Professional Documents
Culture Documents
1
دفاتر المجلس األعلى
2
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
3
دفاتر المجلس األعلى
4
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الفهـــر�س
31 rالمداخـــــالت
• الأ�سباب المبررة للنق�ض في المنازعات ال�ضريبية على �ضوء قرارات
المجل�س الأعلى
33 ذ .محمد محجوبي
• المنازعات الإدارية في المادة ال�ضريبية �أو الطرق البديلة لت�سوية النزاعات
الجبائية
45 ال�سيد محمد ال�شريقي
5
دفاتر المجلس األعلى
6
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
7
دفاتر المجلس األعلى
8
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الكلمات االفتتاحية
9
دفاتر المجلس األعلى
10
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الذي ما فتئ يولي اهتماما خا�صا بمجال حقوق الإن�سان وما الق�ضاء الإداري الذي
تنعم به بالدنا �إال وجه منه.
تتميز ندوتنا اليوم بم�شاركة ق�ضاة متميزين ورجال �إدارة محنكين و�صفوة من
النقباء والمحامين والموثقين ورجال الأعمال والخبراء المتخ�ص�صين ،و�سينعك�س
هذا الم�ستوى الرفيع للم�شاركين ذوي التجربة المتقدمة في الميدان على النتائج
التي نهدف �إليها من خالل هذا اللقاء.
تتميز هذه الندوة كذلك ب�أهمية كبرى من خالل مو�ضوعها العام الذي هو:
«الإ�شكاالت القانونية والعملية في المجال ال�ضريبي» ،ذلك �أن المجال ال�ضريبي
يح�ضى ب�أهمية كبرى من قبل الدولة باعتبار ال�ضريبة �أهم م�صادر تمويل الخزينة
العامة خا�صة بعد �سيا�سة االنفتاح على العالم الخارجي التي تنهجها بالدنا ،والتي
جعلت الخزينة تفقد العديد من مواردها.
وباعتبار �أن الت�شريع الجبائي يعرف تعديالت عديدة وبع�ضه يكتنفه الغمو�ض
والت�شتت ،ف�إن النزاعات بين الإدارة والملزمين تت�سم بالأهمية الكبرى وبالتزايد
الم�ستمر ،و�إح�صائيا يروج حاليا بمختلف محاكم المملكة ما يزيد عن 7000ق�ضية،
ومن هنا يبرز الدور الهام الذي يقوم به الق�ضاء الإداري ببالدنا في الف�صل في
الق�ضايا ال�ضريبية ،وذلك بتجاوز ثغرات الن�صو�ص وا�ستخراج المبادئ القانونية
وا�ستك�شاف روح الت�شريع ،وهي مهمة لي�ست بال�سهلة .ومنا�سبة هذه الندوة
فر�صة للإ�شادة بالمجهودات التي يبذلها رئي�س وق�ضاة الغرفة الإدارية بالمجل�س
الأعلى وجميع م�س�ؤولي وق�ضاة المحاكم الإدارية ببالدنا.
لقاء اليوم منا�سبة لتدليل الخالفات وتقريب وجهات النظر حول الكثير من
النقط القانونية وتو�ضيح الإ�شكاالت العملية وهي فر�صة كذلك لإغناء العمل
الإداري واالجتهاد الق�ضائي.
12
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ال�سيد الوزير؛
الح�ضور الكريم؛
لقد حر�ص ال�سادة منظمو هذه الندوة على اختيار موا�ضيع تعك�س اهتمام
المتدخلين في الق�ضايا ال�ضريبية ،ق�صد �إيجاد الحلول المالئمة للإ�شكاالت الأكثر
�إثارة.
المحور الأول :اهتم بالعمل الق�ضائي والهدف �إلقاء ال�ضوء على اجتهادات
المجل�س الأعلى بالخ�صو�ص ،باعتباره محكمة قانون وقراراته ملزمة لمحاكم
المو�ضوع.
المحور الثاني :يهتم بالإثبات والتحقيق في المنازعات الجبائية �سيلقي ال�ضوء
على عبء الإثبات وو�سائل الإثبات وعلى اال�ستثناءات من الو�سائل المن�صو�ص
عليها في قانون الم�سطرة المدنية وقانون االلتزامات والعقود ،وكذلك تحديد
�سلطة القا�ضي الإداري للتحقيق في الدعوة ال�ضريبية ودور الخبرة الق�ضائية
وحدودها.
المحور الثالث :المتعلق بم�ساطر فر�ض ال�ضريبة وت�صحيحها ،فالم�شرع �أعطى
للإدارة كما للملزم الحق في تدارك الأخطاء والإغفاالت التي يمكن �أن تقع في
مرحلة الربط �سواء ب�سبب عدم الت�صريح �أو �إغفال الإدارة .ويكون الت�صحيح
ال�ضريبي �إما عن طريق تقويم الت�صريح المدلى به من طرف الملزم وهي م�سطرة
تواجهية �أو عن طريق الفر�ض التلقائي الذي قد تقوم به الإدارة ب�شكل انفرادي.
وعندها تكون الإدارة ملزمة ب�إثبات �صحة تقديرها �أمام الق�ضاء مما يوجب عليها
القيام بالتحريات الالزمة الدقيقة قبل �إعادة تقديرها لل�ضريبة المفرو�ضة على
الملزم.
المحور الأخير :والمتعلق بمنازعات التح�صيل ف�سيتطرق لإ�شكاليات الطعن
و�آجاله و�إيقاف تنفيذ �إجراءات التح�صيل ومجال تدخل الق�ضاء اال�ستعجالي
13
دفاتر المجلس األعلى
و�شروط تدخله وم�سطرة الحجوزات وم�سطرة تطبيق الإكراه البدني وغيرها من
الإ�شكاالت الهامة.
ال�سيد الوزير؛
الح�ضور الكريم؛
بالنظر �إلى الم�ستوى الرفيع للم�شاركين وتجربتهم الوا�سعة ف�إن هذه الندوة
�ستعرف �إن�شاء اهلل �أبحاثا متميزة ودرا�سات هامة وم�شاركة فعالة تمكننا من
اال�ستفادة من الخبرات وتجارب الم�شاركين و�إيجاد الحلول العملية المنا�سبة
لف�ض النزاعات الجبائية ب�شكل فعال و�سريع ي�ضمن حماية الحقوق وي�ؤمن م�صالح
المجتمع.
و�أنتهز هذه المنا�سبة لأدعو �إلى بلورة هذا التعاون المثمر بين المجل�س الأعلى
والإدارة العامة لل�ضرائب من خالل خلق لجنة مكونة من ق�ضاة ومحامين ورجال
الإدارة وخبراء ومهتمين بهدف بلورة نتائج هذا اللقاء و�إيجاد الحلول لما قد
ي�ستجد من �إ�شكاالت.
قبل �أن �أختتم كلمتي �أريد التوجه بال�شكر والثناء لكل من �ساهم في الإعداد
لهذا اللقاء المتميز و�أخ�ص بالذكر الأ�ستاذ ح�سن القادري رئي�س غرفة بالمجل�س
الأعلى والأ�ستاذ عبد الرحمان �أبليال رئي�س م�صلحة ال�ش�ؤون الق�ضائية.
وفقنا اهلل �سبحانه وتعالى لما يحبه وير�ضاه ولما فيه خير وطننا العزيز تحت
القيادة الر�شيدة ل�صاحب الجاللة الملك محمد ال�ساد�س ن�صره اهلل و�أيده.
وال�سالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته.
14
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الرفيع الم�ستوى ،الذي ينعقد اليوم بعد لقاء �أول عقد ب�شراكة بين المجل�س الأعلى
واالدارة العامة لل�ضرائب في �سنة ،2005مما يعك�س �سيا�سة االنفتاح التي ما فتئ
الجهاز الق�ضائي ينهجها من �أجل خلق �آليات للتوا�صل مع محيطه.
ح�ضرات ال�سيدات وال�سادة،
�إن �أهمية هذا المو�ضوع تكمن في خ�صو�صية المنازعات ال�ضريبية ،وفي طبيعة
ال�صالحيات التي يتوفر عليها القا�ضي الإداري وهو ب�صدد الف�صل في المنازعات
المعرو�ضة عليه بهذا ال�ش�أن ،ال�سيما و�أن الملزم يعد �شريكا في تمويل النفقات
العمومية ،وهو بهذه ال�صفة يتمتع قانونا ب�ضمانات جبائية مهمة.
ولذلك؛ ف�إن الأمر يقت�ضي من القا�ضي الإداري � -سواء بمنا�سبة تطبيقه للن�ص
القانوني �أو باعتباره من�شئا للقاعدة القانونية -التوفر على منهجية ر�صينة عند بته
في المنازعة ال�ضريبية ،تروم في �أ�سا�سها خلق توازن بين غايتين جوهريتين هما:
� /1ضمان حق الدولة في العمل على توفير الموارد المالية الالزمة لتمكينها
من اال�ضطالع بوظائفها التدبيرية والإنمائية ،والحد من كل تمل�ص �أو
تهرب �ضريبي.
� /2ضمان تحقيق مبد�أي الم�ساواة واالن�صاف في تحمل العبء ال�ضريبي،
واحترام ال�ضمانات المقررة لفائدة الملزم.
ومن خالل البحث عن نقطة التوازن بين هاتين الغايتين ،يتبلور دور الق�ضاء
الإداري ،وهو يبت في المنازعات ال�ضريبية ،ليتعدى حدود التطبيق الجاف
والمجرد للن�ص القانوني� ،إلى االن�صهار في م�سل�سل ت�أويل منهجي �سليم لهذا
الن�ص ،من �ش�أنه �أن يجعل القا�ضي ال يحيد عن منهج يحفظ به للدولة مواردها
المالية ،ويقوي في نف�س الوقت ال�شعور بالأمن القانوني والق�ضائي لدى الخا�ضع
لل�ضريبة ،وذلك من خالل تكري�س مبد�أ الم�شروعية ،و�إعمال ال�ضمانات ال�شكلية
والجوهرية المقررة قانونا ،والعمل على ا�ستقرار وتوحيد العمل الق�ضائي.
16
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ومن ثم ف�إن للقا�ضي الإداري دورا هاما ،يتجلى على عدة م�ستويات من
�أهمها:
/1تكري�س مبد�أ الم�شروعية؛
/2تر�سيخ قواعد ثابتة تتقيد بها الإدارة ال�ضريبية.
ومن خالل ذلك ،ي�ساهم الق�ضاء ،م�ساهمة فعالة ،في ا�ستتباب الأمن القانوني
والق�ضائي والعدالة ال�ضريبية ،وتكري�س مبد�أ المحافظة على المال العام ،والت�شجيع
على اال�ستثمار ،ودعم جهود التنمية االقت�صادية واالجتماعية.
ح�ضرات ال�سيدات وال�سادة،
�إن الطبيعة التقنية والإجرائية للن�صو�ص ال�ضريبية التي يت�شكل منها النظام
الجبائي ،تجعل من المنازعات الجبائية ،منازعات متميزة � -أكثر من غيرها -
بت�شعبها ،بل وغمو�ضها �أحيانا ،مما يطرح �إ�شكاالت قانونية وعملية في التطبيق .هذا
ف�ضال عن اال�شكاليات الناجمة عن التعديل الم�ستمر للنظام الجبائي ،عبر قوانين
المالية ،كما هو ال�ش�أن بالن�سبة للتعديالت الجوهرية التي �أقرها قانون المالية ل�سنة
،2011ب�ش�أن م�سطرة ت�صحيح الوعاء ال�ضريبي في �إطار تعزيز ال�ضمانات المقررة
لفائدة الملزمين ،عالوة على موا�ضيع ترتبط باالثبات في الميدان الجبائي،
وخ�صو�صية م�سطرة فر�ض وت�صحيح ال�ضريبة.
و�إن الق�ضاء الإداري ،وعلى ر�أ�سه الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى ،يبقى هو
المرجع في �إيجاد الحلول العملية لمختلف اال�شكاليات التي يعرفها ميدان الف�صل
في المنازعات الجبائية.
وقد برهن ق�ضا�ؤنا الإداري على كفاءة ومهنية عالية في هذا الم�ضمار ،وذلك
من خالل ما �أقره من حلول تحقق العدالة ال�ضريبية ،وما كر�سه من مبادئ تكفل
حقوق الإدارة ال�ضريبية ،وتر�سخ �ضمانات الخا�ضعين لل�ضريبة.
17
دفاتر المجلس األعلى
و�إن الق�ضاء الإداري ،وهو يقر هذه الحلول في الميدان الجبائي ،ي�ستر�شد
في تطبيقه للن�صو�ص القانونية بمبادئ قارة ،تتمثل في التف�سير ال�ضيق للقانون
الجبائي ،وتف�سير ال�شك ل�صالح الملزم� ،إلقاء عبء �إثبات الواقعة المن�شئة
لل�ضريبة و�صحة �سلوك م�سطرة فر�ضها �أو ت�صحيح وعائها على عاتق الإدارة،
هذا ف�ضال عن القواعد العامة التي تحكم النزاع ال�ضريبي ،كقاعدة عدم رجعية
القوانين ،وقاعدة ال �ضريبة وال �إعفاء �إال بن�ص القانون ،وا�ستبعاد �أ�سلوب القيا�س
في المجال ال�ضريبي ،والدور الإيجابي للقا�ضي الإداري في �إطار م�سطرة الفر�ض
التلقائي لل�ضريبة �أو م�سطرة مراجعتها.
وال �شك في �أن �إحداث محاكم ا�ستئناف �إدارية �سنة ،2006لمن �ش�أنه تعزيز
�ضمانات التقا�ضي من خالل تخلي الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عن الدور
اال�ستثنائي الذي ظلت ت�ضطلع به منذ �إحداث المحاكم الإدارية �سنة 1994
كجهة ا�ستئنافية ،لت�ستعيد دورها الأ�صلي والطبيعي كجهة نق�ض ،حيث �أ�ضحت
محاكم اال�ستئناف االدارية ت�ضطلع بدورها كجهة ا�ستئناف ،مما �أغنى و�سيغني
االجتهاد الق�ضائي في المادة الجبائية من خالل تكري�س مبادئ العدالة ال�ضريبية،
وكذا ت�شكيل مرجعية عمل ق�ضائي من �ش�أنه �أن ي�سهم في تقويم عمل االدارة،
اعتبارا للحلول الق�ضائية التي يبدعها الق�ضاء الإداري ،والتي ت�شكل ال محالة
�أ�سا�سا ت�ستر�شد به االدارة ال�ضريبية في االرتقاء بم�ستوى �أدائها ،تحقيقا لما جاء
في خطاب �صاحب الجاللة محمد ال�ساد�س ن�صره اهلل عند افتتاح �أ�شغال المجل�س
الأعلى للق�ضاء بتاريخ 15دجنبر ،1999والذي قال فيه جاللته حفظه اهلل « :كما
قررنا �إحداث محاكم ا�ستئناف �إدارية في �أفق �إن�شاء مجل�س للدولة يتوج الهرم
الق�ضائي والإداري لبالدنا ،حتى تت�سنى مواجهة كل �أ�شكال ال�شطط ،وحتى يتاح
�ضمان �سيادة ال�شرعية ودعم االن�صاف بين المتقا�ضيين» (انتهى النطق الملكي
ال�سامي).
18
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
19
دفاتر المجلس األعلى
20
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
فعلى هذا االنفتاح والتوا�صل يتوقف تحقيق ما ي�صبو �إليه الجميع من تكري�س
لمبادئ العدل والإن�صاف وحماية الحقوق والواجبات ،وي�صبح هذا االنفتاح
والتوا�صل �ضرورة ملحة حينما يتعلق الأمر من جهة ب�إدارة تعتبر بمثابة رافعة
�أ�سا�سية ،ومن جهة �أخرى بميدان تقني ودقيق.
مما ال �شك فيه �أن ال�ضرائب وما يدخل في حكمها مورد �أ�سا�سي ورافد مهم
للمالية العامة التي هي ع�صب االقت�صاد و�أ�سا�س كل تنمية ،وتعتبر من المجاالت
التي تعرف عالميا على م�ستوى الت�شريع دينامية ملحوظة من خالل وفرة
التعديالت والتنقيحات التي تطر�أ على منظومتها في زمن قيا�سي ،كلما �أملتها
الخيارات اال�ستراتيجية والم�ستجدات االقت�صادية والمالية واالجتماعية �أي�ضا،
وبطبيعتها هاته ت�أبى �أن ت�صاغ دفعة واحدة بل ترد في ن�صو�ص قانونية متعددة وفي
مقت�ضيات متفرقة �إلى حد يجعلها مت�شعبة و�شائكة �إن لم نقل م�ستع�صية� ،أمام نق�ص
في الأبحاث ،وتق�صير في الدرا�سات التي تعنى بالمادة الجبائية ،مقارنة مع ما
تعرفه ال�ساحة الثقافية من وفرة في مجاالت قانونية �أخرى ،لأن الأنظمة ال�ضريبية
يغلب عليها الطابع التقني وم�صاغة بلغة الأرقام وبقامو�س لفظي مغاير ،وبطبيعتها
وخ�صو�صيتها هاته ينكب عادة على �إعداد ت�صور لها ذوو الخبرة في الميدان المالي
والجبائي ،والدراية في �إكراهات االختالالت والتوازنات المالية ،والتمر�س على
ميكانيزمات الماكرو والميكرو اقت�صادية ،وااللتزامات المالية والنقدية الدولية،
الأمر الذي يقلل من فر�ص الإدراك ال�سليم لمرامي القاعدة القانونية ،ويجعلها
بالتالي وقفا وحكرا على المتمر�سين ق�ضاة كانوا �أو �أطرا �إدارية ،ويفر�ض التدقيق
�أكثر في هذا المجال ،خا�صة في ظرفية اقت�صادية عالمية متدهورة من الأكيد جدا
�أن يعاني بلدنا من تداعياتها.
وفي �سياق كل هذه االعتبارات ي�أتي تنظيم هذا اللقاء ،الذي من خالله يج�سد
طرفاه ف�ضيلة االنفتاح وي�ؤمنان بح�سن الإ�صغاء وبالنقا�ش الجاد وتبادل وتالقح
الأفكار ،والبعد ال�شمولي لدولة الحق والقانون.
21
دفاتر المجلس األعلى
ولي اليقين ب�أن كل الفعاليات التي قامت بالإعداد لهذه الندوة وتنظيمها
وحفزت الم�ساهمين فيها على �إثرائها بمداخالت قيمة ونافذة لعمق الإ�شكاالت
ال محالة �أنها �ستف�ضي �إلى نتائج مر�ضية ت�ؤدي �إلى بلورة خال�صات و�أجوبة لكل
الت�سا�ؤالت القانونية التي �ستطرحها العرو�ض المبرمجة للمناق�شة.
وبهذه المنا�سبة �أتوجه بال�شكر الجزيل والثناء الجميل �إلى كل من �شارك في
هذه الندوة �سواء بح�ضوره �أو ب�إلقائه عر�ضا من العرو�ض �أو باقتراحاته لإغناء
هذه المناق�شة.
واهلل ولي التوفيق.
وال�سالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته.
22
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
23
دفاتر المجلس األعلى
وكما ال يخفى عليكم فالمنازعة ال�ضريبية تحتل حيزا مهما �ضمن المنازعات
المعرو�ضة على الق�ضاء الإداري ال من حيث الكم وال من حيث الكيف ،كما �أن
المادة ال�ضريبية تمثل -بال �شك -مجاال خ�صبا للنقا�ش الفقهي والق�ضائي نظرا
لخ�صو�صيتها وارتباطها بالمجاالت الحيوية في البالد.
وبالرغم من حداثة المحاكم الإدارية ببالدنا ،ف�إن الق�ضاء الإداري راكم مجموعة
من االجتهادات الق�ضائية في مجال المنازعة ال�ضريبية ،جعلت منه �شريكا فعليا في
�صناعة القرار ال�ضريبي وحاميا لحقوق الملزم وم�صالح الخزينة على حد �سواء،
وباعثا على تح�سين �صياغة القوانين ال�ضريبية في العديد من الحاالت.
ال�سيد الوزير،
ال�سيد الرئي�س الأول،
ال�سيد الوكيل العام للملك،
�أيها الح�ضور الكريم،
�إن دولة القانون بقدر ما تقت�ضي حماية حقوق الملزم بال�ضريبة ف�إنها تفر�ض
بموازاة مع ذلك �ضمان م�ساواة الجميع �أمام االلتزام ال�ضريبي.
وفي هذا ال�صدد ،فالتحديات التي يفر�ضها تمويل خزينة الدولة وال�سيما
تمويل الم�شاريع التنموية الكبرى التي تتم بالمبادرة والإ�شراف الفعليين ل�صاحب
الجاللة الملك محمد ال�ساد�س ن�صره اهلل و�أيده ،تتطلب م�ساهمة الجميع -كل
ح�سب قدرته-في تحمل التكاليف العامة للدولة ،و�أمام هذه التحديات وكما
هو ال�ش�أن في جميع الدول ،ف�إن الوفاء بااللتزامات ال�ضريبية �أ�صبح من الركائز
الأ�سا�سية للمواطنة الحقة ،وهذا يتطلب من الجميع العمل على التطبيق ال�سليم
للقانون كما �سنه الم�شرع.
وهذا الهدف ي�ستلزم بطبيعة الحال مجهودا م�شتركا بين الإدارة والق�ضاء
الإداري من �أجل الوقوف على مواطن الغمو�ض �أو االختالف في ت�أويل بع�ض
المقت�ضيات القانونية وتقريب الر�ؤى بال�شكل الذي ين�سجم مع �إرادة الم�شرع.
24
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ومن جهة �أخرى ف�إن الوفاء بااللتزامات ال�ضريبية رهين بمدى انخراط الملزم
ووعيه واقتناعه بكون ال�ضريبة التي ي�ؤديها هي تج�سيد لقيم المواطنة ولي�ست
انتقا�صا من ملكيته الخا�صة.
و�إن المجل�س الأعلى ،باعتباره �أعلى م�ؤ�س�سة ق�ضائية في المملكة ،ليقوم بدور
هام في هذا الخ�صو�ص ،وذلك من خالل جملة من القرارات الق�ضائية التي
�أ�صدرها والتي تميزت بم�ستوى عال من االجتهاد والتب�صر.
ومن هنا يبرز الدور البيداغوجي للأحكام والقرارات الق�ضائية ،ف�إذا كانت
القرارات ال�ضريبية تعتريها �أحيانا بع�ض الإخالالت التي لي�س لها ت�أثير على جوهر
الحق ال�ضريبي المطالب به ،فال ينبغي لبع�ض الملزمين الذين ينهجون �سلوكات
مخالفة للمواطنة الجبائية� ،أن يعتبروا ب�أن هذه الإخالالت �ستف�سح لهم مجال
الإفالت من االلتزام ال�ضريبي الذي يعد من �أهم التزامات المواطنة التي يعمل
الق�ضاء على حمايتها ،وذلك رعيا للتوجيهات الملكية ال�سامية التي وردت في
الخطاب الذي �ألقاه حفظه اهلل يوم الجمعة � 8أكتوبر 2010بمنا�سبة افتتاح الدورة
الأولى لل�سنة الت�شريعية الحالية ،ب�أن قال �« :أن الق�ضاء م�ؤتمن على �سمو د�ستور
المملكة و�سيادة قوانينها وحماية حقوق والتزامات المواطنة».
انتهى كالم �صاحب الجاللة
ال�سيد الوزير،
ال�سيد الرئي�س الأول،
ال�سيد الوكيل العام للملك،
�أيها الح�ضور الكريم،
لقد اتخذ الم�شرع على مدار قوانين المالية المتعاقبة مجموعة من التدابير
تتوخى بالأ�سا�س تب�سيط وع�صرنة النظام ال�ضريبي ودعم مناخ ال�شفافية مع تعزيز
�ضمانات الملزمين.
25
دفاتر المجلس األعلى
26
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
27
دفاتر المجلس األعلى
وابتداءا من فاتح يناير 2011بالن�سبة للمن�ش�آت التي يفوق رقم �أعمالها �أو ي�ساوي
50مليون درهم دون احت�ساب ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة.
وموازاة مع التدابير المتخذة على الم�ستوى الت�شريعي والتنظيمي ،فقد تمت
�إعادة هيكلة الإدارة ال�ضريبية بغية بلورة مزيد من �سيا�سة القرب عن طريق �أق�سام
وم�صالح ح�سب نوعية الملزمين و�أهمية ن�شاطهم ،وبذلك تم �إحداث وحدات
�إدارية مكلفة بالأ�شخا�ص الطبيعيين و�أخرى بالأ�شخا�ص االعتباريين ،كما تم خلق
وحدات خا�صة بالمن�ش�آت الكبرى ال�سيما على �صعيد كل من مدينتي الرباط والدار
البي�ضاء.
�إن مختلف هذه التدابير �سواء المتعلقة منها بتطوير وتحديث المنظومة القانونية
�أو البنيات المعلوماتية والتوا�صلية �أو بت�أهيل الإدارة ال�ضريبية �إنما ت�ستهدف بالأ�سا�س
تح�سين مناخ الثقة بين هذه الإدارة وبين الملزم بال�ضريبة ودعم مرتكزات
المواطنة الجبائية ورفع م�ستوى الح�س الح�ضاري لدى الملزم ،كما �ستمكن هذه
التدابير من تي�سير الولوج �إلى المعلومة ال�ضريبية �سواء بالن�سبة للعاملين في �إدارة
ال�ضرائب �أو بالن�سبة للمتعاملين معها.
ومن جانب �آخر فالمديرية العامة لل�ضرائب ت�سعى جاهدة �إلى تح�سين م�ستوى
توا�صلها مع ال�سادة الق�ضاة� ،إيمانا منها ب�أن التوا�صل الفعال والم�ستمر هو الذي
ي�ضمن التطبيق الأمثل والفهم ال�سليم للقانون ال�ضريبي.
وينبغي الت�أكيد في هذا ال�صدد على �أن الق�ضاء الإداري يحظى باحترام كبير من
طرف �إدارة ال�ضرائب التي ت�سهر على تنفيذ الأحكام والقرارات النهائية ال�صادرة
عنه ،وتحر�ص ما �أمكن على تطبيق االجتهادات ال�صادرة عنه في الممار�سة العملية
داخل الإدارة.
28
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ال�سيد الوزير،
ال�سيد الرئي�س الأول،
ال�سيد الوكيل العام للملك،
�أيها الح�ضور الكريم،
�إن عقد مثل هذه الندوة العلمية الإ�شعاعية مع هيئة الق�ضاء وعلى ر�أ�سها المجل�س
الأعلى من �ش�أنه �إثراء العمل الإداري واالجتهاد الق�ضائي على حد �سواء ،كما �أنه
ي�سهم ب�شكل ملمو�س في �ضمان التطبيق ال�سليم للن�صو�ص القانونية ال�ضريبية.
ويحذوني �أمل كبير في �أن تكون ح�صيلة هذه الندوة غنية بالأفكار والمقترحات
التي تتوخى بالأ�سا�س فهم الن�صو�ص القانونية وتبادل الآراء حول م�ضمونها ومجال
تطبيقها وحدودها ،ومن تم النظر فيما �إذا كانت ال�ضرورة ت�ستدعي تدخال ت�شريعيا
ب�ش�أن بع�ضها.
وفي الختام �أود �أن �أتقدم بجزيل ال�شكر �إلى ال�سيد الرئي�س الأول للمجل�س
الأعلى وال�سيد الوكيل العام للملك لديه ،اللذين عبرا عن �إرادتهما في �أن تكت�سي
هذه الندوة طابعا عمليا بعيدا عن الخو�ض في الطروحات والأفكار النظرية،
كما �أتمنى لهذا الملتقى كامل التوفيق والنجاح ،حتى يت�سنى لكافة الم�شاركين
اال�ستفادة من العرو�ض القيمة التي �سيلقيها على م�سامعكم خالل هذه الندوة
ال�سادة المتدخلون من ق�ضاة و�أطر �إدارية وهم ثلة من الكفاءات المتميزة من
ذوي الخبرة ،والتي �ستعقبها -كما نتطلع �إلى ذلك -مناق�شة هامة نتمنى �أن
ت�سهم بدورها في بلورة تو�صيات مهمة من �ش�أنها �إثراء التر�سانة القانونية لل�ضرائب
و�إغناء العمل الق�ضائي والممار�سة الإدارية ببالدنا.
�أتقدم بجزيل ال�شكر لكل من �ساهم من قريب �أو بعيد في تنظيم هذه الندوة.
وفقنا اهلل لما فيه خير هذه البالد تحت قيادة عاهلنا المفدى جاللة الملك محمد
ال�ساد�س ن�صره اهلل و�أيده.
وال�سالم عليكم ورحمة اهلل.
29
دفاتر المجلس األعلى
30
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
المداخـــــالت
31
دفاتر المجلس األعلى
32
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
مما ال جدال فيه �أن الهدف من وجود المجل�س الأعلى كمحكمة للنق�ض تتربع
على قمة التنظيم الق�ضائي للمملكة ،يتمثل في تحقيق مبد�أ م�ساواة المتقا�ضين �أمام
القانون عن طريق تج�سيد وحدة الق�ضاء ووحدة القانون على حد �سواء ،وهذا
هو وجه الم�صلحة العامة بذاته ( ،)1ذلك �أن من �ش�أن التطبيق ال�صحيح للقانون
كما �أراده الم�شرع �ضمان اال�ستقرار الق�ضائي والقانوني داخل المجتمع ،لذا ف�إن
ق�ضاة المجل�س الأعلى هم ق�ضاة قانون ولي�سوا ق�ضاة واقع ،كما �أن المتقا�ضين
�أمام محكمة النق�ض لي�سوا هم الخ�صوم كما كانوا �أمام محاكم المو�ضوع ،و�إنما
هي الأحكام والقرارات ال�صادرة من هذه المحاكم(.)2
( )1فالم�شرع لما �أحدث المجل�س الأعلى كمحكمة واحدة للنق�ض ،كان الغر�ض من ذلك هو تحقيق وحدة الق�ضاء،
�أي جعل مختلف محاكم المملكة تقتدي بر�أيه القانوني دونما اختالف فيما بينها �إن هي �سارت على هديه في تف�سير
القانون باعتباره محكمة قانون ،بخالف محاكم المو�ضوع ،التي و�إن كانت هي الأخرى مطالبة بتطبيق القانون� ،إال
�أن تعددها وتنوعها من �ش�أنه �أن ي�ؤدي �إلى اختالف وجهات نظرها بال�ضرورة ،لذلك فالمجل�س الأعلى ال يراقب
من حيث المبد�أ الحكم �أو القرار المطعون فيه في �شقه الواقعي ،الذي ال يتعلق بالم�صلحة العامة ،و�إنما يقت�صر
على الم�صلحة الخا�صة للمتقا�ضين ب�صفة �أ�سا�سية ،و�إن كان اقت�صار المجل�س الأعلى على مراقبة ال�شق القانوني
للحكم مو�ضوع الطعن بالنق�ض يحقق م�صلحة خا�صة للأفراد �أي�ضا� ،إال �أن هذه الم�صلحة لي�ست هي الهدف
الأ�سا�سي المق�صود مبا�شرة.
( ) 2لمزيد من االطالع ،راجع �أطروحة الدكتوراه لمحمد زكي �أبو عامر �« :شائبة الخط�أ في الحكم الجنائي»� ،ص 208
وما بعدها ،من�شورة �سنة 1985من دون بيانات �أخرى.
33
دفاتر المجلس األعلى
ومن المعلوم �أي�ضا �أن الطعن بالنق�ض يندرج �ضمن طرق الطعن غير العادية(،)3
وهو كذلك لأنه ال يمكن ولوجه �إال في حاالت محددة بن�ص القانون ،وبالتالي فلي�س
لطالب النق�ض �أن يبدي ما ي�شاء من �أوجه الطعن في طلبه ،و�إنما عليه �أن يتقيد بما
ن�ص عليه القانون على �سبيل الح�صر ،و�إال كانت الو�سيلة �أو ال�سبب غير مقبول.
فقد حدد الم�شرع المغربي في الف�صل 359من قانون الم�سطرة المدنية �أ�سباب
الطعن بالنق�ض( )4التي ال يمكن �أن يرتكز الطاعن �إال على واحدة منها �أو على
بع�ضها �أو عليها جمعاء ،لكن دون غيرها(.)5
ومن جهته ،فالمجل�س الأعلى يقت�صر نظره على الرد على �أ�سباب النق�ض المثارة
�أمامه على الوجه المذكور ،المتم�سك بها من طرف طالب النق�ض ،اللهم ما تعلق
ب�إمكانية �إثارته و�سائل بكيفية تلقائية عندما يتعلق الأمر بالم�سا�س بالنظام العام.
لذلك فطلب النق�ض يعتبر غاية في الدقة� ،سواء من حيث قبوله من الناحية
ال�شكلية� ،أو من حيث اال�ستجابة �إليه التي تقت�ضي نق�ض الحكم �أو القرار المطعون
فيه و�إحالة الملف �إلى نف�س المحكمة التي �أ�صدرته �أو �إلى محكمة �أخرى م�ساوية
لها في الدرجة والنوع لتبت فيه من جديد طبقا للقانون ،ما لم يقت�ض الأمر النق�ض
من دون �إحالة(.)6
فقد ن�صت الفقرة الأولى من الف�صل 353من قانون الم�سطرة المدنية على �أن المجل�س الأعلى يبت« :ما لم ي�صدر () 3
ن�ص �صريح بخالف ذلك ،في:
- 1الطعن بالنق�ض �ضد الأحكام االنتهائية ال�صادرة عن جميع محاكم المملكة ،با�ستثناء :الطلبات التي تقل قيمتها
عن ع�شرين �ألف درهم ،والطلبات المتعلقة با�ستيفاء واجبات الكراء والتحمالت الناتجة عنه �أو مراجعة ال�سومة
الكرائية.»...
وهي خم�سة ،تتمثل في خرق القانون الداخلي ،والمق�صود به القانون النافذ داخل المملكة بمعناه الوا�سع ،وخرق () 4
قاعدة م�سطرية �أ�ضر ب�أحد الأطراف ،وانعدام التعليل ،لمزيد من االطالع ،راجع بحثا للأ�ستاذ محمد بناني،
من�شور بالتقرير ال�سنوي للمجل�س الأعلى ،عن ال�سنة الق�ضائية ،1998مطبعة الأمنية بالرباط ،دجنبر � ،1999ص
47وما بعدها.
هذا ف�ضال عن «تحريف العقود» الذي يعد �سببا من �إ�ضافة االجتهاد الق�ضائي ،المرجع ال�سابق� ،ص .39 () 5
تراجع الف�صول من � 354إلى 359من قانون الم�سطرة المدنية بوجه خا�ص. ( )6
34
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وبما �أن المجل�س الأعلى محكمة قانون ،فلي�س لكل من خ�سر دعواه �أمام �إحدى
محاكم المو�ضوع �أن يبلغ مراده �إن هو طعن بالنق�ض ،و�إنما ال بد له من التقيد
-كما �سلفت الإ�شارة -ب�أ�سباب النق�ض المح�صورة قانونا ،و�أن يترك جانبا ال�شق
المو�ضوعي من النزاع قبل التفكير في طرق باب المجل�س الأعلى( ،)7ومن ثم ف�إن
التقيد ب�أ�سباب الطعن بالنق�ض من طرف الطاعن كما حددها الم�شرع ،وو�ضوح
هذه الأ�سباب ،من �ش�أنه �أن ينير الطريق �أمام طالب النق�ض ويي�سر عمل المجل�س
الأعلى �أي�ضا.
هذا وقد ف�ضل الم�شرع الفرن�سي في الف�صل 604من قانون الم�سطرة المدنية
عدم تعداد �أ�سباب الطعن بالنق�ض وجعلها �سببا واحدا فقط ،وهو مخالفة الحكم
�أو القرار المطعون فيه لقواعد القانون(� ،)8أما الم�شرع المغربي فقد عدد �أ�سباب
الطعن بالنق�ض وفق ما �سبقت الإ�شارة �إليه.
ومما ال �شك فيه �أن جميع �أ�سباب الطعن بالنق�ض تتمثل في مخالفة القانون بوجه
عام( ،)9وهي على تعدادها في خم�سة ح�سب ن�ص الف�صل 359من قانون الم�سطرة
المدنية المغربي ،ف�ضال عن ال�سبب الم�ضاف بموجب االجتهاد الق�ضائي ،ال تعدو
�أن تمثل �إما مخالفة لقواعد القانون المو�ضوعي �أو مخالفة لقواعد قانون ال�شكل.
( )7وذلك ال يعني �أن المجل�س الأعلى ال يراقب محاكم المو�ضوع من حيث الوقائع ،و�إنما له ذلك ،عندما يكون الحكم
�أو القرار المطعون فيه غير مبرر فيما انتهى �إليه من نتيجة في منطوقه ا�ستنادا �إلى وقائع النازلة� ،أو عندما يعمل على
تحريف تلك الوقائع مثال ،فيو�صف عندئذ بنق�صان �أو بف�ساد التعليل المنزل منزلة انعدامه الموجب للنق�ض.
( ) 8فقد ن�ص في الف�صل المذكور على ما يلي:
« Le pourvoi en cassation tend à faire censurer par la cour de cassation la non-
conformité du jugement qu’il attaque aux règles de droit ».
انظر في تو�ضيح ذلك:
- Jacque BORE : « La cassation en matière civile »,préface de Pièrre RAYNAUD, Sirey,
Paris 1980, N° 1054 et N° 2041.
- Joéle FOSSERALL : « Cas d’ouverture à cassation », Juris classeur, procédure civile,
T.5, 1981, Fasc, 769, N° 1..
( )9انظر تف�صيل تلك الفكرة عند:
- R. Martin : « Le font et le droit », J.C.P, 1974-I, N° 2625.
- R. Morel : « Traité élémentaire de procédure civile », Paris, Sirey, 1949, 3ème éd, N°
659.
- J. Vincent : « Procédure civile », éd.19, Paris 1978, N° 663.
35
دفاتر المجلس األعلى
يق�صد بالتعليل تبرير منطوق الحكم �أو القرار المطعون فيه بكيفية منطقية
وم�ست�ساغة عقال( ،)12ف�إذا كانت المقدمات التي �سلكتها محكمة المو�ضوع ال
ت�ؤدي من الناحية المنطقية ال�سليمة �إلى النتيجة التي تو�صلت �إليها كان تعليل
الحكم فا�سدا ،مما يعر�ضه للنق�ض� ،إذ يجب �أن تكون كل واقعة مقدمة منطقية لما
بعدها ونتيجة منطقية لما قبلها ،و�إال لما ا�ستطاع المجل�س الأعلى ب�سط رقابته على
تطبيق القانون ،وبالتالي ف�إن انتفاء التالزم المنطقي بين النتيجة التي انتهت �إليها
محكمة المو�ضوع في منطوق حكمها وبين عنا�صر اال�ستدالل الواقعية التي ثبتت
لديها يمثل �إحدى �صور ف�ساد التعليل المنزل منزلة انعدامه(.)13
( ) 10لقد تعمدت االقت�صار على قرارات المجل�س الأعلى المتعلقة بالمو�ضوع ال�صادرة عنه باعتباره محكمة نق�ض
بعد �إحداث محاكم ا�ستئناف �إدارية ،وربما لهذا ال�سبب لم �أعثر منها �إال على القليل ،خا�صة و�أنني اقت�صرت على
القرارات القا�ضية بالنق�ض دون غيرها ،وهي لم ت�صدر �إال بداية من �سنة 2009على وجه الخ�صو�ص.
( ) 11وحبذا لو تم �إحداث محكمة ا�ستئناف �إدارية بفا�س في القريب العاجل نظرا لكثرة الق�ضايا المتراكمة
بمحكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط ،وهو مطلب �سبق �أن نادينا به في منا�سبات عديدة نتمنى تحقيقه...
( ) 12انظر محمد بناني ،مرجع �سابق� ،ص .48
( )13انظر �أحمد مليجي�« :أوجه الطعن بالنق�ض المت�صلة بواقع الدعوى»� ،ص 108وما بعدما ،دار النه�ضة
العربية بالقاهرة.1988 ،
36
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ومن بين التطبيقات العملية لف�ساد التعليل المنزل منزلة انعدامه� ،أن محكمة
اال�ستئناف الإدارية( )14اعتبرت ب�أنه لم يثبت لديها تبليغ الم�ست�أنف عليه (الملزم)
بالإ�شعار بفح�ص المحا�سبة ،ف�أيدت حكم المحكمة الإدارية التي ق�ضت ب�إلغاء
ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة المفرو�ضة على المدعي ،بينما �صح لدى المجل�س
الأعلى( )15ما نعته �إدارة ال�ضرائب على القرار المطعون فيه « :ذلك �أن المطلوب في
الطعن يقر �صراحة ب�أنه تو�صل ب�إ�شعار بتاريخ 2004/12/13تخبره فيه �إدارة ال�ضرائب ب�أن
مفت�شا �سوف يزوره بتاريخ 2004/12/29على ال�ساعة التا�سعة �صباحا ق�صد االطالع على
الوثائق المتعلقة بت�صريحاته ال�ضريبية».
وينتج نق�صان التعليل المنزل منزلة انعدامه كذلك عن عدم كفاية الأ�سباب
الواقعية ،التي ارتكز عليها الحكم �أو القرار المطعون فيه ،وهي الأ�سباب التي
تبرر الواقع الذي ا�ستخل�صه قا�ضي المو�ضوع( ،)16وبالتالي فالق�صور في �أ�سباب
الحكم الواقعية ي�ؤدي �إلى نق�ضه( ،)17لأن ذلك يحول دون مراقبة المجل�س الأعلى
لمدى تطبيق القانون من لدن قا�ضي المو�ضوع على وقائع الدعوى تطبيقا �صحيحا،
بخالف عدم كفاية الأ�سباب القانونية ،حيث �إن هذا ال يعيق المجل�س الأعلى عن
ب�سط رقابته متى كانت الأ�سباب الواقعية من �ش�أنها �أن ت�ؤدي �إلى نف�س النتيجة
والحال ما ذكر� ،إذ في هذه الحالة يمكن للمجل�س �أن ي�صحح الأ�سباب القانونية
الخاطئة وال ي�صرح بالنق�ض.
وينتج عيب عدم كفاية الأ�سباب الواقعية للحكم الذي يمثل نق�صانا في التعليل،
عن العر�ض غير الكامل للوقائع ،مما ال يتمكن معه المجل�س الأعلى من مراقبة
مدى تطبيق القانون على وقائع النازلة.
( )14يتعلق الأمر بقرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط ال�صادر بتاريخ 2009/1/8في الملف رقم ،9/07/317
(غير من�شور).
( ) 15قرار المجل�س الأعلى عدد 509بتاريخ 2010/06/14في الملف الإداري رقم ( 2010/1/4/455غير
من�شور).
( ) 16راجع �أحمد �أبو الوفا « :نظرية الأحكام» بند � 127ص ...291
( )17وهو ما ن�ص عليه الم�شرع الم�صري �صراحة في الفقرة 3من المادة 178في قانون المرافعات التي ورد فيها:
«الق�صور في �أ�سباب الحكم الواقعية والنق�ص �أوالخط�أ الج�سيم في �أ�سماء الخ�صوم ،وكذا عدم بيان �أ�سماء
الق�ضاة الذين �أ�صدروا الحكم يترتب عليه بطالن الحكم».
37
دفاتر المجلس األعلى
ويندرج �ضمن هذه الحالة عدم مناق�شة محكمة المو�ضوع لوثائق �أحد
الطرفين ،بالرغم مما لها من �أثر على نتيجة الحكم.
فقد �صح لدى المجل�س الأعلى ما عابته �إدارة ال�ضرائب على القرار المطعون
فيه (« : )18ذلك �أن المحكمة ،ورغم تم�سك الطاعن بالقانون الت�أ�سي�سي ل�شركة(كذا)
والقانون الت�أ�سي�سي ل�شركة (كذا) اللذين ت�ضمنا التزاما �صريحا من المطلوب بو�ضع �شقتيه
بالرباط وتطوان رهن �إ�شارة ال�شركتين المذكورتين ابتداء من تاريخ التوقيع على القانون
الت�أ�سي�سي لكال ال�شركتين ،ف�إنها لم تناق�ش هاتين الوثيقتين رغم ما لهما من �أثر في النزاع
بمراعاة مقت�ضيات المادة 82من القانون رقم 89.17المتعلق بال�ضريبة العامة على الدخل،
مما جاء معه قرارها ناق�ص التعليل الموازي النعدامه ومعر�ضا للنق�ض»(.)19
كما ثبت لدى نف�س المجل�س في نازلة �أخرى �أن الطاعن (مدير ال�ضرائب)
�أدلى رفقة مقاله اال�ستئنافي بالمرا�سالت الموجهة من طرفه �إلى الملزم (المطلوب
في النق�ض) ومالحظات العون المكلف بالتبليغ ب�ش�أن كل ر�سالة على حدة،
و�أن المحكمة عندما عللت قرارها المطعون فيه( )20ب�أنه ...« :بينما لم تدل �إدارة
ال�ضرائب ،بالرغم من تكليفها بذلك من طرف ال�سيد القا�ضي المقرر في المرحلة االبتدائية
بما يثبت �أن التبليغ تم لمن ذكروا ،و�إنما اقت�صرت على الإ�شارة �إلى �أن محاولة التبليغ
تمت ل�شخ�ص يظهر �أنه قد يكون حار�سا للمقلع ،من دون معرفة ا�سمه الكامل وال عالقته
بالمدير (الم�ست�أنف عليه) ،حتى يمكن ترتيب الآثار القانونية على رف�ضه الت�سليم ب�ش�أن
الم�سطرة التواجهية للملزم من طرفه ،ف�إنها تكون قد خرقت فعال مقت�ضيات المواد 28و56
مكرر من القانون رقم 85.30و 103و 112مكرر من القانون رقم ،89.17بما �أنها لم تناق�ش
الوثائق المدلى بها ،علما ب�أن اال�ستئناف ين�شر الدعوى ،وكان على المحكمة �أن تناق�ش
( ) 18وهو قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط ال�صادر بتاريخ ،2007/11/07في الملف رقم ،9/06/28
(غير من�شور).
( ) 19قرار المجل�س الأعلى عدد 159بتاريخ 2009/52/25في الملف الإداري رقم ( 2008/2/4/304غير
من�شور).
( )20وهو قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط ال�صادر بتاريخ 2007/03/21في الملفين رقم 9/06/22
و ،9/06/17اللذين �ضما �إلى الملف رقم ( 9/06/14غير من�شور).
38
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الوثائق المدلى بها �أمامها ،وهي لما لم تفعل ،فقد عر�ضت قرارها للنق�ض»(.)21
كما �صح لدى المجل�س الأعلى ما عابه الطاعن (الملزم) على القرار المطعون
فيه في نزاع حول ال�ضريبة العامة على الدخل وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة،
«ذلك �أن محكمة اال�ستئناف الإدارية( )22لم تناق�ش العقد الم�سجل الذي تنازل بمقت�ضاه
الطاعن عن البقعة الأر�ضية في 1987/9/3لفائدة (�شخ�صين) خالية من البناء ،واللفيف
المتعلق بالبناء الم�ؤرخ في ،2003/4/23ولم تجر �أي بحث لمعرفة ما �إذا كان الفر�ض
ال�ضريبي مبنيا على وقائع ثابتة �أم ال ،فجاء قرارها ناق�ص التعليل الموازي النعدامه وعر�ضته
للنق�ض»(.)23
ومن جملة ما يعيب الحكم المطعون فيه بالنق�ض �أي�ضا عدم جوابه على �أحد
الدفوع الم�ؤثرة على النزاع ،فقد «�صح ما نعاه الطاعنون (الملزمون) على القرار
المطعون فيه ،ذلك �أن البائعين ثالثة �أ�شخا�ص ،لكل واحد منهم ح�صته في المبيع ،والعقد
المدلى به ي�شير بو�ضوح �إلى ح�صة كل واحد ،والمحكمة لم تجب على الدفع المثار ب�ش�أن
الح�ص�ص العائدة للبائعين وعدم جواز فر�ض ال�ضريبة على ح�صة كل من (فالن وفالن)
لعدم خ�ضوعهما لها ،ب�سبب كون قيمة ح�صة كل واحد منهما تقل عن �ستين �ألف درهم،
مما يكون معه القرار المطعون فيه( )24ناق�ص التعليل على نحو ينزل منزلة انعدامه ويعر�ضه
للنق�ض»(.)25
(غير 2007/2/4/385 في الملف الإداري رقم 2009/3/4 بتاريخ ( )21قرار المجل�س الأعلى عدد
176
من�شور).
( ) 22وهو قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بمراك�ش ال�صادر بتاريخ ،2008/1/29في الملف رقم ( 7/9/43غير
من�شور).
( )23قرار المجل�س الأعلى عدد 129بتاريخ ،2010/2/17في الملف الإداري رقم ( ،2009/2/4/370غير
من�شور).
( ) 24وهو قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط عدد 415ال�صادر بتاريخ 2008/4/3في الملف رقم 9/07/245
(غير من�شور).
( ) 25قرار المجل�س الأعلى عدد 505بتاريخ 2010/6/24في الملف الإداري رقم ( 2009/2/4/1171غير
من�شور).
39
دفاتر المجلس األعلى
لئن كان عيب انعدام التعليل المبرر للنق�ض يمثل مخالفة القانون بمعناه
الوا�سع ،ف�إنه من جهة ينتمي �إلى عيوب ال�شكل ،ومن جهة �أخرى فهو يقت�ضي
-كما مر -عدم كفاية الأ�سباب الواقعية المبررة للمنطوق.
9/07/666 ( ) 26وهو قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط ال�صادر بتاريخ ،2008/11/20في الملف رقم
(غير من�شور).
( ) 27وذلك بموجب قرار المجل�س الأعلى عدد 705بتاريخ 2009/12/2في الملف الإداري رقم 2009/2/4/246
(غير من�شور).
40
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
بينما عيب مخالفة القانون بمعناه ال�ضيق ينتمي �إلى العيوب المو�ضوعية ،ف�ضال
عن �أنه يفتر�ض �أن الحكم �أو القرار المطعون فيه متوفر على �أ�سبابه الواقعية� ،إال
�أن قا�ضي المو�ضوع �أخط�أ في تطبيق القانون على الواقع �أو �أنه �أخط�أ في تف�سيره،
مما �أثر على وجه الحكم� ،إذ لوال ذلك الخط�أ لق�ضت المحكمة بخالف ما جاء
في منطوقها� ،أما �إذا طبقت ن�صا قانونيا �آخر غير ذلك الواجب التطبيق ،ومع ذلك
كان حكمها �سليما في نتيجته� ،أو �أنها لم تذكر الن�ص القانوني المطبق على النازلة
و�صادفت ال�صواب فيما انتهت �إليه مثال ،فكل هذا ال يعيب الحكم في �شيء.
ومن خالل القرارات ال�صادرة عن المجل�س الأعلى في المنازعات ال�ضريبية
التي اطلعنا عليها ،والتي ق�ضت بالنق�ض �إما لعدم تطبيق القانون بكيفية �سليمة� ،أو
تطبيقه في غير محله ،مما �أدى �إلى �إ�صدار �أحكام معيبة قانونا ،نورد بع�ض النماذج
فيما يلي:
فلئن كان الف�صل 142من قانون الم�سطرة المدنية يوجب ت�ضمين مقال اال�ستئناف
وقائع النازلة ،تحت طائلة عدم قبول اال�ستئناف ،ف�إن «ما يق�صده الم�شرع في هذا
الباب هو عدم التن�صي�ص على الوقائع بالمرة� ،أما �إذا قام الم�ست�أنف با�ستعرا�ض الوقائع
في �أ�سباب ا�ستئنافه ب�شكل يجعل بالإمكان الإلمام بمحتواه» ،ف�إن محكمة اال�ستئناف،
عندما تق�ضي «بعدم قبول اال�ستئناف لعدم التن�صي�ص على الوقائع �صراحة ،تكون قد
�أ�ساءت تطبيق الف�صل 142من الموم�أ �إليه وعر�ضت قرارها للنق�ض»(.)28
وكذلك الأمر بالن�سبة للقرار اال�ستئنافي الذي �أخط�أ في تطبيق مقت�ضيات الف�صل
134من قانون الم�سطرة المدنية وق�ضى بعدم قبول اال�ستئناف لتقديمه خارج
�أجل الثالثين يوما المن�صو�ص عليه في هذا الف�صل.
ف�إذا كان المدير الجهوي لل�ضرائب (بمراك�ش) قد بلغ بالحكم الم�ست�أنف بتاريخ
،2007/1/30ف�إن انتهاء الأجل المذكور بتاريخ فاتح مار�س من نف�س ال�سنة لي�س من
( ) 28راجع قرار المجل�س الأعلى عدد 111بتاريخ 2009/2/11في الملف الإداري رقم ( 2008/2/4/480غير
من�شور).
41
دفاتر المجلس األعلى
�ش�أنه عدم قبول اال�ستئناف ،كما ق�ضت بذلك المحكمة المطعون في قرارها(،)29
و�إنما هو اليوم الموالي الذي �صادف �إيداع المقال ،والحال �أن الف�صل 512من
قانون الم�سطرة المدنية ن�ص �صراحة على اعتبار جميع الآجال المن�صو�ص عليها في
هذا القانون �آجاال كاملة ،بحيث ال يعتد في الح�ساب باليوم الذي يتم فيه التبليغ،
وال باليوم الأخير الذي ينتهي فيه الأجل انطالقا من يوم ح�صول التبليغ( ...)30مما
�أدى �إلى نق�ض القرار المطعون فيه.
وعندما تعمد محكمة المو�ضوع �إلى تطبيق ن�ص قانوني في غير محله ،وي�ؤثر
ذلك على نتيجة قرارها ،ف�إنه يكون عر�ضة للنق�ض ،كما في نازلة دفعت فيها �إدارة
ال�ضرائب بخرق مقت�ضيات المادة 27من القانون المتعلق بال�ضرائب والر�سوم
الم�ستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها ،ذلك �أن العقارات المكرية للغير ،ح�سب
ن�ص المادة الأولى من القانون المتعلق بال�ضريبة الح�ضرية ،ال تخ�ضع لل�ضريبة
المذكورة ،و�إنما تخ�ضع فقط لر�سم النظافة طبقا للمادة 26من نف�س القانون ،على
�أ�سا�س قيمة �إيجارية كما هي محددة في المادة 27من نف�س القانون ال�سالف الذكر،
في حين �أن القرار مو�ضوع الطعن ارتكز في تحديد القيمة الإيجارية الواجب
اعتمادها في النازلة على مقت�ضيات المادة 6من قانون ال�ضريبة الح�ضرية ،دون
مراعاة �أحكام المادة � 27أعاله الواجبة التطبيق ،فتعر�ض بذلك للنق�ض(.)31
و�أي�ضا ،لما طبقت محكمة المو�ضوع مقت�ضيات المادتين 19و 20من القانون
رقم 89.37المنظم لل�ضريبة الح�ضرية على النازلة ،والحال �أن الأمر يتعلق
بالمنازعة في تقدير ال�ضريبة ولي�س في مبد�أ فر�ضها ،بينما المدعي المطلوب في
النق�ض �أ�س�س دعواه على كون عقاره ال يوجد �ضمن دوائر الجماعات الح�ضرية
2/07/09/46 ( )29وهو قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بمراك�ش ال�صادر بتاريخ 2007/7/31في الملف رقم
(غير من�شور).
( )30راجع قرار المجل�س الأعلى عدد 8بتاريخ 2009/1/7في الملف الإداري رقم ( 2007/2/4/606غير
من�شور).
( )31راجع قرار المجل�س الأعلى عدد 696بتاريخ 2009/12/2في الملف الإداري رقم ( 2008/2/4/815غير
من�شور).
42
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وال المناطق المحيطة بها ،و�أنه غير خا�ضع لل�ضريبة الح�ضرية ور�سم النظافة ،فقد
عر�ضت المحكمة المذكورة قرارها للنق�ض(.)32
82.17 وبالمقابل ،ف�إن المق�صود من مقت�ضيات المادة 18من القانون رقم
المتعلق بت�شجيع اال�ستثمارات ال�صناعية �أن المقاولة المعنية بالأمر ت�ستفيد من
الإعفاء من ر�سوم الت�سجيل عندما يت�ضمن عقد اقتناء الأر�ض بيان الغر�ض المعدة
له ،والتزام المقاولة بتخ�صي�صها لهذا الغر�ض في �أجل ال يتعدى � 24شهرا ابتداء
من تاريخ ت�سجيل العقد المذكور ،وبالتالي فعبارة «التخ�صي�ص» الواردة بتلك
المادة ال تتطلب وجوب ح�صول المقاولة على �شهادة المطابقة ،والمحكمة لما
اعتمدت تاريخ ح�صول الطاعنة على �شهادة المطابقة دون البحث فيما �إذا كانت
هذه الأخيرة قد خ�ص�صت الأر�ض المقتناة من طرفها لإنجاز م�شروعها عليها
داخل الأجل الم�شار �إليه �أعاله ،تكون قد خالفت المقت�ضى القانوني المحتج
بخرقه وعر�ضت قرارها للنق�ض(.)33
وفي حاالت كثيرة ،ف�إن المجل�س الأعلى يثير تلقائيا �أ�سباب النق�ض المتمثلة
في خرق القانون عندما يتعلق الأمر بمخالفة النظام العام ،كما في حالة مخالفة
القرار المطعون فيه للأحكام المنظمة لالخت�صا�ص النوعي التي هي من النظام
العام ،والتي تقت�ضي من المحكمة �إثارة عدم اخت�صا�صها تلقائيا� ،إذا �أغفل
الأطراف ذلك ،كما في نازلة تقدم فيها المطلوب في النق�ض بدعوى تهدف �إلى
الحكم على الدولة و�إدارة الدرك الملكي ب�أداء مبالغ مالية ب�سبب ال�ضرر الذي
لحقه من جراء تغيير الإدارة المذكورة لوجه ا�ستعمال العين المكراة من �إ�سكان
دركيين �إلى معهد لتعليم المو�سيقى ،فطولب ب�أداء �ضريبة المباني ،و�أداها لإدارة
ال�ضرائب ح�سب ادعائه مع �أنه �أدلى بو�صوالت �أداء ال�ضريبة الح�ضرية ور�سم
النظافة ،وق�ضت المحكمة االبتدائية له بتعوي�ض معين و�أيدت حكمها محكمة
( )32راجع قرار المجل�س الأعلى عدد 304بتاريخ 2009/5/6في الملف الإداري رقم ( 2008/2/4/1049غير
من�شور).
( )33راجع قرار المجل�س الأعلى عدد 749بتاريخ 2009/12/16في الملف الإداري رقم 2009/2/4/298
(غير من�شور).
43
دفاتر المجلس األعلى
( )34راجع قرار المجل�س الأعلى عدد 231بتاريخ 2007/3/7في الملف الإداري رقم ( 2004/2/4/2652غير
من�شور).
( ) 35راجع قرار المجل�س الأعلى عدد 356بتاريخ 2009/6/3في الملف الإداري رقم ( 2008/2/4/849غير
من�شور).
44
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
مقدمــة
المنازعة الجبائية هي تلك الحالة القانونية النا�شئة عن وجود خالف بين الملزم
والإدارة ال�ضريبية بمنا�سبة قيام هذه الأخيرة بتحديد وعاء ال�ضريبة وت�صفيتها
وتح�صيلها ،ومن خ�صو�صيات هذه المنازعة �أنها منازعة على مراحل ،بمعنى �أنها
ال ترفع ابتداء �إلى الق�ضاء ،بل البد لها �أن تمر من مرحلة الطعن الإداري �أو الطعن
�أمام اللجان الإدارية ال�ضريبية ،قبل اللجوء في المرحلة الأخيرة �إلى الق�ضاء،
الذي يتحمل عبء تحقيق التوازن بين المحافظة على المال العام وعدم �إهداره
وبين المحافظة على حقوق الملزميــن وتكري�س ال�ضمانات المخولة لهم بمقت�ضى
القانون.
وهكذا ت�ستغرق المنازعة الجبائية منذ لحظة ن�شوئها وعبر مختلف مراحلها
وقتا طويال قبل البث النهائي فيها ،لذا يبقى من المفيد بالن�سبة لطرفي المنازعة
-الإدارة والملزم -ح�سم الخالف القائم بينهما في مراحله الأولى.
ومن هنا تكت�سي المنازعات ال�ضريبية الإدارية كحلول بديلة لت�سوية الخالفات
النا�شئة عن عملية تحديد وعاء ال�ضريبة وت�صفيتها وتح�صيلها �أهمية ق�صوى لأنها
تمكن الإدارة من ت�صفية معظم النزاعات في مراحلها الأولى ومن تم ت�سهم ب�شكل
ال ي�ستهان به في تخفيف العبء على الق�ضاء وعدم �إثقال كاهل المحاكم بالق�ضايا
45
دفاتر المجلس األعلى
والملفات التي يمكن �أن تجد لها حال في �إطار الحوار المبا�شر مع الإدارة عن
طريق المنازعة �أمام مدير ال�ضرائب �أو في �إطار الحوار غير المبا�شر عن طريق
المنازعة �أمام اللجان ال�ضريبية.
لذلك �سنحاول من خالل هذه المداخلة �إبراز �أهمية المنازعة الإدارية في
ت�صفية وحل النزاعات الجبائية �سواء خالل مرحلة الطعن الإداري �أو بمنا�سبة
الطعن �أمام اللجان ال�ضريبية ،انطالقا من خ�صائ�صها ومزاياها بالن�سبة للإدارة
والملزم على حد �سواء� ،أو باعتبارها درجة مهمة من درجات الحوار الفعال بين
الإدارة والملزم ،و�ضمانة �أ�سا�سية من ال�ضمانات المخولة له بمقت�ضى القانون ،مع
ا�ستح�ضار كيفية تعاطي الق�ضاء مع المنازعة الإدارية في المادة ال�ضريبية.
rالمحور الأول :المطالبة الإدارية (التمهيدية)
في �إطار �سعيه لتحقيق نوع من التوازن بين الإدارة ال�ضريبية التي تتوفر على ما
يكفي من ال�سلطات واالمتيازات للقيام بوظيفتها في فر�ض وتح�صيل ال�ضرائب،
وبين الملزم الم�ساهم الرئي�سي في تمويل النفقات العمومية� ،أقر الم�شرع المغربي
على غرار مختلف الت�شريعات م�سطرة المطالبة الإدارية التمهيدية ك�آلية لتمكين
الملزم من �إبداء تعر�ضه على موقف الإدارة في �إطار حوار مبا�شر يف�سح المجال
للإدارة لمراجعة �أو تو�ضيح موقفها ،فما هي المطالبة الإدارية والتمهيدية؟ وما هو
موقعها في القانون ال�ضريبي؟ وكيف تعامل معها الق�ضاء الإداري؟ وما هي �أهميتها
في ت�سوية النزاعات الجبائية؟.
• �أوال -الإطار القانوني للمطالبة الإدارية :
يق�صد بالمطالبة الإدارية تقديم تظلم �إلى الإدارة �صاحبة القرار بق�صد التراجع
عنه �أو تعديله بما ي�صحح المراكز القانونية للمتظلم ،وت�ستمد �أ�سا�سها القانوني من
مقت�ضيات المادة 235من المدونة العامة لل�ضرائب ،والمادة 161من القانون رقم
47.06المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ،وكذلك من المادة 120من القانون
رقم 15-97بمثابة مدونة تح�صيل الديون العمومية.
46
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وقد جعل الم�شرع المغربي على غرار باقي الت�شريعات من المطالبة الإدارية
�شرطا الزما قبل عر�ض النزاع على الق�ضاء ،وال �أدل على ذلك ا�ستهالله المادة
235ال�سالفة الذكر بفعل «يجب» الدال على قطعية م�ضمون الن�ص وعدم الجوازية
فيه.
وي�شترط لوقوع المنازعة �صحيحة اال�ستجابة لمجموعة من ال�شروط �سواء ما
يتعلق منها بال�صيغة الكتابية للمطالبة وتوجيهها �إلى الجهة المخت�صة (وهي في هذه
الحالة المدير العام لل�ضرائب �أو من ينوب عنه) ،واحترام الآجال المقررة لذلك
بموجب المادة � ،235أو ما يتعلق ب�ضرورة ت�ضمين المطالبة البيانات والمعلومات
المتعلقة بال�ضريبة مو�ضوع المنازعة والو�سائل والم�ستندات التي ي�ستند �إليها
الملزم في مطالبته ،والغاية من هذه ال�شروط تمكين الإدارة من المعلومات
ال�ضرورية للبت في النزاع داخل الأجل المحدد من جهة ،والحفاظ على حقوق
و�ضمانات الملزم من جهة �أخرى.
غير �أن الإدارة ال�ضريبية وفي �إطار �سعيها لت�سوية النزاعات المعرو�ضة عليها ال
ترف�ض المطالبات التي التتوفر على البيانات ال�ضرورية� ،إال بعد ا�ستدعاء الملزم
لت�صحيح النقائ�ص التي ت�شوب مطالبته وعدم ا�ستجابته لذلك ،كما �أنها ال تولي
اهتماما لهذه النقائ�ص� ،إذا تعلق الأمر بالحاالت التي ت�ستوجب الإ�سقاط التلقائي
الكلي �أو الجزئي لل�ضريبة المن�صو�ص عليها في المادة 236من المدونة العامة
لل�ضرائب.
• ثانيا -مجال المطالبة الإدارية :
47
دفاتر المجلس األعلى
كما �أن عدم ح�صر المنازعة في الأخطاء التي يفتر�ض ارتكابها من قبل الإدارة
له فائدة عملية لأنه يحدث �أن تقع �أخطاء كذلك من جانب الملزم كتلك التي قد
ت�شوب �إقراراته وت�صريحاته ،وقد يت�أتى الخط�أ من جهة �أخرى تتدخل في العملية
ال�ضريبية ك�إدارة البريد مثال.
غير �أن الممار�سة العملية في مجال تدبير المنازعات ال�ضريبية ي�سمح لنا ب�إمكانية
ت�صنيف مختلف المنازعات الإدارية في ما يلي :
.1الأخطاء المادية من قبيل �ضريبة فر�ضت مرتين �أو فر�ضت بغير موجب
�صحيح؛
.2الواقعة المن�شئة لل�ضريبة �أو تف�سير مقت�ضيات قانونية؛
� .3أ�س�س الفر�ض التلقائي �أو نتائج المراقبة؛
.4عدم ا�ستيفاء الأكرية �أو الخ�سائر الالحقة بالمحا�صيل الزراعية؛
.5الفر�ض التلقائي الناجم عن عدم تقديم �أو تقديم �إقرار ناق�ص؛
.6الفر�ض التلقائي في حالة مخالفة الأحكام المتعلقة بتقديم الوثائق المحا�سبية
�أو حق المراقبة؛
.7م�سطرة الت�صحيح؛
.8عدم دفع ال�ضريبة المحجوزة في المنبع؛
.9ا�سترداد �ضريبة غير م�ستحقة ثم دفعها؛
.10عدم اال�ستفادة من امتياز جبائي؛
• ثالثا -التعامل الق�ضائي مع المطالبة الإدارية التمهيدية :
48
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
للملزم ،لذا ،يبقى الق�ضاء هو المالذ الأخير الذي يلج�أ له الملزم باعتباره �صاحب
الوالية العامة في مجال المنازعة الجبائية ،فما هو موقف الق�ضاء من المطالبة
الإدارية �سواء من حيث �إلزاميتها �أو من حيث التقيد ب�آجالها؟.
�أ -موقف الق�ضاء من �إلزامية المطالبة الإدارية :
ي�ؤكد العمل الق�ضائي بالمغرب على الطابع الإلزامي للتظلم الإداري �أو المطالبة
الإدارية ،ويعتبر ذلك �شرطا �أ�سا�سيا يجب التقيد به� ،إذ ال يحق للملزم الذي ينازع
في ال�ضريبة �أن يلج�أ �إلى الق�ضاء �إال بعد �أن يكون قد ا�ستنفذ المرحلة الإدارية في
المنازعة �سواء حينما يتقدم بمطالبة �أمام الإدارة ال�ضريبية ولم ير�ض بقرارها �أو لم
تجب عن مطالبته خالل الأجل الم�ضروب لها.
غير �أنه يت�ضح من خالل ر�صد واقع التعامل الق�ضائي مع �سلوك م�سطرة المنازعة
الإدارية� ،أن الق�ضاء و�إن كان قد فر�ض الخ�ضوع لهذه الم�سطرة على اعتبار �أن
المنازعة الجبائية منازعة على مراحل ،ف�إنه جعل من عدم �سلوكها �أمرا واردا،
وبذلك �أجاز في بع�ض الحاالت قبول الدعـوى حتـــى ولو كانت غير م�سبوقة ب�أية
مطالبة �أمام مدير ال�ضرائب ،ومن بين هذه الحاالت :
-حالة عدم احترام الإدارة لم�سطرة الفر�ض ال�ضريبي :
تتفق مختلف المحاكم الإدارية المغربية على �أن �سلوك م�سطرة المطالبة
الإدارية ال يكون �إلزاميا �إال في حالة تحقق �شروط الإخ�ضاع لل�ضريبة� ،أما في حالة
عدم تحققها ك�أن تلج�أ الإدارة �إلى فر�ض ال�ضريبة دون احترام الم�سطرة القانونية
لفر�ضها ،ف�إن ذلك يجعل الملزم غير مقيد بم�سطرة المطالبـــة الإدارية و�آجالها
تطبيقا لقاعدة توازي االخالالت ال�شكلية.
غيــر �أن هــذا التوجــه ال ي�أخــذ بعين االعتبـــار مبــــد�أ �أ�سبقيــــة الخطــــ أ�
« »Antériorité de la fauteفي حالة الفر�ض التلقائي ،الذي يقوم على �أ�سا�س �أن
الخا�ضع لل�ضريبة �أو الملزم هو الذي كان �سباقا �إلى الخط�أ حينما لم يقم بالتزامه
49
دفاتر المجلس األعلى
لقد د�أب العمل الق�ضائي على اعتبار الخا�ضع لل�ضريبة غير ملزم بتقديم مطالبة
�إدارية �أمام الإدارة الجبائية متى كانت منازعته �أمام الق�ضاء تن�صب على مبد�أ فر�ض
ال�ضريبة وال تن�صرف �إلى وعائها ،وعلى �سبيل المثال ال الح�صر جاء في الحكم
رقم � 5/2008/630ش ال�صادر عن �إدارية مكنا�س بتاريخ �« 2009/10/1أن المدعي
ينازع في مبد�أ فر�ض ال�ضريبة ،وفي الأ�سا�س الخا�ضع لها ،وبالتالي وح�سبما ما
جرى عليه العمل الق�ضائي يكون المدعي والحالة هاته غير ملزم ب�سلوك م�سطرة
التظلم الإداري».
لكنه بالرجوع �إلى مقت�ضيات المادة 235من المدونة العامة لل�ضرائب والمواد
الموافقة لها في قانون جبايات الجماعات المحلية �أو مدونة تح�صيل الديون
العمومية ،يت�ضح �أن الم�شرع �أوجب على كل من ينازع في ال�ضريبة �أن يوجه
مطالبته �إلى ال�سلطة ال�ضريبية المخت�صة ،دون �أن يقيم �أي تمييز في هذا ال�صدد.
ومن باب المقارنة في هذا ال�سياق ،فقد تميزت �أحكام مجل�س الدولة الفرن�سي
بالدقة والو�ضوح من حيث الت�أكيد على �إلزامية المطالبة الإدارية قبل طرف باب
50
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الق�ضاء ،وذلك دون التمييز بين حالة و�أخرى� ،إذ يكون م�آل الدعوى غير الم�سبوقة
بمطالبة �إدارية عدم القبول.
-حالة التم�سك بواقعة التقادم :
من بين اال�ستثناءات التي �أوردها الق�ضاء على مبد�أ �إلزامية المطالبة الإدارية قبل
اللجوء �إلى المنازعة الق�ضائية تلك المتعلقة بعدم وجوب �سلوك هذه الم�سطرة
حينما يتعلق الأمر بالمنازعة في م�سطرة التح�صيل الم�ؤ�س�سة على �سقوط الدين
العمومي للتقادم من منطلق �أن المادة 119من مدونة التح�صيل العمومية حددت
على �سبيل الح�صر الحاالت الموجبة ل�سلوك المطالبة الإدارية والتي لي�س من بينها
حالة التقادم.
غير �أن ما ي�ؤاخذ على هذا التوجه انه ال ي�أخذ مقت�ضيات المادة 120من مدونة
التح�صيل العمومية على �أنها الإطار العام للمطالبات في مجال التح�صيل ت�ستلزم
�سلوك م�سطرة المطالبة تحت طائلة عدم القبول دون تمييز بين حالة و�أخرى.
ب -التوجهات الق�ضائية بخ�صو�ص الآجال المترتبة عن تطبيق
المطالبة الإدارية :
يمكن القول في هذا ال�سياق �أنه بالرغم من و�ضوح مقت�ضيات المادة 243من
المدونة العامة لل�ضرائب بخ�صو�ص �آجال التقا�ضي على �إثر م�سطرة المطالبة
الإدارية ،فقد �سلك الق�ضاء وجهة مغايرة لمنحى الن�ص القانوني ،وذلك بفتحه
لآجال جديدة لم ين�ص عليها الم�شرع نخ�ص منها بالذكر:
-قبول الطعن ولو قدم قبل الأوان :
ا�ستقر الق�ضاء الإداري على �أن اللجوء على الطعن الق�ضائي قبل انق�ضاء �أجل
جواب الإدارة المحدد في � 6أ�شهر لي�س له �أي ت�أثير على قبول الدعوى ،ما دام �أنه
ب�إمكان الإدارة اتخاذ قرارها �أثناء �سريان الدعوى من جهة ،وما دام �أن الم�شرع لم
يرتب �أي جزاء على ذلك من جهة ثانية ولغياب ال�ضرر من جهة �أخيرة.
51
دفاتر المجلس األعلى
ولكن وخالفا لما �سار عليه العمل الق�ضائي ،نرى �أنه ال يجوز رفع المنازعة �أمام
الق�ضاء قبل انتهاء الأجل الممنوح للإدارة لكي تبث في م�ضمون التظلم الإداري،
الن من �ش�أن ذلك �أن ي�ساهم في �إرباك عمل الإدارة� ،إذ ت�صبح ملزمة باتخاذ قرارها
في �سياق الجواب على مقال الدعوى بالرغم من عدم توفر العنا�صر الكافية للبت
في المنازعة من جهة ،والن من �ش�أن معرفة النتيجة تمكين المحكمة من ح�صر
النزاع في المبلغ �أو الت�صحيحات المحتفظ بها وتحديد مجال الخالف في ذلك
الذي لم تتمكن الإدارة من ح�سمه.
-قبول الطعن المقدم خارج الأجل متى دخلت الإدارة في حوار مع الملزم
من �أجل البت في �شكايته :
لقد ذهب الق�ضاء �إلى القول ب�أن مطالبة �إدارة ال�ضرائب للم�شتكي بالإدالء
بالوثائق المثبتة ل�شكايته ،يفتح له �أجال جديدا الحت�ساب �أجل الطعن الق�ضائي،
وق�ضى في هذا ال�سياق بقبول المنازعة التي تقدم داخل الأجل القانوني انطالقا
من �أجل المطالبة بالوثائق وتبليغها للملزم.
�إن هذا الموقف الذي عبر عنه الق�ضاء في �إطار تكري�سه لبع�ض ال�ضمانات التي
ابتدعها لفائدة الملزم� ،إنما يتعار�ض �صراحة مع مقت�ضيات المادة 243من المدونة
العامة لل�ضرائب التي حددت �أجل الطعن في حالة عدم جواب الإدارة في ال�شهر
ال�سابع الذي يلي تاريخ تقديم المطالبة.
وفي ختام هذه الفقرة التي خ�ص�صناها لإبداء بع�ض المالحظات حول التعامل
الق�ضائي مع م�سطرة المطالبة الإدارية و�آثارها على المنازعة الجبائية الق�ضائية،
ن�ؤكد على �أهمية االجتهاد الق�ضائي في خلق التوازن المطلوب بين الحر�ص على
تكري�س ال�ضمانات القانونية للملزم الذي يقوم بواجباته والتزاماته ال�ضريبية ،وبين
الحر�ص على التطبيق ال�سليم للمقت�ضيات القانونية التي ترمي من بين ما ترمي
�إليه �إلى ا�ستقرار الأو�ضاع والمراكز القانونية لأطراف المنازعة الجبائية الإدارة
والملزم.
52
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
فالإدارة ال�ضريبية في �إطار القيام بوظيفتها تبقى ملزمة باحترام مبادئ التب�سيط
والم�ساواة التي يجب �أن تميز عالقتها مع الخا�ضع لل�ضريبة وفي نف�س الوقت
حري�صة على ت�أمين المداخيل الجبائية للدولة.
ويترتب عن المطالبة الإدارية جملة من المزايا �سواء بالن�سبة للملزم �أو الإدارة
�أو الق�ضاء كذلك ،يمكن الإ�شارة �إلى �أهمها في ما يلي:
-بالن�سبة للملزم :
ال تقت�صر مزايا المطالبة الإدارية على الملزم وحده بل ت�شمل الإدارة كذلك
بحيث ت�ضمن لها :
• الإلمام بجميع العنا�صر المفيدة في تحديد وعاء ال�ضريبة وفر�ضها
وت�صفيتها.
54
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�إن تفعيل المطالبة الإدارية ك�آلية لت�سوية النزاعات الجبائية لها انعكا�سات �إيجابية
كذلك على الق�ضاء :
• فمن جهة �أولى تقوم المطالبة الإدارية بدور « الم�صفاة « للطعون بحيث
ال ي�صل منها �إلى الق�ضاء �سوى تلك التي يكون فيها الخالف من�صبا على
م�سائل قانونية دقيقة ،مما ي�ساهم من تقليل المنازعات التي تحال على
الق�ضاء.
• ومن جهة �أخرى ت�ساهم المطالبة الإدارية في تحديد �إطار الخالف للقا�ضي
وح�صره في الجانب الذي لم تتمكن الإدارة من ح�سمه وتعطي �صورة
وا�ضحة للمحكمة عن جميع جوانب الخالف.
ون�شير في نهاية هذا المحور �إلى �أنه خالل �سنة 2009بلغ مجموع العمليات
الجبائية دون احت�ساب عمليات الت�سجيل والتمبر 4.719.964بما فيها االداءات
التلقائية ومختلف الإقرارات ال�ضريبية وعمليات المراقبة والر�سوم المحولة،......
في حين لم ت�ستقبل الإدارة بر�سم نف�س ال�سنة �سوى � 68.845شكاية تم البث فيها كليا،
وهو ما يمثل ن�سبة %1,45من مجموع العمليات ال�ضريبية ،بمعنى �أن درجة القبول
ال�ضريبي ت�صل �إلى % 98,55وهي ن�سبة مهمة جدا.
وفي نف�س الوقت بلغ عدد الملفات المحالة على الق�ضاء خالل ال�سنة المذكورة
2434وهو ما يمثل ن�سبة % 3,70من مجموع المنازعات الجبائية الإدارية ،بمعنى
55
دفاتر المجلس األعلى
�أن % 96,30من الم�شتكين اقتنعوا بموقف الإدارة وتقبلوا قرارها ،الأمر الذي
يو�ضح �أهمية المطالبة الإدارية ،وفعاليتها في ت�سوية النزاعات الجبائية.
rالمحور الثاني :المنازعة �أمام اللجان ال�ضريبية
�إلى جانب المطالبة الإدارية �أمام مدير ال�ضرائب ،ت�شكل المنازعة �أمام
اللجان ال�ضريبية المن�صو�ص عليها في كل المادتين 225و 226من المدونة العامة
لل�ضرائب ،و�سيلة ذات �أهمية ق�صوى في ت�سوية النزاعات الجبائية النا�شئة على
�إثر ت�صحيح ومراقبة الإدارة لإقرارات الملزم ،تقوم على �أ�سا�س الو�ساطة المتمثلة
في �إ�شراك �أطراف �أخرى في النزاع بين الإدارة والملزم بغر�ض �إيجاد الحلول
المالئمة لطبيعة النزاعات ال�ضريبية.
ونظرا لأهمية هذه الم�ؤ�س�سات ك�آليات بديلة لت�سوية النزاعات الجبائية ،فقد
�أحاطها الم�شرع بكل ال�ضمانات التي تجعل منها م�ؤ�س�سات م�ستقلة عن الإدارة،
كما وفر لها كل �أ�سباب الفعالية للقيام بعملها على الوجه الأكمل.
لذلك �سنحاول في هذا المحور �إبراز هذه الأهمية من خالل التركيز على
و�ساطة اللجان ال�ضريبية في النزاعات الجبائية ك�ضمانة �أ�سا�سية للملزم وعلى
العوامل التي ت�ضمن لها الفعالية في عملها ،مع �إبراز مظاهر التفاعل بينها وبين
الق�ضاء باعتباره �صاحب االخت�صا�ص العام في المنازعة الجبائية ،دونما التطرق
لم�س�ألة ت�شكيل اللجان ال�ضريبية �أو كيفية انعقادها� ،أو الإجراءات المتبعة �أمامها،
باعتبارها من الم�سائل البديهية والمعروفة لدى المتدخلين والفاعلين في المنازعة
ال�ضريبية.
�أوال -و�ساطة اللجان ال�ضريبة في ت�سوية المنازعات الجبائية:
تعتبر و�ساطة اللجان ال�ضريبية ،اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة واللجنة الوطنية
للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة� ،إحدى �أهم ال�ضمانات المخولة للملزم في
الت�شريع ال�ضريبي المغربي �أمام ال�سلطات واالمتيازات المخولة للإدارة ،في �إطار
قيامها بمراقبة وت�صحيح �إقرارات الملزمين.
56
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ولن يت�أتى تحقيق هذه الو�ساطة ك�ضمانة �أ�سا�سية من �ضمانات الملزم� ،إال بوجود
�آليات ت�سمح للملزمين بفر�ض احترام حقوقهم في مواجهة الإدارة بعد ا�ستكمال
مراحل الم�سطرة التواجهية دون ح�صول اتفاق بين طرفي المنازعة.
ويتحقق ذلك على وجه الخ�صو�ص في كون اللجان ال�ضريبية ت�شكل درجة
مهمة و�أ�سا�سية من درجات الحوار غير المبا�شر مع الإدارة ،ي�سمح للملزم بعر�ض
وجهة نظره في الت�صحيحات المعتمدة من قبل الإدارة ال�ضريبية ،ب�إ�شراك �أطراف
�أخرى تتوفر على خبرة كافية في مجال الأن�شطة المهنية التي ينتمي �إليها ن�شاط
الملزم ،وهو ما ي�شكل نوعا من الرقابة الخارجية على عمل الإدارة.
ولكي يجري هذا الحوار في جو من الحرية والنزاهة ،فقد حر�ص الم�شرع على
ت�أمين حياد وا�ستقاللية اللجان الإدارية ال�ضريبة وذلك من خالل �إ�سناد رئا�ستها �إلى
هيئة الق�ضاء باعتبارها هيئة م�ستقلة ،الأمر الذي يبعث الثقة واالطمئنان في نفو�س
الملزمين حتى اليح�سبوا �أنف�سهم في موقف �ضعف �أمام الإدارة ال�ضريبية التي ال
تتمتع ب�أي امتياز خا�ص �أمام اللجان ال�ضريبية.
ومن بين مظاهر الحياد واال�ستقاللية كذلك �إلحاق 30موظفا باللجنة الوطنية،
حيث يبقى المغزى الأ�سا�سي من هذا الإلحاق ا�ستقالل اللجنة الوطنية وعدم
تبعيتها للمديرية العامة لل�ضرائب التي ينتمي �إليها الموظفون الملحقون بجعلهم
في م�أمن عن ت�أثيرات الإدارة التي ينتمون �إليها.
ثانيا -مظاهر الفعالية في اللجان ال�ضريبية :
بالإ�ضافة �إلى مظاهر الحياد واال�ستقاللية التي تتمتع بها اللجان ال�ضريبية ،حر�ص
الم�شرع -بالرغم من بع�ض المالحظات التي يمكن ت�سجيلها في هذا ال�صدد-
على توفير �أ�سباب الفعالية في عملها لتمكينها من الم�ساهمة الفعالة في ت�سوية
النزاعات ال�ضريبية المعرو�ضة عليها ،ومن مظاهر الفعالية هذه ن�شير �إلى ما يلي :
57
دفاتر المجلس األعلى
على خالف المنازعة الق�ضائية ،تتميز المنازعة �أمام اللجان ال�ضريبية بتحديد
�أجل البت فيها من قبل الم�شرع في � 24شهر بالن�سبة للجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة
(المادة )225وفي � 12شهرا بالن�سبة للجنة الوطنية (المادة .)226
وي�سعى الم�شرع من خالل ذلك �إلى الإ�سراع في معالجة الملفات المعرو�ضة
على �أنظار اللجان ال�ضريبية وتفادي تراكمها �أو البطء في عملية البت فيها ،بالنظر
لخ�صو�صية المنازعة الجبائية التي ال تحتمل المزيد من الت�أخير لما قد يكون لذلك
من ت�أثيرات �سلبية على المراكز المالية لكل من الملزم والخزينة على حد �سواء.
ولهذا الغر�ض ولإعطاء المزيد من الديناميكية لعمل اللجان ال�ضريبة على
م�ستوى �سرعة البت في النزاعات المعرو�ضة عليها ،فقد تم رفع عدد اللجان
الفرعية الم�شكلة منها اللجنة الوطنية من 5لجان فرعية �إلى 7لجان فرعية وفي
نف�س الوقت �أ�صبحت مقررات اللجنة المحلية ال�صادرة في الق�ضايا المتعلقة
بال�ضريبة على الدخل بر�سم الأرباح العقارية وبواجبات الت�سجيل نهائية متى كان
مبلغها ي�ساوي �أو يقل عن خم�سين �ألف درهم ( )50.000طبقا للتعديل الذي طال
مقت�ضيات المادتين 225و 226من المدونة العامة لل�ضرائب بمقت�ضى �أحكام البند
Iمن المادة 7من قانون المالية ل�سنة .2010
ب� -إ�شراك فعاليات من قطاعات مهنية مختلفة واال�ستعانة بخبراء :
في �إطار فل�سفة جديدة للعالقات بين الإدارة والملزم تقوم على �أ�سا�س الحوار
االيجابي والو�ساطة في حل المنازعات النا�شئة بينهما� ،سعى الم�شرع ال�ضريبي في
ت�شكيل اللجان ال�ضريبية �إلى �إ�شراك فعاليات تنتمي �إلى قطاعات مهنية مختلفة ،تقوم
بتن�شيط الحوار بين طرفي المنازعة بغر�ض الو�صول �إلى الحلول المالئمة ،معتمدة
في ذلك على خبرتها ودرايتها في ميادين ال�ضرائب والمحا�سبة واالقت�صاد.....
58
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وف�ضال عن ذلك يمكن لكل من اللجنة المحلية �أو اللجنة الوطنية اال�ستعانة على
�سبيل اال�ستئنا�س بخبير �أو خبيرين فيما يخ�ص كل ق�ضية كلما ر�أت ذلك �ضروريا
ومفيدا لت�سوية المنازعة ،يتم تعيينهما من بين الموظفين �أو غير الموظفين.
�إن �إ�شراك مختلف هذه الفعاليات المنتمية �إلى قطاعات مهنية مختلفة في ت�شكيل
اللجان ال�ضريبية واال�ستعانة بخبراء في مداوالتها �إنما الغاية منه �إ�ضفاء الديناميكية
والفعالية ال�ضروريتين في عملها بغر�ض و�ضع حد للمنازعة النا�شئة بين الإدارة
والملزم حول تحديد الأ�سا�س الخا�ضع لل�ضريبة من خالل قيام هذه الفعاليات
المهنية والجماعية بتقريب وجهات النظر بين طرفي الخ�صومة م�ستغلة في ذلك
�سلطتها المعنوية الم�ستمدة من خبراتها الوا�سعة في مختلف المجاالت.
ج -االخت�صا�ص في الم�سائل الواقعية دون القانونية :
59
دفاتر المجلس األعلى
�إنه من بين �أهم مظاهر الفعالية في عمل اللجان ال�ضريبية وخ�صو�صا اللجنة
الوطنية ،كونها ت�ستلهم مبادئ العدالة المطبقة �أمام الق�ضاء ،ويتمثل ذلك في
وجود نظام الطعن على درجتين ،اللجنة المحلية كدرجة ابتدائية واللجنة الوطنية
كدرجة ا�ستئنافية ،وفي اعتمادها القواعد الإجرائية المتبعة في التحقيق من قبيل
التواجهية وعقد الجل�سات الكافية التخاذ مقرراتها التي يجب �أن تكون معللة
وم�سببة حتى تكت�سب القوة الثبوتية وحتى يت�سنى للق�ضاء معرفة مواطن العيب
والخلل في بنائها ،ف�ضال عن كونها تتبع نظام جماعي في �سير �أعمالها يقوم على
ت�شكيل مختلط ي�ضم ممثلي الإدارة وممثلي الملزم.
وعموما فقد �ساهمت اللجان ال�ضريبية من خالل و�ساطتها في ت�صفية العديد
من الق�ضايا والمنازعات وقطع الطريق على الكيدية منها مما خفف العبء على
الإدارة والق�ضاء معا.
غير �أن ذلك ال يمنع من �إثارة بع�ض النقائ�ص في عملها التي ينبغي الوقوف
عندها في �إطار الإ�صالحات المقبلة ،ومن ذلك على وجه الخ�صو�ص :
• م�س�ألة تحرير مقررات اللجان ال�ضريبية باللغة الفرن�سية التي تثير احتجاج بع�ض
الملزمين وخا�صة في الق�ضايا المتعلقة بالأرباح العقارية ور�سوم الت�سجيل،
وي�صبح هذا الأمر �أكثر تعقيدا عندما يتم الطعن في هذه المقررات �أمام
المحاكم حيث اللغة العربية هي لغة المرافعات والمداوالت والأحكام� ،إذ
يتطلب ذلك بذل مجهود م�ضاعف من قبل المتدخلين في المنازعة الق�ضائية
60
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
من ق�ضاة ومحامين وخبراء ومفت�شين ق�صد القيام بترجمة م�ضامين مقررات
اللجان دون الإخالل ببنائها.
• عدم ن�شر قرارات اللجنة الوطنية يخلق �أزمة توا�صل بين الباحثين وخبراء
المحا�سبة وجمهور الملزمين وبين الإدارة ال�ضريبية ،والعلة في نظر �أع�ضاء
اللجنة �ضعف الو�سائل المادية ،مما ي�ؤدي �إلى عدم ن�شر قراراتها لت�شكل
مرجعا لكل المهتمين.
• مزاولة الق�ضاة ر�ؤ�ساء اللجان ال�ضريبية لمهام مزدوجة ،مهام �أ�صلية داخل
المحاكم ومهام �إ�ضافية داخل اللجان.
ثالثا � -أوجه تعاطي الق�ضاء الإداري مع مقررات اللجان ال�ضريبية
�إذا كان الم�شرع ال�ضريبي قد �أقر مجموعة من ال�ضمانات في �إطار مراقبة ال�ضريبة
وت�صحيح وعائها ،غايته في ذلك حماية المراكز القانونية للملزمين وتمكينهم من
61
دفاتر المجلس األعلى
الدفاع عنها في �إطار م�سطرة تواجهية قد تف�ضي �إلى عر�ض النزاع على اللجان
ال�ضريبية ك�ضمانة �إ�ضافية لهم ،ف�إن الق�ضاء الإداري جاء ليكر�س هذه ال�ضمانات
على �أر�ض الواقع انطالقا من تطبيق المقت�ضيات القانونية وتف�سيرها ب�شكل �سليم
ي�ضمن تحقيق التوازن بين الحفاظ على المال العام من جهة وحماية حقوق
الملزمين من جهة �أخرى.
-حر�ص الق�ضاء على التطبيق ال�سليم للقانون :
فالقا�ضي الإداري وفي �سياق ممار�سة رقابته على مقررات اللجان ال�ضريبية
قد ي�صادف العديد من الحاالت التي يحاول فيها �أطراف المنازعة تطويع الن�ص
الجبائي بما يخدم مطالباتهم ،وهو الأمر الذي ي�ستدعي من القا�ضي الحر�ص على
تطبيق المقت�ضيات القانونية تطبيقا �سليما متى كان الن�ص وا�ضحا� ،أو �إعمال قواعد
التف�سير بما يتنا�سب وخ�صو�صية المادة ال�ضريبية لإظهار مدلول الن�ص ال�ضريبي.
وبالرجوع �إلى القرارات والأحكام ال�صادرة عن المحاكم الإدارية بالمغرب،
يت�ضح �أن القا�ضي الإداري لم يتردد في الحر�ص على تطبيق الن�ص القانوني متى
كان وا�ضحا ومن ذلك على �سبيل المثال :
• قرار الغرفة الإدارية رقم 420بتاريخ 2003/6/26الذي ق�ضى ب�أن �أجل الطعن
في ال�ضرائب المفرو�ضة على �إثر مقرر اللجنة الوطنية محدد ح�صرا في 60يوما من
تاريخ و�ضع الأمر بالتح�صيل �أو تبليغ المقرر ،وتقديم تظلم جديد بهذا ال�ش�أن ال
يفتح �أجال جديدا للطعن.
• الحكم رقم 1201ال�صادر عن �إدارية البي�ضاء بتاريخ 2009/6/17في الملف
07/807بمنا�سبة الطعن في �إ�صدار الأمر بالتح�صيل في �إطار الم�سطرة
ال�سريعة قبل ا�ستنفاد م�سطرة اللجان ال�ضريبية ،والذي جاء فيه� ،أنه ي�ستفاد
من المقت�ضيات الم�شار �إليها �أعاله �أن الم�شرع خول الإدارة الحق في �إ�صدار الأمر
بالتح�صيل تبعا للتقديرات المحددة في الر�سالة الثانية مما يكون معه الدفع بعدم
م�شروعية الأمر بالتح�صيل عديم الأ�سا�س.
62
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
و�إذ ال يت�سع المجال هنا لعر�ض العديد من القرارات والأحكام التي تك�شف عن
مدى حر�ص القا�ضي الإداري على التطبيق ال�سليم للمقت�ضيات القانونية ،نكتفي
بالإحالة على الأحكام الكثيرة التي تكر�س هذا الحر�ص على التطبيق ال�سليم للقانون
خالل المنازعة الق�ضائية بمنا�سبة الطعن في مقررات اللجنة الوطنية بالخ�صو�ص،
�سواء فيما يتعلق بالم�سطرة التواجهية (الإ�شعار بالفح�ص -م�سطرة الت�صحيح) �أو
ما يتعلق بم�سطرة المثول �أمام اللجان وم�سطرة اتخاذ مقرراتها.
-عدم التو�سع في �إعمال البطالن :
�إن القا�ضي الإداري ،حر�صا منه على تطبيق القاعدة القانونية تطبيقا �سليما متى
كانت وا�ضحة ،ق�ضى بعدم التو�سع في �إعمال الجزاء المتمثل في بطالن مقررات
اللجان ال�ضريبية باعتبار �أن حاالت البطالن جاءت في المادة 220من المدونة
العامة لل�ضرائب على �سبيل الح�صر :
• حالة عدم توجيه الإ�شعار بالتحقيق داخل الأجل
• حالة عدم تبليغ جواب المفت�ش على مالحظات الخا�ضع لل�ضريبة داخل
الأجل
ومن بين �أبرز المواقف ال�صادرة عن الق�ضاء بخ�صو�ص عدم التو�سع في �إعمال
جزاء البطالن كون عدم تبليغ مقرر اللجنة الوطنية �إلى الملزم داخل �أجل � 6أ�شهر
الموالية ل�صدوره ،ال يف�ضي �إلى بطالن هذا المقرر بعلة �أن الم�شرع لم يرتب �أي
جزاء على ذلك.
� -إقرار مبد�أ توزيع عبء الإثبات :
�إن المبد�أ العام في الإثبات كما هو معروف �أن البينة على المدعي ،وهو ما
�أقرته المادة 399من قانون االلتزامات والعقود� ،إال �أن الأخذ بهذا المبد�أ على
�إطالقه ال ي�ستقيم مع خ�صو�صية المنازعة ال�ضريبية وكذا مع الطابع الح�ضوري
لم�سطرة التحقيق فيها ،لذلك لم ينظم الم�شرع م�س�ألة الإثبات في المادة ال�ضريبية
في تنظيم خا�ص ،حتى يترك للقا�ضي هام�شا من الحرية في هذه الم�س�ألة
63
دفاتر المجلس األعلى
لذلك فقد ارت�أى الق�ضاء الإداري المغربي عدم التطبيق ال�صارم لقاعدة �إلقاء
عبء الإثبات على المدعي ،بل عمد �إقرار مبد�أ توزيع عبء الإثبات بين الإدارة
ال�ضريبية والملزم تبعا لطبيعة وجدية الدفوع الم�صرح بها ونوعية و�سائل الإثبات
المدلى بها ،علما �أن و�سائل الإثبات المتاحة في النزاعات العادية لي�ست متاحة
للملزم في النزاع ال�ضريبي (كاليمين و�شهادة ال�شهود مثال).
وفي هذا الإطار وكمثال لتوزيع عبء الإثبات،اعتبر الق�ضاء الإداري �أن
الإدارة هي الملزمة بعبء �إثبات �أنها التزمت بال�ضوابط المتعلقة بم�سطرة التحقيق
وخا�صة ما يتعلق باحترام �أجل 15يوما الفا�صلة بين تبليغ الإ�شعار بالفح�ص وبداية
الأ�شغال.
وبالمقابل جعل الق�ضاء عبء الإثبات على عاتق الملزم متى دفع بتخلف
الإدارة عن تقديم الملف �إلى اللجنة الوطنية داخل الأجل المقرر لذلك قانونا.
وقد اعتبر الق�ضاء الإداري كقاعدة عامة في مجال توزيع عبء الإثبات �أن
الأ�صل هو تحقق ما ذكر وداخل الآجال المقررة قانونا و�أن على من يدعي خالف
ذلك �إثباته (قرار الغرفة الإدارية عدد 204الم�ؤرخ في .)2008/3/5
وهكذا ومن خالل ما �سبق يمكن القول �أن القا�ضي الإداري لم يعمل فقط
على مراقبة التطبيق ال�سليم للقانون وتكري�س ال�ضمانات المخولة بمقت�ضاه لكل
من الملزم والإدارة بل �ساهم بالإ�ضافة �إلى ذلك تطوير الن�صو�ص القانونية بتف�سير
غمو�ضها وملء فراغها ،وبذلك فهو ي�شكل با�ستمرار م�صدرا رئي�سيا للت�شريع
الجبائي في بالدنا.
ب -بع�ض مظاهر عدم ت�صدي الق�ضاء لمقررات اللجان ال�ضريبية :
�إذا كان القا�ضي الإداري قد لعب دورا �إيجابيا في ممار�سة الرقابة على مقررات
اللجان ال�ضريبة فيما يخ�ص الحر�ص على احترام التطبيق ال�سليم للقانون ومراقبة
مدى احترام الإجراءات القانونية للمثول �أمام اللجان ال�ضريبية وانعقادها ،ف�إنه
64
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�إن القول ب�أن المنازعة الجبائية هي منازعة على مراحل ينطوي على عن�صر
اال�ستمرارية والتوا�صل بين مراحل وحلقات هذه المنازعة وهو ما ي�ستوجب في
نظرنا عدم تجاهل �أهمية مرحلة الطعن �أمام اللجان ال�ضريبية كمحطة �أ�سا�سية في
النزاع ،ا�ستغرقت وقتا وجهدا مهمين في �إعادة تحديد �أ�سا�س ال�ضريبة من خالل
مجموعة معقدة من العمليات الجبائية والمحا�سبية والح�سابية قبل �أن ت�صل �إلى
اتخاذ مقررها.
ومما ال �شك فيه �أن الممار�سة الق�ضائية في هذا الباب ا�ستقرت على اعتبار
النتيجة التي تو�صلت �إليها مرحلة الطعن �أمام اللجان غير جديرة باالعتبار ،و�أن
الطعن �أمام الق�ضاء ين�شر الملف من جديد ويعيد المنازعة �إلى نقطة البداية.
ومن �ش�أن التجاوز الكلي لمرحلة الطعن �أمام اللجان ال�ضريبية �أن تترتب عنه
بع�ض النتائج غير ال�سليمة والمتمثلة في عدم مراعاة :
• �أن الملزم �أو الإدارة ال يمكنهما الطعن في ت�صحيح لم يطعنا فيه في
المراحل ال�سابقة
• �أن الملزم �أو الإدارة ال يمكنهما الطعن في ت�صحيح �سبق �أن وافقا عليه
وفي هذا ال�صدد ال يفوتنا �أن ن�شيد ببع�ض التوجهات الق�ضائية اال�ستثنائية التي
ال تتجاهل مرحلة الطعن خالل اللجان ال�ضريبية وتجعل منها ا�ستمرارية للمرحلة
الق�ضائية ،وعلى �سبيل المثال الحكم عدد 56ال�صادر عن �إدارية البي�ضاء بتاريخ
2004/2/11في الملف الإداري عدد 3/309غ الذي جاء فيه :
65
دفاتر المجلس األعلى
«وحيث بالن�سبة لباقي الو�سائل ،ف�إن نظر المحكمة ينح�صر في الدفوع المثارة �أمام
اللجنة الوطنية دون غيرها من الو�سائل التي �أثيرت �أول مرة من خالل المرحلة الق�ضائية،
مما تكون معه هذه الدفوع غير جديرة بالرد عليها.»....
-عدم الت�صدي للو�سائل المثارة خالل مرحلة اللجان :
لقد �ألزم الم�شرع اللجان ال�ضريبية بتعليل قراراتها حتى تك�سبها القوة الثبوتية
الالزمة وحتى يت�سنى للق�ضاء معرفة وتبيان مواطن القوة ومواطن الخلل والعيب
في بنائها ،وبالتالي يبقى من ال�ضروري �أن يعمل القا�ضي الإداري على ا�ستثمار
ذلك المجهود الذي بدله �أع�ضاء اللجان التي ير�أ�سها ق�ضاة وتتكون من متخ�ص�صين
وخبراء في ال�ضرائب والمحا�سبة واالقت�صاد من خالل الت�صدي لمختلف الو�سائل
والدفوعات المثارة خالل مرحلة اللجان والمتعلقة بجوهر الت�صحيحات التي
اعتمدها هذه اللجان �أو تخلت عنها.
ون�شير في هذا الباب �إلى �أنه �إذا كان الف�صل في النزاع ال�ضريبي ي�ستلزم الح�سم
في تقنيات بالغة التعقيد وفي مفاهيم ذات محتوى تقني دقيق تفر�ض بال�ضرورة
اللجوء �إلى الخبير ،لإبداء ر�أيه في هذا الجانب الفني ،ف�إن دور القا�ضي ال ينبغي
�أن يقت�صر في مراقبة الجانب ال�شكلي للخبرة بل �إن رقابة القا�ضي ينبغي �أن تكون
�شاملة لمختلف عنا�صر وم�ضامين الخبرة من حيث واقعيتها وفنيتها ودرجة ثبوتها،
حتى يكون موقفه وق�ضاءه معلال تعليال �سليما (الخبرة مو�ضوع مداخلة �أخرى في
هذه الندوة).
كانت هذه بع�ض المالحظات حول بع�ض مظاهر عدم تفاعل القا�ضي الإداري
مع مرحلة الطعن �أمام اللجان ،لي�س الهدف منها تقييم الأحكام الق�ضائية ،ولكن
الهدف منها عر�ض هذه المالحظات للمناق�شة من قبل المتدخلين والمهتمين
للو�صول �إلى بع�ض الخال�صات المفيدة في تطوير عمل الإدارة واللجان والق�ضاء
في مجال المنازعة ال�ضريبية.
66
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
خاتمـة :
67
دفاتر المجلس األعلى
68
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�إن �أ�سا�س الرقابة على �أعمال الإدارة هو �إخ�ضاع هذه الأعمال للقانون وهو ما
يعبر عنه ا�صطالحا بمبد�أ الم�شروعية �أي �سيادة حكم القانون .وطرق هذه الرقابة
في المجال الإداري نوعان :رقابة �إدارية ورقابة ق�ضائية( .)1والذي يعنينا هنا في
هذه المداخلة هو الرقابة الثانية والمبا�شرة من طرف الق�ضاء الإداري بالذات،
والعمل الإداري الذي يهمنا هو العمل ال�ضريبي �إن على م�ستوى الت�أ�سي�س �أو
على م�ستوى التح�صيل .والرقابة الق�ضائية على هذا العمل لي�ست رقابة ذاتية ،وال
رئا�سية ،وال تلقائية ،بل تبا�شر من طرف م�ؤ�س�سات ق�ضائية م�ستقلة محددة قانونا
تنظيما واخت�صا�صا ،وتبت بمنا�سبة رفع المنازعة �إليها ،وتعتبر من �أنجع و�سائل
المراقبة باعتبار الق�ضاء ال�سلطة المخت�صة في مراجعة ن�شاط الإدارة ال�ضريبية،
ومراقبة مدى مالءمة الإجراءات المتبعة في ن�ش�أة الإلزام ال�ضريبي ،للمبادئ العامة
للقانون(� ،)2أي �إحقاق الحق .وتكون مهمة القا�ضي �أي�سر كلما طابق القانون الحق
�أو قاربه ،وتكون �أ�صعب كلما ابتعد القانون عن الحق لأنه (�أي القا�ضي) ملزم
بتطبيق القانون ،والبت في المنازعة و�إال اعتبر منكرا للعدالة .ف�أمام مقت�ضيات
قانونية ثبتت مخالفتها للمبادئ العامة للقانون �أو �أ�ضحت بعيدة عن الحق يجتهد
القا�ضي متخذا في ذلك م�سالك متعددة ،للتخفيف من �آثار المقت�ضيات المعيبة
(من منظور الحق) �سعيا للتقرب �أكثر �إلى الحق م�ستغال كل غمو�ض �أو �إبهام �أو
( ) 1مليكة ال�صروخ :القانون االداري درا�سة مقارنة ،الطبعة الثانية � ،1992ص .372
( )2عبد الغني خالد :الم�سطرة في القانون ال�ضريبي المغربي� ،ص .355
69
دفاتر المجلس األعلى
ثغرة� ،أي ي�ضحى م�شرعا بقدر ما ي�سمح به فراغ الن�ص �أو غمو�ضه( )3دون الإخالل
بالتوازن الالزم بين �ضمان حقوق الملزم ،وحقوق الخزينة العامة .ولهذا،
وخالفا لما يذهب �إليه البع�ض( )4فللق�ضاء الإداري في المغرب دور حا�سم في
مجال المادة ال�ضريبية على الرغم من �أنها مطبوعة بالتقنين ،وهذا الدور ي�شمل كل
المنازعات �سواء ان�صبت على ال�شكل والإجراءات �أو الجوهر .والدليل ارتفاع
وثيرة الدعاوى ال�ضريبية المعرو�ضة على المحاكم الإدارية .ومعلوم �أن مقا�ضاة
المواطنين للإدارة ال�ضريبية ظاهرة �صحية تجعل من الق�ضاء الإداري �شريكا فعليا
في �صناعة القرار ال�ضريبي( .)5ولما لهذا من انعكا�س ايجابي على الملزم يتجلى
في تدعيم الثقة في الم�ؤ�س�سات ،كما �أن للعمل الق�ضائي دور هام وباعث على
تح�سين �صياغة القوانين ال�ضريبية ،وخير م�ؤ�شر على ذلك هذه الندوة الوطنية في
المادة ال�ضريبية ،وكذا التحيين التدريجي للن�صو�ص ال�ضريبية والذي انتهى �إلى
�صدور مدونة عامة لل�ضرائب �سنة ،)6(2007ومدونة تح�صيل الديون العمومية
�سنة )7(2000بالإ�ضافة �إلى �أن التعديالت ال�سنوية في قوانين المالية ت�ستح�ضر دائما
االجتهاد الق�ضائي ،وتجدر الإ�شارة هنا �إلى م�س�ألة �أ�سا�سية وهي قراءة وتطبيق
القانون من طرف كل من القا�ضي والمفت�ش ال�ضريبي والمحا�سب العمومي .ف�إذا
كان الثالثة ينطلقون في قراءتهم و�أحيانا في تف�سيرهم للمقت�ضيات ال�ضريبية من
منطلق واحد وهو القانون ف�إن الهاج�س �أو البعد الذي ي�سيطر على كل واحد منهم
ادري�س ال�ضحاك :الكلمة االفتتاحية� ،أ�شغال اليومين الدرا�سيين 28و 29مار�س - 2005العمل الق�ضائي () 3
والمنازعة ال�ضريبية ،دفاتر المجل�س الأعلى ،عدد .2005/8
عبد الرحمان بليال :خ�صو�صيات العمل الق�ضائي في المنازعات الجبائية بالمغرب ،المجلة المغربية لالدارة () 4
المحلية والتنمية ،ملف موا�ضيع ال�ساعة.
نور الدين بن �سودا :الكلمة االفتتاحية� ،أ�شغال اليومين الدرا�سيين 28و 29مار�س ،2005العمل الق�ضائي () 5
والمنازعة ال�ضريبية ،دفاتر المجل�س الأعلى ،عدد .2005/8
المحدثة بموجب المادة خم�سة من قانون المالية رقم 06.43لل�سنة المالية 2007ال�صادر بتنفيذه الظهير ال�شريف ( )6
رقم 1.06.232بتاريخ 10ذي الحجة 31( 1427دجنبر .)2006
ظهير �شريف رقم � 1.00.175صادر في 28محرم 3( 1421ماي )2000بتنفيذ القانون رقم 15.97بمثابة مدونة ( )7
تح�صيل الديون العمومية.
70
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
بحكم طبيعة وظيفته يختلف من واحد لآخر .فالقا�ضي انطالقته القانون وبعده
�إحقاق الحق وتحقيق العدالة.
والمفت�ش ال�ضريبي (�إدارة ال�ضرائب) ينطلق من القانون � -أي نعم � -إ�ضافة
للدوريات (الفقه ال�ضريبي) لكن هاج�سه وبعده مالي وهذا حق م�شروع فهو
يدافع عن حقوق الخزينة ،وحقوق الخزينة وحدها ال غير ،وي�س�أل ويقيم عمله
من طرف �إدارته بح�سب الرقم المالي الذي �أفرزه تحقيقه .والمحا�سب العمومي
(الخزينة العامة) ينطلق كذلك من ن�صو�ص قانونية (مدونة التح�صيل مثال)
ومن الدوريات والمنا�شير الداخلية ،لكن هاج�سه وبعده محا�سبي ،فهو يراقب
ويحا�سب من طرف ال�سلطة الرئا�سية ،لكن لي�س على مدى �ضمان حقوق المدينين
بل بقدر ما ا�ستخل�صه من ديون �ضريبية ور�سوم في حكمها بغ�ض النظر عن احترامه
لإجراءات اال�ستخال�ص �أو تقادم الدين.
بعد هذه المقدمة الالزمة لتو�ضيح معالم هذه المداخلة ،وما دام �إطارها
محدد في عنوانها وهو حاالت للدرا�سة� ،أتناول �صور هذه الرقابة الق�ضائية في
بع�ض الحاالت على �سبيل المثال ال الح�صر (فقرة ثانية) ،لكن البد في فقرة �أولى
من الإ�شارة �إلى الم�ؤ�س�سات الق�ضائية المعنية بالمنازعات ال�ضريبية (�أ) ثم �سرد
لأهم القواعد والمبادئ التي تحكم لزاما المادة ال�ضريبيـة (ب).
الفقرة الأولى �أ -م�ؤ�س�سات الق�ضاء الإداري :
()8
منذ مار�س � 1994شرعت المحاكم الإدارية المحدثة بموجب قانون 41.90
في عملها ب�صفتها الجهة الق�ضائية المخت�صة والمتخ�ص�صة بالنظر في المنازعات
الإدارية ومنها المنازعة ال�ضريبية في مواكبة للتحوالت الكبرى التي عرفها المغرب
في مجال تر�سيخ دولة الحق والقانون(.)9
( )8ظهير �شريف رقم � 1.91.225صادر في 22من ربيع الأول � 10( 1414سبتمبر .)1993
( )9كلمة وزير العدل في �أ�شغال اليوم الدرا�سي الذي نظمته المدر�سة الوطنية لالدارة العمومية حول مو�ضوع «تطور
الق�ضاء الإداري بالمغرب» في �ضوء �إحداث محاكم ا�ستئناف �إدارية يوم 22نونبر .2006
71
دفاتر المجلس األعلى
وفي �شهر �شتنبر ،)10(2007وفي ا�ستمرارية لدعم بناء دولة الحق والقانون،
�شرعت محاكم اال�ستئناف الإدارية في عملها و�أ�ضحت بالتالي الغرفة الإدارية
بالمجل�س الأعلى تقوم بدورها الأ�صيل كمحكمة قانون بعد �أن كانت ولمدة � 13سنة
تنظر كمحكمة مو�ضوع في ا�ستئناف الأحكام ال�صادرة عن المحاكم الإدارية.
الفقرة الأولى ب -مبادئ وقواعد تحكم المادة ال�ضريبية :
هذه �أهم القواعد المنظمة للمادة ال�ضريبية ،م�صدرها القانون �أو االجتهاد
الق�ضائي ن�سردها دون �شرح �أو تف�صيل الن المجال ال ي�سمح بذلك :
-قاعدة �شرعية ال�ضريبة ،ال �ضريبية وال ر�سم �إال بمقت�ضى القانون.
-ال �إعفاء وال �إ�سقاط �ضريبي �إال بمقت�ضى القانون.
-التف�سير ال�ضيق للقانون ال�ضريبي.
-ال�شك في مدى الن�ص وحدوده يف�سر ل�صالح الملزم.
-عدم جواز اللجوء �إلى القيا�س ،الن ا�ستعمال اال�ستنتاج والقيا�س يتناق�ض
مع مبد�أ د�ستورية ال�ضريبية.
-الق�ضاء ال�ضريبي م�صدر من الم�صادر التف�سيرية للقاعدة الجبائية.
-القانون ال�ضريبي كالقانون الجنائي ا�ستثناء وقيد على حرية الفرد في العمل
والتملك.
-قاعدة تطبيق القانون ال�ضريبي من حيث الزمان ،عدم رجعية القانون.
الفقرة الثانية � -صور للرقابة الق�ضائية (حاالت للدرا�سة) :
الحالة الأولى � -إ�شكالية تعذر الت�سليم �إلى الخا�ضع لل�ضريبة و�صحة التبليغ
على �ضوء المادة 219من المدونة العامة لل�ضرائب :
من �أهم ال�ضمانات المقررة قانونا لفائدة الخا�ضع لل�ضريبة �إعالمه بالدين
( ) 10ظهير �شريف رقم � 1.06.07صادر في 15من محرم 14( 1427فبراير )2006بتنفيذ القانون رقم 80-03
المحدثة بموجبه محاكم ا�ستئناف �إدارية.
72
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ال�ضريبي �سواء في مرحلة الت�أ�سي�س �أو التح�صيل ،فال يقبل ت�أ�سي�س الدين ال�ضريبي
في غفلة من الملزم به ،وقد كان القانون المالي بمقت�ضى المادة )11(5منه يعطي
�ضمانات كبيرة للملزم في هذا المجال� ،ضمانات �أكدها الق�ضاء على م�ستوى
المجل�س الأعلى ،وتراجع عن �أهمها كتاب الم�ساطر الجبائية قانون المالية ل�سنة
2005في المادة 10منه.
فالرقابة هنا رقابة على الو�سائل والإجراءات في فر�ض ال�ضريبة �أو تح�صيلها،
و�إبطال الدين ال�ضريبي لهذه العلة ي�ؤدي �إلى �إ�سقاط الدين ال�ضريبي �ضمانا
ال�ستقرار المعامالت ما لم يكن الأجل ال زال مفتوحا �أمام الإدارة لإعادة التبليغ
وفقا لما يقت�ضيه القانون.
ويهمنا هنا ما ورد بالمادة 219من مدونة ال�ضرائب ل�سنة 2007الفقرة الأخيرة
التي تن�ص على �أنه «�إذا تعذر ت�سليم الوثيقة �إلى الخا�ضع لل�ضريبة بالعنوان المدلى
به �إلى مفت�ش ال�ضرائب عندما يتم توجيه الوثيقة في ر�سالة م�ضمونة الو�صول مع
�إ�شعار بالت�سلم �أو بوا�سطة �أعوان كتابة ال�ضبط �أو المفو�ضين الق�ضائيين �أو بالطريقة
الإدارية وتم �إرجاع الوثيقة مذيلة ببيان غير مطالب به �أو انتقل من العنوان �أو
عنوان غير معروف �أو غير تام �أو �أماكن مغلقة �أو خا�ضع لل�ضريبة غير معروف
بالعنوان ،في هذه الحاالت يعتبر الظرف م�سلما بعد ان�صرام �أجل الع�شرة �أيام
الموالية لتاريخ �إثبات تعذر ت�سليم الظرف المذكور».
وانطالقا من المقت�ضيات القانونية المذكورة �أعاله ف�إن التبليغ يعتبر �صحيحا
في بع�ض الحاالت ،يعني حاالت محددة ح�صرا وال يجوز القيا�س عليها �أو �إ�ضافة
حاالت �أخرى غير الحاالت المن�صو�ص عليها ح�صرا .وقد �أكد الق�ضاء �أن اعتماد
الإدارة في �صحة التبليغ بيانا غير البيانات الواردة ح�صرا في المادة .»219يعتبر
مخالفا للقانون ويجعل التبليغ غير �صحيح ويعر�ض الإجراءات التي بني عليها
73
دفاتر المجلس األعلى
الفر�ض للإبطال»(.)12
الحالة الثانية -حجية الجداول ال�ضريبية �أمام ال�سلطة الق�ضائية :
�أرى من المفيد �سرد وقائع ق�ضية عر�ضت على الق�ضاء ثم التعليق في �شكل
قراءة للن�صو�ص المطبقة على النازلة.
خ�ضعت �شركة خا�صة لم�سطرة معالجة �صعوبات المقاولة فقام القاب�ض (الخزينة
العامة) بالت�صريح بمقت�ضيات �ضريبية تجاه هذه المقاولة �أمام القا�ضي المنتدب،
فنازع رئي�س المقاولة في الدين ال�ضريبي نافيا المديونية ،ف�أ�صدر القا�ضي المنتدب
�أمرا بعدم االخت�صا�ص في تحقيق الدين بعلة �أن المنازعة في �صحة قيام الدين
العام تخت�ص المحكمة الإدارية بنظره طبقا لأحكام المادة 8من القانون المحدث
للمحاكم الإدارية.
فتقدم الخازن العام للمملكة بمقال �أمام المحكمة الإدارية باكادير في مواجهة
المقاولة المدينة والمدير العام لل�ضرائب وال�سنديك ملتم�سا اال�شهاد بثبوت
مديونيته تجاه المقاولة المدعى عليها .ف�أ�صدرت المحكمة الإدارية ب�أكادير حكما
بعدم االخت�صا�ص النوعي ا�ست�أنفه قاب�ض قبا�ضة �آيت ملول و�صدر ب�ش�أنه قرار
عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى تحت رقم 350وتاريخ 2008-4-30ملف
�إداري (الق�سم الأول) عدد 2008/1/4/306ق�ضى ب�إلغاء حكم المحكمة الإدارية
ب�أكادير والت�صريح باخت�صا�ص هذه الأخيرة للبت في الطلب وب�إرجاع الملف �إليها
لموا�صلة النظر فيه معلال قراره بما يلي « :حيث �إن الخازن العام عندما رفع الأمر
�إلى المحكمة الإدارية امتثاال لمقت�ضيات الفقرة الأخيرة من المادة 697من مدونة
التجارة وخ�شية �سقوط الحق ،وطلب منها الإ�شهاد بثبوت دائنيته ،ف�إن ذلك ال
يعني نقل اخت�صا�ص القا�ضي المنتدب �إلى المحكمة الإدارية ،ولكن ح�سبه �أنه رفع
�أمامها المنازعة في الدين باعتباره دينا �ضريبيا يدخل في اخت�صا�صها طبقا للمادة 8
( ) 12الحكم عدد 2009/363 :ال�صادر عن المحكمة الإدارية ب�أكادير في الملف عدد � 2007/721ش والحكم
عدد 2010/792 :ال�صادر عن نف�س المحكمة في الملف عدد � 2009/638ش.
74
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
من القانون رقم ،41.90وطلب منها تكليف الملزم بعر�ض موجبات طعنه و�أوجه
منازعته ،وال يمنع المحكمة الإدارية من الق�ضاء في المنازعة قبوال �أو رف�ضا»� .أن
ترفع في مثل نازلة الحال -وخروجا عن الأ�صل -من طرف الإدارة بدل الملزم
المنازع تطبيقا لن�ص خا�ص (المادة 697الم�شار �إليهـا.)...
ولأن المحكمة الإدارية ب�أكادير ملزمة بالبت والئيا بمقت�ضى قرار الإحالة �أعاله،
فقد بتت في الدعوى بعد التحقيق فيها وق�ضت برف�ض الطلب .وجاء ب�أعلى حكمها
القاعدة التالية ( :تذيل الجداول ال�ضريبية بمجرد �إ�صدارها بال�صيغة التنفيذية من
طرف وزير المالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض له في ذلك وتكون قابلة للتنفيذ بقوة
القانون ..نعم.
-طلب الخازن العام الرامي �إلى الحكم ب�إثبات وح�صر الدين ال�ضريبي في
مبلغ معين في ذمة المقاولة المدعى عليها … -طلب غير م�ؤ�س�س قانونا … -
رف�ضه ...نعم) (تم �سحب الن�سخ التبليغية من الحكم المذكور ولم ي�ستـ�أنف).
-قراءة في المقت�ضيات القانونية المطبقة على المنازعة :
75
دفاتر المجلس األعلى
وال يوجد �أي ن�ص في قانون الت�أ�سي�س وال في قانون التح�صيل يورد �صراحة �أو
�ضمنيا هذه الحالة بجعل الخازن يطلب اال�شهاد ب�صحة دين �ضريبي �أمام المحكمة
الإدارية ال�سيما و�أنه بمقت�ضى المادة 8من مدونة تح�صيل الديون العمومية ف�إنه
«تذيل جداول ال�ضرائب وقوائم الإيرادات و�أوامر المداخيل التي ي�صدرها
قبا�ض الت�سجيل عن الر�سم الق�ضائي وتلك المتعلقة بعائدات �أمالك الدولة بمجرد
�إ�صدارها ب�صيغة التنفيذ من طرف الوزير المكلف بالمالية �أو ال�شخ�ص الذي
يفو�ضه لذلك».
وحيث �أنه بمقت�ضى المادة 695من مدونة التجارة ف�إن «القا�ضي المنتدب يقرر
بناء على اقتراحات ال�سنديك قبول الدين �أو رف�ضه �أو يعين �إما وجود دعوى جارية
�أو �أن المنازعة ال تدخل في اخت�صا�صه».
وحيث �أنه بمقت�ضى المادة 697من مدونة التجارة ف�إنه �« :إذا كان المو�ضوع
من اخت�صا�ص المحكمة التي فتحت الم�سطرة ف�إن الطعن �ضد �أوامر القا�ضي
المنتدب يعر�ض على �أنظار محكمة اال�ستئتاف ،ويخول الطعن للدائن والمدين
وال�سنديك داخل �أجل خم�سة ع�شر يوما من تاريخ الإ�شعار بالن�سبة للدائن والمدين
ومن تاريخ المقرر بالن�سبة لل�سنديك .غير �أنه ال يمكن للدائن الذي وقع نزاع في
دينه كال �أو بع�ضا والذي لم يرد على ال�سنديك داخل الأجل القانوني� ،أن يطعن
في �أمر القا�ضي المنتدب الم�ؤيد القتراح ال�سنديك .حينما يكون المو�ضوع من
اخت�صا�ص محكمة �أخرى ،ي�ؤدي تبليغ المقرر القا�ضي بعدم االخت�صا�ص ال�صادر
عن القا�ضي المنتدب �إلى �سريان �أجل مدة �شهران يجب خاللهما على المدعي �أن
يرفع الدعوى �إلى المحكمة المخت�صة تحت طائلة ال�سقوط».
وحيث �أنه اعتبارا للمقت�ضيات القانونية �أعاله ف�إن تذييل الجداول ال�ضريبية
بمجرد �إ�صدراها بال�صيغة التنفيذية من طرف وزير المالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض له
يجعلها قابلة للتنفيذ بقوة القانون ،و�أن طلب القاب�ض في الحالة مو�ضوع المناق�شة
المقدم �إلى القا�ضي المنتدب بالمحكمة التجارية والرامي �إلى �إثبات وح�صر
76
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الدين ال�ضريبي في ذمة المقاولة مو�ضوع م�سطرة معالجة �صعوبات المقاولة طلب
قانوني رفع �إلى من يملك والية البت فيه وعليه ح�صره و�إثباته وعلى من ينازع
فيها �شركة �أو �سنديكا �أن يرفع المنازعة في �صحة الدين المذكور �إلى المحكمة
المخت�صة وهي المحكمة الإدارية.
الحالة الثالثة -حالة عدم ذكر �أ�سباب الت�صحيح المادة 224من مدونة
ال�ضرائب :
تن�ص مقت�ضيات المادة 224من م�.ض على �أنه «�إذا الحظ مفت�ش ال�ضرائب،
فيما يتعلق بالأرباح العقارية بعد االطالع على القرار الخا�ضع لل�ضريبة لمن�صو�ص
عليه في المادة ،83ما ي�ستوجب القيام ببع�ض الت�صحيحات �أو تقدير ثمن التملك
�أو نفقات اال�ستثمار الغير المبررة �أو هما معها �أو القيمة التجارية للأمالك المبيعة،
وجب عليه �أن يبلغ �إلى الخا�ضع لل�ضريبة ،وفقا للإجراءات المن�صو�ص عليها
في المادة ،219الأ�سا�س الجديد الم�صحح وكذا �أ�سباب ومبلغ الت�صحيحات
المزمع القيام بها داخل �أجل ال يتجاوز ت�سعين يوما الموالية لتاريخ �إيداع الإقرار
المذكور»...
�إذن فمقت�ضيات المادة 224المذكورة �أعاله توجب على المفت�ش �إذا قرر
الت�صحيح �أن يبلغ �إلى الخا�ضع لل�ضريبة الأ�سا�س الجديد الم�صحح وكذا �أ�سباب
ومبلغ الت�صحيحات المزمع القيام بهـا .وهو االتجاه الذي �سارت عليه المحكمة
الإدارية ب�أكادير في العديد من �أحكامها نذكر منها على �سبيل المثال الحكم عدد
2010/512الذي جاء فيه «�إن مفت�ش ال�ضرائب ملزم ب�أن يبلغ للخا�ضع لل�ضريبة
�أ�سباب الت�صحيح والتي تتجلى في ذكر المعطيات التقنية المعتمدة كعن�صر
للمقارنة في تحديد الأ�سا�س الجديد الم�صحح .و�أن الثابت من ر�سالتي التبليغ
الأولى والثانية �أن الأ�سا�س الذي اعتمده مفت�ش ال�ضرائب في م�سطرة الت�صحيح
جاء خاليا من ذكر �أي عن�صر للمقارنة واعتمد تقديره على مجرد التخمين».
والحكم عدد 2010/324الذي جاء فيه «ب�أن �إدخال تعديالت على �إقرار المدعية
77
دفاتر المجلس األعلى
يجب �أن ي�ستند على �أ�س�س قانونية وواقعية ،والتي تتمثل في اال�ستناد على عقود
المقارنة للعقارات التي تتميز بنف�س الموا�صفات والمميزات للعقار مو�ضوع
م�سطرة الت�صحيح ال�ضريبي ،والتي يتعين على الإدارة ت�ضمينها في الر�سالة المبلغة
�إلــى الملزم».
وذكر �أ�سباب الت�صحيح في �صلب الر�سالة الأولى �أو الثانية ال يتعار�ض مع
مقت�ضيات المادة 246المتعلقة بال�سر المهني والتي تن�ص على �أنه «يلزم بكتمان
ال�سر المهني وفق �أحكام الت�شريع الجنائي الجاري به العمل ،بمنا�سبة مزاولة
مهامه �أو اخت�صا�صاته ،في تحديد ال�ضرائب والر�سوم ومراقبتها وا�ستيفائها �أو
المنازعات المتعلقة بها وكذا �أع�ضاء اللجان المن�صو�ص عليها في المواد 50و225
و .226غير �أنه ال يجوز لمفت�ش �إدارة ال�ضرائب �أن ي�سلموا المعلومات �أو ن�سخ من
العقود �أو الوثائق �أو ال�سجالت التي في حوزتهم لأ�شخا�ص غير المتعاقدين �أو
الملزمين بال�ضريبة المعنيين �أو خلفهم العام� ،إال بموجب �أمر �صادر عن القا�ضي
المخت�ص».
الحالة الرابعة -حاالت ح�سم فيها الق�ضاء :
ر�أيت �أن �أثير من جديد هذه الحالة المتعلقة بنوع من المنازعات ح�سم فيها
الق�ضاء ،وبالرغم من ذلك مازالت تقدم ب�ش�أنها دعاوى ،وا�ستغل هذا اليوم
التوا�صلي الوطني لإعادة �سردها للح�سم فيها كذلك نهائيا من طرف الإدارة
ال�ضريبية وعدم �إ�صدار القرار ال�ضريبي ب�ش�أنها حفاظا على المال العام ،وقتا
وجهدا ،وم�صاريفا ،ولك�سب ثقة الملزم /الم�ساهم ،في م�ؤ�س�سات وطنه.
ومن بين هذه الحاالت ،حالة الم�صاريف الق�ضائية المتعلقة بالم�ساعدة
الق�ضائية ،اللوحة المهنية لبع�ض المهن (المحامي ،الطبيب) وحالة الوكيل عن
الملزم الحقيقي ،وحالة �إعفاء الأحبا�س العامة.
�أوال -فبالن�سبة للوحة المهنية (حكم المحكمة الإدارية لأكادير عدد 40وتاريخ
1995-6-8ملف رقم 1995-95وهو نف�س االتجاه الذي �سار عليه المجل�س الأعلى
78
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
بمقت�ضى قراره عــدد 342 :ال�صادر بتاريخ 2007-4-4 :ملف �إداري (الق�سم الثاني
)1012/4/2/2005حيث جاء فيه �أن اللوحة التي يعلقها الطبيب بباب عيادته �أو بباب
بناية التي توجد بها العيادة المذكورة ال تتوفر فيها ال�شروط والموا�صفات التي
ق�صدها الم�شرع في الف�صل 192من القانون 30.89المتعلق بال�ضرائب والر�سوم
المقررة لفائدة الجماعات المحلية وهيئاتها.
ثانيا -وبالن�سبة للم�صاريف الق�ضائية قرار المجل�س الأعلى 95وتاريخ 2006-2-8
ملف �إداري الق�سم الثاني عدد ( 2003/2/4/306وزير المالية والخو�ص�صة �ضد
ال�شركة الإفريقية للفالحة والمعادن) حيث جاء فيه �أن الأوامر بالتح�صيل بخ�صو�ص
الر�سوم الق�ضائية المطلوب ت�أديتها تفوق ما ق�ضت بها تلك الأحكام مما يجعل
ما طالبت به الم�ست�أنفة زائدا عن الم�صاريف المحكوم بها واجب الإلغاء ،و�أن
المحكمة لما نحت هذا المنحى تكون قد �صادفت ال�صواب وحكمها واجب
الت�أييد.
ثالثا -حالة ربط ال�ضريبة في مواجهة الوكيل بدل الملزم الحقيقي :
الوكيل غير ملزم بالدين ال�ضريبي على الإدارة الإثبات
القرار 2004-4-29-649ملف �إداري الق�سم الثاني عدد 2003/2/4/405مدير
ال�ضرائب �ضد ال�سيد كبير ال�شرفي «لكن من جهة حيث �أن الوثائق المحا�سبية
الم�ستدل بها من طرف الم�ست�أنف (مدير ال�ضرائب) تفيد الطريقة التي تم بها
تنفيذ الوكالة وال تنفي هذه الوكالة ،وال تدل بال�ضرورة على وجود عالقة تجارية
تربط الم�ست�أنف عليه ب�شركة �أبو �أيوب تتعلق بعمليات بيع الأول ال�سمك �إلى
هذه الأخيرة .ومن جهة �أخرى حيث �أن الإدارة الجبائية التي تعتبر نف�سها دائنة
للم�ست�أنف عليه بال�ضريبة العامة على الدخل لي�س لها �سوى حق ال�ضمان العام على
جميع �أمواله».
قرار ا�ستئنافية مراك�ش رقم 1035وتاريخ 2009-7-9مدير ال�ضرائب � -ضد كمال
�شتواني «حيث �أن محكمة الدرجة الأولى قد �أ�شارت في حكمها عن �صواب �إلى �أن
79
دفاتر المجلس األعلى
ال�ضرائب تهم كل خا�ضع ملزم ب�صفته ال�شخ�صية ،و�أن التن�صي�ص في الوكالة على
القيام ب�إنجاز عملية البيع والقيام بالإجراءات المترتبة عنه ال يمنح الحق للإدارة
في �إلزام غير الخا�ضع -الوكيل -مكان الخا�ضع �شخ�صيا -الموكل .وحيث �أن
الثابت من وثائق الملف وخا�صة الإعالم بال�ضريبة �أن هذه الأخيرة فر�ضت على
الم�ست�أنف عليه ب�صفته وكيال ولم تفر�ض على الملزم �شخ�صيا -الموكلة -فيكون
فر�ضها غير م�ؤ�س�س ويكون الحكم الم�ست�أنف القا�ضي ب�إلغائها م�صادفا لل�صواب
ويتعين ت�أييده».
رابعا -حالة عدم تطبيق الن�ص ال�ضريبي من حيث الزمان :
وهي حالة ن�سخ �أحكام قانونية �ضريبية دون الن�ص على مقت�ضيات انتقالية ب�ش�أن
الدين النا�شئ قبل الإلغاء ولم ي�صدر الأمر بتح�صيله.
قرار المجل�س الأعلى عدد 700الم�ؤرخ في 2008-9-17ملف �إداري الق�سم
الثاني عدد 2005/2/4/1278مدير ال�ضرائب �ضد عبد اهلل النا�صري.
«حيث �أن الم�ست�أنف ال يجادل في �أن واجب الت�ضامن الوطني على الأرا�ضي
غير المبنية بر�سم �سنة 1980لم يتم فر�ضه �إال �سنة � 2002أي بعد ن�سخ �أحكام الف�صل
الأول مكرر من قانون المالية ل�سنة 1980بمقت�ضى المادة 9من قانون المالية ل�سنة
2001دون �أن يرد �ضمن مقت�ضيات هذه المادة �أي ن�ص ي�شير �إلى القانون الواجب
التطبيق بخ�صو�ص الدخول المح�صل عليها والأرا�ضي التي كانت خا�ضعة له قبل
�إلغائه �أي قبـل 2000-12-31كما هو الحال بالن�سبة للدخول والأرباح الخا�ضعة
لل�ضريبة على ال�شركات».
خام�سا -الإعفاء ال�ضريبي المقرر للأوقاف العامة :
المادتين 22و 34من القانون رقم 47.06ال�صادر بتنفيذه الظهير ال�شريف رقم
1.07.203بتاريخ 2007-11-30المتعلق بجبايات الجماعات المحلية ،حيث ا�ستثنت
المادة 22منه الأوقاف العامة من الخ�ضوع لر�سم ال�سكن الذي حل محل ال�ضريبة
80
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
( )13ظهير �شريف رقم � 1.07.195صادر في 19من ذي القعدة 30( 1428نونبر )2007بتنفيذ القانون رقم
47.06المتعلق بجبايات الجماعات المحلية.
( ) 14المادة 161من القانون 47.06المتعلق بجبايات الجماعات المحلية والتي تنظم حق و�أجل المطالبة.
81
دفاتر المجلس األعلى
ال�شك �أن للق�ضاء دور هام في بناء دعائم دولة الحق والقانون ،وتحقيق العدالة
االجتماعية ،وبالتالي بناء �صرح ح�ضاري متين ،قوامه الم�ساواة �أمام القانون،
والعدل والإن�صاف في المجتمع.
ودور القا�ضي في ظل دولة الحق والقانون هو �أوال و�أخيرا احترام م�ضمون
القاعدة القانونية؛ ومن �أجل ذلك فهو ي�أخذ بعين االعتبار م�س�ألتين �أ�سا�سيتين :
- 1احترام القاعدة القانونية ،بتطبيقها؛
- 2العمل على تطويرها بف�ضل التف�سير واالجتهاد ،وذلك في �إطار م�ؤ�س�سة
القا�ضي الم�شرع «»Le Juge Jurislateur؛ وهذا االجتهاد هو الذي
ي�سمح با�ستمرار القاعدة القانونية ،وي�ضمن في النهاية احترام الم�صلحة
العامة للمجتمع؛ �أي ذلك التوازن القائم بين حقوق الأفراد والجماعات
وواجباتهم تجاه الدولة والمجتمع.
والتوازن في الميدان الجبائي هو االعتراف بحقوق وواجبات الملزمين،
ومراعاة هذه الحقوق مقابل حقوق الدولة والخزينة.
ومما ال �شك فيه� ،أن مبد�أ التوازن بين الحقوق والواجبات نابع من �أ�س�س
فل�سفية� ،أخالقية ودينية ،كما كر�سته المواثيق الدولية ،و�أقرته الد�ساتير العالمية.
وفي هذا ال�سياق ن�صت المادة 17من الد�ستور المغربي على �أنه :
82
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
«على الجميع �أن يتحمل ،كل قدر ا�ستطاعته التكاليف العمومية التي للقانون وحده
ال�صالحية لإحداثها وتوزيعها ح�سب الإجراءات المن�صو�ص عليها في الد�ستور».
وهذه الحقوق والواجبات قد �أقرها الم�شرع عبر تر�سانة جبائية قوية ؛ كان
�آخرها �إقرار ميثاق الملزم في مجال المراقبة ال�ضريبية ،كما ن�صت عليه المادة 212
من المدونة العامة لل�ضرائب التي تم تعديلها بمقت�ضى قانون المالية ل�سنة .2011
وقد �أناط مهمة تطبيق هذه التر�سانة بالإدارة ،ولكنه �أناط �أي�ضا بالق�ضاء الإداري
مهمة مراقبة مدى احترام الإدارة والملزمين على حد �سواء لهذا التوازن باعتباره
روح القانون الجبائي.
وهكذا ،فتدخل الق�ضاء في الميدان الجبائي ،يروم تحقيق هدفين متالزمين:
�أوال :الحر�ص على تفادي ال�شطط والتع�سف في ا�ستعمال ال�سلطة من طرف
الإدارة؛
وثانيا :تح�صين موارد الدولة من كل �أ�ساليب الغ�ش والتهرب ال�ضريبيين،
باعتبار �أن هذه الأ�ساليب تتطور ب�سرعة فائقة ،و�أن الق�ضاء وحده الكفيل
بتطوير القاعدة القانونية ،وا�ستباق الت�شريع الذي يتميز بطبيعته بالبطئ
وتعقيد م�سطرته ،وعدم �إمكانية تغطيته لجميع الحاالت .وبالتالي ،ف�إن
دور الق�ضاء �أ�سا�سي جدا في مالحقة كل الأ�ساليب التي من �ش�أنها �إلحاق
ال�ضرر بالم�صالح العليا للبالد.
ف�إلى �أي حد ا�ستطاع الق�ضاء المغربي ،في تعامله مع الق�ضايا الجبائية� ،أن ي�ضمن
احترام الم�صلحة العامة للمجتمع ،و�أن يوازن بين حقوق الملزم وواجباته؟
تلكم� ،أيتها ال�سيدات وال�سادة ،هي الإ�شكالية التي �س�أحاول �أن �أناق�ش معكم
بع�ض محاورها ،و�أ�شاطركم اهتمامات الإدارة الجبائية ب�ش�أنها.
وقبل ذلك� ،أتوجه �إلى �سعة �صدوركم ف�أذكركم �أن النظام الجبائي المغربي قد
�أقر حقوقا وفر�ض واجبات.
83
دفاتر المجلس األعلى
84
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
و�أود �أن �أ�شير في هذا ال�صدد �أن الت�شريع الجبائي في المغرب ،مثله مثل
باقي الت�شريعات العالمية يقيم تمييزا �أ�سا�سيا في التعامل بين الملزم الذي هو في
و�ضعية قانونية من حيث الإدالء بت�صريحاته في �إبانها ويقوم بالأداء �أي�ضا في وقته؛
فهذا يتمتع بحماية و�ضمانات خا�صة :فت�صريحاته على �سبيل المثال تتمتع بقرينة
ال�صدق ،وعند القيام بم�سطرة الت�صحيح ،يكون على الإدارة �أن تقدم الدليل ،وله
�أي�ضا اللجوء �إلى الطعن �أمام اللجان المحلية واللجنة الوطنية للنظر في الطعون
ال�ضريبية.
�أما بالن�سبة للملزم المتخلف عن الإدالء بالت�صريح ،فهو يتعر�ض للفر�ض التلقائي
لل�ضريبة .في حين �أن الذي يدلي به خارج الآجال ،فهو يتعر�ض للجزاءات
والغرامات جراء عدم احترامه للآجال القانونية التي فر�ضها الم�شرع.
وقد دلت الممار�سة العملية� ،أن هناك فعال نوعان من الملزمين ،الأول من�ضبط
والثاني متهرب �أو متمل�ص.
وقد اعتبر الق�ضاء الفرن�سي �أن تطبيق الغرامة عن الت�أخير في الت�صريح الزم
ل�ضمان ح�سن �سير النظام الجبائي الت�صريحي (قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية
بباري�س بتاريخ .)2007/06/14
�إن عالقتنا مع عموم الملزمين عالقة عادية يطبعها االحترام المتبادل .وبالتالي
ف�إن اللجوء �إلى الق�ضاء ال يكون �إال عند اختالف الإدارة مع الملزم حول تطبيق
القاعدة الجبائية بما لها من انعكا�س على حقوق الدولة وحقوق الملزم.
فكيف يتعامل الق�ضاء الإداري المغربي مع هذه الق�ضايا ؟ هل يراعي الم�صلحة
العامة للمجتمع ويتما�شى مع مفهوم العدالة الإجتماعية ؟ وبمعنى �آخر ،هل ا�ستطاع
الق�ضاء �أن يخلق ذلك التوازن الذي �أقره الم�شرع بين الحقوق والواجبات ؟
هل يميز الق�ضاء في التعامل بين الملزم المخل بالتزاماته كليا ،فال هو يقوم
بالت�صريح التلقائي وال بالأداء التلقائي ،وبين الملزم الذي يطلب تدخل الق�ضاء
85
دفاتر المجلس األعلى
86
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وحفاظا على حقوق الخزينة وحق المجتمع ،تمت معه مبا�شرة م�سطرة الفر�ض
التلقائي؛ وهي م�سطرة �صحيحة لم تناق�شها المحكمة.
ثانيا :لقد ا�ستندت المحكمة الموقرة �أ�سا�سا على واقعة عقد اال�شتراك للتزود
بالكهرباء للقول بالتقادم .ولم تطالب المعني بالأمر بتقديم ن�سخة من و�صل �إيداعه
الت�صريح؛ ولم تكلف نف�سها �أي�ضا طرح �س�ؤال هل فعال عقد اال�شتراك هذا كان
بعد االنتهاء من الأ�شغال �أم �أثناء القيام بالأ�شغال لما تتطلبه وجوبا من ا�ستخدام
القوة الكهربائية.
10 ثالثا � :أثناء مناق�شة وقت انتهاء الأ�شغال ،ا�ستدلت هيئة المحكمة بالف�صل
من القانون المنظم لل�ضريبة على القيمة الم�ضافة ،30-85واعتبرت �أن الم�شرع لم
يحدد بدقة م�س�ألة �إثبات انتهاء الأ�شغال ؛ مادام �أنه تحدث عن رخ�صة ال�سكنى �أو
�أي وثيقة �أخرى تقوم مقامها ،وهذا �صحيح .ولكنه ترك للقا�ضي حرية االجتهاد:
فانتهاء الأ�شغال يقترن عادة بطلب رخ�صة ال�سكنى ؛ وفي حالة عدم طلبها يقترن
بواقعة ال�سكن ذاتها.
وهنا �أطرح الت�سا�ؤل التالي :
كيف ي�ستند الق�ضاء في حكمه على �شهادة ال�سكنى ،مع العلم �أن �أي مواطن
يمكنه �أن ي�ستقر ب�سكنه دون طلب �أي �شهادة �سكنى من ال�سلطة المحلية �إال عند
حاجته �إليها .وقد يكون هذا بعد �أكثر من �سنتين �أو ثالث ،مع �أن �شهادة ال�سكنى
لي�ست قرينة تفيد تاريخ انتهاء الأ�شغال ،بل تفيد واقعة ال�سكنى في تاريخ ت�سليمها
من طرف الإدارة (وغالبا ما ت�سلم هذه ال�شهادة ب�أثر رجعي عن �سنوات �سابقة).
وعندما ق�ضت المحكمة ب�إلغاء ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة ب�سقوطها بالتقادم،
هل حققت فعال ذلك التوازن بين حق الملزم في االعترا�ض ودفعه بالتقادم ،وبين
واجبه في �إيداع �إقراره و�أداء ال�ضريبة في الأجل القانوني ؟
87
دفاتر المجلس األعلى
�إننا نعتقد وبكل احترام� ،أن هيئة المحكمة الموقرة بوا�سطة حكمها هذا ،قد
فوتت فر�صة �إعادة الأمور �إلى مجراها الطبيعي بم�ساءلة المعني بالأمر عن عدم
�إيداعه الت�صريح ،و�إعطاء الإ�شارات ال�صحيحة للإدارة والملزمين .وبذلك فهي
في نظرنا لم تقم ذلك التوازن بين حقوق الملزم وواجباته.
الحالة الثانية :الفر�ض التلقائي لل�ضريبة /الأرباح العقارية ،وتم�سك الملزم بعدم احترام
الم�سطرة ؛
وتتلخ�ص هذه الحالة في كون �أحد المواطنين قام بمقت�ضى عقد عرفي م�صحح
الإم�ضاء بتاريخ 11غ�شت 1989بتفويت عقار يقع بمدينة الرباط .وكان على
المعني بالأمر طبقا للمادة 5من قانون المالية ل�سنة 1978المنظم لهذه ال�ضريبة،
�إخبار الإدارة الجبائية بالواقعة المن�شئة لل�ضريبة وذلك عن طريق تقديم ت�صريح
بعملية التفويت واحت�ساب ال�ضريبة الواجبة و�أدائها� .إال �أنه لم يفعل قيد حياته ؛
والمالحظ �أي�ضا �أن العقد العرفي المذكور لم ي�شر �إلى محل �سكنى البائع �أو محل
المخابرة معه مما حدا بالإدارة �إلى فر�ض ال�ضريبة ب�صورة تلقائية بعنوان العقار.
فقام الورثة بتقديم دعوى في المو�ضوع لدى المحكمة الإدارية بالرباط والتي
�أ�صدرت حكمها بتاريخ 2006/06/23والقا�ضي في ال�شق المتعلق بالوعاء بقبول
الطلب �شكال ،ومو�ضوعا ،ب�إلغاء م�سطرة فر�ض ال�ضريبة على الأرباح العقارية
وواجب الت�ضامن الوطني .كما حكمت في ال�شق المتعلق بالتح�صيل ،ب�إلغاء
المطالبة ب�أداء ال�ضريبة الم�شار �إليها.
وبغ�ض النظر عن الحيثيات التي بني عليها الحكم ،ف�إننا نود �أن نتعر�ض هنا �إلى
مناق�شة م�س�ألة �أ�سا�سية وهي :هل الق�ضاء عند مناق�شته لملفات من هذا القبيل لم
يتم الت�صريح فيها مطلقا من طرف الملزم� ،أي �أنه يقع خارج دائرة القانون ،هل
يتم الأخذ بعين االعتبار الواقعة المن�شئة لل�ضريبة �أي حقوق الدولة والجماعة،
�أم يتم تغليب الجانب ال�شكلي للم�سطرة للقول ب�إ�سقاط ال�ضريبة ؟ بمعنى ،هل �إن
88
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
عدم احترام الإدارة ل�شكلية من ال�شكليات يعد وحده �سببا كافيا لإ�سقاط حقوق
الدولة جملة وتف�صيال ؟
وهكذا ،ف�إن الق�ضاء ب�إلغائه م�سطرة فر�ض ال�ضريبة ،قد �أ�سقط حق الدولة في
ا�ستخال�ص ال�ضريبة على الأرباح العقارية ،و�أعفى الملزم ؛ ا�ستنادا �إلى خرق
الم�سطرة ؛ من الت�صريح والأداء مع �أنه �أخل بواجب من واجبات المواطنة.
و�أريد �أن �أذكر على �أن الم�شرع لم يرتب على عدم احترام م�سطرة الفر�ض
التلقائي �إ�سقاط ال�ضريبة ،بل ترك الباب مفتوحا �أمام الق�ضاء ليجتهد طبقا لكل
حالة على حدة.
وهكذا ،ي�ستخل�ص مما �سبق �أن �إلغاء ال�ضريبة العتبارات م�سطرية ،ي�ؤكد
المنحى ال�شكلي للق�ضاء الإداري دون نظره في الدعاوى ال�ضريبية على م�ستوى
المو�ضوع.
المحور الثاني :الق�ضايا المرتبطة بالملزمين الذين �أدلوا ب�إقراراتهم
ورف�ضوا الخ�ضوع للمراقبة
من المدونة العامة لل�ضرائب والمتعلقة 229 الإ�شكاليات الناتجة عن تطبيق المادة
بم�سطرة الفر�ض التلقائي ؛
في �إطار م�سطرة المراقبة التي �أقرها الم�شرع ،تطالب الإدارة الملزمين
الخا�ضعين لهذه الم�سطرة بو�ضع الوثائق المحا�سبية رهن �إ�شارة المفت�ش المحقق،
�إال �أن بع�ضهم ال يمتثل لهذا الإجراء فتبا�شر م�سطرة الفر�ض التلقائي في حقهم
(المادة 229من المدونة العامة لل�ضرائب).
وفي هذه الحالة ف�إن الإدارة تحدد �أ�سا�س ال�ضريبة بناء على المعلومات
المتوفرة لديها ؛ والتي تح�صل عليها في �إطار حق الإطالع المن�صو�ص عليه في
المادة 214من المدونة العامة لل�ضرائب.
89
دفاتر المجلس األعلى
وفي الوقت الذي تتكثف فيه الجهود عبر العالم ل�ضمان ال�شفافية في المعامالت،
والت�صريح بالمداخيل �أيا كانت ن�ش�أتها ،ومطالبة الكثير من الدول كالواليات
المتحدة الأمريكية ،و�ألمانيا ،وفرن�سا برفع ال�سر البنكي عن ودائع مواطنيها في
البنوك ال�سوي�سرية ،وا�ستفادتها من خ�صم ال�ضرائب من المنبع بتفعيل قوانينها
الداخلية على ح�ساب القانون ال�سوي�سري ،ومحاربة كل �أ�شكال تبيي�ض الأموال
�أو عدم الت�صريح بها جبائيا ،ف�إن �صدور بع�ض الأحكام في المغرب تبعا للمراقبة
الجبائية ا�ستعملت فيها الإدارة حق الإطالع لدى الأبناك وخا�صة التعليل الذي
اعتمدته هذه الأحكام ،للقول ب�إ�سقاط ال�ضريبة الفتقادها للم�شروعية ،ي�ستدعي
التنبيه �إلى هذا التوجه الذي قد يع�صف بحقوق الدولة في هذا المجال.
و�إليكم التعليل والحكم الذي خل�ص �إليه :يقول الحكم «فقد �أثبتت الخبرة
المنجزة من طرف المحكمة بوا�سطة الخبير ب�أن الح�سابات البنكية للمدعية،
المعتمدة من طرف الإدارة في تحديد الأ�سا�س الجديد لفر�ض ال�ضريبة المفتوحة
لدى ال�شركة العامة المغربية للأبناك ،بكل من الوكاالت الأربع ،هي ح�سابات
�شخ�صية ال عالقة لها بن�شاطها المهني ،و�أن المبالغ المودعة بها غير مت�أتية من هذا
الأخير ،وبالتالي ف�إن االرتكان �إليها من طرف الإدارة ب�صفة منفردة يخالف الغاية
المق�صودة من حق الإطالع الم�شار �إليه �أعاله ،لأنها ال تمكن من تحديد المداخيل
المحققة من طرف المدعية ،ف�ضال عن انعدام ال�سند القانوني الذي ي�سمح للإدارة
بفر�ض ال�ضريبة على مبالغ الح�سابات البنكية دون �إثبات ارتباطها بن�شاط خا�ضع
لل�ضريبة».
وي�ضيف التعليل :
«وحيث من جهة ثانية ،ف�إن االعتماد المجرد على الح�سابات ال�شخ�صية في
غياب الإدالء بحجج وقرائن تفيد ب�أنها ناتجة عن ن�شاط خا�ضع لل�ضريبة �سوف
ي�ؤدي �إلى الت�شكيك التلقائي في �إقرارات الخا�ضع لل�ضريبة وفر�ض ال�ضريبة على
الأر�صدة المودعة بتلك الح�سابات ،كما �سي�ؤدي �إلى قلب عبء الواقعة المن�شئة
90
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
لل�ضريبة وجعله على عاتق الملزم بدل الإدارة� ،أي �إلزام الخا�ضع لل�ضريبة ب�إثبات
م�صدر الأر�صدة المذكورة عو�ض �أن تكون الإدارة هي الملزمة ب�إثبات خ�ضوعها
لل�ضريبة.
وحيث تبعا لذلك ،تكون ال�ضريبة المفرو�ضة على المدعية تفتقد �إلى الم�شروعية
لإنعدام �أ�سا�سها ،ويتعين بالتالي الحكم ب�إلغائها».
فالق�ضاء الإداري في نازلة الحال ،ق�ضى ب�إلغاء ال�ضريبة ،اعتبارا لما جاء في
قاعدة الحكم التي اعتمدها ،وهي �أن الإدارة اعتمدت على مبالغ الأر�صدة
البنكية المودعة بالح�ساب ال�شخ�صي للمدعية رغم انتفاء �صلتها بن�شاطها المهني
وفر�ض ال�ضريبة عليها دون �إثبات ت�أتيها من ن�شاط خا�ضع لل�ضريبة.
وفي هذا ال�صدد ،يجب التذكير بالنقط والمبادئ القانونية التالية :
�أوال � :إذا كان الق�ضاء كقاعدة عامة يلج�أ �إلى الخبرة كو�سيلة للتحقق في
الوثائق المقدمة ،ف�إن هذا الحكم قد ا�ستند على الخبرة كو�سيلة �إثبات ،للقول ب�أن
الأر�صدة البنكية للمعنية بالأمر هي ودائع �شخ�صية وال عالقة لها بن�شاطها المهني ؛
ك�أن الخبير على �إطالع بعالقة المداخيل البنكية ب�أن�شطة �أخرى غير الن�شاط المهني
الخا�ضع لل�ضريبة .وحتى في هذه الحالة ،كان على المعنية بالأمر �أن تثبت ذلك
للإدارة ،وكان حريا بالخبير �أي�ضا �أن يثبت ذلك ويبينه في تقريره .هذا من جهة،
ومن جهة ثانية ،ف�إن الح�سابات ال�شخ�صية هي بالن�سبة للإدارة و�سيلة �إثبات رقم
المعامالت �إال �إذا �أدلت المعنية بالأمر بما يفند ذلك ،كح�صولها على مداخيل
ناتجة عن ن�شاط معفى� ...إلخ.
ثانيا � :إن هذا الحكم قلب عبء الإثبات على الإدارة ،مع �أنه في حالة المراقبة
و�إتباع م�سطرة الفر�ض التلقائي يكون عبء الإثبات على الملزم .ذلك �أن المادة
229من المدونة العامة لل�ضرائب تن�ص على �أنه « :غير �أنه يمكن المنازعة في
ال�ضريبة المذكورة وفق ال�شروط المن�صو�ص عليها في المادة � 235أدناه»� ،أي
91
دفاتر المجلس األعلى
تقديم مطالبة �إدارية و�إن اقت�ضى الأمر مطالبة ق�ضائية .ومن المبادئ الم�ستنبطة
من المادة الجبائية� ،أن عبء الإثبات يتحمله من كلفه الم�شرع باحترام التزام
�إجرائي ،وهكذا بالن�سبة لم�سطرة المنازعة ال�ضريبية ،ف�إن عبء الإثبات يقع على
الملزم.
ثالثا � :إن الأ�سا�س هو ت�ضريب جميع المداخيل كيفما كان م�صدرها� ،إال ما �أعفاه
الم�شرع ب�صريح العبارة.
ومقارنة مع نازلة �أخرى مماثلة ،لم يحمل الق�ضاء فيها الإدارة عبء �إثبات ت�أتي
الأر�صدة البنكية من ن�شاط خا�ضع لل�ضريبة ،بل اجتهد في منحى �آخر وطالب
بوجوب �إتباع م�سطرة المراجعة ،في حين �أننا �أمام حالة رف�ض الخ�ضوع للمراقبة.
وبالتالي تخ�ضع الحالة للمادة 229من المدونة العامة لل�ضرائب.
والخال�صة� ،أننا �إذا نظرنا �إلى م�س�ألة التوازن بين حق الملزم وواجباته في ميدان
المراقبة الجبائية ،ف�إنه من ال�ضروري الت�أكيد على المبادئ التالية :
- 1في حالة فر�ض ال�ضريبة تلقائيا و�سلوك الملزم لم�سطرة المنازعة ال�ضريبية،
ف�إن عبء الإثبات يقع على هذا الأخير �أي الخا�ضع لل�ضريبة.
- 2ال يمكن �إعمال الم�سطرة التواجهية المن�صو�ص عليها في المادة ،220في
حالة رف�ض الملزم الخ�ضوع للمراقبة مما يجعله تحت طائلة الم�سطرة
المن�صو�ص عليها في المادة ( 229الفر�ض التلقائي لل�ضريبة).
كما يتبين �أي�ضا �أن الق�ضاء يمكن �أن يلعب دورا هاما و�إيجابيا في حث الملزم
على الإتيان بالتزاماته وقبوله لحق الإدارة في المراقبة.
المحور الثالث :الإثراء بال �سبب على ح�ساب الخزينة ؛
ومن بين ما لوحظ من خالل درا�سة مجموعة من الملفات تركيز الق�ضاء على
الجانب الم�سطري فقط ولو �أدى الأمر �إلى �إثراء بع�ض الملزمين بال �سبب على
92
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ح�ساب الخزينة وال�سيما في ميدان ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة ،وال�ضريبة على
الدخل المفرو�ضة على الأجر والمقتطعة في المنبع.
- 1فمن الم�ؤكد �أن ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة تن�صب على اال�ستهالك.
و�أن اقتطاعها يمر على كل مراحل الإنتاج وت�صريف المنتوج �إلى �أن ي�صل �إلى
الم�ستهلك النهائي .و�أن هذا الأخير هو الذي يتحمل عبئها .ويكون الملزم
بال�ضريبة اتجاه �إدارة ال�ضرائب هو الو�سيط بين الم�ستهلك والدولة باعتباره يقوم
بجمع ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة لح�ساب الخزينة.
فال�ضريبة التي يتم جمعها هي �أموال الدولة .ويتعين على الملزم بال�ضريبة على
القيمة الم�ضافة ،الوفاء بالتزاماته� ،أي تقديم الت�صريح برقم المعامالت المحقق
ودفع ال�ضريبة المطابقة للخزينة .وهكذا ف�إن بع�ض الملزمين يخلون بهذه
االلتزامات فال يودعون �إقرارهم برقم المعامالت ،وال ي�ؤدون ال�ضريبة الم�ستحقة
عليهم.
- 2كما �أنه في ميدان ال�ضريبة على دخل الأجور ،فقد �أوجب الم�شرع على
الم�شغلين والمدينين بالإيرادات حجزها في المنبع وذلك لح�ساب الخزينة
(المادة 156من المدونة العامة لل�ضرائب).
كما �أوجب عليهم دفع هذه ال�ضرائب المحجوزة في المنبع� ،إلى قاب�ض الخزينة
وذلك خالل ال�شهر الموالي لل�شهر الذي تم فيه الحجز (المادة 174من المدونة
العامة لل�ضرائب) مع الإدالء بالإقرار ال�سنوي المتعلق بها.
وقد �أبانت الممار�سة العملية على �أن بع�ض الملزمين ،بالرغم من �إيداعهم
للإقرارات ال�سنوية ،المت�ضمنة لمبالغ ال�ضريبة التي احتجزوها في المنبع ،فهم
يتقاع�سون عن دفع هذه المبالغ للخزينة وال ي�ستجيبون للر�سائل الموجهة �إليهم
في �إطار م�سطرة الفر�ض التلقائي (المادة 228من المدونة العامة لل�ضرائب) ،مما
ي�ؤدي �إلى فر�ضها تلقائيا و�إ�صدارها عن طريق الجدول.
93
دفاتر المجلس األعلى
وعند لجوئهم �إلى الق�ضاء ،بدعوى عدم احترام م�سطرة فر�ض ال�ضريبة ،ينظر
القا�ضي فقط �إلى م�س�ألة الم�سطرة ويق�ضي ب�إلغائها ،دون م�ساءلة الملزم ب�إرجاع
المبالغ المحجوزة �إلى �صندوق الدولة ،باعتبارها ال تعود �إليه .حيث ق�ضى حكم
في هذا المو�ضوع ب�إلغاء الم�سطرة ،وجاء في حيثياته «ال جدوى من �إجراء البحث
في �سبب رجوع طي التبليغ».
�إن هذه ال�ضرائب هي �أموال الدولة ،ويجب على القا�ضي حر�صا منه على
المال العام� ،أن يطلب تلقائيا �أن تودع في الخزينة ،و�إن عدم �إيداعها هو هدر
للأموال العمومية من جهة و�ضرب لمبد�أ العدالة ال�ضريبية من جهة ثانية.
الخاتمة :
�إن �إ�شكالية التوازن في الميدان الجبائي بين الحق والواجب �إ�شكالية معقدة
ومتعددة الجوانب ،يتداخل فيها �أوال ،ما هو قانوني في �شكله وجوهره ،وثانيا،
ما يرتبط بمحيط تطبيق القاعدة القانونية في المجتمع كم�ستوى الثقافة الجبائية
والح�س الجبائي الوطني ،و�أخيرا م�ستوى �أداء الإدارة الجبائية.
ويلعب الق�ضاء في هذه الإ�شكالية دور العدل والإن�صاف ودور الردع
والعقاب ؛ ولكنه يلعب �أي�ضا دورا بيداغوجيا وح�ضاريا هاما .فبقدر ما ن�ؤكد على
�أهميته في �إر�ساء مبادئ العدالة الجبائية والم�ساواة �أمام تحمل الأعباء الجبائية
طبقا للد�ستور ،ف�إننا نحث �أي�ضا على دوره في ردع �سلوكيات الغ�ش والتهرب
ال�ضريبي .كما نتطلع �إلى المزيد من الأحكام التي تنير طريق المجتمع وتحمل في
ثناياها ر�سائل بيداغوجية في ميدان المواطنة الحقة باحترام االلتزامات الجبائية،
ور�سائل ح�ضارية للملزمين وللإدارة على حد �سواء.
و�إننا لننوه �أخيرا بالعمل الجاد والد�ؤوب الذي قامت به �أ�سرة الق�ضاء في
94
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الميدان الجبائي منذ مطلع اال�ستقالل �إلى الآن ،ونفتخر بما راكمته من تجارب
وما �أعطته من درو�س ا�ستفادت منها الإدارة الجبائية وكل المتعاملين معها.
�إن الإدارة لي�ست دائما الطرف القوي في عالقتها مع الملزم ،فقد �أظهرت
الممار�سة على �أن هناك بع�ض الملزمين ال يحترمون التزاماتهم الجبائية وهم
بعيدون عن الح�س الجبائي الوطني.
و�أختم بقوله تعالى في �سورة المائدة الآية : 8
«ي�أيها الذين �آمنوا كونوا قوامين هلل �شهداء بالق�سط ؛ وال يجرمنكم
�شن�آن قوم على �أال تعدلوا ،اعدلوا هو �أقرب للتقوى ،واتقوا اهلل �إن اهلل خبير بما
تعملون».
وال�سالم عليكم ورحمة اهلل.
95
دفاتر المجلس األعلى
�أحدثت منذ �سنة 1989لجنة دائمة تخت�ص بالنظر في الطعون المرفوعة �ضد
قرارات اللجن المحلية لتقدير ال�ضريبة ،ت�سمى اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية،
تحت ال�سلطة المبا�شرة للوزير الأول ويوجد مقرها بالرباط.
و�سنتناول المو�ضوع من خالل �أربعة �أق�سام نخ�ص�ص الق�سم الأول لتركيبة
اللجنة الوطنية والق�سم الثاني الخت�صا�صها والم�سطرة �أمامها والق�سم الثالث
للقرارات ال�صادرة عنها والق�سم الرابع لطبيعة القرارات ال�صادرة عنها.
الق�سم الأول
تركيبة اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية
96
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
� - 2سبعة ق�ضاة ينتمون �إلى ال�سلك الق�ضائي يعينون من طرف الوزير الأول
باقتراح من وزير العدل (نف�س المادة ال�سابقة).
- 3ثالثون ( )30موظفا يعينون من طرف الوزير الأول باقتراح من وزير
المالية يتوفرون على تكوين جبائي ،محا�سبي ،قانوني �أو اقت�صادي من بين
فئة مفت�ش على الأقل �أو من درجة م�ساوية لها ويلحقون باللجنة الوطنية.
- 4مائة ( )100ع�ضو من عالم الأعمال يعينون من طرف الوزير الأول باقتراح
م�شترك لوزراء المالية والتجارة وال�صناعة وال�صناعية التقليدية وال�صيد
البحري لمدة ثالث �سنوات باعتبارهم ممثلين للملزمين.
ويختار ه�ؤالء الممثلون من بين المنخرطين في المنظمات المهنية الأكثر
تمثيال.
- 5كاتب عام.
�أحدث من�صب الكاتب العام للجنة الوطنية بمقت�ضى المر�سوم رقم
2-09-606الم�ؤرخ في 2009/12/30ال�صادر تطبيقا للمادة 226من المدونة
العامة لل�ضرائب.
ويعين الكاتب العام من طرف الوزير الأول باقتراح من وزير المالية وحدد
المر�سوم المذكور مهام الكاتب العام في :
-تدبير الموارد الب�شرية الإدارية.
-طلب عنا�صر الم�سطرة من �إدارة ال�ضرائب.
-توزيع الملفات على الموظفين �أع�ضاء اللجنة وعلى اللجن الفرعية.
-برمجة الملفات �أمام اللجن الفرعية.
-تنظيم جل�سات اللجن الفرعية.
- 6تنق�سم اللجنة الوطنية �إلى �سبع لجن فرعية وتت�ألف كل لجنة فرعية من:
97
دفاتر المجلس األعلى
-قا�ض رئي�سا
-موظفين اثنين
-ممثلين اثنين للملزمين
-كاتب مقرر لح�ضور اجتماعات اللجنة الفرعية دون �أن يكون له حق
الت�صويت.
الق�سم الثاني
اخت�صا�ص اللجنة الوطنية والم�سطرة �أمامها.
تخت�ص اللجنة الوطنية بالنظر في الطعون المرفوعة �ضد قرارات اللجن المحلية
لتقدير ال�ضريبة �سواء تعلق الأمر بال�ضريبة على ال�شركات �أو ال�ضريبة على الدخل
�أو ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة �أو حقوق الت�سجيل.
و�سواء تعلق الأمر بالم�سطرة العادية �أو ال�سريعة لت�صحيح ال�ضرائب ف�إن الم�سطرة
تمر بمرحلة ر�سالة التبليغ الأولى وجواب الخا�ضع لل�ضريبة عليها ور�سالة التبليغ
الثانية وجواب الملزم عليها وفي حالة وجود ت�صحيحات مطعون فيها من طرف
الخا�ضع لل�ضريبة ،فيحال الطعن المقدم ب�ش�أنها �إلى المفت�ش الذي ي�سلمه بدوره
�إلى اللجنة المحلية داخل �أجل �أربعة �أ�شهر ،ولهذه اللجنة �أجل �أق�صى للبث في
النزاعات المعرو�ضة عليها محدد في �أربعة وع�شرين �شهرا ابتداء من تاريخ تقديم
الطعن.
ويمكن الطعن في قرارات اللجنة المحلية خالل �ستين يوما من تاريخ التبليغ من
طرف الملزم �أو الإدارة.
غير �أن القرارات ال�صادرة عن اللجن المحلية والمتعلقة بال�ضريبة على الدخل
بخ�صو�ص الأرباح العقارية وحقوق الت�سجيل ت�صدر ب�صورة نهائية �إذا كان مبلغ
98
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�أ�صل الحقوق ال يتعدى 50.000درهم وال يجوز تبعا لذلك الطعن فيها �أمام اللجنة
الوطنية.
الم�سطرة �أمام اللجنة الوطنية.
توجه الطعون المرفوعة �ضد قرارات اللجن المحلية من طرف الملزم �أو
الإدارة �إلى رئي�س اللجنة الوطنية خالل 60يوما من تاريخ تبليغ القرار.
ويعهد بالملفات المتعلقة بالطعن �إلى موظفي اللجنة ق�صد البحث فيها.
وبعد االنتهاء من البحث تحال الملفات على اللجن الفرعية التي تعقد عددا
من الجل�سات كلما تطلب الأمر ذلك وت�ستدعي اللجنة وجوبا الملزمين وممثل
�إدارة ال�ضرائب في �شخ�ص المفت�ش الذي قام بتبليغ الت�صحيح وممثلي الملزمين،
وت�ستمع اللجنة الفرعية �إلى الطرفين �إما ب�صورة انفرادية �أو تجري مواجهة بينهما
بناء على طلب الطرفين �أو �أحدهما �أو عندما ترى اللجنة الفرعية �أن اال�ستماع �إلى
الطرفين �ضروري.
ويمكن للجنة الفرعية �أن ت�ضم �إليها خبيرا �أو خبيرين موظفين �أم ال لال�ستعانة
بخبرتهم ويكون ر�أيهم ا�ست�شاريا.
الق�سم الثالث
قرارات اللجنة الوطنية
تتداول اللجنة الفرعية وت�صدر قراراتها ب�أغلبية �أع�ضائها وفي حالة تعادل
الأ�صوات يكون �صوت الرئي�س مرجحا ،وتجدر الإ�شارة �إلى �أن الكاتب المقرر
ال ي�شارك في الت�صويت كما ال يمكن اتخاذ القرار بح�ضور الخبير �أو الخبيرين في
حالة اللجوء �إليهم ال�ست�شارتهم.
ويجب �أن تنظر اللجنة في النزاع المعرو�ض عليها خالل � 12شهرا من تاريخ
الطعن المرفوع �إلى اللجنة الوطنية (المادة 226من المدونة العامة لل�ضرائب).
99
دفاتر المجلس األعلى
كما يجب �أن تكون القرارات ال�صادرة عن اللجن الفرعية مف�صلة ومعللة
(المادة 226من المدونة العامة لل�ضرائب) وذلك بذكر الوقائع و�إجراءات
الم�سطرة تم تعليل القرار والتعليل يبرز الجهد المبذول من طرف اللجنة ب�إبراز
مجموعة من الأ�سباب الواقعية والقانونية التي بني عليها القرار والتعليل يهدف
�إلى اعتناء اللجنة بقرارها وتوخي العدالة ويقف التعليل حاجزا �ضد على تحيز �أو
تحكم محتمل من طرف اللجنة ويبين مدى احترام حقوق الدفاع وذلك بمناق�شة
�أوجه دفاع الأطراف وهو و�سيلة لإقناع الأطراف بوجهة نظر اللجنة و�أخيرا يمكن
المحكمة عند عر�ض النزاع عليها من مراقبة مدى �صوابية قرار اللجنة.
ويمنع على اللجنة �أن تبت في الم�سائل المتعلقة بتف�سير المقت�ضيات الت�شريعية
�أو التنظيمية ،ذلك �أن القواعد القانونية �أيا كان م�صدرها قد تحتاج �إلى تف�سير
لتحديد مراد الم�شرع ،وهذه المهمة ي�ضطلع بها الق�ضاء �سواء كان التف�سير للن�ص
ال�ضريبي �ضيقا �أو وا�سعا ،فكلما تبين للجنة �أن البث في �أمر يتطلب تف�سير ن�ص
الت�شريعي �أو التنظيمي لغمو�ضه �إال ويتعين عليها �أن ت�صرح بعدم اخت�صا�صها
للنظر في ذلك� ،أما �إذا كان الن�ص �صريحا وال يحتاج �إلى تف�سير فيمكنها تطبيقه.
وقد �أكدت المحكمة الإدارية بوجدة بحكمها ال�صادر في 1999/09/29تحت
عدد � 99/109أن لجوء اللجنة الوطنية �إلى تف�سير ن�ص قانوني و�إعطائه ت�أويال ح�سب
منظورها تكون قد بتت في م�س�ألة تتعلق بتف�سير ن�ص قانوني وعر�ضت قرارها
للبطالن و�أ�ضاف الحكم �أنه �إذا كان الن�ص وا�ضحا كعدم الطعن لديها داخل
الأجل القانوني �أو غير ذلك مما هو وا�ضح وال يحتاج �إلى تف�سير فيمكنها تطبيقه
(مجلة الحقوق المغربية الإ�صدار الثالث ل�سنة � 2010صفحة .)99
من الم�ؤكد �أن تف�سير الغمو�ض الذي قد يكتنف بع�ض الن�صو�ص القانونية �أو
التنظيمية تخت�ص به المحاكم وعندما ي�ستقر اجتهادها على �إعطاء مدلول معين
للن�ص في�صبح وا�ضحا ويمكن للجنة االعتماد عليه حين تطبيقها للن�ص المذكور
وال يعد ذلك خروجا عن اخت�صا�صها مادامت الجهة الموكول �إليها تف�سير الن�ص
قد بينت مدلوله والمق�صود منه.
100
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الق�سم الرابع
طبيعة القرارات ال�صادرة عن اللجنة الوطنية
يرى اتجاه �أن الطعون �أمام اللجنة الوطنية تدخل �ضمن المنازعات الإدارية
على اعتبار �أن اللجنة الوطنية هيئة �إدارية تخ�ضع للجهاز التنفيذي �إذ تن�ص المادة
226من المدونة العامة لل�ضرائب على �أن اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية تخ�ضع
لل�سلطة المبا�شرة للوزير الأول كما �أن جميع �أع�ضاء اللجنة الوطنية يعينون من
طرف ال�سلطة التنفيذية بالإ�ضافة �إلى �أن قراراتها يطعن فيها �أمام المحاكم الإدارية
باعتبارها قرارات �إدارية ولي�ست �أحكاما ،ذلك �أن الأحكام ت�صدر عن المحاكم
كما هي محددة في التنظيم الق�ضائي ومن طرف ق�ضاة ينتمون �إلى ال�سلك الق�ضائي
وت�صدر با�سم جاللة الملك بالإ�ضافة �إلى �أن الم�شرع منع على اللجنة الوطنية
تف�سير المقت�ضيات القانونية �أو التنظيمية وذلك باعتبارها هيئة �إدارية ولي�ست هيئة
ق�ضائية.
وجاء في حكم للمحكمة الإدارية بوجدة �صادر بتاريخ 2005/06/30في الملف
رقم 2004/312من�شور بمجلة الحقوق المغربية الجزء الأول �سنة � 2010أن
الإدارة ملزمة ب�إحالة ملف النزاع ال�ضريبي على اللجنة المحلية وتكون �أي مطالبة
ب�أداء ال�ضريبة المتنازع ب�ش�أنها قبل انتهاء الم�سطرة الإدارية �أمام اللجنتين المحلية
والوطنية مطالبة باطلة مادامت الإدارة قد حرمت الملزم من الحقوق وال�ضمانات
المخولة له على م�ستوى المنازعة الإدارية .فيتبين من الحكم المذكور �أن الم�سطرة
�أمام اللجن المحلية والوطنية هي م�سطرة الإدارية.
وقرارات اللجنة الوطنية ال تعتبر �أحكاما تحكيمية للأ�سباب التالية :
-التحكيم يعتبر ق�ضاءا خا�صا �إذ يختار الأطراف ق�ضاتهم للف�صل بينهم.
-التحكيم هو اتفاق الأطراف على اللجوء �إلى التحكيم �إما بمقت�ضى �شرط
ي�ضمن في العقد الرابط بين الطرفين �أو بمقت�ضى عقد يبرم بين الطرفين
باللجوء �إلى التحكيم عند ن�شوب نزاع بينهما ويختار الطرفان القواعد
101
دفاتر المجلس األعلى
مقدمة :
للإثبات دور �أ�سا�سي في ف�ض النزاعات مهما كانت طبيعتها ،مدنية �أو تجارية
�أو جبائية ،فهو مرحلة االنطالق في م�سار �إجراءات �أي دعوى �إلى �أن ي�صدر فيها
حكم منهي وقاطع للنزاع ،فتطبيق القاعدة القانونية ال يتم �إال على الوقائع الثابتة
دون غيرها ،وثبوت الوقائع يكون بدليل من الأدلة المن�صو�ص عليها ح�صرا في
القانون وبالكيفية المن�صو�ص عليها في القانون �أي�ضا ،والنزاعات ال�ضريبية ال
تخرج من حيث المبد�أ عن هذه المبادئ ،مع الأخذ بعين االعتبار خ�صو�صياتها
نظرا الختالفها في الطبيعة عن غيرها.
�إن طرق الإثبات في النزاعات ال�ضريبية هو �إعطاء الإدارة ال�ضريبية �صالحية
�إثبات الوقائع المتنازع في �ش�أنها مع الملزم ،وتتمثل هذه الوقائع في �شروط
�إعمال الن�صو�ص الجبائية ،وخ�صو�صا الواقعة المن�شئة لل�ضريبة و�إثبات الوعاء
ال�ضريبي ،و�أ�س�س ال�ضريبة ،و�إجراءات فر�ضها وت�صحيحها ،ف�ضال عن �إثبات
المخالفات للنظام الجبائي.
�أما الملزم فغايته من الإثبات في المادة ال�ضريبية هو �إثبات انعدام �صفته كملزم
بالفر�ض ال�ضريبي� ،أو �إثبات انعدام الواقعة المن�شئة لل�ضريبة ،كما تكون غايته هي
�إثبات دخله� ،أو رقم �أعماله الحقيقيين� ،أو �إعفائه من الواجب ال�ضريبي.
102
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وبالرغم من �أنه يبدو �أن هناك تعار�ضا في الغاية بالن�سبة للوقائع المتنازع فيها
بين الإدارة الجبائية والملزم ،ف�إن الحقيقة �أن لكل منازعة �ضريبية واقعة �أو �أكثر
متنازع فيها يتعين �إثباتها �إيجابا �أو �سلبا من لدن �أحد �أطراف النزاع ،وبذلك يطرح
ال�س�ؤال التالي :من يتحمل عبء الإثبات؟ وما هي الو�سائل المعتمدة في الإثبات؟
لذا ف�س�أتطرق في هذه المداخل �إلى ثالث م�سائل :
- 1الوقائع المتنازع فيها،
- 2عبء االثبات،
- 3و�سائل االثبات،
- 1الوقائع المتنازع فيها
�إن الوقائع المتنازع فيها في المنازعات ال�ضريبية متعددة وال تقع تحت ح�صر،
نظرا لتعدد ال�ضرائب وتنوعها وقابليتها للتعديل والت�صحيح والإلغاء من حين
لآخر ،الرتباطها بالحياة االجتماعية والمالية واالقت�صادية للدولة ،و�س�أ�ضرب بع�ض
الأمثلة عن هذه الوقائع:
�أ -الواقعة المن�شئة لل�ضريبة :وهي واقعة ينطبق عليها ن�ص جبائي ،فبناء عقار
والح�صول على رخ�صة ال�سكن ين�ش�أ عنه مطالبة الإدارة الجبائية �صاحب
العقار بال�ضريبة على القيمة الم�ضافة ،وبيع هذا العقار تن�ش�أ عنه ال�ضريبة
عن الدخل بالن�سبة للمالك البائع ور�سوم الت�سجيل بالن�سبة للم�شتري
والمنازعة في تلك الواقعة تتم من طرف الملزم �إما فيما يخ�ص وجودها
�أ�صال �أو فيما يخ�ص �آثارها.
ب -التقادم :حالة قانونية من �ش�أنها �إذا تحققت �أن ت�سقط حق الإدارة الجبائية
في الفر�ض ال�ضريبي ،وقد نظمت المادة )1(23من الم�ساطر الجبائية
( ) 1عو�ضتها المادة 232من مدونة ال�ضرائب -مدة التقادم �إلى غاية 31دي�سمبر من ال�سنة الرابعة التالية ل�سنة اختتام
ال�سنة الح�سابية اكت�شاف بيع منزل �أو عقار
ج -بالن�سبة للت�سجيل من تاريخ ت�سجيل العقود.
103
دفاتر المجلس األعلى
104
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�إن عبء االثبات م�صدره القانون �إذ ن�ص الف�صل 400من قانون االلتزامات
والعقود الذي جاء فيه �« :إذا �أثبت المدعي وجود االلتزام كان على من يدعي
انق�ضاءه �أو عدم نفاذه تجاهه �أن يثبت ادعاءه» ،وهذا الف�صل ي�أخذ �صورة �أخرى
مفادها �أن عبء الإثبات يتحمله من يدعي خالف الظاهر �أ�صال �أو الظاهر عر�ضا �أو
الظاهر فر�ضا ،فالأول كان ظاهرا بح�سب �أ�صله� ،أي ح�سب طبيعة الأ�شياء ،والثاني
ما ظهر بدليل �أقيم عليه خالفا للأ�صل ،والثالث ما افتر�ض الم�شرع ظهوره بناء
على قرينة قانونية.
وعبء الإثبات في المنازعات ال�ضريبية يختلف من حالة �إلى حالة بتنوع
مو�ضوع المنازعة ،وهكذا ف�إن توزيع عبء الإثبات في الواقعة المن�شئة لل�ضريبة
يختلف عن توزيعه في الإجراءات ،كما يختلف عنه في المراقبة الجبائية وفي
التقادم واالعفاء ال�ضريبي وغيرها ،ون�سوق �أمثلة على ذلك فيما يلي :فبالن�سبة
للواقعة المن�شئة لل�ضريبة (توظيف الأموال مثال ،ن�شاط محل تجاري) ،فعبء
�إثباتها يقع على كاهل الإدارة الجبائية في جميع الأحوال وبجميع طرق الإثبات.
�أما التقادم بخ�صو�ص الفر�ض ال�ضريبي ،فيكفي من الملزم �أن يثيره حتى ينتقل
عبء الإثبات �إلى �إدارة ال�ضرائب التي عليها �إثبات �أن الفر�ض المذكور تم داخل
�أمد التقادم �أو داخل المدة الالحقة عن انقطاعه ،لأن في التقادم �أن الأ�صل هو
براءة الذمة ،وعلى من يدعي خالف ذلك �أن يثبته ،و�أن �إجراءات قطع التقادم
تنجزها �إدارة ال�ضرائب.
من ال�ضريبة ،لأن الأ�صل هو عدم والملزم يتحمل عبء �إثبات �إعفائه
()3
105
دفاتر المجلس األعلى
الإعفاء ،علما ب�أن الإعفاء ال يكون �إال بن�ص �صريح في القانون الجبائي الذي يحدد
�شروطه ،والملزم هو المكلف ب�إثبات هذه ال�شروط ومدى انطباقها عليه.
وبخ�صو�ص م�سطرة الفر�ض ال�ضريبي وغيرها من االجراءات المن�صو�ص عليها
في القانون ال�ضريبي ،ف�إن كل ملزم ب�إنجازها بموجب القانون المذكور يتحمل
عبء �إثبات هذا االنجاز ،لأن الأ�صل هو عدم التنفيذ ،ما دام االلتزام ثابتا قانونا،
فعلى الملزم به �إذا ما ادعى تنفيذه �أن يثبت ما يدعيه.
�أما بالن�سبة للوعاء ال�ضريبي وتحديد الأ�س�س لربط ال�ضريبة ،فيتوزع فيه عبء
الإثبات بين الملزم والإدارة ال�ضريبية ،فالأول ملزم بتقديم �إقراره بالدخول في
مجال تطبيق �أحد الن�صو�ص ال�ضريبية التي يمكن �أن تكون ربحا� ،أو رقم �أعمال،
�أو عملية من العمليات الخا�ضعة لل�ضريبة ،ويبقى للإدارة ال�ضريبية حق تقييم
الت�صريح عن طريق االطالع ومراقبة ملزم ت�شك في �صدق �إقراره وحقيقة مقدرته
الجبائية.
- 3و�سائل االثبات :
المبد�أ العام في النظام ال�ضريبي �أن االدارة ال�ضريبية حرة في ا�ستعمال �أي
و�سائل من و�سائل االثبات ،في حين �أن الملزم ي�ستعمل و�سائل االثبات المن�صو�ص
عليها في القانون ،وهذا المبد�أ ناجم على �أن االدارة الجبائية هي الموكول لها
تطبيق النظام الجبائي ،وبالتالي فهي ال تتقيد بو�سائل الإثبات القانونية ،وبالمقابل
تتحمل في �أغلب الحاالت� ،سواء �أكانت مدعية �أو مدعى عليها عبء الإثبات،
ويكفي الملزم �أن يدعي عدم حدوث الواقعة المن�شئة لل�ضريبة �أو عدم احترام
الإدارة لم�سطرة الفر�ض ال�ضريبي� ،أو ت�صحيح ال�ضريبة ،ليتحلل من الإثبات
وينتقل عب�ؤه على كاهلها.
ونظرا لدور القا�ضي ال�ضريبي الإيجابي في توجيه الدعوى ،فله �سلطة وا�سعة
في تقدير و�سائل االثبات المقدمة ومدى قوتها ،وبا�ستثناء اليمين و�شهادة ال�شهود،
106
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ف�إن باقي الو�سائل يعمل بها في المنازعات ال�ضريبية ،وهذه الو�سائل يتعين تناولها
في �إطارين ،وهما :
-و�سائل الإثبات في �إطار المحا�سبة.
-و�سائل الإثبات خارج �إطار المحا�سبة.
- 1و�سائل الإثبات في �إطار المحا�سبة :
�إن ال�ضرائب( ،)4وال�سيما ال�ضرائب الرئي�سية( ،ال�ضريبة على الدخل وال�ضريبة
على ال�شركات وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة) �أ�صبحت تخ�ضع لنظام الإقرار �أو
الت�صريح والمحا�سبة ،وكالهما يفر�ض على الملزم القيام بهما تحت طائلة توقيع
الجزاءات الجبائية عليه ،واالقرار عمل �أولي من خالله يقر الملزم بما ح�صل
عليه من دخل �أو ربح ،وما حققه من رقم �أعمال �أو ما قام به من عمليات خا�ضعة
لل�ضريبة ،ويتخذ �شكل مطبوع ت�سلمه الإدارة �إلى الملزم ،ويت�ضمن بيانات تتعلق
بالهوية وبيانات تتعلق بالنتيجة ال�ضريبية ،فبالن�سبة لل�ضريبة على ال�شركات ،ف�إن
المادة 20من مدونة ال�ضرائب تن�ص على وجوب توجيه ال�شركة الإقرار بح�صيلتها
الخا�ضعة لل�ضريبة �إلى المفت�ش ،والمادة 8وما بعدها من نف�س المدونة توجب
هي الأخرى على الخا�ضعين لل�ضريبة �أن ي�سلموا �إلى المفت�ش �إقرارا بمجموع
دخولهم خالل ال�سنة ال�سابقة والمادة 112توجب كذلك �إيداع �إقرار لدى مكتب
قاب�ض �إدارة ال�ضرائب ،ويتعين �إرفاق الإقرار بالوثائق التي تعززه.
والجدير بالذكر �أنه �إذا كانت القواعد العامة للإثبات تق�ضي ب�أنه ال يجوز
لل�شخ�ص �أن يقدم دليال ل�صالح نف�سه ،ف�إنه في المنازعة الجبائية يجوز الإثبات
بوا�سطة الوثائق المحا�سبية ،وهذه الوثائق تو�ضع رهن �إ�شارة الإدارة ال�ضريبية
لالطالع على ما ت�ضمنته من بيانات ،ومقابل الإقرار المقدم من طرف الملزمين
تمار�س الإدارة ال�ضريبية حق المراقبة �أو الفح�ص ولممار�سة هذا الحق ،ف�إن الإدارة
( )4هناك نوعان من ال�ضرائب :
� -ضرائب الإقرار :ال�ضرائب الرئي�سية.
� -ضرائب معاينة :ال�ضريبة الح�ضرية وال�ضرائب لفائدة الجماعات المحلية.
107
دفاتر المجلس األعلى
108
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
109
دفاتر المجلس األعلى
تمهيد
هناك �أكثر من مبرر يدفع القا�ضي للجوء �إلى الخبرة في بع�ض الق�ضايا الجبائية
المعرو�ضة عليه ويمكن �أن نذكر من بين هذه المبررات :
-تعقد المادة الجبائية وت�شعبها ،واحتواء بع�ض المنازعات فيها على �أمور
تقنية �أو فنية لي�س من ال�ضروري �أن يكون القا�ضي ملما بها.
� -صعوبة ا�ستيعاب وفهم بع�ض و�سائل الإثبات المقدمة خا�صة الوثائق
المحا�سبية نظرا الحتوائها على �أمور تقنية وجزئيات تتطلب دراية وا�سعة
بالتقنيات المحا�سبية.
-كثرة الملفات المعرو�ضة على القا�ضي وعدم وجود وقت كاف لديه من
�أجل البحث بنف�سه في الأمور الفنية.
وقد �آثرت �أن �أتعر�ض لمو�ضوع الخبرة في المادة الجبائية لمجموعة من
الأ�سباب الأ�سا�سية منها :
-كثرة اللجوء �إلى الخبرة في الدعاوى ال�ضريبية (على �سبيل المثال ما يزيد
عن % 95من الق�ضايا الرائجة والمتعلقة بمنازعة الملزمين في �ضرائب
�صادرة على �إثر مراقبة �ضريبية)،
-الأهمية التي تح�ضى بها م�ستنتجات الخبرة من طرف الق�ضاء،
110
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
-تدخل الم�شرع الجبائي م�ؤخرا للن�ص على قواعد خا�صة بالخبرة في الدعوى
ال�ضريبية،
-موقف الإدارة ال�ضريبية عن هذه الخبرات والذي ما فت�أت تعبر عنه في
جميع المنا�سبات.
وعليه ،فقد ر�أيت �أن �أتناول هذا المو�ضوع في مجموعة من المحاور بد�أ
بالتطرق لمبد�أ اللجوء �إلى الخبرة �إلى تحديد مهمة الخبير �إلى ندب �أو اختيار
خبير �إلى �إجراءات الخبرة و�أخيرا �إلى تقييم م�ستنتجاتها.
�أوال :مبد�أ اللجوء �إلى الخبرة
طبعا المعروف �أن القا�ضي حر في اللجوء �إلى الخبرة ،و�أنه يتم اللجوء �إليها
�إما تلقائيا �أو بناء على طلب �أحد الأطراف.
لكن هناك على الأقل ثالث مالحظات �أ�سا�سية تمت معاينتها في هذا الإطار :
المالحظة الأولى � :أغلبية الق�ضايا التي يتم اللجوء فيها �إلى الخبرة تتعلق بالق�ضايا
المتعلقة بالمنازعة في �ضرائب تكميلية مبنية على مراقبة جبائية� ،أف�ضت �إلى م�سطرة
اللجن (ما يزيد عن .)% 95بحيث يكفي �أن يتقدم الملزم بال�ضريبة �أمام الق�ضاء
بطعن �ضد مقرر اللجنة الوطنية ،يتم�سك فيه ب�أن محا�سبته منتظمة و�أن الإدارة غير
محقة في ا�ستبعادها ،و�أن الت�صحيحات التي بنيت عليها ال�ضريبة ت�صحيحات غير
م�شروعة� ،أو �أن القيمة التجارية الم�صححة للعقار المبيع غير مقبولة ،وبدون �أن
يتقدم في هذا الطعن ب�أية و�سائل جدية ،يلتم�س �إجراء خبرة في المو�ضوع ،هنا
يكون الهدف الأ�سا�سي من رفع الدعوى هو الو�صول �إلى خبرة ،وهذا �أمر ال
يجوز ح�سب المتفق عليه فقها وق�ضاء.
المالحظة الثانية � :أن المتفق عليه �أن الخبرة في المادة الجبائية هي و�سيلة للتحقيق
والبحث في �إثباتات وو�سائل مقدمة من الأطراف ،وهذا يفتر�ض �أن يكون ه�ؤالء
الأطراف قد قدموا في مقاالتهم ومذكراتهم �إلى المحكمة هذه الو�سائل وهذه
الوثائق.
111
دفاتر المجلس األعلى
لكن في ن�سبة مهمة من الق�ضايا المعرو�ضة ال تقدم �أمام المحكمة �أية وثائق وال
حتى و�سائل ،و�أحيانا حتى الخبير ال تقدم له �أية وثائق بالمرة.
وهنا طبعا المو�ضوع ،الذي هو الإثباتات والذي من المفرو�ض �أن ي�شتغل عليه
الخبير ويحقق فيه ،غير موجود.
الملفت لالنتباه هنا �أن هذه الوثائق �إذا وجدت ف�إنها تقدم مبا�شرة �إلى الخبير
غير �أن بع�ض مواقف الق�ضاء تجيز هذا الأمر وتعتبر -كما ذهبت �إلى ذلك الغرفة
الإدارية بالمجل�س الأعلى في �إحدى قراراتها �أنه :
«ال يلزم �إدالء الملزم ب�أ�سانيده �صحبة المقال االفتتاحي لإثبات ما يدعيه ،بل �إن هذه
الأ�سانيد �إن وجدت تقدم �إلى الخبير ال �إلى المحكمة التي عليها تقديـر الخبرة».
والملفت لالنتباه �أي�ضا �أن �أغلبية هذه الوثائق �إما وثائق محا�سبية تمت معاينة
عدم وجودها في المراحل ال�سابقة التي مرت منها المنازعة� ،أو وثائق �إثباتية
لإثبات تحمالت �أو م�صاريف �أو لإثبات ا�ستثمارات �أنجزت� ،أو عنا�صر المقارنة
التي ي�ستند عليها الملزم لإثبات القيمة التجارية للعقار مو�ضوع التفويت.
وبالتالي ف�إنه من النتائج ال�سلبية لهذه الم�س�ألة �أن الخبرة لم تعد و�سيلة تحقيق
في �إثبات مقدم ،كما تن�ص على ذلك قواعد الم�سطرة المدنية.بل يحل محل
الإثبات الذي من المفرو�ض �أن يقدمه الملزم ،مما ي�شكل عرقلة وا�ضحة لل�سير
العادي لقواعد الإثبات.
المالحظة الثالثة :م�ؤخرا عايننا تزايد الخبرات التي تهدف �إلى تحقيق الخطوط،
والهدف طبعا من هذه الخبرات هو البحث فيما �إذا كان توقيع الملزم الوارد على
ت�صريحه ال�ضريبي� ،أو على �إ�شعار بريدي بالت�سلم� ،أو ما �إلى ذلك من الوثائق
الإدارية ،هو توقيع الملزم الذي ينكر هذا التوقيع.
و�أريد �أن �أقول �أنه ولحد ال�ساعة لي�ست هناك ولو خبرة واحدة اعتبرت �أن
التوقيع المذكور هو توقيع الملزم نف�سه ،وبالتالي اعتبرت �أن الت�صريح المقدم �أو
الإ�شعار البريدي بالتو�صل ال �صلة للملزم به ،والأحكام ال�صادرة في هذا الإطار
�أبطلت مجموعة من ال�ضرائب المهمة تتجاوز �أحيانا ماليين الدراهم.
112
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
خطورة هذه الخبرات ،وخطورة الأمر بهذه الخبرات ت�أتي من ت�أثيرها على
الثوابت التي يقوم عليها النظام ال�ضريبي المغربي ،باعتباره نظاما يقوم على
مبد�أ الت�صريح ،ويقوم �أي�ضا على الحوار الذي تج�سده المرا�سالت والإ�شعارات
بالتو�صل بين الطرفين ،ومحا�ضر االتفاقات ،وبالتالي ف�إن فتح المجال للطعن في
التوقيع و�إنكار الت�صريح والمرا�سالت واالتفاقات مع الإدارة �سي�ؤثر �سلبا على
هذه الثوابت.
علما �أن الخطورة ت�أتي �أي�ضا من طبيعة وطبائع بع�ض الملزمين �سيئي النية خا�صة
�أوالئك الذين ال يتوفرون وال ي�ستخدمون توقيعا واحدا.
المالحظة الرابعة :عايننا �أن هناك بع�ض الأحكام الق�ضائية التي تعتبر �أن مجرد
الأمر ب�إجراء خبرة يعني وجود جدية في المنازعة المعرو�ضة ،وهذا مبرر ح�سب
هذا االتجاه للأمر ب�إيقاف تنفيذ ال�ضريبة مو�ضوع المنازعة؛ هذا االتجاه كان �ساريا
خا�صة قبل التعديل الذي لحق بالمادة 242من المدونة العامة لل�ضرائب.
ثانيا :تعيين الخبير
المعلوم �أن الخبير هو المخت�ص الذي يتولى بتكليف من المحكمة التحقيق في
نقط تقنية وفنية.
وهنا �أريد �أن �أتناول مالحظتين �أ�سا�سيتين تتعلقان بالخبير الذي وقع عليه
االختيار للقيام بهذه المهمة في الدعوى ال�ضريبية:
المالحظة الأولى :تتعلق بالخبير المختار ،حيث ن�ص الم�شرع في المادة 242
من المدونة العامة لل�ضرائب بموجب التعديل الذي طر�أ على هذه المادة في
قانون المالية ل�سنة 2009على �أنه:
«يجب على الخبير المعين من طرف القا�ضي �أن يكون م�سجال في جدول هيئة الخبراء
المحا�سبيين �أو في الئحة المحا�سبين المعتمدين».
طبعا بما �أن هذا الن�ص جاء في �إطار المادة 242ف�إنه يهم جميع المنازعات
المتعلقة بال�ضرائب التكميلية المبنية على مراقبة �ضريبية ،بمفهومها العام �سواء
113
دفاتر المجلس األعلى
�أف�ضت �إلى �صدور مقرر للجن ال�ضريبية �أم لم تف�ض �إلى ذلك.
الإ�شكال المطروح هنا هو �أنه ال تتم مراعاة ال�شرط القانوني الذي و�ضعه
الم�شرع في الخبير المعين ،بحيث �أن ن�سبة مهمة من الخبراء المعينين ال ينتمون
ال �إلى هيئة الخبراء المحا�سبين وال �إلى الئحة المحا�سبين المعتمدين.
�صحيح �أن الجدول الق�ضائي يت�ضمن بع�ض الخبراء الم�سجلين تحت �صفة
«خبير في المحا�سبة» وقد لقي هذا الأمر اعترا�ضا من طرف الهيئة الوطنية للخبراء
المحا�سبين بدعوى �أن حمل هذا اللقب يخ�ضع للقانون الذي يفر�ض �أن يتوفر هذا
الخبير على م�ؤهالت علمية عالية قد ال تتوفر في ه�ؤالء.
وعلى الرغم من �أن الإدارة تبا�شر م�سطرة التجريح �ضد ه�ؤالء الخبراء� ،إال �أن
بع�ض الأحكام ترف�ض هذا التجريح وتعتبر �أنها غير ملزمة �إال بالخبراء المدرجين
في جدول الخبراء الق�ضائيين.
المالحظة الثانية :تتعلق ببع�ض الخبراء المعينين والذين كانوا مو�ضوع مراقبة
جبائية �أف�ضت �إلى منازعة �أمام اللجن.
ولهذا ال�سبب تقوم الإدارة ،في �إطار ما تن�ص عليه المادة 62من قانون
الم�سطرة المدنية ،بمبا�شرة م�سطرة التجريح في مواجهة ه�ؤالء على �أ�سا�س وجود
نزاع معهم معرو�ض على اللجن� ،إما �أمام اللجنة المحلية �أو �أمام اللجنة الوطنية،
و�أن هذا النزاع �سي�ؤثر ال محالة على حياد ومو�ضوعية الخبير،
�إال �أن بع�ض الأحكام الق�ضائية ترف�ض طلب التجريح بدعوى �أن النزاع لم ي�صل
بعد �إلى المرحلة الق�ضائية.
ما نريد �أن نقوله هنا هو �أن حجم و�أهمية بع�ض الق�ضايا ال�ضريبية الرائجة والتي
تفوق ماليير ال�سنتيمات يبدو �أكبر من الخبير المعين منها.
ثالثا :تحديد مهمة �أو �صالحيات الخبير
طبعا هذه المهمة تختلف ح�سب اختالف الواقعة المن�شئة �أو التي على �أ�سا�سها
تم فر�ض ال�ضريبة؛
114
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
-هناك خبرة عقارية لتحديد القيمة الإيجارية للعقار (ال�ضريبة على الر�سم
المهني)......
-وهناك خبرة عقارية لتحديد القيمة التجارية للعقار (ال�ضريبة على الربح
العقاري).
-وهناك خبرة ح�سابية لتقييم المحا�سبة.
في كل الأحوال �صالحيات الخبير تقت�صر على تقديم الر�أي �أو اال�ست�شارة في
الم�سائل الفنية دون الم�سائل القانونية الواردة طبعا في الدعوى ،هنا �أي�ضا من
المنا�سب ا�ستعرا�ض بع�ض المالحظات التي تمت معاينتها بخ�صو�ص مختلف
الأحكام التمهيدية القا�ضية ب�إجراء خبرة في الدعوى ال�ضريبية.
المالحظة الأولى :نحن نعتقد ب�أن �أغلبية الأمور التي ينتدب الخبير للتحقيق
فيها هي �أمور قانونية تخرج عن مجال اخت�صا�صه ،من هذه الأمور يمكن �أن نذكر
الأمثلة التالية :
-البحث في مجال ونطاق تطبيق ال�ضريبة �أو في توفر �شروط الإعفاء منها؛
-البحث في انتظام المحا�سبة من عدمه.
-تقدير و�سائل الإثبات المقدمة كالفاتورات والوثائق المحا�سبية عموما ومدى
ا�ستيفائها ل�شروط القبول.
-البحث في القانون الواجب التطبيق.
-االطالع على الملف الجبائي للملزم.
-تحديد تاريخ بداية مزاولة الن�شاط المهني.
-تحديد ال�شكل القانوني لل�شركة.
-البحث في �إخ�ضاع واقعة ما لل�ضريبة.
في المقابل يمكن �أن يعهد �إلى الخبير بو�صف الوثائق المحا�سبية دون �أن يبدي
ب�ش�أنها حكما مثال ،كما قد يعهد �إليه بو�صف الإخالالت المحا�سبية دون �أن يقول
ب�أنها خطيرة �أو يعيد تكييفها؛ كالقول ب�أنها مجرد �أخطاء مادية ب�سيطة.
115
دفاتر المجلس األعلى
في كل الأحوال نحن نرى ب�أن عدم التمييز بين الو�سائل الواقعية والقانونية
وتركها برمتها للخبير ،قد يجعل دور القا�ضي في مراقبة مدى ح�سن تطبيق القانون
دورا ثانويا.
المالحظة الثانية :فيما يتعلق بالدعاوى المتعلقة بالمنازعة في ال�ضرائب التكميلية
الناجمة عن م�سطرة الفح�ص �أو المراقبة ،لوحظ �أنه تمنح للخبير �صالحيات وا�سعة
تبد�أ بتقييم المحا�سبة برمتها ،مرورا ب�إعادة تقدير �أ�سا�س ال�ضريبة وانتهاء بت�صفية �أو
تحديد مبلغها �أ�صال وغرامات وفوائد الت�أخير ،وبالتالي ف�إن الأمر ال ينح�صر في
الو�سائل والدفوعات المقدمة ،وال حتى في الت�صحيحات التي تكون مو�ضوع
منازعة ،بل يمتد �إلى التحقيق في جميع جوانب ملف المراقبة الجبائية.
المالحظة الثالثة :في جميع الق�ضايا التي يتم فيها تعيين خبير ،ف�إن الأر�ضية التي
ي�شتغل عليها هذا الخبير هي محا�سبة الملزم بال�ضريبة والت�صحيحات والتقديرات
التي قام بها المفت�ش المحقق ،في الوقت الذي يكون فيه ملف المنازعة قد مر من
عدة مراحل مرحلة الفح�ص ،المرحلة التواجهية ،مرحلة اللجن،
نحن نعتقد ب�أن هذا الأمر قد يكون مجانبا لل�صواب على اعتبار �أن المنازعة
الجبائية هي منازعة على مراحل؛ وفي هذه المراحل قد تكون هناك ت�صحيحات
تمت ت�سويتها بالرف�ض �أو بالقبول ال�ضمني �أو ال�صريح من هذا الطرف �أو من ذلك،
وبالتالي فمن المفرو�ض �أن تكون �آخر مرحلة و�صل �إليها الملف؛ وهي غالبا مرحلة
اللجن وما �أ�سفر عنها من مقرر؛ هي الأر�ضية التي يجب �أن ي�شتغل عليها الخبير.
رابعا � :إجراءات الخبرة
على م�ستوى الإجراءات التي يقوم بها الخبير �أثناء قيامه بالمهمة الم�سندة �إليه،
من المتعين ت�سجيل المالحظات التالية:
المالحظة الأولى � :إن �أهم �شرط يراقبه الق�ضاء في الخبرة هو �شرط التواجهية،
والمق�صود منه -ح�سب المحكمة � -أن يقوم الخبير با�ستدعاء جميع الأطراف
لجل�سة الخبرة.
116
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
نحن نعتقد ب�أن �شرط التواجهية بهذا المفهوم لي�س غاية في ذاته ،ولكنه و�سيلة
للمحافظة على حقوق الطرفين في الدفاع عن حقوقهم وم�صالحهم ،بحيث
�أن المق�صود منه هو تخويل الفر�صة والحق لكل طرف ليطلع ويناق�ش الو�سائل
والوثائق المدلى بها من الطرف الآخر ،على غرار ما ح�صل في المراحل ال�سابقة،
خالل الم�سطرة التواجهية �أو �أمام اللجن.
لكن ما يحدث فعليا هو �أن بع�ض الخبراء �إما �أنهم يبنون م�ستنتجاتهم على
م�ستندات ووثائق لم يطلع عليها الطرف الآخر الذي غالبا ما يكون المفت�ش المحقق،
�أو �أنهم يرف�ضون بالمرة �إطالع المفت�ش على هذه الوثائق� ،أو �أن هذه الوثائق غير
موجودة �أ�صال �أو على الأقل ال ترفق بتقرير الخبرة المقدم للمحكمة.
المالحظة الثانية � :إن �أهم �أر�ضية ي�شتغل عليها الخبير هي الوثائق والحجج
المقدمة من كل طرف.
الإ�شكال الذي كان مطروحا هو �أن بع�ض الوثائق الحا�سمة المبررة مثال لبع�ض
التحمالت� ،أو بع�ض اال�ستثمارات ،ال تظهر �إال �أمام الخبير ،فهي لم تقدم ال خالل
مدة الفح�ص ،وال خالل الم�سطرة التواجهية ،وال �أمام اللجن ال�ضريبية ،وال حتى
للمحكمة نف�سها،
وقد كانت الإدارة ت�شتكي من هذا الأمر لأنه يم�س بحقوق الدفاع ،يم�س بجو
الثقة الذي يجب �أن تمر فيه م�سطرة المراقبة ،كما حرمها هذا الأمر من �إبداء موقفها
بخ�صو�ص هذه الوثائق في المراحل ال�سابقة ،وبناء الت�صحيحات على �أ�سا�س هذه
الوثائق.
وقد انتبه الم�شرع �إلى هذه الم�س�ألة فعمد �إلى التن�صي�ص في المادة 242من
المدونة العامة لل�ضرائب على �أنه ال يمكن للخبير:
«�أن ي�ستند في خال�صاته على دفوع �أو وثائق لم يتم �إطالع الطرف الآخر في
الدعوى عليها خالل الم�سطرة التواجهية».
117
دفاتر المجلس األعلى
المالحظة الثالثة � :أن الخبير يقوم بالتحقيق في الملف الجبائي يطرح برمته ،بما
فيه جميع الت�صحيحات التي �صدرت بناء عليها ال�ضريبة ،بما فيها الت�صحيحات
التي تم قبولها �صراحة �أو �ضمنا من طرف الملزم بال�ضريبة ،والت�صحيحات التي
لم تتم المنازعة فيها �أمام الق�ضاء.
المبرر وراء هذا الأمر �أن الطعن �أمام الق�ضاء ين�شر ملف النزاع من جديد.
نحن نعتقد ب�أنه و�إ�ضافة �إلى ما قلناه �سابقا ،ف�إن المنازعة الجبائية هي منازعة
على مراحل يفتر�ض �أن ت�أخذ المرحلة الق�ضائية فيها بعين االعتبار ما تم وما تحقق
في المراحل ال�سابقة ،وبالتالي ف�إن الت�صحيحات التي تم القبول بها مثال يجب �أن
ال تكون مو�ضوع �أي تحقيق من طرف الخبير.
و�إ�ضافة �إلى ذلك ف�إن طرح الملف برمته يتعار�ض �أي�ضا مع المادة 3من قانون
الم�سطرة المدنية التي تقيد القا�ضي بالنظر فقط في الو�سائل والدفوعات المثارة
�أمامه.
المالحظة الرابعة � :أن الخبير الذي ت�سند له مهمة التحقيق في المحا�سبة يقوم في
الواقع ب�إعادة م�سطرة الفح�ص ،هذه الم�سطرة التي ا�ستغرقت من المفت�ش المحقق
�شهورا ومن اللجن ال�ضريبة جل�سات طويلة ،غير �أن ال�سيد الخبير يختزلها في
جل�سة واحدة ال تتعدى في �أق�صى الحاالت ن�صف �ساعة �إلى �ساعة.
خام�سا :تقييم الخبرة
لقد لوحظ ب�أنه تتم الم�صادقة جملة وتف�صيال على جميع الخبرات التي تنجز
�سواء كانت خبرات محا�سبية �أو خبرة عقارية ،على الرغم من المالحظات التي
قد تبدى بخ�صو�ص هذه الخبرات ومنها على وجه الخ�صو�ص :
� -أن بع�ض الخبرات تبنى على معطيات وخا�صة على وثائق غير موجودة �أ�صال،
ك�أن يجزم الخبير ب�أنه اطلع على جميع الوثائق المحا�سبية ووجدها منتظمة،
ولهذا تنتبه بع�ض الأحكام �إلى هذا الأمر ومنها قرار للمجل�س الأعلى والذي
ورد فيه ما يلي :
118
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
«وبذلك ف�إنه � -أي الخبرة -تكون قد اعتمدت وثائق لم تتم مناق�شتها �أمامها وهو ما
ي�شكل �إخالال بحق الدفاع يكون الحكم الم�ست�أنف مجانبا لل�صواب،
وحيث �إن الق�ضية غير جاهزة ويقت�ضي الأمر الإطالع على الفواتير مو�ضوع
الخ�صم».
-في بع�ض الأحيان ن�شك هل نحن �أمام تقرير خبرة �أم �أمام مقال الدفاع عن
طرف؛ يتجلى ذلك في ال�صياغات واال�ستنتاجات الم�ستعملة .وفي بع�ض
الخبرات يثير الخبير من تلقاء نف�سه و�سائل لم ي�سبق للملزم �أن �أثارها ،في
مقال الدعوى ،ك�إثارة عيوب م�سطرية� ،أو تقادم.
-بع�ض الخبرات ال يتبين �أن الخبير المعين فيها بدل مجهودا فيها �إذ غالبا ما
يكتفي بالو�صف ال�سطحي ودون اعتماد �أية منهجية مقبولة ،وهو ما تفطن �إليه
بع�ض الأحكام من قبيل القرار ال�صادر عن الغرفة بالمجل�س الأعلى الذي
ورد فيه ب�أن الخبير:
«لم يبين – �أي الخبير -العنا�صر التقنية والمو�ضوعية والح�سابية لما انتهى �إليه بل
اكتفى فقط ب�سرد عبارات عامة وف�ضفا�ضة ال ي�ستنتج منها قيام الخبير بمجهود فني
وميداني في النازلة».
قرار عدد � 856صادر بتاريخ 2001/06/28في الملف عدد .2000-1-4-1253
-في ن�سبة مهمة من الخبرات ي�صل الخبير �إلى تقديرات �أو �أ�س�س ،من �أرباح
ومداخيل �أقل حتى من تلك التي �صرح بها الملزم نف�سه ،وهذا من �أف�ضح
مظاهر التناق�ض التي تت�سم بها بع�ض الخبرات.
عموما يمكن �أن نجزم ب�أن الق�ضاء يمنح دورا كبيرا للخبير في العملية ال�ضريبية
�أكبر من دور الإدارة و�أكبر حتى من دور اللجن ،و�أحيانا من دور الق�ضاء نف�سه،
كما يتجلى ذلك فيما يلي :
-هناك ثقة كبيرة للق�ضاء في ا�ستنتاجات الخبير� ،أكبر من ثقته في الإدارة
وفي ثقته في اللجنة ال�ضريبية ،بحيث �أنه من النادر جدا �أن يغير من هذه
اال�ستنتاجات ،وحتى �إذا كان هناك تغيير ف�إنه في الغالب ما يكون طفيفا.
119
دفاتر المجلس األعلى
120
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
المقدمة
تعتبر ال�سلطة التقديرية من بين ال�صالحيات القانونية التي خولها الم�شرع لإدارة
ال�ضرائب لتحديد �أو مراجعة �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة وفق �شروط معينة .وبالمقابل
يمتع الخا�ضع لل�ضريبة بحق المنازعة في هذا الأ�سا�س �أمام الق�ضاء وفق الم�ساطر
التي ن�ص عليها القانون.
فبقدر ما يحق للملزم �أن ينازع بكل الو�سائل القانونية دفاعا عن وجهة نظره في
ما يتعلق بتحديد �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة بقدر ما تتجلى م�س�ؤولية الإدارة في الدفاع
والحفاظ على موارد خزينة الدولة وتعزيزها من خالل تو�سيع الوعاء ال�ضريبي
مع مراعاة الأحكام والمبادئ التي ت�ؤمن توزيعا عادال للعبء ال�ضريبي.
وهكذا ف�إن مو�ضوع هذه المداخلة ين�صب على �أهم الحاالت التي تقوم فيها
الإدارة بت�صحيح �أو �إعادة تقدير �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة ويت�ضمن ثالثة محاور:
• المحور الأول :مراجعة القيمة الإيجارية (الر�سم المهني)
• المحور الثاني :مراجعة القيمة التجارية للعقار المبيع
• المحور الثالث � :إعادة تقدير رقم الأعمال على �إثر ا�ستبعاد المحا�سبة
ومن خالل هذه المداخلة �سيتم �إبراز الدور الكبير الذي تلعبه الإدارة الجبائية
عبر محاربة التمل�ص والتهرب ال�ضريبي وكذا �ضعف الت�ضريب Sous-imposition
لتحقيق الم�ساواة والعادالة الجبائية.
121
دفاتر المجلس األعلى
122
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وتحدد القيمة الكرائية المعتبرة �أ�سا�سا لح�ساب الأداء الن�سبي �إما بوا�سطة عقود
الإيجار �أو الكراء و�إما عن طريق المقارنة �أو حتى التقييم المبا�شر.
وهكذا حدد الم�شرع في الفقرة الأولى مفهوم القيمة االيجارية التي تعتبر �أ�سا�س
فر�ض الر�سم المهني مبرزا بكل و�ضوح �أربع �صفات يجب �أن تتوفر فيها وهي :
-قيمة �إيجارية �سنوية
-قيمة �إيجارية اجمالية
-قيمة ايجارية عادية
-قيمة ايجارية حالية
وعليه فكل قيمة ايجارية ال تتوفر فيها هذه المعايير تعتبر مخالفة للأحكام
القانونية .فالتركيز في هذه المداخلة على �صفتي «عادية» و«حالية» للقيمة
االيجارية نابع من الحر�ص على �إبراز مقا�صد الم�شرع التي تهدف �إلى تحقيق
مبد�أي الم�ساواة والتوزيع العادل للعبء ال�ضريبي.
�أما الفقرة الثانية من المادة ال�سابعة فهي تكمل الفقرة الأولى حيث ت�شير �إلى
طرق تحديد القيمة االيجارية وذلك :
-بوا�سطة عقود الإيجار �أو الكراء
-و�إما عن طريق المقارنة
� -أو عن طريق التقييم المبا�شر
فالتطبيق ال�سليم للأحكام الواردة في المادة ال�سابعة للقانون المنظم للر�سم
المهني يقت�ضي في اعتقادنا عدم الف�صل بين الفقرتين الأولى والثانية عند تحديد
�أ�سا�س فر�ض الر�سم المهني .فالفقرة الأولى تت�ضمن المعايير التي يجب �أن تتوفر
في القيمة االيجارية والفقرة الثانية تبين الطرق التي يجب على الإدارة اعتمادها
لتحديد �أ�سا�س ال�ضريبة.
123
دفاتر المجلس األعلى
وبناء على هذا الترابط خ�ضوع القيمة الإيجارية وجوبا للمعايير الم�شار �إليها في
الفقرة الأولى هو الذي يحدد الطريقة التي يتعين اعتمادها لح�ساب تلك القيمة.
وهكذا ف�إن وجود عقد الإيجار ال يعتبر في حد ذاته عن�صرا كافيا لتفر�ض ال�ضريبة
المهنية على �أ�سا�سه بل يتعين على المفت�ش �أن يت�أكد �أن القيمة االيجارية المترتبة
على العقد «عادية» و«حالية» وفق ما ن�ص عليه الم�شرع في الفقرة الأولى وذلك
مقارنة مع م�ستوى ال�سومة الكرائية التي تحددها قواعد ال�سوق مع مراعاة �أوجه
ال�شبه من ناحية الموقع والمرافق وحالة العقار والغر�ض المعد له الخ....
وقد �أثيرت عدة نزاعات حول م�س�ألة تحديد �أ�سا�س فر�ض الر�سم المهني من
طرف بع�ض الملزمين بعد ا�ستبعاد الإدارة الجبائية لعقود االيجار التي تبين �أنها ال
تعك�س م�ستوى ال�سومة الكرائية الحالية وتحيينها باللجوء �إلى طريقة المقارنة.
وانطالقا من م�س�ؤوليتها في تطبيق القواعد القانونية ف�إن الإدارة الجبائية تعتبر
ا�ستبعاد عقود الإيجار التي ال تبدو طبيعية بحيث ال تتوفر فيها �صفتي «العادية»
و«الحالية» هو تطبيق �سليم لإرادة الم�شرع الذي يتوخى من خالل التحيين تحقيق
مبد�أ العدالة الجبائية.
ومن خالل المثال الذي �س�أ�سوقه �س�أو�ضح بالأرقام �أن الم�شرع بتن�صي�صه على
قيمة ايجارية عادة وحالية �إنما �أراد �أن يحقق الم�ساواة بين الملزمين .لنفتر�ض مثال
�أن تاجران يمار�سان نف�س التجارة .الأول ي�ستغل منذ �سنة 1995محال بموجب عقد
كراء حددت �سومته في 2500درهم والثاني ي�ستغل محال بنف�س الموا�صفات وفي
نف�س الحي منذ �سنة 2004ب�سومته كرائية قدرها 6000درهم .وحيث �أن القيمة
الإيجارية هي مجموع الكراء ال�سنوي ف�إن �أ�سا�س ح�ساب الر�سم المهني بالن�سبة
للتاجر الأول هو 30000درهم (�أي )12×2500في حين �أن �أ�سا�س ح�ساب الر�سم
المهني بالن�سبة للتاجر الثاني هو 72000درهم�( .أي )12×6000و�إذا افتر�ضنا �أن
�سعر ال�ضريبة بالن�سبة لنوعية التجارة هو % 20ف�إن الر�سم المهني الواجب �أداءه
هو 6000درهم بالن�سبة للتاجر الأول في حين �أن التاجر الثاني عليه �أن ي�ؤدي
14400درهم.
124
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
و�إذا علمنا فوق هذا كله �أن تحديد الربح ال�سنوي للخا�ضعين لل�ضريبة على
الدخل الذين اختاروا نظام الربح الجزافي يتم �أي�ضا على �أ�سا�س القيمة االيجارية
ال�سنوية المعتمدة لح�ساب الر�سم المهني م�ضروبة في معامل ما يت�ضح �أن العدالة
ال�ضريبية لن تت�أتى �إذا �أ�سقطنا قاعدة تحيين القيمة االيجارية تطبيقا للأحكام الفقرة
الأولى .وهنا يبرز المغزى العميق للتن�صي�ص على �صفتي «العادية» و«الحالية»
لهذا وبناء على ما �سبق ذكره ف�إن الإدارة الجبائية ال ت�شاطر القرارات ال�صادرة
عن المحكمة الإدارية التي ق�ضت ب�إلغاء قاعدة التحيين لأنها تعتبر تلك القرارات
ال ت�صب في اتجاه تكري�س العدالة الجبائية.
وهكذا جاء في حيثيات قرار المحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء والتي �أيدتها
الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى في حكمها ال�صادر بتاريخ 16فبراير 2005ما
يلي:
«لكن حيث ن�صت المادة ال�ساد�سة المحتج بها على تحديد القيمة الكرائية
ال�سنوية المعتبرة ك�أ�سا�س لتحديد ال�ضريبة المهنية يتم انطالقا من عقد الكراء
�إن وجد� ،أو عن طريق المقارنة �أو عن طريق التقويم المبا�شر.
ولما كان الم�شرع قد �أورد الخيارات المذكورة مرتبة و�أولها الكراء وا�ستطرد
قائال �إن وجد معنى ذلك �أنه �إذا كان عقد الكراء موجودا ال تكون الإدارة في
حاجة �إلى اللجوء �إلى المقارنة �أو التقييم المبا�شر»...
ويت�ضح �أن المحكمة قد اعتمدت في قرارها على قراءة جزئية للن�ص حين
ا�ستمدت تعليلها ب�إلغاء ال�ضريبة المهنية التكميلية من الفقرة الثانية للمادة ال�سابعة
معتبرة �أنه بوجود عقد الكراء ي�سقط حق الإدارة في اللجوء �إلى المقارنة والتقييم
المبا�شر .وتجدر الإ�شارة �إلى �أن القا�ضي �أ�ضاف عبارة «�إن وجد» على الرغم �أنها
لم ترد �إطالقا في الن�ص ليق�ضي «�أنه �إذا كان عقد الكراء موجودا ال تكون الإدارة
في حاجة �إلى اللجوء �إلى المقارنة» .بيد �أن الم�شرع وكما �سبقت الإ�شارة �إلى
ذلك ،ن�ص �صراحة ودون �أي لب�س في الفقرة الأولى على ان القيمة االيجارية
125
دفاتر المجلس األعلى
يجب �أن تكون «عادية» و«حالية» مما يحتم على الإدارة تحيينها باعتماد عنا�صر
المقارنة المو�ضوعية بغية تحقيق التوزيع العادل للعبء ال�ضريبي.
وفي نف�س ال�سياق هناك نقطة �أخرى البد من �إثارتها وتتعلق بم�س�ألة الدفع بمبد�أ
«حجية ال�شيء المق�ضي به» عندما تقوم الإدارة بتحيين القيمة االيجارية التي �سبق
و�أن خ�ضعت منذ فترة طويلة �إلى تحيين بموجب حكم �أيده المجل�س الأعلى.
فخ�صو�صيات المادة ال�ضريبة وارتباطها بال�سيا�سة االقت�صادية واالجتماعية تقت�ضي
التعامل مع القيمة االيجارية كواقعة من�ش�أة لل�ضريبة في بعديها الزمني والمكاني.
لهذا نعتبر �أن الحكم في مجال تحيين القيمة الإيجارية مرتبط بزمن معين وحجيته
تبقى ن�سبية.
المحور الثاني :تقييم القيمة التجارية للعقار
ال �أحد ينكر �أن ظاهرة النق�صان في ثمن التفويت المعبر عنه في عقد البيع قد
تف�شت على نطاق وا�سع ب�سوق العقار بالمغرب خالل ال�سنين الأخيرة وال �أرى
حاجة لتو�ضيح الغاية من هذه الممار�سة .فالكل يعلم �أن الهدف منها هو التهرب
من �أداء ال�ضريبة على الجزء المخفي من قمن التفويت الذي ي�صل �أحيانا �إلى
ن�سب مئوية عالية.
�إن ممار�سة ما ي�صطلح عليه «بالأ�سود» تجعل �سوق العقار غير �شفاف وتفقد فيه
التفويتات العقارية ال�ضمانات القانونية ،عالوة على كونها تحرم �صندوق خزينة
الدولة من مداخيل هامة.
ومن باب العدالة وتحقيقا لم�ساواة الجميع �أمام الواجب المتعلق ب�أداء
ال�ضريبة الم�ستحقة قانونيا ووعيا منه منذ البداية ب�ضرورة تمكين الإدارة الجبائية
من الو�سائل القانونية الكفيلة بمحاربة ظاهرة النق�صان والغ�ش في ثمن التفويت
فقد �أعطى الم�شرع الحق للإدارة في القيام بالت�صحيح كلما توفرت لديها القناعة
�أن ثمن التفويت العقار ال يتنا�سب مع قيمته التجارية وهكذا جاء في البند الأول
من المادة 65من المدونة العامة لل�ضرائب :
126
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
«يراد بثمن التفويت ثمن البيع �أو القيمة التقديرية الم�صرح �أو المعترف بها من
لدن الطرفين �أو �أحدهما في العقد �أو القيمة المحددة طبقا للمادة � »224أي بعد
اللجوء �إلى م�سطرة الت�صحيح.
«ويبا�شر ت�صحيح الثمن المعبر عنه في عقد البيع �أو في �إقرار الخا�ضع لل�ضريبة
�إذا ظهر �أن الثمن غير مطابق لقيمة الملك التجارية في تاريخ البيع وذلك وفق ال�شروط
المن�صو�ص عليها في المادة � »224أي بعد اللجوء �إلى م�سطرة الت�صحيح.
وفي �سنة 2005و�سع الم�شرع المجال القانوني الذي يتيح للإدارة القيام
بت�صحيح ثمن التفويت وهكذا تم تعزيز المادة 86من القانون المنظم لل�ضريبة
على الدخل المتعلق بالأرباح العقارية (المادة 65من المدونة العامة لل�ضرائب
حاليا) بالفقرتين التاليتين :
«في حالة تفويت عقار �أو حق عيني عقاري �سبق للإدارة �أن قامت بت�صحيح
ثمن تملكه �أو ثمن تكلفته في حالة ت�سليم ال�شخ�ص العقار لنف�سه �إما فيما يتعلق
بواجبات الت�سجيل و�إما فيما يتعلق بال�ضريبة على القيمة الم�ضافة ف�إن ثمن
التملك الواجب اعتباره هو الثمن الذي تم ت�صحيحه من لدن الإدارة والذي
على �أ�سا�سه دفع الخا�ضع لل�ضريبة الواجبات الم�ستحقة.
ي�ؤخذ الثمن المحدد �أعاله كثمن تفويت لدى المفوت فيما يتعلق بال�ضريبة على
ال�شركات وال�ضريبة على الدخل وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة».
وهكذا �أ�ضاف الم�شرع للإدارة و�سيلة قانونية �إ�ضافية لمحاربة ا�ستفحال ظاهرة
الغ�ش ال�ضريبي بحيث �أجاز لها �أن تعتبر ثمن اقتناء العقار الذي تم ت�صحيحه وعلى
�أ�سا�سه دفع الم�شتري واجبات الت�سجيل الم�ستحقة هو نف�سه ثمن التفويت الذي
�سيتم اعتماده ك�أ�سا�س لفر�ض ال�ضريبة على الأرباح العقارية لدى المفوت.
غير �أنه وبالرغم من تن�صي�ص الم�شرع �صراحة على �ضرورة �أن يطابق ثمن
التفويت قيمة الملك العقارية فقد ن�ش�أت نزاعات بين الإدارة الجبائية والخا�ضعين
127
دفاتر المجلس األعلى
لل�ضريبة حول مفهوم «قيمة الملك التجارية» حيث �أبانت التجربة والممار�سة عن
وجود مجموعة من الإ�شكاليات العملية فيما يتعلق بالمرجعية التي تعتمد عليها
الإدارة لتحديد القيمة التجارية للملك.
وانطالقا من غياب �أي تعريف قانوني للقيمة التجارية ،يبقى التعريف العام
المتعارف عليه هو ال�سائد حيث يعتبر ال�سوق الذي يخ�ضع لنظام المناف�سة الحرة
هو المجال الأمثل الذي يعك�س القيمة التجارية الأكثر واقعية والأقرب �إلى الحقيقة
خ�صو�صا �إذا تمت مراعاة خ�صو�صيات العقار التي ت�ضمن المو�ضوعية في اختيار
عنا�صر المقارنة.
وهكذا ف�إن الت�شكيك في �صدق الإقرار بثمن التفويت من طرف الإدارة الجبائية
ال يتم �إال بناء على عنا�صر المقارنة المتوفرة لديها �آخذة دائما بعين االعتبار �أوجه
ال�شبه التي تعتمد عليها في �شرح �أ�سباب الت�صحيح �أثناء الم�سطرة التعار�ضية.
وفي هذا ال�سياق البد من الإ�شارة �إلى �أن الم�صلحة الإدارية المخت�صة في
�ضريبة الدخل المفرو�ضة على الأرباح العقارية تنطلق في ممار�سة ال�سلطة التقديرية
من ا�ضطالعها بتطورات �سوق العقار والمعلومات التي تح�صل عليها من خالل
عقود التفويت واالتفاقات المبرمة كتابة �أثناء م�سطرة الت�صحيح وكذا قيامها
بزيارات ميدانية للوقوف على خ�صو�صيات العقار التي تثار من طرف الملزمين.
لذا فهي تتوفر على المرجعية والخبرة والتجربة التي تمكنها من الت�أكد من �صحة
بع�ض الأثمنة الم�صرح بها.
وهنا البد من الإ�شارة �إلى �أن مرجعية الإدارة ت�أخذ بعين االعتبار قيم التفويت
التي ح�صلت في �ش�أنها على اتفاقات مع الملزمين الذين خ�ضعت �إقراراتهم
لم�سطرة الت�صحيح.
وعلى هذا الأ�سا�س وخالفا لما يعتقده الكثيرون ف�إن التفويتات ال تكون كلها
مو�ضع ت�شكيك من طرف الإدارة الجبائية .فهناك �إقرارات تعتبر �صحيحة نظرا
128
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
لكون الثمن الم�صرح به يتالءم مع القيمة التجارية .وقد الحظنا خالل المدة
الأخيرة �أن القيم الم�صرح بها �أ�صبحت تقترب �أكثر ف�أكثر من القيمة التجارية
الحقيقية.
ومن خالل درا�ستنا للمو�ضوع نالحظ �أن جل النزاعات مرتبطة في الأ�سا�س
ب�إ�شكالية ا�ستيعاب مفهوم القيمة التجارية من طرف الخا�ضعين لل�ضريبة .وهكذا
ف�إن المحاوالت التي تقوم بها الإدارة �أثناء الم�سطرة التعار�ضية لتو�ضيح العنا�صر
الواقعية وال�سند القانوني المعتمد في تحديد القيمة التجارية ،ال تجد �صدا عند
بع�ض الملزمين فيمار�سون حقهم الم�شروع في الطعن �أمام المحاكم الإدارية.
ومن خالل درا�ستنا وتحليلنا للعديد من الملفات المعرو�ضة على الق�ضاء
خالل ال�سنوات الأخيرة ات�ضح لنا �أن ن�سبة كبيرة من المنازعات تم اللجوء فيها
�إلى الخبرة وح�سمت باالعتداد بر�أي الخبير ب�شكل مطلق وا�ستبعاد عن�صر المقارنة
المعتمد من طرف الإدارة.
والنقطة الأ�سا�سية التي نود �إثارتها في هذا ال�صدد هي لماذا تواجه الم�آخذ التي
تثيرها �إدارة ال�ضرائب في �أغلب الحاالت بالرف�ض على الرغم من �إثارتها للإخالالت
التي تت�ضمنها الخبرة علما ب�أن المحكمة لها كامل الحق في �أن ت�أخذ بالخبرة كليا �أو
جزئيا ما دام ر�أي الخبير ال يقيدها في �شيء وتتمتع في هذا ال�ش�أن ب�سلطتها الكاملة
�إزاء تقريره الذي يعتبر �إجراء من �إجراءات التحقيق ولي�س بالدليل القاطع .ففي
مقاالتها تعيب الإدارة الجبائية على الأحكام �إ�ضرارها بحقوق الخزينة على اعتبار
�أن الخبرة المعتمدة غير مو�ضوعية النعدام بحث جدي تطبعه الكفاءة المهنية
في �أوجه المقارنة من طرف الخبير وكذلك افتقار التقرير للوثائق المبررة لما
تو�صل �إليه .لكن خالفا لهذا تق�ضي المحكمة ب�أن الخبير قد �أخذ بعين االعتبار كل
المعايير المو�ضوعية الحقيقية لتحديد القيمة التجارية للعقار بما في ذلك الموقع
والموا�صفات وتاريخ التفويت وكذا الأثمان التي كانت �سائدة وقت التفويت.
129
دفاتر المجلس األعلى
عندما نطرح �إ�شكالية تحديد القيمة التجارية للعقار يطرح معها ال�س�ؤال الكبير:
هل �أ�سندت الخبرة �إلى �شخ�ص م�ؤهل للقيام بها علما ب�أن الخبرة في ال�ش�ؤون
العقارية تقت�ضي المعرفة التقنية المعمقة والإلمام الكبير والتجربة الوا�سعة في كل
المجاالت المرتبطة بالعقار من حيث طبيعته والعنا�صر التي تدخل في تحديد قيمته
التجارية .نطرح هذا الت�سا�ؤل كي ال يغيب عن �أدهاننا جميعا �أن همنا الأول هو
تكري�س العدالة الجبائية ومحاربة ظاهرة الغ�ش المتف�شية .وهذا يقت�ضي منا الحر�ص
ال�شديد على تطبيق تام لإرادة الم�شرع ب�أن تفر�ض ال�ضريبة على الربح الناتج عن
القيمة التجارية المحددة ب�أكبر ما يمكن من الدقة والمو�ضوعية درءا لمخاطر الفكر
الذاتي .ولهذا نعتبر �أن تحديد هذه القيمة من طرف الخبير ال يتوقف فقط على
م�ؤهالته ومهاراته التقنية والفنية بل يتوقف �أي�ضا على الطريقة التي ينجز بها مهمته
فيجب �أن ال نن�سى �أن الإدارة الجبائية هي الأخرى تعتمد على كل خبراتها وعنا�صر
المقارنة المتوفرة لديها �أثناء تحديدها للقيمة التجارية .ولذلك فهي تولي اهتماما
خا�صا لل�شروط المو�ضوعية التي يتعين �أن تتوفر في الخبرة لمعرفة القيمة الم�ضافة
التي �أتت بها حتى تطم�أن لنتائجها وتقتنع بحجيتها وقوة �إثباتها بل �أكثر من ذلك
لال�ستفادة من الأخطاء الحقيقية والمثبتة التي تكون قد �شابت عنا�صر التقدير.
المحور الثالث � :إعادة تقدير رقم الأعمال على �إثر ا�ستبعاد
المحا�سبة
�إن �أهمية م�سك المحا�سبة بالن�سبة للإدارة الجبائية تكمن في كونها تحدد �سنويا
الح�صيلة الخا�ضعة لل�ضريبة.
وهكذا �ألزم الم�شرع الخا�ضعين لل�ضريبة م�سك محا�سبة طبقا للن�صو�ص
الت�شريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ب�شكل يتيح للإدارة �أن تقوم بالمراقبة
المن�صو�ص عليها في المادة 210من المدونة.
و�أوجب عليهم الإدالء بجميع الإثباتات ال�ضرورية وتقديم جميع الوثائق
المحا�سبتية �إذا قررت الإدارة القيام بفح�ص المحا�سبة.
130
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
فمبدئيا يجب على المحا�سبة �أن تت�ضمن جميع العمليات التي قام بها الخا�ضع
لل�ضريبة و�أن تتوفر فيها �شروط االنتظام ويفتر�ض فيها ال�صدق.
فالمراد هنا هو �أن ي�ؤدي الخا�ضع ما عليه من واجبات اتجاه خزينة الدولة في
�إطار ال�شفافية على �أ�سا�س الح�صيلة الحقيقية للن�شاط المفرو�ضة عليه ال�ضريبة.
فما هي �إذن الحاالت التي تكون فيها قيمة المحا�سبة مو�ضع ت�شكيك وما هي
الآثار القانونية المترتبة عن هذه الحاالت وما هو موقف الق�ضاء من المنازعات
المتعلقة ب�إعادة تقدير رقم المعامالت.
- 1حاالت الت�شكيك في قيمة الإثبات التي تكت�سيها المحا�سبة :
�إن مراقبة المحا�سبة يمكن �أن تقود الإدارة �إلى حالتين :
• وجود �أحد الإخالالت الج�سيمة التي تفقد المحا�سبة قيمتها الإثباتية.
وقد �أ�شار الم�شرع �إلى طبيعة هذه الإخالالت في المادة 213من المدونة العامة
لل�ضرائب التي ن�صت على ما يلي :
«ويعد من الإخالالت الج�سيمة :
- 1عدم تقديم محا�سبة مم�سوكة وفقا لأحكام المادة � 145أعاله؛
- 2انعدام الجرود المقررة في المادة الآنفة الذكر؛
� - 3إخفاء بع�ض الأ�شرية �أو البيوع �إذا �أثبتت الإدارة ذلك؛
- 4الأخطاء �أو الإغفاالت �أو البيانات غير ال�صحيحة الج�سيمة والمتكررة
المالحظة فيما تت�ضمنه المحا�سبة من عمليات؛
- 5انعدام �أوراق الإثبات الذي يجرد المحا�سبة من كل قيمة �إثباتية؛
- 6عدم �إدراج عمليات في المحا�سبة بالرغم من �إنجاز الخا�ضع لل�ضريبة
لها؛
� - 7إدراج عمليات �صورية في المحا�سبة.
131
دفاتر المجلس األعلى
وهكذا فالم�شرع هو الذي حدد طبيعة الإخالالت وهو الذي و�صفها بالج�سيمة
ومتى ثبت وجودها اعتبرت كذلك ب�صرف النظر عن درجة ت�أثيرها على ح�صيلة
المحا�سبة.
�أما الآثار المترتبة عن هذه الإخالالت تتمثل �أ�سا�سا في:
-تحديد �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة باعتبار العنا�صر المتوفرة لدى الإدارة.
-جعل عبء الإثبات ي�صبح على عاتق الخا�ضع لل�ضريبة.
• الحالة الثانية هي التي تكون فيها المحا�سبة ال ي�شوبها �شيء من الإخالالت الج�سيمة
وربط فيها الم�شرع �إعادة تقدير رقم المعامالت ب�إثبات نق�صان الأرقام التي
وقع الإقرار بها .وهكذا جاء في الفقرة الأخيرة من البند الأول للمادة 213من
م.ع�.ض« .و�إذا كانت المحا�سبة المدلى بها ال ي�شوبها �شيء من الإخالالت
الج�سيمة المبينة �أعاله ،ال يجوز للإدارة �أن تعيد النظر في المحا�سبة المذكورة
وتعيد تقدير رقم المعامالت �إال �إذا �أثبتت نق�صان الأرقام التي وقع الإقرار بها».
� - 2إعادة تقدير رقم الأعمال :
كثيرة هي الطرق والو�سائل التي يمكن اعتمادها لإعادة تقدير رقم الأعمال
لكن �أهم ما يتم مراعاته في هذه العملية هو المو�ضوعية والتقيد بالعنا�صر الواقعية
واختيار �أف�ضل ال�سبل للو�صول �إلى الو�ضع الطبيعي الذي يالم�س حقيقة العائدات
التي ح�صل عليها الخا�ضع لل�ضريبة.
وتجدر الإ�شارة �إلى �أن الإدارة وعيا منها ب�ضرورة احترام مبد�أ الإن�صاف
والعدالة الجبائية توظف �أحيانا وقتا طويال في البحث والتحري لجمع المعلومات
الكفيلة ب�إ�ضفاء طابع الم�صدافية على العملية بتحديد الح�صيلة الخا�ضعة
لل�ضريبة.
ومن �أهم المقاربات التي يتم اعتمادها لإعادة تقدير رقم الأعمال نذكر على
�سبيل المثال :المراقبة الكمية التي تعتمد على المعادلة التالية :المدخر في بداية
132
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ال�سنة +الكمية الم�شتراة -المدخر في �آخر ال�سنة = الكمية المباعة التي تقارن
بالكمية المباعة الم�صرح بها.
� -أما بالن�سبة للوحدات ال�صناعية فتعتمد �أحيانا على العن�صر الذي يدخل في
عملية الإنتاج ب�صورة ثابتة مما يمكن من تحديد حجم المنتوج والت�أكد من
الكمية الإجمالية للمنتجات الم�صرح بها.
-االعتماد على معدل هام�ش الربح الفردي الذي يتم احت�سابه عبر مقارنة ثمن
بيع و�شراء ال�سلع والت�أكد بعد ذلك من مدى مطابقته مع معدل هام�ش الربح
الإجمالي الم�صرح به.
- 3المنازعات المتعلقة ب�إعادة تقدير رقم المعامالت :
في البداية ال بد من التذكير مرة �أخرى �أن الم�شرع �أجاز للإدارة في �إطار
ال�سلطة التقديرية �أن تحدد �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة باعتبار العنا�صر المتوفرة لديها
�إذا �شابت المحا�سبة �إخالالت ج�سيمة من �ش�أنها �أن ت�شكك في قيمة الإثبات (البند
الأول من المادة 213من م.ع�.ض).
وفي الحالة التي ال ت�ستجيب المحا�سبة لل�شروط ال�شكلية والجوهرية وتفقد
بذلك �صدقها وقيمة �إثباتها ،نت�ساءل حول جدوى ممار�سة الإدارة ل�سلطتها
التقديرية في تحديد �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة تطبيقا للأحكام ال�سالفة الذكر �إذا لم
ينح�صر البث في النزاع من طرف �أجهزة التحكيم الإداري والق�ضائي حول
مدى اعتماد الإدارة في هذا التحديد على العنا�صر المتوفرة لديها وقت فح�ص
المحا�سبة.
ف�إرادة الم�شرع وا�ضحة كل الو�ضوح وال تحتمل �أي ت�أويل حيث �أعطى للإدارة
الآلية القانونية التي تمكنها من محاربة عمليات الغ�ش ال�ضريبي والت�صدي لكل
ممار�سة من �ش�أنها �أن تم�س بحقوق خزينة الدولة.
133
دفاتر المجلس األعلى
فال نجادل في �أن المحا�سبة تعتبر �صادقة حتى يثبت العك�س ويقع هذا العبء
على الإدارة لكن �إذا ات�ضح �أنهال تت�ضمن �إخالالت ج�سيمة تفقدها قيمتها الإثباتية
ينتقل �إذاك عبء الإثبات �إلى الخا�ضع لل�ضريبة.
وفي هذا ال�صدد نعتبر �أن الإدارة تكون قد طبقت �أحكام القانون تطبيقا تاما
و�سليما في ممار�ستها ل�سلطتها التقديرية �إذا :
� -أثبتت وجود �إخالالت ج�سيمة في المحا�سبة �أو في نق�صان في الأرقام لتي
تم الإقرار بها.
-اعتمدت على العنا�صر المتوفرة لديها.
-بينت للخا�ضع لل�ضريبة �أ�سباب الت�صحيح طبيعة وتفا�صيل مبلغه.
�أما كيفية �إثبات الخا�ضع لل�ضريبة لما يخالف المعطيات الواقعية التي اعتمدت
عليها الإدارة في تقدير رقم المعامالت فنعتقد �أنه عليه �أن يبدي مالحظاته معززة
ب�أرقام ومعطيات م�ستقاة من الواقع ومدعمة بكل و�سائل الإثبات المتاحة التي
تكت�سي طابع الحجية والإقناع ال �أن تقت�صر دفوعاته على �أفكار عامة و�صفية �أو
الرف�ض الغير المبرر.
وهكذا ن�صل �إلى النقطة الأخيرة في تحليلنا لإ�شكالية �إعادة تقدير رقم الأعمال
على �إثر ا�ستبعاد المحا�سبة على �ضوء الخبرة الذي تلج�أ �إليها المحكمة لح�سم
النزاعات المرتبطة بالجوانب التقنية .فكيف تعامل القا�ضي الإداري مع م�س�ألة
�إعادة تقدير رقم المعامالت التي ينازع فيها الخا�ضع لل�ضريبة وقد وقع عليه عبء
الإثبات؟
لقد ات�ضح من خالل درا�سة بع�ض قرارات المحاكم الإدارية �أن القا�ضي يلج�أ
في جل الق�ضايا �إلى طلب خبرة لح�سم المنازعة .وجدير بالذكر �أن المنازعة قبل
�أن تعر�ض على الق�ضاء تمر عبر عدة مراحل بدءا بر�سالة التبليغ الأولى وتبادل
المالحظات في �إطار الم�سطرة التعار�ضية و�أحيانا �أثناء اللقاءات التي تروم البحث
134
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
عن حل توافقي ،ثم تعر�ض اتباعا �أمام اللجنتين المحلية والوطنية قبل �أن تنتهي بين
يدي القا�ضي الإداري.
وفي �إطار �إجراءات التحقيق يلج�أ القا�ضي �إلى انتداب خبير لإعداد تقرير
حول الجوانب التقنية للمنازعة لأن الأ�صل في الحكم ب�إجراء خبرة يتوقف
على وجود �أمور فنية تنح�صر في الم�سائل الواقعية .لكن ونظرا لت�شعب المادة
ال�ضريبية وارتباطها بعدة قواعد ومقت�ضيات من قوانين مختلفة كالقانون التجاري
والعقاري وقانون الح�سابات والأبناك وال�شغل والت�أمين وال�شركات �إلخ ...ونظرا
�أي�ضا ل�صعوبة الف�صل بين الم�سائل الواقعية والقانونية المرتبطة بالمادة ال�ضريبية
لت�شعبها وتداخلها ،يخ�شى خروج الخبير عن المجال التقني المح�ض و�إبداء ر�أيه
في م�سائل قانونية من اخت�صا�ص القا�ضي.
ف�ضرورة اللجوء �إلى الخبير في ف�ض النزاع ال�ضريبي تحمل في طياتها بع�ض
المخاطر نذكر منها غياب عن�صري الحياد والمو�ضوعية اللذان قد يت�أثرا بالتوجهات
التقنية التي تغلب على نمط التفكير الذاتي للخبير وفق قناعات م�سبقة وخال�صات
جاهزة .وكمثال على عدم الوجاهة والمو�ضوعية التي طبعت �إحدى الخبرات
حيث جاء في التقرير حول ن�سبة التلف في الب�ضاعة (الزليج) �أن ال�شركة طالبت
بتطبيق % 5,5كن�سبة للتلف الحا�صل في الب�ضاعة و�أن الخبير حدد ن�سبة التلف
الحا�صل في الب�ضاعة في حدود %4بالن�سبة لل�سنة الأولى وفي حدود % 5,5
بالن�سبة لل�سنة الموالية وا�ستنتج من خالل الئحة الح�سابات المف�صلة �أن هناك فائ�ض
في ال�سلع الم�صرح بها بالن�سبة لل�سنة الأولى مقارنة مع رقم الأعمال الذي �أعيد
تقييمه و�أن هناك نق�ص في ال�سلع الم�صرح بها بالن�سبة لل�سنة الموالية .خال�صة
يطبعها عدم االن�سجام وال ت�ستند �إلى المنطق حيث حدد الخبير ن�سب مختلفة
بالن�سبة للتلف من �سنة �إلى �أخرى واعتبر حالة الفائ�ض في ال�سلع التي ح�صل عليها
�أمرا طبيعيا.
135
دفاتر المجلس األعلى
136
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�إن البحث الحثيث للدولة عن و�سيلة تمويلية تتميز باال�ستقرار والدوام وتكون
عن�صرا هاما من عنا�صر ماليتها �أدى �إلى االهتمام بال�ضريبة التي �أ�صبحت من �أهم
الموارد الم�ستقرة والدائمة المعتمدة في تغطية نفقات الدولة ،ويظهر ذلك جليا
من خالل ما تن�ش�ؤه الت�شريعات ال�ضريبية من التزامات على عاتق المكلفين بال�ضريبة
وما ترتبه بالمقابل من جزاءات على الإخالل بهذه االلتزامات.
ومنذ �أن ن�ش�أ االلتزام بدفع ال�ضريبة على عاتق المكلف عرف التمل�ص منها
والتحايل في �أدائها �ش�أنه في ذلك �ش�أن الجريمة بمفهومها القانوني �إذ عرفت منذ
�أن وجد القانون ،حيث كان الحاكم في الما�ضي يلزم ويجبر محكوميه على دفع
ال�ضريبة في عدة �أ�شكال تختلف باختالف طبقات المجتمع ،وقد كان يح�صلها
لح�سابه الخا�ص فيختلط ماله بالمال العام مما ي�ؤدي �إلى �شعور الأفراد ب�أن
ال�ضرائب ال تفر�ض عليهم بغية تحقيق الم�صلحة العامة و�أنها لي�ست �إال مظهرا من
مظاهر الظلم الذي يجب عليه مقاومته عن طريق التمرد �أو تجاهل قواعد ال�ضريبة،
وظل هذا االعتقاد مت�سلطا على المكلفين على الرغم من تغير النظم ال�سيا�سية
وتطور النظام الد�ستوري للدولة.
وقد �أدى التو�سع في فر�ض ال�ضرائب ب�سبب التو�سع في الم�شاريع الذي
�صاحب ظهور النظريات االقت�صادية الحديثة �إلى عدم تمكين الأفراد من االدخار
الخا�ص ف�شعروا �إذ ذاك بالخطر يحف ب�أموالهم فتمردوا على قوانين ال�ضرائب
137
دفاتر المجلس األعلى
ولجئوا �إلى ممار�سة الغ�ش اعتقادا منهم ب�أن ذلك لي�س �إال نوعا من الدفاع ال�شرعي
�ضد مغاالة الدولة في فر�ض ال�ضريبة ،و�ساهم في ذلك تف�ضيلهم للمنفعة القريبة في
�صورة المال الموجود بين �أيديهم على انتظار المنفعة البعيدة التي �ستعود عليهم
نتيجة التو�سع في الم�شاريع الممولة من ال�ضريبة و�شعورهم بالم�صلحة والملكية
الخا�صتين الذي يفوق كثيرا ال�شعور بالخدمات والمرفق العامين واعتقادهم �أن
ال�ضريبة اقتطاع مالي دون مقابل وبالتالي هي و�سيلة تع�سف على �أمالك الأفراد.
ورغم ما تولده هذه الدوافع من قوى كامنة في نف�س المكلف بهدف التمل�ص
من �أداء ال�ضريبة �إال ان ذلك لم يكن ليح�صل بالحجم الحالي لوال اتحاد عوامل
�أخرى تنطوي �أ�سا�سا على تعقيد الت�شريعات الجبائية وعدم ا�ستقرارها ،ف�ضال
عن ابتعادها على مبد�أ العدالة ال�ضريبية من جهة ومحدودية الإمكانيات المتاحة
للإدارة الجبائية وما ينجر عن ذلك من �ضعف في فعالية الرقابة التي ت�ضطلع بها
من جهة �أخرى.
هذه العوامل وغيرها مما ال يت�سع المجال لتناولها بالتف�صيل �ساهمت �إلى حد
بعيد في تمكين المكلفين بال�ضريبة من التخل�ص من عبء �أدائها عن طريق االحتيال،
وقبل الخو�ض في درا�سة الغ�ش ال�ضريبي يجب التمييز بينه وبين التهرب ال�ضريبي
�إذ يتفق �أغلب الفقه على �أن التهرب ال�ضريبي يعني التخل�ص من عبء ال�ضريبة
كليا �أو جزئيا دون مخالفة القانون.
�أما التهرب �أو الغ�ش ال�ضريبي فيرى بع�ض الفقه �أنه يتمثل في كل الحركات
المادية والعمليات القانونية والمحا�سبية وكل الو�سائل والترتيبات التي يلج�أ �إليها
المكلف �أو الغير بهدف التخل�ص من دفع ال�ضرائب والم�ساهمات ،ويعرفه البع�ض
الآخر �أنه خرق القانون الجبائي بهدف التهرب من فر�ض مادة ال�ضريبة وتخفي�ض
�أ�سا�س تقديرها.
138
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
139
دفاتر المجلس األعلى
جد �ضخمة قبل تجريم التهرب ال�ضريبي ،لكن في المقابل فقد خ�سرت عدة عوامل
حالت دون �إخراج هذا القانون �إلى حيز الوجود وكانت عقبة �أمام الم�شرع حتى
ال يتم �سن هذا القانون.
وبعد مرورالوقت اقتنع الم�شرع المغربي ب�ضرورة تجريم الغ�ش ال�ضريبي،
نتيجة الأزمات التي يخلفها هذا الم�شكل الكبير ،ومن بينها العجز على م�ستوى
تمويل الميزانية ،حيث بلغ العجز في الميزانية العامة للدولة �سنة 1995حوالي
10.5مليار درهم ،وفي �سنة 1997/1996بلغ العجز 6.5مليار درهم� ،إلى جانب
ذلك فقد ت�ضررت الميزانية من عدة عوامل �أخرى كانخفا�ض م�ستوى الموارد
المالية في القطاع العام والخا�ص ،وانت�شار ظاهرة التهرب وتهريب ال�سلع والمواد
المهربة المحظورة حيث �سبب ذلك عجزا كبيرا في تمويل الخزينة العامة.
وعلى �صعيد �آخر نجد ب�أن النظام ال�ضريبي المغربي يعتمد على ال�ضرائب غير
المبا�شرة ،الأمر الذي يمكن �أن ينعك�س على ا�ستقرار المداخيل ال�ضريبية ،بحكم
�أن ال�ضرائب غير المبا�شرة تخ�ضع لتقلبات الأ�سعار والأثمان وانعكا�س التجارة
الخارجية عليها ،مما يجعل النظام الجبائي المغربي نظام ت�سوده ال�ضرائب غير
المبا�شرة �أو ما عبر عنه الفقه �أنه نظام ملي �سكوني �أكثر مما هو تحركي ،و�أن ماليته
مالية �صاحب �صندوق� ،أكثر مما هي مالية اقت�صادي.
وعلى �أية حال فالم�شرع المغربي حاول تدارك بع�ض نقاط ال�ضعف في النظام
الجبائي حيث عمل على �سن القانون المتعلق بتجريم الغ�ش ال�ضريبي لزجر
المتالعبين والمتهربين من ال�ضرائب ،ولتو�ضيح ذلك �سنعمل على تق�سيم هذا
المو�ضوع �إلى مبحثين:
�أوال :تحديد م�ضمون قانون تجريم الغ�ش ال�ضريبي ل�سنة 1997-1996
140
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
كما قلنا �سابقا فالمغرب عمل على تطوير المنظومة الجبائية من خالل الإ�صالح
الجبائي ل�سنة ،1984ولكن هذه المنظومة حاولت تدارك بع�ض الثغرات التي
كانت تعتري الن�صو�ص الجبائية ومن بينها �إخراج قانون لزجر وردع المرتكبين
للتهرب ال�ضريبي.
وهكذا فقد حدد قانون تجريم الغ�ش ال�ضريبي مجموعة من الإجراءات تتمثل
في :
-المادة : 12تتعلق بالغ�ش المخل بالقانون رقم 24-26المتعلق بال�ضريبة على
ال�شركات.
-المادة : 13تتعلق بالغ�ش في مجال القانون رقم 17-89المتعلق بال�ضريبة
العامة على الدخل.
-المادة : 14تتعلق بالغ�ش في مجال القانون رقم 30-85المنظم لل�ضريبة على
القيمة الم�ضافة.
وما يالحظ على م�ستوى هذا القانون �أنه ح�صر نطاق التهرب ال�ضريبي في
ال�ضرائب الثالث التي تم ذكرها ،دون تناوله لباقي ال�ضرائب الأخرى مما يعني
ذلك �أن الم�شرع ا�ستثنى ال�ضرائب الأخرى من نطاق الغ�ش ال�ضريبي ،كما �أن هذه
الإحاالت التي ين�ص عليها قانون 1997-1996المتعلق بتجريم الغ�ش ال�ضريبي قد
كانت في ظل القوانين المالية ال�سابقة وهذا يعني �أن الم�شرع من خالل هذا القانون،
ف�إنه ق�صد جميع حاالت الغ�ش التي تن�ص عليها القوانين المالية ال�سنوية ،وبخ�صو�ص
القانون المالي ل�سنة ،2007فقد عدل ا�سم تلك القوانين لت�صبح المدونة العامة
لل�ضرائب ،التي ترتب بدورها جزاءات مالية وجنائية على المتهربين من ال�ضرائب
حيث تتمثل في :
141
دفاتر المجلس األعلى
-المادة 187من المدونة العامة لل�ضرائب بر�سم قانون المالية ل�سنة ،2007تن�ص
على �أنه« :تطبق غرامة ت�ساوي % 100من مبلغ ال�ضريبة المتمل�ص منها على
كل �شخ�ص ثبت �أنه �ساهم في �أعمال تهدف �إلى التمل�ص من دفع ال�ضريبة� ،أو
�ساعد الخا�ضع لل�ضريبة �أو �أ�شار عليه بخ�صو�ص تنفيذ الأعمال المذكورة،
ب�صرف النظر عن العقوبة الت�أديبية �إذا كان يمار�س وظيفة عمومية».
وفي هذه المادة نرى �أن الم�شرع ح�صر العقوبات المتعلقة بالتهرب ال�ضريبي
في الغرامة فقط ،دون الأخذ بعقوبات �سالبة للحرية ،كما �أنه اقت�صر على
العقوبات الت�أديبية بالن�سبة لل�شخ�ص المتهرب الذي يمار�س وظيفة عمومية،
وعليه ف�إننا نرى ب�ضرورة العقوبة في هذه المادة و�إقحام العقوبات ال�سالبة
للحرية عو�ض االكتفاء بالغرامة فقط ،وذلك حتى يتم زجر وردع المتهربين
من ال�ضرائب كيفما كانوا.
� -أما بخ�صو�ص المادة 192من المدونة العامة لل�ضرائب بر�سم القانون
المالي ل�سنة ،2007فتن�ص على �أنه« :ب�صرف النظر عن الجزاءات ال�ضريبية
المن�صو�ص عليها في هذه المدونة يتعر�ض لغرامة من خم�سة �آالف درهم �إلى
خم�سين �ألف درهم كل �شخ�ص ثبت في حقه الإفالت من �إخ�ضاعه لل�ضريبة
�أو التمل�ص من دفعها �أو الح�صول على خ�صم منها �أو ا�سترجاع مبالغ بغير
حق ،ا�ستعمال �إحدى الو�سائل التالية:
-ت�سليم �أو تقديم فاتورات �صورية؛
-تقديم تقييدات محا�سبية �أو �صورية؛
-بيع فاتورات ب�صفة متكررة؛
� -إخفاء �أو �إتالف وثائق المحا�سبة المطلوبة قانونيا؛
-اختال�س مجموع �أو بع�ض �أ�صول ال�شركة �أو الزيادة ب�صورة تدلي�سية في
خ�صومها ق�صد افتعال �إع�سارها.
142
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
في حالة العود �إلى المخالفة قبل م�ضي خم�س �سنوات على الحكم في الغرامة
المذكورة الذي اكت�سى قوة ال�شيء المق�ضي به ،يعاقب مرتكب المخالفة زيادة
على الغرامة المقررة �أعاله ،بالحب�س من �شهر واحد �إلى � 3أ�شهر.
تطبق الأحكام �أعاله وفق الإجراءات وال�شروط المن�صو�ص عليها في المادة
� 231أدناه :
�إذن هكذا نجد �أن مقدار الغرامة يتراوح بين � 5آالف درهم و� 50ألف درهم،
�أما العقوبة الحب�سية المحددة فهي الحب�س من �شهر واحد �إلى ثالثة �أ�شهر ،ويجب
االنتباه على �أن هذه العقوبة الحب�سية ال تطبق �إال في حالة العود� ،أي بعد تكرار
الفعل الإجرامي مرة ثانية حتى يتم قيام العقوبة الحب�سية لكن �شريطة �أن يكون هذا
الفعل الذي تم تكراره داخل خم�س �سنوات ،يبتدىء من تاريخ ارتكاب الفعل
الأول.
كما �أن المادة ن�صت على الم�ساهمة والم�شاركة في جريمة التهرب ال�ضريبي
حيث �أن العقاب يطال كل �شخ�ص ثبت عليه �أن �ساهم في ارتكاب الأفعال الم�شار
�إليها �أعاله �أو �ساعد �أو �أر�شد الأطراف في ارتكابها.
وبخ�صو�ص الإثبات فقد �أ�شرنا �إليه في المادة ،231حيث تثبت المخالفات
بمح�ضر يحرره م�أموران ب�إدارة ال�ضرائب من درجة مفت�ش على الأقل ينتدبان
خ�صي�صا لهذا الغر�ض ومحلفين وفق الت�شريع الجاري به العمل.
�أما بالن�سبة لمبد�أ ت�شخي�ص الجريمة ،تتمثل قي تطبيق العقوبة ال�سالبة للحرية
على ال�شخ�ص الطبيعي فقط مما يعني �أن ال�شخ�ص المعنوي ال تطبق في حقه
عقوبات �سالبة للحرية نظرا لطبيعته الخا�صة.
وعلى �أية حال فالم�شرع عمل ح�سنا حينما ن�ص على عقوبات �سالبة للحرية لأول
مرة في قانون تجريم الغ�ش ال�ضريبي ل�سنة 1997/1996حيث تبين له �أن الغرامات
143
دفاتر المجلس األعلى
المالية ال تكفي لردع المتهربين من ال�ضريبة ،وبالتالي ف�إن تطبيق العقوبات الحب�سية
�سيجعل الملزمين بال�ضريبة الذين لهم نية التهرب ال�ضريبي ن�سبية نظرا لوجود
حاجز قانوني �أمامهم.
ثانيا :العنا�صر المكونة لجريمة التهرب ال�ضريبي
لقد و�ضع الم�شرع المغربي مجموعة من الن�صو�ص القانونية التي تجرم التهرب
ال�ضريبي ،والتي �أتى بها القانون المالي ل�سنة ،1997/1996وهذه المواد تتمثل في
المادة 12من قانون رقم 24-26المتعلق بال�ضريبة على ال�شركات ،ثم المادة 13
من قانون 17-89المتعلق بال�ضريبة على الدخل ،ثم المادة 14من قانون 30-85
المنظم لل�ضريبة على القيمة الم�ضافة� ،أما المدونة العامة لل�ضرائب ل�سنة 2007
فقد حددت جريمة التهرب ال�ضريبي في المادة 192المتعلقة بالجزاءات الجنائية
ثم المادة 187من نف�س المدونة المتعلقة بالجزاء المترتب على التمل�ص من �أداء
ال�ضريبة �أو الم�ساعدة على ذلك.
وهذه الن�صو�ص تمثل مبد�أ ال�شرعية في التجريم الذي يعتبر من المبادئ
الأ�سا�سية للقانون الجنائي والذي �أخذت به جل الت�شريعات الحديثة ،ويعني هذا
المبد�أ �أنه ال جريمة وال عقوبة �إال بن�ص �سابق� ،أي �أن الم�شرع هو الذي ي�ستطيع
�أن يتولى تحديد الجرائم وتقرير العقوبات لها .وفي هذا ال�صدد ين�ص الف�صل
الثالث من القانون الجنائي المغربي على �أنه «ال ي�سوغ م�ؤاخذة �أحد على فعل ال
يعد جريمة ب�صريح القانون وال بعقوبات لم يقررها القانون».
�أما بخ�صو�ص العنا�صر الأخرى لجريمة التهرب ال�ضريبي فتتمثل في الركن
المادي والركن المعنوي.
�أوال :الركن المادي لجريمة التهرب ال�ضريبي
يتمثل الركن المادي لجريمة التهرب ال�ضريبي في الأفعال الآتية :
144
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�أوال -ا�ستعمال مناورات تدلي�سية عن طريق تقديم بيانات غير �صحيحة تتعلق
بالمداخيل �أو بالعمليات الخا�ضعة لل�ضريبة.
ثانيا -تقديم تقييدات محا�سبية مزورة �أومزيفة �أو�صورية ،ك�إخفاء بع�ض
الدخول عن طريق البيع بدون فاتورات� ،أو تقديم فاتورات مزيفة.
ثالثا -ت�ضخيم بع�ض المبالغ المتعلقة بالم�صروفات العامة بوا�سطة دمج
الم�صروفات الخا�صة في �أبواب الم�صروفات العامة.
رابعا -الإغفال العمدي في ت�سجيل الم�شتريات �ضمن ال�سجالت التجارية.
خام�سا -الإمتناع عن تقديم البيانات الالزمة للمراقبين ال�ضريبيين �أو الخ�ضوع
لمراقبتهم عند ال�ضرورة.
�ساد�سا � -إخفاء وثائق تتعلق ببيوعات ال�شركة �أو م�شترياتها.
�سابعا � -إغفال ت�ضمين �إقرارات الممول بها ببيانات تتعلق بالوعاء ال�ضريبي �أو
بت�صفيته.
ثامنا -اختال�س مجموع �أو بع�ض �أ�صول ال�شركة �أو الزيادة ب�صورة تدلي�سية
في خ�صومها ق�صد افتعال �إع�سارها.
وهذه الأركان التي تم ذكرها تتعلق بالتهرب ال�ضريبي الب�سيط والتهرب
ال�ضريبي المركب اللذان ي�شكالن جريمة التهرب ال�ضريبي ب�شكل عام.
ثانيا :الركن المعنوي
�إن جريمة التهرب ال�ضريبي تتطلب وجود ركن معنوي ،يتمثل في نية الت�ضليل
لتحقيق هدف غير م�شروع ،هذا الهدف يتمثل في اتجاه نية المتهرب �إلى التخل�ص
الكلي �أو الجزئي من ال�ضريبة المفرو�ضة عليه قانونا ،وهكذا نجد الم�شرع في �إطار
المدونة العامة لل�ضرائب قد ا�ستوجب حالة العود في ممار�سة التهرب ال�ضريبي
حتى يتم تطبيق العقوبة ال�سالبة للحرية والتي تتمثل �إ�ضافة �إلى الغرامة من خم�سة
145
دفاتر المجلس األعلى
�آالف درهم �إلى خم�سين �آلف درهم ،عقوبة الحب�س من �شهر �إلى ثالثة �أ�شهر.
ففي هذه الحالة يتم تطبيق العقوبة ولو ارتكبها المتهرب عن ح�سن نية ،نظرا
لكون الم�شرع جاء �صريحا في �إطار المادة 192من المدونة العامة لل�ضرائب حينما
ا�شترط حالة العود كطرف موجب لإنزال العقوبات الحب�سية� ،أما �إذا لم تكن هناك
حالة العود وتم ممار�سة التهرب ال�ضريبي لأول مرة ،هنا اكتفى الم�شرع بالغرامة
فقط دون العقوبات الحب�سية.
ولكن نجد في بع�ض الأحيان �أن �سوء النية تكون غير موجودة لدى الفاعل
حينما يتم تكرار بع�ض الأفعال كالغلط في المحا�سبة� ،أو البيع بدون فاتورات ب�صفة
متكررة ،بحيث نجد �أن المكلف بال�ضريبة في بع�ض الأحيان يهمل هذه الإجراءات
نتيجة عدة عوامل كال�سرعة في �إبرام ال�صفقات ،ف�ضال عن وجود �أعراف بين
التجار تقوم على �أ�سا�س الثقة في المعامالت الأمر الذي ال ينتبه �إليه ه�ؤالء في
بع�ض الأحيان ،فرغم تعاملهم بدون فاتورات عن ح�سن النية �إال �أن القانون اعتبر
ذلك تهربا �ضريبيا ا�ستنادا �إلى المادة 192بحيث جعل البيع بدون فاتورات ب�صفة
متكررة من بين الأفعال التي تكون جريمة التهرب ال�ضريبي ،و�أخيرا يجب التمييز
بين التهرب ال�ضريبي الم�شروع والتهرب ال�ضريبي غير الم�شروع ،فالأول يقوم
على �أ�سا�س ا�ستغالل ثغرات قانونية وبالتالي ال يهدف �إلى خرق الن�صو�ص الجبائية
ال�شيئ الذي ال ينتج عنه عقوبات نظرا لمبد�أ ال�شرعية التي تحدثنا عنها� ،أما الثاني
فهو يقوم على �أ�سا�س القيام بعمليات تدلي�سية ينتج عنها خرق القوانين ال�ضريبية
المعمول بها ،وبالتالي ف�إن هذا النوع من التهرب ال�ضريبي هو الذي ي�شكل في
�آخر المطاف جريمة الغ�ش ال�ضريبي المعاقب عليها جنائيا ونقترح في الأخير جملة
من الأفكار لتدعيم الزجر ال�ضريبي :
• الت�صدي بحزم للغ�ش ال�ضريبي وتجريم جميع مظاهره ،نظرا للأ�ضرار
الوخيمة التي ي�سببها القت�صاد البالد.
• تكثيف المراقبة الكت�شاف و�ضبط المخالفات ال�ضريبية.
146
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
147
دفاتر المجلس األعلى
مقدمة :
في البداية �أود �أن �أذكر ب�أن من بين �أهم ما �أتى به الإ�صالح الجبائي هو دعم
الحقوق وال�ضمانات للخا�ضعين لل�ضريبة وذلك عبر التدابير الأ�سا�سية التالية :
� -إر�ساء النظام الت�صريحي الذي ي�ضفي على الت�صاريح الجبائية الم�صداقية
الم�سبقة ما دام لم يثبت عك�س ما جاء فيها.
� -إخ�ضاع مراجعة الإقرارات ل�ضوابط مقننة تحد بذلك من ال�سلطة التقديرية
للإدارة الجبائية .ونذكر على �سبيل المثال :
• تكري�س المحا�سبة كو�سيلة �إثبات في مواجهة الإدارة،
• ت�أطير م�ساطر الفح�ص والت�صحيح ،بحيث �أقر الم�شرع بطالن الم�سطرة
في حاالت الإخالل بها.
فكيف تعامل الملزم مع هذه ال�ضمانات والحقوق في �إطار التزامه ال�ضريبي.
بالرجوع �إلى موا�ضيع المنازعات ال�ضريبية نالحظ �أن تعامل الملزم مع هذه
ال�ضمانات والحقوق مر من مرحلتين �أ�سا�سيتين:
المرحلة الأولى والتي اقترنت ببداية تطبيق الإ�صالح الجبائي ،ات�سمت
المنازعات بالتم�سك من طرف بع�ض الملزمين ببطالن ال�ضريبة في الحاالت التي
148
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ين�ص عليها القانون �صراحة .وكانت هذه الحاالت مرتبطة بالم�شاكل التي كانت
تنتج عن تطبيق قواعد التبليغ .وهذا ما �سنتطرق �إليه في المحور الأول.
ثم عرفت موا�ضيع المنازعات ال�ضريبية مجاال �أو�سع في مرحلة ثانية بحيث
�أ�صبحت المطالبات تتجه نحو بطالن الم�سطرة في حاالت �أخرى رغم �أن هذا
البطالن كجزاء ،ال ين�ص عليه القانون ال�ضريبي ،وهذا ما �س�أحاول �أن �أتناوله في
المحور الثاني.
المحور الأول :الإخالالت ذات الأثر المن�صو�ص عليه في القانون
- 1نوع الإخالالت
بالرجوع �إلى المقت�ضيات الجبائية نجد �أن الم�شرع ن�ص على بطالن الم�سطرة
في حالتين فقط:
-الحالة الأولى وتتعلق بعدم التزام الإدارة ب�أجل 15يوما قبل ال�شروع في
فح�ص المحا�سبة .ويعتبر هذا الأجل ذو �أهمية بالغة بالن�سبة للملزم لأنه يعد
�ضمانة تمكنه من تهيئ نف�سه ووثائقه للمراقبة ،حتى يكون بمن�أى عن كل تدخل
مباغت من طرف الإدارة.
-الحالة الثانية وتتعلق بعدم احترام �أجل 60يوما بالن�سبة للر�سالة الثانية المفرو�ض
تبليغها �إلى الملزم بعد رده على الر�سالة الأولى في �إطار الم�سطرة التواجهية.
وتتجلى �أهمية هذا االلتزام في كونه ي�شكل �ضمانة هامة بعدم تماطل الإدارة
في جوابها وبالتالي تجنب طول الم�سطرة �إلى ما نهاية.
هذه هي العبرة من تخ�صي�ص الم�شرع الإخاللين بالن�ص والجزاء ،نظرا
لأهميتها ،مقارنة مع الإجراءات الم�سطرية الأخرى.
كما حر�ص الم�شرع على الت�أكيد على �أن البطالن يطال م�سطرة الت�صحيح وال
يطال فر�ض ال�ضريبة .ونعتقد �أن هذا االتجاه الذي �سار فيه الم�شرع اتجاه �سليم
ومنطقي لمجموعة من الأ�سباب نذكر منها :
149
دفاتر المجلس األعلى
�أوال :لأن الإخالل الذي ح�صل ،له طابع م�سطري وال يم�س بمو�ضوع ال�ضريبة
ووعائها والذي يكون بالإمكان تداركه،
ثانيا :الم�شرع التزم بالمبد�أ الد�ستوري الذي يق�ضي بم�ساهمة الجميع في
النفقات العمومية كل ح�سب قدرته ،وبالتالي ال يجب �أن يكون هناك �أي
ت�أثير لإخالل م�سطري على القيام بهذا االلتزام.
وبناء عليه ف�إن الإ�شكالية التي تبقى مطروحة هنا تتعلق بمعرفة �آثار �إلغاء م�سطرة
الت�صحيح.
� - 2آثار �إلغاء م�سطرة الت�صحيح
وهكذا ف�إن �إلغاء م�سطرة الت�صحيح كما جاءت في الن�ص القانوني تفر�ض طرح
الأ�سئلة التالية:
-هل الإلغاء هو �إلغاء مطلق �أم ن�سبي ،بمعنى يبيح �إعادة الم�سطرة من
جديد.
-وفي حالة �إعادة الم�سطرة هل ي�صح الرجوع �إلى كل ال�سنوات التي �شملتها
عملية الفح�ص �أم االقت�صار على ال�سنوات الغير المتقادمة بما قد ينجم عن
ذلك من �إق�صاء لبع�ض الفترات التي �شملها الفح�ص.
-وبالن�سبة للتقادم هل ي�ؤخذ بعين االعتبار مدة انقطاعه و�إيقافه تبعا على
التوالي لر�سالة الفح�ص الأولى وطلب الطعن �أمام اللجنة المحلية المقدم
من طرف الملزم.
للجواب على هذه الأ�سئلة يتعين الرجوع �إلى بع�ض المقت�ضيات الجبائية وكذا
بع�ض الأحكام الق�ضائية في هذا ال�ش�أن :
في هذا الإطار تن�ص المادة II-212من المدونة العامة لل�ضرائب على ما يلي :
يجب على الإدارة عب �إجراء مراقبة في عين المكان :
150
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
151
دفاتر المجلس األعلى
بالن�سبة لإ�شكالية التقادم لل�سنوات المعنية ب�إعادة الم�سطرة �أعتقد �أن القانون
الجبائي نف�سه لما رتب بطالن الم�سطرة لم يرتب بطالن الأثر القانوني لأي �إجراء
�صحيح متعلق بها .وهذا ي�صح �أوال على الأثر القانوني للر�سالة الأولى والمتمثل في
قطع التقادم وثانيا على الأثر القانوني لطلب الطعن الموجه للجنة المحلية والمتمثل
في �إيقاف نف�س التقادم �إلى ان�صرام ال�شهر الثالث التالي لل�شهر الذي �صدر فيه
المقرر النهائي للجنة المذكورة �أو اللجنة الوطنية للطعون في ال�ضريبة.
وتجدر الإ�شارة �إلى �أن بطالن الم�سطرة المتعلقة بالإ�شعار بالفح�ص والر�سالة
الثانية عرفت انت�شارا مذهال في بداية الإعمال بالنظام الجبائي الجديد .وكانت من
�أهم م�سببات هذه الظاهرة قواعد التبليغ التي عرفت عدة تغييرات كانت �آخرها ما
تم التن�صي�ص عليه في �سنة .2005
ونظرا الرتباط قواعد التبليغ ببطالن الم�سطرة ارت�أينا من المفيد تناول هذا
المو�ضوع من جانب التعديالت المتتالية التي �أدخلت على هذه القواعد وكذا
موقف الق�ضاء الأخير المتعلق بها.
� - 3أهم م�سببات حاالت البطالن :قواعد التبليغ
لقد عرف النظام الجبائي ثالث محطات تتعلق بكيفية تطبيق �إجراءات تبليغ
المرا�سالت والإ�شعارات الإدارية :
�أ -مرحلة ما قبل �صدور قانون المالية ل�سنة 1995
خالل هذه المرحلة كانت المرا�سالت تتم فقط عن طريق م�صالح البريد .لكن
ات�ضح �أن الكثير من عمليات التوزيع البريدي كانت تتم خارج الآجال القانونية مما
�أدى �إلى �إلغاء ن�سبة كبيرة من ال�ضرائب ب�سبب عيب في الم�سطرة ،ال�شيء الذي
دفع الم�شرع �إلى �سن مقت�ضيات جديدة في �إطار قانون المالية ل�سنة .1995
ب� -إجراء التبليغ في قانون المالية ل�سنة 1995
152
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الإدارة من اال�ستعانة بالم�أمورين المحلفين التابعين لها �أو �أعوان كتابة ال�ضبط �أو
المفو�ضين الق�ضائيين �أو بالطريقة الإدارية وذلك بعدما يتعذر التبليغ عن طريق
م�صالح البريد.
لكن الهدف لم يتحقق من خالل هذا التعديل لكون التبليغ كان �إلزاميا في
البداية عن طريق البريد وقد ا�ستمر الحال في �إنتاج نف�س الظواهر التي كانت
�سائدة قبل .1995ذلك ما �أدى �إلى التعديالت التي �أتى بها قانون المالية ل�سنة
.2001
ج -التعديالت التي جاء بها قانون المالية ل�سنة 2001
153
دفاتر المجلس األعلى
يتعذر عليها ت�سليم الر�سائل بوا�سطة �أعوانها وذلك حفاظا على جو الحوار
والتوا�صل الذي يجب �أن يقوم بين الملزم وبين الإدارة �أثناء كل ت�سوية جبائية.
ومن المفيد هنا الإ�شارة ،وهذا هو المهم �إلى �أن الق�ضاء المغربي كان �سباقا
مثل الم�شرع �إلى ابتكار وخلق خ�صو�صية لم�سطرة التبليغ في المادة الجبائية
والتي ترتكز على �أن يتم التبليغ بالعنوان المحدد من قبل الخا�ضع لل�ضريبة في
�إقراراته �أو عقوده �أو مرا�سالته المدلى بها �إلى مفت�ش ال�ضرائب التابع له مكان فر�ض
ال�ضريبة .ويجب �إخبار �إدارة ال�ضرائب بكل تغيير يطر�أ عليه.
وقد �صدرت في هذا الإطار مجموعة من الأحكام تقريبا عن جميع المحاكم
الإدارية تقر هذه الخ�صو�صية .وعن المجل�س الأعلى �صدرت قرارات متواترة
تطبق هذه الخ�صو�صية على فترات لم تكن وقتها م�شمولة بالمقت�ضيات الجديدة
المتعلقة بم�سطرة التبليغ.
وا�سمحولي هنا �أن �أ�ستعر�ض ما جاء في قرارين �صادرين عن الغرفة الإدارية
بهذا الخ�صو�ص الأول في الملف رقم 2005-2-4-58بتاريخ 2007/04/11قرار
عدد 36جاء فيه :
«لكن حيث �أن الثابت من م�ستندات الملف �أن �إدارة ال�ضرائب قامت بتبليغ
الم�ست�أنفة بالر�سالة الأولى تو�صلت بها ،تم وجهت لها الر�سالة الثانية عن
طريق البريد الم�ضمون و�أرجعت بمالحظة «غير مطلوب» فقامت بالإجراء
المذكور بوا�سطة العون التابع لها ولم تتمكن من �إنجاز التبليغ بعد انتقاله
�إلى عنوان الم�ست�أنفة حيث �أفادت امر�أة بال�شقة ب�أن الم�ست�أنفة انتقلت من
العنوان المذكور ،....مما يجعل الإدارة تقوم ب�إجراءات التبليغ المطلوبة
قانونا.»....
والثاني قرار عدد 726بتاريخ ،2007/07/18ملف �إداري عدد 2005/2/4/1414
جاء فيه:
154
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
« ...وعدم ح�صول التبليغ ال يمكن ن�سبته للإدارة و�إنما يتحمله الم�ست�أنف
عليهما ب�سبب عدم �إدالئهما بالعنوان الجديد»....
لم�سنا من خالل هذا المحور �أن الم�شرع لما ق�ضى ببطالن الم�سطرة ح�صرها
في حالتين اثنتين :عدم احترام �أجل 15يوما قبل ال�شروع في مراقبة المحا�سبة
و�أجل 60يوما للرد على مالحظات الملزم بالر�سالة الثانية ،كما �أن الم�شرع حمل
الم�س�ؤولية للإدارة والملزم كل على حدا في حالة عدم احترام ال�ضوابط المتعلقة
بقواعد التبليغ.
�إال �أنه بالرجوع �إلى الممار�سة الق�ضائية يالحظ �أن الملزم تو�سع في مجال
المطالبة ببطالن الم�سطرة في حاالت متعددة �أخرى �سنتطرق لبع�ضها في المحور
التالي:
المحور الثاني :الحاالت التي لم يتم التن�صي�ص على جزاء في �ش�أنها
بالرجوع �إلى بع�ض الق�ضايا الرائجة �أمام الق�ضاء والأحكام ال�صادرة فيها يت�ضح
�أن جلها يتعلق ببطالن م�سطرة فر�ض ال�ضريبة ولو �أن الحاالت المتعلقة بها ال تخ�ضع
لأي جزاء من�صو�ص عليه قانونا .وانطالقا من هذا الو�ضع نطرح الأ�سئلة التالية:
� -أال يعتبر الحكم ب�إبطال الم�سطرة خروجا عن الن�ص القانوني ال�صريح وعن
القاعدة ال بطالن بدون ن�ص.
-وحتى في حالة العك�س �أال يعتبر الحكم بالبطالن جزاء قا�س ،له عواقب
وخيمة على المبد�أ الد�ستوري ال�سالف الذكر.
� -أال يعتبر م�سا لمبد�أ ال �ضريبة وال �إعفاء بدون ن�ص.
� -أال يمكن التخلي عن الجزاءات المتعلقة بالعيوب الب�سيطة والتفكير في
�إيجاد م�ستوى معقول لجزاء خا�ص لكل �إخالل ح�سب م�ستوى خطورته،
حتى يتنا�سب الجزاء المحكوم به مع العيب المرتكب.
�سنحاول الإجابة على هذه الت�سا�ؤالت �أثناء ا�ستعرا�ض بع�ض الحاالت العملية
المالحظة على �ضوء الأحكام الق�ضائية في هذا المجال.
155
دفاتر المجلس األعلى
� - 1إلغاء ال�ضريبة بعلة ال�شروع في فح�ص المحا�سبة في تاريخ �أتى بعد اليوم
ال�ساد�س ع�شر الموالي لتبليغ الإ�شعار بالفح�ص.
عن محكمة اال�ستئناف الإدارية 2010/05/13 بتاريخ 925 قرار تحت عدد
بالرباط:
لكن نعتقد �أن هذا القرار لم ي�أخذ بعين االعتبار العنا�صر الأ�سا�سية التالية :
� -أوال هذه لي�ست من الحاالت التي ن�ص عليها الم�شرع �صراحة.
� -إن الغاية من هذا الإجراء تحققت لأن الإدارة منحت الملزم مدة تفوق 15
يوما قبل ال�شروع في مراقبة المحا�سبة.
� -إن ت�أجيل عملية الفح�ص ي�ستفيد منه الملزم لأن المدة الإ�ضافية تمكنه من
اال�ستعداد وتهييء الوثائق والمعطيات المتطلبة.
� - 2إلغاء م�سطرة الت�صحيح بعلة عدم �إثبات الإدارة لكونها �شرعت في عملية
الفح�ص بعد ان�صرام 15يوما على تبليغ الإ�شعار بالفح�ص.
حكم رقم 945بتاريخ 2009/05/13عن المحكمة الإدارية بالرباط.
نعتقد �أن هذا الحكم لم ي�أخذ بعين االعتبار العنا�صر التالية:
� -إن تاريخ ال�شروع في المراقبة يقترن عموما باليوم ال�ساد�س ع�شر المحدد في
الإ�شعار بالفح�ص �أو تاريخ الحق .وفي هذه الحالة الأخيرة يتم تذكيره في
الر�سالة المتعلقة ب�إ�شعار الملزم بتاريخ انتهاء الفح�ص وال يكون مو�ضوع
نزاع �أثناء الم�سطرة التواجهية.
� -إن الإ�شعار بالفح�ص ي�شكل �إثباتا على �أن فح�ص المحا�سبة �أتى بعد ان�صرام
15يوما كما هو مبين في م�ضمونه ،وال يمكن للملزم �أن ي�ستقبل المفت�ش
المحقق �إال في موعد يتفق عليه الطرفان وي�أتي تاريخه ح�صريا بعد ان�صرام
15يوما المذكورة.
� -إن الم�شرع لم ين�ص على �أنه يتعين �إثبات ال�شروع بالفح�ص بو�سيلة معينة.
156
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
� - 3إلغاء ال�ضريبة بعلة عدم ا�ستدعاء الملزم للدفاع عن نف�سه �أثناء جل�سات
اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية.
في الملف الإداري رقم 2001/01/4 بتاريخ 12 قرار �صادر تحت رقم
.2001/4/167
ولكن يمكن �إبداء الم�ؤاخذات التالية على هذا القرار.
� -إن الجزاء المقرر ال ين�ص عليه القانون ال�ضريبي من جهة ،وغير مت�ساوي مع
العيب المدعى به من جهة �أخرى.
� -إن هذا الجزاء يعتبر قا�س في مواجهة خزينة الدولة طالما �أن الإدارة ال�ضريبية
ال تتحمل �أي م�س�ؤولية في عدم تطبيق الإجراء المذكور.
� -إن الحالة مو�ضوع القرار تتعلق بطعن موجه من طرف الملزم �إلى اللجنة
الوطنية الذي لم يحدد فيه نقط الخالف وال الدفوعات المتعلقة به وهذا ما
يدل على عدم جدية الطعن المذكور.
- 4بطالن ال�ضريبة بعلة عدم �سلوك م�سطرة فح�ص المحا�سبة عو�ض م�سطرة
الفر�ض التلقائي عندما تبين للإدارة �أن الملزم حقق رقم المعامالت يفوق مليون
درهم والذي يجعله ال يخ�ضع لل�ضريبة ح�سب النظام الجزافي.
قرار عدد 168بتاريخ 1999/02/18بالملف الإداري .98/425/424
�إن هناك مجموعة من المالحظات على هذا القرار:
� -إن الملزم ي�صبح خا�ضعا لل�ضريبة ح�سب نظام المحا�سبة كلما فاق رقم
معامالته مليون درهم طوال �سنتين متتاليتين (المادة 41من المدونة العامة
لل�ضرائب والمواد ال�سابقة المقابلة لها).
� -إن الإقرار المودع في �إطار النظام الجزافي ي�صبح غير تام لعدم �إ�شفاعه
بالم�ستندات الملحقة والمقررة في القانون �أي البيانات المحا�سبتية (المادة
82من م ع �ض) وذلك بعد ما يفوق قدر المعامالت مليون درهم.
157
دفاتر المجلس األعلى
� -إن م�سطرة الفر�ض التلقائي هي �أكثر �ضمانا لحقوق دفاع الملزم نظرا لأن
م�سطرة فح�ص المحا�سبة تبتدئ بتبليغ الإ�شعار بالفح�ص مع �إعطاء 15يوما
للملزم لتهيئ محا�سبته ثم تتوا�صل مبا�شرة خالل 30يوما ب�سلوك م�سطرة
الفر�ض التلقائي لأن الملزم ال يتوفر على �أي محا�سبة ،بينما يتمتع الملزم
في �إطار م�سطرة الفر�ض التلقائي بمدة 60يوما ال�ستكمال �إقراره قبل تطبيق
ال�ضريبة �إذا اقت�ضى الحال.
لم�سنا من خالل هذا المحور �أن جملة من الق�ضايا المطروحة �أمام المحاكم
تدور حول و�سائل م�سطرية وتتجه فيها الأحكام �إلى بطالن الم�سطرة ولو في غياب
ن�ص قانوني يت�ضمن البطالن كجزاء.
بينما نعتقد �أن تحقيق العدالة الجبائية يمر حتما عبر تحديد الدخل الحقيقي
للملزم وهذا ال يت�أتى �إال من خالل درا�سة الجانب الجوهري للنزاع مع الأخذ
باالعتبار الإخالالت التي ن�ص الم�شرع عليها �صراحة.
وقد ذهب الم�شرع الفرن�سي في هذا المنحى عندما كر�س مبد�أ ال بطالن �إال بن�ص
جبائي دعما وت�أكيدا لخ�صو�صية القانون الجبائي.
وفي هذا الإطار ن�صت المادة L.80.CAمن المدونة العامة لل�ضرائب بفرن�سا
على الجزاءات وكذا الأخطاء المتعلقة بها التالية :
-الحكم بالإلغاء في الحاالت التي ين�ص عليها القانون ال�ضريبي �صراحة،
-الحكم ب�إلغاء الغرامات والزيادات في الحاالت الأخرى دون الم�س بال�ضريبة
الأ�صلية وغرامات الت�أخير �إذا كان الخط�أ المرتكب من طرف الإدارة غير
ج�سيم.
كما �أن المجل�س الأعلى المغربي ذهب في نف�س االتجاه ليكر�س مبد�أ ال
بطالن بدون ن�ص عبر القرار عدد 623بتاريخ 2006/07/12ملف �إداري عدد
،2003/2/4/182
158
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
159
دفاتر المجلس األعلى
يقوم النظام ال�ضريبي في المغرب منذ �سنة 1983على مبد�أ الإقرار التلقائي من
جانب الملزم كتعبير عن ح�س المواطنة لديه وامتثاله للواجبات التي تفر�ضها عليه
ب�شكل طوعي� ،إيمانا منه ب�أن ال�ضرائب التي يدفعها لخزينة الدولة يتم �إعادتها �إليه
بعد دورة اقت�صادية وذلك في �صورة م�شاريع ا�ستثمارية وخدمات عمومية وباقي
مظاهر التنمية التي يعرفها بلده.
ولهذا ف�إن تدخل الإدارة ال�ضريبية بامتيازاتها و�سلطتها العامة في الفر�ض ال�ضريبي
االنفرادي حيادا على هذا المبد�أ ينبغي �أن يظل في �إطاره اال�ستثنائي بحيث ال يلج�أ
�إليه �إال في حالة عدم �إدالء الملزم ب�إقراره �أو الإدالء به ناق�صا �أو ت�ضمينه معطيات
مخالفة لحقيقة الن�شاط االقت�صادي.
وعملية الفر�ض ال�ضريبي من جانب االدارة ال تخرج عن �صورتين� ،إما م�سطرة
الفر�ض التلقائي لل�ضريبة �أو م�سطرة ت�صحيح الأ�سا�س ال�ضريبي .وخطورة هذه
الأخيرة تكمن في �أنها ت�ضع الملزم في قف�ص االتهام المتجلي في محاولة التهرب
ال�ضريبي وذلك من خالل الت�شكيك في �صحة �إقراره بالح�صيلة الخا�ضعة لل�ضريبة.
ولهذا كان من ال�ضروري �إحاطتها ب�سياج من القيود وال�ضوابط منعا لكل تع�سف
محتمل وتفاديا لكل مفاج�أة تم�س المركز المالي الخا�ضع لل�ضريبة الذي يعتقد في
نف�سه ب�أنه في و�ضعية جبائية �سليمة.
160
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ومن ثم ف�إن م�سطرة ت�صحيح الأ�سا�س ال�ضريبي تمتاز بكثرة �إجراءاتها وتعقيداتها
�أحيانا حماية لحقوق الملزم في مواجهة �سلطة الإدارة في �أفق الو�صول �إلى �أعلى
م�ستوى ممكن من العدالة ال�ضريبية ،وهو الأمر الذي ترتب عنه بروز العديد من
النزاعات الق�ضائية التي ال يكتفي فيها الخا�ضعون لل�ضريبة بالمنازعة في �سوء
تطبيق الإدارة للن�ص القانوني مما حرمهم من �إحدى المزايا التي يقررها لهم
القانون ،و�إنما تعدى ذلك �إلى المنازعة في التف�سير الذي تعطيه الإدارة للمقت�ضى
القانوني والذي يرون فيه �إهدارا لحقوقهم كطرف �ضعيف في المعادلة ليبرز معه
الدور االن�شائي للقا�ضي الإداري الذي يحاول من خالل اجتهاداته �سد ثغرات
الن�ص الت�شريعي وغمو�ضه غايته المثلى في ذلك �إقرار حلول عادلة ومن�صفة
ت�ضمن التوازن بين طرفي العالقة.
وي�ستح�ضرني في هذا المقام مقتطفا من الكلمة االفتتاحية لل�سيد الرئي�س الأول
للمجل�س الأعلى الدكتور ادري�س ال�ضحاك قبل خم�س �سنوات بمنا�سبة لقاء
علمي مماثل لندوتنا اليوم بين المجل�س الأعلى والمديرية العامة لل�ضرائب يومي
28و 29مار�س 2005والذي ورد فيه «وهكذا يكون عمل القا�ضي �سهال عندما
تكون الن�صو�ص وا�ضحة م�ضبوطة �شاملة وهادفة ،لكن الأمر يتعقد عندما يكون
هناك غمو�ض �أو نق�ص �أو عدم اكتمال في معالجة الحاالت �أو عدم التمكن من
معرفة �أهداف الم�شرع فيلج�أ القا�ضي �إلى االجتهاد ال�ستخراج المبد�أ القانوني
والقاعدة المالئمة وهو في ذلك ي�سلك طريق ه�ضم الن�صو�ص �أوال ليحلل ويقتنع
ويقرر»(.)1
ومن هنا جاء تركيزي في هذه المداخلة على بع�ض الجوانب فقط من م�سطرة
ت�صحيح ال�ضريبة اعتبارا للإ�شكاالت التي تثيرها في الممار�سة العملية وكانت
منا�سبة لإقرار االجتهاد الق�ضائي ب�ش�أنها ،و�أي�ضا من باب االن�ضباط للحيز الزمني
المخ�ص�ص للمداخلة والذي ال ي�سمح بالحديث عن جميع تف�صيالت وجزئيات
(« )1العمل الق�ضائي والمنازعات ال�ضريبية»� ،أ�شغال اليومين الدرا�سيين يومي 28و 29مار�س 2005بين المجل�س
الأعلى والمديرية العامة لل�ضرائب ،دفاتر المجل�س الأعلى ،عدد � ،2005/8ص .9
161
دفاتر المجلس األعلى
162
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وجب تبليغ �إ�شعار بذلك �إلى الخا�ضع لل�ضريبة وفقا للإجراءات المن�صو�ص عليها
في المادة � 219أدناه قبل التاريخ المحدد لل�شروع في عملية الفح�ص بخم�سة
ع�شر ( )15يوما على الأقل».
هذه ال�صياغة نف�سها �سبق ورودها في كتاب الم�ساطر الجبائية ال�صادر بمقت�ضى
المادة 22من قانون المالية ل�سنة ،)2(2005ويح�سب للم�شرع المغربي �أنه ن�ص
�صراحة على �إجبارية تبليغ الإ�شعار بالفح�ص �إلى الخا�ضع لل�ضريبة لي�ضع بذلك
حدا للجدل حول تف�سير العبارة ال�سابقة التي ت�ضمنتها المادة 105من القانون
رقم 89.17المنظم لل�ضريبة العامة على الدخل والمادة 32التي تقابلها في القانون
رقم 24.86المنظم لل�ضريبة على ال�شركات وهما المادتان اللتان وردا فيهما
ا�ستعمال عبارة «وجب توجيه �إ�شعار»� ،إذ �أن الإدارة في تطبيقها لم�سطرة الفح�ص
كانت تتم�سك بعدم وجوب التبليغ ا�ستنادا �إلى حرفية عبارة «توجيه» التي تفيد
«التبليغ».
�إال �أن اجتهاد الق�ضاء الإداري كان له موقف مغاير ،حيث اعتبر �أن م�صطلح
«توجيه» في مثل هذه الحالة يق�صد به تبليغ الخا�ضع لل�ضريبة بالإ�شعار بالفح�ص
تبليغا قانونيا مت�سائال عن الغاية من االكتفاء بتوجيه اال�شعار �إن لم يقرن بالتبليغ
طالما �أن العلة من الإجراء �أ�سا�سا هي �إتاحة الفر�صة للملزم من �أجل تهيئ دفاعه
و�إعداد وثائقه المحا�سبية ،وفي هذا تقول الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى في
قرار لها بتاريخ « 2003/01/23وحيث �إن م�ؤدى ذلك �أن الآجال الفا�صلة بين تاريخ
التو�صل بالإ�شعار ب�إجراء التفتي�ش وتاريخ ح�ضور المفت�ش المحقق �أمام ال�شركة
المعنية لفح�ص الم�ستندات يجب �أال يقل عن 15يوما ،و�أن العبرة في ذلك هي
التو�صل بالإ�شعار ولي�س تاريخ الإر�سال لما في ذلك من �ضمانات لفائدة الملزم
ليتمكن من تهيئ دفاعه»(.)3
وهذا التوجه الق�ضائي تم ت�أكيده في العديد من الأحكام والقرارات الق�ضائية
( )2المادة الثالثة من كتاب الم�ساطر الجبائية.
( )3قرار الغرفة الإدارية عدد 53بتاريخ 2003/01/23في الملف الإداري عدد .2002/2/4/866
163
دفاتر المجلس األعلى
حيث غدا اجتهادا متواترا يجد �سنده في روح الت�شريع ومغزاه الحقيقي الذي
يقت�ضي �إثبات التبليغ في حق الملزم ولي�س مجرد التوجيه( .)4ولهذا ف�إن تدخل
الم�شرع من �أجل التن�صي�ص على وجوب تبليغ الإ�شعار بالفح�ص جاء فقط من
�أجل تكري�سه على م�ستوى الن�ص القانوني مع الإ�شارة �إلى �أن تدخله كان ناق�صا
بحيث �إنه عند ا�ستعرا�ضه لحاالت بطالن م�سطرة الت�صحيح في المادة 11من
كتاب الم�ساطر الجبائية (البند الثامن) ومن بعدها المادة 220من المدونة العامة
لل�ضرائب ،حافظ على نف�س ال�صياغة ال�سابقة عند حديثه عن حالة عدم توجيه
الإ�شعار بالتحقيق �إلى المعنيين بالأمر داخل الأجل المن�صو�ص عليها في المادة
( 212الفقرة الأولى) ،وهو ما يقت�ضي تدخال ثانيا منه لإزالة هذا التناق�ض في
�صياغة المادتين 212و 220من المدونة.
الأمر الثاني الذي يطرحه الإجراء المتعلق بالإ�شعار بالفح�ص هو التاريخ الذي
يتعين فيه ال�شروع فعال في عملية الفح�ص بعد التو�صل بالإ�شعار ،فالمادة 212من
المدونة توجب ب�أن يكون الفا�صل الزمني بين التاريخين هو 15يوما على الأقل،
�أي �أن كل عملية فح�ص �شرع فيها قبل �إدراك ذلك الأجل يترتب عنها بطالن
م�سطرة الت�صحيح برمتها ب�صريح ن�ص المادة 220اعاله ،في حين يبقى الت�سا�ؤل
قائما بالن�سبة للحالة التي تتخلف فيها الإدارة عن الموعد الذي حددته للخا�ضع
لل�ضريبة من �أجل ال�شروع في التفتي�ش بعد ا�ستيفاء مدة 15يوما من تاريخ التو�صل
بالإ�شعار.
�أمام �سكوت الن�ص القانوني ،فمن وجهة نظر الإدارة طالما �أن الأجل الفا�صل
وقع احترامه ف�إن تغيير تاريخ ال�شروع في التفتي�ش ال يعيب الم�سطرة لأن الملزم
ا�ستفاد من ال�ضمانة التي يخولها له القانون في هذا الخ�صو�ص ،وهو طرح ينطوي
على فهم �ضيق لم�س�ألة ال�ضمانات التي يتيحها الإ�شعار بالفح�ص والتي اعتبر الحكم
ال�صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 2009/01/14ب�أنها تبرز على م�ستويين
( )4قرار الغرفة الإدارية عدد 329بتاريخ 2003/05/29في الملف الإداري عدد 2001/2/4/2350
164
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
اثنين(.)5
- 1تمكين الملزم من تهييئ حججه وتجهيز وثائقه المحا�سبية حتى تكون رهن
ا�شارة المفت�ش المحقق عند قدومه �إلى الم�ؤ�س�سة ،وهو ما يقت�ضي منحه
الأجل الكامل المحدد لهذا الغر�ض والذي ينبغي �أال يقل عن 15يوما من
تاريخ تو�صله بالإ�شعار.
- 2احترام الموعد المحدد في الإ�شعار كتاريخ النطالق عملية الفح�ص ،وذلك
تفادي لعن�صر المباغثة بالن�سبة للملزم في حالة عدم ح�ضور المفت�ش في
الموعد المذكور ،لأن ذلك �سيجعل الخا�ضع للفح�ص في و�ضعية انتظار
�إلى ما ال نهاية مادام �أنه لي�س هناك �أي �أجل يقيد الإدارة بوجوب ال�شروع
في الفح�ص من تاريخ توجيه الإ�شعار ،وبالتالي ف�إن عدم االلتزام بالموعد
الوارد في هذا الأخير يفر�ض عليها توجيه �إ�شعار ثان يحدد الموعد الجديد
للفح�ص(.)6
وهذه النتيجة التي تو�صل �إليها الحكم المذكور �سبق للغرفة الإدارية �أن �أقرتها
في وقت �سابق ا�ستنادا �إلى علة مغايرة ذهبت فيها �إلى �أن تغيير موعد �إجراء التفتي�ش
يعتبر تنازال من الإدارة عن الإ�شعار الأول ب�إجراء الفح�ص وهو ما يقت�ضي لزاما
توجيه �إ�شعار جديد �إلى المعني بالأمر مع حتمية التقيد ب�أجل 15يوما الفا�صل بين
تاريخ التو�صل وتاريخ �إجراء الفح�ص(.)7
كما �أنه بعد �إحداث محكمتي اال�ستئناف الإدارية في �صيف 2006تبنت نف�س
التوجه الق�ضائي كما يت�ضح من خالل القرار ال�صادر عن محكمة اال�ستئناف
الإدارية بالرباط بتاريخ 2009/1/22وهي تلغي حكم المحكمة الإدارية بالرباط
( )5الحكم رقم 71بتاريخ 2009/01/14في الملف عدد � 2008/450ش� .ض.
(� ) 6أنظر في نف�س االتجاه الحكم ال�صادر عن نف�س المحكمة عدد 589بتاريخ 2008/04/09في الملف رقم 07/2092
�ش� .ض.
( ) 7قرار الغرفة الإدارية عدد 53ال�سابق الإ�شارة �إليها �آنفا ،وقرارها عدد 1482بتاريخ 2003/10في الملف
.2118/4/2/02
165
دفاتر المجلس األعلى
166
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
يذكر بالحقوق والواجبات في مجال المراقبة الجبائية� ،إال �أنه لم يعالج الإ�شكالية
المترتبة عن عدم ح�ضور المفت�ش في اليوم المحدد للفح�ص وما يقت�ضيه ذلك من
تبليغ �إ�شعار جديد بالفح�ص كما انتهى �إلى ذلك العمل الق�ضائي.
ن�شير �إلى �أن �إثبات تاريخ تو�صل الملزم بالإ�شعار وكذا تاريخ ال�شروع في الفح�ص
يظل عب�ؤه على عاتق الإدارة التي يمكنها �إثبات الواقعتين بجميع الو�سائل ا�ستنادا
�إلى مبد�أ حرية االثبات وال ي�شترط في حقها �سوى �أن تكون الو�سيلة الم�ستدل بها
ت�صلح فعال لإثبات الواقعة المعنية .وفي هذا ال�صدد اعتبرت المحكمة االدارية
بالرباط في حكمها الم�ؤرخ في � 2008/4/19إلى �أن ر�سالة االخبار التي توجهها
الإدارة �إلى الخا�ضع لل�ضريبة ال يمكن �أن تكون حجة على تاريخ ال�شروع في
عملية الفح�ص لأن تلك الر�سالة ال ت�صلح لال�ستدالل على واقعة مادية في م�صلحة
االدارة وتحتج بها في مواجهة الملزم ،باال�ضافة �إلى �أن الر�سالة المذكورة هي
مخ�ص�صة لواقعة مغايرة وهي �إخبار هذا الأخير بانتهاء عملية الفح�ص ،وبالتالي ال
يمكن ت�ضمينها واقعة �سابقة عليها في التاريخ واعتماد ذلك كحجة(.)9
كما ذهبت محكمة اال�ستئناف االدارية بالرباط في نف�س المنحى في قرارها
الم�شار �إليه �آنفا والذي ورد فيه «و�أن �أجل 15يوما الفا�صلة بين تاريخ التو�صل
وتاريخ بداية ال�شروع في عملية الفح�ص غير ثابت في النازلة ما دام �أن الم�ست�أنفة
(�إدارة ال�ضرائب) لم تدل ب�أي مح�ضر يثبت بداية تاريخ ال�شروع في عملية
الفح�ص».
الفقرة الثانية :فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية للملزم
فح�ص مجموع الو�ضعية ال�ضريبية للملزم هي �آلية تنفرد بها م�سطرة المراقبة
بالن�سبة للأ�شخا�ص الطبيعيين الخا�ضعين لل�ضريبة على الدخل نظمتها المادة 216
من المدونة العامة لل�ضرائب .ويق�صد بها مراقبة �صحة الإقرار ب�إجمالي الدخل
( )9حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 588بتاريخ 2008/4/9في الملف رقم � 07/2092ش �ض وهو ما �أكدته نف�س
المحكمة في حكم الحق لها بتاريخ 2009/5/13تحت عدد 945في الملف رقم � 07/2655ش .د.
167
دفاتر المجلس األعلى
168
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
مجموع و�ضعيته الجبائية مبا�شرة .وفي جوابها على هذا الت�سا�ؤل اعتبرت المحكمة
الإدارية بالرباط و�أيدتها محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط �أنه في هذه الحالة
يتوجب على الإدارة �أن تبا�شر بداية م�سطرة الفر�ض التلقائي بالن�سبة للمداخيل
غير الم�صرح بها حتى ين�ش�أ حقها في فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية ،لأن
الم�شرع يتحدث عن حالة الدخل الم�صرح به فعال من طرف الخا�ضع لل�ضريبة،
ولي�س فقط واجب هذا الأخير في تقديمه� ،إلى جانب حالتي الدخل المعفى من
الت�صريح �أو الذي كان محل فر�ض تلقائي(.)11
ثانيا � :شروط تطبيق فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية
ا�ستنادا �إلى مقت�ضيات المادتين 29و 216من المدونة العامة لل�ضرائب ،يمكن
تلخي�ص ال�شروط المحددة لتطبيق م�سطرة فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية
للملزم في العنا�صر التالية :
� - 1إن الدخل ال�سنوي الذي يخ�ضع للمراقبة من خالل الم�سطرة المذكورة
يجب �أن يغطي فترة غير متقادمة� ،أي يخ�ص ال�سنوات الأربع الأخيرة.
� - 2إن النفقات المعتمدة من طرف الإدارة في تقييم �صحة الدخل الإجمالي
الم�صرح به ينبغي �أن يتجاوز مبلغها 120.000درهم في ال�سنة� ،إلى جانب
�أنها محددة ح�صرا في ثمان حاالت هي :
-الم�صاريف المتعلقة بالإقامة الرئي�سية التي تزيد م�ساحتها المغطاة عن
150متر مربع ،وبكل �إقامة ثانوية.
-الم�صاريف المتعلقة بت�سيير و�صيانة عربات نقل الأ�شخا�ص.
-الم�صاريف المتعلقة بت�سيير و�صيانة العربات الجوية والبحرية.
-مبالغ الإيجار الحقيقية التي يدفعها الخا�ضع لل�ضريبة لأغرا�ضه الخا�صة.
( )11حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 1614بتاريخ 2009/7/1في الملف رقم � 07/546ش �ض ،الم�ؤيد
من طرف محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط في قرارها عدد 106ال�صادر بتاريخ 2011/1/13في الملف رقم
.9/10/496
169
دفاتر المجلس األعلى
170
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
كما �أنه من جهة �أخرى ،ال يجوز للإدارة عند �إعادة تحديد الأ�سا�س ال�ضريبي
تخطي النفقات الثمانية الم�شار �إليها �أعاله واعتماد عنا�صر �أخرى �إ�ضافية كما �أثير
في بع�ض الحاالت النزاعية التي �أقدمت فيها االدارة على �إدماج مبالغ الح�ساب
ال�شخ�صي للملزم و�إ�ضافتها �إلى مبالغ النفقات المذكورة ،معللة ذلك ب�أن تلك
الأر�صدة تعتبر مداخيل غير م�صرح بها �إلى �أن يثبت الملزم ب�أنها مت�أتية من ن�شاط
خا�ضع لل�ضريبة ،وهو الأمر الذي يخالف �إحدى القواعد الأ�سا�سية التي تقوم
عليها المنازعة الجبائية ،وهي �أن �إثبات الواقعة المن�شئة لل�ضريبة يقع على عاتق
الإدارة� ،أي يكون عليها �إثبات �أن دخل معين ناتج عن ن�شاط يخ�ضع للت�ضريب
ولي�س العك�س� ،إلى جانب انتفاء ال�سند القانوني الذي ي�سمح باعتبار مبالغ الح�ساب
ال�شخ�صي في عملية فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية للملزم(.)12
ويالحظ ب�أن الم�شرع في المادة 216من المدونة العامة لل�ضرائب لم ي�شترط
وجوب تبليغ الخا�ضع لل�ضريبة باال�شعار بالفح�ص كما هو مقرر بالن�سبة لم�سطرة
فح�ص المحا�سبة ،وذلك لأن فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية ال يتطلب االنتقال
�إلى مقر الملزم حتى يتوجب �إ�شعاره م�سبقا لإعداد وثائقه ،و�إنما يمكن �أن تقوم
الإدارة بالفح�ص ا�ستنادا �إلى المعطيات المتوفرة لديها حول نفقات الخا�ضع
لل�ضريبة والت�أكد من مدى مطابقتها مع الدخل الم�صرح به.
غير �أنه في بع�ض الأحيان قد ت�سلك الإدارة الم�سطرتين معا ،فتخ�ضع الملزم
لفح�ص المحا�سبة وفح�ص مجموع و�ضعيته الجبائية في نف�س الوقت ،وفي هذه
الحالة يجب تفادي الوقوع في االزدواج ال�ضريبي كما حدث في الق�ضية التي
()13
عر�ضت على المحكمة الإدارية بالرباط مو�ضوع الملف عدد � 07/1268ش �ض
فعندما تقوم االدارة بفح�ص المحا�سبة ويترتب عنها ا�ستبعاد هذه الأخيرة و�إعادة
تحديد الأ�سا�س ال�ضريبي من جديد ،ف�إنه يمتنع عليها القيام بتقييم �إجمالي لمجموع
( )12حكم المحممة الإدارية بالرباط عدد 913بتاريخ 2010/3/31في الملفين الم�ضمومين رقم � 06/1223ش
د ،ورقم � 08/77ش� .ض.
( ) 13الحكم عدد 1726بتاريخ .2009/7/14
171
دفاتر المجلس األعلى
الدخل الم�صرح به في �إطار فح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية ،لأن هذاالأخير لم
يعد له �أثر و�أ�صبح االعتداد بالدخل الذي تو�صلت �إليه الإدارة �إثر فح�ص المحا�سبة،
وبالتالي ال يمكن �أن ت�ضيف �إليه النق�ص المالحظ في الدخل الم�صرح به لعدم
تنا�سبه مع النفقات الم�شار �إليه �أعاله ،و�إال كنا �أمام فر�ض �ضريبي مزدوج.
المبحث الثاني � :إ�شكالية الطعن �أمام اللجنة المحلية لتقدير
ال�ضريبة
يعتبر الطعن �أمام اللجان ال�ضريبية مرحلة و�سط بين الم�سطرة التواجهية والطعن
الق�ضائي ،وتبتدئ هذه المرحلة بطلب الملزم �إحالة الملف على اللجنة المحلية
لتقدير ال�ضريبة ،وهو الطلب الذي يجب �أن يعبر عنه �صراحة في رده على ر�سالة
الت�صحيح الثانية(.)14
الفقرة الأولى :الطعن �أمام اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة
�إن �أهم ما يميز الطعن �أمام اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة قبل التعديالت
الأخيرة هو الح�ضور القوي لمفت�ش ال�ضريبة كو�سيط بين الملزم واللجنة بحيث
�أن الطعن يقدم �إليه بداية قبل �أن يحيله على اللجنة كما �أنه هو الذي يقوم بتبليغ
الملزم المقرر الذي تتخذه هذه الأخيرة ،ثم �إن ممثل الإدارة في اللجنة هو
الذي يتولى مهمة المقرر لديها ،وذلك على خالف الم�سطرة المتبعة �أمام اللجنة
الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة بحيث �أن الطعن يوجه �إليها مبا�شرة
ورئي�سها هو الذي يتولى تبليغ مقرراتها �إلى الطرفين ،ويقوم بمهمة المقرر لديها
�أحد الموظفين المنتدبين لديها المعينين من طرف الوزير الأول باقتراح من وزير
المالية.
�إن هذه الخ�صو�صية التي تطبع عمل اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة كانت �سببا
في �إثارة العديد من المنازعات الق�ضائية التي ا�ستند فيها �أ�صحابها �إلى عدم قيام
المفت�ش المحقق ب�إحالة طعنهم على اللجنة المحلية في مخالفة لمقت�ضيات البند
( ) 14البند 2من المادتين 220و 221من المدونة العامة لل�ضرائب.
172
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الثالث من المادة 220من المدونة العامة لل�ضرائب الذي كان ين�ص قبل تعديله
م�ؤخرا على �أنه «يت�سلم المفت�ش المطالبات الموجهة �إلى اللجنة المحلية لتقدير
ال�ضريبة ويبلغ مقررات هذه اللجنة �إلى المعنيين بالأمر وفق الإجراءات المن�صو�ص
عليها في المادة � 219أعاله».
هذه ال�صياغة المقت�ضبة والقا�صرة للبند المذكور جعل الكيفية التي تتم بها
�إحالة طعن الملزم على اللجنة المحلية والأجل المقرر لذلك م�سائل غام�ضة مع �أن
الأمر يتعلق ب�أحكام �إجرائية يفتر�ض فيها �أن تكون منظمة بدقة من طرف الم�شرع،
وهو ما فتح المجال �أمام تف�سيرات وت�أويالت متباينة للن�ص القانوني د�أبت الإدارة
بخ�صو�صها على تبرير موقفها بعدم �إحالة طعن الملزم على اللجنة المحلية في
بع�ض الأحيان �إلى عدم وجود �أي مقت�ضى قانوني يلزمها بتلك الإحالة ،وان ذلك
ال يمكن �أن يترتب عنه بطالن م�سطرة الت�صحيح المحددة حاالته في البند الثامن
من المادة 220الم�شار �إليها �أعاله ،ولي�س من بينها عدم �إحالة الملف على اللجنة
المحلية ،ثم �إلى طبيعة هذه الأخيرة التي ال تتوفر على مقر خا�ص بها وال على
�سكرتارية تتولى �ضبط الواردات وال�صادرات.
�إال �أن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى ا�ستبعدت جميع هذه التبريرات وكان
لها موقف حا�سم �أكدت من خالله على �أن عدم قيام �إدارة ال�ضرائب ب�إحالة ملف
المدعي على اللجنة المحلية رغم تقديمه طلبا بذلك داخل الأجل القانوني ي�شكل
�إخالال جوهريا في الم�سطرة ويجعل ال�ضريبة المطعون فيها مفرو�ضة حيادا على
القانون .وهذا الموقف �أكدت عليه في �أكثر من منا�سبة كما ورد في قرارها ال�صادر
بتاريخ 2008/4/2والذي جاء فيه «لكن حيت �إن الثابت من الر�سالة التي وجهها
الم�ست�أنف عن طريق البريد الم�ضمون بتاريخ � 2001/7/13أنه يطلب فيها من �إدارة
ال�ضرائب �إحالة ملفه على اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة ،و�أن الم�ست�أنف (مدير
ال�ضرائب) ال ينازع في ذلك بل �أكده في المذكرة المدلى بها بتاريخ 2004/8/27
التي جاء فيها �أن ملف المدعي �أحيل بناء على طلبه على اللجنة المحلية لفر�ض
ال�ضريبة وكان عليه انتظار �صدور قرار اللجنة المحلية.
173
دفاتر المجلس األعلى
وحيث �إن الم�ست�أنف لم يدل بما يفيد �إحالة ملف الم�ست�أنف عليه على اللجنة
المحلية مما يجعل الإدارة تحرم المدعي من �إحدى ال�ضمانات المن�صو�ص عليها
قانونا ،وبالتالي تكون م�سطرة الفر�ض المطعون فيها مخالفة للقانون ويكون الحكم
الم�ست�أنف عندما ق�ضى على النحو المذكور �صائبا وواجب الت�أييد»(.)15
�أما عن التبريرات الم�شار �إليها �أعاله ف�إنها ال ت�صمد �أمام ال�ضمانة التي تحققها
�إحالة الملف على اللجنة المحلية لفائدة الملزم من خالل تخويله �إمكانية النظر في
ملفه من طرف جهة محايدة تتمثل في اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة على درجة
�أولى واللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة على درجة ثانية ،بل �إن
�ضمانة اللجنة المحلية هي خال�صة للملزم الذي يطعن �أمامها في تقديرات المفت�ش
في حين �أن �ضمانة اللجنة الوطنية هي حق للطرفين معا اللذان يلجئان �إليها من
�أجل الطعن في المقرر ال�صادر عن اللجنة المحلية.
وبما �أن علة بطالن م�سطرة الت�صحيح في حالة عدم �إحالة طعن الملزم على
اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة هي خرق حقوق الدفاع ،ف�إن نف�س الحكم ت�أخذه
الحالة التي تقع فيها تلك الإحالة ولكن بعد فوات الأجل المحدد للجنة من �أجل
البت في الطعن �أي � 24شهرا من تقديم هذا الأخير ،طالما �أن الإدارة عندما
تقاع�ست عن �إحالة الطعن على اللجنة �إال بعد ان�صرام الأجل المذكور مما يف�ضي
�إلى رفع هذه الأخيرة يدها عن النزاع ،تكون قد تعمدت حرمان الملزم من �إحدى
�ضمانات الم�سطرة التنازعية(.)16
ولهذا نعتقد �أن ال�ضرورة تقت�ضي تدخل الم�شرع بمقت�ضى قانوني �صريح يلزم
المفت�ش ب�إحالة طعن الملزم على اللجنة المحلية داخل �أجل معين على غرار الأجل
المحدد للإدارة ( 60يوما) من �أجل �إر�سال الملف ال�ضريبي �إلى اللجنة الوطنية
للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة بعد طلبه من طرف هذه الأخيرة.
2007/6/27 ( )15القرار عدد 294في الملف الإداري عدد 2006/2/4/140وكذلك قرارها عدد 654بتاريخ
في الملف الإداري عدد .2005/2/41558
( ) 16حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 945بتاريخ 2009/5/13في الملف رقم � 08/2655ش د.
174
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وهذا التدخل و�إن كان تحقق �أخيرا بموجب قانون المالية الأخير ل�سنة ،2011
�إال �أنه جاء ناق�صا ومعيبا في �صياغته حيث �أ�صبح البند الثالث من المادة 220
من المدونة ين�ص بعد تعديله على �أنه «يت�سلم المفت�ش المطالبات الموجهة �إلى
اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة وي�سلمها لها م�صحوبة بالوثائق المتعلقة ب�إجراءات
الم�سطرة التواجهية التي تمكن هذه اللجنة من البت.
يحدد �أجل �أق�صاه �أربعة �أ�شهر لت�سليم المطالبات والوثائق ال�سالفة الذكر من
طرف الإدارة للجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة ،ابتداء من تاريخ تبليغ الإدارة بالطعن
المقدم من طرف الخا�ضع لل�ضريبة �أمام اللجنة المذكورة».
و�إذا كنا ن�ستح�سن ما �أقدم عليه الم�شرع من �إلزام المفت�ش ب�إحالة طعن الملزم
على اللجنة المحلية داخل �أجل محدد� ،إال �أن الت�ضارب في ال�صياغة بين الإ�شارة
في الفقرة الأولى �إلى �أن المفت�ش هو الذي يت�سلم المطالبات وبين ما ت�ضمنته
الفقرة الثانية من �أن االدارة هي التي ت�سلم تلك المطالبات للجنة بعد تو�صلها
بها ،يحيل على الفهم ب�أن م�سطرة الإحالة كما لو �أنها تمر بمرحلتين ،مرحلة تو�صل
المفت�ش بالطعن وتبليغه للإدارة ،ومرحلة تبليغ الطعن من طرف هذه الأخيرة �إلى
اللجنة داخل �أجل �أربعة �أ�شهر من تاريخ تو�صلها به.
كما �أنه في ال�سياق ذاته ال يجوز للإدارة ال�ضريبية في �شخ�ص المفت�ش المحقق
�أن تقرر ما �إذا كان يتعين �إحالة الطعن على اللجنة المحلية �أم ال حتى ولو قدم
خارج الأجل القانوني �أو في م�س�ألة تخرج عن اخت�صا�ص هذه الأخيرة ،لأن ذلك
ينافي قاعدة عدم جواز الجمع بين �صفتها كخ�صم وحكم في نف�س الآن ،وبالتالي
ف�إن الإلزام الواقع على الإدارة هو �إلزام مطلق مهما كان موقفها من تاريخ تقديم
الطعن ومو�ضوعه والذي يرجع �أمر البت فيه �إلى اللجنة بمفردها ،وهذا ما بنت
عليه المحكمة الإدارية بالرباط حكمها ب�إلغاء م�سطرة فر�ض الواجبات التكميلية
ب�ش�أن ال�ضريبة على الأرباح العقارية في الملف رقم � 08/2519ش �ض بتاريخ
،2009/11/23وذلك ب�سبب �إحجام الإدارة عن �إحالة طعن المدعي على اللجنة
المحلية اعتقادا منها �أنه قدم خارج الأجل القانوني.
175
دفاتر المجلس األعلى
رفع الطعن �أمام اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة يترتب عنه �أثرين �أ�سا�سين،
الأول هو وقف �أمد التقادم من تاريخ رفع الطعن �إلى غاية ان�صرام ال�شهر الثالث
الموالي لتاريخ تبليغ المقرر ال�صادر ب�صورة نهائية عن اللجنة المذكورة �أو عن
اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة (البند ال�ساد�س من المادة 232
من المدونة العامة لل�ضرائب).
وهذه ال�صياغة التي ا�ستعملها كتاب الم�ساطر الجبائية وكر�ستها المدونة العامة
لل�ضرائب تحمل بع�ض الغمو�ض الذي يجعلها �صياغة معيبة ،فالمقرر الذي ت�صدره
اللجنة المحلية ال ي�صبح نهائيا �إال بعد تبليغه �إلى الخا�ضع لل�ضريبة وعدم الطعن
فيه داخل �أجل 60يوما من تاريخ التو�صل ،ولهذا ال يمكن ت�صور �أن ي�صير المقرر
نهائيا قبل تبليغه �إلى المعني بالأمر كما ورد في المادة � 232أعاله التي ن�صت على
«تبليغ المقرر ال�صادر ب�صورة نهائية» وك�أن �صفة النهائية التي يحوزها المقرر ت�سبق
واقعة تبليغه.
وبالرجوع �إلى قوانين الثالثية ال�ضريبية( )17قبل �صدور كتاب الم�ساطر الجبائية،
نجد �أن ال�صياغة التي كانت ت�ستعملها �أقرب لل�صواب من ال�صياغة الحالية ،بحيث
كانت تن�ص على �أن «التقادم يوقف �إلى غاية ان�صرام ال�شهر الثالث الموالي لل�شهر
الذي �صدر فيه المقرر النهائي عن اللجنة المحلية»� ،أي �أن وقف التقادم ي�ستمر
من تاريخ تقديم الطعن �إلى غاية تبليغ المقرر ال�صادر �إلى الخا�ضع لل�ضريبة وم�ضي
ثالثة �أ�شهر الموالية لل�شهر الذي وقع فيه التبليغ دون تقديم طعنه �أمام اللجنة
الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة.
(� )17أي القانون رقم 89.17المنظم لل�ضريبة العامة على الدخل ،والقانون رقم 85.30المنظم لل�ضريبة على
القيمة الم�ضافة ،والقانون رقم 86.24المنظم لل�ضريبة على ال�شركات الذي يحيل في م�س�ألة الطعن �أمام اللجان
ال�ضريبية على القانون الأول.
176
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�أما الأثر الثاني المترتب على رفع الطعن �إلى اللجنة المحلية فهو اعتبار النزاع
م�ستمرا وعدم �إف�ضاء الم�سطرة التواجهية �إلى حل ر�ضائي بين الملزم والإدارة.
وطالما �أن الطرفين لم يتو�صال �إلى �إبرام �صلح �أثناء نظر اللجنة المحلية في النزاع،
ف�إن هذه الأخيرة ت�صدر مقررها الذي يقبل الطعن داخل �أجل 60يوما من تاريخ
تبليغ المقرر �إلى الخا�ضع لل�ضريبة� ،سواء بالن�سبة للطعن المقدم من طرف هذا
الأخير �أو من طرف الإدارة(.)18
ونعتقد �أن �إقران احت�ساب �أجل الطعن بالن�سبة للإدارة بتبليغ المقرر �إلى الخا�ضع
لل�ضريبة مجانب لل�صواب ،لأن فيه �إطالة لأمد النزاع في حالة تقاع�س المفت�ش عن
القيام بذلك التبليغ �سيما و�أن هذه الفترة ال تحت�سب في �أمد التقادم كما تمت
الإ�شارة �إلى ذلك �أعاله ،في الوقت الذي ال يتوقف فيه عداد الغرامات وذعائر
الت�أخير .كما �أنه لم يعد م�ست�ساغا مع التعديل الأخير للمادة 225من المدونة العامة
لل�ضرائب بموجب قانون المالية ل�سنة ،2011حيث �أ�صبح مقرر اللجنة هو الذي
يقوم بتبليغ القرار ال�صادر �إلى الطرفين خالل الأربعة �أ�شهر الموالية لتاريخ �صدوره
ولي�س المفت�ش ،ولهذا ف�إن تكامل الن�صو�ص القانونية يقت�ضي احت�ساب �أجل الطعن
بالن�سبة للإدارة من تاريخ تبليغها بالقرار ،ولي�س من تاريخ تبليغ الخا�ضع لل�ضريبة
به.
ومن جهة ثانية ،ف�إن عدم تقديم الطعن �أمام اللجنة الوطنية داخل الأجل
المذكور يعتبر قبوال �ضمنيا لمقرر اللجنة المحلية ا�ستنادا �إلى البند الرابع من
المادة 220من المدونة ،في حين ين�ص البند ال�سابع من نف�س المادة على �أنه
يمكن الطعن في المقررات النهائية ال�صادرة عن اللجان المحلية لتقدير ال�ضريبة
�أمام المحكمة المخت�صة وفقا لأحكام المادة ،242وهي المادة التي تحدد �أجل
تقديم الطعن الق�ضائي في �ستين يوما الموالية لتاريخ تبليغ المقررات المذكورة.
فكيف يمكن الجمع بين الأثر المتمثل في القبول ال�ضمني لمقرر اللجنة المحلية
عند عدم الطعن فيه �أمام اللجنة الوطنية ،وبين الإمكانية المتاحة للخا�ضع لل�ضريبة
للطعن فيه �أمام الق�ضاء.
( ) 18البند الرابع من المادة 220من المدونة العامة لل�ضرائب.
177
دفاتر المجلس األعلى
وفي تعاملها مع هذه الإ�شكالية اعتبرت المحاكم الإدارية �أن الخا�ضع لل�ضريبة
و�إن كان القانون يبيح له الطعن �أمام الق�ضاء في مقرر اللجنة المحلية الذي �صار
نهائيا� ،إال �أنه مع ذلك ال يمكنه مناق�شة الأ�سا�س ال�ضريبي الذي �أقرته هذه الأخيرة،
ويبقى من حقه فقط مناق�شة مدى تقيد الإدارة بالن�صو�ص القانونية عند احت�ساب
الغرامات وذعائر الت�أخير(.)19
�أما في الحالة التي ينازع فيها �أحد الطرفين في مقرر اللجنة المحلية �أمام اللجنة
الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة ،ويحجم الطرف الآخر عن المنازعة
فيه ،ف�إن هذا الأخير ال يمكنه الطعن ق�ضائيا في مقرر اللجنة الوطنية �إال فيما تجاوز
الأ�س�س التي حددتها اللجنة المحلية لأنه �سبق و�أن قبل �ضمنيا بمقررها عندما لم
يطعن فيه �أمام اللجنة الوطنية.
وقبل �صدور قانون المالية الأخير ،كان احت�ساب �أجل الطعن الق�ضائي يختلف
بح�سب ما �إذا ترتب عن المقرر النهائي للجنة المحلية �أو مقرر اللجنة الوطنية
�صدور �أمر بالتح�صيل �أم ال ،بحيث يحت�سب �أجل 60يوما المحددة للطعن من
تاريخ �صدور الأمر المذكور في الحالة الأولى ،ومن تاريخ تبليغ قرار اللجنة
في الحالة الثانية .وبما �أن �أجل الطعن تم توحيده بعد �صدور القانون المذكور
و�أ�صبح يحت�سب في جميع الحاالت من تاريخ تبليغ مقرر اللجان المذكورة .ف�إن
ذلك �سي�ؤدي �إلى تداخله مع الأجل المحدد للملزم من �أجل الطعن في مقرر
اللجنة المحلية �أمام اللجنة الوطنية والمحدد �أي�ضا في مدة 60يوما من تاريخ تبليغ
المقرر ،وبفواتها ي�صبح هذا الأخير نهائيا.
795 ( )19حكم المحكمة الإدارية بوجدة عدد 22بتاريخ 1999/2/10في الملف رقم ،98/20وحكمها عدد
بتاريخ 1997/10/15في الملف رقم .97/09
178
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
هناك مفارقة عجيبة هي �أن الق�ضاء عموما وفي جميع دول المعمور ،كان
قديما ق�ضاء واحدا يمتاز بالفعالية ،والنجاعة ،وال�سرعة ،والعجلة في �إ�صدار
الأحكام وتنفيذها ،وال�سهولة والمرونة في الإجراءات الم�سطرية ،لكن هذه
ال�سمات بد�أت تت�ضاءل في اتجاه معاك�س للح�ضارة المعا�صرة و�أن وجه المفارقة
يتمثل في �أننا اليوم في ع�صر ال�سرعة التي �شملت ب�شكل مهول وخطير مختلف
ميادين الحياة� ،أ�صبح الق�ضاء يت�سم بالبطء وتنوع الإجراءات وتنوعها ،فبقدر ما
تزداد الح�ضارة الإن�سانية تطورا ،تتباط�أ خطى الق�ضاء الذي �أ�ضحى ال يقوى على
م�سايرة هذا التطور وهذه ال�سرعة بنف�س الوتيرة وعلى نف�س الإيقاع ،وقد تمت
معالجة هذا الإ�شكال ب�أن قام رجال القانون بالبحث عن ال�سبل الكفيلة ال�ستنباط
الطرق الإجرائية الهادفة �إلى تحقيق االن�سجام بين �سير الق�ضاء و�سير المعامالت،
وفي هذا الإطار ظهرت الحاجة �إلى خلق ق�ضاء من نوع �آخر �إ�سمه «الق�ضاء
الم�ستعجل» وهي �آلية فر�ضتها الظروف االقت�صادية واالجتماعية لحماية الحقوق
من يد العابثين بها الذين ي�ستغلون بطء الق�ضاء لتحقيق �أغرا�ضهم غير الم�شروعة،
وتتجلى هذه الحماية من خالل �صد كل محاولة يائ�سة لعرقلة حق �أو �إهداره عن
طريق الأمر بكيفية فاعلة وناجعة باتخاذ الإجراء الوقتي والتحفظي المنا�سب ريثما
يتم البت في جوهر النزاع المتعلق به ،وذلك من خالل �إ�سناد هذه المهمة �إلى
179
دفاتر المجلس األعلى
رئي�س الم�ؤ�س�سة الق�ضائية بحكم تجربته وقدرته على تلم�س حالة اال�ستعجال دون
الم�سا�س بالجوهر.
وقد عرف هذا الق�ضاء الم�ستعجل لأول مرة في باري�س �سنة 1685و�أ�ضحى
ينمو ويتطور بوتيرة �سريعة خالل القرن 19بف�ضل االجتهادات الق�ضائية خ�صو�صا
تلك ال�صادرة عن رئي�س المحكمة االبتدائية بباري�س ،ومن تم بد�أ هذا النوع من
الق�ضاء ينت�شر في ربوع العالم ،ف�أخذت به جل الت�شريعات العربية ومنها المغرب،
و�أ�صبح الق�ضاء الم�ستعجل بفعل نجاعته وفعاليته ي�شمل كافة الميادين والمجاالت
التي تقت�ضي حماية الحقوق و�صيانتها ،كما �أ�صبح لكل نوع من المنازعات ق�ضا�ؤه
الم�ستعجل الخا�ص به ،والذي يهمنا في هذا البحث هو المنازعات الإدارية في
المجال الجبائي التي �أ�ضحى لها ق�ضا�ؤها اال�ستعجالي الخا�ص بها.
المحور الثاني :مجال تدخل قا�ضي الم�ستعجالت الإداري في
المنازعات الجبائية
180
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�إن �أهم منازعة جبائية يخت�ص بها قا�ضي الم�ستعجالت الإداري هو النظر في
طلب الإجراء الوقتي المتعلق ب�إيقاف الأمر بالتح�صيل.
فما هي ال�شروط التي ينعقد بها اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت الإداري حتى
يمكنه النظر في هذا الطلب ؟
هناك �شروط عامة و�شروط خا�صة :
�أ .ال�شروط العامة :
وهي ال�شروط التي ينعقد بها عموما اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت الإداري
المن�صو�ص عليهما في الف�صلين 149 :و 152من ق.م.م المحال �إليهما بمقت�ضى
المادة 7من القانون رقم 90/41المحدثة بموجبه محاكم �إدارية ،ويتعلق الأمر
بال�شرطين التاليين :
-اال�ستعجال
-عدم الم�سا�س بالجوهر
181
دفاتر المجلس األعلى
182
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
«ال تبت الأوامر اال�ستعجالية �إال في الإجراءات الوقتية وال تم�س بما يمكن �أن
يق�ضى به فـي الجوهر».
ففي �إطار المنازعات الجبائية خ�صو�صا الطلبات الوقتية المقدمة �أمام قا�ضي
الم�ستعجالت الإداري ،ف�إن �شرط عدم م�سا�س الأمر اال�ستعجالي بالجوهر،
يقت�ضي من قا�ضي الم�ستعجالت الإداري �أن ال يغور في المو�ضوع ،وال يح�سم
في الوثائق المثبتة للحق �أو النافية له ،بل يتفح�ص ظاهرها فقط �إلى الحد الذي
يتلم�س من خالله جدية النزاع للبت في الطلب قبوال �أو رف�ضا.
وتطبيقا لهذه القاعدة :ف�إنه في مجال الإ�شعار للغير الحائز مثال :ف�إن المطالبة
برفع هذا الحجز قد �صدرت عدة قرارات عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى
تعتبر قا�ضي الم�ستعجالت غير مخت�ص في هذا الطلب لم�سا�سه بما يمكن �أن يق�ضى
به في الجوهر.
فقد جاء في قرار عدد 409بتاريخ 2006/05/15في الملف 2003/2/4/1441ما
يلي:
«يعتبر الحجز لدى الغير (الإ�شعار للغير الحائز) الذي �أوقعه القاب�ض �إجراء من
�إجراءات التح�صيل ،و�أن القول بعدم تطابقه مع القانون ي�شكل منازعة مو�ضوعية
تم�س بجوهر الحق الذي يخرج عن نطاق اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت،
و�أن الأمر الم�ست�أنف حينما اعتبر الحجز المذكور مخالفا للمادة 653من مدونة
التجارة وق�ضى برفعه على هذا الأ�سا�س ،يكون قد تجاوز حدود اخت�صا�ص
قا�ضي الم�ستعجالت نظرا لم�سا�سه بجوهر الحق»..
وجاء في قرار مماثل عدد 532بتاريخ 2006/06/21في الملف رقم 2003/2/4/258
ما يلي:
«�إن مناط انعقاد اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت هو توفر عن�صر اال�ستعجال في
النازلة وعد الم�سا�س بما يمكن �أن يق�ضى به في الجوهر..
183
دفاتر المجلس األعلى
�إن طلب رفع الإ�شعار للغير الحائز هو طلب ي�شكل منازعة مو�ضوعية تقت�ضي
النظر في مدى م�شروعية �إجراء التح�صيل المتخذ من قبل القاب�ض وهو بذلك
يخرج عن نطاق اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت لم�سا�سه بجوهر الحق»..
وهذا االتجاه يخالف تماما ما كانت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى ت�سير عليه،
�إذ كانت تعتبر ب�أن «قا�ضي الأمور الم�ستعجلة يخت�ص بالنظر في طلب رفع حجز ما
للمدين لدى الغير (الإ�شعار للغير الحائز) باعتباره طلبا يكت�سي طابع اال�ستعجال
وال يتعلق بالمنازعة في المو�ضوع(»..قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد
156بتاريخ 2003/03/13في الملف الإداري رقم .)2002/2/4/2180
لكن في نظرنا �أن المجل�س الأعلى قد �أح�سن �صنعا حينما تراجع عن هذا
االتجاه ،على اعتبار �أن قا�ضي الم�ستعجالت الإداري ال ينعقد اخت�صا�صه للأمر
برفع الإ�شعار للغير الحائز �إال �إذا كانت مراكز الأطراف وا�ضحة..
وهذا اال�ستثناء قد �سايرته فعال محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط في عدة
قرارات لها منها القرار عدد 231بتاريخ 2007/04/30في الملف رقم 2/07/3جاء
فيه ما يلي:
«ال �شيء في القانون يمنع قا�ضي الم�ستعجالت الإداري من حماية المراكز
القانونية للأطراف �إذا كانت وا�ضحة وذلك بالتدخل لإرجاع الأمور �إلى ن�صابها
متى تحقق عن�صر اال�ستعجال وكان من �ش�أن هذا التدخل الحد من الخطر الذي
يهدد الحق المراد حمايته.
«مادام الإ�شعار للغير الحائز الذي يبا�شره القاب�ض قد ان�صب على ح�ساب بنكي
ال يخ�ص الملزم ب�صفة �شخ�صية ،و�إنما ان�صب على ودائع زبنائه ح�سب الظاهر
من ال�شهادة البنكية المدلى بها في الملف ،ف�إن تدخل قا�ضي الم�ستعجالت
الإداري من �أجل الحد من مفعول الإجراء المذكور له ما يبرره لدرء الخطر
الذي يهدد الحق المراد حمايته المتمثل في ودائع الزبناء الذين ال عالقة لهم
بالدين ال�ضريبي الذي بو�شر هذا الإجراء ب�سببه»..
184
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
لقد �أو�ضحت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى حدود هذا ال�شرط في عدة
قرارات لها جاء في �أحدها ما يلي:
«�إن قا�ضي الم�ستعجالت لي�س ممنوعا من مناق�شة ظاهر ما هو معرو�ض ال
من �أجل �إثبات الحق �أو نفيه و�إنما للت�أكد من مدى جدية المنازعة التي تبرر
الإجراء المطلوب( »..قرار الغرفة الإدارية المجل�س الأعلى عدد 107بتاريخ
2000/10/26في الملف الإداري رقم .)2000/1/4/407
وقد �سايرت محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط هذا المنحى من خالل تبيانها
لحدود قا�ضي الم�ستعجالت بخ�صو�ص �شرط عدم الم�سا�س بجوهر الحق.
فقد جاء في قرار لها عدد 24بتاريخ 2006/12/25في الملف رقم 2/06/22ما
يلي:
«�إن طلب �إيقاف �إجراءات التح�صيل الجبري هو طلب ا�ستعجالي بطبيعته
يهدف �إلى وقف المتابعات التي تهدد المركز المالي للطالب المدين في انتظار
البت في دعوى المو�ضوع المتعلقة بالطعن �إما في الوعاء ال�ضريبي �أو في
�إجراءات التح�صيل مما يجعله �إجراء وقتيا ال م�سا�س له بالجوهر ولو بني على
�أ�سباب مو�ضوعية تبرر تقديمه لأن قا�ضي الم�ستعجالت في هذه الحالة ال يناق�ش
تلك الأ�سباب ،و�إنما يتلم�س فقط ظاهر الم�ستندات المدلى بها للوقوف على
مدى جدية المنازعة ذات العالقة بالحق المراد حمايته»...
ب -ال�شروط الخا�صة :
بالإ�ضافة �إلى �شرطي اال�ستعجال وعدم الم�سا�س بجوهر الحق اللذين ال بد
من توافرهما للأمر ب�إيقاف �إجراءات التح�صيل �أو �أي �إجراء وقتي �آخر يتعلق
بالمنازعات الجبائية اال�ستعجالية ،البد من توافر �شروط �أخرى خا�صة وهي:
185
دفاتر المجلس األعلى
186
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
187
دفاتر المجلس األعلى
لقا�ضي الم�ستعجالت للبت في الأوامر الوقتية �سواء كان النزاع في الجوهر قد
�أحيل على المحكمة �أم ال..
وهكذا جاء في قرار لمحكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط من وجوب ا�شتراط
تقديم دعوى الطعن ال�ضريبي ما يلي:
«يتلم�س قا�ضي الم�ستعجالت الإداري وهو ينظر في طلب �إيقاف �إجراءات
التح�صيل المعرو�ضة �أمامه جدية المنازعة في �أ�سا�س فر�ض ال�ضريبة �أو في
تح�صيلها من خالل اطالعه على ظاهر الم�ستندات التي يعتمدها الطالب تدعيما
للطعن ال�ضريبي المقدم من قبله �أمام محكمة المو�ضوع ،وبالتالي ف�إن طلب
�إيقاف �إجراءات التح�صيل المعرو�ض �أمام قا�ضي الم�ستعجالت الإداري
رهين بتقديم الطعن المذكور تحت طائلة عدم القبول( »..قرار عدد 56
بتاريخ 2007/02/19في الملف رقم .)2/06/110
�إال �أن هذه القاعدة لي�ست مطلقة� ،إذ �أن قا�ضي الم�ستعجالت الإداري يمكنه
قبول طلب �إيقاف �إجراءات التح�صيل مع تحديد �أجل للطالب من �أجل تقديم
منازعته المو�ضوعية.
كما يمكن �أن ي�أمر قا�ضي الم�ستعجالت الإداري ب�إيقاف الأمر بالتح�صيل �إلى
حين انتهاء م�سطرة التظلم الإداري ،لأن الدعوى المو�ضوعية ال تقدم مبدئيا �إال
بعد انتهاء الم�سطرة المذكورة في حالة ما �إذا كانت المنازعة تن�صب حول فر�ض
ال�ضريبة.
�أما �شرط التظلم الإداري �أو المطالبة فقد اعتبرته الغرفة الإدارية بالمجل�س
الأعلى �إلزاميا في حالة مطالبة الغير با�ستحقاق المنقوالت المحجوزة...
فقد جاء في قرار للمجل�س الأعلى -الغرفة الإدارية -ما يلي:
«�إن الغير الذي طلب ا�ستحقاق �أ�شياء محجوزة من �أجل تح�صيل دين عمومي
ومن ذلك ال�ضرائب ملزم تحت طائلة عدم قبول طلبه �أن يتظلم �إلى المحا�سب
المكلف بالتح�صيل( »...قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد 216
188
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
189
دفاتر المجلس األعلى
�إجراءات تنفيذ �إكراه بدني تخت�ص بمراقبته المحكمة الإدارية( »..قرار الغرفة
الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد 141بتاريخ 2000/11/09في الملف الإداري
رقم .)2000/1/4/835
المحور الخام�س :تنفيذ الإدارة الجبائية للأوامر اال�ستعجالية
ال�صادرة في مواجهتها
من المعلوم �أن الدولة المعا�صرة يحكمها مبد�أ �سامي و�أخالقي هو مبد�أ
الم�شروعية الذي يرادف مبد�أ �سيادة القانون ،والدولة في مفهومها الحالي قد
ا�ستقر الفقهاء على تعريفها ب�أنها « �شخ�ص من �أ�شخا�ص القانون تلتزم به ونخ�ضع
له.
وبالتالي ف�إن ما ي�صدر عن الدولة من قرارات و�أعمال ال يكون �صحيحا ،وال
نافذا ،وال ملزما في مواجهة المحكومين �إال �إذا كان مغلفا بالقانون روحا وتطبيقا،
�أما تلك القرارات التي ت�صدر خارج هذا الإطار ،فتكون قرارات غير م�شروعة،
يت�صدى لها الق�ضاء �إما ب�إلغائها �أو بوقف تنفيذها� ،أو بتعوي�ض ال�ضرر النا�شئ عنها
وذلك ح�سب االختيار الذي �أقدم عليه �صاحب الحق.
ومادام مبد�أ الم�شروعية ي�شكل ال�ضمانة الأ�سا�سية للمواطنين في مواجهة
ال�سلطات العامة ،ويحميهم من �أي تع�سف �أو اعتداء من جانبها ،ف�إن الق�ضاء
يظل هو العن�صر المكمل لهذا المبد�أ عن طريق مراقبة ت�صرفات هذه ال�سلطات،
ومراجعة الح�ساب معها في مدى التزامها بالقانون في كل ما ت�أمر به وتنهى عنه
حتى ينتهي بعد الإحاطة بالق�ضية من جميع جوانبها وا�ستجماع العنا�صر والنتائج
التي و�صل �إليها بحثه �إلى �إ�صدار حكم كا�شف للحقن ي�صبح بعد ا�ستنفاده لطرق
الطعن القانونية� ،أو لفوات مواعيد هذه الطعون لي�س فقط حكما نافذا ،بل �أكثر
من هذا ي�صبح «قاعدة القانون الواجب االتباع» اعتبارا للطابع الر�سمي للأحكام
الذي يفر�ض على الجميع احترامها والخ�ضوع لها ،والدولة هي التي ت�ضفي على
عمل المحاكم طابع الهيبة ،والقد�سية ،وقوة الإلزام بما �أوتيت من قوة «احتكارية»
190
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
التي ت�ستطيع بوا�سطتها �إخ�ضاع الأفراد للأحكام والقرارات الق�ضائية مجبرة �إياهم
على تنفيذها بكافة الطرق والو�سائل التي ت�صل �إلى حد الزج بالممتنع عن التنفيذ
في ال�سجن (الإكراه البدني).
والدولة هي الم�س�ؤولة على فر�ض هيبة الق�ضاء لي�س في عالقة الأفراد بع�ضهم
مع بع�ض ،بل حتى في عالقتها معهم ،ف�إذا كانت دولة الحق والقانون تعني خ�ضوع
الدولة لمبد�أ الم�شروعية ولل�سيادة القانون في العالقة التي تربطها بالمواطنين ،ف�إن
هذا يقت�ضي منها �أن تلتزم هي قبل غيرها باحترام قوة ال�شيء المق�ضي به عن طريق
�سن قواعد من �ش�أنها �إجبار الإدارة على تنفيذ الأحكام والقرارات ال�صادرة في
مواجهتها.
ولئن �شكل �إحداث المحاكم الإدارية حدث بارزا وطفرة �إيجابية في تاريخ
الق�ضاء المغربي جديرة باالفتخار واالعتزاز ،ولئن ا�ستطاعت هذه المحاكم لحد
الآن �إبراز الدور الإيجابي المنتظر منها وذلك عن طريق تر�سيخها لعدة مبادئ،
وابتكارها لعدة قواعد قائمة على العدل والإن�صاف ،ف�إنه يجب �أن ال تبقى هذه
الأحكام مثار نقا�شات ودرا�سات في الجامعات وتعاليق في المجالت فقط ،بل البد
�أن ي�ستفيد منها بالدرجة الأولى �أ�صحابها الذين �صدرت تلك الأحكام لفائدتهم،
ولن يت�أتى ذلك �إال �إذا تدخل الم�شرع المغربي من �أجل �إعطاء القوة والمناعة لهذه
الأحكام عن طريق �سن قواعد خا�صة بالتنفيذ الجبري في مواجهة الإدارة ،فحينئذ
يمكن للمواطنين االطمئنان على حقوقهم التي �أن�ش�أتها لهم الأحكام الإدارية.
ونظرا لأهمية الأمر الق�ضائي اال�ستعجالي القا�ضي ب�إيقاف الأمر بالتح�صيل ،ف�إن
تنفيذه يقت�ضي من القاب�ض (المحا�سب المكلف بالتح�صيل) وقف كل متابعة في
�أي مرحلة و�صلت �إليها.
ف�إذا كان الأمر يتعلق ب�إنذار فال يمكن �أن ينتقل به �إلى الحجز؛ و�إذا كان الأمر
يتعلق بالحجز فال يمكن �أن ينتقل به �إلى البيع؛ و�إذا و�صلت المتابعة �إلى حد
تطبيق م�سطرة الإكراه البدني ،يجب توقيف هذه الم�سطرة ،ويتعين توقيف �سريان
الذعائر وغرامات الت�أخير.
191
دفاتر المجلس األعلى
تقديم :
في الذكرى الخم�سينية لت�أ�سي�س المجل�س الأعلى ،في مايو ،2007وفي الندوة
التي �أقيمت بالرباط حول المنازعات االنتخابية والجبائية ،خل�ص ذ .بليال في
المداخلة التي �ساهم بها �إلى �أن هناك نقا�ش جدي حول مدى اعتبار طلب وقف
تنفيذ �إجراءات ا�ستخال�ص الديون ال�ضريبية طلبا وقتيا �أو ا�ستعجاليا بطبيعته.
وبين كيف �أن �أداء ال�ضريبة في وقتها له عالقة بتنفيذ الميزانية العامة للدولة في
جانبيها المتعلق بالموارد وبالنفقات ،وله عالقة �أي�ضا بالتزامات الحكومة الواردة
في القانون المالي ،وبتنفيذ القانون المالي كما نوق�ش و�صودق عليه من طرف
البرلمان.
كما بين �أي�ضا كيف �أن الأمر بوقف تنفيذ ا�ستخال�ص بع�ض الديون ال�ضريبية
بدون �ضمانة قد تكون له انعكا�سات خطيرة على تح�صيل هذه الديون م�ستقبال
باعتبار �أن بع�ض المدينين بها ومبا�شرة بعد الح�صول على هذا الأمر يبا�شرون
م�سطرة �صعوبات المقاولة ،التي تمكنهم من التوقف القانوني عن �أداء ديونهم،
كما �أن القاب�ض في بع�ض الحاالت يتواجد �أمام تقادم تح�صيل الدين ال�ضريبي
الذي تم الأمر ق�ضائيا ب�إيقافه.
192
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وخل�ص �أي�ضا بالتبعية لهذا �إلى �أنه لي�ست هناك مقت�ضيات قانونية �صريحة
وخا�صة في المغرب؛ تبيح الأمر بوقف تنفيذ ا�ستخال�ص ديون �ضريبية( .المداخلة
من�شورة في �إ�صدارات المجل�س الأعلى).
اليوم �أقول �إلى �أنه وابتداء من فاتح يناير 2009ن�ص الم�شرع ب�صريح العبارة
ولأول مرة على م�سطرة ق�ضائية يمكن بموجبها �أن ي�أمر ب�إيقاف تنفيذ تح�صيل الدين
ال�ضريبي الم�ستحق على �إثر مراقبة �ضريبية �شريطة تكوين �ضمانة كافية لت�أمين هذا
الدين ،وقد جاءت هذه القاعدة على �إثر التعديل الذي لحق بالمادة 242من
المدونة العامة لل�ضرائب.
الآن وبعد انتهاء ال�سنتين من دخول الم�سطرة الق�ضائية لإيقاف تنفيذ ا�ستخال�ص
الدين ال�ضريبي كما ن�صت عليها المادة 242حيز التنفيذ يبدو �أن بع�ض التطبيقات
الق�ضائية لمقت�ضيات هذا الن�ص فتحت نقا�شا حول مدى م�صادفتها �أو مجانبتها
لل�صواب ،وقد همت بالخ�صو�ص؛
مجال تطبيق المادة ،242
وكذا طبيعة ال�ضمانة الكفيلة بت�أمين الدين ال�ضريبي؛
و�س�أتعر�ض في المحور الأول لبع�ض التطبيقات الق�ضائية للمادة 242فيما يتعلق
بمجال التطبيق.
بداية ال بد من المالحظة �إلى �أن م�صدر الم�سطرة الق�ضائية المتعلقة بوقف
التنفيذ كما تن�ص عليها المادة 242هو اجتهاد ق�ضائي متواتر والذي اعتبر �أن
المنازعة في التقديرات ال تكت�سي �صفة جدية المنازعة التي قد تخول الأمر بوقف
التنفيذ.
وقتها كانت المنازعة في مقررات اللجنة الوطنية خا�صة ،والمنازعة في ال�ضرائب
التكميلية الناتجة عن مراقبة �ضريبية تعتبر منازعة في التقديرات لأن الملزم عادة ال
ينازع في �صفته كملزم بال�ضريبة.
193
دفاتر المجلس األعلى
من هنا جاءت قناعة الم�شرع لتكري�س هذا االتجاه الق�ضائي في ن�ص جبائي
قائم الذات بالمادة 242من المدونة العامة ومد القاعدة الواردة في هذا االتجاه
لت�شمل جميع الديون ال�ضريبية الناتجة عن مراقبة �ضريبية.
الآن وبعد �إعمال مقت�ضيات هذه المادة حيز التنفيذ ظهرت بع�ض التوجهات
الق�ضائية التي تثير بع�ض النقا�ش.
في هذا الإطار �أريد �أن �أقف عند توجهين ق�ضائيين.
التوجه الأول :يعتبر �أن المقت�ضيات المتعلقة بوقف التنفيذ الواردة في المادة
242تخاطب المحا�سبين الإداريين المكلفين بالتح�صيل وال تخاطب الق�ضاء،
وطبعا عمل هذا االتجاه على عدم التقيد بهذه المقت�ضيات ،وبدال منها ا�ستعمل
�سلطته التقديرية والنظر فيما �إذا كان الأمر متوقف على تقديم �ضمانة �أم ال.
نحن نعتقد �أن هذا االتجاه قد يكون مجانبا لل�صواب لمجموعة من الأ�سباب:
�أوال � :أن المادة 242المت�ضمنة للمقت�ضيات المتعلقة بوقف التنفيذ وردت في
الباب الثاني من المدونة العامة لل�ضرائب والمتعلق بالم�سطرة الق�ضائية
في المنازعة الجبائية ،وهذه المادة و�ضعت تحت عنوان «الم�سطرة
الق�ضائية على �إثر مراقبة ال�ضريبة»؛ وبالتالي فهي تت�ضمن مجموعة من
الإجراءات الخا�صة بالمرحلة الق�ضائية في هذه المنازعة.
ثانيا � :إن المتفق عليه وفقا وق�ضاء �أن هناك م�سطرتين لت�أجيل الوفاء بالدين
ال�ضريبي.
• م�سطرة �إدارية �سميت بوقف الأداء.
• وم�سطرة ق�ضائية ت�سمى بوقف التنفيذ.
والم�شرع نف�سه ميز بين الم�سطرتين حينما ن�ص على الأولى في المادة 117من
مدونة تح�صيل الديون العمومية ،ون�ص على الثانية في المادة 242من المدونة العامة
194
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
لل�ضرائب( .يظهر هذا جليا حتى على م�ستوى ال�صياغة والكلمات الم�ستعملة في
المادتين وقف �أداء في المادة 117ووقف التنفيذ في المادة .)242
التوجه الثاني :يعتبر �أن ال�ضريبة المخاطبة ب�أحكام المادة 242هي ال�ضريبة
المبنية على مراقبة قانونية غير منازع في �إجراءاتها والمحت�سبة على تقديرات
اللجن ال�ضريبية ،من نتائج هذا التوجه �أن هناك مجموعة من الأوامر الق�ضائية
ب�إيقاف التنفيذ تخرج عن الأحكام الواردة في هذه المادة.
نحن نعتقد �أن هذا التوجه قد يكون مجانبا لما �أراده الم�شرع في و�ضعه
للمقت�ضيات المتعلقة بوقف التنفيذ بالنظر لما يلي:
ف�أوال :الم�شرع و�ضع مقت�ضيات عامة ال تحتمل التمييز� ،إذ هو لم يميز بين
الدين ال�ضريبي المبني على مراقبة منازع في �إجراءاتها ،وبين الدين
ال�ضريبي المبني على مراقبة غير منازع في �إجراءاتها ،وبالتالي فحين ال
يميز الم�شرع ال يجب التمييز.
وثانيا :الم�شرع �أي�ضا ن�ص على لفظ المراقبة على �إطالقه �أي ب�صيغة العموم،
بحيث لم يميز بين المراقبة التي تف�ضي �إلى م�سطرة اللجن ،والمراقبة
التي قد ال تف�ضي �إلى عر�ض الملف على اللجن� ،أي التي قد ت�ؤول �إلى
الفر�ض التلقائي لل�ضريبة.
وثالثا � :صحيح �أن الم�شرع خ�ص الدين ال�ضريبي الناجم عن مراقبة �ضريبية
بالمقت�ضيات المتعلقة بوقف التنفيذ ،اقتناعا منه ب�أن هذا الدين هو نتيجة
م�سطرة تواجهية بين الطرفين ا�ستنفذت فيها مجموعة من ال�ضمانات،
واقتناعا منه �أي�ضا ب�أن جدية المنازعة فيه لن تت�ضح �إال في �إطار دعوى
المو�ضوع ووفق م�سطرة تواجهية �أي�ضا ،وهو ما يخرج عن اخت�صا�ص
قا�ضي الم�ستعجالت ،لذلك ربط وقف التنفيذ ب�شرط تقديم �ضمانة.
195
دفاتر المجلس األعلى
تطرح الأوامر الق�ضائية التي تق�ضي بوقف تنفيذ �إجراءات ا�ستخال�ص الدين
ال�ضريبي بناء على �ضمانة مجموعة من المالحظات الأ�سا�سية ،ح�سب نوع ال�ضمانة
المقدمة؛
�أوال -بخ�صو�ص الكفالة البنكية
لوحظ �أن بع�ض الكفاالت البنكية التي تق�ضي بع�ض الأوامر الق�ضائية بوقف
التنفيذ بناء عليها ،كفاالت غير مقبولة على الأقل ل�سببين رئي�سيين:
ال�سبب الأول � :أغلبية الكفاالت البنكية المقدمة يكون مبلغها م�ساويا لمبلغ
الدين ال�ضريبي غير �أن هذه الكفاالت �إذا كانت كافية لتغطية الدين ال�ضريبي وقت
تقديم الطلب� ،أو حين �صدور الأمر بوقف التنفيذ ،ف�إنها قد ال تكون كذلك طيلة
المدة التي �سيتم فيها وقف التنفيذ ،باعتبار �أن مبلغ الدين ال�ضريبي يتزايد بفعل
فوائد الت�أخير التي تترتب عليه.
ال�سبب الثاني � :أن جل الكفاالت البنكية ال تتعدى �سنة ،وهناك كفاالت �أخرى
ال تتعدى �شهر �إلى ثالثة �أ�شهر ،وقد لوحظ �أن بع�ض الأوامر الق�ضائية قد ال تنتبه
�أوال ت�أخذ بعين االعتبار هذه الم�س�ألة� ،إذ �أن هذه الأوامر تق�ضي بوقف التنفيذ �إلى
غاية �صدور الحكم النهائي في دعوى المو�ضوع الذي يتطلب �صدوره مدة �أكثر
بكثير من مدة الكفالة.
ثانيا -الحجز التحفظي ك�ضمانة
بع�ض الأوامر تق�ضي بتحويل الحجز التحفظي الذي يقوم به القاب�ض في �إطار
الإجراءات التحفظية التي يبا�شرها في �إطار ما تن�ص عليه المادة 29من مدونة تح�صيل
الديون العمومية� ،إلى �ضمانة وت�أمر بناء عليه ب�إيقاف �إجراءات اال�ستخال�ص.
196
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
لكننا نعتقد �أن هذا الحجز التحفظي لي�س من �ش�أنه �أن يكون �ضمانة حقيقية
ونافذة ما لم يتم ا�ستبداله برهن على �أ�صل تجاري �أو برهن ر�سمي على عقار
وذلك وفق ما تن�ص عليه المادة 18من مدونة تح�صيل الديون العمومية .وال�سبب
كما هو معلوم يعود �إلى �أن القاب�ض في �إطار الحجز التحفظي يدخل في �إطار
كتلة الدائنين ال�شيء الذي يجعله يفقد حق الأ�سبقية �أو الأولوية في التنفيذ على
ال�ضمانة �إذا اقت�ضت ال�ضرورة ذلك .ما دام �أنه يت�ساوى مع ه�ؤالء الدائنين العاديين
ويتقا�سم الدين معهم بالمحا�صة.
ثالثا -بخ�صو�ص تقديم �أ�صل تجاري ك�ضمانة لوقف تنفيذ �إجراءات
اال�ستخال�ص
نحن كنا نعتر�ض على بع�ض الأ�صول التجارية التي تقدم �ضمانة لمجموعة من
الأ�سباب الأ�سا�سية:
�أوال :لأنها لم تكن م�سجلة �أو مدرجة �ضمن الأ�صول الثابتة للمقاولة ،وبالتالي
فهي �أ�صول غير نظامية خا�صة من الناحية المحا�سبية.
ثانيا :غالبا ما يجري تقويم الأ�صل التجاري من طرف المدين بوا�سطة خبرة
جزافية تحدد قيمته هكذا بدون اال�ستناد �إلى �أية معايير ،وقد كنا نرف�ض هذا الأمر
لمجموعة من الأ�سباب :
• لأن هذه الخبرة غير تواجهية �إذ لم تكن الجهة المعنية بتح�صيل الدين
مو�ضوع المطالبة بوقف التنفيذ حا�ضرة فيها� ،إ�ضافة �إلى �أن �أغلبية الخبرات
لم ت�أمر بها المحكمة والمدين هو من طلبها مبا�شرة من الخبير وهو من �أدى
�أتعابها ،وقد جاءت بناء على رغبته و�إرادته بحيث لو كانت �ضده لما �أدلى
وتم�سك بها،
• لأن بع�ض هذه الأ�صول التجارية قد تكون مثقلة بديون �سابقة وبالتالي
فهي غير كافية لتغطية هذه الديون وبالأحرى الدين ال�ضريبي� .إ�ضافة �إلى �أن
المحا�سب يفقد حق الأ�سبقية فيها بفعل تواجده �إلى جانب دائنين �آخرين.
197
دفاتر المجلس األعلى
• لأن تقييم الأ�صل التجاري يجب �أن ي�ستند �إلى القيمة المحددة له في
البيان الختامي للمقاولة بعد تحيينها.
وفي حالة عدم وجود تحديد لهذه القيمة ،هناك مجموعة من المعطيات التي
لها عالقة بالعنا�صر الأ�سا�سية المكونة للأ�صل التجاري وخا�صة بعن�صر الزبائن
الذي يجب �أن ت�أخذ بعين االعتبار؛ وهذه المعطيات تتعلق �أ�سا�سا برقم المعامالت
الم�صرح به� ،إذ كلما كان هذا الرقم مهما كلما كانت قيمة الأ�صل التجاري مرتفعة.
ثالثا :الأ�صل التجاري وغيره من ال�ضمانات يجب �أن يعر�ض بداية على
المحا�سب المكلف بالتح�صيل فهو من يحوزه وطبعا حيازته القانونية تتمثل في
ت�سجيله ك�ضمانة في ال�سجل التجاري ،لأن بدون هذا التقييد ت�صبح ال�ضمانة بدون
�أية قيمة .وهذا ما �سار عليه الق�ضاء نف�سه الذي اعتبر �أن الأمر ب�إيقاف التنفيذ ي�صبح
بدون �أثر ويحق معه للمحا�سب موا�صلة �إجراءات اال�ستخال�ص �إذا تبين �أن المدين
لم يقم بتقييد الأ�صل التجاري ك�ضمانة في ال�سجل التجاري.
من هنا يبدو �أن مهمة تقدير ال�ضمانة لي�ست بالمهمة ال�سهلة ،وال يمكن �أن تكون
رهينة �إرادة الملزم المدين و�إنما هي مهمة مو�ضوعية تدخل فيها عدد من العنا�صر
القانونية والتقنية.
ختاما � :أعتقد ب�أنه يتعين التعامل مع الم�سطرة الق�ضائية لإيقاف تنفيذ ا�ستخال�ص
ال�ضريبة الواردة في المادة 242من المدونة العامة ،على �أ�سا�س �أنها م�سطرة
ا�ستثنائية على غرار م�سطرة وقف الأداء الواردة في المادة 117من مدونة تح�صيل
الديون العمومية ،وباعتبار هذه الم�سطرة الق�ضائية م�سطرة ا�ستثنائية ف�إن اال�ستثناء
ال يقا�س عليه وال يتو�سع في تف�سيره.
فالقاعدة الإلزامية هي �أداء الديون ال�ضريبية في �أجلها القانوني ،لأن التخلف
عن الأداء داخل هذا الأجل �ستكون له نتائج وخيمة على تنفيذ النفقات العمومية
ولأن الدولة في حاجة لمواردها ال�ضريبية باعتبار �أنها ملزم ببرامج التنمية
االقت�صادية واالجتماعية التي ت�ضعها ،وملزمة �أي�ضا تجاه دائنينها المتعددين .في
198
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
المقابل تبقى ذمة الدولة ذمة مليئة يمكن دائما الرجوع عليها في حالة ما �إذا ثبت
�أن الدين ال�ضريبي دين غير م�شروع.
في المقابل الإدارة ال�ضريبية مدعوة لأن تح�صن العمليات ال�ضريبية التي تقوم
بها �سواء على م�ستوى الوعاء �أو على م�ستوى التح�صيل؛ تح�صنها من �أي عيب
في ال�شكل �أو �شطط في الم�ضمون ،وتح�صنها من �أي �إفراط في التقدير �أو تفريط
في �ضمانات الملزم �أو المدين.
كانت تلك مجموعة من الإ�شكاليات التي تعتر�ض تطبيق المادة 242من المدونة
العامة لل�ضرائب� ،أتمنى �أن �أكون قد �ساهمت بر�أيي المتوا�ضع فاتحا باب المناق�شة
حولها م�ؤكدا مرة �أخرى �أن طلبات تنفيذ الدين العمومي يجب �أن ال تحكمها قواعد
اال�ستعجال المن�صو�ص عليها بالف�صل 149من قانون الم�سطرة المدنية و�إنما يجب
التعامل مع الم�سطرة الق�ضائية و�إنما يجب التعامل مع الم�سطرة الق�ضائية لإيقاف
تنفيذ ا�ستخال�ص ال�ضريبة وفق ما تقت�ضيه المادة 242من المدونة العامة لل�ضرائب
على �أ�سا�س �أنها م�سطرة ا�ستثنائية.
199
دفاتر المجلس األعلى
مقدمة :
200
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
في طلب �إيقاف �إجراءات تنفيذ بيع منقوالت الأ�صل التجاري مع وجود دعوى
�أمام المحكمة التجارية تتعلق ببيع الأ�صل التجاري ككل �أم �أن المحكمة التجارية
هي المخت�صة بذلك في �إطار اخت�صا�صها بالنزاع برمته.
لقد طرحت على الق�ضاء اال�ستعجالي الإداري نازلة من نف�س ال�شاكلة تتعلق
ب�إيقاف �إجراءات وم�سطرة الحجز الم�ضروب على الأ�صل التجاري لعدم تبليغ
المعني بالأمر بالإنذار بدون �صائر والإنذار القانوني مناط الحجز بدعوى تقديم
دعوى �أمام المو�ضوع تتعلق ببطالن م�سطرة الحجز وتبين �أثناء النظر في طلب
�إيقاف �إجراءات الحجز �إن هنالك دعوى مرفوعة �أمام المحكمة التجارية تتعلق
بطلب بيع الأ�صل التجاري برمته مرفوعة من طرف القاب�ض المالي ال�ستخال�ص
الدين ال�ضريبي مو�ضوع الحجز في هاته الحالة ال يمكن �إنكار االخت�صا�ص على
المحكمة التجارية للبت في طلب بيع الأ�صل التجاري في �إطار تطبيقها للف�صل
68من القانون 15-97والف�صول 111و 112و 113من القانون 53-95كما ال يمكن
القول ب�أن بت المحكمة التجارية في طلب بيع الأ�صل التجاري يحجب االخت�صا�ص
عن الق�ضاء الإداري �سواء كمحكمة مو�ضوع �أو كق�ضاء ا�ستعجالي ما دام �أن
االجراءات التي كانت �سابقة لعملية حجز الأ�صل التجاري والتي تمت من طرف
القاب�ض المالي مما تخت�ص بتقييمها المحكمة االدارية المخت�صة مكانيا ،ثم �إنه �إذا
كانت تلك الإجراءات ال�سابقة على الحجز م�شوبة بالبطالن لعدم تبليغ الإنذار
القانوني الذي ي�سبق الحجز فم�ؤدى ذلك �أن �إجراءات حجز الأ�صل التجاري
الجارية م�سطرة بيعه �أمام المحكمة التجارية �سوف تكون م�شوبة بالبطالن و�إذا
تبين لقا�ضي الم�ستعجالت من ظاهر �أوراق الملف جدية النزاع حول ذلك
�سوف يق�ضي ب�إيقاف �إجراءات بيع منقوالت الأ�صل التجاري وحتى �إذا ما ق�ضى
الق�ضاء اال�ستعجالي اعتبارا لوجود نزاع جدي حول بطالن م�سطرة حجز الأ�صل
التجاري ب�إيقاف �إجراءات بيع منقوالت الأ�صل التجاري فهل يكون قراره ملزما
للمحكمة التجارية التي تبا�شر م�سطرة بيع الأ�صل التجاري في �إطار اخت�صا�صها
النوعي بذلك.
202
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
لقد ذهب �أمر رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س( )1بعدما تبين له من ظاهر �أوراق
الملف عدم جدية ال�سبب المتعلق ببطالن م�سطرة الحجز على الأ�صل التجاري
لعدم التبليغ بالإنذار القانوني مناط الحجز �إلى القول بما يلي:
«علما ب�أن الأمر في هاته النازلة كما هو ظاهر من وقائعها يتعلق بدعوى بيع
الأ�صل التجاري برمته معرو�ض على الق�ضاء التجاري في �إطار مقت�ضيات الف�صل
68من القانون 15-97ومدونة التجارة وخ�صو�صا البنود 111و 112و 113من
القانون ،53-95وان تقديم دعوى ب�ش�أن بطالن م�سطرة الحجز للإخالل ب�إجراءات
تبليغ الإنذار القانوني المتطلب الحجز يقت�ضي تقديم المطالبة ب�إيقاف البت �أمام
الق�ضاء التجاري لغاية البت في دعوى بطالن م�سطرة الحجز الواقع على الأ�صل
التجاري و�إن مثل هذا الطلب يوازي المطالبة ب�إيقاف تنفيذ بيع منقوالت الأ�صل
التجاري لغاية البت في دعوى المو�ضوع مما يبقى معه الطلب غير مقبول».
ولنفر�ض هنا �أن القا�ضي اال�ستعجالي الإداري بدا له من ظاهر م�ستندات ملف
المو�ضوع الذي يتعلق ببطالن م�سطرة الحجز الواقع على الأ�صل التجاري� ،إن
هاته الم�سطرة م�شوبة ب�إخالالت قانونية تتمثل في عدم التبليغ بالإنذار القانوني
وعدم توجيه الإ�شعار بدون �صائر قبله وبالتالي �سوف تكون م�شوبة بالبطالن �أمام
محكمة المو�ضوع ويتعين في �ضوء ذلك �إيقاف �إجراءات بيع منقوالت الأ�صل
التجاري لغاية البت في دعوى المو�ضوع فهل يرتب هذا الأمر �آثاره القانونية �أمام
المحكمة التجارية نعتقد �أن الآثار القانونية التي يمكن �أن تترتب على مثل هذا
الأمر هو �إيقاف البت في النازلة من طرف المحكمة التجارية لغاية البت النهائي
في نزاع المو�ضوع المتعلق ببطالن م�سطرة الحجز من طرف الق�ضاء الإداري.
لكن ،هل يجوز للقا�ضي التجاري في �إطار م�سطرة المطالبة ببيع الأ�صل التجاري
ال�ستيفاء الدين العمومي طبقا لمقت�ضيات الف�صل 68من مدونة التح�صيل 97/15
والف�صل 113من مدونة التجارة � 95/15أن يناق�ش م�شروعية الإجراءات ال�سابقة
(� )1أمر رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س عدد 04/1125بالملف � 32س 04/م�ؤ�س�سة الودغيري �ضد الخزينة.
203
دفاتر المجلس األعلى
على حجز الأ�صل التجاري ،بخ�صو�ص الإ�شعار بدون �صائر والإنذار القانوني،
لقد عر�ضت على الق�ضاء التجاري اال�ستئنافي نازلة من هذا القبيل تم�سك فيها
الم�ست�أنف وهو يعيب على الحكم االبتدائي القا�ضي ببيع الأ�صل التجاري عدم
ارتكازه على �أ�سا�س �سليم لعدم احترام القاب�ض المكلف بالتح�صيل للإجراءات
الم�سطرية والمقت�ضيات القانونية المن�صو�ص عليها بمدونة التح�صيل باعتبار �أنه
ال يجوز له �أن يجري �أية متابعة �إال بعد �أن يوجه �إ�شعارا بدون �صائر ،كما �أنه ال
يمكن له �أن يجري �أي حجز �إال بعد ترخي�ص م�سبق من طرف رئي�س الإدارة الذي
ينتمي �إليها ،وذهبت محكمة اال�ستئناف التجارية(� )2إلى القول وهي ت�ؤيد الحكم
االبتدائي عدد 01/409القا�ضي ببيع الأ�صل التجاري بما يلي « :لكن حيث �إن الدين
الذي على �أ�سا�سه تمت المطالبة بالبيع الإجمالي للأ�صل التجاري هو دين عمومي
و�أن المنازعة ب�ش�أنه وكذا الإجراءات المتعلقة بتح�صيله يتعين �أن تكون �أمام الجهة
المخت�صة وهي المحكمة الإدارية ولي�س �أمام المحكمة التجارية بمنا�سبة المطالبة
ببيع الأ�صل التجاري.
وحيث �إنه في غياب ما يفيد �أن الإجراءات التي �سلكها القاب�ض قد تم �إلغا�ؤها
�أو �إيقاف تنفيذها من طرف الجهة المخت�صة ،ف�إن طلب البيع الإجمالي للأ�صل
التجاري من طرف القاب�ض طبقا لمقت�ضيات المادة 113من مدونة التجارة
يكون في محله ومن تم ف�إن اال�ستئناف يبقى غير مبرر وينبغي رده وت�أييد الحكم
الم�ست�أنف».
وهو نف�س المنحى الذي �سلكته في عدة قرارات منها القرار الم�ؤيد للحكم
االبتدائي 98/530القا�ضي بالبيع الإجمالي للأ�صل التجاري والذي جاء فيه ما
يلي(:)3
( )2قرار محكمة اال�ستئناف التجارية بالدارالبي�ضاء رقم 2005/466بتاريخ ،2005/02/14ق�ضية �شركة الت�أمين
بنعزوز �ضد قاب�ض تابريكت.
( )3قرار محكمة اال�ستئناف التجارية بالدارالبي�ضاء رقم 02/3575بتاريخ ،2002/12/26ق�ضية �شركة برا�سري
ال�شاون �ضد قاب�ض البي�ضاء.
204
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
205
دفاتر المجلس األعلى
البيع ،وكذا المادة 68من نف�س القانون التي تن�ص على �أنه « :يتم حجز الأ�صول
التجارية وبيعها وفق ال�شروط والأ�شكال المن�صو�ص عليها في القانون 95/15
المتعلق بمدونة التجارة» وفي نف�س االتجاه ،ذهب الق�ضاء التجاري اال�ستئنافي
�إلى القول وهو يق�ضي برف�ض المطالبة ببيع الأ�صل التجاري المقدمة من طرف
نائب قاب�ض وزان ويتحقق من �صحة الدين ال�ضريبي في �إجراءات تح�صيله» حيث
�إن الثابت من خالل الوثائق و�إقرار الطاعن قاب�ض وزان �أن الدين المطالب به في
مح�ضر الحجز طر�أت عليه مجموعة من التعديالت تتمثل في كون الم�ست�أنف عليه
ح�صل على رفع اليد من طرف قاب�ض وزان وعلى �إعفاء من �ضريبة التجارة عن
�سنوات � 96إلى 99كما يتبين ذلك من الوثيقة ال�صادرة عن النائب الجهوي لإدارة
ال�ضرائب وكذا �إقرار الطاعن بكون الم�ست�أنف عليه �أدى �سلفات بمجموعة من
المبالغ خالل �سنة 2000وكذلك �إدالء الم�ست�أنف عليه ب�صور و�صل �أداء مجموعة
من المبالغ خالل �سنة « 2001وحيث �إنه ثبت للمحكمة �أن المبلغ الوارد بمح�ضر
الحجز الم�ستند عليه طلب البيع وقعت عليه عدة تغييرات ثابتة بالوثائق و�إن
الطاعن لم يعدل طلبه حتى تتمكن المحكمة من تطبيق مقت�ضيات الفقرة الثامنة
من الف�صل 113من مدونة التجارة ال�شيء الذي يتعين معه الت�صريح بعدم قبول
الطلب وبالتالي ت�أييد الحكم الم�ست�أنف».
و�أعتقد �أنه يجوز للقا�ضي التجاري بمنا�سبة البت في طلب البيع االجمالي
للأ�صل التجاري في �إطار مقت�ضيات الف�صلين 68من مدونة تح�صيل الديون
العمومية 97/15والف�صل 113من مدونة التجارة �أن يتحقق من ا�ستيفاء �إجراءات
التح�صيل ال�سابقة على حجز الأ�صل التجاري من توجيه للإ�شعار بدون �صائر
وتبليغ قانوني للإنذار القانوني ب�أداء الدين ال�ضريبي مناط الحجز كما هو ال�ش�أن
في ذلك بالن�سبة لتحقيق الرهن الم�ضروب على الأ�صل التجاري خ�صو�صا و�أن
الأمر يتعلق بم�سطرة تواجهية كفيلة بالمحافظة على حقوق الأطراف حول الأ�صل
التجاري المعني بالبيع و�أن ذلك ال يعتبر تطاوال على اخت�صا�ص القا�ضي الإداري
بقدر ما يعتبر التزاما بتطبيق مقت�ضيات الف�صلين 68من القانون 97/15والف�صل
206
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
113من مدونة التجارة 95/15دون �أن يتعدى ذلك مناق�شة الوعاء ال�ضريبي ،وهو
االتجاه الذي تبنته الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى( )5حيث �ألزمت تبليغ الإنذار
بالأداء للمدين ك�شرط ال�ست�صدار الحكم ببيع �أ�صله التجاري المرهون في �إطار
ا�ستخال�ص الدين.
و�إذا كان القا�ضي الإداري يتمتع بوالية عامة للبت في المنازعات المتعلقة
بالتح�صيل بنوعيها المو�ضوعي واال�ستعجالي ،وكان القا�ضي التجاري هو المخت�ص
الوحيد بالبت في المطالبة بالبيع الإجمالي ال�ستخال�ص الدين العمومي ،فقد
يحدث �أن يلج�أ الملزم �إلى المنازعة في �صحة �إجراءات التح�صيل �أو تقادم الدين
ال�ضريبي �أمام الق�ضاء الإداري ،وبالموازاة لذلك ،يتقدم �أمام الق�ضاء الإداري
اال�ستعجالي بالمطالبة ب�إيقاف �إجراءات تح�صيل الدين ال�ضريبي لغاية البت النهائي
في جوهر النزاع ،وقد تبين للقا�ضي الإداري اال�ستعجالي �أن هناك منازعة جدية
في عدم �صحة �إجراءات التح�صيل و�أن حالة اال�ستعجال قائمة ،في�أمر باال�ستجابة
للطلب في الوقت الذي تكون فيه م�سطرة بيع الأ�صل التجاري ال�ستخال�ص ذات
الدين.
الفقرة الثانية :حجز العقار في �إطار ا�ستخال�ص الدين ال�ضريبي
والإ�شكاالت المطروحة
ين�ص الف�صل 67من القانون 15-97بما معناه �أنه يتم حجز العقارات وبيعها عن
طريق �أعوان التبليغات والتنفيذات الق�ضائية طبقا لأحكام قانون الم�سطرة المدنية
ونالحظ �أن الم�شرع من خالل الف�صل المذكور لم يحدد الجهة الق�ضائية المخت�صة
مما يطرح تنازعا في االخت�صا�ص �إذ يرى البع�ض �أن االخت�صا�ص يعود للق�ضاء
العادي بالإحالة على قانون الم�سطرة المدنية ويرى البع�ض �أن االخت�صا�ص يعود
�إلى المحاكم الإدارية ب�صراحة الف�صل 141من القانون 15-97الذي ين�ص على
�أن جميع المنازعات المتعلقة بتح�صيل الديون العمومية مما يخت�ص به الق�ضاء
( )5قرار الغرفة التجارية الق�سم الأول عدد 568بتاريخ 10/04/2002بالملف التجاري عدد .655/01
207
دفاتر المجلس األعلى
الإداري �سواء كانت مو�ضوعية �أو ا�ستعجالية و�أن الدين ال�ضريبي هو الم�ستهدف
ب�إجراء الحجز ولي�س العقار و�أن القا�ضي الإداري يطبق بدوره قواعد الم�سطرة
المدنية بالإحالة الواردة بالف�صل 7من القانون .41-90
هذا ،وقد تباين العمل الق�ضائي بخ�صو�ص �إيقاع الحجز التحفظي على
العقار ل�ضمان �أداء الدين العمومي� ،إذ ذهب �أمر �صادر عن المحكمة الإدارية
بالدارالبي�ضاء(� )6إلى اال�ستجابة لمطالبة القاب�ض الرامية �إلى �إيقاع حجز تحفظي
على العقار ذي الر�سم العقاري عدد 31447ل�ضمان �أداء دين عمومي بينما ذهب
�أمر رئي�س المحكمة الإدارية بالرباط(� )7إلى رف�ض طلب �إيقاع حجز تحفظي على
العقار ل�ضمان �أداء دين �ضريبي ،جاء في تعليله ما يلي « :حيث يهدف الطلب �إلى
ا�ست�صدار �أمر ب�إيقاع الحجز على عقارات المطلوب �ضده �ضمانا ال�ستيفاء الدين
ال�ضريبي المترتب بذمته».
«وحيث �إنه �إذا كان يجوز للقاب�ض �أينما كان �أن يقوم تلقائيا بحجز منقوالت
المدين في �إطار االمتياز المخول له بمقت�ضى القانون 97/15على المنقوالت ،ف�إنه
ال يملك حق حجز العقار �إال بمطالبته �أمام الجهة الق�ضائية المخت�صة في �إطار
الف�صل 148من ق.م.م بعد �إثبات عدم كفاية المنقول في �ضمان ا�ستخال�ص
الدين ال�ضريبي».
«وحيث تبقى الجهة المخت�صة ب�إيقاع الحجز على العقار هي جهة الق�ضاء
العادي باعتباره القا�ضي الطبيعي للعقار والم�ؤهلة محكمته العادية للبت في
جميع الدعاوى الفرعية المتعلقة با�ستحقاق العقار �أو الدعاوى المتعلقة ببطالن
الحجز العقاري التي يترتب عنها االيقاف التلقائي للبيع ،وي�ستنتج ذلك من تنظيم
الم�شرع المغربي بالقانون 97/15لم�سطرة بيع المنقول دون العقار واخت�صا�ص
الق�ضاء العادي بذلك في �إطار قواعد الم�سطرة المدنية».
(� )6أمر �صادر عن رئي�س المحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء عدد 234بتاريخ .10/03/29
(� )7أمر �صادر عن رئي�س المحكمة الإدارية بالرباط رقم 9بالملف 07/766بتاريخ .08/01/16
208
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وفي نازلة �أخرى تتعلق بالمطالبة برفع الحجز الم�ضروب على العقار من
طرف القاب�ض المالي بوا�سطة �أمرق�ضائي �صادر عن رئي�س المحكمة االبتدائية
بالدارالبي�ضاء( )8ذهب �إلى القول وهو يق�ضي بعدم قبول تلك المطالبة ما يلي:
«احتراما لمبد�أ توازي ال�شكليات تبقى الجهة التي �أمرت ب�إجراء الحجز التحفظي
على العقار هي الجهة المخول لها قانونا بالبت في طلب رفعه ما لم ي�ؤ�س�س الطلب
على المنازعة في قانونية �إجراءات التح�صيل.
ثبوت �أن الحجز التحفظي على العقار المطلوب رفع حجزه بناء على �أمر
ق�ضائي �صادر عن رئي�س المحكمة العادية بنزع الحق عن رئي�س المحكمة االدارية
بالبت في طلب رفعه �أو تحويله �إلى �إجراء تنفيذي نعم».
ونعتقد �أن االمتياز الممنوح للقاب�ض المكلف بالتح�صيل على �أموال المدين �إنما
يتعلق فقط ب�سلطة التنفيذ المبا�شر على المنقول دون العقار الذي يبقى الق�ضاء
العادي هو المجال الطبيعي للمنازعات المتعلقة به خ�صو�صا و�أنه قد يترتب على
�إيقاع الحجز على العقار رفع دعوى اال�ستحقاق الفرعي �أمام المحكمة االبتدائية
طبقا للف�صلين 482و 483من ق.م.م والتي يترتب عنها وقف التنفيذ كما قد
يقام طعن ببطالن م�سطرة بيع العقار المحجوز طبقا للف�صل 484من ق.م.م
والذي يرتب بدوره وقف تنفيذ بيع العقار و�إذا كان القاب�ض المالي ال يملك �أية
�سلطة امتيازية على العقار تخوله مبا�شرة الحجز عليه ب�صورة تلقائية ف�إنه مع ذلك
فالأمر ال يخلو من �إ�شكال فقد يلج�أ المدين المحجوز عليه �إلى رفع دعوى �أمام
المحكمة الإدارية تتعلق بالمنازعة في المرحلة ال�سابقة على حجز العقار وتتعلق
ببطالن م�سطرة الحجز على العقار لعدم التبليغ بالإنذار القانوني الذي ت�سبق
مرحلة الحجز وعدم قيام القاب�ض المالي بتوجيه الإنذار بدون �صائر ويتقدم على
�ضوء ذلك بطلب �إيقاف �إجراءات تح�صيل الدين العمومي بما فيه م�سطرة الحجز
لأجل ال�سبب المذكور �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي فكيف يتعامل القا�ضي الإداري
اال�ستعجالي مع الإ�شكال المطروح.
(� )8أمر �صادر عن رئي�س المحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء عدد 108بتاريخ .10/02/11
209
دفاتر المجلس األعلى
لقد عر�ضت على �أنظار الق�ضاء الإ�ستعجالي بالمحكمة الإدارية بفا�س ق�ضية
من هاته ال�شاكلة كان فيها الطالب قد تقدم بطلب ا�ست�صدار �أمر ب�إيقاف بيع العقار
المحجوز حجزا تنفيذا بملف الحجز العقاري الجارية م�سطرة بيعه �أمام المحكمة
المركزية بتي�سة لغاية البت في الدعوى المعرو�ضة على ق�ضاء مو�ضوع المحكمة
()9
االدارية الم�ستمد من تقادم المطالبة بالدين العمومي وقد �سن �أمر �إدارية فا�س
في هذا ال�ش�أن قاعدة مفادها �أن حجز العقار وبيعه ال�ستخال�ص الدين العمومي
عمال بالف�صل 67من القانون 15-97والنظر في الإ�شكال وال�صعوبات التي تعتر�ض
تنفيذه الناتجة عن تطبيق قواعد الم�سطرة المدنية مما يخت�ص به الق�ضاء العادي
دون الإداري الذي يخت�ص بالمنازعات المتعلقة ب�إجراءات تح�صيله كما هي
من�صو�ص عليها بنف�س القانون 15-97متى كانت الإدارة تتمتع ب�سلطة التنفيذ
التلقائي لمبا�شرة تلك الإجراءات.
وهكذا يمكن ترتيب النتائج التالية عن القاعدة المذكورة :
-حجز العقار حجزا تنفيذيا ال�ستخال�ص الدين العمومي مما يخت�ص به الق�ضاء
العادي.
-الطعون المتعلقة بالإجراءات الموالية للحجز �سواء كانت مو�ضوعية �أو
ا�ستعجالية مما يخت�ص به الق�ضاء العادي دون االداري.
� -إجراءات التح�صيل الجبري ال�سابقة على الحجز من توجيه �إ�شعار بدون
�صائر وتبليغ الإنذار القانوني عالوة على ادعاء التقادم مما يخت�ص بالبت في
العيوب المنعاة عليها والمطالبة ببطالنها الق�ضاء الإداري.
� -إيقاف تنفيذ بيع العقار المحجوز لالخالالت التي �شابت التح�صيل ال�سابقة
على الحجز مما يخت�ص به الق�ضاء الإداري اال�ستعجالي وله في هذا المجال
�أن ي�أمر ب�إيقاف �إجراءات بيع العقار المحجوز حجزا تنفيذيا الجارية م�سطرة
تنفيذه �أمام المحكمة العادية متى ظهر له من واقع النزاع خرق وا�ضح و�سافر
(� )9أمر رئي�س المحكمة االدارية بالملف اال�ستعجالي �41س 2004/ق�ضية العماري �ضد الخزينة.
210
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
في �إطار تو�سيع قاعدة �ضمان ا�ستخال�ص الدين العمومي لتمويل النفقات العامة
خولت مدونة التح�صيل من خالل الف�صول 100 ،95و 104من القانون 15-97
متابعة الغير الحائز للأموال المملوكة للمدين الأ�صلي عن طريق ما ي�سمى م�سطرة
الإ�شعار للغير الحائز �إذ �ألزم الم�شرع الغير المودعة لديه �أموال المدين الأ�صلي
ب�أداء ال�ضرائب وباقي الديون العمومية �إما تلقائيا �أو بناء على طلب المحا�سب
تحت طائلة ترتيب م�س�ؤوليته بالأداء على وجه الت�ضامن.
وهكذا �ألزمت المادة 95من المدونة كال من الموثق والعدل وكل �شخ�ص �آمر
يقوم بمهام توثيقية في حالة انتقال ملكية عقار �أن يطلب الإدالء ب�شهادة م�سلمة من
قطاع التح�صيل ال�ضريبي تفيد �أداء الر�سوم وال�ضرائب المتعلقة بالعقار مو�ضوع
التفويت بر�سم ال�سنة الجارية وكذا ال�سنوات ال�سابقة تحت طائلة ترتيب م�س�ؤوليته
الق�ضائية عو�ض المدينين المبا�شرين بالأداء ،كما �أوجبت المادة 100من المدونة
الأ�شخا�ص الحائزين لأموال المدين من مت�صرفين وموثقين ومت�صرفين لل�شركات
وكتاب ال�ضبط والأعوان الق�ضائيين والمحا�سبين والم�ؤ�س�سات البنكية ب�أداء
الديون العمومية الواجبة على المدينين المبا�شرين قبل ت�سليمها �إياهم �إما تلقائيا �أو
بناء على طلب ولو مع وجود تعر�ض من طرف المدعي �أو الغير ما لم يكن الأمر
يتعلق ب�أ�صحاب االمتياز المن�صو�ص عليهم بالف�صل 1248من ق.ل.ع والف�صل
107من مدونة التح�صيل.
وين�ص الف�صل 104من نف�س القانون على �أنه يمكن �إلزام الأغيار الحائزين �أو
المودع لديهم الم�شار �إليهم في المادتين 100و 101بنف�س الطرق الم�ستعملة �ضد
211
دفاتر المجلس األعلى
الملزمين �أنف�سهم لدفع المبالغ الموجودة لديهم والمتمتعة بامتياز الخزينة �إلى
المحا�سب المكلف بالتح�صيل با�ستثناء اللجوء �إلى م�سطرة الإكراه البدني.
وهكذا وفي نازلة من نف�س القبيل تتعلق بممار�سة م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز
ال�ستخال�ص الدين ال�ضريبي في مواجهة الخلف العام بمنا�سبة بيع عقار في
�إطار الحجز التنفيذي طالب القاب�ض المالي رئي�س كتابة ال�ضبط بت�سليم الأموال
المتح�صلة من ثمن بيع العقار المحجوزحجزا تنفيذيا عن طريق ممار�سة م�سطرة
الإ�شعار للغير الحائز ،فطالب ورثة المدين �أمام الق�ضاء الإداري اال�ستعجالي
برفع التعر�ض المقدم �أمام رئي�س كتابة ال�ضبط ال�ستخال�ص الدين ال�ضريبي في
�إطار م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز غير �أن رئي�س المحكمة الإدارية ق�ضى برف�ض
طلب رفع التعر�ض الممار�س في �إطار م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز و�سن قاعدة
مفادها�« :أنه يجوز للقاب�ض المالي �أن يطالب بوا�سطة الإ�شعار للغير الحائز المن�صو�ص
عليه بالف�صل 100و 101من القانون 15-97رئي�س كتابة ال�ضبط بت�سليم الأموال
المتح�صلة من ثمن بيع عقار محجوز حجزا تنفيذيا ال�ستخال�ص الدين العمومي
المترتب في ذمة المدين باعتباره خلفا عاما للملزم الحقيقي بالدين العمومي».
وقد جاء في تعليل الأمر المذكور( )10ما يلي « :حيث �إنه بموجب الف�صل 100من
مدونة التح�صيل ال يمكن لكتاب ال�ضبط �أن ي�سلموا الأموال الناتجة عن عمليات
التفويت للورثة �أو الم�ستحقين لها �إال بعد �إثبات �أداء ال�ضرائب والر�سوم الواجبة
على الأ�شخا�ص الذين يمتلكون تلك الأموال �أو العقارات المبيعة ويتعين على كل
الحائزين لتلك الأموال بمقت�ضى المادة 101طلب من هذا الأخير في �شكل �إ�شعار
للغير الحائز».
وفي نازلة �أخرى تتعلق بممار�سة م�سطرة الإ�شعار لدى الغير من طرف القاب�ض
المالي ال�ستخال�ص دين �ضريبي في ذمة الملزم �أوقع هذا الأخير حجزا على
ح�ساب المدين ببنك الوفاء وعلى �ضوء ذلك تقدم المحجوز عليه �أمام الق�ضاء
(� )10أمر �صادر عن رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س عدد 1090بالملف اال�ستعجالي عدد � 19س 04/ق�ضية ورثة
الزركاني �ضد الخزينة.
212
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الإداري اال�ستعجالي بطلب ا�ست�صدار �أمر ب�إيقاف تنفيذ الحجز الم�ضروب على
ح�سابه ببنك الوفاء عن طريق م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز لخرق م�سطرة المتابعة
في حقه لتلك ال�ضريبة ولتقادمها وبعد �أن بدا لقا�ضي الم�ستعجالت من خالل
�أوراق الملف �أن الطالب لم يبلغ ب�أي �إنذار قانوني �سابق قبل الحجز على �أمواله
لدى البنك المذكور وان الدين مو�ضوع تلك الم�سطرة م�شوب بال�سقوط للتقادم
ق�ضى ب�إيقاف تنفيذ الحجز الم�ضروب على ح�ساب الطالب بنك الوفاء عن طريق
م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز لغاية البت في نزاعه المو�ضوعي حول ذلك ومنح
الطالب مهلة �أربعين يوما لتقديم دعوى في المو�ضوع.
جاء في �أمر رئي�س المحكمة الإدارية ما يلي �« :أن الطالب ينازع جديا في
قانونية �إجراءات المتابعة لدى ال�ضريبة �سواء من زاوية م�سطرة اال�ستخال�ص �أو
من زاوية عن�صر تقادم المطالبة با�ستخال�ص ال�ضريبة مما يجعله ذلك في حل من
تقديم ال�ضمانة الكفيلة لت�أمين ا�ستيفاء دين ال�ضريبة لو�ضوح مركزه القانوني حول
جدية المنازعة في م�سطرة ا�ستخال�صها التي تبقى م�شوبة بالبطالن والتقادم و�أن
حالة اال�ستعجال تبقى قائمة بالنظر لما يترتب عن تنفيذ الحجز وتحويل المبالغ
المحجوزة لح�ساب الخزينة العامة من �أ�ضرار ي�صعب تداركها بعد التنفيذ الجله
يبقى طلب ا�ست�صدار الإجراء المطلوب م�ؤ�س�سا».
وقد تم ت�أييد هذا الأمر من طرف الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى( )11جاء
في قرارها وهي تجيب عن الو�سيلة المتعلقة بعدم ا�شتراط �ضرورة تبليغ الإنذار
القانوني قبل اللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز ومخالفة مقت�ضيات الف�صل
117من القانون « 15-97لكن حيث �إنه من جهة بالرجوع �إلى تن�صي�صات الأمر
الم�ست�أنف ف�إنه يالحظ �أن قا�ضي الم�ستعجالت �أبرز من خالل الأمر المطعون فيه
وجه الجدية الذي يعد �شرطا �أ�سا�سيا وجوهريا لإيقاف التنفيذ»« .لكن حيث �إنه
بالرجوع �إلى مقت�ضيات الف�صل 117من القانون 15-97يتبين �أن الكفالة التي
( ) 11قرار الغرفة الإدارية عدد 158بتاريخ 2003/03/03بالملف الإداري عدد 02/2/9/2343ق�ضية ولد عبو
�ضد الخزينة.
213
دفاتر المجلس األعلى
يلزمها الف�صل المذكور ك�شرط لتقديم طلب �إيقاف التنفيذ تخ�ص فقط الجزء
غير المنازع فيه من ال�ضريبة وموجهة �إلى القاب�ض� ،أما �إذا كانت المنازعة جدية
و�شاملة لمجموع مبلغ ال�ضريبة ي�ضل طلب �إيقاف التنفيذ خا�ضعا للقواعد العامة
المتعلقة باال�ستعجال المن�صو�ص عليها بقانون الم�سطرة المدنية فكان ما ق�ضى
الأمر الم�ستانف م�ؤ�س�س وواجب الت�أييد».
وهكذا ي�ستنتج من االتجاه الق�ضائي ال�سالف الذكر �أن حجز ما للمدين لدى
الغير عن طريق م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز باعتباره حجزا تنفيذيا على �أمواله
يتطلب ل�صحته توجيه الإ�شعار بدون �صائر من طرف القاب�ض المالي وتبليغ الإنذار
القانوني قبل �سلوك م�سطرة الحجز تلك تحت طائلة اعتبار الحجز عن طريق
م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز باطال لما ترتب على ذلك من �آثار قانونية بخ�صو�ص
�إيقاف تنفيذه.
وهكذا يتجلى �أن م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز تثير عدة ا�شكاالت قانونية تتمثل
في تحديد طبيعة المنازعة فيه وما �إذا كانت وقتية مما يخت�ص بالبت فيها قا�ضي
الم�ستعجالت �أو تعتبر مو�ضوعية مما يخت�ص بالبت فيها ق�ضاء المو�ضوع.
وما �إذا كان الإ�شعار للغير الحائز باعتباره �إجراء من �إجراءات التح�صيل
الجبري يخ�ضع لمبد�أ تدرج المتابعات �أم يعتبر ذا �صبغة مباغتية ،وما �إذا كان
يجوز للمحا�سب العمومي �سلوك تلك الم�سطرة في جميع الأحوال حتى ولو
كان ب�إمكانه �سلوك و�سيلة قانونية متاحة وما �إذا كان يجوز تحوير الطلب من
طرف قا�ضي الم�ستعجالت في المطالبة برفع الحجز �إلى �إيقاف تنفيذ �إجراءاته
هاته مجموعة من الإ�شكاليات �سوف نتناولها تباعا م�ستر�شدين في ذلك بالعمل
الق�ضائي بالمحاكم الإدارية ومحاكم اال�ستئناف الإدارية وقرارات الغرفة الإدارية
بالمجل�س الأعلى.
�إذا كان الإ�شعار للغير الحائز يعتبر في حد ذاته حجزا تنفيذيا على �أموال المدين
ف�إن النزاع حوله يقت�ضي تقييم م�شروعيته على �ضوء مدونة التح�صيل 15-97وهو
214
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ما ي�ضفي على هاته المنازعة الطابع المو�ضوعي خ�صو�صا فيما يتعلق الأمر بالمطالبة
برفعه لأجل ال�سبب المذكور وبالتالي تكون محكمة المو�ضوع هي المخت�صة
بالنظر في مدى �صحته وم�شروعيته لما في ذلك من م�سا�س بجوهر المو�ضوع
وينزع عنه ال�صبغة الم�ؤقتة على الرغم من توافر حالة اال�ستعجال المتمثلة في
الأ�ضرار الالحقة بالملزم من جراء تنفيذه و�صعوبة �إرجاع الحالة �إلى ما كانت
عليه وقد �صدرت عن المجل�س الأعلى الغرفة الإدارية عدة قرارات ت�صب في
هذا االتجاه يذكر منها القرار( )12الذي جاء في تعليله ما يلي« :يعتبر الإ�شعار للغير
الذي �أوقعه القاب�ض �إجراءا من �إجراءات التح�صيل وان القول بعدم تطابقه على
القانون �شكل منازعة مو�ضوعية تم�س جوهر الحق الذي يخرج عن نطاق اخت�صا�ص
قا�ضي الم�ستعجالت ،وان الأمر الم�ست�أنف حينما اعتبر �أن الحجز المذكور
مخالف المادة 653من مدونة التجارة وق�ضى برفعه على هذا الأ�سا�س يكون قد
تجاوز حدود اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت نظرا لم�سا�سه بجوهر الحق فيكون
بذلك غير م�صادف لل�صواب ويتعين �إلغا�ؤه والت�صريح من جديد بعدم اخت�صا�ص
قا�ضي الم�ستعجالت للبت في الطلب.
وقد �أكدت نف�س االتجاه في ق�ضية مماثلة جاء في قرارها( )13ما يلي �« :أن مناط
انعقاد اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت هو توفر عن�صر اال�ستعجال في النازلة
وعدم الم�سا�س بما يمكن �أن يق�ضي به في الجوهر».
«�إن طلب رفع الإ�شعار للغير الحائز هو طلب ي�شكل منازعة مو�ضوعية يقت�ضي
النظر في مدى م�شروعية �إجراء التح�صيل المتخذ من قبل القاب�ض ،وهو بذلك
يخرج عن نطاق اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت لم�سا�سه بجوهر الحق».
وهو االتجاه الذي ت�أخذ به محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط حيث تعتبر
االخت�صا�ص من النظام العام وتثيره تلقائيا جاء في �أحد قراراتها وهي ت�صرح
من�شور بمجلة ق�ضاء المجل�س 03/2/4/1441 بالملف 06/05/15 بتاريخ
( )12قرار الغرفة الإدارية عدد
404
الأعلى عدد � 67ص .277
( ) 13قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد 532بتاريخ 06/06/21ملف �إداري عدد .03/2/4/258
215
دفاتر المجلس األعلى
بعدم االخت�صا�ص للبت في الطلب(« )14من ال�سبب المثار تلقائيا من طرف محكمة
اال�ستئناف لتعلقه بالنظام العام».
«حيث �إن الحجز الذي �أوقعه القاب�ض الم�ست�أنف يعتبر �إجراء من �إجراءات
التح�صيل وان القول بعدم تطابقه مع القانون ي�شكل منازعة مو�ضوعية تم�س بجوهر
الحق الذي يخرج عن نطاق اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت و�أن الأمر الم�ست�أنف
حينما ق�ضى برفع الحجز يكون قد تجاوز حدود اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت
لم�سا�سه بجوهر الحق مما يجعله غير م�صادف لل�صواب ومعر�ضا للإلغاء والت�صريح
من جديد بعدم اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت للبت في الطلب».
وهو نف�س المنحى الذي ت�أخذ به المحاكم الإدارية ،جاء في �أحد �أوامر رئي�س
المحكمة الإدارية بفا�س( )15وهو ت�صريح بعدم اخت�صا�صه للبت في طلب رفع
الحجز ب�صفته قا�ضيا للم�ستعجالت ما يلي:
«حيث �إن طلب رفع الحجز ال يعتبر �إجراءا وقتيا ما دام ان رفع الحجز ينبغي
�إبطاله وهو نف�سه مو�ضوع الحق كما ان قا�ضي المو�ضوع ال ي�صدر حكمه ب�إبطال
لحجز �إال بعد الت�أكد من العيوب التي قد تكون �شابت م�سطرة الحجز في حين
ان قا�ضي الم�ستعجالت الإداري يكتفي بالإطالع على ظاهر الوثائق التي يدل بها
الأطراف مما يخرج عن نطاق اخت�صا�صه ويبرر رفع النظر في هذا الطلب لعدم
االخت�صا�ص».
و�إذا كان العمل الق�ضائي بالمحاكم الإدارية ومحكمة اال�ستئناف الإدارية وكذا
اجتهادات الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى قد ا�ستقر من جهة على �أنه كلما كان
الأمر من �ش�أنه �أن يق�ضي �إلى تقييم م�شروعية �إجراءات التح�صيل للبت في المطالبة
برفع الحجز فهو يخرج عن اخت�صا�ص الق�ضاء اال�ستعجالي لما من �ش�أنه الم�سا�س
بما يمكن �أن يق�ضي به في الجوهر.
قبا�ضة 02/07/16 بالملف عدد 07/05/07 بتاريخ ( ) 14قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط عدد
260
الواحة البي�ضاء �ضد بنكيران.
�أمر رقم 2010/11/24 بتاريخ 10/1/382 (� )15أمر �صادر من رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س تحت رقم
.10/416
216
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ف�إن العمل الق�ضائي بتلك المحاكم وكذا اجتهاد الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى
قد ا�ستقر �أي�ضا على �أنه كلما كانت المراكز القانونية للأطراف وا�ضحة �إزاء الحجز
يجوز لقا�ضي الم�ستعجالت �أن يتدخل لحماية تلك المراكز باال�ستجابة لطلبات
رفع الحجز الم�ضروب على �أموال المعني بالأمر في �إطار م�سطرة الإ�شعار للغير
الحائز وفي هذا الإطار �صدر قرار عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى( )16يق�ضي
بتاييد الأمر ال�صادر عن قا�ضي الأمور الم�ستعجلة بالمحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء
تحت عدد 02/474جاء في تعليله وهو يجيب عن الو�سيلة المتعلقة بعدم اخت�صا�ص
قا�ضي الم�ستعجالت للبت في الطلب لتعلقه بالجوهر وعن الو�سيلة المتعلقة
بعدم �سلوك م�سطرة التظلم قبل اللجوء �إلى الق�ضاء اال�ستعجالي للمطالبة برفع
الحجز.
«لكن من جهة حيث �إن قا�ضي الأمور الم�ستعجلة مخت�ص للنظر في طلب
رفع الحجز على ما للمدين لدى الغير باعتباره طلبا يكت�سي طابع اال�ستعجال
وال يتعلق بالمنازعة في المو�ضوع ويتمثل عن�صر اال�ستعجال في ال�ضرر الذي
يلحق بالمحجوز عليه في حب�س ماله ل�سبب منعه منه وعدم تمكينه من االنتفاع به
�أما عن�صر عدم الم�سا�س بالمو�ضوع يتمثل في كون الدين المحجوز ال تتوفر فيه
مبررات الحجز.
«وحيث من جهة ثالثة حيث �إن �سلوك م�سطرة التظلم الإداري قبل االلتجاء �إلى
الق�ضاء الم�ستعجل لرفع الحجز بتعار�ض معه حالة اال�ستعجال التي يفر�ضها هذا
الإجراء والتي ال ي�ستحمل بطبيعتها االنتظار وتقت�ضي عر�ض النزاع على الق�ضاء
ب�أق�صى �سرعة ممكنة لذا ف�إن م�سطرة التظلم تخ�ص الدعاوى المو�ضوعية وحدها
دون الدعاوى اال�ستعجالية».
وفي نف�س االتجاه ق�ضت محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط(� )17أنه «ال �شيء في
القانون يمنع قا�ضي الم�ستعجالت الإداري من حماية المراكز القانونية للأطراف
( ) 16قرار الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد 156بتاريخ 03/03/13بالملف الإداري عدد .02/4/2/2180
( ) 17قرار محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط بالملف 02/07/3بتاريخ .07/04/30
217
دفاتر المجلس األعلى
�إذا كانت وا�ضحة وذلك بالتدخل لإرجاع الأمور �إلى ن�صابها متى تحقق عن�صر
اال�ستعجال وكان من �ش�أن هذا التدخل الحد من الخطر الذي ي�صون الحق المراد
حمايته».
«مادام ان اال�شعار للغير الحائز الذي با�شره القاب�ض قد ان�صب على ح�ساب
بنكي يخ�ص الملزم ب�صفة �شخ�صية و�إنما ان�صب على ودائع زبناءه ح�سب الظاهر
من ال�شهادة البنكية المدلى بها في الملف ف�إن تدخل قا�ضي الم�ستعجالت الإداري
من �أجل الحد من مفعول الإجراء المذكور له ما يبرره درءا للخطر الذي يهدد
الحق المراد حمايته والمتمثل في ودائع الزبناء الذي ال عالقة له بالدين ال�ضريبي
الذي بو�شر ذلك الإجراء ب�سببه».
وهو االتجاه الذي �سلكه ق�ضاء الأمور الم�ستعجلة بالمحكمة الإدارية بالرباط
في عدة �أوامر جاء في �إحداها( )18وهو يق�ضي برفع الحجز الم�ضروب على
الح�ساب البنكي بوا�سطة م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز جوابا على الدفع المتعلق
لعدم االخت�صا�ص وعدم �سلوك م�سطرة التظلم الإداري.
«يخت�ص قا�ضي الأمور الم�ستعجلة بالنظر في طلب رفع الحجز الم�ضروب عن
طريق م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز باعتباره طلب يكت�سي طابع اال�ستعجال وال
يتعلق بالمنازعة في المو�ضوع.
�سلوك م�سطرة الطعن الإداري المن�صو�ص عليها بالف�صل 120من القانون
15-97قبل اللجوء للق�ضاء الم�ستعجل لرفع الحجز يعتبر غير ملزم لتعار�ضه
مع حالة اال�ستعجال التي يفر�ضها هذا االجراء والتي ال تتحمل بطبيعتها االنتظار
ويقت�ضي عر�ض النزاع على الق�ضاء ب�أق�صى �سرعة ممكنة وبالتالي ف�إن احترام هذه
الم�سطرة ي�سري على الدعاوى المو�ضوعية دون اال�ستعجالية.
(� ) 18أمر المحكمة الإدارية بالرباط رقم 701بتاريخ 06/27بالملف 06/476ق�ضية ذ حمادي ماني �ضد الخازن
العام.
218
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
«ي�شترط في �صحة الحجز عن طريق اال�شعار للغير الحائز الذي يعد في حد
ذاته حجزا تنفيذيا على �أموال المدين �أن يحترم ب�ش�أنه مبد�أ تدرج المتابعات من
توجيه الإ�شعار بدون �صائر والتبليغ ال�سليم للإنذار القانوني للمدين و�أن ين�صب
الحجز على �أموال خا�صة بالمدين دون حجزه وكل �إخالل لهاته ال�شروط بجعل
الحجز غير م�ؤ�س�س.
«الح�ساب المهني للمحامي المنظم بن�ص 1224/1/10وظ 93/9/10يعتبر ح�سابا
للزبون ولي�س ح�سابا خا�صا بالمحامي مما يجعل الحجز الم�ضروب عليه لتنفيذ
دين �ضريبي في ذمة المحامي غير م�ؤ�س�س -رف�ضه -نعم» والحا�صل مما ذكر
�أن الق�ضاء الإداري اال�ستعجالي قد ا�ستقر على انه كلما كانت المراكز القانونية
للأطراف وا�ضحة وت�ست�أهل الحماية الق�صوى تدخل لتوفير تلك الحماية بالق�ضاء
برفع الحجز الم�ضروب بوا�سطة م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز وفي نازلة من هذا
القبيل كان القاب�ض المالي قد �أوقع حجزا على ح�ساب المدين ال�ستخال�ص دين
�ضريبي نا�شئ قبل فتح م�سطرة الت�سوية الق�ضائية وم�صرح به لدى �سنديك الت�سوية
ذهب قا�ضي الأمور الم�ستعجلة بالمحكمة الإدارية بالرباط �إلى الأمر برفعه ت�صحيحا
للمراكز القانونية للأطراف جاء في تعليله ما يلي:
«يترتب على الحكم بفتح م�سطرة الت�سوية الق�ضائية منع ووقف كل دعوى
تتعلق بالمديونية ..وكل �إجراء تنفيذي على المنقول والعقار و�أداء كل دين ن�ش�أ
قبل فتح تلك الم�سطرة ق�ضاء المادتين 653و 657من القانون رقم .15-95
«بعد �إجراء الحجز عن طريق م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز على ح�ساب
المدين ب�ش�أن دين ن�ش�أ قبل فتح م�سطرة الت�سوية ق�ضاء وم�صرح به لدى �سنديك
الت�سوية الق�ضائية باطال نعم -الأمر برفعه ت�صحيحا للمراكز القانونية للأطراف
وتفاديا للأ�ضرار الناتجة عن غل يد الطالب في الت�صرف فيه نعم(.)19
ق�ضية 05/12/16 بتاريخ 1485 تحت رقم 05/1412 (� ) 19أمر رئي�س المحكمة الإدارية بالرباط بالملف رقم
�شركة نقل بلدي �ضد ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي.
219
دفاتر المجلس األعلى
كما ق�ضى( )20لرفع الحجز الم�ضروب بوا�سطة م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز
على ح�ساب الم�ساهم في �شركة الأموال القت�ضاء دين �ضريبي في مواجهة ال�شركة
ال�ستقالل ذمة ال�شريك بها عن ذمة ال�شركة وتوافر حالة اال�ستعجال جاء في تعليله
ما يلي:
«حيث ي�ؤخذ من ظاهر �أوراق الملف �أن المدين الحقيقي بال�ضريبة مو�ضوع
�إجراءات الحجز عن طريق م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز هي �شركة الأموال...
دون الطالب الذي يعتبر مجرد �شريك بها وهي تتوفر على ذمة مالية و�شخ�صية
معنوية م�ستقلة ولذلك تبقى �إجراءات الحجز تلك في مواجهة ال�شريك المتابع
م�شوبة بالبطالن في �ضوء ظاهر �أوراق الملف وم�ستنداته على اعتبار �أنه لئن كان
يجوز موا�صلة تح�صيل الدين ال�ضريبي في مواجهة الخلف العام �أو الخا�ص �أو
المودع لديه والأغيار المن�صو�ص عليهم بالف�صول 104-100-95ف�إنه ال توجد
مقت�ضيات قانونية مخالفة تجيز مبا�شرة الحجز على الأموال الخا�صة بال�شريك في
�شركة الأموال �إال �إذا ثبتت م�س�ؤوليته بالغ�ش والتدلي�س �إطار الف�صل 98من القانون
� 15-97أمام الجهة الق�ضائية المخت�صة كما �أن مقت�ضيات قانون االلتزامات والعقود
ال ت�سعف في مالحقة ال�شريك في �شركة الأموال ب�أداء دين ال�شركة بوا�سطة م�سطرة
الإ�شعار للغير الحائز.
م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز ومبد�أ تدرج المتابعات
و�إذا كان الإ�شعار للغير الحائز يعتبر في حد ذاته حجزا تنفيذيا فهل يخ�ضع لمبد�أ
تدرج المتابعات المن�صو�ص عليها بالقانون � 15-97أم يعتبر �إجراء مباغتا ال يتقيد به
بالمبد�أ المذكور ،من الم�سلم به �أن الإ�شعار للغير الحائز يعتبر �إجراء من �إجراءات
تح�صيل الدين العمومي من�صو�ص عليه بالقانون 15-97وهو بذلك يخ�ضع لمبد�أ
تدرج المتابعات المن�صو�ص عليها بالمادة 39من القانون ومن تم ال يجوز للقاب�ض
المالي المكلف بالتح�صيل �أن يلج�أ �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز �إال بعد توجيه
(� ) 20أمر رئي�س المحكمة الإدارية بالرباط رقم 28بتاريخ 07/01/31بالملف .06/1511
220
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�إ�شعار بدون �صائر وتبليغ الإنذار القانوني بو�سائل التبليغ المن�صو�ص عليها بالقانون
15-97المتعلق بتح�صيل الديون العمومية ولقانون الم�سطرة المدنية تحت طائلة
اعتباره �إجراء باطال .والمالحظ هنا �أن هنالك ازدواجية في قواعد التبليغ بين
ت�أ�سي�س ال�ضريبة وا�ستخال�صها �إذ في الوقت الذي �أ�صبحت �إدارة ال�ضرائب هي
المكلفة بتح�صيل دين ال�ضريبة ت�ستعمل قواعد التبليغ المن�صو�ص عليها بالمدونة
العامة لل�ضرائب في ربط ال�ضريبة وت�صحيح وعائها ،في حين ي�ستعمل و�سائل
التبليغ المن�صو�ص عليها بمدونة التح�صيل 97/15وقواعد الم�سطرة المدنية فيما
يتعلق الأمر ب�سلوك �إجراءات تح�صيل الدين ال�ضريبي ،لذلك وما دام �أن �إدارة
ال�ضرائب هي الجهة المخول لها قانونا مبا�شرة ت�أ�سي�س ال�ضريبة وا�ستخال�صها
ي�ستح�سن �أن يعمل الم�شرع على توحيد قواعد التبليغ في هذا المجال بال�شكل
الذي يحافظ على �ضمانات الدفاع بالن�سبة للملزمين وحقوق الخزينة.
وهكذا ف�إن �سلوك م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز تقت�ضي في �إطار احترام مبد�أ
تدرج المتابعات �أوال توجيه �إ�شعار بدون �صائر وتبليغ بالإنذار القانوني في �ضوء
القواعد الالزمة للتبليغ المن�صو�ص عليها بالقانون 15-97وقانون الم�سطرة المدنية
تحت طائلة اعتباره �إجراءا قانونيا لما يترتب على ذلك من �آثار قانونية بخ�صو�ص
�إيقاف �إجراءات تنفيذه �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي والق�ضاء ببطالنه مو�ضوعا.
لكن هل يجوز للمحا�سب المكلف بالتح�صيل �أن يلج�أ �إلى م�سطرة الإ�شعار
للغير الحاجز في جميع الأحوال بعد توجيه الإنذار بدون �صائر والتبليغ ال�صحيح
للإنذار القانوني حتى ولو كان يتوفر على و�سيلة قانونية �أخرى متاحة في
اال�ستخال�ص ،جوابا على تلك الت�سا�ؤل ذهبت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى
في �إحدى قراراتها �إلى القول(.)21
�إذا كان من حق �شركة القر�ض الفالحي المغربي بناء على المادة 15من القانون
( ) 21قرار الغرفة االدارية بالمجل�س االعلى بتاريخ 06/04/19من�شور في مجلة الق�ضاء القانون عدد 153عدد
214اورده في التراب .طعن الرئي�س االول بمحكمة اال�ستئناف االدارية بالرباط في ....حول احدى الم�ضاربة
والمعارفة بين الحجز لدى الغير واال�شعار للغير الحائز ظ .14
221
دفاتر المجلس األعلى
222
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
بالحماية الق�ضائية من مطالبة برفع الإ�شعار للغير الحائز �أي الأمر ب�إيقاف �إجراءات
ت�سليم المبالغ المحجوزة بوا�سطة م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز جاء في �أمر رئي�س
المحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء(.)23
«للقا�ضي اال�ستعجالي �أن يحور الطلبات المعرو�ضة عليه طبقا لما فيه م�صلحة
الطرف الأجدر بالحماية الق�ضائية ب�شرط عدم الم�سا�س بالمو�ضوع �أو تجاوز
الحدود التي �أرادها الخ�صوم».
تحوير الطلب من رفع الحجز �إلى الإيقاف الم�ؤقت لإجراءات ت�سليم المبالغ
المحجوزة �إلى حين �صيرورة الحكم الم�ستدل بها نهائيا نعم».
الفقرة الرابعة :الإ�شكاليات القانونية والعملية المتعلقة بالإكراه
البدني �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي
223
دفاتر المجلس األعلى
للف�صول � 675إلى 687من ق.م.ج التي حلت محلها الف�صول � 635إلى 647من
ق.م.ج الجديد.
وذهبت غرفة الم�شورة( )24وهي تلغي القرار القا�ضي بتطبيق العقوبات �إلى
القول « :لكن حيث �إنه بالرجوع �إلى الف�صل 640من ق.م.ج يتبين �أن رقابة
قا�ضي تطبيق العقوبات على تطبيق الإكراه البدني تنح�صر في ثالث �شروط وهي:
- 1توجيه �إنذار من طرف طالب الإكراه �إلى المعني بتطبيق الإكراه يبقى دون
نتيجة بعد مرور �أكثر من �شهر واحد على تاريخ التو�صل به.
- 2تقديم طلب كتابي من المطالب بالإكراه البدني يرمي �إلى الإيداع
بال�سجن.
- 3الإدالء بما يفيد عدم �إمكانية التنفيذ على �أموال المدين و�أن رقابته ال تمتد
�إلى رف�ض تطبيق الإكراه البدني محددا بمقت�ضى حكم.
وحيث �إنه بالرجوع �إلى الف�صل 77من مدونة تح�صيل الديون العمومية يتبين
�أن هذا الف�صل ين�ص على انه ال يمكن اللجوء �إلى الإكراه البدني فيما يخ�ص
تح�صيل ال�ضرائب والر�سوم والديون العمومية الأخرى في الحاالت التالية� ،إذا
كان مجموع المبالغ الم�ستحقة يقل عن 8000درهم ،وان عبارة ال يمكن اللجوء
�إلى الإكراه البدني يق�صد بها طلب تحديد الإكراه البدني ولي�س تطبيقه الذي يتم
ب�إيداع المدين بال�سجن بدليل ن�ص المادة 80من نف�س المدونة التي تن�ص على
�أنه يتم اللجوء �إلى الإكراه البدني بناء على طلب يوجه �إلى المحكمة االبتدائية
من طرف المحا�سب المكلف بالتح�صيل ،ويبت قا�ضي الم�ستعجالت في طلب
المعرو�ض عليه و�إن الغرامات ال يقدم ب�ش�أنها طلب تحديد الإكراه البدني الذي
يحدد بمقت�ضى الحكم القا�ضي بها �إال في حالة الإغفال في �إطار الف�صل 636من
ق.م.ج ولي�س في �إطار الف�صل 80من مدونة تح�صيل الديون العمومية و�إن
الف�صل 57من مدونة التح�صيل ،ورد في الفرع ال�ساد�س من الباب الثالث من
( ) 24غرفة الم�شورة ملف عدد 35/05/44حكم رقم 31بتاريخ .05/12/22
225
دفاتر المجلس األعلى
الق�سم الثاني الذي ورد تحت عنوان «�أحكام م�شتركة» وان المدونة �أفردت
الق�سم الثالث تحت عنوان «�أحكام خا�صة للغرامات والإدانات النقدية وال�صوائر
والم�صاريف الق�ضائية» وق�ضت في المادة 134من نف�س الق�سم على �أن الإكراه
البدني في ميدان تح�صيل الغرامات والأداءات النقدية يبقى خا�ضعا للف�صول
� 675إلى 687من ق.م.ج الجديد ،وان المادة 638من ق.م.ج حددت الإكراه
البدني في � 6أيام �إلى 20يوما �إذا كان مبلغ الغرامة �أو ما عداها من العقوبات
المالية يقل عن 8000درهم و�أنه من غير المنطقي �أن يحدد الإكراه البدني في مثل
هذه الحالة وال يطبق وان الف�صل 77من مدونة تح�صيل الديون العمومية يبقى
مجاله جميع الديون العمومية ما عدا الغرامات والأداءات النقدية التي �أحالها
على القانون العام ،وهو قانون الم�سطرة الجنائية.
وحيث �إن القول بعدم تطبيق الإكراه البدني بعلة ان المبلغ دون 8000درهم
فيه م�سا�س بحجة الأحكام والقرارات التي يرجع النظر في النزاعات العار�ضة
المتعلقة بتنفيذها �إلى المحكمة م�صدرها.
وحيث اعتبارا لذلك ،يبقى قرار ال�سيد قا�ضي تطبيق العقوبة القا�ضي بعدم
تطبيق الإكراه البدني غير م�ؤ�س�س ويتعين �إلغا�ؤه والقول بمبا�شرة موا�صلة
�إجراءات التنفيذ في طلب الإكراه البدني .04/628
لقد ن�ص الم�شرع على ان تحديد الإكراه البدني يخت�ص به رئي�س المحكمة
االبتدائية بو�صفه قا�ضيا للم�ستعجالت ويحدده داخل �أجل 30يوما لكنه لم يحدد
من جهة الجزاء المترتب عن عدم تحديده داخل الأجل المذكور كما لم يحدد
�سلطة قا�ضي الم�ستعجالت بمنا�سبة هذا التحديد هل يقت�صر دوره على مراقبة
الإجراءات ال�شكلية �أم تمتد �إلى مراقبة مدى توافر �شروط تحديد الإكراه البدني
من عدم �إثبات الع�سر وباقي ال�شروط الأخرى لقد ن�صت الفقرة الثانية من المادة
80من القانون 15/97بما معناه �أن قا�ضي الم�ستعجالت يبت في الطلب وهنا يطرح
�إ�شكال حول الإطار القانوني للطلب هل يبت فيه �إطار الف�صل 148من ق.م.م في
226
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
كما هي من�صو�ص عليها بالقانون 37/15وهل يحق له مناق�شة حتى الدين ال�ضريبي
المعني بم�سطرة تحديد الإكراه البدني.
()25
في هذا الإطار ،ذهب �أمر ق�ضائي �صادر عن رئي�س المحكمة االبتدائية ب�سال
�إلى القول وهو يراقب �صحة التبليغ بالإنذار القانوني بالأداء ويق�ضي بعدم قبول
الطلب :
«حيث �إن الأمر يتعلق بم�سطرة الإكراه البدني»
«وحيث �إنه لم يقع دليل على تو�صل الطرف المدعى عليه ح�سبما �أفيد من
�شهادة الت�سليم».
«وحيث بذلك يكون الطلب غير م�ستوف ل�شروطه ال�شكلية المتطلبة قانونا مما
يتعين معه الت�صريح بعدم قبول الطلب».
وفي نازلة �أخرى ،ذهب �أمر رئي�س المحكمة االبتدائية( )26بطنجة �إلى �أبعد من
ذلك حيث ناق�ش الدين ال�ضريبي مو�ضوع المطالبة بتحديد الإكراه البدني وانتهى
�إلى القول برف�ض طلب تحديد الإكراه البدني لوجود منازعة جدية في الدين
ال�ضريبي جاء في تعليله ما يلي « :حيث �إنه� ....أمام وجود منازعة جدية في قيمة
الدين لم يح�سم فيها بعد يكون الطلب الرامي �إلى تحديد فترة الإكراه البدني غير
مرتكز على �أ�سا�س �سليم وي�ستوجب الت�صريح برف�ضه».
فيما ذهبت محكمة اال�ستئناف بطنجة(� )27إلى القول ب�إلغاء �أمر رئي�س المحكمة
االبتدائية بطنجة القا�ضي برف�ض طلب تحديد الإكراه البدني �أعاله معللة قرارها
بما يلي:
«حيث �إنه بالرجوع �إلى محتويات الملف وم�ستنداته وخا�صة الف�صول من 76
�إلى 83من مدونة تح�صيل الديون العمومية تتجلى عدم �صحة ما نعاه الطاعن على
(� ) 25أمر رئي�س المحكمة االبتدائية ب�سال رقم 04/309بتاريخ .2004/02/12
(� )26أمر رئي�س المحكمة االبتدائية بطنجة تحت رقم 04/352بتاريخ 04/05/27قاب�ض طنجة �ضد عبد الرحمان
�أربعين.
( ) 27قرار محكمة اال�ستئناف بطنجة رقم 43بتاريخ .05/06/29
228
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الحكم المطعون فيه ،ذلك �أن هذه الف�صول لي�س من بينها �أي ن�ص يعطي لقا�ضي
الأمور الم�ستعجلة ال�صالحية للقول بتطبيق م�سطرة الإكراه البدني والتي تبقى من
اخت�صا�ص النيابة العامة».
ومما تجدر الإ�شارة �إليه هنا �أن المطبوع الذي ت�ستعمله الخزينة في مثل هذه
الحاالت تطالب من خالله تطبيق م�سطرة الإكراه البدني ولي�س تحديد الإكراه
البدني.
هذا ،وفي �إطار الجواب عن الدفع المتعلق بمنع الإكراه البدني في �ش�أن
ا�ستخال�ص الدين العمومي بناء على الف�صل 11من االتفاقية الدولية للحقوق
المدنية وال�سيا�سية ،ذهب الأمر الق�ضائي ال�صادر عن رئي�س المحكمة االبتدائية
بمراك�ش(� )28إلى القول بما يلي « :لكن حيث ف�ضال عن كون الف�صل المذكور من
المعاهدة الدولية الخا�صة بالحقوق المدنية وال�سيا�سية الم�صادق عليها من لدن
الدولة المغربية بتاريخ 9يونيو � 1979إنما ين�صرف �إلى حالة عدم القدرة على
الوفاء بااللتزامات التعاقدية �أي الديون الخ�صو�صية ولي�س الديون العمومية كما
هو الأمر في نازلة الحال».
و�إذا كانت المادة 141من مدونة التح�صيل تن�ص على �أن جميع المنازعات التي
تن�ش�أ عن تطبيق مدونة التح�صيل الجديدة مما تخت�ص بالبت فيها المحاكم الإدارية
الموجودة بالمكان الذي ت�ستحق فيه تلك الديون مو�ضوع م�سطرة اال�ستخال�ص
و�إذا كان الق�ضاء اال�ستعجالي بالمحكمة الإدارية يعتبر جزءا من المحكمة وي�ستمد
اخت�صا�صه من اخت�صا�صها� ،أمكن القول ب�أن الق�ضاء اال�ستعجالي بالمحاكم
الإدارية يخت�ص بالبت في جميع الطلبات المتعلقة ب�إيقاف �إجراءات التح�صيل
الجبري للديون العمومية بما فيها الإنذار والحجز والبيع والإكراه البدني مادام
�أن محكمة المو�ضوع مخت�صة بقوة القانون بالبت في جميع المنازعات المتعلقة
بم�سطرة مبا�شرة تلك الإجراءات وبالتالي يكون الق�ضاء اال�ستعجالي للمحكمة
(� )28أمر ق�ضائي �صادر عن رئي�س المحكمة االبتدائية بمراك�ش بالملف 03/4/467بتاريخ 09/03/16قاب�ض مراك�ش
�ضد عمر �أبو الزهور.
229
دفاتر المجلس األعلى
االدارية م�ؤهال للبت في طلبات �إيقاف م�سطرة الإكراه البدني با�ستثناء الحالة
المتعلقة بتحديد الإكراه البدني التي ا�ستثناها الم�شرع من اخت�صا�صه ومنحها
لرئي�س المحكمة االبتدائية عمال بمقت�ضيات الف�صل 80من القانون .15/97وتبقى
المحكمة االدارية مخت�صة في المنازعات التي تلي �صدور الأمر الق�ضائي بتحديد
مدة الإكراه البدني �سواء المو�ضوعية �أو اال�ستعجالية منها وفي هذا الإطار يملك
رئي�س المحكمة �أن يوقف �إجراءات الإكراه البدني م�ؤقتا لغاية البت في جوهر
النزاع �إذا كان معرو�ضا على �أنظار محكمة المو�ضوع حول بطالن م�سطرة الإكراه
البدني �أو منح الطالب مهلة لرفع تلك الدعوى المتعلقة ببطالن �إجراءات الإكراه
البدني داخل �أجل معين تحت طائلة موا�صلة �إجراءات الإكراه البدني كلما الحظ
عيبا ج�سيما �شاب الم�سطرة المتعلقة بها ،وهكذا جاء في �أمر رئي�س المحكمة
االدارية بفا�س( )29وهو يق�ضي بالإيقاف الم�ؤقت لتنفيذ م�سطرة االكراه البدني
الجاري �ضد الطالب ملف االكراه 98/224المفتوح لدى النيابة العامة بابتدائية فا�س
�إلى حين �صدور حكم نهائي في مو�ضوع بطالن م�سطرة االكراه البدني.
«حيث �إنه �أمام المنازعة الجدية في م�سطرة التبليغ و�أمام عدم و�ضوح �سالمة
هذه الم�سطرة ب�شكل ال غبار عليه وتفاديا لتنفيذ االكراه البدني رغم ما قد ي�شوبها
من عيوب ت�ؤدي بق�ضاء المو�ضوع �إلى الت�صريح ببطالنها وما قد ينتج عن ذلك من
�صعوبة تدارك الأ�ضرار الناتجة عن تنفيذ هذه الم�سطرة خا�صة و�أن الأمر يتعلق
بحرية االن�سان ف�إننا قدرنا �أن طلب ت�أجيل تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني مبرر علما
ب�أن ت�أجيل هذه الم�سطرة ال يغل يد القاب�ض عن �سلوك م�ساطر التنفيذ الأخرى
كالحجز والبيع من �أجل تح�صيل الديون العمومية في �إطار ال�شروط القانونية
المعمول بها».
(� )29أمر رئي�س المحكمة االدارية بفا�س في الملف 2001/91بتاريخ 2002-2-6ق�ضية ر�شيد لزرق �ضد الخازن
العام.
230
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وذهبت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى( )30في نف�س المنحى وهي ت�ؤيد
�أمر رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س بالملف 01/28القا�ضي ب�إيقاف تنفيذ م�سطرة
الإكراه البدني الجارية �ضد الطالب لغاية البت في دعوى بطالن م�سطرة االكراه
البدني المعرو�ضة على ق�ضاء المو�ضوع لعدم التبليغ القانوني بالإنذار بدون �صائر
والإنذار القانوني ال�سابقين على تطبيق م�سطرة االكراه البدني جاء في قرارها ما
يلي:
«لكن من جهة� ...إن الف�صل 30من ظهير 1935/08/21الذي كان �ساري
المفعول بتاريخ الواقعة ي�ستوجب قبل تطبيق االكراه البدني �أن يبلغ المعني بالأمر
ب�إنذار قانوني تبليغا �شخ�صيا �أو بموطنه في غالف مختوم �إلى �أحد الأ�شخا�ص الذين
حددهم الف�صل المذكور للنيابة عنه في ت�سليم ذلك الإنذار .ومن جهة ثانية يبدو
من ظاهر الوثائق التي تحتج بها الإدارة انها ال ت�شير �إلى رقم االكراه البدني...
فكانت منازعة المدعي الم�ست�أنف عليه جدية وكان الأمر الم�ستانف على �صواب
عندما ق�ضى في مثل هاته الحالة المعرو�ضة ب�إيقاف �إجراءات تنفيذ االكراه البدني
�إلى حين البت في طلب معاينة بطالنه مما يجعل ما �أثير بدون �أ�سا�س».
لكن هل يكون رئي�س المحكمة الإدارية مخت�صا ب�إيقاف م�سطرة تنفيذ الإكراه
البدني حتى لو كان المعني بالأمر معتقال في �إطار تطبيقه للمادة 141من القانون
15/97الذي ين�ص على �أن جميع النزاعات الناتجة عن تطبيق القانون المذكور مما
يخت�ص به الق�ضاء الإداري �سواء كانت مو�ضوعية �أو ا�ستعجالية �أم �أن مقت�ضيات
الف�صل 683من ق.م.م التي لم يطلها �أي تعديل تجعله غير مخت�ص بالبت في
الطلب متى كان المعني بالأمر معتقال لقد ت�ضارب موقف المحاكم الإدارية حول
هاته الم�س�ألة بين م�ؤيد الخت�صا�ص الق�ضاء اال�ستعجالي في �إيقاف م�سطرة تنفيذ
الإكراه البدني حتى لو كان المعني بها معتقال وبين منف عن الق�ضاء اال�ستعجالي
ق�ضية الهزاط �ضد 2001/1/4/1282 بالملف عدد 2001/12/6 بتاريخ 713 ( )30قرار الغرفة الإدارية عدد
الخزينة.
231
دفاتر المجلس األعلى
االخت�صا�ص بالبت في طلب �إيقاف م�سطرة الإكراه البدني حالة وجود المدعي
في حالة اعتقال.
وفي هذا الإطار �صدر �أمر عن رئي�س المحكمة الإدارية بوجدة( )31ق�ضى بعدم
اخت�صا�صه نوعيا بالبت في طلب �إيقاف م�سطرة تنفيذ الإكراه البدني باعتبار �أن
المدين معتقال في �إطار تنفيذ الإكراه البدني و�أن الن�ص الواجب التطبيق هو
الف�صل 683من ق.م.ج الذي يعطي االخت�صا�ص في هذا ال�ش�أن لرئي�س المحكمة
االبتدائية جاء فيه ما يليه « :حيث لئن كان الف�صل 69من القانون المتعلق بم�سطرة
تح�صيل ال�ضرائب والر�سوم التي في حكمها كما وقع تعديله بالمادة 30من قانون
المحاكم الإدارية يعطي الوالية العامة للمحاكم الإدارية بالبت في جميع النزاعات
النا�شئة عن تطبيق الظهير المذكور �سواء كانت مو�ضوعية �أو ا�ستعجالية فقد ظل
قيد الف�صل 683من ق.م.ج الذي لم يطله �أي تعديل �أو ن�سخ وارد وكا�ستثناء
من تلك الوالية حينما يكون الملزم بال�ضريبة �أو الر�سوم التي في حكمها معتقال
عن طريق تنفيذ الإكراه البدني حيث يخت�ص رئي�س المحكمة االبتدائية بالبت في
الطلبات الرامية �إلى �إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني والت�صريح بعدم �صحتها
ومرد ذلك �أن الأمر يتعلق بالحرية ال�شخ�صية للمعني باالعتقال عن طريق تنفيذ
الإكراه البدني وتواجد النيابة العامة بمقر هاته المحاكم المنفذة لالجراء المذكور
والم�ؤهلة لرفع حالة االعتقال في حالة اال�ستجابة للطلب حول ايقاف م�سطرة
الإكراه البدني».
«وحيث لما كان الطالب معتقال في �إطار تنفيذ الإكراه البدني تبقى مقت�ضيات
ظهير 1935/8/21من ق.م.ج هي الواجبة التطبيق في النازلة ويكون معها رئي�س
المحكمة االبتدائية هو المخت�ص بالبت في الطلب ووكيل الملك بها هو الم�ؤهل
قانونا لرفع حالة االعتقال و�إطالق �سراح الطالب في �إطار تنفيذ �أمر رئي�س المحكمة
حالة اال�ستجابة للطلب دون الق�ضاء اال�ستعجالي لهاته المحكمة».
(� ) 31أمر رئي�س المحكمة الإدارية بوجدة بالملف � 2000/100س بتاريخ 2000/10/24ق�ضية �إبراهيم عبد العزيز
�ضد وزارة المالية.
232
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وعلى خالف ذلك ذهب رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س(� )32إلى القول
باخت�صا�ص رئي�س المحكمة الإدارية للبت في طلب �إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه
البدني ولو كان المعني بالأمر في حالة اعتقال تنفيذا للإكراه البدني معلال م�ؤقفه
فيما يلي « :حيث �إن هذا الطلب و�إن كان يتعلق بنظر م�شروعية االعتقال التي
يرجع فيها الأمر �صراحة �إلى رئي�س المحكمة االبتدائية بمقت�ضى المادة 683من
قانون الم�سطرة الجنائية ف�إن �أ�سباب الطلب تبنى على ما ن�سب �إلى الخزينة العامة
من خرق لمقت�ضيات ظهير .»1935/8/21
وحيث �إنه من المعلوم �أن لقا�ضي الم�ستعجالت �إمكانية تحوير الطلبات الوقتية
بالتحوير والتعديل.
وحيث �إنه في هذا الإطار قدرنا �أن الأمر يتعلق بطلب �إيقاف م�سطرة الإكراه
البدني.
«وحيث ذلك يعني �أن الطرف الرئي�سي في هاته المنازعة هي الخزينة العامة
�أو من يمثلها من القبا�ض و�أن عدم ادخال ال�سيد وكيل الملك الم�ؤ�شر على الأمر
باالعتقال ال يعيب الم�سطرة مادام �أن هذا الأخير ال يعتبر طرفا رئي�سيا �إال عندما
يتعلق الأمر بمقت�ضيات الف�صل 683من ق.م.ج».
وقد ق�ضى الأمر الق�ضائي المذكور ب�إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني
لعدم �إدالء الخزينة بما يفيد احترام ال�شكليات المتعلقة بم�سطرة الإكراه البدني
وخ�صو�صا التبليغ بالإنذار بدون �صائر والإنذار القانوني ومنح الطالب مهلة ثمانية
�أيام من تاريخ �صدور الأمر لتقديم دعوى في المو�ضوع مع ا�ستمرار الإيقاف �إلى
حين �صدور حكم في المو�ضوع.
وذهب الق�ضاء الإداري اال�ستعجالي للمحكمة الإدارية بالرباط(� )33إلى القول
ق�ضية المرا�ضي 2000/04/28 بتاريخ 2000/17 (� ) 32أمر رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س بالملف اال�ستعجالي
�ضد الخزينة.
(� )33أمر رئي�س المحكمة الإدارية بالرباط بالملف عدد 198ق�ضية اعمارة �ضد الخزينة.
233
دفاتر المجلس األعلى
باخت�صا�ص رئي�س المحكمة االبتدائية بالبت في طلب �إيقاف تنفيذ الإكراه البدني
كلما كان المتابع معتقال في �إطار تنفيذ الإكراه البدني عمال بمقت�ضيات الف�صل
683من ق.م.ج جاء فيه « :حيث �إن الف�صل 683من ق.م.ج ي�سند االخت�صا�ص
في طلب الت�صريح ببطالن �إجراءات الإكراه البدني �إلى رئي�س المحكمة االبتدائية
لذلك تكون المحكمة الإدارية غير مخت�صة �صراحة بن�ص القانون للبت في مثل
هذا الطلب».
وقد ح�سمت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى( )34في مو�ضوع الخالف
المذكور وجاء في قرارها وهي تجيب عن الو�سيلة المتعلقة بعدم اخت�صا�ص رئي�س
المحكمة الإدارية نوعيا للبت في الطلب ت�أ�سي�سا على مقت�ضيات الف�صل 683من
ق.م.ج « :لكن حيث �إن اخت�صا�ص قا�ضي الم�ستعجالت ي�ستمد من اخت�صا�ص
محكمته و�أن المحكمة الإدارية تخت�ص نوعيا بالبت في الدعاوى المتعلقة بتح�صيل
الديون الم�ستحقة للخزينة العامة وعلى ر�أ�سها ال�ضرائب ح�سب ن�ص الف�صل 8
من القانون رقم 41-90المتعلق ب�إحداث المحاكم الإدارية وي�ؤكد هذا االخت�صا�ص
الف�صل 69من ظهير 1935/08/21كما عدلته المادة 30من القانون رقم 41-90
المذكور».
وحيث �إنه بالرجوع �إلى المقال االفتتاحي للدعوى تبين �أن الطلب يتعلق
بالمنازعة في الإجراءات التي يجب على الخزينة العامة �أن تقوم بها ح�سب
الف�صل 84من ظ 1935وبمقت�ضاه ال يجوز ال�شروع في التنفيذ �إال بعد توجيه تنبيه
بدون �صائر وبعده الإ�شعار الم�سمى الإنذار القانوني وفق الف�صل 28من الطلب
المذكور وال يتعلق النزاع بالأمر ال�صادر عن النيابة العامة بالإيداع في ال�سجن وال
ين�سب �إليها �أي خرق لقانون الم�سطرة الجنائية.
«وحيث �إن �إجراءات الإكراه البدني من �أجل الديون الم�ستحقة للخزينة العامة
تختلف عن �إجراءات تطبيقه من �أجل دعوى �صادرة عن الق�ضاء العادي ويتجلى
( ) 34قرار الغرفة الإدارية بالملف عدد 2000/1/4/635بتاريخ 2000/11/5ق�ضية المرا�ضي �ضد الخزينة.
234
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
هذا الإختالف خا�صة فيما يتعلق بالآجال بمقارنة الف�صل 680من ق.م.ج مع
الف�صل 28من ظهير 1935/8/21وكذلك اختالف مدة الإكراه البدني بين الف�صل
678من ق.م.ج والف�صل 30المذكور وكان قا�ضي الم�ستعجالت بالمحكمة
الإدارية على �صواب عندما �صرح باخت�صا�صه نوعيا بالبت في طلب �إيقاف
�إجراءات تنفيذ الإكراه البدني».
وبعد �أن اعتبرت الغرفة الإدارية �أن المنازعة جدية في التبليغ بالإنذار بدون
�صائر وبالإنذار القانوني المتطلب في �صحة م�سطرة الإكراه البدني �أيد �أمر
القا�ضي الإ�ستعجالي القا�ضي ب�إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني مع منح الطالب
مهلة ثمانية �أيام لرفع نزاعه الق�ضائي حول بطالن تلك الم�سطرة ،هذا و�أن م�سطرة
الإكراه البدني بالقانون 15-97الذي حل محل ظ 1935/08/21ودخل حيز التنفيذ
ابتداء من 2000/10/01يثير ا�شكاالت عديدة ،ذلك �أنه �إذا �أخذنا بعين االعتبار
�صياغة الف�صل 162الذي ين�ص على ن�سخ جميع الأحكام المخالفة والف�صل 139
من نف�س القانون الذي �أبقى على تطبيق مقت�ضيات الف�صول من � 675إلى 687
المتعلقة بالإبقاء على الإكراه البدني جاريا على الغرامات والأداءات النقدية
فقط دون ال�ضرائب يبقى الت�سا�ؤل مطروحا حول �إمكانية �إيقاف م�سطرة الإكراه
البدني من طرف رئي�س المحكمة العادية طبقا للف�صل 683من ق.م.ج بخ�صو�ص
ال�ضرائب في حالة اعتقال المدين عن طريق تنفيذ الإكراه البدني.
و�إذا قلنا باخت�صا�ص المحاكم الإدارية في هذا ال�ش�أن ا�ستنادا �إلى الف�صلين 77
و 134والف�صل 141الذي ين�ص على اخت�صا�ص المحاكم الإدارية كق�ضاء مو�ضوع
�أو كق�ضاء ا�ستعجالي في جميع النزاعات التي تن�ش�أ عن تطبيق مدونة التح�صيل
.15-97فهي ال تتوفر على نيابة عامة لرفع االعتقال عن المحبو�س في �إطار تنفيذ
الإكراه البدني و�أن المفو�ض الملكي لهاته المحكمة ال يقوم بدور النيابة العامة
و�أن المحاكم الإدارية غير منت�شرة عبر �أقاليم المملكة و�أن الأمر يتعلق بالحرية
ال�شخ�صية للمدين فهل يمكن القول ب�أن الأداءات النقدية ال تت�صرف �إلى جميع
235
دفاتر المجلس األعلى
الديون العمومية بما فيها ال�ضرائب والر�سوم والغرامات للقول باخت�صا�ص الق�ضاء
العادي في �شخ�ص رئي�س المحكمة في حالة اعتقال المدين لتجنب الإ�شكال
المطروح.
نعتقد �أن �صراحة الف�صل 132من الق�سم الثالث من مدونة التح�صيل تمنعنا من
القول بذلك حينما عرفت الأداءات النقدية في ميدان الجمارك وال�ضرائب غير
المبا�شرة بالأداءات التي تكت�سي طابع التعوي�ض المدني ومن هنا فال مجال للقول
باخت�صا�ص رئي�س المحكمة االبتدائية للقول بعدم �صحة م�سطرة الإكراه البدني
�إال فيما يخ�ص الغرامات والأداءات النقدية في �إطار الف�صل 683من ق.م.ج
وحتى �إذا قلنا باخت�صا�ص رئي�س المحكمة االبتدائية في هذه الحالة فاخت�صا�صه
م�شروط بحالة االعتقال وحالة المنازعة في �صحة الم�سطرة على مقت�ضى الف�صل
683من ق.م.ج فكيف يتعامل مع المطالبة ب�إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني
في حالة المنازعة في غير �صحة الم�سطرة كمثل المنازعة في المديونية ك�أن تكون
غير ثابتة بحكم ق�ضائي �أو في حالة �إثارة �صعوبة قانونية ممثلة في �إلغاء ال�ضريبة ولو
ابتداء هل �سي�صرح بعدم اخت�صا�صه للبت في الطلب ولو مع توفر حالة االعتقال
وهل تملك المحكمة الإدارية بوا�سطة الق�ضاء اال�ستعجالي البت في الطلب مع
حالة االعتقال وعدم وجود نيابة عامة بالمحكمة الإدارية لرفع حالة االعتقال عن
المحبو�س في �إطار تنفيذ �أحكامها القا�ضية ب�إيقاف تطبيق م�سطرة الإكراه البدني.
ونعتقد �أن حل هذا الإ�شكال القانوني يكمن في منح االخت�صا�ص لرئي�س
المحكمة من �أجل النظر في جميع الطلبات المتعلقة ب�إيقاف م�سطرة الإكراه البدني
�سواء كان المدين معتقال �أو في حالة �سراح تطبيقا لمقت�ضيات الف�صل 141من
مدونة التح�صيل 15-97التي ت�سند جميع النزاعات الناتجة عن تطبيق هذا القانون
�إلى الق�ضاء الإداري �سواء كانت تلك المنازعات مو�ضوعية �أو ا�ستعجالية مادام
�أن المخا�صم في هاته المنازعة هي �إجراءات التح�صيل الجبري الآيلة �إلى تطبيق
م�سطرة الإكراه البدني والجهة المعنية ذات ال�صفة للدفاع عن موقفها حول ذلك
236
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
هي الخزينة دون النيابة العامة التي ال يمكن �أن يحاكم قرارها بالإيداع في ال�سجن
تنفيذا لم�سطرة الإكراه البدني �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي الإداري وي�ستعا�ض من
ذلك ب�إدخالها في هاته الدعوى المتعلقة ب�إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني
لت�سهيل تنفيذ الأمر الق�ضائي الذي قد يق�ضي ب�إيقاف تنفيذ م�سطرة الإكراه البدني
في مواجهة النيابة العامة باعتبارها طرف في النزاع وحتى ال تدفع بمنا�سبة التنفيذ
كونها �أجنبية عن النزاع المرفوع في غير الحالة المن�صو�ص عليها بالف�صل 683من
ق.م.ج هذا وفي �إطار تجاوز الإ�شكال المطروح وبالرجوع �إلى القانون 15-97
�أعاله نجد قد ن�ضم الإكراه البدني ب�شكل مغاير لظهير � 1935/08/21إذ ن�ص من
خالل الف�صل 76منه بما معناه �أنه �إذا لم ت�ؤد طرق التنفيذ على �أموال المدين �إلى
نتيجة يمكن �أن يتابع التح�صيل الجبري لل�ضرائب والر�سوم والديون العمومية
الأخرى بوا�سطة الإكراه البدني ويتم اللجوء �إلى الإكراه البدني مع مراعاة �أحكام
المادتين 77و� 78ضد من لم يثبت ع�سره والمفتعل للع�سر .وم�ؤدى ذلك �أنه ال
مجال لتطبيق الإكراه البدني خارج افتعال الع�سر ذلك �أن الأمر ال يخلو من حالتين
اثنتين ال ثالث لهما �إما �أن يكون مو�سرا �أو على درجة من الي�سر ويبا�شر الحجز
على منقوالته �أو عقاراته القابلة للحجز وتنفيذ بذلك م�سطرة الإكراه البدني و�إما �أن
يكون المدين مع�سرا و�آنذاك ال تطبق في حقه م�سطرة الإكراه البدني وقد �سايرت
مدونة التح�صيل في هذا ال�ش�أن قواعد ال�شريعة اال�سالمية واالتفاقيات الدولية التي
ال تجيز �سجن المدين المع�سر الغير القادر عن �أداء ما بذمته وفي هذا المنحى
ذهب �أمر رئي�س المحكمة االدارية بفا�س( )35وهو يق�ضي بايقاف م�سطرة الإكراه
البدني لغاية البت في دعوى بطالنها مو�ضوعا �إلى القول بما يلي « :فاالتفاقيات
الدولية الم�صادق عليها من طرف المملكة المغربية بتاريخ 1997/5/3والمادة 11
من معاهدة نيويورك تحرم �سجن المدين في حالة عدم قدرته على الوفاء بدينه
وقواعد ال�شريعة اال�سالمية تحرم �سجن المدين المع�سر ومدونة التح�صيل 15-97
التي ت�ساير كال من قواعد ال�شريعة اال�سالمية واالتفاقيات الدولية ال تجيز تطبيق
05/1/19 بتاريخ 05/33 �أمر رقم �73س2004/ (� )35أمر رئي�س المحكمة االدارية بفا�س بالملف اال�ستعجالي
ق�ضية رجب �ضد الخزينة.
237
دفاتر المجلس األعلى
م�سطرة الإكراه البدني اال في حق المدين المفتعل للع�سر على اعتبار �أن المدين
�إما �أن يتوفر على �ضمانة مالية تتمثل في منقول �أو عقار قابل للحجز يتم مبا�شرة
تنفيذ الحجز عليه و�إما �أن يكون مفتعال للع�سر ب�سوء نية فتطبق في حقه م�سطرة
الإكراه البدني و�إما �أن يكون مع�سرا وغير قادر على الوفاء بدينه فال تنفذ م�سطرة
الإكراه البدني في حقه».
لذلك فكل هاته المبررات ت�صب في اتجاه واحد .وهو ا�ستبعاد م�سطرة الإكراه
البدني في حق المع�سر الذي ال يتوفر على منقول �أو عقار قابل للحجز لذلك تبقى
المطالبة ب�إيقاف م�سطرة الإكراه البدني في حق الطالب م�ؤ�س�سة.
هذا وقد �سن الأمر الق�ضائي المذكور قاعدة �أخرى مفادها �أن المنازعة الجدية
في م�سطرة التح�صيل الآيلة ح�سب الظاهر �إلى �إلغاء الدين العمومي �أو بطالن
م�سطرته ال يتقيد فيها ب�ضوابط �إيقاف الأداء المن�صو�ص عليها بالف�صلين 117و118
من مدونة التح�صيل.
الفقرة الخام�سة :الإ�شكاليات المثارة ب�صدد �إجراءات تح�صيل الدين
العمومي في �إطار �صعوبة المقاولة
ين�ص الف�صل 695من مدونة التجارة بما معناه �أن القا�ضي المنتدب يتخذ ب�ش�أن
اقتراحات ال�سنديك �إما قبول الدين المقترح �أو رف�ضه �أو معاينة دعوى جارية �أو
�أن المنازعة ال تدخل في اخت�صا�صه.
والت�سا�ؤل الذي يطرح هنا هو ما �إذا كان يجوز للمدين بدين عمومي م�صرح به
لدى ال�سنديك داخل الأجل القانوني المحدد بالف�صل 687من مدونة التجارة �أن
ينازع فيه �أمام القا�ضي المنتدب وكيف تعامل القا�ضي المنتدب مع هاته المنازعة
في �ضوء مقت�ضيات الف�صل � 695أعاله ؟.
238
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
بالرجوع �إلى العمل الق�ضائي التجاري وقرارات الق�ضاة المنتدبون يت�ضح �أنه
ا�ستقر على القول بالت�صريح بعدم االخت�صا�ص للبت في تلك المنازعة بمنا�سبة
االعترا�ض على الدين العمومي ،جاء في �أمر �صادر عن القا�ضي المنتدب بالمحكمة
التجارية بالدارالبي�ضاء( )36وهو يق�ضي بعدم االخت�صا�ص ما يلي « :حيث يتبين
من المعطيات �أعاله �أن مبلغ الدين الم�صرح به من طرف قبا�ضة رو�ش نوار منازع
فيه من قبل رئي�س المقاولة وال�سنديك».
وحيث تن�ص المادة 8من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على �أن هذه
الأخيرة تخت�ص في الدعاوى المتعلقة بتح�صيل الديون الم�ستحقة للخزينة
والديون التي في حكمها.
وحيث وح�سب مفهوم المادة 695من مدونة التجارة ،ف�إن القا�ضي المنتدب
يتخذ ب�ش�أن اقتراحات ال�سنديك �إما قبول الدين المقترح �أو رف�ضه �أو معاينة
دعوى جارية� ،أو �أن المنازعة ال تدخل في اخت�صا�صه مما يدل على �أن القا�ضي
المنتدب عند بته يتعين عليه �أن يراعي اخت�صا�ص الجهات الق�ضائية الأخرى غير
المحكمة التجارية المفتوحة �أمامها م�سطرة الت�سوية الق�ضائية ح�سب طبيعة الدين
ونوعه ،ولذلك ف�إن قواعد االخت�صا�ص النوعي الخا�صة بالمحاكم االدارية تعتبر
منطبقة على الدين المطلوب من المدين الذي في حالة الت�سوية الق�ضائية ،وهو
نف�س النهج الذي �سلكه المجل�س الأعلى( )37في قرار له و�أن تعلق بدين ال�صندوق
الوطني لل�ضمان االجتماعي ف�إنه اعتبر المحاكم التجارية غير مخت�صة لتحقيق هذا
الدين ا�ستنادا �إلى القواعد العامة (ف�صل 20من ق.م.م ) التي ت�سند االخت�صا�ص
في هذا ال�ش�أن للمحاكم االبتدائية ،وحيث تبعا لهذا ن�صرح بعدم اخت�صا�صنا للبت
في الطلب.
و�أعتقد �أن �صياغة كال من المادة 8من مدونة تح�صيل ال�ضرائب والف�صل 117
بتاريخ 06/1821 و�أمر عدد 06/11/1 بتاريخ 66/1620 ملف الت�صفية الق�ضائية عدد 420 (� ) 36أمر عدد
.06/11/12
( )37قرار �صادر عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى عدد 320بتاريخ .05/04/27
239
دفاتر المجلس األعلى
من نف�س القانون والمادة 242من م.ع�.ض يمنع من نهج هذا المنحى� ،إذ تن�ص
المادة 8ال�سالفة الذكر بما معناه «�أنه تذيل جداول ال�ضرائب وقوائم االبراءات
و�أوامر المداخيل التي ي�صدرها قاب�ض الت�سجيل بمجرد �إ�صدارها ب�صيغة التنفيذ
من طرف الوزير المكلف بالمالية �أو المفو�ض له ،وتن�ص المادة � 117أعاله بما
معناه �أن ال�ضرائب والر�سوم التي في حكمها وب�صفة عامة الديون العمومية ال
يمكن �إيقاف تنفيذها �إال بعد تقديم ال�ضمانات الكفيلة بت�أمين ا�ستخال�صها كما هي
من�صو�ص عليها بالف�صل 118من نف�س القانون كما تق�ضي المادة 242من المدونة
العامة لل�ضرائب على �أنه ال يمكن رغم جميع الأحكام المخالفة �إيقاف تنفيذ دين
�ضريبي مفرو�ض في �إطار المراقبة ال�ضريبية �إال بعد تكوين ال�ضمانة الكفيلة بت�أمين
ا�ستخال�صها كما هي من�صو�ص عليها بالف�صل � 118أعاله.
والبين من مبنى ومعنى المواد ال�سالفة الذكر �أن الجداول ال�ضريبية بعد تذييلها
ب�صيغة التنفيذ من طرف وزير المالية �أو المفو�ض له ت�صبح �سندات تنفيذية ال يمكن
ا�ستبعادها �إال بعد �إلغاءها �أو �إيقاف تنفيذها ق�ضاء.
ومن تم فالديون ال�ضريبية الواردة بها تعتبر في الأ�صل ديون م�ستحقة وقائمة
طالما �أنه ال يتقرر �إلغا�ؤها �إداريا �أو ق�ضائيا ،ومن تم وفي اعتقادي �أنه كان يتعين على
القا�ضي المنتدب �أن يعمل على تحقيقها وقبولها باعتبارها م�ؤ�س�سة على �سندات
تنفيذية ،والت�سا�ؤل الذي يطرح هنا هو ما �إذا كان يجوز للقا�ضي المنتدب �أن
يرف�ض دينا م�ستحقا على المقاولة في حالة ت�سوية ق�ضائية بناء على �سند تنفيذي
من طرف الخوا�ص كما هو ال�ش�أن بالن�سبة لحكم نهائي مكت�سب لقوة ال�شيء
المق�ضي به ،خ�صو�صا و�أن الت�صريح بعدم االخت�صا�ص تتولد عنه �إ�شكاالت
عديدة ا�ستنادا للفقرة الأخيرة من الف�صل 697من مدونة التجارة ؟ فمن هي
الجهة المعنية بمراجعة الق�ضاء المخت�ص ب�ش�أن تلك المنازعة التي اعتبر القا�ضي
المنتدب �أنه غير مخت�ص بالبت فيها� ،إذ �أنه ال يمكن �أن نت�صور �أن القاب�ض الذي
يتوفر على �سند تنفيذي �أن يلج�أ �إلى المحكمة لتقديم منازعة حول ذلك ،علما ب�أن
240
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الأ�صل �أن المدعى عليه �أمام المحاكم الإدارية ال يت�صور �إال �شخ�صا من �أ�شخا�ص
القانون العام ،وقد �أثارت الفقرة الأخيرة من الف�صل 697من مدونة التجارة عدة
�إ�شكاالت �أمام المحاكم الإدارية ،فمن المخاطب باللجوء �إلى المحكمة المخت�صة
لأجل المنازعة في الدين ال�ضريبي داخل ال�شهرين المواليين للتبليغ بمقرر القا�ضي
المنتدب القا�ضي بعدم االخت�صا�ص ،هل الملزم بال�ضريبة �أم الخزينة التي تتوفر
على �سند تنفيذي.
في نازلة عر�ضت على الق�ضاء الإداري بالمحكمة االدارية بالدارالبي�ضاء
من هذا القبيل تقدم فيها الملزم بدعوى التم�س من خاللها الحكم ب�سقوط حق
الخزينة العامة في ا�ستيفاء ال�ضرائب الم�ستحقة عن الفترة ال�سابقة على حكم فتح
م�سطرة الت�سوية الق�ضائية الم�صرح بها على اعتبار �أن القاب�ض لم يتقدم بدعوى
�أمام المحكمة االدارية داخل �أجل ال�شهرين المواليين للتبليغ بمقرر القا�ضي
المنتدب القا�ضي بعدم االخت�صا�ص للبت في المنازعة المتعلقة بالدين ال�ضريبي
المذكور.
وذهبت المحكمة االدارية( )38وهي تق�ضي برف�ض الطلب �إلى القول بما يلي:
«حيث �أ�س�س الطاعن طعنه على كون حق الخزينة قد �سقط في تح�صيل الديون
ال�ضريبية مو�ضوع الطلب....
«وحيث �إنه بالرجوع �إلى نازلة الحال ،ف�إن دين الخزينة العامة ثابت ومحقق
لكونه مبني على �سند تنفيذي الذي يعتبر في حد ذاته عمال قانونيا ،...لذا ف�إن
مقت�ضيات المادة 697من مدونة التجارة المرتكز عليها من طرف الطاعن ال ت�سعفه
لأن المخاطب باللجوء �إلى الجهة المخت�صة من �أجل البت في المنازعة �أ�سا�س
الدين ال�ضريبي هو الملزم ولي�س الخزينة المتوفرة على �سند تنفيذي» .
( ) 38حكم المحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء عدد 09/6/130بتاريخ ،2009/10/19ق�ضية المغاري �ضد الخازن
العام.
241
دفاتر المجلس األعلى
وفي نازلة �أخرى ،عر�ضت على المحكمة الإدارية ب�أكادير( )39تتعلق بتطبيق
مقت�ضيات الفقرة الأخيرة من الف�صل 697من مدونة التجارة تقدم فيها قاب�ض �آيت
ملول بدعوى �أمام المحكمة الإدارية ب�أكادير التم�س من خاللها �إ�شهاد المحكمة
بثبوت مديونية المقاولة المنازع في الدين الم�صرح به لدى ال�سنديك الذي
�أ�صدر حوله القا�ضي المنتدب �أمرا بعدم االخت�صا�ص ،ذهبت المحكمة �إلى القول
بعدم اخت�صا�صها النوعي للبت في الطلب معللة ذلك بقولها «�إن الطلب يتعلق
ب�صحة الدين وح�صره وهو من اخت�صا�ص القا�ضي المنتدب وال يتعلق بمنازعة
�ضريبية لأنه ثابت بمجرد �صدور جدول ال�ضريبة وتذييله بال�صيغة التنفيذية ،وعلى
القا�ضي المنتدب �إثباته وح�صره في الدرجة المحددة له قانونا مما يخرج عن
االخت�صا�صات المخولة للمحكمة االدارية في المادة ال�ضريبية على الجهة المنازعة
فيه بعد ذلك �أن تلج�أ �إلى المحكمة المخت�صة طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 697
من مدونة التجارة».
وتم ا�ستئناف الحكم بالبناء على عدم ارتكازه على �أ�سا�س لأن الإدارة الجبائية
تتخذ دائما مركز المدعى عليه و�أن المقاولة هي التي يجب �أن تلج�أ �إلى المحكمة
لعر�ض موجب طعنها و�أنه لم يكن هناك بد من اللجوء �إلى المحكمة المخت�صة
ا�ستنادا للمادة 697من مدونة التجارة.
وذهبت الغرفة الإدارية( )40وهي تلغي الحكم الم�ست�أنف وت�صرح باخت�صا�ص
المحكمة الإدارية للبت في الطلب �إلى القول بما يلي:
«حيث �إن الخازن العام عندما رفع الأمر �إلى المحكمة الإدارية ا�ستنادا
لمقت�ضيات الفقرة الأخيرة من المادة 697من مدونة التجارة خ�شية �سقوط
الحق وطلب منها الإ�شهاد بثبوت مديونيته ف�إن ذلك ال يعني �أنه نقل اخت�صا�ص
القا�ضي المنتدب �إلى المحكمة الإدارية ولكنه ح�سبه �أنه رفع �أمامها المنازعة
في الدين باعتباره دينا �ضريبيا يرجع �إلى اخت�صا�صها طبقا للمادة 8من القانون
( ) 39حكم المحكمة الإدارية ب�أكادير بالملف عدد 04/310بتاريخ .04/06/17
( ) 40قرار الغرفة الإدارية عدد 350بتاريخ 2008/04/30بالملف الإداري .08/1/4/306
242
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
41-90وطلب منها تكليف الملزم بعر�ض موجبات طعنه و�أوجه المنازعة وال يمنع
المحكمة الإدارية من الق�ضاء في المنازعة قبوال �أو رف�ضا �إن رفع في مثل نازلة
الحال وخروجا عن الأ�صل من طرف الإدارة بدل الملزم تطبيقا لتوجه ...المادة
617الم�شار �إليها �أعاله فلم يكن الحكم الم�ست�أنف في محله وواجب الإلغاء.
وفي نازلة �أخرى تتعلق بنف�س المو�ضوع تتلخ�ص وقائعها في �أن الطاعنة تقدمت
بدعوى �أمام المحكمة الإدارية بالدارالبي�ضاء تلتم�س في ختامها الت�صريح ب�سقوط
الدين ال�ضريبي لعدم الت�صريح به داخل الأجل القانوني وبعد �أن �أجابت الخزينة
العامة ب�أن الدين المذكور غير م�شمول بالت�صريح المذكور بالمادة 568من مدونة
التجارة وقد تم �إ�صداره بعد الحكم بفتح م�سطرة الت�سوية وهو خا�ضع لمقت�ضيات
المادة 575من م.ت التي تن�ص على �أنه يتم �سداد الديون النا�شئة ب�صفة قانونية
بعد �صدور حكم فتح الت�سوية بالأ�سبقية على كل الديون الأخرى �سواء كانت
مقرونة �أم ال بامتيازات �أو �ضمانات فهي الأولى بالت�سبيق والتم�س رف�ض الطلب.
وذهبت المحكمة الإدارية( )41وهي تق�ضي بعدم اخت�صا�صها للبت في الطلب
�إلى القول بما يلي « :يقرر القا�ضي المنتدب بالمحكمة التجارية بناء على اقتراحات
ال�سنديك قبول الدين �أو رف�ضه �أو يعاين وجود دعوى جارية �أو �أن المنازعة ال
تدخل في اخت�صا�صه ...طلب مقدم �إلى المحكمة الإدارية ق�صد الحكم ب�سقوط
دين يرجع اخت�صا�ص النظر فيه �إلى القا�ضي المنتدب عدم اخت�صا�صها للبت في
الطلب ن�صه نعم».
وبخ�صو�ص موقف المجل�س الأعلى (الغرفة التجارية) من الإ�شكال المطروح
في نازلة من نف�س القبيل في ق�ضية تتلخ�ص وقائعها في �أن قاب�ض ال�ضرائب بمراك�ش
(بالحي المحمدي) تقدم بت�صريح بالدين لدى �سنديك الت�سوية الق�ضائية يطالب
بقبول دينه المحدد في 583.394,76درهم ب�صفة امتيازية ،وبعد �أن �أ�صدر القا�ضي
المنتدب قبول الدين الم�صرح به ا�ستانفته �شركة �ستراكوب كان محل تعديل من
( ) 41حكم �إدارية الدارالبي�ضاء عدد � 07/1893ش.ق بتاريخ 08/06/16حكم عدد .1150
243
دفاتر المجلس األعلى
244
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
تقادم جزء منه تكون قد خرقت قواعد االخت�صا�ص وبتت في نقطة يرجع �أمر
الح�سم فيها �إلى المحكمة االدارية مما يتعين معه نق�ض قرارها بخ�صو�ص ذلك».
والبين من قرار الغرفة التجارية �أنها �سطرت من خاللها قرارها المذكور القواعد
التالية:
� -إن الدين العمومي الم�صرح به داخل الآجال القانونية والمبني على جداول
�ضريبية مذيلة بال�صيغة التنفيذية تعتبر بمثابة �سند تنفيذي ويجب �أن يقبل من
طرف القا�ضي المنتدب في �إطار مقت�ضيات الف�صل 697من مدونة التجارة
.95/15
� -إنه عند المنازعة في ا�ستحقاق الدين العمومي �أمام الجهة الق�ضائية المخت�صة
وهي المحكمة االدارية من طرف المدين ي�صرح القا�ضي المنتدب بعدم
اخت�صا�صه للبت فيه.
� -إنه ال يجوز للقا�ضي المنتدب عبر تحقيق الدين العمومي وال لمحكمة
اال�ستئناف بمثابة الطعن فيه باال�ستئناف �أن تعدله بالتخفي�ض باال�ستناد �إلى
عن�صر التقادم المن�صو�ص عليه بالف�صل 123من قانون 97/25المتعلق بمدونة
التح�صيل و�إنها لو فعلت ذلك تكون خارقة لقواعد االخت�صا�ص النوعي
الذي يجعل المحكمة االدارية هي المخت�صة بالبت في النزاعات ال�ضريبية
ونزاعات التح�صيل.
وفي نازلة �أخرى بين ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي و�شركة �سودبيلدينغ
عابت هذه الأخيرة على القرار ال�صادر عن محكمة اال�ستئناف بمراك�ش رقم 369
بالملف عدد 66/6/624ف�ساد التعليل والت�أويل الخاطئ للقانون حينما اعتبر �أن
الجداول ال�صادرة عن ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي تعتبر �سندات
ر�سمية تكت�سي حججا ر�سمية ،و�أنه لما اعتبر �أن الطاعنة لم ت�سلك الم�ساطر الق�ضائية
لإلغاء م�ضمون تلك الجداول يكون مخالفا للمادتين 642و 656من مدونة التجارة
التي تخول لل�سنديك �سلوك مثل هاته الم�ساطر.
245
دفاتر المجلس األعلى
246
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
247
دفاتر المجلس األعلى
طبيعة االمتياز المخول للخزينة العامة ،حدوده ومجاالته ،هل يتعلق بالمنقول �أم
يمتد �إلى العقار؟
تن�ص المادة 105من مدونة تح�صيل الديون العمومية على �أنه «لتح�صيل
ال�ضرائب والر�سوم ،تتمتع الخزينة ابتداء من تاريخ ال�شروع في تح�صيل الجداول
�أو قائمة الإيرادات بامتياز الأمتعة وغيرها من المنقوالت التي يملكها المدين �أينما
وجدت ،وكذا على المعدات وال�سلع الموجودة في الم�ؤ�س�سة المفرو�ضة عليها
ال�ضريبة والمخ�ص�صة لأ�شغالها»
و�إذا كانت مقت�ضيات المادة � 105أعاله تخول االمتياز للخزينة وفق الأ�سبقية في
تح�صيل الديون العمومية ،ف�إن هذا االمتياز ال يمتد �إلى منتوج العقار ،جاء في قرار
محكمة اال�ستئناف التجارية( )45وهي تجيب عن الو�سيلة المتعلقة بامتياز الخزينة
على منتوج العقار المرتهن وتق�ضي برده وت�ؤيد الأمر اال�ستعجالي ال�صادر عن رئي�س
المحكمة التجارية بالملف عدد « 07/1/1855وحيث �إنه بخ�صو�ص الدفع تكون
ديون الخزينة لها امتياز على باقي الديون بخ�صو�ص بيع العقار ،ف�إن الف�صل 56
من ظهير 1962/3/15المتعلق بنظام المتابعات في ميدان ال�ضرائب ال يتحدث عن
�أي امتياز للخزينة على منتوج بيع العقارات بل �إنه ح�صر مفعول دينها على ثمن
المنقوالت والمعدات والب�ضاعة ولم يورد منتوج بيع العقار �ضمن االمتياز؛
97/15 وحيث �إ�ضافة �إلى ما ذكر ف�إن المادة 105وما يليها من القانون رقم
ال تعطي الخزينة العامة �أي امتياز على العقار ،ومن تم فالدائن المرتهن للعقار
والذي هو الم�ست�أنف عليه في نازلة الحال يتمتع بحق الأ�سبقية ال�ستخال�ص دينه
على باقي الدائنين».
وفي نازلة من هذا القبيل ،ذهب رئي�س المحكمة التجارية بالدارالبي�ضاء
()46
248
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وهو ي�أمر برفع تعر�ض قاب�ض ال�ضرائب بالبي�ضاء الواقع على العقار لكونه ال يتمتع
ب�أي امتياز حوله �إلى القول بما يلي:
«حيث �إنه بخ�صو�ص امتياز المدعى عليها بمقت�ضى المادة 105من مدونة
تح�صيل الديون العمومية ،ف�إنه مح�صور على الأموال الراجعة للملزم بال�ضريبة
على المنقوالت والمعدات والأدوات وما ينتجه العقار فقط.
وحيث �إنه الم�ستقر عليه �أن ثمن بيع العقار ال يندرج �ضمن دائرة تلك الأموال
وبالتالي تبقى المدعية �صاحبة الرهن لها الأولوية في ا�ستخال�ص دينها من منتوج
البيع مما يتعين معه اال�ستجابة لطلب رافعه».
وقد �أكد المجل�س الأعلى في عدة قرارات(� )47أن االمتياز العام المخول
للخزينة وال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي بمقت�ضى المادة 105من مدونة
التح�صيل 97/15يتعلق بالمنقوالت والمعدات والب�ضائع وما ينتجه العقار من غلل
وال يتعلق بمنتوج العقار المرهون جاء فيه ما يلي:
« ...ف�إن المادة 106من القانون ...97/15ح�صرت االمتياز العام الذي يتمتع
به ال�صندوق على المنقوالت والمعدات والب�ضائع والغلل وماتنتجه العقارات
والمحكمة م�صدرة القرار المطعون فيه التي اعتمدت مقت�ضيات المادة 106
المذكور ورتبت على ذلك كون تعر�ض الطاعن على منتوج بيع العقار المرهون
لفائدة البنك المطلوب غير قائم على �أ�سا�س م�ؤيدة الأمر االبتدائي الذي ق�ضى
برفع التعر�ضات ال�صادرة عن الطاعن بكون قرارها مرتكزا على �أ�سا�س ومعلال
تعليال كافيا والو�سيلة على غير �أ�سا�س».
وهو نف�س المنحى الذي ت�أخذ به محاكم اال�ستئناف التجارية في عدة قرارات
نذكر منها �إحدى القرارات ال�صادرة عن محكمة اال�ستئناف التجارية بالدارالبي�ضاء
جاء في تعليله جوابا عن الو�سيلة المتعلقة ب�أ�سبقية ديون الخزينة على باقي الدائنين
( )47قرار الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى الق�سم الأول عدد 458بتاريخ 2005/04/27بالملف التجاري عدد
.02/1/3/958
249
دفاتر المجلس األعلى
من مدونة التجارة 628 تطبيقا لمقت�ضيات المواد 1248من ق.ل.ع والمادة
والمادة 100و 106من مدونة تح�صيل الديون العمومية.
وحيث �إنه بخ�صو�ص الدفع بكون ديون الخزينة لها امتياز على باقي الديون
بخ�صو�ص بيع العقار ،ف�إن الف�صل 56من ظهير 1962/03/15المتعلق بنظام
المتابعات في ميدان ال�ضرائب ال يتحدث عن �أي امتياز للخزينة على منتوج بيع
العقارات بل �إنه ح�صر مفعول دينها على ثمن المنقوالت والمعدات والب�ضاعة
ولم يورد منتوج بيع العقار �ضمن االمتياز.
وحيث �إنه �إ�ضافة �إلى ما ذكر ،ف�إن المادة 105وما يليها من القانون 97/15ال
يعطي للخزينة العامة �أي امتياز على العقار ومن تم فالدائن المرتهن للعقار والذي
هو الم�ست�أنف عليه في نازلة الحال يتمتع بحق الأ�سبقية ال�ستخال�ص دينه على باقي
الدائنين».
هل تعتبر ديون الخزينة بمثابة الديون الحاملة ل�ضمانات �أو عقد ائتمان �إيجاري
تم �شهرها وي�ستلزم �إ�شعار ال�سنديك للدائن طبقا لمقت�ضيات الف�صل 686من
مدونة التجارة �أم ت�سري عليها مقت�ضيات الف�صل 687التي تلزم الدائن بتقديم
ت�صريحه بالدين لدى ال�سنديك داخل �أجل �شهرين من تاريخ ن�شر حكم فتح م�سطرة
الت�سوية الق�ضائية بالجريدة الر�سمية تحت طائلة ال�سقوط ما لم يتم رفعه بدعوى
رفع ال�سقوط داخل �أجل �سنة من تاريخ �صدور مقرر فتح الم�سطرة.
في نازلة من هذا القبيل ،وبعد �أن دفع ال�صندوق الوطني لل�ضمان االجتماعي ب�أنه
م�ؤ�س�سة عمومية و�أن ديونها عمومية وتتمتع بامتياز عام و�إنه كان على ال�سنديك �أن
ي�شعره من �أجل الت�صريح بديونه ،ذهبت الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى(�)48إلى
القول وهي ترد تلك الو�سيلة وت�ؤيد �أمر القا�ضي المنتدب الذي ا�ستبعد دفوعها
بعدم الت�صريح بها داخل �أجل �شهرين من تاريخ فتح م�سطرة الت�سوية الق�ضائية.
من مدونة التجارة 686و688 «لكن حيث ي�ستخل�ص من ن�ص المادتين
( ) 48قرار الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى عدد 10بتاريخ 04/01/07ملف عدد .03/2/3/735
250
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�أن الدائنين الذين يعود دينهم لما قبل �صدور حكم فتح الم�سطرة با�ستثناء
الم�أجورين يوجهون ت�صريحهم بديونهم لل�سنديك وي�شعر �شخ�صيا الدائنين
الحاملين ل�ضمانات �أو عقد ائتمان �إيجاري تم �شهرهما وي�ضم الت�صريح مبلغ الدين
الم�ستحق بتاريخ فتح الم�سطرة مع تحديد ق�سط الدين الم�ؤجل في حالة الت�سوية
الق�ضائية ،ويحدد الت�صريح طبيعة االمتياز �أو ال�ضمان الذي قد يكون الدين مقرونا
به ف�إن هذه ال�صفة الأخيرة (م�ؤ�س�سة عمومية) التي ولئن كانت تخول الطالب رتبة
امتيازية �أثناء م�سطرة وفاء الديون فهي ال تعفيه من الت�صريح بمجموع دينه ،كما
هو ال�ش�أن بالن�سبة للم�أجورين ولو كانت م�ستحقاته تخ�ص االقتطاع من الأجور،
ه�ؤالء الآخرين وال يلزم ب�إ�شعاره لعدم توفره على �ضمانات �أو عقد ائتمان �إيجاري
تم �شهرهما وق�ضى برف�ض الطلب».
وفي نازلة �أخرى ،ذهبت الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى وهي ت�ؤيد نف�س
االتجاه جوابا عن الو�سيلة المثارة من طرف قاب�ض البي�ضاء الواحة( )49الذي
ا�ستبعد دين الخزينة لعدم الت�صريح به داخل الأجل القانوني وقد ت�ضمنت الو�سيلة
ما معناه �أنه طبقا للمادة 686من مدونة التجارة لم يلزم الم�شرع الخزينة بالت�صريح
بديونها ،بل يبقى من واجب ال�سنديك مرا�سلة القاب�ض نظرا لما تتمتع به هذه الديون
من امتياز و�أن المادة 100من مدونة التح�صيل تن�ص على �أن ال�سنديك باعتباره
م�ؤتمنا على �أموال ال�شركة ملزم ب�أداء ال�ضرائب ولو لم يتقدم القاب�ض ب�أي طلب،
�أما المادة 101من نف�س المدونة فتلزم كل حائز لأموال تعود للملزمين وتتمتع
بامتياز الخزينة �أن يدفعوا بناء على طلب المحا�سب المكلف بالتح�صيل على
�شكل �إ�شعار للغير الحائز الأموال التي يحوزونها ،وكل هذه المقت�ضيات تو�ضح
�أن ديون الخزينة العامة امتيازية خالف ما ذهب �إليه القرار اال�ستئنافي وتبين �أنه
يجب دفعها بالأولوية عن باقي الديون الأخرى ولو لم تكن مقرونة ب�أي امتياز �أو
�ضمان ،جاء في قرارها ما يلي:
بالملف التجاري 04/03/31 ( )49قرار الغرفة التجارية بالمجل�س الأعلى الق�سم الأول عدد 404بتاريخ
03/2/3/1302قاب�ض البي�ضاء الواحة �ضد ال�شركة الر�سمية لل�صباغة والزجاج.
251
دفاتر المجلس األعلى
« ...والمحكمة م�صدرة القرار المطعون فيه التي اعتبرت �أن دين الخزينة
و�إن كان دينا امتيازيا بن�ص القانون «�إال �أن هذا ال يعفيها من الت�صريح بدينها داخل
الأجل المذكور على اعتبار �أنها لي�ست من الدائنين الحاملين ل�ضمانات �أو عقد
ائتمان ايجاري تم �شهرهما لذلك ،فانه ما دام الت�صريح بالدين قد تم خارج الأجل
القانوني ولي�س بالملف ما يفيد رفع ال�سقوط عن دينها من طرف القا�ضي المنتدب
ف�إن ما تتم�سك به الم�ست�أنفة المطلوبة بخ�صو�ص دين الخزينة العامة مرتكز على
�أ�سا�س قانوني تكون قد طبقت �صحيح �أحكام المقت�ضى المذكور ،اعتبارا منها لما
هدف �إليه الم�شرع من م�ساواة بين الدائن العادي والدائن االمتيازي في �إجبارية
الت�صريح بالديون داخل الأجل المحدد قانونا ومن تم ف�إن ال�صفة االمتيازية لدين
الخزينة العامة و�إن كانت تخولها حق الأف�ضلية على غير الدائنين الآخرين خالل
م�سطرة وفاء الديون في حدود ما هو مقرر لها قانونا فهي ال تعفيها من الت�صريح
بديونها كما هو ال�ش�أن بالن�سبة للم�أجورين وال يلزم ب�إ�شعارها بفتح الم�سطرة لعدم
توفرها على �ضمانة �أو عقد ائتمان ايجاري تم �شهرهما».
خاتمة :
252
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
253
دفاتر المجلس األعلى
المقدمة
الأ�صل �أن �إجراءات التح�صيل ال�ضريبي و�ضعت لمواجهة الملزم الذي لم
يوف بواجبه ال�ضريبي ،لكن ارت�أى الم�شرع �أن تمتد هذه الإجراءات لت�شمل
�أ�شخا�صا �أخرين يرتبطون بالملزم ويتعلق الأمر ب:
• ذوو الحقوق
• الأ�شخا�ص الذين اختار المدينون موطنهم الجبائي لديهم
• ال�شركات ال�ضامة �أو المن�شئة عن الإدماج �أو االنف�صال �أو تحويل ال�شكل
القانوني ل�شركة ما.
• الأ�شخا�ص الذين ت�سري عليهم مقت�ضيات الت�ضامن :
-المالك الجديد للعقار الف�صل .94
-العدول الموثقون الخبراء المحا�سبون والمحامون الف�صل .95
-م�سيرو ال�شركات �أو مت�صرفوها �أو مديروها الف�صل .101
-م�ستغلو الأ�صل التجاري الف�صل .95
-المالك الجديد لل�سفينة الف�صل .66
-ثم فئة �أخرى يدخل فيها :
+المودع لديهم الف�صل .100
+االغيار الحائزون الف�صل .101
254
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
255
دفاتر المجلس األعلى
و�أخ�ضع �أي�ضا لنف�س االلتزامات م�سييرو ال�شركات �أو مت�صرفوها �أو مديروها،
ون�صت المادة 102على ما يترتب على هذا الإ�شعار من ت�سليم فوري للأموال
لفائدة المحا�سب� ،أما المادة الأخيرة 104فقد �أ�شارت �إلى �إمكانية �إلزام الأ�شخا�ص
الوارد تعدادهم في المادة 100والمواد �أعاله عند امتناعهم عن الوفاء عن
الملزمين بنف�س الطرق الم�ستعملة �ضد ه�ؤالء.
ومقارنة لهذه المقت�ضيات بتلك الواردة في كتاب الم�ساطر الجبائية الفرن�سي
يتبين �أنها تكاد تكون نف�سها.
فهل �صياغة المواد المنظمة للإ�شعار للغير الحائز ت�سعف والحالة هذه في
اللجوء �إلى هذا الإجراء دون خ�ضوعه �إلى قواعد �أخرى؟.
الجواب بالطبع ال لأن الف�صول المذكورة لم تتعر�ض لل�شكليات الأ�سا�سية
الواجب توافرها في الإ�شعار ،كما �أنها لم تتكلم عن م�س�ألة التبليغ وعن طرق
التبليغ وغيرها ولم تتناول م�سطرة الطعن في هذا الإجراء ال �إداريا وال ق�ضائيا.
فهل يتعين الرجوع ب�ش�أن ذلك �إلى القواعد العامة في الطعون في منازعات
التح�صيل (المواد 117وما بعدها)؟.
�إن الإ�شعار للغير الحائز هو م�سطرة مب�سطة للحجز ما للمدين لدى الغير وقد
عرف �أي�ضا ب�أنه بمثابة حكم بالم�صادقة على حجز ما للمدين لدى الغير المكت�سب
لقوة الأمر المق�ضي ،حكما يخول للقاب�ض مدينا �إ�ضافيا بحيث يكون له الخيار في
�أن ي�سلك �ضد الملزم المتابعات المبا�شرة الأخرى المن�صو�ص عليها في المادة 39
وما بعد من مدونة التح�صيل �أي الإنذار والحجز والبيع �أو �أن يلج�أ �إلى م�سطرة
الإ�شعار للغير الحائز نظرا لب�ساطتها وفعاليتها �أو �أن يلج�أ �إلى الحجز ما للمدين
لدى الغير المن�صو�ص عليها في قانون الم�سطرة المدنية لأنه لي�س في القانون ما
يمنعه من القيام بذلك ،فالأمر يخ�ضع ل�سلطته وهي �سلطة مالئمة �أو �أن ي�سلك نف�س
طرق التح�صيل الجبرية �ضد الحائز عند امتناعه.
256
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
فما هو مجال تطبيق هذا الإجراء وما هي القواعد المرتبطة بال�شكل وبالتبليغ وما
هي طرق الطعن فيه؟.
المبحث الأول :مجال تطبيق الإجراء
�إن الإ�شعار للغير الحائز وح�سب ما تن�ص عليه المادة 101من مدونة التح�صيل
تبا�شر �ضد الأغيار �أوال وذلك من �أجل تح�صيل ال�ضرائب والر�سوم والديون
الأخرى الم�ستحقة والمتمتعة بامتياز الخزينة ثانيا.
�أوال :الأغيار
�إن الف�صل المذكور قد �أ�شار على �سبيل المثال �إلى بع�ض الأغيار من محا�سبين
عموميين ومقت�صدين ومكترين وكل الحائزين �أو المدينين الملزمين الآخرين
بمبالغ يملكها �أو ينبغي �أن تعود لفائدة الملزمين بال�ضرائب والر�سوم والديون
الأخرى المتمتعة بامتياز الخزينة العامة ،وين�سحب مفهوم الأغيار كذلك �إلى كل
الأ�شخا�ص العمومية المودع لديها الأموال ب�أي �سند �سواء تعلق الأمر بالأ�شخا�ص
المعنوية كال�شركات والجمعيات وغيرها �أو الأ�شخا�ص االعتبارية.
وهكذا يخ�ضع لم�سطرة الإ�شعار للغير الحائز م�سيرو ال�شركات ومت�صرفوها
�أو مديروها بالن�سبة لل�ضرائب والر�سوم المترتبة على هذه ال�شركات والمكترون
والوكيل وال�شريك والبنك والم�ست�أجر وغيرهم.
وقد �أثير ت�سا�ؤل حول ما �إذا كان الولي �أو الو�صي �أو النائب القانوني يعتبر غيرا
وبالتالي يمكن الحجز على �أموال القا�صر الذي ينوب عنه فيها.
وقد اختلف في الأمر �إال �أن الر�أي الراجح ذهب �إلى امكانية ذلك ا�ستنادا �إلى
العالقة الرابطة بينهما باعتبارها لي�ست عالقة تبعية ولأنهم لي�سوا طرفا في الحق في
()3
التنفيذ و�أنهم يتمتعون با�ستقالل تام في مواجهة القا�صر.
( )3ذ .يون�س الزهري :الحجز لدى الغير في القانون المغربي� ،ص .128
257
دفاتر المجلس األعلى
تتميز الديون العمومية لكي تكون مو�ضوع الإ�شعار للغير الحائز ب�أنها ديون
ممتازة كما �أنها ديون م�ستحقة.
�صفة االمتياز � :إن الأموال التي تكون مو�ضوع الإ�شعار للغير الحائز هي الديون
العمومية الوارد التن�صي�ص عليها في المادة الثانية من مدونة التح�صيل وهي
ال�ضرائب المبا�شرة للدولة والر�سوم المماثلة وكذا ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة
الم�شار �إليها بعبارة «ال�ضرائب والديون»
-الحقوق والر�سوم الجمركية،
-مداخيل الت�سجيل والتمبر والر�سوم المماثلة،
-مداخيل وعائدات �أمالك الدولة،
-ح�صيلة اال�ستغالالت والم�ساهمات المالية للدولة،
-الغرامات واالدنات النقدية،
� -ضرائب ور�سوم الجماعات المحلية وهي�آتها،
� -سائر الديون الأخرى لفائدة الدولة والجماعات المحلية وهي�آتها التي
يعهد بقب�ضها للمحا�سبين المكلفين بالتح�صيل با�ستثناء الديون ذات الطابع
التجاري(.)4
وقد ن�صت المادة الأولى من نف�س القانون على �أن م�صدر هذا الدين العمومي
هو القانون والأنظمة الجاري بها العمل �أو الأحكام الق�ضائية وقرارات الق�ضاء �أو
االتفاقات ،في حين �أن الهي�آت المكلفة بالتح�صيل قد حددها الم�شرع قي المادة
الثالثة حيث ورد التن�صي�ص عليهم كالتالي:
-الخازن العام للمملكة،
-الخزنة الجهويون،
( ) 4الديون غير الممتازة التي ال تكون م�ستحقة �إال ب�أحكام ق�ضائية مثال.
258
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
-خزنة العماالت،
-الخزنة الإقليميون،
-والقبا�ض الجماعيون،
-قبا�ض الجمارك ال�ضرائب الغير المبا�شرة وقبا�ض الت�سجيل.
�صفة اال�ستحقاق :فال يمكن اللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز لتح�صيل
الديون العمومية ما لم تكن م�ستحقة.
فالمادة 13من مدونة التح�صيل حددت �شهرين كحد �أق�صى ون�صت على ما
يلي:
� -أن ت�ستحق ال�ضرائب والر�سوم المدرجة في الجداول عند ان�صرام ال�شهر
الثاني الموالي ل�شهر ال�شروع في تح�صيلها.
-وابتداء من هذا التاريخ يمكن للقاب�ض اللجوء �إلى المطالبة �سواء ر�ضائيا
�أو جبريا والأمر يتعلق بطبيعة الحال هنا بتح�صيل ال�ضريبة عن طريق �إ�صدار
الجداول.
-وت�ستحق ال�ضرائب على الفور عندما يتم �إ�صدارها على �سبيل الت�سوية بناء
على �إقرار الملزم (المادة 18من مدونة التح�صيل).
-وكذا وقبل انتهاء �أجل اال�ستحقاق اذا غادر الملزم التراب المغربي حيث
ن�صت المادة 19من نف�س القانون على �أنه « ت�ستحق فورا الديون المترتبة
على ذمة الملزم والقابلة للأداء ب�أجل �إذا لم يعد يتوفر بالمغرب على محل
�إقامة اعتيادي �أو محل م�ؤ�س�سته الرئي�سي �أو موطنه الجبائي.
-وت�ستحق فورا �إذا �شرع الملزم في �إ�ضعاف ال�ضمان العام لدائنيه ،فيمكن
للقاب�ض وهو ي�شكل �أحد ه�ؤالء الدائنين المطالبة بدينه على الفور.
-كما ت�ستحق ال�ضرائب وي�سمح بالمطالبة بها على الفور �إذا توقف الملزم عن
مزاولة الن�شاط الخا�ضع لل�ضريبة �أو عند �إدماج �أو انف�صال �أو تحويل ال�شكل
259
دفاتر المجلس األعلى
القانوني لل�شركة ،وب�شكل عام في حالة تغيير يطر�أ على ال�شخ�ص الملزم
(المادة 19من مدونة التح�صيل).
وهكذا ف�إنه ال يحق للقاب�ض اللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز لتح�صيل
ال�ضرائب �إال �إذا كانت م�ستحقة وفق ما ذكر �أعاله �إال �إذا خاف على �إ�ضعاف الذمة
المالية للخزينة كان يبدي الملزم بع�ض الت�صرفات المريبة كالحاالت المن�صو�ص
عليها في المادة 19ال�سالفة الذكر ف�إن ب�إمكانه اللجوء �إلى الإ�شعار للغير الحائز
لمباغتته.
والجدير بالذكر �أنه �إذا تو�صل المحا�سب من �إدارة ال�ضرائب ب�صفتها م�صلحة
وعاء �ضريبي ب�إخبار بت�صحيح جبائي بالن�سبة للملزم ،ف�إن المحا�سب ال يحق له
اللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار لغير الحائز و�إن كان يحق له اتخاذ كافة التدابير
الالزمة للمحافظة على �ضمان الخزينة لكن �شريطة �أن ال تعرقل هذه التدابير
الن�شاط العادي للمقاولة وال�سبب راجع �إلى كون تقدير ال�ضريبة وتحديدها ال
يت�أتى �إال بعد انتهاء م�سطرة الت�صحيح ومعرفة القدر الم�ستحق من الدين.
والإقدام على مبا�شرة هذا الإجراء ي�ستوجب مراعاة حقوق الطرفين الملزم
واالدارة وبالتالي يتعين �سبك هذه الخ�صو�صية في �شكل الإجراء بت�ضمينه
البيانات الجوهرية التي تترتب عن عدم مراعاتها بطالن الإجراء وباقي الإجراءات
الأخرى.
المبحث الثاني � :شكليات الإ�شعار للغير الحائز و�إ�شكالية التبليغ
و�أنواعه
لم يتطرق الم�شرع المغربي �إلى البيانات الواجب توفرها في الإ�شعار للغير
الحائز كنظيره الفرن�سي ،ونظرا لب�ساطة هذا الإجراء وخطورته ونظرا للغاية
المتوخاة من �سلوكه وهي الفعالية في تح�صيل الديون ا�ستلزم الأمر �ضرورة
توفره على بع�ض البيانات الجوهرية.
260
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
261
دفاتر المجلس األعلى
ب�أية وثيقة تقوم مقامه ،وبالإ�شارة �إلى كون الملزم ف�إنه �أ�شعر بم�ضمون هذا
الإجراء.
الفرع الثاني � :إ�شكالية التبليغ
لم ين�ص الم�شرع المغربي في المواد المنظمة للإ�شعار للغير الحائز على
كيفية التبليغ وال على �شكلياته وعلى ما �إذا كان وجوبيا بالن�سبة للملزم �أم كذلك
بالن�سبة للحائز ،بل اكتفى بالتن�صي�ص على وجوب دفع الحائزين �أو المودع
لديهم والمحا�سبين العموميين والمقت�صدين والمكترين وم�سيرو ال�شركات �أو
مت�صرفوها �أو مديروها الأموال التي في حوزتهم فورا وبمجرد �إ�شعارهم بهذا
الإجراء ومن تم كان من الالزم الت�سا�ؤل حول ما �إذا كان وجوبا �إ�شعار الملزم
بهذا الإجراء على اعتبار �أن الإ�شعار للغير الحائز ال يكون له مفعول ما لم يبلغ �إلى
ه�ؤالء �إذ كيف يعقل �أن يطالب ه�ؤالء بت�سليم ما بين �أيديهم من �أموال تعود للملزم
دون �أن يكونوا على علم بذلك.
�أوال -تبليغ الإ�شعار للغير الحائز �إلى الملزم
�إن العالقة التي ينبغي �أن تربط �إدارة التح�صيل بالملزم يجب �أن تكون مبنية على
�أ�سا�س المواطنة والوعي الكامل بالم�س�ؤولية ولي�س على �أ�سا�س المباغثة وال�شطط
في ا�ستعمال الحق ومن هذا المنطلق يتعين �أن ي�شعر الملزم بهذا الإجراء قبل �أن
ي�شعر به مدينوه وهو اتجاه �سبق �أن تبنته محكمة النق�ض الفرن�سية( )5منذ 1973
ورتبت على عدم تبليغ الإجراء �إلى الملزم البطالن ،وفي هذا الإتجاه �أي�ضا اعتبرت
محكمة اال�ستئناف الإدارية بمراك�ش تبليغ الملزم بهذا الإجراء �ضروريا وما جاء في
قرارها «وحيث �إنه با�ستقرار المقت�ضيات القانونية �أعاله يتبين �أن الم�شرع و�إن كان
لم ي�شترط �ضرورة احترام �إجراءات معينة �إزاء الملزم قبل اللجوء �إلى م�سطرة
الإ�شعار للغير الحائز ف�إنه ونظرا للطابع اال�ستثنائي للم�سطرة المذكورة وما يترتب
عنها من ت�سليم فوري للمبالغ الموجودة في حوزة الأغيار والمودع لديهم مع ما
( )5قرار مبد�أ محكمة النق�ض الفرن�سية – الغرفة التجارية م�ؤرخ في .1973/11/13
262
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
قد ي�سفر عنه ذلك للمعني بالأمر من �أ�ضرار ،واعتبارا كذلك لمبد�أ حق الدفاع
الذي يعد من المبادىء الأ�سا�سية الواجب احترامها حتى في حالة عدم الن�ص
عليها �صراحة ف�إن القاب�ض يبقى ملزما بتوجيه �إ�شعار �إلى الخا�ضع ق�صد �إخباره
ب�إجراءات الإ�ستخال�ص المبا�شرة في حقه عن طريق الإ�شعار للغير الحائز( )6وهو
بطبيعة الحال اتجاه مخالف لمن يرى في الإ�شعار فقط و�سيلة لمحاربة التهرب من
�أداء الواجب ال�ضريبي �أو و�سيلة لمباغثة الملزم �سيئ النية.
و�إذا كان التبليغ واجبا للملزم فما هي �شكلياته و�أنواعه ؟
ثانيا � -شكليات التبليغ و�أنواعه
لم ين�ص الم�شرع المغربي في المواد المنظمة لهذا الإجراء على �شكل التبليغ
و�أنواعه .واعتبارا لكون الإجراء المذكور �إجراء ا�ستثنائيا للتح�صيل ف�إنه تطبق
ب�ش�أنه المقت�ضيات المنظمة لتبليغ �إجراءات التح�صيل المن�صو�ص عليها في مدونة
تح�صيل الديون العمومية عن طريق م�أموري التبليغ والتنفيذ التابعين للخزينة
العامة والمفو�ضين الق�ضائيين ،وعن طريق ال�سلطة المحلية �أو بوا�سطة البريد
الم�ضمون.
ثالثا � -أثر التبليغ
�إن تبليغ الإ�شعار للغير الحائز �إلى الملزم يقطع التقادم الجاري في مواجهة
الملزم �أما �أثره في مواجهة الحائز فهو الت�سليم الفوري لهذه الأموال �إلى القاب�ض
مع الإ�شارة �إلى �أن �أنواع التبليغ هذه بالن�سبة للحائز هي نف�سها التي �سبقت الإ�شارة
�إليها.
�إن الت�سليم الفوري ك�أثر لتبليغ الإ�شعار للغير الحائز �إلى الحائز قد ي�صطدم
ببع�ض العراقيل من قبل الحجز على �أر�صدة الح�سابات البنكية.
( )6قرار محكمة اال�ستئناف االدارية بمراك�ش رقم 216بتاريخ 2010/03/13الملف رقم .2009/9/843
263
دفاتر المجلس األعلى
الح�سابات البنكية التي غالبا ما تكون مو�ضوع تعر�ض من طرف المحا�سب هي
الح�سابات للإطالع (الح�سابات الجارية) والح�سابات لأجل (ح�ساب الودائع).
الفقرة الأولى :الح�سابات للإطالع (الح�سابات الجارية)
فالح�ساب بالإطالع هو عقد يربط البنك بزبونه �أ�سا�سه اتفاق الطرفين على تقييد
ديون الزبون �إزاء البنك وديون هذا الأخير �إزاء الزبون على �شكل �أبواب دائنه
ومدينه وبدمجها يت�أتى ا�ستخراج ر�صيد لفائدة كل طرف( )7وت�سرى الفوائد بقوة
القانون لفائدة البنك باعتباره طرفا مموال(.)8
ومن المعلوم �أن عملية دمج �أبواب الدائنة والمدينة تفرز ا�ستخراج ر�صيد
م�ؤقت وعندما يكون دائما لفائدة الزبون ،يت�أتى حجز المبالغ المكونة له.
وهنا تكمن فعالية الإ�شعار للغير الحائز ،حيث يتمكن القاب�ض من حجز الر�صيد
وقد �أثيرت هذه الإ�شكالية �أمام الق�ضاء الفرن�سي فح�سمتها محكمة النق�ض الفرن�سية
وق�ضت بجواز الحجز على الح�ساب الجاري بوا�سطة الإ�شعار للغير الحائز وذلك
بمقت�ضى قرارها الم�ؤرخ .1973-11-13
في حين �إذا تعلق الأمر بحجز �أموال غير ممتازة �أو بعالقة بين طرفي القانون
الخا�ص ف�إن بقاء الأبواب الدائنة والمدينة مفتوحة بين البنك وزبونه ي�ستلزم من
ذوي الم�صلحة الإ�سراع �إلى الق�ضاء اال�ستعجالي وفي الوقت المنا�سب �إلى طلب
قفل الح�ساب الجاري وح�صره في الر�صيد الدائن لمدينه ،حتى يتمكن من تنفيذ
الأمر ال�صادر لفائدته والقا�ضي له بالحجز على ح�ساب مدينه(.)9
( )7الف�صل 493من مدونة التجارة.
( )8الف�صل 495من مدونة التجارة.
( ) 9حجز ما للمدين لدى الغير في جانبه النظري وجانبه التطبيقي اطروحة لنيل دبلوم الدرا�سات الق�ضائية المعمقة في
القانون الخا�ص ذ.خالد علو�ش ال�صفحة .105
264
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
265
دفاتر المجلس األعلى
266
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وارتباطا بالتعر�ض على الح�سابات ينبغي الإ�شارة �إلى �أنه يتعين على القاب�ض �أن
يت�أكد من طبيعة الأموال المودعة ،لأن هناك �أموال يح�ضر عليه �أن يتعر�ض عليها
بحكم القانون وهو ما ين�ص عليه قانون الم�سطرة المدنية باعتباره القانون الأم
حيث ين�ص الف�صل 488على هذه الحاالت التي ال يمكن الحجز فيها وهي :
- 1التعوي�ضات التي ي�صرح القانون ب�أنها غير قابلة للحجز
ومن الأمثلة على ذلك ما ن�ص عليه الف�صل 67من ظهير 1972/6/27المتعلق
بال�ضمان الإجتماعي والذي ن�ص على «�أن التعوي�ضات المقررة في هذا القانون ال
يمكن التخلي عنها وال حجزها ما عدا فيما يخ�ص �أداء الديون المتعلقة بالنفقة التي
قد يلزم فيها الم�ستفيدون من التعوي�ضات ،وذلك طبقا لنف�س ال�شروط والحدود
المطبقة على الأجور.
- 2النفقات (باعتبار ما تكت�سيه من طابع معي�شي وقد جاءت مطلقة �سواء تعلق
بالزوجة �أم بغيرها)
- 3المبالغ التي ت�سبق �أو ترد باعتبارها م�صاريف مكتب �أو جولة �أو تجهيز �أو
تنقل �أو نقل.
- 4المبالغ الممنوحة باعتبارها ردا لت�سبيقات �أو �أداء لم�صاريف انفقها عامل
م�ستخدم ب�صفة م�ستمرة �أو م�ؤقتة لمنا�سبة عمله.
- 5المبالغ الممنوحة باعتبارها ردا لت�سبيقات �أو �أداء لم�صاريف �سينفقها
الموظفون �أو الأعوان الم�ساعدون في تنفيذ م�صلحة عامة �أو م�صاريف
�أنفقوها بمنا�سبة عملهم.
- 6جميع التعوي�ضات والمنح وجميع ما ي�ضاف �أو يلحق بالأجور والرواتب
كتعوي�ضات عائلية.
- 7ر�أ�س مال الوفاة الم�ؤ�س�س بالمر�سوم رقم 2.98.500ال�صادر في 14من
�شوال ( 1419فاتح فبراير )1999يحدث بموجبه نظام ر�صيد للوفاة لفائدة
ذوي حقوق الموظفين المدنيين والع�سكريين والأعوان التابعين للدولة
والجماعات المحلية والم�ؤ�س�سات العمومية.
267
دفاتر المجلس األعلى
268
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�أما �إذا كان الر�صيد بالبنك ي�شكل فقط تحويالت مبا�شرة لمرتب الموظف
الملزم ،ف�إن الطابع المعي�شي لهذا المرتب يحول دون تطبيق الإ�شعار تحت طائلة
البطالن �أثناء الطعن فيه.
المبحث الرابع :الطعن في الإ�شعار للغير الحائز
�إن الإ�شعار للغير الحائز هو �إجراء ا�ستثنائي يروم مباغثة المدين للخزينة بالتعر�ض
على �أمواله التي بين الحائزين االغيار ويترتب على هذا التعر�ض الت�سليم الفوري
لهذه الأموال ومن تم تكمن خطورته.
وبالمقابل ف�إن مبا�شرة هذا الإجراء من طرف القبا�ض والحالة هذه يخول
للملزم حق الطعن فيه ،وذلك طبقا للمقت�ضيات القانونية المنظمة للمنازعة في
�إجراءات التح�صيل المن�صو�ص عليها في قانون 80.15وفي غيرها من الن�صو�ص
الأخرى.
وهكذا ف�إنه ال يمكن الطعن في الإجراء �أمام المحكمة المخت�صة �إال بعد توجيه
مطالبة �إدارية.
الفرع الأول :المطالبة الإدارية
تن�ص المادة 120من مدونة تح�صيل الديون العمومية ب�أن ترفع المطالبات
المتعلقة ب�إجراءات التح�صيل الجبري تحت طائلة عدم القبول �إلى رئي�س الإدارة
التي ينتمي �إليها المحا�سب المكلف بالتح�صيل المعني �أو �إلى من يمثله.
وهكذا ف�إن توجيه الطلب �إلى الإدارة ي�ستلزم توافر ما يلي:
- 1يجب �أن يوجه �إلزاميا �إلى رئي�س الم�صلحة المخت�ص.
� - 2أن يوجه داخل �أجل 60يوما الموالي لتاريخ تبليغ الإجراء وتجدر الإ�شارة
�إلى �أن الم�شرع المغربي حدد الأجل للمدين لتقديم الطلب داخل
الأجل المذكور �أعاله خالفا للم�شرع الفرن�سي الذي حدده ح�سب
269
دفاتر المجلس األعلى
الأحوال(.)14
� - 3أن يكون مبررا بالوثائق الثبوتية لتكوين ال�ضمانات طبقا لما هو من�صو�ص
عليه في المادة 118من مدونة التح�صيل .وعلى الإدارة �أن تجيب داخل
الأجل القانوني الذي هو 60يوما من تاريخ تو�صلها بالمطالبة .ومن البديهي
�أن الأجل الممنوح للإدارة للجواب هو من النظام العام وبالتالي ف�إن
()15
جواب الإدارة خارج الأجل المذكور ال يفتح �أجال جديدا للملزم
وعند الجواب يتعين على الإدارة �أن تبلغه �إلى الملزم كما يمكن لهذا
الأخير في حالة عدم جواب الإدارة داخل �أجل 60يوما الموالي لتاريخ
تو�صلها بالمطالبة كما في الحالة التي يكون فيها القرار في غير �صالحه رفع
الدعوى �أمام المحكمة المخت�صة.
الفرع الثاني :المطالبة الق�ضائية
270
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
271
دفاتر المجلس األعلى
فيه «حيث لئن كان �إجراء الإ�شعار للغير الحائز المخول للقاب�ض اللجوء �إليه تطبيقا
للمادة 101وما بعدها من مدونة تح�صيل الديون العمومية وهو �إجراء تنفيذي
جبري ا�ستثنائي يعتبر النزاع ب�ش�أنه ،كما هو ال�شان بالن�سبة للمنازعة في باقي
�إجراءات التح�صيل االخرى نزاعا مو�ضوعيا ال يخت�ص به قا�ضي اال�ستعجال نظرا
لم�سا�سه بجوهر النزاع ف�إن ق�ضاء اال�ستعجال د�أب على تحوير الطلبات المقدمة
�إليه ب�ش�أن رفع الحجز الموقع بمقت�ضى اال�شعار للغير الحائز على الح�ساب البنكي
واعادة تكييفها �إلى طلبات �إيقاف �إجراءات التح�صيل باعتبار ان ذلك هو الجوهر
الحقيقي لتلك الطلبات ما دام تم تقديمها �إلى ق�ضاء اال�ستعجال الذي ا�ستقر
على �أن اال�ستجابة لطلب ايقاف تنفيذ اجراءات التح�صيل رهينة بتوفر عن�صري
اال�ستعجال وجدية الطلب ،ومن المعلوم �أن حالة اال�ستعجال �إنما تن�ش�أ من طبيعة
الحق المطلوب �صيانته ومن الظروف المحيطة به وي�ستنتجها قا�ضي الم�ستعجالت
من ظروف ومالب�سات الدعوى المعرو�ضة عليه.
اما الجدية فتبين لقا�ضي اال�ستعجال من خالل الفح�ص الظاهري لوثائق ملف
المنازعة في المو�ضوع الم�ؤ�س�س على نفي �صفة االلتزام ال�ضريبي �أو على المنازعة
في قانونية �أو على المنازعة في م�سطرة واجراءات التح�صيل والتي يكفي ان ت�ؤول
ح�سب الفح�ص الظاهري المذكور �إلى االلغاء والبطالن».
وقد ا�ستر�سل القرار بالإي�ضاح �أن المنازعة في اال�شعار والمن�صب على ح�ساب
بنكي يتعلق بودائع زبناء محام ي�شكل منازعة جدية تبرر ايقاف �إجراءات التح�صيل
وهكذا فقد ورد في نف�س القرار ما يلي « :وحيث يتبين من خالل تفح�ص ظاهر لوثائق
الملف دون الم�سا�س بما يمكن �أن يق�ضي به في الجوهر �أن الم�ست�أنف عليه �أدلى
بما يثبت بجالء �أن �إجراء التح�صيل المبا�شر في حق الم�ست�أنف في �شكل الإ�شعار
للغير الحائز على الح�ساب المفتوح لدى البنك المغربي للتجارة الخارجية �إنما
هو �إجراء يطال ح�سابا للغير الذين ال عالقة لهم نهائيا بالدين ال�ضريبي مو�ضوع
التح�صيل باعتباره مخ�ص�صا للودائع الخا�ص بموكلي الم�ستانف عليه كمحام مما
يفيد بناء على ذلك قيام منازعة جدية م�ستمدة مما �أثير من عدم م�شروعية الإ�شعار
272
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
للغير الحائز على الح�ساب البنكي المذكور ويوفر قيام وتحقق عن�صر جدية
()18
المنازعة المبررة لال�ستجابة للطلب.
وللإ�شارة ف�إن �إعادة التكييف الذي ت�ضفيه المحكمة على الطلبات المقدمة
في هذا ال�ش�أن كما ر�أينا قد ي�صطدم ببع�ض العراقيل �أثناء �إجراءات تنفيذ الأوامر
والقرارات الق�ضائية ،حيث �أن الحكم بايقاف ا�ستخال�ص قد ين�سحب على كل
�إجراءات التح�صيل التي يكون قد قام بها القاب�ض ب�صفة موازية لم�سطرة الإ�شعار
للغير الحائز وهذه نتيجة غير منطقية لأن م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز هي م�سطرة
م�ستقلة عن م�سطرة المنازعة في �إجراءات التح�صيل الأخرى (الإنذار ،الحجز،
البيع) التي يمكن للقاب�ض �أن يكون قد با�شرها قبل �أو �أثناء مبا�شرته للإ�شعار للغير
الحائز وبالتالي ف�إنه ي�صعب ا�ستي�ساغ اعادة تكييف المنازعة في الإ�شعار للغير
الحائز على �أنها طلب بايقاف �إجراءات التح�صيل على اعتبار ان الملزم الذي
با�شر القاب�ض �إزاءه ،االجراءين معا �سي�صبح م�ستفيدا من نتيجة �إيجابية لإجراء لم
يبا�شره.
ويبدو منطقيا �أن يعطي للمنازعة و�صفها وحجمها الحقيقي انطالقا من طبيعة
الإجراء المذكور.
�إن الإ�شعار للغير الحائز هو �إجراء يتم بوا�سطته التعر�ض على �أموال الملزم من
طرف القاب�ض والملزم ال يملك �إال المطالبة برفعه عن طريق الدعوى اال�ستعجالية
�أو المطالبة ب�إلغائه في الحاالت الأخرى وبالتالي ال يبقى مجال لإعادة التكييف
الطعن في الإ�شعار على �أ�سا�س �أنه مطالبة ب�إيقاف �إجراءات التح�صيل.
و�إذا كان للملزم الحق في مراجعة الق�ضاء اال�ستعجالي لرفع التعر�ض على
�أمواله بين يدي الحائز ف�إن من واجبه �أن يرفع دعوى في المو�ضوع للمنازعة في
وجود االلتزام �أو في مبلغ الدين �أو في ا�ستحقاقه �أو في �أي �سبب �آخر متعلق
بالوعاء �أو ب�شكلية الإجراء.
( ) 18قرار محكمة اال�ستئناف االدارية بمراك�ش رقم 722وتاريخ 2010/07/22في الملف رقم .2010/02/25
273
دفاتر المجلس األعلى
ق�ضاء المو�ضوع
ال يفهم من �صياغة الف�صل 149من ق.م.م وخا�صة من عبارة «�سواء كان النزاع
في الجوهر قد �أحيل على المحكمة» �أم �أن الملزم ومن في حكمه معفى من اللجوء
�إلى ق�ضاء المو�ضوع� ،إلى جانب دعوى اال�ستعجال و�إال فما تعنيه الطبيعة الم�ؤقتة
للأوامر اال�ستعجالية.
ولقد د�أب العمل الق�ضائي على تعليق تنفيذ الأوامر �أو القرارات التي ي�صدرها
في مجال االيقاف على رفع دعوى في المو�ضوع داخل �أجل يحدده حتى ال تفقد
هذه الأوامر والقرارات طبيعتها الم�ؤقتة .ومن تم ف�إن الملزم يطرق باب الق�ضاء
للمنازعة �إما في الوعاء �أو في �شكلية الإجراء.
• المنازعة في الوعاء
تن�صب المنازعة في الوعاء على وجود االلتزام ال�ضريبي �أو على مبلغ الدين
�أو في ا�ستحقاقه.
�أوال :المنازعة في وجود االلتزام ويعني ذلك المنازعة في وجود الواقعة
المن�شئة لل�ضريبة فقد تنعدم هذه العالقة �أ�صال �أو ك�أن تفر�ض ال�ضريبة على ن�شاط
توقف فيما بعد وقد د�أب العمل الق�ضائي على �إعفاء الطاعن في هذه الحاالت
من �سلوك م�سطرة التظلم االداري ومن تقديم �أية �ضمانات النعدام �صفته كملزم
وبالتالي يحق للملزم اللجوء �إلى المحكمة للمطالبة برفع التعر�ض على �أمواله
وللمطالبة ب�إبطال االلتزام مو�ضوع الإ�شعار للغير الحائز.
ثانيا :المنازعة في مبلغ الدين
ثالثا :المنازعة في ا�ستحقاق الدين
• المنازعة في �شكلية الإجراء
�إن المنازعة في �شكلية االجراء تن�صب على حاالت عدم توفر اال�شعار للغير
الحائز على البيانات الجوهرية التي يجب �أن ينبني عليها وهي حاالت غير محددة
274
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
قانونا ،بل ان العمل الق�ضائي هو الذي يفرزها كعدم اال�شارة في االجراء �إلى
طبيعة الدين والذي يجب �أن يكون دينا ممتازا و�أن يكون م�ستحقا .ليتمكن الحائز
من دفع الم�س�ؤولية عنه ،على اعتبار �أحكام الت�ضامن تفر�ض عليه الت�أكد من ذلك
مطالبة القاب�ض بالإدالء بم�ستخرج جدول ال�ضريبة لمعرفة نوع ال�ضريبة و�سنة
فر�ضها وتاريخ ا�ستحقاقها.
خاتمة
لقد �أبانت التجربة العملية من خالل تطبيق هذا الإجراء عن بع�ض الإ�شكاالت،
�إال �أن �أكثر الإ�شكاليات التي يمكن ا�ستعرا�ضها نظريا والتي �سبقت �إثارتها في العمل
الق�ضائي المقارن لم تجد طريقها بعد �إلى المحاكم الإدارية لأ�سباب عدة منها:
تردد الحائزين واالغيار �أنف�سهم في مخا�صمة هذا الإجراء �أمام الق�ضاء ومنها
كذلك الدور الباهت لباقي المتدخلين في الرفع من م�ستوى النقا�ش �إن على
م�ستوى الدفاع �أو على م�ستوى الفقه ،وفي غياب ذلك تبقى نجاعة هذا الإجراء
في التح�صيل م�ستمرة.
275
دفاتر المجلس األعلى
يفتر�ض ،في الدولة الع�صرية� ،أن تكون المهام الأ�سا�سية للقاب�ض هي تدبير
الأموال النقدية والأوراق المالية التي يحملها �إليه الملزمون ،للوفاء بديونهم
ال�ضريبية ،ومنح الإي�صاالت و�ضبط المحا�سبة تحت الم�س�ؤولية الإدارية لر�ؤ�سائه
الإداريين والم�س�ؤولية المالية لر�ؤ�سائه الماليين ،والم�س�ؤولية الق�ضائية للمجل�س
الأعلى للح�سابات .وال ي�ضطر �إلى متابعة المتقاع�سين عن الأداء �إال ا�ستثناءا.
وذلك تحت الم�س�ؤولية الق�ضائية للق�ضاء الإداري� ،أوالمدني� ،أوالتجاري،
و�أحيانا الق�ضاء الجنائي كذلك.
�إال �أنه نظرا لتف�شي ظاهرة التمل�ص ال�ضريبي ،وغياب ثقافة المواطنة الجبائية
لدى الكثير من المواطنين ،ف�إن م�س�ؤولية القاب�ض ازدادت تعقيدا .ففي حين نرى
�أنه ي�ضطر �إلى القيام ب�إجراءات �إدارية وقانونية معقدة ب�إمكانيات ب�شرية ومادية
محدودة للتو�صل �إلى المبتغى .في المقابل ،نجد �أن الملزم له مجال �أو�سع
للتن�صل من �أداء ال�ضريبة .ومع ذلك ح�ضي هذه الأخير بالحماية من قبل الفقه
الجبائي وبع�ض الق�ضاء حتى و�صفت م�ؤ�س�سة القاب�ض ب «جبروت الإدارة»
وو�صف الملزم ب «الطرف ال�ضعيف».
�إننا ال نجازف �إن قلنا �أن العك�س هو ال�صحيح ،و�أن القاب�ض هو الذي يجب
�أن يتمتع بالحماية خا�صة عندما نالحظ �أن القانون ال�ضريبي وقانون التح�صيل ،بما
276
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�أنهما يهتمان بالمال العام ،ف�إنهما يت�ضمنان منطقا خا�صا ي�ستوجبا العناية والأولوية
في التحليل لتطبيق هذا النوع من القانون تطبيقا �صحيحا.
ولكي نو�ضح هذا الأمر �أخذنا بالدرا�سة بع�ض الإجراءات التي و�ضعها القانون
لحماية الدين ال�ضريبي .ومنها �أن مدونة التح�صيل تجبر �أ�شخا�ص �آخرين من غير
الملزم لأداء الدين ال�ضريبي �إما ب�إحاللهم محله �أو بجعلهم مت�ضامنين معه اتجاه
الخزينة� .سوف نتناول هذا المو�ضوع من خالل ال�ضمانات التي يجب �أن يتوفر
عليها القاب�ض والكل في مبحثين.
المبحث الأول :مكانة الدين ال�ضريبي في القانون الجبائي
المبحث الثاني :الو�سائل الواقعية والقانونية لحماية الدين ال�ضريبي
المبحث الأول :مكانة الدين ال�ضريبي في القانون الجبائي
الأ�صل �أن ال�ضريبة محمولة ويجب �أن ت�ؤدى في وقتها ومن طرف من يجب
�سواء كان الملزم بال�ضريبة هو نف�سه الذي يجب عليه �أداءها �أو طرف �آخر يجتبيها
لفائدة الخزينة .وبما �أن هذا الأمر يعد واجبا وطنيا ول�صالح الجميع ف�إن �أطرافا
�أخرى قد ت�ستدعى للتعاون لأداء ال�ضريبة الم�ستحقة قانونا.
ولكي ن�ستوعب هذا الأمر البد �أن نتعرف �أوال عن القوة التنفيذية التي يتمتع
بها الدين ال�ضريبي.
الفقرة الأولى :القوة التنفيذية للدين ال�ضريبي
ال يخفى على �أحد ما �أ�صبحت ت�شكله المداخيل ال�ضريبية من ن�سبة عالية
في مداخيل الدولة ،خا�صة بعد اعتماد الحكومة المغربية م�ؤخرا على الموارد
الداخلية بدل الموارد الأجنبية من جهة وبعد �أن �أ�صبحت ال�ضرائب ت�شكل المورد
الجبائي الأ�سا�سي بعد تراجع الموارد الجمركية من جهة ثانية .وهذا وحده كاف
لتبيان �أهمية الدين ال�ضريبي في ميزانية الدولة وكذا في توازن المجتمع المغربي.
ف�ضال عن ذلك ف�إن هذا الدين ي�ستمد قوته التنفيذية من عدة م�صادر منها القانون
ومنها الإجراءات الم�سطرية والإدارية التي ت�سبق التح�صيل� .إذ �أن القانون وحده
277
دفاتر المجلس األعلى
ال يكفي لتحقيق الإلزام ال�ضريبي ولكن كذلك الإجراءات الإدارية المتنوعة التي
يقوم بها المفت�ش ور�ؤ�سائه قبل الفر�ض ال�ضريبي والإجراءات التي يقوم بها القاب�ض
ور�ؤ�سائه للمطالبة بالدين.
�أوال -القانون كم�صدر القوة التنفيذية لل�ضريبة
فح�سب الف�صل 8من مدونة التح�صيل :
«تذيل جداول ال�ضرائب ...بمجرد �إ�صدارها ،ب�صيغة التنفيذ من طرف الوزير المكلف
بالمالية �أو ال�شخ�ص الذي يفو�ضه لذلك».
وهكذا ف�إن وزير المالية ب�صفته ع�ضوا في الحكومة وم�س�ؤوال عن تنفيذ ال�سيا�سة
المالية للدولة هو الذي يعطي للإ�صدار ال�ضريبي تلك الخا�صية التنفيذية عن طريق
تذييل الجداول ال�ضريبية ب�صيغة التنفيذ �أو يفو�ض هذا الأمر لغيره من الم�س�ؤولين.
وعندما يقوم بهذا الأمر ف�إنه يقوم به في �إطار قانون التح�صيل.
ثانيا -الإجراءات الم�سطرية والإدارية الم�ؤ�س�سة للدين ال�ضريبي
ي�أتي الإ�صدار ال�ضريبي �إثر عدد من العمليات القانونية التي يقوم الملزم �أو
الإدارة �أو هما معا .فهناك بع�ض ال�ضرائب التي ت�صدر بناء على معاينة مبا�شرة
من طرف الإدارة و�أخرى �صادرة بناء على ت�صريحات الملزم نف�سه .و�أحيانا
يكون الإ�صدار ال�ضريبي ناتجا عن مراقبة محا�سبية وعن تبادل للحجج بين الإدارة
والملزم .ولكل حالة م�سطرة يحددها القانون .ف�إذا �سلمت الم�سطرة وكان التقدير
منا�سب فلي�س هناك �أي مبرر لعدم �أداء ال�ضريبة.
هذا بالإ�ضافة �إلى �أن القاب�ض قبل �أن يت�سلم ال�سند التنفيذي ف�إنه يراقب ال�شرعية.
ذلك �أن هذا الأخير ال يمكنه �أن ي�أخذ على عاتقه المبلغ المراد تح�صيله �إال �إذا
ت�أكد من �أن الدين ال�ضريبي من�صو�ص عليه في القانون ال�ضريبي ،و�أنه مدرج في
ميزانية الدولة ،و�أن الجدول الذي يحمله موقع عليه من الآمر المخت�ص ويت�ضمن
البيانات الالزمة كما �أن الت�صفية موافقة ل�سعر ال�ضريبة القانوني و�أن ال�ضريبة غير
متقادمة بالن�سبة لوعائها.
278
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
بناءا على المعطيات ال�سالفة الذكر ف�إن احتمال �أن يكون ال�سند ال�ضريبي مبني
على المبالغة �أو الجور �أو الخط�أ احتمال �ضعيف ويقت�ضي قبل البت فيه التحقق
من ذلك با�ست�شارة الإدارة .وهذا ما يجعل ال�سند التنفيذي للدين ال�ضريبي يخت�ص
بامتياز هائل هو الذي يف�سر طبيعة الإجراءات التي �سوف نناق�شها في الفقرات
الموالية.
الفقرة الثانية :تجليات قوة الدين ال�ضريبي في م�سطرة الإ�شعار
للغير الحائز
�إن غاية الم�شرع من �إ�ضفاء الطابع التنفيدذي على ال�سند ال�ضريبي هي �أن يجعل جزء
من الأموال التي يحوزها الملزم �أوغيره يعود �إلى الخزينة كم�ساهمة في تحمل �أعباء الدولة
في �شكل دين �ضريبي على الملزم لفائدة الخزينة.
وبما �أن هذا الجزء من المال يعود �إلى الخزينة بمقت�ضى ال�سند التنفيذي ف�إنه
يتعين على الملزم �أن ي�ؤديه طوعا .كما �أنه� ،أحيانا ،على الغير الحائز �أن ي�ؤديه بدل
عن الملزم �سواء بطلب من القاب�ض في �إطار الإ�شعار للغير الحائز �أو بدون طلب
في �إطار ت�صفية التركة �أو غيرها.
على هذا الأ�سا�س يعتبر الإ�شعار للغير الحائز و�سيلة لأداء ال�ضريبة مثله مثل
الأداء الطوعي �أو االقتطاع من المنبع خا�صة �أنه يمتاز بالطابع الفوري لتنفيذه.
�إن ال�س�ؤال الذي ظل مطروحا من طرف الفقه ال�ضريبي هو ما الفرق بين
الإ�شعار للغير الحائز والحجز لدى الغير ؟ واليوم كذلك نطرح هذا ال�س�ؤال من
جديد لأن �إجالء الغمو�ض عن الفرق بين الإجراءين هو ال�سبيل �إلى �إعطاء م�سطرة
التح�صيل حقها من العناية.
يعتقد بع�ض الفقه �أنه ال فرق بين الإجرائين من حيث المبد�أ بل �أن الفرق بينهما
في التطبيق لي�س �إال ،غير �أن الحقيقة عك�س ذلك تماما.
ويمكن �أن نالحظ هذا الأمر من خالل ما يلي:
279
دفاتر المجلس األعلى
280
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
281
دفاتر المجلس األعلى
�أن يقدر �أوال و�أن يتحمل الملزم م�س�ؤولية هذا ال�ضرر �إذا كان هو المت�سبب فيه
بتقاع�سه عن الأداء.
والخال�صة �أن الإ�شعار للغير الحائز رغم قانونيته ورغم ما يبرره من كونه
و�سيلة لأداء الدين ال�ضريبي الم�ستحق قد ال يقبله الملزم ب�سهولة .لهذا وجب
على الإدارة والق�ضاء التعاون من �أجل ن�شر الثقافة الجبائية المواطنة في المجتمع.
ولكي يتعود الملزمون على هذا الإجراء الذي �أ�صبحت تلج�أ �إليه الإدارة تماما كما
تعودوا بدون �أي حرج على االقتطاع في المنبع وعلى االحتفاظ بمبلغ ال�ضرائب
من طرف الموثقين والم�صفين وكتاب ال�ضبط وق�ضاة التنفيذ ق�صد �أداء الدين
ال�ضريبي قبل كل �شيء.
المبحث الثاني :الو�سائل القانونية والواقعية لحماية الدين
ال�ضريبي
�إن الدين ال�ضريبي المتمتع بهذه االمتيازات يحتاج �إلى حماية �سواء من طرف
القانون �أوالإدارة �أو الق�ضاء .والحماية الق�ضائية تتمثل في تف�سير وتطبيق القانون
مع اللأخد بعين االعتبار االكراهات التي تحكم عمل القاب�ض في مجالين.
المجال الأول :يتعلق باالكراهات التي تميز ن�شاط القاب�ض فيما يتعلق بالتقادم
المجال الثاني :الم�شاكل التي تعتر�ض القاب�ض فيما يتعلق بمتابعة المت�ضامنين
الفقرة الأولى � :إ�شكالية حماية الدين ال�ضريبي من التقادم
من المعلوم �أن حق القاب�ض في المطالبة بالدين ال�ضريبي ي�سقط بعد مرور �أربع
�سنوات دون �أن يقوم ب�أي �إجراء للمطالبة بالدين .وهذا الأمر معروف ومنظم
من طرف القانون لتنظيم العالقة بين �أطراف العملية ال�ضريبية تفاديا للفو�ضى في
المعامالت.
ويبتذ�أ احت�ساب �أجل التقادم من تاريخ و�ضع الجدول �أو الأمر بالتح�صيل قيد
اال�ستخال�ص .وفي حالة �إنقطاع �أجل التقادم ب�سبب من الأ�سباب في تاريخ ما يبتد�أ
احت�ساب �أجل جديد للتقادم.
282
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وفي مادة تح�صيل ال�ضرائب ينقطع التقادم ب�شتى الو�سائل .منها ما تن�ص عليه
مدونة التح�صيل نف�سها وهي الإندار القانوني والحجز والبيع والمتابعات الق�ضائية
للتح�صيل الجبري بالإ�ضافة �إلى الإ�شعار للغير الحائز .ومنها الم�ساطر المذكورة
في قانون االلتزامات والعقود وخا�صة المادتين 381و.382
لقد �أح�صينا في ملفات المنازعات الجبائية بالدارالبي�ضاء انه في كل �سنة حوالي
40بالمائة من الملفات التي تخ�سرها الإدارة تكون ب�سبب تقادم �إجراءات التح�صيل
وهي ن�سبة جد معبرة.
و�إذا كان القبا�ض في بع�ض الأحيان يتركون مدة التقادم وقدرها �أربع �سنوات
تمر دون �أن يقوموا ب�إجراءات التح�صيل نظرا لعدة �أ�سباب ،ترجع بالأ�سا�س �إلى
قلة الموارد الب�شرية ،ف�إنه في كثير من الأحيانا يعود �سبب خ�سران هذه الق�ضايا �إلى
عدم العثور على الملزمين نظرا لما له�ؤالء من �إمكانيات التهرب .وفي المقابل
يواجه القاب�ض من طرف الق�ضاء بق�ساوة في تطبيق القانون.
وهذه بع�ض الأمثلة :
المثال الأول :م�س�ألة �إ�شعار الملزم بالدين ال�ضريبي ح�سب المادة 36
«ال يمكن مبا�شرة التح�صيل الجبري �إال بعد �إر�سال �آخر �إ�شعار للمدين دون �صوائر؛
ويجب تقييد تاريخ �إر�سال هذا الإ�شعار في جدول ال�ضرائب والر�سوم �أو في �أي �سند
تنفيذي �آخر .ويعتد بهذا التقييد ما لم يطعن فيه بالزور».
هذه المادة تت�ضمن �شقين :
ال�شق الأول :وهو �إجبارية �إر�سال �آخر �إ�شعار للمدين.
وهنا يجب �أن نعلم �أن الأمر يتعلق ب�آخر �إ�شعار �أي �أن هناك �إ�شعار �أولي
ي�سمى الإعالم ال�ضريبي .والإ�شعاران يتم �إر�سالهما بالبريد العادي نظرا لكثرة
الإ�شعارات من جهة ونظرا كذلك لطابعهما الإعالمي ولو كان المدين يعلم م�سبقا
بوجود الدين .والهدف من هذا الإجراء هو �أال يبقى �أي �سبب يتعذر به الملزم
283
دفاتر المجلس األعلى
في حالة تعر�ضه لم�سطرة التح�صيل الجبري .ومع ذلك ف�إن الم�شرع لم يركز على
وجوب تبليغ الإ�شعار المذكور بطريقة التبليغ القانوني لأن هذه الطريقة �سوف
يفر�ضها الم�شرع في الإنذار القانوني.
لكن العمل الق�ضائي عرف ارتباكا في هذا الأمر .فمن الأحكام من اعتبر ان
الإ�شعار يجب �أن يبلغ بطريقة قانونية ومنها من اعتبر هذا الإجراء قاطع للتقادم.
ومن الأحكام من اعتبرت �أن مجرد تدوين تاريخ الإر�سال ال يعني التو�صل...
ال�شق الثاني من هذه المادة يتعلق بكيفية �إثبات �إر�سال الإ�شعار بدون �صائر.
ف�إذا كانت عبارات القانون �صريحة بحيث يتعين على القاب�ض تقييد تاريخ �إر�سال
الإ�شعار بجدول ال�ضريبة و�أن هذا التقييد يعتد به ما لم يطعن به بالزور ف�إن
الم�شرع اعتبر �أن القاب�ض موظف محلف و�أن الإر�سال بالبريد العادي يمكن �أن
يثير ال�شكوك لذلك قام بحماية القاب�ض عندما جعل التقييد المذكور �صحيحا ما
لم يطعن فيه بالزور.لكن الق�ضاء في بع�ض الأحيان �أمر ب�إجراء بحوث للت�أكد من
وجود التقييد بالجدول ولو لم يطعن الملزم في ذلك التقييد بالزور.
المثال الثاني :يطلب من القاب�ض �إثبات عدم العثور على الملزم �أو رف�ض �إعطاء
البطاقة الوطنية �أو عدم وجود �أي �أحد بالمحل �إلى غيرها من الإثباتات في حين �أن
الملزم هو الذي يجب �أن يثبت �أنه �أخبر القاب�ض بالعنوان الجديد في حالة تغييره
�أو �أنه متواجد با�ستمرار و�أن القاب�ض هو الذي لم يقم بالالزم.
المثال الثالث :كما يطلب من القاب�ض �أحيانا �أن يبلغ للملزم الإ�شعارات
واالنذارات عن كل �ضريبة على حيدة في حين �أن المدونة وكذا الدورية التي
تت�ضمن كيفية تطبيق المدونة يرغمان القاب�ض على �أن يجمع جميع الديون ويخبر
بها الملزم .لأن القاب�ض ال يهمه كثيرا تفا�صيل كل دين بقدر ما يهمه مبلغ الديون
التي يجب تح�صيلها من الملزم( .مبد�أ ال�شمولية) فالمادة 38من مدونة التح�صيل
تن�ص على ما يلي :
284
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ي�شمل التح�صيل الجبري مجموع المبالغ الم�ستحقة الواجبة على نف�س المدين.
نف�س الأمر بالن�سبة لتعليق الإ�شعار بالمحل الذي لم يعثر في القاب�ض على
الملزم.فالقانون وا�ضح �إذ يعتبر العون الق�ضائي محلف وم�ؤمن على الإجراء
�إلى �أن يثبت العك�س .وهكذا ف�إن التعليق ال يمكن �إثباته بعد مرور �سنين على
ممار�سته.
المثال الرابع :م�س�ألة تقديم الطلب الإداري قبل رفع الدعوى
�إن الطلب الإداري يتيح للقاب�ض ب�أن يبين للملزم قانونية الإجراء ويمنح الفر�صة
للقاب�ض ب�أن يجد حلوال لعدة م�شاكل .لكن رف�ض الطلب الإداري معناه تحويل
�إثبات التقادم �إلى القاب�ض بدل �أن يثبته الملزم الذي يدعيه.
من جهة �أخرى ف�إن الطلب الإداري يعلق �أجل التقادم مثله مثل عدم �إمكانية
القيام بالتح�صيل لظروف ا�ستثنائية �أو وجود رهون لفائدة الخزينة.
ثانيا -الإجراءات المختلفة لقطع التقادم
�إن الم�شرع لم يقيد القاب�ض بو�سيلة واحدة لقطع التقادم بل �إنه �أتاح له �إمكانية
اال�ستفادة من و�سائل قطع التقادم المذكورة في قانون االلتزامات والعقود.
ونعتقد �أن الهدف من وراء ذلك هو عدم غل يد القاب�ض وتمكينه من جميع
الو�سائل المتاحة قانونا لحماية الدين ال�ضريبي والت�أكد من تهاون المتهاونين وتقاع�س
المتقاع�سين ليمر �إلى الإجراء الموالي .وهكذا نرى �أن �أي �إجراء يقوم به القاب�ض
في هذا الإطار �إال ويجب �أن يترجم كو�سيلة قاطعة للتقادم.
ومن هذه الإجراءات مثال الرهن الذي يقع على الأ�صل التجاري �أو العقار فال
يوليه الملزم �أي اهتمام بل يتحين فر�صة التراخي ليطالب ،في مقال ال ت�سبقه �أية
مطالبة �إدارية ،برفعه والت�صريح بالتقادم.
كما �أن الطلب الإداري يجب �أن يقطع التقادم مثله مثل الأداء الجزئي للدين
ال�ضريبي كله ولي�س فقط ل�ضريبة واحدة ذلك �أن بع�ض الق�ضاء اعتبر �أن �أداء جزء
285
دفاتر المجلس األعلى
من �ضريبة ما يقطع �سوى التقادم المتعلق بهذه ال�ضريبة لكننا نرى �أن مبد�أ ال�شمولية
المذكور �أعاله يجعل �أداء جزء من الدين المت�ضمن لم�ستخرج الجداول الم�سلم
للملزم ي�سري على جميع المبالغ التي يت�ضمنها الم�ستخرج.
�إن الملزم غالبا ما ي�صرح ب�أنه لي�س على علم بالدين ال�ضريبي و�أنه فوجئ به
وذلك رغم �أن الإدارة عند و�ضعها لو�سائل التدبير المعلوماتي للتح�صيل �أدخلت
بع�ض المعطيات يقوم بها الحا�سوب تلقائيا منها مثال طبع الإ�شعار بدون �صائر
بمجرد حلول الأجل �أو طبع الباقي تح�صيله في ذمة الملزم على �أ�سفل كل �إي�صال
قدم للملزم �أو مرا�سلة .لكن بع�ض الق�ضاء اعتبر �أن المدين الذي ي�ؤدي بع�ض
الدين ال يلزم بالباقي �إال �إذا ما تمت الإجراءات من جديد .كما اعتبر في بع�ض
الأحكام �أن الأداء عن طريق الإجبار ال يعد قاطعا للتقادم رغم �أن الملزم في هذه
الحالة يكون على علم يقين بوجود الدين .وفي كل حالة يطلب من القاب�ض وحده
�إثبات قطع التقادم.
الفقرة الثانية :مبد�أ �إ�شراك الجميع في تح�صيل الدين ال�ضريبي
�إن الدين ال�ضريبي ،الذي يعتبر في الدولة الحديثة ماال عاما على النحو الذي
�شرحناه �أعاله ،هو م�س�ؤولية الجميع .ولهذا نظم الم�شرع �أ�ساليب تعاون بع�ض
الأ�شخا�ص مع خزينة الدولة لتح�صيل ال�ضريبة .كما نظم طرق متابعة ه�ؤالء من
طرف القاب�ض في حالة عدم القيام بالواجب .ويمكن مالحظة هذا الأمر من خالل
مبد�أ الت�ضامن في �أداء ال�ضريبة من جهة ودور الم�سيرين والم�صفين في حالة
�صعوبة المقاولة من جهة ثانية.
�أوال -الدين ال�ضريبي م�س�ؤولية الجميع
هناك نوعان من الأ�شخا�ص المدعوون لأداء ال�ضريبة بدل الملزم وهما :
النوع الأول :الأ�شخا�ص الذين يحلون محل الملزم .فح�سب المادة 93من
مدونة التح�صيل ،يعتبر ذوي الحقوق �أي الورثة قبل ت�صفية التركة م�سئولون �أمام
286
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
القاب�ض ويتعين عليهم �أو على من يقوم بالت�صفية �أن ي�ؤدي الديون التي ترتبت
على المورث.
وح�سب المادة 97من نف�س المدونة نجد �أن ال�شركات ال�ضامة �أو التي تنبثق
عن الإدماج �أو االنف�صال �أو التحويل ملزمة ب�أداء مجموع المبالغ الواجبة عن
ال�شركات المنحلة».
كما يلزم الأ�شخا�ص الذين جعل المدينون موطنهم الجبائي في عناوينهم
بموافقتهم ،ب�أن ي�ؤدوا ال�ضريبة باعتبارهم مت�ضامنين في حالة عدم العثور على
الملزمين المختفين.
النوع الثاني من المت�ضامنين هم المذكورون في المواد 94و 95و 96من مدونة
التح�صيل وهم المالك الجديد في حالة تفويت العقار والعدول والموثقون �أو
كتاب ال�ضبط بالمحاكم �أو المفوت لهم للأ�صل التجاري.بالإ�ضافة �إلى المودع
لديهم �أو الحائزين كما رئينا في المبحث الأول.
وهكذا نجد �أن الجميع م�س�ؤول �أمام القاب�ض ومدعو لم�ساندته في مهامه .فال
غرو �إذن �أن يكتفي القاب�ض باالت�صال ب�أحد ال�شركاء فقط لي�ضمن تح�صيل الدين
ال�ضريبي .لكن في حاالت مماثلة طولب من القاب�ض �أن يطبق الم�سطرة على كل
�شريك على حيدة و�إال كانت الم�سطرة معيبة بالن�سبة لبع�ض ال�شركاء في�ستفيدون
من الو�ضعية ويغتنون على ح�ساب البع�ض الآخر.
ثانيا -متابعة م�سيري ال�شركات وم�شكل التح�صيل في �صعوبة المقاولة
�إن القانون المقارن ،في المادة 267من قانون الم�سطرة ال�ضريبية الفرن�سي مثال
ف�إن عدم �أداء ال�ضريبة من طرف الم�سير لعدة مرات فعل كاف العتبار هذا الم�سير
مماطال وبالتالي م�س�ؤوال �شخ�صيا عن ال�ضرائب الغير م�ؤداة من طرف ال�شركة
التي ي�سيرها.
287
دفاتر المجلس األعلى
وبالن�سبة للنظرية الإدارية في المغرب ف�إن الم�سير الذي يرتكب �أفعاال من �ش�أنها
�أن تعرقل التح�صيل ،من غير الأخطاء والإغفاالت غير المتعمدة ،يمكن متابعته
ب�أداء ال�ضريبة بدل ال�شركة� .أما في المادة 98من مدونة التح�صيل ف�إنه �إذا تعذر
تح�صيل ال�ضرائب كيفما كانت طبيعتها والغرامات والزيادات و�صوائر التح�صيل
المرتبطة بها الواجبة على �شركة �أو مقاولة نتيجة �أعمال تدلي�سية مثبتة قانونا� ،أمكن
جعل المدبرين �أو المت�صرفين �أو الم�سيرين الآخرين م�س�ؤولين على وجه الت�ضامن
مع ال�شركة �أو المقاولة عن �أداء المبالغ الم�ستحقة وذلك �إذا لم يكونوا ملزمين
ب�أداء ديون ال�شركة تطبيقا لأحكام �أخرى.
وهكذا ف�إن الم�شرع المغربي �شدد على �إثبات الأعمال التدلي�سية قانونا قبل
متابعة الم�سير الذي يعر�ض دين الخزينة لل�ضياع .وهو �أمر قد ال يتحقق ب�سهولة.
لذا ف�إن ت�ضامن الم�سير يبدو لي �أمرا طبيعيا لأن ال�شركة في نهاية الأمر يتحكم فيها
ال�شخ�ص الطبيعي .وقد �أ�صبح الأ�شخا�ص الطبيعيون ين�شئون �شركات من �شريك
واحد بهدف اال�ستفادة من هذه االمتيازات.
�أما في ميدان �صعوبة المقاولة ،الذي هو ميدان مخالف تمام لهذا المنطق الذي
ر�أيناه �سابقا .فيبدو �أن الدين ال�ضريبي مثله مثل �أي دين �آخر .وللقانون التجاري
الأولوية على قانون التح�صيل.
وقد يجد القاب�ض �صعوبات كثيرة في �إقناع القا�ضي التجاري ب�صواب الدين
ال�ضريبي من حيث القوة التنفيذية التي يخت�ص بها واالمتياز الذي يتمتع به وكذلك
من حيث تاريخ اال�ستحقاق.
فغالبا ما يطلب من القاب�ض الت�صريح بالدين في �أجل معين في حين �أن الم�سطرة
المتعلقة بالمراقبة وم�سطرة التح�صيل ال تمكنانه من �أن يكون في الموعد .وقد
الحظنا بع�ض الأحكام التي ترف�ض الدين االحتمالي النا�شئ عن تطبيق الم�سطرة
المن�صو�ص عليها في المادة 29من مدونة التح�صيل والتي مفادها تقدير مبلغ
ال�ضريبة الذي قد يكون مو�ضوع �سند تنفيذي الحق .فبرر الق�ضاء رف�ض هذه
288
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
باعتبارها نا�شئة في وقت مت�أخر رغم �أن الحقيقة هي �أن الواقعة المن�ش�أة لل�ضريبة
تعود �إلى تاريخ �سابق وما تقوم به الإدارة لي�س �إن�شاء الدين ولكن مراجعة له.
ومن الحاالت التي ت�شغل بال القاب�ض في ال�سنوات الخيرة هو م�آل طلبه برفع
ال�سقوط لدى القا�ضي التجاري.
�إن الدين ال�ضريبي دين امتيازي من درجة خا�صة يتعين على الم�شرع �أن يجعل
من ح�ضور القاب�ض في م�سطرة الت�سوية �أو الت�صفية� ،ضرورة ملحة .وذلك من
خالل �إبالغه في جميع مراحل الت�سوية دون االعتماد فقط على الجريدة الر�سمية.
فهذه الو�سيلة من الإخبار تتجه �إلى الدائنين االمتيازيين �أو غير االمتيازيين الذين ال
يعرفهم القا�ضي ذاتا و�صفة .لكن القاب�ض وهو يمثل الدولة ف�إن جل التجار مدينين
له ب�ضرائب مختلفة مما ي�ستدعي ح�ضوره في جميع الق�ضايا من هذا النوع.
خال�صة :
�إن الم�شرع المغربي بعد �أن و�ضع القواعد العامة �سنة 1915و�ضع بعد ذلك
قواعد خا�صة للتح�صيل .وهذه القواعد الخا�صة و�ضعها على مراحل من خالل
محطات ت�شريعية مختلفة بهذف التنظيم والتحيين وم�سايرة الم�ستجدات منها
ظهير 1924ظهير 1935ومر�سوم 1967ومدونة التح�صيل �سنة 2000ومدونة
ال�ضرائب مرورا بعدد من القوانين المنظمة لمهنة القاب�ض فيما يتعلق ب�أداء اليمين
والت�أمين والمراقبة من طرف الإدارة ومفت�ش الخزينة ومفت�ش المالية والقا�ضي
المالي والقا�ضي الجنائي وغيرهم .وكل هذه القوانين الخا�صة مو�ضوعة ل�ضمان
امتياز الدين ال�ضريبي لتح�صيله في �إطار القانون مع حفظ ال�ضمانات المخولة
للملزم للمنازعة في م�شروعية الدين �أو في م�سطرة فر�ضه �أو تح�صيله.
289
دفاتر المجلس األعلى
مقدمة
تلعب الخبرة( )1دورا طالئعيا في تنوير العدالة بما لها من �أهمية على م�ستوى
الف�صل بين حقوق الملزمين من جهة وحقوق الخزينة من جهة �أخرى .ومعلوم
�أن الخبرة هي مهمة تقنية مح�ضة يقوم بها الخبير ال�ستجالء الغمو�ض الذي قد
يكتنف الملفات ال�ضريبية .وان كان الق�ضاء غير ملزم بالتقيد بنتائجها �إذ انه ح�سب
المادة 66من ق.م.م ال يلزم القا�ضي بالأحد بر�أي الخبير .ويبقى له الحق في
تعيين �أي خبير �آخر من �أجل ا�ستي�ضاح الجوانب التقنية في النزاع و�أكثر من ذلك
ف�إن المحاكم الإدارية توجهت في اغلب الأحيان �إلى �إجراء جل�سات البحث ولو
بمكتب القا�ضي المقرر ل�شرح ما جاء في م�ضمون الخبرة الح�سابية ،وفي المعايير
المعتمدة لتحريرها و�شخ�صيا �أميل �إلى االتجاه الذي ال يعتبر الخبرة كو�سيلة من
و�سائل �إثبات االلتزامات الملقاة على �أحد الخ�صوم.فهي و�سيلة فقط لتو�ضيح
الأمور �إذ البد �أن يكون فيها الق�ضاء محايدا( .)2وال يحول ذلك دون ا�ستعمال
( )1الخبرة �أعيد تنظيمها �ضمن المهن الق�ضائية لم�ساعدي الق�ضاء ظهير �شريف رقم 1/01/126ال�صادر في 29ربيع
الأول 1422الموافق 2001/6/22بتنفيذ القانون رقم 45-00المتعلق بالخبراء الق�ضائيين من�شور بالجريدة
الر�سمية عدد 4918في 27ربيع االخر 1422الموافق 2001/7/19والدي يعتبر في مادته الأولى الخبراء
الق�ضائيون من م�ساعدي الق�ضاء.
( )2ي�شرح �أدان بيدان وبروا معنى الحياد بمعنى لي�س عدم التحيز .importialitéف�إن هذا واجب بداهة على القا�ضي
بل معناه �أن يقف القا�ضي �سلبيا من كال الخ�صمين على حد �سواء � neutralitéأورده ال�سنهوري ،الو�سيط،
الجزء الثاني� ،ص .218
290
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الق�ضاء ل�صالحياته في �إدارة الدعوى وا�ستكمال الأدلة .ومن هنا خول الم�شرع
للقا�ضي �أن ي�أمر الإدارة بالح�ضور بوا�سطة ممثلها القانوني للبحث معها واالنتقال
للمعاينة �أو انتداب خبير.
الجميع يتفق على �أن الخبرة في المجال ال�ضريبي تبقى ك�إجراء ا�ستثنائي
ينح�صر اخت�صا�صها في الم�سائل التقنية المرتبطة بالمحا�سبة والت�شريع المغربي
يعتبرها من و�سائل التحقيق المنظمة في الباب الثالث من قانون الم�سطرة المدنية
المغربي(الف�صول 55وما بعده ق.م.م ) .ولعل من �أهم مبررات اللجوء �إلى
الخبرة في الق�ضاء الإداري هي كون الإدارة عامة والإدارة ال�ضريبية على وجه
الخ�صو�ص تحتكر الوثائق وتحوز الم�ستندات لن تقدمها طواعية .ومن هنا برزت
�أهمية الدور الإيجابي الذي ينبغي �أن يلعبه الق�ضاء الإداري في �إدارة الدعوى
الق�ضائية(.)3
نطاق الخبرة
ف�إذا كانت المحكمة الإدارية غير ملزمة باال�ستجابة �إلى طلب الخ�صوم ب�إجراء
خبرة ما دامت تتوافر على العنا�صر الكافية للبت في النزاع ال�ضريبي �شانها في
ذلك �ش�أن اللجان الإدارية للتقييم ال�ضريبي( .)4ف�إنها غير ملزمة �أي�ضا بااللتزام
بالر�أي الذي انتهى �إليه الخبير في الدعوى ،فلها �أن ت�أخذ به كامال ،ولها �أن تقبله في
جزء منه ولها �أن ت�ستبعده .و�إذا كان دور الخبير يكمن في الم�سائل ذات الطبيعة
الفنية التقنية ال يلجا �إليه في الم�سائل القانونية .ما عدا �إذا كانت الخبرة تنطلق من
مقت�ضيات قانونية لتطبيقها على ار�ض الواقع كان يعهد لخبير لمعاينة الم�ساحة
المبنية المغطاة للت�أكد من �سقف الإعفاء 300م م مغطى �إ�ضافة �إلي �شرط الإعفاء
الآخر المتمثل في ال�سكن لمدة � 4سنوات لال�ستفادة من �إعفاء ال�ضريبة على القيمة
( ) 3الدكتور عبد العزيز عبد المنعم خليفة ا�ستاذ القانون العام المنتدب بكلية الحقوق المحامي بالنق�ض والإدارية
العليا بم�صر� ،صفحة ،28دار الفكر الجامعي� ،شارع �سوت ير ،الإ�سكندرية ،طبعة .2008
( )4اللجنة الوطنية غير ملزمة باال�ستعانة بخبرة لأنها ت�ضم من بين �أع�ضائها مخت�صين وتقنيين في المجال وتتوافر
على الدراية الالزمة...حكم عدد 5/2009/658عن �إدارية مكنا�س في الملف�5/2009/658ش �صدر في
� 2010/11/11شركة الكور �ضد �إدارة ال�ضرائب.
291
دفاتر المجلس األعلى
الم�ضافة على ما يقدمه ال�شخ�ص لنف�سه من بناء� ،أو م�س�ألة تو�سيع ر�أ�سمال ال�شركة
للت�أكد من ن�سبة واجبات الت�سجيل المطبقة على عقد الزيادة في ر�أ�سمال ال�شركة.
ومن هنا فجانب من الفقه يرى في الخبرة و�سيلة �إثبات مبا�شرة(� )5أو غير مبا�شرة.
ومنهم من يرى �أن لها دور كا�شف �أو التمام معلومات لدليل قائم .بل الخبرة
ت�ستخدم في نظرهم لتقدير �سالمة بع�ض الأدلة(.)6
الكل يتفق �أن الق�ضاء الإداري هو الذي يبت في الأمور القانونية الجبائية دون
الخبرة فما هي �أهم الإ�شكاليات العملية الناتجة عن الخبرة الق�ضائية ؟ �أو المرتبطة
بالخبرة الح�سابية يمكن �إجمالها في م�سالة تعيين الخبير المخت�ص وفي م�سالة
التجريح فيه وفي م�سالة التقيد بما جاء في الحكم التمهيدي وفي م�سالة اعتماد
حجج ووثائق ثبوتية من طرف الخبير المحا�سب لم ي�سبق للملزم �أن �أدلى بها
للإدارة الجبائية وفي م�سالة �سلطة المحكمة في الأخذ بنتائج الخبرة
تلك هي المحاور التي �سنحاول التطرق �إليها من خالل هذا العر�ض
المتوا�ضع
الإ�شكالية الأولى
292
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الأولى انه �إذا لم يت�أت للخبير القيام بالمهمة الم�سندة �إليه �أو لم يقبل القيام بها
عين القا�ضي خبيرا بدال منه و�أ�شعر الأطراف فورا بهذا التغيير لكن المادة 242من
المدونة العامة لل�ضرائب في فقرتها ال�ساد�سة المدخلة بموجب المادة 7من قانون مالية
2009جاءت لتقيد �صالحيات الق�ضاء الإداري في هذا المجال لتن�ص «انه يجب على
الخبير المعين من طرف القا�ضي �أن يكون م�سجال في جدول هيئة الخبراء المحا�سبين �أو
في الئحة المحا�سبين المعتمدين».
وبذلك تكون هذه المقت�ضيات القانونية قد �أق�صت من دائرة الخبرة الق�ضائية
الخبراء الغير مخت�صين في مجال المحا�سبة والغير مدرجة �أ�سمائهم في جدول
الخبرة كمحا�سب .وهل مقت�ضيات المادة المذكورة تتحدث فقط عن الطعن
الق�ضائي �ضد مقررات اللجان ال�ضريبية الإدارية ؟ �أم عن جميع المنازعات دات
ال�صلة بالمنازعة ال�ضريبية ولو في حالة الفر�ض التلقائي؟
حيث يحدث �أحيانا �أن تنتدب المحكمة خبير مخت�صا في المعاينات العقارية
والتقويمات للت�أكد من القيم الحقيقية لبع�ض البيوعات العقارية ،فتجرحه �إدارة
ال�ضرائب بدعوى انه لي�س حي�سوبيا �أو غير معتمد في المحا�سبة وتعيينه مخالف
لمقت�ضيات المادة 242في فقرته ما قبل الأخيرة ،فترد المحكمة طلبات التجريح
هاته بالرف�ض وال تقبل مثل هذه الطلبات مادام الخبير العقاري محلف ومدرج
ا�سمه في جدول وزارة العدل ولي�س هذا الطلب داخال في �أ�سباب التجريح
المن�صو�ص عليها بالف�صل 62من ق.م.م الذي يتحدث عن القرابة القريبة �أو
الأ�سباب الخطيرة المبررة للتجريح.
ونطرح �أي�ضا الت�سا�ؤل من هم الخبراء المعتمدين من طرف الدولة والمعايير
المعتمدة في اختيارهم.؟ وما هي الفوارق بينهم وبين باقي الأ�شخا�ص الدين
يقومون بالمحا�سبة ولديهم ائتمانيات fiduciairesما دامت المحكمة في كل ملف
عينوا فيه جميعا ي�ؤدون اليمين القانونية على �إنجاز مهامهم بكل تجرد وا�ستقالل ما
لم يعفوا من ذلك اليمين باتفاق الأطراف(.)7
( )7الف�صل 59من قانون الم�سطرة المدنية المغربي و�صيغة اليمين هي (�أق�سم باهلل العظيم �أن �أ�ؤدي مهام الخبرة
المعهود بها �إلى ب�أمانة و�إخال�ص ونزاهة و�أن �أبدي ر�أيي بكل تجرد وا�ستقالل وان �أحافظ على ال�سر المهني) و�إذا
كان الخبير م�سجال في الجدول ال تجدد يمينه.
293
دفاتر المجلس األعلى
()8
وللجواب عن ال�س�ؤال الم�شار �إليه :هل الخبير المحا�سب �أو الخبير المعتمد
يجب تعيينه فقط بمنا�سبة الطعن في مقرر اللجنة الوطنية مادام الم�شرع ال�ضريبي
في المادة 242المذكورة �أ�شار �إلى تعيين هذين الخبيرين بمنا�سبة تطرقه لم�سطرة
الطعن في مقررات اللجنة الوطنية للتقييم ال�ضريبي ؟ .الم�شرع ح�سب المادة
242ق�صد المحا�سبين المنتمين �إلى هيئة الخبراء المخت�صين باالفتحا�ص وتدقيق
الح�سابات وهم منظمين في هيئة يكونون م�س�ؤولين عن �أعمالهم الح�سابية فقط ال
�أمام المحكمة فح�سب ،بل �أي�ضا �أمام هيئة الخبراء المحا �سبين نف�سها ناهيك عن
االخالالت المهنية التي تخ�ضع للت�أديب من طرف لجنة وزارة العدل(.)9
وانه �إذا �سايرنا �إدارة ال�ضرائب فهي ترغب في �أن يكون الخبير المنتدب �إما
من المحا�سبين في تدقيق الح�سابات و�إما من المعتمدين من طرف الدولة �شريطة
�أدائهم اليمين القانونية ما لم يكونوا م�سجلين في جدول الخبراء.
وفي نظرنا ف�إن المحكمة ملزمة بالتقيد بالمادة � 242إذا كان الطعن ين�صب على
مقرر اللجنة الوطنية وفيما عدا ذلك تقدر كل حالة بقدرها فهي وان كانت ملزمة
�أدبيا بالتقيد بمقت�ضيات المادة 242الم�شار �إليها تبقى لها ال�صالحية في اختيار �أي
خبير منا�سب يمكنه �أن ينجز الخبرة بال�سرعة والفعالية المطلوبين وبالدقة والإتقان
المرغوب فيهما .وان ذلك ال يتعار�ض مع مقت�ضيان قانون الم�سطرة المدنية الذي
( ) 8قرار لوزير العدل رقم � 1081-03صادر في 2003/6/13بالحريدة الر�سمية عدد 5121في 2003/6/30يحدد
بموجبه �أنواع الخبرة والمقايي�س الالزمة للت�سجيل في جداول الخبراء الق�ضائيين في المحا�سبة.
الفرع الأول :تتعلق بالخبراء في تدقيق الح�سابات ومراقبتها والم�صادقة عليها AUDITفي ال�ش�ؤون الجبائية
و�صعوبات المقاوالت و�شروطها الح�صول على دبلوم وطني لخبير محا�سب �أو ما يعادله مع تجربة � 5سنوات
على الأقل من العمل الفعلي في هذا التخ�ص�ص ويثبت ذلك باالدالء ب�شهادة من الجهة المخت�صة تثبت الممار�سة
الفعلية في هذا التخ�ص�ص و�شهادة التقييد في هيئة الخبراء المحا�سبين بالمغرب �أو في جدول هيئة الخبراء
المحا�سبين المعتمدين.
الفرع الثاني :الخبراء في المحا�سبة ي�شترط فيها �شهادة وطنية لل�سلك الثالث في االقت�صاد وتدبير المقاولة �أو ما
يعادلها مع تجربة � 10سنوات على الأقل من العمل الفعلي في هذا التخ�ص�ص ويثبت ذلك بالإدالء ب�شهادة من
الجهة المخت�صة تثبت الممار�سة الفعلية في هذا التخ�ص�ص و�شهادة التقييد في جدول هيئة الخبراء المحا�سبين
�أو �شهادة التقييد في جدول هيئة المحا�سبين المعتمدين ح�سب كل حالة.
( )9المادة 8من القانون المنظم للمهنة الخبراء الق�ضائيين رقم 45-00الم�شار �إليه اعاله.
294
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
هو قانون عام له الأ�سبقية في التطبيق على القانون ال�ضريبي الذي هو قانون خا�ص
في غياب قانون الم�سطرة الإدارية الذي الزال الفقه والق�ضاء يناديان ب�إخراجه �إلى
حيز الوجود .ومن هنا يبرز الدور الإيجابي للقا�ضي الإداري في تطوير المادة
الجبائية وت�سوية المنازعات(.)10
�إ�شكالية التجريح في الخبير المنتدب
يتعين على الإدارة الجبائية من جهة والملزم من جهة �أخرى �إذا كانت لكل
واحد منهما �أحد و�سائل لتجريح الخبير الذي عينته المحكمة �أو القا�ضي تلقائيا
تقديمها داخل خم�سة � 5أيام من تبليغ �أي منهما بالأمر بتعيين الخبير ودلك تطبيقا
للف�صل 62من قانون الم�سطرة المدنية المحال عليه بموجب المادة ال�سابعة من
القانون رقم 41/90المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية.
وهكذا �إذا تقدم �أحدهما بطلب التجريح خارج هذا الأجل المحددة في � 5أيام
كاملة( )11ال يقبل طلب التجريح �شكال.
و�شكليات هذا الطلب �أن يكون مكتوبا وموقعا من طرف �أحد الطرفين �أو
وكيلهما مبينا فيه �أ�سباب التجريح.
وقد حدد الم�شرع في مقت�ضيات الف�صل المذكور �أ�سباب التجريح في القرابة
القريبة �أو في �أية �أ�سباب خطيرة �أخرى كالعداوة (�سبقية وجود نزاع �ضريبي بين
الخبير و�إدارة ال�ضرائب لم ينته بعد هذا النزاع)� .أو �أن يكون الخبير المنتدب
هو الذي يم�سك محا�سبة الملزم الذي يقا�ضي الإدارة �أو تقا�ضيه هذه الأخيرة في
الدعوى الماثلة �أمام المحكمة.
( )10عبد الرحمان �أبليال رئي�س م�صلحة ال�ش�ؤون الق�ضائية المديرية العامة لل�ضرائب في �أعمال الندوة الوطنية
حول المنازعات ال�ضريبية 4و 5دجنبر 2009المنظمة من طرف كلية الحقوق مكنا�س وهيئة المحامين بنف�س
المدينة حول مو�ضوع دور الق�ضاء في المادة الجبائية بالمغرب ،عدد خا�ص لمجلتي الق�سطا�س والزيتونة ،طبعة
يوليوز 2010مطبعة ال�سل�سبيل ،الريا�ض ،مكنا�س.
( ) 11الأجل الكامل ال يحت�سب فيه اليوم الدي تو�صل فيه �أحد الطرفين واليوم الخام�س �أي الأخير.
295
دفاتر المجلس األعلى
ولعل �إدارة ال�ضرائب هي التي تقدم دائما طلبات التجريح في مواجهة الخبراء
المنتدبين ولو خارج الأجل ح�سب الإح�صائيات المتوافرة لدينا( )12ونادرا جدا
ما يقدم الملزم مثل هذا الطلب .وال يجرح القا�ضي الخبير تلقائيا �إذ لي�ست له
هذه الإمكانية تطبيقا لقاعدة �أن القا�ضي ال يق�ضي بعلمه.
وقد �أو�ضحت مقت�ضيات الف�صل 62ق.م.م(� )13أ�سباب التجريح في القرابة
والم�صاهرة للملزم �إلى درجة ابن العم المبا�شر ب�إدخال الغاية -ووجود نزاع مع
�أحد الطرفين � -إذا عين الخبير في غير مجال اخت�صا�صه � -إذا �سبق له �أن �أبدى
ر�أيا �أو �أدلى ب�شهادة في مو�ضوع النزاع � -إذا كان م�ست�شارا لأحد الطرفين � -أو
لأ�سباب خطيرة �أخرى.
ويترتب عن التجريح �إبعاد الخبير المنتدب من الم�أمورية( )14بحكم ق�ضائي عن
طريق ا�ستبداله( )15مع �إ�شعاره بذلك على الفور ويقع على عاتق طالب التجريح
عبء الإثبات بكافة الطرق وال يجوز الطعن في الحكم بثبوت التجريح في القانون
المغربي �إال مع الحكم البات في الجوهر(.)16
�إ�شكالية التقيد بما جاء في الحكم التمهيدي ب�إجراء خبرة
في البداية البد من المالحظة بكون الحكم التمهيدي �إذا لم يكن وا�ضحا ف�إنه
�سي�ستع�صى على الخبير القيام بالدور المنوط به على اح�سن وجه .ولذا ين�صح
تجريحا من طرف الملزم 13 ( )12خالل �سنوات 2007و 2008و� 2009سجلت المحكمة الإدارية بمكنا�س
مقابل 0من طرف الملزم �أو المكلف بال�ضريبة.
( ) 13الف�صل 62من ق م م ن�ص على �أ�سباب التجريح المذكورة بدقة بالتعديل ال�صادر في .2000/12/26
( ) 14القانون الفرن�سي ن�ص في المادة 310مرافعات على �أن رد الخبير يكون للأ�سباب التي يرد بها ال�شاهد.
( )15خالل �سنة 2009ا�ستبدلت المحكمة الإدارية بمكنا�س الخبير بن�سبة 15بالمائة من عدد الملفات المدرجة
رغم قلة الخبراء بالمدينة للتجريح الموجه �ضدهم من طرف الدارة ال�ضرائب خا�صة محمد ف�ؤاد محمد �سحنون
عبد العالي الغديوي و�سمية االدري�سي لوجود نزاع �ضريبي بينهم والإدارة وتم ا�ستبعاد بع�ض الخبراء للتجريح
فيهم ك�إدري�س الرمالي وخالد لمودن وق�شابلمونهم يديرون ائتمانيات ولي�سوا معتمدين في الملفات مثال عدد
�474/06/5ش و�35/07/5ش و 613/05/9و�121/08/5ش و�17/2009/5ش...الخ.
( ) 16بخالف القانون الفرن�سي والألماني يجوز الطعن باال�ستيناف في الخبرة قبل بت المحكمة في الجوهر
الف�صل 316من القانون الفرن�سي.
296
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�أن يكون الحكم التمهيدي وا�ضح المعالم ين�صب على الأمور التقنية والمحا�سبية
دون تلك التي تكون لها عالقة بتف�سير القانون الجبائي �أو ت�أويله .ويقول البع�ض
�إن القا�ضي الإداري يعتمد تقرير خبرة المحا�سب جملة وتف�صيال .وهدا �إدعاء
باطل.
واذا( )17حدث �أن خرج الخبير المعين عن حدود المهمة المنوطة به .،فما �أثبته
الخبير خارج حدود م�أموريته يفقد حينها �صفة الر�سمية ويعتبر مح�ض تقديرات
�شخ�صية يتم ا�ستبعادها بعد �أن يك�شف الخ�صوم خطئها بكل الو�سائل ف�إن تقرير
الخبرة يرد �إليه لتطبيق ما ورد في الحكم التمهيدي واتمام الخبرة� .إن ي�ستغني
عن خبرته وي�ؤمر بخبرة �أخرى.
غير �أن الخبير غالبا ما يرف�ض القيام ب�إعادة الخبرة �أو يتراخى في القيام بدلك
مما ت�ضطر معه المحكمة �إلى توجيه عدة اندارات �إليه �أو ت�ستبدله بخبير �آخر بدال
عنه دون �أن توقع جزاءات عليه ،مما يكون له االثرال�سلبي البالغ في ت�سريع وثيرة
الملف والبت فيه في اقرب الآجال .ويالحظ تق�صير المحاكم الإدارية في توقيع
الجزاءات على الخبراء الدين يتخلفون عن �إنجاز ماموريتهم �أو يتباطئون في
�إنجازها.
ومن هنا يتعين على ال�سيد الخبير �أن يكون ملما بالم�ساطر الق�ضائية وان يربط
االت�صال مع الهيئة الق�ضائية ال�ستي�ضاح بع�ض الأمور العالقة �أو تف�سير بع�ض النقاط
التي ظلت غام�ضة في الحكم التمهيدي بالن�سبة �إليه ،ودلك قبل القيام بالم�أمورية
وكل ذلك من �أجل التعجيل ب�إنجاز الم�أمورية ،ال�شيء الذي ال يقوم به العديد من
الخبراء ظنا منهم �أن ذلك من �شانه �أن يقلل من �شانهم وينق�ص من قدراتهم �أومن
اخد مواقف م�سبقة عليهم من طرف الق�ضاء والخ�صوم.
(� ) 17أورده ذ� .أبليال في مداخلته دور الق�ضاء في المادة الجبائية �أعمال الندوة الوطنية حول المنازعات
ال�ضريبية الم�شار �إليها �أعاله المن�شور في عدد خا�ص لمجلتي الق�سطا�س والزيتونة ،طبعة يوليو ،2010مطبعة
ال�سل�سبيل الريا�ض مكنا�س ،م�ستدال بقرار المجل�س الأعلى عدد 643وتاريخ 2007/6/27والقرار عدد 881
وتاريخ .2007/10/10
297
دفاتر المجلس األعلى
�إ�شكالية �أخذ الخبير بوثائق لم ي�سبق للملزم �أن عر�ضها على الإدارة واللجان
ال�ضريبية للتقييم
يحدث �أحيانا �أن يعتمد الخبير في تقريره على وثائق محا�سبية لم ي�سبق الدارة
ال�ضرائب �أن اطلعت عليها �أو ناق�شتها مع الملزم .ومن الطبيعي �أن الإدارة في
معر�ض تعقيبها على الخبرة تعار�ض ب�شدة قبول الخبير لوثائق محا�سبية لم ي�سبق
للملزم �أن �أدلى بها للإدارة وال �أمام اللجنة المحلية وال �أمام اللجنة الوطنية
بخ�صو�ص مراجعة همت محا�سبته بر�سم فترة معينة ح�سب المادة 107من القانون
رقم 17/89المنظم لل�ضريبة العامة على الدخل والمادة 43من القانون 30/85
المنظم لل�ضريبة على القيمة الم�ضافة وكدا المادة 38وما بعده من القانون رقم
86/24المنظم لل�ضريبة على ال�شركات.
فما هو موقف الق�ضاء الإداري من( )18ذلك ؟ من حيث المبد�أ الطعن �أمام
المحكمة الإدارية يعيد طرح النزاع من البداية ،في نظرنا لي�س هناك ما يمنع من
قبول هذه الوثائق �إذا �سبق للملزم الإ�شارة �إليها في موازنته bilanبخ�صو�ص �أحد
ال�سنوات الالحقة الغير م�شمولة بالمراجعة ،و�إذا قام بالإتيان بفواتير �سليمة تتوافر
فيها ال�شروط المن�صو�ص عليها بالمادة 37من قانون ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة،
في نظري المتوا�ضع يمكن قبول هذه الفواتير واعمالها في خ�صم ال�ضريبة
المذكورة �إذا كانت �سليمة ،على �أن تقوم المحكمة ب�إجراء التحريات حولها رفقة
الخبير المنتدب للت�أكد من مدى �سالمتها وعالقتها بملف النزاع وال�سبب في
عدم الت�صريح بها في االبان .13وهو ما ال تقبله �إدارة ال�ضرائب ومع ذلك نترك
هذا الإ�شكال للحا�ضرين ق�صد مناق�شته للت�أكد مما يجب القيام به في مثل هذه
النوازل.
ومما ي�ؤكد التوجه في هذا الطرح �أن اللجان الإدارية للتقييم ال�ضريبي ال
ت�ستدعي الملزمين للمثول �أمامها والدفاع عن حقوقهم �أمامها وت�صادر هذا الحق
( ) 18ق�ضية �شركة �صوريمي �ضد الإدارة الجهوية لل�ضرائب بمكنا�س ومن معها حكم عدد 2010/381في الملف
�5/07/29ش ال�صادر بتاريخ .2010/10/21
298
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�أمامها وتبت في الملف دون الت�أكد من تو�صل الملزم �أو منحه �أجال للإدالء ب�أوجه
دفاعه ال �سيما وان نتيجة عمل هذه اللجنة لم يعد يعتبر ر�أيا ا�ست�شاريا بل ا�صبح
قرارا �إداريا يكت�سي �صبغة تنفيذية .تقوم �إدارة ال�ضرائب بت�صفيته داخل �أجل �أو
بعد م�ضي �شهرين من تو�صلها قانونا به.
�إ�شكالية �صالحية الق�ضاء الإداري في الأخذ بخال�صة الخبير
يقال �إنه ح�سب بع�ض المعطيات المتوافرة لدى الجهات الإدارية الجبائية �أن
الخبير هو القا�ضي الفعلي في المادة ال�ضريبية 12للجوء الق�ضاء الإداري المغربي
المفرط والميكانيكي للخبرة ،كونه يثق في الخبرة اكثر مما يثق في الإدارة بل
ويثق في ر�أي الخبير المحا�سب �أكثر من �آراء لجان التقييم ال�ضريبي التي ير�أ�سها
قا�ضي ،لدرجة �أن الخبرة الق�ضائية لها حجية مطلقة بالن�سبة �إليه( )19و�أن المحاكم
الإدارية ت�صادق على نتائج الخبرة دون مناق�شة هذه النتائج ويدعون �إلى �أن يكون
للق�ضاء الإداري �صالحيات مو�سعة ال تت�أثر بخال�صة الخبير.
ونحن ال ن�ساير هذا الر�أي وال نتفق معه كما قلنا من قبل ،الن هذا االتجاه ينطوي
على نوع من المغالطة لكون القا�ضي الإداري يمار�س �صالحياته المخولة له قانونا
فهو خبير الخبراء كما يقال عنه.وهو يقيم غالبا نتائج الخبرة ويناق�شها في معر�ض
حيثيتياته ،وله ال�صالحية الكاملة في �إجراء خبرة م�ضادة �أو خبرة ثانية �إذا لم يقتنع
بالأولى تكون اكثر دقة �أو مو�ضوعية ولو تلقائيا �إذا لم يطلبها �أحد الطرفين ،وكم من
مرة يطلب القا�ضي المقرر من نف�س الخبير �إعادة احت�ساب الأ�س�س ال�ضريبية من
جديد �أو بع�ض اال�ستدراكات ال�ضريبية على �ضوء بع�ض المعطيات الجديدة التي
�أ�سفر عنها البحث ا�ستنادا �إلى بع�ض العنا�صر التي لم يكن قد تطرق �إليها الخبير
بتدقيق �أو اغفل الحديث عنها وهي محورية في النزاع عن طريق تكليفه بالإدالء
بملحق الخبرة �أو تقرير �إ�ضافي .كان تكون مثال بع�ض االدماجات في المراجعة غير
�صحيحة ومع ذلك احتفظ بها الخبير في تقريره الأول مما يتعين �إنجاز ملحق خبرة
�أو تقرير �إ�ضافي يو�ضح فيه الأ�س�س �أو اال�ستدراكات الجديدة ...الخ.
( )19الدكتور عبد الرحمان ابليال ،المرجع ال�سابق ،ال�صفحة .34
299
دفاتر المجلس األعلى
300
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وفي الختام ندعو �أن تت�شكل خلية من بين الق�ضاة والم�س�ؤولين في الإدارة العامة
لل�ضرائب النكباب ال�سادة الق�ضاة بالمحاكم الإدارية والمكلفين بالمنازعات لدى
الإدارة على م�سالة التكوين والتكوين الم�ستمر في مادتي الجبايات وال�ضرائب
والمحا�سبة .ويتعين االعتراف �أي�ضا �أن الخبرة في القانون المغربي تعاني من
�صعوبات على م�ستوى القانون و�إ�شكاليات في التطبيق.
فعلى م�ستوى القانون يتعين فتح الباب للتر�شيح ممن تتوفر لديهم الم�ؤهالت
العلمية والفنية المطلوبة في المحا�سبة وال�ضرائب وتفعيل الم�ساطر الت�أديبية
للخبراء( )23وعلى م�ستوى العمل ينبغي و�ضع رقابة ق�ضائية فعالة على الخبرة
�سواء من حيث االختيار وتحديد الأتعاب وتتبع عملهم وتحديد مهام الخبير بدقة
ومراعاة التخ�ص�ص باالبتعاد عن االنتداب الع�شوائي وعدم الت�أثر البين بخال�صة
الخبير و�إجراء الأبحاث على �ضوء الخبرة بح�ضور الطرفين عند االقت�ضاء
ال�ستجالء الأمور الغام�ضة في الخبرة والوقوف بدقة على الجوانب النزاعية.
( )23الأحكام الت�أديبية المن�صو�ص عليها بالمواد 31وما بعدها .الإنذار والتوبيخ �أو المنع الم�ؤقت من مزاولة
الخبرة لمدة ال تزيد عن �سنة ثم الت�شطيب عليه من الجدول في حالة �إخالله بواجبات المهنة �أو بخ�صال المروءة
وال�شرف والنزاهة �أو عدم القيام المهمة الم�سندة �إليه دون مبرر وتوقع من طرف اللجنة الوزارية الواردة
بالمادة 8من الظهير ال�شريف بتنفيذ القانون رقم 00-45المتعلق بالخبراء الق�ضائيين.
301
دفاتر المجلس األعلى
مقـدمـة :
لم يعرف الم�شرع المغربي ال�ضريبة .و�إن كان نظامه الد�ستوري ين�ص �صراحة
على تحمل المغاربة التكاليف العمومية( )1فد�ستور 1908كان ين�ص �صراحة على
بع�ض اال�ستثناءات كقاعدة للإعفاء( ،)2الأمر الذي يعني �أن التحمل ال�ضريبي
كمبد�أ د�ستوري قديم جدا قبل هذا التاريخ� ،إال �أنه مع تدخل الدولة وتطور
�أهدافها و�أدوارها �أ�صبحت ال�ضريبة تبعا لذلك و�سيلة لتحقيق الأهداف ال�سيا�سية
واالقت�صادية واالجتماعية.
المفهوم المتطور والحالي لل�ضريبة يكت�سي نوعا من النظم الوا�سعة تجاوزا
للمفاهيم التقليدية التي �أ�صبحت ت�ضمحل بفعل التطور ال�سريع للحياة االجتماعية
واالقت�صادية ف�أ�صبحنا �أمام نظام جبائي �أو نظام �ضريبي ي�ضم مجموعة من
( ) 1ين�ص الف�صل ال�سابع ع�شر من الد�ستورالمغربي «على الجميع �أن يتحمل كل على قدرة ا�ستطاعته التكاليف العمومية
التي للقانون وحده ال�صالحية لإحداثها وتوزيعها ح�سب الإجراءات المن�صو�ص عليها في هذا الد�ستور».
( )2المادة 20من د�ستور « 1908ان الفقراء والعواجز والعميان والذين ال عمل لهم يعي�شون منه يعفون من كل
تكاليف و�ضريبة على الإطالق وكذلك خدام بيوت اهلل والم�ساجد والزوايا الذين يعي�شون من الأوقاف.
-المادة « : 21ان موظفي المغرب من كبيرهم �إلى �صغيرهم ك�سائر النا�س تلزمهم ال�ضرائب والتكاليف
المادية».
-المادة « : 22ال يجوز �أبدا طرح �ضرائب وتكاليف مالية على جهة من ال�سلطة دون جهة وال على مدينة دون
مدينة وال على قبيلة دون قبيلة و�إنما يجب �أن تكون التكاليف عامة على جميع الأمة في كل نواحي ال�سلطة في
وقت واحد».
302
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
303
دفاتر المجلس األعلى
�إن عدم اتفاق طرفي العملية ال�ضريبية ي�ؤدي ال محالة �إلى منازعة في ال�ضريبة
كحالة دالة على وجود الخالف .واقعا �أوقانونا من حيث مراحل العملية الثالث
تحديد الوعاء� ،أو الت�صفية �أوالتح�صيل .وهي ما يعرف بالمنازعة الجبائية التي
تعني الم�سطرة الإدارية �أوالق�ضائية المقررة قانونا �سلوكها لت�سوية الخالف(.)4
وهي ظاهرة �صحية حفاظا على حقوق الطرفين وو�ضع حد لتع�سف الإدارة في
ا�ستعمال �سلطتها التنفيذية ب�شكل يخالف الن�ص القانوني ت�أويال وفي ذلك �إقرار
ب�ضمانات وا�سعة للملزم من �أجل الدفاع عن م�صالحه الم�شروعة ول�ضمان خلق
توازن بين الإدارة والمكلف لإثبات �شرعية ال�ضريبة والإجراءات المرتبطة بها.
لكن �إقرار ال�ضمانات �أوجب احترام بع�ض ال�شكليات الإجرائية خالل المنازعة
ال�ضريبية� .أولها تقديم مطالبة �أو �شكاية �أمام الإدارة ال�ضريبية لبحث ما ينعاه الملزم
على العملية .مع العلم �أن هذه المطالبة ال توقف تح�صيل ال�ضريبة �أو ال�سعي لهذه
الغاية .لكن �أوحى الم�شرع �إمكانية تقديم �ضمانة من �أجل �إيقاف التح�صيل �إلى
حين البت في المنازعة �أو �إيقاف التنفيذ ولو بدون �ضمانة ب�أمر من الق�ضاء.
وعليه فما هي المطالبة ؟ وكيف يتم تقديمها ؟ ولمن تقدم ؟ وما هي الإجراءات
المرتبطة بها وتجليات الحماية الق�ضائية لها ؟
هذه الأ�سئلة و�أخرى نطرحها نجيب عنها من خالل تق�سيمنا لهذه المداخلة �إلى
نقطتين �أ�سا�سيتين كنموذج للإجراءات ال�شكلية في المنازعات الجبائية الأولى
نخ�ص�صها للمطالبة والثانية لل�ضمانة.
�أوال -المطـالبـة
اختلف الفقه في تحديد مفهوم موحد لما ي�سمى بالمطالبة ،فالبع�ض يعرفها
�أنها ال�شكاية �أو الطلب المقدم من طرف الملزم� ،أو الممول للخزينة العامة،
�أو الخا�ضع لل�ضريبة �إلى الإدارة من �أجل مراجعة� ،أو تخفي�ض� ،أو �إلغاء الفر�ض
( )4محمد مرزاق ،عبد الرحمان �أبليال :النظام القانوني والمنازعات الجبائية بالمغرب ،الطبعة الأولى ،96مطبعة
الأمنية الرباط� ،ص .5
304
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ال�ضريبي� ،أو �إ�صالح الأخطاء المادية التي يمكن �أن ترتكب خاللها ،والبع�ض
الآخر يجعلها ت�سمى بالتظلم.
لكن ان اختلفت الت�سمية والم�صطلحات ف�إن الهدف واحد �إذا كان م�ضمونها
ينطبق وحالها على الواقعة المن�ش�أة للخالف بين الملزم والإدارة ال�ضريبية ،فترى
ما هو المفهوم الحقيقي للمطالبة ؟ وكيف يمكن تقديمها ؟ وما هو مو�ضوعها ؟
وهل هناك �آجال لتقديمها ؟ وكيف يتم البت فيها ؟ وما هو موقف الق�ضاء الإداري
من عللها.
- 1حـق المطـالبـة :
�إذا كانت المطالبة حق للملزم الذي ينازع في مجموع� ،أو بع�ض مبلغ ال�ضرائب
والواجبات والر�سوم المفرو�ضة عليه( )5هل يمكن له التنازل عن هذا الحق ؟
ولماذا اعتبرت حقا ؟ �ألي�س من حال واقع الملزم �أن يكون تجاوزها واجبا حينما
يت�سم الإقرار ال�ضريبي بنوع من الجدية وال�شفافية.
فالمطالبة التي تعني في مفهومها العام الت�شكي� ،أو ما يجعل الإدارة تراجع
موقفها بالإيجاب �أو تظل مت�شبثة بر�أيها .وهي في ذلك ح�سب ر�أينا تختلف عن
التظلم الذي قد تترتب عنه بع�ض الآثار اال�ستعطافية .و�إذا ا اعتبرت كذلك فهل
يمكن للمطالبة �أن تمتد �إلى حين البت في التظلم اال�ستعطافي وهل هذا الأخير
يمدد الأجل للطعن تبعا لما هو معمول به في دعوى الإلغاء.
�إن قاعدة اللجوء �إلى الإدارة قبل عر�ض النزاع �أمام الق�ضاء م�ألوفة في النزاع
الإداري �سواء تعلق الأمر في المنازعة ال�ضريبية� .أو دعوى الإلغاء عموما� .إال
�أن حتميتها و�إلزاميتها تجد نقا�شا بين م�ؤيد وراف�ض لها .على اعتبار �أن جدورها
تعود �إلى نظرية تجاوزها التاريخ ،وهي نظرية الوزيرالقا�ضي( )6والتي �أ�صبحت
متجاوزة الآن واقعا ولي�س قانونا ،على �أ�سا�س �أن الإدارة يمكنها �أن تراجع ت�صرفاتها
( )5انظـرالمـادة 235من المدونـة العـامـة لل�ضـرائب.
(6) Théorie du Ministre juge.
305
دفاتر المجلس األعلى
وقراراتها ما لم تتح�صن بفوات الأجل� .إال �أن هذه القاعدة المتعلقة بالتح�صين قد
ال تجد �سندا في المنازعة ال�ضريبية لإتاحة �إمكانية �إجراء ال�صلح �أو الت�سوية الودية
بعيدا عن الق�ضاء.
�إن المطالبة في المجال ال�ضريبي يمكن �أن تكون كتابة �أو �شفوية .وان عبارة
توجيه المطالبة المن�صو�ص عليها ال يمكن ح�صرها في الكتابة(� )7إذ يمكن �أن
يكون الت�صريح �شفاهيا ،وهو �أمر جائز �أمام الق�ضاء بموجب الف�صل 31من قانون
الم�سطرة المدنية الذي �أجاز لأعوان كتابة ال�ضبط تحرير محا�ضر تقوم مقام المقال
�إذا كانت الحالة من الحاالت التي ال توجب تن�صيب محام ،وبالرغم من ذلك
يجوز تحرير المح�ضر ويبقى للمحكمة �إمكانية �إنذاره ب�إ�صالح الم�سطرة.
�إال �أن جل الن�صو�ص القانونية لمختلف ال�ضرائب تلزم توجيه المطالبة .وهو
ما يعني �أن الغاية التي ق�صدها الم�شرع �أن تكون كتابة مع العلم �أن كتابة هذه
المطالبات ال تتم عن طريق الملزمين �شخ�صيا بعدم �إلمامهم بعنا�صر النزاع
ال�ضريبي .وان الأدهى من ذلك �أن بع�ض الجهات التي تمتهن الكتابة العمومية
تتخذ من المطالبات نماذج موحدة رغم اختالف المو�ضوع والأ�سباب الداعية
�إلى االختالف بين الإدارة ال�ضريبية والملزم .وهو ما يجعل �إدارة ال�ضرائب في
حيرة من �أمرها ال�ستخال�ص العنا�صر الخالفية الأمر الذي يدعو �إدارة ال�ضرائب
وفي �إطار توا�صلها مع الملزم �أن ت�ساعده على تو�ضيح خالفة ولو �شفويا( )8لكون
الل�سان �أبلغ من القلم لدى غالبية المواطنين الذين ال يح�سنون القراءة والكتابة
ولي�س في القانون ما يمنع ذلك ،و�إن كانت المادة 24من قانون ال�ضريبة المهنية
( )7المادة 114من القانون رقم 17/89ب�ش�أن ال�ضريبة العامة على الدخل.
-المادة 47من القانون رقم 30/85ب�ش�أن ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة.
-المادة 25من القانون رقم 24/86ب�ش�أن ال�ضريبة على ال�شركات.
-الف�صل 24من قانون ال�ضريبة المهنية.
-المادة 19من القانون 37/89المتعلق بال�ضريبة الح�ضرية.
( ) 8عبد الغني خالد« ،الم�سطرة في القانون ال�ضريبي» ،مطبعة دار الن�شر المغربية ،طبعة �سنة « .2002والحقيقة» �أن
تقديم الطلب كتابة �إنما تمليه ظروف العمل البيروقراطي التي ال يعتبر فيها الإن�سان �إال كوثيقة �إدارية ذات تاريخ
وتحمل بيانات وتوقيعات وخواتم» �ص .337
306
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
والمادة 19من قانون ال�ضريبة الح�ضرية تتطلب الإ�شارة في المطالبة �إلى بع�ض
المعلومات كرقم الالئحة والعر�ض الموجز للو�سائل لتبرير المطالب ف�إن ذلك ال
يبرر حرفية الن�ص للت�شبث بالكتابة وان تم التن�صي�ص على عدم قبول التعر�ض �أو
المطالبة وفي ذلك تي�سير لعمل الإدارة ولتحقيق مفهوم الحق المرتبط بالمطالبة.
تقدم المطالبة �إلى مديرية ال�ضرائب� ،أو الجهة الإقليمية� ،أو اللجنة المكلفة
بذلك على اعتبار �أن المركز ال يمكنه �أن يكون في توا�صل م�ستمر مع الملزم
لإ�شكالية القرب �أو البعد منه ويتم �إيداعها لدى هذه الم�صالح دون م�صاريف
م�سبقة �أو م�ؤجلة( )9و�أمام التقنيات الجديدة للتعامل الإداري .يمكن تجاوزهذه
ال�شكليات ،و�إذا كان هم الإدارة تحقيق العدالة ال�ضريبية عن طريق ت�صحيح الخط�أ
�إن كان واقعا فعال.
�أثبتت الممار�سة ان م�ضمون ال�شكاية �أوالمطالبة قد ال يخرج عن الطلبات
التالية:
-طلب التخفي�ض من ال�ضريبة تبعا للو�سائل التي يراها الملزم هي الحقيقة.
-طلب ا�سترجاع مبالغ نتيجة خط�أ في التقدير واالحت�ساب� ،أو تم �أدا�ؤها عن
غير ا�ستحقاق وهي واقعة يمكن لإدارة ال�ضرائب �أن تقوم ب�إرجاعها تلقائيا
اذا ما تبث لديها الخط�أ.
-طلب التخفي�ض للغلو في التقدير �أو عدم المماثلة لنف�س الواقعة المن�ش�أة
لل�ضريبة من طرف ملزمين �آخرين ،وهي حاالت يمكن �أن ن�صادفها في
النظام الجزافي� ،أوبعد ت�صحيح الت�صريح تلقائيا من طرف الإدارة.
-طلب �إلغاء الفر�ض ال�ضريبي للإعفاء.
( ) 9بع�ض قبا�ض الت�سجيل يلزمون �صاحب المطالبة بو�ضع طوابع جبائية على الطلب وهو �أمرال نجد له �سندا في
المادة 241من المدونة العامة لل�ضرائب المتعلقة باال�ستردادات .و�أن تطبيق مقت�ضيات قانون 1984المتعلق
بالم�صاريف الق�ضائية والإجراءات �أمام المحاكم ال يدخل �ضمن ذات المطالبات.
307
دفاتر المجلس األعلى
قبل نهاية �سنة 2000كانت تختلف �آجال الت�شكي والمطالبة من �ضريبة �إلى
�أخرى(� )10إال �أن قانون المالية بتاريخ 2000/12/31عدل بع�ض الن�صو�ص ال�ضريبية
من �أجل توحيد هذه الآجال .و�أ�صبحت في �أغلبها � 6أ�شهر .وهي الفترة التي منحت
لإدارة ال�ضرائب التخاذ قرارها بالإيجاب� .أو الرف�ض من لدن المفو�ض له بذلك.
وهنا يثار �أي�ضا م�س�ألة االخت�صا�ص بالن�سبة ل�صاحب القرار .هل يتخذ على ال�صعيد
()11
المركزي� ،أو على ال�صعيد المحلي وفق �إجراءات داخلية لمديرية ال�ضرائب
وما هي معايير التمييز بين الجهات المتخذة للقرار بخ�صو�ص ال�ضريبة النوعية
الواحدة.
تعتبر الآثار ال�سلبية للمطالبة �أنها و�إن كانت و�سيلة لإثارة انتباه الملزم ب�إمكانية
الت�سوية الحبية ،قبل الو�صول �إلى الق�ضاء� .إال �أن عدم �إلزام الإدارة بالجواب
تحت ترتيب الجزاء ي�ؤدي بنا �إلى اعتبارالمطالبة �إجراءا �شكليا غير منتج لآثاره في
مواجهة الإدارة� .إذا ما ا�ستثنينا الآثار بالن�سبة للملزم ،التي ال يمكن لها �أن ت�ؤدي
�إلى �إيقاف �إجراءات التح�صيل الجبري للمبالغ ال�ضريبية المطالب بها( )12مما تعتبر
معه هذه المطالبة من وجهة نظر الملزم غير ذات جدوى لقبول م�سطرة اال�سترداد
المقرونة بالمقا�صة وفق المادة 237من المدونة العامة لل�ضرائب «وهناك من يعيب
(� ) 10شهرين في ال�ضريبة المهنية و�أربعة �أ�شهر في ال�ضريبة العامة على الدخل و�ستة �أ�شهر في ال�ضريبة على
ال�شركات وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة و�أربعة �أ�شهر في ال�ضريبة الح�ضرية وفيما يخ�ص واجب الت�ضامن
الوطني نميز فيما يخ�ص ال�شركات داخل �أجل � 6أ�شهر و�شهرين لتاريخ عر�ض الجدول.
( )11بتاريخ 8ماي 1998اتخذ وزير االقت�صاد والمالية قرار ليتفوي�ض بع�ض �سلطه �إلى بع�ض مر�ؤو�سيه بخ�صو�ص
النظر في و�ضعية هذه المطالبات محددا �سقفا معينا لكل فئة بح�سب �إذا ما كان الأمر يتعلق بالإلغاء التلقائي �أو
تخفي�ض مبلغ ال�ضريبة والعالوات �أو رف�ض التخفي�ض �أو اقتراح �إلغاء �ضرائب ا�ستحال ا�ستخال�صها �أو �إعفاء
الدعائر والعالوات وهو �سقف محدد لكل فئة من الموظفين بين مبلغ 50.000درهم لرئي�س م�صلحية الوعاء
ومبلغ 400.000درهم للمدير الجهوي (انظر الجريدة الر�سمية رقم 4596بتاريخ .)98/6/18
( )12تن�ص المادة 235من المدونة العامة لل�ضرائب في فقرتها الأخيرة على ما يلي :ال تحول المطالبة دون
التح�صيل الفوري للمبالغ الم�ستحقة و�إن اقت�ضى الحال ال�شروع في م�سطرة التح�صيل الجبري مع مراعاة
ا�سترداد مجموع �أو بع�ض المبالغ المذكورة بعد �صدور القرار �أو الحكم.
308
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
على �إدارة ال�ضرائب تجاهلها للعديد من المطالبات وال�شكايات وعدم رغبتها في
التراجع عن قراراتها �أو على الأقل تعديلها خ�صو�صا بعد �إلغاء الم�صالح المكلفة
بالمنازعات الإدارية و�إ�سناد مهامها واخت�صا�صاتها �إلى الم�صالح المكلفة بالوعاء
�أو المراقبة في �إطار ما ي�سمى بوحدة ال�شخ�ص وازدواجية المهام �أي �أن المفت�ش
الذي قام بربط ال�ضريبة �أو مراقبتها هو من يقوم بالبت في كل منازعة تتعلق بها
حتى تكون م�س�ؤولية كاملة»(.)13
الت�سا�ؤل الذي يطرح في �إطار الآثار المترتبة .هل تعتبر المطالبة �أو الت�شكي في
حد ذاتها مطالبة للمنازعة �أو انها تتحول �إلى ذلك بعد مرور �أجل جواب الإدارة
بالرف�ض ال�ضمني �أو ال�صريح وهل النزاع في حد ذاته يبد�أ من حيث تبد�أ العملية
الق�ضائية �أو الإدارية قبلها �أو ان �أثار المطالبة ال يمكن ح�صرها في الحالة النزاعية
و�إنما يمكن �أن تبد�أ من المطالبة للت�سجيل في الجداول ال�ضريبية -غيرالت�صريحية -
�أو في حالة تغيير الفر�ض ال�ضريبي� ،أو العنوان ال�ضريبي� ،أو �إدراج المطالبة في
�إطار الواجب ال�ضريبي الذي يجب �أن تنعت به ال�ضريبة.
�إذا لم يقبل الخا�ضع لل�ضريبة القرار ال�صادرعقب بحث مطالبته جاز له رفع
الأمر �إلى المحكمة داخل �أجل الثالثين يوما الموالية لتاريخ تبليغ المقرر .و�إذا
لم تجب الإدارة داخل �أجل � 6أ�شهر الموالية لتاريخ المطالبة جاز له ذلك �أي
داخل �أجل الثالثين يوما( )14وهنا �إ�شكالية التبليغ وما ي�ستتبعها من �آثار �سلبية على
العملية خا�صة في حالة تعذر التبليغ وعدم �إثبات ذلك من طرف الإدارة لكن هل
عدم تقديم الدعوى خالل هذا الأجل المحدد ي�سقط الحق في �إثارتها ولو بعد
مرورالأجل(.)15
( ) 13المختار ال�سريدي (مفت�ش لل�ضرائب) الطعن الق�ضائي في الأ�سا�س ال�ضريبي لإر�ساء مفهوم جديد مقال
من�شور بجريدة ال�صباح.
( ) 14انظر المادة 243من المدونة العامة لل�ضرائب.
( ) 15الآجال المن�صو�ص عليها في المدونة العامة لل�ضرائب �آجال كاملة وال يعتبر في الح�ساب اليوم الأولي من
الأجل ويوم حلول الآجال ،و�إذا �صادفت االجال المحددة للإجراءات يوم عيد �أو عطلة قانونية تم ارجاء حلول
الأجل �إلى اليوم الأول من �أيام العمل التالية.
309
دفاتر المجلس األعلى
( )16حكم عدد 839بتاريخ 2001/10/18في الملف رقم 01/78عن المحكمة الإدارية بالرباط «حيث ان
المدعية لم تدل بما يفيد �سلوكها م�سطرة التظلم الإداري المن�صو�ص عليها في الف�صل 16من القانون رقم 89.30
المتعلق بال�ضرائب والر�سوم الم�ستحقة للجماعات المحلية مما يتعين معه الحكم بعدم قبول طلبها �شكال».
( ) 17قرار عدد 9بتاريخ 2007/1/10ملف رقم 19/06/9عن محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط.
310
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
المادة 120من نف�س القانون( .)18وقد �سايرت المحكمة الإدارية بالرباط الن�ص
القانوني المانح للإدارة �أجال كامال للجواب والبت في المطالبة� .إذاعتبرت �أن
الدعوى المرفوعة قبل �أجل � 6أ�شهر يجعلها �سابقة لأوانها ويتعين الت�صريح بعدم
قبول الطلب �شكال( )19وهو الحال الذي �سارت عليه المحكمة الإدارية بوجدة
وكذلك �إدارية فا�س التي اعتبرت ان مراقبة الإجراءات ال�شكلية للمنازعة تعد
من النظام العام يمكن �إثارته ولو تلقائيا .غير ان المجل�س الأعلى �سعى �إلى �أخذ
المطالبة بنوع من المرونة من حيث الإلزامية و�أكد �أن المطالبة غير م�شروطة �إذا لم
تحترم �إدارة ال�ضرائب من جهتها الإجراءات ال�شكلية الالزمة بتمكين الملزم من
�إبداء ر�أيه وان عدم احترام �إدارة ال�ضرائب للم�سطرة المذكورة يجعل الملزم
غير مقيد باحترام م�سطرة التظلم قبل رفع النزاع �أمام الق�ضاء( )20وهو التوجه
الذي �سارت عليه بعد ذلك المحاكم الإدارية واعتبر �أن وجوب التظلم معلق على
احترام حق الدفاع وان تقديم الطعن قبل ان�صرام الأجل ال ت�أثير له على �سالمة
الو�ضعية ال�شكلية للطعن(.)21
بل �أن المجل�س الأعلى ذهب �أبعد من ذلك حينما فتح المجال للملزم لتقديم
دعواه خارج �أجل ال�شهر الذي يلي � 6أ�شهر الممنوح للإدارة واعتبر �أن الإدارة
التي �أجابت عن التظلم خارج �أجل � 6أ�شهر تكون قد فتحت �أجال جديدا من تاريخ
جوابها ال�شيء الذي يجعل الدعوى مقدمة داخل �أجل وبالتالي تكون مقبولة
311
دفاتر المجلس األعلى
�شكال(.)22
واعتبر الق�ضاء �أن ال�شخ�ص الذي ينازع في �صفته كملزم ب�أداء ال�ضريبة ب�إمكانه
الطعن مبا�شرة �أمامه دون �ضرورة �سلوكه لم�سطرة الطعن الإداري(.)23
وفي مجال الق�ضاء اال�ستعجالي �أكد المجل�س الأعلى �أن �سلوك م�سطرة التظلم
الإداري قبل االلتجاء �إلى الق�ضاء الم�ستعجل تعتبر غير الزمة لتعار�ضها مع حالة
اال�ستعجال التي يفر�ضها هذا الإجراء والتي ال تتحمل بطبيعتها االنتظار وتقت�ضي
عر�ض النزاع على الق�ضاء ب�أق�صى �سرعة ممكنة وبالتالي ف�إن احترام هذه الم�سطرة
ي�سري على الدعاوى المو�ضوعية دون اال�ستعجالية( )24وهو ما �صارت عليه
المحاكم الإدارية في هذا الباب مع ق�صر نظره على مدى توفر حالة اال�ستعجال
وجدية المنازعة وعدم الم�سا�س ب�أ�صل الحق.
لكن ال�س�ؤال الذي يطرح نف�سه ب�إلحاح بخ�صو�ص المطالبة� .أال تعد �إ�شكاال
للحد من حرية التقا�ضي وذلك بتعقيد الم�ساطر بمجموعة من ال�شكليات� ،إذا
كانت ال تلقى الجواب من طرف الإدارة وعدم ترتيب الجزاء على ذلك .و�أن
التجربة العملية للعمل الق�ضائي الإداري المغربي �أثبتت �إقامة توازن بين �أطراف
الدعوى الجبائية ،الحال الذي دفع بالإدارة �إلى خلق توا�صل ولو �شبه م�ستمر مع
الملزم كمنحه فر�صة للم�ساهمة والم�شاركة المبا�شرة في �إعداد الدين ال�ضريبي
الواجب في حقه.
ثـانيـا -ال�ضمـانـة
من الثابت قانونا �أن الجداول ال�ضريبية ت�صبح �سارية النفاذ بمجرد تذييلها
بال�صيغة التنفيذية من طرف الجهة الموكول لها ذلك .ويتم تح�صيلها وفق
قواعد التح�صيل المن�صو�ص عليها في القانون رقم 15.97بمثابة مدونة تح�صيل
( ) 22قرار عدد 668بتاريخ 2006/7/26في الملف الإداري .2002/1/4/473
( ) 23قرار عدد 588بتاريخ 2006/7/4في الملف الإداري .2003/2/4/904
( ) 24قرار عدد 156بتاريخ 2003/3/13في الملف الإداري رقم .2002/2/4/2180
312
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الديون العمومية ،والتي يمكن �أن تتخلل مراحلها منازعات فرعية �أو �أ�صلية ب�ش�أن
التح�صيل� ،أو التح�صيل المرتبط بالمنازعة في الأ�سا�س.
�إن تجاوز التح�صيل الر�ضائي �إلى اال�ستخال�ص الجبري يرجع �إلى تعنت
الملزم المنازع في الدين �أو �إلى ف�شل الخزينة العامة �أحيانا في ا�ستخال�ص الديون
العمومية بالطرق الر�ضائية ،وتكون تبعا لذلك مجبرة في نهاية المطاف �إلى اتباع
و�سائل ا�ستثنائية لإرغام المدين على الوفاء بدينه( )25الأمر الذي ي�ؤدي به �إلى
طلب ت�أجيل الوفاء بالدين العمومي �إلى حين البت ق�ضائيا في النزاع ،رغم �أنه ال
يمكن مبدئيا ت�أجيل تاريخ اال�ستحقاق من �أجل �سداده طبقا للمادة 124من مدونة
تح�صيل الديون العمومية التي تنزع الحق من �أي �سلطة عمومية �أو �إدارية �أن توقف
�أو ت�ؤجل تح�صيل ال�ضرائب والر�سوم والديون الأخرى .وهو ما يجعلنا نت�ساءل
هل المادة المذكورة تخاطب الق�ضاء �أو تخاطب القاب�ض المكلف بالتح�صيل .غير
�أن القانون من خالل المادة تلك� .أجاز للمحا�سب المكلف بالتح�صيل �أو لرئي�س
الإدارة �أن يقبل من المدين تبرئة ذمته على �أق�ساط مقابل تقديم ال�ضمانات ،وهي
حالة تدعو للإي�ضاح .هل الأداء على �أق�ساط يعتبر ت�أجيال للتنفيذ �أو ت�سهيال للأداء،
مع العلم �أي�ضا �أن المادة 117من ذات المدونة �أقرت على �أنه يمكن للمدين الدين
ينازع كال �أو بع�ضا في المبالغ المطالب بها �أن يوقف �أداء الجزء المتنازع فيه
�شريطة �أن يكون قد قدم مطالبته داخل الآجال و�أن يكون ال�ضمانة.
فترى ماذا نعني بال�ضمانة الواجبة ؟ ومتي يمكن تكوينها ؟ ومن ماذا تتكون ؟
ولمن يتم تقديمهـا ؟ وما هي �شروط قبولها ؟ وكيف يتعامل الق�ضاء الإداري مع
هذه ال�ضمانة وما هي �آثارها على الملزم والمنازعة على حد �سواء ؟ وهل �إيقاف
�إجراءات التح�صيل من طرف الق�ضاء �أمر مرفوع عنه بموجب المادة 124من
مدونة تح�صيل الديون العمومية.
( ) 25عبد الرحمان �أبليال :تح�صيل ال�ضرائب والديون العمومية على �ضوء المدونة الجديدة ،مطبعة الأمنيـة،
� ،2000ص .11
313
دفاتر المجلس األعلى
اختلف الفقه في تحديد معناها لغويا �أو ا�صطالحا ،فالبع�ض يعرفها بالكفالة
ال�ضامنة للحق والبع�ض الآخر بالمقابل العيني� ،أو النقدي الكفيل بالدين .والبع�ض
الآخر بمخ�ص�صات لتغطية الدين العمومي ،كيفما تعددت النعوت واختلفت
الو�سائل فالهدف منها تكوين مخ�ص�صات نقدية� ،أو عينية لتغطية الدين العمومي
المطالب به مقابل ت�أجيله �إلى حين البت في النزاع ،ويكون المحا�سب المقدم �أمامه
الطلب ملزما للت�أكد فعال من وجود نزاع معرو�ض �أمام الق�ضاء ،ولم يتم البت فيه
ك�شرط لطلب الت�أجيل لينتقل بعد ذلك �إلى فح�ص ال�ضمانة المعرو�ضة عليه وهل
تدخل �ضمن الحاالت المن�صو�ص عليها في المادة 118من مدونة تح�صيل الديون
العمومية ،وهل يمكن له �أن يقبل طلبات الت�أجيل رغم ان النزاع الزال معرو�ضا
�أمام اللجان ال�ضريبية ؟ �أو �أن يكون الحق مقت�صرا فيما يكون النزاع ق�ضائيا ؟ و�إذا
كان القاب�ض يتوفر على �سلطة قبول �أو رد ال�ضمانات لعدم كفايتها ح�سب وجهة
نظره هل يمكن للملزم �أن يتقدم �أمام الق�ضاء لعر�ض �ضماناته وتقييمها من طرف
الق�ضاء وما موقف القاب�ض �إزاء ذلك.
بالرجوع �إلى مقت�ضيات المادة 118من مدونة تح�صيل الديون العمومية نجد
�أنها جاءت على �سبيل المثال ال الح�صر على اعتبار �أنها حددت �إمكانية تكوين بع�ض
ال�ضمانات وتركت للملزم �إمكانية تكوين �أخرى �شرط �أن يقبلها القاب�ض المخت�ص،
وبالتالي ف�إن معطيات المادة المذكورة تركت الباب مفتوحا لالجتهاد وفر�ض
�ضمانات �أخرى.
هذا ومن بين ال�ضمانات المن�صو�ص عليها بمقت�ضى المادة المذكورة.
� -إيداع في ح�ساب الخزينة.
� -سندات الدين القابل للتداول.
� -سندات عمومية وغيرها من القيم المنقولة.
-كفالة بنكية.
314
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
315
دفاتر المجلس األعلى
هذه الحالة يمكن للملزم �أن يقدم بع�ض المعطيات التي قد تخالف الم�صرح به
�ضريبيا من �أجل ت�ضخيم الأرقام غير الم�صرح بها ،وهي حالة نادرة جدا �أمام حر�ص
الملزم من اتخاذ ذلك كموقف �ضده و�إتاحة الفر�صة لإدارة ال�ضرائب من �أجل
القيام بفح�ص �أو بمراقبة ح�سابية .في حين ان الر�سم العقاري يمكن له �أن ي�ستخل�ص
فكرة عن التقويم من خالل �إدارة الت�سجيل ،وا�ستنتاج فكرة ولو تقديرية عن
الأثمان المتداولة بالحي المتواجد به ،وكذا عن مكوناته ومميزاته ،وما �إذا كان
مثقال بالتكاليف المختلفة.
وبغ�ض النظر عن هذين ال�شكلين من ال�ضمانات ،ف�إن الأخرى تبقى �سهلة التقييم
و�إن كانت بع�ض القيم المنقولة �سواء المعروفة قيمتها بال�سوق المالي ف�إن التقويم
يكون ب�آخر �سعر متداول حين التقييم ،و�إذا ما كانت �سندات التخزين م�ؤمن عليها
�أم ال وذات بيانات كافية.
يمكن للملزم �أن يقدم �ضمانات �أخرى غير م�شار �إليها بالمادة المذكورة
كالعقارات غيرالمحفظة� ،أو العقارات الفالحية� ،أو تقديم كفيل� ،أو �ضامن
مي�سور� ،أو تقديم ح�صة في �شركة �أو رهن منقول �آخر كالحافالت -ال�شاحنات -
ال�سيارات -ال�سفن � -سبائك الذهب -الرهن الحيازي رهن ال�سفن والمراكب
البحرية وفق �إجراءاتها الخا�صة.
وبعد تقييم ال�ضمانة يمكن �أن يكون رد المحا�سب �إما �إيجابا �أو �سلبا ،ففي حالته
الأخيرة .هل يكون المحا�سب مجبرا على الرد �أو التغا�ضي عن ذلك ويعتبر رف�ضا
�ضمنيا .وفي هذه الحالة هل يعتبر قراره قرارا �إداريا موجبا للطعن بالإلغاء �أمام
الجهة الق�ضائية المخت�صة �أو ان يخت�صرالطريق ويلج�أ �إلى قا�ضي الم�ستعجالت
الإداري في �إطارالطلبات اال�ستعجالية لإيقاف �إجراءات التح�صيل.
الأ�صل في منازعة رف�ض المحا�سب المكلف بالتح�صيل قبول ال�ضمانة ،هو في
حد ذاته قرارا �إداريا قابال للطعن بالإلغاء .لكن بالمقابل لي�س في القانون ما يمنع
الملزم من اللجوء �إلى ق�ضاء اال�ستعجال لوقف �إجراءات تح�صيل الدين العمومي
مقابل ال�ضمانة نف�سها المرفو�ضة من طرف القاب�ض.
316
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
عند تكوين ال�ضمانة وقبولها يتمتع الملزم بالأثر الواقف للأداء ومن فوائد
الت�أخير بالن�سبة �إليه �أو الموجهة �ضد �أغياره الحائزين� ،أو المت�ضامنين ك�إجراء
بالتبعية .ويجوز له طلب رفع اليد عن كل تلك الإجراءات لحلول ال�ضمانة محل
الإجراءات �أو الحجوزالمجراة ،وفي حالة الرف�ض يوا�صل �إجراءات التح�صيل
الجبري.
- 2توجهات الق�ضاء الإداري بخ�صو�ص ال�ضمانة :
ا�ستقر العمل الق�ضائي الإداري على �أن طلبات �إيقاف تنفيذ �إجراءات تح�صيل
الديون العمومية يتم في �إطار ال�شروط العامة لال�ستعجال( )28من جدية ال�سبب
وعن�صر اال�ستعجال وذلك وفق قواعد الم�سطرة المدنية بغ�ض النظر عن �شروط
مقت�ضيات مدونة تح�صيل الديون العمومية( .)29ولعل تدخل الق�ضاء اال�ستعجالي
هنا تفر�ضه �شروط �إقامة الدعوى اال�ستعجالية من تدارك الأ�ضرار التي ي�صعب �أو
ي�ستحيل تداركها وحماية الحقوق �إن كانت درجة تقا�ضيهم �أو منازعتهم على نوع
عالي من الجدية و�أال يكون تدخل القا�ضي اال�ستعجالي من �ش�أنه �أن يم�س حقا من
الحقوق �أو ف�صال في النزاع مما تبقى �إجراءاته وقتية وتحفظية الغاية منها الحفاظ
على المراكز القانونية للأطراف.
�إن الخالف الفقهي المثار في مجال تدخل قا�ضي الم�ستعجالت من �أجل
وقف �إجراءات تح�صيل الدين ال�ضريبي كان مرده مدى �إمكانية �أو عدم ا�ستطاعته
ا�ستيعاب هذا التدخل وفق نظرة �ضيقة تبعا لقراءة غير م�ضبوطة للمادة 124من
مدونة تح�صيل الديون العمومية واعتبار �أن ال�ضمانة ك�شرط �أ�سا�سي ال يمكن لأي
جهة التدخل في الحد منها �أو تجاوزها للمقت�ضيات المن�صو�ص عليها في المادة
124من ذات المدونة التي تخاطب �صراحة المحا�سب المخت�ص بالتح�صيل وال
يمكنها �أن تخاطب بذلك الق�ضاء الذي يعتبر جهة م�ستقلة ال ت�ؤتمر ب�أوامر �أي جهة
( ) 28محمد ق�صري :المنازعة الجبائية المتعلقة بربط وتح�صيل ال�ضريبة �أمام الق�ضاء المغربي ط 2009/ 2 .دار
�أبي رقراق �ص.111 .
( ) 29وهي نف�س المادة 11من ظهير .1935/8/21
317
دفاتر المجلس األعلى
كيفما كانت بل تبقى غايته تطبيق الن�صو�ص القانونية الواجبة التطبيق .الحال
الذي يجعل القا�ضي اال�ستعجالي يرتبط �أ�شد االرتباط باالخت�صا�صات الممنوحة
للمحاكم الإدارية ويطبق القواعد العامة لال�ستعجال.
بغ�ض النظر عن ال�شروط ال�شكلية الواجب توفرها في الطلبات اال�ستعجالية اعتبر
الق�ضاء بداية �أنه للنظر في طلبات �إيقاف التنفيذ يتعين �أن تكون المنازعة مثارة في
المو�ضوع لكي يتلم�س القا�ضي اال�ستعجالي وهو ينظر في ذات الطلب المعرو�ض
امامه جدية المنازعة �إما في ا�سا�س فر�ض ال�ضريبة �أو في تح�صيلها من خالل اطالعه
على ظاهر الم�ستندات التي يعتمدها الطالب تدعيما للطعن ال�ضريبي المقدم من
قبله �أمام محكمة المو�ضوع وبالتالي ف�إن طلب �إيقاف �إجراءات التح�صيل المقدم
�أمام قا�ضي الم�ستعجالت الإداري رهين بتقديم الطعن المذكور تحت طائلة عدم
القبول(.)30
القانون رقم 41/90المحدث للمحاكم الإدارية المحدد لكيفية الطعن بالإلغاء
في القرارات الإدارية ي�شترط مجموعة من الإجراءات واجبة االتباع ،وباعتبار
قرار الرف�ض ال�صادر عن المحا�سب المخت�ص قرارا �إداريا يتعين الطعن فيه
بالإلغاء ،ولكون الدعوى ال�ضريبية تبقى ح�ضو�ضها هام�شية في دعوى الإلغاء
على اعتبار �أنها تندرج �ضمن الق�ضاء ال�شامل �إال �أنه يمكن ا�ستثناء رفعها في هذا
الإطار وتكون معفاة من الر�سوم الق�ضائية كلما انتفت ال�صلة بين الملزم وال�ضريبة
المنازع فيها(.)31
اعتبر الق�ضاء الإداري �أن ال�ضمانة التي ت�ستلزمها مدونة تح�صيل الديون العمومية
تكون غير الزمة في مجموعة من الحاالت كالتقادم وانعدام �صفة الإلزام وخرق
الم�سطرة �إذ �أكد المجل�س الأعلى �أن ال�ضمانة التي ي�ستلزمها الف�صل 15من ظهير
1935/8/21تخ�ص دعوى �إيقاف �إجراءات اال�ستخال�ص �أما الدعاوى الرامية �إلى
ال�صادر عن محكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط في الملف عدد 2006/12/4 بتاريخ ( ) 30القرار عدد
12
.2/06/21
( ) 31قرار المجل�س الأعلى عدد 1583بتاريخ 1999/12/9في الملف الإداري عدد .1999/1/5/887
318
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�سقوط التح�صيل لتقادمه فال تنطبق عليها مقت�ضيات الف�صل المذكور ( )32و�أن
قاعدة وجوب �أداء ال�ضريبة رغم كل تظلم �أو طعن ق�ضائي لي�ست قاعدة مطلقة
بل يمكن لكل من ينازع في ا�سا�س ال�ضريبة �أو في م�شروعيتها �أو يدعي �إعفائه منها
طلب �إيقاف تنفيذها دون كفالة(.)33
تقديم الكفالة �أو ال�ضمانة التي تم رف�ضها من طرف المحا�سب تجيز واقعتها
للملزم �أن يقيم دعوى ا�ستعجالية للإ�شهاد عليه بتقديم الكفالة من �أجل �إيقاف
�إجراءات التح�صيل ف�ضال على �أن الق�ضاء اال�ستعجالي يمكنه �أن يقيمها ويت�أكد من
�إجراءات ا�ستكمال ال�ضمانة المقدمة من حيث التكوين وتوافر ال�شروط والإلتزام
بم�ستلزمات م�صاريف التجديد وت�سجيلها بال�سجالت المرتبطة بها كال�سجل
التجاري بخ�صو�ص الأ�صول التجارية وبالتالي ف�إن عدم تقييد ال�ضمانة المتمثلة في
رهن ال�صل التجاري بال�سجل المذكور رغم الإ�شهاد على تقديمها بمقت�ضى �أمر
ا�ستعجالي يجعل مح�صل ال�ضرائب محقا لال�ستمرار في عملية اال�ستخال�ص(.)34
وا�ستلزم الق�ضاء �إيداع ال�ضمانة لإيقاف �إجراءات التح�صيل في حالة انتفاء جدية
النزاع �أو �إذا كانت المنازعة غير �شاملة لجميع ال�ضرائب مو�ضوع اال�ستخال�ص
ف�شمولية هذه الأخيرة ال يمكن ف�صلها عن الجدية �أو ما يظهر من انعدامها وبالتالي
فاال�ستجابة جزئيا تجعل الجزء الغير الم�شمول موجبا لإيداع ال�ضمانة(.)35
يظهر مما �سبق �أن الق�ضاء اال�ستعجالي تعامل مع �شرط ال�ضمانة من خالل الجدية
في النزاع المتمثل في خرق الم�سطرة الواجبة االتباع �أو انعدام �صفة الإلزام
ال�ضريبي �أو الإعفاء المن�صو�ص عليه.
( ) 32قرار المجل�س الأعلى عدد 154بتاريخ 2000/11/16في الملف الإداري عدد .2000/1/4/528
( ) 33قرار المجل�س الأعلى عدد 1150بتاريخ 1997/7/10في الملف الإداري عدد .1997/1/5/483
( ) 34قرار المجل�س الأعلى عدد 98بتاريخ 2000/10/26في الملف الإداري عدد .2000/1/4/168
( ) 35قرار المجل�س الأعلى عدد 563بتاريخ 2001/9/27في الملف الإداري عدد .2150/4/1/2000
319
دفاتر المجلس األعلى
مقدمة :
لقد خول الم�شرع الجبائي للإدارة ال�ضريبية فيما يخ�ص الرقابة ال�ضريبية في
مجال الت�سجيل �إجراء موازيا للإجراءات التي ت�ضمنتها المدونة العامة لل�ضرائب
والمتعلقة بالم�سطرة العادية لت�صحيح ال�ضرائب يتمثل في �إمكانية ممار�سة حق
ال�شفعة.
1973 وقد �أقر الم�شرع هذا الحق لفائدة الدولة بمقت�ضى قانون المالية ل�سنة
الف�صل 32منه ،لي�ضمن فيما بعد �ضمن ال�صيغة الجديدة لمدونة الت�سجيل
بمقت�ضى قانون المالية ل�سنة ،2004ثم بعد ذلك تم �إدراجه �ضمن المدونة الجديدة
لل�ضرائب في مادتها 146من كتاب الوعاء والتح�صيل ،وتم تخ�صي�ص المادة 9منه
للإجراءات المتبعة لتطبيقها ،كما تم االحتفاظ به �ضمن المدونة العامة لل�ضرائب
بمقت�ضى المادة 143منها وخ�ص�صت المادة 218منها للإجراءات التطبيقية له.
وبغ�ض النظر عن الخو�ض في تحديد طبيعة حق ال�شفعة الممار�س من طرف
الإدارة الجبائية واالختالفات الفقهية والق�ضائية ب�ش�أن تكييفه �سواء على م�ستوى
الفقه والق�ضاء الفرن�سيين �أو لدى الفقه المغربي ف�إن الأمر يبقى وا�ضحا طالما �أن
الت�شريع اعتبره حق �شفعة مخول لفائدة الدولة له خ�صو�صياته وم�سطرته و�إجراءات
�ضابطة له.
320
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�إال �أن الغاية من تقرير هذا الحق لفائدة الدولة تبقى في �أ�سا�سها تهدف �إلى تدارك
النق�صان في الأثمنة الم�صرح بها بمنا�سبة التفويتات العقارية ،علما �أن القاعدة
العامة هي �أن واجبات الت�سجيل تحدد وت�ستخل�ص ح�سب الأثمنة المتفق عليها
بين المتعاقدين والم�صرح بها في العقود ،ويبقى للإدارة مراقبة هذه التفويتات
والتحقق من القيمة الحقيقية الم�صرح بها.
فما هي ال�سلطات المخولة للإدارة بهذا ال�ش�أن ،وما هي الم�ساطر الواجبة االتباع
والمحددة ت�شريعيا لممار�سة حق ال�شفعة ،وما هي ال�ضمانات القانونية والق�ضائية
المخولة للملزم ،ل�ضمان ممار�سة الإدارة لهذا الحق وفق �ضوابط معقولة تحقق
ذلك التوازن المن�شود في عالقتها بالملزم؟
�إنها مختلف النقط التي �سنحاول الإجابة عنها في هذه الدرا�سة من خالل
مبحثين:
المبحث الأول � :شروط وم�سطرة ممار�سة الدولة لحق ال�شفعة في المادة الجبائية.
المبحث الثاني :الحماية القانونية والق�ضائية للملزم عند ممار�سة حق ال�شفعة.
المبحث الأول � :شروط وم�سطرة ممار�سة الدولة لحق ال�شفعة في
المادة الجبائية
لقد حدد الم�شرع المغربي مجموعة من ال�شروط المو�ضوعية الالزم توفرها
لممار�سة الدولة لحق ال�شفعة وذلك ما �سنتعر�ض له في مطلب �أول ،على �أن
نخ�ص�ص المطلب الثاني لتحديد الإجراءات الم�سطرية المفرو�ض على الإدارة
�سلوكها اتجاه الملزم عند ممار�ستها لهذا الحق.
المطلب الأول :ال�شروط الواجب توفرها لممار�سة الدولة لحق
ال�شفعة
ا�ستنادا �إلى مقت�ضيات المادة 143من المدونة العامة لل�ضرائب يت�ضح ب�أن
الم�شرع المغربي حدد مجموعة من ال�شروط الواجب توفرها لإمكانية ممار�سة
الدولة لحق ال�شفعة ويمكن �إجمالها فيما يلي:
321
دفاتر المجلس األعلى
� - 1أن ين�صب حق ال�شفعة على عقار �أو حقوق عينية عقارية.
� - 2أن يكون هذا العقار �أو الحقوق العينية العقارية محل نقل ملكية ر�ضائي
بين الأحياء ،بعو�ض �أو بغير عو�ض ،وا�ستثنى من ذلك الهبات بين الأ�صول
والفروع.
� - 3أن يكون الثمن الم�صرح به �أو الت�صريح التقديري ال ينا�سب القيمة التجارية
للعقار وقت التفويت.
- 4ا�ستحالة �أداء الواجبات المفرو�ضة بناء على تقدير الإدارة من طرف الملزم
ر�ضائيا.
وبتمعن هذه ال�شروط يتبين ب�أن حق ال�شفعة ال يمكن �أن يمار�س �إال �إذا تعلق
الأمر بتفويت عقار �أو حقوق عقارية �سواء بعو�ض �أو بغير عو�ض ،و�أن يكون
هذا التفويت ر�ضائيا ،بمعنى �أن الم�شرع ا�ستثنى ب�صريح ن�ص المادة المذكورة
ممار�سة حق ال�شفعة على المنقوالت وباقي الحقوق الأخرى وح�صرها في
العقارات والحقوق العقارية فقط ،كما ا�ستثنى كذلك البيوع الجبرية ،وهو �أمر
منطقي لأنه ال يمكن �إخفاء ثمن البيع في البيوع الجبرية.
لكن بخ�صو�ص مدى تنا�سب القيمة التجارية للعقار مع الثمن الم�صرح به �أو
الت�صريح التقديري ،ف�إن الم�شرع �أعطى لوزير المالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض له
ذلك �سلطة تقديرية وا�سعة ويتجلى ذلك من خالل ا�ستعماله لعبارة «�إذا بدا له».
وهذا ما �سيكون محل مناق�شة في المبحث الثاني من هذه الدرا�سة بخ�صو�ص
حدود ال�سلطة التقديرية للإدارة في تقدير الثمن الحقيقي ،ومدى خ�ضوعها لرقابة
الق�ضاء بهذا ال�صدد.
وبخ�صو�ص ال�شرط الأخير المتمثل في �ضرورة مطالبة الإدارة الملزم ب�أداء
الواجبات على �أ�سا�س الثمن التقديري المحدد من طرفها ب�شكل ر�ضائي ،فهو في
جوهره يعتبر �شرطا ذي طبيعة م�سطرية و�إجرائية ،يتعين على الإدارة �سلوكه قبل
االنتقال لممار�سة حق ال�شفعة وفقا للإجراءات المحددة في المادة 218من المدونة
العامة لل�ضرائب و�سنقف في المبحث الثاني عن الآثار التي يمكن �أن تترتب عن
322
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الإخالل بهذا ال�شرط ،وكذا باقي ال�شروط الأخرى عند درا�ستنا للحماية القانونية
والق�ضائية للملزم.
المطلب الثاني :الإجراءات الم�سطرية المتبعة في ممار�سة حق
ال�شفعة
لقد �أحال الم�شرع الجبائي في المدونة العامة لل�ضرائب بمقت�ضى المادة 143
على المادة 218من ذات المدونة باعتبارها هي التي تحدد الإجراءات التي يتعين
على الإدارة �سلوكها ،وهي �إجراءات م�سطرية يترتب عنها مجموعة من الآثار
القانونية ،كما يترتب عن الإخالل بها مجموعة من النتائج قد ت�ؤدي �إلى �إبطال
الم�سطرة ،و�سنقف عندها تباعا وفقا للترتيب المحدد في المادة المذكورة.
� - 1ضرورة ممار�سة حق ال�شفعة خالل �أجل � 6أ�شهر كاملة ابتداء من يوم
الت�سجيل ،بمعنى �أن الم�شرع �أعطى للإدارة الجبائية الحق في ممار�سة
ال�شفعة خالل �أجل � 6أ�شهر ابتداء من تاريخ ت�سجيل التفويت ب�إدارة
الت�سجيل ،وقد �أخذ الم�شرع بعين االعتبار حاالت نقل الملكية المبنية على
�شرط واقف ،ون�ص على �أن الأجل المذكور ال ي�سري �إال من تاريخ ت�سجيل
تحقق هذا ال�شرط ،والم�شرع هنا كان دقيقا ذلك �أن العبرة في احت�ساب
الأجل هو تاريخ الت�سجيل �سواء بالن�سبة للتفويت التام �أو التفويت المبني
على �شرط واقف ،ولي�س بتاريخ تحقق التفويت �أو تحقق ال�شرط ،لأن
الإدارة لن تكون على علم بذلك �إال بعد ت�سجيله لدى �إدارة الت�سجيل.
لكن الإ�شكال الذي يبقى عالقا هو �أن الم�شرع لم يحدد الجزاء المترتب عن
عدم احترام الإدارة لهذا الأجل؟
�إن الإجابة عن هذا الت�سا�ؤل تقت�ضي الإمعان في م�ضمون الن�ص وروحه ومغزاه
فالم�شرع �أورده ب�صيغة الوجوب ،وبالتالي ف�إنه ال يجوز الإخالل به والتذرع
ب�أن الم�شرع لم يرتب �أثرا على ذلك ،لي�شكل بذلك على غرار باقي الآجال التي
يحددها الم�شرع لممار�سة حق معين� ،أجل �سقوط ،بمعنى �أنه يقع تحت طائلة
323
دفاتر المجلس األعلى
324
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�أن باقي فقرات هذه المادة ت�شير �إلى الآثار المترتبة عن مقرر ال�شفعة �سواء منها
تلك المتعلقة بحلول الدولة محل المفوت له فيما يخ�ص المنافع والتحمالت
الخا�صة بالعقد ابتداء من يوم نقل الملكية ،وي�شطب على كل الحقوق الم�سجلة
لفائدته بال�سجالت العقارية.
كما �أن العقارات ال�صادر ب�ش�أنها مقرر ال�شفعة ،ن�ص الم�شرع على عدم �إمكانية
بيعها من جديد �إال عن طريق المزاد العلني.
�إال �أن ما يالحظ هو �أن الم�شرع �أغفل الإ�شارة �إلى الجزاء القانوني الذي يتعين
ترتيبه في حالة الإخالل بهذا المقت�ضى ،ومدى �إمكانية مطالبة المفوت له المنزوعة
منه الأمالك ب�إلغاء مقرر ال�شفعة والمطالبة ببطالن م�سطرتها ،لأنها تكون قد حادت
عن الهدف والغاية المتوخاة منها.
المبحث الثاني :الحماية القانونية والق�ضائية للملزم �أثناء ممار�سة
حق ال�شفعة
�إن الحديث عن الحماية القانونية والق�ضائية للملزم ،يبقى رهينا بالوقوف
عند ال�ضمانات الممنوحة له عند ممار�سة الإدارة الجبائية لحق ال�شفعة ،ومعلوم
�أن المخاطب الأول والأ�سا�سي ب�أحكام المواد ال�سالفة الذكر ،والمعني الرئي�سي
بهذه الم�سطرة هو ال�شخ�ص (المفوت �إليه) م�شتري العقار �أو الحقوق العقارية
مو�ضوع ال�شفعة ،طالما �أنه يعتبر هو الملزم ب�أداء واجبات الت�سجيل ،لذلك
ف�س�أحاول الوقوف عند مختلف ال�ضمانات القانونية والق�ضائية المخولة له ،والتي
عبرها بمكنه الدفاع عن م�صالحه �إزاء الإدارة الجبائية ،بحكم ما تتميز به هذه
الم�سطرة من نوعية في �إجراءاتها ،تختلف عن الم�سطرة التواجهية الم�ضمونة في
باقي الم�ساطر الأخرى.
وبحكم ما ذكر كان لزاما �أن نتطرق في مطلب �أول لل�ضمانات القانونية مع
الوقوف عند ح�سنات الت�شريع ور�صد �أوجه الق�صور ،والثغرات التي تعتريه
بهذا ال�صدد ،ثم نعرج على درا�سة ال�ضمانات الق�ضائية في مبحث ثان ،من خالل
درا�سة ما تو�صل �إليه االجتهاد الق�ضائي بخ�صو�ص ممار�سة م�سطرة ال�شفعة رغم
325
دفاتر المجلس األعلى
ندرة الأحكام والقرارات الق�ضائية ال�صادرة في هذا ال�ش�أن ،بالنظر �إلى عدم
�سلوك الإدارة لهذه الم�سطرة �إال لماما.
و�ستكون الدرا�سة في هذا المبحث منكبة على بع�ض الإ�شكاالت القانونية ذات
ال�صلة بمو�ضوع الدرا�سة.
المطلب الأول :الحماية القانونية للملزم
�إن الوقوف عند الحماية القانونية المقررة للملزم يقت�ضي ب�شكل �أولي وم�ضبوط
التحقق من ال�ضمانات التي كر�سها الم�شرع الجبائي للحفاظ على حقوقه � -أي
الملزم -وهو ما يمكن ا�ستخال�صه من الن�صو�ص القانونية ال�ضابطة ،والمنظمة
لم�سطرة ممار�سة ال�شفعة وكذا الن�صو�ص المت�ضمنة لل�شروط المقررة لممار�ستها
�سواء من الناحية ال�شكلية �أو المو�ضوعية ،وكذا الوقوف عند الآثار المترتبة عن
ممار�ستها ،في �ضوء العالقة التي تربط الملزم بالإدارة.
فباالطالع على مقت�ضيات المادة 143من المدونة العامة لل�ضرائب ،يلفى ب�أن
الم�شرع المغربي قد �أعطى للإدارة الجبائية ب�صيغة الجواز �إمكانية ممار�سة حق
ال�شفعة ب�صرف النظر عن حق المراقبة المخول بها بمقت�ضى المادة 217من ذات
المدونة ،لكن الإ�شكال الذي يطرح هل يمكن للإدارة الجبائية �سلوك الم�سطرتين
معا في �آن واحد ،بعلة �أن الن�ص القانوني (المادة )143جاءت غير وا�ضحة ،و�أن
الم�شرع ا�ستعمل عبارة «ب�صرف النظر عن حق المراقبة ...يجوز للوزير� ...أن
يمار�س لفائدة الدولة حق ال�شفعة»...؟
�إن الإجابة عن هذا الت�سا�ؤل تقت�ضي تحديد الغاية من الم�سطرتين معا ،والمتمثلة
�أ�سا�سا في مكافحة النق�صان في الأثمنة الم�صرح بها عند عمليات التفويت ،و�أنه
ما دامت الغاية واحدة ،ف�إنه ال ي�سوغ مطلقا الجمع بين الم�سطرتين ،وهي �ضمانة
�أ�سا�سية يتعين مراعاتها لفائدة الملزم.
كما �أن الم�شرع �أعطى �صالحية ممار�سة حق ال�شفعة �إلى وزير المالية �أو
ال�شخ�ص المفو�ض �إليه ذلك ،مما يدل على �أن �سلوك هذه الم�سطرة يقت�ضي �أن
يكون على م�ستوى �أعلى ،و�أن �أي ممار�سة له خارج هذا ال�ضابط القانوني قد
326
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
يجعل المقرر القا�ضي با�ست�شفاع العقار �أو الحق العيني العقاري م�شوبا بعيب
عدم االخت�صا�ص ،وهذا يدل على �أن �سلوك م�سطرة ال�شفعة يقت�ضي وجود �إرادة
�صريحة وتوفر �شروط مبررة لممار�ستها ك�أهمية العقار المفوت� ،إذ �أنه لي�س من
الم�ست�ساغ اللجوء �إلى هذه الم�سطرة بخ�صو�ص تفويتات ب�سيطة ب�ش�أن عقارات
�أو حقوق عينية ال تكت�سي �أهمية بالغة ويمكن للإدارة اللجوء ب�ش�أنها �إلى م�سطرة
المراقبة والمراجعة.
ومن بين ال�ضمانات القانونية كذلك �أن الم�شرع الجبائي ح�صر ممار�سة حق
ال�شفعة ب�ش�أن العقارات والحقوق العينية العقارية التي تكون محل تفويت ر�ضائي
بين الأحياء� ،سواء بعو�ض �أو بدون عو�ض مما يدل على �أنه ق�صد ح�صر نطاقها من
حيث العمليات المخاطبة ب�أحكام هذه الم�سطرة ،وبالتالي ف�إنه ال ي�سوغ التو�سع
في ذلك �أمام �صراحة هذا الن�ص ،وهي �ضمانة �أخرى ن�ص عليها الت�شريع الجبائي
في هذا ال�ش�أن �إذ �أن الم�شرع بعدما حدد نطاقها ا�شترط �أن تكون عملية التفويت
-نقل الملكية -ر�ضائية� ،أي �أنه ا�ستثنى البيوع الجبرية ،وقد �سبق �أن �أو�ضحنا
مبررات ذلك في �أعاله.
كما �أ�ضاف الم�شرع �ضمانة �أخرى تتمثل في �ضرورة �إ�شعار الإدارة الملزم -
الم�شتري -ب�أداء الواجبات التكميلية المفرو�ضة بناء على تقديرها وبالتالي ف�إنه
ال يت�أتى لها متابعة الم�سطرة �إال بعد �إثبات تعذر الح�صول على هذه الواجبات
بالمرا�ضاة ،ورف�ض الملزم �أداءها.
لكن ما يعاب في هذا ال�صدد هو �أن الم�شرع المغربي لم يحدد الأجل الذي
يتعين فيه على الملزم �أداء الواجبات المقدرة من طرف الإدارة الجبائية مما يعني
�أن الأجل المذكور يبقى تحديده بيد هذه الأخيرة وقد يكون غير كاف بالن�سبة
للملزم� ،أو قد تتع�سف الإدارة في ذلك بمنحه �أجال ق�صيرا ي�صعب معه توفير
هذه الواجبات ،وبالتالي اللجوء �إلى متابعة م�سطرة ال�شفعة ،مما ي�ؤدي �إلى �إفراغ
ممار�سة هذه الم�سطرة من محتواها المتمثل في محاربة ظاهرة النق�صان في الثمن
لت�صبح نوعا من النزع الجبري للملكية.
327
دفاتر المجلس األعلى
مما يتعين معه على الت�شريع الجبائي التدخل لتحديد �أجل معقول ومنا�سب
تراعى فيه م�صلحة الملزم وم�صالح الإدارة الجبائية.
ويبقى �أمر ال�سلطة التقديرية للإدارة ب�ش�أن تحديد القيمة التجارية للعقار �أو الحق
العيني العقاري المراد ا�ست�شفاعه� ،أمرا غير مرحب به في نف�سية الملزم ،باعتبار �أن
حدودها غير وا�ضحة المعالم علما �أن ن�ص المادة 143جاء ب�صيغة «� ...إذا بدا له
�أن ثمن البيع الم�صرح به �أو الت�صريح التقديري ال ينا�سب القيمة التجارية للعقار
وقت التفويت »...علما �أن حدود الرقابة الق�ضائية ب�ش�أن �سلطتها التقديرية بهذا
ال�صدد تبقى متال�شية وغير متوفرة �إطالقا بحكم عدد وجود ن�ص قانوني يخول
للق�ضاء �أي رقابة عليها بهذا ال�ش�أن ،وهو ما �سار عليه كل من االجتهادين الق�ضائيين
الفرن�سي والمغربي و�إن كانت �أحكام هذا الأخير في هذا ال�صدد فريدة ويتيمة
بحكم قلة الق�ضايا المعرو�ضة عليه بهذا ال�صدد ،و�سنقف ب�شيء من التف�صيل عند
ذلك في المطلب الثاني من هذا البحث.
ومن بين ال�ضمانات الإجرائية الأخرى التي متع بها الم�شرع الجبائي الملزم في
هذا الإطار ،ربط ممار�سة حق ال�شفعة ب�أجل � 6أ�شهر ،واعتباره �أجل �سقوط� ،إذ
ال يمكن للإدارة اللجوء �إليه بعد ان�صرام هذا الأجل ابتداء من تاريخ الت�سجيل،
ف�ضال عن �إلزامه الإدارة ب�ضرورة �أداء الثمن وكذا واجبات الت�سجيل وتكاليف
العقد على �أ�سا�س % 5من الثمن الم�صرح به �أو القيمة التجارية المثبتة داخل �أجل
�شهر من تاريخ تبليغ مقرر ال�شفعة تحت طائلة ترتيب الفوائد القانونية ،وهي �ضمانة
لفائدة الملزم لتفادي تماطل الإدارة في �أداء ثمن التفويت وكذا باقي الم�صاريف
الأخرى.
المطلب الثاني :الحماية الق�ضائية للملزم
�إن التف�صيل ب�ش�أن الحماية الق�ضائية المقررة للملزم �أثناء ممار�سة م�سطرة
ال�شفعة ،تقت�ضي ب�شكل �أولي تج�سيد الم�ساطر الق�ضائية التي يكون من حق الملزم
اللجوء �إليها في هذا الإطار ،وكذا تحديد طبيعة ونوعية الدعاوى المرفوعة �أمام
المحاكم للمنازعة ب�ش�أن هذه الم�سطرة ،ثم بعد ذلك محاولة ا�ستجالء مختلف
328
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
329
دفاتر المجلس األعلى
وا�ستنادا �إلى كل ما ذكر ف�إنه يبقى من حق المعني بالأمر اعتماد العيوب الخم�سة
الم�شار �إليها في المادة 20المذكورة كلما تبين له �أن مقرر ال�شفعة م�شوب ب�إحداها
والمطالبة ب�إلغاءه على �أ�سا�سها.
وفي نف�س الإطار ف�إنه يت�ضح من القرارات والأحكام ال�صادرة ب�ش�أن المنازعة
في مقرر ال�شفعة �أن الم�ساطر التي مور�ست تمت في �إطار دعوى الإلغاء والتي
يمكن �إجمالها بحكم قلتها في :
• ق�ضية المعهد الديني الكاثوليكي الإ�سباني بتطوان ،والتي �أ�س�ستها الجهة
الطاعنة على و�سيلة االنحراف في ا�ستعمال ال�سلطة ،على اعتبار �أن
الإدارة الجبائية كانت لها نية م�سبقة في ممار�سة ال�شفعة وذلك باتفاق بين
�إدارة الت�سجيل ووزارة التربية الوطنية من �أجل تحويل المعهد �إلى ثانوية
و�أنه كانت هناك رغبة من وزارة التربية الوطنية القتناء العقار ،وبعد عر�ض
النزاع �أمام المجل�س الأعلى الغرفة الإدارية �أ�صدرت قرارها بوقف تنفيذ
مقرر ال�شفعة �إال �أن دعوى المو�ضوع لم يتم البت فيها لتقديم تنازل من
طرف الجهة الطاعنة.
• ق�ضية �صالح الح�سوني �ضد وزير المالية والتي قدمت كذلك في �إطار
دعوى الإلغاء باعتماد و�سيلتين :هما خرق القانون ،واالنحراف في
ا�ستعمال ال�سلطة ،وقد بتت فيها الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى بالرف�ض.
• ثم ق�ضية �شركة برومو ال�صنوبر �ضد وزير المالية والتي عر�ضت على
المحكمة الإدارية بوجدة و�صدر ب�ش�أنها الحكم عدد 331بتاريخ 2010/7/01
وقد �أ�س�ست الجهة الطاعنة طعنها في مقرر ال�شفعة على و�سيلتين هما مخالفة
الإدارة للقانون فيما يخ�ص فر�ض الواجبات التكميلية والجزاءات المطبقة،
وكذا االنحراف في ا�ستعمال ال�سلطة بعلة �أن الإدارة قد بالغت في تقدير
القيمة التجارية للعقار مو�ضوع قرار ال�شفعة و�أنها تع�سفت في ا�ستعمال
حقها طالما لها الحق في �سلوك م�سطرة الت�صحيح.
330
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
ومن جهة �أخرى ف�إنه يمكن للجهة الطاعنة في مقرر ال�شفعة التم�سك بو�سائل
�أخرى من قبيل عدم اخت�صا�ص الجهة الم�صدرة له طالما �أن الم�شرع �أعطى
�صالحية اتخاذ هذا القرار �إلى ال�سيد وزير المالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض �إليه ذلك
و�أن �صدوره عن �شخ�ص غير وزير المالية ودون تفوي�ض يجعل القرار مو�صوفا
بعيب عدم االخت�صا�ص كما يمكن �أن تعتريه باقي العيوب الأخرى كعيب ال�شكل
�أو عيب ال�سبب.
وتبقى الو�سيلة الأ�سا�سية التي �أثيرت �أمام الق�ضاء الإداري بخ�صو�ص ممار�سة
الإدارة لحق ال�شفعة مرتبطة �أ�سا�سا �سلطة الإدارة في تقدير القيمة التجارية للعقار
محل ال�شفعة ،ومن تم يطرح الت�سا�ؤل حول �صدور هذه ال�سلطة الممنوحة للإدارة
وكذا مدى �إمكانية مراقبتها في هذا ال�صدد؟
فبالرجوع �إلى المادة 143من المدونة العامة لل�ضرائب يت�ضح ب�أن الم�شرع قد
�أعطى لإدارة ال�ضرائب �إمكانية ممار�سة ال�شفعة كلما بدا لها �أن ثمن البيع الم�صرح
به �أو الت�صريح التقديري ال ينا�سب القيمة التجارية للعقار محل التفويت وخولها
بمقت�ضى نف�س المادة �أحقية تحديد الواجبات المفرو�ضة بناء على تقديرها.
ومن تم تت�ضح تلك ال�سلطة التقديرية الوا�سعة الممنوحة للإدارة في هذا ال�صدد
والتي ال يمكن ب�أي حال ر�سم حدودها طالما �أن الم�شرع خولها ال�صالحية الكاملة
في ذلك وهو ما ا�ستقر عليها االجتهاد الق�ضائي المغربي في قراره عدد 342الم�شار
�إليه �سلفا ،وكر�سته المحكمة الإدارية بوجدة في حكمها الأخير الموم�أ �إليه �أعاله،
والتي جاء في حيثيات حكمها �أن �أمر تقدير القيمة الحقيقية يبقى �أمرا موكوال
للإدارة ولم يقيده الم�شرع ب�أي �شروط معينة ،كما لم يعط للقا�ضي الإداري �أي
رقابة على �سلطتها التقديرية في هذا ال�ش�أن ،عك�س ما هو عليه الأمر في م�سطرة
الت�صحيح والمراجعة ،وبالتالي ف�إن حق الإدارة بهذا ال�صدد يبقى مطلقا كلما بدا
لها �أن ثمن البيع الم�صرح به �أو الت�صريح التقديري ال ينا�سب قيمة العقار ،وقد
ا�ستبعدت المحكمة جميع عقود المقارنة المدلى بها من طرف الطاعنة.
وفي نف�س االتجاه �سار الق�ضاء الفرن�سي في مجموعة من الأحكام والقرارات
331
دفاتر المجلس األعلى
ال�صادرة عن محاكمه والتي �أ�س�ست على �أن ال�سلطة الق�ضائية لي�ست لها ال�صالحية
لت�أمر ب�إجراء خبرة لمراقبة النق�صان في الثمن الذي يبرر ممار�سة حق ال�شفعة.
وفي حكم �آخر ذهبت �إلى �أن حق ال�شفعة يمكن �أن يمار�س تقديريا دون الرجوع
�إلى ال�سلطة الق�ضائية ،التي ال تتوفر على القدرة في التقييم و�إثبات وجود نق�صان
في الثمن ،بمعنى �آخر �أن الإدارة ال �ستعمل �شيئا �آخر عند ممار�ستها لحق ال�شفعة
غير �ضمان تنفيذ القوانين المالية ،والتي هي الأخرى تعتبر من النظام العام
لكن تبقى �صالحية الق�ضاء للبحث في الدوافع الخفية لممار�سة حق ال�شفعة
ممكنة باعتبار �أن حياد الإدارة عن الغاية والهدف اللذين على �أ�سا�سهما تم تقرير
ممار�سة هذا الحق يبقى �أمرا �ضروريا �شريطة تم�سك الطاعن بذلك و�إثبات انحراف
الإدارة في ا�ستعمال �سلطتها بهذا ال�ش�أن ،و�إثبات �أن هدفها لم يكن هو محاربة
النق�صان في الثمن الم�صرح به و�إنما ينطوي على نزع جبري للملكية.
خاتمة :
�إن هذه المداخلة �شكلت باخت�صار محاولة لر�صد مختلف النقط التي ارت�أينا
�أنها جديرة بالمناق�شة في مو�ضوع ال�شفعة في المجال الجبائي ،والذي بقدر ما
قلت ممار�سته عمليا قلت الدعاوى ب�ش�أنه ،وكذا الدرا�سات الفقهية ،ونتمنى �أن
تكون هذه الدرا�سة بوابة لفتح باب النقا�ش لتجاوز جميع النقائ�ص التي يعرفها
الت�شريع بهذا ال�صدد ،بهدف �ضمان التوازن بين غريمين تقليديين هما الإدارة
الجبائية والملزم.
كما يطرح الت�سا�ؤل في هذا الإطار حول ما �إذا كانت م�سطرة المراقبة والت�صحيح
ت�ضمن نف�س النتائج للإدارة الجبائية ،في �إطار تواجهي مع الملزم ،فهل لم يحن
الوقت �أمام هذا الو�ضع لإلغاء المقت�ضيات المتعلقة بممار�سة حق ال�شفعة على
غرار القانون الجبائي الفرن�سي الذي �ألغى الف�صل 18من كتاب الم�ساطر الجبائية
الفرن�سي الموازي للف�صل 143من المدونة العامة لل�ضرائب وذلك بمقت�ضى
القانون 96-1081وتاريخ 1996-12-30؟.
332
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
333
دفاتر المجلس األعلى
الإدارية �أو الق�ضائية خا�صة من خالل قوانين المالية التي ما فتئت تعدل �أجل الطعن
الق�ضائي ب�صفة خا�صة �إلى �أن و�صلت �إلى تكري�سه �ضمن الف�صل 242من المدونة
العامة لل�ضرائب بل عملت على جمع �شتات الن�صو�ص ال�ضريبية �ضمن هذه
المدونة ومن هنا �سوف تتعر�ض في �إطار الإ�شكاليات التي تطرحها هاته المادة من
خالل روافد تطبيقا خا�صة الطعن في مقررات اللجنة المحلية والوطنية.
المبحث الأول � :إ�شكالية الطعن في مقرر اللجنة الوطنية
با�ستقراء التطور الزمني لإ�شكالية الطعن في مقررات اللجنة الوطنية نجد �أن
الف�صل 41من قانون ال�ضريبية على ال�شركات المحال عليه بموجب الف�صل 107
من قانون 89/10نجده ين�ص قبل تعديل قانون المالية ل�سنة 2001على �أنه يمكن
للملزم �أن ينازع �أمام الق�ضاء داخل �أجل ال�ستين يوما التالية لتاريخ و�ضع الأمر
بالتح�صيل مو�ضع التنفيذ الناتج عن تطبيق مقرر اللجنة الوطنية كما خول للإدارة
حق الطعن �أمام المحاكم داخل الأجل نف�سه في مقررات اللجنة الوطنية للنظر في
الطعون ال�ضريبية متى بتت هاته الأخيرة بغير وجه حق في م�سائل قانونية ،وقد تم
تعديل الف�صل المذكور بقانون المالية ل�سنة 2001الذي �أ�ضاف مقت�ضيات جديدة
حين خول لكل من الإدارة والملزم حق الطعن في مقرر اللجنة الوطنية داخل
�أجل �ستين ويما من تاريخ تبليغه �إذا لم يترتب عن قرار اللجنة الوطنية �إ�صدار
�أمر بالتح�صيل وقد �أخ�ضعت المادة المذكورة من جديد للتعديل بموجب قانون
المالية ل�سنة 2003الذي ن�صت في فقرتها الأخيرة على �أنه يمكن �أن تنازع الإدارة
�أمام المحاكم داخل الأجل نف�سه ( 60يوما) من مقررات اللجنة الوطنية المتعلقة
بال�ضريبة �سواء تعلق الأمر بم�سائل قانونية �أو واقعية وعندما ال يترتب على المقرر
�إ�صدار �أمر بالتح�صيل ثم بعد ذلك بتعديل �آخر بمقت�ضى المادة 35من كتاب
الم�ساطر الجبائية المحدث بموجب المادة 22من قانون المالية رقم 26-04ل�سنة
2005عندما ن�صت عليه يمكن �أن تنازع الإدارة عن طريق المحاكم داخل نف�س
الأجل في القرارات ال�صادرة عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون ال�ضريبية �أو
334
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
تعلقت هذه القرارات بم�سائل قانونية �أو فعلية و�أن الم�شرع لم يقف عن هذه
التعديالت بل كر�س �أجل الطعن مقت�ضيات المادة 242من المدونة العامة لل�ضرائب
التي كانت تقابلها الفقرة الثالثة من المادة 35من كتاب الم�ساطر الجبائية التي
ن�صت انه يمكن كذلك للإدارة �أن تنازع عن طريق المحاكم داخل الأجل المذكور
ح�سب الحالة في الفقرة الأولى �أو الثانية �أعاله في القرارات ال�صادرة عن اللجنة
الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة �سواء تعلقت هذه القرارات بم�سائل
قانونية �أو واقعة ،فمن خالل هذه المحطات التي عرفتها نظرية الأجل فيما يخ�ص
الطعن في مقررات اللجنة الوطنية يقت�ضي معرفة الطبيعة القانونية لمقرر اللجنة
الوطنية في مواجهة الملزم قبل �صدور الأمر بالتح�صيل قبل التعديل و�إ�شكالية
الطعن فيه بالإلغاء.
� - 1إ�شكالية �إمكانية الطعن في قرار اللجنة بالإلغاء قبل �صدور الأمر
بالتح�صيل :
�إن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون ال�ضريبية تعتبر لجنة تحكيمية و�ضمانة فعلية
للملزم الغاية من �إحداثها منح الملزمين �ضمانة �إ�ضافية تتمثل في تقدير نقط واقعية
في �إطار م�سطرة �سريعة ومجانية ت�ساعد على تحديد �أ�سا�س ال�ضريبة ،وبهذا المعنى
لئن كان هيئة �إدارية وعملها و�صبغة �إدارية تحكيمية فهي ال ت�صدر قرارات �إدارية
بمفهوم القرار الإداري القابل للطعن بالإلغاء في مواجهة الملزم كما �أنها ال ت�صدر
قرارات �إدارية منف�صلة عن عملية ربط ال�ضريبة حتى تكون محال للطعن بالإلغاء
لذلك �إذا �أخذنا المنازعات الجبائية التي تندرج �ضمن الق�ضاء ال�شامل ف�إن هذا
ال ينبغي عن بع�ض القرارات الجبائبة �صبغة القرار الإداري كالقرارات ال�صادرة
عن المجل�س في �شكل مداولة التي من �شانها �إحداث ر�سوم بلدية التي تعبر
قرارات منف�صلة من عملية ربط ال�ضريبة يمكن الطعن فيها بالإلغاء لتجاوز ال�سلطة
لذلك فالقرارات ال�صادرة عن اللجنة الوطنية التي من �شانها �أن تترجم �إلى �أوامر
بالتح�صيل ال يمكن اعتبارها قرارا �إداريا منف�صال عن عملية ربط ال�ضريبة ،حيث
335
دفاتر المجلس األعلى
يعتبر مقررها غير قابل للف�صل عن م�سطرة فر�ض ال�ضريبة وهو مرحلة من مراجل
ت�أ�سي�سها في �إطار م�سطرة المراجعة هذا من جهة ومن جهة �أخر ال يرقى �إلى درجة
القرار الإداري القابل للطعن بالإلغاء لكونه ال يكت�سي �أية �صبغة تنفيذية في مواجهة
الملزم ويعتبر غير قابل للتنفيذ في حقه و�أن الذي يترجمه �إلى قرار تنفيذي هو
الأمر بالتح�صيل بالن�سبة للملزم ولي�س المقرر ال�صادر عن اللجنة الوطنية قبله.
ومن هنا ف�إن العمل الق�ضائي على اعتبار �أن مقرر اللجنة الوطنية الذي من �ش�أنه
�أن يترجم �إلى �أمر بالتح�صيل الحقا في مواجهة الملزم غير قابل للطعن بالإلغاء فال
هو بالقرار الإداري الم�ستوف لجميع �شروط ومقومات القرار الإداري وال هو
بالقرار المنف�صل عن عملية ربط ال�ضريبة وهذا ما ذهبت �إليه المحكمة الإدارية
بوجدة �إال القول بعدم قبول الطعن(.)2
غير �أن المجل�س الأعلى ذهب في منحى �آخر و�أجازت الغرفة الإدارية الطعن
في مقررات اللجنة الوطنية وق�ضت بقبولها و�إرجاع الملف �إلى المحكمة لتبت
فيه من جديد وعللت قراراها بما يلي( : )3حيث �إن الن�صو�ص القانونية المتعلقة
بال�ضريبة العامة على الدخل وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة الف�صل � 46أو ال�ضريبة
على ال�شركات الف�صل 41و�إن كانت تخول الملزم بال�ضريبة �إمكانية الطعن فيها
�أمام الق�ضاء خالل �أجل �شهرين من تاريخ �إ�صدار الأمر بتح�صيلها تبعا لمقرر
اللجنة الوطنية ال�شيءالذي يوحي ب�أن هذا الطعن ال يمكن �أن يقوم �إال �إذا و�ضع
مقرر اللجنة الوطنية مو�ضع ال�سكين �إال �أن الن�صو�ص المذكورة تخول لإدارة
ال�ضرائب �صالحية الطعن �أمام الق�ضاء في مقررات اللجنة الوطنية �سواء اقت�صرت
على البت في م�سائل قانونية �أو واقعية غذ �أن الأ�صل في الطعون هو الإباحة وقد
�أوجب الم�شرع �أن تكون مقررات اللجنة الوطنية معللة و�أن يتم تبليغها للطرفين
بر�سالة م�ضمونة مع الإ�شعار بالتو�صل الف�صل 46من ق �ص ق م.
( )2حكم �إدارية وجدة بالملف 873/97بتاريخ .3/6/1998
( ) 3قرار الغرفة الإدارية عدد 25بتاريخ � 2000/10/7أورده ذ .محمد الق�صري الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستيناف
الإدارية بالرباط في مقال م�سطرة فر�ض ال�ضريبية �أية �ضمانات (غير من�شور).
336
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وحيث �إن هدف الم�شرع هو و�ضع توازن بين حقوق الإدارة وحقوق الملزم
وتمكين هذا الأخير من عر�ض مقررات اللجنة الوطنية في جميع الأحوال على
مراقبة الق�ضاء لأن �إدارة ال�ضرائب يمكنها �أن تحول على المقررات �إلى �أوامر
قابلة للتنفيذ بقوة القانون مما يعني �أن المقررات المذكورة ت�شكل في حد ذاتها
تحديدا للملزم بال�ضريبة ومن م�صلحته الطعن فيها وال �شيء في القانون يلزمه
بانتظار تحويل مقرر اللجنة الوطنية �إلى �أمر باال�ستخال�ص.
ويالحظ �أن الغرفة الإدارية قد �أجازت الطعن في مقرر اللجنة الوطنية قبل
و�ضع الأمر بتح�صيل ال�ضريبة حوله لقرار �إداري في �إطار تحقيق مبد�أ التوازن بين
الملزم والإدارة
وقاعدة �إجازة الطعن� ،إال �أن هذا االتجاه الذي ذهبت �إليه الغرفة الإدارية يمكن
�أن يتعار�ض ومقت�ضيات المادة 41من قانون ال�ضريبة على ال�شركات والإ�شكاليات
التي يمكن �أن تواجه الملزم حين مبا�شرته للطعن في قرار اللجنة الوطنية كقرار
�إداري و�إمكانية �إ�صدار الإدارة للأمر بالتح�صيل ال�شيء الذي جعل جانب من
الباحثين �إلى �ضرورة التم�سك بحرفية ن�ص المادة 41و 46من قانون ال�ضريبة على
القيمة الم�ضافة� ،إال �أن هذه الإ�شكاليات �أجل الطعن �سيعمل الم�شرع على تفاديها
بمقت�ضى قانون الم�ساطر الجبائية كما �سبقت الإ�شارة �إلى ذلك و�أخيرا الف�صل 242
من المدونة العامة لل�ضرائب.
�أجل الطعن في مقررات اللجان ال�ضريبية طبقا للف�صل 242من
المدونة العامة لل�ضرائب و�إ�شكاليته:
بالرجوع �إلى مقت�ضيات المادة 242من المدونة العامة لل�ضرائب التي تن�ص على
انه يجوز للخا�ضع لل�ضريبة �أن ينازع عن طريق المحاكم في ال�ضرائب المفرو�ضة
على �إثر القرارات ال�صادرة من اللجان المحلية لتقدير ال�ضريبة التي �أ�صبحت
نهائية �أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة وفي ال�ضرائب التي
تفر�ضها الإدارة تلقائيا باعتبار الأ�سا�س الذي بلغته ب�سبب ت�صريح اللجنة المذكورة
337
دفاتر المجلس األعلى
بعدم اخت�صا�صها وذلك داخل �أجل ال�ستين ( )60يوما الموالية لتاريخ �صدور
الأمر بالتح�صيل �أو قائمة �إيرادات �أوامر باال�ستخال�ص جاز تقديم الطعن الق�ضائي
داخل 60يوما الموالية لتاريخ تبليغ قرار اللجان المذكورة.
يمكن كذلك للإدارة �أن تنازع عن طريق المحاكم داخل الأجل المذكور ح�سب
الحالة في الفقرة الأولى والثانية �أعاله في القرارات ال�صادرة عن اللجنة الوطنية
للنظر في الطعون المتعلقة بال�ضريبة �سواء تعلقت هذه القرارات بم�سائل قانونية
�أو واقعية يت�ضح �أن مقت�ضيات المادة 242من المدونة عمدت �إلى تعديل المادة 35
من كتاب الم�ساطر الجبائية الذي كان يعتد باحت�ساب �أجل الطعن بالن�سبة للإدارة
من تاريخ تبليغ قرار اللجنة الوطنية �أو المحلية الذي �أ�صبح نهائيا ولم يتم الإ�شارة
�إلى فقرات المادة 35ال�شيء الذي كان معه العمل الق�ضائي يعتمد تاريخ تبليغ
قرار اللجنة الوطنية للإدارة دون التفات للأوامر بالتح�صيل �إذ �أن الم�شرع في
المادة 35الفقرة الثالثة تحدث عن �أجل �ستين يوما المخول للإدارة للطعن �إذ
تبت اللجنة في م�سائل قانونية �أو فعلية وقد جرى نقا�ش فقهي وا�سع حول ما هو
قانوني وفعلي �إذ في بع�ض الأحيان يختلط الواقعي بالقانوني لذا عمد الم�شرع
�إلى توحيد �أجل الطعن �ضد مقرر اللجنة الوطنية بالن�سبة للإدارة والملزم وحدد
هذا الأجل في �ستين يوما التالية لتاريخ �صدور الأمر بالتح�صيل �أو قائمة الإيرادات
�أو الأمر باال�ستخال�ص �إذا ترتب عن المقرر م�ستحقات �ضريبية �إال �أن العمل
الق�ضائي على م�ستوى الغرفة الإدارية في �إطار قراءته لمقت�ضيات الف�صل 35اعتبر
�أن الأجل الممنوح للإدارة من �أجل الطعن في مقرر اللجنة الوطنية هو �أجل 60
يوما التالية لتبليغ مقرر اللجنة الوطنية �سواء ترتب عنه �أمر بالتح�صيل �أو لم يترتب
عنه ذلك (قرار عدد 284بتاريخ 2009/04/29في الملف عدد )2008/2/4/141
الذي جاء فيه «حيث ي�ستفاد من ا�ستقراء الفقرات الأربع للمادة 35من كتاب
الم�ساطر الجبائية المحتج بها ب�أن الملزم يجوز له �أن يطعن في مقرر اللجنة الوطنية
للنظر في الطعون ال�ضريبية �أو ال�ضرائب المفرو�ضة عليه على �إثر �صدور المقرر
المذكور� ،أما �إدارة ال�ضرائب فال يجوز لها �إال الطعن في مقرر اللجنة الوطنية
338
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
للطعون ال�ضريبية �سواء تعلقت بم�سائل قانونية �أو واقعية �أو في عمليات ت�صحيح
ال�ضرائب المفرو�ضة في �إطار الم�ساطر المن�صو�ص عليها في المادتين 12و 15من
كتاب الم�ساطر الجبائية وداخل �أجل ال�ستين يوما التالية لتاريخ تبليغ القرار ال�صادر
عن اللجنة المذكورة وهو نف�س االتجاه الذي كر�سته بع�ض المحاكم الإدارية عند
نظرها لطعن الإدارة.
في حين نالحظ �أن قرار �آخر �صادر عن الغرفة الإدارية قد اعتبر لكل من الملزم
والإدارة الحق في الطعن وفق �أجلين �إما من داخل �أجل �ستين يوما من تاريخ
�صدور الأمر بالتح�صيل �أو قائمة الإيرادات �أو الأوامر باال�ستخال�ص �إذ ترتب عن
المقرر المطعون فيه م�ستحقات �ضريبية و�إما داخل �أجل �ستين يوما التالية لتاريخ
تبليغ مقرر اللجنة الوطنية �إذا لم يترتب عن هذا المقرر �أية م�ستحقات �ضريبية
والقرار عدد 52م�ؤرخ في 2008/01/23ملف عدد 2005/2/4/3173الذي ورد
في حيثياته �إذا كانت الفقرة الأولى من المادة 35من كتاب الم�ساطر الجبائية ل�سنة
2005تجيز لإدارة ال�ضرائب تقديم الطعن الق�ضائي داخل ال�ستين يوما ف�إن �سريان
هذا الأجل يبتدئ من تاريخ و�ضع الأمر بالتح�صيل مو�ضع التنفيذ ،ولما كان من
الثابت من وثائق الملف �أن �صدور الأمر بالتح�صيل من طرف الإدارة كان بتاريخ
2005/02/28والدعوى قدمت بتاريخ 2005/04/25ف�إن الدعوى تكون قد قدمت
داخل �أجل ال�ستين يوما المن�صو�ص عليه في المادة 35المذكورة ،و�أن المحكمة
لما ق�ضت بغير ذلك كان حكمها مجانبا لل�صواب ووجب الإلغاء.
من خالل هذين الموقفين للغرفة الإدارية للمجل�س الأعلى في تف�سير مقت�ضيات
المادة 35من كتاب الم�ساطر الجبائية تدخل الم�شرع بمقت�ضى المادة 5من قانون
المالية ل�سنة 2007ليعطي تف�سير للمقت�ضيات المنظمة لأجل طعن الإدارة في مقرر
اللجنة الوطنية وبذلك ن�ص في الفقرة الثالثة من الف�صل 242الم�شار �إليه �أعاله
�إلى �أجل طعن الإدارة عندما ن�ص على ....« :يمكن كذلك للإدارة �أن تنازع عن
طريق المحاكم داخل الأجل المذكور ح�سب الحالة في الفقرة الأولى �أو الثالثة
339
دفاتر المجلس األعلى
340
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
341
دفاتر المجلس األعلى
342
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وتثار بمنا�سبة لجوء الملزم �إلى الق�ضاء الإداري من �أجل �إيقاف �إجراءات
التح�صيل الجارية �ضده عدة �إ�شكاليات ،منها ما هو مرتبط بال�شروط الواجب
توفرها فيها حتى تحظى بالقبول من طرف الق�ضاء ،وهل ت�سري نف�س ال�شروط
التي ي�ستلزمها وقف الأداء المقدم �إلى المحا�سب المكلف بالتح�صيل على
طلبات �إيقاف التنفيذ المرفوعة �إلى الق�ضاء اال�ستعجالي؟ ومنها ما يتعلق ببع�ض
الإجراءات الخا�صة التي ت�سلكها الإدارة الجبائية ب�صنفيها (م�صالح الوعاء
والتح�صيل) وما تثيره من �إ�شكاالت كالإ�شعار للغير الحائز والحجز الموقع على
العقارات والبيوعات التي تن�صب على الأ�صول التجارية...
لذا وللإحاطة بهذه الإ�شكاليات وغيرها ذات ال�صلة بالمو�ضوع �أعاله ،قررنا
تناوله من خالل ف�صلين� ،سيخ�ص�ص �أولهما لدرا�سة �شروط �إيقاف تنفيذ �إجراءات
التح�صيل الجبري ،فيما �سيتم التطرق في الف�صل الثاني �إلى التطبيقات الق�ضائية
والإ�شكاليات القانونية التي تثيرها طلبات وقف التنفيذ �أمام الق�ضاء الإداري.
الف�صل الأول � :شروط �إيقاف تنفيذ �إجراءات التح�صيل الجبري
تن�ص المادة 117من مدونة تح�صيل الديون العمومية في فقرتها الثانية على
�أنه « :يمكن للمدين الذي ينازع كال �أو بع�ضا في المبالغ المطالب بها �أن يوقف
�أداء الجزء المتنازع فيه� ،شريطة �أن يكون قد رفع مطالبته داخل الآجال المن�صو�ص
عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل ،و�أن يكون قد كون �ضمانات من
�ش�أنها �أن ت�ؤمن تح�صيل الديون المتنازع فيها».
و�إذا كانت هذه المقت�ضيات تتحدث عن طلبات �إيقاف الأداء التي تقدم �أمام
المحا�سب المكلف بالتح�صيل ،فقد يختار الملزم طريقا �آخر للح�صول على �إيقاف
�إجراءات التح�صيل المبا�شرة �ضده ،حيث يلج�أ �إلى الق�ضاء الإداري اال�ستعجالي
من �أجل ا�ست�صدار حكم بوقف تنفيذ تلك الإجراءات �إلى غاية البت في منازعته
المو�ضوعية من طرف المحكمة الإدارية كمحكمة مو�ضوع� ،سواء ان�صبت منازعته
هذه على �إجراءات الفر�ض �أو على �إجراءات التح�صيل.
343
دفاتر المجلس األعلى
واقعيا �إذ ال يكفي �إبداء الملزم ال�ستعداده لعر�ض �ضمانة معينة ك�أن ي�ضع بين يدي
المحا�سب المكلف بالتح�صيل كفالة بنكية �أو �سندات تخزين� ،أو �أن ي�سجل لدى
المحافظة العقارية رهنا ر�سميا على عقاره المقدم ك�ضمانة (.)1
وال تقبل ال�ضمانة المقدمة لأول مرة ومبا�شرة �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي بمنا�سبة
بته في طلب �إيقاف �إجراءات التح�صيل ،لما في قبول ذلك من �إفراغ للمادة 117
من محتواها .وفي هذا الإطار ،اعتبر رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س �أن المطالبة
ب�إيقاف التنفيذ م�شروطة ب�سلوك م�سطرة الطعن الإداري لدى القاب�ض المالي
لإيقاف الأداء بعد تكوين ال�ضمانة الكفيلة با�ستخال�ص الدين العمومي كما هي
من�صو�ص عليها في المادة 118من القانون رقم 15ـ 97ما لم يكن الطالب ينازع
جديا في مبد�أ الخ�ضوع للدين العمومي �أو في م�سطرة فر�ضه ومتى توافرت في
الطلب حالة اال�ستعجال ،و�أن اعتبار الطالب خا�ضعا لل�ضريبة في �إطار م�سطرة
�سليمة على �ضوء ظاهر �أوراق الملف تجعله مقيدا ب�سلوك م�سطرة الطعن الإداري
الم�سبق لدى القاب�ض المالي وتكوين ال�ضمانة الكفيلة بت�أمين ا�ستخال�صه تحت طائلة
عدم القبول(.)2
و�إذا رف�ض القاب�ض ت�أجيل �أداء الدين العمومي لإخالل الملزم ب�أحد ال�شروط
الم�شار �إليها في المادة � 117أعاله� ،أو اعتبر �أن ال�ضمانة المقدمة �إليه غير كافية
لت�أمين ا�ستخال�ص الدين العمومي� ،آنذاك يتم اللجوء �إلى الق�ضاء اال�ستعجالي
للمطالبة ب�إيقاف تنفيذ الدين المذكور ،ويملك القا�ضي اال�ستعجالي �صالحية
مراقبة مدى كفاية ال�ضمانة المعرو�ضة على المحا�سب المكلف بالتح�صيل ومدى
�صحة الطلب ،و�إما على �ضوء الو�سائل المثارة في دعوى المو�ضوع المرفوعة
�إلى المحكمة الإدارية كمحكمة مو�ضوع� ،أو على �ضوء العنا�صر المعتمد عليها
( ) 1في هذا الإطار نق�ض المجل�س الأعلى قرارا لمحكمة اال�ستئناف بالدار البي�ضاء ق�ضى بقبول ال�ضمانة و�إيقاف
التنفيذ ،وا�ستند في نق�ضه �إلى �أن المطلوبة في النق�ض (الملزمة) لم تدل بما يثبت �أنها �سجلت رهنها للأ�صل
التجاري في ال�سجل التجاري ،و�أن هذه ال�ضمانة كافية لت�سديد الدين ال�ضريبي المترتب بذمتها .القرار م�شار
�إليه في مقال الأ�ستاذ محمد ق�صري بعنوان �« :إيقاف التنفيذ للدين العمومي �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي» ،من�شور
بمجلة المحاكم الإدارية ،العدد الثالث� ،ص.43.
( )2الأمر عدد 04/654ال�صادر عن رئي�س المحكمة الإدارية بفا�س في الملف عدد � ،03/80أورده الأ�ستاذ محمد
ق�صري في المرجع ال�سابق� ،ص.42.
345
دفاتر المجلس األعلى
في م�سطرة الطعن الإداري الأولي �إذا كان الملزم لم يلج�أ �إلى ق�ضاء المو�ضوع
بعد.
المبحث الثاني � :شروط وقف التنفيذ على �ضوء العمل الق�ضائي
تمنح المادة 19من القانون رقم 41ـ 90المحدث للمحاكم الإدارية لرئي�س
المحكمة الإدارية �صالحيات وا�سعة للبت في الطلبات الوقتية والتحفظية كلما
كانت المحكمة الإدارية مخت�صة بالنظر في �أ�صل النزاع ،على �أ�سا�س �أن رئي�س
المحكمة جزء منها وي�ستمد اخت�صا�صه من اخت�صا�صها .وفي هذا الإطار يخت�ص
رئي�س المحكمة الإدارية ب�إ�صدار �أوامر وقتية ب�إيقاف �إجراءات تح�صيل الديون
العمومية طالما تخت�ص المحكمة الإدارية ب�صريح المادة الثامنة من القانون
المذكور بالبت في المنازعات المرتبطة بتح�صيل تلك الديون.
و�إذا كانت المادة 117من مدونة التح�صيل ت�شترط لقبول طلب وقف الأداء
المرفوع �إلى المحا�سب المكلف بالتح�صيل تقديم مطالبة �إدارية وتكوين �ضمانة
كافية لتغطية الدين ،ف�إن قا�ضي الم�ستعجالت الإداري ال ي�شترط لال�ستجابة
للطلب المقدم �إليه هذين ال�شرطين� ،إذ يدرج الطلب في نطاق القواعد العامة
لال�ستعجال المن�صو�ص عليها في الف�صل 149من قانون الم�سطرة المدنية المحال
عليه بموجب المادة ال�سابعة من القانون رقم 41ـ� 90أعاله ،وهو الف�صل الذي
ي�شترط توفر جدية المنازعة وعدم الم�سا�س بما يمكن �أن يق�ضى به في الجوهر،
وتوفر عن�صر اال�ستعجال.
وقد اعتبرت الغرفة الإدارية في قرارها عدد 272بتاريخ 2003/04/24في الملف
الإداري عدد � 2001/4/4/707أن طلب وقف الأداء المقدم �إلى المحا�سب هو الذي
ي�ستلزم تقديم الكفالة ،في حين �أن الطلب المتعلق ب�إيقاف �إجراءات تنفيذ �ضريبة
منازع فيها كليا ال يخ�ضع لمقت�ضيات المادة 117من مدونة التح�صيل.
ويالحظ �أن تحديد مفهوم الجدية في المنازعة الجبائية يخ�ضع لل�سلطة
التقديرية للقا�ضي الإداري ،وقد ا�ستقر العمل الق�ضائي بالمحاكم الإدارية على
346
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
اعتبار المنازعة جدية كلما ان�صبت على �صفة المدعي كملزم بالدين العمومي
المتابع ب�أدائه من طرف القاب�ض� ،أو على �صحة و�سالمة الفر�ض ال�ضريبي؛ وعموما
تتخذ المنازعة الجبائية طابع الجدية كلما تبين لقا�ضي الم�ستعجالت الإداري
من خالل تفح�صه لظاهر الوثائق �أنه يحتمل �صدور الحكم في دعوى المو�ضوع
ل�صالح الملزم ،بمعنى �آخر �أن الو�سائل المثارة من طرف هذا الأخير من �ش�أنها
الت�شكيك �إلى حد كبير في �صحة ما فر�ض عليه من ديون عمومية.
وبذلك ف�إن مجرد �إثارة و�سائل تبدو في ظاهرها جدية دون تدعيمها بحجج
و�إثباتات قوية ال تكفي لوحدها العتبار المنازعة ذات طبيعة جدية ،وفي هذا
االتجاه لم ي�أخذ قا�ضي الم�ستعجالت بادعاء ال�شركة المدعية ب�أنها غير ملزمة ب�أداء
ال�ضرائب المفرو�ضة عليها ورف�ض طلبها الرامي �إلى �إيقاف ا�ستخال�ص ال�ضريبة
بناء على الحيثية التالية(:)3
«وحيث �إن المراد بالمنازعة في �صفة الملزم هي انعدام وجود الواقعة المن�شئة
لل�ضريبة المفرو�ضة �أو انتفاء م�سببات فر�ضها �أو المطالبة بتح�صيلها ،ولي�س
مجرد ادعاء ذلك والدفع به كو�سيلة قانونية».
وقد حدد المجل�س الأعلى مفهوم جدية المنازعة وربطها ب�إحدى الحالتين
التاليتين :
- 1المنازعة في �صفة الملزم ،وذلك بتم�سك المدعي بعدم خ�ضوعه �أ�صال
لل�ضريبة المفرو�ضة عليه.
- 2المنازعة في قانونية فر�ض ال�ضريبة� ،أي في تعيب م�سطرة فر�ضها �أو م�سطرة
تح�صيلها.
وجاء في قرار له م�ؤرخ في 2002/01/03ما يلي :
«حيث �إن االجتهاد الق�ضائي الذي كر�سته الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى قد
ا�ستقر على �أن جدية المنازعة تتجلى �إما في منازعة الملزم في �صفته كخا�ضع
( ) 3الأمر اال�ستعجالي ال�صادر عن رئي�س المحكمة الإدارية بمراك�ش عدد 15بتاريخ ،2002/01/22من�شور بالمجلة
المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،عدد مزدوج 44ـ ،45ماي غ�شت .2002
347
دفاتر المجلس األعلى
لل�ضريبة �أو في قانونية ت�أ�سي�س فر�ض تلك ال�ضريبة ،و�أنه بالرجوع �إلى ظاهر
�أوراق الملف يتبين �أن الم�ست�أنفة ت�ستكثر تقديرات الإدارة الجبائية المطالب
بها وال تنازع ب�صورة جدية في �صفتها كملزمة بال�ضريبة �أو في م�سطرة فر�ضها،
فكان ما �أثير بدون �أ�سا�س».
وتنبغي الإ�شارة �إلى �أن ادعاء المفرو�ضة عليه ال�ضريبة �إعفاءه منها بمقت�ضى
القانون ال يمكن اعتباره ب�أي حال من الأحوال منازعة في �صفته كملزم الختالف
المنازعتين ،فالذي ينازع في �صفته كملزم يعتبر نف�سه غير خا�ضع �أ�صال لل�ضريبة
المفرو�ضة عليه وغير مندرج �ضمن زمرة الأ�شخا�ص الخا�ضعين لها والمحددين
ح�صريا بمقت�ضى القانون ال�ضريبي� ،أما الذي يعتبر نف�سه معفى من ال�ضريبة فهو في
الأ�صل خا�ضع لها ومن بين الأ�شخا�ص الواجبة عليهم تلك ال�ضريبة� ،إنما يتم�سك
بكونه يتوفر على �شروط تعفيه من �أدائها �إما ب�صفة وقتية (الإعفاء الم�ؤقت) �أو
ب�صفة كلية (الإعفاء الكلي).
نخل�ص مما �سبق �إلى �أن طلبات �إيقاف الأداء التي تقدم �إلى المحا�سب المكلف
بالتح�صيل في �إطار مقت�ضيات المادة 117من القانون رقم 15ـ 97بمثابة مدونة
تح�صيل الديون العمومية تتوقف اال�ستجابة �إليها من طرف المحا�سب على توفر
ال�شروط التالية :
- 1وجود منازعة في مبلغ الدين العمومي المطالب به من طرف القاب�ض �إما
كال �أو بع�ضا.
- 2تقديم الملزم لمطالبة �إدارية �إما لم�صالح الوعاء ال�ضريبي �إذا كانت منازعته
تن�صب على �إجراءات فر�ض الدين ال�ضريبي المذكور ،و�إما �إلى م�صالح
الخزينة العامة �إذا كانت منازعته تتعلق ب�سالمة �إجراءات التح�صيل.
من مدونة 118 - 3تكوين �إحدى ال�ضمانات المن�صو�ص عليها في المادة
التح�صيل والكافية لت�أمين الدين العمومي المطالب به.
348
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�أما طلبات �إيقاف التنفيذ المقدمة �إلى الق�ضاء الإداري اال�ستعجالي فتحكمها
مقت�ضيات الف�صل 149من قانون الم�سطرة المدنية المحال عليه بمقت�ضى المادة
ال�سابعة من القانون رقم 41ـ ،90وتتوقف ا�ستجابة قا�ضي الم�ستعجالت لها على
توفر �شرطين هما :
- 1حالة اال�ستعجال التي تتمثل في كون لجوء القاب�ض �إلى �إجراءات التح�صيل
الجبري ،وما يترتب عنها من حجز لمنقوالته وعقاراته وبيعها �أو �إكراهه
بدنيا ،من �ش�أنه الإ�ضرار بم�صالح الملزم و�صعوبة تدارك �آثار هذه الأ�ضرار
م�ستقبال في حالة �صدور حكم ل�صالحه في المنازعة المرفوعة �أمام محكمة
المو�ضوع.
- 2جدية المنازعة التي تكمن ح�سب الظاهر من وثائق الملف �إما في المنازعة
في �صفة الملزم كخا�ضع لل�ضريبة� ،أو في قانونية فر�ضها.
الف�صل الثاني :تفعيل �سلطة القا�ضي الإداري في مجال �إيقاف
�إجراءات التح�صيل الجبري وتجلياتها على م�ستوى الإجتهاد
الق�ضائي
349
دفاتر المجلس األعلى
350
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وعالوة عن ذلك ،ف�إن رفع الحجز من لدن قا�ضي الم�ستعجالت ي�شكل م�سا�سا
ب�أ�صل الحق فلي�س له �أن يق�ضي في �أ�صل الحقوق والإلتزامات والإتفاقات و�أن
ي�صدر �أمرا له ت�أثير في مو�ضوع الدعوى كما �أنه يم�س في ال�صميم الطابع الوقتي
للأوامر الإ�ستعجالية.
وبالرغم من الإعتبارات ال�سابقة ،حر�ص القا�ضي الإداري على تلطيف قيود
تدخله في �إجراءات التح�صيل وال�سيما في م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز.
فالمواد 100 ،95و 104من مدونة تح�صيل الديون العمومية �أ�شارت �إلى متابعة
الغير الحائز للأموال المملوكة للمدين الأ�صلي باللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير
الحائز و�ألزمت الغير المودعة لديه �أموال المدين الأ�صلي ب�أداء ال�ضرائب وباقي
الديون العمومية بت�سليمها فوريا تحت طائلة �إلزامهم بنف�س الطرق الم�ستعملة �ضد
الملزمين �أنف�سهم بدفع المبالغ الموجودة لديهم.
وكون الم�شرع خ�ص�ص لم�سطرة الإ�شعار للغير الحائز مقت�ضيات منفردة جعل
الخزينة العامة تتم�سك بطبيعتها ك�إجراء ا�ستثنائي للتح�صيل يجعلها في حل من
احترام تراتبية �إجراءات التح�صيل المن�صو�ص عليها بمقت�ضى المادة 39من مدونة
تح�صيل الديون العمومية ويخولها حق اللجوء �إليها للإ�ستفادة من عن�صر المباغتة
ال�سيما �أنها ترتبط بت�سليم �أموال يغلب عليها طابع ال�سيولة وي�سهل الت�صرف فيها
وتبديد ال�ضمانة التي ت�شكلها وتمكنها من تالفي الأ�ضرار التي تطالها جراء رفع
ذلك الإجراء لما يكت�سيه من مخالفة لقواعد المالية العمومية التي تحتم التح�صيل
ال�سريع لموارد الدولة تفاديا للت�أخير في تنفيذ الميزانيات المبرمجة.
وقد ت�صدى الق�ضاء الإ�ستعجالي لتوجه الإدارة ف�أقر بداية �إمكانية �إيقاف
الإ�شعار للغير الحائز رغم ما قد يثور بخ�صو�ص المنازعة المن�صبة عليه ومدى
انتفاء ال�شروط الم�ؤيدة للبت فيها ا�ستعجاليا واعتباره منازعة مو�ضوعية ف�أكد
المجل�س الأعلى(� )4أن « :قا�ضي الأمور الم�ستعجلة مخت�ص للنظر في طلب رفع
( )4قرار �صادر عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى بتاريخ 2003/03/13تحت عدد .156ملف �إداري عدد
.2002/2/4/2180من�شور في كتاب « :ق�ضاء الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى في مجال ال�ضرائب والتح�صيل».
�ص .240دفاتر المجل�س الأعلى .عدد .2005/9
351
دفاتر المجلس األعلى
الحجز على ما للمدين لدى الغير باعتباره طلبا يكت�سي طابع الإ�ستعجال وال
يتعلق بالمنازعة في المو�ضوع ويتمثل عن�صر الإ�ستعجال في ال�ضرر الذي قد
يلحق بالمحجوز عليه في حب�س ماله ب�سبب منعه منه وعدم تمكينه من الإنتفاع به
�أما عن�صر عدم الم�سا�س بالمو�ضوع فيتمثل في كون الدين المحجوز ال تتوفر فيه
مبررات الحجز».
و�سارت محكمة الإ�ستنئاف الإدارية بالرباط بمقت�ضى قرارها ال�صادر في الملف
عدد 2/07/3 :بتاريخ � 30أبريل )5(2007في نف�س المنحى فاعتبرت �أنه « :ال �شيء في
القانون يمنع قا�ضي الم�ستعجالت الإداري من حماية المراكز القانونية للأطراف
�إذا كانت وا�ضحة وذلك بالتدخل لإرجاع الأمور �إلى ن�صابها متى تحقق عن�صر
الإ�ستعجال وكان من �ش�أن هذا التدخل الحد من الخطر الذي يهدد الحق المراد
حمايته ».و�أ�شارت نف�س المحكمة في قرارها �إلى �أن « :الإ�شعار للغير الحائز و�إن
كان �إجراء مو�ضوعيا ال يمكن لقا�ضي الم�ستعجالت النظر في مدى تطابقه مع
القانون باعتباره �إجراء من �إجراءات التح�صيل لم�سا�س ذلك بجوهر الحق� ،إال �أنه
مادام ان�صب على ح�ساب بنكي ال يخ�ص الملزم ب�صفة �شخ�صية و�إنما على ودائع
زبنائه ح�سب الظاهر من ال�شهادة البنكية التي ت�شير �إلى �أن الح�ساب المحجوز
يدخل في �إطار الإتفاقية المبرمة بين هي�آت المحامين والبنك المغربي للتجارة
الخارجية ف�إن الإجراء الذي قام به القاب�ض المتمثل في الإ�شعار للغير الحائز
من �ش�أنه �أن يهدد م�صلحة الزبناء التي تعتبر �أموالهم مودعة بالح�ساب المحجوز
والذين ال عالقة لهم بالدين ال�ضريبي الذي بو�شر هذا الإجراء ب�سببه (.»)...
وقد �سايرت المحاكم الإدارية نف�س التوجه فجاء في �أمر �صادر عن رئي�سة
المحكمة الإدارية بالدار البي�ضاء(� )6أنه « :بعد الإطالع على ظاهر وثائق الملف
وخا�صة �شهادة نقيب هيئة المحامين بالدار البي�ضاء تبين �أن الحجز المطلوب رفعه
(الإ�شعار للغير الحائز) ان�صب على ح�ساب بنكي ذي طبيعة مهنية ا�ستوجبته المادة
( )5قرار من�شور بمجلة المحاكم الإدارية ،العدد الثالث� ،ص ،173من�شورات جمعية ن�شر المعلومة القانونية
والق�ضائية ،ماي .2008
(� )6أمر �صادر بتاريخ .2007/12/20ملف رقم �2007/508س .من�شور بالمرجع ال�سابق� .ص .235
352
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
52وما بعدها من قانون المحاماة ،والتي توجب على كل محام ب�أن ي�ضع المبالغ
المودعة بمكتبه في نطاق ممار�سة المهنة في الح�ساب العام المت�ضمن الح�سابات
الخا�صة بمكتب كل محام على �أ�سا�س �أن مجل�س الهيئة هو الذي يختار الم�ؤ�س�سة
التي فتح فيها الح�ساب .لتخل�ص �إلى الإ�ستجابة لطلب رفع الحجز عن الح�ساب
البنكي للطالب».
كما اعتبر رئي�س المحكمة الإدارية بمراك�ش في �أمره ال�صادر بتاريخ 08دجنبر
2009في الملف رقم 2009/1/124بمنا�سبة بته في طلب ا�ستعجالي يرمي �إلى رفع
الإ�شعار للغير الحائز المن�صب على ح�ساب بنكي خا�ص بمحام �أنه « :يت�ضح من
خالل فح�ص ظاهري لوثائق الملف وخا�صة �شهادة نقيب هيئة المحامين بمراك�ش
وال�شهادة ال�صادرة عن البنك المغربي للتجارة �أن الح�ساب البنكي الم�ضروب
عليه الحجز خا�ص بودائع الزبناء الذين ينوب عنهم الطالب كمحام فهو �إذن
ح�ساب ذو طبيعة مهنية ت�ستوجبه المادة 52وما بعدها من القانون المنظم لمهنة
المحاماة ( )...الأمر الذي يثبت �أن �إجراء التح�صيل المبا�شر في حق هذا الأخير
في �شكل الإ�شعار للغير على الح�ساب المذكور يطال ح�سابا للغير ال عالقة لهم
نهائيا بالدين ال�ضريبي مو�ضوع التح�صيل مما يجعل عن�صر الجدية قائما ومحققا
ويبرر بالتالي الإ�ستجابة للطلب».
وقد كر�س رئي�س المحكمة الإدارية بمراك�ش نف�س المبد�أ بالن�سبة لإجراء لإ�شعار
للغير الحائز الموجه �ضد الموثق ف�أكد في �أمره ال�صادر بتاريخ 2010/07/14في
الملف رقم � 2010/1/849أنه �« :إذا كان للقاب�ض ح�سب مقت�ضيات المادة 101من
مدونة التح�صيل حق اللجوء �إلى م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز ل�ضمان ا�ستخال�ص
الدين ال�ضريبي ف�إنه ي�شترط ل�صحة هذا الإجراء �أن ين�صب على �أموال خا�صة
بالمدين دون غيره ( )...وحيث �إن �إيقاع الحجز على ح�ساب بنكي ذو طبيعة
مهنية ،والحال �أن الطالب يتوفر على ح�ساب �شخ�صي ،يثبت �أن �إجراء التح�صيل
المبا�شر في حق هذا الأخير يطال ح�سابا للغير ال عالقة لهم بالدين ال�ضريبي
مو�ضوع التح�صيل».
353
دفاتر المجلس األعلى
وفي تطور الحق و�سع الق�ضاء الإ�ستعجالي مجال تدخله لمراقبة تطبيق الخزينة
لم�سطرة الإ�شعار للغير الحائز ف�أقر مبد�أ حماية الملزم في حالة عدم احترامها
لتراتبية �إجراءات التح�صيل فذهب ،على �سبيل المثال ،رئي�س المحكمة الإدارية
بالرباط في الأمر الإ�ستعجالي عدد 701بتاريخ � 2006/09/27أن « :الحجز بوا�سطة
الإ�شعار للغير الحائز يعتبر في حد ذاته حجزا تنفيذيا على �أموال المدين ومن ثم
ي�شترط �أن ين�صب على �أموال خا�صة بالمدين دون غيره و�أن تحترم ب�ش�أنه قاعدة
تدرج المتابعات كما هي من�صو�ص عليها بالقانون : 15-97من توجيه للإ�شعار
بدون �صائر وتبليغ قانوني للإنذار ال�ضريبي قبل الحجز و�أن كل �إخالل لهاته
ال�شروط يجعل �إجراء الحجز غير مبرر».
المبحث الثاني :توجه الق�ضاء الإداري الإ�ستعجالي بخ�صو�ص
ا�شتراط تقديم ال�ضمانة لإيقاف �إجراءات التح�صيل
لئن كان العمل الق�ضائي قد ا�ستقر على كون المطالبة ب�إيقاف التنفيذ م�شروطة
ب�سلوك م�سطرة الطعن الإداري لدى القاب�ض لإيقاف الأداء بعد تكوين ال�ضمانة
الكفيلة با�ستخال�ص الدين العمومي وفق مقت�ضيات المادة 118من مدونة تح�صيل
الديون العمومي وا�ستثنى الحالة التي تتوفر فيها منازعة جدية من طرف الملزم في
�صفته كملزم �أو في م�سطرة فر�ضه �شريطة توفر حالة الإ�ستعجال كما ا�ستثنى الحالة
التي تكون فيها المنازعة جدية و�شاملة لمبلغ ال�ضريبة(� )7إال �أن رئي�س المحكمة
الإدارية بمراك�ش �سلك منحى مغايرا في مجموعة من الأوامر نذكر منها الأمر
ال�صادر بتاريخ 2009/12/22تحت عدد 136الذي ذهب فيه �إلى �أن « :ما جرى عليه
العمل الق�ضائي �إلى الآن من �إعطاء م�ؤ�س�سة الرئي�س ب�صفته قا�ضيا للأمور الم�ستعجلة
�صالحيات مو�سعة في �إيقاف �إجراءات التح�صيل ا�ستناد �إلى مقت�ضيات المادة
19من قانون المحاكم الإدارية والمادة 149من قانون الم�سطرة المدنية وت�أ�سي�سا
فقط على الطابع اال�ستعجالي لهذه الإجراءات ال ي�سعفه المنطق القانوني الذي
( )7قرار �صادر عن الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى بتاريخ 2001/09/27تحت عدد .563ملف �إداري عدد
.2000/1/4/2155من�شور في كتاب « :ق�ضاء الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى في مجال ال�ضرائب والتح�صيل».
�ص .230دفاتر المجل�س الأعلى .عدد .2005/9
354
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
يقت�ضي ترجيح القواعد والأنظمة الخا�صة على المقت�ضى العام الذي يحكم فقط
الأو�ضاع العامة.وحيث ال يجدي في ذلك القول ب�أن هذا النظام يمنح المحا�سب
المكلف بالتح�صيل �صالحيات تقديرية مو�سعة في تقييم عنا�صر الإيقاف ما دام
�أن هذه ال�صالحية م�صدرها القانون وتتم بال�ضرورة تحت رقابة ق�ضاء المو�ضوع
الذي له �صالحية �إلغاء قرار المحا�سب في هذا ال�ش�أن وترتيب �أثر الإيقاف بناء
على ذلك ،علما ب�أن المدونة تت�ضمن �أي�ضا �صالحيات جبرية كالحجز والبيع بل
و�إكراه المدين وهي كلها �إجراءات �أخطر بكثير من مجرد فح�ص طلب �إيقاف
الأداء.وحيث �إنه يمكن لق�ضاء المو�ضوع نف�سه وهو ينظر في الطعن في قرارات
المحا�سب �أن ي�ضع في اعتباره ال�صبغة اال�ستعجالية للطلب كما هو ال�ش�أن بالن�سبة
لنف�س محكمة المو�ضوع وهي تنظر في طلبات وقف تنفيذ القرارات الإدارية
والتي ت�صبح بذلك محكمة ا�ستعجالية بحكم طبيعة المادة الموكول �إليها النظر
فيها كما يمكن بعد ا�ستنفاذ هذه الم�ساطر اللجوء ب�صفة احتياطية لم�ؤ�س�سة الرئي�س
كقا�ضي للأمور الم�ستعجلة �إذا لم تف الم�سطرة الأ�صلية بالغر�ض» .ليخل�ص في
الختام �إلى عدم قبول الطلب معلال موقفه بكون الطالب ال ينازع في �صفته كملزم
بالدين ال�ضريبي ،من الأ�سا�س ،بقدر ما ينازع في الأ�س�س المعتمدة في التقدير
والربط وتقادم �إجراءات التح�صيل.
وفي الختام ي�ستخل�ص �أن الق�ضاء الإ�ستعجالي الإداري قد ابتكر مجموعة من
القواعد والمبادئ التي تنظم م�سطرة �إيقاف �إجراءات التح�صيل الم�ستمدة �أ�سا�سا
من الن�صو�ص القانونية المحددة لإجراءات التح�صيل مع مراعاة و�ضعية الملزمين
على نحو مكن من خلق توازن بين حق الخزينة في ا�ستخال�ص �أموال الدولة وبين
الأ�ضرار الفورية والم�ستقبلية التي قد تطال المعنيين بتلك الإجراءات في حال
�إ�صدار الق�ضاء لكلمة الف�صل بخ�صو�ص انتفاء �صفتهم كملزمين �أو عدم قانونية
�إجراءات الفر�ض �أو التح�صيل المتخذة في حقهم.
355
دفاتر المجلس األعلى
�إن ا�ستيفاء مداخل الجماعات المحلية ال يمكن �أن يتم �إال باال�ستناد �إلى مرجعية
قانونية� ،أي وجود ن�ص �صريح ،عن طريق ن�ص ت�شريعي �أو تنظيمي �أو بوا�سطة
مقرر جماعي �أو وثيقة الميزانية المحلية.
وبالن�سبة لفر�ض �ضريبة ما �أو ر�سم معين من طرف الآمر بال�صرف اتجاه ملزم
معين ،يجب الت�أكد من �شرعيتها بوجود ن�ص قانوني لكون فر�ض ال�ضريبة لي�س من
اخت�صا�ص المجال�س المحلية ،بل �إن الجهاز الت�شريعي هو الم�ؤهل لخلق ال�ضرائب
�سواء كانت وطنية �أو محلية .لأجل ذلك ا�ستهدفت الجهود المتوا�صلة لإعادة
هيكلة المالية المحلية وتح�سينها ودعمها منذ �إ�صالح 1976قبل كل �شيء تحويل
ح�ص�ص من عائد �ضرائب الدولة �إلى الجماعات المحلية ،و�إ�صالح جبايات
الجماعات المحلية الذي يندرج �ضمن م�سل�سل الإ�صالحات المعتمدة من طرف
الدولة والهادفة �إلى تطوير وتعزيز نظام الالمركزية.
وهكذا يد�شن القانون رقم 47-06المتعلق بجبايات الجماعات المحلية عهدا
جديدا للجبايات المحلية بتجاوز النواق�ص وال�صعوبات التي كانت تعتري
منظومة الجبايات المحلية ،وي�ضع الأ�س�س لعالقة جبائية جديدة تقوم على
الم�ساهمة الفعالة للخا�ضعين للر�سوم في مجال تطبيقها وتح�سي�سهم بالواجبات
الملقاة على عاتقهم كملزمين عبر تحديد قواعد الوعاء والتح�صيل والجزاءات
356
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
357
دفاتر المجلس األعلى
واالختالالت التي كان يعرفها ،باعتبار انه ي�شكل مدخال لدرا�سة القانون الجديد
للجبايات المحلية.
�أ -الو�ضع الجبائي المحلي في ظل القانون رقم 30-89ال�صادر بتاريخ
1989-11-21
�شكل القانون رقم 30-89الذي كان ي�ؤطر الو�ضع الجبائي المحلي ما قبل
الإ�صالح الجبائي الحالي� ،أهم �إ�صالح خ�ضع له نظام الجبايات المحلية حيث
يعتبر بمثابة مدونة تحتوي على مجموع القواعد المنظمة للجباية المحلية �سواء
تلك التي ن�ص عليها ظهير 1962المتعلق بالر�سوم الجماعية والتي تم تعديلها �أو
ترميمها �أو تلك المتعلقة بال�ضرائب والر�سوم التي تم �إحداثها لأول مرة .وقد
ت�ضمن القانون رقم 30-89ما مجموعه 40نوعا من ال�ضرائب والر�سوم .وتوزعت
هذه ال�ضرائب والر�سوم على مختلف �أ�صناف الوحدات الترابية الإدارية المحلية
وهي الجماعات الح�ضرية �أو القروية ،العماالت والأقاليم والجهات .ومن خالل
توزيع ال�ضرائب والر�سوم الم�ستحقة للجماعات المحلية بمقت�ضى القانون ،30-89
كما تم تعديله خا�صة بمقت�ضى القانون رقم 47-96المتعلق بالتنظيم الجهوي،
يمكن �أن ن�ستنتج �أن الح�صة الكبيرة من ال�ضرائب والر�سوم المحلية تعود
�إلى الجماعات الح�ضرية والقروية ،اذ بلغ عدد ال�ضرائب والر�سوم التي تعود
للجماعات الح�ضرية والقروية 31اقتطاعا� .أما العماالت والأقاليم فتعود �إليها 3
جبايات ،فيما تعود للجهات موارد � 6ضرائب ور�سوم .وانق�سمت هذه ال�ضرائب
والر�سوم ما بين جبايات محددة �أ�سعارها ب�شكل ثابت ،وجبايات محددة �أ�سعارها
في حدود ق�صوى يجب على المجال�س المحلية �أن تحدد �أ�سعارها في �إطارها،
وجبايات مخول تحديد �أ�سعارها للمجال�س الجماعية عن طريق قرارات جبائية
م�ستمرة خا�صة بكل جماعة دون غيرها .كما يالحظ �أن نطاق تطبيق بع�ض الجبايات
الجماعية ينح�صر في مناطق معينة للجماعات القروية ،بحيث �أن هذه الجبايات
ال ت�ستحق خارج المناطق المذكورة ولو في حالة وجود المادة الجبائية .ويتعلق
الأمر بر�سم النظافة والر�سوم المرتبطة بالتعمير التي ت�شكل واحدا من �أهم �أ�صناف
358
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الر�سوم المحلية وهو ما يعطي بع�ض االمتياز الن�سبي وبدرجات متفاوتة للجماعات
الح�ضرية.
و�إ�ضافة �إلى �أن الجماعات المحلية ت�ستفيد من ال�ضرائب والر�سوم التي جاء
بها القانون رقم ،30-89ف�إنها ت�ستفيد من ح�ص�ص مت�أتية من موارد مجموعة من
ال�ضرائب التي يتم تدبيرها من طرف الم�صالح ال�ضريبية للدولة وهي كالتالي:
-ال�ضريبة الح�ضرية وتخ�ص�ص 90في المائة من مواردها للجماعات التي
توجد بها العقارات الخا�ضعة لهذه ال�ضريبة.
-ال�ضريبة المهنية ،وت�ستفيد منها الجماعات المحلية من 90في المائة من المبلغ
الأ�صلي لل�ضريبة المهنية.
-ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة ،فتطبيقا للقانون الإطار المتعلق بالإ�صالح
الجبائي ل�سنة ،1984تخ�ص�ص ن�سبة 30في المائة على الأقل من موارد
ال�ضريبة على القيمة الم�ضافة لفائدة الجماعات المحلية والتي يتم توزيعها
بناء على معايير محددة.
-منتوج �ضرائب الدولة �أو الح�ص�ص من �ضرائب الدولة المخ�ص�صة للجهات
في �إطار قوانين المالية ،وذلك وفقا لمقت�ضيات القانون رقم 47-96المتعلق
بالجهة .وهكذا تن�ص قوانين المالية منذ ال�سنة المالية 2000-1999على
تخ�صي�ص ن�سبة 1في المائة من موارد ال�ضريبة العامة على الدخل وال�ضريبة
على ال�شركات لفائدة الجهات.
وقد عرف القانون 30-89مجموعة من التعديالت منها �إلغاء الر�سم على
البروزات �إلى الأمالك الجماعية العامة و�إدماج وعائه �ضمن وعاء ال�ضريبة على
عمليات البناء.و�إلغاء العرو�ض ال�سينمائية من وعاء ال�ضريبة على المالهي ليتم
�إلغاء هذه ال�ضريبة كليا بعد ذلك ،وتحويل بع�ض الجبايات المحلية الموجودة
و�إن�شاء جبايات جديدة لفائدة الجهات بمقت�ضى القانون رقم 47-96المتعلق
بالجهة ال�سالف الذكر.
359
دفاتر المجلس األعلى
لكن ،وكما �أكدته جل الدرا�سات التي قامت بها وزارة الداخلية ،ف�إن هذه
المنظومة الجبائية التي كان ي�ؤطرها القانون � ،30-89شهدت ،بالرغم من جر�أتها
بالمقارنة مع �سابقاتها ،وجود مجموعة من االختالالت والعيوب بمنا�سبة تطبيقها
من طرف الجماعات المحلية� ،أ�ضفت عليها نوعا من التعقيد ،و�ساهمت في �إعاقة
مردودية الجبايات المحلية .وتكمن هذه االختالالت بالدرجة الأولى ،في التعقيد
الذي كان يطبع هذه المنظومة �سواء على م�ستوى عدد الر�سوم �أو على م�ستوى
الم�ساطر .فو�ضعية النظام الجبائي المحلي ال�سابق لما كان يحتوى عليه من عدد
كبير من الر�سوم والحقوق والوجيبات �شكلت �إحدى الثغرات الأ�سا�سية له ،وما
اعتراه من غمو�ض فيما يتعلق بالتفريق بين هذه الأنواع من الر�سوم والحقوق
والوجيبات لم ت�سمح بتكري�س التجاوب االيجابي للملزمين مع الجبايات� ،إ�ضافة
�إلى ال�صعوبات التي واجهت الإدارة المحلية �أثناء التطبيق.
ومن جهة �أخرى ف�إن االختالالت على م�ستوى التح�صيل كانت راجعة بالأ�سا�س
�إلى تداخل االخت�صا�ص بين القاب�ض والإدارة الجبائية المحلية ،وعدم توفر
الو�سائل القانونية التي تمكن الإدارة الجبائية المحلية من تتبع عملية التح�صيل،
�إ�ضافة �إلى غياب �إدارة محلية مهيكلة تقوم بالوظائف المنوطة بها في مجال تدبير
الجبايات.
ب -جبايات الجماعات المحلية على �ضوء القانون الجديد رقم 47.06ال�صادر
بتاريخ 30نونبر 2007
360
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
بلغ عدد الر�سوم المحدثة لفائدة الجماعات المحلية 17ر�سما ،في ظل القانون
الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في فاتح يناير .2008وتتوزع هذه الر�سوم ما بين
ر�سوم م�ستحقة لفائدة الجماعات الح�ضرية والقروية وعددها 11ر�سما ،و�أخرى
م�ستحقة لفائدة العماالت والأقاليم وعددها 3جبايات ،ور�سوم م�ستحقة لفائدة
الجهات وعددها 3اقتطاعات اي�ضا.
فالر�سوم الم�ستحقة لفائدة الجماعات الح�ضرية والقروية هي:
-الر�سم المهني
-ر�سم ال�سكن
-ر�سم الخدمات الجماعية
-الر�سم على الأرا�ضي الغير المبنية
-الر�سم على عمليات البناء
-الر�سم على تجزئة الأرا�ضي
-الر�سم على محال بيع الم�شروبات
361
دفاتر المجلس األعلى
362
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
،30-89والتي �سيتم �إدراجها في قانون خا�ص بها ،ويتعلق الأمر بالر�سوم والحقوق
والم�ساهمات التالية :
-الر�سم المترتب على �إتالف الطرق،
-ر�سم ت�صديق الإم�ضاء �أو الإ�شهاد بالتطابق،
-الر�سوم المفرو�ضة على الذبح في المجازر،
-الر�سم الإ�ضافي المفرو�ض لفائدة الم�شاريع الخيرية على الذبح في
المجازر،
-الر�سوم المقبو�ضة في الأ�سواق و�أماكن البيع العامة،
-ر�سم المحجز،
-الر�سم المفرو�ض على وقوف العربات المعدة للنقل العام للم�سافرين،
-ر�سم الحالة المدنية،
-م�ساهمة ارباب العقارات المجاورة للطرق العامة في نفقات تجهيزها
وتهيئتها،
-الر�سم المفرو�ض على البيع في �أ�سواق البيع بالجملة و�أ�سواق ال�سمك،
-الر�سم المفرو�ض على �شغل الأمالك الجماعية العامة م�ؤقتا لأغرا�ض البناء،
-الر�سم المفرو�ض على �شغل الأمالك الجماعية العامة م�ؤقتا لأغرا�ض تجارية
�أو �صناعية �أو مهنية،
-الر�سم المفرو�ض على �شغل الأمالك الجماعية العامة م�ؤقتا بمنقوالت
وعقارات ترتبط بممار�سة اعمال تجارية �أو �صناعية �أو مهنية.
لأجل ذلك �ستوا�صل الجماعات المحلية تطبيق الحقوق والم�ساهمات والأتاوى
ال�سالفة الذكر طبقا لأحكام القانون � 30-89إلى حين �صدور المر�سوم المنظم لبع�ض
الأتاوى والأجور عن الخدمات المقدمة من طرف الجماعات المحلية .وقد توخى
الم�شرع جمع بع�ض الأتاوى والأجور عن الخدمات المقدمة في �إطار تنظيمي
باعتبارها موارد مالية مهمة بغية التطبيق الموحد على ال�صعيد الوطني.
363
دفاتر المجلس األعلى
364
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
366
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
بناء على اوامر اال�ستخال�ص فردية �أو جماعية يتم ا�صدارها ب�صفة منتظمة من طرف
ادارة الدولة بالن�سبة للر�سم المهني ور�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية،
ومن طرف االمر بال�صرف للجماعة المحلية المعنية بالن�سبة لبقية الر�سوم ،والتي
يتولى ا�ستخال�صها المح�صل �أو القاب�ض الجماعي طبقا الحكام القانون رقم
47-06المتعلق بجبايات الجماعات المحلية والقانون رقم 15-97بمثابة مدونة
تح�صيل الديون العمومية .وبهذا التمييز في عملية ا�ستخال�ص الر�سوم المحلية
يكون الم�شرع قد عمل على رفع كل غمو�ض �أو التبا�س يعتري مو�ضوع تح�صيل
الر�سوم المحلية وو�ضع حد لتداخل االخت�صا�صات مابين القاب�ض المكلف بتدبير
الميزانية المحلية ووكيل المداخيل ،حيث تم تحديد م�س�ؤولية كل طرف فيما يتعلق
باخت�صا�صه في مجال تح�صيل منتوج الر�سوم المحلية.
وير�سل المحا�سب المكلف بالتح�صيل االعالم بفر�ض الر�سم �إلى الملزمين
الم�سجلين بالجداول عن طريق البريد في ظرف مغلق وعلى ابعد تقدير عند
تاريخ ال�شروع في التح�صيل ،ويتم اخبار الملزمين بتاريخ ال�شروع في التح�صيل
وتاريخ اال�ستحقاق بجميع و�سائل الإخبار .وت�ستحق الر�سوم الم�ستخل�صة عن
طريق الجداول عند ان�صرام ال�شهر الثاني الموالي ل�شهر ال�شروع في تح�صيلها.
- 3.4الجزاءات المتعلقة بوعاء وتح�صيل الر�سوم المحلية
اعتمد الم�شرع في قانون جبايات الجماعات المحلية على التفريق بين
الجزاءات والغرامات والعالوات المتعلقة بمجال ت�أ�سي�س الر�سوم وتلك المتعلقة
بمجال التح�صيل وذلك لتمكين الم�صالح المهتمة بكل ميدان من التدخل لتطبيق
الجزاءات والعالوات وتحديد الم�سئوليات في هذا الباب ،واعتماد نف�س مبالغ
ون�سب الجزاءات والعالوات المطبقة من طرف الدولة وذلك حفاظا على توحيد
هذا المجال بين الدولة والجماعات المحلية .وهكذا نجد الم�شرع قد اكتفى
بترتيب جزاءات جبائية فقط متمثلة في تطبيق ن�سبة زيادة على الر�سم الم�ستحق
�أو غرامة مالية عن عدم االقرار �أو و�ضعه خارج الأجل القانوني� ،أو عدم االقرار
367
دفاتر المجلس األعلى
بتفويت الن�شاط �أو توقفه �أو نقله �أو تغيير ال�شكل القانوني للم�ؤ�س�سة� ،أو عدم ايداع
الت�صريح بالت�أ�سي�س بالن�سبة لبع�ض الر�سوم .كما ن�ص القانون المتعلق بجبايات
الجماعات المحلية على معاقبة المخالفات المتعلقة بحق االطالع وبعدم الإدالء
بالوثائق المحا�سبية بغرامة مالية .ون�ص على عقوبات جنائية في بع�ض حاالت
الغ�ش .لكن الم�شرع قد رتب فقدان الملزم اال�ستفادة من الإبراء من الر�سم �أو
التخفي�ض منه ،وكذا فر�ض الر�سم ب�صورة تلقائية في الحاالت التالية:
- 3.4.1فقدان اال�ستفادة من الإبراء من الر�سم المهني اوالتخفي�ض منه ب�سبب
عطالة الم�ؤ�س�سة
في حالة العطالة الجزئية �أو الكلية لم�ؤ�س�سة طيلة �سنة مدنية يمكن للملزم
الح�صول على تخفي�ض �أو ابراء من الر�سم المهني ،لكن الملزم يفقد اال�ستفادة
من الإبراء من الر�سم المهني �أو التخفي�ض منه ب�سبب عطالة الم�ؤ�س�سة في حالة
عدم �إدالئه بالإقرار لدى الم�صلحة المحلية لل�ضرائب التابع لها مقره االجتماعي
�أو م�ؤ�س�سته الرئي�سية �أو موطنه ال�ضريبي بعطالة الم�ؤ�س�سة الجزئية �أو الكلية داخل
�أجل �أق�صاه 31يناير من ال�سنة الموالية ل�سنة العطالة.
- 3.4.2فقدان اال�ستفادة من الإبراء من ر�سم ال�سكن
يمكن للملزم ان يح�صل على ابراء من الر�سم ب�سبب ال�شغور لكن الملزم
يفقد اال�ستفادة من الإبراء من ر�سم ال�سكن اذا لم يدل لم�صلحة ال�ضرائب التابع
لها العقار باقرار بال�شغور داخل �أجل �شهر يناير من ال�سنة الموالية ل�سنة ال�شغور
نع اال�شارة �إلى مكونات المحالت ال�شاغرة والمدة و�أ�سباب ال�شغور مثبتا ذلك
بجميع و�سائل الإثبات �أو اذا لم ي�ستجب ال�ستدعاء المفت�ش ال�ضرائب الذي هو
ع�ضو في لجنة االح�صاء من �أجل اثبات ال�شغور اما بح�ضوره الة م�صلحة ال�ضرائب
�أو بار�سال جوابه بوا�سطة ر�سالة م�ضمونة مع �إ�شعار بالتو�صل وذلك خالل �أجل 30
يوما الموالية لتاريخ ت�سلم اال�ستدعاء.
368
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
369
دفاتر المجلس األعلى
370
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
انفرادي �إما بناء على مقت�ضيات قانونية �أو بناء على توقف الم�سطرة التواجهية في
مرحلة من المراحل(المادتان 158و.)159
ولقد هي�أ نظام جبايات الجماعات المحلية ،جميع ال�سبل الإدارية والق�ضائية
لتمكين الملزم من تعديل الفر�ض المبالغ فيه �أو الربط الخاطئ لل�ضريبة �أو �أي �سلوك
�إداري منافي للقواعد الم�سطرية المن�صو�ص عليها �ضمن مقت�ضيات القانون رقم
47-06والمتعلقة بفر�ض ال�ضريبة �أو ا�ستخال�صها .وجعل المرحلة الإدارية(المادة
� )161ضرورية لحل المنازعات قبل اللجوء �إلى المحاكم (المادة .)164هذا وتثير
قراءة القانون رقم 47.06عدة مالحظات بخ�صو�ص المنازعات �سنكتفي بمناق�شة
ما يتعلق منها بتمثيلية الإدارة بمنا�سبة المنازعة في الر�سوم المحلية ،وبا�ستعرا�ض
حاالت البطالن وبع�ض حاالت القابلية للإبطال:
�أ -حول تمثيل الإدارة بمنا�سبة المنازعات في الر�سوم المحلية
�أوجب القانون على الملزمين الذين ينازعون في مجموع �أو بع�ض مبلغ الر�سوم
المفرو�ضة عليهم ان يوجهوا مطالباتهم �إلى الآمر بال�صرف �أو ال�شخ�ص المفو�ض
من لدنه لهذا الغر�ض.كما �أجاز لهم المنازعة عن طريق المحاكم المخت�صة داخل
�أجال محددة .هذا وتثير تمثيلية االدارة المكلفة بجبايات الجماعات المحلية امام
الق�ضاء بع�ض المالحظات حول مدى ان�سجام المقت�ضيات القانونية المحددة
لهذه التمثيلية وواقع تدبير الجبايات المحلية الذي يتوزع بين ادارة الدولة ممثلة
في مديرية ال�ضرائب بوزارة المالية وبين ادارة الجماعات المحلية ممثلة في رئي�س
الجماعة والعامل والوالي عامل مركز الجهة .وقبل مناق�شة مو�ضوع تمثيلية الإدارة
�أمام الق�ضاء البد من التذكير ب�شروط �سلوك الم�سطرة الإدارية والق�ضائية بمنا�سبة
المنازعة في جبايات الجماعات المحلية.
- 1م�سطرة المنازعة
� - 1.1سلوك الم�سطرة الإدارية قبل اللجوء �إلى الق�ضاء
�أوجب قانون جبايات الجماعات المحلية على الملزمين الذين ينازعون في
371
دفاتر المجلس األعلى
مجموع �أو بع�ض مبلغ الر�سوم المفرو�ضة عليهم �أن يوجهوا مطالباتهم �إلى الآمر
بال�صرف �أو ال�شخ�ص المفو�ض من لدنه لهذا الغر�ض ،في حالة فر�ض الر�سم عن
طريق جداول �أو �أوامر باال�ستخال�ص خالل � 6أ�شهر الموالية لل�شهر التي تو�ضع
فيه مو�ضع تح�صيل ،وفي حالة �أداء الر�سم ب�صورة تلقائية خالل � 6أ�شهر الموالية
الن�صرام الآجال القانونية للإقرارات ،وبعد البحث الذي تقوم به الم�صلحة
المخت�صة يتم البت في المطالبة من طرف الوزير المكلف بالمالية �أو ال�شخ�ص
المفو�ض من لدنه لهذا الغر�ض فيما يخ�ص الر�سم المهني ور�سم ال�سكن ور�سم
الخدمات الجماعية ،والآمر بال�صرف للجماعة المحلية �أو ال�شخ�ص المفو�ض من
لدنه لهذا الغر�ض بالن�سبة للر�سوم الأخرى .وي�ستخل�ص من مقت�ضيات المادة
المذكورة �أعاله �أن تمثيل الإدارة في تلقي المطالبات والبت فيها هو الوزير
المكلف بالمالية �أو ال�شخ�ص المفو�ض من لدنه فيما يخ�ص الر�سم المهني ور�سم
ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية ،ورئي�س الجماعة �أو العامل �أو الوالي �أو
الأ�شخا�ص المفو�ض لهم من لدنهم لهذا الغر�ض بالن�سبة لبقية الر�سوم الم�ستحقة
للجماعة المحلية المعنية التي يقومون فيها بمهمة الأمر بال�صرف.
� - 1.2سلوك الم�سطرة الق�ضائية
- 1.2.1على اثر المطالبة
و�إذا لم يقبل الملزم المقرر ال�صادر عن الإدارة عقب بحث مطالبته ،جاز له �أن
يرفع الأمر �إلى المحكمة المخت�صة داخل �أجل 30يوما الموالية لتاريخ تبليغ المقرر
المذكور وفي �أجل �شهرين فيما يخ�ص الملزمين غير المقيمين.و�إذا لم تجب
الإدارة داخل �أجل � 6أ�شهر الموالية لتاريخ المطالبة ،جاز كذلك للملزم المعني
رفع طلب �إلى المحكمة داخل �أجل 30يوما الموالية لتاريخ ان�صرام �أجل الجواب
الم�شار �إليه �أعاله.وال تحول المطالبة دون التح�صيل الفوري للمبالغ الم�ستحقة
وان اقت�ضى الحال ال�شروع في م�سطرة التح�صيل الجبري مع مراعاة ا�سترداد
مجموع �أو بع�ض المبالغ المذكورة بعد �صدور المقرر �أو الحكم.
372
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
373
دفاتر المجلس األعلى
374
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
375
دفاتر المجلس األعلى
عليه في القانون رقم 47-06لما تكت�سيه من �أهمية في فر�ض الر�سوم المحلية ،وان
�إغفالها �أو عدم مراعاتها ي�ؤدي حتما �إلى قابلية تلك الر�سوم للإبطال.
ويتم التبليغ طبقا لهذه المادة بالعنوان المحدد من قبل الملزم اما بر�سالة
م�ضمونة مع �إ�شعار بالت�سلم �أو بالت�سليم �إليه في ظرف مغلق بوا�سطة المامورين
المحلفين التابعين للإدارة �أو �أعوان كتابة ال�ضبط �أو المفو�ضين الق�ضائيين �أو
بالطريقة االدارية .ويثبت الت�سليم ب�شهادة تحرر في ن�سختين تت�ضمن ا�سم العون
المبلغ و�صفته وتاريخ التبليغ وال�شخ�ص الم�سلمة �إليه الوثيقة وتوقيعه.
واذا لم ي�ستطع �أو لم يرد ال�شخ�ص الذي ت�سلم التبليغ توقيع ال�شهادة ،ت�سلم
ن�سخة منها �إلى المعني باالمر� ،أو اذا تعذر القيام بالت�سليم المذكور نظرا لعدم
العثور على الملزم �أو ال�شخ�ص النائب عنه ،ووجبت الإ�شارة �إلى ذلك في
ال�شهادة التي ترجع �إلى الإدارة.
وتعتبر الوثيقة مبلغة ب�صورة �صحيحة :
اذا وقع ت�سليمها فيما يخ�ص الأ�شخا�ص الذاتيين ،اما لل�شخ�ص المعني واما
بموطنه لأقاربه �أو م�ستخدمين عنده �أو لكل �شخ�ص اخر ي�سكن �أو يعمل مع الملزم
الموجهة �إليه الوثيقة .وفيما يخ�ص ال�شركات والهيئات الأخرى� ،إلى ال�شريك
الرئي�سي �أو ممثلها القانوني �أو م�ستخدميه �أو �أي �شخ�ص �آخر يعمل مع الملزم
الموجهة �إليه الوثيقة� .أو في حالة رف�ض ت�سلم الوثيقة المذكورة بالن�سبة للحالتين،
بعد ان�صرام �أجل الع�شرة �أيام الموالية لتاريخ رف�ض الت�سليم.
و�إذا تعذر الت�سليم �إلى الملزم بالعنوان المدلى به �إلى الإدارة �سواء عن طريق
الر�سالة �أو طريق الأعوان ،يعتبر الظرف م�سلما بعد ان�صرام �أجل الع�شرة �أيام
الموالية لتاريخ �إثبات تعذر الت�سليم.
وبعد بيان كيفبة التبليغ الجبائي ،ن�ستعر�ض فيما يلي بع�ض حاالت القابلية
لالبطال ،وبع�ض حاالت بطالن م�سطرة فر�ض الر�سم وت�صحيح وعائه التي تناولها
الم�شرع من خالل مقت�ضيات القانون ال�سلف الذكر.
376
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
377
دفاتر المجلس األعلى
-عدم تبليغ جواب الإدارة على مالحظات الملزمين داخل الأجل 2.2
القانوني
�أوجبت المادة 155من قانون الجبايات في بندها الثاني على االدارة اذا تلقت
مالحظات الملزم داخل �أجل 30يوما الم�ضروب له بمنا�سبة التبليغ االول ورات
ان جميعها �أو بع�ضها ال ي�ستند �إلى اي �أ�سا�س �صحيح ،ان تقوم خالل �أجل 60يوما
من تاريخ ت�سلم الجواب ،بتبليغه وفق نف�س �إجراءات التبليغ الجبائي ،ا�سباب
رف�ضها الجزئي �أو الكلي وا�سا�س فر�ض الر�سم الذي ترى من الواجب اعتماده
مع اخباره ب�أن هذا اال�سا�س �سي�صير نهائيا ان لم يقدم طعنا في ذلك �إلى اللجنة
المحلية لتقدير ال�ضريبة المن�صو�ص عليها داخل �أجل 30يوما الموالية لتاريخ ت�سلم
ر�سالة التبليغ الثانية .ويتوخى الم�شرع من الإجراءات المن�صو�ص عليها بم�سطرة
الفر�ض التلقائي كما هي محددة في قانون الجبايات المحلية تمكين الملزم
من تقديم �إقراره ومن التعرف على �أ�سا�س الر�سم ومناق�شته فبل فر�ضه في حقة
ب�شكل احادي وانفرادي وب�صورة تلقائية �ضمانا لمبدا حق الدفاع.وكل �إخالل
من طرف الإدارة ب�إجراءات م�سطرة الفر�ض التلقائي �سواء المتعلقة منها ب�صحة
التبليغ �أو باالجراءات المتطلبة في ذلك يرتب جزاء بطالن م�سطرة فر�ض الر�سم
ب�صورة �صحيحة .وذلك ما اكدته الفقرة ال�ساد�سة من المادة 155من القانون رقم
47.06حين ن�صت �صراحة ب�أن م�سطرة الت�صحيح تكون الغية في حالة عدم تبليغ
جواب االدارة على مالحظات الملزمين داخل الأجل المن�صو�ص عليه في المادة
اعاله.
- 3حاالت القابلية للإبطال
- 3.1مخالفة �شروط انعقاد اللجان المحلية لتقدير ال�ضريبة وبتها في النزاعات
المعرو�ضة على �أنظارها
نظرا لخ�صو�صية الر�سوم المحلية فلقد احدث لها الم�شرع لجنة محلية خا�صة
للنظر في المنازعات المتعلقة بها .وهكذا فانه طبقا للمادة 157من القانون تنظر
378
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
379
دفاتر المجلس األعلى
على �أ�سا�س فر�ض الر�سم المعتمد من لدن الإدارة في حالة فر�ض الر�سم ب�صورة
تلقائية ب�سبب عدم الإدالء بالإقرار �أو ب�سبب �إقرار غير تام.
- 3.2عدم تحديد القيمة االيجارية من طرف لجنة الإح�صاء
ن�صت المادة 23من القانون الجبائي المحلي على انه يفر�ض ر�سم ال�سكن
على �أ�سا�س القيمة االيجارية للعقارات المقدرة عن طريق المقارنة من طرف
لجنة الإح�صاء باعتبار متو�سط مبالغ اكرية الم�ساكن المماثلة الواقعة بنف�س الحي
وتتم مراجعة القيمة االيجارية كل خم�س �سنوات بزيادة ن�سبتها 2في المائة.ويفر�ض
الر�سم طبقا للمادة 25من نف�س القانون �سنويا بموقع العقارات الخا�ضعة للر�سم
مع مراعاة مكوناتها والأغرا�ض المخ�ص�صة لها في تاريخ الإح�صاء.كما ن�صت
المادة 35من ذات القانون على �أن ر�سم الخدمات بفر�ض فيما يتعلق بالعقارات
الخا�ضعة لر�سم ال�سكن وللر�سم المهني على �أ�سا�س القيمة االيجارية المعتمدة
الحت�ساب الر�سمين المذكورين.
ونظرا لأهمية النتائج المترتبة عن �أعمال لجنة الإح�صاء و�أثارها على الملزم
من حيث واقعية �أو عدم واقعية تحديد القيمة الإيجارية التي ت�شكل �أ�سا�س فر�ض
ال�ضريبة ،ف�إن الأمر ي�ستدعي الحر�ص على تكوين لجنة الإح�صاء بقرار من عامل
العمالة �أو الإقليم (وهي ت�ضم وجوبا مفت�ش ال�ضرائب وممثل عن الم�صالح الجبائية
للجماعة) ،وقيامها ب�إجراء الإح�صاء ال�سنوي ال�شامل للعقارات الخا�ضعة لر�سم
ال�سكن في كل زنقة ح�سب ترتيب موقعها في الأحياء ال�سكنية بالجماعة المعنية،
وان تنجز عند االنتهاء من �أعمالها وهي م�شكلة الت�شكيلة القانونية ال�صحيحة مح�ضر
انتهاء عملية الإح�صاء موقع من طرف �أع�ضاء اللجنة وجداول القيم االيجارية
على �أ�سا�س متو�سط �إيجارات العقارات المماثلة داخل الحي.
لأجل ذلك ف�إن حماية الم�شروعية وبالتالي ان�صاف الملزم تقت�ضي �أن يقوم
الق�ضاء الإداري بمنا�سبة المنازعة بمراقبة وجود لجنة الإح�صاء من خالل قرار
تعيينها وتكوينها وقيامها الفعلي على ار�ض الواقع بعملية الإح�صاء ال�سنوي .وفي
380
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
هذا الإطار تجدر الإ�شارة �إلى �أن المادة 32من القانون الجديد ن�صت على �إ�شعار
الملزمين بتاريخ ابتداء عملية الإح�صاء 30يوما على الأقل قبل بداية هذه العملية
وذلك بوا�سطة المل�صقات والن�شر في الجرائد وغير ذلك من و�سائل الإعالن
الم�ستعملة محليا.
ولقد انتبه الم�شرع �إلى الحالة التي لم يتم فيه �إح�صاء عقار خالل �سنة معينة
لأي �سبب من الأ�سباب ،حيث قرر فر�ض ر�سم ال�سكن المتعلق به على �أ�سا�س �آخر
ر�سم تم �إ�صداره ،لكنه لم ينتبه �إلى حالة الأحياء الجديدة والتي لم تخ�ضع لأي
�إح�صاء �سابق ،غير �أنها �أ�صبحت خا�ضعة لر�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية.
الأمر الذي يجعل فر�ض ر�سم ال�سكن ور�سم الخدمات الجماعية في هذه الحالة
الأخيرة قابال للإبطال من لدن الق�ضاء الإداري بمنا�سبة المنازعة الق�ضائية.
وفيما يخ�ص فر�ض الر�سم المهني فلقد ن�صت المادة 7من القانون على �أن
القيمة الإيجارية المعتبرة �أ�سا�سا لح�ساب الر�سم المهني تحدد �إما بوا�سطة عقود
الإيجار �أو الكراء و�إما عن طريق المقارنة والتقييم المبا�شر ،دون اللجوء �إلى
م�سطرة الت�صحيح المن�صو�ص عليها في نف�س القانون.
وتثير �صيغة تحديد القيمة االيجارية المعتبرة �أ�سا�سا لح�ساب الر�سم المهني
الر�سم المهني دون اللجوء �إلى م�سطرة الت�صحيح المن�صو�ص عليها في نف�س
القانون بع�ض المالحظات :
ف�إذا كانت �صيغة عدم اللجوء �إلى م�سطرة الت�صحيح الواردة في المادة �أعاله،
ت�سري على عقود الإيجار والكراء وعلى عملية المقارنة والتقييم المبا�شر معا ف�إن
المادة المذكورة تحمل في طياتها �إن�صافا �سواء بالن�سبة للملزمين الخا�ضعبن للر�سم
المهني الذين يم�سكون محا�سبة والذين يدلون ب�إقراراتهم فيما يخ�ص العنا�صر
الخا�ضعة للر�سم،او بالن�سبة للملزمين الذين يزاولون ن�شاط مهنيا الذين يخبرون
مفت�ش ال�ضرائب،بمنا�سبة الإح�صاء الذي تقوم به لجنة الإح�صاء �أو بمنا�سبة
المعاينة التي يقوم بها مفت�شو ال�ضرائب ،بطبيعة الن�شاط المعني المزاول و�أهميته
381
دفاتر المجلس األعلى
382
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
بها الملزم و�إما ب�صورة تلقائية� ،أن تبلغ هذا الأخير وفق �إجراءات التبليغ الجبائي
�أ�سباب الت�صحيح المزمع القيام به وطبيعته وتفا�صيل مبلغه وتدعوه �إلى الإدالء
بمالحظاته خالل �أجل 30يوما الموالية لتاريخ ت�سلم ر�سالة التبليغ .وفي حالة عدم
الجواب داخل الأجل الم�ضروب لذلك ،يتم و�ضع الواجبات التكميلية مو�ضع
التح�صيل وال يمكن ان ينازع فيها �إال وفقا لل�شروط المقررة ل�سلوك الم�سطرة
الإدارية.
- 3.3.2عدم التبليغ القانوني في �إطار الم�سطرة ال�سريعة لت�صحيح الر�سوم
�أوجبت المادة 156من قانون الجبايات المحلية في بندها الأول على الإدارة
�إذا الحظت ما ي�ستوجب القيام بت�صحيح �أ�سا�س فر�ض الر�سوم المحلية لآخر فترة
ن�شاط غير م�شمولة بالتقادم في حالة وفاة الملزم �أو تفويت مقاولة �أو انقطاع عن
مزاولة الن�شاط �أو تغيير �شكلها القانوني �أو ت�سوية �أو ت�صفية ق�ضائية� ،أن تبلغ �إلى
الملزم �أ�سباب الت�صحيحات وتفا�صيل مبلغها المزمع القيام به والأ�سا�س المعتمد
لفر�ض الر�سم وفق �إجراءات التبليغ الجبائي �ضمانا لحق الدفاع .وكل �إخالل من
طرف الإدارة باحترام هذه الإجراءات يمكن �أن يعر�ض فر�ض الر�سوم للقابلية
لالبطال.
- 3.3.3عدم التبليغ القانوني لمقررات اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة
عندما ترف�ض الإدارة جزئيا �أو كليا مالحظات الملزم تبلغ هذا الأخير �أ�سباب
الرف�ض في و�أ�سا�س فر�ض الر�سم الذي ترى من الواجب اعتماده ،مع �إخباره ب�أن
هذا الأ�سا�س �سي�صير نهائيا �إذا لم يقدم طعنا في ذلك �إلى اللجنة المحلية لتقدير
ال�ضريبة عن طريق الإدارة داخل �أجل 30يوما الموالية لتاريخ ت�سلم الر�سالة الثانية.
و�ألزم الم�شرع الإدارة ب�أن تبلغ مقررات اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة �إلى
المعنيين بالأمر وفق �إجراءات التبليغ الجبائي وذلك لتمكينهم من الطعن فيها عند
االقت�ضاء �أمام المحاكم المخت�صة ب�سلوك الم�سطرة الق�ضائية المطبقة اتر المراقبة
الجبائية .ويترتب عن كل �إخالل من طرف الإدارة باحترام �إجراءات تبليغ مقرر
اللجنة قابلية فر�ض الر�سوم للإبطال.
383
دفاتر المجلس األعلى
- 3.3.4ت�صحيح �أ�س�س فر�ض �أو ح�ساب الر�سوم وت�صفيته وفر�ضه خارج �أجل
التقادم
ن�صت المادة 160من القانون رقم 47.06على �إمكانية قيام الإدارة بت�صحيح
�أوجه النق�صان والأخطاء واالغفاالت الكلية والجزئية المالحظة في تحديد �أ�س�س
فر�ض �أو ح�ساب الر�سوم المحلية� ،أو في ت�صفيتها وفر�ضها داخل �أجل �أربع �سنوات
ابتداء من �سنة ا�ستحقاق الر�سم .لأجل ذلك ف�إن كل عملية ت�صحيح في �أ�سا�س فر�ض
الر�سم وح�سابه وفي ت�صفيته وفر�ضه خارج �أجل التقادم تكون قابلة للبطالن،
مع مراعاة حاالت انقطاع التقادم الذي يتم بالتبليغ الأول في م�سطرة الت�صحيح
والفر�ض التلقائي وبو�ضع الأمر باال�ستخال�ص مو�ضع التح�صيل وحاالت توقف
التقادم الذي يتم طوال الفترة الممتدة من تاريخ تقديم الطعن �أمام اللجنة المحلية
لتقدير ال�ضريبة �إلى غاية ان�صرام �أجل الثالثة �أ�شهر الموالي لتاريخ تبليغ المقرر
ال�صادر عن اللجنة المذكورة ،ويتم توقف التقادم كذلك خالل فترة الت�صفية
للمقاولة الخا�ضعة للر�سم.
- 3.4مخالفة �شروط فر�ض الر�سم ب�صورة تلقائية
- 3.4.1عدم التبليغ القانوني عن عدم الإدالء بالإقرار.
لقد �ألزم القانون رقم 47.06بتاريخ 30نونبر 2007المتعلق بجبايات الجماعات
المحلية ،من خالل مقت�ضياته ان يقدم الملزم �إقراره وفقا لل�شروط والكيفية
والآجال المحددة �ضمن مواد ذات القانون ،وفي حالة اخالله بالتزامه القانوني
المذكور (الذي لم ترتب عليه في غالب الحاالت اال جزاءات جبائية) ،ن�صت تلك
المقت�ضيات على ان تقوم الإدارة بدعوة الملزم وفق اجراءات التبليغ الجبائي
المن�صو�ص عليها قانونا� ،إلى ايداع �إقراره �أو اتمامه داخل �أجل 30يوما الموالية
لتاريخ ت�سلم الر�سالة الموجهة اليه ،و�إذا لم يقم الملزم ب�إيداع �أو تتميم �إقراره داخل
�أجل 30يوما الأنف الذكر� ،أخبرته الإدارة وفق نف�س اجراءات التبليغ المقررة في
القنون الجبائي المحلي ،بالأ�س�س التي قدرتها والتي على �أ�سا�سها �سيفر�ض عليه
384
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الر�سم تلقائيا اذا لم يودع �أو لم يتمم �إقراره داخل �أجل ثان مدته 30يوما من تاريخ
ت�سلم ر�سالة الإخبار الثانية ،وي�صدر �أمر بتح�صيله الذي ال يمكن ان يتازع فيه اال
وفق ال�شروط المن�صو�ص عليها قانونا فيما يخ�ص حق واجل المطالبة التي تنظمها
المادة 161من قانون الجبايات المحلية.
- 3.4.2عدم التبليغ القانوني على مخالفة الأحكام المتعلقة بالإدالء بالوثائق
المحا�سبية وبحق المراقبة
لقد اوجب القانون رقم 47.06بتاريخ 30نونبر 2007المتعلق بجبايات الجماعات
المحلية والذي دخل حيز التطبيق منذ فاتح يناير ،2008من خالل مقت�ضياته ان
يدلي الملزمون بجميع الإثباتات ال�ضرورية وان يقدموا جميع الوثائق المحا�سبية
�إلى المامورين المحلفين التابعين للإدارة المنتدبين للقيام بالمراقبة الجبائية ،وفي
حالة عدم تقديم الملزمين للوثائق المذكورة �أو اذا رف�ضوا الخ�ضوع للمراقبة
الجبائية ن�صت المادة 159من القانون الم�شار �إليه اعاله على ان توجه االدارة
�إلى الملزم وفق اجراءات التبليغ المن�صو�ص عليها في المادة ،152تدعوه فيه
�إلى التقيد بااللتزامات القانونية داخل �أجل 15يوما من تاريخ ت�سلم الر�سالة .و�إذا
لم يقدم الملزم الوثائق داخل الأجل المذكور �أو اذا رف�ض الخ�ضوع للمراقبة
المذكور �أخبرته الإدارة في ر�سالة وفق اجراءات التبليغ المن�صو�ص عليها في
المادة 152اعاله ،بتطبيق الغرامة وتمنحه �أجال ا�ضافيا مدته 15يوما من تاريخ
ت�سلم الر�سالة الثانية للتقيد بااللتزامات �أو تبرير عدم وجود وثائق .و�إذا لم يتقيد
الملزم بالتزاماته القانونية خالل الأجل الثاني فر�ضت عليه االدارة الر�سم تلقائيا
دون �سابق تبليغ ،وي�صدر امر بتح�صيله الذي يمكن ان يتازع فيه وفق ال�شروط
المن�صو�ص عليها في المادة 161من القانون رقم .47.06
385
دفاتر المجلس األعلى
تن�ص المادة 697من القانون رقم 95-15المتعلق بمدونة التجارة على �أنه :
«�إذا كان المو�ضوع من اخت�صا�ص المحكمة التي فتحت الم�سطرة ،ف�إن الطعن
�ضد �أوامر القا�ضي المنتدب يعر�ض على �أنظار محكمة اال�ستئناف ،ويخول
الطعن للدائن والمدين وال�سنديك داخل �أجل خم�سة ع�شر يوما من تاريخ الإ�شعار
بالن�سبة للدائن والمدين ومن تاريخ المقرر بالن�سبة لل�سنديك.
غير �أنه ال يمكن للدائن الذي وقع نزاع في دينه كال �أو بع�ضا والذي لم يرد
على ال�سنديك داخل الأجل القانوني� ،أن يطعن في �أمر القا�ضي المنتدب الم�ؤيد
القتراح ال�سنديك.
حينما يكون المو�ضوع من اخت�صا�ص محكمة �أخرى ،ي�ؤدي تبليغ المقرر
القا�ضي بعدم االخت�صا�ص ال�صادر عن القا�ضي المنتدب �إلى �سريان �أجل مدته
�شهران يجب خاللهما على المدعي �أن يرفع الدعوى �إلى المحكمة المخت�صة
تحت طائلة ال�سقوط»(.)1
( )1وجدير بالذكر �أن مقت�ضيات المادة 102من القانون الفرن�سي المتعلق بالت�سوية الق�ضائية والت�صفية الق�ضائية (
قانون رقم 98-85الم�ؤرخ في 25يناير )1985تعد الم�صدر الرئي�سي للمقت�ضيات المن�صو�ص عليها في المادة
697من مدونة التجارة؛ بحيث جاءت الفقرتان الأولى والثالثة من المادة 697من مدونة التجارة متطابقتان
حرفيا لنظيرتيهما (ف 1و ) 3من المادة 102من القانون الفرن�سي.
كما �أن مقت�ضيات المادة 102تم تدوينها تحت المادة 105-621من قانون 10يونيو 1994وقد تم الإحتفاظ
بها �أي�ضا خالل التعديالت التي عرفها قانون �صعوبات المقاولة �سنة 2005في المادة 3-624من القانون رقم
845-2005بتاريخ 26يوليوز .2005
386
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
تطرح الفقرة الأخيرة من هذه المادة �إ�شكالية الطرف المجبر برفع دعوى �إلى
المحكمة المخت�صة تحت طائلة ال�سقوط وذلك كلما دفع القا�ضي المنتدب بعدم
اخت�صا�صه في البت في منازعة تتعلق بدين �ضريبي ،خ�صو�صا �إذا علمنا �أن الدائن
هو القاب�ض ( قاب�ض الخزينة العامة �أو قاب�ض الإدارة الجبائية).
فهل هذا يعني �أن القاب�ض مجبر برفع دعوى المنازعة في الدين �أمام المحكمة
الإدارية؟ فكيف يمكن �إذن الت�سليم بوجاهة هذا الموقف على الرغم من غرابته؟
-االجتهاد الفقهي
387
دفاتر المجلس األعلى
لم ت�ساير محكمة اال�ستئناف الإدارية بمراك�ش الإجتهاد الفقهي ال�سالف الذكر
كما �أ�شار �إلى ذلك ذ .المعطي القدوري في مداخلته ( )6خالل طرحه لهذه
الإ�شكالية انطالقا من الق�ضية التي راجت �أمام المحكمة الإدارية ب�أكادير ،حيث
قام القاب�ض برفع دعوى �أمام المحكمة الإدارية داخل �أجل �شهرين وذلك حتى ال
يقع دينه تحت طائلة ال�سقوط (الفقرة الثالثة من المادة 697من مدونة التجارة).
وبعد ا�ستئناف حكم المحكمة الإدارية القا�ضي بعدم االخت�صا�ص ق�ضت
محكمة اال�ستئناف برف�ض الطلب معللة قرارها ب�أنه مادام القاب�ض يتوفر على
( ) 6ذ .المعطي القدوري « :الرقابة الق�ضائية على العمل ال�ضريبي (حاالت للدرا�سة)»� ،أ�شغال الندوة الوطنية حول
مو�ضوع « :الإ�شكاالت القانونية والعملية في المجال ال�ضريبي» .المنظمة من قبل المجل�س الأعلى للق�ضاء
بتن�سيق مع المديرية العامة لل�ضرائب يومي 4و 5فبراير 2011بمراك�ش.
388
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�سند تنفيذي ف�إنه ال حاجة له �إلى رفع دعوى المنازعة في �صحة الدين ال�ضريبي
�أمام المحكمة الإدارية .وعليه يكون المدين هو الملزم برفع هذه الدعوى ولي�س
الدائن (القاب�ض).
وقد جاءت مداخلة ذ .محمد الق�صري( )7الغنية والمميزة لتعزز هذا االجتهاد
الق�ضائي الجدير بالتنويه بمجموعة من االجتهادات الق�ضائية التي �أزاحت
وو�ضعت حدا للغمو�ض الذي يكتنف الإ�شكالية التي تطرحها مقت�ضيات الفقرة
الثالثة من المادة 697من مدونة التجارة.
-القانون والعمل الق�ضائي الفرن�سي
لعل ما يثير االنتباه هو �أن الق�ضاء الفرن�سي لم تطرح عليه هذه الإ�شكالية ،ومرد
ذلك �أن المادة 106من القانون رقم 85-98ال�صادر بتاريخ 25يناير 1985قد ن�صت
ب�شكل �صريح على �أن الديون ال�ضريبية ال يمكن المنازعة فيها �إال بالرجوع �إلى
المقت�ضيات الواردة في المدونة العامة لل�ضرائب وفق ال�شروط التي تن�ص عليها
هذه الأخيرة:
«Les créances visées au code général des impôts ou au code des douanes
ne peuvent être contestées que dans les conditions prévues auxdits code.
» Elles sont, dans ce cas, admises par provision de plein droit.
والجدير بالذكر �أن هذه المقت�ضيات ال زالت �سارية المفعول وذلك منذ �إحداثها
بموجب قانون 13يوليوز ( 1967المادة )8() 42على الرغم من االتعديالت
( ) 7ذ .محمد الق�صري « :الإ�شكاليات التي يثيرها قانون 15-97المتعلقة بتح�صيل الديون العمومية �أمام الق�ضاء
الإ�ستعجالي»� ،أ�شغال الندوة الوطنية حول مو�ضوع « :الإ�شكاالت القانونية والعملية في المجال ال�ضريبي».
المنظمة من قبل المجل�س الأعلى للق�ضاء بتن�سيق مع المديرية العامة لل�ضرائب يومي 4و 5فبراير 2011
بمراك�ش.
(� )8أحدثت هذه المقت�ضيات بمقت�ضى المادة 42من القانون رقم 563-67الم�ؤرخ 13يوليوز .1967وبعد �إلغاء
هذا القانون تم تدوين هذه المقت�ضيات بالمادة 106من قانون رقم 98-85الم�ؤرخ 25يناير .1985
389
دفاتر المجلس األعلى
390
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وبناء عليه وفي �إطار التعديالت المزمع �إدخالها على الكتاب الخام�س من مدونة
التجارة ،ف�إننا نقترح �إ�ضافة فقرة رابعة �إلى المادة 697من مدونة التجارة وذلك
كما يلي« :كل نزاع يتعلق بالديون ال�ضريبية ال يمكن �أن يتم �إال وفق المقت�ضيات
المنظمة لها».
ويمكن �أن تت�سع هذه الفقرة لت�شمل الديون ال�ضريبة والديون الجمركية
�أي�ضا� ،سواء فيما يتعلق بت�أ�سي�سها �أو ا�ستخال�صها (�إحالة على مدونة تح�صيل
الديون العمومية) .و�سيكون هذا التعديل المقترح حال لي�س فقط للإ�شكالية التي
يطرحها م�صطلح «المدعي» الم�شار �إليه في الفقرة الثالثة من المادة 697من مدونة
التجارة ،بل �سي�صبح �ضابطا لكل �أ�شكال المنازعات المثارة �أثناء تحقيق الديون
ال�ضريبية والحقوق والر�سوم الجمركية.
391
دفاتر المجلس األعلى
المطالبة التمهيدية:
عبء ثقيل على الملزم
�أم م�سطرة ناجعة لحل المنازعات الجبائية
ال�سيد بوبكر الأبي�ض
مفت�ش �إقليمي بم�صلحة ال�ش�ؤون الق�ضائية
بالمديرية العامة لل�ضرائب
تمهيد
�إن قيام الإدارة الجبائية ،بحكم وظيفتها القانونية ،بربط وتح�صيل ال�ضرائب
من الطبيعي �أن يثير العديد من الخالفات والمنازعات بين الملزمين والإدارة،
بالرغم من �أن هذه الأخيرة يفتر�ض فيها �أنها تمار�س مهامها وفقا للقوانين والمرا�سيم
التطبيقية لها.
هذه الخالفات والمنازعات و�ضع الم�شرع عدة مراحل من �أجل حلها بدءا
بالمرحلة الإدارية �أو ما ي�صطلح عليه بالمطالبة التمهيدية ثم مرحلة الطعن �أمام
اللجان ال�ضريبية وانتهاءا بالمرحلة الق�ضائية.
هكذا يبدو �أن المنازعة الجبائية يمكن �أن تقطع �أ�شواطا كثيرة وي�ستغرق حلها
وقتا طويال ،لذا ف�إنه قد يكون من المفيد بالن�سبة للطرفين -الإدارة والملزم -
ح�سم الخالف القائم بينهما في مراحله الأولى.
من هنا تظهر �أهمية المطالبة التمهيدية ك�أحد �أ�شكال الت�سوية البديلة للمنازعة
الجبائية �أمام الق�ضاء ،وتكمن �أهميتها في كونها تمكن �إدارة ال�ضرائب -في �إطار
حوارها مع الملزم -من ت�سوية معظم المنازعات من دون حاجة للجوء في
392
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�ش�أنها �إلى الق�ضاء ،وذلك من خالل �إيجاد حلول مالئمة لطبيعة النزاع ال�ضريبي،
وما يترتب عن ذلك من ا�ستقرار للمعامالت وغر�س الطم�أنينة الجبائية لدى
الملزمين.
-مفهوم المطالبة التمهيدية و�أ�سا�سها القانوني
يق�صد بالمطالبة التمهيدية (التظلم الإداري الم�سبق) عموما ال�شكاية التي يتقدم
بها ال�شخ�ص (طبيعيا كان �أو معنويا) �إلى الإدارة م�ستهدفا �إلغاء قرار �إداري �أو
تعديله �أو �سحبه ،ويق�صد بها في الميدان الجبائي الطلب الذي يتقدم به الملزم �أو
المدين بال�ضريبة �إلى الإدارة الجبائية لإعادة النظر في قرار جبائي يدعي مخالفته
للقانون �أو بعده عن الواقع.
وتجد المطالبة التمهيدية في المنازعة الجبائية �سندها القانوني في المقت�ضيات
المن�صو�ص عليها في:
في مجال منازعات الوعاء :المادة 235من المدونة العامة لل�ضرائب
في مجال منازعات التح�صيل :المادة 120من مدونة تح�صيل الديون العمومية
وتعتبر المطالبة التمهيدية �أداة فعالة لحل المنازعة الجبائية في مرحلتها الأولى،
لذا فقد �شددت معظم الت�شريعات الجبائية على �إلزامية �سلوكها �أمام الإدارة قبل
مبا�شرة �أي طعن �أمام الق�ضاء ،لما في ذلك من مزايا بالن�سبة لكل من �صاحب
المطالبة والإدارة والق�ضاء.
و�إذا كان الم�شرع المغربي قد �شدد بدوره على �إلزامية المطالبة التمهيدية �أمام
الإدارة قبل مبا�شرة �أي طعن �أمام الق�ضاء ،ففي المقابل ف�إن العمل الق�ضائي في
المغرب له بع�ض المواقف ت�سير في اتجاه عدم �إلزامية المطالبة التمهيدية في بع�ض
الحاالت؛ كما �أن له مواقف -قد تبدو مخالفة لما �أقره الم�شرع الجبائي -بخ�صو�ص
احت�ساب �أجل الطعن الق�ضائي عقب �سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية.
393
دفاتر المجلس األعلى
لذا ،فقد ارت�أينا �أن نخ�ص�ص هذا البحث لمناق�شة مختلف المواقف الق�ضائية
بهذا الخ�صو�ص؛ م�ؤكدين على الغاية التي توخاها الم�شرع من �إلزامية المطالبة
التمهيدية ،وذلك من خالل المحورين التاليين:
المحور الأول :التوجهات الق�ضائية بخ�صو�ص م�سطرة المطالبة التمهيدية.
المحور الثاني :الغايات التي توخاها الم�شرع من �إلزامية المطالبة التمهيدية.
المحور الأول :التوجهات الق�ضائية بخ�صو�ص م�سطرة المطالبة
التمهيدية
�إذا كان العمل الق�ضائي ي�ؤكد -في معظم الحاالت -على الطابع الإلزامي
للمطالبة التمهيدية ،ويعتبرها �شرطا �أ�سا�سيا لقبول المنازعة ال�ضريبية �أمام الق�ضاء،
ف�إنه �أجاز في بع�ض الحاالت قبول المنازعة ال�ضريبية من دون �أن تكون م�سبوقة ب�أية
مطالبة تمهيدية �أمام �إدارة ال�ضرائب.
لذا يبدو من المفيد التعر�ض للكيفية التي تعامل بها الق�ضاء مع مبد�أ �إلزامية
المطالبة التمهيدية وكذا اال�ستثناءات الواردة عليه «الفرع الأول» قبل مناق�شة
موقف الق�ضاء بخ�صو�ص تطبيق م�سطرة المطالبة التمهيدية وخا�صة ما تعلق منها
باحت�ساب �أجل الطعن الق�ضائي «الفرع الثاني».
الفرع الأول :التوجهات الق�ضائية بخ�صو�ص مدى �إلزامية
المطالبة التمهيدية
ال �شك �أن العمل الق�ضائي بالمغرب ي�ؤكد -كمبد�أ عام -على �إلزامية �سلوك
م�سطرة المطالبة التمهيدية قبل تقديم �أي طعن �أمام الق�ضاء ،وذلك تحت طائلة
عدم قبول دعوى الملزم� ،إال �أنه و�ضع مجموعة من اال�ستثناءات على هذا المبد�أ
�أجاز بموجبها قبول دعوى الملزم من دون �أن تكون م�سبوقة ب�سلوك م�سطرة
المطالبة التمهيدية.
394
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
395
دفاتر المجلس األعلى
396
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�أن العمل الق�ضائي قد �شذ عن هذا المبد�أ وقرر ،في حاالت معينة ،قبول المنازعة
الجبائية من دون �أن تكون م�سبوقة بمطالبة تمهيدية ،ومن بين هذه الحاالت :
�أ -حالة عدم احترام الإدارة لم�سطرة الفر�ض ال�ضريبي
لقد اعتبرت بع�ض المحاكم الإدارية(� )6أن �سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية ال
يكون �إلزاميا �إال في الحالة التي تكون فيها الإدارة ال�ضريبية قد احترمت م�سطرة
الفر�ض ال�ضريبي� ،أما في حالة فر�ض ال�ضريبة دون احترام لم�سطرة تقديم الإقرار �أو
م�سطرة الت�صحيح ،ف�إن ذلك يعفي الملزم من التقيد بم�سطرة المطالبة التمهيدية.
وهكذا فقد جاء في حكم �صادر عن �إدارية فا�س( )7ما يلي:
«حيث دفعت الإدارة الجبائية بكون الدعوى غير مقبولة من الناحية ال�شكلية
لتقديمها خرقا لل�ضوابط القانونية المن�صو�ص عليها في البند 11من الف�صل 5من
قانون المالية ل�سنة 1978المنظم لل�ضريبة على الأرباح العقارية الموجب ل�ضرورة
�سلوك م�سطرة المطالبة الإدارية قبل عر�ض النزاع على �أنظار الق�ضاء.
وحيث �إنه فعال �إذا كان المدعي ح�سب الثابت من وثائق الملف عدم تقيده
بالمقت�ضى القانوني الآنف الذكر ،ف�إنه وما دام ينازع في قانونية م�سطرة الت�صحيح
ال�ضريبي المواجه به وباعتبار ما ا�ستقر عليه االجتهاد الق�ضائي من كون المدعي ال
يكون ملزما ب�سلوك م�سطرة المطالبة الإدارية حالة ما ثبت خرق الإدارة ال�ضريبية
لم�سطرة فر�ض ال�ضريبة �أو ت�صحيحها».
وقد تم ت�أييد هذا التوجه الذي �سارت عليه مختلف المحاكم الإدارية من طرف
397
دفاتر المجلس األعلى
398
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
399
دفاتر المجلس األعلى
وتف�سير الن�صو�ص والوقائع المرتبطة به تف�سيرا �ضيقا ل�صالح خزينة الدولة ،لأن
�ضابط �أعمالها وموجهها هو الم�صلحة العامة ،كما يجب �أال يتعار�ض هذا التف�سير
�أو التكييف مع ن�صو�ص قانونية �صريحة.
ج -حالة المنازعة في مبد�أ فر�ض ال�ضريبة
لقد �سارت بع�ض المحاكم الإدارية في اتجاه �إعفاء الملزم من تقديم مطالبة
تمهيدية �أمام الإدارة الجبائية� ،إذا كان طعنه ين�صب على المنازعة في مبد�أ فر�ض
ال�ضريبة.
ويمكن اال�ست�شهاد في هذا ال�صدد بعدة �أحكام ق�ضائية �صدرت حديثا ت�ؤكد
هذا التوجه ،نذكر منها على ال�سبيل المثال ال الح�صر الحكم رقم �5/2009/630ش
ال�صادر عن المحكمة الإدارية بمكنا�س بتاريخ 2009/10/01ملف رقم �5/2009/278ش
الذي جاء فيه ما يلي:
«�أن المدعي ينازع في مبد�أ فر�ض ال�ضريبة وفي الأ�سا�س الخا�ضع لها ،وبالتالي
وح�سبما جرى عليه العمل الق�ضائي يكون المدعي والحالة هاته غير ملزم
ب�سلوك م�سطرة التظلم الإداري».
وبالرغم من كون المقت�ضيات الواردة في المادة 120من مدونة تح�صيل الديون
العمومية وا�ضحة و�صريحة وال تحتاج �إلى �أي اجتهاد �أو ت�أويل حيث �أكدت على
وجوب رفع المطالبات المتعلقة ب�إجراءات التح�صيل الجبري �إلى رئي�س الإدارة
التي ينتمي �إليها المحا�سب المكلف بالتح�صيل المعني �أو �إلى من يمثله وذلك
تحت طائلة عدم قبول الطعن الق�ضائي� ،إال �أن العمل الق�ضائي لم يتقيد بهذه
المقت�ضيات� ،إذ �صرح في مجموعة من �أحكامه بقبول الدعوى من دون �أن تكون
م�سبوقة بمطالبة تمهيدية �إذا كان المدعي ينازع في مبد�أ فر�ض ال�ضريبة �أو في �صفته
كملزم.
لكن وعلى خالف الأمر بالن�سبة للق�ضاء المغربي،فقد �شدد الق�ضاء الفرن�سي
على �ضرورة �سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية ،فالملزم ال يحق له �أن يقا�ضي
400
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الإدارة الجبائية �إال بعد �أن يكون قد ا�ستنفذ م�سطرة المطالبة الإدارية ،ومن ثم ف�إن
العري�ضة التي يقدمها للمحكمة قبل توجيه مطالبته للإدارة تكون غير مقبولة ،حتى
و�إن كان التاريخ الذي تبت فيه المحكمة موازيا لتاريخ تقديم المطالبة التمهيدية(،)9
وذلك لأن هذه الأخيرة ت�شكل عن�صرا جوهريا في م�سطرة الطعن الجبائي في
القانون الفرن�سي� ،سواء في حالة دعوى الوعاء �أو دعوى التح�صيل طبقا لما هو
من�صو�ص عليه في الف�صل )10(R – 190الذي ي�شترط ل�صحة الدعوى الق�ضائية في
المجال الجبائي �أن ي�ستنفد الملزم �أوال م�سطرة المطالبة �أمام الإدارة الجبائية.
الفرع الثاني :موقف الق�ضاء بخ�صو�ص احت�ساب �أجل الطعن
الق�ضائي على �إثر م�سطرة المطالبة التمهيدية
يعتبر تقديم المطالبة التمهيدية داخل الآجال التي حددها الم�شرع �سواء في
المادة 235من المدونة العامة لل�ضرائب(� )11أو المادة 120من مدونة تح�صيل
الديون العمومية( )12من ال�شروط الجوهرية لقبول هذه المطالبة.
وجدير بالذكر �أن الآجال المن�صو�ص عليها في هاتين المادتين ال ترتبط فقط
بم�سطرة المطالبة التمهيدية ،و�إنما يمتد �أثرها �إلى نوع �آخر من الآجال تتعلق برفع
الدعوى �أمام المحاكم.
(9) CE. Plan. 26 AVRIL 1996 , « les grands arrêts de la jurisprudence fiscal « sirey 2ème
édition. P : 678.
( ) 10تن�ص الفقرة الأولى من هذا الف�صل على ما يلي:
« Le contribuable qui désire contester tout ou partie d’un impôt qui le conserne , doit
d’abord adresser une réclamation au service territorial, selon le cas ; de l’administration
des impôts ou de l’administration des douanes et droits indirects dont dépend le lieu
» d’imposition.
( - )11الآجال المقررة بمقت�ضى هذه المادة هي :
-يف حالة �أداء ال�ضريبة ب�صورة تلقائية خالل 6ا�شهر املوالية الن�صرام الآجال املقررة.
-في حالة فر�ض ال�ضريبة عن طريق جداول �أو قوائم الإيرادات �أو �أوامر باال�ستخال�ص خالل � 6أ�شهر الموالية
لل�شهر الذي يقع فيه �صدور الأمر بتح�صيلها.
(� ) 12أجل المطالبة التمهيدية المحدد بمقت�ضى هذه المادة هو �ستين ( )60يوما الموالية لتاريخ تبليغ �إجراء
التح�صيل.
401
دفاتر المجلس األعلى
وقد حدد الم�شرع بمقت�ضى المادة 243من المدونة العامة لل�ضرائب الم�سطرة
المطبقة على �إثر المطالبة التمهيدية ،التي تن�ص على ما يلي:
«�إذا لم يقبل الخا�ضع لل�ضريبة القرار ال�صادر عن الإدارة عقب بحث مطالبته؛
جاز له �أن يرفع الأمر �إلى المحكمة المخت�صة داخل �أجل الثالثين ( )30يوما
الموالية لتاريخ تبليغ القرار المذكور.
�إذا لم تجب الإدارة داخل ال�ستة (� )6أ�شهر الموالية لتاريخ المطالبة ،جاز
كذلك للخا�ضع لل�ضريبة الطالب رفع طلب �إلى المحكمة المخت�صة داخل �أجل
الثالثين ( )30يوما الموالية لتاريخ ان�صرام �أجل الجواب الم�شار �إليه �أعاله».
وعليه ،ف�إن �أجل رفع الدعوى �أمام الق�ضاء الجبائي ،في حالة التقيد بالمطالبة
التمهيدية ،يختلف باختالف القرار ال�صادر عن الإدارة ،هل هو قرار �صريح �أم
�ضمني ؟.
وهكذا ،ف�إذا ما �أجابت الإدارة على مطالبة الملزم داخل الأجل المحدد لها،
وجب على هذا الأخير رفع الدعوى داخل �أجل 30يوما الموالية لتاريخ تبليغ قرار
الإدارة� ،أما في حالة �سكوت الإدارة الجبائية وعدم جوابها ،فيعتبر ذلك بمثابة
قرار �ضمني بالرف�ض؛ مما يتحتم معه على الملزم رفع الدعوى خالل 30يوما
الموالية لتاريخ ان�صرام �أجل جواب الإدارة.
و�إذا كان الم�شرع الجبائي قد حدد بدقة وو�ضوح �أجل الطعن الق�ضائي �ضد
قرار الإدارة ،ال�صريح �أو ال�ضمني ،ف�إن الق�ضاء الجبائي �سلك توجها مخالفا،
بفتحه �آجال جديدة -لم ين�ص عليها الم�شرع -في وجه الملزم ،الأمر الذي �أدى
�إلى �إحداث توجه ق�ضائي مخالف لن�صو�ص �صريحة مع خرق قواعد �آمرة ال يجيز
القانون مخالفتها لتعلقها بالنظام العام.
وهكذا ،ومن بين الحاالت التي قرر فيها الق�ضاء فتح �آجال جديدة للطعن
الق�ضائي �ضد قرار الإدارة ال�صادر على �إثر مطالبة تمهيدية ما يلي:
402
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
• حالة قبول الطعن الذي قدمه الملزم قبل ان�صرام �أجل جواب الإدارة
على المطالبة التمهيدية
لقد ا�ستقر العمل الق�ضائي على �أن اللجوء �إلى الطعن الق�ضائي قبل جواب
الإدارة �أو قبل انق�ضاء الأجل المحدد لجوابها ال ت�أثير له على قبول الدعوى،
ما دام �أنه ب�إمكان الإدارة الجواب على المطالبة �أثناء مرحلة الم�سطرة الق�ضائية،
وما دام �أنه لم يلحقها �أي �ضرر ،وما دام �أي�ضا �أن الم�شرع لم يرتب �أي جزاء عن
ذلك(.)13
ال�شك �أن هذا التوجه يتعار�ض مع الإرادة ال�صريحة للم�شرع والمتمثلة في
عدم جواز رفع الدعوى قبل معرفة رد الإدارة �صراحة �أو �ضمنا ،فالم�شرع عندما
نظم هذا الإجراء �إنما كان يرمي �إلى ا�ستقرار الأو�ضاع القانونية من خالل التمييز
بين مرحلة المطالبة التمهيدية الإلزامية -حتى يعرف موقف الإدارة من النزاع-
ومرحلة الطعن الق�ضائي التي يمكن اال�ستغناء عنها �إذا ما كان جواب �إدارة
ال�ضرائب في �صالح الملزم؛ �أما ال�سماح لهذا الأخير برفع دعواه �أمام الق�ضاء
داخل الأجل الممنوح للإدارة من �أجل الجواب ،فذلك يعني ا�ستباق رد �إدارة
ال�ضرائب والتعامل مع المطالبة وك�أنها �أمر اختياري غير �إلزامي.
ولذلك ،يعد الطعن قبل مرور المدة التي حددها الم�شرع للإدارة ق�صد
الجواب بمثابة علم بالرف�ض ،وهو �أمر ال نعتقد �أن الم�شرع ق�صده� ،إذ لو ان�صرفت
نية الم�شرع �إلى ذلك لن�ص عليه �صراحة ،ولما رتب على عدم احترام مقت�ضيات
المادة 120من مدونة تح�صيل الديون العمومية عدم قبول المطالبة وبالتالي عدم
قبول الدعوى �أمام الق�ضاء.
• حالة قبول الطعن الذي قدمه الملزم خارج الأجل المحدد لجواب
الإدارة
( ) 13حكم عدد � 96/28صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 1996/02/14في الملف عدد ،95/105غير
من�شور.
403
دفاتر المجلس األعلى
في هذا الإطار ،ذهبت الغرفة الإدارية بالمجل�س الأعلى في قرارها عدد 482
ملف عدد � 04/4/635إلى القول ب�أن مطالبة �إدارة ال�ضرائب للم�شتكي بالإدالء
بالوثائق المثبتة ل�شكايته ،يفتح له �أجال جديدا الحت�ساب �أجل الطعن الق�ضائي،
ويحظى بقبول المنازعة التي تقدم داخل الأجل القانوني انطالقا من �أجل المطالبة
بالوثائق وتبليغها للملزم.
لتو�ضيح هذه الحالة ن�سوق المثال التالي:
-الملزم قدم مطالبة تمهيدية �أمام الإدارة بتاريخ .2009/02/01
-الإدارة لم تتمكن من البت في هذه المطالبة داخل �أجل � 6أ�شهر (�أي �إلى غاية
.)2009/08/01
-لكنها «الإدارة» قامت خالل مدة � 6أ�شهر المحددة لجوابها (مثال بتاريخ
)2009/04/15بمطالبة الملزم الإدالء بالوثائق والحجج التي تدعم �شكايته.
-بالن�سبة الحت�ساب �أجل الطعن الق�ضائي:
موقف الق�ضاء في هذه الحالة (قرار الغرفة الإدارية عدد 482ملف �إداري
رقم .)04/2/4/635
�أجل الطعن الق�ضائي يبد�أ من تاريخ مطالبة الإدارة للملزم الإدالء بالوثائق
والحجج �أي من .2009/04/15
وينتهي هذا الأجل عند انق�ضاء ال�شهر ال�سابع الموالي لتاريخ المطالبة بهذه
الوثائق �أي �إلى غاية .2009/11/15
هذا الموقف يتعار�ض مع المقت�ضيات القانونية الواردة في المادة 243من
المدونة العامة لل�ضرائب التي تن�ص �صراحة على �أن �أجل الطعن الق�ضائي
يبد�أ من تاريخ تقديم المطالبة.
جاء في الفقرة الثانية من المادة 243المذكورة ما يلي:
«�إذا لم تجب الإدارة داخل ال�ستة (� )6أ�شهر الموالية لتاريخ المطالبة ،جاز
كذلك للخا�ضع لل�ضريبة الطالب رفع طلب �إلى المحكمة المخت�صة داخل
�أجل الثالثين ( )30يوما الموالية لتاريخ ان�صرام �أجل الجواب الم�شار �إليه
404
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
�أعاله».
وعليه يكون �أجل الطعن القانوني بالن�سبة للمثال المذكور �أعاله هو:
�أجل الطعن الق�ضائي يبد�أ من تاريخ تقديم الملزم لمطالبته التمهيدية �أمام
الإدارة �أي من 2009/02/01وينتهي هذا الأجل عند انق�ضاء ال�شهر ال�سابع
الموالي لتاريخ تقديم هذه المطالبة �أي �إلى غاية .2009/08/01
المحور الثاني :الغايات التي توخاها الم�شرع من �إلزامية المطالبة
التمهيدية
لقد �أكدت العديد من الت�شريعات الجبائية على �إلزامية المطالبة التمهيدية،
واعتبرتها واحدة من قواعد قبول الدعوى ال�ضريبية� ،إذ �أوجبت على الملزم �أن
ي�ستنفد هذه الم�سطرة قبل اللجوء �إلى الق�ضاء تحت طائلة عدم قبول الدعوى.
وال�شك �أن الغاية من �إلزامية هذه المطالبة تكمن في ت�سوية الخالفات ،التي قد
تن�ش�أ بين الإدارة والملزمين ،في مراحلها الأولى كما �أنها ت�ؤدي �إلى نتائج ال يمكن
الو�صول �إليها عن طريق الطعن �أمام المحاكم؛ ناهيك عن االقت�صاد في الوقت
والتكاليف التي ي�ستلزمها الطريق الق�ضائي.
والم�شرع الجبائي المغربي �أكد بدوره � -أ�سوة بباقي الت�شريعات -على
�إلزامية المطالبة التمهيدية ،واعتبرها بمثابة حل وقائي بديل للمنازعة ال�ضريبية �أمام
الق�ضاء ،لما في هذه الم�سطرة من مزايا بالن�سبة للملزم والإدارة والق�ضاء.
الفرع الأول :المطالبة التمهيدية كحل بديل للمنازعة
ال�ضريبية
تعتبر المطالبة التمهيدية �آلية فعالة لت�سوية الخالفات التي قد تن�ش�أ بين الإدارة
والملزم� ،إذ عن طريقها يتم ح�سم ن�سبة هامة من المطالبات التي تقدم �إلى �إدارة
ال�ضرائب ،وذلك في زمن ال يتجاوز في غالب الأحيان � 6 -أ�شهر -؛ �سيما �إذا
علمنا �أن غالبية هذه المطالبات تهدف �إما �إلى ت�صحيح الأخطاء المادية التي قد
ت�شوب وعاء �أو طريقة ح�ساب ال�ضريبة ،و�إما �أن الدافع الذي يكمن خلف تقديم
405
دفاتر المجلس األعلى
المطالبة ال يعدو �أن يكون مجرد تعبير عن �سخط وغ�ضب الملزم كرد فعل على
فر�ض ال�ضريبة.
من هنا تظهر الغاية التي توخاها الم�شرع من �إلزامية المطالبة التمهيدية وهي
�إحداث �آلية خا�صة لت�سوية الخالفات بين الإدارة والملزم في الميدان ال�ضريبي،
يكمن دورها الأ�سا�سي في «غربلة» الطعون؛ بحيث ال ي�صل منها �إلى الق�ضاء �سوى
تلك التي تت�ضمن خالفا بين الملزم والإدارة ال�ضريبية ب�ش�أن فهم القاعدة القانونية
ال�ضريبية ،وذلك حتى ال يبقى القا�ضي مجرد «موظف» يق�ضي وقته في ت�صحيح
الأخطاء المادية التي قد ترتكبها الإدارة ،ويحيد عن دوره الأ�سا�سي المتمثل في
�إبداع حلول خالقة لل�صعوبات التي تطرحها الم�سائل القانونية ال�ضريبية.
الفرع الثاني :مزايا المطالبة التمهيدية هي �سبب �إلزاميتها
لقد �أوجب الم�شرع الجبائي المغربي -اقتداء بنظيره الفرن�سي -م�سطرة
المطالبة التمهيدية �أمام الإدارة الجبائية قبل �سلوك الطعن الق�ضائي ،لما في هذه
الم�سطرة من اقت�صاد في الوقت والتكاليف التي يتطلبها الطعن �أمام المحاكم،
ولما فيها �أي�ضا من فائدة في �إنهاء الخالفات التي قد تثور بين الملزم والإدارة
في مراحلها الأولى ،ذلك ف�ضال على �أن �سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية ي�ؤدي
�إلى نتائج ال يمكن الو�صول �إليها عن طريق الطعن الق�ضائي ،فالإدارة وهي تمار�س
مهامها يمكن �أن ترتكب �أخطاء قانونية �أو واقعية �أثناء تحديدها للوعاء �أو �أثناء ت�صفية
وا�ستخال�ص ال�ضرائب والديون الم�ستحقة للخزينة ،ف�إلزامية المطالبة التمهيدية
�إذن تتيح لها �إمكانية التراجع عن تلك الأخطاء في حالة ت�أكدها منها ووجود و�سائل
�إثبات جدية تدعم ذلك.
وقد ال نبالغ �إذا قلنا ب�أن المطالبة التمهيدية تترتب عنها جملة من المزايا �سواء
بالن�سبة للملزم �أو الإدارة �أو الق�ضاء ،ويمكن �إجمال هذه المزايا في:
- 1بالن�سبة للملزم
-يف�ضل غالبية الملزمين �سلوك م�سطرة المطالبة التمهيدية �أمام �إدارة ال�ضرائب
406
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
مبا�شرة� ،إيمانا منهم ب�أن الحلول المالئمة هي التي تكون عن طريق الحوار
المبا�شر مع الإدارة �صاحبة القرار المتنازع فيه.
-م�سطرة المطالبة التمهيدية غير مكلفة ،عك�س المنازعة �أمام الق�ضاء التي
ت�ستلزم �أداء الر�سوم الق�ضائية و�أتعاب الخبرة و�ضرورة الم�ؤازرة من طرف
محامي.
-ي�ساهم الملزم �إلى جانب الإدارة ،في �إطار المطالبة التمهيدية ،في �إيجاد
ت�سوية ودية للخالف ،مما ي�ؤدي �إلى تح�سين العالقة وخلق حوار مبا�شر مع
الإدارة.
-ك�سب الوقت� ،إذ غالبا ما يتم ح�سم الخالف ،في �إطار المطالبة التمهيدية،
داخل �أجل معقول ،بينما تبقى الدعوى رائجة �أمام الق�ضاء ل�سنوات طويلة.
-تكفل المطالبة التمهيدية الحفاظ على خ�صو�صية النزاع القائم بين الملزم
والإدارة ،على عك�س المنازعة �أمام الق�ضاء� ،إذ ينفتح النزاع على عدة
متدخلين.
- 2بالن�سبة للإدارة
-تمكن المطالبة التمهيدية الإدارة من الإلمام بجميع جوانب الخلل في فر�ض
ال�ضريبة وتقديرها �أو في ت�صفيتها وا�ستخال�صها.
-الإدارة وهي تمار�س مهامها يمكن �أن ترتكب �أخطاء قانونية �أو واقعية �أثناء
تحديدها للوعاء �أو �أثناء ت�صفية وا�ستخال�ص ال�ضرائب والديون الم�ستحقة
للخزينة ،ف�إلزامية المطالبة التمهيدية �إذن تتيح لها �إمكانية التراجع عن تلك
الأخطاء في حالة ت�أكدها منها ووجود و�سائل �إثبات جدية تدعم ذلك.
-المطالبة التمهيدية هي بمثابة فر�صة للإدارة من �أجل تفادي �صدور �أحكام
ق�ضائية �ضدها في حالة وجود خلل في فر�ض ال�ضريبة وتقديرها �أو في
ت�صفيتها وا�ستخال�صها.
407
دفاتر المجلس األعلى
- 3بالن�سبة للق�ضاء
-المطالبة التمهيدية بمثابة « م�صفاة « للطعون� ،إذ اليعر�ض غالبا -بموجبها -
على الق�ضاء �سوى النزاعات التي تطرح م�سائل قانونية دقيقة ،مما ي�ساهم في
تقليل عدد الدعاوى التي تحال على الق�ضاء ،فقد �أثبتت الإح�صائيات �أن �آلية
المطالبة التمهيدية �ساهمت ب�شكل مبا�شر في تخفيف العبء على المحاكم.
� -أن المطالبة التمهيدية تحدد للقا�ضي �إطار الخالف الذي لم تتمكن من ح�سمه،
فهي �إذا كانت ال تحدد الو�سائل ،ف�إنها على الأقل تحدد الم�ستنتجات� ،إذ
تعطي �صورة وا�ضحة على جميع جوانب الخالف بين الملزم والإدارة.
خاتمة
من الم�ؤكد �أن الق�ضاء �أ�صبح ينوء كاهله -الآن -بعدد من الق�ضايا لم تعد
المحاكم قادرة على الت�صدي لها ب�شكل منفرد ،كما �أن بطء �إجراءات التقا�ضي
وتعدد درجاته وارتفاع تكاليفه يجعل من المطالبة التمهيدية و�سيلة ناجعة لحل
المنازعات الجبائية.
انطالقا من هنا ،يمكن القول ب�أن المطالبة التمهيدية لي�ست -كما يعتقد البع�ض-
عبء ثقيل على الملزم ،و�إنما هي بمثابة حل بديل للمنازعة �أمام الق�ضاء ،و�آلية
لت�سوية الخالف ،تقوم على �أ�سا�س الحوار المبا�شر بين الإدارة والملزم من �أجل
�إيجاد حل منا�سب للخالف الذي قد يثور بينهما.
ونظرا للمزايا التي تمنحها م�سطرة المطالبة التمهيدية ،فقد �سعى الم�شرع �إلى
الت�أكيد على �إلزاميتها ،ف�أوجب على الملزم �سلوك هذه الم�سطرة عن طريق
توجيه مطالبة �أولية �إلى الإدارة قبل اللجوء �إلى الق�ضاء ،ف�إن رف�ضت الإدارة هذه
المطالبة �أو لم تبت فيها خالل الميعاد القانوني ،حق له �آنذاك اللجوء �إلى طريق
الطعن الق�ضائي �شريطة احترام �آجاله القانونية.
408
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
409
دفاتر المجلس األعلى
وغمو�ضها �أحيانا ،الأمر الذي يطرح �إ�شكاالت قانونية وعملية في التطبيق يرجع
�أمر الف�صل فيها للق�ضاء الإداري الذي �أبان في هذا ال�صدد على كفاءة عالية في
�إطار ما تعرفه المادة الإدارية من ثوابت منها :التف�سير ال�ضيق للقانون الجبائي،
تف�سير ال�شك ل�صالح الملزم ،تحميل الإدارة عبء �إثبات الواقعة المن�شئة لل�ضريبة
و�صحة �سلوك فر�ضها �أو ت�صحيح وعائها ،عدم رجعية القوانين ،قاعدة ال �ضريبة
وال �إعفاء �إال بن�ص القانون ،ا�ستبعاد �أ�سلوب القيا�س في المجال ال�ضريبي ،و�إيجابية
دور القا�ضي في م�سطرة الفر�ض التلقائي لل�ضريبة �أو م�سطرة مراجعتها.
ثم �أ�شار �إلى �أن �إحداث محاكم ا�ستئناف �إدارية �سنة ،2006وا�ضطالع هذه
الأخيرة بدورها قد �أغنى و�سيغني االجتهاد الق�ضائي في المادة الجبائية باعتباره
مرجعا ت�ستر�شد به �إدارة ال�ضرائب في االرتقاء بم�ستوى �أدائها طبقا للنهج الذي
ر�سمه �صاحب الجاللة حفظه اهلل في خطابه بتاريخ 15دجنبر .1999
ثم تناول الكلمة ال�سيد م�صطفى فار�س الرئي�س الأول للمجل�س الأعلى رحب
فيها بال�سيد وزير العدل وبجميع الم�شاركين في هذه الندوة التي اعتبرها تمرة
تعاون بين المجل�س الأعلى والمديرية العامة لل�ضرائب منوها بالمنا�سبة بمديرها
العام على ما �أبداه من تعاون لتنظيم هذه الندوة التي ت�أتي ا�ستمرارا لندوات
يعقدها المجل�س الأعلى مع باقي الفاعلين في الحقل الوطني والدولي لتر�سيخ
دولة الحق والقانون عمال بالتوجهات الملكية ال�سامية.
وركز ال�سيد الرئي�س الأول في كلمته على �أهمية المو�ضوع الذي تتناوله هذه
التظاهرة العلمية ،انطالقا من دور ال�ضريبة ك�أهم مورد للخزينة العامة ،خا�صة
في وقت تنفتح فيه بالدنا على العالم الخارجي .وفي هذا ال�سياق �أ�شار �إلى كثرة
التعديالت التي يعرفها الت�شريع الجبائي وت�شتت ن�صو�صه وغمو�ض بع�ضها �أحيانا،
مما يجعل النزاعات بين الإدارة والملزمين في تزايد م�ستمر ،حيث تجاوز عدد
الق�ضايا الرائجة �أمام محاكم المملكة بهذا الخ�صو�ص 7000ق�ضية وهو ما يبرز
410
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
411
دفاتر المجلس األعلى
412
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
وفي الأخير عبر ال�سيد المدير العام عن �أمله في �أن تحقق هذه الندوة الغايات
المتوخاة منها وختم كلمته بتجديد ال�شكر لكل من ال�سيد الرئي�س الأول للمجل�س
الأعلى وال�سيد الوكيل العام الملك لديه.
وتطبيقا لبرنامج الندوة جرت مناق�شة محور جل�ستها ال�صباحية لليوم الأول
الخا�صة بالعمل الق�ضائي في المنازعات الجبائية برئا�سة الأ�ستاذة الباتول النا�صري
رئي�سة غرفة بالمجل�س الأعلى .وقد �شمل هذا المحورالمداخالت التالية :
)1مداخلة الأ�ستاذ محمد محجوبي الم�ست�شار بالمجل�س الأعلى والتي عالجت
بنوع من الدقة والتف�صيل « :الأ�سباب المبررة للنق�ض في المنازعات ال�ضريبية على
�ضوء قرارات المجل�س الأعلى» ،حيث تطرق المتدخل �إلى �أ�سباب النق�ض المبنية
على انعدام التعليل �أو نق�صانه �أو ف�ساده م�ستدال في ذلك بمجموعة من المبادئ
التي كر�سها المجل�س الأعلى في هذا المو�ضوع .ثم �إلى �أ�سباب النق�ض المبنية
على مخالفة القانون والتي تن�صرف �إلى الخط�أ في تطبيق الن�ص القانوني �أو في
تف�سيره م�ستندا في ذلك �إلى عدة قرارات ق�ضائية �صادرة في هذا ال�ش�أن ومثالها ما
تعلق ب�سوء تطبيق الف�صول 134 ،142و 512من قانون الم�سطرة المدنية والمادتين
26و 27من القانون المتعلق بال�ضرائب والر�سوم الم�ستحقة للجماعات المحلية
وهيئاتها ،والمادتين 19و 20من القانون المنظم لل�ضريبة الح�ضرية .ثم �أ�شار في
نهاية عر�ضه �إلى �أن المجل�س الأعلى غالبا ما يثير �سبب النق�ض ب�صورة تلقائية كلما
تعلق الأمر بمخالفة القرار المطعون فيه لم�س�ألة لها ارتباط بالنظام العام كما هو
الحال في خرق قواعد االخت�صا�ص النوعي.
)2مداخلة الأ�ستاذ محمد ال�شريقي المدير الجهوي لل�ضرائب بمكنا�س تحت
عنوان « :الطرق البديلة لت�سوية المنازعات الجبائية» التي �أبرز في م�ستهلها �أهمية
المنازعة الإدارية في حل النزاعات الجبائية �سواء خالل مرحلة الطعن الإداري
�أو بمنا�سبة الطعن �أمام اللجان ال�ضريبية انطالقا من خ�صائ�صها ومزاياها بالن�سبة
للإدارة والملزم على حد �سواء� ،أوفي مركزها كدرجة من درجات الحوار
413
دفاتر المجلس األعلى
الفعال بين الفريقين ،وكيفية تعامل الق�ضاء معها .وقد ا�ستدعى البحث في هذه
النقط تق�سيمه �إلى محورين اثنين� ،إذ تطرق المتدخل في المحور الأول للمطالبة
الإدارية من حيث �إطارها القانوني ،ومن حيث نطاق تطبيقها ،وكيفية تعامل الق�ضاء
معها وتعر�ض بهذا الخ�صو�ص لموقف الق�ضاء من �إلزامية المطالبة �أمام الإدارة
ف�أو�ضح �أن العمل الق�ضائي ا�ستقر على قبول الدعوى ولو لم ت�سبقها �أية مطالبة
وذلك في حالة عدم احترام الإدارة لم�سطرة الفر�ض ال�ضريبي ،وعند المنازعة
في مبد�أ ال�ضريبة ،وفي حالة التم�سك بالتقادم .و�أبرز في ذات ال�سياق توجهات
الق�ضاء بخ�صو�ص �آجال المطالبة الإدارية م�شيرا �إلى ا�ستقراره حول مبد�أ قبول
الطعن ولو قبل ان�صرام �أجل �ستة �أ�شهر الممنوح للإدارة ،وحول قاعدة قبول
الطعن خارج الأجل متى دخلت الإدارة في حوار مع الملزم من �أجل البت في
�شكايته .وخل�ص في نهاية هذا المحور �إلى عر�ض �أهم مزايا المطالبة الإدارية
بالن�سبة للإدارة والملزم والمحكمة.
�أما المحور الثاني فقد خ�ص�صه المتدخل للمنازعة �أمام اللجان ال�ضريبية� ،إذ
�أبرز الدور المهم للجان ال�ضريبية الذي يتجلى في و�ساطتها لت�سوية المنازعات
الجبائية المتميزة بال�سرعة في البت في النزاعات ،وفي �إ�شراكها لعدة فعاليات
من قطاعات مهنية مختلفة ،وفي اال�ستعانة بذوي الخبرة بغر�ض التو�صل �إلى حل
عادل ومن�صف للمنازعة المعرو�ضة عليها م�شيرا �إلى �أنها تخت�ص بالبت في الم�سائل
الواقعية دون القانونية في �إطار م�سطرة تهتم بتعليل المقررات وت�سبيبها .وفي
الختام ا�ستعر�ض المتدخل جملة من الأمثلة بين من خاللها وجه تعامل الق�ضاء مع
مقررات اللجان ال�ضريبية ليخل�ص �إلى �أنه على الرغم من �أهمية المنازعة الإدارية
ف�إنها ال ت�شكل مناف�سا للق�ضاء الذي تبقى له الوالية العامة في البت في المنازعات
ال�ضريبية على نحو يحقق ال�ضمانة المقررة لطرفيها.
)3مداخلة الأ�ستاذ عبد المعطي القدوري الم�ست�شار بالمحكمة الإدارية ب�أكادير
تحت عنوان « :الرقابة الق�ضائية على العمل ال�ضريبي».
414
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
العامة لل�ضرائب ،وما كر�سه الق�ضاء الإداري بهذا الخ�صو�ص .و�أما الق�سم الرابع
والأخير فقد انفرد بالبحث في طبيعة القرارات ال�صادرة عن اللجنة الوطنية وخل�ص
�إلى �أنها ذات طبيعة �إدارية مح�ضة ولي�ست ق�ضائية.
�أما محور الجل�سة الم�سائية الأولى من نف�س اليوم فقد خ�ص�صت للإثبات
والتحقيق في المنازعات الجبائية برئا�سة الأ�ستاذ عمر الري�سوني نائب المدير
المكلف بالمراقبة بالمديرية العامة لل�ضرائب .وقد �شمل هذا المحور :
)1مداخلة الأ�ستاذ بو�شعيب البوعمري رئي�س غرفة بالمجل�س الأعلى تحت
عنوان« :الإثبات في الميدان ال�ضريبي» حيث تطرق بنوع من التركيز �إلى الوقائع
التي يلزم �إثباتها باعتبارها جوهر المنازعة ال�ضريبية ومنها على �سبيل المثال
الواقعة المن�شئة لل�ضريبة ،وتقادم حق الإدارة في ال�ضريبة ،وم�س�ألة الإعفاء من
ال�ضريبة ،وم�سطرة ت�صحيح الفر�ض ال�ضريبي ،وتحديد الوعاء ال�ضريبي .ثم عر�ض
ب�شكل مف�صل لعبء الإثبات في النزاعات ال�ضريبية ف�أو�ضح ب�أنه يختلف باختالف
مو�ضوع المنازعة و�ضرب لذلك �أمثلة تعلقت بعبء �إثبات الواقعة المن�شئة
لل�ضريبة الذي يقع على عاتق الإدارة ،وعبء �إثبات الإعفاء من ال�ضريبة الذي
يتحمله الملزم بها� .أما عن و�سائل الإثبات ،فقد �أو�ضح �أن الإدارة حرة في تبرير
ادعاءاتها بينما الملزم مقيد بو�سائل الإثبات المن�صو�ص عليها قانونا .وركز في
هذا المجال على و�سائل الإثبات في �إطار المحا�سبة وو�سائل الإثبات خارج �إطار
المحا�سبة والتي ت�شمل بع�ض الم�ستندات الكتابية والمحا�ضر المنجزة من طرف
الإدارة والقرائن.
)2مداخلة الأ�ستاذ عبد الرحمان �أبليال رئي�س م�صلحة ال�ش�ؤون الق�ضائية بالمديرية
العامة لل�ضرائب وتتعلق بــ«خ�صو�صيات الخبرة في الدعوى ال�ضريبية» تميزت بتحليل
مبني على �إح�صائيات �أبانت �أن اللجوء �إلى الخبرة في ق�ضايا الطعن في مقررات
اللجان فاقت 95بالمائة والحظ من خالل درا�سته لهذه الق�ضايا ما يلي:
416
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
� -أن الخبرة غالبا ما ت�أخذ بوثائق قدمت لها لأول مرة.
� -أن الخبرة �أ�صبحت و�سيلة للإثبات ذات �أثر تقريري بدل �أن تكون ذات طبيعة
ا�ست�شارية ،و�سيلة للتحقيق.
� -أن بع�ض الملزمين يلجئون �إلى �إنكار توقيعاتهم على الت�صريح فت�أمر المحكمة
ب�إجراء خبرة تف�ضي �إلى �إلغاء الت�صريح مما ي�شجع �سيئي النية على �إنكار
توقيعاتهم ب�صورة كيدية.
�أما في ما يتعلق بتعيين الخبير فقد �أثار المتدخل بع�ض المالحظات منها �أن بع�ض
الخبراء ال ي�ستجيبون للموا�صفات المطلوبة في المادة 242من مدونة ال�ضرائب.
كما الحظ �أن بع�ض الخبراء هم �أنف�سهم مو�ضوع منازعة جبائية ومع ذلك ترف�ض
المحكمة التجريح فيهم.
وفي معر�ض ذكره ل�صالحيات الخبير ال حظ المتدخل �أنه غالبا ما ت�سند لهم
�صالحيات وا�سعة �أنه من ال�صعوبة بمكان التمييز بين الم�سائل القانونية والم�سائل
الواقعية لذا يجب تحديد مهمة الخبير بدقة.
ومن جهة ثانية الحظ �أن الخبير اليلتزم بمبد�أ التواجهية بحيث يقرر في وثائق
دون �إحالتها على الطرف الأخر لإبداء الر�أي فيها ومع ذلك يتم اعتماد م�ستنتجات
الخبرة جملة وتف�صيال على الرغم من عيوبها.
)3مداخلة الأ�ستاذ خالد زعزوع المدير الإقليمي لل�ضرائب بالدار البي�ضاء تحت
عنوان�« :إعادة تقدير �أ�سا�س ال�ضريبة» وقد �شملت ثالثة محاور المحور الأول عالج
مراجعة القيمة الإيجارية (الر�سم المهني) حيث عر�ض فيه المتدخل لتعريف القيمة
الإيجارية ك�أ�سا�س لفر�ض الر�سم المهني مبرزا �صفاتها المحددة في �أنها �سنوية
و�إجمالية وعادية وحالية وطرق تحديدها �إما بوا�سطة عقود الإيجار �أو الكراء و�إما
عن طريق المقارنة �أو عن طريق التقييم المبا�شر مركزا في كل ذلك على �صفتي
«العادية و«الحالية».
417
دفاتر المجلس األعلى
�أما المحور الثاني فتناول تقييم القيمة التجارية للعقار �إذ �إن للإدارة �صالحية
تقييم القيمة التجارية للعقار كلما بدا لها �أن القيمة الم�صرح بها ال تطابق القيمة
الحقيقية في ال�سوق يوم المعاملة .غير �أن رف�ض الملزم لهذا التقييم ينقل النزاع
�إلى الق�ضاء الذي غالبا ما يف�صل في الأمر بعد اال�ستعانة بذوي الخبرة.
وفي المحور الثالث عالج المتدخل �إعادة تقدير رقم الأعمال على �إثر ا�ستبعاد
المحا�سبة ،وا�ستعر�ض حاالت الت�شكيك في قيمة الإثبات التي تكت�سيها المحا�سبة.
ثم تطرق في الأخير للمنازعات المتعلقة ب�إعادة تقدير رقم الأعمال.
وخ�ص�ص محور الجل�سة الم�سائية من نف�س اليوم لمعالجة م�ساطر فر�ض
وت�صحيح ال�ضريبة وتر�أ�سها الأ�ستاذ �أحمد حنين رئي�س غرفة بالمجل�س الأعلى وقد
�أحتوى هذا المحور على المداخالت التالية :
)1مداخلة الأ�ستاذ ح�سن بيو�ض وكيل الملك لدى المحكمة االبتدائية بكر�سيف
في مو�ضوع« :تجريم التهرب ال�ضريبي» الذي اعتمد فيه منهجا تحليليا بين من خالله
البعد التاريخي لمبد�أ فر�ض ال�ضريبة ،والبعد الأخالقي للفرد في تحملها ،و�أبرز
جملة من العوامل التي كانت وراء تحايل الفرد في �أداء ال�ضريبة مو�ضحا وجه
الفرق بين الغ�ش ال�ضريبي والتهرب ال�ضريبي .ثم �أ�شار �إلى المرجع الت�شريعي في
تجريم التهرب ال�ضريبي في المغرب الذي يعتبر قانون المالية ل�سنة 1997-1996
�أهم مكوناته .وقد عر�ض المتدخل لم�ضمون هذا الت�شريع الذي عاب عليه في
ح�صر تطبيقه على �أنواع محددة من ال�ضرائب (ال�ضريبة على ال�شركات ،وال�ضريبة
على الدخل ،وال�ضريبة على القيمة الم�ضافة) .والحظ �أن الجزاء المقرر عن فعل
التهرب ال�ضريبي ينح�صر في الغرامة وال يرقى �إلى العقوبة ال�سالبة للحرية �إال
في حالة العود بالن�سبة لل�شخ�ص الطبيعي .وفي ال�شق الثاني من المو�ضوع تطرق
المتدخل للعنا�صر المكونة لجريمة التهرب ال�ضريبي م�شيرا �إلى �إ�شكالية عدم
اعتبار ح�سن نية المتهرب في الحالة الموجبة لتطبيق العقوبة ال�سالبة للحرية .وفي
الختام تقدم بعدة اقتراحات ترمي �إلى دعم مبد�أ الزجر ال�ضريبي.
418
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
419
دفاتر المجلس األعلى
� - 2إلغاء م�سطرة الت�صحيح بعلة عدم �إثبات الإدارة كونها �شرعت في عملية
الفح�ص بعد ان�صرام 15يوما على تبليغ الإ�شعار بالفح�ص.
� - 3إلغاء ال�ضريبة بعلة عدم ا�ستدعاء الملزم للدفاع عن نف�سه �أثناء جل�سات
اللجنة الوطنية للطعون ال�ضريبية.
- 4بطالن ال�ضريبة بعلة عدم �سلوك م�سطرة فح�ص المحا�سبة عو�ض م�سطرة
الفر�ض التلقائي عندما يتبين للإدارة �أن الملزم حقق رقم معامالت يفوق
مليون درهم والذي يجعله ال يخ�ضع لل�ضريبة ح�سب النظام الجزافي.
)3مداخلة الأ�ستاذ ر�ضى التايدي الم�ست�شار بمحكمة اال�ستئناف الإدارية بالرباط
عنوانها« :درا�سة في بع�ض جوانب م�سطرة الت�صحيح ال�ضريبي على �ضوء م�ستجدات
قانون المالية ل�سنة »2011وقد �شمل هذا البحث محورين �أ�سا�سيين خ�ص�ص �أولهما
للحديث عن الآليات الجوهرية لعملية الت�صحيح والتي تتحدد في م�سطرتي فح�ص
المحا�سبة وفح�ص مجموع الو�ضعية الجبائية للملزم .بينما خ�ص�ص ثانيهما
لإ�شكالية الطعن �أمام اللجنة المحلية لتقدير ال�ضريبة من حيث الم�سطرة ومن
حيث الآثار .وقد تخللت البحث ت�سا�ؤالت و�آراء وحلول انطالقا من المقت�ضيات
الت�شريعية المنظمة لم�سطرة الت�صحيح ال�ضريبي وما كر�سه الق�ضاء الإداري من
اجتهادات في المو�ضع.
�أما اليوم الثاني للندوة فقد انفرد بمحور واحد في الجل�سة ال�صباحية خ�ص�صت
برئا�سة الأ�ستاذ �إبراهيم الكتاني المدير المكلف بالت�شريع والدرا�سات والتعاون
الدولي لمو�ضوع منازعات التح�صيل وا�شتمل هذا المحور على المداخالت
التالية:
)1مداخلة الأ�ستاذ م�صطفى التراب الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستئناف بالدار
البي�ضاء بمو�ضوع تحت عنوان�« :أي تطور للق�ضاء اال�ستعجالي الإداري في مجال
المنازعات الجبائية» حيث تمحور عر�ضه حول مجموعة من النقط همت على
الخ�صو�ص مجال تدخل قا�ضي الم�ستعجالت الإداري في المنازعات الجبائية،
420
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
و�شروط انعقاد اخت�صا�صه للنظر في طلب الإجراء الوقتي المتعلق ب�إيقاف تنفيذ
الأمر بالتح�صيل ،ومدى هذا االخت�صا�ص في وقف م�سطرة الإكراه البدني في حق
الملزم ،ثم تنفيذ الإدارة الجبائية للأمر اال�ستعجالي ال�صادر في مواجهتها.
)2مداخلة الأ�ستاذ محمد بنعزي رئي�س م�صلحة التح�صيل بالمديرية العامة لل�ضرائب
حول« :وقف تنفيذ �إجراءات ا�ستخال�ص الدين ال�ضريبي على �ضوء المادة 242من المدونة
العامة لل�ضرائب» وقد تعر�ض فيها ب�شكل مركز ومف�صل لجملة من الإ�شكاالت حول
م�سطرة وقف تنفيذ �إجراءات ا�ستخال�ص الدين ال�ضريبي وما �إذا كانت تحكمها
مقت�ضيات الف�صل 149من قانون الم�سطرة المدنية �أو مقت�ضيات المادة 242من
المدونة العامة لل�ضرائب م�شيرا �إلى �أنه يرجح فكرة تطبيق مقت�ضيات الف�صل 242
�أعاله باعتبارها �ضمانة لحماية الدين ال�ضريبي.
)3مداخلة الأ�ستاذ محمد الق�صري الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستئناف الإدارية
بالرباط في مو�ضوع« :نماذج من الإ�شكاالت التي يثيرها تطبيق القانون المتعلق بتح�صيل
الدين العمومي �أمام الق�ضاء اال�ستعجالي» وقد تعر�ضت هذه المداخلة بنوع من
التف�صيل للنقط التالية:
-حجز الأ�صل التجاري في �إطار ا�ستخال�ص الدين العمومي.
-حجز العقار في �إطار ا�ستخال�ص الدين ال�ضريبي.
-الإ�شكاالت المثارة م�سطرة الإ�شعار للغير الحائز.
-الإ�شكاالت القانونية والعملية المتعلقة بالإكراه البدني �أمام الق�ضاء
اال�ستعجالي.
-الإ�شكاالت المثارة ب�ش�أن تح�صيل الدين العمومي في �إطار �صعوبة
المقاولة.
-طبيعة االمتياز المخول للخزينة العامة ،حدوده ومجاالته ،وهل يتعلق
بالمنقول �أم يمتد �إلى العقار؟
421
دفاتر المجلس األعلى
)4مداخلة الأ�ستاذ محمد نميري الرئي�س الأول لمحكمة اال�ستئناف الإدارية بمراك�ش
تحت عنوان« :الإ�شعار للغير الحائز �أية فعالية» عالج المتدخل في هذا المو�ضوع جملة
من الإ�شكاالت توزعت على �أربعة مباحث ،تناول �أولها مجال تطبيق �إجراء الأمر
بالإ�شعار للغير الحائز وما يعرفه من �إ�شكاالت ذات �صلة بمفهوم الغير انطالقا من
مقت�ضى المادة 101من مدونة التح�صيل مع عر�ض في ذات ال�سياق لمميزات
الديون مو�ضع الإ�شعار للغير الحائز .وعالج ثانيهما �شكليات هذا الإ�شعار مع
قدر من التركيز حول �إ�شكالية التبليغ و�أنواعه و�آثاره� .أما البحث الثالث فقد
تطرق فيه الباحث لم�س�ألة الحجز على الح�سابات البنكية ومنها الح�سابات الجارية
وح�ساب الودائع .وانفرد المبحث الرابع بمعالجة م�س�ألة الطعن في الإ�شعار للغير
الحائز حيث تطرق فيه المتدخل للمطالبة الإدارية والمطالبة الق�ضائية بين الق�ضاء
اال�ستعجالي وق�ضاء المو�ضوع.
)5مداخلة الأ�ستاذ خالد عبد الغني رئي�س الم�صلحة الجهوية لل�ش�ؤون الق�ضائية
وتتبع الطعون �أمام اللجنة المحلية بالدار البي�ضاء حول�« :ضمانات التح�صيل» وقد
ت�ضمنت مبحثين اثنين تناول �أولهما مكانة الدين ال�ضريبي في القانون الجبائي،
بينما عالج ثانيهما الو�سائل الواقعية والقانونية لحماية الدين ال�ضريبي .ولإبراز
مركز الدين ال�ضريبي في القانون الجبائي ركز المتدخل على القوة التنفيذية لهذا
الدين باعتبارها م�ستمدة من عدة م�صادر منها القانون ومنها الإجراءات الم�سطرية
الإدارية الي ت�سبق التح�صيل .كما ركز على مظاهر هذه المكانة في م�سطرة
الإ�شعار للغير الحائز وفي هذا ال�صدد �أ�شار �إلى جملة من �أوجه االختالف بين
هذا الإجراء والحجز لدى الغير من حيث �صياغة الن�صو�ص المتعلقة بهما ومن
حيث كيفية ممار�سة كل منهما.
وبخ�صو�ص الو�سائل الواقعية والقانونية لحماية الدين ال�ضريبي تطرق المتدخل
لمبد�أ حماية الدين ال�ضريبي من التقادم والإجراءات المختلفة لقطع التقادم ومبد�أ
�إ�شراك الجميع في تح�صيل الدين ال�ضريبي والذي يتجلى من خالل اعتبار هذا
422
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الدين واقعا تحت م�س�ؤولية الجميع ومتابعة م�سيري ال�شركات .وخل�ص المتدخل
في نهاية عر�ضه �إلى �أن الن�صو�ص القانونية الخا�صة بالتح�صيل وما تتميز به من
خ�صو�صية ت�شكل في جوهرها �ضمانا لتح�صيل الدين ال�ضريبي.
وتجدر الإ�شارة �إلى �أن محاور هذه الندوة تميزت بالعديد من المداخالت
والمناق�شات والتعليقات الم�ستفي�ضة.
وفي الجل�سة الختامية ا�ستعر�ض المقرر العام خال�صات العرو�ض والمناق�شات
وما �أ�سفرت عنه الندوة من نتائج ومقترحات تم ح�صرها فيما يلي:
� -إحداث لجنة م�شتركة بين المجل�س الأعلى والمديرية العامة لل�ضرائب
تجتمع مرتين في ال�سنة خالل �شهري يناير ويونيو يعين �أع�ضا�ؤها ويوم
انعقادها بقرار م�شترك لل�سيدين الرئي�س الأول للمجل�س الأعلى والمدير
العام لل�ضرائب تتولى مهمة ر�صد مختلف ال�صعوبات العملية في المادة
الجبائية.
� -إعداد اقتراح ت�شريعي من �أجل جعل مقت�ضيات المدونة العامة لل�ضرائب
�أكثر ان�سجاما وتكامال ب�شكل يزيل ما قد يكتنف بنودها من ق�صور ،وي�ضمن
التوازن بين المركز المالي للملزم وحقوق الخزينة العامة.
� -إعداد اقتراح ت�شريعي لجعل الن�صو�ص القانونية ذات ال�صلة بمدونة
التح�صيل من�سجمة معها.
-العمل على ا�ستحداث �إجراءات خا�صة للتحقيق والإثبات في الدعاوى
الجبائية وعاء وتح�صيال.
423
دفاتر المجلس األعلى
424
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
الكلمات الختامية
425
دفاتر المجلس األعلى
426
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
لقد �أو�ضح �صاحب الجاللة �أيده اهلل ون�صره في خطابه يوم الع�شرين من غ�شت
،2009بان العمل على توطيد الثقة والم�صداقية في ق�ضاء فعال ومن�صف ،باعتباره
ح�صنا منيعا لدولة الحق ،وعمادا للأمن الق�ضائي ،والحكامة الجيدة ومحفزا
للتنمية ،وت�أهيله ليواكب التحوالت الوطنية والدولية ،وي�ستجيب لمتطلبات
عدالة القرن الحادي والع�شرين ،لي�شكل ور�شا �شاقا وطويال يتطلب تعبئة �شاملة
التقت�صر على �أ�سرة الق�ضاء والعدالة ،و�إنما ت�شمل كافة الم�ؤ�س�سات والفعاليات
وكل المواطنين.
من هذا المنطلق ،و�سعيا وراء تحقيق هذه الطموحات الراقية والغايات النبيلة،
ي�أتي تنظيم هذه الندوة الوطنية الم�شتركة بين المجل�س الأعلى والمديرية العامة
لل�ضرائب ،لمعالجة جملة من الإ�شكاالت القانونية والعملية في المجال ال�ضريبي.
�إ�شكاالت تمتد ب�صالتها �إلى االقت�صاد العام للبالد ،و�إلى الذمة المالية للفرد على
حد �سواء ،وتنطوي في مجملها على �أبعاد اقت�صادية ،واجتماعية ،و�أمنية تولد
427
دفاتر المجلس األعلى
لدى المواطن ح�سا�سية خا�صة تجاه الم�ؤ�س�سة ال�ضريبية ،فتتخذ في الواقع �شكل
منازعات متنوعة الموا�ضيع ومت�شعبة الإجراءات ،مما يجعل م�س�ؤولية الق�ضاء في
الت�صدي لها كبيرة و�شاقة .فالحر�ص على الم�صلحة العامة للبالد في �إطار ال�سيا�سة
ال�ضريبية المر�سومة من جهة ،و�ضمان حقوق الأفراد وحماية م�صالحهم المالية من
جهة �أخرى ،يتطلب حكمة فائقة ،وب�صيرة عالية للبت في هذا النوع من الق�ضايا.
ولقد حر�صنا بم�شاركة �إخواننا في المديرية العامة لل�ضرائب على �أن تتناول
هذه الندوة بالبحث والتنقيب الإ�شكاالت القانونية والعملية التي يبدو من خالل
الممار�سات العملية على م�ستوى ق�ضاء المو�ضوع وق�ضاء القانون ،لأنها في
حاجة �إلى تدليل ال�صعاب لمعالجتها ،وتوحيد الر�أي ب�ش�أنها .ولعل ندوتنا هاته
قد تغلبت على الكثير منها ،فالمداخالت كانت متميزة واقترحت الحلول للعديد
من الإ�شكاالت المطروحة ب�شكل فعال ،والمناق�شات كانت غنية وبينت الم�ستوى
الرفيع الذي تميز به الم�شاركون في هذا اللقاء العلمي الرفيع.
نعم لقد حققت هذه الندوة هدفها ،ويبقى �أمامنا بلورة ما تمخ�ضت عنه �إلى
الواقع العملي ،وما مقترحنا بت�شكيل لجنة للمتابعة مكونة من جميع المهتمين �إال
لتحقيق ذلك.
�أختتم كلمتي بتوجيه ال�شكر لكم جميعا على م�شاركتكم القيمة و�أملي �أن يزداد
تعاون المجل�س الأعلى والإدارة العامة لل�ضرائب لما فيه خير الوطن والمواطنين
حتى نكون عند ح�سن ظن عاهل البالد المفدى جاللة الملك محمد ال�ساد�س ن�صره
اهلل و�أيده.
وال�سالم عليكم ورحمة اهلل تبارك وتعالى
428
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
لقد �شكلت هذه الندوة ،دون �شك ،ف�ضاءا لتو�سيع دائرة الحوار البناء
والنقا�ش الجاد بين رجال الق�ضاء من جهة ،والعاملين بالإدارة ال�ضريبية ،وكذا
بع�ض الهيئات المهتمة بالقانون ال�ضريبي من محامين وموثقين وخبراء من جهة
�أخرى ،حول مجموعة من الموا�ضيع القانونية التي يطرحها القانون ال�ضريبي.
فعلى مدى يومين ،توالت المداخالت والعرو�ض المتميزة التي �أعقبها نقا�ش
علمي بناء ي�صبو �إلى �إعطاء الن�ص الت�شريعي الخا�ص بالجبايات مدلوله الحقيقي
الذي ين�سجم مع �إرادة الم�شرع.
429
دفاتر المجلس األعلى
�إننا نعتبر �أن القانون ال�ضريبي في بالدنا التي اختارت االنفتاح على الخارج،
و�أبرمت عقود �شراكة مع دول �أخرى ،وتراهن على جلب اال�ستثمار يجب �أن
يكون لها قانون �ضريبي ينبني على نف�س الأ�س�س المعمول بها في الدول المتقدمة
والديمقراطية ،والمت�سم بالحفاظ على التوازن بين حقوق الملزمين بال�ضريبة
وحقوق الخزينة.
وهذا العمل يتطلب بالنظر لأهميته وج�سامته ،تو�سيع دائرة الم�شورة فيه،
وتجميع كافة الجهود والطاقات ،بالنظر لأبعاده المبا�شرة المت�صلة بجميع دواليب
الحركة االقت�صادية في البالد من جهة �أولى وبجميع فروع القانون الأخرى من
قانون مدني وتجاري ومالي ومحا�سباتي وق�ضائي من جهة ثانية.
�إن التو�صيات المهمة المنبثقة عن هذه الندوة المباركة والناجحة بكل
المقايي�س ،لتحتاج منا جميعا ال�سهر على تتبع تنفيذها و�صياغتها لتكون جاهزة
القتراح �إدراجها في القوانين المالية المقبلة.
وقبل �أن �أختتم هذه الكلمة� ،أود �أن �أجدد ت�شكراتي ال�صادقة لل�سيد الرئي�س
الأول للمجل�س الأعلى وال�سيد الوكيل العام للملك لديه ،وال�سادة الم�س�ؤولين
الق�ضائيين وال�سيدات وال�سادة الم�ست�شارين والق�ضاة الذين �شرفوا هذه الندوة
بح�ضورهم الكريم و�إ�سهاماتهم القيمة.
كما �أود �أن �أعرب عن عرفاني الكبير لأع�ضاء اللجنة المنظمة على انخراطها
الكامل في �إنجاح هذا اللقاء ،و�إلى جميع الم�شاركين وب�صفة خا�صة المتدخلين
منهم عن طريق العرو�ض �أو الذين �ساهموا في �إثراء هذا النقا�ش الر�صين والبناء.
وختاما �أتمنى �أن تتكرر مثل هذه التظاهرة لت�صبح تقليدا نلتقي فيه لتبادل الر�ؤى
وتوحيد المفاهيم.
وفقنا اهلل لما فيه خير هذه البالد تحت القيادة الر�شيدة ل�صاحب الجاللة محمد
ال�ساد�س ن�صره اهلل و�أيده.
430
اإلشكاالت القانونية والعملية في المجال الضريبي
431
دفاتر المجلس األعلى
432