Professional Documents
Culture Documents
كليــــة الحـقــوق
قسم القانون العام
القـضاء اإلداري
دكتور
إذا لم يكونا ال اعتبار لذاته وذات الفتى وهللا بالعلم وال ُّتقى
س َّلم"ََ .
ص َّلى هللا ُ َع َل ْي ِه َو َ
إلى معلم البشرية ،ومنبع العلم سيدنا محمد" َ
إلى تاج رأسي الذي أحمل اسمه بكل فخر ،إلى من أعطاني ولم يزل يعطين بال
حدود ،إلى والدي.
إلى سيدة القلب والحياة ،والحب والوفاء ،فكل ما أنا به وكل ما أريد أن أكونه
مدين به إلى أمي.
1
تتعدد المنازعات التي تنشأ وتثور داخل أي مجتمع وتتنوع هذه المنازعات تبعا
لصفة أطرافها ،وتختلف حسب طبيعة موضوعاتها.
فهناك العديد من المنازعات التي تنشأ بين األفراد العاديين ،وهناك منازعات
تثور بين هيئات الدولة وأجهزتها وإدارتها ،وهناك منازعات تثور بين األفراد
العاديين وهيئات الدولة وأجهزتها ،ويثور التساؤل حول المختص بنظر هذه
المنازعات والفصل فيها؟
وتتوقف اإلجابة على مثل هذا التساؤل على نوع النظام القانوني المأخوذ به في
الدولة ،فمن المعروف أنه يمكن التمييز بين نظاميين قانونين في الوقت المعاصر،
هذان النظامان هما النظام األنجلوسكسونى والنظام الالتيني.
ويقوم النظام األنجلوسكسونى على مبدأ أساسي وهو وحدة القانون والقضاء،
ومعنى ذلك أن القانون العادي هو الذي يطبق على جميع المنازعات أيا كانت صفة
أطرافها ،ومهما كانت طبيعة موضوعاتها ،فليس هناك قانون خاص يطبق على
المنازعات اإلدارية بل يطبق القانون العادي ،والقضاء العادي هو المختص بنظر
كافة المنازعات والفصل فيها بغض النظر عن صفة أطرافها أو ماهية الموضوعات
التي تثيرها .ومن أبرز الدول التي تطبق هذا النظام ،إنجلترا وأمريكا.
أما النظام الالتيني فهو يأخذ بمبدأ ازدواجية القانون والقضاء ،فهناك قانون عام
يطبق على المنازعات التي تكون طرفا فيها الدولة أو إحدى السلطات أو اإلدارات
العامة بصفتها العامة ،وهناك قضاء إداري يختص بنظر مثل هذه المنازعات والبت
فيها .ومن الدول التي تأخذ بهذا النظام فرنسا ومصر وبلجيكا وغيرها من الدول.
2
وفى الدول التي تطبق هذا النظام تبدو أهمية تحديد نوعية النزاع القائم؛ حتى
يمكن تحديد القانون الواجب التطبيق عليه والقضاء المختص بالفصل فيه.
وفى هذه الدول يمكن التمييز بين نوعين من المنازعات ،أولهما :منازعات
القانون الخاص البحتة؛ وهي المنازعات التي تنشأ بين أشخاص القانون الخاص
سواء كانوا أفراد طبيعيين أو هيئات ومنظمات خاصة تتمتع بالشخصية االعتبارية
الخاصة ،وتتعلق بحقوق خاصة بهم يتنازعون حولها ،وأبرزها منازعات تدور حول
القواعد المقررة في القانون المدني والقانون التجاري واألحوال الشخصية...الخ.
ثانيهما :منازعات القانون العام البحتة ،وهي المنازعات التي تنشأ بين
أشخاص القانون العام -وهي الهيئات واألجهزة العامة التي تتمتع بالشخصية
االعتبارية العامة -وهذه المنازعات تدور حول قواعد القانون العام.
ويمكن أن نضيف إلى هذين النوعين نوعا ثالثا من حيث طبيعة أطرافها وهي
المنازعات المختلطة ،وهي المنازعات التي تنشأ بين بين أشخاص القانون العام
وأشخاص القانون الخاص ،أي بين الهيئات واألجهزة العامة وبين األفراد الطبيعيين
أو أشخاص القانون الخاص االعتبارية.
وهذه الطائفة من المنازعات قد تدور حول قواعد القانون العام ،وأهمها قواعد
القانون اإلداري ،ومن هذه الزاوية يمكن إلحاقها بمنازعات القانون العام رغم أن أحد
أطرافها هو شخص من أشخاص القانون الخاص ،وقد تدور حول قواعد القانون
الخاص ،وأهمها قواعد القانون المدني والقانون التجاري ومن هذه الناحية يمكن
إلحاقها بمنازعات القانون الخاص رغم أن أحد أطرافها هو شخص من أشخاص
القانون العام.
1
ويالحظ أخيرا أنه من الممكن أن ينشأ نزاع بين أشخاص القانون العام بعضها
البعض ويدور حول قواعد القانون الخاص ،ومن هذه الزاوية يمكن إلحاق مثل هذا
النزاع بمنازعات القانون الخاص.
وبالنسبة للمختص بالمنازعات في الدول التي تأخذ بالنظام الالتيني؛ فيوجد فيها
بصفة عامة جهتان قضائيتين :جهة القضاء العادي وجهة القضاء اإلداري.
وبصفة عامة تختص جهة القضاء العادي بالفصل في منازعات القانون الخاص
أيا كانت صفة أطرافها ،في حين تختص جهة القضاء اإلداري بالفصل في منازعات
القانون العام أيا كانت صفة أطرافها.
وإذا كان القضاء اإلداري هو الذي يعهد إليه بمهمة إجراء الرقابة على أعمال
اإلدارة وإلغاء المخالف منها ألحكام وقواعد المشروعية ،فإن وسيلة األفراد في
الرجوع إلى جهة القضاء إلنزال جزاء اإللغاء على أعمال اإلدارة غير المشروعة
هي دعوى اإللغاء.
فرقابة القضاء اإلداري إذن ألعمال اإلدارة عن طريق دعوى اإللغاء تعد
ضرورة الزمة إليجاد نوع من التعادل والتوازن بين المصلحة العامة ممثلة في حماية
2
مبدأ المشروعية وسيادة القانون ،وبين المصالح الخاصة التي تكمن في حماية حقوق
()1
وحريات األفراد.
وترتيبا على ما تقدم سوف نعرض في هذا المؤلف لوالية القضاء اإلداري ثم
لدعوى اإللغاء على النحو التالي: -
( )1د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،الطبعة السادسة كلية الحقوق ،جامعة المنصورة ،6002،ص.9،7
3
الفصل األول
تنظيم القضاء اإلداري
4
الفصل األول
تاريخ القضاء اإلداري في مصر ليس تاريخا طويال ،وال يرجع إلى عهود
قديمة ،وذلك على نقيض تاريخه في فرنسا .فحتى قبل عام 1792م لم يكن هناك
قضاء إداري بالمعنى المفهوم األن ،حيث كانت تخضع المنازعات اإلدارية للقضاء
العادي ،ومع ذلك التاريخ أُنشئ مجلس الدولة المصري كهيئة قضائية مستلقة خاصة
بالمنازعات اإلدارية ،وبالتالي أصبح لدينا قضاء عادى وقضاء إداري.
5
المبحث األول
تلتزم اإلدارة وفقا لمبدأ المشروعية بأن تتفق أعمالها وقرارتها مع القانون؛ وهذا
يعنى االعتراف لألفراد بالحق في اللجوء إلى جهة قضائية ما من أجل إلغاء التصرف
الباطل الصادر عن اإلدارة ،والذي يمثل بدوره اعتداء على حقوق وحريات األفراد،
ومن هنا ظهرت فكرة الرقابة على أعمال اإلدارة بقصد حماية مبدأ المشروعية.
وتختلف الدول في تنظيمها للرقابة على أعمال اإلدارة ،فهناك بعض الدول
تجعل االختصاص برقابة أعمال اإلدارة جهة القضاء العادي ويطلق على ذلك النظام
"نظام القضاء الموحد" ،ويذهب البعض األخر إلى اسنادها لجهة قضائية خاصة
ومستقلة تماما عن القضاء العادي ويطلق على هذا النظام نظام القضاء المزدوج.
يقصد بنظام القضاء الموحد وجود جهة قضائية واحدة في الدولة هي جهة
القضاء العادي ،والتي تتولى الفصل في كافة المنازعات سواء كانت إدارية أو غير
إدارية ،ويتميز هذا النظام بتوحيد القانون ،بمعنى أن القواعد القانونية المطبقة على
األفراد هي ذاتها التي تطبق على اإلدارة.
ففي هذا النظام ال يوجد محاكم أو قضاء مستقل بالمنازعات اإلدارية ،بل تخضع
تلك المنازعات للقضاء العادي والذي يخضع له األفراد العاديين في معاملتهم ،ويسود
نظام القضاء الموحد في البالد ذات النظام القانوني االنجلوسكسونى ،ومن تلك الدول
التي تأخذ بذلك النظام الواليات المتحدة األمريكية وانجلترا.
6
-نظام القضاء المزدوج- :
إن فكرة وجود قضاء إداري مختص ومستقل باألمور والمنازعات اإلدارية غير
معروف أو مأخوذ به في كل الدول أو األنظمة القانونية ،وإنما في معظمها فقط ،وفقا
لذلك النظام توجد جهتين للقضاء؛ أولهما جهة القضاء العادي والتي تختص
بمنازعات القانون الخاص "األفراد ،واألشخاص المعنوية الخاصة .وغيرها،
وثانيهما جهة القضاء اإلداري والتي تختص بمنازعات القانون العام وبالتحديد
()6
المنازعات اإلدارية التي تكون جهة اإلدارة أحد أطرافها.
وتعد فرنسا هي مهد هذا النظام والذي عرف بالنظام الالتيني ،وأخذت به عدة
دول أخرى كبلجيكا ،مصر ،تونس ،الجزائر ،المغرب ،الكاميرون ،غانا ...وغيرها.
وسوف نتناول تنظيم القضاء اإلداري في مصر من خالل العناصر التالية- :
لم تعرف مصر القضاء اإلداري بصورة مستقلة كفرنسا من عهود طويلة،
والبحث عن الجذور أو األصول األولى لهذا القضاء ترجع إلى القرن التاسع عشر،
غير أن نشأة قضاء إداري بالمعنى الصحيح يرجع إلى عام 6491م.
فمرت مصر بمرحلتين أولهما هي مرحلة القضاء الموحد ،وظلت هذه المرحلة
حتى عام 1792م ،حيث كان االختصاص بنظر المنازعات اإلدارية داخال في
اختصاص القضاء العادي ،فكانت هناك جهة واحدة هي التي تتولى الفصل والنظر
في كافة القضايا والمنازعات .وظل الحال كذلك حتى صدور القانون رقم 661
( )6د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،كلية الحقوق ،جامعة الزقازيق ،6019 ،ص 72وما بعدها.
.
7
لسنة 6491م بإنشاء مجلس الدولة المصري ،ومنذ ذلك التاريخ أضحى هناك
قاضى مختص بنظر المنازعات اإلدارية ،وسارت مصر في نظام ازدواج القضاء.
ففي عام 1792م أُنشئ مجلس الدولة المصري ،وأصبحت مصر تطبق نظام
القضاء المزدوج ،أي وجود جهتين للقضاء ،جهة القضاء العادي " كالمحاكم
الجزئية ،واالبتدائية ،وغيرها ،والتي تختص بنظر المنازعات العادية التي تكون بين
األفراد بعضها البعض ،وجهة القضاء اإلداري والتي تختص بنظر المنازعات
اإلدارية التي تكون اإلدارة طرفا فيها.
حيث تنص المادة 191من دستور مصر 2112م ،على أن " مجلس الدولة
جهة قضائية مستقلة ،يختص دون غيره بالفصل في المنازعات اإلدارية ،ومنازعات
التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه ،كما يختص بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية،
ويتولى وحده اإلفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها القانون ،ومراجعة،
وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية ،ومراجعة
مشروعات العقود التي تكون الدولة ،أو إحدى الهيئات العامة طرفا فيها ،ويحدد
القانون اختصاصاته األخرى".
يُشكل مجلس الدولة وفقا للمادة الثانية من قانون رقم 94لسنة 6441م،
والمعدلة بالقانون رقم 19لسنة1792م من- :
8
رئيس المجلس -نواب الرئيس -وكالء المجلس -المستشارين -المستشارين
المساعدين -النواب -المندوبين .وال يُعتبر اإلداريون أو الكتابيون بالمجلس أعضاء
فيه ،وبالتالي ال تسري عليهم األحكام الواردة بقانون مجلس الدولة.
رئيس المجلس
يُعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثالثة من نوابه
ترشحهم الجمعية العمومية الخاصة بمجلس الدولة ،وال ُمشكلة من رئيس مجلس
الدولة ونوابه ووكالئه والمستشارين الذين شغلوا وظيفة مستشار لمدة سنتين ،من بين
أقدم سبعة من نواب رئيس المجلس ،وذلك لمدة أربع سنوات أو المدة الباقية حتى
بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب ،ولمدة واحدة فقط طوال عمله.
ويجب إبالغ رئيس الجمهورية بأسماء المرشحين قبل مدة رئيس المجلس
بستين يوما على األقل.
وفى حالة عدم تسمية المرشحين قبل انتهاء األجل المذكور في الفقرة السابقة،
أو ترشيح عدد يقل عن ثالثة أو ترشيح من ال تنطبق عليه الضوابط المذكورة في
الفقرة األولى يقوم رئيس الجمهورية في هذه الحالة بتعيين رئيس المجلس بين أقدم
سبعة من نواب رئيس المجلس.
9
المبحث الثاني
يتكون مجلس الدولة المصري وفقا لنص المادة الثانية من قانون مجلس الدولة
رقم 99لسنة1796م ،من ثالثة أقسام تتمثل في القسم القضائي ،وقسم الفتوى،
وقسم التشريع.
وسوف نتناول تلك األقسام على النحو التالي ،في مطلبين مستقلين- :
11
المطلب األول
حددت المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة اختصاص محاكم مجلس الدولة،
حيث نصت على أنه " تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها في المسائل األتية:
ثالثا :الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات اإلدارية النهائية
الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العالوات.
رابعا :الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات اإلدارية الصادرة
بإحالتهم إلى المعاش أو االستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي.
خامسا :الطلبات التي يقدمها األفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات اإلدارية النهائية.
11
سابعا :دعاوى الجنسية.
ثامنا :الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها
اختصاص قضائي ،فيما عدا القرارات الصادرة من هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات
العمل وذلك متى كان مرجع الطعن ،عدم االختصاص أو عيبا في الشكل أو مخالفة
للقوانين واللوائح ،أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها.
تاسعا :الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميين بإلغاء القرارات النهائية للسلطات
التأديبية.
حادي عشر :المنازعات الخاصة بعقود االلتزام أو األشغال العامة أو التوريد أو بأي
عقد إداري آخر.
ثالث عشر :الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في الحدود
المقررة قانونا.
12
تكوين القسم القضائي لمجلس الدولة
وسنتناول بصورة موجزة عن تشكيل كل هيئة من تلك الهيئات على النحو التالي:
أُنشئت المحكمة اإلدارية العليا بالقانون رقم 165لسنة 1955م ،وتمثل أعلى
درجة في القضاء اإلداري في مصر ،وتعتبر في مكانة مماثلة لمحكمة النقض في
القضاء العادي .ونص قانون مجلس الدولة على أن يكون مقر المحكمة اإلدارية العليا
مدينة القاهرة
13
وتعتبر المحكمة اإلدارية العليا محكمة واحدة فقط ،حتى وإن تعددت دوائرها.
ويرأس المحكمة اإلدارية العليا رئيس مجلس الدولة ،وفى حالة تعدد دوائرها تكون
له رئاسة الدائرة األولى ،وتكون لنوابه رئاسة الدوائر األخرى .وتشكل كل دائرة من
خمسة مستشارين ،وبالمحكمة دائرة أو أكثر لفحص الطعون وتشكلدائرة فحص
الطعون من ثالثة مستشارين.
تعتلى المحكمة اإلدارية العليا قمة القضاء اإلداري في مصر ،فهي تعد بمثابة
محكمة نقض إدارية تعمل جاهدة على توحيد مبادئ القضاء اإلداري.
وطبقا لنص المادة 23من قانون مجلس الدولة رقم 47لسنة 1972م ،فإن دور
المحكمة اإلدارية العليا يتمثل في البت في الطعون األحكام الصادرة من محاكم
القضاء اإلداري ومن المحاكم التأديبية ،وذلك في األحوال األتية:
إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو 1
تأويله.
إذا صدر الحكم على خالف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه سواء
3
دفع بهذا الدفع أم لم يدفع.
ويكون لذوي الشأن ولرئيس هيئة مفوضي الدولة أن يطعن في تلك األحكام
خالل ستين يوما من تاريخ صدور الحكم ،وذلك مع مراعاة األحوال التي وجب عليه
القانون فيها الطعن في الحكم.
14
أما األحكام الصادرة من محكمة القضاء اإلداري في الطعون المقامة في أحكام
المحاكم اإلدارية ،فال يمكن الطعن عليها أمام المحكمة اإلدارية العليا إال من رئيس
هيئة مفوضي الدولة خالل 61يوما من صدور الحكم ،وذلك إذا صدر الحكم على
خالف ما جرى عليه قضاء المحكمة اإلدارية العليا ،أو إذا كان الفصل في الطعن
يقتضي تقرير مبدأ قانونى لم يسبق لهذه المحكمة تقريره
ولتوضيح ذلك- :فلنفرض مثال أن شخص رفع دعوى أمام المحكمة اإلدارية
ولم يصدر الحكم لصالحه ،فقام بالطعن عليه أمام محكمة القضاء اإلداري ،وأيضا لم
يصدر الحكم لصالحه ،ففي هذه الحالة إن أراد الطعن على ذلك الحكم أمام المحكمة
اإلدارية العليا ،فال يستطيع رفعها مباشرة بل يكون ذلك الحق مقرر لرئيس هيئة
مفوضي الدولة ،وهذا الحق ليس مقرر في جميع الحاالت ،بل إذا صدر الحكم على
خالف ما جرى عليه قضاء المحكمة اإلدارية العليا ،أو إذا كان الفصل في الطعن
يقتضي تقرير مبدأ قانونى لم يسبق لهذه المحكمة تقريره.
وفقا لنص المادة الرابعة من قانون مجلس الدولة ،فإن المحكمة اإلدارية العليا
تُشكل من نوعين من الدوائر:
15
مبدأ قانونى لم يسبق للمحكمة تقريره ،فإن دائرة فحص الطعون في تلك الحالة تصدر
قرارا بإحالتها إلى المحكمة اإلدارية العليا " الدائرة الخماسية" .للنظر في الطعن.
أما إذا رأت دائرة فحص الطعون بإجماع األراء أن الطعن غير مقبول شكال أو
باطل أو غير جدير بالعرض على المحكمة ،حكمت برفضه ،وبالتالي فلن يُعرض
على المحكمة اإلدارية العليا " الدائرة الخماسية".
والدور الذي تقوم به دائرة فحص الطعون هو دور هام للغاية؛ حيث تقوم
بتخفيف الضغط على المحكمة اإلدارية العليا من خالل عدم عرض الطعون الباطلة
أو المرجح عدم قبولها شكال أو موضوعا ،وقرر المشرع أنه في حالة الحكم برفض
الطعن فقد أشترط أن يكون ذلك بإجماع اآلراء .ومن ثم فإن دور عمل دائرة فحص
الطعون يتمثل في كونها بمثابة مصفاة يمر الطعن منها أوال ثم يصل إلى المحكمة.
هي التي تشكل من عضوية خمسة مستشارين ،وتختص بنظر الطعون التي
قررت دائرة فحص الطعون إحالتها إليها ،ويجوز أن يكون من بين أعضاء الدائرة
الخماسية أحد أعضاء لجنة فحص الطعون والذي أشترك في إصدار قرار اإلحالة.
16
ثانيا :محكمة القضاء اإلداري- :
فمحكمة القضاء اإلداري محكمة واحدة مقرها مدينة القاهرة ،ويرأسها نائب
رئيس مجلس الدولة ،وتصدر احكامها من دوائر تُشكل كل منها من ثالثة مستشارين،
ويحدد اختصاص كل دائرة من دوائر محكمة القضاء اإلداري بقرار من مجلس الدولة.
ويجوز بقرار من رئيس مجلس الدولة إنشاء دوائر لمحكمة القضاء اإلداري في
المحافظات األخرى ،مثال ذلك دائرة القضاء اإلداري باإلسكندرية والتي تختص
بالفصل في المنازعات التي تدخل في اختصاص محكمة القضاء اإلداري بدوائرها
العادية واالستئنافية وذلك في محافظات اإلسكندرية ومطروح والبحيرة.
وإذا شمل اختصاص الدائرة أكثر من محافظة جاز لها بقرار من رئيس المجلس
أن تعقد جلساتها في عاصمة أي من المحافظات الداخلة في دائرة اختصاصها.
تختص محكمة القضاء اإلداري كمحكمة أول درجة بجميع المنازعات اإلدارية
التي ال تدخل في اختصاص المحاكم اإلدارية والمحاكم التأديبية.
17
وبعبارة أخرى فإن محكمة القضاء اإلداري تعتبر المحكمة ذات االختصاص العام،
بالنسبة للمنازعات اإلدارية ،ومعنى ذلك أن اختصاصات المحاكم التأديبية والمحاكم
اإلدارية هي اختصاصات محددة على سبيل الحصر ،وما لم يرد ضمن هذه
االختصاصات يدخل في اختصاصات محكمة القضاء اإلداري كمحكمة أول درجة.
وأحكام محكمة القضاء اإلداري الصادرة منها كمحكمة استئناف نهائية ،وال
تقبل الطعن إال أمام المحكمة اإلدارية العليا .وال يقبل الطعن في هذه الحالة إال من
رئيس هيئة مفوضي الدولة وحده فال يجوز أن يقدم من ذوي الشأن .ويتعين أن يُبنى
الطعن على مخالفة الحكم المطعون عليه لمبدأ مستقر في قضاء المحكمة اإلدارية
العليا ،أو على الحاجة إلى تقرير مبدأ قانونى جديد.
عند إنشاء مجلس الدولة كانت محكمة القضاء اإلداري هي المحكمة الوحيدة
التي يتشكل منها القسم القضائي به ،ولقد ترتب على ذلك ان كثرت القضايا أمامها مما
أدى إلى البطء في الفصل في المنازعات؛ األمر الذي أثر على حسن سير العمل
القضائي وأصاب العدالة اإلدارية بخلل ،ومع عدة محاوالت لتخفيف ذلك الخلل ،فقد
أنشئت المحاكم اإلدارية.
18
وطبقا لنص المادة الخامسة من قانون مجلس الدولة؛ يكون مقر المحاكم اإلدارية في
القاهرة واإلسكندرية ،ويكون لهذه المحاكم نائب رئيس يعاون المجلس في القيام على
تنظيمها ،ويجوز إنشاء محاكم إدارية في المحافظات األخرى بقرار من رئيس المجلس.
وتصدر أحكامها من دوائر تشكل كل منها برئاسة مستشار مساعد وعضوية اثنين
من النواب على األقل .وتحدد دائرة اختصاص كل محكمة بقرار من رئيس مجلس الدولة،
وإذا شمل اختصاص المحكمة أكثر من محافظة جاز لها أن تنعقد في عاصمة أي محافظة
من المحافظات الداخلة في اختصاصها ،وذلك بقرار من رئيس مجلس الدولة.
واختصاص المحاكم اإلدارية هذا مقتصر فقط على الطلبات والمنازعات السابقة
متى كانت متعلقة بالموظفين العموميين من المستوى الثاني والمستوى الثالث ومن
يعادلهم .أما غير ذلك من القرارات فتدخل في اختصاص محكمة القضاء اإلداري.
19
العقد ،فقد تتجاوز قيمة العقد هذا الحد ،وبالتالي تخضع الختصاص المحكمة اإلدارية
متى كانت المنازعة المرفوعة إليها ال تجاوز قيمتها هذا الحد.
21
أوال- :العاملين المدنيين بالجهاز اإلداري للدولة في وزارات الحكومة،
ومصالحها ووحدات الحكم المحلى ،واالملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة ،وما
يتبعها من وحدات وبالشركات التي تضمن لها الحكومة حدا أدنى من األرباح.
ثانيا- :أعضاء مجالس إدارة التشكيالت النقابية المشكلة طبقا لقانون العمل
وأعضاء مجالس اإلدارة المنتخبين طبقا ألحكام القانون رقم 141لسنة1963م.
ثالثا- :العاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من
رئيس الجمهورية ممن تجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيها شهريا.
كما أعطى القانون للمحاكم التأديبية اختصاصا بنظر طلبات اإللغاء ،والطعون
المقدمة من الموظفين العموميين والعاملين بالقطاع العام ،ضد القرارات التأديبية
والجزاءات الموقعة من السلطات اإلدارية المختصة.
ويتحدد اختصاص المحكمة التأديبية تبعا للمستوى الوظيفي للموظف وقت إقامة
الدعوى ،ال وقت وقوع المخالفة ،وإذا تعدد العاملون المقدمون للمحاكم كانت
المحكمة المختصة بمحاكمة أعالهم في المستوى الوظيفي هي المختصة بمحاكمتهم
جميعا .أما بالنسبة للعاملين بالجمعيات والشركات والهيئات الخاصة التي يصدر
بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية ،فتختص بمحاكمتهم جميعا المحكمة التأديبية
للعاملين من المستوى األول والثاني والثالث.
تُشكل هيئة مفوضي الدولة برئاسة أحد نواب رئيس المجلس وبعضوية عدد
كاف من المستشارين والمستشارين المساعدين والنواب والمندوبين.
21
ويكون مفوض الدولة لدى المحكمة اإلدارية العليا ومحكمة القضاء اإلداري من
درجة مستشار مساعد على األقل ،وذلك نظر ألهمية المنازعات اإلدارية التي تثور
أمامها ،وللقيمة الخاصة التي تمثلها األحكام التي تصدر عنهما.
ويقوم المفوض بعد إتمام تهيئة الدعوى ،بإيداع تقرير يحدد فيه الوقائع
والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع ويبدى رأيه مسببا ،ويجوز لذوي الشأن أن
يطلعوا على تقرير المفوض بقلم كتاب المحكمة ،وأن يطلبوا صورة منه على نفقتهم.
22
تسوية النزاع عن طريق الصلح -: 3
لمفوض الدولة أن يعرض على الطرفين تسوية النزاع على أساس المبادئ
القانونية التي ثبت عليها قضاء المحكمة اإلدارية العليا من خالل أجل يحدده ،فإذا
تمت التسوية أثبتت في محضر يوقع عليه الخصوم ،أو وكالؤهم ويكون لهذا
المحضر قوة السند التنفيذي ،وتعطى صورته وفقا للقواعد المقررة ،وتستبعد القضية
من الجداول النتهاء النزاع فيها.
يكون لمفوضي الدولة الحق في الطعن أمام المحكمة اإلدارية العليا في األحكام
الصادرة من محكمة القضاء اإلداري أو من المحاكم التأديبية في الحاالت المحددة في
المادة 23من قانون مجلس الدولة- .السالف ذكرها -
ولرئيس هيئة مفوضي الدولة وحده الحق في الطعن أمام المحكمة اإلدارية
العليا في األحكام الصادرة من محكمة القضاء اإلداري في الطعون المقامة أمامها في
أحكام المحاكم اإلدارية ،وذلك إذا صدر الحكم على خالف ما جرى عليه قضاء
المحكمة اإلدارية العليا ،أو إذا كان الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانونى لم
يسبق لهذه المحكمة تقريره- .كما ذكرنا سابقا.-
23
المطلب الثاني
سبق أن ذكرنا أن مجلس الدولة ينقسم إلى ثالثة أقسام رئيسية القسم القضائي،
قسم الفتوى ،قسم التشريع .وفى ذلك المطلب سوف نتناول قسمي الفتوى والتشريع:
يتمثل دور قسم الفتوى بمجلس الدولة بمهمة إبداء الرأي والمشورة لإلدارة،
خاصة فيما يتعلق بالمسائل القانونية.
يتكون قسم الفتوى من هيئتين أولهما إدارات الفتوى للجهات اإلدارية المختلفة
وتسمى (اإلدارات( حيث يكون هناك عدد من اإلدارات خاصة برئاسة الجمهورية
ورئاسة مجلس الوزراء والوزراء والهيئات العامة .فعلى سبيل المثال هناك إدارة خاصة
برئاسة الجمهورية ،وأخرى خاصة لوزارة الداخلية ،وإدارة لوزارة الصحة.ويرأس كل
إدارة منها مستشار أو مستشار مساعد ،ويتم تحديد عدد اإلدارات وتحديد عدد دوائر
اختصاصها بقرار من الجمعية العمومية للمجلس.
24
وقد اوجب القانون على الوزارات والهيئات العامة ومصالح الدولة ،أخذ رأى
إدارة الفتوى المختصة إلبرام أو قبول أو إجازة أي عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ
قرار محكمين ،في مادة تزيد قيمتها خمسة آالف جنيه.
الهيئة الثانية تتمثل في لجان رؤساء اإلدارات -:لتوثيق التعاون بين إدارات
الفتوى فقد نص قانون مجلس الدولة على اجتماع رؤساء اإلدارات المختلفة– خاصة
المتجانسة منها-في هيئة لجان ،يرأسها نائب رئيس المجلس المختص .وتختص هذه
اللجان بإبداء الرأي في كل ما يحيله إليها رئيس إدارة الفتوى من مسائل .وهذه اإلحالة
()3
من قبل رئيس اإلدارة وجوبية في بعض الحاالت وجوازيه في البعض األخر.
التشكيل- :
يُشكل قسم التشريع من أحد نواب رئيس المجلس ،ومن عدد كاف من
المستشارين المساعدين ،ويلحق به عدد من النواب والمندوبين .وتكون رئاسة قسم
التشريع لنائب رئيس المجلس ،وفى حالة غيابه يتوالها أقدم مستشاري القسم .ويجب
دعوة رئيس إدارة الفتوى المختصة عند نظر التشريعات المتعلقة بإداراته لإلشتراك
في المداوالت ،وله صوت معدود فيها.
( )3د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.121-120
25
االختصاصات- :
مراجعة صياغة التشريعات ،فقد ألزم قانون مجلس الدولة كل وزارة أو 2
مصلحة قبل استصدار أي قانون أو قرار من رئيس الجمهورية ذي صفة
تشريعية أو الئحية أن يعرض المشروع المقترح على قسم التشريع.
مراجعة صياغة التشريعات التي يرى رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء 3
أو رئيس مجلس الدولة نظرها على وجه االستعجال ،ويقوم بالمراجعة في
هذه الحالة لجنة تشكل من رئيس قسم التشريع أو من يقوم مقامه وأحد
مستشاري القسم يندبه رئيس القسم ورئيس إدارة الفتوى المختصة.
ويالحظ أنه في حاالت مراجعة الصياغة يقتصر دور القسم على مراجعة
العبارات واالصطالحات والصياغة القانونية ،فال يشمل التعرض لموضوع التشريع
نفسه ،فإذا كان من غير الممكن مراجعة الصياغة دون التعرض للموضوع ،ففي هذه
الحالة يشترط أال تؤدى الصياغة إلى تغيير الموضوع األصلي المقصود من الجهة
المقترحة للمشروع .
26
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع:
-
التشكيل -:
تُشكل الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع برئاسة نائب رئيس المجلس
وعضوية نواب رئيس المجلس لقسمي الفتوى والتشريع ومستشاري قسم التشريع
ورؤساء إدارات الفتوى
االختصاصات- :
المسائل التي ترى فيها إحدى لجان قسم الفتوى رأيا يخالف فتوى صدرت من
لجنة أخرى أو من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع.
المنازعات التي تنشأ بين الوزارات أو بين المصالح العامة أو بين الهيئات
العامة أو بين المؤسسات العامة أو بين الهيئات المحلية أو بين الجهات
وبعضها البعض .ويكون رأى الجمعية في هذه المنازعات ملزما للجانبين.
( )9د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق رص.123-126
27
الفصل الثاني
دعوى اإللغاء
.
28
الفصل الثاني
دعــوى اإللـغـاء
تحتل دعوى إلغاء القرارات اإلدارية أهمية خاصة بالمقارنة بسائر الدعاوى
اإلدارية ،نظرا لكونها وسيلة فعالة لرقابة المشروعية اإلدارية .
وتقتضي الدراسة الشاملة لدعوى اإللغاء أن نتعرض لطبيعة هذه الدعوى ثم
لشروط قبولها ،ثم أوجه الطعن باإللغاء.
وترتيبا على ما تقدم ،سنقوم بتناول دعوى اإللغاء من خالل التقسيم التالي: -
29
المبحث األول
يمكن تعريف دعوى اإللغاء بأنها" الدعوى التي يرفعها صاحب الشأن أمام
()5
القاضي اإلداري المختص للمطالبة بإلغاء قرار إداري نهائي صدر مخالفا للقانون
تعتبر دعوى اإللغاء دعوى قضائية ،فهي دعوى من خلق مجلس الدولة
الفرنسي ،فهي ال تحتاج إلى نص خاص ،فكل قرار إداري قابل للطعن فيه باإللغاء،
()2
حتى ولو لم ينص على ذلك ،بل حتى ولو نص على أنه غير قابل ألي طعن.
( )5د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،كلية الحقوق ،جامعة الزقازيق ،ص.191
( )2د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 680وما بعدها
31
فالخصومة في دعوى اإللغاء هي خصومة قضائية في منازعة قضائية؛ ال تقوم
بين أطرافها إال لو كان موضوعها ومناطها القرار اإلداري في ذاته المستهدف،
()9
لمراقبة مشروعيته توصال إلى وقف تنفيذه أو إلغائه.
وتعتبر دعوى اإللغاء دعوى القانون العام ،فال مثيل لها في دائرة القانون الخاص،
ومفاد ذلك أن جميع القرارات اإلدارية قابلة للطعن باإللغاء أمام محاكم مجلس الدولة،
عدا ما يستثنى منها بنص صريح ،ويُعقد االختصاص بشأنها لجهة أخرى -كما سنرى،-
فدعوى اإللغاء يمكن أن توجه إلى جميع القرارات فردية أو تنظيمية تتمتع بالقوة
العادية للقرارات اإلدارية باعتبارها تأتى في المرتبة التالية للقانون ،أو تتمتع بقيمة
()8
القانون كالقرارات الجمهورية التي تصدر في حالة الضرورة.
دعوى اإللغاء دعوى موضوعية أو عينية ،وذلك ألن أساس وجوهر الطعن
باإللغاء هو النعي على مشروعية القرار اإلداري المطعون فيه ،فهي ال تمثل
()7
خصومة تتعلق بحقوق شخصية ،وإنما تنصب الخصومة على القرار اإلداري ذاته
( )9د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،والية القضاء اإلداري "دعوى اإللغاء" ،ص 680وما بعدها.
( )8د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص13؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 687وما بعدها.
( )7د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص13؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 680وما بعدها
( )10د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 680وما بعدها.
31
ويترتب على تلك التفرقة بين دعوى اإللغاء باعتبارها دعوى عينية عن غيرها
من الدعاوى الشخصية ،أن الحكم الصادر بإلغاء القرار اإلداري يكون ذا حجية
مطلقة في مواجهة الكافة ،وذلك على العكس من حجية الحكم الصادر في الدعوى
()11
الشخصية حيث يحوز فقط حجية نسبية بين أطرافه.
ذكرنا أن دعوى اإللغاء تُعد دعوى عينية؛ بمعنى أنها توجه ضد قرار إداري
غير مشروع بهدف إلغائه أو إعدامه ،وأن سلطة القاضي في ذلك تكمن في مدى
اتفاق القرار وأحكام القانون ،فإذا ما وجد القاضي اإلداري أن القرار قد خالف القانون
قضى بعدم مشروعيته ،فهو ال يملك سوى تقدير مشروعية القرار المطعون فيه
ومن ثم ينتهي إلى إبطاله لمخالفته لمبدأ المشروعية،
( )11د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 680وما بعدها
32
أوجه التفرقة بين دعوى اإللغاء ودعوى التعويض"دعوى القضاء الكامل:
-
بعد أن تعرضنا لتعريف دعوى اإللغاء وبيان خصائصها ،فإنه يجب علينا التمييز
بين دعوى اإللغاء-محل دراستنا-وبين دعوى التعويض " دعوى القضاء الكامل".
ذكرنا أن دعوى اإللغاء دعوى موضوعية تنصب على إلغاء القرار اإلداري
ذاته وذلك لمخالفته للقواعد القانونية ،أما في دعوى التعويض فهي دعوى شخصية
أو ذاتية تنصب على حق شخصي للمدعى ،للمطالبة بتعويض عادل لما أصاب هذا
الحق من ضرر نتيجة ألعمال اإلدارة.
يشترط لقبول دعوى اإللغاء مجرد وجود مصلحة شخصية مباشرة للمدعى تبرر
دعواه بإلغاء القرار اإلداري المعيب ،بينما ال يكفي شرط المصلحة الشخصية المباشرة
لقبول دعوى القضاء الكامل ،في حين يشترط لقبول دعوى التعويض المساس بحق
شخصي للمدعى نتيجة لتصرف خاطئ من اإلدارة بهدف التعويض عنه.
تقتصر سلطة القاضي اإلداري في دعوى اإللغاء على مشروعية القرار أو عدم
مشروعيته ،حيث تقف سلطة القاضي اإلداري عند بيان ما إذا كان القرار اإلداري
متوافقا أو مخالفا للقانون ،فإذا ما تبين له أن القرار اإلداري مخالف للقانون فإن
33
سلطته تنحصر في إلغاء القرار ،دون أن يتعدى ذلك إلى بيان نطاق المركز القانوني
للطاعن أو القيام بسحب أو تعديل القرار المعيب أو إصدار قرار محله.
مثال ذلك
لو أن وزير التعليم أصدر قررا بترقية مجموعة من المدرسين إلى الدرجة
األعلى متخطيا البعض منهم ،وطُعن أمام مجلس الدولة على هذا القرار ممن تم
تخطيتهم " من لم يشملهم قرار الترقية" ،وعللوا ذلك بأن هذا القرار قد تضمن تخطيا
لهم في الترقية باعتبارهم األقدم في الترقية عن هؤالء الذين تضمنهم القرار ،فالقاضي
اإلداري يستطيع إلغاء القرار السابق إذا ما تبين له أنه خالف القانون الذى يوجب
احترام األقدمية عند الترقية ،ولكن القاضي ال يستطيع أن يتعدى ذلك إلى بيان مدى
حقوق الطاعنين ،فهو مثال ال يستطيع أن يحكم بترقيتهم إلى الدرجة التي يستحقونها،
وهو ال يستطيع أيضا أن يحدد لجهة اإلدارة مدة معينة إلصدار قرار بترقيتهم،
فالقاضي يستطيع فقط أن يلغى قرار الترقية باعتباره قرارا غير مشروع لمخالفته
للقانون ،ويكون على اإلدارة بعد ذلك أن ترتب األثار القانونية المترتبة على اإللغاء.
أما في دعوى التعويض فإن سلطة القاضي اإلداري قد تشمل تعديل القرار
اإلداري وإلزام اإلدارة بالتعويض عن األضرار التي أصابت صاحب الحق ،فالقاضي في
يمكن أن يحدد المركز القانوني للطاعن ،فهو على عكس قضاء اإللغاء الذي يقف عند
حد إلغاء قرارها غير المشروع أو مجرد إدانة أعمالها المخالفة للقانون ،بل يتعدى دوره
إلى تبيان المركز القانوني للطاعن وتبيان الحل السليم في المنازعة المطروحة أمامه.
مثال ذلك
لو حددت" جامعة اإلسكندرية "مرتب األستاذ بألف جنيه شهريا ،ونازع الطاعن
في هذا التحديد أمام مجلس الدولة ،فإن سلطة القاضي اإلداري ال تقف فقط عند حد
34
تبيان مدى اتفاق قرار اإلدارة مع حكم القانون وإلغائه حال التحقق من مخالفته
للقانون ،ولكنه يتعدى ذلك فيقضى بالحل الصحيح ،محددا الرقم الذي يستحقه الطاعن
ويحكم بتسوية مرتبه ليصبح ألفان وخمسمائة جنيها شهريا كما هو محدد قانونا.
ونبين أخيرا أنه مع التمييز الواضع بين الدعويين ،فإنه ثم تقاربا بينهما من
حيث النتائج التي تترتب عليهما بالنسبة لألفراد ،إذ أن إلغاء القرار اإلداري يمكن أن
يولد حقوقا لرافع الدعوى ،بل أن هذا األخير يرفع دعواه عادة بقصد تحقيق المصالح
الخاصة التي يمكن أن تترتب على إلغاء القرار ،وليس من اجل تحقيق المصالح
العامة والمحافظة على مبدأ المشروعية.
يختلف ميعاد رفع دعوى اإللغاء عن ميعاد دعاوى القضاء الكامل ،فميعاد رفع
دعوى اإللغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار اإلداري المطعون فيه في الجريدة
الرسمية ،أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة ،أو إعالن صاحب الشأن
ومن ثم إذا لم ترفع الدعوى خالل الميعاد المحدد أصبح القرار اإلداري حصينا
ومستقرا ويسقط حق المدعى في رفع دعوى اإللغاء .أما بالنسبة لدعوى التعويض
()16
به. فليس لها ميعاد محدد لرفعها وإنما تسقط بتقادم الحق المدعى
( )16د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 680وما بعدها؛ د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص13وما بعدها.
35
المبحث الثاني
إذا عُرض على القاضي اإلداري نزاع ويراد إنزال حكم القانون بشأنه ،فيكون
على القاضي أن يسأل نفسه أوالً هل هو مختص بنظر النزاع؟ فإذا كانت اإلجابة
باإليجاب ،سأل نفسه مرة ثانية هل الدعوى مقبولة؟ فإذا توافرت شروط قبول
الدعوى انتقل في النهاية إلى بحث موضوع النزاع فيطبق بشأنه حكم القانون.
والقاضي في هذه المرحلة األخيرة يكون قد أجاب على السؤال األخير والنهائي هل
()13
الطاعن أو المدعى بالحق محق فيما يدعيه؟
فتجدر اإلشارة إلى التمييز بين ثالثة أمور :عدم االختصاص وعدم القبول
والرفض ،فاالختصاص يتعلق بوالية القاضي المرفوعة أمامه الدعوى في نظرها
والفصل فيها ،وسبق أن ذكرنا أن مجلس الدولة يختص بنظر جميع المنازعات
اإلدارية التي يكون محلها نشاط أو عمل إداري ،ما لم يجعل المشرع االختصاص
بها لجهة القضاء العادي أو لجهة أخرى غير مجلس الدولة باعتبار هذا األخير هو
()19
القاضي العام في المنازعات اإلدارية.
أما القبول فيتعلق بصالحية الدعوى لكي ينظرها القاضي المختص بها،
فمسألة قبول الدعوى مسألة سابقة على فحص موضوع الدعوى ،فإذا توافرت
شروط القبول تطرق القاضي إلى بحث الموضوع ،وإذا لم تتوافر أو تخلف أحدها
فإنه ال يقبل الدعوى ابتدا ًء وبالتالي ال يبحث الموضوع .ومسالة القبول ال أثر على
( )13د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 316وما بعدها.
( )19د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.339وما بعدها.
.
36
الحكم في موضوع الدعوى نفسه ،فقد تكون الدعوى مقبولة لتوافر شروط القبول
كلها ،ومع ذلك يصدر الحكم برفضها ،أي برفض إلغاء القرار المطلوب إلغائه
()15
وذلك بالنسبة لدعوى اإللغاء.
ويتضح لنا مما يسبق أن القبول واالختصاص مسالتان تسبقان نظر الموضوع
نفسه ،فإذا كانت الدعوى ال تدخل في اختصاص القاضي المرفوعة أمامه قضى
بعدم االختصاص ،وإذا تخلف شرط من شروط قبولها قضى بعدم القبول ،وذلك قبل
أن يتطرق إلى موضوعها بشكل تفصيلي وبحث متعمق ودقيق.
أما الرفض فهو يتعلق بموضوع الدعوى ذاته ،ويعنى أن الدعوى تدخل في
اختصاصه وأن شروط قبولها متوافرة ،ولكن يحكم برفض الدعوى أي بعدم إجابة
()12
المدعى إلى طلبه.
وسوف نعرض لشروط قبول دعوى اإللغاء بالتفصيل على النحو التالي:
( )12د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.339وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 316وما بعدها.
37
المطلب األول
لقبول الطعن باإللغاء أمام مجلس الدولة ،هناك عدة شروط متعلقة بالقرار
المطعون فيه ،وتتمثل تلك الشروط في التالي- :
يُعتبر القرار اإلداري أهم أساليب اإلدارة العامة في ممارسة نشاطها اإلداري
بصورها المختلفة ،سواء إقامة الضبط اإلداري ،أو إنشاء وتيسير المرافق العامة،
ولذلك ُيعد القرار اإلداري أهم وسائل اتصال اإلدارة العامة بموظفيها وباألفراد.
وتدور دعوى اإللغاء وجوداً وعدما ً مع القرار اإلداري ،فأول شرط لقبول
دعوى اإللغاء هو ان ينصب الطعن قرار إداري ،أي يجب أن يكون موضوع ومحل
دعوى اإللغاء قرار إداري ،فإذا انتفى القرار اإلداري أصبحت دعوى اإللغاء غير
17
مقبولة شكال دون أن يتطرق القاضي إلى بحث شروط قبول الدعوى األخرى.
استقر القضاء الحديث لمجلس الدولة في تعريفه للقرار اإلداري بأنه " إفصاح
جهة اإلدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرادتها الملزمة ،بما لها من سلطة
عامة بمقتضى القوانين واللوائح ،وذلك بقصد إحداث مركز قانونى ،متى كان ذلك
18
العامة. ممكنا وجائز قانونا بهدف تحقيق المصلحة
17د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري" ،دار الكتاب الحديث ،2118 ،ص 513وما بعدها.
18المرجع السابق
38
صور القرار اإلداري محل دعوى اإللغاء- :
العبرة في قبول دعوى اإللغاء أن يكون محلها قرارا إداريا ،بغض النظر عن
الشكل الذي يصدر به صريحا ً كان أم ضمنياً ،وسواء صدر هذا القرار بصورة
إيجابية أو سلبية ،فالقرار اإلداري في جميع صوره يشكل محال لدعوى اإللغاء.
األصل أن اإلدارة تصدر قرارتها في صورة مكتوبة إال ان هذا ال يمنعها من
إصدار تلك القرارات شفاهة ،حيث تخضع تلك القرارات للطعن عليها باإللغاء إذا
ما توافر أي وجه من أوجه الطعن باإللغاء ،ولكن القرار الشفوي يكون باطال إذا
19
ألزم المشرع اإلدارة بأن تصدره مكتوبا.
القرار اإلداري تصدره اإلدارة صراحة ،ولكنه قد يقوم ضمنا وذلك في حالتين:
تتمثل الحالة األولى في القرار الذي يمكن استنباطه من صدور قرار أخر أو
من تصرف إداري لإلدارة ،مثال ذلك صدور قرار بترقية بعض الموظفين وتخطى
موظف تنطبق عليه شروط الترقية ،حيث يتضح أنه ليس هناك قرار صريح
بتخطي ذلك الموظف ،إال أنه يتضح ضمنا ً من قرار الترقية أنه تم تخطيته ،وبالتالي
21
يستطيع الطعن على ذلك القرار نظراً لتخطيه في الترقية.
وتتمثل الحالة الثانية في حينما يحدد المشرع لإلدارة أجال معينا للرد على
الطلب المقدم إليها ،فإذا فوتت اإلدارة هذا الميعاد دون رد من جانبها ،كان ذلك
19المرجع السابق
21د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،كلية الحقوق ،جامعة المنصورة ،ص 122وما بعدها.
39
بمثابة قرار ضمني بقبول الطلب المقدم إليها أو برفضه ،وذلك حسب النتيجة التي
21
يرتبها المشرع على سكوتها ،وهذا القرار يكون محالً لدعوى اإللغاء.
ومثال ذلك- :ما نصت عليه المادة 116لسنة 1976م في شأن توجيه
وتنظيم أعمال البناء من أنه يعتبر بمثابة موافقة على طلب الترخيص ،انقضاء المدة
المحددة للبت فيه دون صدور قرار مسبب من الجهة اإلدارية المختصة بشئون
التنظيم برفضه ،أو طلب استيفاء بعض البيانات والمستندات أو الموافقات الالزمة.
ال يعنى استخدام لفظ " إفصاح جهة اإلدارة "....أن القرار اإلداري محل
دعوى اإللغاء يجب أن يكون دائما إيجابيا ،بمعنى أن يصدر بصورة صريحة
باستجابة اإلدارة لطلب المواطن أو رفضها له ،فالقرار اإلداري محل دعوى اإللغاء
يمكن أن يكون سلبياً ،حينما تغفل اإلدارة الرد على طلب المواطن وتلتزم الصمت
أمامه ،حيث ال تعلن عن إرادتها تجاه قبوالً أو رفضاً.
وقد ورد النص على القرارات اإلدارية السلبية في قانون مجلس الدولة الحالي
والذي أعطاها ذات حكم القرارات اإلدارية اإليجابية او الصريحة حيث ذهبت المادة
العاشرة منه إلى أنه " يُعتبر في حكم القرارات اإلدارية رفض السلطات اإلدارية
وامتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقا ً للقوانين واللوائح".
و ُيشترط لقيام القرار اإلداري السلبي وبالتالي اختصاص القضاء اإلداري بالنظر
في طلب إلغائه أن تكون سلطة اإلدارة في إصدار القرار مقيدة أي أن تكون اإلدارة
ملزمة بإصدار قرار في الطلب المقدم إليها قبوال أو رفضا ،أما إذا كانت سلطتها في
هذا الشأن تقديرية فال يمكن أن يفسر سكوتها عن إصدار القرار بأنه قرار سلبي.
21المرجع السابق.
22د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 514وما بعدها؛
41
مثال ذلك
قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن خطة البحث المقدمة من الطاعنة مستوفاة
للشروط الموضوعة من قبل الكلية لعرض البحث على السلطة المختصة للنظر فيه،
وأن امتناع الكلية عن اتخاذ إجراءات عرض وبحث قيد خطة البحث المقدمة من
الطاعنة يشكل قراراً سلبيا ً باالمتناع عن النظر في خطة البحث ،األمر الذي يعطى
الطاعنة الحق في الطعن عليه باإللغاء.
ذكرنا أن محل دعوى اإللغاء البد أن يكون قرارا إداريا ،إن أول ما يميز
القرار اإلداري هو أنه عمل قانونى يتمثل في التعبير عن إرادة اإلدارة بقصد ترتيب
أثر قانونى معين ،وهذا األثر قد يكون إنشاء مركز قانونى أو إلغائه أو تعديله .ولما
كان القرار اإلداري عمالً قانونيا ً له تأثيره في المراكز القانونية ،فإن هذا الوصف -
وصف القرار اإلداري-قد ال ينطبق على بعض األعمال ،وبالتالي ال يمكن أن تكون
محالً لطعن اإللغاء أو اإلبطال أمام مجلس الدولة .ومن تلك األعمال- :
ال يمكن أن تكون األعمال المادية محال للطعن باإللغاء؛ ألن الطعن باإللغاء
يكون مقصوراً على القرارات اإلدارية وحدها باعتبارها تصرفات قانونية .أما
األعمال أو الوقائع المادية فال ينطبق عليها وصف التصرف القانوني ،وبالتالي ال
23 تعتبر من قبيل القرارات اإلدارية التي يمكن أن تكون محالً لدعوى اإللغاء.
23د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص13وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 365وما بعدها.
41
ولعل ما يميز بين القرار اإلداري واألعمال المادية لجهة اإلدارة ،هو أن
القرار اإلداري البد أن يحدث تأثيرا مباشرا في المراكز القانونية القائمة ،فيعدل
فيها إما في الحقوق أو االلتزامات ،أما االعمال المادية فال يكون لها تأثير مباشر
في المراكز القانونية ،وإن كان يمكن أن يكون لها تأثير غير مباشر على الحالة
الواقعية لألفراد دون المركز القانوني لهم.
مثال ذلك
تعد اإلصابة التي تحدث لشخص ما نتيجة حادث سببته إحدى عربات اإلدارة
عمالً مادياً ،فال يكون لها تأثير مباشر على المركز القانوني للمصاب ،فمركزه
القانوني كمواطن ما زال كما هو لم يتغير قبل اإلصابة ،وإن كانت حالته الواقعية قد
تغيرت فأصبح مصاباً ،وبالتالي ال يكون أمام ذلك المواطن إال رفع دعوى التعويض.
أما إذا أصدرت اإلدارة قرارا يتعلق بجنسيته كتجريده منها وغيره ،فيُعد ذلك
قراراً إداريا ً حيث سيكون له التأثير القانوني المباشر له باعتباره مواطناً ،إذ يتغير
مركزه من مواطن مصري إلى غير ذلك ،وعنصر التأثير في المراكز القانونية هو
الذي يميز القرارات اإلدارية عن األعمال المادية.
وكذلك يُعد عمالً ماديا ً عملية قيد المحررات بمصلحة الشهر العقاري سواء
أمام المأمورية أو المكتب يتم وفقا ً لتاريخ وساعة تقديمها ،فمهمة مصلحة الشهر
العقاري في هذا الخصوص ال تعدو أن تكون اعمال مادية ليست بها مقومات القرار
اإلداري .وكذلك قيام اإلدارة بتنفيذ حكم شرعي بالرؤية في مقر البوليس ورفضها
24
أن تكون الرؤية بمنزل والد الطفل يُعد عمالً ماديا ً وليس قراراً إدارياً.
24د .محمد ماهر أبو العينين ،دعوى اإللغاء وفقا ً وفتاوى مجلس الدولة حتى بداية القرن ،21مكتبة كلية الحقوق ،جامعة الزقازيق ،ص45وما بعدها.
42
األعمال التنفيذية الصادرة استنادا لحكم القانون أو تنفيذا للحكم 2
الجنائي تعتبر من قبيل األعمال المادية- :
إذا كان القرار والعمل الصادر من جهة اإلدارة صادر استناداً لحكم القانون فإن ذلك
ال ُيعد قرارا إداريا بل عمال ماديا ،مثال ذلك فصل الموظف نتيجة الحكم عليه في
جناية إنما يتم بقوة القانون ،وأن ما يصدر عن جهة اإلدارة في هذا الخصوص هو
مجرد إجراء تنفيذي لنص القانون.
كذلك يُعد القرار الصادر من جهة اإلدارة تنفيذا لحكم جنائي يُعد من قبيل
األعمال المادية وليس قراراً إدارياً ،مثال ذلك القرار الصادر بتنفيذ حكم جنائي بإزالة
عقار يعتبر إجراء تنفيذي للحكم الجنائي وال يرتفع إلى مرتبة القرارات اإلدارية التي
25
تفصح جهة اإلدارة عنها بقصد إنشاء مراكز قانونية لمن صدرت في شأنهم.
25د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص13وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص365
وما بعدها؛ د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 514وما بعدها؛ .جورجي شفيق ساري ،قواعد
وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.339وما بعدها.
43
عدة قرارات إدارية ،فتنظيم عملية العقد اإلداري ينبغي التفرقة بين نوعين من
القرارات التي تصدرها الجهة اإلدارية في شأن العقود اإلدارية ،ويتمثل النوع األول
في القرارات التي تصدر أثناء المراحل التمهيدية للتعاقد وقبل إبرام العقد وهذه تسمى
القرارات اإلدارية المنفصلة المستقلة.
ومن أمثلة تلك القرار الصادر بطرح موضوع التعاقد للمناقصة أو المزايدة،
والقرار الصادر باستبعاد أحد المتناقصين ،والقرار الصادر بإلغاء المناقصة أو
بإرسائها على شخص معين .فهذه القرارات هي قرارات إدارية نهائية شأنها شأن
أي قرار إداري نهائي ومن ثم ينطبق عليها األحكام الخاصة بالقرارات اإلدارية
النهائية.
ال تعتبر االعمال التمهيدية او التحضيرية من قبيل القرارات اإلدارية ،ألن هذه
األعمال تمهد لقرار سوف يصدر ،مثال ذلك اآلراء التي تبديها بعض الجهات
االستشارية ،وال تعتبر األوامر والتعليمات الصادرة من رئيس المصلحة ،إلى
مرؤوسيه متضمنة تفسير القوانين والتشريعات القائمة وكيفية تنفيذها قرارات
إدارية ،وبالتالي ال يجوز الطعن بإلغائها ،فهذه األوامر ال تغير في األوضاع
44
القانونية للموظفين ،وإنما هي مجرد تعليمات وإجراءات تتخذها السلطات اإلدارية
بقصد تيسير السير العادي للمرافق وتنظيمها على نحو يكفل أداء الخدمة على وجه
أفضل ،وهذه القرارات تتميز بخصائص ثالثة؛ أولها أنها داخلية محضة ،وثانيها
أنه ال أثر قانونى لها تجاه األفراد ،وأخيرا أنها تقديرية إلى أقصى حد ممكن.
ال يكفي لقبول دعوى اإللغاء أن تنصب على قرار إداري ،وإنما يجب أن
أن يكون صادرا من سلطة إدارية ،ونعنى باشتراط صدور القرار من جهة إدارية،
حتى يكون محالً لدعوى اإللغاء ،أن يصدر القرار عن هيئة أو جهة تابعة لشخص
من أشخاص القانون العام ،وأشخاص القانون العام المسلم بها فقها ً وقضا ًء تتمثل في
الدولة واألشخاص العامة الالمركزية محلية كانت أو مرفقية ،وهناك نوع جديد
27
لألشخاص العامة يسمى األشخاص العامة المهنية.
وبالتالي لكي يكون القرار موضوع الطعن باإللغاء قراراً إداريا ً أن يكون
صادراً من سلطة إدارية ،ويتمثل أشخاص القانون العام في الدولة ،الوحدات
اإلدارية " كالمحافظات ،والمدن ،والقرى ،األشخاص المرفقية " كالمؤسسات
والهيئات العامة ،واألشخاص النقابية المهنية " كنقابة األطباء والصيادلة،
والمحامين .... ،وغيرها من النقابات المهنية.
26المرجع السابق
27د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 365وما ب
45
فالقرارات الصادرة من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء ووكالء
الوزارات والرؤساء اإلداريين ......وغيرها تعد من قبيل القرارات اإلدارية.
ويشترط العتبار القرارات التي تصدر من أشخاص القانون العام قرارات إدارية أن
يكون موضوع تلك القرارات متعلق بنشاط إداري ،أي أن يكون هذا القرار إداريا
بمضمونه وفحواه ،فإذا دار القرار حول مسألة من مسائل القانون الخاص ،أو تعلق
األمر بإدارة شخص معنوي خاص فال يعتبر قراراً إداريا ً يمكن الطعن عليه
28
باإللغاء ،حتى ولو أصدرته سلطة إدارية عامة.
مثال ذلك
قرار رئيس مجلس الوزراء بتعيين رؤساء لمجالس إدارة بنوك التسليف
الزراعي والتعاوني ببعض المحافظات ،وهي بمثابة شركات مساهمة تعتبر من
شركات القطاع العام وتعتبر من أشخاص القانون الخاص ،وبالتالي قرار رئيس
مجلس الوزراء ال ُيعد قرارا إداريا .وكذلك قرار نزع ملكية العقار المملوك للدولة
ملكية خاصة من تحت يد حائزها ومنع اعتدائه عليها.
وتنبغي اإلشارة إلى أن العبرة في تحديد طبيعة القرار ،ووصفه بأنه قرار
إداري أم ال؛ هيئة صفة الشخص المعنوي وقت إصدار القرار دون اعتداد بتغير
صفة مصدره إذا ما وقع هذا التغيير في تاريخ الحق على صدور القانون.
قصر دعوى اإللغاء على القرارات اإلدارية من هيئة إدارية يخرج بعض
األعمال من نطاق رقابة اإللغاء ،لصدورها من سلطة غير إدارية مثال ذلك- :
28
د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص.554وما بعدها.
46
خروج األعمال التشريعية من مجال دعوى اإللغاء- : 1
ويقصد بتلك األعمال؛ القرارات التي تتخذها السلطة التشريعية التي تتعلق
بالنظام الداخلي للبرلمان ،والتي تتضمن ما يضعه المجلس من لوائح لتنظيم سير
العمل به ،وما يتخذه من قرارات تتعلق بتشكيل لجانه ،وما تصدره هذه اللجان من
توصيات .وكذلك القرارات التي يتخذها المجلس بشأن أعضائه ،مثل الفصل في صحة
العضوية أو رفع الحصانة البرلمانية ،وقد ا ُعتبرت هذه األعمال أو هذه القرارات
أعماالً تشريعية وفقا ً للمعيار الشكلي مما ال يجوز الطعن عليها أمام القضاء اإلداري.
47
األعمال المتعلقة بالرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية:
يمارس البرلمان رقابته على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني بعديد
من الوسائل ،وتتمثل في؛ حق أعضاء المجلس في توجيه أسئلة واستجوابات إلى رئيس
مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء في الشئون التي تدخل في اختصاصاتهم.
وتعد هذه األعمال من األعمال البرلمانية الخالصة ،وبالتالي فإن أي قرار يصدر
من البرلمان أو من أحد لجانه متعلقا ً برقابته على أعمال السلطة التنفيذية ال يعتبر
قراراً إدارياً ،وال يجوز الطعن عليه أمام القضاء اإلداري.
بالتأكيد هناك عدد من الموظفين داخل مجلس النواب يقومون بالدور اإلداري
داخل المجلس ،ومما ال شك فيه أن الموظفين الذين يمارسون عمال إداريا بالبرلمان
أو المجلس التشريعي هم موظفون عموميون ،ولكن يثور التساؤل حول طبيعة
القرارات التي تصدر من المجلس حول طبيعة القرارات التي تصدر من المجلس
بشأنهم سواء من حيث الترقية أو التعيين أو توزيع العمل أو التأديب أو غيرها من
29 الشئون ذات الطابع اإلداري.
فقد قرر مجلس الدولة المصري بانعقاد اختصاصه بنظر المنازعات الخاصة
بهؤالء الموظفين والرقابة على كافة القرارات التي تتعلق بشئونهم ،وذلك ألن قانون
مجلس الدولة قد جعل من اختصاصه النظر في المنازعات المتعلقة بشئون الموظفين
العمومين ،وذلك ألن تلك القرارات هي قرارات إدارية متعلقة بموظفين عموميين.
29د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص60وما بعدها؛ عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "،
مرجع سابق ،ص 514وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 158وما بعدها.
48
خروج األعمال القضائية من نطاق دعوى اإللغاء- :
2
األصل العام هو خروج األعمال القضائية من والية القضاء اإلداري؛ ألن هذه
الوالية تنصب على القرارات اإلدارية وفقا ً للمعيار الشكلي أو العضوي فال يمكن
توجيه دعوى اإللغاء إلى حكم قضائي بقصد إلغائه ،أي أن األعمال القضائية بأسرها
ال تدخل في نطاق دعوى اإللغاء ،وال في اختصاص مجلس الدولة كقاضي اإللغاء.
فال يختص القضاء اإلداري باألعمال التمهيدية التي تصدر من القضاء قبل النطق
بالحكم ،وذلك مثل قرار اإلعفاء من الرسوم القضائية أو قرارات ندب خبير وكذلك
القرارات الوالئية كاألوامر على عرائض.
كما ال يمكن الطعن باإللغاء في أعمال النيابة العامة التي تصدر منها بمقتضى
ما لها من سلطة قضائية ،وذلك مثل قرار القبض أو التفتيش أو الحبس االحتياطي أو
اإلحالة للمحاكمة .ويخرج من والية اإللغاء التي يمارسها القضاء اإلداري؛ أعمال
الضبط القضائي ،وذلك كقرار إلقاء القبض على المتهم أو ضبط جسم الجريمة.
وكذلك األعمال المتصلة بتنظيم مرفق القضاء ،وتشمل هذه األعمال قرارات
إنشاء وتنظيم المحاكم ،وكذلك القرارات المتعلقة بتعيين وترقية وتأديب رجال
31
القضاء ،وليس للقضاء اإلداري في مصر اختصاص بنظر مثل هذه األعمال.
ال يكفي صدور القرار محل الطعن باإللغاء من سلطة إدارية – على النحو
السالف ذكره – إنما يجب أن تكون السلطة اإلدارية سلطة وطنية .ومن ثم يستبعد
31د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 365وما بعدها؛ د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق،
ص60وما بعدها؛ عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 514وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة
مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 158وما بعدها.
49
الطعن باإللغاء على القرارات اإلدارية الصادرة من سلطات أجنبية ،وذلك ألن
31 دعوى اإللغاء هي وسيلة لرقابة مشروعية قرارات السلطات اإلدارية الوطنية.
والعبرة في تحديد صفة الهيئة مصدرة القرار من حيث كونها وطنية أم
أجنبية يكون بالنظر لمصدر السلطة التي تعمل بمقتضاها .فإذا كانت تعمل بسلطة
مستمدة من الحكومة المصرية وحدها كانت جهة إدارية مصرية ،ولو كان أعضائها
أجانب ،وإن كانت تعمل بسلطة مستمدة من حكومة أجنبية أو هيئة دولية كانت جهة
إدارية اجنبية ال تخضع قراراتها لرقابة القضاء اإلداري المصري.
فتحديد صفة الهيئة مصدرة القرار يكون بالنظر إلى القانون الذى تستمد منه
هذه الهيئة صالحيتها ،فإذا استمدتها من القانون المصري فتعتبر جهة إدارية
مصرية تخضع قراراتها لرقابة القضاء اإلداري المصري ،أما إذا استمدت هذه
الهيئة سلطة إصدار القرار من قانون أجنبي أصبحت جهة إدارية يخرج قرارها
عن نطاق رقابة القضاء اإلداري المصري ،وال عبرة في هذا الشأن بجنسية مصدر
القرار ،فقد يكون مصريا ً يعمل في هيئة أجنبية أو دولية فال يعد ما يصدر عنه
قراراً إداريا ً يخضع لرقابة القضاء اإلداري ،حيث أنه يمارس عمله وفقا ً لقانون
32
أجنبي ،ومن ثم ال يخضع فحص مشروعية أعماله للقضاء المصري.
31د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص617وما بعدها.
32د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 557وما بعدها.
51
بمقتضى القوانين المصرية ،وإنما تعبر عن إرادة أجنبية وهى إرادة جامعة بيروت
العربية التابعة إلحدى الجمعيات الخيرية اللبنانية المنشِ أة وفقا ً للقانون اللبناني،
وبالتالي ال تعد هذه القرارات قرارات إدارية مصرية ،مما ينعقد للقضاء المصري
اختصاص النظر في المنازعات المتعلقة بها ،وإنما ينعقد هذه االختصاص للقضاء
33
اللبناني.
يُشترط في القرار اإلداري أن يكون نهائياً ،أي قابل للتنفيذ دون حاجة إلى إجراء
الحق .فإذا كان القرار ال يزال غير قابل للتنفيذ لضرورة اعتماده أو التصديق عليه
من الرئيس المختص ،فإنه ال ُيقبل الطعن باإللغاء ،وكذلك إذا كان يشترط إلمكان
تنفيذه قانونا صدور قرار أو إذن من جهة أخرى.
وترتيبا على ذلك يمكن تقسيم القرارات اإلدارية من هذه الزاوية إلى قسمين:
قرارات إدارية نهائية بذاتها :وهي القرارات التي ُتحقق أثرها فور
صدورها من صاحب االختصاص بإصدار القرار ،فهي قرارات ال تكون بحاجة
34
إلى اعتماد أو تصديق من جانب أي سلطة إدارية أعلى.
مثال ذلك
األمر الصادر من الوزير بتحويل مسقاة خاصة إلى ترعة عمومية إنما هو
قرار إداري نهائي لصدوره من الوزير المختص ،معلنا ً به عن إرادته الملزمة
33د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص661وما بعدها.
34د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.166
51
لألفراد ومنتجا ً ألثاره 35.وكذلك قرار مجلس نقابة الصيادلة بإحالة أحد أعضائها
إلى هيئة التأديب هو قرار إداري نهائي تنفيذي في خصوص تلك الحالة؛ ذلك ألن
المجلس المذكور هو المختص دون سواه بالنظر في هذا األمر ،وليس هناك سلطة
36. أعلى للتعقيب عليه في موضوع اإلحالة
قرارات إدارية تصدر من الجهة صاحبة االختصاص ،إال أنها تحتاج إلى
اعتماد جهة إدارية أعلى؛ فإذا كان إعمال أثر القرار بحاجة إلى تصديق أو اعتماد
من جهة رئاسية لسلطة إصداره فإن هذا القرار يفتقد إلى صفة النهائية ،حيث ال
يعدو أن يكون توصية بإصدار قرار ،وينطبق وصف النهائية في هذه الحالة على
القرار الصادر عن سلطة التصديق أو االعتماد .فهذه القرارات ال تكون نهائية إال
37
مثال ذلك
القرار الصادر من لجنة شئون الموظفين في وزارة العدل بترك أحد الموظفين
في الترقية هو قرار غير نهائي ،والقرار النهائي الذي يمكن أن يكون محالً للطعن
عليه هو القرار الصادر من وزير العدل باعتماد قرار لجنة شئون الموظفين ،ومن
ثم يتعين أن يوجه الطعن إلى هذا القرار األخير .وكذلك القرار الصادر من مجلس
المدينة بتحديد خطوط تنظيم بأحد الشوارع ال يعتبر قراراً إداريا ً نهائياً ،فهو يعتبر
توصية بتحديد خطوط التنظيم ولم تستكمل إجراءات اعتماده من المحافظ .وكذلك
القرار الصادر من لجنة المأذونين بترشيح شخص لشغل وظيفة مأذون .فهذا القرار
38
ال ُيعد قراراً نهائيا ً إال بعد التصديق عليه من وزير العدل.
35د .محمد ماهر أبو العينين ،دعوى اإللغاء وفقا ً وفتاوى مجلس الدولة حتى بداية القرن ،21مرجع سابق ،ص64وما بعدها.
36المرجع السابق.
37د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 562وما بعدها.
38د .محمد ماهر أبو العينين ،دعوى اإللغاء وفقا ً وفتاوى مجلس الدولة حتى بداية القرن ،21مرجع سابق ،ص64وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد
العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 328وما بعدها؛
52
وتجدر اإلشارة إلى أن التظلم إلى الجهة اإلدارية أو السلطة الرئاسية من
القرار اإلداري النهائي ال يؤثر على نهائيته ،حيث يظل بالرغم من ذلك التظلم
نهائيا ً ،ومن ثم يمكن الطعن عليه باإللغاء.
كما ال يتعارض مع نهائية القرار أو اعتباره نافذاً كون القرار قابال للسحب
من الجهة التي أصدرته أو كونه موقوفا ً تنفيذه ،فالقرار القابل للسحب والقرار
الموقوف يكون أيضا قرارا نهائيا ،ألنه قابل للتنفيذ في الوقت الذي تراه جهة
اإلدارة دون حاجة للتصديق عليه من جهة أعلى .ويستطيع صاحب المصلحة أن
يطعن فيه باإللغاء لدى مجلس الدولة.
األصل أن شرط النهائية يجب توافره في القرار اإلداري محل دعوى اإللغاء قبل
إقامة الدعوى ،إال أنه استثناء من ذلك وبهدف التيسير على الطاعن فقد ذهب قضاء
مجلس الدولة إلى قبول الطعن بإلغاء قرار غير نهائي ،وذلك بشرط أن ينقلب هذا
القرار إلى قرار نهائي أثناء سير الدعوى ،وقبل الفصل في دفع الخصم بعدم قبولها
39
على أنه إذا تم إقفال باب النتفاء صفة النهائية في القرار موضوع الدعوى ،
المرافعة في الدعوى قبل أن يصبح القرار نهائيا تعين الحكم بعدم قبول الدعوى
لرفعها قبل األوان ولعدم وجود القرار اإلداري النهائي محل دعوى اإللغاء.
مثال ذلك
إذا قام فرد برفع دعوى إلغاء ضد قرار لجنة العمد والمشايخ بتعيين عمدة
قبل اعتماد ذلك القرار من قبل وزير الداخلية ،فإن ذلك القرار لم يكتسب صفة
39المحكمة اإلدارية العليا ،طعن رقم ،1271لسنة 14ق ،جلسة ،1973/6/11مجموعة أحكام السنة ،18ص.134
53
النهائية بعد ،ثم قرر الطاعن في دعواه أن يطعن أيضا ً على القرار الذي سيصدر
من الوزير باعتماد هذا التعيين ،ثم صدر قرار التعيين بعد رفع الدعوى وقبل الحكم
فيها ،فيكون هذا القرار قد بات نهائيا ً ونافذاً ،فإذا ما دفعت اإلدارة بعدم قبول
الدعوى تأسيسا على عدم نهائية قرار لجنة العمد والمشايخ ،فيكون هذا الدفع في
نظر مجلس الدولة في غير محله متعينا رفضه.
وترتيبا على شرط النهائية في القرار اإلداري لقبول دعوى اإللغاء ،استبعد
21
مجلس الدولة من عداد القرارات التي ال تقبل الطعن باإللغاء منها ما يلي -
أما اإلجراءات الداخلية فهي إجراءات تصادر عان اإلدارة بقصاد تيساير الساير
العادي للمرافق وتنظيمها ،على نحو يكفل حسن أداء العمال اإلداري وانتظاماه علاى
41د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 328وما بعدها؛ د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري
" ،مرجع سابق ،ص 564وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 168وما بعدها.
54
أفضل وجه ،وهذه اإلجراءات تتميز بأنهاا داخلياة محضاة ،وال أثدر قدانونى لهدا قبدل
األفددددراد ،وهددددي تقديريددددة .وهااااذه المنشااااورات واألواماااار المصاااالحية والتعليمااااات
واإلجااراءات الداخليااة ال تعتباار ماان قبياال القاارارات اإلداريااة النهائيااة ،ومددن ثددم فددال
يمكن أن تكون محال لدعوى إلغاء أمام مجلس الدولة.
كما ال تكون االستشارات والفتاوى التي تبديها جهة استشارية تابعة لإلدارة
من قبيل القرارات اإلدارية التي يمكن أن تكون محالً للطعن باإللغاء.
لما كانت النهائية في القرار اإلداري تعنى أن يكون القرار اإلداري نافذاً بذاته
دون حاجة إلى تصديق سلطة أعلى ،فإن اإلجراءات التحضيرية التي تصدر قبل
صيرورة القرار نهائيا ال ُتعد من قبيل القرارات اإلدارية ،التي يمكن أن تكون محالً
للطعن باإللغاء .ولذلك قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن " القرارات التي تصدرها
مجالس تأديب العاملين بهيئة النقل العام بالقاهرة هي مجرد أعمال تحضيرية... ،
وبالتالي فإن القرار الصادر بالتصديق على قرار مجلس تأديب هو القرار النهائي
الذي يرد عليه الطعن.
مثال ذلك
55
الطبي؛ وذلك ألن ذلك القرار ليس من شأنه أن ينشئ مركز قانونى للموظف أو يعدل
في مركزه القانوني ،وإنما هو قرار تمهيدي للقرار الذي سيصدر من جهة اإلدارة بعد
أن تفصح الهيئة الطبية المختصة عن رأيها في خصوص لياقة الموظف أو عدم لياقته.
ومن أمثلة ذلك أيضا قرار اإلحالة إلى مجلس التأديب؛ فهذه القرارات ال تعد
قرارات إدارية نهائية مما يجوز الطعن فيها باإللغاء ،ذلك أن هذه القرارات ال تقول
الكلمة النهائية في موضوع التأديب بالنسبة للموظف ،فالذي يحدد الكلمة األخيرة
في موضوع التأديب هو القرار التأديبي ال قرار اإلحالة إلى التأديب.
أن يكون من شأن القرار المطعون فيه إلحاق ضرر بمركز خامسا
الطاعن- :
ُيشترط لقبول دعوى اإللغاء أمام القضاء اإلداري أن يكون القرار اإلداري
المطعون فيه قد أثر في المركز القانوني للطاعن ،وذلك بإنشاء مركز قانونى جديد
أو بتعديل أو إلغاء مركز قانونى قائم ،مادام هذا األثر ممكنا عمال وجائزا قانونا.
فإذا كان عمل اإلدارة ليس من شأنه أن يُحدث أثراً قانونيا ً فإنه ال يمكن الطعن
عليه باإللغاء ،ومن أمثلة ذلك بيانات االستعالمات وردود اإلدارة على االستفسارات
التي تطلب منها ،أو التحقيقات والمقترحات ال تعتبر خطوات سابقة على اتخاذ قرار
تنفيذي ،وكذلك إجراءات التنظيم الداخلي ،كذلك واإلجراءات التي تتخذ لتنظيم العمل
داخل اإلدارات دون أن تنتج أي أثر قانونى بالنسبة لألفراد الذين صدرت في شأنهم.
56
المطلب الثاني
شرط المصلحة
يشترط لقبول دعوى اإللغاء أمام مجلس الدولة أن يكون لرافعها مصلحة
شخصية في رفعها ،وإال حكم القاضي بعدم قبول الدعوى وبرفضها .وشرط
المصلحة يعد شرط عام في كل دعوى قضائية سواء رفعت أمام القضاء العادي أم
القضاء اإلداري .فمن المستقر عليه في مجال التقاضي ،إذا لم توجد المصلحة فال
توجد دعوى.
والمصالح في دعوى اإللغاء تنقسم على أساس صفات الطاعن الذاتية ،التي
تحدد بالنظر إلى الطائفة التي ينتمي إليها ،حيث تحمى دعوى اإللغاء مصالح
طوائف ثالث هي الموظفين واألفراد والهيئات.
وترتيبا على ما سبق سوف نقوم بتقسيم ذلك الفصل على النحو التالي- :
57
الفرع األول
فلم يحاول المشرع أن يضع ضوابط لتحديد معنى المصلحة المتطلبة لرفع
الدعوى ،فتحديد المصلحة هي من المسائل الموضوعية التي تختلف باختالف كل
دعوى وظروفها واختالف ذوي الشأن فيها ،وهي من األمور التقديرية للقاضي
الذي ينظر الدعوى.
إن المصلحة تعنى في القضاء العادي أن يكون لرافع الدعوى حق ذاتي قد
اعتدى عليه ،وهي يكون لها نفس المعنى أو المضمون فيما يتعلق بدعاوى القضاء
الكامل أمام مجلس الدولة .فيجب أن يكون رافع الدعوى قد أعتدى على حق من
حقوقه بمقتضى القرار المطعون فيه.
فشاارط المصاالحة فااي دعااوى اإللغاااء يكااون لااه معنااى أكثاار اتساااعاً ،فددال يشددترط
لتحقيق المصلحة في رافع الدعوى أن يكون هناك حق مسه القرار المطعون فيه ،بل
يكفي أن يكون الطاعن في حالة قانونية خاصة بالنسبة للقرار المطعون فياه مان شاأنها
أن تؤثر تأثيراً مباشراً في مصالحة ذاتياة لاه ،أي أن يمدس القدرار المطعدون فيده حالدة
58
واقعيددة خاصددة برافددع الدددعوى تجعددل لدده مصددلحة شخصددية مباشددرة فااي الطعاان فيااه
باإللغاء.
مثال ذلك
مثال للمصلحة في دعوى اإللغاء على الرغم من عدم وجود مساس بحق من
حقوق الطاعن :قيام أحد أساتذة الكلية بالطعن على قرار رئيس الجامعة بالتصريح
لبعض أعضائها من األقسام األخرى باإلعارة والتدريس بالخارج مدداً معينة،
وانتهت المحكمة اإلدارية العليا إلى أن الكلية الواحدة بجميع أقسامها تكون وحدة
واحدة وذلك فيما يتعلق بالتعليم الجامعي ،وأن أعضاء هيئة التدريس بهذه
الجامعات هم في مركز قانونى خاص بالنسبة لما عساه أن يصدر من مجلس
الجامعات من قرارات ،مما يحق لهم االلتجاء للقضاء للطعن على تلك القرارات
التي من شأنها اإلساءة إلى سمعة الكلية أو الجامعة ومصلحتهم في هذا الشأن وإن
كانت أدبية إال أنها قائمة وإحالة القرارات المطعون فيها ،وإن كانت تخص زمالء
بأقسام أخرى بذات الكلية وتتعلق بإعارتهم أو بمنحهم اجازات دون مرتب إال أنها
41د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 611وما بعدها؛ .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام
القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.339وما بعدها .د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 365وما بعدها؛ .مدحت احمد يوسف
غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص13وما بعدها؛
59
تؤثر على العملية التعليمية بالكلية ،وعلى ما يجب أن تتمتع به من انتظام في األداء
وما تتصف به من االلتزام بالمشروعية.
ومن القرارات التي ال تمثل مصلحة للطاعن القرار الصادر من مجلس الكلية
بمنح إحدى المعيدات درجة الماجستير ،استنادا إلى أنه أحد المشرفين على تحضير
وتجهيز رسالة الماجستير للطالبة ،وقد طعن المدعى على قرار منحها درجة
الماجستير استناداً لوجود عيوب ومثالب بالرسالة ،وأنه ال يقبل أن يزج باسمه في
مقدمة الرسالة باعتباره كان أحد المشرفين عليها.
وقد قررت المحكمة بعدم قبول الدعوى ألنه ال توجد له مصلحة في رفع
الدعوى ،وسببت المحكمة بذلك بأن قرار منح درجة الماجستير للمعيدة لم يتضمن
أي مساس بقدرة الطاعن العلمية؛ وأن هذا القرار ال يمس حقا ً مباشراً للطاعن أو
يؤثر في مركزه القانوني ،حيث أنه لم يكن في حالة قانونية خاصة بالنسبة لهذا القرار،
فهذا القرار لم يمس الطاعن شخصياً ،وحتى على فرض أنها لم ترق -من وجهة
الطاعن -إلى المستوى العلمي المطلوب فإنها ليست منسوبة إليه وليس لصاحبها ولم
يحصل بموجبها على الدرجة العلمية ،وبالتالي ال تكون له مصلحة معتبرة في طلب
إلغاء القرار المطعون فيه ،العتبار أن ما أورده من أسباب ال يرقى إلى مصاف
42
المصلحة المباشرة التي تسوغ طلب إلغاء القرار اإلداري المطعون فيه.
إن اتساع مفهوم المصلحة كشرط لقبول دعوى اإللغاء بهدف حماية مبدأ
المشروعية وسيادة القانون ،ال يجعل من دعوى اإللغاء دعوى حسبة ،كما هو
الحال في الشريعة اإلسالمية فيكون مباشرتها دون قيد أو شرط .إذ يشترط في
42د .محمد ماهر أبو العينين ،دعوى اإللغاء وفقا ً وفتاوى مجلس الدولة حتى بداية القرن ،21مرجع سابق ،ص71وما بعدها؛
61
دعوى اإللغاء أن يكون الطاعن في حالة قانونية خاصة بالنسبة للقرار المطعون فيه
من شأنها أن تؤثر تأثيراً مباشراً في مصلحة ذاتية له.
فدعوى اإللغاء هي دعوة عادية وليست دعوى حسبة فال يستطيع أن يرفعها إال
صاحب المصلحة فيها ،فال يقبل الطعن من أي شخص لمجرد أنه مواطن يهمه إنفاذ
حكم القانون حماية للصالح العام ،بل يجب فوق ذلك أن يكون في حالة قانونية خاصة
بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مؤثرا في مصلحة ذاتية تأثيرا
مباشرا.
وبناء على ما تقدم فإنه ال يشترط لقبول دعوى اإللغاء أن يكون للطاعن حقا ً تم
االعتداء عليه ،بل يكتفى أن يكون له مصلحة ،وهذا يختلف عن دعوى التعويض كما
43
ذكرنا سابقاً ،والتي تتطلب بدورها وجود حق لرافعها تم االعتداء عليه.
من األمور المستقر عليها أن صاحب الصفة في مزاولة الدعوى ال يخرج عن
كونه صاحب المصلحة أو من ينوب عنه ،وأما ما عدا هؤالء فليست له صفة مباشرة
الدعوى ،وهذا يعنى اندماج شرط الصفة مع شرط المصلحة ،وهو أمر منطقي حيث
أن صاحب المصلحة في الدعوى هو الوحيد ذو الصفة ،وهذا ما يظهر من خالل
اشتراط أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة ،فهذا الشرط يعنى في حقيقة األمر أن
يكون رافع الدعوى هو نفسه صاحب الصفة أو من ينوب عنه ،فكأن المصلحة
الشخصية المباشرة هي نفسها الصفة.
وتجدر اإلشارة إلى القول بأن اندماج شرط الصفة والمصلحة إنما ينتج عن
التطبيق العادي لقواعد المرافعات المدنية ،وعلى ذلك ليس هناك غرابة في تحقيق
44 نفس الشيء بخصوص دعوى اإللغاء.
43د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 322وما بعدها؛ د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 611وما بعدها.
61
الفرع الثاني
ال يعطى شرط المصلحة في إلغاء القرار اإلداري لصاحبها حقا ً مطلقا ً في
طلب إلغائه ،فهناك قيوداً يتعين احترامها ،والتي تتمثل في- :
25
يجب أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة- : أوال
لقبول دعوى اإللغاء يجب أن يكون لمن أقامها مصلحة شخصية مباشرة،
وهو شرط جوهري يدور معه قبول دعوى اإللغاء وجوداً وعدما ً.
والمصاالحة الشخصااية المباشاارة هددي حالددة قانونيددة خاصددة بالنسددبة إلددى القددرار
المطعون فيه ،من شأنها أن تجعله يؤثر تأثيراً مباشراً في مصلحة ذاتية لرافع الدعوى.
فدال يكفدي أن تكدون للطداعن مصدلحة غيددر مباشدرة فدي إلغداء القدرار ،وال يكفاي كونااه
مواطن يهمه إعمال أو إنفاذ حكم القانون حماية للصالح العام .ولهذا قُضدى بعددم قبدول
دعوى اإللغاء المرفوعة من فرد ليست له مصلحة شخصية مباشرة ،رغم صلة القرابة
بينه وبين صاحب المصلحة الشخصية المباشرة كزوج أو أب.
ينبغي أن تكون المصلحة التي دافع عنها طالب اإللغاء مشروعة ،فمن البديهي
أنه ال يجوز لشخص أن يطالب باحترام قواعد المشروعية بينما مركزه هو غير
44د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.171-171
45د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 331وما بعدها؛ د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 618وما بعدها .جورجي شفيق ساري ،قواعد
وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.353وما بعدها .د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص183وما بعدها.
62
مشروع ،فإذا كان هناك مركز ال يتفق مع القانون ،قد تساهلت جهة اإلدارة تجاهه،
فإنه ال يجوز أن يشكل مصلحة قابلة للدفاع عنها بطريق دعوى اإللغاء.
الحالة األولى- :في حالة عدم وجود الورثة في حالة قانونية يؤثر
فيهم القرار تأثيراً مباشراً ،ففي هذه الحالة ال يحق لهم الحلول محل مورثهم في
السير في إجراءات الدعوى.
مثال ذلك
إذا كان المورث كان قد طعن على قرار صادر عن إحدى جهات اإلدارة
برفض التعيين في وظيفة معينة ،فهنا ال يستطيع أحد الورثة االستمرار في
الدعوى ،ألنهم ال يعتبرون أصحاب مصلحة ،وهم ال يكونون في حالة قانونية
خاصة يؤثر فيها القرار تأثيراً مباشراً .حيث أن الوظيفة ال ُتورث إذا ما تم الحكم
في الدعوى لصالح المورث ،وبالتالي ليس هناك مصلحة للورثة.
مثال ذلك
كما لو تعلق األمر بإلغاء قرار اإلدارة الصادر بعدم ترقيته مورثهم ،حيث أن
للورثة مصلحة شخصية ومباشرة في التدخل واالستمرار في الدعوى ،ذلك أنهم
يورثون عنه "المتوفى رافع الدعوى" ما يستحق له من فارق المرتب ،كما أن لهذا
63
الفرق أثره في ربط المعاش الذي يستحقونه ،وهذه المصلحة بشقيها ال يمكن تحقيقها
إال عن طريق إلغاء القرار المطعون فبه.
المصلحة التي تبرر قبول دعوى اإللغاء ،قد تكون مصلحة مادية أو مصلحة
معنوية- :
أما المصلحة األدبية فتتمثل في شيء معنوي غير ملموس ،وذلك إذا كان
القرار المطعون عليه يمس قيمة أخالقية أو عقيدة دينية ،أو ميزة فكرية ،أو رضاء
نفسي يحصل عليه الطاعن من وراء إلغاء القرار ومثال ذلك قرار غلق مكان
لممارسة الشعائر الدينية ،أو بمصادرة منشورات دينية ،أو بمنع عقد اجتماعات أو
ندوات علمية أو فكرية أو اجتماعية معينة ،أو قرار برفض منح الترخيص أو اإلذن
46 بإقامة مثل هذه الندوات واالجتماعات أو ممارسة الشعائر الدينية.
المصلحة في دعوى اإللغاء غالبا ما تكون في صورة دعوى فردية ،حين يقيم
الطعن فرد بصفته موظفا ً أو بصفته مواطنا ً عاديا ً إذا كان القرار المطعون فيه قد
46د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.329وما بعدها.
64
مس مصلحة فردية شخصية ومباشرة للطاعن .فتكون دعوى اإللغاء في مثل هذا
الفرض قد بوشرت لحماية مصلحة فردية خاصة بشخص الطاعن.
ولكن دعوى اإللغاء قد تكون دعوى جماعية وذلك إذا بوشرت من قبل هيئة
تتمتع بالشخصية المعنوية ،كالنقابات المهنية ،من أجل الدفاع عن مجموع المصالح
المشتركة والجماعية لألفراد الذين ينتمون إلى هذه الهيئة ضد قرار إداري يكون قد
مس هذه المصالح ،فدعوى اإللغاء ال تقف عند حماية المصالح الفردية ،بل تحمى
أيضا ً المصالح الجماعية أو المشتركة لألعضاء المنتسبين لهذه الهيئة.
الفرض األول- :إذا كان القرار اإلداري المطعون فيه يمس المصلحة
الجماعية للهيئة" النقابة" ذاتها ،أي يمس األهداف التي قامت من أجلها الهيئة،
ففي هذه الحالة يتحقق للجماعة " أي النقابة" مصلحة شخصية مباشرة في إلغاء
القرار ،وتكون الدعوى الجماعية باإللغاء في الدعوى المقامة من النقابة مقبولة.
مثال ذلك
جمعية المحافظة على جمال الطبيعة الغرض منها وفقا ً لنظامها األساسي العمل
في مجال تنسيق الطبيعة ،وبصفة خاصة مجال تنسيق الحدائق ،وكان من شأن القرار
المطعون فيه تحويل األرض موضوع النزاع من حديقة عامة إلى مساكن خاصة،
ومن ثم فإن مصلحة الجمعية باعتبارها شخصا معنويا عاما في إلغاء القرار تكون
ثابته بحكم مساسه بغرض الجمعية األساسي المتمثل في الحفاظ على جمال الطبيعة
ونشر الحدائق ،ومن ثم يتعين قبول تدخلها خصما ً منضما ً للمدعين.
65
يمس فقط مركزاً قانونيا ً شخصيا ً بأحد األعضاء المنتسبين للجماعة .فإن هذا الفرد
يكون وحده صاحب المصلحة في الطعن باإللغاء ،وال تكون الدعوى الجماعية
مقبولة في هذه الحالة النتفاء المصلحة الشخصية والمباشرة للجماعة.
مثال ذلك
47د .محمد ماهر أبو العينين ،دعوى اإللغاء وفقا ً وفتاوى مجلس الدولة حتى بداية القرن ،21مرجع سابق ،ص71وما بعدها؛ د .جورجي
شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.329وما بعدها.
66
مثال ذلك
ولقد استقر القضاء اإلداري على قبول دعوى اإللغاء سواء كانت المصلحة
الشخصية والمباشرة مصلحة محققة او محتملة الوقوع ،أما إذا انتفت المصلحة
تماماً ،بمعنى أنه لن تعود على الطاعن أية منفعة أو فائدة فإن دعوى اإللغاء تكون
غير مقبولة وذلك النتفاء شرط المصلحة.
أما إذا كانت مصلحة الطاعن منعدمة فال يمكن قبول دعوى اإللغاء ،مثال ذلك
قيام أحد األفراد والذي قد رسب في الكشف الطبي بالطعن على قرار التعيين في
إحدى الوظائف على قرار تعيين من لم يستوفوا الشروط التي وردت باإلعالن ،فهنا
ليس لرافع الدعوى أي مصلحة سواء محققة أو محتملة مع إلغاء قرار التعيين
49 هؤالء؛ وذلك ألنه لن يتم تعيينه أيا كان ألنه رسب في الكشف الطبي.
ال يكتفى مجلس الدولة لقبول دعوى اإللغاء بتوافر المصلحة لدى الطاعن وقت
48د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 376وما بعده.
49جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.329وما بعدها.
67
إقامته لطعنه ،وإنما يشترط أيضا ً استمرار تلك المصلحة ،حتى يفصل في الدعوى،
بحيث إذا زالت مصلحة الطاعن قبل الفصل في دعواه قضت المحكمة بعدم قبولها.
حيث قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن قيام الجهة اإلدارية أثناء نظر الطعن بصرف
51
العالوة المستحقة " موضوع الطعن" يترتب عليه اعتبار الخصومة منتهية.
تنقسم الدفوع في قانون المرافعات إلى دفوع شكلية ودفوع موضوعية ودفوع
بعدم القبول ،وينتمي الدفع بانعدام المصلحة إلى الطائفة الثالثة من هذه الدفوع
فهو دفع بعدم قبول الدعوى ،يرمى إلى تأكيد عدم توافر الشروط الالزمة لنظر
الدعوى ،فهو دفع متعلق يمكن إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى ،حيث ال
يسقطه السير في موضوعها .وبالتالي يمكن الدفع به أمام المحكمة اإلدارية العليا
ألول مرة.
ونظراً للطبيعة الخاصة لدعوى اإللغاء ولكونها تهدف إلى تحقيق المشروعية
وسيادة القانون والحفاظ على النظام العام ،فإنه يجب على المحكمة التصدي لتوافر
شروط المصلحة فيها من تلقاء نفسها ،ونتيجة لتلك الطبيعة الخاصة لدعوى
اإللغاء ،فإنها ال تخضع لنظام الشطب المعمول به في الدعاوى العادية إذا تخلف
51 المدعى عن حضور الدعوى.
51
د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 611وما بعدها؛
51المرجع السابق
68
المطلب الثالث
شرط الميعـاد
ترتبط دعوى اإللغاء بمدة محددة يتعين رفعها خاللها وإال سقط الحق في
رفعها ،وتحديد ميعاد لرفع دعوى اإللغاء هو أمر طبيعي ،وذلك ألن باب اللجوء
إلى القضاء في مسألة معينة ال يمكن أن يظل مفتوحا ً إلى ما ال نهاية ،ألن ذلك
يتعارض مع مبدأ االستقرار الالزم في األوضاع والمراكز القانونية .فمن غير
المالئم أن تبقى األوضاع والمراكز مهددة بأن تكون محل نزاع مستمر بدون حدود.
وإزاء ذلك حرص المشرع على تحديد ميعاد معين إلقامة دعوى اإللغاء ،فإذا
انقضى هذا الميعاد دون أن تقام الدعوى فيكون صاحب المصلحة قد فوت على
نفسه فرصة الطعن باإللغاء ،وسيكون مصير دعواه عدم القبول.
وبناء على ذلك سوف نقوم بدراسة ميعاد دعوى اإللغاء من خالل ثالث فروع- :
69
الفرع األول
ُيعد ميعاد الستين يوما المحدد للطعن باإللغاء على القرارات اإلدارية متعلقا
52_-
بالنظام العام ،ويترتب على تعلقه بالنظام العام عدة نتائج:
يتعين على المحكمة أن تتصدى بذاتها وتقضى بعدم قبول دعوى اإللغاء
إلقامتها بعد الميعاد المحدد ،ولو لم يطلب الخصوم منها ذلك.
يجوز الدفع بعدم قبول دعوى اإللغاء لفوات ميعاد الطعن ،وذلك في أية
مرحلة من مراحل الدعوى.
ال يجوز المساس بالحقوق المكتسبة التي تولدت عن القرارات اإلدارية
النهائية الغير مشروعة ما دام قد انقضى ميعاد الطعن عليها.
ال يجوز سحب القرارات اإلدارية النهائية التي تحصنت بفوات مواعيد
الطعن.
52د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص683وما بعدها
71
وميعاد الستون يوما ً متعلق فقط بدعوى إلغاء القرارات اإلدارية فال ينطبق
هذا الميعاد على الدعاوى اإلدارية األخرى ،وخاصة دعاوى التعويض التي يرتبط
ميعاد رفعها بميعاد سقوط الحق نفسه المدعى به أو المطلوب التعويض عنه .فهذه
الدعاوى يمكن رفعها في أي وقت طالما لم يسقط الحق المطالب به بالتقادم.
والعبرة في كون الدعوى رفعت في الميعاد يكون بإيداع صحيفة الطعن قلم
كتاب المحكمة ،فبهذا اإليداع تعتبر قد رفعت الدعوى ،وال يغنى عن اإليداع أي
53 وسيلة أخرى كإرسالها بالبريد أو التلكس.
النـشـر 1
النشر هو قيام جهة اإلدارة بإجراءات شكلية معينة تفيد وصول القرار
المطعون فيه إلى علم صاحب الشأن .فنشر القرار اإلداري هو إعالن الكافة به
وبمحتوياته ،ويكون النشر وفقا لقانون مجلس الدولة في الجريدة الرسمية أو في
54 النشرات المصلحية التي تصدرها المصالح العامة.
53د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 618وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء
اإلداري ،مرجع سابق ،ص 965وما بعدها.
54د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص696وما بعدها.
71
كيفية النشر- :
يتمثل الهدف من نشر القرارات اإلدارية هو اطالع ذوي الشأن عليه ،ولتحقيق
تلك النتيجة فيجب أن يتناول النشر مضمون القرار بأكمله ال بأجزاء منه ،ومن ثم
يجب نشر القرار كامالً وملحقاته إذا وُ جدت وكانت متممة له .فيجب
أن يتضمن النشر محتوى القرار وأن يكشف عن فحواه بالطريقة التي تمكن كل
ذي مصلحة من العلم بجميع العناصر التي يقوم عليها القرار وحتى يستطيع أن
يحدد على ضوئها مركزه القانوني منه ،وهو ال يتسنى لصاحب الشأن إال إذا نشر
القرار اإلداري بأكمله ،فإذا ورد النشر "بعبارة مجملة" خالية من أي بيان ال
55د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 967وما بعدها.
72
يتسنى معه للمدعين العلم بتفاصيل القرار وبمحتوياته وتقدير وجه اتصاله ومساسه
56 بمصلحتيهما ،فال يكون النشر مجديا ً في حساب ميعاد رفع الدعوى.
مثال ذلك
لو أصدرت وزارة المالية قرار بتخفيض التعريفة الجمركية ،وتم نشر القرار
في الجريدة الرسمية دون الجداول الملحقة به ،فإن بدء ميعاد الطعن في القرار
يكون من تاريخ نشر تلك الجداول ،ذلك أن نص القرار وحده ال يغنى عن الجداول
الملحقة به ،كما أن اإلشارة في الجريدة الرسمية إلى إيداع الجداول والمالحق
مكاتب الجمارك ال ُيعد بمثابة النشر الذي يبدأ به ميعاد الطعن .وبالتالي من
الضروري إذن أن يتضمن النشر عناصر القرار ومحتوياته األساسية حتى يمكن
57 القول بتحقيق علم ذوي الشأن بالقرار والذي به يبدأ ميعاد الطعن.
وتجدر اإلشارة إلى أنه إذا تم نشر القرار بصور ناقصة ،وتم إكماله في وقت
الحق ،فإن ميعاد الطعن ال يبدأ في السريان إال من تاريخ إكمال النشر.
ويعد نشر القرارات اإلدارية كوسيلة للعلم بالقرارات مقتصر فقط على القرارات
التنظيمية أو الالئحية ،وذلك نظراً للطبيعة الخاصة للقرارات التنظيمية أو الالئحية
56د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص699وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 930وما بعدها.
57المرجع السابق.
73
والتي تختلف عن طبيعة القرارات الفردية .فالقرارات التنظيمية أو الالئحية تتضمن
بطبيعتها قواعد عامة موجهة لعدد غير محدد أو عدد غير محصور من األفراد.
أما القرارات الفردية فهي التي توجه لفرد معين أو أفراد معينين بذواتهم ،فتلك
القرارات فإن النشر ال يعتد به وال يحدث أثراً قانونياً ،إال إذا نص القانون صراحة
58
على ذلك.
إذا حصل نزاع بين اإلدارة وصاحب الشأن حول حدوث النشر ،كما لو ادعى
صاحب الشأن-على سبيل المثال-أن النشر لم يتم في الجريدة الرسمية ،فإنه يقع
على اإلدارة عبء إثبات النشر في الجريدة الرسمية وإقامة الدليل على حدوثه
وعلى التاريخ الذي تم فيه ،وإال اعتبرت مهلة الطعن سارية في حق ذوي الشأن.
كما يقع على عاتق اإلدارة إقامة الدليل على أن النشر قد تم كامالً لعناصر
القرار األساسية وأنه تم صحيحاً ،مما يحتج به على الكافة ،كما يقع عليها عبء
59 إثبات تاريخ حصول النشر كبداية لمهلة الطعن عليه.
اإلعالن 2
اإلعالن هو الطريق الذي تتبعه جهة اإلدارة عادة لنقل القرار إلى علم
الشخص واحد أو مجموعة معينة من األشخاص يتعلق بهم القرار مباشرة ،فاإلعالن
أو التبليغ ُيعد الوسيلة الالزمة لبدء سريان ميعاد الطعن بشأن القرارات الفردية
58د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.392وما بعدها؛ د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع
سابق ،ص695وما بعدها
59د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 936وما بعدها.
74
التي تنسحب أثرها إلى فرد أو أفراد معينين 61.ومن ثم فاإلعالن يوجه إلى صاحب
الشأن نفسه إما شخصيا وإما في موطنه الحقيقي أو في الموطن المختار.
وعلى هذا يجب على الموظف أن يخطر جهة اإلدارة بأي تعديل في محل
إقامته ،وعلى اإلدارة أن تتحرى الدقة وال تعلنه في موطنه السابق بعد أن تركه ،أو
تدعى أنها تجهل محل إقامته الحالي وأنها اكتفت بإعالنه في موطنه األصلي.
واألصل أن اإلدارة غير ملزمة باتباع مسلك معين لكي تبلغ الفرد أو األفراد،
فقد يتم اإلعالن عن طريق محضر ،أو عن طريق موظف إداري أخر ،وقد يبلغ
61 الفرد بأصل القرار أو بصورة منه.
إن تبليغ القرار يجب أن يوجه إلى صاحب الشأن نفسه وبشخصه ،أي إلى
ذات الشخص الذي يعنيه القرار ،وذلك في موطنه الحقيقي أو المختار أو في محل
عمله ،كما هو الشأن بالنسبة للقرارات التي يتم تبليغها إلى الموظفين .وإذا كان
القرار يعنى أكثر من شخص فإنه يجب إجراء توجيه اإلعالن إلى كل ذوي الشأن،
ويجرى إبالغ القاصر أو المحجور عليه بواسطة والديه أو وصيه أو القيم عليه.
األصل أنه ليس هناك شكلية معينة لإلعالن ،فاألمر يخضع لتقدير اإلدارة
61المرجع السابق.
61د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 695وما بعدها.
75
تحت رقابة القضاء بطبيعة الحال إذ ال تلتزم اإلدارة بوسيلة معينة ما لم يوجب
القانون اتباع وسيلة محددة ،ومن ثم يمكن أن يتم اإلعالن بخطاب عادى أو بخطاب
مسجل او بوسيلة الفاكس ،أو تسليم صورة من القرار لصاحب الشأن بواسطة أحد
موظفي اإلدارة المختصين مع أخذ وقيعه على االستالم ،أو تسليمه صورة من
القرار مع التوقيع على األصل كما يمكن أن يتم اإلعالن على يد محضر.
وعلى الرغم من عدم وجود شكلية لإلعالن إال أنه يجب أن يتضمن المقومات
األساسية لإلعالن ،والتي تتمثل في اسم الجهة المصدرة لإلعالن وأن يصدر من
الموظف المختص ،وأن يوجه إلى المعنين بالقرار أو من ينوب عنهم قانوناً.
إذا رفض الشخص المطلوب إعالنه بالقرار ،كما لو رفض استالم صورة
القرار المراد إبالغه أو الخطاب المسجل الذي تضمن القرار أو رفض سحب
الخطاب المسجل-المحتوى على القرار-المودع باسمه في مكتب البريد رغم إشعاره
بذلك ،فإن هذا االمتناع ليس من شأنه التأثير على بداية ميعاد الطعن الذي يبدأ في
الحاالت السابقة من يوم رفض تسلمه اإلعالن ويعتبر أنه قد تسلمه .وبطبيعة الحال
62
يقع عبء إثبات واقعة االمتناع على اإلدارة وذلك بأي طريقة من طرق اإلثبات.
76
تصيب القرار ،وإذا كان األصل أن يتضمن اإلعالن القرار بكامله إال أن القضاء
يكتفى لصحة اإلعالن أن يشتمل الملخص على العناصر األساسية للقرار التي
63 تكشف لصاحب الشأن عن محتواه وأثره القانوني بالنسبة له.
وترتيبا على ذلك إذا اكتفى اإلعالن باإلشارة إلى أن هناك قراراً قد صدر دون
أن يحدد مضمونه أو محتواه تحديداً دقيقا ً ،كان ذلك تبليغا ً ناقصا ً ال يترتب عليه
سريان مهلة الطعن.
إذا حدث خالف أو نزاع حول حصول إعالن صاحب الشأن بالقرار أو
تاريخه ،فإنه يقع على عاتق اإلدارة عبء إثبات حصوله وتاريخه وتقديم الدليل
على ذلك ،إذ أن اإلدارة هي المكلفة قانونا ً بحصول اإلعالن .على أنه يجب أن
يراعى أنه إذا كان عبء إثبات النشر يبدو أمرا يسيرا على جهة اإلدارة؛ ألنه له
طريقة معينة أال وهي النشر في الجريدة الرسمية أو النشرات المصلحية .فإن عبء
اإلثبات بالنسبة لإلعالن ال يكون دائما ً كذلك .ويرجع سبب ذلك بطبيعة الحال إلى
عدم تطلب المشرع لشكلية معينة في اإلعالن ،فقد تثبت اإلدارة ذلك عن طريق
64 توقيع صاحب الشأن بالعلم على أصل القرار أو صورته.
قد يعلم صاحب الشأن بالقرار الصادر في شانه بغير الطريق الرسمي ،أي
عن غير طريق النشر أو اإلعالن ،وهو ما يعرف بالعلم اليقيني أو الفعلي أو الغير
63د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص693وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 933وما بعدها.
64المرجع السابق
77
رسمي ،كأن يصدر القرار مثالً في حضوره ومواجهته حتى ولو لم يخطر به
()61 بالشكل الرسمي.
فالعلم اليقيني يقصد به علم صاحب الشأن بصدور القرار علما قطعيا نافيا
للجهالة شامال لجميع عناصر القرار ،ثابتا ً في تاريخ محدد .ويُغنى العلم اليقيني عن
النشر واإلعالن في تحديد ميعاد الطعن باإللغاء ،حيث يبدأ هذا الميعاد من تاريخ
()62 ثبوت هذا العلم.
والعلم اليقيني كواقعة يسرى بتحققها ميعاد الطعن باإللغاء ،أمر لم يرد بشأنه
نص في قانون مجلس الدولة ،وإنما هو من ابتداع القضاء اإلداري ،حيث أنه إذا كان
هدف اإلعالن أو النشر هو إيصال مضمون القرار لعلم صاحب الشأن ،لكي يُحدد
موقفه من الطعن عليه أو قبوله له تبعا ً لمدى تأثيره على مركزه القانوني ،فإذا علم
صاحب الشأن بصدور القرار وبمضمونه بشكل تام أو ناف للغلط ،فقد تحقق الغرض
من اإلعالن والنشر ،وما دام صاحب الشأن علم بالقرار فإن عليه تحديد موقفه منه في
مدة أقصاها ستين يوما ً من تاريخ ثبوت العلم ،وذلك حتى ال يظل ميعاد الطعن باإللغاء
مفتوحا ً إلى ما ال نهاية في حالة عدم حدوث النشر أو اإلعالن ،األمر الذى يمثل تهديداً
الستقرار المراكز القانونية التي أوجدها القرار اإلداري.
65
شروط العلم اليقيني- :
حتى يقوم العلم اليقيني بالقرار مقام نشره أو إعالنه في سريان ميعاد الطعن
بإلغائه فإن هناك شروطا البد من توافرها فيه ،غايتها التأكيد على تمام العلم
وشموله وثبوت حدوثه في تاريخ معين- :
65د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 933وما بعدها؛ د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري
" ،مرجع سابق ،ص621وما بعدها؛ د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص693وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد
وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.398وما بعدها.
78
الشرط األول- :أن يكون علم الطاعن بصدور القرار علما يقينيا ال
ظنيا أو افتراضيا- :
يجب أن يثبت بشكل قاطع أن صاحب الشأن قد علم بصدور القرار ،حيث ال
يجوز االستناد في إثبات هذا العلم على الشك أو الظن أو االفتراض.
ويجب أن يتوافر هذا العلم اليقيني في صاحب الشأن نفسه ،ومن ثم فإن علم
من هم سواه بالقرار ال يعنى علمه به ،حتى ولو كانوا من المقربين إليه .كما أن علم
وكيل صاحب الشأن بالقرار ال يعنى علمه به ،فقد ال يبلغه الوكيل بالقرار أو يبلغه
به على نحو ال يحقق العلم الكامل بكافة عناصره.
ال يمكااان القااااول بااااأن الواقعدددة التددددي تحتمددددل احتمدددالين ،يعلاااام الطاااااعن بهااااا
علماااا ً يقينياااا ً بأحااادهما ،ألن هاااذا االفتاااراض يساااتند إلاااى الشاااك والتخماااين وهاااو ماااا
ال يجااااوز فااااي مجااااال إقامااااة الاااادليل علااااى العلاااام اليقينااااي ،الااااذي يجااااب أن يكااااون
قاطعا ً في الداللة على العلم بالقرار.
مثال ذلك
فمنع أحد الموظفين من دخول مقر عمله ال يفيد حتما ُ صدور قرار بفصله ،فقد
يكون موقوفا ً عن العمل .ومن ثم ال تعد هذه الواقعة في ذاتها دليالً كافيا ً على علم
الطاعن بقرار فصله .علما ً يقينيا ً يمكنه من تحديد مركزه القانوني.
لقيام العلم اليقيني بالقرار يجب أن يكون علم صاحب الشأن به شامال لجميع
عناصره ،بحيث يمكنه تبين مدى تأثير هذا القرار على مركزه القانوني ،األمر الذي
سيرتب على أساسه موقفه منه أما بالقبول أو بالرفض.
79
والعلم اليقيني يعنى هنا العلم بالغاية الحقيقية للقرار ،التي قصدت اإلدارة
تحقيقها من إصداره ،حيث أنه على ضوء تلك الغاية يكون ذو الشأن على بينه من
مدى تأثر مركزه القانوني بالقرار ،وذلك إذا ما اتخذت اإلدارة من القرار وسيلة
لتحقيق غاية غير ظاهرة من منطوق قرارها.
فال يكفي علم صاحب الشأن بأسباب القرار المعلنة ليسرى في حقه ميعاد
الطعن فيه باإللغاء ،بل إن غايته غير المعلنة تكون هي المحك في تحديد موعد
سريان الطعن عليه باإللغاء ،إذا كان من شأن تلك الغاية التأثير على المركز
القانوني للطاعن ،باعتبار أنها هي التي تدفع صاحب الشأن إلى الطعن على القرار
باإللغاء في حالة تأثر مركزه القانوني بها.
فإذا ثبت علم صاحب الشأن بصدور القرار وتبين له مدى تأثيره على مركزه
القانوني .فقد تحقق العلم اليقيني لديه ،وال وجه بعد ذلك لالحتجاج بعدم العلم بما
شاب القرار من عيوب مادام في مكنته الطعن عليه في الميعاد بعد تبينه لمركزه
القانوني منه ومبلغ مساسه به .والقول بغير ذلك يؤدى إلى عدم انغالق ميعاد الطعن
باإللغاء على القرار اإلداري ،األمر الذي يهدد استقرار المراكز القانونية التي
اوجدها القرار باستمرار.
يسرى ميعاد الطعن باإللغاء من تاريخ علم صاحب الشأن بصدور القرار علما ً
يقينيا ً شامالً لجميع عناصره ،ومن ثم يتعين أن يثبت علم صاحب الشأن بالقرار في
تاريخ محدد .حيث أن العلم اليقيني ال يعدو أن يكون واقعة مادية ،لذلك فإنه إلمكان
التحدي بنفاذ أثره في بدء سريان ميعاد الطعن ،فإنه يتعين ثبوت حدوثه في تاريخ
81
معلوم ،وعدم تحقق هذا الشرط يجعل دفع اإلدارة بعدم قبول الدعوى شكالً لرفعها
بعد الميعاد يفتقد لألساس القانوني السليم.
نظراً ألن اإلدارة هي التي تدعى ثبوت العلم اليقيني بالقرار اإلداري محل
الطعن في حق المدعى في معرض دفاعها ،التي تبدى فيه عدم قبول الدعوى
إلقامتها بعد الميعاد ،فإنه يقع عليها عبء إثبات حدوثه .وترتيبا على ذلك إذا
ادعى الطاعن علمه بالقرار المطعون عليه في تاريخ معين ،ولم تستطيع اإلدارة
تقديم ما ينفى ذلك ،أصبح قول الطاعن هو المصدق ،وجرى ميعاد الستين يوما
ابتداء من التاريخ الذي يدعيه الطاعن.
66
كيفية حساب الميعاد- : رابعا
لقد قرر المشرع المصري ميعاد الطعن باأليام ال بالشهور ،فهو ستون يوما ً
كاملة ،ويتم حساب هذا الميعاد طبقا ً لما تقضى به المادة الثالثة من قانون مجلس
الدولة رقم( )47لسنة 1972م ،والتي تنص على أن " تطبق اإلجراءات المنصوص
عليها في هذا القانون ،وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد به نص.
وبالرجوع إلى أحكام قانون المرافعات سنجد أنها قررت أنه إذا حدد القانون
للحضور أو لحصول اإلجراء ميعاداً مقدراً باأليام أو بالشهور أو بالسنين فال يحسب
منه يوم اإلعالن او حدوث األمر المعتبر في نظر القانون مجديا ً الميعاد ،أما إذا
كان الميعاد مما يجب انقضاؤه قبل اإلجراء فال يجوز حصول اإلجراء إال بعد
انقضاء اليوم األخير من الميعاد.
66د .رأفت فودة ،النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة" ،در النهضة العربية ،1998 ،ص143؛ د .إبراهيم عبد العزيز
شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 933وما بعدها؛ د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق،
ص621وما بعدها؛ د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص693وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء
اإلداري ،مرجع سابق ،ص.398وما بعدها.
81
وبتطبيق هذه القواعد بالنسبة لميعاد رفع دعوى اإللغاء ،فإنه ال يحسب من
ميعاد رفع الدعوى يوم إعالن القرار اإلداري أو نشره أو العلم اليقيني به ،وإنما
يسرى الميعاد من اليوم التالي باعتبار أن هذا اليوم ال يمكن اعتباره يوما ً كامالً،
وينقضي الميعاد بانقضاء اليوم األخير منه.
وبالتالي فإن ميعاد دعوى اإللغاء الستون يوما ً تبدأ من اليوم التالي للنشر أو
اإلعالن أو العلم اليقيني ،فال يدخل في حساب يوم النشر أو اإلعالن أو العلم
اليقيني به.
وبالنسبة للقرارات الضمنية بالرفض ،فإن حساب بدأ ميعاد الطعن ،باإللغاء
بالنسبة لها يكون ستون يوما من اليوم التالي النقضاء المدة التي حددها القانون
لإلدارة للرد على الطلب.
المسافة- :
طبقا ً لنصوص قانون المرافعات؛ فإنه يضاف ميعاد مسافة لمن يقطنون بعيدا
عن المكان الذي يتعين المثول فيه أو مباشرة اإلجراء فيه.
وهناك ثالثة أنواع لميعاد المسافة في قانون المرافعات؛ نوع يطبق بالنسبة
للمقيمين في مناطق داخل الجمهورية ،وفيه يضيف يوم لكل مسافة مقدارها
خمسون كيلو متراً بين المكان الذي يجب االنتقال منه والمكان الذي يجب االنتقال
إليه ،وما يزيد من الكسور على الثالثين كيلو متراً يزداد له يوم على الميعاد ،وال
يجوز أن يجاوز ميعاد المسافة أربعة أيام.
82
ونوع بالنسبة للمقيمين في مناطق الحدود ،فيُضاف خمسة عشر يوما ميعاداً
للمسافة .ونوع بالنسبة للمقيمين في الخارج ،فُيضاف ميعاد مسافة ستين يوما.
وبالنسبة للثالثة أنواع يجوز بأمر من قاضى األمور الوقتية إنقاص ميعاد
المسافة تبعا ً لسهولة المواصالت وظروف االستعجال.
يدخل اليوم األخير في حساب مدة الستين يوماً ،فمدة ميعاد رفع دعوى اإللغاء
تعتبر مدة كاملة ،بمعنى انها ستون يوما ً صافية ،فماذا لو كان اليوم األخير عطلة
رسمية؟
ففي هذه الحالة يجب تطبيق قانون المرافعات ،والذي ينص على أنه إذا
صادف أخر الميعاد عطلة رسمية امتد إلى اول عمل بعدها؛ ومعنى ذلك إذا كان
أخر بوم في الميعاد هو األول من مايو ،وهو عطلة رسمية كعيد العمال ،فإن ميعاد
يمتد ونأخذ بدالً منه اليوم الثاني من مايو ،وعلى إذا رفعت الدعوى يوم " 2مايو"
تكون قد رفعت في الميعاد ،وتعتبر مقبولة.
وماذا لو كانت األربعة أيام األخيرة من الميعاد عطلة رسمية كما هو الحال
في عيد األضحى وعيد الفطر؟ فهل يمتد الميعاد أربعة أيام أخرى مقابل أيام العطلة
الرسمية؟ اإلجابة بالتأكيد بالنفي ،فالعبرة فقط باليوم األخير من مدة الستين يوما.
مثال ذلك
مثال ذلك لو كان اليوم األخير في مدة الستين يوما ً للطعن باإللغاء يوم 5
مارس ،وكان هو أخر أيام العطلة التي تمثل أربعة أيام ،معنى ذلك أن هذه األيام
األربع قد أخذت من الميعاد ،فهل يعطى رافع الدعوى أربع أخرى مقابلهم؟ ،استقر
83
القضاء على أنه ال يضاف إال يوم واحد وهو أخر يوم في مدة الستين الذي وافق
يوم عطلة رسمية .وبالتالي ال ُيعطى صاحب الشأن أربعة أيام مقابل عدد أيام
العطلة ،فالعبرة دائما ً باليوم األخير .فإذا وقعت جميع أيام العطلة خالل الميعاد،
وكان اليوم األخير من الميعاد يوم عمل ،فال يمتد الميعاد على اإلطالق ،فالعطلة
67
التي تقع خالل الميعاد تحسب ضمن مدة الستين يوماً.
وتجدر اإلشارة إلى أن العبرة في تقدير ما إذا كانت الدعوى قد رفعت في
الميعاد من عدمه هو باإلجراء الذي حددته المادة 25من قانون مجلس الدولة لسنة
1972م وهو إيداع عريضة الدعوى قلم كتاب المحكمة المختصة موقعة من محام
مقيد بجدول المحامين المقبولين أمام تلك المحكمة.
67المرجع السابق
84
الفرع الثاني
امتـداد الميعاد
عرضنا فيما سبق إلى أن ميعاد الطعن باإللغاء في القرارات اإلدارية هو
ستون يوماً ،ويترتب على انقضاء هذا الميعاد عدم قبول الدعوى والقضاء بردها
شكالً ،وتبعا ً لذلك ُيعد ميعاد دعوى اإللغاء من النظام العام ويتعين على القاضي أن
يقضى من تلقاء نفسه بعدم قبول الدعوى النقضاء الميعاد إذا ما رفع أمامه طعن
إداري بعد فوات المهلة المقررة للطعن.
فيسرى ميعاد الطعن منذ بدايته حتى نهايته إذا لم يعترض طريقه أي عائق
أو أي عامل أو إجراء يؤثر على السريان الطبيعي لميعاد الطعن.
ويختلف أثر هذه العوائق واإلجراءات حسب طبيعتها؛ فمنها ما يؤدى إلى
69 وقف سريان الميعاد ومنها ما يؤدى إلى قطعه.
68د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 997وما بعدها.
69د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.376وما بعدها.
85
وسوف نعرض لحاالت وقف وقطع الميعاد على النحو التالي- :
يقصد بوقف الميعاد وقف سريان الميعاد بسبب قهدري خدارج مدن إرادة صداحب
الشأن طوال فترة وجود هذا العذر القهري ،على أن يبادأ مارة ثانياة فاي الساريان عناد
زوال هذا العذر مأخوذ في االعتبار الفترة السابقة على تحقق السبب القهري.
ووقف الميعاد يعنى احتساب المدة السابقة قبل تحقق سبب الوقف بحيث
يتعين استكمال مهلة ميعاد رفع الدعوى بعد زوال هذا السبب ،وبمعنى أخر أن يقف
سريان الميعاد منذ تاريخ حدوث السبب الموقف حتى زواله بحيث تظل المدة
المنقضية قبل حدوث السبب الموقف قائمة ،وتدخل في حساب المهلة التي تعود
71 إلى السريان من جديد بعد زوال سبب الوقف.
فالوقف ال يؤدى إلى إلغاء ومحو الفترة السابقة على تحقق القوة القاهرة التي
حالت بين صاحب الشأن ورفع دعوى اإللغاء ،وإنما يُعاد حساب هذه المدة إضافة
إلى ما يكون قد تبقى من الميعاد األصلي بعد زوال واختفاء العذر القهري.
مثال ذلك
إذا صدر القرار اإلداري وتم إعالن صاحب الشأن به يوم 3مارس ،فإن مدة
الستين يوما ً المقررة للطعن باإللغاء –كم ذكرنا سابقا ً-تبدأ من اليوم التالي لإلعالن،
وهو يوم 4مارس ،وفى يوم 21مارس حدث أحد أسباب الوقف كزلزال أو قيام
حرب أو غيره ،واستمر ذلك العذر القهري إلى يوم 21من أبريل ،فإن ميعاد
71د .رأفت فودة ،النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة " ،مرجع سابق ،ص 158وما بعدها.
86
الطعن الستين يوما ً يتم إيقافها طوال مدة العذر القهري ،أي ان الميعاد سيقف من
يوم 21مارس حتى 21إبريل وعلى ذلك تكون مدة الطعن كاالتي- :
من يوم 4مارس حتى 19إبريل " ألن 21مارس قد ال يتم حسابه ألنه قد
حدث به العذر القهري= 16يوما ً
نخصم مدة 16يوم من 61يوم مدة الميعاد الكاملة للطعن يتبقى 44يوماً،
إذن يتبقى من الميعاد األصلي 44يوما ً يتم حسابها بدءاً من 21إبريل وال يتم
حساب يوم 21إبريل ألنه هو اليوم الذي انتهى فيه العذر القانوني.
يقف سريان ميعاد الطعن إذا حدث أمر من شأنه أن يحول دون صاحب الشأن
وقيامه باتخاذ اإلجراءات الالزمة لرفع الدعوى ،وهو ما يسمى بالقوة القاهرة،
وهي عبارة عن كل حادث فجائي غير متوقع وراجع لسبب خارج عن إرادة
الشخص ،ويكون من شأنه أن يحول بينه وبين رفع دعواه ،ومن أمثلة القوة
القاهرة الحرب ،أو االضطرابات أو السيول والفيضانات التي تعزل منطقة معينة
بسكانها.
مثال ذلك
واعتبر قضاء مجلس الدولة من قبيل القوة القاهرة اعتقال المدعى في معتقل
بعيد مع عدم تمكينه من القيام باإلجراءات القانونية ،كذلك إذا كان محبوسا ً مع عدم
استطاعته اتخاذ إجراءات رفع الدعوى .أو إذا كان عاجزاً كامالً عجزاً يحول دون
اتخاذ مثل هذه اإلجراءات .أو أي سبب أخر يؤدى إلى استحالة اتخاذها.
والمحكمة هي التي تقرر ما إذا كان الحادث الفجائي من شأنه الحيلولة دون
87
قيام الطاعن ورفع دعواه في الميعاد أم ال.
ثانيا
يؤدى انقطاع الميعاد إلى غض النظر كلية عن المدة التي مضت من الميعاد
قبل تحقق سبب االنقطاع بحيث ال تؤخذ في االعتبار ،وال يعاد حسابها مع المتبقي
من المدة بعد زوال هذا السبب ،وإنما يؤدى االنقطاع إلى بداية مدة جديدة قدرها
ستون يوما تبدأ من اليوم التالي لزوال سبب االنقطاع.
مثال ذلك
إذا صدر القرار اإلداري وتم إعالن صاحب الشأن به يوم 3مارس ،فإن مدة
الستين يوما ً المقررة للطعن باإللغاء –كم ذكرنا سابقا ً-تبدأ من اليوم التالي لإلعالن،
وهو يوم 4مارس ،وفى يوم 21مارس حدث أحد أسباب قطع الميعاد ،واستمر
ذلك السبب إلى يوم 21من أبريل ،فإن ميعاد الطعن الستين يوما ً يبدأ كامال من
جديد ابتداء من اليوم التالي لليوم الذي زال فيه سبب االنقطاع .بمعنى أن المدة
ستبدأ اعتبار من يوم 21إبريل ولمدة ستين يوماً ،وما مضى من 4مارس حتى 21
()68 ابريل ال يؤخذ في الحسبان وتعتبر كأن لم تكن.
استقر القضاء والفقه على أن حاالت انقطاع ميعاد الطعن باإللغاء تتمثل في-:
التظلم اإلداري يعنى عدم رضاء صاحب الِشأن بالقرار الذي علم به بواسطة
71المرجع السابق.
88
النشر أو اإلعالن أو العلم اليقيني ،فبادر بكتابة اعتراضه هذا على شكل تظلم
وأرسله لإلدارة مصدرة القرار أو لرئيسها طالبا ً إعادة النظر فيه وسحبه ،أو إلغائه.
والتظلم القاطع لميعاد دعوى اإللغاء يستوي فيه أن يكون اختياريا أو إجباريا،
حيث أن كال النوعين من التظلم اإلداري يحمل معنى عدم االنصياع للقرار اإلداري.
إال أنه حتى يحقق هذا التظلم أثره في قطع الميعاد ،يتعين اتصال علم جهة
اإلدارة به ،على نحو يمكنها من فحصه وإصدار قرارها بشأنه قبوالً أو رفضا ً،
ويستخلص هذا العلم من أي قرينة تدل عليه.
فلصاحب الشأن أال يتظلم من القرار ،ويتجه مباشرة-إن رأى وجها ً لذلك-إلى
القضاء المختص بدعوى إلغاء ضد هذا القرار.
نتيجة لكون التظلم اختياري ،فيجوز له من باب أولى أن يجمع صاحب الشأن
بين الطريقين في أن واحد ،فبعد تقديم التظلم في الميعاد ،ال ينتظر الفصل في هذا
89
التظلم وال ينتظر أيضا فوات الستين يوما من تاريخ وصول تظلمه للجهة اإلدارية،
فيرفع دعوى اإللغاء في خالل المدة األولى األصلية والتي قدم فيها تظلمه.
وهنا يأخذ الموقف أحد الفروض التالية؛ إما أن ترفض اإلدارة التظلم ،فال
يضيره ذلك شيء ألن دعوى اإللغاء قد تم رفعها وينتظر الفصل فيها ،وتكون قد
رفعت في الميعاد ،وإما أن تجيبه اإلدارة إلى مطلبه كليا ،وهنا تصبح الدعوى
عديمة الجدوى ،ويحكم القاضي برفضها ال لعدم رفعها في الميعاد ،فهي قد رفعت
في الميعاد ،وإنما ألن الدعوى أصبحت غير ذي موضوع ولم يعد لصاحب الشأن
مصلحة في االستمرار في دعواه ،فكما ذكرنا سابقا ً فإن شرط المصلحة يشترط
توافره عند رفع الدعوى وأن يستمر حتى يتم الفصل فيها.
وإما أن تستجيب اإلدارة إلى جزء من طلباته ،فهو بالخيار في هذه الحالة،
بأن يستمر في دعواه ،أو أن يتركها تشطب لقناعته بما حصل عليه ورضائه به،
وإما أن تسكت وال ترد على طلبه ،فهنا يستمر في متابعة دعواه القضائية وال يلتفت
لصمت اإلدارة.
ويقصد بالتظلم الوجوبي التظلم الذي يجب تقديمه إلى جهة اإلدارة قبل رفع
دعوى اإللغاء ،حيث يترتب على عدم تقديمه إلى جهة اإلدارة عدم قبول دعوى
اإللغاء .فهنا التظلم وجوبيا ً قبل رفع دعواه ،فال يمكن رفع الدعوى قبل التظلم.
وقد حدد المشرع الحاالت التي يكون فيها التظلم وجوبيا أو إجباريا من خالل
نص المادة ( )12من قانون مجلس الدولة ،ويمكن لنا أن نحددها فيما يلي- :
91
-1الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات اإلدارية النهائية
الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العالوات.
-2الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات اإلدارية
الصادرة بإحالتهم إلى المعاش ،أو االستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي.
ليس هناك شكل خاص للتظلم يتعين إفراغه فيه ،كما أنه لم يتقرر إلتمامه
إجراء خاص حيث يجوز تقديمه بعريضة أو إنذار على يد محضر ،أو ببرقية
يرسلها صاحب الشأن إلى الجهة المختصة بتلقي التظلم يبدى فيه اعتراضه على
القرار وأسانيده في ذلك.
يجب أن يتوافر في التظلم اإلداري حتى ينتج أثره في قطع ميعاد الطعن
باإللغاء عدة شروط- :
يجب أن يقدم التظلم بعد صدور القرار اإلداري ال قبل صدوره. 1
فالتظلم اإلداري يعنى تظلم من قرار سبق إصداره من جهة اإلدارة يلتمس فيه
المتظلم سحب القرار أو إلغائه أو تعديله .لذلك كان من المنطقي أن يقدم التظلم بعد
صدور القرار ال قبل صدوره سواء كان هذا القرار صريحا ً أو ضمنيا ً بالرفض .ففي
91
حالة القرار الصريح يستطيع صاحب الشأن أن يتقدم بتظلمه فور صدوره ،وإذا كان
ضمنيا ً بالرفض فيستطيع أن يتقدم بالتظلم خالل ستين يوما على سكوت اإلدارة
72
وامتناعها عن الرد على الطلب .أي فور تحقق القرار الضمني الصادر بالرفض.
فيجب أن يبين المتظلم في التظلم مطالبه على نحو واضح ال لبس فيه،
كالمطالبة بسحب القرار او إلغائه أو تعديله ،فإذا جاء التظلم بصيغة عامة غير
مشتمالً على مطالب وال على أي إشارة إلى أي عيب او انتقاد للقرار المتظلم منه
فال يعتبر التظلم اإلداري قاطعا ً لميعاد الطعن باإللغاء .فيجب أن يتضمن التظلم
حتى ،يكون منتجا في قطع الميعاد مطالب معينة يمكن أن تكون محال لمنازعة
قضائية أمام مجلس الدولة فيما لو تمنعت اإلدارة عن إجابتها.
وبالتالي ال يكون له أثر قاطع لميعاد دعوى اإللغاء ،مجرد طلب الطاعن
معرفة أسباب اتخاذ القرار أو مجرد طلب وقف تنفيذه ،أو طلب الحصول على
73 معلومات.
يجب أن يقدم التظلم اإلداري إلى السلطة اإلدارية المختصة- : 3
يجب على صاحب الشأن أن يقدم التظلم إلى الجهة اإلدارية مصدرة القرار أو
الهيئات الرئاسية والتي تعلو الجهة مصدرة القرار ،فإذا ما قدم لغير هذه الجهات
فإنه ال يقطع الميعاد .وعلة ذلك واضحة في أن الهدف من التظلم هو حل النزاع
سلميا ً مع اإلدارة ودون حاجة للذهاب إلى القضاء .والجهة التي تملك حل النزاع
72د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 455وما بعدها
73المرجع السابق.
92
بسحب القرار هي فقط من أصدرته أو الجهة الرئاسية .أما الجهة الغير المختصة
74 فهي ال تملك شيئا ً حيال قرارات لم تصدرها وليس لها حيالها شأن.
ومع ذلك فقد خفف القضاء من ذلك الشرط ،وجعل التظلم لجهة غير مختصة
قاطعا للميعاد متى علمت به الجهة المختصة ،فإذا أحالت الجهة المقدم إليها التظلم
إلى الجهة المختصة ذلك التظلم ،وكان هذا األخير قد وصل إلى الجهة المختصة في
الميعاد القانوني فإنه ُيعتبر قاطعا للميعاد.
يجب أن يقدم التظلم إلى الجهة اإلدارية خالل ميعاد الطعن- : 4
يجب أن يتقدم صاحب الشأن بتظلمه إلى جهة اإلدارة خالل ستون يوما من
تاريخ نشر القرار أو تبلغيه به إذا كان القرار صريحا أو من تاريخ تحقق القرار
الضمني الناتج عن سكوت اإلدارة .فإذا تم تقديم التظلم بعد انقضاء مهلة الطعن
القضائي فال يكون من شأنه قطع الميعاد.
ويرجع سبب وجوب تقديم التظلم خالل الميعاد المحدد للطعن ال بعده؛ أنه يترتب
على انقضاء الميعاد أن يصبح القرار اإلداري المتظلم منه محصنا ً رغم ما قد يتضمنه
من أوجه العيوب ،وطالما أنه تحصن قضائيا ً وأصبح بمنأى عن الطعن القضائي فإنه
75
يمتنع على اإلدارة إعادة النظر فيه فما يحرم على القضاء ال يباح لإلدارة.
74د .رأفت فودة ،النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة " ،مرجع سابق ،ص161وما بعدها.
75د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 958وما بعدها.
93
يجب أن يؤخذ دائما ً في االعتبار في حالة إرسال التظلم بطريق البريد التأخير غير
76 العادي في وصول هذا التظلم إلى الجهة المرسل إليها مما يخضع لتقدير المحكمة.
77 يجب أن يكون التظلم اإلداري مجديا وله فائدة مرجوة- : 5
يجب أن تكون هناك فائدة مرجوة من القرار ،فإذا أفصحت اإلدارة عن رأيها
أنها ال تستجيب ألي تظلم ،كان على الطاعن أن يستبعد وسيلة التظلم اإلداري،
ويلجا مباشرة إلى القضاء اإلداري لرفع دعواه القضائية بإلغاء القرار ،فإذا أصر
على الرجوع لإلدارة رغم عدم جدوى التظلم فإن تظلمه يكون غير ذي قيمة أو
فائدة في قطع ميعاد الطعن باإللغاء ،ويكون فوات ميعاد الطعن باإللغاء وهو الستون
يوما ً من تاريخ علمه بالقرار أو نشره سببا للحكم بعدم قبول الدعوى.
مثال ذلك
قامت جهة اإلدارة بنشر أقدميات معينة بمنشور لها ،جاء فيه أنها لن تنظر في
أية شكوى خاصة باألقدمية ،وأن من له شكوى في هذا الخصوص فعليه أن يتقدم
بها مباشرة إلى مجلس الدولة .فإن التظلم في هذه الحالة ال يوقف سريان مواعيد
الطعن ،ذلك أن المشرع إذ يوقف سريان مواعيد الطعن في حالة التظلم إلى الجهة
اإلدارية ،فلكي يتاح لهذه الجهة فرصة للبحث والرجوع عن قرارها إذا ما تبين لها
فيه من مخالفة للقانون.
يجب أن يقدم التظلم من الشخص رافع الدعوى أو ممثله القانوني- : 6
5
يشترط لكي يكون التظلم اإلداري مفيداً في قطع ميعاد الطعن القضائي باإللغاء
76
د .رأفت فودة ،النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة " ،مرجع سابق ،ص 162وما بعدها.
77د .رأفت فودة ،النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة" ،در النهضة العربية ،1998 ،ص143؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء
اإلداري ،مرجع سابق ،ص 933وما بعدها؛ د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص621وما بعدها؛ د .مدحت احمد
يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص693وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.398وما بعدها.
94
أن يكون مقدما ً من ذات الشخص الذي يريد رفع دعوى اإللغاء أو من ممثله
القانوني كالمحامي ،فإذا قدم التظلم من شخص أخر زميل له فإن هذا التظلم ال
يكون منتجا ً في قطع الميعاد.
يقع على كاهل الطاعن عبء إثبات الشروط الخاصة بالتظلم فهو الذي يقع
عليه عبء إثبات حصول التظلم بعد اصدار القرار المطعون فيه ،وأنه قدمه إلى
الجهة اإلدارية المختصة مصدرة القرار ورئيسه ،كما يقع عليه عبء إثبات حصول
التظلم في خالل ميعاد الطعن أي الستون يوما ً من إعالنه بالقرار أو نشره في الشرة
المصلحية إلى غير ذلك من الشروط المتعلقة بالتظلم.
طبقا ً لنص المادة 24من قانون 47لسنة 1972في الفقرة الثانية والثالثة فإن
حساب الميعاد المنقطع بالتظلم يكون على النحو التالي:
ينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة اإلدارية التي أصدرت القرار أو
الهيئات الرئاسية ،ويجب أن يبت في التظلم خالل ستين يوما ً من تاريخ تقديمه وإذا
صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا ً ،ويعتبر مضى ستين يوما على تقديم
التظلم دون ان تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه .ويكون ميعاد رفع
الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوما ً من تاريخ انقضاء الستين يوما
المذكورة.
95
ومن الجدير بالذكر أن التظلم يقطع ميعاد الطعن باإللغاء في اليوم التالي لوصوله
لدى جهة اإلدارة المختصة ،إذ يبدأ العد التنازلي لفترة ستين يوما ً التي تركها المشرع
لجهة اإلدارة حتى تبت في التظلم من اليوم التالي ليوم وصول التظلم.
مثال ذلك
78
وعلى ذلك يكون حساب المدة المنقطعة بالتظلم كاالتي- :
في حالة استجابة اإلدارة لطلبات المتظلم كلية ،فهنا تكون المشكلة قد
انتهت بالقرار الصادر باإليجاب كلية ،ويصبح النزاع منتهياً ،ولن يكون هناك
حاجة لحساب أي مدة.
في حالة استجابة اإلدارة جزئيا لطلبات المتظلم ،هنا إن أراد المتظلم
منازعة اإلدارة بصدد إجابة مرضية ،فعليه برفع الدعوى خالل ستين يوما ً تحسب
من اليوم التالي لوصول رد اإلدارة إليه أو علمه به.
مثال ذلك
مثال ذلك أرسل صاحب الشأن التظلم يوم 2أبريل ووصل التظلم لجهة اإلدارة
في 17أبريل ،ففحصته اإلدارة ورفضت الطلبات التي أدعاها صاحب الشأن
جزئيا ً ،وأرسلت له الرد في 15مايو ،ووصل هذ الرد لصاحب الشأن في 28مايو،
78
د .رأفت فودة ،النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة " ،مرجع سابق ،ص 183وما بعدها.
96
هنا على صاحب الشأن رفع دعوى اإللغاء خالل ستين يوما تبدأ من اليوم التالي
ليوم وصول الرد ،أي بدءاً نمن يوم 29مايو.
في حالة إذا رفضت اإلدارة كلية طلبات المتظلم ،وأوصلت له الرد
بالرفض خالل فترة الستين يوما ً-المخصصة قانونا ً لبحث التظلم-فعلى المتظلم رفع
دعوى اإللغاء كما في المثال السابق خالل الستين يوما ً التالية لوصول رفض
اإلدارة لديه.
في حالة إذا ما التزمت اإلدارة الصمت ولم ترد طوال فترة الستين يوما ً
التالية لوصول التظلم إليها ،فإن المشرع قد تدخل وافترض ضمنيا رفض اإلدارة،
وإال ستظل مواعيد الطعن ممتدة إلى ما النهاية ،األمر الذي ال يتفق وحكمة فرض
ميعاد قصير لدعوى اإللغاء ،وهو استقرار المراكز القانونية وسير المرفق العام
بانتظام واطراد.
معنى ذلك أن نبدأ حساب المدة الالزمة للطعن باإللغاء في هذا القرار الضمني
بالرفض من اليوم التالي النقضاء الستين يوما التي خصصها المشرع للبت في
التظلم من قبل اإلدارة ،وذلك حتى نهاية الستين يوما ً االنية والتي خصصها المشرع
لرفع دعوى اإللغاء.
مثال ذلك
وصل التظلم لإلدارة في يوم 3مارس ،فلإلدارة مدة ستين يوما ً للبت في هذا
التظلم كالتالي- :
مدة البت في التظلم تكون من 4مارس وحتى يوم 2مايو ".الستون يوماً"
97
لم ترد اإلدارة ،افترض المشرع رفضها ،يتم الطعن باإللغاء في القرار
اإلداري المتظلم منه في الميعاد اآلتي:
مدة رفع دعوى اإللغاء من اليوم التالي ألخر يوم للبت في التظلم 59 +يوما ً
أي من 3مايو حتى 1يوليو ،فإذا رفعها يوم 2يوليو تكون قد رفعت بعد المياد
ويتعين عدم قبولها شكالً.
إذا فرض وتظلم صاحب الشأن من القرار اإلداري ،إال أنه تنازل عن هذا
التظلم ،فكيف نحسب ميعاد رفع دعوى اإللغاء؟ أ ُيحسب وفقا ً للقواعد السابقة؟
أم يبدأ حسابه من اليوم التالي للتنازل دون انتظار انتهاء الستين يوما ً مدة
التظلم؟
استقر القضاء على حساب مدة الطعن في هذه الحالة من اليوم التالي ليوم
التنازل .فقيام المدعى بالتنازل عن التظلم المقدم منه لجهة اإلدارة ينطوي على إقرار
منه بعدم رغبته في بحث التظلم من جهة اإلدارة ،ومن ثم تنقضي الحكمة من انتظار
الستين يوما ً المقررة للجهة اإلدارية للبت في التظلم ،ويتعين عليه أن يقيم دعواه أمام
محكمة القضاء اإلداري خالل الستين يوما ً من تاريخ تنازله عن تظلمها ،وإقامة
الدعوى بعد ستين يوما ً من تاريخ التنازل يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
صدور قرار صريح برفض التظلم قبل القرار الحكمي بالرفض ،احتساب ميعاد
الطعن من تاريخ الرفض الصريح ،وال معنى النتظار انقضاء الميعاد المنصوص
98
عليه في المادة 24من القانون رقم 47لسنة 1972إذا عمدت الجهة اإلدارية
لبت في التظلم قبل انقضاء فسحته فأي األجلين أقرب يبدأ من ميعاد الطعن.
في حالة صدور قرار إداري ،تبدأ مدة الطعن عليه بالنشر ،أو اإلعالن ،أو
العلم اليقيني وماذا عن إصدار اإلدارة بعد فترة معينة قراراً إداريا ً مؤكداً
لألول ،فهل يعطى هنا مدة جديدة للطعن عليه باإللغاء؟
اإلجابة على ذلك تكون بالنفي ،ألن القرار الجديد الالحق لم يأت بجديد على
مراكز ذوى الشأن القانونية ،هو لم يفعل أكثر من أنه أكد القرار األول؛ وعلى ذلك إذا
فوت صاحب الشأن ميعاد الطعن في القرار األول ،فإن دعواه تكون غير مقبولة إذا
رفعها ضد القرار الثاني ،إذا كان القرار المطعون فيه أخيراً لم ينشئ حالة قانونية
جديدة بخالف تلك التي أنشأها القرار السابق له ،فال يجوز أن يترتب على صدوره
خلق ميعاد جديد للطعن فيه بخالف ميعاد الطعن في القرار السابق الذى أيده ،ألن
هذا الميعاد يسرى بالنسبة إليه أيضاً ،فإذا كان ميعاد الطعن في القرار األول سقط
الحق فيه لم يكن من الجائز تبعا ً لذلك الطعن في القرار الثاني المؤيد له.
ما الحكم لو أن اإلدارة وبعد فوات الستين يوما الخاصة بفحص التظلم
والبت فيه وكذلك فوات الستين يوما التالية األولى ولم يرفع صاحب الشأن دعواه
أمام القضاء؟ ثم جاءت اإلدارة وأصدرت قرارا برفض التظلم ،فهل يفتح ميعاد
جديد للطعن في القرار األول الذي تحصن بفوات المواعيد؟ اإلجابة بالنفي تطبيقا
للمبدأ السابق.
وهذا األمر ال يثير مشكلة بالنسبة للتظلم االختياري ،فالطاعن يملك عدم
التظلم أصالً فمن باب أولى يملك عدم انتظار نتيجة التظلم ويذهب للقضاء بدعوى
اإللغاء .أما التظلم اإلجباري فالمفروض أن المشرع فرضه في حاالت معينة حتى
99
يتسنى لألطراف فض النزاع وديا ،ولذلك كانت الحكمة تقتضي االنتظار حتى تبت
اإلدارة فيه ،فلربما تجب المتظلم وترد إليه حقوقه في األيام األخيرة من فترة الستين
يوما ،ولذلك يمكن القول أنه إذا لم ينتظر ورفع دعواه تكون غير مقبولة.
ولكن القضاء اإلداري استقر على عكس ذلك تماما ً ،إذ أجاز رفع الدعوى
وقبولها دون انتظار نتيجة التظلم اإلجباري .إذ أن مدة الستين يوما ً المقررة للبت في
التظلم ستنتهي حتما ً أثناء نظر الدعوى وقبل الفصل فيها ،فإذا أجابته اإلدارة
وقررت النزول على طلباته فلن يخسر سوى مصاريف رفع الدعوى ،وإذا لم تجبه
أو رفضت تظلمه فدعواه قائمة ومنظورة أمام القضاء.
77
رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة
.
ثانيا
يتمثل السبب الثاني في قطع ميعاد دعوى اإللغاء في رفع الدعوى أمام محكمة
غير مختصة ،فقد يخطئ الطاعن في تحديد المحكمة المختصة بنظر دعوى اإللغاء
فيرفعها أمام إحدى محاكم القضاء العادي ،بدالً من رفعها أما إحدى محاكم القضاء
اإلداري ،وقد يخطئ إذا كان الطاعن من الموظفين العموميين بالمستوى الثالث فيرفع
دعواه بإلغاء قرار فصله أمام محكمة القضاء اإلداري بدالً من رفعها أمام المحكمة
اإلدارية المختصة .في مثل هذا الفرض أو ذاك قد تصدر المحكمة التي التجأ إليها
الطاعن –حكمها بعدم االختصاص بعد مرور مدة الستون يوما فتكون المدة المحددة
لرفع دعوى اإللغاء قد انقضت ،وبالتالي يتعرض لخطر سقوط حقه في الطعن باإللغاء
والحكم بعدم قبول دعواه عند التجائه إلى المحكمة المختصة.
ومثل هذا الوضع تأباه العدالة ،خاصة وأن أغلب الحاالت يرجع فيها خطأ
الطاعن إلى تعقد مسالة االختصاص وصعوبة معرفة المحكمة المختصة من بين
79د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 930وما بعدها؛ د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري
" ،مرجع سابق ،ص 5625وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.339وما بعدها؛ د .رأفت فودة،
النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة " ،مرجع سابق ،ص171وما بعدها.
111
المحاكم اتى تتعدد أنواعها ودرجاتها .لذلك استقر القضاء اإلداري على اعتبار رفع
دعوى اإللغاء على محكمة غير مختصة سببا ً من أسباب قطع الميعاد .ويكون لصاحب
الشأن الحق في رفع دعوى اإللغاء خالل ستون يوما من تاريخ الحكم الصادر بعد
االختصاص.
ويشترط إلعمال األثر المترتب على رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة
من حيث قطع الميعاد شرطان- :
الشرط األول :أن يتم رفع الدعوى إلى المحكمة غير المختصة خالل ميعاد
الطعن باإللغاء وهي ستون يوماً.
الشرط الثاني :أن يتم اختصام جهة اإلدارة المعنية وتكليفها بالحضور أمام
المحكمة غير المختصة.
يعتبر طلب اإلعفاء من الرسوم القضائية " أو طلب المساعدة القضائية" من
بين األسباب التي اعترف بها القضاء اإلداري كأحد أسباب قطع ميعاد دعوى
اإللغاء ،تأسيسا ً على أن مثل هذا الطلب يبين بما ال يدع مجاالً للشك رغبة صاحب
الشأن في مخاصمة القرار اإلداري ،كما ينفى عنه قرينة اإلهمال في الدفاع عن
حقوقه ،أو قرينة قبول القرار وتركه لميعاد الطعن ينقضي مضى المدة .فمثل هذا
الطلب ال يختلف عن رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة ،ويفوق في داللته
مجرد التظلم االختياري أو الوجوبي إلى الجهة المصدرة القرار ،أو إلى الهيئات
الرئاسية .فبتقديمه لهذا الطلب إنما يؤكد للعيان رغبته الشديدة في تجميع كل قواه
رغم ضعفها أو انعدامها للوقوف بصالبة المظلوم ضد القرار اإلداري الذي
أصدرته جهة اإلدارة ماسا بحقوقه ومصالحه بصورة ال تتفق والقانون.
111
اعتراض اإلدارة على القرار اإلداري. رابعا
اعترف مجلس الدولة المصري بنوع من التظلم لإلدارة ،فجعل اعتراض جهة
إدارية أخرى غير تلك التي أصدرت القرار خالل مدة جواز الطعن فيه يؤدى إلى
نفس النتائج المترتبة على تظلم األفراد من حيث إطالة مدة الطعن.
81المرجع السابق.
112
الفرع الثالث
يترتب على انقضاء ميعاد الطعن باإللغاء تحصين القرارات اإلدارية ولو كانت
باطلة ،أي اعتبار القرارات نهائية ،فال يسوغ بعد الميعاد إقامة الدعوى بطلب
إلغائها أو وقف تنفيذها ،والدفع بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد متعلق بالنظام العام.
وتحصين القرار من الطعن أمام القضاء يشمل جميع األثار التي تترتب عليه.
ولقد قرر القضاء اإلداري عدة استثناءات على هذه القاعدة باستمرار سريان
ميعاد الطعن باإللغاء؛ وإما بإعادة انفتاح ميعاد الطعن؛ وإما بالدفع بعدم مشروعية
القرار الذي انتهى ميعاد الطعن عليه باإللغاء ،وإما الطعن باإللغاء على رفض
اإلدارة إلغاء القرارات اإلدارية غير المشروعة.
ال يخضع الطعن على بعض القرارات لميعاد معين؛ وإنما يمكن الطعن عليها
في أي وقت ،وهذه القرارات هي القرارات المنعدمة والقرارات المستمرة
والقرارات الكاشفة.
113
مثال ذلك
القرار الصادر من فرد عادى ال ينتمي إلى جهة اإلدارة بصلة ،أو من موظف
81. انقطعت صلته بالوظيفة ،أو ال يملك سلطة إصدار القرارات اإلدارية
وما دام هذا القرار هو والعدم سواء فإنه ال يكتسب حصانة حيث يظل ميعاد
الطعن بتقرير انعدامه مفتوحا ،نظراً ألن علة التحصين ضده باإللغاء ،وهي كفالة
استقرار المراكز القانونية غير متوافرة في القرار المنعدم لسببين :أولهما :أنه ليس
قراراً إداريا حتى يكتسب الحصانة المقررة للقرارات اإلدارية .وثانيهما :أنه ال
يرتب إنشاء لمراكز قانونية حتى يكتسب حصانة تحقيقا ً الستقرارها ،حيث ال يعدو
82
أن يكون عمالً ماديا ً بال أثر وال تأثير.
وبالتالي فإن هذه القرارات ال يتقيد ميعاد الطعن باإللغاء فيها بمدة "
61يوما" ،ولكن يظل الميعاد مفتوحا ً بالنسبة للطعن على هذه القرارات.
81د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.213
82
د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 731وما بعدها.
114
يظل هذا القرار مؤثراً في مصالح أصحاب الشأن المدرجون تحت هذه الحالة
القانونية.
مثال ذلك
قرار وضع شخص في قوائم الممنوعين من السفر ،وقرار حظر التعامل مع
المتعاقد ،وقرار اإليداع في مستشفى األمراض العقلية ،وقرار العزل السياسي أو
بحظر االنتماء إلى أحزاب سياسية وفى هذه الحاالت يظل باب الطعن في القرارات
83 المستمرة مفتوحا ً دون التقيد بميعاد الستين يوما ً طالما بقيت هذه القرارات قائمة.
مثال ذلك
ومن تطبيقاتها قرار االمتناع عن القيد بإحدى النقابات المهنية ،فقرار االمتناع
عن الموافقة على فتح صيدلية ،قرار االمتناع عن التأشير على الحكم بصالحيته
للشهر.
ويشترط في القرارات الحكمية بالرفض حتى تكون قرارات مستمرة أال يكون
القانون قد حدد مدة معينة يجب على اإلدارة أن تصدر القرار فيها ،وإال كان
االمتناع عن إصدار القرار بمثابة قرار حكمي غير مستمر ،ومن ثم سيخضع
84
الطعن فيه لميعاد الستين يوما ً التالية النقضاء المدة المحددة قانونا ً إلصدار القرار.
83د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،مرجع سابق ،ص 215وما بعدها.
84المرجع السابق.
115
القرارات الكاشفة أو الصادرة بناء على سلطة مقيدة- :
3
5
القرارات الكاشفة أو الصادرة بناء على سلطة مقيدة هي القرارات التي ال تولد
آثار قانونية ،وينحصر دورها على مجرد تنفيذ وتقرير للحق الذي يستمد من القانون
مباشرة ،وال تتمتع اإلدارة في إصداره بأية سلطة تقديرية.
ويقرر القضاء أن القرارات الكاشفة أو الصادرة بناء على سلطة مقيدة ال
تتحصن بفوات مواعيد الطعن باإللغاء ،ومن أمثلة هذه القرارات قرار فرض
الضريبة على العقارات المبنية ،قرار إنهاء خدمة موظف مريض بأحد األمراض
المزمنة.
على الرغم من انقضاء ميعاد الطعن باإللغاء ،إال أنه يمكن أن يحدث سبب ما
يؤدى إلى إعادة انفتاح الميعاد مرة أخرى ،بحيث يسرى هذا الميعاد لمدة جديد
ابتداء من ظهور السبب ،ويستمر سريانه وينتهي بنهاية الستين يوماً ،وهذا الميعاد
85د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 930وما بعدها؛ د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق،
ص 5625وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.339وما بعدها؛ د .رأفت فودة ،النظام القانوني للميعاد في دعوى
اإللغاء" دراسة مقارنة " ،مرجع سابق ،ص171وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 212وما بعدها.
116
الجديد قد يتعرض بدوره ألسباب الوقف أو االنقطاع.
مثال ذلك
أن تصدر جهة اإلدارة قراراً بنقل أحد الموظفين من الجهة التي يعمل بها إلى
جهة أخرى ،ثم يتبين للموظف أن القصد من قرار النقل هو تفويت حقه في الترقية
وذلك بترقية من هو أحدث منه ،وبالتالي ينفتح ميعاد الطعن من جديد لطعن في
قرار النقل ،ويبدأ ميعاد الطعن على قرار النقل من تاريخ نشر أو إعالن أو العلم
اليقيني لقرار الترقية .وعلة هذا االستثناء أن النقل في حد ذاته يستعصي على
صاحب الشأن إدراك مراميه ،فال يحاسب على ميعاد الطعن فيه قبل أن ينكشف له
هدفه ودواعيه وتسفر اإلدارة عن وجهها فيما كنت ترمى إليه وتبتغيه.
117
مثال ذلك
إذا قدرت جهة اإلدارة كفاية الموظف بمرتبة جيد وتخطته في الترقية إلى
الدرجة الثانية على هذا األساس ،فطعن الموظف في هذا التقرير في المواعيد
المقررة ،فإن ميعاد الطعن باإللغاء في قرار الترقية الذي لم يطعن عليه المدعى في
الميعاد ينفتح من جديد بعد أن تحدد مركزه القانوني بالنسبة على تقدير كفايته.
و ُيشترط في الحكم القضائي الذي يؤدى على إعادة فتح ميعاد الطعن أن يكون
نهائيا ،والذي يستقر على مقتضاه المركز القانوني لصاحب الشأن ،ومن تاريخ هذا
الحكم النهائي يبدأ سريان ميعاد الطعن باإللغاء في القرار السابق.
مثال ذلك
مثال ذلك أنه لم يكن لأللقاب الوظيفية تأثير في المراكز القانونية من حيث
األقدمية في الدرجة المالية ،وأخذها في االعتبار عند الترقية بمصلحة الري .إال أن
القانون رقم 24لسنة 1953قد غير هذا الوضع ،وجعل وظيفة مساعد مدير أعمال
درجة خامسة أساسا ً للترقية لوظيفة مساعد مدير أعمال درجة رابعة ،وكان الطعن
المقدم إلى المحكمة موجها ً إلى قرار بشغل وظيفة مساعد مدير أعمال ،فلما قوبل هذا
الطعن بدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد رفضت المحكمة هذا الدفع تأسيسا ً
86
على أن مصلحة المدعى في الطعن لم تنشأ إال بصدور القانون المشار إليه.
86المرجع السابق.
118
المطلب الرابع
لقد تعرضنا سابقا ً للتظلم باعتباره قاطع لميعاد دعوى اإللغاء ،ورأينا أن التظلم
يكون جوازاي لصاحب الشأن فيكون للفرد االلتجاء إلى جهة اإلدارة للتظلم في
القرار ،أو أن يتجه مباشرة إلى جهة القضاء طعنا ً في القرار بدعوى اإللغاء.
وإذا كان األصل أن التظلم هو أمر جوازي أو اختياري للطاعن ،إال أن
المشرع قد جعله وجوبيا ً في بعض الحاالت فيكون على الفرد أن يسلك التظلم
اإلداري قبل أن يلجأ إلى طريق الطعن القضائي أمام مجلس الدولة.
وقد حدد المشرع الحاالت التي يكون فيها التظلم وجوبيا ً أو إجباريا ً من خالل
نص المادة ( )12من قانون مجلس الدولة ،والتي سبق أن عرضناها.
التظلم الوجوبي هو ذلك النظام الذي يفرض المشرع على المتضرر من
القرار اإلداري تقديمه إلى جهة اإلدارة قبل إقامة دعواه كإجراء شكلي جوهري
ينبغي مراعاته قبل ولوج الدعوى القضائية ،ويترتب على عدم تقديمه وجوب الحكم
بعدم قبولها شكالً لعدم سابقة التظلم إلى الجهة اإلدارية التي حددها القانون.
وتجدر اإلشارة إلى أنه إذا كرر المتظلم تظلماته فالعبرة في حساب مواعيد
الطعن هي بأول تظلم يقدم في ميعاده دون اعتداد بما يعقبه من تظلمات مكررة
87
الحقة.
87د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 958وما بعدها؛
119
المطلب الخامس
يخضع لنظام التوفيق جميع المنازعات التي تثور بين أي وزارة أو جهة عامة
وأخرين ،عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع واإلنتاج الحربي أو أي من
111
أجهزتها طرفا ً فيها ،وذلك لسرية البيانات الخاصة بها ،والتي تتعلق عادة باألمن
القومي للبالد.
يشمل اختصاص لجان التوفيق جميع المنازعات أيا ً كان نوعها وأيا كانت
طبيعتها ،أي سواء كانت مدنية او تجارية أو إدارية .ومعنى ذلك أن اختصاص
لجان التوفيق في المنازعات التي تكون اإلدارة طرفا ً فيها ،ليس قاصراً على
المنازعات اإلدارية فقط ،وإنما يشمل المنازعات المدنية والتجارية أيضا.
فالمشرع إذن لم يحدد اختصاص هذه اللجان حصراً ،وإنما لجأ إلى أسلوب
التعميم حيث اختص اللجان بنظر أية منازعة تستجمع أركان المنازعة اإلدارية ثم
استبعد بعض المنازعات فأخرجها من اختصاص هذه اللجان ،ويمكن إجمال
المنازعات التي استبعدها المشرع من اختصاص لجان التوفيق فيما يلي- :
-2المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية إذا كان لها صفة المال العام.
111
-3المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة أو توجب فضها أو تسويتها
أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو يتفق على
فضها عن طريق هيئات التحكيم.
الرئاسة- :
تكون رئاسة لجنة التوفيق ألحد رجال القضاء أو أعضاء الهيئات القضائية
السابقين من درجة مستشار على األقل ممن ال يشغلون وظيفة أو يمارسون مهنة،
وذلك من بين المقيدين في الجداول التي تعد لهذا الغرض بعد موافقة المجلس
األعلى للهيئات القضائية .ويجوز عند الضرورة ان تكون رئاسة اللجنة ألحد رجال
القضاء أو أحد أعضاء الهيئات القضائية الحاليين من درجة مستشار على األقل.
العضوية- :
ُتشكل لجنة التوفيق بعضوية ممثل للجهة اإلدارية بدرجة مدير عام على األقل
أو من يعادلها تختاره السلطة المختصة ،وينضم إلى عضوية اللجنة الطرف االخر
في النزاع أو من ينوب عنه ،فإذا تعدد هذا الطرف وجب عليهم اختيار نائب واحد
عنهم ،فإذا تعارضت مصالحهم كان لكل منهم ممثل في اللجنة.
112
آثار تقديم طلب التوفيق
خامسا
ُيشترط أن يتم طلب التوفيق في خالل الميعاد المحدد لرفع دعوى اإللغاء أال
وهو ستون يوماً ،ويترتب على تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وقف المدة
المقررة قانونا ً لسقوط وتقادم الحقوق ،أو لرفع الدعوى بها ،وذلك حتى انقضاء
المواعيد المقررة في قانون لجان التوفيق.
ومن المالحظ أن القانون قد نص على أن تقديم طلب التوفيق يؤدى إلى وقف
مدة التقادم ورفع الدعاوى ،وليس إلى قطعها ،وكما هو معروف هناك فرق بين
الوقف والقطع .فالوقف يؤدى إلى االحتفاظ بما انقضى من المدة قبل حدوث سبب
الوقف ،ثم يتم استكمالها بعد زوال هذا السبب .أما القطع فهو يؤدى إلى إلغاء ما
انقضى من المدة قبل حدوث سبب القطع ،ثم بداية مدة جديدة كاملة بعد زوال هذا
السبب.
تقرر اللجنة قبول طلب التوفيق إذا كان مستوفيا ً للشروط الشكلية لتقديمه وتم
تقديمه في الميعاد المحدد ووفق القواعد المنظمة لذلك.
وتقرر عدم قبول الطلب إذا كان غير مستوف ألي من هذه الشروط ،أو تم
تقديمه في غير الميعاد المحدد لتقديمه أو خالف أي من القواعد المنظمة لذلك.
وإذا كان الطلب متعلقا ً بأي من القرارات اإلدارية النهائية التي أوجب المشرع
التظلم منها " حاالت التظلم الوجوبي" ،وانتظار البت فى التظلم قبل رفع الدعوى
بإلغائها أمام مجلس الدولة ،فالنسبة لهذه القرارات ال يقبل طلب التوفيق بشان أي
منها إال إذا قدم خالل المواعيد المقررة لرفع الدعوى بشأنها أمام مجلس الدولة،
113
وبعد اتخاذ إجراءات التظلم المذكور وانتظار مواعيد البت فيه ،والحكمة من وراء
هذا الحكم هو تفادى اتخاذ البعض طلب التوفيق كذريعة للمساس بمبدأ تحصين
القرارات اإلدارية النهائية أو اإلخالل بالحقوق المكتسبة بسببها.
تتمثل طبيعة القرارات التي تصدرها لجان التوفيق في الطلبات المقدمة |إليها
في كونها مجرد توصيات ،وبالتالي فهي ال تصدر أحكاما ً وال حتى قرارات ملزمة
ألطراف النزاع إال في حالة وحيدة وهى قبول طرفي النزاع توصية لجنة التوفيق،
واعتماد السلطة المختصة لهذه التوصية ،وقبول الطرف األخر كتابة هذه التوصية
خالل المدة المحددة في القانون ،ففي هذه الحالة فقط يتم إثبات هذا االتفاق في
محضر يوقع من الطرفين ويلحق بمحضر اللجنة ،ويكون له قوة السند التنفيذي،
ويبلغ إلى السلطة لتنفيذه.
أما إذا لم يقبل أحد طرفي النزاع توصية اللجنة خالل المدة المشار إليها ،أو
انقضت هذه المدة دون أن يبدى الطرفان أو أحدهما رأيه بالقبول أو الرفض ،أو لم
114
تصدر اللجنة توصياتها خالل ميعاد الستين يوماً ،يكون لكل من حق طرفي النزاع
اللجوء إلى المحكمة المختصة .ويتولى قلم كتاب المحكمة التي ترفع إليها الدعوى
عن ذات النزاع ضم ملف التوفيق إلى أوراق الدعوى.
فالمشرع إذن تطلب بمقتضى القانون وجوب عرض النزاع على اللجان قبل
االلتجاء إلى القضاء المختص ،ورتب على عدم العرض جزاء عدم قبول الدعوى
أمام المحكمة المختصة .وإذا كان اإللتجاء إلى فض المنازعات وجوبيا ً بالنسبة
للمنازعات الخاضعة ألحكام قانون فض المنازعات لتعلقه بالنظام العام فإن الدفع
بعدم قبول الدعوى أمام المحاكم يمكن إثارته في أي مرحلة من مراحل الدعوى،
حتى لو كان ذلك أمام المحاكم اإلدارية العليا ،كما يكون للقاضي أن يثير من تلقاء
نفسه ولو لم تتمسك به جهة اإلدارة.
على أن عرض النزاع على لجان التوفيق كشرط لقبول الدعوى أمام المحاكم
ال يقتصر فقط على مجرد تقديم طلب التوفيق من ذوى الشأن ،بل يكون عليهم
االنتظار إلى حين انتهاء األجل المحدد إلصدار التوصية في المدة المحددة لها ،أما
إذا أصدرت اللجنة توصيتها فيكون عليهم أيضا ً االنتظار حتى انقضاء المدة المحددة
إذ ال يكون بمقدور ذوى الشأن ولوج ساحة القضاء إال بعد انتهاء الميعاد المحدد
إلصدار التوصية أو بعد إصدارها وفوات الميعاد المحدد لقبولها ورفضها من قبل
طرفي النزاع أو أحداهما ،وإال كان الدفع بعدم قبول الدعوى من جانب اإلدارة قائما ً
على أساس سليم من القانون وكان على المحكمة أن تستجيب لهذا الدفع وتقضى
بعدم القبول لرفعها بغير الطريق الذى حده القانون وهو وجوب العرض على لجان
88
التوفيق قبل االلتجاء لقضاء.
88المرجع السابق.
115
المبحث الثالث
أوجه الطعن باإللغاء
116
المبحث الثالث
أوجه الطعن باإللغاء
تتمتع القرارات اإلدارية بقرينة المشروعية ،بمعنى أنه يفترض فيها دائما ً أنها قد
صدرت صحيحة في كافة عناصرها ،ولكنها قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس ،إذ ال
تمنع صاحب الشأن من أن يقيم الدليل على أن القرار مشوب بعيب عدم المشروعية.
ويقصد بأوجه اإللغاء العيوب التي تصيب القرار اإلداري وتؤدى إلى إلغائه،
وحتى يحصل المدعى على حكم بإلغاء القرار فإنه يجب أن يثبت عدم مشروعيته.
ففي مصر نص المشرع صراحة على أوجه اإللغاء من خالل قوانين مجلس
الدولة المتعاقبة منذ إنشائه ،حيث نصت المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة على
أنه " يشترط في طلبات إلغاء القرارات اإلدارية النهائية أن يكون مرجع الطعن
عدم االختصاص ،أو عيبا في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في
تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة.
وسوف نتناول بإيجاز ألوجه الطعن باإللغاء ،وذلك من خالل المباحث التالية:
117
المطلب األول
87
التعريف- : أوال
فمن المفترض أن كل سلطة تؤدى المهام والمسئوليات المنوطة بها فقط ،وكل
هيئة أو إدارة تقوم باالختصاصات الموكلة إليها دون غيرها.
فعيب االختصاص في دعوى اإللغاء هو عدم القدرة على مباشرة عمل قانونى
معين؛ ألن المشرع جعله من اختصاص سلطة أو هيئة أخرى أو مسئول أخر طبقا ً
للقواعد المنظمة لالختصاص.
فعدم االختصاص هو أن تصدر سلطة إدارية قرارا دون أن تكون لها صفة
في اتخاذه قانونا ،أو عدم اتخاذ القرار بواسطة السلطة التي لها الصفة في اتخاذه.
89د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 15وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء
اإلداري ،مرجع سابق ،ص.971وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 216وما بعدها؛ د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء
اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 258وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 972وما بعدها
118
خصائص عيب االختصاص- :
71
ثانيا
ُيعد عيب االختصاص من العيوب الجوهرية التي تلحق بالقرار اإلداري ،ومن
هنا يحرص المشرع على توزيع االختصاصات اإلدارية بين الموظفين والجهات
اإلدارية المختلفة بدقة تامة .ويتميز عيب االختصاص أنه من النظام العام ،وهو أمر
يثير مسألة إمكانية تغطية هذا العيب أو تصحيحه- :
ُيعتبر عيب عدم االختصاص هو العيب الوحيد من أوجه اإللغاء الذي يتعلق
بالنظام العام ،ويترتب على ذلك مجموعة من النتائج هي- :
في حالة إذا تبين للقاضي صدور القرار من غير صاحب االختصاص
يكون له أن يتصدى لعيب عدم االختصاص من تلقاء نفسه ،حتى لو لم يثره رافع
الدعوى كسبب لإللغاء.
ليس لإلدارة أن تتفق على تعديل قواعد االختصاص ،وذلك ألن قواعد
االختصاص لم تقرر لصالح اإلدارة فتتنازل عنها كلما شاءت ،ولكن قواعد
االختصاص ُ
شرعت من أجل تحقيق الصالح العام.
ال يجوز لجهة إدارية أن تتنازل على اختصاصها إلدارة أخرى إال بناء
على تفويض صحيح قانوناً ،وذلك ألن قواعد االختصاص ليست مقررة لصالح
شرعت هذه القواعد الملزمة لإلدارة تحقيقا ً للصالح
اإلدارة فتعدل منها كما تشاء ،إذ ُ
العام.
91المرجع السابق.
119
عدم جواز تصحيح القرار المعيب بسبب عدم االختصاص- :
2
فترتيبا ً على اعتبار عيب االختصاص متعلق بالنظام العام ،فإنه كأصل عام ال
يجوز تصحيح القرار المعيب بعدم االختصاص أو إجازته بالقرار من الهيئة
المختصة أصال بإصداره ،بل يجب أن يصدر القرار الصحيح ابتداء من جانب هذه
الهيئة ،وفى هذه الحالة ال يكون القرار نافذاً إال من تاريخ صدوره عنها ،وليس من
تاريخ صدور القرار األول ما دام أن هذا األخير قد وقع باطالً ،إذ ال يزول هذا
البطالن نتيجة اإلجازة أو التصحيح أو التصديق الالحق من الجهة المختصة ،إال
في حالة الضرورة والظروف االستثنائية.
لعيب عدم االختصاص صور متعددة ،فقد يكون إيجابيا ً وقد يكون سلبيا ً ،وقد
يكون جسيما ً أو بسيطاً ،وسوف نعرض لصور عدم االختصاص على النحو التالي:
يقصد بعدم االختصاص اإليجابي أن تتخذ سلطة إدارية قراراً بينما ال تملك
القدرة القانونية على إصداره .أو تملك تلك الوالية ولكنها تجاوزت حدودها.
أما عدم االختصاص السلبي فهو أن ترفض سلطة إدارية أو تمتنع عن أن
تتخذ قرارا يدخل في واليتها .وذلك بأن تعتقد خطأ أنها ال تملك قانونا ً إصدار
القرار.
91د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 15وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري،
قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص.971وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 216وما بعدها؛ د.
محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 258وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق،
ص 972وما بعدها.
121
عدم االختصاص الجسيم وعدم االختصاص البسيط. 2
معيار التمييز بينهما بصفة عامة هو مدى جسامة مخالفة قواعد االختصاص،
فإذا كانت المخالفة جسيمة ،كنا بصدد عدم اختصاص جسيم ،وإن كانت يسيرة كنا
أمام عدم اختصاص يسير.
وتظهر قيمة ذلك التقسيم في درجة البطالن التي تصيب القرار ،فأحوال
اغتصاب السلطة من شأنها أن تجعل القرار منعدماً ،أما في حالة عدم االختصاص
البسيط من شأنها أن تجعل القرار باطال.
121
وقبل الخوض في الحديث عن صور عيب عدم االختصاص ،سنعرض بإيجاز
للفرق بين القرار المنعدم والقرار الباطل ،لما له من أهمية في هذا الموضوع- :
القرار المنعدم- :هو القرار الذي بلغ في حالة عدم مشروعيته حداً من
الجسامة يجعله هو والعدم سواء؛ أي :يفقد صفة القرار اإلداري ويجعله مجرد عمل
مادي .فالقرار المنعدم ليس له أي وجود قانونى ،فهو بغير حاجة إلى إلغائه بحكم
قضائي ،وبالتالي فهو ال يرتب أي أثار قانونية ،ويجوز الطعن فيه وفى اإلجراءات
المترتبة عليه دون التقيد بمدة معينة.
أما القرار الباطل فهو معيب بأحد العيوب ولكنه لم يصل لحد االنعدام،
فيعتبر صحيحا ً مرتبا ً آلثاره ما دام قائما ً لم يتم إلغائه ،أو سحبه أو يحكم بإلغائه،
ولذلك يلتزم األفراد باحترامه وتثور مسئوليتهم في حالة مقاومة تنفيذه.
92المرجع السابق
122
غصب الوظيفة
يتحقق غصب الوظيفة في حالة قيام فرد عادى ليست له صفة الموظف العام
باتخاذ قرارات إدارية معينة.
فمن المعروف أن الموظف ال يكتسب صفة الموظف العام إال بصدور قرار
تعيينه في إحدى الوظائف العامة ،فال تكون له هذه الصفة ال قبل دخوله في الوظيفة
العامة بقرار التعيين ،وال بعد خروجه منها بأي طريقة كانت ،أي بانتهاء الخدمة
سواء باإلحالة للمعاش أو االستقالة أو بالفصل.......الخ.
فقبل دخول الفرد الوظيفة العامة وبعد خروجه منها ،ال تكون له أية
اختصاصات أو صالحيات وظيفية ،وال يجوز له ممارسة أي عمل من أعمالها ،وال
اتخاذ أي قرار من القرارات التي تدخل فيها ،وإال كان غاصبا ً للوظيفة وكانت
تصرفاته وقراراته منعدمة.
73
االستثناءات على غصب الوظيفة- :
هناك حاالت استثنائية يقر فيها القضاء بصحة القرارات والتصرفات الصادرة
في مثل هذه الفروض ،إما تطبيقا ً لنظرية حالة الضرورة أو الظروف االستثنائية،
أو تطبيقا ً لنظرية الموظف الفعلي.
123
غير العادية تخف حدة التمسك بقواعد االختصاص وحتمية اإللزام بها .فيقر القضاء
بالقرارات والتصرفات الصادرة من غير المختص ،مراعاة لهذه الظروف ،والتي
ما كان يتردد لحظة في إلغائها لو صدرت في الظروف العادية ،ألنها تعتبر قرارات
منعدمة ،وعلى ذلك فيجوز في حالة الضرورة أن تتخذ اإلدارة قرارات أو إجراءات
تدخل بحسب األصل في اختصاص السلطة التشريعية.
قد يمارس فرد عادى اختصاصات الوظيفة العامة ،ويظهر أمام الناس بهذه
الوظيفة ،وتصدر منه قرارات معينة .وتفاديا ً لآلثار المترتبة على االنعدام في حالة
صدور قرار إداري من فرد عادى وتقديراً العتبارات عملية ورغبة في دوام سير
المرافق بانتظام ،فقد أقر القضاء بصحة هذه القرارات رغم عدم صدورها ممن
ليست له صفة الموظف العام ،إما مراعاة للظاهر وحماة للغير حسن النية ،أو
اعترافا ً بالضرورة أو الظروف االستثنائية التي أدت لهذه النتيجة.
فالموظف الفعلي هو الفرد الذي يمارس اختصاصات وظيفة معينة دون أن
يكون هناك قرار بتعيينه فيها ،أو يكون قد صدر قرار التعيين ثم أ ُلغى إداريا ً فور
صدوره ،أو سُحب أو أُلغى قضائيا ً فيما بعد صدوره.
124
مثال ذلك
أن يصدر وزير الداخلية قراراً بإبطال عملية انتخاب عضو من أعضاء
مجالس المحافظات ،مع أن قانون مجلس الدولة قد جعل الفصل في الطعون
االنتخابية البلدية واإلقليمية من اختصاص محكمة القضاء اإلداري.
أن يمارس فرد معين اختصاصات وظيفة معينة رغم صدور قرار
بتعيينه .كأن يكون مازال تحت التمرين أو االختبار ،ولكن يظهر بمظهر الموظف
الحقيقي ،ويعتقد الجميع ويتعاملون معه على أنه كذلك.
فرغم أن تصرفات مثل هذا الفرد وقرارته منعدمة ،إال ان القضاء يقر
بصحتها مراعاة للظاهر ،وحماية للغير حسن النية ،الذين تعاملوا معه دون أن
يعرفوا حقيقته ،فليس مطلوب من أفراد الجمهور الذين يتعاملون مع موظف معين
أن يطلبوا منه أن يطلعهم على القرار الصادر بتعيينه في هذه الوظيفة.
ورغم التصرفات والقرارات التي اتخذها مثل هذا الفرد في الفترة من تاريخ
صدور القرار بالتعيين حتى |إلغاؤه تعتبر منعدمة ،لصدورها من فرد لم تثبت له
صفة الموظف العام .نظرا إللغاء القرار لعدم مشروعيته ،رغم ذلك فإن القضاء
يعترف هنا أيضا ً بصحة مثل هذه التصرفات والقرارات مراعاة للظاهر ،وحماية
125
لمصالح الجمهور ،الذي تعامل مع مثل هذا الفرد بحسن نية على أنه موظف عام،
فليس مطلوبا ً من كل مواطن أن يتأكد من صحة ومشروعية قرار تعيين الموظف
الذي يتعامل معه ،وكيف الوسيلة إلى ذلك؟؟
أن يخرج موظف معين من الوظيفة ،وتنتهي خدمته فيها ألي سبب من
األسباب ،ومع ذلك يستمر أمام الناس في ممارسة اختصاصاتها ،ويعتقد الجمهور
أنه ما زال يشغل هذه الوظيفة في الحقيقة ،وتكون هناك أسباب معقولة تحمل على
هذا االعتقاد .هنا أيضا ً رغم أن ممارسة هذا الفرد الذي فقد صفة الموظف العام
الختصاصات الوظيفة .وإصداره لقرارات تخولها هذه الوظيفة ،رغم أن كل هذا
يعتبر منعدما إال أن القضاء يعترف بصحتها أخذا بالظاهر من األمور أيضا.
في ظروف معينة كحالة الضرورة أو الظروف غير العادية ،قد تضطر
اإلدارة إلى االستعانة ببعض األفراد العاديين ،سواء بناء على نداء أو طلب أو
بناء على مبادرة منهم ،وذلك لتسيير الجهاز اإلداري لضمان استمرار سير
المرافق العامة ،وحتى ال تتوقف هذه المرافق التي تقدم خدمات حيوية للجمهور.
126
72
تطبيقات نظرية الظروف الطارئة:
لهذه النظرية تطبيق في الظروف العادية مبنى على فكرة األوضاع الظاهرة،
وتطبيق أخر في الظروف االستثنائية مبنى على فكرة الضرورة.
قد تعين الحكومة موظفا ً في وظيفة ما؛ حيث يبدأ في مباشرة عمله وإصدار ما
يدخل في اختصاصه من قرارات ،وبعد ذلك قد ُيطعن على قرار تعيين هذا
الموظف ،ويحكم بقبول الطعن وإلغاء التعيين ،في مثل هذه الحالة نجد أن هناك
شخص توفر له في الظاهر مظهر الموظف ولكنه في الحقيقة لم يقلد مهام وظيفته
تقليداً قانونياً .واستنادا على فكرة األوضاع الظاهرة فإن ما صدر عن هذا الشخص
من قرارات ال تعد اغتصابا للسلطة بل ال تعد مشوبة بعيب عدم االختصاص ،حيث
تأخذ حكم القرارات الصحيحة.
قد تحدث ظروف استثنائية كحالة حرب أو ثورة مسلحة كبرى في مثل هذه
الظروف قد يهرب بعض الموظفين الذين يتولون مناصب حيوية هامة ،فإذا تقدم
فرد أو أفراد واحتلوا هذه المناصب ،وأخذوا يزاولون االختصاصات المخولة
ألصحابها قانونا فإن أعمالهم تعد صحيحة من وجهة نظر القانون اإلداري.
94المرجع السابق
127
عدم االختصاص البسيط- :
ب
قد يكون عيب عدم االختصاص بسيطا ً أو عادياً ،وذلك حينما يقع في داخل
النطاق اإلداري ،وهذه الدرجة من عدم االختصاص هي األكثر شيوعا ً واألقل
خطورة من حيث ما يترتب عليها من أثار.
ويتحقق عدم االختصاص البسيط عندما ال يكون القرار الصادر داخالً ضمن
اختصاصات الهيئة أو الجهة التي صدر عنها أو الموظف أو المسئول الذي أصدره،
وإنما داخالً في اختصاصات هيئة أو جهة أو إدارة أخرى أو موظف أو مسئول
أخر ،ينتمي إلى السلطة التنفيذية بصفة عامة وليس إلى سلطة أخرى.
القرارات المشوبة بعيب عدم االختصاص البسيط تعتبر قرارات باطلة ،ولكن
ليست منعدمة ،وذلك على عكس ما رأينا في حاالت عدم االختصاص الجسيم.
والقرارات الباطلة لها وجود قانونى ،وتكون صالحة إلنتاج أثارها القانونية
فور صدورها ،وتستمر في ذلك حتى ُتسحب أو ُتلغى ،فإذا لم يتم سحبها أو إلغاؤها،
فإنها تتحصن ضد السحب واإللغاء ،وتصبح كالقرارات الصحيحة السليمة تماما
من حيث إنتاجها ألثارها القانونية.
إذن الطعن على مثل هذه القرارات مقيد بمواعيد معينة ،فإذا لم يتم الطعن
خاللها أصبح القرار ال يمكن إلغاؤه قضائياً .ويختص القضاء اإلداري وحده في
نظر الطعن باإللغاء ضد هذه القرارات.
128
75
صور االختصاص البسيط- :
يكون لكل اختصاص إداري إطار زمني لممارسة الصالحيات الوظيفية ،أو
المسئوليات والمهام المرتبطة بها .كما أن التصرفات والقرارات القانونية الصادرة
لها أيضا إطار زمني.
مثال ذلك
اتخاذ إدارة معينة لقرارات في موضوع معين قبل جعل ذلك من اختصاصها،
واتخاذ موظف لقرارات تدخل في االختصاصات المقررة لوظيفة معينة قبل تعيينه
فيها .أو اتخاذ إدارة معينة لقرارات في موضوع بعد انتهاء اختصاصها به ،واتخاذ
موظف لقرارات تدخل في هذه االختصاصات المقررة لوظيفة معينة بعد انتهاء
خدمته في هذه الوظيفة.
95د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 15وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء
اإلداري ،مرجع سابق ،ص.971وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 216وما بعدها؛ د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء
اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 258وما بعدها .د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 972وما بعدها.
129
ويكون القرار اإلداري معيبا بعدم االختصاص الزمنى في صورتين- :
حق الموظف في إصدار القرار محدد بمدة تقلده للوظيفة ،فإذا انتهت تلك المدة
فقد انقطعت صلته بالوظيفية ولم يعد مقبوالً أن يضطلع بأي عمل من أعمالها ومنها
سلطة إصدار القرار ،فإن هو فعل ذلك متجاهالً تغير وضعه أصبح قراره مشوبا ً
بعدم االختصاص الزمنى مستوجب اإللغاء.
وما يسرى على الموظف يسرى أيضا على المجالس المنتخبة التي تساهم في
الوظيفة اإلدارية؛ كمجالس المحافظات والمدن ،فمدة صالحية تلك المجالس
إلصدار القرارات مرهونة بمدة نيابتها ،فال يجوز لها أن تصدر قرارات إدارية
كانت مختصة بها في مدة نيابتها بعد انتهاء تلك المدة.
الصورة الثانية :صدور القرار بعد المدة التي حددها القانون- :
قد يحدد القانون لمصدر القرار أجالً معينا ً إلصداره ،فما الحكم إذا ما أصدر
الموظف قراره قبل ان تبدأ تلك المدة أو بعد انتهائها؟
استقر الفقه والقضاء في هذا الشأن على أنه يتعين التفرقة بين فرضين،
الفرض األول :إذا كان المشرع قد حدد مدة إصدار القرار بصفة آمره مرتبا ً
البطالن للقرار الذي يصدر قبلها أو يتجاوزها فإن مخافة المدة يرتب بطالن القرار
الصادر بعد مضيها.
الفرض الثاني- :إذا لم يحدد المشرع مدة إصدار القرار بصفة آمرة ،فإن هذا
الميعاد ال يعدو أن يكون ميعاداً تنظيميا ً الهدف منه حث اإلدارة على سرعة إصدار
القرار ،وال يرتب مخالفة اإلدارة لميعاد إصدار القرار بطالنا ً له في هذه الحالة.
131
وخالصة ما تقدم أنه لمعرفة مصير القرار الصادر بعد المدة المحددة
إلصداره يكون مرهون بمعرفة الهدف المبتغى من ضرب المشرع للميعاد .فإن
كان هدفا تنظيميا القصد منه حث اإلدارة على سرعة اتخاذ القرار ،فإن هي اتخذت
قرارها بعده يكون قراراً صحيحا ً؛ حيث أن المشرع لم يرتب جزاء البطالن على
مخالفة الميعاد .أما إذا كان هدف المشرع حرمان اإلدارة من استعمال سلطتها في
إصدار القرار بعد المدة المحددة فإن تجاوزها لتلك المدة يبطل قراراها.
االستثناءات- :
ترد على قاعدة بطالن القرارات لعدم االختصاص الزمنى عدة استثناءات
76
تتمثل في االتي- :
131
عدم االختصاص المكاني
لكل إدارة أو هيئة أو مسئول نطاق مكاني أو إقليمي أو جغرافي تمارس أو
يمارس فيه اختصاصاتها أو اختصاصاته ،ويسمى باالختصاص المحلى أيضا.
فإذا مارست هذه اإلدارة أو الهيئة ،او مارس المسئول أو الموظف مهام
الوظيفة الموكلة إليهم خارج هذا النطاق المكاني ،كانت تصرفاتهم وقراراتهم
الصادرة خارج هذا مشوبة بعيب عدم االختصاص المكاني.
ورغم قلة حدوث مثل هذا العيب من الناحية العملية ،إال أنه يحدث أحياناً،
مثال ذلك صدور قرار من المحافظ يخص قطعة أرض تدخل في اختصاص
محافظة أخرى ،أو صدور قرار من محافظ بالحجز اإلداري على أفراد لم يعودوا
يقيمون في محافظته.
من المفترض أن لكل إدارة وهيئة اختصاصات معينة تتعلق بموضوعات أو
مسائل محددة ،وكذلك لكل مسئول أو موظف ،والمفروض أن يلتزم الجميع
بالموضوعات التي تدخل في اختصاص كل منهم.
132
وعدم االختصاص الموضوعي هو أكثر الحاالت حدوثا من الناحية العملية
من بين الحاالت األخرى الخاصة بعيب عدم االختصاص.
وقد يأخذ عدم االختصاص الموضوعي صورة تعدى جهة إدارية على
اختصاصات جهة إدارية أخرى ،مثل إصدار أحد الوزراء لقرار معين يدخل في
اختصاص وزير أخر.
133
المطلب الثانى
أما القواعد الخاصة بالشكل فتتمثل في القواعد التي تتعلق بشكل القرار ،أي
المظهر الخارجي له .أو الصورة التي يجب أن يفرغ فيها القرار عند إصداره.
والعناصر الشكلية للقرار متعددة منها على سبيل المثال كتابة القرار ،واإلشارات
التي ترد في مقدمته؛ وتسبيبه وتوقيعه ،وبيان تاريخ صدوره.
أما العناصر الخاصة باإلجراءات فهي التي تتعلق بمجموعة المراحل الالزمة
إلعداد القرار قبل أن يصدر فعالً ،والعناصر اإلجرائية للقرار متعددة أيضا ومنها
على سبيل المثال :طلب الرأي ،والتحقيق السابق على القرار ،ومواجهة صاحب
الشأن بما تعتزم اإلدارة اتخاذه في مواجهته ،والمدة التي يجب أن تصدر اإلدارة
97
القرار. خالله
فالقرار اإلداري يصدر عادة بعد اتباع إجراءات معينة ،والمرور بمراحل
متعددة ،ثم يصدر في شكل معين ،أي يظهر ويرى النور في صورة معينة.
97
د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 281وما بعدها.
134
ومع ذلك فليس هذا هو األصل ،فاألصل أن القرار اإلداري ليس له شكل واحد
يتعين أن يصدر به ،أو إجراءات محددة يتعين اتباعها ،فيمكن أن يكون مكتوبا ً أو
شفويا ً مسببا ً أو غير مسبب ،صريحا ً أو ضمنياً.
فالقرار هو عبارة عن تعبير اإلرادة ،وهذا التعبير يكون بأي شكل وبأي وسيلة
وبأي مظهر .ومخالفة أي قاعدة من قواعد الشكل ،تؤدى إلى أن يصبح القرار
مشوبا بعيب في الشكل ،وقد يؤدى إلى إلغائه.
فعيب الشكل يتحقق إذن؛ إذا أغفل أو خالف القرار قاعدة من قواعد
اإلجراءات أو الشكليات التي يتعين مراعاتها إلصداره.
وتجدر اإلشارة إلى أن مخالفة الشكل واإلجراءات ال تعيب القرار اإلداري في
جميع األحوال ،حيث ال يكون ذلك إال إذا نص القانون على ضرورة إتباع شكل
98 خاص في إصدار القرار ،أو كان الشكل الذي خولف جوهرياً.
القاعدة العامة في وجود وتحقق عيب من عيوب الشكل في قرار معين ،هي
أن القرار يكون مشوبا ً بعيب مما يبطله .وهذه القاعدة العامة ال تفرق بين شكل
وشكل أو إجراء وإجراء ،فالمفروض احترام كل القواعد المتعلقة بالشكل المطلوب
إلصدار القرار ،فمخالفة أي منها يجعله باطال.
والمفروض أن هذا العيب يؤدى في جميع األحوال إلى إلغاء القرار ،ولكن
القضاء والعمل ال ينتهجان في الواقع العملي هذه القاعدة في جميع األحوال ،فهناك
98د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص99وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء
اإلداري ،مرجع سابق ،ص561وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها؛ د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء
اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 281وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 972وما بعدها.
99المرجع السابق.
135
ضوابط وحدود إللغاء القرار لهذا العيب بل واستثناءات على ذلك.
فالشكليات واإلجراءات ما وضعت إال لتحقيق غاية معينة ،وحتى يمكن أن
يؤدى العيب الذي يشوبها إلى إلغاء القرار ،يتعين أن يكون هذا العيب قد أثر على
القرار ذاته والغاية فيه .فيجرى العمل والقضاء في فرنسا ومصر على التمييز بين
األشكال الجوهرية واألشكال غير الجوهرية الثانوية.
ومعيار التمييز بينها؛ هو مدى ارتباط مضمون القرار ومصيره والغاية منه
بها ،أو مدى تأثيرها على هذا المضمون وهذا المصير وهذه الغاية.
136
يؤدى إلى تغيير هذا المضمون أو المصير ،وعدم تحقيق الغاية منه كانت إجراءات
وشكليات جوهرية .ومخالفة هذا النوع فقط التي تؤدى إلى إلغاء القرار.
ويضاف إلى ذلك النوع أيضا ً الشكليات واإلجراءات التي يفرضها القانون
بصفة األمر أو الوجوب ،وكذلك تلك التي ينص صراحة على البطالن جزاء
تخلفها ،أما تلك التي ال تفرض بشكل وجوبي أو ال ينص على أن البطالن هو جزاء
إغفالها فال تؤدى إلى اإللغاء.
وعلى النقيض من ذلك إذا كان عدم استيفاؤها أو عدم اتمامها أو عدم اتباعها
ال يؤثر على مضمون القرار ومصيره وال يغير منهما ،وتحقق رغم ذلك الغاية من
ورائه .كنا أمام إجراءات وشكليات غير جوهرية أو ثانوية أو تابعة .ومخالفة هذا
النوع ال تؤدى إلى اإللغاء.
ويقوم القضاء بتحديد ما إذا كان الشكل أو اإلجراء المثار أمامه ،شكالً أو
إجراء جوهريا ً أو غير جوهري حسب ظروف كل حالة.
تطبيقات ذلك
ا ُعتبر من قبيل اإلجراءات والشكليات الجوهرية التي تؤدى إلى اإللغاء ،أخذ
رأى مجلس التأديب ،وإجراء تحقيق مع الموظف قبل إصدار القرار بتوقيع جزاء
تأديبي عليه ،وأيضا ً تسبيب القرار ،وإنذار الموظف المنقطع عن العمل قبل إنهاء
خدمته.
ولم ُيعتبر من قبيل اإلجراءات والشكليات الجوهرية التي تؤدى إلى اإللغاء
إغفال نظر العامل الذي يؤدى عمله بمستوى دون المتوسط قبل وضع تقرير
137
الكفاية عنه ،وعدم تشكيل لجنة تحكيم من عدد فردى طالما لم يفرض القانون
111 الواجب التطبيق ذلك.
رأينا أن القضاء يقضى باإللغاء إذا كان عيب الشكل قد مس إجراء أو شكالً
مقرراً لمصلحة المواطنين وذوي الشأن خاصة إذا كان إجراء جوهريا.
تطبيقات ذلك
ومن تلك الشكليات واإلجراءات نقل العامل بناء على رغبته ،إذا استجابت
اإلدارة إلى رغبته فال يجوز الزعم بأن النقل كانت تأباه اإلدارة .ومنها أيضا عدم
إخطار الوزير المختص بواسطة النيابة قبل إجراء التحقيق مع الموظف.
فإن اإلخطار والحالة هذه يكون قد شرع لمصلحة اإلدارة وحدها تمكينا ً لها من
متابعة تصرفات العاملين فيها بما يحقق الصالح العام.
إذا كانت القاعدة هي بطالن القرار الصادر وإلغائه إذا كان مشوبا ً بعيب في
الشكل إلغفاله أو لتجاهله إجراء أو شكالً جوهرياً ،ولم يراعيه أو يحترمه ،فإن
111د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص99وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء
اإلداري ،مرجع سابق ،ص561وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها؛ د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء
اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 281وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 972وما بعدها
138
القضاء ال يلغى هذا القرار في هذه الحالة ،إذا لم يكن بإمكانها إتمام الشكل أو
اإلجراء المطلوب.
ويتحقق هذا الفرض في حالة الظروف االستثنائية كظروف الحرب التي تحول
دون تحقيق الشكل أو اإلجراء كما ينص القانون ،كما يتحقق في حالة القوة القاهرة
وهي عبارة عن حادث فجائي وغير متوقع وخارج عن إرادة اإلدارة ،وال يمكن لها
دفعه.
تطبيقات ذلك
مثال ذلك عدم إتمام اإلجراء الخاص باستشارة هيئة معينة ،وفق ما يقتضيه
القانون بسبب ترك أعضائها لقاعة الجلسات أو بسبب رفضهم إبداء الرأي في
الموضوع المطروح عليهم ،أو بسبب وضعهم العقبات أمام السير الطبيعي للجلسة
أو بسبب إلغاء الهيئة نفسها.
ومثاله أيضا عدم اكتمال النصاب المطلوب الجتماع لجنة معينة ،بسبب تكرار
تغيب أحد األعضاء الذي يكتمل به النصاب عمداً بقصد منع اللجنة من اتخاذ قرار
معين في الموضوع المعروض.
أو كانت االستحالة ترجع إلى خطأ الطاعن نفسه ،كرفضه االطالع على ملف
قضية إحالته للتأديب ،أو اإلدالء بأقواله وإبداء دفاعه أثناء التحقيق معه ،ألنه يكون
قد فوت على نفسه فرصة سماع أقواله وتحقيق دفاعه رغم تمكين اإلدارة له لذلك.
فاستحالة إتمام اإلجراء أو الشكل ألي سبب ،عدا إذا كان راجعا ً إلى خطأ
اإلدارة نفسها أو قصدها ،ال يؤدى إلى اإللغاء واألمر متروك لتقدير القاضي.
139
بالنسبة لتصحيح عيب الشكل وأثره:
ثالثا
يثور التساؤل حول ما إذا كان قبول صاحب الشأن لعيب الشكل أو اإلجراء أو
موافقته على القرار رغم علمه بالعيب الذي يشوبه ،يؤدى إلى تصحيح العيب
ويحو بذلك دون إلغاءه؟ كما يثور التساؤل حول أثر التصحيح الالحق لعيب الشكل
على صحة القرار ودعوى اإللغاء الخاصة به.
األصل أن العبرة في تقدير مدى صحة وسالمة القرار من حيث الشكل بوقت
صدوره ،فإذا صدر صحيحا ً في هذا الوقت ظل صحيحاً ،وإذا صدر معيبا ً كان
باطالً ،وال يغير من ذلك محاولة اإلدارة تصحيح الشكل في وقت الحق .ألن
التصحيح في هذه الحالة يتضمن رجعية للقرار ،مما يتنافى مع مبدأ عدم الرجعية.
ومحاولة اإلدارة التصحيح في هذه الحالة ،هو في حقيقة األمر إصدار لقرار
جديد ،المفروض أال يرتب أثره من تاريخ صدور ال من تاريخ صدور القرار
المعيب.
ففي مصر فقد اعترف القضاء اإلداري بهذا األثر في بعض الحاالت كحالة
تدارك المحكمة التأديبية القصور الذي شاب التحقيق االبتدائي ،أو إذا جاءت نتيجة
111 التحليل مؤيدة للقرار الى صدر قبلها.
111المرجع السابق.
141
المطلب الثالث
لبيان مفهوم عيب مخالفة القانون واللوائح علينا التعرض إليه من خالل
العناصر التالية- :
112
مفهوم المحل- : أوال
المحل في القرار اإلداري هو األثر الذي يرتبه هذا القرار ويتمثل أثر القرار
التنظيمي في إنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانونى عام .أما أثر القرار الفردي
فيتمثل في إنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانونى ذاتي.
فيقصد بعيب مخالفة القانون واللوائح " عيب المحل" أن يكون القرار اإلداري
معيبا ً في فحواه ،أي :محله أو موضوعه .ومعناه أن يكون األثر القانوني المترتب على
القرار اإلداري غير جائز؛ أي :مخالف للقانون أو غير ممكن تحقيقه فعالً أو قانوناً.
إذ يشترط لصحة أو مشروعية القرار ،أن يكون محله ،أي مضمون األثر
القانوني الذي أحدثه القرار حاالً ومباشر بمجرد صدوره وترتب عليه سواء بإنشاء
لمركز قانونى معين أو بتعديل أو إنهاء لمركز قانونى قائم ،جائز وممكنا ً قانوناً.
فالسلطة اإلدارية عندما تريد أن ترتب أثراً قانونيا ً من خالل ما تصدره من
قرارات إدارية ،عليها أن تلتزم جانب القواعد القانونية التي تصدر قراراتها
باالستناد إليها ،فال تخالفها أو تخرج على حدودها.
112د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص99وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء
اإلداري ،مرجع سابق ،ص561وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها؛ د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء
اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 281وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 972وما بعدها
141
الشروط الواجب توافرها في محل القرار اإلداري- :
ثانيا
حتى يكون القرار اإلداري صحيحا ً في محله يتعين أن يكون هذا المحل ممكنا ً
من جهة ،وأن يكون جائزاً قانونا ً من جهة أخرى ،ومن ثم يكون قرار اإلدارة
المفتقد ألي من هذين الشرطين معيبا ً في محله.
وتتمثل االستحالة القانونية لمحل القرار في كون هذا المحل ال يمكن ترتيبه من
الناحية القانونية ،وذلك كصدور قرار تعيين شخص ثم يتضح أن هذا التعيين قد تم
على درجة مالية مشغولة ،فهذا القرار يكون معدوماً ،حيث لم يصادف محالً،
النعدام المركز القانوني الذي كان يمكن أن يرد عليه التعيين.
ويشترط أيضا أن يكون محل القرار واضحا ومحددا ،لذلك انتهت في هذا
الشأن إلى أن النقل أو الندب يشترط فيه أن يكون إلى وظيفة من نفس مستوى
وظيفة المنتدب أو المنقول .فإذا لم ينطو القرار الصادر بالندب أو النقل على تحديد
وظيفة من ذا المستوى الوظيفي كان هذا القرار مخالفا ً للقانون مخالفة جسيمة،
النفصام محله إلى جزئيين ،أحدهما منصوص عليه في القرار ويقضى بإبعاد
المنقول أو المنتدب عن وظيفته ،والثاني مجهول وغير محدد وهو الوظيفة التي
كان يتعين النقل أو الندب إليها والتي لم يرد ذكرها بالقرار.
142
كذلك يعد قرار فاقدا لمحله القرار الصادر بإيفاد المدعى في بعثة إلى الواليات
المتحدة األمريكية متى ثبت أن شروط االلتحاق بالجامعات األمريكية غير متوافرة
فيه ،فمحل القرار وهو إيفاد المبعوث إلى الواليات المتحدة األمريكية من المستحيل
تنفيذه.
والقرارات التي يستحيل ترتيب أثارها القانونية أو الواقعية ُتعد بمثابة أعمال
إدارية تنحدر إلى درجة االنعدام ،وتسري عليها أحكامه من حيث جواز سحبها في
أي وقت ،مع جواز الطعن عليها أمام القضاء العادي دون تحصن بمدة معينة،
إضافة إلى عدم جواز تنفيذها جبرا حيث أنها ال تعتبر قرارات إدارية ،وإنما تأخذ
حكم العدم الذي ال يرتب أي أثر قانونى قبل األفراد وال يؤثر في مراكزهم
113 القانونية.
إضافة إلى اشتراط أن يكون محل القرار اإلداري ممكنا ً من الناحيتين القانونية
والواقعية ،فإنه يشترط في هذا المحل أن يكون أيضا جائزاً في ظل األوضاع
القانونية القائمة.
فإذا صدر قرار بمجازاة عامل بتأخير أقدميته في فئته كان هذا القرار معيبا ً
في محله ألن هذا األثر – تأخير األقدمية في الفئة -مما ال يجوز ترتيبه كجزاء ما
113المرجع السابق.
143
دام المشرع لم يورده من بين الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين
بالدولة.
مثال ذلك
حكم المحكمة اإلدارية العليا بإلغاء قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس
بجامعة األزهر فيما تضمنه من مجازاة أحد أعضاء هيئة التدريس بعقوبة اللوم مع
تأخير أول عالوة دورية مستحقة لمدة عامين .وأسست المحكمة حكمها على أن
المقصود بتأخير العالوة المستحقة لعضو هيئة التدريس المحال لمجلس التأديب
والمنصوص عليها بالمادة 72من القانون رقم 113لسنة 1961بشأن إعادة تنظيم
األزهر ،أن يكون هذا التأخير لفترة واحدة وليس لمدة عامين كما أشار القرار
المطعون فيه ،وانتهت المحكمة إلى مخالفة قرار التأديب للقانون حيث ابتدع عقوبة
غير مقررة تشريعيا ً ،ومن ثم يتعين تعديل قرار مجلس التأديب المطعون فيه ومجازاة
الطاعن بعقوبة اللوم مع تأخير العالوة الدورية المستحقة لفترة واحدة سنة واحدة.
ذكرنا أن عيب المحل هو عيب مخالفة القانون ،أي أن يكون األثر الذي يرتبه
القرار اإلداري يجب أن يكون متوافقا ً مع القانون.
وال تعنى كلمة القانون الذي تؤدى مخالفة القرار اإلداري له إلى وقوع عيب
المحل ،القوانين التي تسنها السلطة التشريعية فحسب ،بل ينصرف ذلك المعنى
ويجرى أثره ليشمل أية قاعدة قانونية كون اإلدارة ملزمة بها أيا كان مصدرها.
ومن ثم يكون القرار اإلداري معيبا ً في محله ،متى تعارض هذا المحل مع
قاعدة قانونية ،ويستوي األمر في هذا الشأن بين ما إذا كانت تلك القاعدة القانونية
144
مكتوبة أو غير مكتوبة ،فالعبرة في تقرير االلتزام بالقاعدة القانونية تكون
بمضمون القاعدة وليس بشكلها.
قد تقع مخالفة القرار اإلداري للقانون بصورة مباشرة ،بأن تعمد اإلدارة إلى
إهدار إحدى القواعد القانونية ،إال أن تلك المخالفة قد تتم أيضا بشكل غير مباشر،
كما لو أخطأت اإلدارة في تفسير القاعدة القانونية أو طبقتها على الوقائع تطبيقا ً
خاطئاً.
وبالتالي يمكن القول بأن صور مخالفة القرار اإلداري للقانون تتمثل في
115الحاالت األتية- :
114د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص99وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء
اإلداري ،مرجع سابق ،ص561وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها؛ د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء
اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 281وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 972وما بعدها
115المرجع السابق.
145
الحالة صورتين :األولى إيجابية بأن تعمد اإلدارة إلى إصدار قرار يتعارض
مع القانون بمعناه الواسع .والثانية سلبية كأن تمتنع اإلدارة عن القيام بعمل يستلزمه
القانون.
تقع مخالفة اإلدارة اإليجابية للقاعدة القانونية ،إذا ما خالف قرارها حكم تلك
القاعدة؛ حيث ُيعد ذلك بمثابة خروج على مبدأ تدرج القواعد القانونية .الذي يوجب
احترام القرار اإلداري للقاعدة القانونية األعلى منه.
ويكون مثل هذا القرار باطالً يستوي األمر في ذلك أن تكون القاعدة القانونية
التي خالفها وردت في صورة مكتوبة كنص دستوري أو قانون عادى أو الئحة .أو
كانت غير مكتوبة كعرف إداري أو أحد مبادئ القانون العامة .فالعبرة في الحكم
على مشروعية القرار يكون بالنظر إلى المضمون الملزم للقاعدة القانونية .وال
أهمية للشكل الذي ترد فيه تلك القاعدة .كذلك يقع باطال قرار اإلدارة الذي يخالف
نصا قانونيا أو الئحيا
مثال ذلك
ما قضت به المحكمة اإلدارية العليا بإلغاء قرار كلية طب القاهرة برفض قبول
طالب حاصل على بكالوريوس العلوم شعبة التشريح بتقدير جيد بالسنة الثالثة بها،
على الرغم من قبول أقرانه الحاصلين على نفس التقدير ،حيث اعتبرت المحكمة
اإلدارية العليا أن في ذلك إخالل بمبدأ دستوري هو مبدأ المساواة.
ما قضت المحكمة اإلدارية العليا بإلغاء قرار اإلدارة بإنهاء خدمة ضابط
لالنقطاع عن العمل ،في حين أنه كان محاالً لمجلس تأديب حيث اعتبرت أن القرار
146
مخالف للقانون .ومثال ذلك قرار ترقية الموظف دون استكمال للمدة المقررة كحد
أدنى للترقية هو قرار مخالف للقانون.
تتجسد مخالفة اإلدارة للقانون في هذه الحالة ،إذا امتنعت عن تطبيق القانون أو
رفضت تنفيذ أكامه .كما لو امتنعت عن منح المدعى رخصة بالرغم من استيفائه
شروط استخراجها.
وال يؤثر في قيام عيب المحل أن تكون المخالفة المباشرة للقانون قد وقعت في
صورة إيجابية أو سلبية ،فالنتيجة في الحالتين واحدة وهي بطالن القرار اإلداري.
وإثبات المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية أمراً يسير ،فما على طالب اإللغاء
هنا إال أن يثبت قيام القاعدة القانونية التي يستند إليها ،وأن اإلدارة قد تجاهلت هذه
القاعدة كليا ً أو جزئيا ً فأتت عمالً تحرمه تلك القاعدة ،أو امتنعت عن القيام بعمل
توجبه.
إال أن هذا اإلثبات قد تعتريه بعض الصعوبات ،إذا كانت القاعدة القانونية
المدعى مخالفة القرار لها قاعدة غير مكتوبة ،وهنا يبرز دور القاضي اإلداري
اإليجابي في اإلثبات ،والذي يكون له بالغ األثر في تيسير مهمة المدعى في
116 االضطالع بعبء اإلثبات الملقى على كاهله.
117
الخطأ في تفسير القاعدة القانونية- : ب
تقوم اإلدارة بتفسير القواعد القانونية ،وذلك تحت رقابة القضاء ،فإن أخطأت
116د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص99وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء
اإلداري ،مرجع سابق ،ص561وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها؛ د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء
اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 281وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 972وما بعدها
117المرجع السابق.
147
في تفسير القاعدة ،فإن هذا الخطأ يشكل مخالفة تدخل في عيب مخالفة القانون.
وتلتزم اإلدارة بتفسير القانون على نحو معين في حالتين هما- :
وأكدت المحكمة اإلدارية العليا على ضرورة التزام اإلدارة بالمبادئ العامة
لتفسير النصوص التشريعية؛ ومنها التشريع الالحق ينسخ التشريع السابق ،وأن
النسخ قد يكون صريحا ً أو ضمنياً ،ومن بين أساليب النسخ الضمني إعادة تنظيم
الموضوع قواعد تشريعية أو تنظيمية جديدة تسري بأثر مباشر على المراكز
القانونية العامة القائمة.
كما أن على اإلدارة وهي بصدد التعرف على أغراض التشريع ،أن تبحث
عنها أوالً في نصوص هذا التشريع ،قبل التماسها في األعمال التحضيرية ،وال
يجوز اللجوء إلى األعمال التحضيرية ومنها المذكرة اإليضاحية ،إال عند غموض
148
النص أو وجود لبس فيه ،أما إذا كان النص واضحا ً صريحا ً مطلقا ً ،فال سبيل إلى
تخصيصه ،وتقييد إطالقه بالرجوع إلى المذكرة اإليضاحية.
وعلى اإلدارة وهي بصدد تفسير النص القانوني احترام القواعد العامة في
التفسير السابق ذكرها ،فإذا ارتكبت اإلدارة أيا ً من تلك األخطاء فإنها تكون قد
أخطأت في تفسير القاعدة القانونية ،مما سيؤدى إلى إعطائها معنا ً يغاير الذي قصده
المشرع بها ،ويترتب على ذلك أن كل قرار تصدره اإلدارة استنادا إلى هذا التفسير
الخاطئ ،سوف يكون مشوبا ً بعيب مخالفة القانون.
ويندرج في معنى الخطأ في التفسير الحاالت التي تحاول اإلدارة فيها بالخطأ
أن تمد نطاق القاعدة القانونية ،فتسحبها إلى حاالت ال تشملها ،كأن تضيف عقوبات
تأديبية جديدة إلى ما سبق أن حدده المشرع بمناسبة جرائم تأديبية معينة ،أو تضيف
شروطا ً جديدة لم يقررها المشرع في شأن الحصول على ترخيص ما.
مثال ذلك
ما قضت به المحكمة اإلدارية العليا بإلغاء قرار تخفيض أجر المدعى إلى
القدر الذي كان عليه عند بدأ تعيينه ،حيث انتهت إلى أن قرار الجزاء يخرج عن
نطاق الجزاءات التأديبية التي قررها المشرع ،تأسيسا ً على أن عقوبة تخفيض
األجر المقصود بها تخفيض األجر الذي كان يتقاضاه الموظف قبل الترقية مباشرة،
أي ان التخفيض يكون في حدود عالوة.
149
118الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية على الوقائع- : ج
يقع خطأ اإلدارة في تطبيق القانون ،عندما تصدر قرارا ال يستند إلى وقائع
مادية ،أو عند توافر تلك الوقائع دون أن تكون مستوفاة للشروط القانونية التي
يتطلبها المشرع.
ومن ثم فإن اإلدارة خاضعة لرقابة القضاء اإلدارة حال تطبيقها للقواعد
القانونية للتحقق من الوجود المادي للوقائع ،وللتأكد من أن هذه الوقائع كافية
لتبرير إصدار القرار اإلداري.
تنصب رقابة القضاء على اإلدارة في هذه الحالة على التحقق من إنها قد
استندت في إصدار قرارها إلى وقائع موجودة من الناحية المادية وصحيحة من
الناحية القانونية .فإذا انعدمت تلك الوقائع فإن القرار اإلداري يكون مخالفا
للقانون ،ويقع باطالً الفتقاده األساس القانوني الذي كان يتعين أن يستند إليه.
ويراقب القاضي اإلداري صحة الوقائع المادية التي صدر على أساسها
القرار ،في ضوء القواعد القانونية السارية وقت صدوره ،حيث أن العبرة في الحكم
على مشروعية تلك التصرفات القانونية ومنها القرارات اإلدارية تكون بالوقت الذي
صدرت فيه.
ومن أمثلة قرارات اإلدارة التي يقضى بإلغائها لعدم استنادها إلى وقائع
مادية ،قرار إنهاء خدمة موظف لتقدمه باستقالته من وظيفته ،في حين أنه لم يتقدم
118د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص99وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري،
قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص561وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها؛ د.
محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 281وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق،
ص 972وما بعدها
151
بها ،فمثل هذا القرار يكون باطالً لمخالفته للقانون ،حيث لم تتحقق الواقعة الواجب
توافرها لتطبيق القانون وهي االستقالة.
ال يكفي إلقرار مشروعية قرار إداري من جهة مطابقته للقانون ،أن تستند
اإلدارة في إصداره إلى وقائع مادية ،بل يجب أن تستوفى تلك الوقائع الشروط التي
يتطلبها القانون لتكون مبررا التخاذ القرار.
فإذا نسبت اإلدارة للموظف أفعاالً معينة ،وعاقبت على ارتكابه لها ،فال يكفي
لصحة قرار الجزاء أن يكون الموظف قد اقترف ما نسب إليه فحسب ،بل يجب أن
يشكل ما ارتكبه جريمة تأديبية تستوجب العقاب.
يُقصد بتحول القرار اإلداري المعيب في محله من قرار غير مشروع إلى قرار
مشروع ،إذا انطوى مضمونه على عناصر قرار صحيح ،وليس للتحول أثر
ُمنشئ ،فال يترتب عليه صدور قرار جديد ،بل يقتصر أثره على التقرير
119المرجع السابق.
151
والكشف عن قرار صحيح تحمله طيات القرار الباطل ،وبذلك يكون للتحول
أثر رجعى ينسلخ إلى الوقت الذي صدر فيه القرار األول الباطل.
إلعمال نظرية التحول في القرار اإلداري يتعين توافر الشروط األتية- :
صدور قرار إداري معيب في محله ،أي أن األثر القانوني الذي يرتبه
هذا القرار ال يكون جائزاً أو ممكنا ً قانوناً.
أن يحمل هذا القرار منذ مولده عناصر قرار أخر صحيح في أثره.
أن تكشف الظروف عن اتجاه نية اإلدارة منذ البداية إلى إصدار
القرار الصحيح الخفي.
من المسلم به أنه ال يجوز تغطية عيب مخالفة القانون إال في حالة واحدة،
وهي حالة الظروف االستثنائية ،إذ يمكن للوائح الضرورة أن تعدل أو تلغى
التشريعات الصادرة عن البرلمان ،كما أن القرارات الفردية المخالفة لتلك
التشريعات تكون صحيحة إذا توفرت شروط الظروف االستثنائية .غير أن فكرة
الظروف االستثنائية ال يسوغ مخالفة الدستور أو وقف العمل به ،ألن إعمال هذه
111
الفكرة إنما يتم وفقا ً للدستور وليس بالخروج على أحكامه.
111
د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها.
152
المطلب الرابع
من المعلوم أن ركن الغاية من القرار اإلداري هي أحد أركان القرار اإلداري
األساسية ،ويقصد بالغاية النتيجة النهائية التي تسعى اإلدارة إلى تحقيقها من وراء
إصدار القرار اإلداري أال وهي تحقيق المصلحة العامة.
ويعتبر القرار اإلداري معيبا ً بعيب استعمال السلطة إذا كان يستهدف غرضا ً
غير الغرض الذي من أجله ُمنحت اإلدارة سلطة إصداره ،ذلك أن القانون إنما
يمنح اإلدارة سلطات معينة بقصد تحقيق أغراض أو أهداف معينة ،فاألعمال
اإلدارية لها هدف خاص قد يستفاد من نص القانون الصريح ،أو يستدل عليه
القاضي من قرائن األحوال ،أو يستنتج من طبيعة السلطة أو االختصاص المعترف
به لإلدارة ،وإلى جانب هذا الهدف الخاص يوجد هدف عام تشترك فيه جميع
األعمال اإلدارية ،ويبرر جميع االختصاصات التي تزاولها اإلدارة ،وهو تحقيق
الصالح العام.
فإذا باشرت اإلدارة السلطة الممنوحة لها لتحقيق غرض غير الغرض الذي
قصده المشرع ،تعتبر أنها انحرفت بالسلطة عن هذا الغرض ،وقد يكون االنحراف
عن الهدف الخاص أو الهدف العام أو كليهما.
فعيب إساءة استعمال السلطة أو االنحراف بها يتعلق بالغاية التي تسعى اإلدارة
لتحقيقها من وراء القرار الصادر.
153
فالقوانين والقواعد تمنح اإلدارة سلطات معينة تمكنها من القيام باألعباء
الملقاة على عاتقها ،والمهام المنوطة بها ،وتحقيق الغايات واألهداف المنتظرة منها
من وراء ذلك.
فهذه السلطات لم ُتمنح لها الستخدامها كما تريد أو كما يروق لها ،أو لتحقيق
ما ترغب ممن غايات ،فإذا حادت أو انحرفت عن هذه األهداف ،أو سعت إلى
تحقيق غايات غير المطلوبة أو المنتظرة منها شاب تصرفها وقراراها عيب إساءة
استعمال السلطة ،أو االنحراف في استعمالها مما قد يبطله ويفتح الطريق أما الطعن
فيه باإللغاء ،مما قد يؤدى إلى اإللغاء بالفعل لهذا السبب.
111د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص215وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام
القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص561وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها؛ د .محمد محمد عبد اللطيف،
قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 281وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 972وما بعدها
112المرجع السابق.
154
استعمال السلطة ،ويتحقق هذا الفرض عندما تسعى اإلدارة من وراء قرارها أو
استخدامها للسلطة الممنوحة لها ،إلى تحقيق هدف أو غرض خاص ،أيا كان نوعه
أو ماهيته أو مضمونه أو صورته أو شكله.
قد تخالف اإلدارة السلطات المخولة لها وتستخدم تلك السلطات في تحقيق
غرض شخصي ،ويتخذ الغرض الشخصي عدة صور ،فقد يكون بقصد االنتقام ،أو
بقصد تحقيق نفع شخصي لمصدر القرار أو لغيره.
مثال ذلك فصل أحد األشخاص لوجود ضغائن شخصية .أو صدور عدة
جزاءات بقصد التنكيل به.
155
ومن تطبيقات ذلك :إصدار قرار بإنشاء مدرسة ليعين شخص محدد إلدارتها،
أو نقل موظف وإحالل أخر محله بغرض ترقية األخر.
قد تستخدم اإلدارة السلطة المخولة لها وتصدر قرارات معينة ،تهدف من
ورائها لتحقيق أراض سياسية أو طائفية أو حزبية.
ومن أمثلة هذه القرارات صدور قرار من مجلس المحافظة بمنح إعانة
بغرض سياسى ،وصدور قرار بتعيين أحد األفراد في إحدى الوظائف ألغراض
سياسية ،وفصل موظف ألغراض سياسية.
هناك مبدأ معروف في نطاق القانون اإلداري ،هو مبدأ تخصيص األهداف،
بمعنى أن كل سلطة ولكل امتياز تتمتع به اإلدارة هدف عام محدد ،يتعين أن تسعى
لتحقيقه من وراء استخدام هذه السلطة أو هذا االمتياز .فإذا خالفت ذلك ولم تلتزم
به ،ارتكبت إساءة الستعمال السلطة ،حتى ولو كان الغرض األخر هو غرض عام
أيضاً ،فال يكفي إذن أن يكون الغرض الذي تسعى اإلدارة وراء تحقيقه ،أو الذي
حققته فعال من استخدام امتياز معين ،أو سلطة معينة من سلطاتها ،غرضا عاما،
وإنما يجب أن يكون هو نفسه الغرض العام الذي من أجله مُنحت هذه لسلطة أو هذا
االمتياز بالذات.
وهذا يفترض المشرع قد حدد لإلدارة الغرض الذي يتعين عليها تحقيقه ،من
وراء استخدام امتياز معين أو سلطة معينة أو إصدار قرار مين.
113المرجع السابق.
156
مثال ذلك
ما نص عليه القانون من ضرورة وقف العامل عن عمله احتياطيا ً إذا اقتضت
مصلحة التحقيق معه ذلك ،...فالوقف االحتياطي مقرر هنا لمصلحة التحقيق ،فإذا لم
تقتض هذه المصلحة الوقف ،فال يجوز وقف العامل احتياطيا لسبب أخر ،كفقده
شرط اللياقة الطبية مثالً.
فعندما يوجد مثل هذا التحديد ،يتعين على اإلدارة أن تتقيد به ،وال تسعى من
وراء قرارها لتحقيق هدف أخر.
أما إذا لم يحدد المشرع مثل هذا الغرض صراحة ،فإن القاضي يستخلصه من
خالل القواعد المعمول به ،والواجبة التطبيق على الحالة المعروضة عليه.
مثال ذلك
وكذلك مثال رفض إحدى إدارات المرور تسليم ترخيص سيارة ألحد األفراد
رغم استيفائه لكل الشروط الخاصة بذلك ،بغرض تمكين جهات أو مصالح حكومية
أخرى من الحصول على رسوم أو مبالغ مستحقة لها قبل صاحب الترخيص.
157
تحقيق غرض مالي من وراء قرارتها ،يُعد من قبيل إساءة استعمال السلطة
واالنحراف عن الغاية الموضوعة لها؟
فاستقر القضاء على أنه إذا كانت الغاية التي تسع إلى تحقيقها اإلدارة من
وراء القرار الذي تتخذه ،هي مجرد زيادة مواردها المالية أو تحقيق هدف مالي
فقط ،فإن القرار يكون مشوبا ً بإساءة استعمال السلطة إذا لم يكن مخصصا ً له أصالً
هذا الهدف ،أما إذا اقترنت هذه الغاية بغاية عامة أخرى فال يكون هناك إساءة
استعمال السلطة أو انحراف عن الهدف المخصص لها.
مثال ذلك
ومن تطبيقات ذلك إلغاء قرار صادر من إحدى المحليات بمنع السير شتاء
على إحدى الطرق الفرعية ألنه تتكبد تكاليف ترميم أرضية الطريق .فمنع السير
يكون بغرض األمن العام أو سالمة المار وليس بغرض مالي.
ومثال ذلك إلغاء قرار صادر برفض الترخيص بفتح دار سينما لرغبة اإلدارة
في الحصول على األرض التي أقيمت عليها خالية ،فتحصل عليها بثمن بخث.
أما إذا كان الغرض من القرار هدف أخر إلى جانب الهدف المالي؛ فإن
القاضي ال يلغى مثل هذا القرار لمجرد أنه سعى إلى تحقيق هدف مالي إلى جانب
الهدف األخر.
وتطبيقا لذلك لم يلغ قرار بمنع سير سيارات النقل الثقيلة في شارع معين،
لتخفيف األعباء على ميزانية المدينة إلى جانب تحقيق انسيابية السير في الطريق.
وال قرار طرح عملية نقل في المزايدة للحصول على موارد تستخدم في الصيانة.
158
فقد اعترف القضاء لإلدارة حقها في الحصول على موارد مالية وزيادتها في
حدود ما يسمح به القانون ،وذلك للصرف على المرافق العامة والخدمات العامة.
إذا حدد المشرع لها هدفا ً محدداً ،فعليها أن تسعى إلى تحقيق هذا الهدف بالذات
من وراء قرارها ،فإذا سعت إلى تحقيق هدف أخر فإنها تكون قد أساءت استعمال
السلطة الممنوحة لها ،حتى ولو كان الهدف األخر هو هدف عام أخر ،ويصبح
قرارها مشوبا ً بهذا العيب مما يبطله ويجيز إلغاؤه.
وإذا لم يحدد لها المشرع هدفا ً معينا ً فعليها دائما أن تستهدف من وراء
قرارها تحقيق الصالح العام ،فال يجوز إطالقا ً أن تسعى اإلدارة إلى تحقيق مصلحة
شخصية أو خاصة من وراء القرارات التي تتخذها فهذه سلطة مخولة لها القانون
لتستعملها بهدف تحقيق الصالح العام ،الذي هو الغاية العامة من وراء جميع
القرارات اإلدارية.
يتعلق عيب إساءة استعمال السلطة بعنصر الغاية في القرار اإلداري ،وهذه
توجد في نية اإلدارة نفسها ،فهو إذن عيب يتصل بالنوايا ،وهذا ما يؤدى إلى
صعوبة إثباته ،ألنه ال يقتصر على مجرد مطابقة القرار على تفتضيه القواعد ،وإنما
يفترض إجراء بحث في نوايا اإلدارة لحظة اتخاذها القرار .فعلى الطاعن أن يقدم
قرائن جادة بشكل كاف على عدم مشروعية الهدف الذي سعت إلى تحقيقه اإلدارة
من خالل القرار الذي اتخذته.
159
ويستعمل مجلس الدولة كل الوسائل الممكنة لتحليل واالستنتاج واالستخراج
واالستنباط للتعرف على هذه النية ،مستعينا ً بما يقدمه الطاعن من دالئل أو قرائن
تساعد في استنباطاها.
وأهم هذه الوسائل :نص القرار المطعون فيه ومضمونه والمناقشات التي
تدور داخل المجالس التي لها سلطة إصدار القرار ،والمراسالت السابقة والالحقة
التخاذ القرار أو تنفيذه ،والتوجيهات الصادرة من الرؤساء وطلب اإليضاحات
والتفسيرات من اإلدارة في بعض النقاط المتعلقة بالقرار ،وفى حالة امتناعها عن
إعطائها ،يمكن اعتبار ذلك اعترافا ً منها أو قرينة ضدها ،وكذلك الوقائع المتعلقة
بالقرار ومدلوالته حتى االجتماعية وتصرفات اإلدارة السابقة والالحقة التخاذ
114 القرار.
114المرجع السابق.
161
المطلب الخامس
عيـب السبب
سبب القرار اإلداري هو الحالة الواقعية او القانونية التي تدقع إلى إصدار
القرار؛ أي أن السبب هو حالة موضوعية تحدث قبل إصدار القرار فتعمل اإلدارة
على إصداره.
فسبب القرار اإلداري هو حالة واقعية أو قانونية تحمل اإلدارة على التدخل
بقصد إحداث أثر قانونى معين هو محل القرار ابتغاء تحقيق الصالح العام ،الذي هو
غاية القرار.
ويتبين من التعريف السابق مدى االرتباط بين سبب القرار اإلداري ومحله
وغايته ،فإذا كان سبب القرار هو سنده القانوني ،فإن هذا السبب ما هو إال وسيلة
تدفع اإلدارة إلحداث أثر معين ،بغية تحقيق هدف عام ُيمثل غاية لكل القرارات
اإلدارية وهي المصلحة العامة.
ولق يام السبب المبرر إلصدار القرار يتعين توافر حالة قانونية أو واقعية تدعو
اإلدارة لمواجهتها بإصدار قرار إداري ،فإنهاء خدمة موظف بإحالته للمعاش
يستوجب توافر حالة قانونية معينة ،هي تقدم هذا الموظف لإلدارة بطلب لإلحالة
للمعاش .ويمثل هذا الطلب سببا ً قانونيا ً أو حالة قانونية تستند إليها اإلدارة في
إصدارها لقرار إحالته للمعاش ،كما أن حدوث ما يكدر األمن العام من اضطرابات
وأعمال شغب يشكل سببا ً ماديا ً أو حالة واقعية تدفع اإلدارة إلصدار قرارات من
شأنها الحفاظ على النظام العام.
161
فإذا لم تتوافر الحالة القانونية أو الواقعية فال تملك اإلدارة أن تصدر قراراً،
ألن مثل هذا القرار يولد مفتقداً ألساسه القانوني ومن ثم يقع باطال.
وإذا كان القرار اإلداري البد أن يستند إلى أسباب يقرها القانون ،فإن هذه
األسباب تختلف بحسب ما إذا كان سلطة اإلدارة في إصدار القرار مقيدة أو سلطة
تقديرية.
ففي حالة ما إذا كانت سلطة اإلدارة مقيدة ،يحدد القانون أسبابا ً معينة البد من
توافرها قبل اتخاذ القرار اإلداري ،كما يحدث عند تحديد شروط محددة للحصول
على ترخيص معين ،فإذا توافرت هذه الشروط تكون اإلدارة ملزمة بإصدار القرار.
أما في حالة السلطة التقديرية فإن المشرع قد ال يحدد األسباب التي يجب أن
يستند إليها القرار اإلداري ،أو أن يقوم بتحديده مع ترك الحرية لإلدارة في اختيار
نوعية القرار الذي يصدر بناء عليها ،كما هو الشأن بالنسبة لواجب اإلدارة في
115
المحافظة على النظام العام عند حدوث إخالل به.
وإذا لم يحدد المشرع لإلدارة سببا بعينه إلصدار قرارها ،فإن ذلك ال يعنى
حريتها المطلقة في هذا الصدد ،بل يتعين عليها اختيار السبب التي من شأنه بتبرير
قرارها .ولما كان ركن السبب يكون غير ظاهر في حالة عدم تحديد المشرع له،
فإنه يجب عدم الخلط بن سبب القرار وغايته.
فالسبب في قرار تعيين أحد األفراد في وظيفة عامة هو خلو هذه الوظيفة ممن
يشغلها وحاجة اإلدارة إلى شغلها تحقيقا ً للصالح العام ،والسبب في فض مظاهرة
وتفريقها هو اإلخالل أو التهديد بإخالل يلحق بالنظم العام من جراء هذه المظاهرة.
115د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص99وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء
اإلداري ،مرجع سابق ،ص561وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها؛ د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء
اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 281وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 972وما بعدها
162
السبب والمحل في القرار اإلداري- :
وإليضاح الفرق بين سبب القرار ومحله يمكننا القول ،بأنه في حالة صدور
قرار بمجازاة موظف ،فلهذا القرار شأن كل قرار إداري أخر سبب ومحل ،أما
سبب القرار أو دافعه فهو ما ارتكبه الموظف من مخالفات إدارية تستوجب العقاب،
وهو في ذلك يختلف عن محله المتمثل في األثر المترتب على القرار ،وهو الجزاء
الذي وقع على الموظف.
وال ارتباط بين صحة السبب ومشروعية المحل فالبرغم من أن السبب أمر
الزم لترتيب المحل ،فمن الجائز أن يكون سبب القرار صحيحا ،إال أن محله غير
مشروع ،وذلك لكونه غير جائزاً أو غير ممكناً ،وفى هذه الحالة يبطل القرار
بالرغم من سالمة سببه ،وذلك يؤكد االستقالل ما بين ركني السبب والمحل في
116 القرار اإلداري ،فلكل منهما نطاقه ووظيفته.
يختلف سبب القرار اإلداري عن غايته ،فبينما ُيشكل السبب ركنا ً خارجيا ً يبرر
إصدار القرار ويستقل عن إرادة مصدره ،فإن ركن الغاية يعبر عن هدف القرار،
الذي يتصل بإرادة مصدره ،التي قد تنحرف عن تحقيق الصالح العام ،أو عن تحقيق
116المرجع السابق
163
الهدف الذي خصصه المشرع إلصدار القرار .وهنا يصبح مثل هذا القرار معيبا ً
باالنحراف في استعمال السلطة.
فالسبب ما هو إال حالة واقعية أو قانونية توجد عند إصدار القرار فتدفع
اإلدارة إلى إصداره ،أما الغاية فهي ما تسعى اإلدارة إلى تحقيقه من إصدار
القرار ،وقد يحقق القرار الهدف الذي ترمى اإلدارة إليه وقد ال يحققه .فالمخالفة
التي يرتكبها الموظف هي سبب قرار الجزاء الذي يوقع عليه ،أما غاية هذا القرار
فهي ردع المخالف وغيره ومنعهم من العودة إلى ارتكاب المخالفة مستقبالً ،وهى
غاية قد تتحقق وقد ال تتحقق؛ فكلما كان القرار مالئما ً من حيث إصداره ومضمونه
وشكله وأسلوب إذاعته وتوقيته كلما كان أدعى إلى تحقيق الهدف منه ،فالسبب إذن
هو إجابة عن السؤال ما الذى حدث فحمل اإلدارة على إصدار القرار؟ أما الغاية
فهي اإلجابة عن السؤال ماذا تسعى اإلدارة إلى تحقيقه بإصدار القرار؟
وبناء على ما سبق يُمكن تعريف عيب انعدام األسباب بأنه أحد أوجه عدم
مشروعية القرار اإلداري الناجمة عن عدم استناده إلى وقائع مادية أو قانونية
تبرره ،أو استناده إلى تلك الوقائع في حين أنها غير صحيحة التكييف القانوني.
117
شروط صحة سبب القرار اإلداري- : أوال
ينبغي لصحة ركن السبب في القرار اإلداري أن تتوافر ثالث شروط ،فيجب
أن يكون السبب قائما ً وموجوداً عند إصدار القرار ،وأن يكون مشروعا ً ومحدداً
بوقائع ظاهرة يقوم عليها.
117د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص99وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع
سابق ،ص561وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها؛ د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص281
وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 972وما بعدها
164
أن يكون السبب قائما وموجودا حتى تاريخ إصدار القرار: -
الشرط األول
ولهذا الشرط شقان ،فمن ناحية أولى يجب أن تكون الوقائع التي استندت إليها
اإلدارة في إصدار قرارها قد وقعت فعالً أي يجب أن يكون سبب القرار صحيحا ً
من الناحية المادية أو الواقعية ،وإال كان القرار معيبا ً في سببه ،ومن ناحية ثانية
يجب أن تكون تلك الوقائع التي ُتكون ركن السبب قد استمرت حتى تاريخ إصدار
القرار ،وذلك تطبيقا للقاعدة العامة التي تقضى بأن تاريخ صدور القرار هو الوقت
الذى يجب الرجوع إليه لتقدير مدى مشروعيته ،وبناء على ذلك إذا تحقق السبب
ولكنه زال فيما بعد قبل إصدار القرار ،فإن القرار يكون معيبا ً في سببه لو صدر في
هذه الظروف ،ومثل ذلك أن يقدم موظف طلب استقالته ثم عدل عنه ،ومع ذلك
يصدر قرار من اإلدارة بقبول استقالته ،كذلك ال يعتد بالسبب الذى لم يكن موجوداً
لحظة صدور القرار ،ولكنه تحقق في ميعاد الحق على صدوره؛ ألن العبرة هي
بوقت صدور القرار فحيث أن السبب لم يكن قائما ً وقتها فال يجدى في إسناده
وتأسيسه ظهور السبب فيما بعد.
165
تطبيقا لذلك
ألغت المحكمة قرار ضبط إداري ،بإغالق سوق خاصة يوم االثنين من كل
أسبوع؛ حيث اتضح لها أن سبب اإلغالق هو إعطاء الفرصة لرواج سوق عمومي،
وهو سبب ال عالقة له بالمحافظة على النظام العام ،ذلك السبب الذي يجب أن تقوم
عليه قرارات الضبط اإلداري.
ومثال ذلك أيضا ألغت المحكمة اإلدارية العليا قراراً أصدرته جهة اإلدارة
برفض تعيين أحد المرشحين لوظيفة مساعد نيابة إدارية ،حيث جعل القرار من
المركز االجتماعي لوالد الطاعن سببا ً لتخطيه في التعيين ،وذلك رغم ما يتمتع به
هو ووالده من سمعة طيبة ،حيث جاء بالحكم أن قرار التخطي يفتقر إلى سبب
قانونى سليم ،وأن التعلل بالمركز االجتماعي ال يقوم في ذاته سببا ً صحيحا ً لتخطى
المدعى؛ ألن التعيين في مثل هذه الوظيفة التي ُرشح لها المدعى يجب أن تتساوى
فيه الفرص أمام المرشحين ،وال يسوغ أن يخضع لمثل االعتبارات التي ساقتها
النيابة اإلدارية ،بعد أن تبين أن سلوكه وسيرته ال تشوبها شائبة ،وبالتالي فإن
تخطيه في التعيين من شأنه أن يشكل إخالالً بالحكم الدستوري ،الذى قضى
بالمساواة في الحقوق العامة ،ومن بينها حق تولى الوظائف العامة.
ُيشترط في أن يكون سبب القرار اإلداري محدداً بوقائع ظاهرة يقوم عليها
ومن ثم يعد القرار اإلداري معيبا ً في سببه ،إذا اعتمدت اإلدارة في إصداره على
سبب عام أو مجهل.
166
وال شك أن إعمال هذا الشرط ال يكون إال بالنسبة لقرارات اإلدارة التي
يشترط المشرع أن تصدر مسببة ،كالقرارات التي تتضمن جزاءات تأديبية ،أو
118 القرارات الصادرة برفض منح ترخيص.
يثور التساؤل أحيانا ً ماذا لو كان للقرار اإلداري أكثر من سبب ،وكان أحدهما
يخلو من تلك الشروط؟ وما حكم مشروعية هذا القرار فيما يتعلق بركن السبب؟
يأخذ مجلس الدولة المصري بفكرة السبب الدافع في رقابته على مشروعية
القرارات اإلدارية القائمة على أسباب متعددة أحدها صحيح دون البعض األخر،
حيث يحدد السبب الذي يرى أنه دافعا ً إلصدار القرار ،فإن صح هذا السبب كان
القرار الذي يستند إليه صحيحاً ،بغض النظر عن عدم صحة سواه من أسباب يرى
القاضي بأنها ثانوية ،ال تأثير لها على قيام القرار أو صحته.
تطبيقا لذلك
أيدت المحكمة اإلدارية العليا إلغاء قرار فصل تأسيسا على أن األسباب
الدافعة إلصداره ال تكفي لتوقيع جزاء الفصل .وذهبت إلى أنه ولئن كان لإلدارة
تقدير الجزاء التأديبي في حدود النصاب القانوني ،إال أن مناط ذلك التقدير يكون
على أساس قيام سببه بجميع أشطاره ،فإذا كان يبين ما تقدم أن عقوبة الفصل التي
وقعت على المدعية ،قدرت على أساس ثبوت جميع المخالفات المسندة إليها ،وكان
من الواضح مما سلف بيانه أنه لم يقم في حقها المخالفات جميعها ،فإن الجزاء
الموقع والحالة هذه ال يقوم على كامل سببه ،كما أن الباقي من المخالفات والتي
118المرجع السابق.
167
قامت في حق المدعية ال يكفى لحمل القرار ،ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه-
فيما انتهى إليه من إلغاء القرار المطعون فيه-قد أصاب وجه الحق.
وبالتالي يكون للقضاء سلطة تقدير ما إذا كانت األسباب المتخلفة ثانوية أم
دافعة ،حيث يظل القرار صحيحا ً في الحالة األولى ،و ُيبطل في الحالة الثانية.
ولكن متى يكون سبب القرار دافعا أو رئيسيا يبطل القرار في حالة تخلفه؟
يكون السبب دافعا ً إلصدار القرار إذا كان هو وحده وبغض النظر عن
األسباب التي ثبت عدم صحتها يكفي إلصدار القرار ،بمعنى أن جهة اإلدارة كانت
لتصدره وبنفس المضمون حتى إذا هي استندت إلى هذا السبب وحده ،ومع إسقاط
األسباب غير الصحيحة.
كما يكون السبب ثانويا ً أو زائداً إذا كان غيابه ال يمنع إصدار القرار ،بمعنى
119
أن القرار كان سيصدر وبنفس مضمونه سواء وجد هذا السبب أو غاب.
يجب أن يكون سبب القرار اإلداري حقيقيا ً ال صوريا ً وال وهميا ً وقانونياً،
بحيث تتوافر فيه الشروط التي يستلزمها القانون .وتنحصر رقابة القاضي اإلداري
على سبب القرار اإلداري في مستويات ثالث هي:
168
تصلح تبريراً للقرار ،وكذلك التأكد من الوجود الفعلي لهذه الوقائع.
ولذلك البد أن تكون الوقائع المادية التي يقوم عليها سبب القرار اإلداري قائمة
وصحيحة ،وثابتة عند اتخاذ القرار ،وبالتالي في حالة استناد القرار اإلداري على
وقائع غير صحيحة وجب إلغاؤه.
وال يكفي لصحة القرار اإلداري أن تكون الوقائع التي يستند إللغائها موجودة
بل يجب أن تظل تلك الوقائع قائمة لحين إصدار القرار ،إضافة إلى ضرورة أن
تكون تلك الوقائع محددة بدقة ،فال يقوم سنداً صحيحا ً للقرار اإلداري الوقائع
الغامضة أو المرسلة دون تحديد .كما يشترط في تلك الوقائع أن تكون مشروعة.
مثال ذلك
القرار الصادر فصل الموظف بسبب أمور تمس الشرف واالعتبار والتي تفقده
شرط البقاء في الوظيفة ،يكون قرار صحيحا ً استند وبُنى على وقائع صحيحة
مستمدة من أصول لها وجود ثابت في األوراق ،ويمكن أن ُيستخلص منها عدم
الصالحية للبقاء في الوظيفة النتفاء حسن سير وسلوك المدعى منه استخالصا ً
سائغاً.
مثال ذلك أيضا القرار الصادر باستبعاد األجنبي ،فبعد أن كان حق لإلدارة
باعتبار أنه حق مطلق لإلدارة ،والذي كان يربط بين حق اإلدارة وبين سيادتها
اإلقليمية ،حيث استلزمت لمشروعية القضاء ضرورة توافر اعتبار جدية تبرره،
121 كما لو كان في إقامة األجنبي ضرار باقتصاد الدولة أو سالمة أرضيها.
121د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص99وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري،
قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص561وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها؛ د.
محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 281وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق،
ص 972وما بعدها
169
الرقابة على صحة التكييف القانوني للوقائع- :
2
بعد ان يثبت للقاضي حال رقابته على سبب القرار اإلداري أن الوقائع المادية
التي أسس عليها هذا القرار قائمة ،فإنه ينتقل إلى المرحلة الثانية لرقابة السبب،
وتنصب على التأكد من سالمة التكييف أو الوصف القانوني الذي أسبغته اإلدارة
هذه الوقائع ،فإن كان هذا الوصف سليما ً من الناحية القانونية ،كان القرار الذي
استند إليه صحيحاً.
وفى سبيل إنزال القاضي لحكم القانون على الواقعة التي استند إليها قرار
اإلدارة ،بعد تأكده من ثبوتها ،يسلك في ذلك أحد طريقين أو كالهما ،فإما أن يتناول
الواقعة بالتكييف لمعرفة مدى تطابقها مع القانون ،وإما أن يعالج القانون
بالتفسير لمعرفة مدى انطباقه على الواقعة .فإذا ثبت عدم صحة التكييف في الحالة
األولى أو عدم تطابقه مع القانون في الحالة الثانية كان القرار مشوبا ً بعيب يؤدى
121 إلى إلغائه.
مثال ذلك
ال يجوز للمحافظ أن يصدر قراراً باالستيالء المؤقت إال في الحاالت الطارئة؛
أي التي يكون في الوسع توقعها ،وانتهت إلى أن احتياج منطقة التأمين والمعاشات
121د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص99وما بعدها وما بعدها؛ د .جورجي شفيق ساري،
قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص561وما بعدها؛ د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق ،ص 211وما بعدها؛ د.
محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،ص 281وما بعدها؛ د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،مرجع سابق،
ص 972وما بعدها
171
بمحافظة المنيا لمقر مناسب لمباشرة نشاطها في دائرة المحافظة ،ال يمكن وصفه
بأنه من الحاالت الطارئة أو المستعجلة التي تطلب القانون توافرها كشرط إلصدار
قرار باالستيالء المؤقت.
ومثال ذلك أيضا- :في تحديد المحكمة اإلدارية العليا لإلخالل بالواجب
الوظيفي الذي يُعد مخالفة تأديبية تبرر قرار الجزاء ،قضت بأن شراء العامل لنقد
أجنبي محظور التعامل فيه ،وفقا ً لقانون الرقابة على النقد األجنبي ال يشكل إخالالً
بواجبات الوظيفة.
إذا كانت القاعدة التي استقر عليها القضاء اإلداري على نحو ما سبق ،خضوع
جميع القرارات اإلدارية لرقابة القضاء على تكييفها القانوني ،إال أنه يرد على تلك
القاعدة عدة استثناءات- :
عرفت المحكمة اإلدارية العليا في قضائها منذ البداية عن إخضاع هذه الفصيلة
من القرارات لرقابة التكييف القانوني ،حيث وقفت الرقابة عليها عند حده األدنى
وهو رقابة الوجود المادي ،ألن الوصف القانوني لهذه القرارات يتطلب بحثا فنيا
يخرج عن قدرة وإمكانيات القاضي.
تطبيقا لذلك
122
د .عبد العزيز خليفة ،قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري " ،مرجع سابق ،ص258وما بعدها.
171
اإلجابة عملية فنية بحتة ،ال يجوز قانونا ً أن تخضع لرقابة القضاء اإلداري ،حيث ال
يؤدى إلى التدخل في أمور فنية تقديرية ،هي من اختصاص الجهات اإلدارية التي
ال يجوز لهذه المحكمة أن تحل فيها محل اإلدارة.
قد تصدر اإلدارة قراراً بإبعاد أحد األجانب عن البالد العتبارات تتعلق
بالمحافظة على األمن العام ،فإذا ما ُ
طعن على هذا القرار باإللغاء ،فإن نطاق رقابة
القاضي على مشروعيته ،يقتصر على التأكد من أن األجنبي ارتكب ما نسبته إليه
اإلدارة من عدمه ،بمعنى أن تلك الرقابة ال تمتد لبحث ما إذا كان ما ارتكبه األجنبي
يمثل إخالالً باألمن العام أم ال ،حيث يدخل هذا الوصف في سلطة اإلدارة
التقديرية ،التي ال تخضع في ممارستها لها لرقابة القضاء.
ويرجع إحجام مجلس الدولة عن رقابة الوصف القانوني لتلك القرارات إلى أن
الرغبة في تحقيق المصلحة العامة للدولة ،تقتضي أن يترك لإلدارة سلطة تقديرية
واسعة في هذا الشأن.
إذا كان األصل العام في الرقابة القضائية هو قصرها على التأكد من الوجود
المادي للوقائع ،المكونة لسبب القرار وصحة الوصف القانوني لها أو ما يسمى
بالرقابة على التكييف القانوني للوقائع ،إال أن هذه القاعدة قد طرأ عليها استثناء
هام ،أصبح بمقتضاه يجوز للقاضي اإلداري مد نطاق رقابته إلى تقدير مدى مالءمة
إصدار القرار اإلداري ،أي تقدير التناسب بين خطورة القرار اإلداري واألسباب
الدافعة إلصداره.
172
وبالتالي أصبح للقاضي اإلداري اختصاص مراقبة تقدير اإلدارة لخطورة
وأهمية ما بنت عليه قرارها من أسباب ،دون أن يعد ذلك تدخالً منه في أعمال
123 اإلدارة.
في إطار كفالة الدستور للحريات العامة لألفراد فقد حظر على اإلدارة
االعتداء عليها فيما تصدره من قرارات ،وتحقيقا ً لغاية حماية تلك الحريات ،فقد
وجد مجلس الدولة أن رقابته التقليدية على سبب القرار اإلداري المتمثلة في رقابة
الوجود المادي للوقائع أو تكييفها القانوني ،غير كافية لمواجهة الخطورة التي قد
تنجم عن القرارات المقيدة للحريات العامة ،لذلك مد نطاق رقابته إلى تقدير مدى
مالءمة إصدار القرار حيث ال يكفى إلقرار مشروعيته أن يكون قائما على سبب
موجود ومتفق مع القانون ،بل يجب أن يكون سبب هذا القرار متناسبا ً مع محله،
وإال كان هذا القرار غير مشروع.
تطبيقا لذلك
ولعل المجال الخصب الذي تتعرض فيه اإلدارة للمساس بالحريات العامة
قرارات االعتقال ،لذلك أخضع القضاء اإلداري مالءمة إصدار تلك القرارات لرقابته.
وقد ذهبت المحكمة اإلدارية العليا في رقابتها على مشروعية قرار اعتقال
إلى أنه " ولئن كانت اإلدارة في األصل تملك حرية وزن مالبسات العمل ،وتقدير
123المرجع السابق
173
أهمية النتائج التي تترتب على الوقائع الثابت قيامها ،إال أنه حيث تختلط مناسبة
العمل بمشروعية ومتى كانت هذه المشروعية تتوقف على حسن تقدير األمور،
وخصوصا ً فيما يتعلق بالحريات العامة ،وجب أن يكون تدخل اإلدارة ألسباب جدية
تبرره ،فالمناط والحالة هذه في مشروعية القرار اإلداري الذى تتخذه اإلدارة ،هو
أن يكون التصرف الزما ً لمواجهة حاالت معينة من دفع خطر جسيم يهدد األمن
والنظام العام ،باعتبار أن هذا اإلجراء هو الوسيلة الوحيدة لمنع هذا الضرر،
وللقضاء اإلداري حق الرقابة على قيام المسوغ أو عدم قيامه ،فإذا ثبت جدية
األسباب التي تبرر هذا التدخل كان القرار بمنجاة عن أي طعن ،أما إذا اتضح أن
األسباب لم تكن جدية ولم يكن فيها من األهمية الحقيقية ما يسوغ التدخل لتقييد
124 الحريات كان القرار باطالً.
نظراً لخطورة إطالق حرية اإلدارة في توقيع الجزاءات التأديبية ،لما تمثله
نوعية هذه القرارات من حساسية خاصة ،التصالها بشكل مباشر بمصالح جوهرية
للموظفين ،لذلك ما لبث أن تبنى قضاء مجلس الدولة موقف جديد بسط فيه رقابته
على مالءمة قرار الجزاء التأديبي الذى أصدرته اإلدارة ،بحيث أصبح بوسع
القاضي إسباغ رقابته على مالءمة إصدار القرارات ذات الطبيعة الجزائية ،من
حيث التأكد من مدى تناسب األثر المترتب على هذه القرارات" الجزاء المتولد
عنها" مع المخالفة المرتكبة ،بحيث تصبح هذه القرارات غير مشروعة كلما كان
هذا التناسب مفتقداً.
124المرجع السابق.
174
تطبيقا لذلك
وتطبيقا ً لذلك ألغت المحكمة اإلدارية العليا قرار فصل أصدرته اإلدارة ضد
أحد موظفيها العتدائه على أحد رؤسائه بالعمل ،حيث أسست حكمها على عدم
تناسب المخالفة التي ارتكبها الموظف مع العقاب الذي وقعته عليه اإلدارة ،وذلك
في ضوء بحثها لكافة ظروف إصدار القرار.
وكان سند المحكمة اإلدارية العليا في إلغاء القرار اإلداري المشوب بالغلو ،أن
عدم المالءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب وبين نوع الجزاء يخرج التقدير من
نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية.
125المرجع السابق.
175
قائمة مراجع الكتاب
د .جورجي شفيق ساري ،قواعد وأحكام القضاء اإلداري ،الطبعة السادسة كلية الحقوق ،جامعة المنصورة ،6002،ص.9،7
د .محمد أحمد سالمة مشعل ،القضاء اإلداري ،كلية الحقوق ،جامعة الزقازيق ،6019 ،ص 72وما بعدها.
د .مدحت احمد يوسف غنايم ،القضاء اإلداري ،كلية الحقوق ،جامعة الزقازيق ،ص.191
د .إبراهيم عبد العزيز شيحا ،القضاء اإلداري ،والية القضاء اإلداري "دعوى اإللغاء
د .عبد العزيز خليفة ،ء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري" ،دار الكتاب الحديث2118 ،
د .محمد محمد عبد اللطيف ،قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية" ،كلية الحقوق ،جامعة المنصورة ،ص 122وما بعدها.
د .رأفت فودة ،النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة" ،در النهضة العربية1998 ،
د .محمد ماهر أبو العينين ،دعوى اإللغاء وفقا ً وفتاوى مجلس الدولة حتى بداية القرن ،21مكتبة كلية الحقوق ،جامعة الزقازيق.
176