�سا�س كل �إ�صالح �ضريبي مع تجنيد كل القوى الفاعلة من �أحزاب �سيا�سية ونقابات‬
‫وجمعيات وو�سائل الإعالم ال�سمعية الب�صرية لتوعية المواطنين بواجباتهم ال�ضريبية‬
‫و�أهمية ال�ضريبة في تمويل ال�ش�أن العام‪ ،‬مع خلق نظام �ضريبي متكامل يقوم على‬
‫ال�شفافية والتب�سيط والعقلنة والم�ساواة في تحمل العبء ال�ضريبي‪.‬‬
‫والق�ضاء الإداري باعتبار مهمته تنح�صر في �ضمان التوازن بين الم�صلحة العامة‬
‫والخا�صة والمحافظة على المال العام وحقوق و�ضمانات الملزمين‪ ،‬فهو من‬
‫جهة �شريك مع الإدارة في المحافظة على حقوق الخزينة و�ضامنا من جهة �أخرى‬
‫للحقوق وال�ضمانات المقررة للملزمين‪ .‬‬

‫‪253‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الإ�شعار للغير الحائز �أية فعالية‬


‫الأ�ستاذ حممد منريي‬
‫الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستئناف الإدارية بمراك�ش‬

‫المقدمة‬

‫الأ�صل �أن �إجراءات التح�صيل ال�ضريبي و�ضعت لمواجهة الملزم الذي لم‬
‫يوف بواجبه ال�ضريبي‪ ،‬لكن ارت�أى الم�شرع �أن تمتد هذه الإجراءات لت�شمل‬
‫�أ�شخا�صا �أخرين يرتبطون بالملزم ويتعلق الأمر ب‪:‬‬
‫• ذوو الحقوق‬
‫• الأ�شخا�ص الذين اختار المدينون موطنهم الجبائي لديهم‬
‫• ال�شركات ال�ضامة �أو المن�شئة عن الإدماج �أو االنف�صال �أو تحويل ال�شكل‬
‫القانوني ل�شركة ما‪.‬‬
‫• الأ�شخا�ص الذين ت�سري عليهم مقت�ضيات الت�ضامن ‪:‬‬
‫‪ -‬المالك الجديد للعقار الف�صل ‪.94‬‬
‫‪ -‬العدول الموثقون الخبراء المحا�سبون والمحامون الف�صل ‪.95‬‬
‫‪ -‬م�سيرو ال�شركات �أو مت�صرفوها �أو مديروها الف�صل ‪.101‬‬
‫‪ -‬م�ستغلو الأ�صل التجاري الف�صل ‪.95‬‬
‫‪ -‬المالك الجديد لل�سفينة الف�صل ‪.66‬‬
‫‪ -‬ثم فئة �أخرى يدخل فيها ‪:‬‬
‫‪ +‬المودع لديهم الف�صل ‪.100‬‬
‫‪ +‬االغيار الحائزون الف�صل ‪.101‬‬
‫‪254‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ومعلوم �أن تح�صيل الديون العمومية هو �سل�سلة من الإجراءات �أحاطها الم�شرع‬


‫ب�ضمانات حماية للملزم وكذا حماية لل�ضمان العام تبد�أ بالتح�صيل الر�ضائي بتوجيه‬
‫الإ�شعار الأول و�إعالم الثاني تم التح�صيل الجبري بمعنى الإنذار والحجز والبيع‬
‫والإكراه البدني عن االقت�ضاء‪.‬‬
‫�إن مبا�شرة القاب�ض لهذه االجراءات تتطلب منه وقتا كبيرا و�إمكانيات و�صبر‬
‫و�أناة واحترام حقوق الملزمين وال�سهر على �ضمان حقوق الخزينة‪ ،‬والكل تحت‬
‫طائلة الجزاء‪ ،‬فكان �أن �سن الم�شرع طريقة �أخرى غير مكلفة وفعالة و�سريعة وال‬
‫تحتاج �إلى ما تحتاجه الإجراءات الأخرى ويتعلق الأمر بالإ�شعار للغير الحائز‪.‬‬
‫وهو �إجراء اقتب�سه الم�شرع من القانون الفرن�سي(‪ )1‬وذلك في الوقت الذي‬
‫راكمت فيه محكمة النق�ض ومجل�س الدولة والمحاكم التابعة لهما من التجارب‬
‫بما �سمح لهذه المنظومة الق�ضائية من �إعطاء قيمة م�ضافة لهذا الإجراء وبما مكن‬
‫الخزينة من و�سيلة �إ�ضافية وفعالة من تح�صيل ديونها(‪ )2‬فهل اللجوء �إلى مبا�شرة هذا‬
‫الإجراء من طرف القاب�ض نظرا لفعاليته من �ش�أنه �أن يحل م�شاكل التح�صيل؟‪.‬‬
‫�أن فعالية كل �إجراء ال تكمن في النتيجة المح�صل عليها بقدر ما تكمن في‬
‫م�شروعيته في حد ذاته‪.‬‬
‫لقد تطرق الم�شرع �إلى هذا الإجراء في الف�صول ‪ 101‬و‪ 102‬و‪ 103‬و‪ 104‬من‬
‫مدونة التح�صيل و�ألزم في الف�صل ‪ 101‬المحا�سبين العموميين والمقت�صدين‬
‫والمكترين وكل الحائزين �أو المدينين الآخرين بمبالغ يملكها الملزمون بال�ضريبة‬
‫�أو الر�سوم والديون الأخرى المتمتعة باالمتياز �أن يدفعوا وفاء عن الملزمين بناء‬
‫على طلب المحا�سب على �شكل �إ�شعار للغير الحائز الأموال التي يحوزونها �أو‬
‫التي يدينون بها وذلك في حدود المبالغ الواجبة على ه�ؤالء الملزمين‪.‬‬
‫(‪ )1‬نظم الم�شرع الفرن�سي اال�شعار للغير الحائز في المواد ‪262 L et 263 L‬من كتاب الم�ساطر الجنائية‪.‬‬
‫(‪ ) 2‬تم ما يناهز ‪� 611.260‬إ�شعار للغير الحائز �سنة ‪ 1997‬تمت اال�ستجابة باالداء �إلى ما يقارب ‪� 188995‬إ�شعار بن�سبة‬
‫مائوية تقدر ب‪ % 30,9‬من مجموع الطلبات ذكرته د جهد كان حجية في كتابها» تح�صيل الديون ال�ضريبية بين‬
‫قانون الم�سطرة المدنية وخ�صو�صيات الت�شريع ال�ضريبي الطبعة االولى ماي ‪ 2006‬ال�صفحة ‪ 248‬هام�ش‪.‬‬

‫‪255‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫و�أخ�ضع �أي�ضا لنف�س االلتزامات م�سييرو ال�شركات �أو مت�صرفوها �أو مديروها‪،‬‬
‫ون�صت المادة ‪ 102‬على ما يترتب على هذا الإ�شعار من ت�سليم فوري للأموال‬
‫لفائدة المحا�سب‪� ،‬أما المادة الأخيرة ‪ 104‬فقد �أ�شارت �إلى �إمكانية �إلزام الأ�شخا�ص‬
‫الوارد تعدادهم في المادة ‪ 100‬والمواد �أعاله عند امتناعهم عن الوفاء عن‬
‫الملزمين بنف�س الطرق الم�ستعملة �ضد ه�ؤالء‪.‬‬
‫ومقارنة لهذه المقت�ضيات بتلك الواردة في كتاب الم�ساطر الجبائية الفرن�سي‬
‫يتبين �أنها تكاد تكون نف�سها‪.‬‬
‫فهل �صياغة المواد المنظمة للإ�شعار للغير الحائز ت�سعف والحالة هذه في‬
‫اللجوء �إلى هذا الإجراء دون خ�ضوعه �إلى قواعد �أخرى؟‪.‬‬
‫الجواب بالطبع ال لأن الف�صول المذكورة لم تتعر�ض لل�شكليات الأ�سا�سية‬
‫الواجب توافرها في الإ�شعار‪ ،‬كما �أنها لم تتكلم عن م�س�ألة التبليغ وعن طرق‬
‫التبليغ وغيرها ولم تتناول م�سطرة الطعن في هذا الإجراء ال �إداريا وال ق�ضائيا‪.‬‬
‫فهل يتعين الرجوع ب�ش�أن ذلك �إلى القواعد العامة في الطعون في منازعات‬
‫التح�صيل (المواد ‪ 117‬وما بعدها)؟‪.‬‬
‫�إن الإ�شعار للغير الحائز هو م�سطرة مب�سطة للحجز ما للمدين لدى الغير وقد‬
‫عرف �أي�ضا ب�أنه بمثابة حكم بالم�صادقة على حجز ما للمدين لدى الغير المكت�سب‬
‫لقوة الأمر المق�ضي‪ ،‬حكما يخول للقاب�ض مدينا �إ�ضافيا بحيث يكون له الخيار في‬
‫�أن ي�سلك �ضد الملزم المتابعات المبا�شرة الأخرى المن�صو�ص عليها في المادة ‪39‬‬
‫وما بعد من مدونة التح�صيل �أي الإنذار والحجز والبيع �أو �أن يلج�أ �إلى م�سطرة‬
‫الإ�شعار للغير الحائز نظرا لب�ساطتها وفعاليتها �أو �أن يلج�أ �إلى الحجز ما للمدين‬
‫لدى الغير المن�صو�ص عليها في قانون الم�سطرة المدنية لأنه لي�س في القانون ما‬
‫يمنعه من القيام بذلك‪ ،‬فالأمر يخ�ضع ل�سلطته وهي �سلطة مالئمة �أو �أن ي�سلك نف�س‬
‫طرق التح�صيل الجبرية �ضد الحائز عند امتناعه‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫فما هو مجال تطبيق هذا الإجراء وما هي القواعد المرتبطة بال�شكل وبالتبليغ وما‬
‫هي طرق الطعن فيه؟‪.‬‬
‫المبحث الأول ‪ :‬مجال تطبيق الإجراء‬

‫�إن الإ�شعار للغير الحائز وح�سب ما تن�ص عليه المادة ‪ 101‬من مدونة التح�صيل‬
‫تبا�شر �ضد الأغيار �أوال وذلك من �أجل تح�صيل ال�ضرائب والر�سوم والديون‬
‫الأخرى الم�ستحقة والمتمتعة بامتياز الخزينة ثانيا‪.‬‬
‫�أوال ‪ :‬الأغيار‬

‫�إن الف�صل المذكور قد �أ�شار على �سبيل المثال �إلى بع�ض الأغيار من محا�سبين‬
‫عموميين ومقت�صدين ومكترين وكل الحائزين �أو المدينين الملزمين الآخرين‬
‫بمبالغ يملكها �أو ينبغي �أن تعود لفائدة الملزمين بال�ضرائب والر�سوم والديون‬
‫الأخرى المتمتعة بامتياز الخزينة العامة‪ ،‬وين�سحب مفهوم الأغيار كذلك �إلى كل‬
‫الأ�شخا�ص العمومية المودع لديها الأموال ب�أي �سند �سواء تعلق الأمر بالأ�شخا�ص‬
‫المعنوية كال�شركات والجمعيات وغيرها �أو الأ�شخا�ص االعتبارية‪.‬‬
‫وهكذا يخ�ضع لم�سطرة الإ�شعار للغير الحائز م�سيرو ال�شركات ومت�صرفوها‬
‫�أو مديروها بالن�سبة لل�ضرائب والر�سوم المترتبة على هذه ال�شركات والمكترون‬
‫والوكيل وال�شريك والبنك والم�ست�أجر وغيرهم‪.‬‬
‫وقد �أثير ت�سا�ؤل حول ما �إذا كان الولي �أو الو�صي �أو النائب القانوني يعتبر غيرا‬
‫وبالتالي يمكن الحجز على �أموال القا�صر الذي ينوب عنه فيها‪.‬‬
‫وقد اختلف في الأمر �إال �أن الر�أي الراجح ذهب �إلى امكانية ذلك ا�ستنادا �إلى‬
‫العالقة الرابطة بينهما باعتبارها لي�ست عالقة تبعية ولأنهم لي�سوا طرفا في الحق في‬
‫(‪)3‬‬
‫التنفيذ و�أنهم يتمتعون با�ستقالل تام في مواجهة القا�صر‪.‬‬

‫(‪ )3‬ذ‪ .‬يون�س الزهري ‪ :‬الحجز لدى الغير في القانون المغربي‪� ،‬ص ‪.128‬‬

‫‪257‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ثانيا ‪ :‬الديون مو�ضوع الإ�شعار للغير الحائز‬

‫تتميز الديون العمومية لكي تكون مو�ضوع الإ�شعار للغير الحائز ب�أنها ديون‬
‫ممتازة كما �أنها ديون م�ستحقة‪.‬‬
‫�صفة االمتياز ‪� :‬إن الأموال التي تكون مو�ضوع الإ�شعار للغير الحائز هي الديون‬
‫العمومية الوارد التن�صي�ص عليها في المادة الثانية من مدونة التح�صيل وهي‬
‫ال�ضرائب المبا�شرة للدولة والر�سوم المماثلة وكذا ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‬
‫الم�شار �إليها بعبارة «ال�ضرائب والديون»‬
‫‪ -‬الحقوق والر�سوم الجمركية‪،‬‬
‫‪ -‬مداخيل الت�سجيل والتمبر والر�سوم المماثلة‪،‬‬
‫‪ -‬مداخيل وعائدات �أمالك الدولة‪،‬‬
‫‪ -‬ح�صيلة اال�ستغالالت والم�ساهمات المالية للدولة‪،‬‬
‫‪ -‬الغرامات واالدنات النقدية‪،‬‬
‫‪� -‬ضرائب ور�سوم الجماعات المحلية وهي�آتها‪،‬‬
‫‪� -‬سائر الديون الأخرى لفائدة الدولة والجماعات المحلية وهي�آتها التي‬
‫يعهد بقب�ضها للمحا�سبين المكلفين بالتح�صيل با�ستثناء الديون ذات الطابع‬
‫التجاري(‪.)4‬‬
‫وقد ن�صت المادة الأولى من نف�س القانون على �أن م�صدر هذا الدين العمومي‬
‫هو القانون والأنظمة الجاري بها العمل �أو الأحكام الق�ضائية وقرارات الق�ضاء �أو‬
‫االتفاقات‪ ،‬في حين �أن الهي�آت المكلفة بالتح�صيل قد حددها الم�شرع قي المادة‬
‫الثالثة حيث ورد التن�صي�ص عليهم كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬الخازن العام للمملكة‪،‬‬
‫‪ -‬الخزنة الجهويون‪،‬‬
‫(‪ ) 4‬الديون غير الممتازة التي ال تكون م�ستحقة �إال ب�أحكام ق�ضائية مثال‪.‬‬

‫‪258‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ -‬خزنة العماالت‪،‬‬
‫‪ -‬الخزنة الإقليميون‪،‬‬
‫‪ -‬والقبا�ض الجماعيون‪،‬‬
‫‪ -‬قبا�ض الجمارك ال�ضرائب الغير المبا�شرة وقبا�ض الت�سجيل‪.‬‬
‫�صفة اال�ستحقاق ‪ :‬فال يمكن اللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز لتح�صيل‬
‫الديون العمومية ما لم تكن م�ستحقة‪.‬‬
‫فالمادة ‪ 13‬من مدونة التح�صيل حددت �شهرين كحد �أق�صى ون�صت على ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪� -‬أن ت�ستحق ال�ضرائب والر�سوم المدرجة في الجداول عند ان�صرام ال�شهر‬
‫الثاني الموالي ل�شهر ال�شروع في تح�صيلها‪.‬‬
‫‪ -‬وابتداء من هذا التاريخ يمكن للقاب�ض اللجوء �إلى المطالبة �سواء ر�ضائيا‬
‫�أو جبريا والأمر يتعلق بطبيعة الحال هنا بتح�صيل ال�ضريبة عن طريق �إ�صدار‬
‫الجداول‪.‬‬
‫‪ -‬وت�ستحق ال�ضرائب على الفور عندما يتم �إ�صدارها على �سبيل الت�سوية بناء‬
‫على �إقرار الملزم (المادة ‪ 18‬من مدونة التح�صيل)‪.‬‬
‫‪ -‬وكذا وقبل انتهاء �أجل اال�ستحقاق اذا غادر الملزم التراب المغربي حيث‬
‫ن�صت المادة ‪ 19‬من نف�س القانون على �أنه « ت�ستحق فورا الديون المترتبة‬
‫على ذمة الملزم والقابلة للأداء ب�أجل �إذا لم يعد يتوفر بالمغرب على محل‬
‫�إقامة اعتيادي �أو محل م�ؤ�س�سته الرئي�سي �أو موطنه الجبائي‪.‬‬
‫‪ -‬وت�ستحق فورا �إذا �شرع الملزم في �إ�ضعاف ال�ضمان العام لدائنيه‪ ،‬فيمكن‬
‫للقاب�ض وهو ي�شكل �أحد ه�ؤالء الدائنين المطالبة بدينه على الفور‪.‬‬
‫‪ -‬كما ت�ستحق ال�ضرائب وي�سمح بالمطالبة بها على الفور �إذا توقف الملزم عن‬
‫مزاولة الن�شاط الخا�ضع لل�ضريبة �أو عند �إدماج �أو انف�صال �أو تحويل ال�شكل‬

‫‪259‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫القانوني لل�شركة‪ ،‬وب�شكل عام في حالة تغيير يطر�أ على ال�شخ�ص الملزم‬
‫(المادة ‪ 19‬من مدونة التح�صيل)‪.‬‬
‫وهكذا ف�إنه ال يحق للقاب�ض اللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز لتح�صيل‬
‫ال�ضرائب �إال �إذا كانت م�ستحقة وفق ما ذكر �أعاله �إال �إذا خاف على �إ�ضعاف الذمة‬
‫المالية للخزينة كان يبدي الملزم بع�ض الت�صرفات المريبة كالحاالت المن�صو�ص‬
‫عليها في المادة ‪ 19‬ال�سالفة الذكر ف�إن ب�إمكانه اللجوء �إلى الإ�شعار للغير الحائز‬
‫لمباغتته‪.‬‬
‫والجدير بالذكر �أنه �إذا تو�صل المحا�سب من �إدارة ال�ضرائب ب�صفتها م�صلحة‬
‫وعاء �ضريبي ب�إخبار بت�صحيح جبائي بالن�سبة للملزم‪ ،‬ف�إن المحا�سب ال يحق له‬
‫اللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار لغير الحائز و�إن كان يحق له اتخاذ كافة التدابير‬
‫الالزمة للمحافظة على �ضمان الخزينة لكن �شريطة �أن ال تعرقل هذه التدابير‬
‫الن�شاط العادي للمقاولة وال�سبب راجع �إلى كون تقدير ال�ضريبة وتحديدها ال‬
‫يت�أتى �إال بعد انتهاء م�سطرة الت�صحيح ومعرفة القدر الم�ستحق من الدين‪.‬‬
‫والإقدام على مبا�شرة هذا الإجراء ي�ستوجب مراعاة حقوق الطرفين الملزم‬
‫واالدارة وبالتالي يتعين �سبك هذه الخ�صو�صية في �شكل الإجراء بت�ضمينه‬
‫البيانات الجوهرية التي تترتب عن عدم مراعاتها بطالن الإجراء وباقي الإجراءات‬
‫الأخرى‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪� :‬شكليات الإ�شعار للغير الحائز و�إ�شكالية التبليغ‬
‫و�أنواعه‬

‫لم يتطرق الم�شرع المغربي �إلى البيانات الواجب توفرها في الإ�شعار للغير‬
‫الحائز كنظيره الفرن�سي‪ ،‬ونظرا لب�ساطة هذا الإجراء وخطورته ونظرا للغاية‬
‫المتوخاة من �سلوكه وهي الفعالية في تح�صيل الديون ا�ستلزم الأمر �ضرورة‬
‫توفره على بع�ض البيانات الجوهرية‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الفرع الأول ‪� :‬شكليات الإ�شعار للغير الحائز‬

‫البد من توافر البيانات التالية في الإ�شعار للغير الحائز ‪:‬‬


‫‪� -‬صفة الحائز‪ ،‬مكتر �أو م�سير �شركة �أو مت�صرفها �أو مديرها‪،‬‬
‫‪ -‬مبلغ الدين و�إلى كونه ممتازا ومعلوم ف�إن الديون الأخرى غير الممتازة ف�إن‬
‫الحائز غير ملزم بت�سليمها وفي هذا ال�صدد ينبغي على القاب�ض �أن يرفق‬
‫الإ�شعار بما يفيد طبيعة الدين‪ ،‬كان يرفقه بم�ستخرج من جدول ال�ضريبة‬
‫الذي يح�صل عليه من طرف �إدارة ال�ضرائب م�شار فيه �إلى نوع ال�ضريبة‬
‫و�سنة و�ضعها وتاريخ الأمر بتح�صيلها‪.‬‬
‫�إن االلتزام الذي يقع على الحائز هو التزام م�صدره القانون‪ ،‬وبالتالي فقد‬
‫اعتبر نظرا ل�صفته هاته مدينا لفائدة الخزينة ومعلوم �أنه يحق لهذا الأخير �أن يدفع‬
‫عنه غائلة هذا الدين بكل الدفوعات التي يمكن �أن يتم�سك بها المدين الأ�صلي‪ ،‬فقد‬
‫تتولد عن تطبيق الإ�شعار للغير الحائز �أحكام الت�ضامن بين الملزم وبين الحائز‪.‬‬
‫وباعتبار �أن الحائز مدين مت�ضامن‪ ،‬ف�إنه يحق له �أن يتم�سك بالدفوع ال�شخ�صية‬
‫الخا�صة والدفوع الم�شتركة بين المدينين المت�ضامنين جميعا (الف�صل ‪ 168‬من‬
‫قلم) ومن هذا المنطلق يحق له �أن يدفع بتقادم الوعاء ال�ضريبي ويمتنع عن ت�سليم‬
‫الأموال التي في حوزته ومن هنا تبرز م�س�ؤولية المحا�سب عن مراقبة الجداول‬
‫ال�ضريبية التي ترد عليه من الإدارة ال�ضريبية لأن هاته الأخيرة هي المكلفة ب�إعداد‬
‫الإ�شعارات بالموازاة مع �إ�صدار الجداول‪.‬‬
‫‪ -‬الدعوة �إلى الأداء الفوري‪،‬‬
‫‪ -‬الإ�شارة في منطوق الإ�شعار �إلى المقت�ضى القانوني الم�ؤ�س�س عليه‬
‫الإجراء‪،‬‬
‫‪ -‬الإ�شارة �إلى �إ�سم الملزم ورقم ح�سابه البنكي‪،‬‬
‫‪ -‬وبما يفيد التبليغ القانوني‪،‬وقد يكون �إثبات ذلك ب�أ�صل الإ�شعار نف�سه �أو‬

‫‪261‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ب�أية وثيقة تقوم مقامه‪ ،‬وبالإ�شارة �إلى كون الملزم ف�إنه �أ�شعر بم�ضمون هذا‬
‫الإجراء‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪� :‬إ�شكالية التبليغ‬

‫لم ين�ص الم�شرع المغربي في المواد المنظمة للإ�شعار للغير الحائز على‬
‫كيفية التبليغ وال على �شكلياته وعلى ما �إذا كان وجوبيا بالن�سبة للملزم �أم كذلك‬
‫بالن�سبة للحائز‪ ،‬بل اكتفى بالتن�صي�ص على وجوب دفع الحائزين �أو المودع‬
‫لديهم والمحا�سبين العموميين والمقت�صدين والمكترين وم�سيرو ال�شركات �أو‬
‫مت�صرفوها �أو مديروها الأموال التي في حوزتهم فورا وبمجرد �إ�شعارهم بهذا‬
‫الإجراء ومن تم كان من الالزم الت�سا�ؤل حول ما �إذا كان وجوبا �إ�شعار الملزم‬
‫بهذا الإجراء على اعتبار �أن الإ�شعار للغير الحائز ال يكون له مفعول ما لم يبلغ �إلى‬
‫ه�ؤالء �إذ كيف يعقل �أن يطالب ه�ؤالء بت�سليم ما بين �أيديهم من �أموال تعود للملزم‬
‫دون �أن يكونوا على علم بذلك‪.‬‬
‫�أوال ‪ -‬تبليغ الإ�شعار للغير الحائز �إلى الملزم‬
‫�إن العالقة التي ينبغي �أن تربط �إدارة التح�صيل بالملزم يجب �أن تكون مبنية على‬
‫�أ�سا�س المواطنة والوعي الكامل بالم�س�ؤولية ولي�س على �أ�سا�س المباغثة وال�شطط‬
‫في ا�ستعمال الحق ومن هذا المنطلق يتعين �أن ي�شعر الملزم بهذا الإجراء قبل �أن‬
‫ي�شعر به مدينوه وهو اتجاه �سبق �أن تبنته محكمة النق�ض الفرن�سية(‪ )5‬منذ ‪1973‬‬
‫ورتبت على عدم تبليغ الإجراء �إلى الملزم البطالن‪ ،‬وفي هذا الإتجاه �أي�ضا اعتبرت‬
‫محكمة اال�ستئناف الإدارية بمراك�ش تبليغ الملزم بهذا الإجراء �ضروريا وما جاء في‬
‫قرارها «وحيث �إنه با�ستقرار المقت�ضيات القانونية �أعاله يتبين �أن الم�شرع و�إن كان‬
‫لم ي�شترط �ضرورة احترام �إجراءات معينة �إزاء الملزم قبل اللجوء �إلى م�سطرة‬
‫الإ�شعار للغير الحائز ف�إنه ونظرا للطابع اال�ستثنائي للم�سطرة المذكورة وما يترتب‬
‫عنها من ت�سليم فوري للمبالغ الموجودة في حوزة الأغيار والمودع لديهم مع ما‬
‫(‪ )5‬قرار مبد�أ محكمة النق�ض الفرن�سية – الغرفة التجارية م�ؤرخ في ‪.1973/11/13‬‬

‫‪262‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫قد ي�سفر عنه ذلك للمعني بالأمر من �أ�ضرار‪ ،‬واعتبارا كذلك لمبد�أ حق الدفاع‬
‫الذي يعد من المبادىء الأ�سا�سية الواجب احترامها حتى في حالة عدم الن�ص‬
‫عليها �صراحة ف�إن القاب�ض يبقى ملزما بتوجيه �إ�شعار �إلى الخا�ضع ق�صد �إخباره‬
‫ب�إجراءات الإ�ستخال�ص المبا�شرة في حقه عن طريق الإ�شعار للغير الحائز(‪ )6‬وهو‬
‫بطبيعة الحال اتجاه مخالف لمن يرى في الإ�شعار فقط و�سيلة لمحاربة التهرب من‬
‫�أداء الواجب ال�ضريبي �أو و�سيلة لمباغثة الملزم �سيئ النية‪.‬‬
‫و�إذا كان التبليغ واجبا للملزم فما هي �شكلياته و�أنواعه ؟‬
‫ثانيا ‪� -‬شكليات التبليغ و�أنواعه‬
‫لم ين�ص الم�شرع المغربي في المواد المنظمة لهذا الإجراء على �شكل التبليغ‬
‫و�أنواعه‪ .‬واعتبارا لكون الإجراء المذكور �إجراء ا�ستثنائيا للتح�صيل ف�إنه تطبق‬
‫ب�ش�أنه المقت�ضيات المنظمة لتبليغ �إجراءات التح�صيل المن�صو�ص عليها في مدونة‬
‫تح�صيل الديون العمومية عن طريق م�أموري التبليغ والتنفيذ التابعين للخزينة‬
‫العامة والمفو�ضين الق�ضائيين‪ ،‬وعن طريق ال�سلطة المحلية �أو بوا�سطة البريد‬
‫الم�ضمون‪.‬‬
‫ثالثا ‪� -‬أثر التبليغ‬
‫�إن تبليغ الإ�شعار للغير الحائز �إلى الملزم يقطع التقادم الجاري في مواجهة‬
‫الملزم �أما �أثره في مواجهة الحائز فهو الت�سليم الفوري لهذه الأموال �إلى القاب�ض‬
‫مع الإ�شارة �إلى �أن �أنواع التبليغ هذه بالن�سبة للحائز هي نف�سها التي �سبقت الإ�شارة‬
‫�إليها‪.‬‬
‫�إن الت�سليم الفوري ك�أثر لتبليغ الإ�شعار للغير الحائز �إلى الحائز قد ي�صطدم‬
‫ببع�ض العراقيل من قبل الحجز على �أر�صدة الح�سابات البنكية‪.‬‬

‫(‪ )6‬قرار محكمة اال�ستئناف االدارية بمراك�ش رقم ‪ 216‬بتاريخ ‪ 2010/03/13‬الملف رقم ‪.2009/9/843‬‬

‫‪263‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الحجز على الح�سابات البنكية‬

‫الح�سابات البنكية التي غالبا ما تكون مو�ضوع تعر�ض من طرف المحا�سب هي‬
‫الح�سابات للإطالع (الح�سابات الجارية) والح�سابات لأجل (ح�ساب الودائع)‪.‬‬
‫الفقرة الأولى ‪ :‬الح�سابات للإطالع (الح�سابات الجارية)‬

‫فالح�ساب بالإطالع هو عقد يربط البنك بزبونه �أ�سا�سه اتفاق الطرفين على تقييد‬
‫ديون الزبون �إزاء البنك وديون هذا الأخير �إزاء الزبون على �شكل �أبواب دائنه‬
‫ومدينه وبدمجها يت�أتى ا�ستخراج ر�صيد لفائدة كل طرف(‪ )7‬وت�سرى الفوائد بقوة‬
‫القانون لفائدة البنك باعتباره طرفا مموال(‪.)8‬‬
‫ومن المعلوم �أن عملية دمج �أبواب الدائنة والمدينة تفرز ا�ستخراج ر�صيد‬
‫م�ؤقت وعندما يكون دائما لفائدة الزبون‪ ،‬يت�أتى حجز المبالغ المكونة له‪.‬‬
‫وهنا تكمن فعالية الإ�شعار للغير الحائز‪ ،‬حيث يتمكن القاب�ض من حجز الر�صيد‬
‫وقد �أثيرت هذه الإ�شكالية �أمام الق�ضاء الفرن�سي فح�سمتها محكمة النق�ض الفرن�سية‬
‫وق�ضت بجواز الحجز على الح�ساب الجاري بوا�سطة الإ�شعار للغير الحائز وذلك‬
‫بمقت�ضى قرارها الم�ؤرخ ‪.1973-11-13‬‬
‫في حين �إذا تعلق الأمر بحجز �أموال غير ممتازة �أو بعالقة بين طرفي القانون‬
‫الخا�ص ف�إن بقاء الأبواب الدائنة والمدينة مفتوحة بين البنك وزبونه ي�ستلزم من‬
‫ذوي الم�صلحة الإ�سراع �إلى الق�ضاء اال�ستعجالي وفي الوقت المنا�سب �إلى طلب‬
‫قفل الح�ساب الجاري وح�صره في الر�صيد الدائن لمدينه‪ ،‬حتى يتمكن من تنفيذ‬
‫الأمر ال�صادر لفائدته والقا�ضي له بالحجز على ح�ساب مدينه(‪.)9‬‬
‫(‪ )7‬الف�صل ‪ 493‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫(‪ )8‬الف�صل ‪ 495‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫(‪ ) 9‬حجز ما للمدين لدى الغير في جانبه النظري وجانبه التطبيقي اطروحة لنيل دبلوم الدرا�سات الق�ضائية المعمقة في‬
‫القانون الخا�ص ذ‪.‬خالد علو�ش ال�صفحة ‪.105‬‬

‫‪264‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الح�ساب لأجل (ح�ساب الودائع)‬

‫�إن الإ�شكاالت التي يمكن ت�صورها في الح�سابات الجارية‪ ،‬والمتعلقة بعدم‬


‫و�ضوح الر�ؤيا في الر�صيد الممكن التعر�ض عليه على اعتبار �أن هناك ابواب دائنة‬
‫و�أبواب مدينة‪ ،‬ف�إن التعر�ض على ح�ساب الودائع ال يثير �أية �إ�شكالية من طبيعة ما‬
‫ذكر وبالتالي ف�إن القاب�ض يت�أتى له وبكل �سهولة مبا�شرة الإجراء المذكور عليه لأن‬
‫الأمر يتعلق هنا بعقد يودع بموجبه �شخ�ص نقودا لدى الم�ؤ�س�سة البنكية لتت�صرف‬
‫فيها بكامل الحرية على �شرط �إرجاعها �إياه ح�سب ما تم عليه الإتفاق وبطبيعة الحال‬
‫ف�إن البنك يبقى م�س�ؤوال عن هذه المبالغ كما يكون ملزما بت�سليمها للقاب�ض بناء‬
‫على الإ�شعار للغير‪.‬‬
‫وعلى العموم ف�إنه وبمجرد �أن يبلغ البنك بالإ�شعار للغير الحائز يجب عليه‬
‫�أن ي�صرح للدائن بالمبلغ المودع في الح�ساب وطبيعته كما يكون ملزما بتجميد‬
‫الح�ساب في حدود المبالغ المطلوبة و�أن يقدم ك�شف الح�ساب �إلى الدائن عن‬
‫الو�ضعية ابتداء من تاريخ الإ�شعار‪.‬‬
‫وال بد من التذكير �أنه في حالة تعدد الح�سابات المفتوحة لنف�س الزبون ومن نف�س‬
‫الوكالة �أو في عدة وكاالت لنف�س الم�ؤ�س�سة البنكية ف�إن كال من هذه الح�سابات‬
‫يعمل م�ستقال عن الآخر‪� ،‬إال �إذا ن�ص على خالف ذلك (المادة ‪ 489‬من مدونة‬
‫التجارة)‪.‬‬
‫ولهذه الغاية ف�إنه ال يمكن �أن ي�سري مفعول الإ�شعار للغير الحائز المتعر�ض‬
‫بموجبه على ر�صيد في ح�ساب معين و�أن يمتد �إلى ر�صيد ح�ساب �آخر‪.‬‬
‫وبالنظر �إلى �إمكانية فتح ح�سابات متعددة لفائدة �شخ�ص واحد ف�إنه ال يمكن‬
‫لهذه الو�سيلة �أن تنق�ص من ال�ضمان العام للخزينة‪.‬‬
‫ولقد طرحت ق�ضية رفع الحجز على ح�ساب بنكي بعلة �أن الأمر يتعلق ب�أموال‬
‫الزبناء والأمر يتعلق بموثق تبت من خالل وثائق الملف �أنه يتوفر على الأقل على‬

‫‪265‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�أربع ح�سابات وا�ستجاب الق�ضاء اال�ستعجالي في المرحلة االبتدائية لطلب المعني‬


‫بالأمر �إال �أن محكمة اال�ستئناف �ألغت الأمر النعدام الجدية في النزاع م�ستخل�صة‬
‫ذلك من تعدد الح�سابات المهنية وال�شخ�صية مما يجعل ال�شك يحوم حول �صحة‬
‫ما يدعي ب�ش�أنها خا�صة وا�أن الطاعن �سبق له �أن ا�ست�صدر حكما لفائدته في ق�ضية‬
‫مماثلة تق�ضي برفع الحجز عن ح�ساب مهني �آخر بعدما �أثبت توفره على ح�ساب‬
‫�شخ�صي �آخر والمفتوحين بنف�س الوكالة البنكية(‪.)10‬‬
‫ولقد �أثيرت �إ�شكالية التعر�ض على ح�ساب زبائن المحامي(‪ )11‬وق�ضت المحاكم‬
‫الإدارية (الق�ضاء اال�ستعجالي) برفع الحجز على الح�ساب ا�ستنادا على �إ�شهاد‬
‫�صادر عن نقيب هيئة المحامين‪ ،‬ونعتقد �أن مثل االتجاه يفتقر �إلى بع�ض الواقعية‪،‬‬
‫ذلك �أن اال�ستناد �إلى �إ�شهاد نقيب هيئة المحامين ال ي�صلح للإثبات على اعتبار �أنه‬
‫لن يك�شف عن جديد‪ ،‬فالح�ساب معروف م�سبقا ب�أنه فتح كح�ساب للزبائن‪ .‬لكن‬
‫هل الأموال المودعة به هي كذلك �أموال للزبائن؟ ويكبر هذا الت�سا�ؤل في غياب‬
‫الإثبات من طرف الملزم‪.‬‬
‫وي�سري نف�س الت�سا�ؤل حول ح�ساب الودائع الذي يديره مجل�س هيئة‬
‫المحامين(‪ )12‬وخا�صة �إذا لم يثبت المحامي �أن الأمر يتعلق بودائع زبنائه خال�صة‬
‫و�أنه قد ت�سلم �أتعابه م�سبقا‪.‬‬
‫(‪ ) 10‬قرار محكمة اال�ستئناف االدارية بمراك�ش رقم ‪ 871‬وتاريخ ‪ 2010/10/27‬في الملف رقم ‪.2010/2/150‬‬
‫(‪� ) 11‬أمر ا�ستعجالي ال�صادر عن رئي�س المحكمة االدارية بمراك�ش �أمر رقم ‪ 103‬تاريخ ‪.2009/10/01‬‬
‫(‪ )12‬ين�ص الف�صل ‪ 57‬من قانون المحاماة على «ي�ؤ�س�س على �صعيد كل هيئة ح�ساب ودائع و�أداءات المحامين‬
‫يديره مجل�س هيئتها تودع به لزوما المبالغ الم�سلمة للمحامين الم�سجلين بجدول هذه الهيئة على �سبيل الوديعة‬
‫وتتم بوا�سطته كل االداءات المهنية التي يقوم بها المحامي لفائدة موكليه �أو الغير تودع بهذا الح�ساب كل المبالغ‬
‫الناتجة عن تنفيذ مقرر ق�ضائي من لدن م�صالح التنفيذ والمفو�ضين الق�ضائيين‪.‬‬
‫يتعني على االدارات العمومية و�شبه العمومية وامل�ؤ�س�سات وال�شركات �إيداع املبالغ العائدة ملوكلي املحامني‬ ‫ ‬
‫بح�ساب الودائع واالداءات التابع لهيئتهم‪.‬‬
‫كل �أداء تم خالفا لهذه المقت�ضيات ال تكون له �أية قوة ابرائية في مواجهة الموكل �أو المحامي يتحمل مرتكب‬ ‫ ‬
‫المخالفة عند االقت�ضاء م�س�ؤولية �أداء المبالغ العائدة للموكل �أو م�صاريف و�أتعاب المحامي يحدد طريقة تنظيم‬
‫هذا الح�ساب نظامه الداخلي طبقا للفقرة ‪ 8‬من المادة ‪ 91‬بعده تدخل هذه المادة حيز التنفيذ خالل �سنة من‬
‫تاريخ ن�شر هذا القانون في الجريدة الر�سمية»‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وارتباطا بالتعر�ض على الح�سابات ينبغي الإ�شارة �إلى �أنه يتعين على القاب�ض �أن‬
‫يت�أكد من طبيعة الأموال المودعة‪ ،‬لأن هناك �أموال يح�ضر عليه �أن يتعر�ض عليها‬
‫بحكم القانون وهو ما ين�ص عليه قانون الم�سطرة المدنية باعتباره القانون الأم‬
‫حيث ين�ص الف�صل ‪ 488‬على هذه الحاالت التي ال يمكن الحجز فيها وهي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬التعوي�ضات التي ي�صرح القانون ب�أنها غير قابلة للحجز‬
‫ومن الأمثلة على ذلك ما ن�ص عليه الف�صل ‪ 67‬من ظهير ‪ 1972/6/27‬المتعلق‬
‫بال�ضمان الإجتماعي والذي ن�ص على «�أن التعوي�ضات المقررة في هذا القانون ال‬
‫يمكن التخلي عنها وال حجزها ما عدا فيما يخ�ص �أداء الديون المتعلقة بالنفقة التي‬
‫قد يلزم فيها الم�ستفيدون من التعوي�ضات‪ ،‬وذلك طبقا لنف�س ال�شروط والحدود‬
‫المطبقة على الأجور‪.‬‬
‫‪ - 2‬النفقات (باعتبار ما تكت�سيه من طابع معي�شي وقد جاءت مطلقة �سواء تعلق‬
‫بالزوجة �أم بغيرها)‬
‫‪ - 3‬المبالغ التي ت�سبق �أو ترد باعتبارها م�صاريف مكتب �أو جولة �أو تجهيز �أو‬
‫تنقل �أو نقل‪.‬‬
‫‪ - 4‬المبالغ الممنوحة باعتبارها ردا لت�سبيقات �أو �أداء لم�صاريف انفقها عامل‬
‫م�ستخدم ب�صفة م�ستمرة �أو م�ؤقتة لمنا�سبة عمله‪.‬‬
‫‪ - 5‬المبالغ الممنوحة باعتبارها ردا لت�سبيقات �أو �أداء لم�صاريف �سينفقها‬
‫الموظفون �أو الأعوان الم�ساعدون في تنفيذ م�صلحة عامة �أو م�صاريف‬
‫�أنفقوها بمنا�سبة عملهم‪.‬‬
‫‪ - 6‬جميع التعوي�ضات والمنح وجميع ما ي�ضاف �أو يلحق بالأجور والرواتب‬
‫كتعوي�ضات عائلية‪.‬‬
‫‪ - 7‬ر�أ�س مال الوفاة الم�ؤ�س�س بالمر�سوم رقم ‪ 2.98.500‬ال�صادر في ‪ 14‬من‬
‫�شوال ‪( 1419‬فاتح فبراير ‪ )1999‬يحدث بموجبه نظام ر�صيد للوفاة لفائدة‬
‫ذوي حقوق الموظفين المدنيين والع�سكريين والأعوان التابعين للدولة‬
‫والجماعات المحلية والم�ؤ�س�سات العمومية‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ - 8‬المعا�شات المدنية للدولة الم�ؤ�س�سة بالقانون رقم ‪ 011.71‬وتاريخ ‪ 12‬ذي‬


‫القعدة ‪ )1971/12/30( 1391‬با�ستثناء ما �أ�شير �إليه في ال�شروط المقررة‬
‫في الف�صل ‪ 30‬من القانون المذكور‪.‬‬
‫‪ - 9‬المعا�شات الع�سكرية المنظمة بالقانون رقم ‪ 013.71‬بتاريخ ‪ 12‬ذي‬
‫القعدة ‪ )1971/12/30( 1391‬با�ستثناء ما �أ�شير �إليه في ال�شروط المقررة‬
‫في الف�صل ‪ 42‬من القانون المذكور‪.‬‬
‫‪ - 10‬معا�شات التقاعد �أو العجز الممنوحة من القطاع الخا�ص ولو كان‬
‫الم�ستفيد منها لم ي�شارك في �إن�شاءها بمبالغ �سبق دفعها ومع ذلك‬
‫يجوز حجز وتحويل هذه المعا�شات بنف�س ال�شروط والحدود الخا�صة‬
‫بالأجور‪ ،‬ويجوز �أن ي�صل الحد القابل للحجز والتحويل لفائدة‬
‫الم�ؤ�س�سات ال�صحية �أو بيوت �إيواء العجزة ال�ستيفاء مقابل العالج �أو‬
‫اقامة بها �إلى ‪ % 50‬ان كان �صاحبه متزوجا و�إلى ‪ % 90‬في الحاالت‬
‫الأخرى‪.‬‬
‫ال يقبل ب�صفة عامة التحويل والحجز جميع الأ�شياء التي ي�صرح القانون بعدم‬
‫قابليتها لذلك‪.‬‬
‫وقد �أثيرت ا�شكالية الحجز على مبالغ الح�ساب البنكي للموظف حيث يلج�أ‬
‫القاب�ض �إلى الإ�شعار للغير الحائز بحجز المبالغ التي يودعها الموظف بح�سابه‬
‫البنكي فذهب الر�أي الراجح �إلى التمييز بين ما اذا كان ر�صيد الح�ساب البنكي‬
‫خليطا من الودائع بما ذكر ف�إن عدم قابلية تجزئة الح�ساب البنكي يخول للقاب�ض حق‬
‫ومبا�شرة الإ�شعار للغير الحائز عليه باعتباره ي�شكل ال�ضمان العام لدائنيه(‪.)13‬‬
‫(‪� ) 13‬أما الم�شرع فقد عالج هذه الإ�شكالية بالن�سبة للأجير حيث ن�ص في المادة ‪ 14.81‬من قانون رقم ‪1121-72‬‬
‫الم�ؤرخ ‪ 1972/12/20‬على ما يلي‪:‬‬
‫‪Nonobstant toute opposition, les salariés dont la rémunération est réglée par versement‬‬
‫‪à un compte courant, de dépôt ou d’avance pouvant effectuer mensuellement des retraits‬‬
‫‪de ce compte dans la limite de la portion insaisissable ou incessible du salaire telle‬‬
‫‪qu’elle est fixée par le code de travail.‬‬

‫‪268‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أما �إذا كان الر�صيد بالبنك ي�شكل فقط تحويالت مبا�شرة لمرتب الموظف‬
‫الملزم‪ ،‬ف�إن الطابع المعي�شي لهذا المرتب يحول دون تطبيق الإ�شعار تحت طائلة‬
‫البطالن �أثناء الطعن فيه‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬الطعن في الإ�شعار للغير الحائز‬

‫�إن الإ�شعار للغير الحائز هو �إجراء ا�ستثنائي يروم مباغثة المدين للخزينة بالتعر�ض‬
‫على �أمواله التي بين الحائزين االغيار ويترتب على هذا التعر�ض الت�سليم الفوري‬
‫لهذه الأموال ومن تم تكمن خطورته‪.‬‬
‫وبالمقابل ف�إن مبا�شرة هذا الإجراء من طرف القبا�ض والحالة هذه يخول‬
‫للملزم حق الطعن فيه‪ ،‬وذلك طبقا للمقت�ضيات القانونية المنظمة للمنازعة في‬
‫�إجراءات التح�صيل المن�صو�ص عليها في قانون ‪ 80.15‬وفي غيرها من الن�صو�ص‬
‫الأخرى‪.‬‬
‫وهكذا ف�إنه ال يمكن الطعن في الإجراء �أمام المحكمة المخت�صة �إال بعد توجيه‬
‫مطالبة �إدارية‪.‬‬
‫الفرع الأول ‪ :‬المطالبة الإدارية‬

‫تن�ص المادة ‪ 120‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية ب�أن ترفع المطالبات‬
‫المتعلقة ب�إجراءات التح�صيل الجبري تحت طائلة عدم القبول �إلى رئي�س الإدارة‬
‫التي ينتمي �إليها المحا�سب المكلف بالتح�صيل المعني �أو �إلى من يمثله‪.‬‬
‫وهكذا ف�إن توجيه الطلب �إلى الإدارة ي�ستلزم توافر ما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬يجب �أن يوجه �إلزاميا �إلى رئي�س الم�صلحة المخت�ص‪.‬‬
‫‪� - 2‬أن يوجه داخل �أجل ‪ 60‬يوما الموالي لتاريخ تبليغ الإجراء وتجدر الإ�شارة‬
‫�إلى �أن الم�شرع المغربي حدد الأجل للمدين لتقديم الطلب داخل‬
‫الأجل المذكور �أعاله خالفا للم�شرع الفرن�سي الذي حدده ح�سب‬

‫‪269‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الأحوال‬‫(‪.)14‬‬

‫‪� - 3‬أن يكون مبررا بالوثائق الثبوتية لتكوين ال�ضمانات طبقا لما هو من�صو�ص‬
‫عليه في المادة ‪ 118‬من مدونة التح�صيل‪ .‬وعلى الإدارة �أن تجيب داخل‬
‫الأجل القانوني الذي هو ‪ 60‬يوما من تاريخ تو�صلها بالمطالبة‪ .‬ومن البديهي‬
‫�أن الأجل الممنوح للإدارة للجواب هو من النظام العام وبالتالي ف�إن‬
‫(‪)15‬‬
‫جواب الإدارة خارج الأجل المذكور ال يفتح �أجال جديدا للملزم‬
‫وعند الجواب يتعين على الإدارة �أن تبلغه �إلى الملزم كما يمكن لهذا‬
‫الأخير في حالة عدم جواب الإدارة داخل �أجل ‪ 60‬يوما الموالي لتاريخ‬
‫تو�صلها بالمطالبة كما في الحالة التي يكون فيها القرار في غير �صالحه رفع‬
‫الدعوى �أمام المحكمة المخت�صة‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬المطالبة الق�ضائية‬

‫�أوال ‪ :‬المحكمة المخت�صة ونعني بذلك الإخت�صا�ص الترابي �أما الإخت�صا�ص‬


‫النوعي فيكون دائما للمحكمة الإدارية‪ ،‬وذلك خالفا لما ن�ص عليه كتاب الم�ساطر‬
‫الجبائية الفرن�سي الذي �أ�سند للمحكمة العادية النظر في المنازعات المن�صبة‬
‫على �شكل (الف�صل ‪ )281‬و�أ�سند للمحاكم الإدارية النظر في المنازعات المتعلقة‬
‫بوجود االلتزام بمبلغ الدين وا�ستحقاقه وب�أي �سبب �آخر يتعلق بالوعاء �أو ب�شكلية‬
‫الإجراء‪.‬‬
‫والمحكمة الإدارية حينما تنظر في المنازعة ف�إنها ت�ستند في قرارها على ما قدم‬
‫�إليها من وقائع و�أ�سباب كانت مو�ضوع التظلم الإداري‪� ،‬أما الوقائع والأ�سباب‬
‫التي لم تكن مو�ضوع التظلم الإداري فهي غير مقبولة وال يمكن االلتفات �إليها‪،‬‬
‫لأن الق�صد من التظلم الإداري وغايته هو حل الم�شكل �إداريا و�إتاحة الفر�صة‬
‫للإدارة للإطالع على عمل موظفيها ولي�س �إجراء �شكليا في حد ذاته‪.‬‬
‫(‪� ) 14‬أنظر الف�صل ‪ 281-2‬من كتاب الم�ساطر الجبائية الفرن�سية‪.‬‬
‫(‪� )15‬أقر مجل�س الدولة هذا الحكم بمقت�ضى قراره الم�ؤرخ ‪.1968-2-28‬‬

‫‪270‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫هذا بخ�صو�ص ما يتعلق بق�ضاء المو�ضوع �أما الق�ضاء اال�ستعجالي‪ ،‬ونظرا‬


‫لطبيعة هذا الق�ضاء ف�إن االجتهاد الق�ضائي ا�ستند في معالجة هذه الحالة �إلى‬
‫مقت�ضيات المادة ‪ 149‬من قانون الم�سطرة المدنية‪.‬‬
‫الق�ضاء اال�ستعجالي‬
‫تن�ص المادة ‪ 149‬على ما يلي‪:‬‬
‫«يخت�ص رئي�س المحكمة االبتدائية وحده بالبت ب�صفته قا�ضيا للم�ستعجالت كلما توفر‬
‫عن�صر اال�ستعجال في ال�صعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم �أو �سند قابل للتنفيذ �أو الأمر بالحرا�سة‬
‫الق�ضائية �أو اي �إجراء �آخر تحفظي �سواء كان النزاع في الجوهر قد �أحيل على المحكمة �أم‬
‫ال‪ .‬بالإ�ضافة �إلى الحاالت الم�شار �إليها في الف�صل ال�سابق والتي يمكن لرئي�س المحكمة‬
‫االبتدائية ان يبت بها ب�صفته قا�ضيا للم�ستعجالت» وهكذا ف�إنه يمكن مراجعة الق�ضاء‬
‫اال�ستعجالي كلما توفرت �شروطه المن�صو�ص عليها في المادة �أعاله والمادة ‪152‬‬
‫من نف�س القانون(‪ )16‬دون �أي قيد �آخر من قبل المطالبة الإدارية وتكوين ال�ضمانات‬
‫المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 118‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية وهو ما د�أب‬
‫عليه العمل الق�ضائي(‪ )17‬منذ �إحداث المحاكم الإدارية �إلى الآن من ذلك ما ورد‬
‫في القرار اال�ستئنافي ال�صادر عن محكمة اال�ستئناف االدارية بمراك�ش الذي جاء‬
‫(‪ )16‬ين�ص الف�صل ‪ 152‬من فانون الم�سطرة المدنية «التبت الأوامر اال�ستعجالية �إال في الإجراءات الوقتية وال تم�س‬
‫بما يمكن �أن يق�ضي في الجوهر»‪.‬‬
‫(‪ ) 17‬قرار محكمة اال�ستئناف االدارية بمراك�ش رقم ‪ 319‬وتاريخ ‪ 2007/11/27‬الملف عدد ‪ 2007/2/44‬اذ جاء‬
‫في قاعدته ما يلي‪ :‬اذا كان الم�شرع قد حدد الملزم �أجال لرفع مطالبته وحدد لالدارة ال�ضريبية �أجال للجواب ف�إن‬
‫ذلك ال يجب �أن يمتد �إلى الدعاوي اال�ستعجالية لتنافيه وطبيعتها العاجلة‪....‬نعم»‪.‬‬
‫ثبوت ان الملزم مواجه با�شعار للغير الحائز الذي يترتب عنه الأداء الفوري للمبالغ المحجوزة يجعله في حل‬ ‫ ‬
‫من �سلوك الم�سطرة المن�صو�ص عليها في المادتين ‪ 117‬و‪ 120‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية‪...‬نعم‪.‬‬
‫‪� -‬أنظر كذلك القرار ال�صادر عن نف�س املحكمة بتاريخ ‪ 2007/12/25‬حتت عدد ‪ 357‬يف امللف رقم‬
‫‪.2007/2/59‬‬
‫‪� -‬أنظر كذلك القرار ال�صادر عن نف�س املحكمة بتاريخ ‪ 2008/10/08‬حتت عدد ‪ 401‬يف امللف رقم‬
‫‪.2008/2/46‬‬
‫‪� -‬أنظر كذلك القرار ال�صادر عن نف�س المحكمة بتاريخ ‪ 2010/07/22‬في الملف ‪ 2009/01/28‬تحت عدد ‪39‬‬
‫في الملف ‪.2008/2/41‬‬

‫‪271‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫فيه «حيث لئن كان �إجراء الإ�شعار للغير الحائز المخول للقاب�ض اللجوء �إليه تطبيقا‬
‫للمادة ‪ 101‬وما بعدها من مدونة تح�صيل الديون العمومية وهو �إجراء تنفيذي‬
‫جبري ا�ستثنائي يعتبر النزاع ب�ش�أنه‪ ،‬كما هو ال�شان بالن�سبة للمنازعة في باقي‬
‫�إجراءات التح�صيل االخرى نزاعا مو�ضوعيا ال يخت�ص به قا�ضي اال�ستعجال نظرا‬
‫لم�سا�سه بجوهر النزاع ف�إن ق�ضاء اال�ستعجال د�أب على تحوير الطلبات المقدمة‬
‫�إليه ب�ش�أن رفع الحجز الموقع بمقت�ضى اال�شعار للغير الحائز على الح�ساب البنكي‬
‫واعادة تكييفها �إلى طلبات �إيقاف �إجراءات التح�صيل باعتبار ان ذلك هو الجوهر‬
‫الحقيقي لتلك الطلبات ما دام تم تقديمها �إلى ق�ضاء اال�ستعجال الذي ا�ستقر‬
‫على �أن اال�ستجابة لطلب ايقاف تنفيذ اجراءات التح�صيل رهينة بتوفر عن�صري‬
‫اال�ستعجال وجدية الطلب‪ ،‬ومن المعلوم �أن حالة اال�ستعجال �إنما تن�ش�أ من طبيعة‬
‫الحق المطلوب �صيانته ومن الظروف المحيطة به وي�ستنتجها قا�ضي الم�ستعجالت‬
‫من ظروف ومالب�سات الدعوى المعرو�ضة عليه‪.‬‬
‫اما الجدية فتبين لقا�ضي اال�ستعجال من خالل الفح�ص الظاهري لوثائق ملف‬
‫المنازعة في المو�ضوع الم�ؤ�س�س على نفي �صفة االلتزام ال�ضريبي �أو على المنازعة‬
‫في قانونية �أو على المنازعة في م�سطرة واجراءات التح�صيل والتي يكفي ان ت�ؤول‬
‫ح�سب الفح�ص الظاهري المذكور �إلى االلغاء والبطالن»‪.‬‬
‫وقد ا�ستر�سل القرار بالإي�ضاح �أن المنازعة في اال�شعار والمن�صب على ح�ساب‬
‫بنكي يتعلق بودائع زبناء محام ي�شكل منازعة جدية تبرر ايقاف �إجراءات التح�صيل‬
‫وهكذا فقد ورد في نف�س القرار ما يلي ‪« :‬وحيث يتبين من خالل تفح�ص ظاهر لوثائق‬
‫الملف دون الم�سا�س بما يمكن �أن يق�ضي به في الجوهر �أن الم�ست�أنف عليه �أدلى‬
‫بما يثبت بجالء �أن �إجراء التح�صيل المبا�شر في حق الم�ست�أنف في �شكل الإ�شعار‬
‫للغير الحائز على الح�ساب المفتوح لدى البنك المغربي للتجارة الخارجية �إنما‬
‫هو �إجراء يطال ح�سابا للغير الذين ال عالقة لهم نهائيا بالدين ال�ضريبي مو�ضوع‬
‫التح�صيل باعتباره مخ�ص�صا للودائع الخا�ص بموكلي الم�ستانف عليه كمحام مما‬
‫يفيد بناء على ذلك قيام منازعة جدية م�ستمدة مما �أثير من عدم م�شروعية الإ�شعار‬
‫‪272‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫للغير الحائز على الح�ساب البنكي المذكور ويوفر قيام وتحقق عن�صر جدية‬
‫(‪)18‬‬
‫المنازعة المبررة لال�ستجابة للطلب‪.‬‬
‫وللإ�شارة ف�إن �إعادة التكييف الذي ت�ضفيه المحكمة على الطلبات المقدمة‬
‫في هذا ال�ش�أن كما ر�أينا قد ي�صطدم ببع�ض العراقيل �أثناء �إجراءات تنفيذ الأوامر‬
‫والقرارات الق�ضائية‪ ،‬حيث �أن الحكم بايقاف ا�ستخال�ص قد ين�سحب على كل‬
‫�إجراءات التح�صيل التي يكون قد قام بها القاب�ض ب�صفة موازية لم�سطرة الإ�شعار‬
‫للغير الحائز وهذه نتيجة غير منطقية لأن م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز هي م�سطرة‬
‫م�ستقلة عن م�سطرة المنازعة في �إجراءات التح�صيل الأخرى (الإنذار‪ ،‬الحجز‪،‬‬
‫البيع) التي يمكن للقاب�ض �أن يكون قد با�شرها قبل �أو �أثناء مبا�شرته للإ�شعار للغير‬
‫الحائز وبالتالي ف�إنه ي�صعب ا�ستي�ساغ اعادة تكييف المنازعة في الإ�شعار للغير‬
‫الحائز على �أنها طلب بايقاف �إجراءات التح�صيل على اعتبار ان الملزم الذي‬
‫با�شر القاب�ض �إزاءه‪ ،‬االجراءين معا �سي�صبح م�ستفيدا من نتيجة �إيجابية لإجراء لم‬
‫يبا�شره‪.‬‬
‫ويبدو منطقيا �أن يعطي للمنازعة و�صفها وحجمها الحقيقي انطالقا من طبيعة‬
‫الإجراء المذكور‪.‬‬
‫�إن الإ�شعار للغير الحائز هو �إجراء يتم بوا�سطته التعر�ض على �أموال الملزم من‬
‫طرف القاب�ض والملزم ال يملك �إال المطالبة برفعه عن طريق الدعوى اال�ستعجالية‬
‫�أو المطالبة ب�إلغائه في الحاالت الأخرى وبالتالي ال يبقى مجال لإعادة التكييف‬
‫الطعن في الإ�شعار على �أ�سا�س �أنه مطالبة ب�إيقاف �إجراءات التح�صيل‪.‬‬
‫و�إذا كان للملزم الحق في مراجعة الق�ضاء اال�ستعجالي لرفع التعر�ض على‬
‫�أمواله بين يدي الحائز ف�إن من واجبه �أن يرفع دعوى في المو�ضوع للمنازعة في‬
‫وجود االلتزام �أو في مبلغ الدين �أو في ا�ستحقاقه �أو في �أي �سبب �آخر متعلق‬
‫بالوعاء �أو ب�شكلية الإجراء‪.‬‬
‫(‪ ) 18‬قرار محكمة اال�ستئناف االدارية بمراك�ش رقم ‪ 722‬وتاريخ ‪ 2010/07/22‬في الملف رقم ‪.2010/02/25‬‬

‫‪273‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ق�ضاء المو�ضوع‬
‫ال يفهم من �صياغة الف�صل ‪ 149‬من ق‪.‬م‪.‬م وخا�صة من عبارة «�سواء كان النزاع‬
‫في الجوهر قد �أحيل على المحكمة» �أم �أن الملزم ومن في حكمه معفى من اللجوء‬
‫�إلى ق�ضاء المو�ضوع‪� ،‬إلى جانب دعوى اال�ستعجال و�إال فما تعنيه الطبيعة الم�ؤقتة‬
‫للأوامر اال�ستعجالية‪.‬‬
‫ولقد د�أب العمل الق�ضائي على تعليق تنفيذ الأوامر �أو القرارات التي ي�صدرها‬
‫في مجال االيقاف على رفع دعوى في المو�ضوع داخل �أجل يحدده حتى ال تفقد‬
‫هذه الأوامر والقرارات طبيعتها الم�ؤقتة‪ .‬ومن تم ف�إن الملزم يطرق باب الق�ضاء‬
‫للمنازعة �إما في الوعاء �أو في �شكلية الإجراء‪.‬‬
‫• المنازعة في الوعاء‬
‫تن�صب المنازعة في الوعاء على وجود االلتزام ال�ضريبي �أو على مبلغ الدين‬
‫�أو في ا�ستحقاقه‪.‬‬
‫�أوال ‪ :‬المنازعة في وجود االلتزام ويعني ذلك المنازعة في وجود الواقعة‬
‫المن�شئة لل�ضريبة فقد تنعدم هذه العالقة �أ�صال �أو ك�أن تفر�ض ال�ضريبة على ن�شاط‬
‫توقف فيما بعد وقد د�أب العمل الق�ضائي على �إعفاء الطاعن في هذه الحاالت‬
‫من �سلوك م�سطرة التظلم االداري ومن تقديم �أية �ضمانات النعدام �صفته كملزم‬
‫وبالتالي يحق للملزم اللجوء �إلى المحكمة للمطالبة برفع التعر�ض على �أمواله‬
‫وللمطالبة ب�إبطال االلتزام مو�ضوع الإ�شعار للغير الحائز‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المنازعة في مبلغ الدين‬
‫ثالثا ‪ :‬المنازعة في ا�ستحقاق الدين‬
‫• المنازعة في �شكلية الإجراء‬
‫�إن المنازعة في �شكلية االجراء تن�صب على حاالت عدم توفر اال�شعار للغير‬
‫الحائز على البيانات الجوهرية التي يجب �أن ينبني عليها وهي حاالت غير محددة‬

‫‪274‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫قانونا‪ ،‬بل ان العمل الق�ضائي هو الذي يفرزها كعدم اال�شارة في االجراء �إلى‬
‫طبيعة الدين والذي يجب �أن يكون دينا ممتازا و�أن يكون م�ستحقا‪ .‬ليتمكن الحائز‬
‫من دفع الم�س�ؤولية عنه‪ ،‬على اعتبار �أحكام الت�ضامن تفر�ض عليه الت�أكد من ذلك‬
‫مطالبة القاب�ض بالإدالء بم�ستخرج جدول ال�ضريبة لمعرفة نوع ال�ضريبة و�سنة‬
‫فر�ضها وتاريخ ا�ستحقاقها‪.‬‬
‫خاتمة‬

‫لقد �أبانت التجربة العملية من خالل تطبيق هذا الإجراء عن بع�ض الإ�شكاالت‪،‬‬
‫�إال �أن �أكثر الإ�شكاليات التي يمكن ا�ستعرا�ضها نظريا والتي �سبقت �إثارتها في العمل‬
‫الق�ضائي المقارن لم تجد طريقها بعد �إلى المحاكم الإدارية لأ�سباب عدة منها‪:‬‬
‫تردد الحائزين واالغيار �أنف�سهم في مخا�صمة هذا الإجراء �أمام الق�ضاء ومنها‬
‫كذلك الدور الباهت لباقي المتدخلين في الرفع من م�ستوى النقا�ش �إن على‬
‫م�ستوى الدفاع �أو على م�ستوى الفقه‪ ،‬وفي غياب ذلك تبقى نجاعة هذا الإجراء‬
‫في التح�صيل م�ستمرة‪.‬‬

‫‪275‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�ضمانات تح�صيل الدين ال�ضريبي‬


‫ال�سيد عبد الغني خالد‬
‫رئي�س الم�صلحة الجهوية لل�ش�ؤون الق�ضائية‬
‫وتتبع الطعون �أمام اللجان‬
‫بالمديرية الجهوية لل�ضرائب الدارالبي�ضاء‬

‫يفتر�ض‪ ،‬في الدولة الع�صرية‪� ،‬أن تكون المهام الأ�سا�سية للقاب�ض هي تدبير‬
‫الأموال النقدية والأوراق المالية التي يحملها �إليه الملزمون‪ ،‬للوفاء بديونهم‬
‫ال�ضريبية‪ ،‬ومنح الإي�صاالت و�ضبط المحا�سبة تحت الم�س�ؤولية الإدارية لر�ؤ�سائه‬
‫الإداريين والم�س�ؤولية المالية لر�ؤ�سائه الماليين‪ ،‬والم�س�ؤولية الق�ضائية للمجل�س‬
‫الأعلى للح�سابات‪ .‬وال ي�ضطر �إلى متابعة المتقاع�سين عن الأداء �إال ا�ستثناءا‪.‬‬
‫وذلك تحت الم�س�ؤولية الق�ضائية للق�ضاء الإداري‪� ،‬أوالمدني‪� ،‬أوالتجاري‪،‬‬
‫و�أحيانا الق�ضاء الجنائي كذلك‪.‬‬
‫�إال �أنه نظرا لتف�شي ظاهرة التمل�ص ال�ضريبي‪ ،‬وغياب ثقافة المواطنة الجبائية‬
‫لدى الكثير من المواطنين‪ ،‬ف�إن م�س�ؤولية القاب�ض ازدادت تعقيدا‪ .‬ففي حين نرى‬
‫�أنه ي�ضطر �إلى القيام ب�إجراءات �إدارية وقانونية معقدة ب�إمكانيات ب�شرية ومادية‬
‫محدودة للتو�صل �إلى المبتغى‪ .‬في المقابل‪ ،‬نجد �أن الملزم له مجال �أو�سع‬
‫للتن�صل من �أداء ال�ضريبة‪ .‬ومع ذلك ح�ضي هذه الأخير بالحماية من قبل الفقه‬
‫الجبائي وبع�ض الق�ضاء حتى و�صفت م�ؤ�س�سة القاب�ض ب «جبروت الإدارة»‬
‫وو�صف الملزم ب «الطرف ال�ضعيف»‪.‬‬
‫�إننا ال نجازف �إن قلنا �أن العك�س هو ال�صحيح‪ ،‬و�أن القاب�ض هو الذي يجب‬
‫�أن يتمتع بالحماية خا�صة عندما نالحظ �أن القانون ال�ضريبي وقانون التح�صيل‪ ،‬بما‬

‫‪276‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أنهما يهتمان بالمال العام‪ ،‬ف�إنهما يت�ضمنان منطقا خا�صا ي�ستوجبا العناية والأولوية‬
‫في التحليل لتطبيق هذا النوع من القانون تطبيقا �صحيحا‪.‬‬
‫ولكي نو�ضح هذا الأمر �أخذنا بالدرا�سة بع�ض الإجراءات التي و�ضعها القانون‬
‫لحماية الدين ال�ضريبي‪ .‬ومنها �أن مدونة التح�صيل تجبر �أ�شخا�ص �آخرين من غير‬
‫الملزم لأداء الدين ال�ضريبي �إما ب�إحاللهم محله �أو بجعلهم مت�ضامنين معه اتجاه‬
‫الخزينة‪� .‬سوف نتناول هذا المو�ضوع من خالل ال�ضمانات التي يجب �أن يتوفر‬
‫عليها القاب�ض والكل في مبحثين‪.‬‬
‫المبحث الأول ‪ :‬مكانة الدين ال�ضريبي في القانون الجبائي‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الو�سائل الواقعية والقانونية لحماية الدين ال�ضريبي‬
‫المبحث الأول ‪ :‬مكانة الدين ال�ضريبي في القانون الجبائي‬
‫الأ�صل �أن ال�ضريبة محمولة ويجب �أن ت�ؤدى في وقتها ومن طرف من يجب‬
‫�سواء كان الملزم بال�ضريبة هو نف�سه الذي يجب عليه �أداءها �أو طرف �آخر يجتبيها‬
‫لفائدة الخزينة‪ .‬وبما �أن هذا الأمر يعد واجبا وطنيا ول�صالح الجميع ف�إن �أطرافا‬
‫�أخرى قد ت�ستدعى للتعاون لأداء ال�ضريبة الم�ستحقة قانونا‪.‬‬
‫ولكي ن�ستوعب هذا الأمر البد �أن نتعرف �أوال عن القوة التنفيذية التي يتمتع‬
‫بها الدين ال�ضريبي‪.‬‬
‫الفقرة الأولى ‪ :‬القوة التنفيذية للدين ال�ضريبي‬
‫ال يخفى على �أحد ما �أ�صبحت ت�شكله المداخيل ال�ضريبية من ن�سبة عالية‬
‫في مداخيل الدولة‪ ،‬خا�صة بعد اعتماد الحكومة المغربية م�ؤخرا على الموارد‬
‫الداخلية بدل الموارد الأجنبية من جهة وبعد �أن �أ�صبحت ال�ضرائب ت�شكل المورد‬
‫الجبائي الأ�سا�سي بعد تراجع الموارد الجمركية من جهة ثانية‪ .‬وهذا وحده كاف‬
‫لتبيان �أهمية الدين ال�ضريبي في ميزانية الدولة وكذا في توازن المجتمع المغربي‪.‬‬
‫ف�ضال عن ذلك ف�إن هذا الدين ي�ستمد قوته التنفيذية من عدة م�صادر منها القانون‬
‫ومنها الإجراءات الم�سطرية والإدارية التي ت�سبق التح�صيل‪� .‬إذ �أن القانون وحده‬
‫‪277‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ال يكفي لتحقيق الإلزام ال�ضريبي ولكن كذلك الإجراءات الإدارية المتنوعة التي‬
‫يقوم بها المفت�ش ور�ؤ�سائه قبل الفر�ض ال�ضريبي والإجراءات التي يقوم بها القاب�ض‬
‫ور�ؤ�سائه للمطالبة بالدين‪.‬‬
‫�أوال ‪ -‬القانون كم�صدر القوة التنفيذية لل�ضريبة‬
‫فح�سب الف�صل ‪ 8‬من مدونة التح�صيل ‪:‬‬
‫«تذيل جداول ال�ضرائب‪ ...‬بمجرد �إ�صدارها‪ ،‬ب�صيغة التنفيذ من طرف الوزير المكلف‬
‫بالمالية �أو ال�شخ�ص الذي يفو�ضه لذلك»‪.‬‬
‫وهكذا ف�إن وزير المالية ب�صفته ع�ضوا في الحكومة وم�س�ؤوال عن تنفيذ ال�سيا�سة‬
‫المالية للدولة هو الذي يعطي للإ�صدار ال�ضريبي تلك الخا�صية التنفيذية عن طريق‬
‫تذييل الجداول ال�ضريبية ب�صيغة التنفيذ �أو يفو�ض هذا الأمر لغيره من الم�س�ؤولين‪.‬‬
‫وعندما يقوم بهذا الأمر ف�إنه يقوم به في �إطار قانون التح�صيل‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬الإجراءات الم�سطرية والإدارية الم�ؤ�س�سة للدين ال�ضريبي‬
‫ي�أتي الإ�صدار ال�ضريبي �إثر عدد من العمليات القانونية التي يقوم الملزم �أو‬
‫الإدارة �أو هما معا‪ .‬فهناك بع�ض ال�ضرائب التي ت�صدر بناء على معاينة مبا�شرة‬
‫من طرف الإدارة و�أخرى �صادرة بناء على ت�صريحات الملزم نف�سه‪ .‬و�أحيانا‬
‫يكون الإ�صدار ال�ضريبي ناتجا عن مراقبة محا�سبية وعن تبادل للحجج بين الإدارة‬
‫والملزم‪ .‬ولكل حالة م�سطرة يحددها القانون‪ .‬ف�إذا �سلمت الم�سطرة وكان التقدير‬
‫منا�سب فلي�س هناك �أي مبرر لعدم �أداء ال�ضريبة‪.‬‬
‫هذا بالإ�ضافة �إلى �أن القاب�ض قبل �أن يت�سلم ال�سند التنفيذي ف�إنه يراقب ال�شرعية‪.‬‬
‫ذلك �أن هذا الأخير ال يمكنه �أن ي�أخذ على عاتقه المبلغ المراد تح�صيله �إال �إذا‬
‫ت�أكد من �أن الدين ال�ضريبي من�صو�ص عليه في القانون ال�ضريبي‪ ،‬و�أنه مدرج في‬
‫ميزانية الدولة‪ ،‬و�أن الجدول الذي يحمله موقع عليه من الآمر المخت�ص ويت�ضمن‬
‫البيانات الالزمة كما �أن الت�صفية موافقة ل�سعر ال�ضريبة القانوني و�أن ال�ضريبة غير‬
‫متقادمة بالن�سبة لوعائها‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫بناءا على المعطيات ال�سالفة الذكر ف�إن احتمال �أن يكون ال�سند ال�ضريبي مبني‬
‫على المبالغة �أو الجور �أو الخط�أ احتمال �ضعيف ويقت�ضي قبل البت فيه التحقق‬
‫من ذلك با�ست�شارة الإدارة‪ .‬وهذا ما يجعل ال�سند التنفيذي للدين ال�ضريبي يخت�ص‬
‫بامتياز هائل هو الذي يف�سر طبيعة الإجراءات التي �سوف نناق�شها في الفقرات‬
‫الموالية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تجليات قوة الدين ال�ضريبي في م�سطرة الإ�شعار‬
‫للغير الحائز‬
‫�إن غاية الم�شرع من �إ�ضفاء الطابع التنفيدذي على ال�سند ال�ضريبي هي �أن يجعل جزء‬
‫من الأموال التي يحوزها الملزم �أوغيره يعود �إلى الخزينة كم�ساهمة في تحمل �أعباء الدولة‬
‫في �شكل دين �ضريبي على الملزم لفائدة الخزينة‪.‬‬
‫وبما �أن هذا الجزء من المال يعود �إلى الخزينة بمقت�ضى ال�سند التنفيذي ف�إنه‬
‫يتعين على الملزم �أن ي�ؤديه طوعا‪ .‬كما �أنه‪� ،‬أحيانا‪ ،‬على الغير الحائز �أن ي�ؤديه بدل‬
‫عن الملزم �سواء بطلب من القاب�ض في �إطار الإ�شعار للغير الحائز �أو بدون طلب‬
‫في �إطار ت�صفية التركة �أو غيرها‪.‬‬
‫على هذا الأ�سا�س يعتبر الإ�شعار للغير الحائز و�سيلة لأداء ال�ضريبة مثله مثل‬
‫الأداء الطوعي �أو االقتطاع من المنبع خا�صة �أنه يمتاز بالطابع الفوري لتنفيذه‪.‬‬
‫�إن ال�س�ؤال الذي ظل مطروحا من طرف الفقه ال�ضريبي هو ما الفرق بين‬
‫الإ�شعار للغير الحائز والحجز لدى الغير ؟ واليوم كذلك نطرح هذا ال�س�ؤال من‬
‫جديد لأن �إجالء الغمو�ض عن الفرق بين الإجراءين هو ال�سبيل �إلى �إعطاء م�سطرة‬
‫التح�صيل حقها من العناية‪.‬‬
‫يعتقد بع�ض الفقه �أنه ال فرق بين الإجرائين من حيث المبد�أ بل �أن الفرق بينهما‬
‫في التطبيق لي�س �إال‪ ،‬غير �أن الحقيقة عك�س ذلك تماما‪.‬‬
‫ويمكن �أن نالحظ هذا الأمر من خالل ما يلي‪:‬‬

‫‪279‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�أوال ‪ -‬من حيث ال�صياغة القانونية‬


‫ تنق�سم مدونة التح�صيل �إلى عدة �أبواب نذكر منها الباب الثالث المتعلق‬
‫بالتح�صيل الجبري والباب الخام�س المتعلق بالتزامات المودع لديهم والأغيار‬
‫الحائزين‪ .‬وكل باب له مجاله ومنطقه و�أ�سباب نزوله‪ .‬ف�إذا كان الباب الثالث‬
‫ينظم عملية التح�صيل الجبري مركزا على م�سطرة المتابعة لحمل المتقاع�سين‬
‫على الأداء كرها وب�شكل مبا�شر‪ ،‬كما يطبق على الأموال كيفما كان نوعها‪ .‬ف�إن‬
‫الباب الخام�س ال يهتم �إال بالأموال النقدية التي يحوزها بع�ض الأغيار من م�صفين‬
‫وموثقين وم�ؤ�س�سات مالية وغيرهم ممن يحوزون �أموال عائدة �إلى الملزم والتي‬
‫يجب ت�سليمها للقاب�ض وفاء لدين الملزم‪.‬‬
‫والم�شرع عندما جعل الحائزين م�س�ؤولين على الوفاء بدل الملزمين �إنما يعطي‬
‫للملزم فر�صة �إخالء الذمة بكل �سهولة ويعطي للقاب�ض فر�صة تح�صيل الدين على‬
‫الفور‪ .‬و�إخالء ذمته هو الآخر تجاه الدولة‪.‬‬
‫�إن الق�ضاء‪� ،‬سواء ق�ضاء المو�ضوع �أو الق�ضاء اال�ستعجالي‪� ،‬أ�صدر قرارات‬
‫لرفع �آثار الإ�شعار للغير الحائز مع النفاد المعجل في حالة اال�ستعجال‪ .‬لكن مثل‬
‫هذه القرارات ال تقدم للقاب�ض �أي �ضمانة لإخالء ذمته تجاه الإدارة والق�ضاء في‬
‫نف�س الآن‪ .‬فحينما يوقف الق�ضاء �آثار هذا الإجراء ف�أي �ضمانة يعطيها للقاب�ض �إذا‬
‫عمل الملزم على تبديد الأموال فيما بعد؟‬
‫حقيقة هناك �إ�شكاالت يثيرها الإ�شعار للغير الحائز كما هو الحال بالن�سبة‬
‫للأموال التي توجد في ح�ساب المحامي‪ .‬فقد يكون للمحامي ح�ساب وحيد‬
‫ي�ستعمله في كل �أغرا�ضه المهنية �أو غير المهنية‪ .‬وغالبا ما ال يعثر القاب�ض �سوى‬
‫على هذا الح�ساب من خالل طلب المعلومات التي يوجهه �إلى البنك‪ .‬ومع ذلك‬
‫يواجه ب�أن هذا الح�ساب مخ�ص�ص للزبائن وال يجب التح�صيل من خالله‪ .‬فمن هو‬
‫الم�ؤهل لإثبات �أن هذا الح�ساب لي�س به �سوى �أموال الزبائن؟‬

‫‪280‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ثانيا ‪ -‬من حيث كيفية التطبيق‬


‫يتم �إعالم الملزم بممار�سة الإ�شعار للغير الحائز لكن كيف تتم هذه العملية‬
‫ومتى؟‬
‫�إن الم�شرع لم ي�شر في مدونة التح�صيل �إلى �أي طريقة لإخبار الملزم بهذه‬
‫الم�سطرة ومع ذلك ف�إن النظرية الإدارية ارت�أت وبناء على اجتهادات ق�ضائية �سابقة‬
‫�أن ت�ضمن للملزم الحق في الإعالم بوا�سطة ر�سالة عادية‪.‬‬
‫كما �أن الم�شرع لم يحدد تاريخ للقيام بهذا الإجراء لكنني �أرى �أنه من المنا�سب‬
‫�أن يوجه ال�شعار للغير الحائز بعد ع�شرة �أيام على الأقل عن الإ�شعار بدون‬
‫�صائر‪.‬‬
‫ويوجه الإعالم المذكور بالبريد العادي وبالموازاة مع توجيه الإ�شعار لكننا‬
‫نالحظ �أن بع�ض الق�ضاء يطلب من القاب�ض تبليغ الإعالم بالطريقة القانونية و�أن‬
‫يكون التبليغ بالموازاة مع توجيه اللإ�شعار والنتيجة �أنه بهذه الطريقة يغيب عن�صر‬
‫المفاج�أة الذي يرتكز عليه الإ�شعار للغير الحائز‪.‬‬
‫كما نالحظ �أن �إيقاف �أو �إلغاء الإ�شعار للغير الحائز يتم �أحيانا في �إطار الق�ضاء‬
‫اال�ستعجالي ونحن نعلم �أن هذا النوع من الق�ضاء ال يتيح للأطراف فر�صة تهيئ‬
‫الدفاع لإقناع القا�ضي بنفاد الدين ال�ضريبي‪ .‬وغالبا ما يكون القا�ضي قد �إطلع‬
‫على ر�أي واحد فقط وكون قناعة جزئية �أ�صدر على �أ�سا�سها قرارا ذي �آثار وخيمة‬
‫على الخزينة‪� ،‬سواء عندما تعلق الأمر بم�س�ألة جدية الطعن الإداري �أو الق�ضائي‬
‫�أو بم�س�ألة ال�ضرر‪.‬‬
‫ففيما يتعلق بالجدية في الطعن ف�إن مجرد الطعن ال يمكن �أن يعتبر في حد داته‬
‫عربون الجدية لأن الفر�ض ال�ضريبي كما �أ�سلفنا ال يتم ب�سهولة بل يتبع فيه المفت�ش‬
‫مجموعة من الإجراءات الإدارية تحث �إ�شراف عدد من الر�ؤ�ساء ال�شيء الذي‬
‫يجعل م�س�ألة ال م�شروعية ال�ضريبة م�س�ألة �ضئيلة االحتمال‪ .‬كما �أن ال�ضرر يجب‬

‫‪281‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�أن يقدر �أوال و�أن يتحمل الملزم م�س�ؤولية هذا ال�ضرر �إذا كان هو المت�سبب فيه‬
‫بتقاع�سه عن الأداء‪.‬‬
‫والخال�صة �أن الإ�شعار للغير الحائز رغم قانونيته ورغم ما يبرره من كونه‬
‫و�سيلة لأداء الدين ال�ضريبي الم�ستحق قد ال يقبله الملزم ب�سهولة‪ .‬لهذا وجب‬
‫على الإدارة والق�ضاء التعاون من �أجل ن�شر الثقافة الجبائية المواطنة في المجتمع‪.‬‬
‫ولكي يتعود الملزمون على هذا الإجراء الذي �أ�صبحت تلج�أ �إليه الإدارة تماما كما‬
‫تعودوا بدون �أي حرج على االقتطاع في المنبع وعلى االحتفاظ بمبلغ ال�ضرائب‬
‫من طرف الموثقين والم�صفين وكتاب ال�ضبط وق�ضاة التنفيذ ق�صد �أداء الدين‬
‫ال�ضريبي قبل كل �شيء‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الو�سائل القانونية والواقعية لحماية الدين‬
‫ال�ضريبي‬
‫�إن الدين ال�ضريبي المتمتع بهذه االمتيازات يحتاج �إلى حماية �سواء من طرف‬
‫القانون �أوالإدارة �أو الق�ضاء‪ .‬والحماية الق�ضائية تتمثل في تف�سير وتطبيق القانون‬
‫مع اللأخد بعين االعتبار االكراهات التي تحكم عمل القاب�ض في مجالين‪.‬‬
‫المجال الأول ‪ :‬يتعلق باالكراهات التي تميز ن�شاط القاب�ض فيما يتعلق بالتقادم‬
‫المجال الثاني ‪ :‬الم�شاكل التي تعتر�ض القاب�ض فيما يتعلق بمتابعة المت�ضامنين‬
‫الفقرة الأولى ‪� :‬إ�شكالية حماية الدين ال�ضريبي من التقادم‬
‫من المعلوم �أن حق القاب�ض في المطالبة بالدين ال�ضريبي ي�سقط بعد مرور �أربع‬
‫�سنوات دون �أن يقوم ب�أي �إجراء للمطالبة بالدين‪ .‬وهذا الأمر معروف ومنظم‬
‫من طرف القانون لتنظيم العالقة بين �أطراف العملية ال�ضريبية تفاديا للفو�ضى في‬
‫المعامالت‪.‬‬
‫ويبتذ�أ احت�ساب �أجل التقادم من تاريخ و�ضع الجدول �أو الأمر بالتح�صيل قيد‬
‫اال�ستخال�ص‪ .‬وفي حالة �إنقطاع �أجل التقادم ب�سبب من الأ�سباب في تاريخ ما يبتد�أ‬
‫احت�ساب �أجل جديد للتقادم‪.‬‬
‫‪282‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وفي مادة تح�صيل ال�ضرائب ينقطع التقادم ب�شتى الو�سائل‪ .‬منها ما تن�ص عليه‬
‫مدونة التح�صيل نف�سها وهي الإندار القانوني والحجز والبيع والمتابعات الق�ضائية‬
‫للتح�صيل الجبري بالإ�ضافة �إلى الإ�شعار للغير الحائز‪ .‬ومنها الم�ساطر المذكورة‬
‫في قانون االلتزامات والعقود وخا�صة المادتين ‪ 381‬و‪.382‬‬
‫لقد �أح�صينا في ملفات المنازعات الجبائية بالدارالبي�ضاء انه في كل �سنة حوالي‬
‫‪ 40‬بالمائة من الملفات التي تخ�سرها الإدارة تكون ب�سبب تقادم �إجراءات التح�صيل‬
‫وهي ن�سبة جد معبرة‪.‬‬
‫و�إذا كان القبا�ض في بع�ض الأحيان يتركون مدة التقادم وقدرها �أربع �سنوات‬
‫تمر دون �أن يقوموا ب�إجراءات التح�صيل نظرا لعدة �أ�سباب‪ ،‬ترجع بالأ�سا�س �إلى‬
‫قلة الموارد الب�شرية‪ ،‬ف�إنه في كثير من الأحيانا يعود �سبب خ�سران هذه الق�ضايا �إلى‬
‫عدم العثور على الملزمين نظرا لما له�ؤالء من �إمكانيات التهرب‪ .‬وفي المقابل‬
‫يواجه القاب�ض من طرف الق�ضاء بق�ساوة في تطبيق القانون‪.‬‬
‫وهذه بع�ض الأمثلة ‪:‬‬
‫المثال الأول ‪ :‬م�س�ألة �إ�شعار الملزم بالدين ال�ضريبي ح�سب المادة ‪36‬‬

‫«ال يمكن مبا�شرة التح�صيل الجبري �إال بعد �إر�سال �آخر �إ�شعار للمدين دون �صوائر؛‬
‫ويجب تقييد تاريخ �إر�سال هذا الإ�شعار في جدول ال�ضرائب والر�سوم �أو في �أي �سند‬
‫تنفيذي �آخر‪ .‬ويعتد بهذا التقييد ما لم يطعن فيه بالزور‪».‬‬
‫هذه المادة تت�ضمن �شقين ‪:‬‬
‫ال�شق الأول ‪ :‬وهو �إجبارية �إر�سال �آخر �إ�شعار للمدين‪.‬‬
‫وهنا يجب �أن نعلم �أن الأمر يتعلق ب�آخر �إ�شعار �أي �أن هناك �إ�شعار �أولي‬
‫ي�سمى الإعالم ال�ضريبي‪ .‬والإ�شعاران يتم �إر�سالهما بالبريد العادي نظرا لكثرة‬
‫الإ�شعارات من جهة ونظرا كذلك لطابعهما الإعالمي ولو كان المدين يعلم م�سبقا‬
‫بوجود الدين‪ .‬والهدف من هذا الإجراء هو �أال يبقى �أي �سبب يتعذر به الملزم‬

‫‪283‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫في حالة تعر�ضه لم�سطرة التح�صيل الجبري‪ .‬ومع ذلك ف�إن الم�شرع لم يركز على‬
‫وجوب تبليغ الإ�شعار المذكور بطريقة التبليغ القانوني لأن هذه الطريقة �سوف‬
‫يفر�ضها الم�شرع في الإنذار القانوني‪.‬‬
‫لكن العمل الق�ضائي عرف ارتباكا في هذا الأمر‪ .‬فمن الأحكام من اعتبر ان‬
‫الإ�شعار يجب �أن يبلغ بطريقة قانونية ومنها من اعتبر هذا الإجراء قاطع للتقادم‪.‬‬
‫ومن الأحكام من اعتبرت �أن مجرد تدوين تاريخ الإر�سال ال يعني التو�صل‪...‬‬
‫ال�شق الثاني من هذه المادة يتعلق بكيفية �إثبات �إر�سال الإ�شعار بدون �صائر‪.‬‬
‫ف�إذا كانت عبارات القانون �صريحة بحيث يتعين على القاب�ض تقييد تاريخ �إر�سال‬
‫الإ�شعار بجدول ال�ضريبة و�أن هذا التقييد يعتد به ما لم يطعن به بالزور ف�إن‬
‫الم�شرع اعتبر �أن القاب�ض موظف محلف و�أن الإر�سال بالبريد العادي يمكن �أن‬
‫يثير ال�شكوك لذلك قام بحماية القاب�ض عندما جعل التقييد المذكور �صحيحا ما‬
‫لم يطعن فيه بالزور‪.‬لكن الق�ضاء في بع�ض الأحيان �أمر ب�إجراء بحوث للت�أكد من‬
‫وجود التقييد بالجدول ولو لم يطعن الملزم في ذلك التقييد بالزور‪.‬‬
‫المثال الثاني ‪ :‬يطلب من القاب�ض �إثبات عدم العثور على الملزم �أو رف�ض �إعطاء‬
‫البطاقة الوطنية �أو عدم وجود �أي �أحد بالمحل �إلى غيرها من الإثباتات في حين �أن‬
‫الملزم هو الذي يجب �أن يثبت �أنه �أخبر القاب�ض بالعنوان الجديد في حالة تغييره‬
‫�أو �أنه متواجد با�ستمرار و�أن القاب�ض هو الذي لم يقم بالالزم‪.‬‬
‫المثال الثالث ‪ :‬كما يطلب من القاب�ض �أحيانا �أن يبلغ للملزم الإ�شعارات‬
‫واالنذارات عن كل �ضريبة على حيدة في حين �أن المدونة وكذا الدورية التي‬
‫تت�ضمن كيفية تطبيق المدونة يرغمان القاب�ض على �أن يجمع جميع الديون ويخبر‬
‫بها الملزم‪ .‬لأن القاب�ض ال يهمه كثيرا تفا�صيل كل دين بقدر ما يهمه مبلغ الديون‬
‫التي يجب تح�صيلها من الملزم‪( .‬مبد�أ ال�شمولية) فالمادة ‪ 38‬من مدونة التح�صيل‬
‫تن�ص على ما يلي ‪:‬‬

‫‪284‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ي�شمل التح�صيل الجبري مجموع المبالغ الم�ستحقة الواجبة على نف�س المدين‪.‬‬
‫نف�س الأمر بالن�سبة لتعليق الإ�شعار بالمحل الذي لم يعثر في القاب�ض على‬
‫الملزم‪.‬فالقانون وا�ضح �إذ يعتبر العون الق�ضائي محلف وم�ؤمن على الإجراء‬
‫�إلى �أن يثبت العك�س‪ .‬وهكذا ف�إن التعليق ال يمكن �إثباته بعد مرور �سنين على‬
‫ممار�سته‪.‬‬
‫المثال الرابع‪ :‬م�س�ألة تقديم الطلب الإداري قبل رفع الدعوى‬
‫�إن الطلب الإداري يتيح للقاب�ض ب�أن يبين للملزم قانونية الإجراء ويمنح الفر�صة‬
‫للقاب�ض ب�أن يجد حلوال لعدة م�شاكل‪ .‬لكن رف�ض الطلب الإداري معناه تحويل‬
‫�إثبات التقادم �إلى القاب�ض بدل �أن يثبته الملزم الذي يدعيه‪.‬‬
‫من جهة �أخرى ف�إن الطلب الإداري يعلق �أجل التقادم مثله مثل عدم �إمكانية‬
‫القيام بالتح�صيل لظروف ا�ستثنائية �أو وجود رهون لفائدة الخزينة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬الإجراءات المختلفة لقطع التقادم‬

‫�إن الم�شرع لم يقيد القاب�ض بو�سيلة واحدة لقطع التقادم بل �إنه �أتاح له �إمكانية‬
‫اال�ستفادة من و�سائل قطع التقادم المذكورة في قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫ونعتقد �أن الهدف من وراء ذلك هو عدم غل يد القاب�ض وتمكينه من جميع‬
‫الو�سائل المتاحة قانونا لحماية الدين ال�ضريبي والت�أكد من تهاون المتهاونين وتقاع�س‬
‫المتقاع�سين ليمر �إلى الإجراء الموالي‪ .‬وهكذا نرى �أن �أي �إجراء يقوم به القاب�ض‬
‫في هذا الإطار �إال ويجب �أن يترجم كو�سيلة قاطعة للتقادم‪.‬‬
‫ومن هذه الإجراءات مثال الرهن الذي يقع على الأ�صل التجاري �أو العقار فال‬
‫يوليه الملزم �أي اهتمام بل يتحين فر�صة التراخي ليطالب‪ ،‬في مقال ال ت�سبقه �أية‬
‫مطالبة �إدارية‪ ،‬برفعه والت�صريح بالتقادم‪.‬‬
‫كما �أن الطلب الإداري يجب �أن يقطع التقادم مثله مثل الأداء الجزئي للدين‬
‫ال�ضريبي كله ولي�س فقط ل�ضريبة واحدة ذلك �أن بع�ض الق�ضاء اعتبر �أن �أداء جزء‬

‫‪285‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫من �ضريبة ما يقطع �سوى التقادم المتعلق بهذه ال�ضريبة لكننا نرى �أن مبد�أ ال�شمولية‬
‫المذكور �أعاله يجعل �أداء جزء من الدين المت�ضمن لم�ستخرج الجداول الم�سلم‬
‫للملزم ي�سري على جميع المبالغ التي يت�ضمنها الم�ستخرج‪.‬‬
‫�إن الملزم غالبا ما ي�صرح ب�أنه لي�س على علم بالدين ال�ضريبي و�أنه فوجئ به‬
‫وذلك رغم �أن الإدارة عند و�ضعها لو�سائل التدبير المعلوماتي للتح�صيل �أدخلت‬
‫بع�ض المعطيات يقوم بها الحا�سوب تلقائيا منها مثال طبع الإ�شعار بدون �صائر‬
‫بمجرد حلول الأجل �أو طبع الباقي تح�صيله في ذمة الملزم على �أ�سفل كل �إي�صال‬
‫قدم للملزم �أو مرا�سلة‪ .‬لكن بع�ض الق�ضاء اعتبر �أن المدين الذي ي�ؤدي بع�ض‬
‫الدين ال يلزم بالباقي �إال �إذا ما تمت الإجراءات من جديد‪ .‬كما اعتبر في بع�ض‬
‫الأحكام �أن الأداء عن طريق الإجبار ال يعد قاطعا للتقادم رغم �أن الملزم في هذه‬
‫الحالة يكون على علم يقين بوجود الدين‪ .‬وفي كل حالة يطلب من القاب�ض وحده‬
‫�إثبات قطع التقادم‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مبد�أ �إ�شراك الجميع في تح�صيل الدين ال�ضريبي‬

‫�إن الدين ال�ضريبي‪ ،‬الذي يعتبر في الدولة الحديثة ماال عاما على النحو الذي‬
‫�شرحناه �أعاله‪ ،‬هو م�س�ؤولية الجميع‪ .‬ولهذا نظم الم�شرع �أ�ساليب تعاون بع�ض‬
‫الأ�شخا�ص مع خزينة الدولة لتح�صيل ال�ضريبة‪ .‬كما نظم طرق متابعة ه�ؤالء من‬
‫طرف القاب�ض في حالة عدم القيام بالواجب‪ .‬ويمكن مالحظة هذا الأمر من خالل‬
‫مبد�أ الت�ضامن في �أداء ال�ضريبة من جهة ودور الم�سيرين والم�صفين في حالة‬
‫�صعوبة المقاولة من جهة ثانية‪.‬‬
‫�أوال ‪ -‬الدين ال�ضريبي م�س�ؤولية الجميع‬

‫هناك نوعان من الأ�شخا�ص المدعوون لأداء ال�ضريبة بدل الملزم وهما ‪:‬‬
‫النوع الأول ‪ :‬الأ�شخا�ص الذين يحلون محل الملزم‪ .‬فح�سب المادة ‪ 93‬من‬
‫مدونة التح�صيل‪ ،‬يعتبر ذوي الحقوق �أي الورثة قبل ت�صفية التركة م�سئولون �أمام‬

‫‪286‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫القاب�ض ويتعين عليهم �أو على من يقوم بالت�صفية �أن ي�ؤدي الديون التي ترتبت‬
‫على المورث‪.‬‬
‫وح�سب المادة ‪ 97‬من نف�س المدونة نجد �أن ال�شركات ال�ضامة �أو التي تنبثق‬
‫عن الإدماج �أو االنف�صال �أو التحويل ملزمة ب�أداء مجموع المبالغ الواجبة عن‬
‫ال�شركات المنحلة‪».‬‬
‫كما يلزم الأ�شخا�ص الذين جعل المدينون موطنهم الجبائي في عناوينهم‬
‫بموافقتهم‪ ،‬ب�أن ي�ؤدوا ال�ضريبة باعتبارهم مت�ضامنين في حالة عدم العثور على‬
‫الملزمين المختفين‪.‬‬
‫النوع الثاني من المت�ضامنين هم المذكورون في المواد ‪ 94‬و‪ 95‬و‪ 96‬من مدونة‬
‫التح�صيل وهم المالك الجديد في حالة تفويت العقار والعدول والموثقون �أو‬
‫كتاب ال�ضبط بالمحاكم �أو المفوت لهم للأ�صل التجاري‪.‬بالإ�ضافة �إلى المودع‬
‫لديهم �أو الحائزين كما رئينا في المبحث الأول‪.‬‬
‫وهكذا نجد �أن الجميع م�س�ؤول �أمام القاب�ض ومدعو لم�ساندته في مهامه‪ .‬فال‬
‫غرو �إذن �أن يكتفي القاب�ض باالت�صال ب�أحد ال�شركاء فقط لي�ضمن تح�صيل الدين‬
‫ال�ضريبي‪ .‬لكن في حاالت مماثلة طولب من القاب�ض �أن يطبق الم�سطرة على كل‬
‫�شريك على حيدة و�إال كانت الم�سطرة معيبة بالن�سبة لبع�ض ال�شركاء في�ستفيدون‬
‫من الو�ضعية ويغتنون على ح�ساب البع�ض الآخر‪.‬‬
‫ثانيا ‪ -‬متابعة م�سيري ال�شركات وم�شكل التح�صيل في �صعوبة المقاولة‬

‫�إن القانون المقارن‪ ،‬في المادة ‪ 267‬من قانون الم�سطرة ال�ضريبية الفرن�سي مثال‬
‫ف�إن عدم �أداء ال�ضريبة من طرف الم�سير لعدة مرات فعل كاف العتبار هذا الم�سير‬
‫مماطال وبالتالي م�س�ؤوال �شخ�صيا عن ال�ضرائب الغير م�ؤداة من طرف ال�شركة‬
‫التي ي�سيرها‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وبالن�سبة للنظرية الإدارية في المغرب ف�إن الم�سير الذي يرتكب �أفعاال من �ش�أنها‬
‫�أن تعرقل التح�صيل‪ ،‬من غير الأخطاء والإغفاالت غير المتعمدة‪ ،‬يمكن متابعته‬
‫ب�أداء ال�ضريبة بدل ال�شركة‪� .‬أما في المادة ‪ 98‬من مدونة التح�صيل ف�إنه �إذا تعذر‬
‫تح�صيل ال�ضرائب كيفما كانت طبيعتها والغرامات والزيادات و�صوائر التح�صيل‬
‫المرتبطة بها الواجبة على �شركة �أو مقاولة نتيجة �أعمال تدلي�سية مثبتة قانونا‪� ،‬أمكن‬
‫جعل المدبرين �أو المت�صرفين �أو الم�سيرين الآخرين م�س�ؤولين على وجه الت�ضامن‬
‫مع ال�شركة �أو المقاولة عن �أداء المبالغ الم�ستحقة وذلك �إذا لم يكونوا ملزمين‬
‫ب�أداء ديون ال�شركة تطبيقا لأحكام �أخرى‪.‬‬
‫وهكذا ف�إن الم�شرع المغربي �شدد على �إثبات الأعمال التدلي�سية قانونا قبل‬
‫متابعة الم�سير الذي يعر�ض دين الخزينة لل�ضياع‪ .‬وهو �أمر قد ال يتحقق ب�سهولة‪.‬‬
‫لذا ف�إن ت�ضامن الم�سير يبدو لي �أمرا طبيعيا لأن ال�شركة في نهاية الأمر يتحكم فيها‬
‫ال�شخ�ص الطبيعي‪ .‬وقد �أ�صبح الأ�شخا�ص الطبيعيون ين�شئون �شركات من �شريك‬
‫واحد بهدف اال�ستفادة من هذه االمتيازات‪.‬‬
‫�أما في ميدان �صعوبة المقاولة‪ ،‬الذي هو ميدان مخالف تمام لهذا المنطق الذي‬
‫ر�أيناه �سابقا‪ .‬فيبدو �أن الدين ال�ضريبي مثله مثل �أي دين �آخر‪ .‬وللقانون التجاري‬
‫الأولوية على قانون التح�صيل‪.‬‬
‫وقد يجد القاب�ض �صعوبات كثيرة في �إقناع القا�ضي التجاري ب�صواب الدين‬
‫ال�ضريبي من حيث القوة التنفيذية التي يخت�ص بها واالمتياز الذي يتمتع به وكذلك‬
‫من حيث تاريخ اال�ستحقاق‪.‬‬
‫فغالبا ما يطلب من القاب�ض الت�صريح بالدين في �أجل معين في حين �أن الم�سطرة‬
‫المتعلقة بالمراقبة وم�سطرة التح�صيل ال تمكنانه من �أن يكون في الموعد‪ .‬وقد‬
‫الحظنا بع�ض الأحكام التي ترف�ض الدين االحتمالي النا�شئ عن تطبيق الم�سطرة‬
‫المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 29‬من مدونة التح�صيل والتي مفادها تقدير مبلغ‬
‫ال�ضريبة الذي قد يكون مو�ضوع �سند تنفيذي الحق‪ .‬فبرر الق�ضاء رف�ض هذه‬
‫‪288‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫باعتبارها نا�شئة في وقت مت�أخر رغم �أن الحقيقة هي �أن الواقعة المن�ش�أة لل�ضريبة‬
‫تعود �إلى تاريخ �سابق وما تقوم به الإدارة لي�س �إن�شاء الدين ولكن مراجعة له‪.‬‬
‫ومن الحاالت التي ت�شغل بال القاب�ض في ال�سنوات الخيرة هو م�آل طلبه برفع‬
‫ال�سقوط لدى القا�ضي التجاري‪.‬‬
‫�إن الدين ال�ضريبي دين امتيازي من درجة خا�صة يتعين على الم�شرع �أن يجعل‬
‫من ح�ضور القاب�ض في م�سطرة الت�سوية �أو الت�صفية‪� ،‬ضرورة ملحة‪ .‬وذلك من‬
‫خالل �إبالغه في جميع مراحل الت�سوية دون االعتماد فقط على الجريدة الر�سمية‪.‬‬
‫فهذه الو�سيلة من الإخبار تتجه �إلى الدائنين االمتيازيين �أو غير االمتيازيين الذين ال‬
‫يعرفهم القا�ضي ذاتا و�صفة‪ .‬لكن القاب�ض وهو يمثل الدولة ف�إن جل التجار مدينين‬
‫له ب�ضرائب مختلفة مما ي�ستدعي ح�ضوره في جميع الق�ضايا من هذا النوع‪.‬‬
‫خال�صة ‪:‬‬

‫�إن الم�شرع المغربي بعد �أن و�ضع القواعد العامة �سنة ‪ 1915‬و�ضع بعد ذلك‬
‫قواعد خا�صة للتح�صيل‪ .‬وهذه القواعد الخا�صة و�ضعها على مراحل من خالل‬
‫محطات ت�شريعية مختلفة بهذف التنظيم والتحيين وم�سايرة الم�ستجدات منها‬
‫ظهير ‪ 1924‬ظهير ‪ 1935‬ومر�سوم ‪ 1967‬ومدونة التح�صيل �سنة ‪ 2000‬ومدونة‬
‫ال�ضرائب مرورا بعدد من القوانين المنظمة لمهنة القاب�ض فيما يتعلق ب�أداء اليمين‬
‫والت�أمين والمراقبة من طرف الإدارة ومفت�ش الخزينة ومفت�ش المالية والقا�ضي‬
‫المالي والقا�ضي الجنائي وغيرهم‪ .‬وكل هذه القوانين الخا�صة مو�ضوعة ل�ضمان‬
‫امتياز الدين ال�ضريبي لتح�صيله في �إطار القانون مع حفظ ال�ضمانات المخولة‬
‫للملزم للمنازعة في م�شروعية الدين �أو في م�سطرة فر�ضه �أو تح�صيله‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الإ�شكاالليات المرتبطة بالخبرة الق�ضائية‬


‫في المجال ال�ضريبي‬
‫الأ�ستاذ عزيز بودايل‬
‫م�ست�شار بالمحكمة الإدارية بمكنا�س‬

‫مقدمة‬
‫تلعب الخبرة(‪ )1‬دورا طالئعيا في تنوير العدالة بما لها من �أهمية على م�ستوى‬
‫الف�صل بين حقوق الملزمين من جهة وحقوق الخزينة من جهة �أخرى‪ .‬ومعلوم‬
‫�أن الخبرة هي مهمة تقنية مح�ضة يقوم بها الخبير ال�ستجالء الغمو�ض الذي قد‬
‫يكتنف الملفات ال�ضريبية‪ .‬وان كان الق�ضاء غير ملزم بالتقيد بنتائجها �إذ انه ح�سب‬
‫المادة ‪ 66‬من ق‪.‬م‪.‬م ال يلزم القا�ضي بالأحد بر�أي الخبير‪ .‬ويبقى له الحق في‬
‫تعيين �أي خبير �آخر من �أجل ا�ستي�ضاح الجوانب التقنية في النزاع و�أكثر من ذلك‬
‫ف�إن المحاكم الإدارية توجهت في اغلب الأحيان �إلى �إجراء جل�سات البحث ولو‬
‫بمكتب القا�ضي المقرر ل�شرح ما جاء في م�ضمون الخبرة الح�سابية‪ ،‬وفي المعايير‬
‫المعتمدة لتحريرها و�شخ�صيا �أميل �إلى االتجاه الذي ال يعتبر الخبرة كو�سيلة من‬
‫و�سائل �إثبات االلتزامات الملقاة على �أحد الخ�صوم‪.‬فهي و�سيلة فقط لتو�ضيح‬
‫الأمور �إذ البد �أن يكون فيها الق�ضاء محايدا(‪ .)2‬وال يحول ذلك دون ا�ستعمال‬
‫(‪ )1‬الخبرة �أعيد تنظيمها �ضمن المهن الق�ضائية لم�ساعدي الق�ضاء ظهير �شريف رقم ‪ 1/01/126‬ال�صادر في ‪ 29‬ربيع‬
‫الأول ‪ 1422‬الموافق ‪ 2001/6/22‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 45-00‬المتعلق بالخبراء الق�ضائيين من�شور بالجريدة‬
‫الر�سمية عدد ‪ 4918‬في ‪ 27‬ربيع االخر ‪ 1422‬الموافق ‪ 2001/7/19‬والدي يعتبر في مادته الأولى الخبراء‬
‫الق�ضائيون من م�ساعدي الق�ضاء‪.‬‬
‫(‪ )2‬ي�شرح �أدان بيدان وبروا معنى الحياد بمعنى لي�س عدم التحيز ‪ .importialité‬ف�إن هذا واجب بداهة على القا�ضي‬
‫بل معناه �أن يقف القا�ضي �سلبيا من كال الخ�صمين على حد �سواء ‪� neutralité‬أورده ال�سنهوري‪ ،‬الو�سيط‪،‬‬
‫الجزء الثاني‪� ،‬ص ‪.218‬‬

‫‪290‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الق�ضاء ل�صالحياته في �إدارة الدعوى وا�ستكمال الأدلة‪ .‬ومن هنا خول الم�شرع‬
‫للقا�ضي �أن ي�أمر الإدارة بالح�ضور بوا�سطة ممثلها القانوني للبحث معها واالنتقال‬
‫للمعاينة �أو انتداب خبير‪.‬‬
‫الجميع يتفق على �أن الخبرة في المجال ال�ضريبي تبقى ك�إجراء ا�ستثنائي‬
‫ينح�صر اخت�صا�صها في الم�سائل التقنية المرتبطة بالمحا�سبة والت�شريع المغربي‬
‫يعتبرها من و�سائل التحقيق المنظمة في الباب الثالث من قانون الم�سطرة المدنية‬
‫المغربي(الف�صول ‪ 55‬وما بعده ق‪.‬م‪.‬م )‪ .‬ولعل من �أهم مبررات اللجوء �إلى‬
‫الخبرة في الق�ضاء الإداري هي كون الإدارة عامة والإدارة ال�ضريبية على وجه‬
‫الخ�صو�ص تحتكر الوثائق وتحوز الم�ستندات لن تقدمها طواعية‪ .‬ومن هنا برزت‬
‫�أهمية الدور الإيجابي الذي ينبغي �أن يلعبه الق�ضاء الإداري في �إدارة الدعوى‬
‫الق�ضائية(‪.)3‬‬
‫نطاق الخبرة‬
‫ف�إذا كانت المحكمة الإدارية غير ملزمة باال�ستجابة �إلى طلب الخ�صوم ب�إجراء‬
‫خبرة ما دامت تتوافر على العنا�صر الكافية للبت في النزاع ال�ضريبي �شانها في‬
‫ذلك �ش�أن اللجان الإدارية للتقييم ال�ضريبي(‪ .)4‬ف�إنها غير ملزمة �أي�ضا بااللتزام‬
‫بالر�أي الذي انتهى �إليه الخبير في الدعوى‪ ،‬فلها �أن ت�أخذ به كامال‪ ،‬ولها �أن تقبله في‬
‫جزء منه ولها �أن ت�ستبعده‪ .‬و�إذا كان دور الخبير يكمن في الم�سائل ذات الطبيعة‬
‫الفنية التقنية ال يلجا �إليه في الم�سائل القانونية‪ .‬ما عدا �إذا كانت الخبرة تنطلق من‬
‫مقت�ضيات قانونية لتطبيقها على ار�ض الواقع كان يعهد لخبير لمعاينة الم�ساحة‬
‫المبنية المغطاة للت�أكد من �سقف الإعفاء ‪ 300‬م م مغطى �إ�ضافة �إلي �شرط الإعفاء‬
‫الآخر المتمثل في ال�سكن لمدة ‪� 4‬سنوات لال�ستفادة من �إعفاء ال�ضريبة على القيمة‬
‫(‪ ) 3‬الدكتور عبد العزيز عبد المنعم خليفة ا�ستاذ القانون العام المنتدب بكلية الحقوق المحامي بالنق�ض والإدارية‬
‫العليا بم�صر‪� ،‬صفحة ‪ ،28‬دار الفكر الجامعي‪� ،‬شارع �سوت ير‪ ،‬الإ�سكندرية‪ ،‬طبعة ‪.2008‬‬
‫(‪ )4‬اللجنة الوطنية غير ملزمة باال�ستعانة بخبرة لأنها ت�ضم من بين �أع�ضائها مخت�صين وتقنيين في المجال وتتوافر‬
‫على الدراية الالزمة‪...‬حكم عدد ‪ 5/2009/658‬عن �إدارية مكنا�س في الملف‪�5/2009/658‬ش �صدر في‬
‫‪� 2010/11/11‬شركة الكور �ضد �إدارة ال�ضرائب‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الم�ضافة على ما يقدمه ال�شخ�ص لنف�سه من بناء‪� ،‬أو م�س�ألة تو�سيع ر�أ�سمال ال�شركة‬
‫للت�أكد من ن�سبة واجبات الت�سجيل المطبقة على عقد الزيادة في ر�أ�سمال ال�شركة‪.‬‬
‫ومن هنا فجانب من الفقه يرى في الخبرة و�سيلة �إثبات مبا�شرة(‪� )5‬أو غير مبا�شرة‪.‬‬
‫ومنهم من يرى �أن لها دور كا�شف �أو التمام معلومات لدليل قائم‪ .‬بل الخبرة‬
‫ت�ستخدم في نظرهم لتقدير �سالمة بع�ض الأدلة(‪.)6‬‬
‫الكل يتفق �أن الق�ضاء الإداري هو الذي يبت في الأمور القانونية الجبائية دون‬
‫الخبرة فما هي �أهم الإ�شكاليات العملية الناتجة عن الخبرة الق�ضائية ؟ �أو المرتبطة‬
‫بالخبرة الح�سابية يمكن �إجمالها في م�سالة تعيين الخبير المخت�ص وفي م�سالة‬
‫التجريح فيه وفي م�سالة التقيد بما جاء في الحكم التمهيدي وفي م�سالة اعتماد‬
‫حجج ووثائق ثبوتية من طرف الخبير المحا�سب لم ي�سبق للملزم �أن �أدلى بها‬
‫للإدارة الجبائية وفي م�سالة �سلطة المحكمة في الأخذ بنتائج الخبرة‬
‫تلك هي المحاور التي �سنحاول التطرق �إليها من خالل هذا العر�ض‬
‫المتوا�ضع‬
‫الإ�شكالية الأولى‬

‫فمن هو الخبير الذي ي�صلح �أن ينتدب في المجال ال�ضريبي ؟‬


‫تطرح �صعوبات �أحيانا في اختيار الخبير الحي�سوبي المالئم المكان الم�ساهمة‬
‫في حل المنازعة ال�ضريبية‪ .‬بالرجوع �إلى قانون الم�سطرة المدنية المغربي الذي‬
‫تحيل عليه مقت�ضيات المادة ‪ 7‬من قانون ‪ 41/90‬المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية‬
‫ف�إنه يعطي �صالحية وا�سعة للمحكمة في اختيار الخبير الذي يمكن �أن ي�ساهم في‬
‫حل الإ�شكالية ال�ضريبية والوقوف على العنا�صر النزاعية الواردة بالحكم التمهيدي‬
‫ومعالجتها من الناحية التقنية والعلمية ال�صرفة‪ ،‬والت�شير مقت�ضيات قانون الم�سطرة‬
‫المدنية �إلى وجوب �إن يكون الخبير مخت�صا في الح�سابات �أو في الميدان الذي‬
‫�أنيطت الخبرة به من اجله‪ .‬كلما هناك �أن الف�صل ‪ 61‬من ق‪.‬م‪.‬م �أ�شار في فقرته‬
‫(‪ ) 5‬جار�سونيه و�سيزار نزو‪ ،‬مو�سوعة المرافعات المدنية والتجارية‪ ،‬ط ‪ 3‬ح‪ ،‬الق�سم الثاني الكتاب الأول‪.‬‬
‫(‪ )6‬الدكتور احمد م�سلم‪� ،‬أ�صول المرافعات‪ ،‬طبعة القاهرة ‪� ،1971‬ص ‪.633‬‬

‫‪292‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الأولى انه �إذا لم يت�أت للخبير القيام بالمهمة الم�سندة �إليه �أو لم يقبل القيام بها‬
‫عين القا�ضي خبيرا بدال منه و�أ�شعر الأطراف فورا بهذا التغيير لكن المادة ‪ 242‬من‬
‫المدونة العامة لل�ضرائب في فقرتها ال�ساد�سة المدخلة بموجب المادة ‪ 7‬من قانون مالية‬
‫‪ 2009‬جاءت لتقيد �صالحيات الق�ضاء الإداري في هذا المجال لتن�ص «انه يجب على‬
‫الخبير المعين من طرف القا�ضي �أن يكون م�سجال في جدول هيئة الخبراء المحا�سبين �أو‬
‫في الئحة المحا�سبين المعتمدين»‪.‬‬
‫وبذلك تكون هذه المقت�ضيات القانونية قد �أق�صت من دائرة الخبرة الق�ضائية‬
‫الخبراء الغير مخت�صين في مجال المحا�سبة والغير مدرجة �أ�سمائهم في جدول‬
‫الخبرة كمحا�سب‪ .‬وهل مقت�ضيات المادة المذكورة تتحدث فقط عن الطعن‬
‫الق�ضائي �ضد مقررات اللجان ال�ضريبية الإدارية ؟ �أم عن جميع المنازعات دات‬
‫ال�صلة بالمنازعة ال�ضريبية ولو في حالة الفر�ض التلقائي؟‬
‫حيث يحدث �أحيانا �أن تنتدب المحكمة خبير مخت�صا في المعاينات العقارية‬
‫والتقويمات للت�أكد من القيم الحقيقية لبع�ض البيوعات العقارية‪ ،‬فتجرحه �إدارة‬
‫ال�ضرائب بدعوى انه لي�س حي�سوبيا �أو غير معتمد في المحا�سبة وتعيينه مخالف‬
‫لمقت�ضيات المادة ‪ 242‬في فقرته ما قبل الأخيرة‪ ،‬فترد المحكمة طلبات التجريح‬
‫هاته بالرف�ض وال تقبل مثل هذه الطلبات مادام الخبير العقاري محلف ومدرج‬
‫ا�سمه في جدول وزارة العدل ولي�س هذا الطلب داخال في �أ�سباب التجريح‬
‫المن�صو�ص عليها بالف�صل ‪ 62‬من ق‪.‬م‪.‬م الذي يتحدث عن القرابة القريبة �أو‬
‫الأ�سباب الخطيرة المبررة للتجريح‪.‬‬
‫ونطرح �أي�ضا الت�سا�ؤل من هم الخبراء المعتمدين من طرف الدولة والمعايير‬
‫المعتمدة في اختيارهم‪.‬؟ وما هي الفوارق بينهم وبين باقي الأ�شخا�ص الدين‬
‫يقومون بالمحا�سبة ولديهم ائتمانيات ‪ fiduciaires‬ما دامت المحكمة في كل ملف‬
‫عينوا فيه جميعا ي�ؤدون اليمين القانونية على �إنجاز مهامهم بكل تجرد وا�ستقالل ما‬
‫لم يعفوا من ذلك اليمين باتفاق الأطراف(‪.)7‬‬
‫(‪ )7‬الف�صل ‪ 59‬من قانون الم�سطرة المدنية المغربي و�صيغة اليمين هي (�أق�سم باهلل العظيم �أن �أ�ؤدي مهام الخبرة‬
‫المعهود بها �إلى ب�أمانة و�إخال�ص ونزاهة و�أن �أبدي ر�أيي بكل تجرد وا�ستقالل وان �أحافظ على ال�سر المهني) و�إذا‬
‫كان الخبير م�سجال في الجدول ال تجدد يمينه‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫(‪)8‬‬
‫وللجواب عن ال�س�ؤال الم�شار �إليه‪ :‬هل الخبير المحا�سب �أو الخبير المعتمد‬
‫يجب تعيينه فقط بمنا�سبة الطعن في مقرر اللجنة الوطنية مادام الم�شرع ال�ضريبي‬
‫في المادة ‪ 242‬المذكورة �أ�شار �إلى تعيين هذين الخبيرين بمنا�سبة تطرقه لم�سطرة‬
‫الطعن في مقررات اللجنة الوطنية للتقييم ال�ضريبي ؟‪ .‬الم�شرع ح�سب المادة‬
‫‪ 242‬ق�صد المحا�سبين المنتمين �إلى هيئة الخبراء المخت�صين باالفتحا�ص وتدقيق‬
‫الح�سابات وهم منظمين في هيئة يكونون م�س�ؤولين عن �أعمالهم الح�سابية فقط ال‬
‫�أمام المحكمة فح�سب‪ ،‬بل �أي�ضا �أمام هيئة الخبراء المحا �سبين نف�سها ناهيك عن‬
‫االخالالت المهنية التي تخ�ضع للت�أديب من طرف لجنة وزارة العدل(‪.)9‬‬
‫وانه �إذا �سايرنا �إدارة ال�ضرائب فهي ترغب في �أن يكون الخبير المنتدب �إما‬
‫من المحا�سبين في تدقيق الح�سابات و�إما من المعتمدين من طرف الدولة �شريطة‬
‫�أدائهم اليمين القانونية ما لم يكونوا م�سجلين في جدول الخبراء‪.‬‬
‫وفي نظرنا ف�إن المحكمة ملزمة بالتقيد بالمادة ‪� 242‬إذا كان الطعن ين�صب على‬
‫مقرر اللجنة الوطنية وفيما عدا ذلك تقدر كل حالة بقدرها فهي وان كانت ملزمة‬
‫�أدبيا بالتقيد بمقت�ضيات المادة ‪ 242‬الم�شار �إليها تبقى لها ال�صالحية في اختيار �أي‬
‫خبير منا�سب يمكنه �أن ينجز الخبرة بال�سرعة والفعالية المطلوبين وبالدقة والإتقان‬
‫المرغوب فيهما‪ .‬وان ذلك ال يتعار�ض مع مقت�ضيان قانون الم�سطرة المدنية الذي‬
‫(‪ ) 8‬قرار لوزير العدل رقم ‪� 1081-03‬صادر في ‪ 2003/6/13‬بالحريدة الر�سمية عدد ‪ 5121‬في ‪ 2003/6/30‬يحدد‬
‫بموجبه �أنواع الخبرة والمقايي�س الالزمة للت�سجيل في جداول الخبراء الق�ضائيين في المحا�سبة‪.‬‬
‫الفرع الأول ‪ :‬تتعلق بالخبراء في تدقيق الح�سابات ومراقبتها والم�صادقة عليها ‪ AUDIT‬في ال�ش�ؤون الجبائية‬ ‫ ‬
‫و�صعوبات المقاوالت و�شروطها الح�صول على دبلوم وطني لخبير محا�سب �أو ما يعادله مع تجربة ‪� 5‬سنوات‬
‫على الأقل من العمل الفعلي في هذا التخ�ص�ص ويثبت ذلك باالدالء ب�شهادة من الجهة المخت�صة تثبت الممار�سة‬
‫الفعلية في هذا التخ�ص�ص و�شهادة التقييد في هيئة الخبراء المحا�سبين بالمغرب �أو في جدول هيئة الخبراء‬
‫المحا�سبين المعتمدين‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬الخبراء في المحا�سبة ي�شترط فيها �شهادة وطنية لل�سلك الثالث في االقت�صاد وتدبير المقاولة �أو ما‬ ‫ ‬
‫يعادلها مع تجربة ‪� 10‬سنوات على الأقل من العمل الفعلي في هذا التخ�ص�ص ويثبت ذلك بالإدالء ب�شهادة من‬
‫الجهة المخت�صة تثبت الممار�سة الفعلية في هذا التخ�ص�ص و�شهادة التقييد في جدول هيئة الخبراء المحا�سبين‬
‫�أو �شهادة التقييد في جدول هيئة المحا�سبين المعتمدين ح�سب كل حالة‪.‬‬
‫(‪ )9‬المادة ‪ 8‬من القانون المنظم للمهنة الخبراء الق�ضائيين رقم ‪ 45-00‬الم�شار �إليه اعاله‪.‬‬

‫‪294‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫هو قانون عام له الأ�سبقية في التطبيق على القانون ال�ضريبي الذي هو قانون خا�ص‬
‫في غياب قانون الم�سطرة الإدارية الذي الزال الفقه والق�ضاء يناديان ب�إخراجه �إلى‬
‫حيز الوجود‪ .‬ومن هنا يبرز الدور الإيجابي للقا�ضي الإداري في تطوير المادة‬
‫الجبائية وت�سوية المنازعات(‪.)10‬‬
‫�إ�شكالية التجريح في الخبير المنتدب‬

‫يتعين على الإدارة الجبائية من جهة والملزم من جهة �أخرى �إذا كانت لكل‬
‫واحد منهما �أحد و�سائل لتجريح الخبير الذي عينته المحكمة �أو القا�ضي تلقائيا‬
‫تقديمها داخل خم�سة ‪� 5‬أيام من تبليغ �أي منهما بالأمر بتعيين الخبير ودلك تطبيقا‬
‫للف�صل ‪ 62‬من قانون الم�سطرة المدنية المحال عليه بموجب المادة ال�سابعة من‬
‫القانون رقم ‪ 41/90‬المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية‪.‬‬
‫وهكذا �إذا تقدم �أحدهما بطلب التجريح خارج هذا الأجل المحددة في ‪� 5‬أيام‬
‫كاملة(‪ )11‬ال يقبل طلب التجريح �شكال‪.‬‬
‫و�شكليات هذا الطلب �أن يكون مكتوبا وموقعا من طرف �أحد الطرفين �أو‬
‫وكيلهما مبينا فيه �أ�سباب التجريح‪.‬‬
‫وقد حدد الم�شرع في مقت�ضيات الف�صل المذكور �أ�سباب التجريح في القرابة‬
‫القريبة �أو في �أية �أ�سباب خطيرة �أخرى كالعداوة (�سبقية وجود نزاع �ضريبي بين‬
‫الخبير و�إدارة ال�ضرائب لم ينته بعد هذا النزاع)‪� .‬أو �أن يكون الخبير المنتدب‬
‫هو الذي يم�سك محا�سبة الملزم الذي يقا�ضي الإدارة �أو تقا�ضيه هذه الأخيرة في‬
‫الدعوى الماثلة �أمام المحكمة‪.‬‬

‫(‪ )10‬عبد الرحمان �أبليال رئي�س م�صلحة ال�ش�ؤون الق�ضائية المديرية العامة لل�ضرائب في �أعمال الندوة الوطنية‬
‫حول المنازعات ال�ضريبية ‪ 4‬و‪ 5‬دجنبر ‪ 2009‬المنظمة من طرف كلية الحقوق مكنا�س وهيئة المحامين بنف�س‬
‫المدينة حول مو�ضوع دور الق�ضاء في المادة الجبائية بالمغرب‪ ،‬عدد خا�ص لمجلتي الق�سطا�س والزيتونة‪ ،‬طبعة‬
‫يوليوز ‪ 2010‬مطبعة ال�سل�سبيل‪ ،‬الريا�ض‪ ،‬مكنا�س‪.‬‬
‫(‪ ) 11‬الأجل الكامل ال يحت�سب فيه اليوم الدي تو�صل فيه �أحد الطرفين واليوم الخام�س �أي الأخير‪.‬‬

‫‪295‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ولعل �إدارة ال�ضرائب هي التي تقدم دائما طلبات التجريح في مواجهة الخبراء‬
‫المنتدبين ولو خارج الأجل ح�سب الإح�صائيات المتوافرة لدينا(‪ )12‬ونادرا جدا‬
‫ما يقدم الملزم مثل هذا الطلب‪ .‬وال يجرح القا�ضي الخبير تلقائيا �إذ لي�ست له‬
‫هذه الإمكانية تطبيقا لقاعدة �أن القا�ضي ال يق�ضي بعلمه‪.‬‬
‫وقد �أو�ضحت مقت�ضيات الف�صل ‪ 62‬ق‪.‬م‪.‬م(‪� )13‬أ�سباب التجريح في القرابة‬
‫والم�صاهرة للملزم �إلى درجة ابن العم المبا�شر ب�إدخال الغاية ‪ -‬ووجود نزاع مع‬
‫�أحد الطرفين ‪� -‬إذا عين الخبير في غير مجال اخت�صا�صه ‪� -‬إذا �سبق له �أن �أبدى‬
‫ر�أيا �أو �أدلى ب�شهادة في مو�ضوع النزاع ‪� -‬إذا كان م�ست�شارا لأحد الطرفين ‪� -‬أو‬
‫لأ�سباب خطيرة �أخرى‪.‬‬
‫ويترتب عن التجريح �إبعاد الخبير المنتدب من الم�أمورية(‪ )14‬بحكم ق�ضائي عن‬
‫طريق ا�ستبداله(‪ )15‬مع �إ�شعاره بذلك على الفور ويقع على عاتق طالب التجريح‬
‫عبء الإثبات بكافة الطرق وال يجوز الطعن في الحكم بثبوت التجريح في القانون‬
‫المغربي �إال مع الحكم البات في الجوهر(‪.)16‬‬
‫�إ�شكالية التقيد بما جاء في الحكم التمهيدي ب�إجراء خبرة‬

‫في البداية البد من المالحظة بكون الحكم التمهيدي �إذا لم يكن وا�ضحا ف�إنه‬
‫�سي�ستع�صى على الخبير القيام بالدور المنوط به على اح�سن وجه‪ .‬ولذا ين�صح‬
‫تجريحا من طرف الملزم‬ ‫‪13‬‬ ‫(‪ )12‬خالل �سنوات ‪ 2007‬و‪ 2008‬و‪� 2009‬سجلت المحكمة الإدارية بمكنا�س‬
‫مقابل ‪ 0‬من طرف الملزم �أو المكلف بال�ضريبة‪.‬‬
‫(‪ ) 13‬الف�صل ‪ 62‬من ق م م ن�ص على �أ�سباب التجريح المذكورة بدقة بالتعديل ال�صادر في ‪.2000/12/26‬‬
‫(‪ ) 14‬القانون الفرن�سي ن�ص في المادة ‪ 310‬مرافعات على �أن رد الخبير يكون للأ�سباب التي يرد بها ال�شاهد‪.‬‬
‫(‪ )15‬خالل �سنة ‪ 2009‬ا�ستبدلت المحكمة الإدارية بمكنا�س الخبير بن�سبة ‪ 15‬بالمائة من عدد الملفات المدرجة‬
‫رغم قلة الخبراء بالمدينة للتجريح الموجه �ضدهم من طرف الدارة ال�ضرائب خا�صة محمد ف�ؤاد محمد �سحنون‬
‫عبد العالي الغديوي و�سمية االدري�سي لوجود نزاع �ضريبي بينهم والإدارة وتم ا�ستبعاد بع�ض الخبراء للتجريح‬
‫فيهم ك�إدري�س الرمالي وخالد لمودن وق�شابلمونهم يديرون ائتمانيات ولي�سوا معتمدين في الملفات مثال عدد‬
‫‪�474/06/5‬ش و‪�35/07/5‬ش و‪ 613/05/9‬و‪�121/08/5‬ش و‪�17/2009/5‬ش‪...‬الخ‪.‬‬
‫(‪ ) 16‬بخالف القانون الفرن�سي والألماني يجوز الطعن باال�ستيناف في الخبرة قبل بت المحكمة في الجوهر‬
‫الف�صل ‪ 316‬من القانون الفرن�سي‪.‬‬

‫‪296‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أن يكون الحكم التمهيدي وا�ضح المعالم ين�صب على الأمور التقنية والمحا�سبية‬
‫دون تلك التي تكون لها عالقة بتف�سير القانون الجبائي �أو ت�أويله‪ .‬ويقول البع�ض‬
‫�إن القا�ضي الإداري يعتمد تقرير خبرة المحا�سب جملة وتف�صيال‪ .‬وهدا �إدعاء‬
‫باطل‪.‬‬
‫واذا(‪ )17‬حدث �أن خرج الخبير المعين عن حدود المهمة المنوطة به‪ .،‬فما �أثبته‬
‫الخبير خارج حدود م�أموريته يفقد حينها �صفة الر�سمية ويعتبر مح�ض تقديرات‬
‫�شخ�صية يتم ا�ستبعادها بعد �أن يك�شف الخ�صوم خطئها بكل الو�سائل ف�إن تقرير‬
‫الخبرة يرد �إليه لتطبيق ما ورد في الحكم التمهيدي واتمام الخبرة‪� .‬إن ي�ستغني‬
‫عن خبرته وي�ؤمر بخبرة �أخرى‪.‬‬
‫غير �أن الخبير غالبا ما يرف�ض القيام ب�إعادة الخبرة �أو يتراخى في القيام بدلك‬
‫مما ت�ضطر معه المحكمة �إلى توجيه عدة اندارات �إليه �أو ت�ستبدله بخبير �آخر بدال‬
‫عنه دون �أن توقع جزاءات عليه‪ ،‬مما يكون له االثرال�سلبي البالغ في ت�سريع وثيرة‬
‫الملف والبت فيه في اقرب الآجال‪ .‬ويالحظ تق�صير المحاكم الإدارية في توقيع‬
‫الجزاءات على الخبراء الدين يتخلفون عن �إنجاز ماموريتهم �أو يتباطئون في‬
‫�إنجازها‪.‬‬
‫ومن هنا يتعين على ال�سيد الخبير �أن يكون ملما بالم�ساطر الق�ضائية وان يربط‬
‫االت�صال مع الهيئة الق�ضائية ال�ستي�ضاح بع�ض الأمور العالقة �أو تف�سير بع�ض النقاط‬
‫التي ظلت غام�ضة في الحكم التمهيدي بالن�سبة �إليه‪ ،‬ودلك قبل القيام بالم�أمورية‬
‫وكل ذلك من �أجل التعجيل ب�إنجاز الم�أمورية‪ ،‬ال�شيء الذي ال يقوم به العديد من‬
‫الخبراء ظنا منهم �أن ذلك من �شانه �أن يقلل من �شانهم وينق�ص من قدراتهم �أومن‬
‫اخد مواقف م�سبقة عليهم من طرف الق�ضاء والخ�صوم‪.‬‬
‫(‪� ) 17‬أورده ذ‪� .‬أبليال في مداخلته دور الق�ضاء في المادة الجبائية �أعمال الندوة الوطنية حول المنازعات‬
‫ال�ضريبية الم�شار �إليها �أعاله المن�شور في عدد خا�ص لمجلتي الق�سطا�س والزيتونة‪ ،‬طبعة يوليو ‪ ،2010‬مطبعة‬
‫ال�سل�سبيل الريا�ض مكنا�س‪ ،‬م�ستدال بقرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 643‬وتاريخ ‪ 2007/6/27‬والقرار عدد ‪881‬‬
‫وتاريخ ‪.2007/10/10‬‬

‫‪297‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�إ�شكالية �أخذ الخبير بوثائق لم ي�سبق للملزم �أن عر�ضها على الإدارة واللجان‬
‫ال�ضريبية للتقييم‬

‫يحدث �أحيانا �أن يعتمد الخبير في تقريره على وثائق محا�سبية لم ي�سبق الدارة‬
‫ال�ضرائب �أن اطلعت عليها �أو ناق�شتها مع الملزم‪ .‬ومن الطبيعي �أن الإدارة في‬
‫معر�ض تعقيبها على الخبرة تعار�ض ب�شدة قبول الخبير لوثائق محا�سبية لم ي�سبق‬
‫للملزم �أن �أدلى بها للإدارة وال �أمام اللجنة المحلية وال �أمام اللجنة الوطنية‬
‫بخ�صو�ص مراجعة همت محا�سبته بر�سم فترة معينة ح�سب المادة ‪ 107‬من القانون‬
‫رقم ‪ 17/89‬المنظم لل�ضريبة العامة على الدخل والمادة ‪ 43‬من القانون ‪30/85‬‬
‫المنظم لل�ضريبة على القيمة الم�ضافة وكدا المادة ‪ 38‬وما بعده من القانون رقم‬
‫‪ 86/24‬المنظم لل�ضريبة على ال�شركات‪.‬‬
‫فما هو موقف الق�ضاء الإداري من(‪ )18‬ذلك ؟ من حيث المبد�أ الطعن �أمام‬
‫المحكمة الإدارية يعيد طرح النزاع من البداية‪ ،‬في نظرنا لي�س هناك ما يمنع من‬
‫قبول هذه الوثائق �إذا �سبق للملزم الإ�شارة �إليها في موازنته ‪ bilan‬بخ�صو�ص �أحد‬
‫ال�سنوات الالحقة الغير م�شمولة بالمراجعة‪ ،‬و�إذا قام بالإتيان بفواتير �سليمة تتوافر‬
‫فيها ال�شروط المن�صو�ص عليها بالمادة ‪ 37‬من قانون ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪،‬‬
‫في نظري المتوا�ضع يمكن قبول هذه الفواتير واعمالها في خ�صم ال�ضريبة‬
‫المذكورة �إذا كانت �سليمة‪ ،‬على �أن تقوم المحكمة ب�إجراء التحريات حولها رفقة‬
‫الخبير المنتدب للت�أكد من مدى �سالمتها وعالقتها بملف النزاع وال�سبب في‬
‫عدم الت�صريح بها في االبان ‪ .13‬وهو ما ال تقبله �إدارة ال�ضرائب ومع ذلك نترك‬
‫هذا الإ�شكال للحا�ضرين ق�صد مناق�شته للت�أكد مما يجب القيام به في مثل هذه‬
‫النوازل‪.‬‬
‫ومما ي�ؤكد التوجه في هذا الطرح �أن اللجان الإدارية للتقييم ال�ضريبي ال‬
‫ت�ستدعي الملزمين للمثول �أمامها والدفاع عن حقوقهم �أمامها وت�صادر هذا الحق‬
‫(‪ ) 18‬ق�ضية �شركة �صوريمي �ضد الإدارة الجهوية لل�ضرائب بمكنا�س ومن معها حكم عدد ‪ 2010/381‬في الملف‬
‫‪�5/07/29‬ش ال�صادر بتاريخ ‪.2010/10/21‬‬

‫‪298‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أمامها وتبت في الملف دون الت�أكد من تو�صل الملزم �أو منحه �أجال للإدالء ب�أوجه‬
‫دفاعه ال �سيما وان نتيجة عمل هذه اللجنة لم يعد يعتبر ر�أيا ا�ست�شاريا بل ا�صبح‬
‫قرارا �إداريا يكت�سي �صبغة تنفيذية‪ .‬تقوم �إدارة ال�ضرائب بت�صفيته داخل �أجل �أو‬
‫بعد م�ضي �شهرين من تو�صلها قانونا به‪.‬‬
‫�إ�شكالية �صالحية الق�ضاء الإداري في الأخذ بخال�صة الخبير‬

‫يقال �إنه ح�سب بع�ض المعطيات المتوافرة لدى الجهات الإدارية الجبائية �أن‬
‫الخبير هو القا�ضي الفعلي في المادة ال�ضريبية ‪ 12‬للجوء الق�ضاء الإداري المغربي‬
‫المفرط والميكانيكي للخبرة‪ ،‬كونه يثق في الخبرة اكثر مما يثق في الإدارة بل‬
‫ويثق في ر�أي الخبير المحا�سب �أكثر من �آراء لجان التقييم ال�ضريبي التي ير�أ�سها‬
‫قا�ضي‪ ،‬لدرجة �أن الخبرة الق�ضائية لها حجية مطلقة بالن�سبة �إليه(‪ )19‬و�أن المحاكم‬
‫الإدارية ت�صادق على نتائج الخبرة دون مناق�شة هذه النتائج ويدعون �إلى �أن يكون‬
‫للق�ضاء الإداري �صالحيات مو�سعة ال تت�أثر بخال�صة الخبير‪.‬‬
‫ونحن ال ن�ساير هذا الر�أي وال نتفق معه كما قلنا من قبل‪ ،‬الن هذا االتجاه ينطوي‬
‫على نوع من المغالطة لكون القا�ضي الإداري يمار�س �صالحياته المخولة له قانونا‬
‫فهو خبير الخبراء كما يقال عنه‪.‬وهو يقيم غالبا نتائج الخبرة ويناق�شها في معر�ض‬
‫حيثيتياته‪ ،‬وله ال�صالحية الكاملة في �إجراء خبرة م�ضادة �أو خبرة ثانية �إذا لم يقتنع‬
‫بالأولى تكون اكثر دقة �أو مو�ضوعية ولو تلقائيا �إذا لم يطلبها �أحد الطرفين‪ ،‬وكم من‬
‫مرة يطلب القا�ضي المقرر من نف�س الخبير �إعادة احت�ساب الأ�س�س ال�ضريبية من‬
‫جديد �أو بع�ض اال�ستدراكات ال�ضريبية على �ضوء بع�ض المعطيات الجديدة التي‬
‫�أ�سفر عنها البحث ا�ستنادا �إلى بع�ض العنا�صر التي لم يكن قد تطرق �إليها الخبير‬
‫بتدقيق �أو اغفل الحديث عنها وهي محورية في النزاع عن طريق تكليفه بالإدالء‬
‫بملحق الخبرة �أو تقرير �إ�ضافي‪ .‬كان تكون مثال بع�ض االدماجات في المراجعة غير‬
‫�صحيحة ومع ذلك احتفظ بها الخبير في تقريره الأول مما يتعين �إنجاز ملحق خبرة‬
‫�أو تقرير �إ�ضافي يو�ضح فيه الأ�س�س �أو اال�ستدراكات الجديدة‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫(‪ )19‬الدكتور عبد الرحمان ابليال‪ ،‬المرجع ال�سابق‪ ،‬ال�صفحة ‪.34‬‬

‫‪299‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫فالقا�ضي الإداري يمار�س �صالحياته في المنازعة الجبائية فهو ال يبت في‬


‫الم�سائل القانونية فح�سب بل يقدر �أي�ضا الأمور الواقعية �أو التقنية ولو باال�ستعانة‬
‫بخبير حي�سوبي مخت�ص‪.‬‬
‫وللمحكمة �أن ت�أخذ بتقرير الخبير كله كما لها �أن ت�أخذ ببع�ض ما جاء فيه وتطرح‬
‫بع�ضه �إذ هي ال تق�ضي �إال على �أ�سا�س ما تطمئن �إليه(‪ )20‬وما يتوخى العدالة الجبائية‬
‫والإن�صاف وهو االتجاه الذي تبنته المحكمة الإدارية بمكنا�س مثال في ا�ستبعاد‬
‫التكاليف في نفقات اال�ستثمار المتعلقة بعقد قر�ض بنكي لتجهيز قطع �أر�ضية قبل‬
‫بيعها دون الإدالء بما يفيد �أداء الفوائد وا�صل الدين للبنك رغم البحث في هذه‬
‫النقطة مع الطرفين والخبير �إذ رغم وجود عقد قر�ض �صحيح م�ستجمع ل�شروط‬
‫�صحته وموقع وم�صحح من طرف الملزم من جهة وادارة البنك من جهة‪� .‬إال �أن‬
‫الملزم لم يدل بما يفيد �سداد هدها القر�ض واداء الفوائد عنه حتى يمكن خ�صمها‬
‫�أو�ضح الخبير في جل�سة البحث انه ربما كان هناك نزاع بين الطرفين حول �أداء‬
‫القر�ض �أو التحلل منه ولم ي�ستطع الملزم الإدالء بما يفيد �أداء هذه النفقات المكان‬
‫خ�صمها كنفقات اال�ستثمار من ال�ضريبة على الربح العقاري(‪.)21‬‬
‫فالخبير يعتبر في حكم الموظف الفعلي العام(‪� )22‬أو مكلف بخدمة عامة في‬
‫حدود الم�أمورية المنوطة به تحت �إ�شراف الق�ضاء ورقابته‪.‬‬
‫الإدارة تقول انه ال حاجة �أحيانا لللجوء �إلى الخبرة ويتعين الح�سم في الملف‬
‫تلقائيا نا�سية �أنها ارتكبت �أخطاء منهجية في المحا�سبة وفي �إعادة تقدير رقم �أعمال‬
‫الملزم ال�سنوي في �أعمال �سلطتها في اال�ستق�صاء واالطالع على ك�شوفات‬
‫ح�ساب بنكية للملزم‪ .‬وللح�سم في ذلك من طرف الق�ضاء ال بد من اال�ستعانة‬
‫بخبرة ح�سابية‪.‬‬
‫(‪ ) 20‬نق�ض م�صري مدني رقم ‪ 84‬طبعة ‪ 23‬جل�سة ‪ 1957/1/31‬طبعة ‪� 6‬صفحة ‪.18‬‬
‫(‪ )21‬ق�ضية بوبكر بناني �ضد ادارة ال�ضرائب بمكنا�س �صدر فيها حكم عن ادارية مكنا�س عدد ‪ 10/402‬وتاريخ‬
‫‪ 2010/11/4‬في الملف ‪�5/08/387‬ش ق�ضى بااللغاء الجزئي لل�ضريبة التكميلية على الدخل الربح العقاري‪...‬‬
‫(‪ ) 22‬الدكتور محمد حامد فهمي‪ ،‬ال�صفحة ‪.350‬‬

‫‪300‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وفي الختام ندعو �أن تت�شكل خلية من بين الق�ضاة والم�س�ؤولين في الإدارة العامة‬
‫لل�ضرائب النكباب ال�سادة الق�ضاة بالمحاكم الإدارية والمكلفين بالمنازعات لدى‬
‫الإدارة على م�سالة التكوين والتكوين الم�ستمر في مادتي الجبايات وال�ضرائب‬
‫والمحا�سبة‪ .‬ويتعين االعتراف �أي�ضا �أن الخبرة في القانون المغربي تعاني من‬
‫�صعوبات على م�ستوى القانون و�إ�شكاليات في التطبيق‪.‬‬
‫فعلى م�ستوى القانون يتعين فتح الباب للتر�شيح ممن تتوفر لديهم الم�ؤهالت‬
‫العلمية والفنية المطلوبة في المحا�سبة وال�ضرائب وتفعيل الم�ساطر الت�أديبية‬
‫للخبراء(‪ )23‬وعلى م�ستوى العمل ينبغي و�ضع رقابة ق�ضائية فعالة على الخبرة‬
‫�سواء من حيث االختيار وتحديد الأتعاب وتتبع عملهم وتحديد مهام الخبير بدقة‬
‫ومراعاة التخ�ص�ص باالبتعاد عن االنتداب الع�شوائي وعدم الت�أثر البين بخال�صة‬
‫الخبير و�إجراء الأبحاث على �ضوء الخبرة بح�ضور الطرفين عند االقت�ضاء‬
‫ال�ستجالء الأمور الغام�ضة في الخبرة والوقوف بدقة على الجوانب النزاعية‪.‬‬

‫(‪ )23‬الأحكام الت�أديبية المن�صو�ص عليها بالمواد ‪ 31‬وما بعدها‪ .‬الإنذار والتوبيخ �أو المنع الم�ؤقت من مزاولة‬
‫الخبرة لمدة ال تزيد عن �سنة ثم الت�شطيب عليه من الجدول في حالة �إخالله بواجبات المهنة �أو بخ�صال المروءة‬
‫وال�شرف والنزاهة �أو عدم القيام المهمة الم�سندة �إليه دون مبرر وتوقع من طرف اللجنة الوزارية الواردة‬
‫بالمادة ‪ 8‬من الظهير ال�شريف بتنفيذ القانون رقم ‪ 00-45‬المتعلق بالخبراء الق�ضائيين‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الإجـراءات ال�شكليـة في المنـازعـة ال�ضـريبيـة‬


‫«المطـالبـة وال�ضمـانـة نمـوذجـا»‬
‫الأ�ستاذ م�صطفـى زاهـر‬
‫م�ست�شار بالمحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء‬

‫مقـدمـة ‪:‬‬

‫لم يعرف الم�شرع المغربي ال�ضريبة‪ .‬و�إن كان نظامه الد�ستوري ين�ص �صراحة‬
‫على تحمل المغاربة التكاليف العمومية(‪ )1‬فد�ستور ‪ 1908‬كان ين�ص �صراحة على‬
‫بع�ض اال�ستثناءات كقاعدة للإعفاء(‪ ،)2‬الأمر الذي يعني �أن التحمل ال�ضريبي‬
‫كمبد�أ د�ستوري قديم جدا قبل هذا التاريخ‪� ،‬إال �أنه مع تدخل الدولة وتطور‬
‫�أهدافها و�أدوارها �أ�صبحت ال�ضريبة تبعا لذلك و�سيلة لتحقيق الأهداف ال�سيا�سية‬
‫واالقت�صادية واالجتماعية‪.‬‬
‫المفهوم المتطور والحالي لل�ضريبة يكت�سي نوعا من النظم الوا�سعة تجاوزا‬
‫للمفاهيم التقليدية التي �أ�صبحت ت�ضمحل بفعل التطور ال�سريع للحياة االجتماعية‬
‫واالقت�صادية ف�أ�صبحنا �أمام نظام جبائي �أو نظام �ضريبي ي�ضم مجموعة من‬
‫(‪ ) 1‬ين�ص الف�صل ال�سابع ع�شر من الد�ستورالمغربي «على الجميع �أن يتحمل كل على قدرة ا�ستطاعته التكاليف العمومية‬
‫التي للقانون وحده ال�صالحية لإحداثها وتوزيعها ح�سب الإجراءات المن�صو�ص عليها في هذا الد�ستور»‪.‬‬
‫(‪ )2‬المادة ‪ 20‬من د�ستور ‪« 1908‬ان الفقراء والعواجز والعميان والذين ال عمل لهم يعي�شون منه يعفون من كل‬
‫تكاليف و�ضريبة على الإطالق وكذلك خدام بيوت اهلل والم�ساجد والزوايا الذين يعي�شون من الأوقاف‪.‬‬
‫‪-‬المادة ‪« : 21‬ان موظفي المغرب من كبيرهم �إلى �صغيرهم ك�سائر النا�س تلزمهم ال�ضرائب والتكاليف‬ ‫ ‬
‫المادية»‪.‬‬
‫‪-‬المادة ‪« : 22‬ال يجوز �أبدا طرح �ضرائب وتكاليف مالية على جهة من ال�سلطة دون جهة وال على مدينة دون‬ ‫ ‬
‫مدينة وال على قبيلة دون قبيلة و�إنما يجب �أن تكون التكاليف عامة على جميع الأمة في كل نواحي ال�سلطة في‬
‫وقت واحد»‪.‬‬

‫‪302‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ال�ضرائب التي يحددها الم�شرع(‪.)3‬‬


‫�إن وجود نظام �ضريبي في الدول‪ ،‬ومن بينها المغرب يفر�ضه واقع تعدد‬
‫ال�ضرائب واختالفها‪ ،‬من حيث ال�شرائح المجتمعية التي ت�ستهدفها‪� ،‬أو الواقعة‬
‫المن�ش�أة لل�ضريبة في حد ذاتها باعتبار �أنها تختلف من واقعة �إلى �أخرى‪ ،‬ومن‬
‫طريقة فر�ض �إلى �أخرى‪ ،‬ومن �ضريبة نوعية �إلى �أخرى‪.‬‬
‫�إن النظام ال�ضريبي المغربي كباقي الأنظمة العالمية تخ�ضع ال�ضريبة فيه �إلى‬
‫منظومة تراتبية‪� .‬أولها الوعاء ال�ضريبي‪ ،‬وثانيها ت�صفية ال�ضريبة‪ .‬وثالثها تح�صيل‬
‫ال�ضريبة‪ ،‬فالأول يعتبرنقطة انطالق الت�ضريب‪� .‬أي تعيين المادة التي تقع عليها‬
‫ال�ضريبة‪ .‬والمادة المق�صودة قد تكون �شخ�صا طبيعيا‪� ،‬أو معنويا‪� ،‬أو ماال‪� ،‬أو‬
‫قيام بعمل نتج عنه دخل وربح‪� ،‬أو معاملة مالية‪ .‬والثاني طريقة احت�ساب ال�ضريبة‬
‫بوا�سطة ن�سب معينة قانونا‪ .‬والثالث ات�سخال�صها عن طريق مجموعة من القواعد‬
‫الر�ضائية �أو الجبرية‪.‬‬
‫�إذا كان الأ�صل في ال�ضريبة �أنها تنطلق ب�إقرار من الخا�ضع لها‪ .‬ف�إن اال�ستثناء‬
‫يجعل الإدارة ال�ضريبية تحل محل الملزم عند تخليه ل�سبب من الأ�سباب في‬
‫ممار�سة واجبه وحقه في الإقرار وبالتالي يتحول الت�صريح �إلى ت�صحيح بعد‬
‫المراقبة �أو الفح�ص‪� .‬إال �أنه خالل هذه العملية قد تترتب بع�ض الأخطاء العفوية‬
‫�أو ذات الت�أويل الف�ضفا�ض لن�ص غير مفهوم مما ي�ؤدي ذلك �إلى هدر حق من‬
‫الحقوق‪� ،‬سواء للإدارة �أو الملزم‪ .‬الأمر الذي دفع الم�شرع �إلى �إقرار نظام‬
‫تواجهي دفاعي ينتهي بالوقوف �أمام الق�ضاء في حالة عدم االتفاق بين الإدارة‬
‫والملزم بالت�ضريب‪.‬‬
‫(‪ )3‬كاد مفهوم «النظام ال�ضريبي» �أن يظهر في المغرب مع عهد موالي الح�سن الأول حينما حاول �إعطاء �صورة‬
‫للنظام ال�ضريبي عبر �إن�شاء مجموعة من ال�ضرائب والقواعد عن طريق �إحداث الترتيب من حيث �إمكانية �صياغة‬
‫بع�ض القواعد في مجال المراقبة والخالف مع ال�سلطة وهو ما عرف بالترتيب الح�سني �أو الترتيب العزيزي في‬
‫عهد ال�سلطان عبدالعزيز‪ .‬للمزيد من التفا�صيل انظر عبد الغني خالد «ال�سيا�سة الجبائية المغربية في القرن ‪»19‬‬
‫ر�سالة دبلوم الدرا�سات العليا‪ ،‬كلية الحقوق بالدار البي�ضاء �سنة ‪.1992‬‬

‫‪303‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�إن عدم اتفاق طرفي العملية ال�ضريبية ي�ؤدي ال محالة �إلى منازعة في ال�ضريبة‬
‫كحالة دالة على وجود الخالف‪ .‬واقعا �أوقانونا من حيث مراحل العملية الثالث‬
‫تحديد الوعاء‪� ،‬أو الت�صفية �أوالتح�صيل‪ .‬وهي ما يعرف بالمنازعة الجبائية التي‬
‫تعني الم�سطرة الإدارية �أوالق�ضائية المقررة قانونا �سلوكها لت�سوية الخالف(‪.)4‬‬
‫وهي ظاهرة �صحية حفاظا على حقوق الطرفين وو�ضع حد لتع�سف الإدارة في‬
‫ا�ستعمال �سلطتها التنفيذية ب�شكل يخالف الن�ص القانوني ت�أويال وفي ذلك �إقرار‬
‫ب�ضمانات وا�سعة للملزم من �أجل الدفاع عن م�صالحه الم�شروعة ول�ضمان خلق‬
‫توازن بين الإدارة والمكلف لإثبات �شرعية ال�ضريبة والإجراءات المرتبطة بها‪.‬‬
‫لكن �إقرار ال�ضمانات �أوجب احترام بع�ض ال�شكليات الإجرائية خالل المنازعة‬
‫ال�ضريبية‪� .‬أولها تقديم مطالبة �أو �شكاية �أمام الإدارة ال�ضريبية لبحث ما ينعاه الملزم‬
‫على العملية‪ .‬مع العلم �أن هذه المطالبة ال توقف تح�صيل ال�ضريبة �أو ال�سعي لهذه‬
‫الغاية‪ .‬لكن �أوحى الم�شرع �إمكانية تقديم �ضمانة من �أجل �إيقاف التح�صيل �إلى‬
‫حين البت في المنازعة �أو �إيقاف التنفيذ ولو بدون �ضمانة ب�أمر من الق�ضاء‪.‬‬
‫وعليه فما هي المطالبة ؟ وكيف يتم تقديمها ؟ ولمن تقدم ؟ وما هي الإجراءات‬
‫المرتبطة بها وتجليات الحماية الق�ضائية لها ؟‬
‫هذه الأ�سئلة و�أخرى نطرحها نجيب عنها من خالل تق�سيمنا لهذه المداخلة �إلى‬
‫نقطتين �أ�سا�سيتين كنموذج للإجراءات ال�شكلية في المنازعات الجبائية الأولى‬
‫نخ�ص�صها للمطالبة والثانية لل�ضمانة‪.‬‬
‫�أوال ‪ -‬المطـالبـة‬

‫اختلف الفقه في تحديد مفهوم موحد لما ي�سمى بالمطالبة‪ ،‬فالبع�ض يعرفها‬
‫�أنها ال�شكاية �أو الطلب المقدم من طرف الملزم‪� ،‬أو الممول للخزينة العامة‪،‬‬
‫�أو الخا�ضع لل�ضريبة �إلى الإدارة من �أجل مراجعة‪� ،‬أو تخفي�ض‪� ،‬أو �إلغاء الفر�ض‬
‫(‪ )4‬محمد مرزاق‪ ،‬عبد الرحمان �أبليال ‪ :‬النظام القانوني والمنازعات الجبائية بالمغرب‪ ،‬الطبعة الأولى ‪ ،96‬مطبعة‬
‫الأمنية الرباط‪� ،‬ص ‪.5‬‬

‫‪304‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ال�ضريبي‪� ،‬أو �إ�صالح الأخطاء المادية التي يمكن �أن ترتكب خاللها‪ ،‬والبع�ض‬
‫الآخر يجعلها ت�سمى بالتظلم‪.‬‬
‫لكن ان اختلفت الت�سمية والم�صطلحات ف�إن الهدف واحد �إذا كان م�ضمونها‬
‫ينطبق وحالها على الواقعة المن�ش�أة للخالف بين الملزم والإدارة ال�ضريبية‪ ،‬فترى‬
‫ما هو المفهوم الحقيقي للمطالبة ؟ وكيف يمكن تقديمها ؟ وما هو مو�ضوعها ؟‬
‫وهل هناك �آجال لتقديمها ؟ وكيف يتم البت فيها ؟ وما هو موقف الق�ضاء الإداري‬
‫من عللها‪.‬‬
‫‪ - 1‬حـق المطـالبـة ‪:‬‬

‫�إذا كانت المطالبة حق للملزم الذي ينازع في مجموع‪� ،‬أو بع�ض مبلغ ال�ضرائب‬
‫والواجبات والر�سوم المفرو�ضة عليه(‪ )5‬هل يمكن له التنازل عن هذا الحق ؟‬
‫ولماذا اعتبرت حقا ؟ �ألي�س من حال واقع الملزم �أن يكون تجاوزها واجبا حينما‬
‫يت�سم الإقرار ال�ضريبي بنوع من الجدية وال�شفافية‪.‬‬
‫فالمطالبة التي تعني في مفهومها العام الت�شكي‪� ،‬أو ما يجعل الإدارة تراجع‬
‫موقفها بالإيجاب �أو تظل مت�شبثة بر�أيها‪ .‬وهي في ذلك ح�سب ر�أينا تختلف عن‬
‫التظلم الذي قد تترتب عنه بع�ض الآثار اال�ستعطافية‪ .‬و�إذا ا اعتبرت كذلك فهل‬
‫يمكن للمطالبة �أن تمتد �إلى حين البت في التظلم اال�ستعطافي وهل هذا الأخير‬
‫يمدد الأجل للطعن تبعا لما هو معمول به في دعوى الإلغاء‪.‬‬
‫�إن قاعدة اللجوء �إلى الإدارة قبل عر�ض النزاع �أمام الق�ضاء م�ألوفة في النزاع‬
‫الإداري �سواء تعلق الأمر في المنازعة ال�ضريبية‪� .‬أو دعوى الإلغاء عموما‪� .‬إال‬
‫�أن حتميتها و�إلزاميتها تجد نقا�شا بين م�ؤيد وراف�ض لها‪ .‬على اعتبار �أن جدورها‬
‫تعود �إلى نظرية تجاوزها التاريخ‪ ،‬وهي نظرية الوزيرالقا�ضي(‪ )6‬والتي �أ�صبحت‬
‫متجاوزة الآن واقعا ولي�س قانونا‪ ،‬على �أ�سا�س �أن الإدارة يمكنها �أن تراجع ت�صرفاتها‬
‫(‪ )5‬انظـرالمـادة ‪ 235‬من المدونـة العـامـة لل�ضـرائب‪.‬‬
‫‪(6) Théorie du Ministre juge.‬‬

‫‪305‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وقراراتها ما لم تتح�صن بفوات الأجل‪� .‬إال �أن هذه القاعدة المتعلقة بالتح�صين قد‬
‫ال تجد �سندا في المنازعة ال�ضريبية لإتاحة �إمكانية �إجراء ال�صلح �أو الت�سوية الودية‬
‫بعيدا عن الق�ضاء‪.‬‬
‫�إن المطالبة في المجال ال�ضريبي يمكن �أن تكون كتابة �أو �شفوية‪ .‬وان عبارة‬
‫توجيه المطالبة المن�صو�ص عليها ال يمكن ح�صرها في الكتابة(‪� )7‬إذ يمكن �أن‬
‫يكون الت�صريح �شفاهيا‪ ،‬وهو �أمر جائز �أمام الق�ضاء بموجب الف�صل ‪ 31‬من قانون‬
‫الم�سطرة المدنية الذي �أجاز لأعوان كتابة ال�ضبط تحرير محا�ضر تقوم مقام المقال‬
‫�إذا كانت الحالة من الحاالت التي ال توجب تن�صيب محام‪ ،‬وبالرغم من ذلك‬
‫يجوز تحرير المح�ضر ويبقى للمحكمة �إمكانية �إنذاره ب�إ�صالح الم�سطرة‪.‬‬
‫�إال �أن جل الن�صو�ص القانونية لمختلف ال�ضرائب تلزم توجيه المطالبة‪ .‬وهو‬
‫ما يعني �أن الغاية التي ق�صدها الم�شرع �أن تكون كتابة مع العلم �أن كتابة هذه‬
‫المطالبات ال تتم عن طريق الملزمين �شخ�صيا بعدم �إلمامهم بعنا�صر النزاع‬
‫ال�ضريبي‪ .‬وان الأدهى من ذلك �أن بع�ض الجهات التي تمتهن الكتابة العمومية‬
‫تتخذ من المطالبات نماذج موحدة رغم اختالف المو�ضوع والأ�سباب الداعية‬
‫�إلى االختالف بين الإدارة ال�ضريبية والملزم‪ .‬وهو ما يجعل �إدارة ال�ضرائب في‬
‫حيرة من �أمرها ال�ستخال�ص العنا�صر الخالفية الأمر الذي يدعو �إدارة ال�ضرائب‬
‫وفي �إطار توا�صلها مع الملزم �أن ت�ساعده على تو�ضيح خالفة ولو �شفويا(‪ )8‬لكون‬
‫الل�سان �أبلغ من القلم لدى غالبية المواطنين الذين ال يح�سنون القراءة والكتابة‬
‫ولي�س في القانون ما يمنع ذلك‪ ،‬و�إن كانت المادة ‪ 24‬من قانون ال�ضريبة المهنية‬
‫(‪ )7‬المادة ‪ 114‬من القانون رقم ‪ 17/89‬ب�ش�أن ال�ضريبة العامة على الدخل‪.‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 47‬من القانون رقم ‪ 30/85‬ب�ش�أن ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ -‬المادة ‪ 25‬من القانون رقم ‪ 24/86‬ب�ش�أن ال�ضريبة على ال�شركات‪.‬‬ ‫ ‬
‫‪ -‬الف�صل ‪ 24‬من قانون ال�ضريبة المهنية‪.‬‬ ‫ ‬
‫ ‪ -‬المادة ‪ 19‬من القانون ‪ 37/89‬المتعلق بال�ضريبة الح�ضرية‪.‬‬
‫(‪ ) 8‬عبد الغني خالد‪« ،‬الم�سطرة في القانون ال�ضريبي»‪ ،‬مطبعة دار الن�شر المغربية‪ ،‬طبعة �سنة ‪« .2002‬والحقيقة» �أن‬
‫تقديم الطلب كتابة �إنما تمليه ظروف العمل البيروقراطي التي ال يعتبر فيها الإن�سان �إال كوثيقة �إدارية ذات تاريخ‬
‫وتحمل بيانات وتوقيعات وخواتم» �ص ‪.337‬‬

‫‪306‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫والمادة ‪ 19‬من قانون ال�ضريبة الح�ضرية تتطلب الإ�شارة في المطالبة �إلى بع�ض‬
‫المعلومات كرقم الالئحة والعر�ض الموجز للو�سائل لتبرير المطالب ف�إن ذلك ال‬
‫يبرر حرفية الن�ص للت�شبث بالكتابة وان تم التن�صي�ص على عدم قبول التعر�ض �أو‬
‫المطالبة وفي ذلك تي�سير لعمل الإدارة ولتحقيق مفهوم الحق المرتبط بالمطالبة‪.‬‬
‫تقدم المطالبة �إلى مديرية ال�ضرائب‪� ،‬أو الجهة الإقليمية‪� ،‬أو اللجنة المكلفة‬
‫بذلك على اعتبار �أن المركز ال يمكنه �أن يكون في توا�صل م�ستمر مع الملزم‬
‫لإ�شكالية القرب �أو البعد منه ويتم �إيداعها لدى هذه الم�صالح دون م�صاريف‬
‫م�سبقة �أو م�ؤجلة(‪ )9‬و�أمام التقنيات الجديدة للتعامل الإداري‪ .‬يمكن تجاوزهذه‬
‫ال�شكليات‪ ،‬و�إذا كان هم الإدارة تحقيق العدالة ال�ضريبية عن طريق ت�صحيح الخط�أ‬
‫�إن كان واقعا فعال‪.‬‬
‫�أثبتت الممار�سة ان م�ضمون ال�شكاية �أوالمطالبة قد ال يخرج عن الطلبات‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -‬طلب التخفي�ض من ال�ضريبة تبعا للو�سائل التي يراها الملزم هي الحقيقة‪.‬‬
‫‪ -‬طلب ا�سترجاع مبالغ نتيجة خط�أ في التقدير واالحت�ساب‪� ،‬أو تم �أدا�ؤها عن‬
‫غير ا�ستحقاق وهي واقعة يمكن لإدارة ال�ضرائب �أن تقوم ب�إرجاعها تلقائيا‬
‫اذا ما تبث لديها الخط�أ‪.‬‬
‫‪ -‬طلب التخفي�ض للغلو في التقدير �أو عدم المماثلة لنف�س الواقعة المن�ش�أة‬
‫لل�ضريبة من طرف ملزمين �آخرين‪ ،‬وهي حاالت يمكن �أن ن�صادفها في‬
‫النظام الجزافي‪� ،‬أوبعد ت�صحيح الت�صريح تلقائيا من طرف الإدارة‪.‬‬
‫‪ -‬طلب �إلغاء الفر�ض ال�ضريبي للإعفاء‪.‬‬

‫(‪ ) 9‬بع�ض قبا�ض الت�سجيل يلزمون �صاحب المطالبة بو�ضع طوابع جبائية على الطلب وهو �أمرال نجد له �سندا في‬
‫المادة ‪ 241‬من المدونة العامة لل�ضرائب المتعلقة باال�ستردادات‪ .‬و�أن تطبيق مقت�ضيات قانون ‪ 1984‬المتعلق‬
‫بالم�صاريف الق�ضائية والإجراءات �أمام المحاكم ال يدخل �ضمن ذات المطالبات‪.‬‬

‫‪307‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪� - 2‬أجـل تقـديـم المطـالبـة و�آثـارها‬

‫قبل نهاية �سنة ‪ 2000‬كانت تختلف �آجال الت�شكي والمطالبة من �ضريبة �إلى‬
‫�أخرى(‪� )10‬إال �أن قانون المالية بتاريخ ‪ 2000/12/31‬عدل بع�ض الن�صو�ص ال�ضريبية‬
‫من �أجل توحيد هذه الآجال‪ .‬و�أ�صبحت في �أغلبها ‪� 6‬أ�شهر‪ .‬وهي الفترة التي منحت‬
‫لإدارة ال�ضرائب التخاذ قرارها بالإيجاب‪� .‬أو الرف�ض من لدن المفو�ض له بذلك‪.‬‬
‫وهنا يثار �أي�ضا م�س�ألة االخت�صا�ص بالن�سبة ل�صاحب القرار‪ .‬هل يتخذ على ال�صعيد‬
‫(‪)11‬‬
‫المركزي‪� ،‬أو على ال�صعيد المحلي وفق �إجراءات داخلية لمديرية ال�ضرائب‬
‫وما هي معايير التمييز بين الجهات المتخذة للقرار بخ�صو�ص ال�ضريبة النوعية‬
‫الواحدة‪.‬‬
‫تعتبر الآثار ال�سلبية للمطالبة �أنها و�إن كانت و�سيلة لإثارة انتباه الملزم ب�إمكانية‬
‫الت�سوية الحبية‪ ،‬قبل الو�صول �إلى الق�ضاء‪� .‬إال �أن عدم �إلزام الإدارة بالجواب‬
‫تحت ترتيب الجزاء ي�ؤدي بنا �إلى اعتبارالمطالبة �إجراءا �شكليا غير منتج لآثاره في‬
‫مواجهة الإدارة‪� .‬إذا ما ا�ستثنينا الآثار بالن�سبة للملزم‪ ،‬التي ال يمكن لها �أن ت�ؤدي‬
‫�إلى �إيقاف �إجراءات التح�صيل الجبري للمبالغ ال�ضريبية المطالب بها(‪ )12‬مما تعتبر‬
‫معه هذه المطالبة من وجهة نظر الملزم غير ذات جدوى لقبول م�سطرة اال�سترداد‬
‫المقرونة بالمقا�صة وفق المادة ‪ 237‬من المدونة العامة لل�ضرائب «وهناك من يعيب‬

‫(‪� ) 10‬شهرين في ال�ضريبة المهنية و�أربعة �أ�شهر في ال�ضريبة العامة على الدخل و�ستة �أ�شهر في ال�ضريبة على‬
‫ال�شركات وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة و�أربعة �أ�شهر في ال�ضريبة الح�ضرية وفيما يخ�ص واجب الت�ضامن‬
‫الوطني نميز فيما يخ�ص ال�شركات داخل �أجل ‪� 6‬أ�شهر و�شهرين لتاريخ عر�ض الجدول‪.‬‬
‫(‪ )11‬بتاريخ ‪ 8‬ماي ‪ 1998‬اتخذ وزير االقت�صاد والمالية قرار ليتفوي�ض بع�ض �سلطه �إلى بع�ض مر�ؤو�سيه بخ�صو�ص‬
‫النظر في و�ضعية هذه المطالبات محددا �سقفا معينا لكل فئة بح�سب �إذا ما كان الأمر يتعلق بالإلغاء التلقائي �أو‬
‫تخفي�ض مبلغ ال�ضريبة والعالوات �أو رف�ض التخفي�ض �أو اقتراح �إلغاء �ضرائب ا�ستحال ا�ستخال�صها �أو �إعفاء‬
‫الدعائر والعالوات وهو �سقف محدد لكل فئة من الموظفين بين مبلغ ‪ 50.000‬درهم لرئي�س م�صلحية الوعاء‬
‫ومبلغ ‪ 400.000‬درهم للمدير الجهوي (انظر الجريدة الر�سمية رقم ‪ 4596‬بتاريخ ‪.)98/6/18‬‬
‫(‪ )12‬تن�ص المادة ‪ 235‬من المدونة العامة لل�ضرائب في فقرتها الأخيرة على ما يلي‪ :‬ال تحول المطالبة دون‬
‫التح�صيل الفوري للمبالغ الم�ستحقة و�إن اقت�ضى الحال ال�شروع في م�سطرة التح�صيل الجبري مع مراعاة‬
‫ا�سترداد مجموع �أو بع�ض المبالغ المذكورة بعد �صدور القرار �أو الحكم‪.‬‬

‫‪308‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫على �إدارة ال�ضرائب تجاهلها للعديد من المطالبات وال�شكايات وعدم رغبتها في‬
‫التراجع عن قراراتها �أو على الأقل تعديلها خ�صو�صا بعد �إلغاء الم�صالح المكلفة‬
‫بالمنازعات الإدارية و�إ�سناد مهامها واخت�صا�صاتها �إلى الم�صالح المكلفة بالوعاء‬
‫�أو المراقبة في �إطار ما ي�سمى بوحدة ال�شخ�ص وازدواجية المهام �أي �أن المفت�ش‬
‫الذي قام بربط ال�ضريبة �أو مراقبتها هو من يقوم بالبت في كل منازعة تتعلق بها‬
‫حتى تكون م�س�ؤولية كاملة»(‪.)13‬‬
‫الت�سا�ؤل الذي يطرح في �إطار الآثار المترتبة‪ .‬هل تعتبر المطالبة �أو الت�شكي في‬
‫حد ذاتها مطالبة للمنازعة �أو انها تتحول �إلى ذلك بعد مرور �أجل جواب الإدارة‬
‫بالرف�ض ال�ضمني �أو ال�صريح وهل النزاع في حد ذاته يبد�أ من حيث تبد�أ العملية‬
‫الق�ضائية �أو الإدارية قبلها �أو ان �أثار المطالبة ال يمكن ح�صرها في الحالة النزاعية‬
‫و�إنما يمكن �أن تبد�أ من المطالبة للت�سجيل في الجداول ال�ضريبية ‪ -‬غيرالت�صريحية ‪-‬‬
‫�أو في حالة تغيير الفر�ض ال�ضريبي‪� ،‬أو العنوان ال�ضريبي‪� ،‬أو �إدراج المطالبة في‬
‫�إطار الواجب ال�ضريبي الذي يجب �أن تنعت به ال�ضريبة‪.‬‬
‫�إذا لم يقبل الخا�ضع لل�ضريبة القرار ال�صادرعقب بحث مطالبته جاز له رفع‬
‫الأمر �إلى المحكمة داخل �أجل الثالثين يوما الموالية لتاريخ تبليغ المقرر‪ .‬و�إذا‬
‫لم تجب الإدارة داخل �أجل ‪� 6‬أ�شهر الموالية لتاريخ المطالبة جاز له ذلك �أي‬
‫داخل �أجل الثالثين يوما(‪ )14‬وهنا �إ�شكالية التبليغ وما ي�ستتبعها من �آثار �سلبية على‬
‫العملية خا�صة في حالة تعذر التبليغ وعدم �إثبات ذلك من طرف الإدارة لكن هل‬
‫عدم تقديم الدعوى خالل هذا الأجل المحدد ي�سقط الحق في �إثارتها ولو بعد‬
‫مرورالأجل(‪.)15‬‬
‫(‪ ) 13‬المختار ال�سريدي (مفت�ش لل�ضرائب) الطعن الق�ضائي في الأ�سا�س ال�ضريبي لإر�ساء مفهوم جديد مقال‬
‫من�شور بجريدة ال�صباح‪.‬‬
‫(‪ ) 14‬انظر المادة ‪ 243‬من المدونة العامة لل�ضرائب‪.‬‬
‫(‪ ) 15‬الآجال المن�صو�ص عليها في المدونة العامة لل�ضرائب �آجال كاملة وال يعتبر في الح�ساب اليوم الأولي من‬
‫الأجل ويوم حلول الآجال‪ ،‬و�إذا �صادفت االجال المحددة للإجراءات يوم عيد �أو عطلة قانونية تم ارجاء حلول‬
‫الأجل �إلى اليوم الأول من �أيام العمل التالية‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الق�ضاء تعامل مع �إثبات احت�ساب �آجال التبليغ عن طريق و�سائل الإثبات‬


‫المن�صو�ص عليها قانونا والتي تبقى على عاتق الإدارة ال�ضريبية التي يجب �أن‬
‫تبرر تاريخ تو�صل الملزم بما يفيد جوابها عن المطالبة و�إال انتقل العبء على‬
‫الملزم في حالة وحيدة وهي تبرير تاريخ �إيداع المطالبة من �أجل احت�ساب الأجل‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫‪ - 3‬موقف الق�ضاء الإداري من المطالبة ‪:‬‬

‫تعامل الق�ضاء الإداري مع �إ�شكالية المطالبة بنوع من التطبيق الحرفي للن�صو�ص‬


‫فقد اعتبرت المحاكم الإدارية ان عدم �سلوك م�سطرة التظلم الإداري قبل رفع‬
‫المنازعة �أمام الق�ضاء يوجب الحكم بعدم قبول الدعوى(‪ )16‬وهو االتجاه الذي‬
‫�سارت عليه في مجموعة من الق�ضايا النزاعية في المجال ال�ضريبي �سواء تعلق الحال‬
‫بالمنازعة في �إجراءات التح�صيل التي ت�ستلزم تقديم مطالبة �إلى رئي�س الإدارة‬
‫التي ينتمي �إليها المحا�سب المكلف بالتح�صيل �أو من يمثله طبقا للمادة ‪ 120‬من‬
‫مدونة تح�صيل الديون العمومية وال يعفي الملزم من المطالبة �إال �إذا كانت منازعته‬
‫الق�ضائية على درجة من الجدية ولو ان�صبت على الدفع بتقادم م�سطرة التح�صيل‬
‫على اعتبار ان مجرد تقديم هذا الدفع دون ان يكون م�ستندا على �أ�س�س �صحيحة‬
‫ال يكون مبررا ل�سلوك الملزم للم�سطرة المذكورة(‪ )17‬وهو �أمر يدعو �إلى الوقوف‬
‫على كيفية تحديد عن�صر الجدية في �إثارة التقادم �إذا كان يظهر ذلك لأول وهلة‬
‫من خالل �إلقاء نظرة على الجدول ال�ضريبي مو�ضوع ال�ضرائب المدعى فيها‬
‫وبالتالي اعتبر المجل�س الأعلى �أن التقادم في التح�صيل ال يندرج �ضمن الحالتين‬
‫المن�صو�ص عليهما على �سبيل الح�صر في المادة ‪ 115‬من مدونة الديون العمومية‬
‫واللتان تلزمان وحدهما �سلوك م�سطرة المطالبة الإدارية المن�صو�ص عليها في‬

‫(‪ )16‬حكم عدد ‪ 839‬بتاريخ ‪ 2001/10/18‬في الملف رقم ‪ 01/78‬عن المحكمة الإدارية بالرباط «حيث ان‬
‫المدعية لم تدل بما يفيد �سلوكها م�سطرة التظلم الإداري المن�صو�ص عليها في الف�صل ‪ 16‬من القانون رقم ‪89.30‬‬
‫المتعلق بال�ضرائب والر�سوم الم�ستحقة للجماعات المحلية مما يتعين معه الحكم بعدم قبول طلبها �شكال»‪.‬‬
‫(‪ ) 17‬قرار عدد ‪ 9‬بتاريخ ‪ 2007/1/10‬ملف رقم ‪ 19/06/9‬عن محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫المادة ‪ 120‬من نف�س القانون(‪ .)18‬وقد �سايرت المحكمة الإدارية بالرباط الن�ص‬
‫القانوني المانح للإدارة �أجال كامال للجواب والبت في المطالبة‪� .‬إذاعتبرت �أن‬
‫الدعوى المرفوعة قبل �أجل ‪� 6‬أ�شهر يجعلها �سابقة لأوانها ويتعين الت�صريح بعدم‬
‫قبول الطلب �شكال(‪ )19‬وهو الحال الذي �سارت عليه المحكمة الإدارية بوجدة‬
‫وكذلك �إدارية فا�س التي اعتبرت ان مراقبة الإجراءات ال�شكلية للمنازعة تعد‬
‫من النظام العام يمكن �إثارته ولو تلقائيا‪ .‬غير ان المجل�س الأعلى �سعى �إلى �أخذ‬
‫المطالبة بنوع من المرونة من حيث الإلزامية و�أكد �أن المطالبة غير م�شروطة �إذا لم‬
‫تحترم �إدارة ال�ضرائب من جهتها الإجراءات ال�شكلية الالزمة بتمكين الملزم من‬
‫�إبداء ر�أيه وان عدم احترام �إدارة ال�ضرائب للم�سطرة المذكورة يجعل الملزم‬
‫غير مقيد باحترام م�سطرة التظلم قبل رفع النزاع �أمام الق�ضاء(‪ )20‬وهو التوجه‬
‫الذي �سارت عليه بعد ذلك المحاكم الإدارية واعتبر �أن وجوب التظلم معلق على‬
‫احترام حق الدفاع وان تقديم الطعن قبل ان�صرام الأجل ال ت�أثير له على �سالمة‬
‫الو�ضعية ال�شكلية للطعن(‪.)21‬‬
‫بل �أن المجل�س الأعلى ذهب �أبعد من ذلك حينما فتح المجال للملزم لتقديم‬
‫دعواه خارج �أجل ال�شهر الذي يلي ‪� 6‬أ�شهر الممنوح للإدارة واعتبر �أن الإدارة‬
‫التي �أجابت عن التظلم خارج �أجل ‪� 6‬أ�شهر تكون قد فتحت �أجال جديدا من تاريخ‬
‫جوابها ال�شيء الذي يجعل الدعوى مقدمة داخل �أجل وبالتالي تكون مقبولة‬

‫(‪ ) 18‬قرار عدد ‪ 936‬بتاريخ ‪ 2008/12/24‬ملف �إداري عدد ‪.2006/2/4/25‬‬


‫(‪ ) 19‬حكم عدد ‪ 22‬بتاريخ ‪� 95/7/26‬صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط‪.‬‬
‫(‪ ) 20‬قرارعدد ‪ 264‬بتاريخ ‪ 2002/4/18‬في الملف الإداري عدد ‪.2001/2/4/902‬‬
‫(‪ ) 21‬قرارعدد ‪ 21‬بتاريخ ‪ 2000/10/5‬ملف �إداري عدد ‪« 1999/1/4/12263‬وحيث ي�ستخل�ص من الر�سالة‬
‫المذكورة التي لم تنازع فيها �إدارة ال�ضرائب بقبول انها ت�شكل تظلما بالمفهوم القانوني المتعلق بال�ضريبة العامة‬
‫على الدخل‪ ،‬وهي ت�شير �إلى تاريخ تحريرها في ‪ 99/3/22‬وان خاتم �إدارة ال�ضرائب عليها كان في ‪1999/3/24‬‬
‫وقدم دعواه بتاريخ ‪ 99/4/20‬وال ت�أثير لعدم انتظاره مرورالأحل المحدد لجواب �إدارة ال�ضرائب طالما �أنها‬
‫تم�سكت في جوابها �أمام المحكمة االبتدائية بم�شروعية ال�ضرائب المنازع فيها وجددت ذلك في المرحلة‬
‫اال�ستئنافية فيكون المدعي قد �سلك م�سطرة التظلم وفقا للقانون زيادة على توفر دعواه على كل ال�شروط‬
‫القانونية لقبولها �شكال»‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�شكال(‪.)22‬‬
‫واعتبر الق�ضاء �أن ال�شخ�ص الذي ينازع في �صفته كملزم ب�أداء ال�ضريبة ب�إمكانه‬
‫الطعن مبا�شرة �أمامه دون �ضرورة �سلوكه لم�سطرة الطعن الإداري(‪.)23‬‬
‫وفي مجال الق�ضاء اال�ستعجالي �أكد المجل�س الأعلى �أن �سلوك م�سطرة التظلم‬
‫الإداري قبل االلتجاء �إلى الق�ضاء الم�ستعجل تعتبر غير الزمة لتعار�ضها مع حالة‬
‫اال�ستعجال التي يفر�ضها هذا الإجراء والتي ال تتحمل بطبيعتها االنتظار وتقت�ضي‬
‫عر�ض النزاع على الق�ضاء ب�أق�صى �سرعة ممكنة وبالتالي ف�إن احترام هذه الم�سطرة‬
‫ي�سري على الدعاوى المو�ضوعية دون اال�ستعجالية(‪ )24‬وهو ما �صارت عليه‬
‫المحاكم الإدارية في هذا الباب مع ق�صر نظره على مدى توفر حالة اال�ستعجال‬
‫وجدية المنازعة وعدم الم�سا�س ب�أ�صل الحق‪.‬‬
‫لكن ال�س�ؤال الذي يطرح نف�سه ب�إلحاح بخ�صو�ص المطالبة‪� .‬أال تعد �إ�شكاال‬
‫للحد من حرية التقا�ضي وذلك بتعقيد الم�ساطر بمجموعة من ال�شكليات‪� ،‬إذا‬
‫كانت ال تلقى الجواب من طرف الإدارة وعدم ترتيب الجزاء على ذلك‪ .‬و�أن‬
‫التجربة العملية للعمل الق�ضائي الإداري المغربي �أثبتت �إقامة توازن بين �أطراف‬
‫الدعوى الجبائية‪ ،‬الحال الذي دفع بالإدارة �إلى خلق توا�صل ولو �شبه م�ستمر مع‬
‫الملزم كمنحه فر�صة للم�ساهمة والم�شاركة المبا�شرة في �إعداد الدين ال�ضريبي‬
‫الواجب في حقه‪.‬‬
‫ثـانيـا ‪ -‬ال�ضمـانـة‬

‫من الثابت قانونا �أن الجداول ال�ضريبية ت�صبح �سارية النفاذ بمجرد تذييلها‬
‫بال�صيغة التنفيذية من طرف الجهة الموكول لها ذلك‪ .‬ويتم تح�صيلها وفق‬
‫قواعد التح�صيل المن�صو�ص عليها في القانون رقم ‪ 15.97‬بمثابة مدونة تح�صيل‬
‫(‪ ) 22‬قرار عدد ‪ 668‬بتاريخ ‪ 2006/7/26‬في الملف الإداري ‪.2002/1/4/473‬‬
‫(‪ ) 23‬قرار عدد ‪ 588‬بتاريخ ‪ 2006/7/4‬في الملف الإداري ‪.2003/2/4/904‬‬
‫(‪ ) 24‬قرار عدد ‪ 156‬بتاريخ ‪ 2003/3/13‬في الملف الإداري رقم ‪.2002/2/4/2180‬‬

‫‪312‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الديون العمومية‪ ،‬والتي يمكن �أن تتخلل مراحلها منازعات فرعية �أو �أ�صلية ب�ش�أن‬
‫التح�صيل‪� ،‬أو التح�صيل المرتبط بالمنازعة في الأ�سا�س‪.‬‬
‫�إن تجاوز التح�صيل الر�ضائي �إلى اال�ستخال�ص الجبري يرجع �إلى تعنت‬
‫الملزم المنازع في الدين �أو �إلى ف�شل الخزينة العامة �أحيانا في ا�ستخال�ص الديون‬
‫العمومية بالطرق الر�ضائية‪ ،‬وتكون تبعا لذلك مجبرة في نهاية المطاف �إلى اتباع‬
‫و�سائل ا�ستثنائية لإرغام المدين على الوفاء بدينه(‪ )25‬الأمر الذي ي�ؤدي به �إلى‬
‫طلب ت�أجيل الوفاء بالدين العمومي �إلى حين البت ق�ضائيا في النزاع‪ ،‬رغم �أنه ال‬
‫يمكن مبدئيا ت�أجيل تاريخ اال�ستحقاق من �أجل �سداده طبقا للمادة ‪ 124‬من مدونة‬
‫تح�صيل الديون العمومية التي تنزع الحق من �أي �سلطة عمومية �أو �إدارية �أن توقف‬
‫�أو ت�ؤجل تح�صيل ال�ضرائب والر�سوم والديون الأخرى‪ .‬وهو ما يجعلنا نت�ساءل‬
‫هل المادة المذكورة تخاطب الق�ضاء �أو تخاطب القاب�ض المكلف بالتح�صيل‪ .‬غير‬
‫�أن القانون من خالل المادة تلك‪� .‬أجاز للمحا�سب المكلف بالتح�صيل �أو لرئي�س‬
‫الإدارة �أن يقبل من المدين تبرئة ذمته على �أق�ساط مقابل تقديم ال�ضمانات‪ ،‬وهي‬
‫حالة تدعو للإي�ضاح‪ .‬هل الأداء على �أق�ساط يعتبر ت�أجيال للتنفيذ �أو ت�سهيال للأداء‪،‬‬
‫مع العلم �أي�ضا �أن المادة ‪ 117‬من ذات المدونة �أقرت على �أنه يمكن للمدين الدين‬
‫ينازع كال �أو بع�ضا في المبالغ المطالب بها �أن يوقف �أداء الجزء المتنازع فيه‬
‫�شريطة �أن يكون قد قدم مطالبته داخل الآجال و�أن يكون ال�ضمانة‪.‬‬
‫فترى ماذا نعني بال�ضمانة الواجبة ؟ ومتي يمكن تكوينها ؟ ومن ماذا تتكون ؟‬
‫ولمن يتم تقديمهـا ؟ وما هي �شروط قبولها ؟ وكيف يتعامل الق�ضاء الإداري مع‬
‫هذه ال�ضمانة وما هي �آثارها على الملزم والمنازعة على حد �سواء ؟ وهل �إيقاف‬
‫�إجراءات التح�صيل من طرف الق�ضاء �أمر مرفوع عنه بموجب المادة ‪ 124‬من‬
‫مدونة تح�صيل الديون العمومية‪.‬‬
‫(‪ ) 25‬عبد الرحمان �أبليال ‪ :‬تح�صيل ال�ضرائب والديون العمومية على �ضوء المدونة الجديدة‪ ،‬مطبعة الأمنيـة‪،‬‬
‫‪� ،2000‬ص ‪.11‬‬

‫‪313‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪� - 1‬شروط تكوين ال�ضمانة ‪:‬‬

‫اختلف الفقه في تحديد معناها لغويا �أو ا�صطالحا‪ ،‬فالبع�ض يعرفها بالكفالة‬
‫ال�ضامنة للحق والبع�ض الآخر بالمقابل العيني‪� ،‬أو النقدي الكفيل بالدين‪ .‬والبع�ض‬
‫الآخر بمخ�ص�صات لتغطية الدين العمومي‪ ،‬كيفما تعددت النعوت واختلفت‬
‫الو�سائل فالهدف منها تكوين مخ�ص�صات نقدية‪� ،‬أو عينية لتغطية الدين العمومي‬
‫المطالب به مقابل ت�أجيله �إلى حين البت في النزاع‪ ،‬ويكون المحا�سب المقدم �أمامه‬
‫الطلب ملزما للت�أكد فعال من وجود نزاع معرو�ض �أمام الق�ضاء‪ ،‬ولم يتم البت فيه‬
‫ك�شرط لطلب الت�أجيل لينتقل بعد ذلك �إلى فح�ص ال�ضمانة المعرو�ضة عليه وهل‬
‫تدخل �ضمن الحاالت المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 118‬من مدونة تح�صيل الديون‬
‫العمومية‪ ،‬وهل يمكن له �أن يقبل طلبات الت�أجيل رغم ان النزاع الزال معرو�ضا‬
‫�أمام اللجان ال�ضريبية ؟ �أو �أن يكون الحق مقت�صرا فيما يكون النزاع ق�ضائيا ؟ و�إذا‬
‫كان القاب�ض يتوفر على �سلطة قبول �أو رد ال�ضمانات لعدم كفايتها ح�سب وجهة‬
‫نظره هل يمكن للملزم �أن يتقدم �أمام الق�ضاء لعر�ض �ضماناته وتقييمها من طرف‬
‫الق�ضاء وما موقف القاب�ض �إزاء ذلك‪.‬‬
‫بالرجوع �إلى مقت�ضيات المادة ‪ 118‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية نجد‬
‫�أنها جاءت على �سبيل المثال ال الح�صر على اعتبار �أنها حددت �إمكانية تكوين بع�ض‬
‫ال�ضمانات وتركت للملزم �إمكانية تكوين �أخرى �شرط �أن يقبلها القاب�ض المخت�ص‪،‬‬
‫وبالتالي ف�إن معطيات المادة المذكورة تركت الباب مفتوحا لالجتهاد وفر�ض‬
‫�ضمانات �أخرى‪.‬‬
‫هذا ومن بين ال�ضمانات المن�صو�ص عليها بمقت�ضى المادة المذكورة‪.‬‬
‫‪� -‬إيداع في ح�ساب الخزينة‪.‬‬
‫‪� -‬سندات الدين القابل للتداول‪.‬‬
‫‪� -‬سندات عمومية وغيرها من القيم المنقولة‪.‬‬
‫‪ -‬كفالة بنكية‪.‬‬
‫‪314‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ -‬ديون على الخزينة‪.‬‬


‫‪� -‬سند التخزين‪.‬‬
‫‪ -‬رهن �أ�صل تجاري‪.‬‬
‫‪ -‬تخ�صي�ص عقار للرهن الر�سمي‪.‬‬
‫وهكذا يالحظ �أن من بين بع�ض ال�ضمانات ما يحتاج �إلى تقدير �أو تقويم للت�أكد‬
‫من مدى تغطية الدين وبالتالي يتوفر المحا�سب على �سلطة رهيبة(‪ )26‬التخاذ القرار‬
‫الم�ؤثر في و�ضعية الملزم �إذا ما تجاوز هام�ش المالئمة‪ .‬وهو الحال الذي يمكن‬
‫�أن يطرح ك�إ�شكال لجواز القاب�ض �أن يقترح تعديالت لل�ضمانة كالزيادة في بع�ض‬
‫حاالتها‪� ،‬أو �أن دوره يقت�صر على �شروط المادتين ‪ 117‬و‪ 118‬من مدونة تح�صيل‬
‫الديون العمومية وفي ذلك قد تختلف معايير م�س�ألة تقدير ال�ضمانات من قاب�ض‬
‫�إلى �آخر‪ .‬مما يجعلنا �أمام تقديرات �شخ�صية غيرمحددة وفق �ضوابط قانونية‪،‬‬
‫�أو �إجراءات داخلية للإدارة المكلفة بالتح�صيل معلوة للجميع من �أجل �ضمان‬
‫مبد�أ ال�شفافية خا�صة و�أننا �أ�صبحنا اليوم �أمام جهتين مكلفتين بتح�صيل الدين‬
‫ال�ضريبي(‪ - )27‬قاب�ض �إدارة ال�ضرائب والخزينة العامة للمملكة ‪ -‬وعندما نكون‬
‫�أمام �ضمانات �صعبة التقويم فهل في هذه الحالة يجوز للمحا�سب المخت�ص �أن‬
‫يلج�أ �إلى الق�ضاء من �أجل طلب التقويم في �إطار الف�صل ‪ 148‬من قانون الم�سطرة‬
‫المدنية ك�إجراء خبرة تقويمية في هذا الباب �أو يجعل من ذلك مرحلة تواجهية‬
‫ويلتم�سها في �إطار الف�صل ‪ 149‬من الم�سطرة المذكورة �أو يجبر الملزم لتقويم‬
‫ال�ضمانة خا�صة �إذا كانت �أ�صال تجاريا‪� ،‬أو ر�سما عقاريا‪ .‬فالأول يمكن �أن يثير‬
‫ب�ش�أنه بع�ض التحفظات بالنظر لطبيعته المادية والمعنوية‪ .‬ويمكنه �أن ي�ستخل�ص‬
‫ذلك �أي�ضا من خالل �أرقام المعامالت الم�صرح بها لتكون �أ�سا�س االعتبار‪ ،‬وفي‬
‫(‪ ) 26‬محمد بي�صة «المنازعة في قانونية قرارات الإدارة المكلفة بربط ال�ضريبة بين دعوى الإلغاء وطعون الق�ضاء‬
‫ال�شامل �أطروحة دكتوراه ‪ 2004-2003‬جامعة الح�سن الثاني الدارالبي�ضاء �ص ‪.332‬‬
‫(‪ ) 27‬المادة ‪ 3‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية تحدد المحا�سبين المكلفين بالتح�صيل على �سبيل الح�صر في‬
‫حين جاءت المادة ‪ 136‬من المدونة العامة لل�ضرائب بجهة �أخرى تتحدد في قاب�ض �إدارة ال�ضرائب الذي يقوم‬
‫هو الآخر بالتح�صيل طبقا لقواعد مدونة تح�صيل الديون العمومية‪.‬‬

‫‪315‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫هذه الحالة يمكن للملزم �أن يقدم بع�ض المعطيات التي قد تخالف الم�صرح به‬
‫�ضريبيا من �أجل ت�ضخيم الأرقام غير الم�صرح بها‪ ،‬وهي حالة نادرة جدا �أمام حر�ص‬
‫الملزم من اتخاذ ذلك كموقف �ضده و�إتاحة الفر�صة لإدارة ال�ضرائب من �أجل‬
‫القيام بفح�ص �أو بمراقبة ح�سابية‪ .‬في حين ان الر�سم العقاري يمكن له �أن ي�ستخل�ص‬
‫فكرة عن التقويم من خالل �إدارة الت�سجيل‪ ،‬وا�ستنتاج فكرة ولو تقديرية عن‬
‫الأثمان المتداولة بالحي المتواجد به‪ ،‬وكذا عن مكوناته ومميزاته‪ ،‬وما �إذا كان‬
‫مثقال بالتكاليف المختلفة‪.‬‬
‫وبغ�ض النظر عن هذين ال�شكلين من ال�ضمانات‪ ،‬ف�إن الأخرى تبقى �سهلة التقييم‬
‫و�إن كانت بع�ض القيم المنقولة �سواء المعروفة قيمتها بال�سوق المالي ف�إن التقويم‬
‫يكون ب�آخر �سعر متداول حين التقييم‪ ،‬و�إذا ما كانت �سندات التخزين م�ؤمن عليها‬
‫�أم ال وذات بيانات كافية‪.‬‬
‫يمكن للملزم �أن يقدم �ضمانات �أخرى غير م�شار �إليها بالمادة المذكورة‬
‫كالعقارات غيرالمحفظة‪� ،‬أو العقارات الفالحية‪� ،‬أو تقديم كفيل‪� ،‬أو �ضامن‬
‫مي�سور‪� ،‬أو تقديم ح�صة في �شركة �أو رهن منقول �آخر كالحافالت ‪ -‬ال�شاحنات ‪-‬‬
‫ال�سيارات ‪ -‬ال�سفن ‪� -‬سبائك الذهب ‪ -‬الرهن الحيازي رهن ال�سفن والمراكب‬
‫البحرية وفق �إجراءاتها الخا�صة‪.‬‬
‫وبعد تقييم ال�ضمانة يمكن �أن يكون رد المحا�سب �إما �إيجابا �أو �سلبا‪ ،‬ففي حالته‬
‫الأخيرة‪ .‬هل يكون المحا�سب مجبرا على الرد �أو التغا�ضي عن ذلك ويعتبر رف�ضا‬
‫�ضمنيا‪ .‬وفي هذه الحالة هل يعتبر قراره قرارا �إداريا موجبا للطعن بالإلغاء �أمام‬
‫الجهة الق�ضائية المخت�صة �أو ان يخت�صرالطريق ويلج�أ �إلى قا�ضي الم�ستعجالت‬
‫الإداري في �إطارالطلبات اال�ستعجالية لإيقاف �إجراءات التح�صيل‪.‬‬
‫الأ�صل في منازعة رف�ض المحا�سب المكلف بالتح�صيل قبول ال�ضمانة‪ ،‬هو في‬
‫حد ذاته قرارا �إداريا قابال للطعن بالإلغاء‪ .‬لكن بالمقابل لي�س في القانون ما يمنع‬
‫الملزم من اللجوء �إلى ق�ضاء اال�ستعجال لوقف �إجراءات تح�صيل الدين العمومي‬
‫مقابل ال�ضمانة نف�سها المرفو�ضة من طرف القاب�ض‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫عند تكوين ال�ضمانة وقبولها يتمتع الملزم بالأثر الواقف للأداء ومن فوائد‬
‫الت�أخير بالن�سبة �إليه �أو الموجهة �ضد �أغياره الحائزين‪� ،‬أو المت�ضامنين ك�إجراء‬
‫بالتبعية‪ .‬ويجوز له طلب رفع اليد عن كل تلك الإجراءات لحلول ال�ضمانة محل‬
‫الإجراءات �أو الحجوزالمجراة‪ ،‬وفي حالة الرف�ض يوا�صل �إجراءات التح�صيل‬
‫الجبري‪.‬‬
‫‪ - 2‬توجهات الق�ضاء الإداري بخ�صو�ص ال�ضمانة ‪:‬‬

‫ا�ستقر العمل الق�ضائي الإداري على �أن طلبات �إيقاف تنفيذ �إجراءات تح�صيل‬
‫الديون العمومية يتم في �إطار ال�شروط العامة لال�ستعجال(‪ )28‬من جدية ال�سبب‬
‫وعن�صر اال�ستعجال وذلك وفق قواعد الم�سطرة المدنية بغ�ض النظر عن �شروط‬
‫مقت�ضيات مدونة تح�صيل الديون العمومية(‪ .)29‬ولعل تدخل الق�ضاء اال�ستعجالي‬
‫هنا تفر�ضه �شروط �إقامة الدعوى اال�ستعجالية من تدارك الأ�ضرار التي ي�صعب �أو‬
‫ي�ستحيل تداركها وحماية الحقوق �إن كانت درجة تقا�ضيهم �أو منازعتهم على نوع‬
‫عالي من الجدية و�أال يكون تدخل القا�ضي اال�ستعجالي من �ش�أنه �أن يم�س حقا من‬
‫الحقوق �أو ف�صال في النزاع مما تبقى �إجراءاته وقتية وتحفظية الغاية منها الحفاظ‬
‫على المراكز القانونية للأطراف‪.‬‬
‫�إن الخالف الفقهي المثار في مجال تدخل قا�ضي الم�ستعجالت من �أجل‬
‫وقف �إجراءات تح�صيل الدين ال�ضريبي كان مرده مدى �إمكانية �أو عدم ا�ستطاعته‬
‫ا�ستيعاب هذا التدخل وفق نظرة �ضيقة تبعا لقراءة غير م�ضبوطة للمادة ‪ 124‬من‬
‫مدونة تح�صيل الديون العمومية واعتبار �أن ال�ضمانة ك�شرط �أ�سا�سي ال يمكن لأي‬
‫جهة التدخل في الحد منها �أو تجاوزها للمقت�ضيات المن�صو�ص عليها في المادة‬
‫‪ 124‬من ذات المدونة التي تخاطب �صراحة المحا�سب المخت�ص بالتح�صيل وال‬
‫يمكنها �أن تخاطب بذلك الق�ضاء الذي يعتبر جهة م�ستقلة ال ت�ؤتمر ب�أوامر �أي جهة‬
‫(‪ ) 28‬محمد ق�صري‪ :‬المنازعة الجبائية المتعلقة بربط وتح�صيل ال�ضريبة �أمام الق�ضاء المغربي ط‪ 2009/ 2 .‬دار‬
‫�أبي رقراق �ص‪.111 .‬‬
‫(‪ ) 29‬وهي نف�س المادة ‪ 11‬من ظهير ‪.1935/8/21‬‬

‫‪317‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫كيفما كانت بل تبقى غايته تطبيق الن�صو�ص القانونية الواجبة التطبيق‪ .‬الحال‬
‫الذي يجعل القا�ضي اال�ستعجالي يرتبط �أ�شد االرتباط باالخت�صا�صات الممنوحة‬
‫للمحاكم الإدارية ويطبق القواعد العامة لال�ستعجال‪.‬‬
‫بغ�ض النظر عن ال�شروط ال�شكلية الواجب توفرها في الطلبات اال�ستعجالية اعتبر‬
‫الق�ضاء بداية �أنه للنظر في طلبات �إيقاف التنفيذ يتعين �أن تكون المنازعة مثارة في‬
‫المو�ضوع لكي يتلم�س القا�ضي اال�ستعجالي وهو ينظر في ذات الطلب المعرو�ض‬
‫امامه جدية المنازعة �إما في ا�سا�س فر�ض ال�ضريبة �أو في تح�صيلها من خالل اطالعه‬
‫على ظاهر الم�ستندات التي يعتمدها الطالب تدعيما للطعن ال�ضريبي المقدم من‬
‫قبله �أمام محكمة المو�ضوع وبالتالي ف�إن طلب �إيقاف �إجراءات التح�صيل المقدم‬
‫�أمام قا�ضي الم�ستعجالت الإداري رهين بتقديم الطعن المذكور تحت طائلة عدم‬
‫القبول(‪.)30‬‬
‫القانون رقم ‪ 41/90‬المحدث للمحاكم الإدارية المحدد لكيفية الطعن بالإلغاء‬
‫في القرارات الإدارية ي�شترط مجموعة من الإجراءات واجبة االتباع‪ ،‬وباعتبار‬
‫قرار الرف�ض ال�صادر عن المحا�سب المخت�ص قرارا �إداريا يتعين الطعن فيه‬
‫بالإلغاء‪ ،‬ولكون الدعوى ال�ضريبية تبقى ح�ضو�ضها هام�شية في دعوى الإلغاء‬
‫على اعتبار �أنها تندرج �ضمن الق�ضاء ال�شامل �إال �أنه يمكن ا�ستثناء رفعها في هذا‬
‫الإطار وتكون معفاة من الر�سوم الق�ضائية كلما انتفت ال�صلة بين الملزم وال�ضريبة‬
‫المنازع فيها(‪.)31‬‬
‫اعتبر الق�ضاء الإداري �أن ال�ضمانة التي ت�ستلزمها مدونة تح�صيل الديون العمومية‬
‫تكون غير الزمة في مجموعة من الحاالت كالتقادم وانعدام �صفة الإلزام وخرق‬
‫الم�سطرة �إذ �أكد المجل�س الأعلى �أن ال�ضمانة التي ي�ستلزمها الف�صل ‪ 15‬من ظهير‬
‫‪ 1935/8/21‬تخ�ص دعوى �إيقاف �إجراءات اال�ستخال�ص �أما الدعاوى الرامية �إلى‬
‫ال�صادر عن محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط في الملف عدد‬ ‫‪2006/12/4‬‬ ‫بتاريخ‬ ‫(‪ ) 30‬القرار عدد‬
‫‪12‬‬
‫‪.2/06/21‬‬
‫(‪ ) 31‬قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 1583‬بتاريخ ‪ 1999/12/9‬في الملف الإداري عدد ‪.1999/1/5/887‬‬

‫‪318‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�سقوط التح�صيل لتقادمه فال تنطبق عليها مقت�ضيات الف�صل المذكور (‪ )32‬و�أن‬
‫قاعدة وجوب �أداء ال�ضريبة رغم كل تظلم �أو طعن ق�ضائي لي�ست قاعدة مطلقة‬
‫بل يمكن لكل من ينازع في ا�سا�س ال�ضريبة �أو في م�شروعيتها �أو يدعي �إعفائه منها‬
‫طلب �إيقاف تنفيذها دون كفالة(‪.)33‬‬
‫تقديم الكفالة �أو ال�ضمانة التي تم رف�ضها من طرف المحا�سب تجيز واقعتها‬
‫للملزم �أن يقيم دعوى ا�ستعجالية للإ�شهاد عليه بتقديم الكفالة من �أجل �إيقاف‬
‫�إجراءات التح�صيل ف�ضال على �أن الق�ضاء اال�ستعجالي يمكنه �أن يقيمها ويت�أكد من‬
‫�إجراءات ا�ستكمال ال�ضمانة المقدمة من حيث التكوين وتوافر ال�شروط والإلتزام‬
‫بم�ستلزمات م�صاريف التجديد وت�سجيلها بال�سجالت المرتبطة بها كال�سجل‬
‫التجاري بخ�صو�ص الأ�صول التجارية وبالتالي ف�إن عدم تقييد ال�ضمانة المتمثلة في‬
‫رهن ال�صل التجاري بال�سجل المذكور رغم الإ�شهاد على تقديمها بمقت�ضى �أمر‬
‫ا�ستعجالي يجعل مح�صل ال�ضرائب محقا لال�ستمرار في عملية اال�ستخال�ص(‪.)34‬‬
‫وا�ستلزم الق�ضاء �إيداع ال�ضمانة لإيقاف �إجراءات التح�صيل في حالة انتفاء جدية‬
‫النزاع �أو �إذا كانت المنازعة غير �شاملة لجميع ال�ضرائب مو�ضوع اال�ستخال�ص‬
‫ف�شمولية هذه الأخيرة ال يمكن ف�صلها عن الجدية �أو ما يظهر من انعدامها وبالتالي‬
‫فاال�ستجابة جزئيا تجعل الجزء الغير الم�شمول موجبا لإيداع ال�ضمانة(‪.)35‬‬
‫يظهر مما �سبق �أن الق�ضاء اال�ستعجالي تعامل مع �شرط ال�ضمانة من خالل الجدية‬
‫في النزاع المتمثل في خرق الم�سطرة الواجبة االتباع �أو انعدام �صفة الإلزام‬
‫ال�ضريبي �أو الإعفاء المن�صو�ص عليه‪.‬‬

‫(‪ ) 32‬قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 154‬بتاريخ ‪ 2000/11/16‬في الملف الإداري عدد ‪.2000/1/4/528‬‬
‫(‪ ) 33‬قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 1150‬بتاريخ ‪ 1997/7/10‬في الملف الإداري عدد ‪.1997/1/5/483‬‬
‫(‪ ) 34‬قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 98‬بتاريخ ‪ 2000/10/26‬في الملف الإداري عدد ‪.2000/1/4/168‬‬
‫(‪ ) 35‬قرار المجل�س الأعلى عدد ‪ 563‬بتاريخ ‪ 2001/9/27‬في الملف الإداري عدد ‪.2150/4/1/2000‬‬

‫‪319‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ممار�سة حق ال�شفعة في المادة الجبائية‬


‫بين الن�ص القانوني واالجتهاد الق�ضائي‬
‫الأ�ستاذ ح�سن املولودي‬
‫قا�ضي بالمحكمة الإدارية بوجدة‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫لقد خول الم�شرع الجبائي للإدارة ال�ضريبية فيما يخ�ص الرقابة ال�ضريبية في‬
‫مجال الت�سجيل �إجراء موازيا للإجراءات التي ت�ضمنتها المدونة العامة لل�ضرائب‬
‫والمتعلقة بالم�سطرة العادية لت�صحيح ال�ضرائب يتمثل في �إمكانية ممار�سة حق‬
‫ال�شفعة‪.‬‬
‫‪1973‬‬ ‫وقد �أقر الم�شرع هذا الحق لفائدة الدولة بمقت�ضى قانون المالية ل�سنة‬
‫الف�صل ‪ 32‬منه‪ ،‬لي�ضمن فيما بعد �ضمن ال�صيغة الجديدة لمدونة الت�سجيل‬
‫بمقت�ضى قانون المالية ل�سنة ‪ ،2004‬ثم بعد ذلك تم �إدراجه �ضمن المدونة الجديدة‬
‫لل�ضرائب في مادتها ‪ 146‬من كتاب الوعاء والتح�صيل‪ ،‬وتم تخ�صي�ص المادة ‪ 9‬منه‬
‫للإجراءات المتبعة لتطبيقها‪ ،‬كما تم االحتفاظ به �ضمن المدونة العامة لل�ضرائب‬
‫بمقت�ضى المادة ‪ 143‬منها وخ�ص�صت المادة ‪ 218‬منها للإجراءات التطبيقية له‪.‬‬
‫وبغ�ض النظر عن الخو�ض في تحديد طبيعة حق ال�شفعة الممار�س من طرف‬
‫الإدارة الجبائية واالختالفات الفقهية والق�ضائية ب�ش�أن تكييفه �سواء على م�ستوى‬
‫الفقه والق�ضاء الفرن�سيين �أو لدى الفقه المغربي ف�إن الأمر يبقى وا�ضحا طالما �أن‬
‫الت�شريع اعتبره حق �شفعة مخول لفائدة الدولة له خ�صو�صياته وم�سطرته و�إجراءات‬
‫�ضابطة له‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�إال �أن الغاية من تقرير هذا الحق لفائدة الدولة تبقى في �أ�سا�سها تهدف �إلى تدارك‬
‫النق�صان في الأثمنة الم�صرح بها بمنا�سبة التفويتات العقارية‪ ،‬علما �أن القاعدة‬
‫العامة هي �أن واجبات الت�سجيل تحدد وت�ستخل�ص ح�سب الأثمنة المتفق عليها‬
‫بين المتعاقدين والم�صرح بها في العقود‪ ،‬ويبقى للإدارة مراقبة هذه التفويتات‬
‫والتحقق من القيمة الحقيقية الم�صرح بها‪.‬‬
‫فما هي ال�سلطات المخولة للإدارة بهذا ال�ش�أن‪ ،‬وما هي الم�ساطر الواجبة االتباع‬
‫والمحددة ت�شريعيا لممار�سة حق ال�شفعة‪ ،‬وما هي ال�ضمانات القانونية والق�ضائية‬
‫المخولة للملزم‪ ،‬ل�ضمان ممار�سة الإدارة لهذا الحق وفق �ضوابط معقولة تحقق‬
‫ذلك التوازن المن�شود في عالقتها بالملزم؟‬
‫�إنها مختلف النقط التي �سنحاول الإجابة عنها في هذه الدرا�سة من خالل‬
‫مبحثين‪:‬‬
‫المبحث الأول ‪� :‬شروط وم�سطرة ممار�سة الدولة لحق ال�شفعة في المادة الجبائية‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الحماية القانونية والق�ضائية للملزم عند ممار�سة حق ال�شفعة‪.‬‬
‫المبحث الأول ‪� :‬شروط وم�سطرة ممار�سة الدولة لحق ال�شفعة في‬
‫المادة الجبائية‬
‫لقد حدد الم�شرع المغربي مجموعة من ال�شروط المو�ضوعية الالزم توفرها‬
‫لممار�سة الدولة لحق ال�شفعة وذلك ما �سنتعر�ض له في مطلب �أول‪ ،‬على �أن‬
‫نخ�ص�ص المطلب الثاني لتحديد الإجراءات الم�سطرية المفرو�ض على الإدارة‬
‫�سلوكها اتجاه الملزم عند ممار�ستها لهذا الحق‪.‬‬
‫المطلب الأول ‪ :‬ال�شروط الواجب توفرها لممار�سة الدولة لحق‬
‫ال�شفعة‬
‫ا�ستنادا �إلى مقت�ضيات المادة ‪ 143‬من المدونة العامة لل�ضرائب يت�ضح ب�أن‬
‫الم�شرع المغربي حدد مجموعة من ال�شروط الواجب توفرها لإمكانية ممار�سة‬
‫الدولة لحق ال�شفعة ويمكن �إجمالها فيما يلي‪:‬‬

‫‪321‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪� - 1‬أن ين�صب حق ال�شفعة على عقار �أو حقوق عينية عقارية‪.‬‬
‫‪� - 2‬أن يكون هذا العقار �أو الحقوق العينية العقارية محل نقل ملكية ر�ضائي‬
‫بين الأحياء‪ ،‬بعو�ض �أو بغير عو�ض‪ ،‬وا�ستثنى من ذلك الهبات بين الأ�صول‬
‫والفروع‪.‬‬
‫‪� - 3‬أن يكون الثمن الم�صرح به �أو الت�صريح التقديري ال ينا�سب القيمة التجارية‬
‫للعقار وقت التفويت‪.‬‬
‫‪ - 4‬ا�ستحالة �أداء الواجبات المفرو�ضة بناء على تقدير الإدارة من طرف الملزم‬
‫ر�ضائيا‪.‬‬
‫وبتمعن هذه ال�شروط يتبين ب�أن حق ال�شفعة ال يمكن �أن يمار�س �إال �إذا تعلق‬
‫الأمر بتفويت عقار �أو حقوق عقارية �سواء بعو�ض �أو بغير عو�ض‪ ،‬و�أن يكون‬
‫هذا التفويت ر�ضائيا‪ ،‬بمعنى �أن الم�شرع ا�ستثنى ب�صريح ن�ص المادة المذكورة‬
‫ممار�سة حق ال�شفعة على المنقوالت وباقي الحقوق الأخرى وح�صرها في‬
‫العقارات والحقوق العقارية فقط‪ ،‬كما ا�ستثنى كذلك البيوع الجبرية‪ ،‬وهو �أمر‬
‫منطقي لأنه ال يمكن �إخفاء ثمن البيع في البيوع الجبرية‪.‬‬
‫لكن بخ�صو�ص مدى تنا�سب القيمة التجارية للعقار مع الثمن الم�صرح به �أو‬
‫الت�صريح التقديري‪ ،‬ف�إن الم�شرع �أعطى لوزير المالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض له‬
‫ذلك �سلطة تقديرية وا�سعة ويتجلى ذلك من خالل ا�ستعماله لعبارة «�إذا بدا له»‪.‬‬
‫وهذا ما �سيكون محل مناق�شة في المبحث الثاني من هذه الدرا�سة بخ�صو�ص‬
‫حدود ال�سلطة التقديرية للإدارة في تقدير الثمن الحقيقي‪ ،‬ومدى خ�ضوعها لرقابة‬
‫الق�ضاء بهذا ال�صدد‪.‬‬
‫وبخ�صو�ص ال�شرط الأخير المتمثل في �ضرورة مطالبة الإدارة الملزم ب�أداء‬
‫الواجبات على �أ�سا�س الثمن التقديري المحدد من طرفها ب�شكل ر�ضائي‪ ،‬فهو في‬
‫جوهره يعتبر �شرطا ذي طبيعة م�سطرية و�إجرائية‪ ،‬يتعين على الإدارة �سلوكه قبل‬
‫االنتقال لممار�سة حق ال�شفعة وفقا للإجراءات المحددة في المادة ‪ 218‬من المدونة‬
‫العامة لل�ضرائب و�سنقف في المبحث الثاني عن الآثار التي يمكن �أن تترتب عن‬
‫‪322‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الإخالل بهذا ال�شرط‪ ،‬وكذا باقي ال�شروط الأخرى عند درا�ستنا للحماية القانونية‬
‫والق�ضائية للملزم‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الإجراءات الم�سطرية المتبعة في ممار�سة حق‬
‫ال�شفعة‬
‫لقد �أحال الم�شرع الجبائي في المدونة العامة لل�ضرائب بمقت�ضى المادة ‪143‬‬
‫على المادة ‪ 218‬من ذات المدونة باعتبارها هي التي تحدد الإجراءات التي يتعين‬
‫على الإدارة �سلوكها‪ ،‬وهي �إجراءات م�سطرية يترتب عنها مجموعة من الآثار‬
‫القانونية‪ ،‬كما يترتب عن الإخالل بها مجموعة من النتائج قد ت�ؤدي �إلى �إبطال‬
‫الم�سطرة‪ ،‬و�سنقف عندها تباعا وفقا للترتيب المحدد في المادة المذكورة‪.‬‬
‫‪� - 1‬ضرورة ممار�سة حق ال�شفعة خالل �أجل ‪� 6‬أ�شهر كاملة ابتداء من يوم‬
‫الت�سجيل‪ ،‬بمعنى �أن الم�شرع �أعطى للإدارة الجبائية الحق في ممار�سة‬
‫ال�شفعة خالل �أجل ‪� 6‬أ�شهر ابتداء من تاريخ ت�سجيل التفويت ب�إدارة‬
‫الت�سجيل‪ ،‬وقد �أخذ الم�شرع بعين االعتبار حاالت نقل الملكية المبنية على‬
‫�شرط واقف‪ ،‬ون�ص على �أن الأجل المذكور ال ي�سري �إال من تاريخ ت�سجيل‬
‫تحقق هذا ال�شرط‪ ،‬والم�شرع هنا كان دقيقا ذلك �أن العبرة في احت�ساب‬
‫الأجل هو تاريخ الت�سجيل �سواء بالن�سبة للتفويت التام �أو التفويت المبني‬
‫على �شرط واقف‪ ،‬ولي�س بتاريخ تحقق التفويت �أو تحقق ال�شرط‪ ،‬لأن‬
‫الإدارة لن تكون على علم بذلك �إال بعد ت�سجيله لدى �إدارة الت�سجيل‪.‬‬
‫لكن الإ�شكال الذي يبقى عالقا هو �أن الم�شرع لم يحدد الجزاء المترتب عن‬
‫عدم احترام الإدارة لهذا الأجل؟‬
‫�إن الإجابة عن هذا الت�سا�ؤل تقت�ضي الإمعان في م�ضمون الن�ص وروحه ومغزاه‬
‫فالم�شرع �أورده ب�صيغة الوجوب‪ ،‬وبالتالي ف�إنه ال يجوز الإخالل به والتذرع‬
‫ب�أن الم�شرع لم يرتب �أثرا على ذلك‪ ،‬لي�شكل بذلك على غرار باقي الآجال التي‬
‫يحددها الم�شرع لممار�سة حق معين‪� ،‬أجل �سقوط‪ ،‬بمعنى �أنه يقع تحت طائلة‬

‫‪323‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�سقوط حق الإدارة في ممار�سة حق ال�شفعة �إذا ما تجاوزت �أجل ‪� 6‬أ�شهر المحدد‬


‫بمقت�ضى ن�ص المادة المذكورة‪.‬‬
‫‪� - 2‬ضرورة االلتزام بتبليغ مقرر ال�شفعة وفق الإجراءات المحددة في المادة‬
‫‪ 219‬من المدونة العامة لل�ضرائب �إلى �أطراف العقد وكذا باقي الأ�شخا�ص‬
‫الق�ضاة والمحافظين المحددين بن�ص هذه المادة‪ ،‬علما �أن الم�شرع قد‬
‫�أو�ضح العلة التي على �أ�سا�سها �أقر هذا المقت�ضى‪ ،‬وهي �ضرورة �إدراج‬
‫حقوق الدولة في �سجل الت�ضمين المم�سوك لدى ق�ضاة التوثيق عندما‬
‫يتعلق الأمر بعقار غير محفظ‪ ،‬وب�سجالت المحافظة العقارية كلما تعلق‬
‫الأمر بعقار محفظ �أو في طور التحفيظ‪.‬‬
‫‪� - 3‬ضرورة �أداء الثمن من قبل الإدارة‪ ،‬ذلك �أن المادة ‪ 218‬المذكورة ن�صت‬
‫على �أن المفوت له المنزوعة منه الأمالك يت�سلم خالل ال�شهر الموالي‬
‫لتبليغه مقرر ال�شفعة مبلغ الثمن الم�صرح به �أو القيمة التجارية المثبتة‪،‬‬
‫�إ�ضافة �إلى واجبات الت�سجيل الم�ؤداة والر�سوم المدفوعة �إلى المحافظة‬
‫العقارية‪ ،‬وكذا مبلغ يحت�سب على �أ�سا�س ‪ % 5‬من الثمن الم�صرح به‬
‫�أو القيمة التجارية المثبتة يمثل تكاليف العقد والم�صاريف‪ ،‬وما يالحظ‬
‫بخ�صو�ص هذا الإجراء هو �أن الم�شرع لم يرتب جزاء البطالن على عدم‬
‫التقيد ب�أجل ال�شهر المحدد في ن�ص هذه المادة و�إنما رتب عليه فوائد‬
‫تحت�سب على �أ�سا�س المقدار القانوني المعمول به في الق�ضايا المدنية‬
‫ت�ؤدى لفائدة المفوت له المنزوعة منه الأمالك بمجرد ان�صرام الأجل‬
‫المذكور‪ ،‬وذلك بقوة القانون‪ ،‬وفي ذلك حماية لحق الإدارة في ال�شفعة‬
‫ولو في حالة خرقها لهذا الإجراء الب�سيط وفي نف�س الوقت حماية لو�ضعية‬
‫المفوت به من تماطل الإدارة في �أداء الثمن وباقي الواجبات الأخرى‪.‬‬
‫لكن ما ينبغي الإ�شارة �إليه هو �أن عدم التزام الإدارة ب�أداء الثمن ب�شكل مطلق‪،‬‬
‫ي�ؤدي ال محالة �إلى بطالن الم�سطرة‪ ،‬لأنه ي�شكل التزاما جوهريا يقع على عاتقها‪.‬‬
‫�إنها �أهم الإجراءات الواجب التقي دبها وفقا لن�ص المادة ال�سالفة الذكر‪ ،‬علما‬

‫‪324‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أن باقي فقرات هذه المادة ت�شير �إلى الآثار المترتبة عن مقرر ال�شفعة �سواء منها‬
‫تلك المتعلقة بحلول الدولة محل المفوت له فيما يخ�ص المنافع والتحمالت‬
‫الخا�صة بالعقد ابتداء من يوم نقل الملكية‪ ،‬وي�شطب على كل الحقوق الم�سجلة‬
‫لفائدته بال�سجالت العقارية‪.‬‬
‫كما �أن العقارات ال�صادر ب�ش�أنها مقرر ال�شفعة‪ ،‬ن�ص الم�شرع على عدم �إمكانية‬
‫بيعها من جديد �إال عن طريق المزاد العلني‪.‬‬
‫�إال �أن ما يالحظ هو �أن الم�شرع �أغفل الإ�شارة �إلى الجزاء القانوني الذي يتعين‬
‫ترتيبه في حالة الإخالل بهذا المقت�ضى‪ ،‬ومدى �إمكانية مطالبة المفوت له المنزوعة‬
‫منه الأمالك ب�إلغاء مقرر ال�شفعة والمطالبة ببطالن م�سطرتها‪ ،‬لأنها تكون قد حادت‬
‫عن الهدف والغاية المتوخاة منها‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الحماية القانونية والق�ضائية للملزم �أثناء ممار�سة‬
‫حق ال�شفعة‬
‫�إن الحديث عن الحماية القانونية والق�ضائية للملزم‪ ،‬يبقى رهينا بالوقوف‬
‫عند ال�ضمانات الممنوحة له عند ممار�سة الإدارة الجبائية لحق ال�شفعة‪ ،‬ومعلوم‬
‫�أن المخاطب الأول والأ�سا�سي ب�أحكام المواد ال�سالفة الذكر‪ ،‬والمعني الرئي�سي‬
‫بهذه الم�سطرة هو ال�شخ�ص (المفوت �إليه) م�شتري العقار �أو الحقوق العقارية‬
‫مو�ضوع ال�شفعة‪ ،‬طالما �أنه يعتبر هو الملزم ب�أداء واجبات الت�سجيل‪ ،‬لذلك‬
‫ف�س�أحاول الوقوف عند مختلف ال�ضمانات القانونية والق�ضائية المخولة له‪ ،‬والتي‬
‫عبرها بمكنه الدفاع عن م�صالحه �إزاء الإدارة الجبائية‪ ،‬بحكم ما تتميز به هذه‬
‫الم�سطرة من نوعية في �إجراءاتها‪ ،‬تختلف عن الم�سطرة التواجهية الم�ضمونة في‬
‫باقي الم�ساطر الأخرى‪.‬‬
‫وبحكم ما ذكر كان لزاما �أن نتطرق في مطلب �أول لل�ضمانات القانونية مع‬
‫الوقوف عند ح�سنات الت�شريع ور�صد �أوجه الق�صور‪ ،‬والثغرات التي تعتريه‬
‫بهذا ال�صدد‪ ،‬ثم نعرج على درا�سة ال�ضمانات الق�ضائية في مبحث ثان‪ ،‬من خالل‬
‫درا�سة ما تو�صل �إليه االجتهاد الق�ضائي بخ�صو�ص ممار�سة م�سطرة ال�شفعة رغم‬
‫‪325‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ندرة الأحكام والقرارات الق�ضائية ال�صادرة في هذا ال�ش�أن‪ ،‬بالنظر �إلى عدم‬
‫�سلوك الإدارة لهذه الم�سطرة �إال لماما‪.‬‬
‫و�ستكون الدرا�سة في هذا المبحث منكبة على بع�ض الإ�شكاالت القانونية ذات‬
‫ال�صلة بمو�ضوع الدرا�سة‪.‬‬
‫المطلب الأول ‪ :‬الحماية القانونية للملزم‬
‫�إن الوقوف عند الحماية القانونية المقررة للملزم يقت�ضي ب�شكل �أولي وم�ضبوط‬
‫التحقق من ال�ضمانات التي كر�سها الم�شرع الجبائي للحفاظ على حقوقه ‪� -‬أي‬
‫الملزم ‪ -‬وهو ما يمكن ا�ستخال�صه من الن�صو�ص القانونية ال�ضابطة‪ ،‬والمنظمة‬
‫لم�سطرة ممار�سة ال�شفعة وكذا الن�صو�ص المت�ضمنة لل�شروط المقررة لممار�ستها‬
‫�سواء من الناحية ال�شكلية �أو المو�ضوعية‪ ،‬وكذا الوقوف عند الآثار المترتبة عن‬
‫ممار�ستها‪ ،‬في �ضوء العالقة التي تربط الملزم بالإدارة‪.‬‬
‫فباالطالع على مقت�ضيات المادة ‪ 143‬من المدونة العامة لل�ضرائب‪ ،‬يلفى ب�أن‬
‫الم�شرع المغربي قد �أعطى للإدارة الجبائية ب�صيغة الجواز �إمكانية ممار�سة حق‬
‫ال�شفعة ب�صرف النظر عن حق المراقبة المخول بها بمقت�ضى المادة ‪ 217‬من ذات‬
‫المدونة‪ ،‬لكن الإ�شكال الذي يطرح هل يمكن للإدارة الجبائية �سلوك الم�سطرتين‬
‫معا في �آن واحد‪ ،‬بعلة �أن الن�ص القانوني (المادة ‪ )143‬جاءت غير وا�ضحة‪ ،‬و�أن‬
‫الم�شرع ا�ستعمل عبارة «ب�صرف النظر عن حق المراقبة‪ ...‬يجوز للوزير‪� ...‬أن‬
‫يمار�س لفائدة الدولة حق ال�شفعة‪»...‬؟‬
‫�إن الإجابة عن هذا الت�سا�ؤل تقت�ضي تحديد الغاية من الم�سطرتين معا‪ ،‬والمتمثلة‬
‫�أ�سا�سا في مكافحة النق�صان في الأثمنة الم�صرح بها عند عمليات التفويت‪ ،‬و�أنه‬
‫ما دامت الغاية واحدة‪ ،‬ف�إنه ال ي�سوغ مطلقا الجمع بين الم�سطرتين‪ ،‬وهي �ضمانة‬
‫�أ�سا�سية يتعين مراعاتها لفائدة الملزم‪.‬‬
‫كما �أن الم�شرع �أعطى �صالحية ممار�سة حق ال�شفعة �إلى وزير المالية �أو‬
‫ال�شخ�ص المفو�ض �إليه ذلك‪ ،‬مما يدل على �أن �سلوك هذه الم�سطرة يقت�ضي �أن‬
‫يكون على م�ستوى �أعلى‪ ،‬و�أن �أي ممار�سة له خارج هذا ال�ضابط القانوني قد‬
‫‪326‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫يجعل المقرر القا�ضي با�ست�شفاع العقار �أو الحق العيني العقاري م�شوبا بعيب‬
‫عدم االخت�صا�ص‪ ،‬وهذا يدل على �أن �سلوك م�سطرة ال�شفعة يقت�ضي وجود �إرادة‬
‫�صريحة وتوفر �شروط مبررة لممار�ستها ك�أهمية العقار المفوت‪� ،‬إذ �أنه لي�س من‬
‫الم�ست�ساغ اللجوء �إلى هذه الم�سطرة بخ�صو�ص تفويتات ب�سيطة ب�ش�أن عقارات‬
‫�أو حقوق عينية ال تكت�سي �أهمية بالغة ويمكن للإدارة اللجوء ب�ش�أنها �إلى م�سطرة‬
‫المراقبة والمراجعة‪.‬‬
‫ومن بين ال�ضمانات القانونية كذلك �أن الم�شرع الجبائي ح�صر ممار�سة حق‬
‫ال�شفعة ب�ش�أن العقارات والحقوق العينية العقارية التي تكون محل تفويت ر�ضائي‬
‫بين الأحياء‪� ،‬سواء بعو�ض �أو بدون عو�ض مما يدل على �أنه ق�صد ح�صر نطاقها من‬
‫حيث العمليات المخاطبة ب�أحكام هذه الم�سطرة‪ ،‬وبالتالي ف�إنه ال ي�سوغ التو�سع‬
‫في ذلك �أمام �صراحة هذا الن�ص‪ ،‬وهي �ضمانة �أخرى ن�ص عليها الت�شريع الجبائي‬
‫في هذا ال�ش�أن �إذ �أن الم�شرع بعدما حدد نطاقها ا�شترط �أن تكون عملية التفويت‬
‫‪ -‬نقل الملكية ‪ -‬ر�ضائية‪� ،‬أي �أنه ا�ستثنى البيوع الجبرية‪ ،‬وقد �سبق �أن �أو�ضحنا‬
‫مبررات ذلك في �أعاله‪.‬‬
‫كما �أ�ضاف الم�شرع �ضمانة �أخرى تتمثل في �ضرورة �إ�شعار الإدارة الملزم ‪-‬‬
‫الم�شتري ‪ -‬ب�أداء الواجبات التكميلية المفرو�ضة بناء على تقديرها وبالتالي ف�إنه‬
‫ال يت�أتى لها متابعة الم�سطرة �إال بعد �إثبات تعذر الح�صول على هذه الواجبات‬
‫بالمرا�ضاة‪ ،‬ورف�ض الملزم �أداءها‪.‬‬
‫لكن ما يعاب في هذا ال�صدد هو �أن الم�شرع المغربي لم يحدد الأجل الذي‬
‫يتعين فيه على الملزم �أداء الواجبات المقدرة من طرف الإدارة الجبائية مما يعني‬
‫�أن الأجل المذكور يبقى تحديده بيد هذه الأخيرة وقد يكون غير كاف بالن�سبة‬
‫للملزم‪� ،‬أو قد تتع�سف الإدارة في ذلك بمنحه �أجال ق�صيرا ي�صعب معه توفير‬
‫هذه الواجبات‪ ،‬وبالتالي اللجوء �إلى متابعة م�سطرة ال�شفعة‪ ،‬مما ي�ؤدي �إلى �إفراغ‬
‫ممار�سة هذه الم�سطرة من محتواها المتمثل في محاربة ظاهرة النق�صان في الثمن‬
‫لت�صبح نوعا من النزع الجبري للملكية‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫مما يتعين معه على الت�شريع الجبائي التدخل لتحديد �أجل معقول ومنا�سب‬
‫تراعى فيه م�صلحة الملزم وم�صالح الإدارة الجبائية‪.‬‬
‫ويبقى �أمر ال�سلطة التقديرية للإدارة ب�ش�أن تحديد القيمة التجارية للعقار �أو الحق‬
‫العيني العقاري المراد ا�ست�شفاعه‪� ،‬أمرا غير مرحب به في نف�سية الملزم‪ ،‬باعتبار �أن‬
‫حدودها غير وا�ضحة المعالم علما �أن ن�ص المادة ‪ 143‬جاء ب�صيغة «‪� ...‬إذا بدا له‬
‫�أن ثمن البيع الم�صرح به �أو الت�صريح التقديري ال ينا�سب القيمة التجارية للعقار‬
‫وقت التفويت‪ »...‬علما �أن حدود الرقابة الق�ضائية ب�ش�أن �سلطتها التقديرية بهذا‬
‫ال�صدد تبقى متال�شية وغير متوفرة �إطالقا بحكم عدد وجود ن�ص قانوني يخول‬
‫للق�ضاء �أي رقابة عليها بهذا ال�ش�أن‪ ،‬وهو ما �سار عليه كل من االجتهادين الق�ضائيين‬
‫الفرن�سي والمغربي و�إن كانت �أحكام هذا الأخير في هذا ال�صدد فريدة ويتيمة‬
‫بحكم قلة الق�ضايا المعرو�ضة عليه بهذا ال�صدد‪ ،‬و�سنقف ب�شيء من التف�صيل عند‬
‫ذلك في المطلب الثاني من هذا البحث‪.‬‬
‫ومن بين ال�ضمانات الإجرائية الأخرى التي متع بها الم�شرع الجبائي الملزم في‬
‫هذا الإطار‪ ،‬ربط ممار�سة حق ال�شفعة ب�أجل ‪� 6‬أ�شهر‪ ،‬واعتباره �أجل �سقوط‪� ،‬إذ‬
‫ال يمكن للإدارة اللجوء �إليه بعد ان�صرام هذا الأجل ابتداء من تاريخ الت�سجيل‪،‬‬
‫ف�ضال عن �إلزامه الإدارة ب�ضرورة �أداء الثمن وكذا واجبات الت�سجيل وتكاليف‬
‫العقد على �أ�سا�س ‪ % 5‬من الثمن الم�صرح به �أو القيمة التجارية المثبتة داخل �أجل‬
‫�شهر من تاريخ تبليغ مقرر ال�شفعة تحت طائلة ترتيب الفوائد القانونية‪ ،‬وهي �ضمانة‬
‫لفائدة الملزم لتفادي تماطل الإدارة في �أداء ثمن التفويت وكذا باقي الم�صاريف‬
‫الأخرى‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬الحماية الق�ضائية للملزم‬
‫�إن التف�صيل ب�ش�أن الحماية الق�ضائية المقررة للملزم �أثناء ممار�سة م�سطرة‬
‫ال�شفعة‪ ،‬تقت�ضي ب�شكل �أولي تج�سيد الم�ساطر الق�ضائية التي يكون من حق الملزم‬
‫اللجوء �إليها في هذا الإطار‪ ،‬وكذا تحديد طبيعة ونوعية الدعاوى المرفوعة �أمام‬
‫المحاكم للمنازعة ب�ش�أن هذه الم�سطرة‪ ،‬ثم بعد ذلك محاولة ا�ستجالء مختلف‬

‫‪328‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الأ�س�س والو�سائل المعتمدة في بع�ض الدعاوى المثارة في �ضوء الأحكام‬


‫والقرارات المتوفرة ومحاولة ا�ست�شراف بع�ض الو�سائل الممكن اعتمادها من قبل‬
‫المخاطبين بهذه الم�سطرة‪.‬‬
‫وتجدر الإ�شارة ب�شكل �أولي على �أن الم�شرع ال�ضريبي كما �سلف بيانه قد منح‬
‫للإدارة الجبائية �آليتين �أ�سا�سيتين لمراقبة الأثمنة الم�صرح بها في العقود‪ ،‬الأولى‬
‫تتعلق بحق المراقبة(‪ )1‬المحدد في المواد من ‪ 217‬وما يليه من المدونة العامة‬
‫لل�ضرائب‪ ،‬والثانية تتمثل في تخويلها الحق في ممار�سة حق ال�شفعة طبقا لما تن�ص‬
‫عليه المادة ‪ 143‬من ذات المدونة وباقي الن�صو�ص ذات ال�صلة‪� ،‬إال �أنه �إذا كان‬
‫الم�شرع قد حدد �آليات المنازعة الق�ضائية بخ�صو�ص حق المراقبة‪ ،‬ف�إنه على العك�س‬
‫من ذلك بالن�سبة لممار�سة حق ال�شفعة لم يحدد الم�سطرة القانونية الواجبة االتباع‬
‫للمنازعة في قرار ال�شفعة المتخذ من طرف الإدارة الجبائية‪.‬‬
‫�إال �أن الم�ستقر ق�ضاء هو �أنه ما دام قرار ال�شفعة �صادرا عن �سلطة �إدارية‪،‬‬
‫ويت�سم بالنفاذ وي�ؤثر في المركز القانوني للملزم‪ ،‬ف�إن �إمكانية الطعن فيه عن طريق‬
‫دعوى الإلغاء �أمام الق�ضاء تبقى مت�أتية وهو ما �سلكته المحكمة الإدارية بوجدة في‬
‫حكمها عدد ‪ 331‬وتاريخ ‪ 2010/7/01‬في الملف عدد ‪ 5/2009/32‬في ق�ضية �شركة‬
‫بروموال�صنوبر �ضد �إدارة ال�ضرائب‪ ،‬وكذا قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى‬
‫عدد ‪ 342‬وتاريخ ‪ 1978/8/11‬ملف �إداري عدد ‪ 47524‬الذي قبل فيه الطعن الموجه‬
‫�ضد القرار ال�صادر عن وزير المالية ب�شفعة عقار‪ ،‬في ق�ضية �صالح الح�سوني �ضد‬
‫وزير المالية‪.‬‬
‫وبذلك تبقى �آلية الرقابة عن طريق دعوى الإلغاء المخولة للملزم للمنازعة في‬
‫مقرر ال�شفعة المتخذ من طرف الإدارة الجبائية ت�شكل وبحق �ضمانة �أ�سا�سية يمكن‬
‫اللجوء �إليها كلما تبين له �أن مقرر ال�شفعة المذكور م�شوب ب�أي عيب من عيوب‬
‫الم�شروعية المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 20‬من قانون ‪ 90/41‬المتعلق ب�إحداث‬
‫المحاكم الإدارية‪.‬‬
‫(‪ )1‬وهي �آلية تعطي للإدارة الحق في مراقبة وت�صحيح الأ�س�س ال�ضريبية ا�ستنادا �إلى م�سطرة تواجهية بين الإدارة‬
‫والملزم وفق م�ساطر معينة يتعين التقي دبها تحت طائلة ترتيب الآثار القانونية المقررة قانونا‪.‬‬

‫‪329‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وا�ستنادا �إلى كل ما ذكر ف�إنه يبقى من حق المعني بالأمر اعتماد العيوب الخم�سة‬
‫الم�شار �إليها في المادة ‪ 20‬المذكورة كلما تبين له �أن مقرر ال�شفعة م�شوب ب�إحداها‬
‫والمطالبة ب�إلغاءه على �أ�سا�سها‪.‬‬
‫وفي نف�س الإطار ف�إنه يت�ضح من القرارات والأحكام ال�صادرة ب�ش�أن المنازعة‬
‫في مقرر ال�شفعة �أن الم�ساطر التي مور�ست تمت في �إطار دعوى الإلغاء والتي‬
‫يمكن �إجمالها بحكم قلتها في ‪:‬‬
‫• ق�ضية المعهد الديني الكاثوليكي الإ�سباني بتطوان‪ ،‬والتي �أ�س�ستها الجهة‬
‫الطاعنة على و�سيلة االنحراف في ا�ستعمال ال�سلطة‪ ،‬على اعتبار �أن‬
‫الإدارة الجبائية كانت لها نية م�سبقة في ممار�سة ال�شفعة وذلك باتفاق بين‬
‫�إدارة الت�سجيل ووزارة التربية الوطنية من �أجل تحويل المعهد �إلى ثانوية‬
‫و�أنه كانت هناك رغبة من وزارة التربية الوطنية القتناء العقار‪ ،‬وبعد عر�ض‬
‫النزاع �أمام المجل�س الأعلى الغرفة الإدارية �أ�صدرت قرارها بوقف تنفيذ‬
‫مقرر ال�شفعة �إال �أن دعوى المو�ضوع لم يتم البت فيها لتقديم تنازل من‬
‫طرف الجهة الطاعنة‪.‬‬
‫• ق�ضية �صالح الح�سوني �ضد وزير المالية والتي قدمت كذلك في �إطار‬
‫دعوى الإلغاء باعتماد و�سيلتين‪ :‬هما خرق القانون‪ ،‬واالنحراف في‬
‫ا�ستعمال ال�سلطة‪ ،‬وقد بتت فيها الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى بالرف�ض‪.‬‬
‫• ثم ق�ضية �شركة برومو ال�صنوبر �ضد وزير المالية والتي عر�ضت على‬
‫المحكمة الإدارية بوجدة و�صدر ب�ش�أنها الحكم عدد ‪ 331‬بتاريخ ‪2010/7/01‬‬
‫وقد �أ�س�ست الجهة الطاعنة طعنها في مقرر ال�شفعة على و�سيلتين هما مخالفة‬
‫الإدارة للقانون فيما يخ�ص فر�ض الواجبات التكميلية والجزاءات المطبقة‪،‬‬
‫وكذا االنحراف في ا�ستعمال ال�سلطة بعلة �أن الإدارة قد بالغت في تقدير‬
‫القيمة التجارية للعقار مو�ضوع قرار ال�شفعة و�أنها تع�سفت في ا�ستعمال‬
‫حقها طالما لها الحق في �سلوك م�سطرة الت�صحيح‪.‬‬

‫‪330‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ومن جهة �أخرى ف�إنه يمكن للجهة الطاعنة في مقرر ال�شفعة التم�سك بو�سائل‬
‫�أخرى من قبيل عدم اخت�صا�ص الجهة الم�صدرة له طالما �أن الم�شرع �أعطى‬
‫�صالحية اتخاذ هذا القرار �إلى ال�سيد وزير المالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض �إليه ذلك‬
‫و�أن �صدوره عن �شخ�ص غير وزير المالية ودون تفوي�ض يجعل القرار مو�صوفا‬
‫بعيب عدم االخت�صا�ص كما يمكن �أن تعتريه باقي العيوب الأخرى كعيب ال�شكل‬
‫�أو عيب ال�سبب‪.‬‬
‫وتبقى الو�سيلة الأ�سا�سية التي �أثيرت �أمام الق�ضاء الإداري بخ�صو�ص ممار�سة‬
‫الإدارة لحق ال�شفعة مرتبطة �أ�سا�سا �سلطة الإدارة في تقدير القيمة التجارية للعقار‬
‫محل ال�شفعة‪ ،‬ومن تم يطرح الت�سا�ؤل حول �صدور هذه ال�سلطة الممنوحة للإدارة‬
‫وكذا مدى �إمكانية مراقبتها في هذا ال�صدد؟‬
‫فبالرجوع �إلى المادة ‪ 143‬من المدونة العامة لل�ضرائب يت�ضح ب�أن الم�شرع قد‬
‫�أعطى لإدارة ال�ضرائب �إمكانية ممار�سة ال�شفعة كلما بدا لها �أن ثمن البيع الم�صرح‬
‫به �أو الت�صريح التقديري ال ينا�سب القيمة التجارية للعقار محل التفويت وخولها‬
‫بمقت�ضى نف�س المادة �أحقية تحديد الواجبات المفرو�ضة بناء على تقديرها‪.‬‬
‫ومن تم تت�ضح تلك ال�سلطة التقديرية الوا�سعة الممنوحة للإدارة في هذا ال�صدد‬
‫والتي ال يمكن ب�أي حال ر�سم حدودها طالما �أن الم�شرع خولها ال�صالحية الكاملة‬
‫في ذلك وهو ما ا�ستقر عليها االجتهاد الق�ضائي المغربي في قراره عدد ‪ 342‬الم�شار‬
‫�إليه �سلفا‪ ،‬وكر�سته المحكمة الإدارية بوجدة في حكمها الأخير الموم�أ �إليه �أعاله‪،‬‬
‫والتي جاء في حيثيات حكمها �أن �أمر تقدير القيمة الحقيقية يبقى �أمرا موكوال‬
‫للإدارة ولم يقيده الم�شرع ب�أي �شروط معينة‪ ،‬كما لم يعط للقا�ضي الإداري �أي‬
‫رقابة على �سلطتها التقديرية في هذا ال�ش�أن‪ ،‬عك�س ما هو عليه الأمر في م�سطرة‬
‫الت�صحيح والمراجعة‪ ،‬وبالتالي ف�إن حق الإدارة بهذا ال�صدد يبقى مطلقا كلما بدا‬
‫لها �أن ثمن البيع الم�صرح به �أو الت�صريح التقديري ال ينا�سب قيمة العقار‪ ،‬وقد‬
‫ا�ستبعدت المحكمة جميع عقود المقارنة المدلى بها من طرف الطاعنة‪.‬‬
‫وفي نف�س االتجاه �سار الق�ضاء الفرن�سي في مجموعة من الأحكام والقرارات‬

‫‪331‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫ال�صادرة عن محاكمه والتي �أ�س�ست على �أن ال�سلطة الق�ضائية لي�ست لها ال�صالحية‬
‫لت�أمر ب�إجراء خبرة لمراقبة النق�صان في الثمن الذي يبرر ممار�سة حق ال�شفعة‪.‬‬
‫وفي حكم �آخر ذهبت �إلى �أن حق ال�شفعة يمكن �أن يمار�س تقديريا دون الرجوع‬
‫�إلى ال�سلطة الق�ضائية‪ ،‬التي ال تتوفر على القدرة في التقييم و�إثبات وجود نق�صان‬
‫في الثمن‪ ،‬بمعنى �آخر �أن الإدارة ال �ستعمل �شيئا �آخر عند ممار�ستها لحق ال�شفعة‬
‫غير �ضمان تنفيذ القوانين المالية‪ ،‬والتي هي الأخرى تعتبر من النظام العام‬
‫لكن تبقى �صالحية الق�ضاء للبحث في الدوافع الخفية لممار�سة حق ال�شفعة‬
‫ممكنة باعتبار �أن حياد الإدارة عن الغاية والهدف اللذين على �أ�سا�سهما تم تقرير‬
‫ممار�سة هذا الحق يبقى �أمرا �ضروريا �شريطة تم�سك الطاعن بذلك و�إثبات انحراف‬
‫الإدارة في ا�ستعمال �سلطتها بهذا ال�ش�أن‪ ،‬و�إثبات �أن هدفها لم يكن هو محاربة‬
‫النق�صان في الثمن الم�صرح به و�إنما ينطوي على نزع جبري للملكية‪.‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬
‫�إن هذه المداخلة �شكلت باخت�صار محاولة لر�صد مختلف النقط التي ارت�أينا‬
‫�أنها جديرة بالمناق�شة في مو�ضوع ال�شفعة في المجال الجبائي‪ ،‬والذي بقدر ما‬
‫قلت ممار�سته عمليا قلت الدعاوى ب�ش�أنه‪ ،‬وكذا الدرا�سات الفقهية‪ ،‬ونتمنى �أن‬
‫تكون هذه الدرا�سة بوابة لفتح باب النقا�ش لتجاوز جميع النقائ�ص التي يعرفها‬
‫الت�شريع بهذا ال�صدد‪ ،‬بهدف �ضمان التوازن بين غريمين تقليديين هما الإدارة‬
‫الجبائية والملزم‪.‬‬
‫كما يطرح الت�سا�ؤل في هذا الإطار حول ما �إذا كانت م�سطرة المراقبة والت�صحيح‬
‫ت�ضمن نف�س النتائج للإدارة الجبائية‪ ،‬في �إطار تواجهي مع الملزم‪ ،‬فهل لم يحن‬
‫الوقت �أمام هذا الو�ضع لإلغاء المقت�ضيات المتعلقة بممار�سة حق ال�شفعة على‬
‫غرار القانون الجبائي الفرن�سي الذي �ألغى الف�صل ‪ 18‬من كتاب الم�ساطر الجبائية‬
‫الفرن�سي الموازي للف�صل ‪ 143‬من المدونة العامة لل�ضرائب وذلك بمقت�ضى‬
‫القانون ‪ 96-1081‬وتاريخ ‪1996-12-30‬؟‪.‬‬

‫‪332‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�إ�شكاليات �أجل الطعن في المادة ال�ضريبية‬


‫(الف�صل ‪ 242‬من المدونة نموذجا)‬
‫الأ�ستاذ �أنا�س ال�سبتي‬
‫م�ست�شار مقرر بالمحكمة الإدارية بمكنا�س‬

‫تعتبر ال�ضرائب في جميع الأنظمة االقت�صادية �أهم م�صدر لتمويل ميزانيات‬


‫الدولة ولما تحتله ال�ضرائب من مكانة مميزة باعتبارها العن�صر الفعال في �إنعا�ش‬
‫الحياة االقت�صادية واالجتماعية بالبالد و�ضمان ال�سير العادي لدواليب الدولة‪ ،‬فقد‬
‫عهد الم�شرع الجبائي لل�سلطة العامة ممثلة في �إدارة ال�ضرائب والخزينة وبالمقابل‬
‫�سن �ضمانات لها قواعد �إجرائية تقنن مجال تدخلها للمحافظة على حقوق الخزينة‬
‫وبالمقابل �سن �ضمانات قانونية للخا�ضعين لل�ضريبة لحمياتهم من كل تع�سف �أو‬
‫�شطط وهاته المعادلة بين الحقوق المالية للدولة والأفراد تهدف بالأ�سا�س �إلى‬
‫تحقيق عدالة �ضريبية تقوم على الحفاظ على حقوق الخزينة وال�ضمانات المخولة‬
‫للملزمين في �إطار الت�شريع الجبائي ومعلوم �أن حدوث �إخالل بهذه ال�ضمانات‬
‫تفتح الباب للمنازعة �سواء الإدارية �أو الق�ضائية فح�سب الحاالت ويعتبر �أجل‬
‫الطعن في جميع الأنظمة القانونية مفتاح هذه المنازعة �إذ �أن جميع الت�شريعات‬
‫ب�سنها لآجال الطعن بالن�سبة لكثير من المجاالت الهدف منه ا�ستقرار الأو�ضاع‬
‫القانونية وحماية الحقوق المكت�سبة ومن �شانها �ضمان التوازن بين الن�شاطات‬
‫الإدارية وحقوق الخوا�ص الذين ال ينبغي �أن يتركوا عر�ضة لأجوبة تماطلية من‬
‫�ش�أنها �أن تن�سيهم �أجل الطعن بالإلغاء‪ ،‬وبالتالي �سيعتبر ذلك بالن�سبة �إليهم عبثا(‪.)1‬‬
‫وبالتالي ف�إن تزايد المنازعات ال�ضريبة وتالحق القوانين المالية جعلت القا�ضي‬
‫الإداري وهو يبت في النزاعات الجبائية يتعر�ض لإ�شكالية �أجل المنازعة �سواء‬
‫(‪ ) 1‬الأ�ستاذ عبد القادر باينة‪ ،‬تطبيقات الق�ضائي الإداري بالمغرب‪� ،‬ص ‪.53‬‬

‫‪333‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الإدارية �أو الق�ضائية خا�صة من خالل قوانين المالية التي ما فتئت تعدل �أجل الطعن‬
‫الق�ضائي ب�صفة خا�صة �إلى �أن و�صلت �إلى تكري�سه �ضمن الف�صل ‪ 242‬من المدونة‬
‫العامة لل�ضرائب بل عملت على جمع �شتات الن�صو�ص ال�ضريبية �ضمن هذه‬
‫المدونة ومن هنا �سوف تتعر�ض في �إطار الإ�شكاليات التي تطرحها هاته المادة من‬
‫خالل روافد تطبيقا خا�صة الطعن في مقررات اللجنة المحلية والوطنية‪.‬‬
‫المبحث الأول ‪� :‬إ�شكالية الطعن في مقرر اللجنة الوطنية‬

‫با�ستقراء التطور الزمني لإ�شكالية الطعن في مقررات اللجنة الوطنية نجد �أن‬
‫الف�صل ‪ 41‬من قانون ال�ضريبية على ال�شركات المحال عليه بموجب الف�صل ‪107‬‬
‫من قانون ‪ 89/10‬نجده ين�ص قبل تعديل قانون المالية ل�سنة ‪ 2001‬على �أنه يمكن‬
‫للملزم �أن ينازع �أمام الق�ضاء داخل �أجل ال�ستين يوما التالية لتاريخ و�ضع الأمر‬
‫بالتح�صيل مو�ضع التنفيذ الناتج عن تطبيق مقرر اللجنة الوطنية كما خول للإدارة‬
‫حق الطعن �أمام المحاكم داخل الأجل نف�سه في مقررات اللجنة الوطنية للنظر في‬
‫الطعون ال�ضريبية متى بتت هاته الأخيرة بغير وجه حق في م�سائل قانونية‪ ،‬وقد تم‬
‫تعديل الف�صل المذكور بقانون المالية ل�سنة ‪ 2001‬الذي �أ�ضاف مقت�ضيات جديدة‬
‫حين خول لكل من الإدارة والملزم حق الطعن في مقرر اللجنة الوطنية داخل‬
‫�أجل �ستين ويما من تاريخ تبليغه �إذا لم يترتب عن قرار اللجنة الوطنية �إ�صدار‬
‫�أمر بالتح�صيل وقد �أخ�ضعت المادة المذكورة من جديد للتعديل بموجب قانون‬
‫المالية ل�سنة ‪ 2003‬الذي ن�صت في فقرتها الأخيرة على �أنه يمكن �أن تنازع الإدارة‬
‫�أمام المحاكم داخل الأجل نف�سه (‪ 60‬يوما) من مقررات اللجنة الوطنية المتعلقة‬
‫بال�ضريبة �سواء تعلق الأمر بم�سائل قانونية �أو واقعية وعندما ال يترتب على المقرر‬
‫�إ�صدار �أمر بالتح�صيل ثم بعد ذلك بتعديل �آخر بمقت�ضى المادة ‪ 35‬من كتاب‬
‫الم�ساطر الجبائية المحدث بموجب المادة ‪ 22‬من قانون المالية رقم ‪ 26-04‬ل�سنة‬
‫‪ 2005‬عندما ن�صت عليه يمكن �أن تنازع الإدارة عن طريق المحاكم داخل نف�س‬
‫الأجل في القرارات ال�صادرة عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون ال�ضريبية �أو‬

‫‪334‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫تعلقت هذه القرارات بم�سائل قانونية �أو فعلية و�أن الم�شرع لم يقف عن هذه‬
‫التعديالت بل كر�س �أجل الطعن مقت�ضيات المادة ‪ 242‬من المدونة العامة لل�ضرائب‬
‫التي كانت تقابلها الفقرة الثالثة من المادة ‪ 35‬من كتاب الم�ساطر الجبائية التي‬
‫ن�صت انه يمكن كذلك للإدارة �أن تنازع عن طريق المحاكم داخل الأجل المذكور‬
‫ح�سب الحالة في الفقرة الأولى �أو الثانية �أعاله في القرارات ال�صادرة عن اللجنة‬
‫الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة �سواء تعلقت هذه القرارات بم�سائل‬
‫قانونية �أو واقعة‪ ،‬فمن خالل هذه المحطات التي عرفتها نظرية الأجل فيما يخ�ص‬
‫الطعن في مقررات اللجنة الوطنية يقت�ضي معرفة الطبيعة القانونية لمقرر اللجنة‬
‫الوطنية في مواجهة الملزم قبل �صدور الأمر بالتح�صيل قبل التعديل و�إ�شكالية‬
‫الطعن فيه بالإلغاء‪.‬‬
‫‪� - 1‬إ�شكالية �إمكانية الطعن في قرار اللجنة بالإلغاء قبل �صدور الأمر‬
‫بالتح�صيل ‪:‬‬

‫�إن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون ال�ضريبية تعتبر لجنة تحكيمية و�ضمانة فعلية‬
‫للملزم الغاية من �إحداثها منح الملزمين �ضمانة �إ�ضافية تتمثل في تقدير نقط واقعية‬
‫في �إطار م�سطرة �سريعة ومجانية ت�ساعد على تحديد �أ�سا�س ال�ضريبة‪ ،‬وبهذا المعنى‬
‫لئن كان هيئة �إدارية وعملها و�صبغة �إدارية تحكيمية فهي ال ت�صدر قرارات �إدارية‬
‫بمفهوم القرار الإداري القابل للطعن بالإلغاء في مواجهة الملزم كما �أنها ال ت�صدر‬
‫قرارات �إدارية منف�صلة عن عملية ربط ال�ضريبة حتى تكون محال للطعن بالإلغاء‬
‫لذلك �إذا �أخذنا المنازعات الجبائية التي تندرج �ضمن الق�ضاء ال�شامل ف�إن هذا‬
‫ال ينبغي عن بع�ض القرارات الجبائبة �صبغة القرار الإداري كالقرارات ال�صادرة‬
‫عن المجل�س في �شكل مداولة التي من �شانها �إحداث ر�سوم بلدية التي تعبر‬
‫قرارات منف�صلة من عملية ربط ال�ضريبة يمكن الطعن فيها بالإلغاء لتجاوز ال�سلطة‬
‫لذلك فالقرارات ال�صادرة عن اللجنة الوطنية التي من �شانها �أن تترجم �إلى �أوامر‬
‫بالتح�صيل ال يمكن اعتبارها قرارا �إداريا منف�صال عن عملية ربط ال�ضريبة‪ ،‬حيث‬

‫‪335‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫يعتبر مقررها غير قابل للف�صل عن م�سطرة فر�ض ال�ضريبة وهو مرحلة من مراجل‬
‫ت�أ�سي�سها في �إطار م�سطرة المراجعة هذا من جهة ومن جهة �أخر ال يرقى �إلى درجة‬
‫القرار الإداري القابل للطعن بالإلغاء لكونه ال يكت�سي �أية �صبغة تنفيذية في مواجهة‬
‫الملزم ويعتبر غير قابل للتنفيذ في حقه و�أن الذي يترجمه �إلى قرار تنفيذي هو‬
‫الأمر بالتح�صيل بالن�سبة للملزم ولي�س المقرر ال�صادر عن اللجنة الوطنية قبله‪.‬‬
‫ومن هنا ف�إن العمل الق�ضائي على اعتبار �أن مقرر اللجنة الوطنية الذي من �ش�أنه‬
‫�أن يترجم �إلى �أمر بالتح�صيل الحقا في مواجهة الملزم غير قابل للطعن بالإلغاء فال‬
‫هو بالقرار الإداري الم�ستوف لجميع �شروط ومقومات القرار الإداري وال هو‬
‫بالقرار المنف�صل عن عملية ربط ال�ضريبة وهذا ما ذهبت �إليه المحكمة الإدارية‬
‫بوجدة �إال القول بعدم قبول الطعن(‪.)2‬‬
‫غير �أن المجل�س الأعلى ذهب في منحى �آخر و�أجازت الغرفة الإدارية الطعن‬
‫في مقررات اللجنة الوطنية وق�ضت بقبولها و�إرجاع الملف �إلى المحكمة لتبت‬
‫فيه من جديد وعللت قراراها بما يلي(‪ : )3‬حيث �إن الن�صو�ص القانونية المتعلقة‬
‫بال�ضريبة العامة على الدخل وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة الف�صل ‪� 46‬أو ال�ضريبة‬
‫على ال�شركات الف�صل ‪ 41‬و�إن كانت تخول الملزم بال�ضريبة �إمكانية الطعن فيها‬
‫�أمام الق�ضاء خالل �أجل �شهرين من تاريخ �إ�صدار الأمر بتح�صيلها تبعا لمقرر‬
‫اللجنة الوطنية ال�شيءالذي يوحي ب�أن هذا الطعن ال يمكن �أن يقوم �إال �إذا و�ضع‬
‫مقرر اللجنة الوطنية مو�ضع ال�سكين �إال �أن الن�صو�ص المذكورة تخول لإدارة‬
‫ال�ضرائب �صالحية الطعن �أمام الق�ضاء في مقررات اللجنة الوطنية �سواء اقت�صرت‬
‫على البت في م�سائل قانونية �أو واقعية غذ �أن الأ�صل في الطعون هو الإباحة وقد‬
‫�أوجب الم�شرع �أن تكون مقررات اللجنة الوطنية معللة و�أن يتم تبليغها للطرفين‬
‫بر�سالة م�ضمونة مع الإ�شعار بالتو�صل الف�صل ‪ 46‬من ق �ص ق م‪.‬‬
‫(‪ )2‬حكم �إدارية وجدة بالملف ‪ 873/97‬بتاريخ ‪.3/6/1998‬‬
‫(‪ ) 3‬قرار الغرفة الإدارية عدد ‪ 25‬بتاريخ ‪� 2000/10/7‬أورده ذ‪ .‬محمد الق�صري الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستيناف‬
‫الإدارية بالرباط في مقال م�سطرة فر�ض ال�ضريبية �أية �ضمانات (غير من�شور)‪.‬‬

‫‪336‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وحيث �إن هدف الم�شرع هو و�ضع توازن بين حقوق الإدارة وحقوق الملزم‬
‫وتمكين هذا الأخير من عر�ض مقررات اللجنة الوطنية في جميع الأحوال على‬
‫مراقبة الق�ضاء لأن �إدارة ال�ضرائب يمكنها �أن تحول على المقررات �إلى �أوامر‬
‫قابلة للتنفيذ بقوة القانون مما يعني �أن المقررات المذكورة ت�شكل في حد ذاتها‬
‫تحديدا للملزم بال�ضريبة ومن م�صلحته الطعن فيها وال �شيء في القانون يلزمه‬
‫بانتظار تحويل مقرر اللجنة الوطنية �إلى �أمر باال�ستخال�ص‪.‬‬
‫ويالحظ �أن الغرفة الإدارية قد �أجازت الطعن في مقرر اللجنة الوطنية قبل‬
‫و�ضع الأمر بتح�صيل ال�ضريبة حوله لقرار �إداري في �إطار تحقيق مبد�أ التوازن بين‬
‫الملزم والإدارة‬
‫وقاعدة �إجازة الطعن‪� ،‬إال �أن هذا االتجاه الذي ذهبت �إليه الغرفة الإدارية يمكن‬
‫�أن يتعار�ض ومقت�ضيات المادة ‪ 41‬من قانون ال�ضريبة على ال�شركات والإ�شكاليات‬
‫التي يمكن �أن تواجه الملزم حين مبا�شرته للطعن في قرار اللجنة الوطنية كقرار‬
‫�إداري و�إمكانية �إ�صدار الإدارة للأمر بالتح�صيل ال�شيء الذي جعل جانب من‬
‫الباحثين �إلى �ضرورة التم�سك بحرفية ن�ص المادة ‪ 41‬و‪ 46‬من قانون ال�ضريبة على‬
‫القيمة الم�ضافة‪� ،‬إال �أن هذه الإ�شكاليات �أجل الطعن �سيعمل الم�شرع على تفاديها‬
‫بمقت�ضى قانون الم�ساطر الجبائية كما �سبقت الإ�شارة �إلى ذلك و�أخيرا الف�صل ‪242‬‬
‫من المدونة العامة لل�ضرائب‪.‬‬
‫�أجل الطعن في مقررات اللجان ال�ضريبية طبقا للف�صل ‪ 242‬من‬
‫المدونة العامة لل�ضرائب و�إ�شكاليته‪:‬‬

‫بالرجوع �إلى مقت�ضيات المادة ‪ 242‬من المدونة العامة لل�ضرائب التي تن�ص على‬
‫انه يجوز للخا�ضع لل�ضريبة �أن ينازع عن طريق المحاكم في ال�ضرائب المفرو�ضة‬
‫على �إثر القرارات ال�صادرة من اللجان المحلية لتقدير ال�ضريبة التي �أ�صبحت‬
‫نهائية �أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة وفي ال�ضرائب التي‬
‫تفر�ضها الإدارة تلقائيا باعتبار الأ�سا�س الذي بلغته ب�سبب ت�صريح اللجنة المذكورة‬
‫‪337‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫بعدم اخت�صا�صها وذلك داخل �أجل ال�ستين (‪ )60‬يوما الموالية لتاريخ �صدور‬
‫الأمر بالتح�صيل �أو قائمة �إيرادات �أوامر باال�ستخال�ص جاز تقديم الطعن الق�ضائي‬
‫داخل ‪ 60‬يوما الموالية لتاريخ تبليغ قرار اللجان المذكورة‪.‬‬
‫يمكن كذلك للإدارة �أن تنازع عن طريق المحاكم داخل الأجل المذكور ح�سب‬
‫الحالة في الفقرة الأولى والثانية �أعاله في القرارات ال�صادرة عن اللجنة الوطنية‬
‫للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة �سواء تعلقت هذه القرارات بم�سائل قانونية‬
‫�أو واقعية يت�ضح �أن مقت�ضيات المادة ‪ 242‬من المدونة عمدت �إلى تعديل المادة ‪35‬‬
‫من كتاب الم�ساطر الجبائية الذي كان يعتد باحت�ساب �أجل الطعن بالن�سبة للإدارة‬
‫من تاريخ تبليغ قرار اللجنة الوطنية �أو المحلية الذي �أ�صبح نهائيا ولم يتم الإ�شارة‬
‫�إلى فقرات المادة ‪ 35‬ال�شيء الذي كان معه العمل الق�ضائي يعتمد تاريخ تبليغ‬
‫قرار اللجنة الوطنية للإدارة دون التفات للأوامر بالتح�صيل �إذ �أن الم�شرع في‬
‫المادة ‪ 35‬الفقرة الثالثة تحدث عن �أجل �ستين يوما المخول للإدارة للطعن �إذ‬
‫تبت اللجنة في م�سائل قانونية �أو فعلية وقد جرى نقا�ش فقهي وا�سع حول ما هو‬
‫قانوني وفعلي �إذ في بع�ض الأحيان يختلط الواقعي بالقانوني لذا عمد الم�شرع‬
‫�إلى توحيد �أجل الطعن �ضد مقرر اللجنة الوطنية بالن�سبة للإدارة والملزم وحدد‬
‫هذا الأجل في �ستين يوما التالية لتاريخ �صدور الأمر بالتح�صيل �أو قائمة الإيرادات‬
‫�أو الأمر باال�ستخال�ص �إذا ترتب عن المقرر م�ستحقات �ضريبية �إال �أن العمل‬
‫الق�ضائي على م�ستوى الغرفة الإدارية في �إطار قراءته لمقت�ضيات الف�صل ‪ 35‬اعتبر‬
‫�أن الأجل الممنوح للإدارة من �أجل الطعن في مقرر اللجنة الوطنية هو �أجل ‪60‬‬
‫يوما التالية لتبليغ مقرر اللجنة الوطنية �سواء ترتب عنه �أمر بالتح�صيل �أو لم يترتب‬
‫عنه ذلك (قرار عدد ‪ 284‬بتاريخ ‪ 2009/04/29‬في الملف عدد ‪)2008/2/4/141‬‬
‫الذي جاء فيه «حيث ي�ستفاد من ا�ستقراء الفقرات الأربع للمادة ‪ 35‬من كتاب‬
‫الم�ساطر الجبائية المحتج بها ب�أن الملزم يجوز له �أن يطعن في مقرر اللجنة الوطنية‬
‫للنظر في الطعون ال�ضريبية �أو ال�ضرائب المفرو�ضة عليه على �إثر �صدور المقرر‬
‫المذكور‪� ،‬أما �إدارة ال�ضرائب فال يجوز لها �إال الطعن في مقرر اللجنة الوطنية‬

‫‪338‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫للطعون ال�ضريبية �سواء تعلقت بم�سائل قانونية �أو واقعية �أو في عمليات ت�صحيح‬
‫ال�ضرائب المفرو�ضة في �إطار الم�ساطر المن�صو�ص عليها في المادتين ‪ 12‬و‪ 15‬من‬
‫كتاب الم�ساطر الجبائية وداخل �أجل ال�ستين يوما التالية لتاريخ تبليغ القرار ال�صادر‬
‫عن اللجنة المذكورة وهو نف�س االتجاه الذي كر�سته بع�ض المحاكم الإدارية عند‬
‫نظرها لطعن الإدارة‪.‬‬
‫في حين نالحظ �أن قرار �آخر �صادر عن الغرفة الإدارية قد اعتبر لكل من الملزم‬
‫والإدارة الحق في الطعن وفق �أجلين �إما من داخل �أجل �ستين يوما من تاريخ‬
‫�صدور الأمر بالتح�صيل �أو قائمة الإيرادات �أو الأوامر باال�ستخال�ص �إذ ترتب عن‬
‫المقرر المطعون فيه م�ستحقات �ضريبية و�إما داخل �أجل �ستين يوما التالية لتاريخ‬
‫تبليغ مقرر اللجنة الوطنية �إذا لم يترتب عن هذا المقرر �أية م�ستحقات �ضريبية‬
‫والقرار عدد ‪ 52‬م�ؤرخ في ‪ 2008/01/23‬ملف عدد ‪ 2005/2/4/3173‬الذي ورد‬
‫في حيثياته �إذا كانت الفقرة الأولى من المادة ‪ 35‬من كتاب الم�ساطر الجبائية ل�سنة‬
‫‪ 2005‬تجيز لإدارة ال�ضرائب تقديم الطعن الق�ضائي داخل ال�ستين يوما ف�إن �سريان‬
‫هذا الأجل يبتدئ من تاريخ و�ضع الأمر بالتح�صيل مو�ضع التنفيذ‪ ،‬ولما كان من‬
‫الثابت من وثائق الملف �أن �صدور الأمر بالتح�صيل من طرف الإدارة كان بتاريخ‬
‫‪ 2005/02/28‬والدعوى قدمت بتاريخ ‪ 2005/04/25‬ف�إن الدعوى تكون قد قدمت‬
‫داخل �أجل ال�ستين يوما المن�صو�ص عليه في المادة ‪ 35‬المذكورة‪ ،‬و�أن المحكمة‬
‫لما ق�ضت بغير ذلك كان حكمها مجانبا لل�صواب ووجب الإلغاء‪.‬‬
‫من خالل هذين الموقفين للغرفة الإدارية للمجل�س الأعلى في تف�سير مقت�ضيات‬
‫المادة ‪ 35‬من كتاب الم�ساطر الجبائية تدخل الم�شرع بمقت�ضى المادة ‪ 5‬من قانون‬
‫المالية ل�سنة ‪ 2007‬ليعطي تف�سير للمقت�ضيات المنظمة لأجل طعن الإدارة في مقرر‬
‫اللجنة الوطنية وبذلك ن�ص في الفقرة الثالثة من الف�صل ‪ 242‬الم�شار �إليه �أعاله‬
‫�إلى �أجل طعن الإدارة عندما ن�ص على‪ ....« :‬يمكن كذلك للإدارة �أن تنازع عن‬
‫طريق المحاكم داخل الأجل المذكور ح�سب الحالة في الفقرة الأولى �أو الثالثة‬

‫‪339‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�أعاله في القرارات ال�صادرة عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون ال�ضريبية �سواء‬


‫تعلقت هذه القرارات بم�سائل قانونية �أو واقعية»‪.‬‬
‫وهذا التغيير ح�سب ر�أينا يخدم م�صلحة الغدارة التي تعمل في �إطار �إ�صدارها‬
‫لقوانين المالية على مبد�أ الفراغ الذي يم�س م�صالحها �إذ �أن الفقرة الثالثة من‬
‫الف�صل ‪ 242‬من المدونة العامة لل�ضرائب عمد �إلى التقليل من ال�ضمانات المخولة‬
‫للملزم �سواء على م�ستوى �أجل الطعن �إذ �أنها متعت في �إطار هذا الف�صل بقاعدة‬
‫الخ�صم والحكم فكيف نت�صور �أن اللجنة عند بتها في المنازعة ال�ضريبية والتي‬
‫�ستترتب عنها �أوامر بالتح�صيل �أن تمنح للإدارة الحق في الطعن �إلى حين �صدور‬
‫هذه الأوامر وو�ضعها مو�ضع التنفيذ وهي التي ت�صدر هذه الأوامر �إذ �أن الملزم‬
‫ح�سب مقت�ضيات الف�صل ‪ 242‬لي�س له الحق في هذه الحالة �إال ب�أن يطعن عند‬
‫�صدور الأمر بالتح�صيل في حين �أن الإدارة لها الحق في �أن تطعن قبل وبعد‬
‫�صدور الأمر بالتح�صيل‪ ،‬ثانيا �أن الإدارة ق�ضت م�صالحها بالفقرة الثالثة من المادة‬
‫‪ 242‬ذلك في حالة تبليغها قرار اللجنة وفوات �أجل الطعن ف�إنها ت�ستفيد من �صدور‬
‫الأوامر بالتح�صيل‪ ،‬ونظرا لما في الف�صل ‪ 242‬الفقرة الثالثة من عدم توازن بين‬
‫الملزم والإدارة �أن منحت لنف�سها حق اال�ستفادة من �أجل الطعن والتي هي �آجال‬
‫كاملة دون تحديد للم�سائل القانونية والفعلية التي تعتبر مناط نقل الإدارة من �آجال‬
‫التبليغ بقرار اللجنة الوطنية �إلى �صدور الأوامر بالتح�صيل‪ ،‬ولهذا ف�إن المنحى‬
‫الأول الذي اعتمدته الغرفة الإدارية في تف�سير �أجل الطعن نرى �أنه قريب �إلى‬
‫تحقيق العدالة الجبائية وخلق توازن بين م�صلحة الملزم والإدارة في ا�ستقرار‬
‫الأو�ضاع الإدارية‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�إيقاف تنفيذ �إجراءات التح�صيل‬


‫على �ضوء العمل الق�ضائي والت�شريع ال�ضريبي‬
‫الأ�ستاذين حلمي نفطاطة و�سمري نور‬
‫قا�ضيان بالمحكمة الإدارية بمراك�ش‬

‫خول الم�شرع المغربي للخزينة العامة للمملكة �صالحية تح�صيل الديون‬


‫العمومية‪ ،‬ومن �ضمنها ال�ضرائب والر�سوم‪ .‬ومنحها �سلطات وا�سعة ل�ضمان‬
‫ا�ستيفاء هذه الديون التي تمثل ن�سبة مهمة من مداخيل الدولة‪ ،‬ومن �أهم االمتيازات‬
‫المخولة لها في هذا الباب �إ�صداره لمدونة خا�صة بتح�صيل الديون العمومية‬
‫ت�ضمنت طرق التح�صيل الودي وطرق التح�صيل الجبري لديون الخزينة‪ ،‬وقد‬
‫عملت هذه المدونة على تجميع الن�صو�ص المت�ضمنة لعمليات ا�ستخال�ص الديون‬
‫العمومية التي كانت موزعة على الخ�صو�ص فيما بين ظهير ‪ 1935/08/21‬ب�سن نظام‬
‫للمتابعات في ميدان ال�ضرائب والر�سوم المماثلة والديون الأخرى التي ي�ستوفيها‬
‫م�أمورو الخزينة‪ ،‬وظهير ‪ 1924/11/22‬المتعلق بتح�صيل ديون الدولة‪.‬‬
‫ويق�صد بالتح�صيل طبقا لأحكام المادة الأولى من مدونة تح�صيل الديون‬
‫العمومية مجموع العمليات والإجراءات التي تهدف �إلى حمل مديني الدولة‬
‫والجماعات المحلية وهي�آتها والم�ؤ�س�سات العمومية على ت�سديد ما بذمتهم من‬
‫ديون بمقت�ضى القوانين والأنظمة الجاري بها العمل‪� ،‬أو ناتجة عن �أحكام وقرارات‬
‫الق�ضاء �أو عن االتفاقات‪.‬‬
‫والدين العمومي المعني ب�إجراءات التح�صيل التي �سنتها المدونة عرفته‬
‫المادة الثانية منها بال�ضرائب المبا�شرة والر�سوم المماثلة والحقوق والر�سوم‬
‫الجمركية وحقوق الت�سجيل والتمبر ومداخيل وعائدات �أمالك الدولة‪ ،‬وح�صيلة‬

‫‪341‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫اال�ستغالالت والم�ساهمات المالية للدولة‪ ،‬والغرامات والإدانات النقدية‪،‬‬


‫و�ضرائب ور�سوم الجماعات المحلية‪ ،‬و�سائر الديون الأخرى لفائدة الدولة‬
‫والجماعات المحلية والم�ؤ�س�سات العمومية التي يعهد بقب�ضها للمحا�سبين‬
‫المكلفين بالتح�صيل با�ستثناء الديون ذات الطابع التجاري‪.‬‬
‫وتتمتع الخزينة العامة في �إطار قيامها با�ستخال�ص الديون العمومية بامتيازات‬
‫ال�سلطة العامة بما فيها التنفيذ المبا�شر‪� ،‬إذ تن�ص الفقرة الأولى من المادة ‪ 117‬من‬
‫المدونة على �أنه «ب�صرف النظر عن �أي مطالبة �أو دعوى‪ ،‬ينبغي على المدينين‬
‫�أن ي�ؤدوا ما بذمتهم من �ضرائب ور�سوم وديون �أخرى طبقا لل�شروط المحددة‬
‫في هذا القانون»؛ كما تن�ص المادة ‪ 124‬من نف�س القانون على �أنه «ال يحق لأي‬
‫�سلطة عمومية �أو �إدارية �أن توقف �أو ت�ؤجل تح�صيل ال�ضرائب والر�سوم والديون‬
‫الأخرى‪� ،‬أو �أن تعرقل �سيره العادي‪ ،‬تحت طائلة �إثارة م�س�ؤوليتها ال�شخ�صية‬
‫المالية‪ ،‬وفق ال�شروط المحددة في ظهير ‪� 2‬أبريل ‪ 1955‬ب�ش�أن م�س�ؤولية المحا�سبين‬
‫العموميين»‪.‬‬
‫وقد خولت المدونة للخزينة العامة �صالحية اللجوء �إلى �إجراءات التح�صيل‬
‫الجبري في مواجهة الملزمين بعد �إر�سال �آخر �إ�شعار بدون �صائر كتذكير لهم‬
‫بميعاد الوفاء بالدين ال�ضريبي‪ ،‬وحددت المادة ‪ 39‬درجات التح�صيل الجبري‬
‫ح�سب الترتيب التالي‪ :‬الإنذار‪ ،‬الحجز‪ ،‬البيع‪ ،‬الإكراه البدني‪.‬‬
‫ويحدث �أن الملزم عندما تبا�شر في مواجهته �إجراءات التح�صيل الجبري‬
‫المذكورة �أن يعمد �إلى اللجوء �إلى الق�ضاء الإداري بغية �إيقاف هذه الإجراءات‬
‫ا�ستنادا �إلى عدة و�سائل منها عدم خ�ضوعه �أ�صال لل�ضرائب المفرو�ضة عليه‪� ،‬أو‬
‫منازعته في القدر المفرو�ض عليه واعتباره زائدا عن الحد الواجب والمقبول‪،‬‬
‫�أو منازعته في م�سطرة فر�ض تلك ال�ضرائب ومدى قانونيتها‪� ،‬أو في �إجراءات‬
‫تح�صيلها �إما لعدم احترام الإدارة تراتبية هذه الإجراءات �أو لتقادمها‪...‬‬

‫‪342‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وتثار بمنا�سبة لجوء الملزم �إلى الق�ضاء الإداري من �أجل �إيقاف �إجراءات‬
‫التح�صيل الجارية �ضده عدة �إ�شكاليات‪ ،‬منها ما هو مرتبط بال�شروط الواجب‬
‫توفرها فيها حتى تحظى بالقبول من طرف الق�ضاء‪ ،‬وهل ت�سري نف�س ال�شروط‬
‫التي ي�ستلزمها وقف الأداء المقدم �إلى المحا�سب المكلف بالتح�صيل على‬
‫طلبات �إيقاف التنفيذ المرفوعة �إلى الق�ضاء اال�ستعجالي؟ ومنها ما يتعلق ببع�ض‬
‫الإجراءات الخا�صة التي ت�سلكها الإدارة الجبائية ب�صنفيها (م�صالح الوعاء‬
‫والتح�صيل) وما تثيره من �إ�شكاالت كالإ�شعار للغير الحائز والحجز الموقع على‬
‫العقارات والبيوعات التي تن�صب على الأ�صول التجارية‪...‬‬
‫لذا وللإحاطة بهذه الإ�شكاليات وغيرها ذات ال�صلة بالمو�ضوع �أعاله‪ ،‬قررنا‬
‫تناوله من خالل ف�صلين‪� ،‬سيخ�ص�ص �أولهما لدرا�سة �شروط �إيقاف تنفيذ �إجراءات‬
‫التح�صيل الجبري‪ ،‬فيما �سيتم التطرق في الف�صل الثاني �إلى التطبيقات الق�ضائية‬
‫والإ�شكاليات القانونية التي تثيرها طلبات وقف التنفيذ �أمام الق�ضاء الإداري‪.‬‬
‫الف�صل الأول ‪� :‬شروط �إيقاف تنفيذ �إجراءات التح�صيل الجبري‬
‫تن�ص المادة ‪ 117‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية في فقرتها الثانية على‬
‫�أنه ‪« :‬يمكن للمدين الذي ينازع كال �أو بع�ضا في المبالغ المطالب بها �أن يوقف‬
‫�أداء الجزء المتنازع فيه‪� ،‬شريطة �أن يكون قد رفع مطالبته داخل الآجال المن�صو�ص‬
‫عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل‪ ،‬و�أن يكون قد كون �ضمانات من‬
‫�ش�أنها �أن ت�ؤمن تح�صيل الديون المتنازع فيها»‪.‬‬
‫و�إذا كانت هذه المقت�ضيات تتحدث عن طلبات �إيقاف الأداء التي تقدم �أمام‬
‫المحا�سب المكلف بالتح�صيل‪ ،‬فقد يختار الملزم طريقا �آخر للح�صول على �إيقاف‬
‫�إجراءات التح�صيل المبا�شرة �ضده‪ ،‬حيث يلج�أ �إلى الق�ضاء الإداري اال�ستعجالي‬
‫من �أجل ا�ست�صدار حكم بوقف تنفيذ تلك الإجراءات �إلى غاية البت في منازعته‬
‫المو�ضوعية من طرف المحكمة الإدارية كمحكمة مو�ضوع‪� ،‬سواء ان�صبت منازعته‬
‫هذه على �إجراءات الفر�ض �أو على �إجراءات التح�صيل‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫المبحث الأول ‪� :‬شروط �إيقاف الأداء على �ضوء �أحكام مدونة‬


‫التح�صيل‬
‫ا�شترطت المادة ‪ 117‬من المدونة توفر ثالثة �شروط من �أجل �إيقاف �أداء الجزء‬
‫المتنازع عليه من الدين العمومي‪ ،‬وهي ال�شروط التالية ‪:‬‬
‫‪� - 1‬أن يكون الدين متنازعا فيه �إما كال �أو بع�ضا‪.‬‬
‫‪� - 2‬أن يكون الطالب قد رفع مطالبته داخل الآجال المحددة قانونا‪ ،‬وهي‬
‫الآجال التي تختلف باختالف طبيعة المنازعة‪ ،‬ف�إن كانت في �أ�سا�س الدين‬
‫و�إجراءات فر�ضه‪ ،‬وجب على الملزم تقديم مطالبته �إلى م�صالح الوعاء‬
‫ال�ضريبي (�إدارة ال�ضرائب) داخل الأجل ووفق ال�شروط المحددة في‬
‫المدونة العامة لل�ضرائب‪� ،‬أما لو ان�صبت منازعته على �إجراءات تح�صيل‬
‫الدين‪ ،‬فهو ملزم ب�سلوك م�سطرة المطالبة المن�صو�ص عليها في المادة‬
‫‪ 120‬من مدونة التح�صيل‪.‬‬
‫‪� - 3‬أن يكون �ضمانات لت�أمين تح�صيل الدين المنازع فيه‪ ،‬وقد حددت المادة‬
‫‪ 118‬من المدونة بع�ض �أ�شكال ال�ضمانات الممكن عر�ضها على المحا�سب‬
‫المكلف بالتح�صيل‪.‬‬
‫وقد رتبت الفقرة الأخيرة من المادة ‪ 117‬الجزاء على الإخالل ب�أحد هذه‬
‫ال�شروط ون�صت على �أنه «عند عدم تكوين �ضمانات‪� ،‬أو عندما يعتبر المحا�سب‬
‫المكلف بالتح�صيل �أن ال�ضمانات المعرو�ضة غير كافية‪ ،‬ف�إنه يتابع الإجراءات �إلى‬
‫حين ا�ستيفاء الدين»‪ .‬وبذلك فالمحا�سب مخول في �إطار متابعة الإجراءات �إلى‬
‫اللجوء �إلى �إجراءات التح�صيل الجبري المن�صو�ص عليها في المادة ‪� 39‬أعاله؛‬
‫ومن بين ال�ضمانات المتطلبة لت�أجيل �أداء الدين العمومي والمحددة بالمادة ‪: 118‬‬
‫ال�سندات العمومية وغيرها من القيم المنقولة‪ ،‬الكفالة البنكية‪� ،‬سندات التخزين‪،‬‬
‫رهن الأ�صل التجاري‪ ،‬تخ�صي�ص عقار للرهن الر�سمي‪.‬‬
‫ويتعين على الملزم الراغب في �إيقاف الأداء �أن تكون ال�ضمانة المعرو�ضة‬
‫على القاب�ض كافية لت�أمين ا�ستخال�ص الدين المفرو�ض عليه‪ ،‬و�أن يكون العر�ض‬
‫‪344‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫واقعيا �إذ ال يكفي �إبداء الملزم ال�ستعداده لعر�ض �ضمانة معينة ك�أن ي�ضع بين يدي‬
‫المحا�سب المكلف بالتح�صيل كفالة بنكية �أو �سندات تخزين‪� ،‬أو �أن ي�سجل لدى‬
‫المحافظة العقارية رهنا ر�سميا على عقاره المقدم ك�ضمانة (‪.)1‬‬
‫وال تقبل ال�ضمانة المقدمة لأول مرة ومبا�شرة �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي بمنا�سبة‬
‫بته في طلب �إيقاف �إجراءات التح�صيل‪ ،‬لما في قبول ذلك من �إفراغ للمادة ‪117‬‬
‫من محتواها‪ .‬وفي هذا الإطار‪ ،‬اعتبر رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س �أن المطالبة‬
‫ب�إيقاف التنفيذ م�شروطة ب�سلوك م�سطرة الطعن الإداري لدى القاب�ض المالي‬
‫لإيقاف الأداء بعد تكوين ال�ضمانة الكفيلة با�ستخال�ص الدين العمومي كما هي‬
‫من�صو�ص عليها في المادة ‪ 118‬من القانون رقم ‪15‬ـ‪ 97‬ما لم يكن الطالب ينازع‬
‫جديا في مبد�أ الخ�ضوع للدين العمومي �أو في م�سطرة فر�ضه ومتى توافرت في‬
‫الطلب حالة اال�ستعجال‪ ،‬و�أن اعتبار الطالب خا�ضعا لل�ضريبة في �إطار م�سطرة‬
‫�سليمة على �ضوء ظاهر �أوراق الملف تجعله مقيدا ب�سلوك م�سطرة الطعن الإداري‬
‫الم�سبق لدى القاب�ض المالي وتكوين ال�ضمانة الكفيلة بت�أمين ا�ستخال�صه تحت طائلة‬
‫عدم القبول(‪.)2‬‬
‫و�إذا رف�ض القاب�ض ت�أجيل �أداء الدين العمومي لإخالل الملزم ب�أحد ال�شروط‬
‫الم�شار �إليها في المادة ‪� 117‬أعاله‪� ،‬أو اعتبر �أن ال�ضمانة المقدمة �إليه غير كافية‬
‫لت�أمين ا�ستخال�ص الدين العمومي‪� ،‬آنذاك يتم اللجوء �إلى الق�ضاء اال�ستعجالي‬
‫للمطالبة ب�إيقاف تنفيذ الدين المذكور‪ ،‬ويملك القا�ضي اال�ستعجالي �صالحية‬
‫مراقبة مدى كفاية ال�ضمانة المعرو�ضة على المحا�سب المكلف بالتح�صيل ومدى‬
‫�صحة الطلب‪ ،‬و�إما على �ضوء الو�سائل المثارة في دعوى المو�ضوع المرفوعة‬
‫�إلى المحكمة الإدارية كمحكمة مو�ضوع‪� ،‬أو على �ضوء العنا�صر المعتمد عليها‬
‫(‪ ) 1‬في هذا الإطار نق�ض المجل�س الأعلى قرارا لمحكمة اال�ستئناف بالدار البي�ضاء ق�ضى بقبول ال�ضمانة و�إيقاف‬
‫التنفيذ‪ ،‬وا�ستند في نق�ضه �إلى �أن المطلوبة في النق�ض (الملزمة) لم تدل بما يثبت �أنها �سجلت رهنها للأ�صل‬
‫التجاري في ال�سجل التجاري‪ ،‬و�أن هذه ال�ضمانة كافية لت�سديد الدين ال�ضريبي المترتب بذمتها‪ .‬القرار م�شار‬
‫�إليه في مقال الأ�ستاذ محمد ق�صري بعنوان ‪�« :‬إيقاف التنفيذ للدين العمومي �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي»‪ ،‬من�شور‬
‫بمجلة المحاكم الإدارية‪ ،‬العدد الثالث‪� ،‬ص‪.43.‬‬
‫(‪ )2‬الأمر عدد ‪ 04/654‬ال�صادر عن رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س في الملف عدد ‪� ،03/80‬أورده الأ�ستاذ محمد‬
‫ق�صري في المرجع ال�سابق‪� ،‬ص‪.42.‬‬

‫‪345‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫في م�سطرة الطعن الإداري الأولي �إذا كان الملزم لم يلج�أ �إلى ق�ضاء المو�ضوع‬
‫بعد‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪� :‬شروط وقف التنفيذ على �ضوء العمل الق�ضائي‬
‫تمنح المادة ‪ 19‬من القانون رقم ‪41‬ـ‪ 90‬المحدث للمحاكم الإدارية لرئي�س‬
‫المحكمة الإدارية �صالحيات وا�سعة للبت في الطلبات الوقتية والتحفظية كلما‬
‫كانت المحكمة الإدارية مخت�صة بالنظر في �أ�صل النزاع‪ ،‬على �أ�سا�س �أن رئي�س‬
‫المحكمة جزء منها وي�ستمد اخت�صا�صه من اخت�صا�صها‪ .‬وفي هذا الإطار يخت�ص‬
‫رئي�س المحكمة الإدارية ب�إ�صدار �أوامر وقتية ب�إيقاف �إجراءات تح�صيل الديون‬
‫العمومية طالما تخت�ص المحكمة الإدارية ب�صريح المادة الثامنة من القانون‬
‫المذكور بالبت في المنازعات المرتبطة بتح�صيل تلك الديون‪.‬‬
‫و�إذا كانت المادة ‪ 117‬من مدونة التح�صيل ت�شترط لقبول طلب وقف الأداء‬
‫المرفوع �إلى المحا�سب المكلف بالتح�صيل تقديم مطالبة �إدارية وتكوين �ضمانة‬
‫كافية لتغطية الدين‪ ،‬ف�إن قا�ضي الم�ستعجالت الإداري ال ي�شترط لال�ستجابة‬
‫للطلب المقدم �إليه هذين ال�شرطين‪� ،‬إذ يدرج الطلب في نطاق القواعد العامة‬
‫لال�ستعجال المن�صو�ص عليها في الف�صل ‪ 149‬من قانون الم�سطرة المدنية المحال‬
‫عليه بموجب المادة ال�سابعة من القانون رقم ‪41‬ـ‪� 90‬أعاله‪ ،‬وهو الف�صل الذي‬
‫ي�شترط توفر جدية المنازعة وعدم الم�سا�س بما يمكن �أن يق�ضى به في الجوهر‪،‬‬
‫وتوفر عن�صر اال�ستعجال‪.‬‬
‫وقد اعتبرت الغرفة الإدارية في قرارها عدد ‪ 272‬بتاريخ ‪ 2003/04/24‬في الملف‬
‫الإداري عدد ‪� 2001/4/4/707‬أن طلب وقف الأداء المقدم �إلى المحا�سب هو الذي‬
‫ي�ستلزم تقديم الكفالة‪ ،‬في حين �أن الطلب المتعلق ب�إيقاف �إجراءات تنفيذ �ضريبة‬
‫منازع فيها كليا ال يخ�ضع لمقت�ضيات المادة ‪ 117‬من مدونة التح�صيل‪.‬‬
‫ويالحظ �أن تحديد مفهوم الجدية في المنازعة الجبائية يخ�ضع لل�سلطة‬
‫التقديرية للقا�ضي الإداري‪ ،‬وقد ا�ستقر العمل الق�ضائي بالمحاكم الإدارية على‬

‫‪346‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫اعتبار المنازعة جدية كلما ان�صبت على �صفة المدعي كملزم بالدين العمومي‬
‫المتابع ب�أدائه من طرف القاب�ض‪� ،‬أو على �صحة و�سالمة الفر�ض ال�ضريبي؛ وعموما‬
‫تتخذ المنازعة الجبائية طابع الجدية كلما تبين لقا�ضي الم�ستعجالت الإداري‬
‫من خالل تفح�صه لظاهر الوثائق �أنه يحتمل �صدور الحكم في دعوى المو�ضوع‬
‫ل�صالح الملزم‪ ،‬بمعنى �آخر �أن الو�سائل المثارة من طرف هذا الأخير من �ش�أنها‬
‫الت�شكيك �إلى حد كبير في �صحة ما فر�ض عليه من ديون عمومية‪.‬‬
‫وبذلك ف�إن مجرد �إثارة و�سائل تبدو في ظاهرها جدية دون تدعيمها بحجج‬
‫و�إثباتات قوية ال تكفي لوحدها العتبار المنازعة ذات طبيعة جدية‪ ،‬وفي هذا‬
‫االتجاه لم ي�أخذ قا�ضي الم�ستعجالت بادعاء ال�شركة المدعية ب�أنها غير ملزمة ب�أداء‬
‫ال�ضرائب المفرو�ضة عليها ورف�ض طلبها الرامي �إلى �إيقاف ا�ستخال�ص ال�ضريبة‬
‫بناء على الحيثية التالية(‪:)3‬‬
‫«وحيث �إن المراد بالمنازعة في �صفة الملزم هي انعدام وجود الواقعة المن�شئة‬
‫لل�ضريبة المفرو�ضة �أو انتفاء م�سببات فر�ضها �أو المطالبة بتح�صيلها‪ ،‬ولي�س‬
‫مجرد ادعاء ذلك والدفع به كو�سيلة قانونية»‪.‬‬
‫وقد حدد المجل�س الأعلى مفهوم جدية المنازعة وربطها ب�إحدى الحالتين‬
‫التاليتين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬المنازعة في �صفة الملزم‪ ،‬وذلك بتم�سك المدعي بعدم خ�ضوعه �أ�صال‬
‫لل�ضريبة المفرو�ضة عليه‪.‬‬
‫‪ - 2‬المنازعة في قانونية فر�ض ال�ضريبة‪� ،‬أي في تعيب م�سطرة فر�ضها �أو م�سطرة‬
‫تح�صيلها‪.‬‬
‫وجاء في قرار له م�ؤرخ في ‪ 2002/01/03‬ما يلي ‪:‬‬
‫«حيث �إن االجتهاد الق�ضائي الذي كر�سته الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى قد‬
‫ا�ستقر على �أن جدية المنازعة تتجلى �إما في منازعة الملزم في �صفته كخا�ضع‬
‫(‪ ) 3‬الأمر اال�ستعجالي ال�صادر عن رئي�س المحكمة الإدارية بمراك�ش عدد ‪ 15‬بتاريخ ‪ ،2002/01/22‬من�شور بالمجلة‬
‫المغربية للإدارة المحلية والتنمية‪ ،‬عدد مزدوج ‪44‬ـ‪ ،45‬ماي غ�شت ‪.2002‬‬

‫‪347‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫لل�ضريبة �أو في قانونية ت�أ�سي�س فر�ض تلك ال�ضريبة‪ ،‬و�أنه بالرجوع �إلى ظاهر‬
‫�أوراق الملف يتبين �أن الم�ست�أنفة ت�ستكثر تقديرات الإدارة الجبائية المطالب‬
‫بها وال تنازع ب�صورة جدية في �صفتها كملزمة بال�ضريبة �أو في م�سطرة فر�ضها‪،‬‬
‫فكان ما �أثير بدون �أ�سا�س»‪.‬‬
‫وتنبغي الإ�شارة �إلى �أن ادعاء المفرو�ضة عليه ال�ضريبة �إعفاءه منها بمقت�ضى‬
‫القانون ال يمكن اعتباره ب�أي حال من الأحوال منازعة في �صفته كملزم الختالف‬
‫المنازعتين‪ ،‬فالذي ينازع في �صفته كملزم يعتبر نف�سه غير خا�ضع �أ�صال لل�ضريبة‬
‫المفرو�ضة عليه وغير مندرج �ضمن زمرة الأ�شخا�ص الخا�ضعين لها والمحددين‬
‫ح�صريا بمقت�ضى القانون ال�ضريبي‪� ،‬أما الذي يعتبر نف�سه معفى من ال�ضريبة فهو في‬
‫الأ�صل خا�ضع لها ومن بين الأ�شخا�ص الواجبة عليهم تلك ال�ضريبة‪� ،‬إنما يتم�سك‬
‫بكونه يتوفر على �شروط تعفيه من �أدائها �إما ب�صفة وقتية (الإعفاء الم�ؤقت) �أو‬
‫ب�صفة كلية (الإعفاء الكلي)‪.‬‬
‫نخل�ص مما �سبق �إلى �أن طلبات �إيقاف الأداء التي تقدم �إلى المحا�سب المكلف‬
‫بالتح�صيل في �إطار مقت�ضيات المادة ‪ 117‬من القانون رقم ‪15‬ـ‪ 97‬بمثابة مدونة‬
‫تح�صيل الديون العمومية تتوقف اال�ستجابة �إليها من طرف المحا�سب على توفر‬
‫ال�شروط التالية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬وجود منازعة في مبلغ الدين العمومي المطالب به من طرف القاب�ض �إما‬
‫كال �أو بع�ضا‪.‬‬
‫‪ - 2‬تقديم الملزم لمطالبة �إدارية �إما لم�صالح الوعاء ال�ضريبي �إذا كانت منازعته‬
‫تن�صب على �إجراءات فر�ض الدين ال�ضريبي المذكور‪ ،‬و�إما �إلى م�صالح‬
‫الخزينة العامة �إذا كانت منازعته تتعلق ب�سالمة �إجراءات التح�صيل‪.‬‬
‫من مدونة‬ ‫‪118‬‬ ‫‪ - 3‬تكوين �إحدى ال�ضمانات المن�صو�ص عليها في المادة‬
‫التح�صيل والكافية لت�أمين الدين العمومي المطالب به‪.‬‬

‫‪348‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أما طلبات �إيقاف التنفيذ المقدمة �إلى الق�ضاء الإداري اال�ستعجالي فتحكمها‬
‫مقت�ضيات الف�صل ‪ 149‬من قانون الم�سطرة المدنية المحال عليه بمقت�ضى المادة‬
‫ال�سابعة من القانون رقم ‪41‬ـ‪ ،90‬وتتوقف ا�ستجابة قا�ضي الم�ستعجالت لها على‬
‫توفر �شرطين هما ‪:‬‬
‫‪ - 1‬حالة اال�ستعجال التي تتمثل في كون لجوء القاب�ض �إلى �إجراءات التح�صيل‬
‫الجبري‪ ،‬وما يترتب عنها من حجز لمنقوالته وعقاراته وبيعها �أو �إكراهه‬
‫بدنيا‪ ،‬من �ش�أنه الإ�ضرار بم�صالح الملزم و�صعوبة تدارك �آثار هذه الأ�ضرار‬
‫م�ستقبال في حالة �صدور حكم ل�صالحه في المنازعة المرفوعة �أمام محكمة‬
‫المو�ضوع‪.‬‬
‫‪ - 2‬جدية المنازعة التي تكمن ح�سب الظاهر من وثائق الملف �إما في المنازعة‬
‫في �صفة الملزم كخا�ضع لل�ضريبة‪� ،‬أو في قانونية فر�ضها‪.‬‬
‫الف�صل الثاني ‪ :‬تفعيل �سلطة القا�ضي الإداري في مجال �إيقاف‬
‫�إجراءات التح�صيل الجبري وتجلياتها على م�ستوى الإجتهاد‬
‫الق�ضائي‬

‫�إذا كان العمل الق�ضائي قد ر�سم من خالل مجموعة من الأحكام والقرارات‬


‫المتواترة المعالم الكبرى ل�شروط قبول الدعاوى الرامية �إلى �إيقاف �إجراءات‬
‫تح�صيل الديون العمومية وحر�ص على �إر�ساء قواعد البت فيها و�أهم المبادئ‬
‫التي ت�ؤطرها ف�إن تلك ال�صيرورة لم تحل دون عر�ض مجموعة من الحاالت التي‬
‫ا�ستوجبت توقف الق�ضاء الإداري عندها ومحاولة تحديد �سياقها القانوني و�إيجاد‬
‫الحلول المالئمة لها مع ما تمخ�ض عن ذلك الو�ضع من توجهات قابلة للمناق�شة‬
‫والنقد‪.‬‬
‫وفي محاولة منا لر�صد �أهم الحاالت الآنفة الذكر ا�سترعت انتباهنا �إ�شكاليتان‬
‫�أ�سا�سيتان �سنتطرق لهما بالتحليل في ما يلي و�سن�سعى �إلى درا�ستهما وتحليل كيفية‬
‫تناولهما في �سياق م�سطرة �إيقاف �إجراءات التح�صيل‪.‬‬

‫‪349‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫المبحث الأول ‪ :‬موقف الق�ضاء الإداري الإ�ستعجالي بخ�صو�ص‬


‫الطلبات المتعلقة برفع الحجوز‬
‫حدد الم�شرع بين طيات مدونة تح�صيل الديون العمومية زمرة من الآليات‬
‫القانونية المخولة للخزينة العامة للمملكة لت�سهيل مهمة التح�صيل المنوطة بها وقد‬
‫�أوردت المادة ‪ 39‬من نف�س المدونة تعدادا للدرجات التي تبا�شر بها �إجراءات‬
‫التح�صيل الجبري بدءا من الإنذار فالحجز ثم البيع و�أخيرا الإكراه البدني‪.‬‬
‫وقد تطرق كذلك �إلى جملة من التدابير الخا�صة المتوفرة للخزينة ف�أتاح لها‬
‫�إمكانية اللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز وكذا م�ساطر التح�صيل الجبري‬
‫الخا�صة ببع�ض الأ�صناف من الأموال (حجز ال�سفن والعقارات والأ�صول التجارية‬
‫وبيعها و�إجراءات التنفيذ على العربات ال�سيارة)‪.‬‬
‫ولعل الطلبات المتعلقة ب�إيقاف م�سطرة الحجز تبقى من الحاالت المعرو�ضة‬
‫بوفرة على الق�ضاء الإ�ستعجالي الإداري بحكم تراتبية مراحل التح�صيل وتموقع‬
‫الحجز كحلقة و�سيطة بين الإنذار والبيع �إذ تكون المنازعة فيه فر�صة �سانحة‬
‫للملزم لتدارك الأ�ضرار التي قد تلحقه في حال موا�صلته وبلوغ م�ستوى البيع كما‬
‫�أن نف�س الطلبات تت�سم بتنوعها فتارة تن�صب على الحجز على المنقوالت وتارة‬
‫ترتبط ب�أ�صناف الأموال الم�شار �إليها �آنفا وتارة �أخرى تتعلق بم�سطرة الإ�شعار للغير‬
‫الحائز‪.‬‬
‫والإ�شكال الجوهري الذي تطرحه الدعاوى الإ�ستعجالية الرامية �إلى �إيقاف‬
‫�إجراءات التح�صيل الجبري عندما ت�صل م�ستوى الحجز يتمثل في كون �أغلبها‬
‫ت�سعى �إلى رفع الحجز مع ما تثيره الإ�ستجابة لها من م�سا�س ب�أ�صل الحق وبالطابع‬
‫الوقتي للأوامر الإ�ستعجالية‪.‬‬
‫فالطبيعة القانونية للحجز تتنافى مع قابليته للإيقاف ذلك �أنه و�سيلة ل�ضمان ديون‬
‫الخزينة والأمر ب�إيقافه ي�ؤدي منطقيا �إلى رفعه وتمكين الملزم من الت�صرف بحرية‬
‫في ممتلكاته مع احتمال تمل�صه من �أداء الديون المترتبة بذمته‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وعالوة عن ذلك‪ ،‬ف�إن رفع الحجز من لدن قا�ضي الم�ستعجالت ي�شكل م�سا�سا‬
‫ب�أ�صل الحق فلي�س له �أن يق�ضي في �أ�صل الحقوق والإلتزامات والإتفاقات و�أن‬
‫ي�صدر �أمرا له ت�أثير في مو�ضوع الدعوى كما �أنه يم�س في ال�صميم الطابع الوقتي‬
‫للأوامر الإ�ستعجالية‪.‬‬
‫وبالرغم من الإعتبارات ال�سابقة‪ ،‬حر�ص القا�ضي الإداري على تلطيف قيود‬
‫تدخله في �إجراءات التح�صيل وال�سيما في م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز‪.‬‬
‫فالمواد ‪ 100 ،95‬و‪ 104‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية �أ�شارت �إلى متابعة‬
‫الغير الحائز للأموال المملوكة للمدين الأ�صلي باللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير‬
‫الحائز و�ألزمت الغير المودعة لديه �أموال المدين الأ�صلي ب�أداء ال�ضرائب وباقي‬
‫الديون العمومية بت�سليمها فوريا تحت طائلة �إلزامهم بنف�س الطرق الم�ستعملة �ضد‬
‫الملزمين �أنف�سهم بدفع المبالغ الموجودة لديهم‪.‬‬
‫وكون الم�شرع خ�ص�ص لم�سطرة الإ�شعار للغير الحائز مقت�ضيات منفردة جعل‬
‫الخزينة العامة تتم�سك بطبيعتها ك�إجراء ا�ستثنائي للتح�صيل يجعلها في حل من‬
‫احترام تراتبية �إجراءات التح�صيل المن�صو�ص عليها بمقت�ضى المادة ‪ 39‬من مدونة‬
‫تح�صيل الديون العمومية ويخولها حق اللجوء �إليها للإ�ستفادة من عن�صر المباغتة‬
‫ال�سيما �أنها ترتبط بت�سليم �أموال يغلب عليها طابع ال�سيولة وي�سهل الت�صرف فيها‬
‫وتبديد ال�ضمانة التي ت�شكلها وتمكنها من تالفي الأ�ضرار التي تطالها جراء رفع‬
‫ذلك الإجراء لما يكت�سيه من مخالفة لقواعد المالية العمومية التي تحتم التح�صيل‬
‫ال�سريع لموارد الدولة تفاديا للت�أخير في تنفيذ الميزانيات المبرمجة‪.‬‬
‫وقد ت�صدى الق�ضاء الإ�ستعجالي لتوجه الإدارة ف�أقر بداية �إمكانية �إيقاف‬
‫الإ�شعار للغير الحائز رغم ما قد يثور بخ�صو�ص المنازعة المن�صبة عليه ومدى‬
‫انتفاء ال�شروط الم�ؤيدة للبت فيها ا�ستعجاليا واعتباره منازعة مو�ضوعية ف�أكد‬
‫المجل�س الأعلى(‪� )4‬أن ‪« :‬قا�ضي الأمور الم�ستعجلة مخت�ص للنظر في طلب رفع‬
‫(‪ )4‬قرار �صادر عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى بتاريخ ‪ 2003/03/13‬تحت عدد ‪ .156‬ملف �إداري عدد‬
‫‪ .2002/2/4/2180‬من�شور في كتاب ‪« :‬ق�ضاء الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى في مجال ال�ضرائب والتح�صيل»‪.‬‬
‫�ص ‪ .240‬دفاتر المجل�س الأعلى‪ .‬عدد ‪.2005/9‬‬

‫‪351‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الحجز على ما للمدين لدى الغير باعتباره طلبا يكت�سي طابع الإ�ستعجال وال‬
‫يتعلق بالمنازعة في المو�ضوع ويتمثل عن�صر الإ�ستعجال في ال�ضرر الذي قد‬
‫يلحق بالمحجوز عليه في حب�س ماله ب�سبب منعه منه وعدم تمكينه من الإنتفاع به‬
‫�أما عن�صر عدم الم�سا�س بالمو�ضوع فيتمثل في كون الدين المحجوز ال تتوفر فيه‬
‫مبررات الحجز»‪.‬‬
‫و�سارت محكمة الإ�ستنئاف الإدارية بالرباط بمقت�ضى قرارها ال�صادر في الملف‬
‫عدد ‪ 2/07/3 :‬بتاريخ ‪� 30‬أبريل ‪ )5(2007‬في نف�س المنحى فاعتبرت �أنه ‪« :‬ال �شيء في‬
‫القانون يمنع قا�ضي الم�ستعجالت الإداري من حماية المراكز القانونية للأطراف‬
‫�إذا كانت وا�ضحة وذلك بالتدخل لإرجاع الأمور �إلى ن�صابها متى تحقق عن�صر‬
‫الإ�ستعجال وكان من �ش�أن هذا التدخل الحد من الخطر الذي يهدد الحق المراد‬
‫حمايته‪ ».‬و�أ�شارت نف�س المحكمة في قرارها �إلى �أن ‪« :‬الإ�شعار للغير الحائز و�إن‬
‫كان �إجراء مو�ضوعيا ال يمكن لقا�ضي الم�ستعجالت النظر في مدى تطابقه مع‬
‫القانون باعتباره �إجراء من �إجراءات التح�صيل لم�سا�س ذلك بجوهر الحق‪� ،‬إال �أنه‬
‫مادام ان�صب على ح�ساب بنكي ال يخ�ص الملزم ب�صفة �شخ�صية و�إنما على ودائع‬
‫زبنائه ح�سب الظاهر من ال�شهادة البنكية التي ت�شير �إلى �أن الح�ساب المحجوز‬
‫يدخل في �إطار الإتفاقية المبرمة بين هي�آت المحامين والبنك المغربي للتجارة‬
‫الخارجية ف�إن الإجراء الذي قام به القاب�ض المتمثل في الإ�شعار للغير الحائز‬
‫من �ش�أنه �أن يهدد م�صلحة الزبناء التي تعتبر �أموالهم مودعة بالح�ساب المحجوز‬
‫والذين ال عالقة لهم بالدين ال�ضريبي الذي بو�شر هذا الإجراء ب�سببه (‪.»)...‬‬
‫وقد �سايرت المحاكم الإدارية نف�س التوجه فجاء في �أمر �صادر عن رئي�سة‬
‫المحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء(‪� )6‬أنه ‪« :‬بعد الإطالع على ظاهر وثائق الملف‬
‫وخا�صة �شهادة نقيب هيئة المحامين بالدار البي�ضاء تبين �أن الحجز المطلوب رفعه‬
‫(الإ�شعار للغير الحائز) ان�صب على ح�ساب بنكي ذي طبيعة مهنية ا�ستوجبته المادة‬
‫(‪ )5‬قرار من�شور بمجلة المحاكم الإدارية‪ ،‬العدد الثالث‪� ،‬ص ‪ ،173‬من�شورات جمعية ن�شر المعلومة القانونية‬
‫والق�ضائية‪ ،‬ماي ‪.2008‬‬
‫(‪� )6‬أمر �صادر بتاريخ ‪ .2007/12/20‬ملف رقم ‪�2007/508‬س‪ .‬من�شور بالمرجع ال�سابق‪� .‬ص ‪.235‬‬

‫‪352‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ 52‬وما بعدها من قانون المحاماة‪ ،‬والتي توجب على كل محام ب�أن ي�ضع المبالغ‬
‫المودعة بمكتبه في نطاق ممار�سة المهنة في الح�ساب العام المت�ضمن الح�سابات‬
‫الخا�صة بمكتب كل محام على �أ�سا�س �أن مجل�س الهيئة هو الذي يختار الم�ؤ�س�سة‬
‫التي فتح فيها الح�ساب‪ .‬لتخل�ص �إلى الإ�ستجابة لطلب رفع الحجز عن الح�ساب‬
‫البنكي للطالب»‪.‬‬
‫كما اعتبر رئي�س المحكمة الإدارية بمراك�ش في �أمره ال�صادر بتاريخ ‪ 08‬دجنبر‬
‫‪ 2009‬في الملف رقم ‪ 2009/1/124‬بمنا�سبة بته في طلب ا�ستعجالي يرمي �إلى رفع‬
‫الإ�شعار للغير الحائز المن�صب على ح�ساب بنكي خا�ص بمحام �أنه‪ « :‬يت�ضح من‬
‫خالل فح�ص ظاهري لوثائق الملف وخا�صة �شهادة نقيب هيئة المحامين بمراك�ش‬
‫وال�شهادة ال�صادرة عن البنك المغربي للتجارة �أن الح�ساب البنكي الم�ضروب‬
‫عليه الحجز خا�ص بودائع الزبناء الذين ينوب عنهم الطالب كمحام فهو �إذن‬
‫ح�ساب ذو طبيعة مهنية ت�ستوجبه المادة ‪ 52‬وما بعدها من القانون المنظم لمهنة‬
‫المحاماة (‪ )...‬الأمر الذي يثبت �أن �إجراء التح�صيل المبا�شر في حق هذا الأخير‬
‫في �شكل الإ�شعار للغير على الح�ساب المذكور يطال ح�سابا للغير ال عالقة لهم‬
‫نهائيا بالدين ال�ضريبي مو�ضوع التح�صيل مما يجعل عن�صر الجدية قائما ومحققا‬
‫ويبرر بالتالي الإ�ستجابة للطلب»‪.‬‬
‫وقد كر�س رئي�س المحكمة الإدارية بمراك�ش نف�س المبد�أ بالن�سبة لإجراء لإ�شعار‬
‫للغير الحائز الموجه �ضد الموثق ف�أكد في �أمره ال�صادر بتاريخ ‪ 2010/07/14‬في‬
‫الملف رقم ‪� 2010/1/849‬أنه ‪�« :‬إذا كان للقاب�ض ح�سب مقت�ضيات المادة ‪ 101‬من‬
‫مدونة التح�صيل حق اللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز ل�ضمان ا�ستخال�ص‬
‫الدين ال�ضريبي ف�إنه ي�شترط ل�صحة هذا الإجراء �أن ين�صب على �أموال خا�صة‬
‫بالمدين دون غيره (‪ )...‬وحيث �إن �إيقاع الحجز على ح�ساب بنكي ذو طبيعة‬
‫مهنية‪ ،‬والحال �أن الطالب يتوفر على ح�ساب �شخ�صي‪ ،‬يثبت �أن �إجراء التح�صيل‬
‫المبا�شر في حق هذا الأخير يطال ح�سابا للغير ال عالقة لهم بالدين ال�ضريبي‬
‫مو�ضوع التح�صيل»‪.‬‬

‫‪353‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وفي تطور الحق و�سع الق�ضاء الإ�ستعجالي مجال تدخله لمراقبة تطبيق الخزينة‬
‫لم�سطرة الإ�شعار للغير الحائز ف�أقر مبد�أ حماية الملزم في حالة عدم احترامها‬
‫لتراتبية �إجراءات التح�صيل فذهب‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬رئي�س المحكمة الإدارية‬
‫بالرباط في الأمر الإ�ستعجالي عدد ‪ 701‬بتاريخ ‪� 2006/09/27‬أن ‪« :‬الحجز بوا�سطة‬
‫الإ�شعار للغير الحائز يعتبر في حد ذاته حجزا تنفيذيا على �أموال المدين ومن ثم‬
‫ي�شترط �أن ين�صب على �أموال خا�صة بالمدين دون غيره و�أن تحترم ب�ش�أنه قاعدة‬
‫تدرج المتابعات كما هي من�صو�ص عليها بالقانون ‪ : 15-97‬من توجيه للإ�شعار‬
‫بدون �صائر وتبليغ قانوني للإنذار ال�ضريبي قبل الحجز و�أن كل �إخالل لهاته‬
‫ال�شروط يجعل �إجراء الحجز غير مبرر»‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬توجه الق�ضاء الإداري الإ�ستعجالي بخ�صو�ص‬
‫ا�شتراط تقديم ال�ضمانة لإيقاف �إجراءات التح�صيل‬
‫لئن كان العمل الق�ضائي قد ا�ستقر على كون المطالبة ب�إيقاف التنفيذ م�شروطة‬
‫ب�سلوك م�سطرة الطعن الإداري لدى القاب�ض لإيقاف الأداء بعد تكوين ال�ضمانة‬
‫الكفيلة با�ستخال�ص الدين العمومي وفق مقت�ضيات المادة ‪ 118‬من مدونة تح�صيل‬
‫الديون العمومي وا�ستثنى الحالة التي تتوفر فيها منازعة جدية من طرف الملزم في‬
‫�صفته كملزم �أو في م�سطرة فر�ضه �شريطة توفر حالة الإ�ستعجال كما ا�ستثنى الحالة‬
‫التي تكون فيها المنازعة جدية و�شاملة لمبلغ ال�ضريبة(‪� )7‬إال �أن رئي�س المحكمة‬
‫الإدارية بمراك�ش �سلك منحى مغايرا في مجموعة من الأوامر نذكر منها الأمر‬
‫ال�صادر بتاريخ ‪ 2009/12/22‬تحت عدد ‪ 136‬الذي ذهب فيه �إلى �أن ‪« :‬ما جرى عليه‬
‫العمل الق�ضائي �إلى الآن من �إعطاء م�ؤ�س�سة الرئي�س ب�صفته قا�ضيا للأمور الم�ستعجلة‬
‫�صالحيات مو�سعة في �إيقاف �إجراءات التح�صيل ا�ستناد �إلى مقت�ضيات المادة‬
‫‪ 19‬من قانون المحاكم الإدارية والمادة ‪ 149‬من قانون الم�سطرة المدنية وت�أ�سي�سا‬
‫فقط على الطابع اال�ستعجالي لهذه الإجراءات ال ي�سعفه المنطق القانوني الذي‬
‫(‪ )7‬قرار �صادر عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى بتاريخ ‪ 2001/09/27‬تحت عدد ‪ .563‬ملف �إداري عدد‬
‫‪ .2000/1/4/2155‬من�شور في كتاب‪ « :‬ق�ضاء الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى في مجال ال�ضرائب والتح�صيل»‪.‬‬
‫�ص ‪ .230‬دفاتر المجل�س الأعلى‪ .‬عدد ‪.2005/9‬‬

‫‪354‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫يقت�ضي ترجيح القواعد والأنظمة الخا�صة على المقت�ضى العام الذي يحكم فقط‬
‫الأو�ضاع العامة‪.‬وحيث ال يجدي في ذلك القول ب�أن هذا النظام يمنح المحا�سب‬
‫المكلف بالتح�صيل �صالحيات تقديرية مو�سعة في تقييم عنا�صر الإيقاف ما دام‬
‫�أن هذه ال�صالحية م�صدرها القانون وتتم بال�ضرورة تحت رقابة ق�ضاء المو�ضوع‬
‫الذي له �صالحية �إلغاء قرار المحا�سب في هذا ال�ش�أن وترتيب �أثر الإيقاف بناء‬
‫على ذلك‪ ،‬علما ب�أن المدونة تت�ضمن �أي�ضا �صالحيات جبرية كالحجز والبيع بل‬
‫و�إكراه المدين وهي كلها �إجراءات �أخطر بكثير من مجرد فح�ص طلب �إيقاف‬
‫الأداء‪.‬وحيث �إنه يمكن لق�ضاء المو�ضوع نف�سه وهو ينظر في الطعن في قرارات‬
‫المحا�سب �أن ي�ضع في اعتباره ال�صبغة اال�ستعجالية للطلب كما هو ال�ش�أن بالن�سبة‬
‫لنف�س محكمة المو�ضوع وهي تنظر في طلبات وقف تنفيذ القرارات الإدارية‬
‫والتي ت�صبح بذلك محكمة ا�ستعجالية بحكم طبيعة المادة الموكول �إليها النظر‬
‫فيها كما يمكن بعد ا�ستنفاذ هذه الم�ساطر اللجوء ب�صفة احتياطية لم�ؤ�س�سة الرئي�س‬
‫كقا�ضي للأمور الم�ستعجلة �إذا لم تف الم�سطرة الأ�صلية بالغر�ض»‪ .‬ليخل�ص في‬
‫الختام �إلى عدم قبول الطلب معلال موقفه بكون الطالب ال ينازع في �صفته كملزم‬
‫بالدين ال�ضريبي‪ ،‬من الأ�سا�س‪ ،‬بقدر ما ينازع في الأ�س�س المعتمدة في التقدير‬
‫والربط وتقادم �إجراءات التح�صيل‪.‬‬
‫وفي الختام ي�ستخل�ص �أن الق�ضاء الإ�ستعجالي الإداري قد ابتكر مجموعة من‬
‫القواعد والمبادئ التي تنظم م�سطرة �إيقاف �إجراءات التح�صيل الم�ستمدة �أ�سا�سا‬
‫من الن�صو�ص القانونية المحددة لإجراءات التح�صيل مع مراعاة و�ضعية الملزمين‬
‫على نحو مكن من خلق توازن بين حق الخزينة في ا�ستخال�ص �أموال الدولة وبين‬
‫الأ�ضرار الفورية والم�ستقبلية التي قد تطال المعنيين بتلك الإجراءات في حال‬
‫�إ�صدار الق�ضاء لكلمة الف�صل بخ�صو�ص انتفاء �صفتهم كملزمين �أو عدم قانونية‬
‫�إجراءات الفر�ض �أو التح�صيل المتخذة في حقهم‪.‬‬

‫‪355‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫قراءة في القانون رقم ‪ 47.06‬بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪2007‬‬


‫المتعلق بجبايات الجماعات المحلية‬
‫الأ�ستاذ حممد باهي‬
‫مفو�ض ملكي وم�ست�شار بالمحكمة الإدارية بمراك�ش‬

‫�إن ا�ستيفاء مداخل الجماعات المحلية ال يمكن �أن يتم �إال باال�ستناد �إلى مرجعية‬
‫قانونية‪� ،‬أي وجود ن�ص �صريح‪ ،‬عن طريق ن�ص ت�شريعي �أو تنظيمي �أو بوا�سطة‬
‫مقرر جماعي �أو وثيقة الميزانية المحلية‪.‬‬
‫وبالن�سبة لفر�ض �ضريبة ما �أو ر�سم معين من طرف الآمر بال�صرف اتجاه ملزم‬
‫معين‪ ،‬يجب الت�أكد من �شرعيتها بوجود ن�ص قانوني لكون فر�ض ال�ضريبة لي�س من‬
‫اخت�صا�ص المجال�س المحلية‪ ،‬بل �إن الجهاز الت�شريعي هو الم�ؤهل لخلق ال�ضرائب‬
‫�سواء كانت وطنية �أو محلية‪ .‬لأجل ذلك ا�ستهدفت الجهود المتوا�صلة لإعادة‬
‫هيكلة المالية المحلية وتح�سينها ودعمها منذ �إ�صالح ‪ 1976‬قبل كل �شيء تحويل‬
‫ح�ص�ص من عائد �ضرائب الدولة �إلى الجماعات المحلية‪ ،‬و�إ�صالح جبايات‬
‫الجماعات المحلية الذي يندرج �ضمن م�سل�سل الإ�صالحات المعتمدة من طرف‬
‫الدولة والهادفة �إلى تطوير وتعزيز نظام الالمركزية‪.‬‬
‫وهكذا يد�شن القانون رقم ‪ 47-06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية عهدا‬
‫جديدا للجبايات المحلية بتجاوز النواق�ص وال�صعوبات التي كانت تعتري‬
‫منظومة الجبايات المحلية‪ ،‬وي�ضع الأ�س�س لعالقة جبائية جديدة تقوم على‬
‫الم�ساهمة الفعالة للخا�ضعين للر�سوم في مجال تطبيقها وتح�سي�سهم بالواجبات‬
‫الملقاة على عاتقهم كملزمين عبر تحديد قواعد الوعاء والتح�صيل والجزاءات‬

‫‪356‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وبالحقوق الم�ضمونة لهم قانونا من خالل تو�ضيح م�ساطر المراقبة المنازعات‪.‬‬


‫ولتقريب م�ضمون هذا القانون الجديد من المهتمين ارت�أينا تق�سيم هذه الم�ساهمة‬
‫�إلى محورين اثنين نعالج في المحور الأول الإطار القانوني لجبايات الجماعات‬
‫المحلية ونخ�ص�ص المحور الثاني لمنازعات جبايات الجماعات المحلية‪.‬‬
‫المحور الأول ‪ :‬الإطار القانوني لجبايات الجماعات المحلية‬
‫ن�ص الف�صل ‪ 17‬من الد�ستور المغربي المراجع ل�سنة ‪ 1996‬على انه ‪« :‬على‬
‫الجميع �أن يتحمل كل على قدر ا�ستطاعته التكاليف العمومية (والتكاليف الجبائية‬
‫�إحداها)‪ ،‬التي للقانون وحده ال�صالحية لإحداثها وتوزيعها ح�سب الإجراءات‬
‫المن�صو�ص عليها في الد�ستور»‪.‬‬
‫ومن �أجل الإحاطة بموارد الجماعات المحلية البد من الإ�شارة �إلى �أن الف�صل‬
‫‪ 30‬من القانون رقم ‪ 45-08‬المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها‬
‫ومن قبله الف�صل ‪ 17‬من ظهير ‪� 30‬شتنبر ‪( 1976‬ولكنه اقل تحديدا من القانون‬
‫الجديد)‪ ،‬ين�ص على �أن «موارد الجماعات المحلية ت�شتمل على موارد وهي‪:‬‬
‫ال�ضرائب والر�سوم الم�أذون للجماعة المحلية في تح�صيلها طبقا للقوانين الجاري‬
‫بها العمل‪ ،‬والأتاوى والأجور عن الخدمات المقدمة‪ ،‬والموارد الناتجة عن‬
‫تحويل جزء من �ضرائب ور�سوم الدولة المخ�ص�صة لفائدة الجماعات المحلية‪،‬‬
‫والإمدادات الممنوحة من طرف الدولة �أو �أ�شخا�ص معنوية يجري عليها القانون‬
‫العام‪ ،‬وح�صيلة االقترا�ضات المرخ�ص بها‪ ،‬ودخول الأمالك والم�ساهمات‪،‬‬
‫و�أموال الم�ساعدات‪ ،‬والهبات والو�صايا‪ ،‬ومداخيل مختلفة والموارد الأخرى‬
‫المقررة في القوانين والأنظمة‪.».....‬‬
‫وقبل الحديث عن الم�ستجدات التي اتى بها اال�صالح الجديد للجبايات‬
‫المحلية الذي ي�ؤطره القانون رقم ‪ 47.06‬بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬والن�صو�ص المرتبطة‬
‫به‪ ،‬فالبد من الإ�شارة ب�إيجاز �إلى الو�ضع الجبائي المحلي ما قبل القانون الجديد‬
‫والذي كانت تحكمه مقت�ضيات القانون رقم ‪ 30-89‬الم�ؤرخ في ‪1989-11-21‬‬

‫‪357‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫واالختالالت التي كان يعرفها‪ ،‬باعتبار انه ي�شكل مدخال لدرا�سة القانون الجديد‬
‫للجبايات المحلية‪.‬‬
‫‌�أ‪ -‬الو�ضع الجبائي المحلي في ظل القانون رقم ‪ 30-89‬ال�صادر بتاريخ‬
‫‪1989-11-21‬‬

‫�شكل القانون رقم ‪ 30-89‬الذي كان ي�ؤطر الو�ضع الجبائي المحلي ما قبل‬
‫الإ�صالح الجبائي الحالي‪� ،‬أهم �إ�صالح خ�ضع له نظام الجبايات المحلية حيث‬
‫يعتبر بمثابة مدونة تحتوي على مجموع القواعد المنظمة للجباية المحلية �سواء‬
‫تلك التي ن�ص عليها ظهير ‪ 1962‬المتعلق بالر�سوم الجماعية والتي تم تعديلها �أو‬
‫ترميمها �أو تلك المتعلقة بال�ضرائب والر�سوم التي تم �إحداثها لأول مرة‪ .‬وقد‬
‫ت�ضمن القانون رقم ‪ 30-89‬ما مجموعه ‪ 40‬نوعا من ال�ضرائب والر�سوم‪ .‬وتوزعت‬
‫هذه ال�ضرائب والر�سوم على مختلف �أ�صناف الوحدات الترابية الإدارية المحلية‬
‫وهي الجماعات الح�ضرية �أو القروية‪ ،‬العماالت والأقاليم والجهات‪ .‬ومن خالل‬
‫توزيع ال�ضرائب والر�سوم الم�ستحقة للجماعات المحلية بمقت�ضى القانون ‪،30-89‬‬
‫كما تم تعديله خا�صة بمقت�ضى القانون رقم ‪ 47-96‬المتعلق بالتنظيم الجهوي‪،‬‬
‫يمكن �أن ن�ستنتج �أن الح�صة الكبيرة من ال�ضرائب والر�سوم المحلية تعود‬
‫�إلى الجماعات الح�ضرية والقروية‪ ،‬اذ بلغ عدد ال�ضرائب والر�سوم التي تعود‬
‫للجماعات الح�ضرية والقروية ‪ 31‬اقتطاعا‪� .‬أما العماالت والأقاليم فتعود �إليها ‪3‬‬
‫جبايات‪ ،‬فيما تعود للجهات موارد ‪� 6‬ضرائب ور�سوم‪ .‬وانق�سمت هذه ال�ضرائب‬
‫والر�سوم ما بين جبايات محددة �أ�سعارها ب�شكل ثابت‪ ،‬وجبايات محددة �أ�سعارها‬
‫في حدود ق�صوى يجب على المجال�س المحلية �أن تحدد �أ�سعارها في �إطارها‪،‬‬
‫وجبايات مخول تحديد �أ�سعارها للمجال�س الجماعية عن طريق قرارات جبائية‬
‫م�ستمرة خا�صة بكل جماعة دون غيرها‪ .‬كما يالحظ �أن نطاق تطبيق بع�ض الجبايات‬
‫الجماعية ينح�صر في مناطق معينة للجماعات القروية‪ ،‬بحيث �أن هذه الجبايات‬
‫ال ت�ستحق خارج المناطق المذكورة ولو في حالة وجود المادة الجبائية‪ .‬ويتعلق‬
‫الأمر بر�سم النظافة والر�سوم المرتبطة بالتعمير التي ت�شكل واحدا من �أهم �أ�صناف‬

‫‪358‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الر�سوم المحلية وهو ما يعطي بع�ض االمتياز الن�سبي وبدرجات متفاوتة للجماعات‬
‫الح�ضرية‪.‬‬
‫و�إ�ضافة �إلى �أن الجماعات المحلية ت�ستفيد من ال�ضرائب والر�سوم التي جاء‬
‫بها القانون رقم ‪ ،30-89‬ف�إنها ت�ستفيد من ح�ص�ص مت�أتية من موارد مجموعة من‬
‫ال�ضرائب التي يتم تدبيرها من طرف الم�صالح ال�ضريبية للدولة وهي كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬ال�ضريبة الح�ضرية وتخ�ص�ص ‪ 90‬في المائة من مواردها للجماعات التي‬
‫توجد بها العقارات الخا�ضعة لهذه ال�ضريبة‪.‬‬
‫‪ -‬ال�ضريبة المهنية‪ ،‬وت�ستفيد منها الجماعات المحلية من ‪ 90‬في المائة من المبلغ‬
‫الأ�صلي لل�ضريبة المهنية‪.‬‬
‫‪ -‬ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪ ،‬فتطبيقا للقانون الإطار المتعلق بالإ�صالح‬
‫الجبائي ل�سنة ‪ ،1984‬تخ�ص�ص ن�سبة ‪ 30‬في المائة على الأقل من موارد‬
‫ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة لفائدة الجماعات المحلية والتي يتم توزيعها‬
‫بناء على معايير محددة‪.‬‬
‫‪ -‬منتوج �ضرائب الدولة �أو الح�ص�ص من �ضرائب الدولة المخ�ص�صة للجهات‬
‫في �إطار قوانين المالية‪ ،‬وذلك وفقا لمقت�ضيات القانون رقم ‪ 47-96‬المتعلق‬
‫بالجهة‪ .‬وهكذا تن�ص قوانين المالية منذ ال�سنة المالية ‪ 2000-1999‬على‬
‫تخ�صي�ص ن�سبة ‪ 1‬في المائة من موارد ال�ضريبة العامة على الدخل وال�ضريبة‬
‫على ال�شركات لفائدة الجهات‪.‬‬
‫وقد عرف القانون ‪ 30-89‬مجموعة من التعديالت منها �إلغاء الر�سم على‬
‫البروزات �إلى الأمالك الجماعية العامة و�إدماج وعائه �ضمن وعاء ال�ضريبة على‬
‫عمليات البناء‪.‬و�إلغاء العرو�ض ال�سينمائية من وعاء ال�ضريبة على المالهي ليتم‬
‫�إلغاء هذه ال�ضريبة كليا بعد ذلك‪ ،‬وتحويل بع�ض الجبايات المحلية الموجودة‬
‫و�إن�شاء جبايات جديدة لفائدة الجهات بمقت�ضى القانون رقم ‪ 47-96‬المتعلق‬
‫بالجهة ال�سالف الذكر‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫لكن‪ ،‬وكما �أكدته جل الدرا�سات التي قامت بها وزارة الداخلية‪ ،‬ف�إن هذه‬
‫المنظومة الجبائية التي كان ي�ؤطرها القانون ‪� ،30-89‬شهدت‪ ،‬بالرغم من جر�أتها‬
‫بالمقارنة مع �سابقاتها‪ ،‬وجود مجموعة من االختالالت والعيوب بمنا�سبة تطبيقها‬
‫من طرف الجماعات المحلية‪� ،‬أ�ضفت عليها نوعا من التعقيد‪ ،‬و�ساهمت في �إعاقة‬
‫مردودية الجبايات المحلية‪ .‬وتكمن هذه االختالالت بالدرجة الأولى‪ ،‬في التعقيد‬
‫الذي كان يطبع هذه المنظومة �سواء على م�ستوى عدد الر�سوم �أو على م�ستوى‬
‫الم�ساطر‪ .‬فو�ضعية النظام الجبائي المحلي ال�سابق لما كان يحتوى عليه من عدد‬
‫كبير من الر�سوم والحقوق والوجيبات �شكلت �إحدى الثغرات الأ�سا�سية له‪ ،‬وما‬
‫اعتراه من غمو�ض فيما يتعلق بالتفريق بين هذه الأنواع من الر�سوم والحقوق‬
‫والوجيبات لم ت�سمح بتكري�س التجاوب االيجابي للملزمين مع الجبايات‪� ،‬إ�ضافة‬
‫�إلى ال�صعوبات التي واجهت الإدارة المحلية �أثناء التطبيق‪.‬‬
‫ومن جهة �أخرى ف�إن االختالالت على م�ستوى التح�صيل كانت راجعة بالأ�سا�س‬
‫�إلى تداخل االخت�صا�ص بين القاب�ض والإدارة الجبائية المحلية‪ ،‬وعدم توفر‬
‫الو�سائل القانونية التي تمكن الإدارة الجبائية المحلية من تتبع عملية التح�صيل‪،‬‬
‫�إ�ضافة �إلى غياب �إدارة محلية مهيكلة تقوم بالوظائف المنوطة بها في مجال تدبير‬
‫الجبايات‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬جبايات الجماعات المحلية على �ضوء القانون الجديد رقم ‪ 47.06‬ال�صادر‬
‫بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪2007‬‬

‫ومواكبة للتطورات التي عرفتها الالمركزية فقد تم �إ�صالح قانون الجبايات‬


‫المحلية وذلك من خالل القانون رقم ‪ 47.06‬بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬المتعلق‬
‫بجبايات الجماعات المحلية والذي دخل حيز التطبيق منذ فاتح يناير ‪ ،2008‬نا�سخا‬
‫الن�صو�ص ال�سابقة وخا�صة منها الظهير ال�شريف رقم ‪ 1-61-442‬بتاريخ ‪ 30‬دجنبر‬
‫‪ 1961‬المنظم لل�ضريبة المهنية‪ ،‬والقانون رقم ‪ 30-89‬المتعلق بالجبايات المحلية‬
‫الم�ؤرخ في ‪ ،1989-11-21‬والقانون رقم ‪ 89-37‬المتعلق بال�ضريبة الح�ضرية‬

‫‪360‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫ال�صادر بتاريخ ‪ ،1989-12-30‬والقانون رقم ‪ 97-22‬ال�صادر بتاريخ ‪ 2‬غ�شت ‪1997‬‬


‫الم�ؤ�س�س لر�سم �إ�ضافي لل�ضريبة المهنية لفائدة الغرف المهنية‪.‬‬
‫وبناء على هذا‪ ،‬ف�إن الموارد الجبائية الذاتية للجماعات المحلية تت�ضمن‬
‫ال�ضرائب والر�سوم المن�صو�ص عليها في القانون ‪ ،47-06‬وكذا الأتاوى والأجور‬
‫عن الخدمات المقدمة والم�ستحقة لفائدة الجماعات المحلية والمن�صو�ص عليها‬
‫بمقت�ضى القانون رقم ‪ 39-07‬الذي تظل بموجبه �أحكام الأبواب ‪ 4‬و‪ 5‬و‪ 8‬و‪ 9‬و‪10‬‬
‫و‪ 11‬و‪ 12‬و‪ 13‬و‪ 14‬و‪ 32‬و‪ 33‬و‪� 34‬سارية المفعول ب�صفة انتقالية والواردة في‬
‫القانون رقم ‪.30-89‬‬
‫‪� - 1‬أنواع الر�سوم المحدثة لفائدة الجماعات المحلية بموجب القانون رقم‬
‫‪47.06‬‬

‫بلغ عدد الر�سوم المحدثة لفائدة الجماعات المحلية ‪ 17‬ر�سما‪ ،‬في ظل القانون‬
‫الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في فاتح يناير ‪ .2008‬وتتوزع هذه الر�سوم ما بين‬
‫ر�سوم م�ستحقة لفائدة الجماعات الح�ضرية والقروية وعددها ‪ 11‬ر�سما‪ ،‬و�أخرى‬
‫م�ستحقة لفائدة العماالت والأقاليم وعددها ‪ 3‬جبايات‪ ،‬ور�سوم م�ستحقة لفائدة‬
‫الجهات وعددها ‪ 3‬اقتطاعات اي�ضا‪.‬‬
‫فالر�سوم الم�ستحقة لفائدة الجماعات الح�ضرية والقروية هي‪:‬‬
‫‪ -‬الر�سم المهني‬
‫‪ -‬ر�سم ال�سكن‬
‫‪ -‬ر�سم الخدمات الجماعية‬
‫‪ -‬الر�سم على الأرا�ضي الغير المبنية‬
‫‪ -‬الر�سم على عمليات البناء‬
‫‪ -‬الر�سم على تجزئة الأرا�ضي‬
‫‪ -‬الر�سم على محال بيع الم�شروبات‬

‫‪361‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ -‬الر�سم على الإقامة في الم�ؤ�س�سات ال�سياحية‪.‬‬


‫‪ -‬الر�سم على المياه المعدنية ومياه المائدة‬
‫‪ -‬الر�سم على النقل العمومي للم�سافرين‬
‫‪ -‬الر�سم على ا�ستخراج مواد المقالع‬
‫غير انه فيما يتعلق بالجماعات القروية ف�إن ر�سم ال�سكن ور�سم الخدمات‬
‫الجماعية والر�سم على عمليات تجزئة الأرا�ضي ال يفر�ض �إال بالمراكز المحددة‬
‫والمناطق المحيطة بالجماعات الح�ضرية وكذلك بالمحطات ال�صيفية وال�شتوية‬
‫ومحطات اال�ست�شفاء بالمياه المعدنية‪ ،‬وال يفر�ض الر�سم على الأرا�ضي الح�ضرية‬
‫غير المبنية �إال بالمراكز المحددة المتوفرة على وثيقة للتعمير‪.‬‬
‫الر�سوم الم�ستحقة لفائدة العماالت والأقاليم وهي‪:‬‬
‫‪ -‬الر�سم على رخ�ص ال�سياقة‬
‫‪ -‬الر�سم على ال�سيارات الخا�ضعة للفح�ص التقني‬
‫‪ -‬الر�سم على بيع الحا�صالت الغابوية‬
‫الر�سوم الم�ستحقة لفائدة الجهات وهي‪:‬‬
‫‪ -‬الر�سم على رخ�ص ال�صيد‬
‫‪ -‬الر�سم على ا�ستغالل المناجم‬
‫‪ -‬الر�سم على الخدمات المقدمة بالموانئ‬
‫‪� - 2‬إخراج الحقوق والم�ساهمات والأتاوى و�أجور الخدمات الجماعية التي‬
‫لي�ست لها �صبغة جبائية من القانون ‪47.06‬‬

‫وفيما يخ�ص الحقوق والم�ساهمات والأتاوى و�أجور الخدمات الجماعية التي‬


‫لي�ست لها �صبغة جبائية‪ ،‬فلقد تم �سن �أحكام انتقالية في �ش�أنها وذلك بموجب‬
‫القانون ‪ 39-07‬والذي ين�ص على �إبقاء العمل بالر�سوم والحقوق والم�ساهمات‬
‫واالتاوات الم�ستحقة لفائدة الجماعات المحلية والمن�صو�ص عليها بالقانون‬

‫‪362‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ ،30-89‬والتي �سيتم �إدراجها في قانون خا�ص بها‪ ،‬ويتعلق الأمر بالر�سوم والحقوق‬
‫والم�ساهمات التالية ‪:‬‬
‫‪ -‬الر�سم المترتب على �إتالف الطرق‪،‬‬
‫‪ -‬ر�سم ت�صديق الإم�ضاء �أو الإ�شهاد بالتطابق‪،‬‬
‫‪ -‬الر�سوم المفرو�ضة على الذبح في المجازر‪،‬‬
‫‪ -‬الر�سم الإ�ضافي المفرو�ض لفائدة الم�شاريع الخيرية على الذبح في‬
‫المجازر‪،‬‬
‫‪ -‬الر�سوم المقبو�ضة في الأ�سواق و�أماكن البيع العامة‪،‬‬
‫‪ -‬ر�سم المحجز‪،‬‬
‫‪ -‬الر�سم المفرو�ض على وقوف العربات المعدة للنقل العام للم�سافرين‪،‬‬
‫‪ -‬ر�سم الحالة المدنية‪،‬‬
‫‪ -‬م�ساهمة ارباب العقارات المجاورة للطرق العامة في نفقات تجهيزها‬
‫وتهيئتها‪،‬‬
‫‪ -‬الر�سم المفرو�ض على البيع في �أ�سواق البيع بالجملة و�أ�سواق ال�سمك‪،‬‬
‫‪ -‬الر�سم المفرو�ض على �شغل الأمالك الجماعية العامة م�ؤقتا لأغرا�ض البناء‪،‬‬
‫‪ -‬الر�سم المفرو�ض على �شغل الأمالك الجماعية العامة م�ؤقتا لأغرا�ض تجارية‬
‫�أو �صناعية �أو مهنية‪،‬‬
‫‪ -‬الر�سم المفرو�ض على �شغل الأمالك الجماعية العامة م�ؤقتا بمنقوالت‬
‫وعقارات ترتبط بممار�سة اعمال تجارية �أو �صناعية �أو مهنية‪.‬‬
‫لأجل ذلك �ستوا�صل الجماعات المحلية تطبيق الحقوق والم�ساهمات والأتاوى‬
‫ال�سالفة الذكر طبقا لأحكام القانون ‪� 30-89‬إلى حين �صدور المر�سوم المنظم لبع�ض‬
‫الأتاوى والأجور عن الخدمات المقدمة من طرف الجماعات المحلية‪ .‬وقد توخى‬
‫الم�شرع جمع بع�ض الأتاوى والأجور عن الخدمات المقدمة في �إطار تنظيمي‬
‫باعتبارها موارد مالية مهمة بغية التطبيق الموحد على ال�صعيد الوطني‪.‬‬

‫‪363‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وبغ�ض النظر عن الأتاوى والأجور عن الخدمات المقدمة التي �سيتم تنظيمها‬


‫بمر�سوم‪ ،‬ف�إن المداخل الجبائية المقررة في قوانين و�أنظمة �أخرى والأتاوى‬
‫والأجور عن الخدمات الأخرى التي تقدمها الجماعات المحلية في �إطار المهام‬
‫المنوطة بها‪ ،‬يتم ا�ستخال�صها عن طريق �إعداد قرار جبائي من طرف الآمر بال�صرف‬
‫بعد م�صادقة مجل�س الجماعة المحلية المعنية‪.‬‬
‫‪ - 3‬خا�صيات ومكونات جبايات الجماعات المحلية‬
‫وقد ارتكز القانون الجديد على تب�سيط الجبايات المحلية بتقلي�ص عدد الر�سوم‬
‫عن طريق حذف ال�ضرائب والر�سوم ذات المردودية ال�ضعيفة‪ ،‬ودمج تلك التي‬
‫ت�ؤ�س�س على نف�س المادة ال�ضريبية �أو التي ت�شمل نف�س الميدان‪ ،‬بالإ�ضافة �إلي‬
‫تحديد ن�سب و�أ�سعار الر�سوم المحلية باعتماد حد �أدنى وحد �أق�صى من �أجل تدعيم‬
‫االخت�صا�صات الجبائية للجماعات المحلية عبر تحديد ن�سب و�أ�سعار الر�سوم‪.‬‬
‫وبو�ضع ر�سوم �سهلة في قواعد ت�أ�سي�سها ل�ضمان ح�سن تدبيرها من طرف الإدارة‬
‫وانخراط الملزمين‪ ،‬من خالل تعميم نظام الإقرار و�إحالله محل نظام الإح�صاء �أو‬
‫المزاوجة بينهما‪ .‬وبرفع كل غمو�ض �أو التبا�س يعتري مو�ضوع تح�صيل الر�سوم‬
‫المحلية وو�ضع حد لتداخل االخت�صا�صات مابين القاب�ض المكلف بتدبير الميزانية‬
‫المحلية ووكيل المداخيل‪ .‬وبمالءمة الم�ساطر الجبائية بالن�سبة لكافة الر�سوم‬
‫المحلية مع الم�ساطر المتبعة من طرف الم�صالح الجبائية للدولة وخا�صة في‬
‫مجاالت الت�صفية واال�ستخال�ص والجزاءات والعالوات والمراقبة والمنازعات‪.‬‬
‫وهكذا فلقد تم اعتماد التفريق بين الجزاءات والغرامات والعالوات المتعلقة‬
‫بمجال ت�أ�سي�س الر�سوم وتلك المتعلقة بمجال التح�صيل وذلك لتمكين الم�صالح‬
‫المهتمة بكل ميدان من التدخل لتطبيق الجزاءات والعالوات وتحديد الم�سئوليات‬
‫في هذا الباب‪ ،‬واعتماد نف�س مبالغ ون�سب الجزاءات والعالوات المطبقة من‬
‫طرف الدولة وذلك حفاظا على توحيد هذا المجال بين الدولة والجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬كما تم �إقرار حق االطالع وفح�ص المحا�سبة لتمكين الجماعات المحلية‬

‫‪364‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫من ممار�سة �سلطات وا�سعة في مجال الح�صول على المعلومات والمعطيات‬


‫ال�ضرورية لت�أ�سي�س الر�سوم المحلية‪ ،‬واعتماد م�صالح الدولة والجماعات المحلية‬
‫على نف�س الإجراءات الم�سطرية للتبليغ ولت�صحيح الر�سوم‪،‬و الآجال القانونية‬
‫بالن�سبة للجنة الطعون الجبائية ق�صد البت في الملفات المعرو�ضة على �أنظارها‬
‫وتبليغ قراراتها �إلى الأطراف المعنية‪،‬ولفر�ض الر�سم ب�صورة تلقائية والم�سطرة‬
‫الإدارية والق�ضائية‪.....‬‬
‫‪ - 3.1‬تحديد ن�سب و�أ�سعار الر�سوم المحليةب�إعداد القرار الجبائي‬
‫فبا�ستثناء الر�سم المهني ور�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية والر�سم‬
‫على بيع الحا�صالت الغابوية التي حدد �سعرها في ن�سب ثابثة والر�سم على رخ�ص‬
‫ال�سياقة والر�سم على ال�سيارات الخا�ضعة للفح�ص التقني وال�سم على رخ�ص‬
‫ال�صيد التي تعتمد على �أ�سعار ثابتة‪،‬اعتمد الم�شرع حدا �أدنى وحدا �أق�صى في‬
‫تحديد ن�سب و�أ�سعار بقية الر�سوم المحلية بهدف تدعيم االخت�صا�صات الجبائية‬
‫للجماعات المحلية‪.‬وطبقا لأحكام المادة ‪ 168‬من القانون رقم ‪ 47.06‬ف�إن امر‬
‫تحديد ن�سب و�أ�سعار هذه الر�سوم يتم عن طريق �إعداد قرار جبائي من طرف الآمر‬
‫بال�صرف بعد م�صادقة مجل�س الجماعة المحلية المعنية في حدود الأ�سعار الدنيا‬
‫والق�صوى المحددة بالقانون‪ .‬ويتم ذلك عمليا ب�أن يقترح رئي�س المجل�س �أ�سعار‬
‫وتعريفات الر�سوم والحقوق والم�ساهمات والأتاوى في حدود الأ�سعار الدنيا‬
‫والق�صوى وعر�ضها على مداوالت المجل�س للم�صادقة عليها‪ ،‬ثم �إعداد القرار‬
‫الجبائي طبقا لهذه المداوالت و�إحالته على �سلطات الو�صاية ق�صد الم�صادقة عليه‬
‫لي�صبح قابال للتنفيذ‪ .‬لذلك ف�إن معرفة �سعر بع�ض الر�سوم المحلية تقت�ضي من‬
‫المحكمة ان ت�ستح�ضر عند المنازعة الجبائية القانون رقم ‪ 47-06‬والقرار الجبائي‬
‫للجماعة المحلية المعنية‪.‬‬
‫‪� - 3.2‬أ�سلوب الفر�ض الجبائي المعتمد بالن�سبة للر�سوم المحلية‬
‫لقد تبنى القانون ‪ 47-06‬المنظم لجبايات الجماعات المحلية ا�سلوبان لتحديد‬
‫مبلغ الر�سم �أو لتقدير ا�سا�سه ‪:‬‬
‫‪365‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الأ�سلوب الأول هو �أ�سلوب الت�صريح الذي يقدمه الملزم في اجال معينة‬


‫مبينا فيه ا�سا�س الر�سم و�أحيانا مبلغه وي�ضعه رهن �إ�شارة الإدارة لمراقبته وي�شكل‬
‫هذا الأ�سلوب كما �سلف الذكر القاعدة في تقدير الر�سوم المحلية بالن�سبة لجل‬
‫الملزمين وهو ي�شمل جل الر�سوم المحلية‪.‬‬
‫وبعتبر الإقرار كما هو معلوم و�سيلة عملية وح�ضارية لإ�شراك الملزم في‬
‫عملية ربط ال�ضريبة حيث يقوم من تلقاء نف�سه بتحديد العنا�صر الخا�ضعة للر�سم‬
‫واحت�ساب مقداره ويتقدم �إلى الإدارة �أو مح�صل المالية �أو وكيل المداخيل‬
‫بالجماعة في الآجال الم�ضروبة له وي�ضع بين ايديهم مبلغ الر�سوم‪ .‬وذلك لتجنب‬
‫الجزاءات المن�صو�ص عليها قانونا وفر�ض ال�ضريبة ب�صورة تلقائية من طرف‬
‫الإدارة‪ ،‬وهي م�سطرة ت�ؤدي في نهاية الأمر �إلى تكليف الملزم في حالة المنازعة‬
‫ب�إثبات خالف ما قدرته الإدارة‪.‬‬
‫والأ�سلوب الثاني هو �أ�سلوب التقدير بوا�سطة �أعوان الإدارة الذين يكلفون‬
‫ب�إح�صاء المادة الخا�ضعة لل�ضريبة في �إطار لجن خا�صة �أو في �إطار العمل الإداري‬
‫وتقييمها وتقدير الر�سم المنا�سب �أو المزج بين الأ�سلوبين ويهم ذلك الر�سم‬
‫المهني بالن�سبة للملزمين الذين يزاولون ن�شاطا مهنيا‪ ،‬ور�سم ال�سكن والر�سم على‬
‫الأرا�ضي الح�ضرية غير المبنية‪.‬‬
‫ويعتبر �أ�سلوب الإح�صاء بدوره �أ�سلوبا ناجعا بالرغم من تكلفته هدره للوقت‪،‬‬
‫لمحاربة التمل�ص ال�ضريبي وتجاوز النق�صان الملحوظ في تقدير القدرات الجبائية‬
‫للجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪ - 3.3‬تح�صيل الر�سوم المحلية‬
‫ت�ستخل�ص الر�سوم الم�ستحقة لفائدة الجماعات المحلية اما تلقائيا بناء على‬
‫�إقرارات الملزمين بالن�سبة للر�سوم االقرارية �أو عن طريق الدفع نقدا بالن�سبة‬
‫للحقوق النقدية‪،‬والتي يتولى ا�ستخال�صها وكيل المداخيل الجماعي المعني‪ .‬واما‬

‫‪366‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫بناء على اوامر اال�ستخال�ص فردية �أو جماعية يتم ا�صدارها ب�صفة منتظمة من طرف‬
‫ادارة الدولة بالن�سبة للر�سم المهني ور�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية‪،‬‬
‫ومن طرف االمر بال�صرف للجماعة المحلية المعنية بالن�سبة لبقية الر�سوم‪ ،‬والتي‬
‫يتولى ا�ستخال�صها المح�صل �أو القاب�ض الجماعي طبقا الحكام القانون رقم‬
‫‪ 47-06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية والقانون رقم ‪ 15-97‬بمثابة مدونة‬
‫تح�صيل الديون العمومية‪ .‬وبهذا التمييز في عملية ا�ستخال�ص الر�سوم المحلية‬
‫يكون الم�شرع قد عمل على رفع كل غمو�ض �أو التبا�س يعتري مو�ضوع تح�صيل‬
‫الر�سوم المحلية وو�ضع حد لتداخل االخت�صا�صات مابين القاب�ض المكلف بتدبير‬
‫الميزانية المحلية ووكيل المداخيل‪ ،‬حيث تم تحديد م�س�ؤولية كل طرف فيما يتعلق‬
‫باخت�صا�صه في مجال تح�صيل منتوج الر�سوم المحلية‪.‬‬
‫وير�سل المحا�سب المكلف بالتح�صيل االعالم بفر�ض الر�سم �إلى الملزمين‬
‫الم�سجلين بالجداول عن طريق البريد في ظرف مغلق وعلى ابعد تقدير عند‬
‫تاريخ ال�شروع في التح�صيل‪ ،‬ويتم اخبار الملزمين بتاريخ ال�شروع في التح�صيل‬
‫وتاريخ اال�ستحقاق بجميع و�سائل الإخبار‪ .‬وت�ستحق الر�سوم الم�ستخل�صة عن‬
‫طريق الجداول عند ان�صرام ال�شهر الثاني الموالي ل�شهر ال�شروع في تح�صيلها‪.‬‬
‫‪ - 3.4‬الجزاءات المتعلقة بوعاء وتح�صيل الر�سوم المحلية‬
‫اعتمد الم�شرع في قانون جبايات الجماعات المحلية على التفريق بين‬
‫الجزاءات والغرامات والعالوات المتعلقة بمجال ت�أ�سي�س الر�سوم وتلك المتعلقة‬
‫بمجال التح�صيل وذلك لتمكين الم�صالح المهتمة بكل ميدان من التدخل لتطبيق‬
‫الجزاءات والعالوات وتحديد الم�سئوليات في هذا الباب‪ ،‬واعتماد نف�س مبالغ‬
‫ون�سب الجزاءات والعالوات المطبقة من طرف الدولة وذلك حفاظا على توحيد‬
‫هذا المجال بين الدولة والجماعات المحلية‪ .‬وهكذا نجد الم�شرع قد اكتفى‬
‫بترتيب جزاءات جبائية فقط متمثلة في تطبيق ن�سبة زيادة على الر�سم الم�ستحق‬
‫�أو غرامة مالية عن عدم االقرار �أو و�ضعه خارج الأجل القانوني‪� ،‬أو عدم االقرار‬

‫‪367‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫بتفويت الن�شاط �أو توقفه �أو نقله �أو تغيير ال�شكل القانوني للم�ؤ�س�سة‪� ،‬أو عدم ايداع‬
‫الت�صريح بالت�أ�سي�س بالن�سبة لبع�ض الر�سوم‪ .‬كما ن�ص القانون المتعلق بجبايات‬
‫الجماعات المحلية على معاقبة المخالفات المتعلقة بحق االطالع وبعدم الإدالء‬
‫بالوثائق المحا�سبية بغرامة مالية‪ .‬ون�ص على عقوبات جنائية في بع�ض حاالت‬
‫الغ�ش‪ .‬لكن الم�شرع قد رتب فقدان الملزم اال�ستفادة من الإبراء من الر�سم �أو‬
‫التخفي�ض منه‪ ،‬وكذا فر�ض الر�سم ب�صورة تلقائية في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ - 3.4.1‬فقدان اال�ستفادة من الإبراء من الر�سم المهني اوالتخفي�ض منه ب�سبب‬
‫عطالة الم�ؤ�س�سة‬
‫في حالة العطالة الجزئية �أو الكلية لم�ؤ�س�سة طيلة �سنة مدنية يمكن للملزم‬
‫الح�صول على تخفي�ض �أو ابراء من الر�سم المهني‪ ،‬لكن الملزم يفقد اال�ستفادة‬
‫من الإبراء من الر�سم المهني �أو التخفي�ض منه ب�سبب عطالة الم�ؤ�س�سة في حالة‬
‫عدم �إدالئه بالإقرار لدى الم�صلحة المحلية لل�ضرائب التابع لها مقره االجتماعي‬
‫�أو م�ؤ�س�سته الرئي�سية �أو موطنه ال�ضريبي بعطالة الم�ؤ�س�سة الجزئية �أو الكلية داخل‬
‫�أجل �أق�صاه ‪ 31‬يناير من ال�سنة الموالية ل�سنة العطالة‪.‬‬
‫‪ - 3.4.2‬فقدان اال�ستفادة من الإبراء من ر�سم ال�سكن‬
‫يمكن للملزم ان يح�صل على ابراء من الر�سم ب�سبب ال�شغور لكن الملزم‬
‫يفقد اال�ستفادة من الإبراء من ر�سم ال�سكن اذا لم يدل لم�صلحة ال�ضرائب التابع‬
‫لها العقار باقرار بال�شغور داخل �أجل �شهر يناير من ال�سنة الموالية ل�سنة ال�شغور‬
‫نع اال�شارة �إلى مكونات المحالت ال�شاغرة والمدة و�أ�سباب ال�شغور مثبتا ذلك‬
‫بجميع و�سائل الإثبات �أو اذا لم ي�ستجب ال�ستدعاء المفت�ش ال�ضرائب الذي هو‬
‫ع�ضو في لجنة االح�صاء من �أجل اثبات ال�شغور اما بح�ضوره الة م�صلحة ال�ضرائب‬
‫�أو بار�سال جوابه بوا�سطة ر�سالة م�ضمونة مع �إ�شعار بالتو�صل وذلك خالل �أجل ‪30‬‬
‫يوما الموالية لتاريخ ت�سلم اال�ستدعاء‪.‬‬

‫‪368‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ - 3.4.3‬فر�ض الر�سم ب�صورة تلقائية جزاء عن عدم الإدالء بالرخ�ص‬


‫في حالة امتناع الملزم عن تقديم التراخي�ص الم�سلمة �إليه من طرف االدارة‬
‫عند كل عملية مراقبة ر�سم معين‪ ،‬توجه �إليه ر�سالة تدعوه �إلى الإدالء بالرخ�ص‬
‫المذكورة داخل �أجل ‪ 15‬يوما ابتداء من تاريخ ت�سلمه الإنذار‪ .‬وفي حالة عدم‬
‫�إدالء الملزم بالوثائق المطلوبة بعد ان�صرام الأجل المذكور يفر�ض عليه الر�سم‬
‫ب�صفة تلقائية ودون �سابق �إعالم مع تطبيق الغرامة‪ .‬‬
‫المحور الثاني ‪ :‬منازعات جبايات الجماعات المحلية على �ضوء‬
‫القانون رقم ‪47.06‬‬

‫تناولنا في المحور الأول الإطار القانوني لجبايات الجماعات المحلية‪ ،‬ومن‬


‫خالله تعرفنا على نوعية الر�سوم التي ت�ضمنها القانون رقم ‪ 47-06‬وبقية الحقوق‬
‫والم�ساهمات والأتاوى التي �ستوا�صل الجماعات المحلية تطبيقها طبقا للقانون‬
‫رقم ‪ 39-07‬الذي يق�ضي بموا�صلة تطبيق �أحكام القانون رقم ‪� 30-89‬إلى حين‬
‫�صدور المر�سوم المنظم لبع�ض الأتاوى والأجور عن الخدمات المقدمة من‬
‫طرف الجماعات المحلية‪ .‬كما ا�شرنا �إلى خا�صيات ومكونات جبايات الجماعات‬
‫المحلية المتمثلة في �إعداد القرار الجبائي واال�سلوب المتبع في فر�ض الر�سوم‬
‫والتح�صيل الجبائي وترتيب الجزاءات‪ .‬لكن هذه المرحلة لي�ست نهائية لكون‬
‫الم�شرع منح للإدارة كما للملزم‪ ،‬فر�صة تدارك الأخطاء واالغفاالت التي يمكن‬
‫ان تقع في مرحلة الفر�ض الجبائي �سواء كان ال�سبب في ذلك هو عدم الت�صريح‬
‫�أو ال�سهو من طرف الإدارة‪.‬‬
‫وفي هذا الإطار مكن الم�شرع‪ ،‬في ظل القانون رقم ‪ ،47-06‬الإدارة ب�أن‬
‫تقوم من خالل وثائق الملف الجبائي وعبر االطالع وفح�ص المحا�سبة‪ ،‬بمراقبة‬
‫الإقرارات والوثائق المعتمدة لإ�صدار الر�سوم التالية (المادة ‪:)149‬‬
‫‪ -‬الر�سم على تجزئة الأرا�ضي‬
‫‪ -‬الر�سم على محال بيع الم�شروبات‬

‫‪369‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ -‬الر�سم على الإقامة في الم�ؤ�س�سات ال�سياحية‪.‬‬


‫‪ -‬الر�سم على المياه المعدنية ومياه المائدة‬
‫‪ -‬الر�سم على النقل العمومي للم�سافرين‬
‫‪ -‬الر�سم على ا�ستخراج مواد المقالع‬
‫‪ -‬الر�سم على الخدمات المقدمة بالموانئ‬
‫‪ -‬الر�سم على ا�ستغالل المناجم عن طريق االطالع (المادة ‪ )151‬على جميع‬
‫المعلومات التي من �شانها ان تفيدها في ربط ومراقبة الر�سوم الم�ستحقة‬
‫على الغير‪.‬‬
‫وبعد ان تكون الإدارة قد اطلعت على الوثائق المفيدة في ت�صحيح ربط‬
‫ال�ضريبة �أو ح�صلت على معلومات من خالل قنوات متعددة‪،‬ف�إنها ت�ستعمل لكي‬
‫ت�صحح و�ضع الإلزام ال�ضريبي الذي بدا لها غير �صحيح حقا �آخر وهو حق مراقبة‬
‫الت�صريحات المقدمة �إليها من �أجل ربط ال�ضريبة عن طريق الفح�ص في عين‬
‫المكان �أو المراقبة المحا�سبية التي ال تخلو من قيود م�سطرية(المادة ‪.)153‬‬
‫ومن الآثار المهمة لم�سطرة المراقبة اكت�شاف االختالالت الخطيرة التي‬
‫ت�شوب المحا�سبة والتي تفقدها م�صداقيتها‪ .‬وقد عدد قانون جبايات الجماعات‬
‫المحلية العمليات واالخالالت الج�سيمة التي تثبت عدم م�صداقية المحا�سبة‬
‫المقدمة(المادة ‪ .)154‬حيث يجوز للإدارة �أن تحدد �أ�سا�س فر�ض الر�سوم الم�شار‬
‫�إليها �أعاله باعتبار العنا�صر المتوفرة لديها‪.‬‬
‫وتتميز م�سطرة ت�صحيح الر�سوم المحلية بوجود و�سيلتين للت�صحيح ت�ؤديان‬
‫�إلى نتائج م�سطرية مختلفة وهما ‪ :‬ت�صحيح الر�سم عن طريق تقويم الت�صريح المدلى‬
‫به من طرف الملزم وهي م�سطرة تواجهية بين هذا الأخير والإدارة توفر للطرفين‬
‫�إمكانية الحوار وتبادل الحجج من �أجل الو�صول �إلى تقدير منا�سب للإلزام(المادتان‬
‫‪ 155‬و‪� .)156‬أما الو�سيلة الثانية فهي الفر�ض التلقائي الذي تقوم به الإدارة ب�شكل‬

‫‪370‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫انفرادي �إما بناء على مقت�ضيات قانونية �أو بناء على توقف الم�سطرة التواجهية في‬
‫مرحلة من المراحل(المادتان ‪ 158‬و‪.)159‬‬
‫ولقد هي�أ نظام جبايات الجماعات المحلية‪ ،‬جميع ال�سبل الإدارية والق�ضائية‬
‫لتمكين الملزم من تعديل الفر�ض المبالغ فيه �أو الربط الخاطئ لل�ضريبة �أو �أي �سلوك‬
‫�إداري منافي للقواعد الم�سطرية المن�صو�ص عليها �ضمن مقت�ضيات القانون رقم‬
‫‪ 47-06‬والمتعلقة بفر�ض ال�ضريبة �أو ا�ستخال�صها‪ .‬وجعل المرحلة الإدارية(المادة‬
‫‪� )161‬ضرورية لحل المنازعات قبل اللجوء �إلى المحاكم (المادة ‪ .)164‬هذا وتثير‬
‫قراءة القانون رقم ‪ 47.06‬عدة مالحظات بخ�صو�ص المنازعات �سنكتفي بمناق�شة‬
‫ما يتعلق منها بتمثيلية الإدارة بمنا�سبة المنازعة في الر�سوم المحلية‪ ،‬وبا�ستعرا�ض‬
‫حاالت البطالن وبع�ض حاالت القابلية للإبطال‪:‬‬
‫�أ‌‪ -‬حول تمثيل الإدارة بمنا�سبة المنازعات في الر�سوم المحلية‬
‫�أوجب القانون على الملزمين الذين ينازعون في مجموع �أو بع�ض مبلغ الر�سوم‬
‫المفرو�ضة عليهم ان يوجهوا مطالباتهم �إلى الآمر بال�صرف �أو ال�شخ�ص المفو�ض‬
‫من لدنه لهذا الغر�ض‪.‬كما �أجاز لهم المنازعة عن طريق المحاكم المخت�صة داخل‬
‫�أجال محددة‪ .‬هذا وتثير تمثيلية االدارة المكلفة بجبايات الجماعات المحلية امام‬
‫الق�ضاء بع�ض المالحظات حول مدى ان�سجام المقت�ضيات القانونية المحددة‬
‫لهذه التمثيلية وواقع تدبير الجبايات المحلية الذي يتوزع بين ادارة الدولة ممثلة‬
‫في مديرية ال�ضرائب بوزارة المالية وبين ادارة الجماعات المحلية ممثلة في رئي�س‬
‫الجماعة والعامل والوالي عامل مركز الجهة‪ .‬وقبل مناق�شة مو�ضوع تمثيلية الإدارة‬
‫�أمام الق�ضاء البد من التذكير ب�شروط �سلوك الم�سطرة الإدارية والق�ضائية بمنا�سبة‬
‫المنازعة في جبايات الجماعات المحلية‪.‬‬
‫‪ - 1‬م�سطرة المنازعة‬
‫‪� - 1.1‬سلوك الم�سطرة الإدارية قبل اللجوء �إلى الق�ضاء‬
‫�أوجب قانون جبايات الجماعات المحلية على الملزمين الذين ينازعون في‬

‫‪371‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫مجموع �أو بع�ض مبلغ الر�سوم المفرو�ضة عليهم �أن يوجهوا مطالباتهم �إلى الآمر‬
‫بال�صرف �أو ال�شخ�ص المفو�ض من لدنه لهذا الغر�ض‪ ،‬في حالة فر�ض الر�سم عن‬
‫طريق جداول �أو �أوامر باال�ستخال�ص خالل ‪� 6‬أ�شهر الموالية لل�شهر التي تو�ضع‬
‫فيه مو�ضع تح�صيل‪ ،‬وفي حالة �أداء الر�سم ب�صورة تلقائية خالل ‪� 6‬أ�شهر الموالية‬
‫الن�صرام الآجال القانونية للإقرارات‪ ،‬وبعد البحث الذي تقوم به الم�صلحة‬
‫المخت�صة يتم البت في المطالبة من طرف الوزير المكلف بالمالية �أو ال�شخ�ص‬
‫المفو�ض من لدنه لهذا الغر�ض فيما يخ�ص الر�سم المهني ور�سم ال�سكن ور�سم‬
‫الخدمات الجماعية‪ ،‬والآمر بال�صرف للجماعة المحلية �أو ال�شخ�ص المفو�ض من‬
‫لدنه لهذا الغر�ض بالن�سبة للر�سوم الأخرى‪ .‬وي�ستخل�ص من مقت�ضيات المادة‬
‫المذكورة �أعاله �أن تمثيل الإدارة في تلقي المطالبات والبت فيها هو الوزير‬
‫المكلف بالمالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض من لدنه فيما يخ�ص الر�سم المهني ور�سم‬
‫ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية‪ ،‬ورئي�س الجماعة �أو العامل �أو الوالي �أو‬
‫الأ�شخا�ص المفو�ض لهم من لدنهم لهذا الغر�ض بالن�سبة لبقية الر�سوم الم�ستحقة‬
‫للجماعة المحلية المعنية التي يقومون فيها بمهمة الأمر بال�صرف‪.‬‬
‫‪� - 1.2‬سلوك الم�سطرة الق�ضائية‬
‫‪ - 1.2.1‬على اثر المطالبة‬
‫و�إذا لم يقبل الملزم المقرر ال�صادر عن الإدارة عقب بحث مطالبته‪ ،‬جاز له �أن‬
‫يرفع الأمر �إلى المحكمة المخت�صة داخل �أجل ‪ 30‬يوما الموالية لتاريخ تبليغ المقرر‬
‫المذكور وفي �أجل �شهرين فيما يخ�ص الملزمين غير المقيمين‪.‬و�إذا لم تجب‬
‫الإدارة داخل �أجل ‪� 6‬أ�شهر الموالية لتاريخ المطالبة‪ ،‬جاز كذلك للملزم المعني‬
‫رفع طلب �إلى المحكمة داخل �أجل ‪ 30‬يوما الموالية لتاريخ ان�صرام �أجل الجواب‬
‫الم�شار �إليه �أعاله‪.‬وال تحول المطالبة دون التح�صيل الفوري للمبالغ الم�ستحقة‬
‫وان اقت�ضى الحال ال�شروع في م�سطرة التح�صيل الجبري مع مراعاة ا�سترداد‬
‫مجموع �أو بع�ض المبالغ المذكورة بعد �صدور المقرر �أو الحكم‪.‬‬

‫‪372‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ - 1.2.2‬على اثر المراقبة الجبائية‬


‫ويجوز للملزم كذلك �أن ينازع ق�ضائيا عن طريق المحاكم في الر�سوم المفرو�ضة‬
‫على اثر المقررات ال�صادرة عن اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة التي �أ�صبحت‬
‫نهائية �أو الر�سوم التي تفر�ضها الإدارة تلقائيا باعتبار الأ�سا�س الذي بلغته ب�سبب‬
‫ت�صريح اللجنة المذكورة بعدم اخت�صا�صها‪ ،‬وذلك داخل �أجل ‪ 60‬يوما الموالية‬
‫لتاريخ و�ضع الأمر باال�ستخال�ص مو�ضع التح�صيل‪.‬اذا لم يترتب على المقررات‬
‫ال�صادرة عن اللجان المحلية لتقدير ال�ضريبة �إ�صدار �أمر باال�ستخال�ص‪ ،‬جاز‬
‫تقديم الطعن الق�ضائي داخل ‪ 60‬يوما الموالية لتاريخ تبليغ مقرر اللجنة المذكورة‪.‬‬
‫يمكن كذلك للإدارة ان تنازع عن طريق المحاكم داخل الأجل المذكور �أعاله‬
‫في المقررات ال�صادرة عن اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة‪� ،‬سواء تعلقت هذه‬
‫المقررات بم�سائل قانونية �أو واقعية‪ .‬ون�ص الم�شرع في اعقاب هذا الن�ص على‬
‫ان الدعوى ترفع �ضد مدير ال�ضرائب �أو �ضد االمر بال�صرف للجماعة المحلية‬
‫المعنبة �أو الأ�شخا�ص المفو�ضين من لدنهما لهذا الغر�ض‪ .‬و�إذا كان ال �شك ان‬
‫ذلك المقت�ضى يهم كلتا الحالتين �سواء على اثر المطالبة �أو على اثر المراقبة‬
‫الجبائية‪ ،‬ف�إن الغمو�ض يبقى قائما حول �صيغة الخيار بين مدير ال�ضرائب والآمر‬
‫بال�صرف للجماعة المحلية المعنية‪ ،‬الممنوحة للمتقا�ضين للقول ب�صحة الدعوى‬
‫من الناحية ال�شكلية‪ .‬بمعنى هل تعتبر الدعوى المرفوعة �ضد مدير ال�ضرائب‬
‫مقبولة �شكال بمنا�سبة المنازعة في الر�سوم المحلية الأخرى غير الر�سم المهني‬
‫ور�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية ؟ والعك�س بالعك�س �صحيح‪ :‬هل‬
‫تعتبر الدعوى المرفوعة �ضد رئي�س الجماعة مقبولة �شكال بمنا�سبة المنازعة في‬
‫الر�سم المهني ور�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية علما ب�أن الم�صالح التابعة‬
‫للجماعة لي�ست م�س�ؤولة عن تدبيرها؟ وهل تعتبر الدعوى المرفوعة �ضد والي‬
‫الجهة مقبولة �شكال بمنا�سبة المنازعة في ر�سم الخدمات الجماعية على اعتبار‬
‫ان الجهة تتلقى ن�سبة من عائد هذا الر�سم مع العلم ان م�صلح الجهة ال تدير هذا‬
‫الر�سم؟اعتقد ان منطق معالجة الق�ضايا ال ي�سمح بجواز ذلك‪ ،‬وان الأمر ال يتعلق‬
‫بخيار و�إنما يتعلق بدعوة للمالءمة‪.‬‬

‫‪373‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ - 2‬تمثيل الإدارة �أمام الق�ضاء بالن�سبة للمنازعات الجبائية المحلية‬


‫‪ - 2.1‬على م�ستوى الوعاء‬
‫فلقد ن�صت المادة ‪ 164‬من قانون ‪ 47.06‬في فقرتها ما قبل الأخيرة على انه‬
‫ب�صرف النظر عن جميع المقت�ضيات المخالفة تمثل الإدارة بكيفية �صحيحة �أمام‬
‫الق�ضاء مطالبة كانت �أو مطلوبا �ضدها‪ ،‬بمدير ال�ضرائب �أو الأمر بال�صرف للجماعة‬
‫المحلية المعنية �أو الأ�شخا�ص المفو�ضين من لدنهما لهذا الغر�ض والذي يمكنه‬
‫ان اقت�ضى الحال توكيل محام‪ .‬بينما ن�صت المادة ‪ 161‬من القانون �أعاله على‬
‫انه يجب على الملزمين في مجموع �أو بع�ض مبلغ الر�سوم المفر�ضة عليهم‬
‫ان يوجهوا مطالباتهم �إلى الأمر بال�صرف �أو ال�شخ�ص المفو�ض من لدنه لهذا‬
‫الغر�ض‪ .‬وبعد البحث الذي تقوم به الم�صلحة المخت�صة يتم البت في المطالبة‬
‫من طرف الوزير المكلف بالمالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض من لدنه لهذا الغر�ض فيما‬
‫يخ�ص الر�سم المهني ور�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية‪ ،‬والآمر بال�صرف‬
‫للجماعة المحلية �أو ال�شخ�ص المفو�ض من لدنه لهذا الغر�ض بالن�سبة للر�سوم‬
‫الأخرى‪ .‬وجاءت المادة ‪ 167‬من ذات القانون لتو�ضح ان المق�صود بم�صطلح‬
‫الإدارة الوارد في القانون رقم ‪ 47.06‬هي الم�صالح التابعة لمديرية ال�ضرائب‬
‫بالن�سبة للر�سم المهني ور�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية‪ ،‬وهي الم�صالح‬
‫الجبائية التابعة للجماعات المحلية بالن�سبة لباقي الر�سوم‪.‬‬
‫ولكي يتحقق االن�سجام والمالءمة المطلوبة بين المقت�ضيات القانونية �أعاله‬
‫والواقع العملي لتدبير الجبايات المحلية فانه ينبغي ان ترفع الدعاوى بمنا�سبة‬
‫المنازعة في وعاء الر�سوم المحلية �ضد مدير ال�ضرائب بالن�سبة للر�سم المهني‬
‫ور�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية‪ ،‬وان ترفع �ضد رئي�س الجماعة بالن�سبة‬
‫للر�سوم الأخرى الم�ستحقة لفائدة الحماعات‪ ،‬و�أن ترفع �ضد عامل العمالة �أو‬
‫الإقليم بالن�سبة للر�سوم الم�ستحقة لفائدة العماالت والأقاليم‪ ،‬وان ترفع �ضد‬
‫الوالي عامل مركز الجهة بالن�سبة للر�سوم الم�ستحقة للجهات‪.‬‬

‫‪374‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ - 2.2‬على م�ستوى التح�صيل‬


‫لقد عهد الم�شرع �إلى القبا�ض والمح�صلين الجماعيين تح�صيل الوجيبات‬
‫والر�سوم والأتاوى التي تكون الجماعات المحلية ومحموعاتها م�ؤهلة ال�ستيفائها‬
‫عمال بالقوانين والأنظمة المعمول بها وذلك طبقا لأحكام القانون رقم ‪47-06‬‬
‫المتعلق بجبايات الجماعات المحلية والقانون رقم ‪ 15-97‬بمثابة مدونة تح�صيل‬
‫الديون العمومية‪ ،‬لكن تمييز قانون الجبايات المحلية ال�سالف الذكر ونظام‬
‫محا�سبة الجماعات المحلية‪،‬مابين طبيعة الر�سوم التي ي�ستخل�صها وكيل المداخيل‬
‫بالجماعة والمتمثلة في الر�سوم الم�صرح بها والحقوق النقدية‪ ،‬وما بين الر�سوم‬
‫التي ي�ستخل�صها القاب�ض �أو المح�صل الجماعي والتي تكون مو�ضوع �أوامر‬
‫باال�ستخال�ص قد يطرح �إ�شكالية فيما يخ�ص توجيه الدعوى بمنا�سبة المنازعة‬
‫الجبائية في التح�صيل‪.‬وبالرجوع �إلى الن�صين المذكورين يت�ضح ان وكيل‬
‫المداخيل يقوم بدفع ما ا�ستخل�صه �إلى �صندوق القاب�ض �أو المح�صل الجماعي‬
‫وتحت مراقبتهما‪.‬‬
‫وي�ستخل�ص من ذلك ان الدعاوى بمنا�سبة المنازعة في تح�صيل الر�سوم المحلية‬
‫ينبغي ان ترفع �ضد الخازن الجماعي (القاب�ض �أو المح�صل الجماعي) ولي�س �ضد‬
‫مدير ال�ضرائب �أو �ضد الأمر بال�صرف للجماعة المحلية‪.‬‬
‫ب‌‪ -‬حاالت بطالن والقابلية لإبطال فر�ض الر�سوم المحلية‬
‫‪ - 1‬كيفية التبليغ في فر�ض جبايات الجماعات المحلية‬
‫يترتب عن الإخالل بالإجراءات الممهدة لفر�ض الر�سم ب�صورة �أ�صلية في �إطار‬
‫الفر�ض التلقائي �أو ب�صورة تكميلية في �إطار م�سطرة ت�صحيح وعائها البطالن‪،‬‬
‫الرتباط ذلك بحق الدفاع الذي يعتبر من النظام العام‪ .‬الجل ذلك ن�صت المادة‬
‫‪ 152‬من القانون رقم ‪ 47-06‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية على كيفية‬
‫التبليغ‪ .‬وقبل ا�ستعرا�ض حاالت البطالن وبع�ض حاالت القابلية للإبطال فيما يخ�ص‬
‫فر�ض الر�سوم المحلية البد من التذكير �أوال بم�سطرة التبليغ الجبائي المن�صو�ص‬

‫‪375‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫عليه في القانون رقم ‪ 47-06‬لما تكت�سيه من �أهمية في فر�ض الر�سوم المحلية‪ ،‬وان‬
‫�إغفالها �أو عدم مراعاتها ي�ؤدي حتما �إلى قابلية تلك الر�سوم للإبطال‪.‬‬
‫ويتم التبليغ طبقا لهذه المادة بالعنوان المحدد من قبل الملزم اما بر�سالة‬
‫م�ضمونة مع �إ�شعار بالت�سلم �أو بالت�سليم �إليه في ظرف مغلق بوا�سطة المامورين‬
‫المحلفين التابعين للإدارة �أو �أعوان كتابة ال�ضبط �أو المفو�ضين الق�ضائيين �أو‬
‫بالطريقة االدارية‪ .‬ويثبت الت�سليم ب�شهادة تحرر في ن�سختين تت�ضمن ا�سم العون‬
‫المبلغ و�صفته وتاريخ التبليغ وال�شخ�ص الم�سلمة �إليه الوثيقة وتوقيعه‪.‬‬
‫واذا لم ي�ستطع �أو لم يرد ال�شخ�ص الذي ت�سلم التبليغ توقيع ال�شهادة‪ ،‬ت�سلم‬
‫ن�سخة منها �إلى المعني باالمر‪� ،‬أو اذا تعذر القيام بالت�سليم المذكور نظرا لعدم‬
‫العثور على الملزم �أو ال�شخ�ص النائب عنه‪ ،‬ووجبت الإ�شارة �إلى ذلك في‬
‫ال�شهادة التي ترجع �إلى الإدارة‪.‬‬
‫وتعتبر الوثيقة مبلغة ب�صورة �صحيحة ‪:‬‬
‫اذا وقع ت�سليمها فيما يخ�ص الأ�شخا�ص الذاتيين‪ ،‬اما لل�شخ�ص المعني واما‬
‫بموطنه لأقاربه �أو م�ستخدمين عنده �أو لكل �شخ�ص اخر ي�سكن �أو يعمل مع الملزم‬
‫الموجهة �إليه الوثيقة‪ .‬وفيما يخ�ص ال�شركات والهيئات الأخرى‪� ،‬إلى ال�شريك‬
‫الرئي�سي �أو ممثلها القانوني �أو م�ستخدميه �أو �أي �شخ�ص �آخر يعمل مع الملزم‬
‫الموجهة �إليه الوثيقة‪� .‬أو في حالة رف�ض ت�سلم الوثيقة المذكورة بالن�سبة للحالتين‪،‬‬
‫بعد ان�صرام �أجل الع�شرة �أيام الموالية لتاريخ رف�ض الت�سليم‪.‬‬
‫و�إذا تعذر الت�سليم �إلى الملزم بالعنوان المدلى به �إلى الإدارة �سواء عن طريق‬
‫الر�سالة �أو طريق الأعوان‪ ،‬يعتبر الظرف م�سلما بعد ان�صرام �أجل الع�شرة �أيام‬
‫الموالية لتاريخ �إثبات تعذر الت�سليم‪.‬‬
‫وبعد بيان كيفبة التبليغ الجبائي‪ ،‬ن�ستعر�ض فيما يلي بع�ض حاالت القابلية‬
‫لالبطال‪ ،‬وبع�ض حاالت بطالن م�سطرة فر�ض الر�سم وت�صحيح وعائه التي تناولها‬
‫الم�شرع من خالل مقت�ضيات القانون ال�سلف الذكر‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ - 2‬حاالت بطالن فر�ض الر�سوم المحلية‬


‫‪ - 2.1‬عدم التبليغ القانوني عن عملية فح�ص المحا�سبة وتجاوز مدة الفح�ص‬
‫ن�ص الم�شرع في القانون رقم ‪ 47.06‬بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬المتعلق بجبايات‬
‫الجماعات المحلية على �ضرورة توجيه �إ�شعار للخا�ضع للر�سوم المحلية ق�صد‬
‫�إعالمه بعملية فح�ص المحا�سبة لمراقبة �صدق �إقرارات الخا�ضع للر�سم وذك‬
‫بمقارنتها مع البيانات المحا�سبية‪ ،‬كما قيد مدة الفح�ص ب�أن جعلها بين �ستة �أ�شهر‬
‫و‪� 12‬شهرا ح�سب �أهمية الم�ؤ�س�سة الخا�ضعة لعملية الفح�ص‪ .‬وفي هذا الإطار تن�ص‬
‫المادة ‪ 153‬من القانون المذكور �أعاله في بندها االول على انه يجب على الإدارة‪،‬‬
‫عندما تقرر القيام بفح�ص محا�سبة تتعلق بالر�سوم المحلية الخا�ضعة للمراقبة‪ ،‬ان‬
‫تقوم بتبليغ �إ�شعار بذلك �إلى الملزم وفقا للإجراءات المن�صو�ص عليها في المادة‬
‫‪ 152‬من القانون الم�شار �إليه �أعاله قبل التاريخ المحدد لل�شروع في عملية الفح�ص‬
‫بخم�سة ع�شر يوما على الأقل‪ .‬كما تن�ص نف�س المادة في بندها الثاني على انه «‬
‫اليمكن باي حال من االحوال» ان ت�ستغرق عملية الفح�ص اكثر من ‪ 6‬ا�شهر بالن�سبة‬
‫للمن�شات التي يعادل �أو يقل مبلغ رقم اعمالها الم�صرح به ‪ 50‬مليون درهم دون‬
‫احت�ساب ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة و�أن ال تتعدى ‪� 12‬شهرا بالن�سبة للمن�شات‬
‫التي يعادل �أو يقل مبلغ رقم اعمالها الم�صرح به ‪ 50‬مليون درهم دون احت�ساب‬
‫ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة‪ .‬وهذه ال�ضمانات تعتبر �أ�سا�سية بالن�سبة للملزم النها‬
‫تجعله م�ستعدا للفح�ص والدفاع عن حقوقه وابتداء �أوجه دفاعه وحججه قبل ان‬
‫يقدم المفت�ش المحقق على اية عملية ت�صحيح وان ال ت�ستمر عملية الفح�ص �إلى‬
‫زمن غير محدود‪ .‬كما يعتبر هذا الإجراء �إلزاميا وان كل �إخالل بمقت�ضياته ي�ؤدي‬
‫�إلى بطالن م�سطرة الت�صحيح‪.‬وذلك ما �أكدته الفقرة ال�ساد�سة من المادة ‪ 155‬من‬
‫القانون رقم ‪ 47.06‬حين ن�صت �صراحة ب�أن م�سطرة الت�صحيح تكون ال غية في حالة‬
‫عدم توجيه الإ�شعار بالتحقيق �إلى المعنيين باالمر داخل الأجل المن�صو�ص عليه‬
‫في المادة ‪ 153‬المذكورة اعاله‪.‬‬

‫‪377‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ -‬عدم تبليغ جواب الإدارة على مالحظات الملزمين داخل الأجل‬ ‫‪2.2‬‬
‫القانوني‬
‫�أوجبت المادة ‪ 155‬من قانون الجبايات في بندها الثاني على االدارة اذا تلقت‬
‫مالحظات الملزم داخل �أجل ‪ 30‬يوما الم�ضروب له بمنا�سبة التبليغ االول ورات‬
‫ان جميعها �أو بع�ضها ال ي�ستند �إلى اي �أ�سا�س �صحيح‪ ،‬ان تقوم خالل �أجل ‪ 60‬يوما‬
‫من تاريخ ت�سلم الجواب‪ ،‬بتبليغه وفق نف�س �إجراءات التبليغ الجبائي‪ ،‬ا�سباب‬
‫رف�ضها الجزئي �أو الكلي وا�سا�س فر�ض الر�سم الذي ترى من الواجب اعتماده‬
‫مع اخباره ب�أن هذا اال�سا�س �سي�صير نهائيا ان لم يقدم طعنا في ذلك �إلى اللجنة‬
‫المحلية لتقدير ال�ضريبة المن�صو�ص عليها داخل �أجل ‪ 30‬يوما الموالية لتاريخ ت�سلم‬
‫ر�سالة التبليغ الثانية‪ .‬ويتوخى الم�شرع من الإجراءات المن�صو�ص عليها بم�سطرة‬
‫الفر�ض التلقائي كما هي محددة في قانون الجبايات المحلية تمكين الملزم‬
‫من تقديم �إقراره ومن التعرف على �أ�سا�س الر�سم ومناق�شته فبل فر�ضه في حقة‬
‫ب�شكل احادي وانفرادي وب�صورة تلقائية �ضمانا لمبدا حق الدفاع‪.‬وكل �إخالل‬
‫من طرف الإدارة ب�إجراءات م�سطرة الفر�ض التلقائي �سواء المتعلقة منها ب�صحة‬
‫التبليغ �أو باالجراءات المتطلبة في ذلك يرتب جزاء بطالن م�سطرة فر�ض الر�سم‬
‫ب�صورة �صحيحة‪ .‬وذلك ما اكدته الفقرة ال�ساد�سة من المادة ‪ 155‬من القانون رقم‬
‫‪ 47.06‬حين ن�صت �صراحة ب�أن م�سطرة الت�صحيح تكون الغية في حالة عدم تبليغ‬
‫جواب االدارة على مالحظات الملزمين داخل الأجل المن�صو�ص عليه في المادة‬
‫اعاله‪.‬‬
‫‪ - 3‬حاالت القابلية للإبطال‬
‫‪ - 3.1‬مخالفة �شروط انعقاد اللجان المحلية لتقدير ال�ضريبة وبتها في النزاعات‬
‫المعرو�ضة على �أنظارها‬
‫نظرا لخ�صو�صية الر�سوم المحلية فلقد احدث لها الم�شرع لجنة محلية خا�صة‬
‫للنظر في المنازعات المتعلقة بها‪ .‬وهكذا فانه طبقا للمادة ‪ 157‬من القانون تنظر‬
‫‪378‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫اللجان المحلية لتقدير ال�ضريبة في المطالبات المتعلقة بالر�سوم المحليةالتالية‪:‬‬


‫‪ -‬الر�سم على تجزئة الأرا�ضي‬
‫‪ -‬الر�سم على محال بيع الم�شروبات‬
‫‪ -‬الر�سم على الإقامة في الم�ؤ�س�سات ال�سياحية‪.‬‬
‫‪ -‬الر�سم على المياه المعدنية ومياه المائدة‬
‫‪ -‬الر�سم على النقل العمومي للم�سافرين‬
‫‪ -‬الر�سم على ا�ستخراج مواد المقالع‬
‫‪ -‬الر�سم على الخدمات المقدمة بالموانئ‬
‫‪ -‬الر�سم على ا�ستغالل المناجم‬
‫التي يقدمها في �شكل عرائ�ض‪ ،‬الملزمون الكائن موطنهم ال�ضريبي داخل دائرة‬
‫اخت�صا�صها‪ .‬وقد حدد الم�شرع �شروط تكوينها حيث ت�ضم �أربعة �أ�شخا�ص‪ :‬قا�ض‬
‫رئي�سا وممثال لعامل العمالة �أو الإقليم وممثال للم�صالح الجبائية التابعة للجماعات‬
‫المحلية وممثال للملزمين‪ .‬كما حدد �شروط انعقادها حيث تبت اللجنة ب�صورة‬
‫�صحيحة �إذا ح�ضر اجتماعها ثالثة على الأقل من �أع�ضائها من بينهم الرئي�س وممثل‬
‫الملزمين عند اال�ستدعاء الأول‪ ،‬وبح�ضور الرئي�س وع�ضوين �آخرين عند اال�ستدعاء‬
‫الثاني‪ .‬وتتداول ب�أغلبية الأ�صوات الحا�ضرين وعند التعادل يرجح الجانب الذي‬
‫يكون فيه الرئي�س‪ .‬وحدد اخت�صا�صاتها ب�أن �ألزمها بالت�صريح بعدم اخت�صا�صها في‬
‫الم�سائل التي ترى �أنها تتعلق بتف�سير ن�صو�ص ت�شريعية �أو تنظيمية‪ ،‬كما حدد نظام‬
‫ت�سييرهاحيث ت�ستدعي ممثلي الملزم واالدارة في ان واحد وت�ستمع للطرفين‪،‬‬
‫ون�ص الم�شرع على �آجال النظر في الق�ضايا المعرو�ضة عليها‪.‬هذا بالإ�ضافة �إلى‬
‫كون اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة ملزمة بتف�صيل وتعليل مقرراتها‪ .‬ومن �شان‬
‫مخالفة هذه ال�شروط ان ي�ؤدي �إلى قابلية مقرراتها للإبطال‪.‬‬
‫وفي هذا الإطار فانه ال يجوز عندما ين�صرم الأجل الأق�صى المحدد في اثني‬
‫ع�شر �شهرا ابتداء من تاريخ تقديم الطعن‪�،‬إدخال �أي ت�صحيح على �إقرار الملزم �أو‬

‫‪379‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫على �أ�سا�س فر�ض الر�سم المعتمد من لدن الإدارة في حالة فر�ض الر�سم ب�صورة‬
‫تلقائية ب�سبب عدم الإدالء بالإقرار �أو ب�سبب �إقرار غير تام‪.‬‬
‫‪ - 3.2‬عدم تحديد القيمة االيجارية من طرف لجنة الإح�صاء‬
‫ن�صت المادة ‪ 23‬من القانون الجبائي المحلي على انه يفر�ض ر�سم ال�سكن‬
‫على �أ�سا�س القيمة االيجارية للعقارات المقدرة عن طريق المقارنة من طرف‬
‫لجنة الإح�صاء باعتبار متو�سط مبالغ اكرية الم�ساكن المماثلة الواقعة بنف�س الحي‬
‫وتتم مراجعة القيمة االيجارية كل خم�س �سنوات بزيادة ن�سبتها ‪ 2‬في المائة‪.‬ويفر�ض‬
‫الر�سم طبقا للمادة ‪ 25‬من نف�س القانون �سنويا بموقع العقارات الخا�ضعة للر�سم‬
‫مع مراعاة مكوناتها والأغرا�ض المخ�ص�صة لها في تاريخ الإح�صاء‪.‬كما ن�صت‬
‫المادة ‪ 35‬من ذات القانون على �أن ر�سم الخدمات بفر�ض فيما يتعلق بالعقارات‬
‫الخا�ضعة لر�سم ال�سكن وللر�سم المهني على �أ�سا�س القيمة االيجارية المعتمدة‬
‫الحت�ساب الر�سمين المذكورين‪.‬‬
‫ونظرا لأهمية النتائج المترتبة عن �أعمال لجنة الإح�صاء و�أثارها على الملزم‬
‫من حيث واقعية �أو عدم واقعية تحديد القيمة الإيجارية التي ت�شكل �أ�سا�س فر�ض‬
‫ال�ضريبة‪ ،‬ف�إن الأمر ي�ستدعي الحر�ص على تكوين لجنة الإح�صاء بقرار من عامل‬
‫العمالة �أو الإقليم (وهي ت�ضم وجوبا مفت�ش ال�ضرائب وممثل عن الم�صالح الجبائية‬
‫للجماعة)‪ ،‬وقيامها ب�إجراء الإح�صاء ال�سنوي ال�شامل للعقارات الخا�ضعة لر�سم‬
‫ال�سكن في كل زنقة ح�سب ترتيب موقعها في الأحياء ال�سكنية بالجماعة المعنية‪،‬‬
‫وان تنجز عند االنتهاء من �أعمالها وهي م�شكلة الت�شكيلة القانونية ال�صحيحة مح�ضر‬
‫انتهاء عملية الإح�صاء موقع من طرف �أع�ضاء اللجنة وجداول القيم االيجارية‬
‫على �أ�سا�س متو�سط �إيجارات العقارات المماثلة داخل الحي‪.‬‬
‫لأجل ذلك ف�إن حماية الم�شروعية وبالتالي ان�صاف الملزم تقت�ضي �أن يقوم‬
‫الق�ضاء الإداري بمنا�سبة المنازعة بمراقبة وجود لجنة الإح�صاء من خالل قرار‬
‫تعيينها وتكوينها وقيامها الفعلي على ار�ض الواقع بعملية الإح�صاء ال�سنوي‪ .‬وفي‬
‫‪380‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫هذا الإطار تجدر الإ�شارة �إلى �أن المادة ‪ 32‬من القانون الجديد ن�صت على �إ�شعار‬
‫الملزمين بتاريخ ابتداء عملية الإح�صاء ‪ 30‬يوما على الأقل قبل بداية هذه العملية‬
‫وذلك بوا�سطة المل�صقات والن�شر في الجرائد وغير ذلك من و�سائل الإعالن‬
‫الم�ستعملة محليا‪.‬‬
‫ولقد انتبه الم�شرع �إلى الحالة التي لم يتم فيه �إح�صاء عقار خالل �سنة معينة‬
‫لأي �سبب من الأ�سباب‪ ،‬حيث قرر فر�ض ر�سم ال�سكن المتعلق به على �أ�سا�س �آخر‬
‫ر�سم تم �إ�صداره‪ ،‬لكنه لم ينتبه �إلى حالة الأحياء الجديدة والتي لم تخ�ضع لأي‬
‫�إح�صاء �سابق‪ ،‬غير �أنها �أ�صبحت خا�ضعة لر�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية‪.‬‬
‫الأمر الذي يجعل فر�ض ر�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية في هذه الحالة‬
‫الأخيرة قابال للإبطال من لدن الق�ضاء الإداري بمنا�سبة المنازعة الق�ضائية‪.‬‬
‫وفيما يخ�ص فر�ض الر�سم المهني فلقد ن�صت المادة ‪ 7‬من القانون على �أن‬
‫القيمة الإيجارية المعتبرة �أ�سا�سا لح�ساب الر�سم المهني تحدد �إما بوا�سطة عقود‬
‫الإيجار �أو الكراء و�إما عن طريق المقارنة والتقييم المبا�شر‪ ،‬دون اللجوء �إلى‬
‫م�سطرة الت�صحيح المن�صو�ص عليها في نف�س القانون‪.‬‬
‫وتثير �صيغة تحديد القيمة االيجارية المعتبرة �أ�سا�سا لح�ساب الر�سم المهني‬
‫الر�سم المهني دون اللجوء �إلى م�سطرة الت�صحيح المن�صو�ص عليها في نف�س‬
‫القانون بع�ض المالحظات ‪:‬‬
‫ف�إذا كانت �صيغة عدم اللجوء �إلى م�سطرة الت�صحيح الواردة في المادة �أعاله‪،‬‬
‫ت�سري على عقود الإيجار والكراء وعلى عملية المقارنة والتقييم المبا�شر معا ف�إن‬
‫المادة المذكورة تحمل في طياتها �إن�صافا �سواء بالن�سبة للملزمين الخا�ضعبن للر�سم‬
‫المهني الذين يم�سكون محا�سبة والذين يدلون ب�إقراراتهم فيما يخ�ص العنا�صر‬
‫الخا�ضعة للر�سم‪،‬او بالن�سبة للملزمين الذين يزاولون ن�شاط مهنيا الذين يخبرون‬
‫مفت�ش ال�ضرائب‪،‬بمنا�سبة الإح�صاء الذي تقوم به لجنة الإح�صاء �أو بمنا�سبة‬
‫المعاينة التي يقوم بها مفت�شو ال�ضرائب‪ ،‬بطبيعة الن�شاط المعني المزاول و�أهميته‬
‫‪381‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫والعنا�صر المميزة له‪ ،‬والموقع والقيمة االيجارية للمحالت الم�ستغلة والغر�ض‬


‫المخ�ص�ص له وجميع المعلومات الأخرى ال�ضرورية لتحديد القيمة االيجارية‪.‬‬
‫ويجب �أن يترتب عن ذلك ان ال تقوم الإدارة ب�أي ت�صحيح لأ�سا�س فر�ض الر�سم‬
‫المهني المقدم من طرف الملزم من خالل عقود الإيجار والكراء‪ .‬و�إذا قامت‬
‫بعملية الت�صحيح لتلك العنا�صر ف�إن فر�ض الر�سم المهني يكون عر�ضة للإبطال من‬
‫طرف الق�ضاء‪.‬‬
‫�أما �إذا كانت �صيغة «دون اللجوء �إلى م�سطرة الت�صحيح» الواردة في المادة‬
‫�أعاله‪ ،‬ت�سري فقط على عملية المقارنة والتقييم المبا�شر التي تقوم بها �إدارة‬
‫ال�ضرائب ف�إن من �ش�أن ذلك �أن يحرم الملزمين من اال�ستفادة من ال�ضمانات‬
‫التي تعتبر �أ�سا�سية بالن�سبة للملزم‪ ،‬التي تجعله م�ستعدا للدفاع عن حقوقه و�إبداء‬
‫�أوجه دفاعه وحججه قبل فر�ض الر�سم المهني بناء على عملية المقارنة والتقييم‬
‫المبا�شر‪ .‬وفي مقابل هذا الإخالل بمبد�أ حق الدفاع ينبغي للق�ضاء �إن�صاف الملزم‬
‫بالتحقق من �سالمة التقييم بكل و�سائل التحقيق المتاحة له وبالتالي الت�صدي لعدم‬
‫الم�شروعية‪.‬‬
‫‪ - 3.3‬م�سطرة ت�صحيح الر�سوم‬
‫‪ - 3.3.1‬عدم التبليغ القانوني في اطار الم�سطرة العادية لت�صحيح الر�سوم‬
‫ت�شكل الم�سطرة العادية لت�صحيح الر�سوم كما هو من�صو�ص عليها بالمادة ‪155‬‬
‫من القانون رقم ‪ 47.06‬بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬المتعلق بجبايات الجماعات المحلية‬
‫�ضمانات �أ�سا�سية وحقيقية للملزم لما لها من ارتباط بحقوق الدفاع المخولة له‬
‫في �إطار هاته الم�سطرة التواجهية الح�ضورية التي تهدف �إلى �إ�شراكه في عملية‬
‫ت�صحيح وعاء الر�سم بمعرفة و�سائله وحججه و�إثباتاته‪ ،‬وموقفه من م�شروع الأ�سا�س‬
‫المراد اعتماده في ت�صفية الر�سم في �إطار المراجعة‪ .‬وفي هذا الإطار �أوجبت‬
‫المادة المذكورة �أعاله في بندها الأول على الإدارة �إذا الحظت ما ي�ستوجب‬
‫القيام بت�صحيح �أ�س�س فر�ض الر�سم المحلي �إما بناء على الإقرارات التي �أدلى‬

‫‪382‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫بها الملزم و�إما ب�صورة تلقائية‪� ،‬أن تبلغ هذا الأخير وفق �إجراءات التبليغ الجبائي‬
‫�أ�سباب الت�صحيح المزمع القيام به وطبيعته وتفا�صيل مبلغه وتدعوه �إلى الإدالء‬
‫بمالحظاته خالل �أجل ‪ 30‬يوما الموالية لتاريخ ت�سلم ر�سالة التبليغ‪ .‬وفي حالة عدم‬
‫الجواب داخل الأجل الم�ضروب لذلك‪ ،‬يتم و�ضع الواجبات التكميلية مو�ضع‬
‫التح�صيل وال يمكن ان ينازع فيها �إال وفقا لل�شروط المقررة ل�سلوك الم�سطرة‬
‫الإدارية‪.‬‬
‫‪ - 3.3.2‬عدم التبليغ القانوني في �إطار الم�سطرة ال�سريعة لت�صحيح الر�سوم‬
‫�أوجبت المادة ‪ 156‬من قانون الجبايات المحلية في بندها الأول على الإدارة‬
‫�إذا الحظت ما ي�ستوجب القيام بت�صحيح �أ�سا�س فر�ض الر�سوم المحلية لآخر فترة‬
‫ن�شاط غير م�شمولة بالتقادم في حالة وفاة الملزم �أو تفويت مقاولة �أو انقطاع عن‬
‫مزاولة الن�شاط �أو تغيير �شكلها القانوني �أو ت�سوية �أو ت�صفية ق�ضائية‪� ،‬أن تبلغ �إلى‬
‫الملزم �أ�سباب الت�صحيحات وتفا�صيل مبلغها المزمع القيام به والأ�سا�س المعتمد‬
‫لفر�ض الر�سم وفق �إجراءات التبليغ الجبائي �ضمانا لحق الدفاع‪ .‬وكل �إخالل من‬
‫طرف الإدارة باحترام هذه الإجراءات يمكن �أن يعر�ض فر�ض الر�سوم للقابلية‬
‫لالبطال‪.‬‬
‫‪ - 3.3.3‬عدم التبليغ القانوني لمقررات اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة‬
‫عندما ترف�ض الإدارة جزئيا �أو كليا مالحظات الملزم تبلغ هذا الأخير �أ�سباب‬
‫الرف�ض في و�أ�سا�س فر�ض الر�سم الذي ترى من الواجب اعتماده‪ ،‬مع �إخباره ب�أن‬
‫هذا الأ�سا�س �سي�صير نهائيا �إذا لم يقدم طعنا في ذلك �إلى اللجنة المحلية لتقدير‬
‫ال�ضريبة عن طريق الإدارة داخل �أجل ‪ 30‬يوما الموالية لتاريخ ت�سلم الر�سالة الثانية‪.‬‬
‫و�ألزم الم�شرع الإدارة ب�أن تبلغ مقررات اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة �إلى‬
‫المعنيين بالأمر وفق �إجراءات التبليغ الجبائي وذلك لتمكينهم من الطعن فيها عند‬
‫االقت�ضاء �أمام المحاكم المخت�صة ب�سلوك الم�سطرة الق�ضائية المطبقة اتر المراقبة‬
‫الجبائية‪ .‬ويترتب عن كل �إخالل من طرف الإدارة باحترام �إجراءات تبليغ مقرر‬
‫اللجنة قابلية فر�ض الر�سوم للإبطال‪.‬‬

‫‪383‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ - 3.3.4‬ت�صحيح �أ�س�س فر�ض �أو ح�ساب الر�سوم وت�صفيته وفر�ضه خارج �أجل‬
‫التقادم‬
‫ن�صت المادة ‪ 160‬من القانون رقم ‪ 47.06‬على �إمكانية قيام الإدارة بت�صحيح‬
‫�أوجه النق�صان والأخطاء واالغفاالت الكلية والجزئية المالحظة في تحديد �أ�س�س‬
‫فر�ض �أو ح�ساب الر�سوم المحلية‪� ،‬أو في ت�صفيتها وفر�ضها داخل �أجل �أربع �سنوات‬
‫ابتداء من �سنة ا�ستحقاق الر�سم‪ .‬لأجل ذلك ف�إن كل عملية ت�صحيح في �أ�سا�س فر�ض‬
‫الر�سم وح�سابه وفي ت�صفيته وفر�ضه خارج �أجل التقادم تكون قابلة للبطالن‪،‬‬
‫مع مراعاة حاالت انقطاع التقادم الذي يتم بالتبليغ الأول في م�سطرة الت�صحيح‬
‫والفر�ض التلقائي وبو�ضع الأمر باال�ستخال�ص مو�ضع التح�صيل وحاالت توقف‬
‫التقادم الذي يتم طوال الفترة الممتدة من تاريخ تقديم الطعن �أمام اللجنة المحلية‬
‫لتقدير ال�ضريبة �إلى غاية ان�صرام �أجل الثالثة �أ�شهر الموالي لتاريخ تبليغ المقرر‬
‫ال�صادر عن اللجنة المذكورة‪ ،‬ويتم توقف التقادم كذلك خالل فترة الت�صفية‬
‫للمقاولة الخا�ضعة للر�سم‪.‬‬
‫‪ - 3.4‬مخالفة �شروط فر�ض الر�سم ب�صورة تلقائية‬
‫‪ - 3.4.1‬عدم التبليغ القانوني عن عدم الإدالء بالإقرار‪.‬‬
‫لقد �ألزم القانون رقم ‪ 47.06‬بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬المتعلق بجبايات الجماعات‬
‫المحلية‪ ،‬من خالل مقت�ضياته ان يقدم الملزم �إقراره وفقا لل�شروط والكيفية‬
‫والآجال المحددة �ضمن مواد ذات القانون‪ ،‬وفي حالة اخالله بالتزامه القانوني‬
‫المذكور (الذي لم ترتب عليه في غالب الحاالت اال جزاءات جبائية)‪ ،‬ن�صت تلك‬
‫المقت�ضيات على ان تقوم الإدارة بدعوة الملزم وفق اجراءات التبليغ الجبائي‬
‫المن�صو�ص عليها قانونا‪� ،‬إلى ايداع �إقراره �أو اتمامه داخل �أجل ‪ 30‬يوما الموالية‬
‫لتاريخ ت�سلم الر�سالة الموجهة اليه‪ ،‬و�إذا لم يقم الملزم ب�إيداع �أو تتميم �إقراره داخل‬
‫�أجل ‪ 30‬يوما الأنف الذكر‪� ،‬أخبرته الإدارة وفق نف�س اجراءات التبليغ المقررة في‬
‫القنون الجبائي المحلي‪ ،‬بالأ�س�س التي قدرتها والتي على �أ�سا�سها �سيفر�ض عليه‬
‫‪384‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الر�سم تلقائيا اذا لم يودع �أو لم يتمم �إقراره داخل �أجل ثان مدته ‪ 30‬يوما من تاريخ‬
‫ت�سلم ر�سالة الإخبار الثانية‪ ،‬وي�صدر �أمر بتح�صيله الذي ال يمكن ان يتازع فيه اال‬
‫وفق ال�شروط المن�صو�ص عليها قانونا فيما يخ�ص حق واجل المطالبة التي تنظمها‬
‫المادة ‪ 161‬من قانون الجبايات المحلية‪.‬‬
‫‪ - 3.4.2‬عدم التبليغ القانوني على مخالفة الأحكام المتعلقة بالإدالء بالوثائق‬
‫المحا�سبية وبحق المراقبة‬
‫لقد اوجب القانون رقم ‪ 47.06‬بتاريخ ‪ 30‬نونبر ‪ 2007‬المتعلق بجبايات الجماعات‬
‫المحلية والذي دخل حيز التطبيق منذ فاتح يناير ‪ ،2008‬من خالل مقت�ضياته ان‬
‫يدلي الملزمون بجميع الإثباتات ال�ضرورية وان يقدموا جميع الوثائق المحا�سبية‬
‫�إلى المامورين المحلفين التابعين للإدارة المنتدبين للقيام بالمراقبة الجبائية‪ ،‬وفي‬
‫حالة عدم تقديم الملزمين للوثائق المذكورة �أو اذا رف�ضوا الخ�ضوع للمراقبة‬
‫الجبائية ن�صت المادة ‪ 159‬من القانون الم�شار �إليه اعاله على ان توجه االدارة‬
‫�إلى الملزم وفق اجراءات التبليغ المن�صو�ص عليها في المادة ‪ ،152‬تدعوه فيه‬
‫�إلى التقيد بااللتزامات القانونية داخل �أجل ‪ 15‬يوما من تاريخ ت�سلم الر�سالة‪ .‬و�إذا‬
‫لم يقدم الملزم الوثائق داخل الأجل المذكور �أو اذا رف�ض الخ�ضوع للمراقبة‬
‫المذكور �أخبرته الإدارة في ر�سالة وفق اجراءات التبليغ المن�صو�ص عليها في‬
‫المادة ‪ 152‬اعاله‪ ،‬بتطبيق الغرامة وتمنحه �أجال ا�ضافيا مدته ‪ 15‬يوما من تاريخ‬
‫ت�سلم الر�سالة الثانية للتقيد بااللتزامات �أو تبرير عدم وجود وثائق‪ .‬و�إذا لم يتقيد‬
‫الملزم بالتزاماته القانونية خالل الأجل الثاني فر�ضت عليه االدارة الر�سم تلقائيا‬
‫دون �سابق تبليغ‪ ،‬وي�صدر امر بتح�صيله الذي يمكن ان يتازع فيه وفق ال�شروط‬
‫المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 161‬من القانون رقم ‪.47.06‬‬

‫‪385‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�إ�شكالية الطرف الملزم برفع الدعوى �أمام المحكمة‬


‫المخت�صة عند دفع القا�ضي المنتدب‬
‫بعدم االخت�صا�ص‬
‫ال�سيد باري�ش احل�سني‬
‫المدير الجهوي لل�ضرائب بالناظور‬

‫تن�ص المادة ‪ 697‬من القانون رقم ‪ 95-15‬المتعلق بمدونة التجارة على �أنه ‪:‬‬
‫«�إذا كان المو�ضوع من اخت�صا�ص المحكمة التي فتحت الم�سطرة‪ ،‬ف�إن الطعن‬
‫�ضد �أوامر القا�ضي المنتدب يعر�ض على �أنظار محكمة اال�ستئناف‪ ،‬ويخول‬
‫الطعن للدائن والمدين وال�سنديك داخل �أجل خم�سة ع�شر يوما من تاريخ الإ�شعار‬
‫بالن�سبة للدائن والمدين ومن تاريخ المقرر بالن�سبة لل�سنديك‪.‬‬
‫غير �أنه ال يمكن للدائن الذي وقع نزاع في دينه كال �أو بع�ضا والذي لم يرد‬
‫على ال�سنديك داخل الأجل القانوني‪� ،‬أن يطعن في �أمر القا�ضي المنتدب الم�ؤيد‬
‫القتراح ال�سنديك‪.‬‬
‫حينما يكون المو�ضوع من اخت�صا�ص محكمة �أخرى‪ ،‬ي�ؤدي تبليغ المقرر‬
‫القا�ضي بعدم االخت�صا�ص ال�صادر عن القا�ضي المنتدب �إلى �سريان �أجل مدته‬
‫�شهران يجب خاللهما على المدعي �أن يرفع الدعوى �إلى المحكمة المخت�صة‬
‫تحت طائلة ال�سقوط»(‪.)1‬‬
‫(‪ )1‬وجدير بالذكر �أن مقت�ضيات المادة ‪ 102‬من القانون الفرن�سي المتعلق بالت�سوية الق�ضائية والت�صفية الق�ضائية (‬
‫قانون رقم ‪ 98-85‬الم�ؤرخ في ‪ 25‬يناير ‪ )1985‬تعد الم�صدر الرئي�سي للمقت�ضيات المن�صو�ص عليها في المادة‬
‫‪ 697‬من مدونة التجارة؛ بحيث جاءت الفقرتان الأولى والثالثة من المادة ‪ 697‬من مدونة التجارة متطابقتان‬
‫حرفيا لنظيرتيهما (ف ‪1‬و‪ ) 3‬من المادة ‪ 102‬من القانون الفرن�سي‪.‬‬
‫كما �أن مقت�ضيات المادة ‪ 102‬تم تدوينها تحت المادة ‪ 105-621‬من قانون ‪ 10‬يونيو ‪ 1994‬وقد تم الإحتفاظ‬ ‫ ‬
‫بها �أي�ضا خالل التعديالت التي عرفها قانون �صعوبات المقاولة �سنة ‪ 2005‬في المادة ‪ 3-624‬من القانون رقم‬
‫‪ 845-2005‬بتاريخ ‪ 26‬يوليوز ‪.2005‬‬

‫‪386‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫تطرح الفقرة الأخيرة من هذه المادة �إ�شكالية الطرف المجبر برفع دعوى �إلى‬
‫المحكمة المخت�صة تحت طائلة ال�سقوط وذلك كلما دفع القا�ضي المنتدب بعدم‬
‫اخت�صا�صه في البت في منازعة تتعلق بدين �ضريبي‪ ،‬خ�صو�صا �إذا علمنا �أن الدائن‬
‫هو القاب�ض ( قاب�ض الخزينة العامة �أو قاب�ض الإدارة الجبائية)‪.‬‬
‫فهل هذا يعني �أن القاب�ض مجبر برفع دعوى المنازعة في الدين �أمام المحكمة‬
‫الإدارية؟ فكيف يمكن �إذن الت�سليم بوجاهة هذا الموقف على الرغم من غرابته؟‬
‫‪ -‬االجتهاد الفقهي‬

‫ذهب ذ‪ .‬المهدي �شبو في م�ؤلفه «م�ؤ�س�سة القا�ضي المنتدب في م�ساطر‬


‫معالجة �صعوبات المقاولة» �إلى �أن الفقرة الثالثة من المادة ‪ 697‬من مدونة التجارة‬
‫«ر�سمت للدائن طريقا �آخر للمحافظة على حقوقه‪ ،‬وهو رفع الدعوى �إلى المحكمة‬
‫المخت�صة داخل �أجل �شهرين من تاريخ تبليغه بمقرر عدم االخت�صا�ص ال�صادر عن‬
‫القا�ضي المنتدب تحت طائلة ال�سقوط الذي يطال دينه وي�ؤدي �إلى انق�ضائه»(‪.)2‬‬
‫وفي نظر ذ‪� .‬شبو ف�إن القاعدة التي �أر�ستها المادة ‪ 697‬تجعل الدائن هو الملزم‬
‫برفع الدعوى �أمام المحكمة المخت�صة(‪ .)3‬وي�ستند هذا الر�أي على كون الفقرة‬
‫الثالثة من المادة ‪ 697‬من مدونة التجارة الم�شار �إليها �أعاله وكذا ذات الفقرة‬
‫من المادة ‪ 102‬من قانون ‪ 25‬يناير ‪ 1985‬الفرن�سي(‪ ،)4‬ت�ستعمل عبارة المدعي‬
‫(‪ )le demandeur‬ف�إن مق�صودها ين�صرف بمنطق الأ�شياء �إلى الدائن(‪.)5‬‬
‫وجدير بالذكر �أن مقت�ضيات المادة ‪ 102‬من القانون الفرن�سي المتعلق بالت�سوية‬
‫(‪ ) 2‬د‪ .‬المهدي �شبو‪« ،‬م�ؤ�س�سة القا�ضي المنتدب في م�ساطر معالجة �صعوبات المقاولة»‪� ،‬ص ‪.516-515‬‬
‫(‪ )3‬د‪ .‬المهدي �شبو‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.516‬‬
‫‪(4) Article 102 (alinéa 2) de la loi n°85-98 du 25 janvier 1985 relative au redressement et‬‬
‫‪à la liquidation judiciaires des entreprises : « Lorsque la matière est de la compétence‬‬
‫‪d’une autre juridiction, la notification de la décision d’incompétence prononcé par le‬‬
‫‪juge – commissaire fait courir un délai de deux mois, au cours duquel le demandeur doit‬‬
‫‪saisir la juridiction compétente à peine de forclusion ».‬‬
‫(‪ )5‬المهدي �شبو‪ ،‬مرجع �سابق‪ ،‬الإحالة رقم ‪� ،7‬ص ‪.515‬‬

‫‪387‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الق�ضائية والت�صفية الق�ضائية (قانون رقم ‪ 98-85‬الم�ؤرخ في ‪ 25‬يناير ‪ )1985‬تعد‬


‫الم�صدر الرئي�سي للمقت�ضيات المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 697‬من مدونة التجارة؛‬
‫بحيث جاءت الفقرتان الأولى والثالثة من المادة ‪ 697‬من مدونة التجارة متطابقتان‬
‫حرفيا لنظيرتيهما (ف ‪ 1‬و‪ )3‬من المادة ‪ 102‬من القانون الفرن�سي‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫كما �أن مقت�ضيات المادة ‪ 102‬تم تدوينها تحت المادة ‪ 105-621‬من قانون‬
‫يونيو ‪ 1994‬وقد تم االحتفاظ بها �أي�ضا خالل التعديالت التي عرفها قانون �صعوبات‬
‫المقاولة �سنة ‪ 2005‬في المادة ‪ 3-624‬من القانون رقم ‪ 845-2005‬بتاريخ ‪ 26‬يوليوز‬
‫‪.2005‬‬
‫�إال �أنه من خالل تفح�صنا للأحكام ال�صادرة عن محكمة النق�ض الفرن�سية يتبن �أن‬
‫مقت�ضيات الفقرة الثانية من المادة ‪ 102‬ال يمكن تطبيقها على المنازعات ال�ضريبية‬
‫في مرحلة تحقيق الديون بمعزل عن مقت�ضيات المادة ‪ 106‬من نف�س القانون‪.‬‬
‫وهذه المقت�ضيات تقت�ضي �أن يكون المدين هو من ينازع في الديون ال�ضريبية‬
‫وفق ال�شروط التي تحددها المدونة العامة لل�ضرائب‪.‬‬
‫‪ -‬الإجتهاد الق�ضائي المغربي‬

‫لم ت�ساير محكمة اال�ستئناف الإدارية بمراك�ش الإجتهاد الفقهي ال�سالف الذكر‬
‫كما �أ�شار �إلى ذلك ذ‪ .‬المعطي القدوري في مداخلته (‪ )6‬خالل طرحه لهذه‬
‫الإ�شكالية انطالقا من الق�ضية التي راجت �أمام المحكمة الإدارية ب�أكادير‪ ،‬حيث‬
‫قام القاب�ض برفع دعوى �أمام المحكمة الإدارية داخل �أجل �شهرين وذلك حتى ال‬
‫يقع دينه تحت طائلة ال�سقوط (الفقرة الثالثة من المادة ‪ 697‬من مدونة التجارة)‪.‬‬
‫وبعد ا�ستئناف حكم المحكمة الإدارية القا�ضي بعدم االخت�صا�ص ق�ضت‬
‫محكمة اال�ستئناف برف�ض الطلب معللة قرارها ب�أنه مادام القاب�ض يتوفر على‬
‫(‪ ) 6‬ذ‪ .‬المعطي القدوري ‪« :‬الرقابة الق�ضائية على العمل ال�ضريبي (حاالت للدرا�سة)»‪� ،‬أ�شغال الندوة الوطنية حول‬
‫مو�ضوع ‪« :‬الإ�شكاالت القانونية والعملية في المجال ال�ضريبي»‪ .‬المنظمة من قبل المجل�س الأعلى للق�ضاء‬
‫بتن�سيق مع المديرية العامة لل�ضرائب يومي ‪ 4‬و‪ 5‬فبراير ‪ 2011‬بمراك�ش‪.‬‬

‫‪388‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�سند تنفيذي ف�إنه ال حاجة له �إلى رفع دعوى المنازعة في �صحة الدين ال�ضريبي‬
‫�أمام المحكمة الإدارية‪ .‬وعليه يكون المدين هو الملزم برفع هذه الدعوى ولي�س‬
‫الدائن (القاب�ض)‪.‬‬
‫وقد جاءت مداخلة ذ‪ .‬محمد الق�صري(‪ )7‬الغنية والمميزة لتعزز هذا االجتهاد‬
‫الق�ضائي الجدير بالتنويه بمجموعة من االجتهادات الق�ضائية التي �أزاحت‬
‫وو�ضعت حدا للغمو�ض الذي يكتنف الإ�شكالية التي تطرحها مقت�ضيات الفقرة‬
‫الثالثة من المادة ‪ 697‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ -‬القانون والعمل الق�ضائي الفرن�سي‬

‫لعل ما يثير االنتباه هو �أن الق�ضاء الفرن�سي لم تطرح عليه هذه الإ�شكالية‪ ،‬ومرد‬
‫ذلك �أن المادة ‪ 106‬من القانون رقم ‪ 85-98‬ال�صادر بتاريخ ‪ 25‬يناير ‪ 1985‬قد ن�صت‬
‫ب�شكل �صريح على �أن الديون ال�ضريبية ال يمكن المنازعة فيها �إال بالرجوع �إلى‬
‫المقت�ضيات الواردة في المدونة العامة لل�ضرائب وفق ال�شروط التي تن�ص عليها‬
‫هذه الأخيرة‪:‬‬
‫‪«Les créances visées au code général des impôts ou au code des douanes‬‬
‫‪ne peuvent être contestées que dans les conditions prévues auxdits code.‬‬
‫» ‪Elles sont, dans ce cas, admises par provision de plein droit.‬‬

‫والجدير بالذكر �أن هذه المقت�ضيات ال زالت �سارية المفعول وذلك منذ �إحداثها‬
‫بموجب قانون ‪ 13‬يوليوز ‪( 1967‬المادة ‪ )8() 42‬على الرغم من االتعديالت‬

‫(‪ ) 7‬ذ‪ .‬محمد الق�صري ‪« :‬الإ�شكاليات التي يثيرها قانون ‪ 15-97‬المتعلقة بتح�صيل الديون العمومية �أمام الق�ضاء‬
‫الإ�ستعجالي»‪� ،‬أ�شغال الندوة الوطنية حول مو�ضوع ‪« :‬الإ�شكاالت القانونية والعملية في المجال ال�ضريبي»‪.‬‬
‫المنظمة من قبل المجل�س الأعلى للق�ضاء بتن�سيق مع المديرية العامة لل�ضرائب يومي ‪ 4‬و‪ 5‬فبراير ‪2011‬‬
‫بمراك�ش‪.‬‬
‫(‪� )8‬أحدثت هذه المقت�ضيات بمقت�ضى المادة ‪ 42‬من القانون رقم ‪ 563-67‬الم�ؤرخ ‪ 13‬يوليوز ‪ .1967‬وبعد �إلغاء‬
‫هذا القانون تم تدوين هذه المقت�ضيات بالمادة ‪ 106‬من قانون رقم ‪ 98-85‬الم�ؤرخ ‪ 25‬يناير ‪.1985‬‬

‫‪389‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ 1985‬و‪1994‬‬ ‫المتعاقبة على القانون المتعلق ب�صعوبات المقاولة خالل �سنوات‬


‫و‪.2005‬‬
‫وبخ�صو�ص موقف الق�ضاء الفرن�سي من ذات المو�ضوع نالحظ �أنه عالج‬
‫�إ�شكاليات مقررات قبول الدين �أو رف�ضها ومقررات عدم الإخت�صا�ص التي‬
‫ت�صدرعن القا�ضي المنتدب‪.‬‬
‫وقد جاء في قرار محكمة النق�ض الفرن�سية ‪ ...« :‬وبما �أنه لم تثر من طرف‬
‫المدين �أية منازعة وفق مقت�ضيات المدونة العامة لل�ضرائب ولم يتم خرق‬
‫مقت�ضيات المادتين ‪ 106‬و‪( 50‬المادة ‪ L621-43‬من مدونة التجارة)‪ ،‬ف�إن‬
‫طلب ا�ستئناف الحكم القا�ضي بقبول دين قاب�ض ال�ضرائب غير مقبول»‬
‫(‪.)Com. 17 oct. 2000, Bull. civ. IV, n° 106‬‬
‫وفي قرار �آخر لنف�س المحكمة جاء فيه ‪ ...« :‬بما �أن المناق�شة تن�صب على‬
‫�أ�صل الدين ف�إنه ال ت�صح منازعته �إال وفق ال�شروط المن�صو�ص عليها في‬
‫المدونة العامة لل�ضرائب؛ و�أن مقرر قبول الدين ال يقبل ا�ستئنافه خ�صو�صا �أنه‬
‫لم تبا�شر �أية منازعة ولم يتم خرق المادتين ‪ 50‬و‪ 106‬من قانون ‪ 25‬يناير ‪.1985‬‬
‫(‪.)Com. 24 sept. 2003, Bull. civ. IV, n° 141‬‬
‫وهكذا نجد �أن مالءمة الن�صو�ص المتعلقة ب�صعوبات المقاولة و�إحالتها على‬
‫مقت�ضيات المدونة العامة لل�ضرائب فيما يتعلق بالمنازعات ال�ضريبية لم تدع �أي‬
‫مجال للحديث عن الإ�شكالية المثارة �أمام المحاكم المغربية‪.‬‬
‫ومن ح�سنات االجتهاد الق�ضائي المغربي �أنه خفف من وط�أة الفراغ الت�شريعي‬
‫(‪)9‬‬

‫الذي لم�سناه في مقت�ضيات الكتاب الخام�س من مدونة التجارة فيما يتعلق‬


‫بالمنازعات ال�ضريبية �إبان م�سطرة تحقيق الديون‪.‬‬
‫(‪� ) 9‬إن الفراغ الت�شريعي الذي نق�صده يهم بالخ�صو�ص �سكوت مدونة التجارة كلما تعلق الأمر بالديون العمومية‬
‫وعدم الإحالة على المدونات التي تنظم هذه الديون (المدونة العامة لل�ضرائب‪ ،‬مدونة تح�صيل الديون ومدونة‬
‫الجمارك)‪.‬‬

‫‪390‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وبناء عليه وفي �إطار التعديالت المزمع �إدخالها على الكتاب الخام�س من مدونة‬
‫التجارة‪ ،‬ف�إننا نقترح �إ�ضافة فقرة رابعة �إلى المادة ‪ 697‬من مدونة التجارة وذلك‬
‫كما يلي‪« :‬كل نزاع يتعلق بالديون ال�ضريبية ال يمكن �أن يتم �إال وفق المقت�ضيات‬
‫المنظمة لها‪».‬‬
‫ويمكن �أن تت�سع هذه الفقرة لت�شمل الديون ال�ضريبة والديون الجمركية‬
‫�أي�ضا‪� ،‬سواء فيما يتعلق بت�أ�سي�سها �أو ا�ستخال�صها (�إحالة على مدونة تح�صيل‬
‫الديون العمومية)‪ .‬و�سيكون هذا التعديل المقترح حال لي�س فقط للإ�شكالية التي‬
‫يطرحها م�صطلح «المدعي» الم�شار �إليه في الفقرة الثالثة من المادة ‪ 697‬من مدونة‬
‫التجارة‪ ،‬بل �سي�صبح �ضابطا لكل �أ�شكال المنازعات المثارة �أثناء تحقيق الديون‬
‫ال�ضريبية والحقوق والر�سوم الجمركية‪.‬‬

‫‪391‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫المطالبة التمهيدية‪:‬‬
‫عبء ثقيل على الملزم‬
‫�أم م�سطرة ناجعة لحل المنازعات الجبائية‬
‫ال�سيد بوبكر الأبي�ض‬
‫مفت�ش �إقليمي بم�صلحة ال�ش�ؤون الق�ضائية‬
‫بالمديرية العامة لل�ضرائب‬

‫تمهيد‬

‫�إن قيام الإدارة الجبائية‪ ،‬بحكم وظيفتها القانونية‪ ،‬بربط وتح�صيل ال�ضرائب‬
‫من الطبيعي �أن يثير العديد من الخالفات والمنازعات بين الملزمين والإدارة‪،‬‬
‫بالرغم من �أن هذه الأخيرة يفتر�ض فيها �أنها تمار�س مهامها وفقا للقوانين والمرا�سيم‬
‫التطبيقية لها‪.‬‬
‫هذه الخالفات والمنازعات و�ضع الم�شرع عدة مراحل من �أجل حلها بدءا‬
‫بالمرحلة الإدارية �أو ما ي�صطلح عليه بالمطالبة التمهيدية ثم مرحلة الطعن �أمام‬
‫اللجان ال�ضريبية وانتهاءا بالمرحلة الق�ضائية‪.‬‬
‫هكذا يبدو �أن المنازعة الجبائية يمكن �أن تقطع �أ�شواطا كثيرة وي�ستغرق حلها‬
‫وقتا طويال‪ ،‬لذا ف�إنه قد يكون من المفيد بالن�سبة للطرفين ‪ -‬الإدارة والملزم ‪-‬‬
‫ح�سم الخالف القائم بينهما في مراحله الأولى‪.‬‬
‫من هنا تظهر �أهمية المطالبة التمهيدية ك�أحد �أ�شكال الت�سوية البديلة للمنازعة‬
‫الجبائية �أمام الق�ضاء‪ ،‬وتكمن �أهميتها في كونها تمكن �إدارة ال�ضرائب ‪ -‬في �إطار‬
‫حوارها مع الملزم ‪ -‬من ت�سوية معظم المنازعات من دون حاجة للجوء في‬

‫‪392‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�ش�أنها �إلى الق�ضاء‪ ،‬وذلك من خالل �إيجاد حلول مالئمة لطبيعة النزاع ال�ضريبي‪،‬‬
‫وما يترتب عن ذلك من ا�ستقرار للمعامالت وغر�س الطم�أنينة الجبائية لدى‬
‫الملزمين‪.‬‬
‫‪ -‬مفهوم المطالبة التمهيدية و�أ�سا�سها القانوني‬

‫يق�صد بالمطالبة التمهيدية (التظلم الإداري الم�سبق) عموما ال�شكاية التي يتقدم‬
‫بها ال�شخ�ص (طبيعيا كان �أو معنويا) �إلى الإدارة م�ستهدفا �إلغاء قرار �إداري �أو‬
‫تعديله �أو �سحبه‪ ،‬ويق�صد بها في الميدان الجبائي الطلب الذي يتقدم به الملزم �أو‬
‫المدين بال�ضريبة �إلى الإدارة الجبائية لإعادة النظر في قرار جبائي يدعي مخالفته‬
‫للقانون �أو بعده عن الواقع‪.‬‬
‫وتجد المطالبة التمهيدية في المنازعة الجبائية �سندها القانوني في المقت�ضيات‬
‫المن�صو�ص عليها في‪:‬‬
‫في مجال منازعات الوعاء‪ :‬المادة ‪ 235‬من المدونة العامة لل�ضرائب‬
‫في مجال منازعات التح�صيل‪ :‬المادة ‪ 120‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية‬
‫وتعتبر المطالبة التمهيدية �أداة فعالة لحل المنازعة الجبائية في مرحلتها الأولى‪،‬‬
‫لذا فقد �شددت معظم الت�شريعات الجبائية على �إلزامية �سلوكها �أمام الإدارة قبل‬
‫مبا�شرة �أي طعن �أمام الق�ضاء‪ ،‬لما في ذلك من مزايا بالن�سبة لكل من �صاحب‬
‫المطالبة والإدارة والق�ضاء‪.‬‬
‫و�إذا كان الم�شرع المغربي قد �شدد بدوره على �إلزامية المطالبة التمهيدية �أمام‬
‫الإدارة قبل مبا�شرة �أي طعن �أمام الق�ضاء‪ ،‬ففي المقابل ف�إن العمل الق�ضائي في‬
‫المغرب له بع�ض المواقف ت�سير في اتجاه عدم �إلزامية المطالبة التمهيدية في بع�ض‬
‫الحاالت؛ كما �أن له مواقف ‪ -‬قد تبدو مخالفة لما �أقره الم�شرع الجبائي ‪ -‬بخ�صو�ص‬
‫احت�ساب �أجل الطعن الق�ضائي عقب �سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية‪.‬‬

‫‪393‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫لذا‪ ،‬فقد ارت�أينا �أن نخ�ص�ص هذا البحث لمناق�شة مختلف المواقف الق�ضائية‬
‫بهذا الخ�صو�ص؛ م�ؤكدين على الغاية التي توخاها الم�شرع من �إلزامية المطالبة‬
‫التمهيدية‪ ،‬وذلك من خالل المحورين التاليين‪:‬‬
‫المحور الأول‪ :‬التوجهات الق�ضائية بخ�صو�ص م�سطرة المطالبة التمهيدية‪.‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬الغايات التي توخاها الم�شرع من �إلزامية المطالبة التمهيدية‪.‬‬
‫المحور الأول ‪ :‬التوجهات الق�ضائية بخ�صو�ص م�سطرة المطالبة‬
‫التمهيدية‬

‫�إذا كان العمل الق�ضائي ي�ؤكد ‪ -‬في معظم الحاالت ‪ -‬على الطابع الإلزامي‬
‫للمطالبة التمهيدية‪ ،‬ويعتبرها �شرطا �أ�سا�سيا لقبول المنازعة ال�ضريبية �أمام الق�ضاء‪،‬‬
‫ف�إنه �أجاز في بع�ض الحاالت قبول المنازعة ال�ضريبية من دون �أن تكون م�سبوقة ب�أية‬
‫مطالبة تمهيدية �أمام �إدارة ال�ضرائب‪.‬‬
‫لذا يبدو من المفيد التعر�ض للكيفية التي تعامل بها الق�ضاء مع مبد�أ �إلزامية‬
‫المطالبة التمهيدية وكذا اال�ستثناءات الواردة عليه «الفرع الأول» قبل مناق�شة‬
‫موقف الق�ضاء بخ�صو�ص تطبيق م�سطرة المطالبة التمهيدية وخا�صة ما تعلق منها‬
‫باحت�ساب �أجل الطعن الق�ضائي «الفرع الثاني»‪.‬‬
‫الفرع الأول‪ :‬التوجهات الق�ضائية بخ�صو�ص مدى �إلزامية‬
‫المطالبة التمهيدية‬

‫ال �شك �أن العمل الق�ضائي بالمغرب ي�ؤكد ‪ -‬كمبد�أ عام ‪ -‬على �إلزامية �سلوك‬
‫م�سطرة المطالبة التمهيدية قبل تقديم �أي طعن �أمام الق�ضاء‪ ،‬وذلك تحت طائلة‬
‫عدم قبول دعوى الملزم‪� ،‬إال �أنه و�ضع مجموعة من اال�ستثناءات على هذا المبد�أ‬
‫�أجاز بموجبها قبول دعوى الملزم من دون �أن تكون م�سبوقة ب�سلوك م�سطرة‬
‫المطالبة التمهيدية‪.‬‬

‫‪394‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ - 1‬عر�ض المبد�أ القا�ضي ب�إلزامية المطالبة التمهيدية‬


‫ال�شك �أن مختلف الن�صو�ص القانونية المنظمة للمنازعات الجبائية‪ ،‬ت�ؤكد على‬
‫�ضرورة �سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية قبل رفع الدعوى �أمام الق�ضاء‪ ،‬وهو‬
‫نف�س التوجه الذي د�أب عليه العمل الق�ضائي المغربي قبل وبعد �إن�شاء المحاكم‬
‫الإدارية‪ ،‬حتى �أ�صبحت �أحكامه تتميز باال�ستقرار في هذا المو�ضوع‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد �سبق للمحكمة االبتدائية بالدار البي�ضاء‪ ،‬منذ زمن بعيد‪� ،‬أن‬
‫�صرحت في حكم �صادر لها بتاريخ ‪ 22‬يناير ‪ )1(1923‬بما يلي‪:‬‬
‫«�إن الملزم الذي يريد المنازعة في �ضريبة معنية في مجال ال�ضرائب المبا�شرة‬
‫والر�سوم الم�شابهة لها‪ ،‬عليه �أن يوجه تظلمه �إلى الإدارة داخل �أجل ال�ستين يوما‬
‫التي تلي ن�شر الجداول»‪.‬‬
‫وقد �أكدت هذه المحكمة نف�س التوجه في حكم �آخر �صادر عنها بتاريخ ‪9‬‬
‫مار�س ‪ ،1955‬عندما اعتبرت �أن التظلم الإداري يجب �أن يكون �سابقا لأية مطالبة‬
‫ق�ضائية‪.‬‬
‫وبعد �إحداث المحاكم الإدارية‪ ،‬ا�ستقرت �أحكامها على اعتبار المطالبة‬
‫التمهيدية بمثابة �إجراء ابتدائي �ضروري لم�سطرة المنازعة ال�ضريبية �أمام الق�ضاء‪،‬‬
‫وهذا ما �أكدته العديد من الأحكام ال�صادرة عن المحاكم الإدارية‪ ،‬وكذا القرارات‬
‫ال�صادرة عن محاكم اال�ستئناف الإدارية والغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى‪ ،‬عندما‬
‫�صرحت بعدم قبول الدعاوى الغير م�سبوقة بم�سطرة المطالبة التمهيدية‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬فقد جاء في حكم �صادر عن المحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء(‪ )2‬ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫«وحيث من الثابت من وثائق الملف �أن المدعية لم تدل للمحكمة بما يفيد‬
‫�سلوك م�سطرة التظلم الإداري ال�سابقة للمنازعة الق�ضائية الأمر الذي يتعين‬
‫معه الت�صريح بعدم قبول دعواها �شكال»‪.‬‬
‫(‪ )1‬من�شور بمجلة المحاكم المغربية بتاريخ ‪ 24‬ماي ‪.1923‬‬
‫(‪ )2‬حكم رقم ‪ 322‬بتاريخ ‪ 2007/04/25‬ملف عدد ‪ 2006/667‬غ «غير من�شور»‪.‬‬

‫‪395‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وقد جاء في الحكم رقم ‪ 134‬ال�صادر عن المحكمة الإدارية بمراك�ش بتاريخ‬


‫‪ 2007/05/07‬في الملف رقم ‪� 2007/5/38‬ش مايلي‪:‬‬
‫«وحيث �إنه بذلك ف�إن الم�شرع قد �أوجب على الملزم بال�ضريبة �أن يتظلم لدى‬
‫الإدارة المخت�صة قبل رفع منازعته �أمام المحكمة‪ ،‬كما �أن الق�ضاء الإداري‬
‫�سواء على م�ستوى المحاكم الإدارية �أو على م�ستوى الغرفة الإدارية بالمجل�س‬
‫لم يخول اللجوء مبا�شرة �إلى الق�ضاء دون �إلزامية الطعن الإداري‪.....‬و�أن‬
‫عدم ا�ستيفاء الإجراء المذكور يجعل الدعوى معيبة �شكال ويتعين تبعا لذلك‬
‫الت�صريح بعدم قبولها»‪.‬‬
‫كما اعتبرت المحكمة الإدارية ب�أكادير في �أحد �أحكامها(‪� )3‬أن الأ�صل في‬
‫المنازعة ال�ضريبية �أنها منازعة على مراحل ال ترفع �إلى الق�ضاء ابتداءا‪.‬‬
‫وقد �أكدت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى نف�س التوجه حينما �أ�صدرت‬
‫قرارا(‪� )4‬أيدت بموجبه الحكم الم�ست�أنف لكون الم�ست�أنف لم يلج�أ �إلى م�سطرة‬
‫التظلم �أمام �إدارة ال�ضرائب قبل رفع الدعوى �أمام الق�ضاء‪.‬‬
‫وفي مجال المنازعات المتعلقة بالتح�صيل‪ ،‬فقد قرر الق�ضاء الجبائي قاعدة‬
‫مفادها عدم قبول �أي دعوى في ا�ستخال�ص ديون الدولة لم ي�سبقها تظلم‬
‫�أولي(‪.)5‬‬
‫‪ - 2‬اال�ستثناءات التي �أوردها الق�ضاء على مبد�أ �إلزامية المطالبة التمهيدية‬
‫�إذا كان المبد�أ العام ‪ -‬كما �أ�سلفنا القول ‪ -‬هو عدم قبول الدعوى ال�ضريبية‬
‫�أمام الق�ضاء‪� ،‬إال بعد ا�ستنفاد م�سطرة المطالبة التمهيدية �أمام �إدارة ال�ضرائب‪� ،‬إال‬
‫(‪ )3‬حكم رقم ‪ 96/2‬بتاريخ ‪ 1996/01/12‬ملف عدد ‪ 95/50‬غ «غير من�شور»‪.‬‬
‫(‪ )4‬القرار عدد ‪� 778‬صادر بتاريخ ‪ 1996/11/14‬غير من�شور‪ ،‬اورده ذ‪.‬عبد الرحمان �أبليال ورحيم الطور في كتابهما‬
‫الم�شترك «تح�صيل ال�ضرائب‪� ،»...‬ص ‪.116‬‬
‫(‪ ) 5‬حكم رقم ‪� 68‬صادر عن المحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء بتاريخ ‪ 1995/02/23‬في الملف رقم ‪ 94/98‬غ « غير‬
‫من�شور»‪.‬‬

‫‪396‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أن العمل الق�ضائي قد �شذ عن هذا المبد�أ وقرر‪ ،‬في حاالت معينة‪ ،‬قبول المنازعة‬
‫الجبائية من دون �أن تكون م�سبوقة بمطالبة تمهيدية‪ ،‬ومن بين هذه الحاالت ‪:‬‬
‫�أ‪ -‬حالة عدم احترام الإدارة لم�سطرة الفر�ض ال�ضريبي‬
‫لقد اعتبرت بع�ض المحاكم الإدارية(‪� )6‬أن �سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية ال‬
‫يكون �إلزاميا �إال في الحالة التي تكون فيها الإدارة ال�ضريبية قد احترمت م�سطرة‬
‫الفر�ض ال�ضريبي‪� ،‬أما في حالة فر�ض ال�ضريبة دون احترام لم�سطرة تقديم الإقرار �أو‬
‫م�سطرة الت�صحيح‪ ،‬ف�إن ذلك يعفي الملزم من التقيد بم�سطرة المطالبة التمهيدية‪.‬‬
‫وهكذا فقد جاء في حكم �صادر عن �إدارية فا�س(‪ )7‬ما يلي‪:‬‬
‫«حيث دفعت الإدارة الجبائية بكون الدعوى غير مقبولة من الناحية ال�شكلية‬
‫لتقديمها خرقا لل�ضوابط القانونية المن�صو�ص عليها في البند ‪ 11‬من الف�صل ‪ 5‬من‬
‫قانون المالية ل�سنة ‪ 1978‬المنظم لل�ضريبة على الأرباح العقارية الموجب ل�ضرورة‬
‫�سلوك م�سطرة المطالبة الإدارية قبل عر�ض النزاع على �أنظار الق�ضاء‪.‬‬
‫وحيث �إنه فعال �إذا كان المدعي ح�سب الثابت من وثائق الملف عدم تقيده‬
‫بالمقت�ضى القانوني الآنف الذكر‪ ،‬ف�إنه وما دام ينازع في قانونية م�سطرة الت�صحيح‬
‫ال�ضريبي المواجه به وباعتبار ما ا�ستقر عليه االجتهاد الق�ضائي من كون المدعي ال‬
‫يكون ملزما ب�سلوك م�سطرة المطالبة الإدارية حالة ما ثبت خرق الإدارة ال�ضريبية‬
‫لم�سطرة فر�ض ال�ضريبة �أو ت�صحيحها»‪.‬‬
‫وقد تم ت�أييد هذا التوجه الذي �سارت عليه مختلف المحاكم الإدارية من طرف‬

‫(‪� )6‬أنظر على �سبيل المثال ‪:‬‬


‫ حكم املحكمة الإدارية بفا�س رقم ‪ 95/23‬ال�صادر بتاريخ ‪ 1995/02/13‬يف امللف رقم ‪ 94/49‬غري من�شور‪.‬‬
‫ حكم املحكمة الإدارية ب�أكادير رقم ‪ 2005/406‬ال�صادر بتاريخ ‪ 2005/09/22‬يف امللف رقم ‪� 2003/167‬ش‪،‬‬
‫غري من�شور‪.‬‬
‫(‪ )7‬حكم المحكمة الإدارية بفا�س رقم ‪ 2005/563‬ال�صادر بتاريخ ‪ 2005/09/28‬في الملف رقم ‪94‬غ‪ 2005/‬غير‬
‫من�شور‪.‬‬

‫‪397‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى(‪.)8‬‬


‫ويبدو من خالل هذا التوجه الذي �سلكه الق�ضاء �أنه ما دامت الإدارة قد خرقت‬
‫م�سطرة الفر�ض التلقائي‪ ،‬ف�إنه من حق الملزم �أي�ضا عدم احترام م�سطرة المطالبة‬
‫التمهيدية‪.‬‬
‫هذه المعادلة تبدو غير �سليمة ‪ -‬في نظرنا ‪ -‬لكون خرق الإدارة لم�سطرة فر�ض‬
‫ال�ضريبة ي�أتي نتيجة �إخالل الملزم بواجباته ال�ضريبية المتمثلة عادة في ‪:‬‬
‫‪ -‬عدم تقديم الملزم لإقراره ال�ضريبي‪.‬‬
‫‪ -‬عدم �أداءه لل�ضريبة الواجبة بناء على هذا الت�صريح‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تمكين �إدارة ال�ضرائب من عنوان �صحيح للتخاطب معه‪.‬‬
‫وبذلك‪ ،‬يكون الملزم هو المت�سبب الفعلي في خرق م�سطرة الفر�ض‪ ،‬فاحترام‬
‫الإدارة لم�سطرة الفر�ض من عدمه يدخل في باب عالقة النتيجة بالمقدمة‪� ،‬أي‬
‫بمدى قيام الملزم بواجباته الجبائية من عدمه‪.‬‬
‫ومن المفيد الت�أكيد على �أن �أغلب الحاالت التي تقوم فيها الإدارة بخرق‬
‫م�سطرة الفر�ض تتعلق بال�ضرائب الت�صريحية‪ ،‬نظرا لكون الملزم لم يمكن الإدارة‬
‫من عنوان �صحيح للتخاطب معه‪� ،‬أو لأنه لم يمكنها �أ�صال من الت�صريح ال�ضريبي‬
‫الواجب الإدالء به‪ ،‬الأمر الذي يف�ضي �إلى ا�ستحالة مادية لمبا�شرة م�سطرة الفر�ض‬
‫التلقائي‪ ،‬وبالتالي ف�إنه لي�س من العدل ‪ -‬والحالة هاته ‪ -‬مواجهة الإدارة بعدم‬
‫احترام م�سطرة الفر�ض �أو الت�صحيح‪.‬‬
‫لذا ف�إننا نعتقد �أن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى كانت على �صواب حينما‬
‫�صرحت �ضمن المبد�أ الذي يت�صدر قرارها عدد ‪ 79‬الم�ؤرخ في ‪ 2006/02/01‬في‬
‫الملف عدد ‪ ،2004/2/4/559‬بما يلي‪:‬‬
‫(‪ ) 8‬قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى رقم ‪ 1348‬ال�صادر بتاريخ ‪ 2001/12/27‬في الملف رقم ‪99/1/4/627‬‬
‫غير من�شور‪.‬‬

‫‪398‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫«بغ�ض النظر عن مدى احترام الإدارة الجبائية للم�سطرة التواجهية(م�سطرة‬


‫الت�صحيح) المن�صو�ص عليها في المادة ‪ 28‬من القانون رقم ‪ 30-85‬المتعلق بال�ضريبة‬
‫على القيمة الم�ضافة ف�إن الطعن في ال�ضريبة المفرو�ضة تلقائيا على المدعي تقت�ضي‬
‫منه طبقا للمادة ‪ 47‬من نف�س القانون تقديم مطالبة �إلى مدير ال�ضرائب قبل رفع‬
‫الدعوى �أمام المحكمة تحت طائلة عدم قبول الطلب»‪.‬‬
‫ب‪ -‬حالة تم�سك المدين بتقادم �إجراءات التح�صيل‬
‫�إن التقادم حالة مو�ضوعية تتحقق بموجب المادة ‪ 123‬من مدونة تح�صيل‬
‫الديون العمومية بمرور �أربع �سنوات على تاريخ ال�شروع في التح�صيل دون �أن‬
‫تقطع ب�أي �إجراء من �إجراءات التح�صيل الجبري‪.‬‬
‫وقد ا�ستقر العمل الق�ضائي على عدم �إلزامية �سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية‬
‫في الحالة التي تكون فيها دعوى المدين مبنية على التقادم في التح�صيل‪.‬‬
‫وقد �صدر في هذا ال�صدد قرار عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى تحت‬
‫عدد ‪ 529‬بتاريخ ‪ 2007/05/30‬في الملف عدد ‪� 2005/2/4/485‬أكدت بموجبه �أن‬
‫المدعي ال يكون ملزما ب�سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية �إذ كانت دعواه مبنية‬
‫على واقعة التقادم‪.‬‬
‫كما �أنه وبالرغم من و�ضوح و�صراحة المقت�ضيات الواردة في المادة ‪ 120‬من‬
‫مدونة تح�صيل الديون العمومية التي ت�ؤكد على �إلزامية �سلوك م�سطرة المطالبة‬
‫تحت طائلة عدم قبول الدعوى؛ ف�إن المحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء �سلكت‬
‫توجها مخالفا حينما �صرحت في حكم �صادر لها بتاريخ ‪ 2007/04/25‬تحت عدد‬
‫‪ 322‬في الملف رقم ‪2006/667‬غ‪ ،‬ب�أن الطرف المدعي غير ملزم ب�سلوك م�سطرة‬
‫المطالبة التمهيدية عند رفع دعوى ل�سقوط حق الخزينة العامة في اال�ستخال�ص‬
‫للتقادم‪.‬‬
‫فف�ضال عن كون هذا التوجه لم يتقيد ب�إرادة الم�شرع ال�صريحة والمتمثلة في‬
‫�إلزامية المطالبة التمهيدية‪ ،‬ف�إن التقادم لي�س من النظام العام لذا يحبذ تكييف‬

‫‪399‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وتف�سير الن�صو�ص والوقائع المرتبطة به تف�سيرا �ضيقا ل�صالح خزينة الدولة‪ ،‬لأن‬
‫�ضابط �أعمالها وموجهها هو الم�صلحة العامة‪ ،‬كما يجب �أال يتعار�ض هذا التف�سير‬
‫�أو التكييف مع ن�صو�ص قانونية �صريحة‪.‬‬
‫ج‪ -‬حالة المنازعة في مبد�أ فر�ض ال�ضريبة‬
‫لقد �سارت بع�ض المحاكم الإدارية في اتجاه �إعفاء الملزم من تقديم مطالبة‬
‫تمهيدية �أمام الإدارة الجبائية‪� ،‬إذا كان طعنه ين�صب على المنازعة في مبد�أ فر�ض‬
‫ال�ضريبة‪.‬‬
‫ويمكن اال�ست�شهاد في هذا ال�صدد بعدة �أحكام ق�ضائية �صدرت حديثا ت�ؤكد‬
‫هذا التوجه‪ ،‬نذكر منها على ال�سبيل المثال ال الح�صر الحكم رقم ‪�5/2009/630‬ش‬
‫ال�صادر عن المحكمة الإدارية بمكنا�س بتاريخ ‪ 2009/10/01‬ملف رقم ‪�5/2009/278‬ش‬
‫الذي جاء فيه ما يلي‪:‬‬
‫«�أن المدعي ينازع في مبد�أ فر�ض ال�ضريبة وفي الأ�سا�س الخا�ضع لها‪ ،‬وبالتالي‬
‫وح�سبما جرى عليه العمل الق�ضائي يكون المدعي والحالة هاته غير ملزم‬
‫ب�سلوك م�سطرة التظلم الإداري»‪.‬‬
‫وبالرغم من كون المقت�ضيات الواردة في المادة ‪ 120‬من مدونة تح�صيل الديون‬
‫العمومية وا�ضحة و�صريحة وال تحتاج �إلى �أي اجتهاد �أو ت�أويل حيث �أكدت على‬
‫وجوب رفع المطالبات المتعلقة ب�إجراءات التح�صيل الجبري �إلى رئي�س الإدارة‬
‫التي ينتمي �إليها المحا�سب المكلف بالتح�صيل المعني �أو �إلى من يمثله وذلك‬
‫تحت طائلة عدم قبول الطعن الق�ضائي‪� ،‬إال �أن العمل الق�ضائي لم يتقيد بهذه‬
‫المقت�ضيات‪� ،‬إذ �صرح في مجموعة من �أحكامه بقبول الدعوى من دون �أن تكون‬
‫م�سبوقة بمطالبة تمهيدية �إذا كان المدعي ينازع في مبد�أ فر�ض ال�ضريبة �أو في �صفته‬
‫كملزم‪.‬‬
‫لكن وعلى خالف الأمر بالن�سبة للق�ضاء المغربي‪،‬فقد �شدد الق�ضاء الفرن�سي‬
‫على �ضرورة �سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية‪ ،‬فالملزم ال يحق له �أن يقا�ضي‬

‫‪400‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الإدارة الجبائية �إال بعد �أن يكون قد ا�ستنفذ م�سطرة المطالبة الإدارية‪ ،‬ومن ثم ف�إن‬
‫العري�ضة التي يقدمها للمحكمة قبل توجيه مطالبته للإدارة تكون غير مقبولة‪ ،‬حتى‬
‫و�إن كان التاريخ الذي تبت فيه المحكمة موازيا لتاريخ تقديم المطالبة التمهيدية(‪،)9‬‬
‫وذلك لأن هذه الأخيرة ت�شكل عن�صرا جوهريا في م�سطرة الطعن الجبائي في‬
‫القانون الفرن�سي‪� ،‬سواء في حالة دعوى الوعاء �أو دعوى التح�صيل طبقا لما هو‬
‫من�صو�ص عليه في الف�صل ‪ )10(R – 190‬الذي ي�شترط ل�صحة الدعوى الق�ضائية في‬
‫المجال الجبائي �أن ي�ستنفد الملزم �أوال م�سطرة المطالبة �أمام الإدارة الجبائية‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬موقف الق�ضاء بخ�صو�ص احت�ساب �أجل الطعن‬
‫الق�ضائي على �إثر م�سطرة المطالبة التمهيدية‬

‫يعتبر تقديم المطالبة التمهيدية داخل الآجال التي حددها الم�شرع �سواء في‬
‫المادة ‪ 235‬من المدونة العامة لل�ضرائب(‪� )11‬أو المادة ‪ 120‬من مدونة تح�صيل‬
‫الديون العمومية(‪ )12‬من ال�شروط الجوهرية لقبول هذه المطالبة‪.‬‬
‫وجدير بالذكر �أن الآجال المن�صو�ص عليها في هاتين المادتين ال ترتبط فقط‬
‫بم�سطرة المطالبة التمهيدية‪ ،‬و�إنما يمتد �أثرها �إلى نوع �آخر من الآجال تتعلق برفع‬
‫الدعوى �أمام المحاكم‪.‬‬
‫‪(9) CE. Plan. 26 AVRIL 1996 , « les grands arrêts de la jurisprudence fiscal « sirey 2ème‬‬
‫‪édition. P : 678.‬‬
‫(‪ ) 10‬تن�ص الفقرة الأولى من هذا الف�صل على ما يلي‪:‬‬
‫‪« Le contribuable qui désire contester tout ou partie d’un impôt qui le conserne , doit‬‬
‫‪d’abord adresser une réclamation au service territorial, selon le cas ; de l’administration‬‬
‫‪des impôts ou de l’administration des douanes et droits indirects dont dépend le lieu‬‬
‫» ‪d’imposition.‬‬
‫(‪ - )11‬الآجال المقررة بمقت�ضى هذه المادة هي ‪:‬‬
‫ ‪ -‬يف حالة �أداء ال�ضريبة ب�صورة تلقائية خالل ‪ 6‬ا�شهر املوالية الن�صرام الآجال املقررة‪.‬‬
‫ ‪ -‬في حالة فر�ض ال�ضريبة عن طريق جداول �أو قوائم الإيرادات �أو �أوامر باال�ستخال�ص خالل ‪� 6‬أ�شهر الموالية‬
‫لل�شهر الذي يقع فيه �صدور الأمر بتح�صيلها‪.‬‬
‫(‪� ) 12‬أجل المطالبة التمهيدية المحدد بمقت�ضى هذه المادة هو �ستين (‪ )60‬يوما الموالية لتاريخ تبليغ �إجراء‬
‫التح�صيل‪.‬‬

‫‪401‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وقد حدد الم�شرع بمقت�ضى المادة ‪ 243‬من المدونة العامة لل�ضرائب الم�سطرة‬
‫المطبقة على �إثر المطالبة التمهيدية‪ ،‬التي تن�ص على ما يلي‪:‬‬
‫«�إذا لم يقبل الخا�ضع لل�ضريبة القرار ال�صادر عن الإدارة عقب بحث مطالبته؛‬
‫جاز له �أن يرفع الأمر �إلى المحكمة المخت�صة داخل �أجل الثالثين (‪ )30‬يوما‬
‫الموالية لتاريخ تبليغ القرار المذكور‪.‬‬
‫�إذا لم تجب الإدارة داخل ال�ستة (‪� )6‬أ�شهر الموالية لتاريخ المطالبة‪ ،‬جاز‬
‫كذلك للخا�ضع لل�ضريبة الطالب رفع طلب �إلى المحكمة المخت�صة داخل �أجل‬
‫الثالثين (‪ )30‬يوما الموالية لتاريخ ان�صرام �أجل الجواب الم�شار �إليه �أعاله»‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ف�إن �أجل رفع الدعوى �أمام الق�ضاء الجبائي‪ ،‬في حالة التقيد بالمطالبة‬
‫التمهيدية‪ ،‬يختلف باختالف القرار ال�صادر عن الإدارة‪ ،‬هل هو قرار �صريح �أم‬
‫�ضمني ؟‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬ف�إذا ما �أجابت الإدارة على مطالبة الملزم داخل الأجل المحدد لها‪،‬‬
‫وجب على هذا الأخير رفع الدعوى داخل �أجل ‪ 30‬يوما الموالية لتاريخ تبليغ قرار‬
‫الإدارة‪� ،‬أما في حالة �سكوت الإدارة الجبائية وعدم جوابها‪ ،‬فيعتبر ذلك بمثابة‬
‫قرار �ضمني بالرف�ض؛ مما يتحتم معه على الملزم رفع الدعوى خالل ‪ 30‬يوما‬
‫الموالية لتاريخ ان�صرام �أجل جواب الإدارة‪.‬‬
‫و�إذا كان الم�شرع الجبائي قد حدد بدقة وو�ضوح �أجل الطعن الق�ضائي �ضد‬
‫قرار الإدارة‪ ،‬ال�صريح �أو ال�ضمني‪ ،‬ف�إن الق�ضاء الجبائي �سلك توجها مخالفا‪،‬‬
‫بفتحه �آجال جديدة ‪ -‬لم ين�ص عليها الم�شرع ‪ -‬في وجه الملزم‪ ،‬الأمر الذي �أدى‬
‫�إلى �إحداث توجه ق�ضائي مخالف لن�صو�ص �صريحة مع خرق قواعد �آمرة ال يجيز‬
‫القانون مخالفتها لتعلقها بالنظام العام‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬ومن بين الحاالت التي قرر فيها الق�ضاء فتح �آجال جديدة للطعن‬
‫الق�ضائي �ضد قرار الإدارة ال�صادر على �إثر مطالبة تمهيدية ما يلي‪:‬‬

‫‪402‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫• حالة قبول الطعن الذي قدمه الملزم قبل ان�صرام �أجل جواب الإدارة‬
‫على المطالبة التمهيدية‬
‫لقد ا�ستقر العمل الق�ضائي على �أن اللجوء �إلى الطعن الق�ضائي قبل جواب‬
‫الإدارة �أو قبل انق�ضاء الأجل المحدد لجوابها ال ت�أثير له على قبول الدعوى‪،‬‬
‫ما دام �أنه ب�إمكان الإدارة الجواب على المطالبة �أثناء مرحلة الم�سطرة الق�ضائية‪،‬‬
‫وما دام �أنه لم يلحقها �أي �ضرر‪ ،‬وما دام �أي�ضا �أن الم�شرع لم يرتب �أي جزاء عن‬
‫ذلك(‪.)13‬‬
‫ال�شك �أن هذا التوجه يتعار�ض مع الإرادة ال�صريحة للم�شرع والمتمثلة في‬
‫عدم جواز رفع الدعوى قبل معرفة رد الإدارة �صراحة �أو �ضمنا‪ ،‬فالم�شرع عندما‬
‫نظم هذا الإجراء �إنما كان يرمي �إلى ا�ستقرار الأو�ضاع القانونية من خالل التمييز‬
‫بين مرحلة المطالبة التمهيدية الإلزامية ‪-‬حتى يعرف موقف الإدارة من النزاع‪-‬‬
‫ومرحلة الطعن الق�ضائي التي يمكن اال�ستغناء عنها �إذا ما كان جواب �إدارة‬
‫ال�ضرائب في �صالح الملزم؛ �أما ال�سماح لهذا الأخير برفع دعواه �أمام الق�ضاء‬
‫داخل الأجل الممنوح للإدارة من �أجل الجواب‪ ،‬فذلك يعني ا�ستباق رد �إدارة‬
‫ال�ضرائب والتعامل مع المطالبة وك�أنها �أمر اختياري غير �إلزامي‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬يعد الطعن قبل مرور المدة التي حددها الم�شرع للإدارة ق�صد‬
‫الجواب بمثابة علم بالرف�ض‪ ،‬وهو �أمر ال نعتقد �أن الم�شرع ق�صده‪� ،‬إذ لو ان�صرفت‬
‫نية الم�شرع �إلى ذلك لن�ص عليه �صراحة‪ ،‬ولما رتب على عدم احترام مقت�ضيات‬
‫المادة ‪ 120‬من مدونة تح�صيل الديون العمومية عدم قبول المطالبة وبالتالي عدم‬
‫قبول الدعوى �أمام الق�ضاء‪.‬‬
‫• حالة قبول الطعن الذي قدمه الملزم خارج الأجل المحدد لجواب‬
‫الإدارة‬
‫(‪ ) 13‬حكم عدد ‪� 96/28‬صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ ‪ 1996/02/14‬في الملف عدد ‪ ،95/105‬غير‬
‫من�شور‪.‬‬

‫‪403‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫في هذا الإطار‪ ،‬ذهبت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى في قرارها عدد ‪482‬‬
‫ملف عدد ‪� 04/4/635‬إلى القول ب�أن مطالبة �إدارة ال�ضرائب للم�شتكي بالإدالء‬
‫بالوثائق المثبتة ل�شكايته‪ ،‬يفتح له �أجال جديدا الحت�ساب �أجل الطعن الق�ضائي‪،‬‬
‫ويحظى بقبول المنازعة التي تقدم داخل الأجل القانوني انطالقا من �أجل المطالبة‬
‫بالوثائق وتبليغها للملزم‪.‬‬
‫لتو�ضيح هذه الحالة ن�سوق المثال التالي‪:‬‬
‫‪ -‬الملزم قدم مطالبة تمهيدية �أمام الإدارة بتاريخ ‪.2009/02/01‬‬
‫‪ -‬الإدارة لم تتمكن من البت في هذه المطالبة داخل �أجل ‪� 6‬أ�شهر (�أي �إلى غاية‬
‫‪.)2009/08/01‬‬
‫‪ -‬لكنها «الإدارة» قامت خالل مدة ‪� 6‬أ�شهر المحددة لجوابها (مثال بتاريخ‬
‫‪ )2009/04/15‬بمطالبة الملزم الإدالء بالوثائق والحجج التي تدعم �شكايته‪.‬‬
‫‪ -‬بالن�سبة الحت�ساب �أجل الطعن الق�ضائي‪:‬‬
‫موقف الق�ضاء في هذه الحالة (قرار الغرفة الإدارية عدد ‪ 482‬ملف �إداري‬
‫رقم ‪.)04/2/4/635‬‬
‫�أجل الطعن الق�ضائي يبد�أ من تاريخ مطالبة الإدارة للملزم الإدالء بالوثائق‬
‫والحجج �أي من ‪.2009/04/15‬‬
‫وينتهي هذا الأجل عند انق�ضاء ال�شهر ال�سابع الموالي لتاريخ المطالبة بهذه‬
‫الوثائق �أي �إلى غاية ‪.2009/11/15‬‬
‫هذا الموقف يتعار�ض مع المقت�ضيات القانونية الواردة في المادة ‪ 243‬من‬
‫المدونة العامة لل�ضرائب التي تن�ص �صراحة على �أن �أجل الطعن الق�ضائي‬
‫يبد�أ من تاريخ تقديم المطالبة‪.‬‬
‫جاء في الفقرة الثانية من المادة ‪ 243‬المذكورة ما يلي‪:‬‬
‫«�إذا لم تجب الإدارة داخل ال�ستة (‪� )6‬أ�شهر الموالية لتاريخ المطالبة‪ ،‬جاز‬
‫كذلك للخا�ضع لل�ضريبة الطالب رفع طلب �إلى المحكمة المخت�صة داخل‬
‫�أجل الثالثين (‪ )30‬يوما الموالية لتاريخ ان�صرام �أجل الجواب الم�شار �إليه‬
‫‪404‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫�أعاله»‪.‬‬
‫وعليه يكون �أجل الطعن القانوني بالن�سبة للمثال المذكور �أعاله هو‪:‬‬
‫�أجل الطعن الق�ضائي يبد�أ من تاريخ تقديم الملزم لمطالبته التمهيدية �أمام‬
‫الإدارة �أي من ‪ 2009/02/01‬وينتهي هذا الأجل عند انق�ضاء ال�شهر ال�سابع‬
‫الموالي لتاريخ تقديم هذه المطالبة �أي �إلى غاية ‪.2009/08/01‬‬
‫المحور الثاني ‪ :‬الغايات التي توخاها الم�شرع من �إلزامية المطالبة‬
‫التمهيدية‬
‫لقد �أكدت العديد من الت�شريعات الجبائية على �إلزامية المطالبة التمهيدية‪،‬‬
‫واعتبرتها واحدة من قواعد قبول الدعوى ال�ضريبية‪� ،‬إذ �أوجبت على الملزم �أن‬
‫ي�ستنفد هذه الم�سطرة قبل اللجوء �إلى الق�ضاء تحت طائلة عدم قبول الدعوى‪.‬‬
‫وال�شك �أن الغاية من �إلزامية هذه المطالبة تكمن في ت�سوية الخالفات‪ ،‬التي قد‬
‫تن�ش�أ بين الإدارة والملزمين‪ ،‬في مراحلها الأولى كما �أنها ت�ؤدي �إلى نتائج ال يمكن‬
‫الو�صول �إليها عن طريق الطعن �أمام المحاكم؛ ناهيك عن االقت�صاد في الوقت‬
‫والتكاليف التي ي�ستلزمها الطريق الق�ضائي‪.‬‬
‫والم�شرع الجبائي المغربي �أكد بدوره ‪� -‬أ�سوة بباقي الت�شريعات ‪ -‬على‬
‫�إلزامية المطالبة التمهيدية‪ ،‬واعتبرها بمثابة حل وقائي بديل للمنازعة ال�ضريبية �أمام‬
‫الق�ضاء‪ ،‬لما في هذه الم�سطرة من مزايا بالن�سبة للملزم والإدارة والق�ضاء‪.‬‬
‫الفرع الأول ‪ :‬المطالبة التمهيدية كحل بديل للمنازعة‬
‫ال�ضريبية‬
‫تعتبر المطالبة التمهيدية �آلية فعالة لت�سوية الخالفات التي قد تن�ش�أ بين الإدارة‬
‫والملزم‪� ،‬إذ عن طريقها يتم ح�سم ن�سبة هامة من المطالبات التي تقدم �إلى �إدارة‬
‫ال�ضرائب‪ ،‬وذلك في زمن ال يتجاوز في غالب الأحيان ‪� 6 -‬أ�شهر ‪-‬؛ �سيما �إذا‬
‫علمنا �أن غالبية هذه المطالبات تهدف �إما �إلى ت�صحيح الأخطاء المادية التي قد‬
‫ت�شوب وعاء �أو طريقة ح�ساب ال�ضريبة‪ ،‬و�إما �أن الدافع الذي يكمن خلف تقديم‬
‫‪405‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫المطالبة ال يعدو �أن يكون مجرد تعبير عن �سخط وغ�ضب الملزم كرد فعل على‬
‫فر�ض ال�ضريبة‪.‬‬
‫من هنا تظهر الغاية التي توخاها الم�شرع من �إلزامية المطالبة التمهيدية وهي‬
‫�إحداث �آلية خا�صة لت�سوية الخالفات بين الإدارة والملزم في الميدان ال�ضريبي‪،‬‬
‫يكمن دورها الأ�سا�سي في «غربلة» الطعون؛ بحيث ال ي�صل منها �إلى الق�ضاء �سوى‬
‫تلك التي تت�ضمن خالفا بين الملزم والإدارة ال�ضريبية ب�ش�أن فهم القاعدة القانونية‬
‫ال�ضريبية‪ ،‬وذلك حتى ال يبقى القا�ضي مجرد «موظف» يق�ضي وقته في ت�صحيح‬
‫الأخطاء المادية التي قد ترتكبها الإدارة‪ ،‬ويحيد عن دوره الأ�سا�سي المتمثل في‬
‫�إبداع حلول خالقة لل�صعوبات التي تطرحها الم�سائل القانونية ال�ضريبية‪.‬‬
‫الفرع الثاني ‪ :‬مزايا المطالبة التمهيدية هي �سبب �إلزاميتها‬
‫لقد �أوجب الم�شرع الجبائي المغربي ‪ -‬اقتداء بنظيره الفرن�سي ‪ -‬م�سطرة‬
‫المطالبة التمهيدية �أمام الإدارة الجبائية قبل �سلوك الطعن الق�ضائي‪ ،‬لما في هذه‬
‫الم�سطرة من اقت�صاد في الوقت والتكاليف التي يتطلبها الطعن �أمام المحاكم‪،‬‬
‫ولما فيها �أي�ضا من فائدة في �إنهاء الخالفات التي قد تثور بين الملزم والإدارة‬
‫في مراحلها الأولى‪ ،‬ذلك ف�ضال على �أن �سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية ي�ؤدي‬
‫�إلى نتائج ال يمكن الو�صول �إليها عن طريق الطعن الق�ضائي‪ ،‬فالإدارة وهي تمار�س‬
‫مهامها يمكن �أن ترتكب �أخطاء قانونية �أو واقعية �أثناء تحديدها للوعاء �أو �أثناء ت�صفية‬
‫وا�ستخال�ص ال�ضرائب والديون الم�ستحقة للخزينة‪ ،‬ف�إلزامية المطالبة التمهيدية‬
‫�إذن تتيح لها �إمكانية التراجع عن تلك الأخطاء في حالة ت�أكدها منها ووجود و�سائل‬
‫�إثبات جدية تدعم ذلك‪.‬‬
‫وقد ال نبالغ �إذا قلنا ب�أن المطالبة التمهيدية تترتب عنها جملة من المزايا �سواء‬
‫بالن�سبة للملزم �أو الإدارة �أو الق�ضاء‪ ،‬ويمكن �إجمال هذه المزايا في‪:‬‬
‫‪ - 1‬بالن�سبة للملزم‬
‫‪ -‬يف�ضل غالبية الملزمين �سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية �أمام �إدارة ال�ضرائب‬

‫‪406‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫مبا�شرة‪� ،‬إيمانا منهم ب�أن الحلول المالئمة هي التي تكون عن طريق الحوار‬
‫المبا�شر مع الإدارة �صاحبة القرار المتنازع فيه‪.‬‬
‫‪ -‬م�سطرة المطالبة التمهيدية غير مكلفة‪ ،‬عك�س المنازعة �أمام الق�ضاء التي‬
‫ت�ستلزم �أداء الر�سوم الق�ضائية و�أتعاب الخبرة و�ضرورة الم�ؤازرة من طرف‬
‫محامي‪.‬‬
‫‪ -‬ي�ساهم الملزم �إلى جانب الإدارة‪ ،‬في �إطار المطالبة التمهيدية‪ ،‬في �إيجاد‬
‫ت�سوية ودية للخالف‪ ،‬مما ي�ؤدي �إلى تح�سين العالقة وخلق حوار مبا�شر مع‬
‫الإدارة‪.‬‬
‫‪ -‬ك�سب الوقت‪� ،‬إذ غالبا ما يتم ح�سم الخالف‪ ،‬في �إطار المطالبة التمهيدية‪،‬‬
‫داخل �أجل معقول‪ ،‬بينما تبقى الدعوى رائجة �أمام الق�ضاء ل�سنوات طويلة‪.‬‬
‫‪ -‬تكفل المطالبة التمهيدية الحفاظ على خ�صو�صية النزاع القائم بين الملزم‬
‫والإدارة‪ ،‬على عك�س المنازعة �أمام الق�ضاء‪� ،‬إذ ينفتح النزاع على عدة‬
‫متدخلين‪.‬‬
‫‪ - 2‬بالن�سبة للإدارة‬
‫‪ -‬تمكن المطالبة التمهيدية الإدارة من الإلمام بجميع جوانب الخلل في فر�ض‬
‫ال�ضريبة وتقديرها �أو في ت�صفيتها وا�ستخال�صها‪.‬‬
‫‪ -‬الإدارة وهي تمار�س مهامها يمكن �أن ترتكب �أخطاء قانونية �أو واقعية �أثناء‬
‫تحديدها للوعاء �أو �أثناء ت�صفية وا�ستخال�ص ال�ضرائب والديون الم�ستحقة‬
‫للخزينة‪ ،‬ف�إلزامية المطالبة التمهيدية �إذن تتيح لها �إمكانية التراجع عن تلك‬
‫الأخطاء في حالة ت�أكدها منها ووجود و�سائل �إثبات جدية تدعم ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬المطالبة التمهيدية هي بمثابة فر�صة للإدارة من �أجل تفادي �صدور �أحكام‬
‫ق�ضائية �ضدها في حالة وجود خلل في فر�ض ال�ضريبة وتقديرها �أو في‬
‫ت�صفيتها وا�ستخال�صها‪.‬‬

‫‪407‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ - 3‬بالن�سبة للق�ضاء‬
‫‪ -‬المطالبة التمهيدية بمثابة « م�صفاة « للطعون‪� ،‬إذ اليعر�ض غالبا ‪ -‬بموجبها ‪-‬‬
‫على الق�ضاء �سوى النزاعات التي تطرح م�سائل قانونية دقيقة‪ ،‬مما ي�ساهم في‬
‫تقليل عدد الدعاوى التي تحال على الق�ضاء‪ ،‬فقد �أثبتت الإح�صائيات �أن �آلية‬
‫المطالبة التمهيدية �ساهمت ب�شكل مبا�شر في تخفيف العبء على المحاكم‪.‬‬
‫‪� -‬أن المطالبة التمهيدية تحدد للقا�ضي �إطار الخالف الذي لم تتمكن من ح�سمه‪،‬‬
‫فهي �إذا كانت ال تحدد الو�سائل‪ ،‬ف�إنها على الأقل تحدد الم�ستنتجات‪� ،‬إذ‬
‫تعطي �صورة وا�ضحة على جميع جوانب الخالف بين الملزم والإدارة‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫من الم�ؤكد �أن الق�ضاء �أ�صبح ينوء كاهله ‪ -‬الآن‪ -‬بعدد من الق�ضايا لم تعد‬
‫المحاكم قادرة على الت�صدي لها ب�شكل منفرد‪ ،‬كما �أن بطء �إجراءات التقا�ضي‬
‫وتعدد درجاته وارتفاع تكاليفه يجعل من المطالبة التمهيدية و�سيلة ناجعة لحل‬
‫المنازعات الجبائية‪.‬‬
‫انطالقا من هنا‪ ،‬يمكن القول ب�أن المطالبة التمهيدية لي�ست ‪-‬كما يعتقد البع�ض‪-‬‬
‫عبء ثقيل على الملزم‪ ،‬و�إنما هي بمثابة حل بديل للمنازعة �أمام الق�ضاء‪ ،‬و�آلية‬
‫لت�سوية الخالف‪ ،‬تقوم على �أ�سا�س الحوار المبا�شر بين الإدارة والملزم من �أجل‬
‫�إيجاد حل منا�سب للخالف الذي قد يثور بينهما‪.‬‬
‫ونظرا للمزايا التي تمنحها م�سطرة المطالبة التمهيدية‪ ،‬فقد �سعى الم�شرع �إلى‬
‫الت�أكيد على �إلزاميتها‪ ،‬ف�أوجب على الملزم �سلوك هذه الم�سطرة عن طريق‬
‫توجيه مطالبة �أولية �إلى الإدارة قبل اللجوء �إلى الق�ضاء‪ ،‬ف�إن رف�ضت الإدارة هذه‬
‫المطالبة �أو لم تبت فيها خالل الميعاد القانوني‪ ،‬حق له �آنذاك اللجوء �إلى طريق‬
‫الطعن الق�ضائي �شريطة احترام �آجاله القانونية‪.‬‬

‫‪408‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫التقرير العام للندوة الوطنية‬


‫ ‬
‫ح�ضرات ال�سيدات وال�سادة‪،‬‬
‫نظم المجل�س الأعلى ب�شراكة مع المديرية العامة لل�ضرائب ندوة علمية حول‬
‫مو�ضوع‪« :‬الإ�شكاالت القانونية والعملية في المجال ال�ضريبي» يومي الرابع‬
‫والخام�س من �شهر فبراير �سنة ‪ 2011‬بفندق ريا�ض بارك بمراك�ش‪� ،‬شارك فيها‬
‫ر�ؤ�ساء الغرف بالمجل�س الأعلى وم�س�ؤولو وق�ضاة مختلف محاكم المملكة وكبار‬
‫�أطر المديرية العامة لل�ضرائب بح�ضورعدد من المهتمين من محامين وموثقين‬
‫وخبراء و�أ�ساتذة جامعيين‪.‬‬
‫افتتحت الندوة بتالوة �آيات بينات من الذكر الحكيم ثم تال الحا�ضرون الفاتحة‬
‫ترحما على روح المغفور له عبد االله بنبراهيم مدير الوعاء والتح�صيل وال�ش�ؤون‬
‫القانونية ثم تناول الكلمة الأ�ستاذ النقيب محمد الطيب النا�صري وزير العدل‪،‬‬
‫عبرعن �سعادته واعتزازه بح�ضوره �أ�شغال هذه التظاهرة العلمية الهامة‪ ،‬ثم تطرق‬
‫لمو�ضوع الندوة الذي يتجلى في خ�صو�صية المنازعات ال�ضريبية وفي طبيعة‬
‫ال�صالحيات التي يتوفر عليها القا�ضي الإداري وهو ب�صدد الف�صل فيها‪ .‬مما‬
‫ي�ستدعي التزامه بمنهجية ر�صينة قوامها التوفيق بين غاية �ضمان حق الدولة في‬
‫توفير الموارد المالية الالزمة‪ ،‬وغاية �ضمان تحقيق مبد�أي الم�ساواة والإن�صاف‬
‫في تحمل العبء ال�ضريبي لدى الملزم‪ .‬وهو ما يجعل القا�ضي الإداري م�ساهما‬
‫فعاال في ا�ستتباب الأمن القانوني والق�ضائي والعدالة ال�ضريبية‪.‬‬
‫وقد ركز ال�سيد وزير العدل في كلمته هذه على الطبيعة التقنية والإجرائية‬
‫للن�صو�ص ال�ضريبية التي تجعل من المنازعات الجبائية منازعات متميزة بت�شعبها‬

‫‪409‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫وغمو�ضها �أحيانا‪ ،‬الأمر الذي يطرح �إ�شكاالت قانونية وعملية في التطبيق يرجع‬
‫�أمر الف�صل فيها للق�ضاء الإداري الذي �أبان في هذا ال�صدد على كفاءة عالية في‬
‫�إطار ما تعرفه المادة الإدارية من ثوابت منها‪ :‬التف�سير ال�ضيق للقانون الجبائي‪،‬‬
‫تف�سير ال�شك ل�صالح الملزم‪ ،‬تحميل الإدارة عبء �إثبات الواقعة المن�شئة لل�ضريبة‬
‫و�صحة �سلوك فر�ضها �أو ت�صحيح وعائها‪ ،‬عدم رجعية القوانين‪ ،‬قاعدة ال �ضريبة‬
‫وال �إعفاء �إال بن�ص القانون‪ ،‬ا�ستبعاد �أ�سلوب القيا�س في المجال ال�ضريبي‪ ،‬و�إيجابية‬
‫دور القا�ضي في م�سطرة الفر�ض التلقائي لل�ضريبة �أو م�سطرة مراجعتها‪.‬‬
‫ثم �أ�شار �إلى �أن �إحداث محاكم ا�ستئناف �إدارية �سنة ‪ ،2006‬وا�ضطالع هذه‬
‫الأخيرة بدورها قد �أغنى و�سيغني االجتهاد الق�ضائي في المادة الجبائية باعتباره‬
‫مرجعا ت�ستر�شد به �إدارة ال�ضرائب في االرتقاء بم�ستوى �أدائها طبقا للنهج الذي‬
‫ر�سمه �صاحب الجاللة حفظه اهلل في خطابه بتاريخ ‪ 15‬دجنبر ‪.1999‬‬
‫ثم تناول الكلمة ال�سيد م�صطفى فار�س الرئي�س الأول للمجل�س الأعلى رحب‬
‫فيها بال�سيد وزير العدل وبجميع الم�شاركين في هذه الندوة التي اعتبرها تمرة‬
‫تعاون بين المجل�س الأعلى والمديرية العامة لل�ضرائب منوها بالمنا�سبة بمديرها‬
‫العام على ما �أبداه من تعاون لتنظيم هذه الندوة التي ت�أتي ا�ستمرارا لندوات‬
‫يعقدها المجل�س الأعلى مع باقي الفاعلين في الحقل الوطني والدولي لتر�سيخ‬
‫دولة الحق والقانون عمال بالتوجهات الملكية ال�سامية‪.‬‬
‫وركز ال�سيد الرئي�س الأول في كلمته على �أهمية المو�ضوع الذي تتناوله هذه‬
‫التظاهرة العلمية‪ ،‬انطالقا من دور ال�ضريبة ك�أهم مورد للخزينة العامة‪ ،‬خا�صة‬
‫في وقت تنفتح فيه بالدنا على العالم الخارجي‪ .‬وفي هذا ال�سياق �أ�شار �إلى كثرة‬
‫التعديالت التي يعرفها الت�شريع الجبائي وت�شتت ن�صو�صه وغمو�ض بع�ضها �أحيانا‪،‬‬
‫مما يجعل النزاعات بين الإدارة والملزمين في تزايد م�ستمر‪ ،‬حيث تجاوز عدد‬
‫الق�ضايا الرائجة �أمام محاكم المملكة بهذا الخ�صو�ص ‪ 7000‬ق�ضية وهو ما يبرز‬

‫‪410‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الدور الهام للق�ضاء الإداري في تجاوز ثغرات الن�صو�ص وا�ستخراج المبادئ‬


‫وا�ستك�شاف روح الت�شريع‪.‬‬
‫ثم �أ�ضاف ال�سيد الرئي�س الأول ب�أن لقاء اليوم منا�سبة لتدليل الخالفات وتقريب‬
‫وجهات النظر ب�ش�أن جملة من الموا�ضيع البالغة الأهمية م�ستعر�ضا بهذا الخ�صو�ص‬
‫محاور الندوة التي �شملت العمل الق�ضائي في المجال ال�ضريبي �أوال‪ ،‬والإثبات‬
‫والتحقيق في المنازعات الجبائية ثانيا‪ ،‬وم�سطرة فر�ض ال�ضريبة وت�صحيحها ثالثا‪،‬‬
‫ثم منازعات التح�صيل رابعا‪ .‬وبالمنا�سبة دعا ال�سيد الرئي�س الأول �إلى خلق لجنة‬
‫مكونة من ق�ضاة ومحامين ورجال �إدارة وخبراء ومهتمين بهدف بلورة نتائج هذا‬
‫اللقاء و�إيجاد الحلول لما قد ي�ستجد من �إ�شكاالت‪.‬‬
‫ثم تف�ضل ال�سيد م�صطفى مداح الوكيل العام للملك لدى المجل�س الأعلى‬
‫بكلمة �أبرز فيها �أهمية الندوة من خالل �صلتها بق�ضايا يعتبر الق�ضاء الإداري مطالبا‬
‫فيها بالتوفيق بين الحق العام والحق الخا�ص‪ ،‬واحترام ف�صل ال�سلط من غير قطيعة‬
‫مع باقي المكونات الإدارية للدولة‪ .‬مما يدعو �إلى االنفتاح على باقي الفاعلين‬
‫رغبة في تكري�س مبادئ العدل والإن�صاف‪ .‬معتبرا �أن هذا االنفتاح ي�صبح �ضروريا‬
‫عندما يتعلق الأمر ب�إدارة كالمديرية العامة لل�ضرائب‪ ،‬وذلك بالنظر �إلى �أهمية‬
‫ال�ضريبة كمورد �أ�سا�سي لخزينة الدولة وكمادة دينامية بحكم كثرة التعديالت‬
‫في ت�شريعاتها وت�شتت ن�صو�صها وقلة الأبحاث فيها بالمقارنة مع غيرها من المواد‬
‫القانونية‪� ،‬إ�ضافة �إلى �أن الأنظمة ال�ضريبية يغلب عليها الطابع التقني الذي يجعلها‬
‫حكرا على المتمر�سين من ق�ضاة و�أطر �إدارية‪ .‬وخل�ص ال�سيد الوكيل العام �إلى‬
‫�أن هذا اللقاء �سيف�ضي يقينا �إلى نتائج مر�ضية تفي بالجواب عن كل الت�سا�ؤالت‬
‫والإ�شكاالت المعرو�ضة للمناق�شة‪.‬‬
‫ثم تف�ضل ال�سيد عبد اللطيف زغنون المدير العام للمديرية العامة لل�ضرائب‬
‫ب�إلقاء كلمة �أ�شار في م�ستهلها �إلى الحيز المهم الذي تحتله المنازعة ال�ضريبية‬
‫�ضمن �أ�شغال الق�ضاء الإداري‪ ،‬وما ت�شكله من مجال خ�صب للنقا�ش الفقهي‬

‫‪411‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫والق�ضائي‪ ،‬و�أن الق�ضاء الإداري في بالدنا قد راكم مجموعة من االجتهادات‬


‫الق�ضائية في مجال المنازعة ال�ضريبية جعلت منه �شريكا فعليا في �صناعة القرار‬
‫ال�ضريبي وحاميا لحقوق الملزم وم�صالح الخزينة‪ .‬ثم �أو�ضح �أن التحديات التي‬
‫يفر�ضها تمويل خزينة الدولة في �سبيل تمويل الم�شاريع التنموية الكبرى التي تتم‬
‫بمبادرة من �صاحب الجاللة ن�صره اهلل و�أيده‪ ،‬تتطلب م�ساهمة الجميع في تحمل‬
‫التكاليف العامة علما ب�أن الوفاء بااللتزامات ال�ضريبية �أ�صبح من الركائز الأ�سا�سية‬
‫للمواطنة الحقة‪ .‬ولعل في اجتهاد المجل�س الأعلى في المادة ال�ضريبية ما يك�شف‬
‫عن الدور البيداغوجي للأحكام والقرارات‪ .‬و�أ�شار ال�سيد المدير العام في هذا‬
‫ال�صدد �إلى �أن ح�صول بع�ض الإخالالت في القرارات ال�ضريبية ال يعني ف�سح‬
‫المجال للملزم في الإفالت من االلتزام ال�ضريبي الذي يعتبر من �أهم التزامات‬
‫المواطنة والتي يعمل الق�ضاء على حمايتها طبقا للتوجيهات الملكية الم�ستلهمة‬
‫من الخطاب ال�سامي بتاريخ ‪� 8‬أكتوبر ‪ 2010‬بمنا�سبة افتتاح الدورة الأولى لل�سنة‬
‫الت�شريعية‪.‬‬
‫ثم �أو�ضح ال�سيد المدير العام �أن تطوير المنظومة القانونية لل�ضريبة انطالقا من‬
‫�سنة ‪ 2005‬ب�إ�صدار كتاب الم�ساطر الجبائية ثم كتاب الوعاء والتح�صيل و�إ�صدار‬
‫المدونة العامة لل�ضرائب �سنة ‪ 2007‬و�ضع حدا ن�سبيا لل�شتات الذي كان يعرفه‬
‫ت�شريع ال�ضريبة‪ .‬وفي ذات ال�سياق جاء قانون المالية ل�سنة ‪ 2011‬ليزيح �شيئا‬
‫من الغمو�ض في جملة من النقط التي كانت في حاجة �إلى التو�ضيح‪ .‬كما تعمل‬
‫الإدارة على �إعداد دورية تف�سيرية لجميع مقت�ضيات المدونة العامة لل�ضرائب‪.‬‬
‫ودعم التوا�صل مع مختلف الملزمين عن طريق فتح بوابتها الإلكترونية وت�ضمينها‬
‫مختلف الن�صو�ص ال�ضريبية والدوريات التف�سيرية والأجوبة على مختلف �أ�سئلة‬
‫الملزمين‪ .‬وفي ذات ال�سياق تم �إحداث نظامي الإقرار والأداء الإلكترونيين‬
‫ف�ضال عن �إعادة هيكلة الإدارة في �إطار �سيا�سة القرب وبلورة التوا�صل مع جميع‬
‫الجهات المعنية وعلى ر�أ�سها الق�ضاء الذي يحظى باحترام كبير من طرف �إدارة‬
‫ال�ضرائب‪.‬‬

‫‪412‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫وفي الأخير عبر ال�سيد المدير العام عن �أمله في �أن تحقق هذه الندوة الغايات‬
‫المتوخاة منها وختم كلمته بتجديد ال�شكر لكل من ال�سيد الرئي�س الأول للمجل�س‬
‫الأعلى وال�سيد الوكيل العام الملك لديه‪.‬‬
‫وتطبيقا لبرنامج الندوة جرت مناق�شة محور جل�ستها ال�صباحية لليوم الأول‬
‫الخا�صة بالعمل الق�ضائي في المنازعات الجبائية برئا�سة الأ�ستاذة الباتول النا�صري‬
‫رئي�سة غرفة بالمجل�س الأعلى‪ .‬وقد �شمل هذا المحورالمداخالت التالية ‪:‬‬
‫‪ )1‬مداخلة الأ�ستاذ محمد محجوبي الم�ست�شار بالمجل�س الأعلى والتي عالجت‬
‫بنوع من الدقة والتف�صيل ‪« :‬الأ�سباب المبررة للنق�ض في المنازعات ال�ضريبية على‬
‫�ضوء قرارات المجل�س الأعلى»‪ ،‬حيث تطرق المتدخل �إلى �أ�سباب النق�ض المبنية‬
‫على انعدام التعليل �أو نق�صانه �أو ف�ساده م�ستدال في ذلك بمجموعة من المبادئ‬
‫التي كر�سها المجل�س الأعلى في هذا المو�ضوع‪ .‬ثم �إلى �أ�سباب النق�ض المبنية‬
‫على مخالفة القانون والتي تن�صرف �إلى الخط�أ في تطبيق الن�ص القانوني �أو في‬
‫تف�سيره م�ستندا في ذلك �إلى عدة قرارات ق�ضائية �صادرة في هذا ال�ش�أن ومثالها ما‬
‫تعلق ب�سوء تطبيق الف�صول ‪ 134 ،142‬و‪ 512‬من قانون الم�سطرة المدنية والمادتين‬
‫‪ 26‬و‪ 27‬من القانون المتعلق بال�ضرائب والر�سوم الم�ستحقة للجماعات المحلية‬
‫وهيئاتها‪ ،‬والمادتين ‪ 19‬و‪ 20‬من القانون المنظم لل�ضريبة الح�ضرية‪ .‬ثم �أ�شار في‬
‫نهاية عر�ضه �إلى �أن المجل�س الأعلى غالبا ما يثير �سبب النق�ض ب�صورة تلقائية كلما‬
‫تعلق الأمر بمخالفة القرار المطعون فيه لم�س�ألة لها ارتباط بالنظام العام كما هو‬
‫الحال في خرق قواعد االخت�صا�ص النوعي‪.‬‬
‫‪ )2‬مداخلة الأ�ستاذ محمد ال�شريقي المدير الجهوي لل�ضرائب بمكنا�س تحت‬
‫عنوان ‪« :‬الطرق البديلة لت�سوية المنازعات الجبائية» التي �أبرز في م�ستهلها �أهمية‬
‫المنازعة الإدارية في حل النزاعات الجبائية �سواء خالل مرحلة الطعن الإداري‬
‫�أو بمنا�سبة الطعن �أمام اللجان ال�ضريبية انطالقا من خ�صائ�صها ومزاياها بالن�سبة‬
‫للإدارة والملزم على حد �سواء‪� ،‬أوفي مركزها كدرجة من درجات الحوار‬

‫‪413‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫الفعال بين الفريقين‪ ،‬وكيفية تعامل الق�ضاء معها‪ .‬وقد ا�ستدعى البحث في هذه‬
‫النقط تق�سيمه �إلى محورين اثنين‪� ،‬إذ تطرق المتدخل في المحور الأول للمطالبة‬
‫الإدارية من حيث �إطارها القانوني‪ ،‬ومن حيث نطاق تطبيقها‪ ،‬وكيفية تعامل الق�ضاء‬
‫معها وتعر�ض بهذا الخ�صو�ص لموقف الق�ضاء من �إلزامية المطالبة �أمام الإدارة‬
‫ف�أو�ضح �أن العمل الق�ضائي ا�ستقر على قبول الدعوى ولو لم ت�سبقها �أية مطالبة‬
‫وذلك في حالة عدم احترام الإدارة لم�سطرة الفر�ض ال�ضريبي‪ ،‬وعند المنازعة‬
‫في مبد�أ ال�ضريبة‪ ،‬وفي حالة التم�سك بالتقادم‪ .‬و�أبرز في ذات ال�سياق توجهات‬
‫الق�ضاء بخ�صو�ص �آجال المطالبة الإدارية م�شيرا �إلى ا�ستقراره حول مبد�أ قبول‬
‫الطعن ولو قبل ان�صرام �أجل �ستة �أ�شهر الممنوح للإدارة‪ ،‬وحول قاعدة قبول‬
‫الطعن خارج الأجل متى دخلت الإدارة في حوار مع الملزم من �أجل البت في‬
‫�شكايته‪ .‬وخل�ص في نهاية هذا المحور �إلى عر�ض �أهم مزايا المطالبة الإدارية‬
‫بالن�سبة للإدارة والملزم والمحكمة‪.‬‬
‫�أما المحور الثاني فقد خ�ص�صه المتدخل للمنازعة �أمام اللجان ال�ضريبية‪� ،‬إذ‬
‫�أبرز الدور المهم للجان ال�ضريبية الذي يتجلى في و�ساطتها لت�سوية المنازعات‬
‫الجبائية المتميزة بال�سرعة في البت في النزاعات‪ ،‬وفي �إ�شراكها لعدة فعاليات‬
‫من قطاعات مهنية مختلفة‪ ،‬وفي اال�ستعانة بذوي الخبرة بغر�ض التو�صل �إلى حل‬
‫عادل ومن�صف للمنازعة المعرو�ضة عليها م�شيرا �إلى �أنها تخت�ص بالبت في الم�سائل‬
‫الواقعية دون القانونية في �إطار م�سطرة تهتم بتعليل المقررات وت�سبيبها‪ .‬وفي‬
‫الختام ا�ستعر�ض المتدخل جملة من الأمثلة بين من خاللها وجه تعامل الق�ضاء مع‬
‫مقررات اللجان ال�ضريبية ليخل�ص �إلى �أنه على الرغم من �أهمية المنازعة الإدارية‬
‫ف�إنها ال ت�شكل مناف�سا للق�ضاء الذي تبقى له الوالية العامة في البت في المنازعات‬
‫ال�ضريبية على نحو يحقق ال�ضمانة المقررة لطرفيها‪.‬‬
‫‪ )3‬مداخلة الأ�ستاذ عبد المعطي القدوري الم�ست�شار بالمحكمة الإدارية ب�أكادير‬
‫تحت عنوان ‪« :‬الرقابة الق�ضائية على العمل ال�ضريبي»‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ )4‬مداخلة الأ�ستاذ محمد ال�سباعي المدير الجهوي لل�ضرائب بالرباط بعنوان‪:‬‬


‫«مدى م�ساهمة العمل الق�ضائي في خلق توازن بين حقوق الملزم وواجباته» والتي ت�ساءل‬
‫فيها حول �أي حد ا�ستطاع الق�ضاء �أن يوازن بين حقوق الملزم وواجباته مع العلم‬
‫�أن هناك ملزما يقوم بواجباته تجاه الإدارة وملزما ال يقوم بواجباته وت�ساءل عمن‬
‫ي�ستحق الحماية‪.‬‬
‫ف�أما بالن�سبة للملزم المخل بالتزاماته كليا فقد ا�ستعر�ض المتدخل �أمثلة حية‬
‫تتعلق بملزمين لم يقدموا �أي ت�صريح �أو لم يعلموا الإدارة بمقر �سكناهم‪ ،‬ومع‬
‫ذلك قررت المحاكم �إلغاء ال�ضريبة بالتقادم في حقهم وفوتت على الإدارة فر�صة‬
‫�إعادة الأمور �إلى مجراها الطبيعي وم�ساءلة الملزم عن الإخالل بواجبه‪.‬‬
‫�أما بالن�سبة للملزم الذي يدلي بالإقرار ومع ذلك يرف�ض الخ�ضوع للمراقبة‬
‫فقد تطرق المتدخل �إلى الفر�ض التلقائي لل�ضريبة الذي يعتمد على ما تتوفر عليه‬
‫الإدارة من معطيات في �إطار المادة ‪ 229‬من مدونة ال�ضرائب مادام الملزم رف�ض‬
‫تقديم وثائق محا�سبية‪ ،‬وومن هذه المعطيات الح�ساب البنكي للملزم‪ .‬غير �أن‬
‫الق�ضاء ذهب �إلى �أنه ال يمكن �إقامة ال�صلة بين الح�ساب البنكي ال�شخ�صي والن�شاط‬
‫المهني للملزم‪ .‬و�إن الإدارة هي التي يجب �أن تتحمل عبء الإثبات‪.‬‬
‫وفي الأخير تطرق المتدخل �إلى ظاهرة الإثراء بال �سبب على ح�ساب الخزينة‬
‫في الحاالت التي ال ت�ؤدى فيا المبالغ المقتطعة في المنبع �أو ال�ضريبة على القيمة‬
‫الم�ضافة الم�ستخل�صة‪.‬‬
‫‪ )5‬مداخلة الأ�ستاذ الح�سن الكا�سم الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستئناف التجارية‬
‫بالدار البي�ضاء بعنوان‪« :‬اخت�صا�صات اللجنة الوطنية والم�سطرة وطبيعة القرارات ال�صادرة‬
‫عنها» وقد ارت�أى المتدخل تق�سيم عر�ضه �إلى �أربعة �أق�سام حيث تطرق في الأول‬
‫لتركيبة اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية‪ .‬وتناول في الثاني اخت�صا�ص اللجنة‬
‫الوطنية والم�سطرة المتبعة �أمامها‪ .‬ثم عالج في الثالث قرارات اللجنة الوطنية وما‬
‫ينبغي التقيد به من �شروط في �إ�صدارها انطالقا مما تقت�ضيه المادة ‪ 226‬من المدونة‬
‫‪415‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫العامة لل�ضرائب‪ ،‬وما كر�سه الق�ضاء الإداري بهذا الخ�صو�ص‪ .‬و�أما الق�سم الرابع‬
‫والأخير فقد انفرد بالبحث في طبيعة القرارات ال�صادرة عن اللجنة الوطنية وخل�ص‬
‫�إلى �أنها ذات طبيعة �إدارية مح�ضة ولي�ست ق�ضائية‪.‬‬
‫�أما محور الجل�سة الم�سائية الأولى من نف�س اليوم فقد خ�ص�صت للإثبات‬
‫والتحقيق في المنازعات الجبائية برئا�سة الأ�ستاذ عمر الري�سوني نائب المدير‬
‫المكلف بالمراقبة بالمديرية العامة لل�ضرائب‪ .‬وقد �شمل هذا المحور ‪:‬‬
‫‪ )1‬مداخلة الأ�ستاذ بو�شعيب البوعمري رئي�س غرفة بالمجل�س الأعلى تحت‬
‫عنوان‪« :‬الإثبات في الميدان ال�ضريبي» حيث تطرق بنوع من التركيز �إلى الوقائع‬
‫التي يلزم �إثباتها باعتبارها جوهر المنازعة ال�ضريبية ومنها على �سبيل المثال‬
‫الواقعة المن�شئة لل�ضريبة‪ ،‬وتقادم حق الإدارة في ال�ضريبة‪ ،‬وم�س�ألة الإعفاء من‬
‫ال�ضريبة‪ ،‬وم�سطرة ت�صحيح الفر�ض ال�ضريبي‪ ،‬وتحديد الوعاء ال�ضريبي‪ .‬ثم عر�ض‬
‫ب�شكل مف�صل لعبء الإثبات في النزاعات ال�ضريبية ف�أو�ضح ب�أنه يختلف باختالف‬
‫مو�ضوع المنازعة و�ضرب لذلك �أمثلة تعلقت بعبء �إثبات الواقعة المن�شئة‬
‫لل�ضريبة الذي يقع على عاتق الإدارة‪ ،‬وعبء �إثبات الإعفاء من ال�ضريبة الذي‬
‫يتحمله الملزم بها‪� .‬أما عن و�سائل الإثبات‪ ،‬فقد �أو�ضح �أن الإدارة حرة في تبرير‬
‫ادعاءاتها بينما الملزم مقيد بو�سائل الإثبات المن�صو�ص عليها قانونا‪ .‬وركز في‬
‫هذا المجال على و�سائل الإثبات في �إطار المحا�سبة وو�سائل الإثبات خارج �إطار‬
‫المحا�سبة والتي ت�شمل بع�ض الم�ستندات الكتابية والمحا�ضر المنجزة من طرف‬
‫الإدارة والقرائن‪.‬‬
‫‪ )2‬مداخلة الأ�ستاذ عبد الرحمان �أبليال رئي�س م�صلحة ال�ش�ؤون الق�ضائية بالمديرية‬
‫العامة لل�ضرائب وتتعلق بــ«خ�صو�صيات الخبرة في الدعوى ال�ضريبية» تميزت بتحليل‬
‫مبني على �إح�صائيات �أبانت �أن اللجوء �إلى الخبرة في ق�ضايا الطعن في مقررات‬
‫اللجان فاقت ‪ 95‬بالمائة والحظ من خالل درا�سته لهذه الق�ضايا ما يلي‪:‬‬

‫‪416‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪� -‬أن الخبرة غالبا ما ت�أخذ بوثائق قدمت لها لأول مرة‪.‬‬
‫‪� -‬أن الخبرة �أ�صبحت و�سيلة للإثبات ذات �أثر تقريري بدل �أن تكون ذات طبيعة‬
‫ا�ست�شارية‪ ،‬و�سيلة للتحقيق‪.‬‬
‫‪� -‬أن بع�ض الملزمين يلجئون �إلى �إنكار توقيعاتهم على الت�صريح فت�أمر المحكمة‬
‫ب�إجراء خبرة تف�ضي �إلى �إلغاء الت�صريح مما ي�شجع �سيئي النية على �إنكار‬
‫توقيعاتهم ب�صورة كيدية‪.‬‬
‫�أما في ما يتعلق بتعيين الخبير فقد �أثار المتدخل بع�ض المالحظات منها �أن بع�ض‬
‫الخبراء ال ي�ستجيبون للموا�صفات المطلوبة في المادة ‪ 242‬من مدونة ال�ضرائب‪.‬‬
‫كما الحظ �أن بع�ض الخبراء هم �أنف�سهم مو�ضوع منازعة جبائية ومع ذلك ترف�ض‬
‫المحكمة التجريح فيهم‪.‬‬
‫وفي معر�ض ذكره ل�صالحيات الخبير ال حظ المتدخل �أنه غالبا ما ت�سند لهم‬
‫�صالحيات وا�سعة �أنه من ال�صعوبة بمكان التمييز بين الم�سائل القانونية والم�سائل‬
‫الواقعية لذا يجب تحديد مهمة الخبير بدقة‪.‬‬
‫ومن جهة ثانية الحظ �أن الخبير اليلتزم بمبد�أ التواجهية بحيث يقرر في وثائق‬
‫دون �إحالتها على الطرف الأخر لإبداء الر�أي فيها ومع ذلك يتم اعتماد م�ستنتجات‬
‫الخبرة جملة وتف�صيال على الرغم من عيوبها‪.‬‬
‫‪ )3‬مداخلة الأ�ستاذ خالد زعزوع المدير الإقليمي لل�ضرائب بالدار البي�ضاء تحت‬
‫عنوان‪�« :‬إعادة تقدير �أ�سا�س ال�ضريبة» وقد �شملت ثالثة محاور المحور الأول عالج‬
‫مراجعة القيمة الإيجارية (الر�سم المهني) حيث عر�ض فيه المتدخل لتعريف القيمة‬
‫الإيجارية ك�أ�سا�س لفر�ض الر�سم المهني مبرزا �صفاتها المحددة في �أنها �سنوية‬
‫و�إجمالية وعادية وحالية وطرق تحديدها �إما بوا�سطة عقود الإيجار �أو الكراء و�إما‬
‫عن طريق المقارنة �أو عن طريق التقييم المبا�شر مركزا في كل ذلك على �صفتي‬
‫«العادية و«الحالية»‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�أما المحور الثاني فتناول تقييم القيمة التجارية للعقار �إذ �إن للإدارة �صالحية‬
‫تقييم القيمة التجارية للعقار كلما بدا لها �أن القيمة الم�صرح بها ال تطابق القيمة‬
‫الحقيقية في ال�سوق يوم المعاملة‪ .‬غير �أن رف�ض الملزم لهذا التقييم ينقل النزاع‬
‫�إلى الق�ضاء الذي غالبا ما يف�صل في الأمر بعد اال�ستعانة بذوي الخبرة‪.‬‬
‫وفي المحور الثالث عالج المتدخل �إعادة تقدير رقم الأعمال على �إثر ا�ستبعاد‬
‫المحا�سبة‪ ،‬وا�ستعر�ض حاالت الت�شكيك في قيمة الإثبات التي تكت�سيها المحا�سبة‪.‬‬
‫ثم تطرق في الأخير للمنازعات المتعلقة ب�إعادة تقدير رقم الأعمال‪.‬‬
‫وخ�ص�ص محور الجل�سة الم�سائية من نف�س اليوم لمعالجة م�ساطر فر�ض‬
‫وت�صحيح ال�ضريبة وتر�أ�سها الأ�ستاذ �أحمد حنين رئي�س غرفة بالمجل�س الأعلى وقد‬
‫�أحتوى هذا المحور على المداخالت التالية ‪:‬‬
‫‪ )1‬مداخلة الأ�ستاذ ح�سن بيو�ض وكيل الملك لدى المحكمة االبتدائية بكر�سيف‬
‫في مو�ضوع‪« :‬تجريم التهرب ال�ضريبي» الذي اعتمد فيه منهجا تحليليا بين من خالله‬
‫البعد التاريخي لمبد�أ فر�ض ال�ضريبة‪ ،‬والبعد الأخالقي للفرد في تحملها‪ ،‬و�أبرز‬
‫جملة من العوامل التي كانت وراء تحايل الفرد في �أداء ال�ضريبة مو�ضحا وجه‬
‫الفرق بين الغ�ش ال�ضريبي والتهرب ال�ضريبي‪ .‬ثم �أ�شار �إلى المرجع الت�شريعي في‬
‫تجريم التهرب ال�ضريبي في المغرب الذي يعتبر قانون المالية ل�سنة ‪1997-1996‬‬
‫�أهم مكوناته‪ .‬وقد عر�ض المتدخل لم�ضمون هذا الت�شريع الذي عاب عليه في‬
‫ح�صر تطبيقه على �أنواع محددة من ال�ضرائب (ال�ضريبة على ال�شركات‪ ،‬وال�ضريبة‬
‫على الدخل‪ ،‬وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة)‪ .‬والحظ �أن الجزاء المقرر عن فعل‬
‫التهرب ال�ضريبي ينح�صر في الغرامة وال يرقى �إلى العقوبة ال�سالبة للحرية �إال‬
‫في حالة العود بالن�سبة لل�شخ�ص الطبيعي‪ .‬وفي ال�شق الثاني من المو�ضوع تطرق‬
‫المتدخل للعنا�صر المكونة لجريمة التهرب ال�ضريبي م�شيرا �إلى �إ�شكالية عدم‬
‫اعتبار ح�سن نية المتهرب في الحالة الموجبة لتطبيق العقوبة ال�سالبة للحرية‪ .‬وفي‬
‫الختام تقدم بعدة اقتراحات ترمي �إلى دعم مبد�أ الزجر ال�ضريبي‪.‬‬

‫‪418‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪ )2‬مداخلة الأ�ستاذ �إبراهيم ال�شيكر نائب المدير المكلف بالت�شريع والدرا�سات‬


‫والتعاون الدولي بالمديرية العامة لل�ضرائب تحت عنوان‪« :‬الإخالالت الم�سطرية و�أثرها‬
‫على االلتزام ال�ضريبي» وقد �شمل هذا البحث محورين �أ�سا�سيين خ�ص�ص �أولهما‬
‫للحديث عن الإخالالت ذات الأثر المن�صو�ص عليه في القانون حيث تطرق �إلى‬
‫الإخالالت الم�سطرية و�أثرها على االلتزام ال�ضريبي وهي عدم التزام الإدارة‬
‫ب�أجل ‪ 15‬يوما قبل ال�شروع في فح�ص المحا�سبة وعدم احترام �أجل ‪ 60‬يوما‬
‫بالن�سبة للر�سالة الثانية المفرو�ض تبليغها �إلى الملزم بعد رده على الر�سالة الأولى‬
‫في �إطار الم�سطرة التواجهية‪ .‬و�أ�شار �إلى �أن الم�شرع قد �أكد على �أن البطالن‬
‫يطال م�سطرة الت�صحيح وال يطال فر�ض ال�ضريبة‪ .‬وفي ما يخ�ص �آثار �إلغاء م�سطرة‬
‫الت�صحيح طرح ت�سا�ؤالت حول كون الإلغاء مطلقا �أم ن�سبيا ور�أى �أن ال مانع من‬
‫�إعادة الم�سطرة‪� ،‬شريطة �أن ال يترتب عليها تغيير �أ�س�س ال�ضريبة المحددة في �إطار‬
‫الم�سطرة الأولى‬
‫وفي حالة �إعادة الم�سطرة ت�ساءل هل ي�صح الرجوع �إلى كل ال�سنوات التي‬
‫�شملتها عملية الفح�ص �أم االقت�صار على ال�سنوات التي لم ي�شملها التقادم ور�أى‬
‫�أنه ال يوجد ما يمنع من �إعادة الم�سطرة من جديد‪� ،‬شريطة تطبيق هذه الم�سطرة‬
‫على ال�سنوات التي لم يطلها التقادم �أما بالن�سبة للتقادم فت�ساءل هل ي�ؤخذ بعين‬
‫االعتبار مدة انقطاعه و�إيقافه تبعا على التوالي لر�سالة الفح�ص الأولى وطلب‬
‫الطعن �أمام اللجنة المحلية المقدم من طرف الملزم واعتبر �أن القانون الجبائي‬
‫نف�سه لما رتب بطالن الم�سطرة لم يرتب بطالن الأثر القانوني لأي �إجراء �صحيح‬
‫متعلق بها‪.‬‬
‫وخ�ص�ص المحور الثاني للحديث عن الحاالت التي لم يتم التن�صي�ص على‬
‫جزاء في �ش�أنها ومن بينها ‪:‬‬
‫‪� - 1‬إلغاء ال�ضريبة بعلة ال�شروع في فح�ص المحا�سبة في تاريخ �أتى بعد اليوم‬
‫ال�ساد�س ع�شر الموالي لتبليغ الإ�شعار بالفح�ص‪.‬‬

‫‪419‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪� - 2‬إلغاء م�سطرة الت�صحيح بعلة عدم �إثبات الإدارة كونها �شرعت في عملية‬
‫الفح�ص بعد ان�صرام ‪ 15‬يوما على تبليغ الإ�شعار بالفح�ص‪.‬‬
‫‪� - 3‬إلغاء ال�ضريبة بعلة عدم ا�ستدعاء الملزم للدفاع عن نف�سه �أثناء جل�سات‬
‫اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية‪.‬‬
‫‪ - 4‬بطالن ال�ضريبة بعلة عدم �سلوك م�سطرة فح�ص المحا�سبة عو�ض م�سطرة‬
‫الفر�ض التلقائي عندما يتبين للإدارة �أن الملزم حقق رقم معامالت يفوق‬
‫مليون درهم والذي يجعله ال يخ�ضع لل�ضريبة ح�سب النظام الجزافي‪.‬‬
‫‪ )3‬مداخلة الأ�ستاذ ر�ضى التايدي الم�ست�شار بمحكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط‬
‫عنوانها‪« :‬درا�سة في بع�ض جوانب م�سطرة الت�صحيح ال�ضريبي على �ضوء م�ستجدات‬
‫قانون المالية ل�سنة ‪ »2011‬وقد �شمل هذا البحث محورين �أ�سا�سيين خ�ص�ص �أولهما‬
‫للحديث عن الآليات الجوهرية لعملية الت�صحيح والتي تتحدد في م�سطرتي فح�ص‬
‫المحا�سبة وفح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية للملزم‪ .‬بينما خ�ص�ص ثانيهما‬
‫لإ�شكالية الطعن �أمام اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة من حيث الم�سطرة ومن‬
‫حيث الآثار‪ .‬وقد تخللت البحث ت�سا�ؤالت و�آراء وحلول انطالقا من المقت�ضيات‬
‫الت�شريعية المنظمة لم�سطرة الت�صحيح ال�ضريبي وما كر�سه الق�ضاء الإداري من‬
‫اجتهادات في المو�ضع‪.‬‬
‫�أما اليوم الثاني للندوة فقد انفرد بمحور واحد في الجل�سة ال�صباحية خ�ص�صت‬
‫برئا�سة الأ�ستاذ �إبراهيم الكتاني المدير المكلف بالت�شريع والدرا�سات والتعاون‬
‫الدولي لمو�ضوع منازعات التح�صيل وا�شتمل هذا المحور على المداخالت‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ )1‬مداخلة الأ�ستاذ م�صطفى التراب الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستئناف بالدار‬
‫البي�ضاء بمو�ضوع تحت عنوان‪�« :‬أي تطور للق�ضاء اال�ستعجالي الإداري في مجال‬
‫المنازعات الجبائية» حيث تمحور عر�ضه حول مجموعة من النقط همت على‬
‫الخ�صو�ص مجال تدخل قا�ضي الم�ستعجالت الإداري في المنازعات الجبائية‪،‬‬

‫‪420‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫و�شروط انعقاد اخت�صا�صه للنظر في طلب الإجراء الوقتي المتعلق ب�إيقاف تنفيذ‬
‫الأمر بالتح�صيل‪ ،‬ومدى هذا االخت�صا�ص في وقف م�سطرة الإكراه البدني في حق‬
‫الملزم‪ ،‬ثم تنفيذ الإدارة الجبائية للأمر اال�ستعجالي ال�صادر في مواجهتها‪.‬‬
‫‪ )2‬مداخلة الأ�ستاذ محمد بنعزي رئي�س م�صلحة التح�صيل بالمديرية العامة لل�ضرائب‬
‫حول‪« :‬وقف تنفيذ �إجراءات ا�ستخال�ص الدين ال�ضريبي على �ضوء المادة ‪ 242‬من المدونة‬
‫العامة لل�ضرائب» وقد تعر�ض فيها ب�شكل مركز ومف�صل لجملة من الإ�شكاالت حول‬
‫م�سطرة وقف تنفيذ �إجراءات ا�ستخال�ص الدين ال�ضريبي وما �إذا كانت تحكمها‬
‫مقت�ضيات الف�صل ‪ 149‬من قانون الم�سطرة المدنية �أو مقت�ضيات المادة ‪ 242‬من‬
‫المدونة العامة لل�ضرائب م�شيرا �إلى �أنه يرجح فكرة تطبيق مقت�ضيات الف�صل ‪242‬‬
‫�أعاله باعتبارها �ضمانة لحماية الدين ال�ضريبي‪.‬‬
‫‪ )3‬مداخلة الأ�ستاذ محمد الق�صري الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستئناف الإدارية‬
‫بالرباط في مو�ضوع‪« :‬نماذج من الإ�شكاالت التي يثيرها تطبيق القانون المتعلق بتح�صيل‬
‫الدين العمومي �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي» وقد تعر�ضت هذه المداخلة بنوع من‬
‫التف�صيل للنقط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬حجز الأ�صل التجاري في �إطار ا�ستخال�ص الدين العمومي‪.‬‬
‫‪ -‬حجز العقار في �إطار ا�ستخال�ص الدين ال�ضريبي‪.‬‬
‫‪ -‬الإ�شكاالت المثارة م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز‪.‬‬
‫‪ -‬الإ�شكاالت القانونية والعملية المتعلقة بالإكراه البدني �أمام الق�ضاء‬
‫اال�ستعجالي‪.‬‬
‫‪ -‬الإ�شكاالت المثارة ب�ش�أن تح�صيل الدين العمومي في �إطار �صعوبة‬
‫المقاولة‪.‬‬
‫‪ -‬طبيعة االمتياز المخول للخزينة العامة‪ ،‬حدوده ومجاالته‪ ،‬وهل يتعلق‬
‫بالمنقول �أم يمتد �إلى العقار؟‬

‫‪421‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪ )4‬مداخلة الأ�ستاذ محمد نميري الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستئناف الإدارية بمراك�ش‬
‫تحت عنوان‪« :‬الإ�شعار للغير الحائز �أية فعالية» عالج المتدخل في هذا المو�ضوع جملة‬
‫من الإ�شكاالت توزعت على �أربعة مباحث‪ ،‬تناول �أولها مجال تطبيق �إجراء الأمر‬
‫بالإ�شعار للغير الحائز وما يعرفه من �إ�شكاالت ذات �صلة بمفهوم الغير انطالقا من‬
‫مقت�ضى المادة ‪ 101‬من مدونة التح�صيل مع عر�ض في ذات ال�سياق لمميزات‬
‫الديون مو�ضع الإ�شعار للغير الحائز‪ .‬وعالج ثانيهما �شكليات هذا الإ�شعار مع‬
‫قدر من التركيز حول �إ�شكالية التبليغ و�أنواعه و�آثاره‪� .‬أما البحث الثالث فقد‬
‫تطرق فيه الباحث لم�س�ألة الحجز على الح�سابات البنكية ومنها الح�سابات الجارية‬
‫وح�ساب الودائع‪ .‬وانفرد المبحث الرابع بمعالجة م�س�ألة الطعن في الإ�شعار للغير‬
‫الحائز حيث تطرق فيه المتدخل للمطالبة الإدارية والمطالبة الق�ضائية بين الق�ضاء‬
‫اال�ستعجالي وق�ضاء المو�ضوع‪.‬‬
‫‪ )5‬مداخلة الأ�ستاذ خالد عبد الغني رئي�س الم�صلحة الجهوية لل�ش�ؤون الق�ضائية‬
‫وتتبع الطعون �أمام اللجنة المحلية بالدار البي�ضاء حول‪�« :‬ضمانات التح�صيل» وقد‬
‫ت�ضمنت مبحثين اثنين تناول �أولهما مكانة الدين ال�ضريبي في القانون الجبائي‪،‬‬
‫بينما عالج ثانيهما الو�سائل الواقعية والقانونية لحماية الدين ال�ضريبي‪ .‬ولإبراز‬
‫مركز الدين ال�ضريبي في القانون الجبائي ركز المتدخل على القوة التنفيذية لهذا‬
‫الدين باعتبارها م�ستمدة من عدة م�صادر منها القانون ومنها الإجراءات الم�سطرية‬
‫الإدارية الي ت�سبق التح�صيل‪ .‬كما ركز على مظاهر هذه المكانة في م�سطرة‬
‫الإ�شعار للغير الحائز وفي هذا ال�صدد �أ�شار �إلى جملة من �أوجه االختالف بين‬
‫هذا الإجراء والحجز لدى الغير من حيث �صياغة الن�صو�ص المتعلقة بهما ومن‬
‫حيث كيفية ممار�سة كل منهما‪.‬‬
‫وبخ�صو�ص الو�سائل الواقعية والقانونية لحماية الدين ال�ضريبي تطرق المتدخل‬
‫لمبد�أ حماية الدين ال�ضريبي من التقادم والإجراءات المختلفة لقطع التقادم ومبد�أ‬
‫�إ�شراك الجميع في تح�صيل الدين ال�ضريبي والذي يتجلى من خالل اعتبار هذا‬

‫‪422‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الدين واقعا تحت م�س�ؤولية الجميع ومتابعة م�سيري ال�شركات‪ .‬وخل�ص المتدخل‬
‫في نهاية عر�ضه �إلى �أن الن�صو�ص القانونية الخا�صة بالتح�صيل وما تتميز به من‬
‫خ�صو�صية ت�شكل في جوهرها �ضمانا لتح�صيل الدين ال�ضريبي‪.‬‬
‫وتجدر الإ�شارة �إلى �أن محاور هذه الندوة تميزت بالعديد من المداخالت‬
‫والمناق�شات والتعليقات الم�ستفي�ضة‪.‬‬
‫وفي الجل�سة الختامية ا�ستعر�ض المقرر العام خال�صات العرو�ض والمناق�شات‬
‫وما �أ�سفرت عنه الندوة من نتائج ومقترحات تم ح�صرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪� -‬إحداث لجنة م�شتركة بين المجل�س الأعلى والمديرية العامة لل�ضرائب‬
‫تجتمع مرتين في ال�سنة خالل �شهري يناير ويونيو يعين �أع�ضا�ؤها ويوم‬
‫انعقادها بقرار م�شترك لل�سيدين الرئي�س الأول للمجل�س الأعلى والمدير‬
‫العام لل�ضرائب تتولى مهمة ر�صد مختلف ال�صعوبات العملية في المادة‬
‫الجبائية‪.‬‬
‫‪� -‬إعداد اقتراح ت�شريعي من �أجل جعل مقت�ضيات المدونة العامة لل�ضرائب‬
‫�أكثر ان�سجاما وتكامال ب�شكل يزيل ما قد يكتنف بنودها من ق�صور‪ ،‬وي�ضمن‬
‫التوازن بين المركز المالي للملزم وحقوق الخزينة العامة‪.‬‬
‫‪� -‬إعداد اقتراح ت�شريعي لجعل الن�صو�ص القانونية ذات ال�صلة بمدونة‬
‫التح�صيل من�سجمة معها‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على ا�ستحداث �إجراءات خا�صة للتحقيق والإثبات في الدعاوى‬
‫الجبائية وعاء وتح�صيال‪.‬‬

‫‪423‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪424‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫الكلمات الختامية‬

‫‪425‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪426‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫كلمة ال�سيد الرئي�س الأول للمجل�س الأعلى‬


‫م�صطفى فار�س‬

‫ب�سم الله الرحمن الرحيم‬


‫وال�صالة وال�سالم على �سيد المر�سلين وعلى �آله و�صحبه �أجمعين‬

‫ال�سيد الوكيل العام للملك لدى المجل�س الأعلى؛‬


‫ال�سيد المدير العام للمديرية العامة لل�ضرائب ؛‬
‫الح�ضور الكريم؛‬

‫لقد �أو�ضح �صاحب الجاللة �أيده اهلل ون�صره في خطابه يوم الع�شرين من غ�شت‬
‫‪ ،2009‬بان العمل على توطيد الثقة والم�صداقية في ق�ضاء فعال ومن�صف‪ ،‬باعتباره‬
‫ح�صنا منيعا لدولة الحق‪ ،‬وعمادا للأمن الق�ضائي‪ ،‬والحكامة الجيدة ومحفزا‬
‫للتنمية‪ ،‬وت�أهيله ليواكب التحوالت الوطنية والدولية‪ ،‬وي�ستجيب لمتطلبات‬
‫عدالة القرن الحادي والع�شرين‪ ،‬لي�شكل ور�شا �شاقا وطويال يتطلب تعبئة �شاملة‬
‫التقت�صر على �أ�سرة الق�ضاء والعدالة‪ ،‬و�إنما ت�شمل كافة الم�ؤ�س�سات والفعاليات‬
‫وكل المواطنين‪.‬‬
‫من هذا المنطلق‪ ،‬و�سعيا وراء تحقيق هذه الطموحات الراقية والغايات النبيلة‪،‬‬
‫ي�أتي تنظيم هذه الندوة الوطنية الم�شتركة بين المجل�س الأعلى والمديرية العامة‬
‫لل�ضرائب‪ ،‬لمعالجة جملة من الإ�شكاالت القانونية والعملية في المجال ال�ضريبي‪.‬‬
‫�إ�شكاالت تمتد ب�صالتها �إلى االقت�صاد العام للبالد‪ ،‬و�إلى الذمة المالية للفرد على‬
‫حد �سواء‪ ،‬وتنطوي في مجملها على �أبعاد اقت�صادية‪ ،‬واجتماعية‪ ،‬و�أمنية تولد‬

‫‪427‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫لدى المواطن ح�سا�سية خا�صة تجاه الم�ؤ�س�سة ال�ضريبية‪ ،‬فتتخذ في الواقع �شكل‬
‫منازعات متنوعة الموا�ضيع ومت�شعبة الإجراءات‪ ،‬مما يجعل م�س�ؤولية الق�ضاء في‬
‫الت�صدي لها كبيرة و�شاقة‪ .‬فالحر�ص على الم�صلحة العامة للبالد في �إطار ال�سيا�سة‬
‫ال�ضريبية المر�سومة من جهة‪ ،‬و�ضمان حقوق الأفراد وحماية م�صالحهم المالية من‬
‫جهة �أخرى‪ ،‬يتطلب حكمة فائقة‪ ،‬وب�صيرة عالية للبت في هذا النوع من الق�ضايا‪.‬‬
‫ولقد حر�صنا بم�شاركة �إخواننا في المديرية العامة لل�ضرائب على �أن تتناول‬
‫هذه الندوة بالبحث والتنقيب الإ�شكاالت القانونية والعملية التي يبدو من خالل‬
‫الممار�سات العملية على م�ستوى ق�ضاء المو�ضوع وق�ضاء القانون‪ ،‬لأنها في‬
‫حاجة �إلى تدليل ال�صعاب لمعالجتها‪ ،‬وتوحيد الر�أي ب�ش�أنها‪ .‬ولعل ندوتنا هاته‬
‫قد تغلبت على الكثير منها‪ ،‬فالمداخالت كانت متميزة واقترحت الحلول للعديد‬
‫من الإ�شكاالت المطروحة ب�شكل فعال‪ ،‬والمناق�شات كانت غنية وبينت الم�ستوى‬
‫الرفيع الذي تميز به الم�شاركون في هذا اللقاء العلمي الرفيع‪.‬‬
‫نعم لقد حققت هذه الندوة هدفها‪ ،‬ويبقى �أمامنا بلورة ما تمخ�ضت عنه �إلى‬
‫الواقع العملي‪ ،‬وما مقترحنا بت�شكيل لجنة للمتابعة مكونة من جميع المهتمين �إال‬
‫لتحقيق ذلك‪.‬‬
‫�أختتم كلمتي بتوجيه ال�شكر لكم جميعا على م�شاركتكم القيمة و�أملي �أن يزداد‬
‫تعاون المجل�س الأعلى والإدارة العامة لل�ضرائب لما فيه خير الوطن والمواطنين‬
‫حتى نكون عند ح�سن ظن عاهل البالد المفدى جاللة الملك محمد ال�ساد�س ن�صره‬
‫اهلل و�أيده‪.‬‬
‫وال�سالم عليكم ورحمة اهلل تبارك وتعالى‬

‫‪428‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫كلمة ال�سيد المدير العام لإدارة ال�ضرائب‬


‫عبد اللطيف زغنون‬

‫ال�سيد الرئي�س الأول للمجل�س الأعلى المحترم‬


‫ال�سيد الوكيل العام للملك لدى المجل�س الأعلى المحترم‬
‫ال�سادة الر�ؤ�ساء الأولين لمحاكم اال�ستئناف ورئي�سي محكمتي اال�ستئناف الإدارية‬
‫المحترمين‬
‫ال�سادة وال�سيدات ر�ؤ�ساء المحاكم الإدارية المحترمين‬
‫ال�سيد رئي�س اللجنة الوطنية المحترم‬
‫ال�سادة وال�سيدات الم�ست�شارين والق�ضاة المحترمين‬
‫ال�سادة وال�سيدات المحامون المحترمين‬
‫ال�سادة وال�سيدات الموثقون المحترمين‬
‫ال�سادة وال�سيدات الخبراء المحترمين‪.‬‬
‫�أيها الح�ضور الكريم‪،‬‬

‫لقد �شكلت هذه الندوة‪ ،‬دون �شك‪ ،‬ف�ضاءا لتو�سيع دائرة الحوار البناء‬
‫والنقا�ش الجاد بين رجال الق�ضاء من جهة‪ ،‬والعاملين بالإدارة ال�ضريبية‪ ،‬وكذا‬
‫بع�ض الهيئات المهتمة بالقانون ال�ضريبي من محامين وموثقين وخبراء من جهة‬
‫�أخرى‪ ،‬حول مجموعة من الموا�ضيع القانونية التي يطرحها القانون ال�ضريبي‪.‬‬
‫فعلى مدى يومين‪ ،‬توالت المداخالت والعرو�ض المتميزة التي �أعقبها نقا�ش‬
‫علمي بناء ي�صبو �إلى �إعطاء الن�ص الت�شريعي الخا�ص بالجبايات مدلوله الحقيقي‬
‫الذي ين�سجم مع �إرادة الم�شرع‪.‬‬

‫‪429‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫�إننا نعتبر �أن القانون ال�ضريبي في بالدنا التي اختارت االنفتاح على الخارج‪،‬‬
‫و�أبرمت عقود �شراكة مع دول �أخرى‪ ،‬وتراهن على جلب اال�ستثمار يجب �أن‬
‫يكون لها قانون �ضريبي ينبني على نف�س الأ�س�س المعمول بها في الدول المتقدمة‬
‫والديمقراطية‪ ،‬والمت�سم بالحفاظ على التوازن بين حقوق الملزمين بال�ضريبة‬
‫وحقوق الخزينة‪.‬‬
‫وهذا العمل يتطلب بالنظر لأهميته وج�سامته‪ ،‬تو�سيع دائرة الم�شورة فيه‪،‬‬
‫وتجميع كافة الجهود والطاقات‪ ،‬بالنظر لأبعاده المبا�شرة المت�صلة بجميع دواليب‬
‫الحركة االقت�صادية في البالد من جهة �أولى وبجميع فروع القانون الأخرى من‬
‫قانون مدني وتجاري ومالي ومحا�سباتي وق�ضائي من جهة ثانية‪.‬‬
‫�إن التو�صيات المهمة المنبثقة عن هذه الندوة المباركة والناجحة بكل‬
‫المقايي�س‪ ،‬لتحتاج منا جميعا ال�سهر على تتبع تنفيذها و�صياغتها لتكون جاهزة‬
‫القتراح �إدراجها في القوانين المالية المقبلة‪.‬‬
‫وقبل �أن �أختتم هذه الكلمة‪� ،‬أود �أن �أجدد ت�شكراتي ال�صادقة لل�سيد الرئي�س‬
‫الأول للمجل�س الأعلى وال�سيد الوكيل العام للملك لديه‪ ،‬وال�سادة الم�س�ؤولين‬
‫الق�ضائيين وال�سيدات وال�سادة الم�ست�شارين والق�ضاة الذين �شرفوا هذه الندوة‬
‫بح�ضورهم الكريم و�إ�سهاماتهم القيمة‪.‬‬
‫كما �أود �أن �أعرب عن عرفاني الكبير لأع�ضاء اللجنة المنظمة على انخراطها‬
‫الكامل في �إنجاح هذا اللقاء‪ ،‬و�إلى جميع الم�شاركين وب�صفة خا�صة المتدخلين‬
‫منهم عن طريق العرو�ض �أو الذين �ساهموا في �إثراء هذا النقا�ش الر�صين والبناء‪.‬‬
‫وختاما �أتمنى �أن تتكرر مثل هذه التظاهرة لت�صبح تقليدا نلتقي فيه لتبادل الر�ؤى‬
‫وتوحيد المفاهيم‪.‬‬
‫وفقنا اهلل لما فيه خير هذه البالد تحت القيادة الر�شيدة ل�صاحب الجاللة محمد‬
‫ال�ساد�س ن�صره اهلل و�أيده‪.‬‬

‫‪430‬‬
‫اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي‬ ‫ ‬

‫‪431‬‬
‫دفاتر المجلس األعلى‬

‫‪432‬‬

You might also like