You are on page 1of 181

‫جامعة الزقازيـق‬

‫كليــــة الحـقــوق‬
‫قسم القانون العام‬

‫القـضاء اإلداري‬

‫" دعوى اإللـغــاء "‬


‫تنظيـم القـضــاء اإلداري‬

‫شروط قبول دعوى اإللغاء‬

‫أوجــه الطـعـن باإللــغـاء‬

‫دكتور‬

‫حممد مصباح حممد الناجي‬

‫قسم القانون العام‪-‬كلية احلقوق – جامعة الزقازيق‬


‫من أقوال اإلمام الشافعي‬

‫فإنّ رسوب العلم في نفراته‬ ‫مر الجفا من معلم‬


‫اصبر على ّ‬

‫تجرع ذل ّ الجهل طول حياته‬


‫ّ‬ ‫مر ال ّتعلم ساعة‬
‫ومن لم يذق ّ‬

‫فكبــر علـيه أربعـا لوفاتــه‬ ‫ومن فاته ال ّتعليم وقت شبابه‬

‫إذا لم يكونا ال اعتبار لذاته‬ ‫وذات الفتى وهللا بالعلم وال ُّتقى‬
‫س َّلم"‪ََ .‬‬
‫ص َّلى هللا ُ َع َل ْي ِه َو َ‬
‫إلى معلم البشرية‪ ،‬ومنبع العلم سيدنا محمد" َ‬

‫إلى وطني الغالي ‪ .......................‬إلى شهداء الوطن األبرار‪.‬‬

‫إلى تاج رأسي الذي أحمل اسمه بكل فخر‪ ،‬إلى من أعطاني ولم يزل يعطين بال‬
‫حدود‪ ،‬إلى والدي‪.‬‬

‫إلى سيدة القلب والحياة‪ ،‬والحب والوفاء‪ ،‬فكل ما أنا به وكل ما أريد أن أكونه‬
‫مدين به إلى أمي‪.‬‬

‫إلى أخواتي‪ ،‬وزوجتي الغالية‪.‬‬

‫إلى فراشتي الصغيرة‪ ،‬ابنتي منى‬


‫مقدمة عامة‬

‫‪1‬‬
‫تتعدد المنازعات التي تنشأ وتثور داخل أي مجتمع وتتنوع هذه المنازعات تبعا‬
‫لصفة أطرافها‪ ،‬وتختلف حسب طبيعة موضوعاتها‪.‬‬

‫فهناك العديد من المنازعات التي تنشأ بين األفراد العاديين‪ ،‬وهناك منازعات‬
‫تثور بين هيئات الدولة وأجهزتها وإدارتها‪ ،‬وهناك منازعات تثور بين األفراد‬
‫العاديين وهيئات الدولة وأجهزتها‪ ،‬ويثور التساؤل حول المختص بنظر هذه‬
‫المنازعات والفصل فيها؟‬

‫وتتوقف اإلجابة على مثل هذا التساؤل على نوع النظام القانوني المأخوذ به في‬
‫الدولة‪ ،‬فمن المعروف أنه يمكن التمييز بين نظاميين قانونين في الوقت المعاصر‪،‬‬
‫هذان النظامان هما النظام األنجلوسكسونى والنظام الالتيني‪.‬‬

‫ويقوم النظام األنجلوسكسونى على مبدأ أساسي وهو وحدة القانون والقضاء‪،‬‬
‫ومعنى ذلك أن القانون العادي هو الذي يطبق على جميع المنازعات أيا كانت صفة‬
‫أطرافها‪ ،‬ومهما كانت طبيعة موضوعاتها‪ ،‬فليس هناك قانون خاص يطبق على‬
‫المنازعات اإلدارية بل يطبق القانون العادي‪ ،‬والقضاء العادي هو المختص بنظر‬
‫كافة المنازعات والفصل فيها بغض النظر عن صفة أطرافها أو ماهية الموضوعات‬
‫التي تثيرها‪ .‬ومن أبرز الدول التي تطبق هذا النظام‪ ،‬إنجلترا وأمريكا‪.‬‬

‫أما النظام الالتيني فهو يأخذ بمبدأ ازدواجية القانون والقضاء‪ ،‬فهناك قانون عام‬
‫يطبق على المنازعات التي تكون طرفا فيها الدولة أو إحدى السلطات أو اإلدارات‬
‫العامة بصفتها العامة‪ ،‬وهناك قضاء إداري يختص بنظر مثل هذه المنازعات والبت‬
‫فيها‪ .‬ومن الدول التي تأخذ بهذا النظام فرنسا ومصر وبلجيكا وغيرها من الدول‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وفى الدول التي تطبق هذا النظام تبدو أهمية تحديد نوعية النزاع القائم؛ حتى‬
‫يمكن تحديد القانون الواجب التطبيق عليه والقضاء المختص بالفصل فيه‪.‬‬

‫وفى هذه الدول يمكن التمييز بين نوعين من المنازعات‪ ،‬أولهما ‪:‬منازعات‬
‫القانون الخاص البحتة؛ وهي المنازعات التي تنشأ بين أشخاص القانون الخاص‬
‫سواء كانوا أفراد طبيعيين أو هيئات ومنظمات خاصة تتمتع بالشخصية االعتبارية‬
‫الخاصة‪ ،‬وتتعلق بحقوق خاصة بهم يتنازعون حولها‪ ،‬وأبرزها منازعات تدور حول‬
‫القواعد المقررة في القانون المدني والقانون التجاري واألحوال الشخصية‪...‬الخ‪.‬‬

‫ثانيهما‪ :‬منازعات القانون العام البحتة‪ ،‬وهي المنازعات التي تنشأ بين‬
‫أشخاص القانون العام ‪-‬وهي الهيئات واألجهزة العامة التي تتمتع بالشخصية‬
‫االعتبارية العامة ‪-‬وهذه المنازعات تدور حول قواعد القانون العام‪.‬‬

‫ويمكن أن نضيف إلى هذين النوعين نوعا ثالثا من حيث طبيعة أطرافها وهي‬
‫المنازعات المختلطة‪ ،‬وهي المنازعات التي تنشأ بين بين أشخاص القانون العام‬
‫وأشخاص القانون الخاص‪ ،‬أي بين الهيئات واألجهزة العامة وبين األفراد الطبيعيين‬
‫أو أشخاص القانون الخاص االعتبارية‪.‬‬

‫وهذه الطائفة من المنازعات قد تدور حول قواعد القانون العام‪ ،‬وأهمها قواعد‬
‫القانون اإلداري‪ ،‬ومن هذه الزاوية يمكن إلحاقها بمنازعات القانون العام رغم أن أحد‬
‫أطرافها هو شخص من أشخاص القانون الخاص‪ ،‬وقد تدور حول قواعد القانون‬
‫الخاص‪ ،‬وأهمها قواعد القانون المدني والقانون التجاري ومن هذه الناحية يمكن‬
‫إلحاقها بمنازعات القانون الخاص رغم أن أحد أطرافها هو شخص من أشخاص‬
‫القانون العام‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ويالحظ أخيرا أنه من الممكن أن ينشأ نزاع بين أشخاص القانون العام بعضها‬
‫البعض ويدور حول قواعد القانون الخاص‪ ،‬ومن هذه الزاوية يمكن إلحاق مثل هذا‬
‫النزاع بمنازعات القانون الخاص‪.‬‬

‫وبالنسبة للمختص بالمنازعات في الدول التي تأخذ بالنظام الالتيني؛ فيوجد فيها‬
‫بصفة عامة جهتان قضائيتين ‪:‬جهة القضاء العادي وجهة القضاء اإلداري‪.‬‬

‫وبصفة عامة تختص جهة القضاء العادي بالفصل في منازعات القانون الخاص‬
‫أيا كانت صفة أطرافها‪ ،‬في حين تختص جهة القضاء اإلداري بالفصل في منازعات‬
‫القانون العام أيا كانت صفة أطرافها‪.‬‬

‫وإذا كان القضاء اإلداري هو الذي يعهد إليه بمهمة إجراء الرقابة على أعمال‬
‫اإلدارة وإلغاء المخالف منها ألحكام وقواعد المشروعية‪ ،‬فإن وسيلة األفراد في‬
‫الرجوع إلى جهة القضاء إلنزال جزاء اإللغاء على أعمال اإلدارة غير المشروعة‬
‫هي دعوى اإللغاء‪.‬‬

‫وتستهدف دعوى اإللغاء في األساس حماية مبدأ المشروعية ومبدأ سيادة‬


‫القانون‪ ،‬فإنها تعد في ذات الوقت أقوى الضمانات حسما وفاعلية في حماية حريات‬
‫األفراد وحقوقهم‪ ،‬فهي وسيلة ضمان أساسية لهم تجاه تعسف اإلدارة إذا ما عن لها‬
‫ركوب متن الشطط وانتهاك وأحكام وقواعد القانون‪.‬‬

‫فرقابة القضاء اإلداري إذن ألعمال اإلدارة عن طريق دعوى اإللغاء تعد‬
‫ضرورة الزمة إليجاد نوع من التعادل والتوازن بين المصلحة العامة ممثلة في حماية‬

‫‪2‬‬
‫مبدأ المشروعية وسيادة القانون‪ ،‬وبين المصالح الخاصة التي تكمن في حماية حقوق‬
‫(‪)1‬‬
‫وحريات األفراد‪.‬‬

‫وترتيبا على ما تقدم سوف نعرض في هذا المؤلف لوالية القضاء اإلداري ثم‬
‫لدعوى اإللغاء على النحو التالي‪: -‬‬

‫الفصل األول‪- :‬تنظيم القضاء اإلداري‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪- :‬دعــوى اإللـغـاء‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬الطبعة السادسة كلية الحقوق‪ ،‬جامعة المنصورة‪ ،6002،‬ص‪.9،7‬‬

‫‪3‬‬
‫الفصل األول‬
‫تنظيم القضاء اإلداري‬

‫‪4‬‬
‫الفصل األول‬

‫تنظيم القضاء اإلداري‬

‫تاريخ القضاء اإلداري في مصر ليس تاريخا طويال‪ ،‬وال يرجع إلى عهود‬
‫قديمة‪ ،‬وذلك على نقيض تاريخه في فرنسا‪ .‬فحتى قبل عام ‪1792‬م لم يكن هناك‬
‫قضاء إداري بالمعنى المفهوم األن‪ ،‬حيث كانت تخضع المنازعات اإلدارية للقضاء‬
‫العادي‪ ،‬ومع ذلك التاريخ أُنشئ مجلس الدولة المصري كهيئة قضائية مستلقة خاصة‬
‫بالمنازعات اإلدارية‪ ،‬وبالتالي أصبح لدينا قضاء عادى وقضاء إداري‪.‬‬

‫ومرت نشأة القضاء اإلداري في مصر بمراحل متعددة‪ ،‬ويتميز القضاء‬


‫اإلداري بتنظيم خاص عن نظيره في فرنسا‪.‬‬

‫وسنتناول تنظيم القضاء اإلداري في مصر في مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪- :‬تبعية مجلس الدولة المصري‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪- :‬تكوين مجلس الدولة‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫المبحث األول‬

‫تبعية مجلس الدولة المصري‬

‫تلتزم اإلدارة وفقا لمبدأ المشروعية بأن تتفق أعمالها وقرارتها مع القانون؛ وهذا‬
‫يعنى االعتراف لألفراد بالحق في اللجوء إلى جهة قضائية ما من أجل إلغاء التصرف‬
‫الباطل الصادر عن اإلدارة‪ ،‬والذي يمثل بدوره اعتداء على حقوق وحريات األفراد‪،‬‬
‫ومن هنا ظهرت فكرة الرقابة على أعمال اإلدارة بقصد حماية مبدأ المشروعية‪.‬‬

‫وتختلف الدول في تنظيمها للرقابة على أعمال اإلدارة‪ ،‬فهناك بعض الدول‬
‫تجعل االختصاص برقابة أعمال اإلدارة جهة القضاء العادي ويطلق على ذلك النظام‬
‫"نظام القضاء الموحد"‪ ،‬ويذهب البعض األخر إلى اسنادها لجهة قضائية خاصة‬
‫ومستقلة تماما عن القضاء العادي ويطلق على هذا النظام نظام القضاء المزدوج‪.‬‬

‫نظام القضاء الموحد‪- :‬‬

‫يقصد بنظام القضاء الموحد وجود جهة قضائية واحدة في الدولة هي جهة‬
‫القضاء العادي‪ ،‬والتي تتولى الفصل في كافة المنازعات سواء كانت إدارية أو غير‬
‫إدارية‪ ،‬ويتميز هذا النظام بتوحيد القانون‪ ،‬بمعنى أن القواعد القانونية المطبقة على‬
‫األفراد هي ذاتها التي تطبق على اإلدارة‪.‬‬

‫ففي هذا النظام ال يوجد محاكم أو قضاء مستقل بالمنازعات اإلدارية‪ ،‬بل تخضع‬
‫تلك المنازعات للقضاء العادي والذي يخضع له األفراد العاديين في معاملتهم‪ ،‬ويسود‬
‫نظام القضاء الموحد في البالد ذات النظام القانوني االنجلوسكسونى‪ ،‬ومن تلك الدول‬
‫التي تأخذ بذلك النظام الواليات المتحدة األمريكية وانجلترا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪-‬نظام القضاء المزدوج‪- :‬‬

‫إن فكرة وجود قضاء إداري مختص ومستقل باألمور والمنازعات اإلدارية غير‬
‫معروف أو مأخوذ به في كل الدول أو األنظمة القانونية‪ ،‬وإنما في معظمها فقط‪ ،‬وفقا‬
‫لذلك النظام توجد جهتين للقضاء؛ أولهما جهة القضاء العادي والتي تختص‬
‫بمنازعات القانون الخاص "األفراد‪ ،‬واألشخاص المعنوية الخاصة ‪.‬وغيرها‪،‬‬
‫وثانيهما جهة القضاء اإلداري والتي تختص بمنازعات القانون العام وبالتحديد‬
‫(‪)6‬‬
‫المنازعات اإلدارية التي تكون جهة اإلدارة أحد أطرافها‪.‬‬

‫وتعد فرنسا هي مهد هذا النظام والذي عرف بالنظام الالتيني‪ ،‬وأخذت به عدة‬
‫دول أخرى كبلجيكا‪ ،‬مصر‪ ،‬تونس‪ ،‬الجزائر‪ ،‬المغرب‪ ،‬الكاميرون‪ ،‬غانا ‪...‬وغيرها‪.‬‬

‫وسوف نتناول تنظيم القضاء اإلداري في مصر من خالل العناصر التالية‪- :‬‬

‫نشأة مجلس الدولة المصري‪- :‬‬ ‫أوال‬

‫لم تعرف مصر القضاء اإلداري بصورة مستقلة كفرنسا من عهود طويلة‪،‬‬
‫والبحث عن الجذور أو األصول األولى لهذا القضاء ترجع إلى القرن التاسع عشر‪،‬‬
‫غير أن نشأة قضاء إداري بالمعنى الصحيح يرجع إلى عام ‪6491‬م‪.‬‬

‫فمرت مصر بمرحلتين أولهما هي مرحلة القضاء الموحد‪ ،‬وظلت هذه المرحلة‬
‫حتى عام ‪1792‬م‪ ،‬حيث كان االختصاص بنظر المنازعات اإلدارية داخال في‬
‫اختصاص القضاء العادي‪ ،‬فكانت هناك جهة واحدة هي التي تتولى الفصل والنظر‬
‫في كافة القضايا والمنازعات‪ .‬وظل الحال كذلك حتى صدور القانون رقم ‪661‬‬

‫(‪ )6‬د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الزقازيق‪ ،6019 ،‬ص‪ 72‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫لسنة ‪6491‬م بإنشاء مجلس الدولة المصري‪ ،‬ومنذ ذلك التاريخ أضحى هناك‬
‫قاضى مختص بنظر المنازعات اإلدارية‪ ،‬وسارت مصر في نظام ازدواج القضاء‪.‬‬

‫ففي عام ‪1792‬م أُنشئ مجلس الدولة المصري‪ ،‬وأصبحت مصر تطبق نظام‬
‫القضاء المزدوج‪ ،‬أي وجود جهتين للقضاء‪ ،‬جهة القضاء العادي " كالمحاكم‬
‫الجزئية‪ ،‬واالبتدائية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬والتي تختص بنظر المنازعات العادية التي تكون بين‬
‫األفراد بعضها البعض‪ ،‬وجهة القضاء اإلداري والتي تختص بنظر المنازعات‬
‫اإلدارية التي تكون اإلدارة طرفا فيها‪.‬‬

‫التبعية واالستقالل ‪-:‬‬


‫ثانيا‬
‫يُعد مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة‪ ،‬فليس ألي جهة سلطة عليه في أداء‬
‫عمله‪ ،‬فليس للسلطة التنفيذية وال لجهة القضاء العادي أي سلطة عليه‪.‬‬

‫حيث تنص المادة ‪ 191‬من دستور مصر ‪2112‬م‪ ،‬على أن " مجلس الدولة‬
‫جهة قضائية مستقلة‪ ،‬يختص دون غيره بالفصل في المنازعات اإلدارية‪ ،‬ومنازعات‬
‫التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه‪ ،‬كما يختص بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية‪،‬‬
‫ويتولى وحده اإلفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها القانون‪ ،‬ومراجعة‪،‬‬
‫وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية‪ ،‬ومراجعة‬
‫مشروعات العقود التي تكون الدولة‪ ،‬أو إحدى الهيئات العامة طرفا فيها‪ ،‬ويحدد‬
‫القانون اختصاصاته األخرى‪".‬‬

‫تشكيل مجلس الدولة‪- :‬‬ ‫ثالثا‬

‫يُشكل مجلس الدولة وفقا للمادة الثانية من قانون رقم ‪ 94‬لسنة ‪6441‬م‪،‬‬
‫والمعدلة بالقانون رقم ‪ 19‬لسنة‪1792‬م من‪- :‬‬

‫‪8‬‬
‫رئيس المجلس‪ -‬نواب الرئيس ‪-‬وكالء المجلس ‪-‬المستشارين ‪-‬المستشارين‬
‫المساعدين ‪-‬النواب ‪-‬المندوبين‪ .‬وال يُعتبر اإلداريون أو الكتابيون بالمجلس أعضاء‬
‫فيه‪ ،‬وبالتالي ال تسري عليهم األحكام الواردة بقانون مجلس الدولة‪.‬‬

‫رئيس المجلس‬

‫يُعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثالثة من نوابه‬
‫ترشحهم الجمعية العمومية الخاصة بمجلس الدولة‪ ،‬وال ُمشكلة من رئيس مجلس‬
‫الدولة ونوابه ووكالئه والمستشارين الذين شغلوا وظيفة مستشار لمدة سنتين‪ ،‬من بين‬
‫أقدم سبعة من نواب رئيس المجلس‪ ،‬وذلك لمدة أربع سنوات أو المدة الباقية حتى‬
‫بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب‪ ،‬ولمدة واحدة فقط طوال عمله‪.‬‬

‫ويجب إبالغ رئيس الجمهورية بأسماء المرشحين قبل مدة رئيس المجلس‬
‫بستين يوما على األقل‪.‬‬

‫وفى حالة عدم تسمية المرشحين قبل انتهاء األجل المذكور في الفقرة السابقة‪،‬‬
‫أو ترشيح عدد يقل عن ثالثة أو ترشيح من ال تنطبق عليه الضوابط المذكورة في‬
‫الفقرة األولى يقوم رئيس الجمهورية في هذه الحالة بتعيين رئيس المجلس بين أقدم‬
‫سبعة من نواب رئيس المجلس‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫تكوين مجلس الدولة‬

‫يتكون مجلس الدولة المصري وفقا لنص المادة الثانية من قانون مجلس الدولة‬
‫رقم ‪ 99‬لسنة‪1796‬م‪ ،‬من ثالثة أقسام تتمثل في القسم القضائي‪ ،‬وقسم الفتوى‪،‬‬
‫وقسم التشريع‪.‬‬

‫وسوف نتناول تلك األقسام على النحو التالي‪ ،‬في مطلبين مستقلين‪- :‬‬

‫المطلب األول‪- :‬القسم القضائي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪- :‬قسمي الفتوى والتشريع‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المطلب األول‬

‫القسم القضائي لمجلس الدولة‬

‫قبل أن نستعرض ألقسام مجلس الدولة‪ ،‬يجب علينا أن نعرض لالختصاصات‬


‫المنوطة بمجلس الدولة بأقسامه المختلفة‪ ،‬ثم نتناول بالشرح ألقسام مجلس الدولة‪.‬‬

‫اختصاصات مجلس الدولة‪- :‬‬

‫حددت المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة اختصاص محاكم مجلس الدولة‪،‬‬
‫حيث نصت على أنه " تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها في المسائل األتية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الطعون الخاصة بانتخابات المجالس المحلية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين‬


‫العموميين أو لورثتهم‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات اإلدارية النهائية‬
‫الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العالوات‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات اإلدارية الصادرة‬
‫بإحالتهم إلى المعاش أو االستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬الطلبات التي يقدمها األفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات اإلدارية النهائية‪.‬‬

‫سادسا ‪:‬الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات اإلدارية في منازعات‬


‫الضرائب والرسوم وفقا للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫سابعا‪ :‬دعاوى الجنسية‪.‬‬

‫ثامنا‪ :‬الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها‬
‫اختصاص قضائي‪ ،‬فيما عدا القرارات الصادرة من هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات‬
‫العمل وذلك متى كان مرجع الطعن‪ ،‬عدم االختصاص أو عيبا في الشكل أو مخالفة‬
‫للقوانين واللوائح‪ ،‬أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها‪.‬‬

‫تاسعا‪ :‬الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميين بإلغاء القرارات النهائية للسلطات‬
‫التأديبية‪.‬‬

‫عاشرا‪ :‬طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها في البنود السابقة سواء‬


‫رفعت بصفة أصلية أو تبعية‪.‬‬

‫حادي عشر‪ :‬المنازعات الخاصة بعقود االلتزام أو األشغال العامة أو التوريد أو بأي‬
‫عقد إداري آخر‪.‬‬

‫ثاني عشر‪ :‬الدعاوى التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون‪.‬‬

‫ثالث عشر‪ :‬الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في الحدود‬
‫المقررة قانونا‪.‬‬

‫رابع عشر‪ :‬سائر المنازعات اإلدارية‪.‬‬

‫ويُشترط في طلبات إلغاء القرارات اإلدارية النهائية أن يكون مرجع الطعن‬


‫عدم االختصاص أو عيبا في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في‬
‫تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة‪ .‬ويُعتبر في حكم القرارات اإلدارية‬
‫رفض السلطات اإلدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه‬
‫وفقا للقوانين واللوائح‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫تكوين القسم القضائي لمجلس الدولة‬

‫يتكون القسم القضائي لمجلس الدولة‪-‬طبقا لنص المادة الثالثة من قانون‬


‫مجلس الدولة من‪: -‬‬

‫أوال‪: -‬المحكمة اإلدارية العليا‪.‬‬

‫ثانيا‪: -‬محكمة القضاء اإلداري‪.‬‬

‫ثالثا‪: -‬المحاكم اإلدارية‪.‬‬

‫رابعا‪: -‬المحاكم التأديبية‪.‬‬

‫خامسا‪: -‬هيئة مفوضي الدولة‪.‬‬

‫وسنتناول بصورة موجزة عن تشكيل كل هيئة من تلك الهيئات على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المحكمة اإلدارية العليا‪- :‬‬

‫نشأة المحكمة اإلدارية العليا ‪-:‬‬

‫أُنشئت المحكمة اإلدارية العليا بالقانون رقم ‪ 165‬لسنة ‪1955‬م‪ ،‬وتمثل أعلى‬
‫درجة في القضاء اإلداري في مصر‪ ،‬وتعتبر في مكانة مماثلة لمحكمة النقض في‬
‫القضاء العادي‪ .‬ونص قانون مجلس الدولة على أن يكون مقر المحكمة اإلدارية العليا‬
‫مدينة القاهرة‬

‫‪13‬‬
‫وتعتبر المحكمة اإلدارية العليا محكمة واحدة فقط‪ ،‬حتى وإن تعددت دوائرها‪.‬‬
‫ويرأس المحكمة اإلدارية العليا رئيس مجلس الدولة‪ ،‬وفى حالة تعدد دوائرها تكون‬
‫له رئاسة الدائرة األولى‪ ،‬وتكون لنوابه رئاسة الدوائر األخرى ‪.‬وتشكل كل دائرة من‬
‫خمسة مستشارين‪ ،‬وبالمحكمة دائرة أو أكثر لفحص الطعون وتشكلدائرة فحص‬
‫الطعون من ثالثة مستشارين‪.‬‬

‫اختصاص المحكمة اإلدارية العليا ‪-:‬‬

‫تعتلى المحكمة اإلدارية العليا قمة القضاء اإلداري في مصر‪ ،‬فهي تعد بمثابة‬
‫محكمة نقض إدارية تعمل جاهدة على توحيد مبادئ القضاء اإلداري‪.‬‬

‫وطبقا لنص المادة ‪ 23‬من قانون مجلس الدولة رقم ‪ 47‬لسنة ‪1972‬م‪ ،‬فإن دور‬
‫المحكمة اإلدارية العليا يتمثل في البت في الطعون األحكام الصادرة من محاكم‬
‫القضاء اإلداري ومن المحاكم التأديبية‪ ،‬وذلك في األحوال األتية‪:‬‬

‫إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو‬ ‫‪1‬‬
‫تأويله‪.‬‬

‫إذا وقع بطالن في الحكم أو بطالن في اإلجراءات أثر في الحكم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫إذا صدر الحكم على خالف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه سواء‬
‫‪3‬‬
‫دفع بهذا الدفع أم لم يدفع‪.‬‬

‫ويكون لذوي الشأن ولرئيس هيئة مفوضي الدولة أن يطعن في تلك األحكام‬
‫خالل ستين يوما من تاريخ صدور الحكم‪ ،‬وذلك مع مراعاة األحوال التي وجب عليه‬
‫القانون فيها الطعن في الحكم‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫أما األحكام الصادرة من محكمة القضاء اإلداري في الطعون المقامة في أحكام‬
‫المحاكم اإلدارية‪ ،‬فال يمكن الطعن عليها أمام المحكمة اإلدارية العليا إال من رئيس‬
‫هيئة مفوضي الدولة خالل ‪ 61‬يوما من صدور الحكم‪ ،‬وذلك إذا صدر الحكم على‬
‫خالف ما جرى عليه قضاء المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬أو إذا كان الفصل في الطعن‬
‫يقتضي تقرير مبدأ قانونى لم يسبق لهذه المحكمة تقريره‬

‫ولتوضيح ذلك‪- :‬فلنفرض مثال أن شخص رفع دعوى أمام المحكمة اإلدارية‬
‫ولم يصدر الحكم لصالحه‪ ،‬فقام بالطعن عليه أمام محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬وأيضا لم‬
‫يصدر الحكم لصالحه‪ ،‬ففي هذه الحالة إن أراد الطعن على ذلك الحكم أمام المحكمة‬
‫اإلدارية العليا‪ ،‬فال يستطيع رفعها مباشرة بل يكون ذلك الحق مقرر لرئيس هيئة‬
‫مفوضي الدولة‪ ،‬وهذا الحق ليس مقرر في جميع الحاالت‪ ،‬بل إذا صدر الحكم على‬
‫خالف ما جرى عليه قضاء المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬أو إذا كان الفصل في الطعن‬
‫يقتضي تقرير مبدأ قانونى لم يسبق لهذه المحكمة تقريره‪.‬‬

‫اإلجراءات أمام المحكمة اإلدارية العليا‪- :‬‬

‫وفقا لنص المادة الرابعة من قانون مجلس الدولة‪ ،‬فإن المحكمة اإلدارية العليا‬
‫تُشكل من نوعين من الدوائر‪:‬‬

‫دائرة فحص الطعون‪- :‬‬ ‫أ‬

‫تتكون دائرة فحص الطعون من ثالثة مستشارين‪ ،‬وتتمثل مهمتها في فحص‬


‫الطعون بعد سماع إيضاحات مفوضي الدولة‪ ،‬وذوي الشأن إن رأى رئيس الدائرة‬
‫وجها لذلك‪ ،‬فإذا رأت دائرة فحص الطعون أن الطعن جدير بالعرض على المحكمة‬
‫اإلدارية العليا‪ ،‬إما ألن الطعن مرجح القبول أو ألن الفصل في الطعن يقتضي تقرير‬

‫‪15‬‬
‫مبدأ قانونى لم يسبق للمحكمة تقريره‪ ،‬فإن دائرة فحص الطعون في تلك الحالة تصدر‬
‫قرارا بإحالتها إلى المحكمة اإلدارية العليا " الدائرة الخماسية"‪ .‬للنظر في الطعن‪.‬‬

‫أما إذا رأت دائرة فحص الطعون بإجماع األراء أن الطعن غير مقبول شكال أو‬
‫باطل أو غير جدير بالعرض على المحكمة‪ ،‬حكمت برفضه‪ ،‬وبالتالي فلن يُعرض‬
‫على المحكمة اإلدارية العليا " الدائرة الخماسية"‪.‬‬

‫والدور الذي تقوم به دائرة فحص الطعون هو دور هام للغاية؛ حيث تقوم‬
‫بتخفيف الضغط على المحكمة اإلدارية العليا من خالل عدم عرض الطعون الباطلة‬
‫أو المرجح عدم قبولها شكال أو موضوعا‪ ،‬وقرر المشرع أنه في حالة الحكم برفض‬
‫الطعن فقد أشترط أن يكون ذلك بإجماع اآلراء ‪.‬ومن ثم فإن دور عمل دائرة فحص‬
‫الطعون يتمثل في كونها بمثابة مصفاة يمر الطعن منها أوال ثم يصل إلى المحكمة‪.‬‬

‫الدوائر الخماسية‪- :‬‬ ‫ب‬

‫هي التي تشكل من عضوية خمسة مستشارين‪ ،‬وتختص بنظر الطعون التي‬
‫قررت دائرة فحص الطعون إحالتها إليها‪ ،‬ويجوز أن يكون من بين أعضاء الدائرة‬
‫الخماسية أحد أعضاء لجنة فحص الطعون والذي أشترك في إصدار قرار اإلحالة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ثانيا ‪ :‬محكمة القضاء اإلداري‪- :‬‬

‫تُعتبر محكمة القضاء اإلداري صاحبة االختصاص العام في القضاء اإلداري‪،‬‬


‫وهذا يعنى أن محكمة القضاء اإلداري تختص بنظر كافة المنازعات اإلدارية باستثناء‬
‫المنازعات التي جعلها المشرع من اختصاص المحاكم اإلدارية والتأديبية‪.‬‬

‫فمحكمة القضاء اإلداري محكمة واحدة مقرها مدينة القاهرة‪ ،‬ويرأسها نائب‬
‫رئيس مجلس الدولة‪ ،‬وتصدر احكامها من دوائر تُشكل كل منها من ثالثة مستشارين‪،‬‬
‫ويحدد اختصاص كل دائرة من دوائر محكمة القضاء اإلداري بقرار من مجلس الدولة‪.‬‬

‫ويجوز بقرار من رئيس مجلس الدولة إنشاء دوائر لمحكمة القضاء اإلداري في‬
‫المحافظات األخرى‪ ،‬مثال ذلك دائرة القضاء اإلداري باإلسكندرية والتي تختص‬
‫بالفصل في المنازعات التي تدخل في اختصاص محكمة القضاء اإلداري بدوائرها‬
‫العادية واالستئنافية وذلك في محافظات اإلسكندرية ومطروح والبحيرة‪.‬‬

‫وإذا شمل اختصاص الدائرة أكثر من محافظة جاز لها بقرار من رئيس المجلس‬
‫أن تعقد جلساتها في عاصمة أي من المحافظات الداخلة في دائرة اختصاصها‪.‬‬

‫اختصاص محكمة القضاء اإلداري‪- :‬‬

‫لمحكمة القضاء اإلداري نوعان من االختصاصات‪ ،‬اختصاصات كمحكمة أول‬


‫درجة‪ ،‬واختصاصات كمحكمة استئناف‪.‬‬

‫االختصاص كمحكمة أول درجة ‪-:‬‬ ‫أ‬

‫تختص محكمة القضاء اإلداري كمحكمة أول درجة بجميع المنازعات اإلدارية‬
‫التي ال تدخل في اختصاص المحاكم اإلدارية والمحاكم التأديبية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫وبعبارة أخرى فإن محكمة القضاء اإلداري تعتبر المحكمة ذات االختصاص العام‪،‬‬
‫بالنسبة للمنازعات اإلدارية‪ ،‬ومعنى ذلك أن اختصاصات المحاكم التأديبية والمحاكم‬
‫اإلدارية هي اختصاصات محددة على سبيل الحصر‪ ،‬وما لم يرد ضمن هذه‬
‫االختصاصات يدخل في اختصاصات محكمة القضاء اإلداري كمحكمة أول درجة‪.‬‬

‫االختصاص كمحكمة استئناف‪- :‬‬ ‫ب‬

‫تختص محكمة القضاء اإلداري كمحكمة استئناف بالفصل في الطعون المقدمة‬


‫إليها في األحكام الصادرة من المحاكم اإلدارية‪ .‬وصاحب الحق في الطعن في هذه‬
‫األحكام هو ذوو الشأن ورئيس مفوضي الدولة‪.‬‬

‫وأحكام محكمة القضاء اإلداري الصادرة منها كمحكمة استئناف نهائية‪ ،‬وال‬
‫تقبل الطعن إال أمام المحكمة اإلدارية العليا‪ .‬وال يقبل الطعن في هذه الحالة إال من‬
‫رئيس هيئة مفوضي الدولة وحده فال يجوز أن يقدم من ذوي الشأن‪ .‬ويتعين أن يُبنى‬
‫الطعن على مخالفة الحكم المطعون عليه لمبدأ مستقر في قضاء المحكمة اإلدارية‬
‫العليا‪ ،‬أو على الحاجة إلى تقرير مبدأ قانونى جديد‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المحاكم اإلدارية‪- :‬‬

‫عند إنشاء مجلس الدولة كانت محكمة القضاء اإلداري هي المحكمة الوحيدة‬
‫التي يتشكل منها القسم القضائي به‪ ،‬ولقد ترتب على ذلك ان كثرت القضايا أمامها مما‬
‫أدى إلى البطء في الفصل في المنازعات؛ األمر الذي أثر على حسن سير العمل‬
‫القضائي وأصاب العدالة اإلدارية بخلل‪ ،‬ومع عدة محاوالت لتخفيف ذلك الخلل‪ ،‬فقد‬
‫أنشئت المحاكم اإلدارية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وطبقا لنص المادة الخامسة من قانون مجلس الدولة؛ يكون مقر المحاكم اإلدارية في‬
‫القاهرة واإلسكندرية‪ ،‬ويكون لهذه المحاكم نائب رئيس يعاون المجلس في القيام على‬
‫تنظيمها‪ ،‬ويجوز إنشاء محاكم إدارية في المحافظات األخرى بقرار من رئيس المجلس‪.‬‬

‫وتصدر أحكامها من دوائر تشكل كل منها برئاسة مستشار مساعد وعضوية اثنين‬
‫من النواب على األقل‪ .‬وتحدد دائرة اختصاص كل محكمة بقرار من رئيس مجلس الدولة‪،‬‬
‫وإذا شمل اختصاص المحكمة أكثر من محافظة جاز لها أن تنعقد في عاصمة أي محافظة‬
‫من المحافظات الداخلة في اختصاصها‪ ،‬وذلك بقرار من رئيس مجلس الدولة‪.‬‬

‫اختصاص المحاكم اإلدارية‪- :‬‬

‫تختص المحاكم اإلدارية بنوعين من المنازعات‪- :‬‬

‫بعض منازعات الموظفين ‪-:‬‬ ‫أ‬

‫تختص المحاكم اإلدارية بطلبات اإللغاء والتعويض عن القرارات اإلدارية النهائية‬


‫الصادرة فقط بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العالوات أو باإلحالة إلى‬
‫المعاش أو االستيداع أو الفصل بغير الطريق التأديبي ‪.‬وتختص كذلك بالفصل في‬
‫المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لبعض الموظفين‪.‬‬

‫واختصاص المحاكم اإلدارية هذا مقتصر فقط على الطلبات والمنازعات السابقة‬
‫متى كانت متعلقة بالموظفين العموميين من المستوى الثاني والمستوى الثالث ومن‬
‫يعادلهم ‪.‬أما غير ذلك من القرارات فتدخل في اختصاص محكمة القضاء اإلداري‪.‬‬

‫بعض منازعات العقود اإلدارية‪- :‬‬ ‫ب‬

‫تختص المحاكم اإلدارية ببعض منازعات العقود اإلدارية‪ ،‬وهي المنازعات‬


‫التي ال تجاوز قيمتها خمسمائة جنيه‪ ،‬والعبرة هنا بقيمة المنازعة وليس بقيمة‬

‫‪19‬‬
‫العقد‪ ،‬فقد تتجاوز قيمة العقد هذا الحد‪ ،‬وبالتالي تخضع الختصاص المحكمة اإلدارية‬
‫متى كانت المنازعة المرفوعة إليها ال تجاوز قيمتها هذا الحد‪.‬‬

‫رابعا ‪:‬المحاكم التأديبية‪-:‬‬

‫ويوجد نوعان للمحاكم التأديبية‪: -‬‬

‫‪ ‬المحاكم التأديبية للعاملين من مستوى اإلدارة العليا ومن يعادلهم‪ ،‬ويطلق‬


‫عليها في العمل" المحكمة التأديبية العليا‪ ".‬ومقار هذه المحاكم في القاهرة‬
‫واإلسكندرية‪ ،‬وتؤلف من دائرة أو أكثر‪ ،‬تُشكل كل منها من ثالثة مستشارين‪،‬‬
‫ويصدر بالتشكيل قرار من رئيس مجلس الدولة‪.‬‬
‫‪ ‬المحاكم التأديبية للعاملين من المستويات األول والثاني والثالث ومن‬
‫يعادلهم‪ .‬ومقار هذه المحاكم في القاهرة واإلسكندرية‪ ،‬وتؤلف من دوائر‬
‫تشكل كل منها برئاسة مستشار مساعد على األقل وعضوية اثنين من النواب‬
‫على األقل‪ ،‬ويصدر بالتشكيل قرار من رئيس المجلس‪.‬‬

‫كما يجوز بقرار من رئيس المجلس إنشاء محاكم تأديبية في المحافظات‬


‫األخرى غير القاهرة واإلسكندرية‪ ،‬ويبين القرار عددها ومقارها ودوائر‬
‫اختصاصها‪ ،‬بعد أخذ رأى مدير النيابة اإلدارية‪.‬‬

‫اختصاص المحاكم التأديبية‪- :‬‬

‫تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية‬


‫واإلدارية التي تقع من ‪-:‬‬

‫‪21‬‬
‫أوال‪- :‬العاملين المدنيين بالجهاز اإلداري للدولة في وزارات الحكومة‪،‬‬
‫ومصالحها ووحدات الحكم المحلى‪ ،‬واالملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة‪ ،‬وما‬
‫يتبعها من وحدات وبالشركات التي تضمن لها الحكومة حدا أدنى من األرباح‪.‬‬

‫ثانيا‪- :‬أعضاء مجالس إدارة التشكيالت النقابية المشكلة طبقا لقانون العمل‬
‫وأعضاء مجالس اإلدارة المنتخبين طبقا ألحكام القانون رقم ‪ 141‬لسنة‪1963‬م‪.‬‬

‫ثالثا‪- :‬العاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من‬
‫رئيس الجمهورية ممن تجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيها شهريا‪.‬‬

‫كما أعطى القانون للمحاكم التأديبية اختصاصا بنظر طلبات اإللغاء‪ ،‬والطعون‬
‫المقدمة من الموظفين العموميين والعاملين بالقطاع العام‪ ،‬ضد القرارات التأديبية‬
‫والجزاءات الموقعة من السلطات اإلدارية المختصة‪.‬‬

‫ويتحدد اختصاص المحكمة التأديبية تبعا للمستوى الوظيفي للموظف وقت إقامة‬
‫الدعوى‪ ،‬ال وقت وقوع المخالفة‪ ،‬وإذا تعدد العاملون المقدمون للمحاكم كانت‬
‫المحكمة المختصة بمحاكمة أعالهم في المستوى الوظيفي هي المختصة بمحاكمتهم‬
‫جميعا‪ .‬أما بالنسبة للعاملين بالجمعيات والشركات والهيئات الخاصة التي يصدر‬
‫بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية‪ ،‬فتختص بمحاكمتهم جميعا المحكمة التأديبية‬
‫للعاملين من المستوى األول والثاني والثالث‪.‬‬

‫خامسا ‪-:‬هيئة مفوضي الدولة‪.‬‬

‫تُشكل هيئة مفوضي الدولة برئاسة أحد نواب رئيس المجلس وبعضوية عدد‬
‫كاف من المستشارين والمستشارين المساعدين والنواب والمندوبين‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ويكون مفوض الدولة لدى المحكمة اإلدارية العليا ومحكمة القضاء اإلداري من‬
‫درجة مستشار مساعد على األقل‪ ،‬وذلك نظر ألهمية المنازعات اإلدارية التي تثور‬
‫أمامها‪ ،‬وللقيمة الخاصة التي تمثلها األحكام التي تصدر عنهما‪.‬‬

‫اختصاص هيئة المفوضين‪- :‬‬

‫تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة ‪-:‬‬ ‫‪1‬‬

‫تتولى هيئة مفوضي الدولة تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة‪ ،‬ولمفوضي‬


‫الدولة في سبيل ذلك االتصال بالجهات الحكومية ذات الشأن للحصول على ما يكون‬
‫الزما من بيانات وأوراق‪ ،‬وأن يأمر باستدعاء ذوى الشأن لسؤالهم عن الوقائع التي‬
‫يرى لزوم تحقيقها‪ ،‬او بدخول شخص ثالث في الدعوى‪ ،‬أو بتكليف ذوى الشأن في‬
‫تقديم مذكرات أو مستندات تكميلية‪ ،‬وغير ذلك من إجراءات التحقيق في األجل الذى‬
‫يحدده لذلك‪ ،‬وال يجوز في سبيل تهيئة الدعوى تكرار التأجيل لسبب واحد‪ ،‬ومع ذلك‬
‫يجوز للمفوض إذا رأى منح أجل جديد أن يحكم على طالب التأجيل بغرامة ال تجاوز‬
‫عشرة جنيهات يجوز منحها للطرف األخر‪.‬‬

‫ويقوم المفوض بعد إتمام تهيئة الدعوى‪ ،‬بإيداع تقرير يحدد فيه الوقائع‬
‫والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع ويبدى رأيه مسببا‪ ،‬ويجوز لذوي الشأن أن‬
‫يطلعوا على تقرير المفوض بقلم كتاب المحكمة‪ ،‬وأن يطلبوا صورة منه على نفقتهم‪.‬‬

‫طلب اإلعفاء من الرسوم القضائية ‪-:‬‬ ‫‪2‬‬

‫يفصل المفوض في طلبات اإلعفاء من الرسوم القضائية‪ ،‬وذلك إعماال لنص‬


‫الفقرة األخيرة من نص المادة ‪69‬من قانون مجلس الدولة‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫تسوية النزاع عن طريق الصلح ‪-:‬‬ ‫‪3‬‬

‫لمفوض الدولة أن يعرض على الطرفين تسوية النزاع على أساس المبادئ‬
‫القانونية التي ثبت عليها قضاء المحكمة اإلدارية العليا من خالل أجل يحدده‪ ،‬فإذا‬
‫تمت التسوية أثبتت في محضر يوقع عليه الخصوم‪ ،‬أو وكالؤهم ويكون لهذا‬
‫المحضر قوة السند التنفيذي‪ ،‬وتعطى صورته وفقا للقواعد المقررة‪ ،‬وتستبعد القضية‬
‫من الجداول النتهاء النزاع فيها‪.‬‬

‫الطعن أمام المحكمة اإلدارية العليا‪- :‬‬ ‫‪3‬‬

‫يكون لمفوضي الدولة الحق في الطعن أمام المحكمة اإلدارية العليا في األحكام‬
‫الصادرة من محكمة القضاء اإلداري أو من المحاكم التأديبية في الحاالت المحددة في‬
‫المادة ‪ 23‬من قانون مجلس الدولة‪- .‬السالف ذكرها ‪-‬‬

‫ولرئيس هيئة مفوضي الدولة وحده الحق في الطعن أمام المحكمة اإلدارية‬
‫العليا في األحكام الصادرة من محكمة القضاء اإلداري في الطعون المقامة أمامها في‬
‫أحكام المحاكم اإلدارية‪ ،‬وذلك إذا صدر الحكم على خالف ما جرى عليه قضاء‬
‫المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬أو إذا كان الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانونى لم‬
‫يسبق لهذه المحكمة تقريره‪- .‬كما ذكرنا سابقا‪.-‬‬

‫‪23‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫قسمي الفتوى والتشريع‬

‫سبق أن ذكرنا أن مجلس الدولة ينقسم إلى ثالثة أقسام رئيسية القسم القضائي‪،‬‬
‫قسم الفتوى‪ ،‬قسم التشريع‪ .‬وفى ذلك المطلب سوف نتناول قسمي الفتوى والتشريع‪:‬‬

‫أوال‪ :‬قسم الفتوى‪- :‬‬

‫يتمثل دور قسم الفتوى بمجلس الدولة بمهمة إبداء الرأي والمشورة لإلدارة‪،‬‬
‫خاصة فيما يتعلق بالمسائل القانونية‪.‬‬

‫تشكيل قسم الفتوى ‪-:‬‬

‫يتكون قسم الفتوى من هيئتين أولهما إدارات الفتوى للجهات اإلدارية المختلفة‬
‫وتسمى (اإلدارات( حيث يكون هناك عدد من اإلدارات خاصة برئاسة الجمهورية‬
‫ورئاسة مجلس الوزراء والوزراء والهيئات العامة ‪.‬فعلى سبيل المثال هناك إدارة خاصة‬
‫برئاسة الجمهورية‪ ،‬وأخرى خاصة لوزارة الداخلية‪ ،‬وإدارة لوزارة الصحة‪.‬ويرأس كل‬
‫إدارة منها مستشار أو مستشار مساعد‪ ،‬ويتم تحديد عدد اإلدارات وتحديد عدد دوائر‬
‫اختصاصها بقرار من الجمعية العمومية للمجلس‪.‬‬

‫وتختص هذه اإلدارات باآلتي ‪-:‬‬

‫‪ ‬إبداء الرأي فيما يطلب منها من الجهات السابقة‪.‬‬


‫‪ ‬فحص التظلمات اإلدارية التي ترفع لهذه الجهات‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وقد اوجب القانون على الوزارات والهيئات العامة ومصالح الدولة‪ ،‬أخذ رأى‬
‫إدارة الفتوى المختصة إلبرام أو قبول أو إجازة أي عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ‬
‫قرار محكمين‪ ،‬في مادة تزيد قيمتها خمسة آالف جنيه‪.‬‬

‫الهيئة الثانية تتمثل في لجان رؤساء اإلدارات ‪-:‬لتوثيق التعاون بين إدارات‬
‫الفتوى فقد نص قانون مجلس الدولة على اجتماع رؤساء اإلدارات المختلفة– خاصة‬
‫المتجانسة منها‪-‬في هيئة لجان‪ ،‬يرأسها نائب رئيس المجلس المختص‪ .‬وتختص هذه‬
‫اللجان بإبداء الرأي في كل ما يحيله إليها رئيس إدارة الفتوى من مسائل ‪.‬وهذه اإلحالة‬
‫(‪)3‬‬
‫من قبل رئيس اإلدارة وجوبية في بعض الحاالت وجوازيه في البعض األخر‪.‬‬

‫ثانيا‪- :‬قسم التشريع‬

‫التشكيل‪- :‬‬

‫يُشكل قسم التشريع من أحد نواب رئيس المجلس‪ ،‬ومن عدد كاف من‬
‫المستشارين المساعدين‪ ،‬ويلحق به عدد من النواب والمندوبين‪ .‬وتكون رئاسة قسم‬
‫التشريع لنائب رئيس المجلس‪ ،‬وفى حالة غيابه يتوالها أقدم مستشاري القسم‪ .‬ويجب‬
‫دعوة رئيس إدارة الفتوى المختصة عند نظر التشريعات المتعلقة بإداراته لإلشتراك‬
‫في المداوالت‪ ،‬وله صوت معدود فيها‪.‬‬

‫(‪ )3‬د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.121-120‬‬

‫‪25‬‬
‫االختصاصات‪- :‬‬

‫يختص قسم التشريع بالمسائل اآلتية‪- :‬‬

‫إعداد مشروعات التشريعات‪ ،‬سواء كانت قوانين أو قرارات جمهورية‬


‫‪1‬‬
‫ذات صفة تشريعية أو الئحية‪ ،‬وذلك بناء على طلب وزارة أو مصلحة‬
‫معينة تريد استصدارها من السلطة المختصة‪.‬‬

‫مراجعة صياغة التشريعات‪ ،‬فقد ألزم قانون مجلس الدولة كل وزارة أو‬ ‫‪2‬‬
‫مصلحة قبل استصدار أي قانون أو قرار من رئيس الجمهورية ذي صفة‬
‫تشريعية أو الئحية أن يعرض المشروع المقترح على قسم التشريع‪.‬‬

‫مراجعة صياغة التشريعات التي يرى رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء‬ ‫‪3‬‬
‫أو رئيس مجلس الدولة نظرها على وجه االستعجال‪ ،‬ويقوم بالمراجعة في‬
‫هذه الحالة لجنة تشكل من رئيس قسم التشريع أو من يقوم مقامه وأحد‬
‫مستشاري القسم يندبه رئيس القسم ورئيس إدارة الفتوى المختصة‪.‬‬

‫ويالحظ أنه في حاالت مراجعة الصياغة يقتصر دور القسم على مراجعة‬
‫العبارات واالصطالحات والصياغة القانونية‪ ،‬فال يشمل التعرض لموضوع التشريع‬
‫نفسه‪ ،‬فإذا كان من غير الممكن مراجعة الصياغة دون التعرض للموضوع‪ ،‬ففي هذه‬
‫الحالة يشترط أال تؤدى الصياغة إلى تغيير الموضوع األصلي المقصود من الجهة‬
‫المقترحة للمشروع ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫التشكيل ‪-:‬‬

‫تُشكل الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع برئاسة نائب رئيس المجلس‬
‫وعضوية نواب رئيس المجلس لقسمي الفتوى والتشريع ومستشاري قسم التشريع‬
‫ورؤساء إدارات الفتوى‬

‫االختصاصات‪- :‬‬

‫‪ ‬إبداء الرأي في المسائل والموضوعات األتية‪:‬‬

‫‪ ‬المسائل الدولية والدستورية والتشريعية وغيرها من المسائل القانونية التي‬


‫تحال إليها بسبب أهميتها من رئيس الجمهورية أو من رئيس الهيئة التشريعية أو‬
‫من رئيس مجلس الوزراء أو من أحد الوزراء أو من رئيس مجلس الدولة‪.‬‬

‫‪ ‬المسائل التي ترى فيها إحدى لجان قسم الفتوى رأيا يخالف فتوى صدرت من‬
‫لجنة أخرى أو من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع‪.‬‬

‫‪ ‬المسائل التي ترى إحدى لجان قسم الفتوى إحالتها ألهميتها‪.‬‬

‫‪ ‬المنازعات التي تنشأ بين الوزارات أو بين المصالح العامة أو بين الهيئات‬
‫العامة أو بين المؤسسات العامة أو بين الهيئات المحلية أو بين الجهات‬
‫وبعضها البعض ‪.‬ويكون رأى الجمعية في هذه المنازعات ملزما للجانبين‪.‬‬

‫‪ ‬مراجعة مشروعات القوانين وقرارت رئيس الجمهورية ذات الصفة‬


‫التشريعية‪ ،‬وكذلك اللوائح التي يرى قسم التشريع إحالتها إليها ألهميتها (‪.)9‬‬

‫(‪ )9‬د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق رص‪.123-126‬‬

‫‪27‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫دعوى اإللغاء‬

‫‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫دعــوى اإللـغـاء‬

‫تمهيد وتقسيم‪- :‬‬

‫تحتل دعوى إلغاء القرارات اإلدارية أهمية خاصة بالمقارنة بسائر الدعاوى‬
‫اإلدارية‪ ،‬نظرا لكونها وسيلة فعالة لرقابة المشروعية اإلدارية ‪.‬‬

‫وتقتضي الدراسة الشاملة لدعوى اإللغاء أن نتعرض لطبيعة هذه الدعوى ثم‬
‫لشروط قبولها‪ ،‬ثم أوجه الطعن باإللغاء‪.‬‬

‫وترتيبا على ما تقدم‪ ،‬سنقوم بتناول دعوى اإللغاء من خالل التقسيم التالي‪: -‬‬

‫المبحث األول‪: -‬تعريف دعوى اإللغاء وخصائصها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪: -‬شروط قبول دعوى اإللغاء‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪: -‬أوجه الطعن باإللغاء‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫المبحث األول‬

‫تعريف دعوى اإللغاء وخصائصها‬

‫تعريف دعوى اإللغاء‪: -‬‬

‫يمكن تعريف دعوى اإللغاء بأنها" الدعوى التي يرفعها صاحب الشأن أمام‬
‫(‪)5‬‬
‫القاضي اإلداري المختص للمطالبة بإلغاء قرار إداري نهائي صدر مخالفا للقانون‬

‫فقضاء اإللغاء يتمثل في فحص الطلبات المقدمة ضد القرارات اإلداري‪ ،‬سواء‬


‫الفردية أو الالئحية‪ ،‬بقصد إلغائها بحجة أنها مشوبة بعيب من العيوب التي تجيز إلغائها‪.‬‬

‫خصائص دعوى اإللغاء‪: -‬‬

‫تتميز دعوى اإللغاء بثالث خصائص‪- :‬‬

‫دعوى اإللغاء دعوى قضائية‪- :‬‬ ‫أوال‬

‫تعتبر دعوى اإللغاء دعوى قضائية‪ ،‬فهي دعوى من خلق مجلس الدولة‬
‫الفرنسي‪ ،‬فهي ال تحتاج إلى نص خاص‪ ،‬فكل قرار إداري قابل للطعن فيه باإللغاء‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫حتى ولو لم ينص على ذلك‪ ،‬بل حتى ولو نص على أنه غير قابل ألي طعن‪.‬‬

‫(‪ )5‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الزقازيق‪ ،‬ص‪.191‬‬

‫(‪ )2‬د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 680‬وما بعدها‬

‫‪31‬‬
‫فالخصومة في دعوى اإللغاء هي خصومة قضائية في منازعة قضائية؛ ال تقوم‬
‫بين أطرافها إال لو كان موضوعها ومناطها القرار اإلداري في ذاته المستهدف‪،‬‬
‫(‪)9‬‬
‫لمراقبة مشروعيته توصال إلى وقف تنفيذه أو إلغائه‪.‬‬

‫وتعتبر دعوى اإللغاء دعوى القانون العام‪ ،‬فال مثيل لها في دائرة القانون الخاص‪،‬‬
‫ومفاد ذلك أن جميع القرارات اإلدارية قابلة للطعن باإللغاء أمام محاكم مجلس الدولة‪،‬‬
‫عدا ما يستثنى منها بنص صريح‪ ،‬ويُعقد االختصاص بشأنها لجهة أخرى‪ -‬كما سنرى‪،-‬‬
‫فدعوى اإللغاء يمكن أن توجه إلى جميع القرارات فردية أو تنظيمية تتمتع بالقوة‬
‫العادية للقرارات اإلدارية باعتبارها تأتى في المرتبة التالية للقانون‪ ،‬أو تتمتع بقيمة‬
‫(‪)8‬‬
‫القانون كالقرارات الجمهورية التي تصدر في حالة الضرورة‪.‬‬

‫دعوى اإللغاء دعوى موضوعية "عينية"‪- :‬‬ ‫ثانيا‬

‫دعوى اإللغاء دعوى موضوعية أو عينية‪ ،‬وذلك ألن أساس وجوهر الطعن‬
‫باإللغاء هو النعي على مشروعية القرار اإلداري المطعون فيه‪ ،‬فهي ال تمثل‬
‫(‪)7‬‬
‫خصومة تتعلق بحقوق شخصية‪ ،‬وإنما تنصب الخصومة على القرار اإلداري ذاته‬

‫فدعوى اإللغاء باعتبارها دعوى موضوعية أو عينية تختلف عن الدعاوى‬


‫الشخصية التي تقوم بين طرفين متنازعين‪ ،‬بحيث يكون الهدف منها حماية المراكز‬
‫الذاتية أو الشخصية لرافعي الدعاوى‪ ،‬ولذلك فإنه يشترط في الدعاوى الشخصية‬
‫يكون هناك حق أعتدى عليه‪ ،‬أما في دعوى اإللغاء فيكفي أن تتوافر في المدعى‬
‫(‪)10‬‬
‫المصلحة الشخصية المباشرة دون أن يلزم اتصال المصلحة بحق شخصي‪.‬‬

‫(‪ )9‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬والية القضاء اإلداري "دعوى اإللغاء"‪ ،‬ص‪ 680‬وما بعدها‪.‬‬

‫(‪ )8‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪13‬؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 687‬وما بعدها‪.‬‬

‫(‪ )7‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪13‬؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 680‬وما بعدها‬

‫(‪ )10‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 680‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫ويترتب على تلك التفرقة بين دعوى اإللغاء باعتبارها دعوى عينية عن غيرها‬
‫من الدعاوى الشخصية‪ ،‬أن الحكم الصادر بإلغاء القرار اإلداري يكون ذا حجية‬
‫مطلقة في مواجهة الكافة‪ ،‬وذلك على العكس من حجية الحكم الصادر في الدعوى‬
‫(‪)11‬‬
‫الشخصية حيث يحوز فقط حجية نسبية بين أطرافه‪.‬‬

‫دعوى اإللغاء تنتمي لقضاء المشروعية ‪-:‬‬ ‫ثالثا‬

‫ذكرنا أن دعوى اإللغاء تُعد دعوى عينية؛ بمعنى أنها توجه ضد قرار إداري‬
‫غير مشروع بهدف إلغائه أو إعدامه‪ ،‬وأن سلطة القاضي في ذلك تكمن في مدى‬
‫اتفاق القرار وأحكام القانون‪ ،‬فإذا ما وجد القاضي اإلداري أن القرار قد خالف القانون‬
‫قضى بعدم مشروعيته‪ ،‬فهو ال يملك سوى تقدير مشروعية القرار المطعون فيه‬
‫ومن ثم ينتهي إلى إبطاله لمخالفته لمبدأ المشروعية‪،‬‬

‫وبالتالي ال يملك القاضي اإلداري في هذه الدعوى إال أن يبحث مشروعية‬


‫القرار المطعون فيه‪ ،‬فإذا رأى أن القرار محل الطعن يتفق مع القانون بمعناه الواسع‬
‫قضى برفض الطعن‪ ،‬وإذا رأى عدم مشروعية القرار المطعون عليه ألي سبب من‬
‫أسباب عدم المشروعية‪ ،‬قضى بإلغاء القرار‪ ،‬وليس للقاضي أن ينظر في مدى‬
‫مالئمة القرار اإلداري ‪.‬أو أن يتعدى ذلك إلى بيان نطاق المركز القانوني للطاعن‪،‬‬
‫ودون أن يبين لإلدارة صراحة ما هو الحل الصحيح‪ ،‬وذلك ألن دعوى اإللغاء من‬
‫بدايتها لنهايتها تنصب على مشروعية القرار من عدمه‪.‬‬

‫(‪ )11‬د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 680‬وما بعدها‬

‫‪32‬‬
‫أوجه التفرقة بين دعوى اإللغاء ودعوى التعويض"دعوى القضاء الكامل‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫بعد أن تعرضنا لتعريف دعوى اإللغاء وبيان خصائصها‪ ،‬فإنه يجب علينا التمييز‬
‫بين دعوى اإللغاء‪-‬محل دراستنا‪-‬وبين دعوى التعويض " دعوى القضاء الكامل"‪.‬‬

‫من حيث طبيعة الدعوى او موضوعها ‪-:‬‬ ‫‪1‬‬

‫ذكرنا أن دعوى اإللغاء دعوى موضوعية تنصب على إلغاء القرار اإلداري‬
‫ذاته وذلك لمخالفته للقواعد القانونية‪ ،‬أما في دعوى التعويض فهي دعوى شخصية‬
‫أو ذاتية تنصب على حق شخصي للمدعى‪ ،‬للمطالبة بتعويض عادل لما أصاب هذا‬
‫الحق من ضرر نتيجة ألعمال اإلدارة‪.‬‬

‫من حيث شروط قبول الدعوى ‪-:‬‬ ‫‪2‬‬

‫يشترط لقبول دعوى اإللغاء مجرد وجود مصلحة شخصية مباشرة للمدعى تبرر‬
‫دعواه بإلغاء القرار اإلداري المعيب‪ ،‬بينما ال يكفي شرط المصلحة الشخصية المباشرة‬
‫لقبول دعوى القضاء الكامل‪ ،‬في حين يشترط لقبول دعوى التعويض المساس بحق‬
‫شخصي للمدعى نتيجة لتصرف خاطئ من اإلدارة بهدف التعويض عنه‪.‬‬

‫من حيث مدى سلطة القاضي اإلداري في الدعويين‪- :‬‬ ‫‪3‬‬

‫تقتصر سلطة القاضي اإلداري في دعوى اإللغاء على مشروعية القرار أو عدم‬
‫مشروعيته‪ ،‬حيث تقف سلطة القاضي اإلداري عند بيان ما إذا كان القرار اإلداري‬
‫متوافقا أو مخالفا للقانون‪ ،‬فإذا ما تبين له أن القرار اإلداري مخالف للقانون فإن‬

‫‪33‬‬
‫سلطته تنحصر في إلغاء القرار‪ ،‬دون أن يتعدى ذلك إلى بيان نطاق المركز القانوني‬
‫للطاعن أو القيام بسحب أو تعديل القرار المعيب أو إصدار قرار محله‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫لو أن وزير التعليم أصدر قررا بترقية مجموعة من المدرسين إلى الدرجة‬
‫األعلى متخطيا البعض منهم‪ ،‬وطُعن أمام مجلس الدولة على هذا القرار ممن تم‬
‫تخطيتهم " من لم يشملهم قرار الترقية"‪ ،‬وعللوا ذلك بأن هذا القرار قد تضمن تخطيا‬
‫لهم في الترقية باعتبارهم األقدم في الترقية عن هؤالء الذين تضمنهم القرار‪ ،‬فالقاضي‬
‫اإلداري يستطيع إلغاء القرار السابق إذا ما تبين له أنه خالف القانون الذى يوجب‬
‫احترام األقدمية عند الترقية‪ ،‬ولكن القاضي ال يستطيع أن يتعدى ذلك إلى بيان مدى‬
‫حقوق الطاعنين‪ ،‬فهو مثال ال يستطيع أن يحكم بترقيتهم إلى الدرجة التي يستحقونها‪،‬‬
‫وهو ال يستطيع أيضا أن يحدد لجهة اإلدارة مدة معينة إلصدار قرار بترقيتهم‪،‬‬
‫فالقاضي يستطيع فقط أن يلغى قرار الترقية باعتباره قرارا غير مشروع لمخالفته‬
‫للقانون‪ ،‬ويكون على اإلدارة بعد ذلك أن ترتب األثار القانونية المترتبة على اإللغاء‪.‬‬

‫أما في دعوى التعويض فإن سلطة القاضي اإلداري قد تشمل تعديل القرار‬
‫اإلداري وإلزام اإلدارة بالتعويض عن األضرار التي أصابت صاحب الحق‪ ،‬فالقاضي في‬
‫يمكن أن يحدد المركز القانوني للطاعن‪ ،‬فهو على عكس قضاء اإللغاء الذي يقف عند‬
‫حد إلغاء قرارها غير المشروع أو مجرد إدانة أعمالها المخالفة للقانون‪ ،‬بل يتعدى دوره‬
‫إلى تبيان المركز القانوني للطاعن وتبيان الحل السليم في المنازعة المطروحة أمامه‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫لو حددت" جامعة اإلسكندرية "مرتب األستاذ بألف جنيه شهريا‪ ،‬ونازع الطاعن‬
‫في هذا التحديد أمام مجلس الدولة‪ ،‬فإن سلطة القاضي اإلداري ال تقف فقط عند حد‬

‫‪34‬‬
‫تبيان مدى اتفاق قرار اإلدارة مع حكم القانون وإلغائه حال التحقق من مخالفته‬
‫للقانون‪ ،‬ولكنه يتعدى ذلك فيقضى بالحل الصحيح‪ ،‬محددا الرقم الذي يستحقه الطاعن‬
‫ويحكم بتسوية مرتبه ليصبح ألفان وخمسمائة جنيها شهريا كما هو محدد قانونا‪.‬‬

‫من حيث حجية الحكم الصادر في الدعوى ‪-:‬‬ ‫‪3‬‬

‫للحكم الصادر في دعوى اإللغاء حجية مطلقة في مواجهة الكافة‪ ،‬وبالتالى‬


‫يستطيع كل ذي مصلحة أن يتمسك باإللغاء ولو لم يكن طرفا في الدعوى‪ .‬أما الحكم‬
‫الصادر في دعوى التعويض تقتصر حجيته على أطراف النزاع فقط‪ ،‬فحجيته نسبية‪.‬‬

‫ونبين أخيرا أنه مع التمييز الواضع بين الدعويين‪ ،‬فإنه ثم تقاربا بينهما من‬
‫حيث النتائج التي تترتب عليهما بالنسبة لألفراد‪ ،‬إذ أن إلغاء القرار اإلداري يمكن أن‬
‫يولد حقوقا لرافع الدعوى‪ ،‬بل أن هذا األخير يرفع دعواه عادة بقصد تحقيق المصالح‬
‫الخاصة التي يمكن أن تترتب على إلغاء القرار‪ ،‬وليس من اجل تحقيق المصالح‬
‫العامة والمحافظة على مبدأ المشروعية‪.‬‬

‫من حيث ميعاد دعوى اإللغاء‪- :‬‬ ‫‪4‬‬

‫يختلف ميعاد رفع دعوى اإللغاء عن ميعاد دعاوى القضاء الكامل‪ ،‬فميعاد رفع‬
‫دعوى اإللغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار اإلداري المطعون فيه في الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة‪ ،‬أو إعالن صاحب الشأن‬
‫ومن ثم إذا لم ترفع الدعوى خالل الميعاد المحدد أصبح القرار اإلداري حصينا‬
‫ومستقرا ويسقط حق المدعى في رفع دعوى اإللغاء‪ .‬أما بالنسبة لدعوى التعويض‬
‫(‪)16‬‬
‫به‪.‬‬ ‫فليس لها ميعاد محدد لرفعها وإنما تسقط بتقادم الحق المدعى‬

‫(‪ )16‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 680‬وما بعدها؛ د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪13‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫شروط قبول دعوى اإللغاء‬

‫إذا عُرض على القاضي اإلداري نزاع ويراد إنزال حكم القانون بشأنه‪ ،‬فيكون‬
‫على القاضي أن يسأل نفسه أوالً هل هو مختص بنظر النزاع؟ فإذا كانت اإلجابة‬
‫باإليجاب‪ ،‬سأل نفسه مرة ثانية هل الدعوى مقبولة؟ فإذا توافرت شروط قبول‬
‫الدعوى انتقل في النهاية إلى بحث موضوع النزاع فيطبق بشأنه حكم القانون‪.‬‬
‫والقاضي في هذه المرحلة األخيرة يكون قد أجاب على السؤال األخير والنهائي هل‬
‫(‪)13‬‬
‫الطاعن أو المدعى بالحق محق فيما يدعيه؟‬

‫فتجدر اإلشارة إلى التمييز بين ثالثة أمور‪ :‬عدم االختصاص وعدم القبول‬
‫والرفض‪ ،‬فاالختصاص يتعلق بوالية القاضي المرفوعة أمامه الدعوى في نظرها‬
‫والفصل فيها‪ ،‬وسبق أن ذكرنا أن مجلس الدولة يختص بنظر جميع المنازعات‬
‫اإلدارية التي يكون محلها نشاط أو عمل إداري‪ ،‬ما لم يجعل المشرع االختصاص‬
‫بها لجهة القضاء العادي أو لجهة أخرى غير مجلس الدولة باعتبار هذا األخير هو‬
‫(‪)19‬‬
‫القاضي العام في المنازعات اإلدارية‪.‬‬

‫أما القبول فيتعلق بصالحية الدعوى لكي ينظرها القاضي المختص بها‪،‬‬
‫فمسألة قبول الدعوى مسألة سابقة على فحص موضوع الدعوى‪ ،‬فإذا توافرت‬
‫شروط القبول تطرق القاضي إلى بحث الموضوع‪ ،‬وإذا لم تتوافر أو تخلف أحدها‬
‫فإنه ال يقبل الدعوى ابتدا ًء وبالتالي ال يبحث الموضوع‪ .‬ومسالة القبول ال أثر على‬
‫(‪ )13‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 316‬وما بعدها‪.‬‬

‫(‪ )19‬د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.339‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الحكم في موضوع الدعوى نفسه‪ ،‬فقد تكون الدعوى مقبولة لتوافر شروط القبول‬
‫كلها‪ ،‬ومع ذلك يصدر الحكم برفضها‪ ،‬أي برفض إلغاء القرار المطلوب إلغائه‬
‫(‪)15‬‬
‫وذلك بالنسبة لدعوى اإللغاء‪.‬‬

‫ويتضح لنا مما يسبق أن القبول واالختصاص مسالتان تسبقان نظر الموضوع‬
‫نفسه‪ ،‬فإذا كانت الدعوى ال تدخل في اختصاص القاضي المرفوعة أمامه قضى‬
‫بعدم االختصاص‪ ،‬وإذا تخلف شرط من شروط قبولها قضى بعدم القبول‪ ،‬وذلك قبل‬
‫أن يتطرق إلى موضوعها بشكل تفصيلي وبحث متعمق ودقيق‪.‬‬

‫أما الرفض فهو يتعلق بموضوع الدعوى ذاته‪ ،‬ويعنى أن الدعوى تدخل في‬
‫اختصاصه وأن شروط قبولها متوافرة‪ ،‬ولكن يحكم برفض الدعوى أي بعدم إجابة‬
‫(‪)12‬‬
‫المدعى إلى طلبه‪.‬‬

‫وسوف نعرض لشروط قبول دعوى اإللغاء بالتفصيل على النحو التالي‪:‬‬

‫المطلب األول‪- :‬الشروط المتعلق بالقرار المطعون فيه‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪- :‬شرط المصلحة‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪- :‬شرط الميعاد‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪- :‬شرط التظلم الوجوبي‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪- :‬شرط عرض النزاع على لجان فض النزاع‪.‬‬


‫(‪ )15‬د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.339‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 316‬وما بعدها‪ .‬د‪ .‬محمد أحمد‬
‫سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق ص‪.158‬‬

‫(‪ )12‬د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.339‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 316‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫المطلب األول‬

‫الشروط المتعلقة بالقرار المطعون فيه‪.‬‬

‫لقبول الطعن باإللغاء أمام مجلس الدولة‪ ،‬هناك عدة شروط متعلقة بالقرار‬
‫المطعون فيه‪ ،‬وتتمثل تلك الشروط في التالي‪- :‬‬

‫أن يكون محل دعوى اإللغاء قرارا إداريا‪- :‬‬ ‫أوال‬

‫يُعتبر القرار اإلداري أهم أساليب اإلدارة العامة في ممارسة نشاطها اإلداري‬
‫بصورها المختلفة‪ ،‬سواء إقامة الضبط اإلداري‪ ،‬أو إنشاء وتيسير المرافق العامة‪،‬‬
‫ولذلك ُيعد القرار اإلداري أهم وسائل اتصال اإلدارة العامة بموظفيها وباألفراد‪.‬‬

‫وتدور دعوى اإللغاء وجوداً وعدما ً مع القرار اإلداري‪ ،‬فأول شرط لقبول‬
‫دعوى اإللغاء هو ان ينصب الطعن قرار إداري‪ ،‬أي يجب أن يكون موضوع ومحل‬
‫دعوى اإللغاء قرار إداري‪ ،‬فإذا انتفى القرار اإلداري أصبحت دعوى اإللغاء غير‬
‫‪17‬‬
‫مقبولة شكال دون أن يتطرق القاضي إلى بحث شروط قبول الدعوى األخرى‪.‬‬

‫تعريف القرار اإلداري‪- :‬‬

‫استقر القضاء الحديث لمجلس الدولة في تعريفه للقرار اإلداري بأنه " إفصاح‬
‫جهة اإلدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرادتها الملزمة‪ ،‬بما لها من سلطة‬
‫عامة بمقتضى القوانين واللوائح‪ ،‬وذلك بقصد إحداث مركز قانونى‪ ،‬متى كان ذلك‬
‫‪18‬‬
‫العامة‪.‬‬ ‫ممكنا وجائز قانونا بهدف تحقيق المصلحة‬

‫‪ 17‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري"‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪ ،2118 ،‬ص‪ 513‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 18‬المرجع السابق‬

‫‪38‬‬
‫صور القرار اإلداري محل دعوى اإللغاء‪- :‬‬

‫العبرة في قبول دعوى اإللغاء أن يكون محلها قرارا إداريا‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫الشكل الذي يصدر به صريحا ً كان أم ضمنياً‪ ،‬وسواء صدر هذا القرار بصورة‬
‫إيجابية أو سلبية‪ ،‬فالقرار اإلداري في جميع صوره يشكل محال لدعوى اإللغاء‪.‬‬

‫القرار اإلداري الشفوي‪- :‬‬

‫األصل أن اإلدارة تصدر قرارتها في صورة مكتوبة إال ان هذا ال يمنعها من‬
‫إصدار تلك القرارات شفاهة‪ ،‬حيث تخضع تلك القرارات للطعن عليها باإللغاء إذا‬
‫ما توافر أي وجه من أوجه الطعن باإللغاء‪ ،‬ولكن القرار الشفوي يكون باطال إذا‬
‫‪19‬‬
‫ألزم المشرع اإلدارة بأن تصدره مكتوبا‪.‬‬

‫القرار اإلداري الضمني‪- :‬‬

‫القرار اإلداري تصدره اإلدارة صراحة‪ ،‬ولكنه قد يقوم ضمنا وذلك في حالتين‪:‬‬

‫تتمثل الحالة األولى في القرار الذي يمكن استنباطه من صدور قرار أخر أو‬
‫من تصرف إداري لإلدارة‪ ،‬مثال ذلك صدور قرار بترقية بعض الموظفين وتخطى‬
‫موظف تنطبق عليه شروط الترقية‪ ،‬حيث يتضح أنه ليس هناك قرار صريح‬
‫بتخطي ذلك الموظف‪ ،‬إال أنه يتضح ضمنا ً من قرار الترقية أنه تم تخطيته‪ ،‬وبالتالي‬
‫‪21‬‬
‫يستطيع الطعن على ذلك القرار نظراً لتخطيه في الترقية‪.‬‬

‫وتتمثل الحالة الثانية في حينما يحدد المشرع لإلدارة أجال معينا للرد على‬
‫الطلب المقدم إليها‪ ،‬فإذا فوتت اإلدارة هذا الميعاد دون رد من جانبها‪ ،‬كان ذلك‬

‫‪ 19‬المرجع السابق‬
‫‪ 21‬د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة المنصورة‪ ،‬ص‪ 122‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫بمثابة قرار ضمني بقبول الطلب المقدم إليها أو برفضه‪ ،‬وذلك حسب النتيجة التي‬
‫‪21‬‬
‫يرتبها المشرع على سكوتها‪ ،‬وهذا القرار يكون محالً لدعوى اإللغاء‪.‬‬

‫ومثال ذلك‪- :‬ما نصت عليه المادة ‪ 116‬لسنة ‪1976‬م في شأن توجيه‬
‫وتنظيم أعمال البناء من أنه يعتبر بمثابة موافقة على طلب الترخيص‪ ،‬انقضاء المدة‬
‫المحددة للبت فيه دون صدور قرار مسبب من الجهة اإلدارية المختصة بشئون‬
‫التنظيم برفضه‪ ،‬أو طلب استيفاء بعض البيانات والمستندات أو الموافقات الالزمة‪.‬‬

‫‪22‬‬‫القرار اإلداري السلبي‪- :‬‬

‫ال يعنى استخدام لفظ " إفصاح جهة اإلدارة ‪ "....‬أن القرار اإلداري محل‬
‫دعوى اإللغاء يجب أن يكون دائما إيجابيا‪ ،‬بمعنى أن يصدر بصورة صريحة‬
‫باستجابة اإلدارة لطلب المواطن أو رفضها له‪ ،‬فالقرار اإلداري محل دعوى اإللغاء‬
‫يمكن أن يكون سلبياً‪ ،‬حينما تغفل اإلدارة الرد على طلب المواطن وتلتزم الصمت‬
‫أمامه‪ ،‬حيث ال تعلن عن إرادتها تجاه قبوالً أو رفضاً‪.‬‬

‫وقد ورد النص على القرارات اإلدارية السلبية في قانون مجلس الدولة الحالي‬
‫والذي أعطاها ذات حكم القرارات اإلدارية اإليجابية او الصريحة حيث ذهبت المادة‬
‫العاشرة منه إلى أنه " يُعتبر في حكم القرارات اإلدارية رفض السلطات اإلدارية‬
‫وامتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه طبقا ً للقوانين واللوائح"‪.‬‬

‫و ُيشترط لقيام القرار اإلداري السلبي وبالتالي اختصاص القضاء اإلداري بالنظر‬
‫في طلب إلغائه أن تكون سلطة اإلدارة في إصدار القرار مقيدة أي أن تكون اإلدارة‬
‫ملزمة بإصدار قرار في الطلب المقدم إليها قبوال أو رفضا‪ ،‬أما إذا كانت سلطتها في‬
‫هذا الشأن تقديرية فال يمكن أن يفسر سكوتها عن إصدار القرار بأنه قرار سلبي‪.‬‬

‫‪ 21‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 22‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 514‬وما بعدها؛‬

‫‪41‬‬
‫مثال ذلك‬

‫قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن خطة البحث المقدمة من الطاعنة مستوفاة‬
‫للشروط الموضوعة من قبل الكلية لعرض البحث على السلطة المختصة للنظر فيه‪،‬‬
‫وأن امتناع الكلية عن اتخاذ إجراءات عرض وبحث قيد خطة البحث المقدمة من‬
‫الطاعنة يشكل قراراً سلبيا ً باالمتناع عن النظر في خطة البحث‪ ،‬األمر الذي يعطى‬
‫الطاعنة الحق في الطعن عليه باإللغاء‪.‬‬

‫الحاالت التي تخرج من نطاق رقابة اإللغاء‪- :‬‬

‫ذكرنا أن محل دعوى اإللغاء البد أن يكون قرارا إداريا‪ ،‬إن أول ما يميز‬
‫القرار اإلداري هو أنه عمل قانونى يتمثل في التعبير عن إرادة اإلدارة بقصد ترتيب‬
‫أثر قانونى معين‪ ،‬وهذا األثر قد يكون إنشاء مركز قانونى أو إلغائه أو تعديله‪ .‬ولما‬
‫كان القرار اإلداري عمالً قانونيا ً له تأثيره في المراكز القانونية‪ ،‬فإن هذا الوصف ‪-‬‬
‫وصف القرار اإلداري‪-‬قد ال ينطبق على بعض األعمال‪ ،‬وبالتالي ال يمكن أن تكون‬
‫محالً لطعن اإللغاء أو اإلبطال أمام مجلس الدولة‪ .‬ومن تلك األعمال‪- :‬‬

‫استبعاد األعمال المادية من مجال دعوى اإللغاء‪- :‬‬ ‫‪1‬‬

‫ال يمكن أن تكون األعمال المادية محال للطعن باإللغاء؛ ألن الطعن باإللغاء‬
‫يكون مقصوراً على القرارات اإلدارية وحدها باعتبارها تصرفات قانونية‪ .‬أما‬
‫األعمال أو الوقائع المادية فال ينطبق عليها وصف التصرف القانوني‪ ،‬وبالتالي ال‬
‫‪23‬‬ ‫تعتبر من قبيل القرارات اإلدارية التي يمكن أن تكون محالً لدعوى اإللغاء‪.‬‬

‫‪ 23‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪13‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 365‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫ولعل ما يميز بين القرار اإلداري واألعمال المادية لجهة اإلدارة‪ ،‬هو أن‬
‫القرار اإلداري البد أن يحدث تأثيرا مباشرا في المراكز القانونية القائمة‪ ،‬فيعدل‬
‫فيها إما في الحقوق أو االلتزامات‪ ،‬أما االعمال المادية فال يكون لها تأثير مباشر‬
‫في المراكز القانونية‪ ،‬وإن كان يمكن أن يكون لها تأثير غير مباشر على الحالة‬
‫الواقعية لألفراد دون المركز القانوني لهم‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫تعد اإلصابة التي تحدث لشخص ما نتيجة حادث سببته إحدى عربات اإلدارة‬
‫عمالً مادياً‪ ،‬فال يكون لها تأثير مباشر على المركز القانوني للمصاب‪ ،‬فمركزه‬
‫القانوني كمواطن ما زال كما هو لم يتغير قبل اإلصابة‪ ،‬وإن كانت حالته الواقعية قد‬
‫تغيرت فأصبح مصاباً‪ ،‬وبالتالي ال يكون أمام ذلك المواطن إال رفع دعوى التعويض‪.‬‬

‫أما إذا أصدرت اإلدارة قرارا يتعلق بجنسيته كتجريده منها وغيره‪ ،‬فيُعد ذلك‬
‫قراراً إداريا ً حيث سيكون له التأثير القانوني المباشر له باعتباره مواطناً‪ ،‬إذ يتغير‬
‫مركزه من مواطن مصري إلى غير ذلك‪ ،‬وعنصر التأثير في المراكز القانونية هو‬
‫الذي يميز القرارات اإلدارية عن األعمال المادية‪.‬‬

‫وكذلك يُعد عمالً ماديا ً عملية قيد المحررات بمصلحة الشهر العقاري سواء‬
‫أمام المأمورية أو المكتب يتم وفقا ً لتاريخ وساعة تقديمها‪ ،‬فمهمة مصلحة الشهر‬
‫العقاري في هذا الخصوص ال تعدو أن تكون اعمال مادية ليست بها مقومات القرار‬
‫اإلداري‪ .‬وكذلك قيام اإلدارة بتنفيذ حكم شرعي بالرؤية في مقر البوليس ورفضها‬
‫‪24‬‬
‫أن تكون الرؤية بمنزل والد الطفل يُعد عمالً ماديا ً وليس قراراً إدارياً‪.‬‬

‫‪ 24‬د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين‪ ،‬دعوى اإللغاء وفقا ً وفتاوى مجلس الدولة حتى بداية القرن ‪ ،21‬مكتبة كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الزقازيق‪ ،‬ص‪45‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫األعمال التنفيذية الصادرة استنادا لحكم القانون أو تنفيذا للحكم‬ ‫‪2‬‬
‫الجنائي تعتبر من قبيل األعمال المادية‪- :‬‬

‫إذا كان القرار والعمل الصادر من جهة اإلدارة صادر استناداً لحكم القانون فإن ذلك‬
‫ال ُيعد قرارا إداريا بل عمال ماديا‪ ،‬مثال ذلك فصل الموظف نتيجة الحكم عليه في‬
‫جناية إنما يتم بقوة القانون‪ ،‬وأن ما يصدر عن جهة اإلدارة في هذا الخصوص هو‬
‫مجرد إجراء تنفيذي لنص القانون‪.‬‬

‫كذلك يُعد القرار الصادر من جهة اإلدارة تنفيذا لحكم جنائي يُعد من قبيل‬
‫األعمال المادية وليس قراراً إدارياً‪ ،‬مثال ذلك القرار الصادر بتنفيذ حكم جنائي بإزالة‬
‫عقار يعتبر إجراء تنفيذي للحكم الجنائي وال يرتفع إلى مرتبة القرارات اإلدارية التي‬
‫‪25‬‬
‫تفصح جهة اإلدارة عنها بقصد إنشاء مراكز قانونية لمن صدرت في شأنهم‪.‬‬

‫عدم جواز الطعن باإللغاء في العقود اإلدارية‪- :‬‬


‫‪3‬‬
‫القاعدة العامة أنه ال يمكن الطعن باإللغاء على العقود اإلدارية التي تتم بين‬
‫اإلدارة والمتعاقدين معها‪ ،‬وذلك ألن دعوى اإللغاء ال يمكن أن تقوم إال ضد قرار‬
‫إداري‪ ،‬وبالتالي يكون المجال الطبيعي للطعن على العقود اإلدارية هو دعوى العقد‬
‫وهي دعوى من دعاوى القضاء الكامل وليس دعوى اإللغاء‪ .‬وفى هذا الشأن يجب‬
‫التمييز بين نوعين من القرارات في مجال العقد اإلداري‪.‬‬

‫‪ ‬النوع األول‪- :‬القرارات اإلدارية المنفصلة عن العقد اإلداري‪ .‬فالعقد‬


‫اإلداري يتضمن عملية مركبة تتضمن عدة مراحل وتشتمل كل مرحلة منها على‬

‫‪ 25‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪13‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪365‬‬
‫وما بعدها؛ د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 514‬وما بعدها؛‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد‬
‫وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.339‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫عدة قرارات إدارية‪ ،‬فتنظيم عملية العقد اإلداري ينبغي التفرقة بين نوعين من‬
‫القرارات التي تصدرها الجهة اإلدارية في شأن العقود اإلدارية‪ ،‬ويتمثل النوع األول‬
‫في القرارات التي تصدر أثناء المراحل التمهيدية للتعاقد وقبل إبرام العقد وهذه تسمى‬
‫القرارات اإلدارية المنفصلة المستقلة‪.‬‬

‫ومن أمثلة تلك القرار الصادر بطرح موضوع التعاقد للمناقصة أو المزايدة‪،‬‬
‫والقرار الصادر باستبعاد أحد المتناقصين‪ ،‬والقرار الصادر بإلغاء المناقصة أو‬
‫بإرسائها على شخص معين‪ .‬فهذه القرارات هي قرارات إدارية نهائية شأنها شأن‬
‫أي قرار إداري نهائي ومن ثم ينطبق عليها األحكام الخاصة بالقرارات اإلدارية‬
‫النهائية‪.‬‬

‫‪ ‬أما النوع الثاني من القرارات فيتعلق بالقرارات التي تصدر تنفيذا‬


‫للعقد وبنصوصه‪ ،‬أي أنها تصدر بعد انعقاد العقد‪ ،‬ومن أمثلة ذلك القرار‬
‫الصادر بسحب العمل موضوع العقد من المقاول‪ ،‬أو القرار الصادر بإنهاء العقد‪،‬‬
‫فهذه القرارات ليست من قبيل القرارات اإلدارية التي تخضع لدعوى اإللغاء‪ ،‬وإن‬
‫كان يختص بها تخضع للقضاء اإلداري على أساس والية القضاء الكامل "دعوى‬
‫التعويض" وليس دعوى اإللغاء‪.‬‬

‫استبعاد األعمال التمهيدية أو التحضيرية من القرارات اإلدارية‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫ال تعتبر االعمال التمهيدية او التحضيرية من قبيل القرارات اإلدارية‪ ،‬ألن هذه‬
‫األعمال تمهد لقرار سوف يصدر‪ ،‬مثال ذلك اآلراء التي تبديها بعض الجهات‬
‫االستشارية‪ ،‬وال تعتبر األوامر والتعليمات الصادرة من رئيس المصلحة‪ ،‬إلى‬
‫مرؤوسيه متضمنة تفسير القوانين والتشريعات القائمة وكيفية تنفيذها قرارات‬
‫إدارية‪ ،‬وبالتالي ال يجوز الطعن بإلغائها‪ ،‬فهذه األوامر ال تغير في األوضاع‬

‫‪44‬‬
‫القانونية للموظفين‪ ،‬وإنما هي مجرد تعليمات وإجراءات تتخذها السلطات اإلدارية‬
‫بقصد تيسير السير العادي للمرافق وتنظيمها على نحو يكفل أداء الخدمة على وجه‬
‫أفضل‪ ،‬وهذه القرارات تتميز بخصائص ثالثة؛ أولها أنها داخلية محضة‪ ،‬وثانيها‬
‫أنه ال أثر قانونى لها تجاه األفراد‪ ،‬وأخيرا أنها تقديرية إلى أقصى حد ممكن‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك‪- :‬التعليمات الصادرة من ريس الجامعة بتوزيع أعمال‬


‫الكنتروالت والمراقبة على السادة أعضاء هيئة التدريس‪ ،‬والتعليمات الصادرة‬
‫‪26‬‬
‫بترتيب نظام المحاضرات بين طالب الفرق المختلفة‪.‬‬

‫أن يكون هذا القرار صادرا عن سلطة إدارية‪- :‬‬ ‫ثانيا‬

‫ال يكفي لقبول دعوى اإللغاء أن تنصب على قرار إداري‪ ،‬وإنما يجب أن‬
‫أن يكون صادرا من سلطة إدارية‪ ،‬ونعنى باشتراط صدور القرار من جهة إدارية‪،‬‬
‫حتى يكون محالً لدعوى اإللغاء‪ ،‬أن يصدر القرار عن هيئة أو جهة تابعة لشخص‬
‫من أشخاص القانون العام‪ ،‬وأشخاص القانون العام المسلم بها فقها ً وقضا ًء تتمثل في‬
‫الدولة واألشخاص العامة الالمركزية محلية كانت أو مرفقية‪ ،‬وهناك نوع جديد‬
‫‪27‬‬
‫لألشخاص العامة يسمى األشخاص العامة المهنية‪.‬‬

‫وبالتالي لكي يكون القرار موضوع الطعن باإللغاء قراراً إداريا ً أن يكون‬
‫صادراً من سلطة إدارية‪ ،‬ويتمثل أشخاص القانون العام في الدولة‪ ،‬الوحدات‬
‫اإلدارية " كالمحافظات‪ ،‬والمدن‪ ،‬والقرى‪ ،‬األشخاص المرفقية " كالمؤسسات‬
‫والهيئات العامة‪ ،‬واألشخاص النقابية المهنية " كنقابة األطباء والصيادلة‪،‬‬
‫والمحامين‪ .... ،‬وغيرها من النقابات المهنية‪.‬‬

‫‪ 26‬المرجع السابق‬
‫‪27‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 365‬وما ب‬

‫‪45‬‬
‫فالقرارات الصادرة من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء ووكالء‬
‫الوزارات والرؤساء اإلداريين ‪ ......‬وغيرها تعد من قبيل القرارات اإلدارية‪.‬‬

‫ويشترط العتبار القرارات التي تصدر من أشخاص القانون العام قرارات إدارية أن‬
‫يكون موضوع تلك القرارات متعلق بنشاط إداري‪ ،‬أي أن يكون هذا القرار إداريا‬
‫بمضمونه وفحواه‪ ،‬فإذا دار القرار حول مسألة من مسائل القانون الخاص‪ ،‬أو تعلق‬
‫األمر بإدارة شخص معنوي خاص فال يعتبر قراراً إداريا ً يمكن الطعن عليه‬
‫‪28‬‬
‫باإللغاء‪ ،‬حتى ولو أصدرته سلطة إدارية عامة‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫قرار رئيس مجلس الوزراء بتعيين رؤساء لمجالس إدارة بنوك التسليف‬
‫الزراعي والتعاوني ببعض المحافظات‪ ،‬وهي بمثابة شركات مساهمة تعتبر من‬
‫شركات القطاع العام وتعتبر من أشخاص القانون الخاص‪ ،‬وبالتالي قرار رئيس‬
‫مجلس الوزراء ال ُيعد قرارا إداريا‪ .‬وكذلك قرار نزع ملكية العقار المملوك للدولة‬
‫ملكية خاصة من تحت يد حائزها ومنع اعتدائه عليها‪.‬‬

‫وتنبغي اإلشارة إلى أن العبرة في تحديد طبيعة القرار‪ ،‬ووصفه بأنه قرار‬
‫إداري أم ال؛ هيئة صفة الشخص المعنوي وقت إصدار القرار دون اعتداد بتغير‬
‫صفة مصدره إذا ما وقع هذا التغيير في تاريخ الحق على صدور القانون‪.‬‬

‫الحاالت التي تخرج من دعوى اإللغاء لصدورها من سلطة غير إدارية‪:‬‬

‫قصر دعوى اإللغاء على القرارات اإلدارية من هيئة إدارية يخرج بعض‬
‫األعمال من نطاق رقابة اإللغاء‪ ،‬لصدورها من سلطة غير إدارية مثال ذلك‪- :‬‬

‫‪28‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.554‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫خروج األعمال التشريعية من مجال دعوى اإللغاء‪- :‬‬ ‫‪1‬‬

‫األعمال التشريعية هي تلك األعمال التي تصدر عن السلطة التشريعية‬


‫بصرف النظر عن طبيعة هذه األعمال وفقا ً للمعيار الموضوعي‪ ،‬فهي أعمال‬
‫تشريعية وفقا ً للمعيار الشكلي ألنها تصدر عن هيئة تشريعية‪.‬‬

‫وبالتالي ال يجوز الطعن باإللغاء أمام القضاء اإلداري في األعمال الصادرة‬


‫عن السلطة التشريعية‪ ،‬فقانون الميزانية على سبيل المثال ال يجوز الطعن فيه‬
‫باإللغاء أمام القضاء اإلداري‪ ،‬على الرغم من أنه يعد من الناحية الموضوعية عمالً‬
‫إداريا ً‪ ،‬حتى وإن صدرت الميزانية في صورة قرار جمهوري بعد موافقة البرلمان‪.‬‬

‫وغنى عن البيان أن أعمال السلطة التشريعية ال تصدر كلها في صورة‬


‫قوانين‪ ،‬فإلى جانب القوانين يوجد ما يسمى باألعمال البرلمانية مثل األعمال‬
‫المتعلقة بالتنظيم الداخلي للبرلمان‪ ،‬وكذلك األعمال المتعلقة بالرقابة البرلمانية على‬
‫أعمال السلطة التنفيذية‪ ،‬وفيما يلي سنعرض بشيء من التفصيل لماهية هذه‬
‫األعمال مع بيان مدى خضوعها لرقابة القضاء اإلداري من عدمه‪.‬‬

‫‪ ‬األعمال المتعلقة بالتنظيم الداخلي للبرلمان " األعمال البرلمانية"‪- :‬‬

‫ويقصد بتلك األعمال؛ القرارات التي تتخذها السلطة التشريعية التي تتعلق‬
‫بالنظام الداخلي للبرلمان‪ ،‬والتي تتضمن ما يضعه المجلس من لوائح لتنظيم سير‬
‫العمل به‪ ،‬وما يتخذه من قرارات تتعلق بتشكيل لجانه‪ ،‬وما تصدره هذه اللجان من‬
‫توصيات‪ .‬وكذلك القرارات التي يتخذها المجلس بشأن أعضائه‪ ،‬مثل الفصل في صحة‬
‫العضوية أو رفع الحصانة البرلمانية‪ ،‬وقد ا ُعتبرت هذه األعمال أو هذه القرارات‬
‫أعماالً تشريعية وفقا ً للمعيار الشكلي مما ال يجوز الطعن عليها أمام القضاء اإلداري‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ ‬األعمال المتعلقة بالرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية‪:‬‬

‫يمارس البرلمان رقابته على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني بعديد‬
‫من الوسائل‪ ،‬وتتمثل في؛ حق أعضاء المجلس في توجيه أسئلة واستجوابات إلى رئيس‬
‫مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء في الشئون التي تدخل في اختصاصاتهم‪.‬‬

‫وتعد هذه األعمال من األعمال البرلمانية الخالصة‪ ،‬وبالتالي فإن أي قرار يصدر‬
‫من البرلمان أو من أحد لجانه متعلقا ً برقابته على أعمال السلطة التنفيذية ال يعتبر‬
‫قراراً إدارياً‪ ،‬وال يجوز الطعن عليه أمام القضاء اإلداري‪.‬‬

‫‪ ‬القرارات المتعلقة بموظفي المجلس التشريعي‪.‬‬

‫بالتأكيد هناك عدد من الموظفين داخل مجلس النواب يقومون بالدور اإلداري‬
‫داخل المجلس‪ ،‬ومما ال شك فيه أن الموظفين الذين يمارسون عمال إداريا بالبرلمان‬
‫أو المجلس التشريعي هم موظفون عموميون‪ ،‬ولكن يثور التساؤل حول طبيعة‬
‫القرارات التي تصدر من المجلس حول طبيعة القرارات التي تصدر من المجلس‬
‫بشأنهم سواء من حيث الترقية أو التعيين أو توزيع العمل أو التأديب أو غيرها من‬
‫‪29‬‬ ‫الشئون ذات الطابع اإلداري‪.‬‬

‫فقد قرر مجلس الدولة المصري بانعقاد اختصاصه بنظر المنازعات الخاصة‬
‫بهؤالء الموظفين والرقابة على كافة القرارات التي تتعلق بشئونهم‪ ،‬وذلك ألن قانون‬
‫مجلس الدولة قد جعل من اختصاصه النظر في المنازعات المتعلقة بشئون الموظفين‬
‫العمومين‪ ،‬وذلك ألن تلك القرارات هي قرارات إدارية متعلقة بموظفين عموميين‪.‬‬

‫‪ 29‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪60‬وما بعدها؛ عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 514‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 158‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫خروج األعمال القضائية من نطاق دعوى اإللغاء‪- :‬‬
‫‪2‬‬
‫األصل العام هو خروج األعمال القضائية من والية القضاء اإلداري؛ ألن هذه‬
‫الوالية تنصب على القرارات اإلدارية وفقا ً للمعيار الشكلي أو العضوي فال يمكن‬
‫توجيه دعوى اإللغاء إلى حكم قضائي بقصد إلغائه‪ ،‬أي أن األعمال القضائية بأسرها‬
‫ال تدخل في نطاق دعوى اإللغاء‪ ،‬وال في اختصاص مجلس الدولة كقاضي اإللغاء‪.‬‬
‫فال يختص القضاء اإلداري باألعمال التمهيدية التي تصدر من القضاء قبل النطق‬
‫بالحكم‪ ،‬وذلك مثل قرار اإلعفاء من الرسوم القضائية أو قرارات ندب خبير وكذلك‬
‫القرارات الوالئية كاألوامر على عرائض‪.‬‬

‫كما ال يمكن الطعن باإللغاء في أعمال النيابة العامة التي تصدر منها بمقتضى‬
‫ما لها من سلطة قضائية‪ ،‬وذلك مثل قرار القبض أو التفتيش أو الحبس االحتياطي أو‬
‫اإلحالة للمحاكمة‪ .‬ويخرج من والية اإللغاء التي يمارسها القضاء اإلداري؛ أعمال‬
‫الضبط القضائي‪ ،‬وذلك كقرار إلقاء القبض على المتهم أو ضبط جسم الجريمة‪.‬‬

‫وكذلك األعمال المتصلة بتنظيم مرفق القضاء‪ ،‬وتشمل هذه األعمال قرارات‬
‫إنشاء وتنظيم المحاكم‪ ،‬وكذلك القرارات المتعلقة بتعيين وترقية وتأديب رجال‬
‫‪31‬‬
‫القضاء‪ ،‬وليس للقضاء اإلداري في مصر اختصاص بنظر مثل هذه األعمال‪.‬‬

‫صدور القرار من سلطة إدارية وطنية‪- :‬‬ ‫ثالثا‬

‫ال يكفي صدور القرار محل الطعن باإللغاء من سلطة إدارية – على النحو‬
‫السالف ذكره – إنما يجب أن تكون السلطة اإلدارية سلطة وطنية‪ .‬ومن ثم يستبعد‬

‫‪ 31‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 365‬وما بعدها؛ د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪60‬وما بعدها؛ عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 514‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة‬
‫مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 158‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الطعن باإللغاء على القرارات اإلدارية الصادرة من سلطات أجنبية‪ ،‬وذلك ألن‬
‫‪31‬‬ ‫دعوى اإللغاء هي وسيلة لرقابة مشروعية قرارات السلطات اإلدارية الوطنية‪.‬‬

‫والعبرة في تحديد صفة الهيئة مصدرة القرار من حيث كونها وطنية أم‬
‫أجنبية يكون بالنظر لمصدر السلطة التي تعمل بمقتضاها‪ .‬فإذا كانت تعمل بسلطة‬
‫مستمدة من الحكومة المصرية وحدها كانت جهة إدارية مصرية‪ ،‬ولو كان أعضائها‬
‫أجانب‪ ،‬وإن كانت تعمل بسلطة مستمدة من حكومة أجنبية أو هيئة دولية كانت جهة‬
‫إدارية اجنبية ال تخضع قراراتها لرقابة القضاء اإلداري المصري‪.‬‬

‫فتحديد صفة الهيئة مصدرة القرار يكون بالنظر إلى القانون الذى تستمد منه‬
‫هذه الهيئة صالحيتها‪ ،‬فإذا استمدتها من القانون المصري فتعتبر جهة إدارية‬
‫مصرية تخضع قراراتها لرقابة القضاء اإلداري المصري‪ ،‬أما إذا استمدت هذه‬
‫الهيئة سلطة إصدار القرار من قانون أجنبي أصبحت جهة إدارية يخرج قرارها‬
‫عن نطاق رقابة القضاء اإلداري المصري‪ ،‬وال عبرة في هذا الشأن بجنسية مصدر‬
‫القرار‪ ،‬فقد يكون مصريا ً يعمل في هيئة أجنبية أو دولية فال يعد ما يصدر عنه‬
‫قراراً إداريا ً يخضع لرقابة القضاء اإلداري‪ ،‬حيث أنه يمارس عمله وفقا ً لقانون‬
‫‪32‬‬
‫أجنبي‪ ،‬ومن ثم ال يخضع فحص مشروعية أعماله للقضاء المصري‪.‬‬

‫تطبيقا لذلك ‪-‬‬

‫قيام جامعة اإلسكندرية بسبب ظروف الحرب األهلية في لبنان في ممارسة‬


‫االختصاصات الخاصة بجامعة بيروت العربية فيما يتعلق بالنظم الجامعية الخاصة‬
‫بها‪ ،‬يجعل هذه القرارات غير صادرة من جهة إدارية مصرية‪ ،‬ومن ثم فإن هذه‬
‫القرارات ال تعبر عن اإلرادة الذاتية الملزمة لجامعة اإلسكندرية المخولة لها‬

‫‪ 31‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪617‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 32‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 557‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫بمقتضى القوانين المصرية‪ ،‬وإنما تعبر عن إرادة أجنبية وهى إرادة جامعة بيروت‬
‫العربية التابعة إلحدى الجمعيات الخيرية اللبنانية المنشِ أة وفقا ً للقانون اللبناني‪،‬‬
‫وبالتالي ال تعد هذه القرارات قرارات إدارية مصرية‪ ،‬مما ينعقد للقضاء المصري‬
‫اختصاص النظر في المنازعات المتعلقة بها‪ ،‬وإنما ينعقد هذه االختصاص للقضاء‬
‫‪33‬‬
‫اللبناني‪.‬‬

‫يجب أن يكون القرار اإلداري نهائيا‪- :‬‬ ‫رابعا‬

‫المقصود بنهائية القرار اإلداري‪- :‬‬

‫يُشترط في القرار اإلداري أن يكون نهائياً‪ ،‬أي قابل للتنفيذ دون حاجة إلى إجراء‬
‫الحق‪ .‬فإذا كان القرار ال يزال غير قابل للتنفيذ لضرورة اعتماده أو التصديق عليه‬
‫من الرئيس المختص‪ ،‬فإنه ال ُيقبل الطعن باإللغاء‪ ،‬وكذلك إذا كان يشترط إلمكان‬
‫تنفيذه قانونا صدور قرار أو إذن من جهة أخرى‪.‬‬

‫وترتيبا على ذلك يمكن تقسيم القرارات اإلدارية من هذه الزاوية إلى قسمين‪:‬‬

‫‪ ‬قرارات إدارية نهائية بذاتها‪ :‬وهي القرارات التي ُتحقق أثرها فور‬
‫صدورها من صاحب االختصاص بإصدار القرار‪ ،‬فهي قرارات ال تكون بحاجة‬
‫‪34‬‬
‫إلى اعتماد أو تصديق من جانب أي سلطة إدارية أعلى‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫األمر الصادر من الوزير بتحويل مسقاة خاصة إلى ترعة عمومية إنما هو‬
‫قرار إداري نهائي لصدوره من الوزير المختص‪ ،‬معلنا ً به عن إرادته الملزمة‬

‫‪ 33‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪661‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 34‬د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.166‬‬

‫‪51‬‬
‫لألفراد ومنتجا ً ألثاره‪ 35.‬وكذلك قرار مجلس نقابة الصيادلة بإحالة أحد أعضائها‬
‫إلى هيئة التأديب هو قرار إداري نهائي تنفيذي في خصوص تلك الحالة؛ ذلك ألن‬
‫المجلس المذكور هو المختص دون سواه بالنظر في هذا األمر‪ ،‬وليس هناك سلطة‬
‫‪36.‬‬ ‫أعلى للتعقيب عليه في موضوع اإلحالة‬

‫‪ ‬قرارات إدارية تصدر من الجهة صاحبة االختصاص‪ ،‬إال أنها تحتاج إلى‬
‫اعتماد جهة إدارية أعلى؛ فإذا كان إعمال أثر القرار بحاجة إلى تصديق أو اعتماد‬
‫من جهة رئاسية لسلطة إصداره فإن هذا القرار يفتقد إلى صفة النهائية‪ ،‬حيث ال‬
‫يعدو أن يكون توصية بإصدار قرار‪ ،‬وينطبق وصف النهائية في هذه الحالة على‬
‫القرار الصادر عن سلطة التصديق أو االعتماد‪ .‬فهذه القرارات ال تكون نهائية إال‬
‫‪37‬‬

‫بعد اعتمادها من الجهة المختصة‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫القرار الصادر من لجنة شئون الموظفين في وزارة العدل بترك أحد الموظفين‬
‫في الترقية هو قرار غير نهائي‪ ،‬والقرار النهائي الذي يمكن أن يكون محالً للطعن‬
‫عليه هو القرار الصادر من وزير العدل باعتماد قرار لجنة شئون الموظفين‪ ،‬ومن‬
‫ثم يتعين أن يوجه الطعن إلى هذا القرار األخير‪ .‬وكذلك القرار الصادر من مجلس‬
‫المدينة بتحديد خطوط تنظيم بأحد الشوارع ال يعتبر قراراً إداريا ً نهائياً‪ ،‬فهو يعتبر‬
‫توصية بتحديد خطوط التنظيم ولم تستكمل إجراءات اعتماده من المحافظ‪ .‬وكذلك‬
‫القرار الصادر من لجنة المأذونين بترشيح شخص لشغل وظيفة مأذون‪ .‬فهذا القرار‬
‫‪38‬‬
‫ال ُيعد قراراً نهائيا ً إال بعد التصديق عليه من وزير العدل‪.‬‬

‫‪ 35‬د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين‪ ،‬دعوى اإللغاء وفقا ً وفتاوى مجلس الدولة حتى بداية القرن ‪ ،21‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪64‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 36‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 37‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 562‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 38‬د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين‪ ،‬دعوى اإللغاء وفقا ً وفتاوى مجلس الدولة حتى بداية القرن ‪ ،21‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪64‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد‬
‫العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 328‬وما بعدها؛‬

‫‪52‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن التظلم إلى الجهة اإلدارية أو السلطة الرئاسية من‬
‫القرار اإلداري النهائي ال يؤثر على نهائيته‪ ،‬حيث يظل بالرغم من ذلك التظلم‬
‫نهائيا ً‪ ،‬ومن ثم يمكن الطعن عليه باإللغاء‪.‬‬

‫كما ال يتعارض مع نهائية القرار أو اعتباره نافذاً كون القرار قابال للسحب‬
‫من الجهة التي أصدرته أو كونه موقوفا ً تنفيذه‪ ،‬فالقرار القابل للسحب والقرار‬
‫الموقوف يكون أيضا قرارا نهائيا‪ ،‬ألنه قابل للتنفيذ في الوقت الذي تراه جهة‬
‫اإلدارة دون حاجة للتصديق عليه من جهة أعلى‪ .‬ويستطيع صاحب المصلحة أن‬
‫يطعن فيه باإللغاء لدى مجلس الدولة‪.‬‬

‫التوقيت الذي تتوافر فيه تلك النهائية‪- :‬‬

‫األصل أن شرط النهائية يجب توافره في القرار اإلداري محل دعوى اإللغاء قبل‬
‫إقامة الدعوى‪ ،‬إال أنه استثناء من ذلك وبهدف التيسير على الطاعن فقد ذهب قضاء‬
‫مجلس الدولة إلى قبول الطعن بإلغاء قرار غير نهائي‪ ،‬وذلك بشرط أن ينقلب هذا‬
‫القرار إلى قرار نهائي أثناء سير الدعوى‪ ،‬وقبل الفصل في دفع الخصم بعدم قبولها‬
‫‪39‬‬
‫على أنه إذا تم إقفال باب‬ ‫النتفاء صفة النهائية في القرار موضوع الدعوى ‪،‬‬
‫المرافعة في الدعوى قبل أن يصبح القرار نهائيا تعين الحكم بعدم قبول الدعوى‬
‫لرفعها قبل األوان ولعدم وجود القرار اإلداري النهائي محل دعوى اإللغاء‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫إذا قام فرد برفع دعوى إلغاء ضد قرار لجنة العمد والمشايخ بتعيين عمدة‬
‫قبل اعتماد ذلك القرار من قبل وزير الداخلية‪ ،‬فإن ذلك القرار لم يكتسب صفة‬

‫‪ 39‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬طعن رقم ‪ ،1271‬لسنة ‪14‬ق‪ ،‬جلسة ‪ ،1973/6/11‬مجموعة أحكام السنة ‪ ،18‬ص‪.134‬‬

‫‪53‬‬
‫النهائية بعد‪ ،‬ثم قرر الطاعن في دعواه أن يطعن أيضا ً على القرار الذي سيصدر‬
‫من الوزير باعتماد هذا التعيين‪ ،‬ثم صدر قرار التعيين بعد رفع الدعوى وقبل الحكم‬
‫فيها‪ ،‬فيكون هذا القرار قد بات نهائيا ً ونافذاً‪ ،‬فإذا ما دفعت اإلدارة بعدم قبول‬
‫الدعوى تأسيسا على عدم نهائية قرار لجنة العمد والمشايخ‪ ،‬فيكون هذا الدفع في‬
‫نظر مجلس الدولة في غير محله متعينا رفضه‪.‬‬

‫وترتيبا على شرط النهائية في القرار اإلداري لقبول دعوى اإللغاء‪ ،‬استبعد‬
‫‪21‬‬
‫مجلس الدولة من عداد القرارات التي ال تقبل الطعن باإللغاء منها ما يلي ‪-‬‬

‫‪ ‬المنشورات واألوامر المصلحية واإلجراءات الداخلية‪- :‬‬

‫تعتبر المشورات واألوامر المصلحية واإلجراءات والتعليمات الداخلية من‬


‫اإلجراءات التي تصدر عن جهة اإلدارة‪ ،‬ويقتصر أثرها على العاملين بها‪ ،‬دون أن‬
‫تتعدى إلى األفراد المتعاملين معها فال تكون ملزمة لهم‪.‬‬

‫ويقصددد بالمنشددورات واألوامددر المصددلحية التعليمااات التااي تصاادر عاان رئاايس‬


‫المصاالحة إلااى تابعيااه ماان المرؤوسااين تفساايراً للقااوانين والتشااريعات وتبااين كيفيااة‬
‫تنفياااذها‪ .‬وهدددذه هدددي المشدددورات الشدددارحة التدددي نقصددددها فدددي هدددذا المقدددام‪ .‬وهاااذه‬
‫المنشااورات وإن كاناات ملزمااة للمرؤوسااين إال أنهااا ال تلاازم األفااراد المتعاااملين مااع‬
‫اإلدارة وال يكددون لهددا أثددر بالنسددبة لهددم‪ ،‬وماان ثاام فااال يجااوز لجهااة اإلدارة أن تقاارر‬
‫بمقتضى هذه األوامر بمثابة القرارات اإلدارية التي يجوز الطعن فيها باإللغاء‪.‬‬

‫أما اإلجراءات الداخلية فهي إجراءات تصادر عان اإلدارة بقصاد تيساير الساير‬
‫العادي للمرافق وتنظيمها‪ ،‬على نحو يكفل حسن أداء العمال اإلداري وانتظاماه علاى‬

‫‪ 41‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 328‬وما بعدها؛ د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري‬
‫"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 564‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 168‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫أفضل وجه‪ ،‬وهذه اإلجراءات تتميز بأنهاا داخلياة محضاة‪ ،‬وال أثدر قدانونى لهدا قبدل‬
‫األفددددراد‪ ،‬وهددددي تقديريددددة‪ .‬وهااااذه المنشااااورات واألواماااار المصاااالحية والتعليمااااات‬
‫واإلجااراءات الداخليااة ال تعتباار ماان قبياال القاارارات اإلداريااة النهائيااة‪ ،‬ومددن ثددم فددال‬
‫يمكن أن تكون محال لدعوى إلغاء أمام مجلس الدولة‪.‬‬

‫‪ ‬الرغبات والتوصيات واآلراء االستشارية‪- :‬‬

‫التوصيات التي تصدر عن جهة اإلدارة وكذلك ما يصدر عنها من استشارات‬


‫واقتراحات ال ُتعد من قبيل القرارات اإلدارية التي يمكن أن تكون محالً للطعن‪.‬‬

‫كما ال تكون االستشارات والفتاوى التي تبديها جهة استشارية تابعة لإلدارة‬
‫من قبيل القرارات اإلدارية التي يمكن أن تكون محالً للطعن باإللغاء‪.‬‬

‫‪ ‬اإلجراءات التحضيرية‪- :‬‬

‫لما كانت النهائية في القرار اإلداري تعنى أن يكون القرار اإلداري نافذاً بذاته‬
‫دون حاجة إلى تصديق سلطة أعلى‪ ،‬فإن اإلجراءات التحضيرية التي تصدر قبل‬
‫صيرورة القرار نهائيا ال ُتعد من قبيل القرارات اإلدارية‪ ،‬التي يمكن أن تكون محالً‬
‫للطعن باإللغاء‪ .‬ولذلك قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن " القرارات التي تصدرها‬
‫مجالس تأديب العاملين بهيئة النقل العام بالقاهرة هي مجرد أعمال تحضيرية‪... ،‬‬
‫وبالتالي فإن القرار الصادر بالتصديق على قرار مجلس تأديب هو القرار النهائي‬
‫الذي يرد عليه الطعن‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫ويعد من قبيل القرارات التمهيدية أو التحضيرية قرار اإلحالة إلى القومسيون‬

‫‪55‬‬
‫الطبي؛ وذلك ألن ذلك القرار ليس من شأنه أن ينشئ مركز قانونى للموظف أو يعدل‬
‫في مركزه القانوني‪ ،‬وإنما هو قرار تمهيدي للقرار الذي سيصدر من جهة اإلدارة بعد‬
‫أن تفصح الهيئة الطبية المختصة عن رأيها في خصوص لياقة الموظف أو عدم لياقته‪.‬‬

‫ومن أمثلة ذلك أيضا قرار اإلحالة إلى مجلس التأديب؛ فهذه القرارات ال تعد‬
‫قرارات إدارية نهائية مما يجوز الطعن فيها باإللغاء‪ ،‬ذلك أن هذه القرارات ال تقول‬
‫الكلمة النهائية في موضوع التأديب بالنسبة للموظف‪ ،‬فالذي يحدد الكلمة األخيرة‬
‫في موضوع التأديب هو القرار التأديبي ال قرار اإلحالة إلى التأديب‪.‬‬

‫أن يكون من شأن القرار المطعون فيه إلحاق ضرر بمركز‬ ‫خامسا‬
‫الطاعن‪- :‬‬

‫ُيشترط لقبول دعوى اإللغاء أمام القضاء اإلداري أن يكون القرار اإلداري‬
‫المطعون فيه قد أثر في المركز القانوني للطاعن‪ ،‬وذلك بإنشاء مركز قانونى جديد‬
‫أو بتعديل أو إلغاء مركز قانونى قائم‪ ،‬مادام هذا األثر ممكنا عمال وجائزا قانونا‪.‬‬

‫فإذا كان عمل اإلدارة ليس من شأنه أن يُحدث أثراً قانونيا ً فإنه ال يمكن الطعن‬
‫عليه باإللغاء‪ ،‬ومن أمثلة ذلك بيانات االستعالمات وردود اإلدارة على االستفسارات‬
‫التي تطلب منها‪ ،‬أو التحقيقات والمقترحات ال تعتبر خطوات سابقة على اتخاذ قرار‬
‫تنفيذي‪ ،‬وكذلك إجراءات التنظيم الداخلي‪ ،‬كذلك واإلجراءات التي تتخذ لتنظيم العمل‬
‫داخل اإلدارات دون أن تنتج أي أثر قانونى بالنسبة لألفراد الذين صدرت في شأنهم‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫شرط المصلحة‬
‫يشترط لقبول دعوى اإللغاء أمام مجلس الدولة أن يكون لرافعها مصلحة‬
‫شخصية في رفعها‪ ،‬وإال حكم القاضي بعدم قبول الدعوى وبرفضها‪ .‬وشرط‬
‫المصلحة يعد شرط عام في كل دعوى قضائية سواء رفعت أمام القضاء العادي أم‬
‫القضاء اإلداري‪ .‬فمن المستقر عليه في مجال التقاضي‪ ،‬إذا لم توجد المصلحة فال‬
‫توجد دعوى‪.‬‬

‫فالمصلحة تمثل شرطا ً عاما ً للترخيص بممارسة الطعن في كافة الدعاوى‬


‫إدارية كانت أم عادية تطبيقا ً للمبدأ العام في هذا الشأن؛ والذي يقضى بأنه ال دعوى‬
‫حيث ال مصلحة‪ .‬إال أن للمصلحة في دعوى اإللغاء مفهوما يختلف عنه في‬
‫الدعاوى العادية‪ ،‬حيث ال يكفي لقبول دعوى اإللغاء توافر المصلحة فحسب‪ ،‬بل‬
‫ينبغي أن تتوافر في تلك المصلحة شروطا ً وأوصافا ً خاصة‪.‬‬

‫والمصالح في دعوى اإللغاء تنقسم على أساس صفات الطاعن الذاتية‪ ،‬التي‬
‫تحدد بالنظر إلى الطائفة التي ينتمي إليها‪ ،‬حيث تحمى دعوى اإللغاء مصالح‬
‫طوائف ثالث هي الموظفين واألفراد والهيئات‪.‬‬

‫وترتيبا على ما سبق سوف نقوم بتقسيم ذلك الفصل على النحو التالي‪- :‬‬

‫الفرع األول‪- :‬مفهوم شرط المصلحة في دعوى اإللغاء‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪- :‬شروط المصلحة في دعوى اإللغاء‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫الفرع األول‬

‫مفهوم شرط المصلحة في دعوى اإللغاء‬

‫المصلحة في الدعوى بصفة عامة هي الباعث على إقامتها والغاية المقصود‬


‫تحقيقها من وراء ذلك‪ ،‬فالمصلحة سبب الدعوى ومناطها الذي تكون بدونه إهدار‬
‫للوقت وانشغال للقضاء بما ال طائل من ورائه‪ ،‬ومن ثم فإن المصلحة في الدعوى‬
‫تمثل قيدا بديهيا على إقامتها لضمان جدية االدعاء‪.‬‬

‫فلم يحاول المشرع أن يضع ضوابط لتحديد معنى المصلحة المتطلبة لرفع‬
‫الدعوى‪ ،‬فتحديد المصلحة هي من المسائل الموضوعية التي تختلف باختالف كل‬
‫دعوى وظروفها واختالف ذوي الشأن فيها‪ ،‬وهي من األمور التقديرية للقاضي‬
‫الذي ينظر الدعوى‪.‬‬

‫والسؤال الذي يثور في ذلك الشأن هل تعنى المصلحة في دعوى‬


‫اإللغاء أن يكون رافع الدعوى قد اعتدى على حق من حقوقه؟‬

‫إن المصلحة تعنى في القضاء العادي أن يكون لرافع الدعوى حق ذاتي قد‬
‫اعتدى عليه‪ ،‬وهي يكون لها نفس المعنى أو المضمون فيما يتعلق بدعاوى القضاء‬
‫الكامل أمام مجلس الدولة‪ .‬فيجب أن يكون رافع الدعوى قد أعتدى على حق من‬
‫حقوقه بمقتضى القرار المطعون فيه‪.‬‬

‫فشاارط المصاالحة فااي دعااوى اإللغاااء يكااون لااه معنااى أكثاار اتساااعاً‪ ،‬فددال يشددترط‬
‫لتحقيق المصلحة في رافع الدعوى أن يكون هناك حق مسه القرار المطعون فيه‪ ،‬بل‬
‫يكفي أن يكون الطاعن في حالة قانونية خاصة بالنسبة للقرار المطعون فياه مان شاأنها‬
‫أن تؤثر تأثيراً مباشراً في مصالحة ذاتياة لاه‪ ،‬أي أن يمدس القدرار المطعدون فيده حالدة‬

‫‪58‬‬
‫واقعيددة خاصددة برافددع الدددعوى تجعددل لدده مصددلحة شخصددية مباشددرة فااي الطعاان فيااه‬
‫باإللغاء‪.‬‬

‫ويتسع مفهوم المصلحة في دعوى اإللغاء عن غيره من دعاوى القضاء‬


‫الكامل كدعوى التعويض‪ ،‬وذلك ألن دعوى اإللغاء ال تتعلق بحقوق شخصية أو‬
‫ذاتية‪ ،‬ولكنها تقوم على خصومة عينية محلها القرار اإلداري المطعون فيه بقصد‬
‫‪41‬‬ ‫تحقيق مشروعيته ضمانا ً لسيادة القانون‪ ،‬وبالتالي تحقيق مصلحة عامة‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫مثال للمصلحة في دعوى اإللغاء على الرغم من عدم وجود مساس بحق من‬
‫حقوق الطاعن‪ :‬قيام أحد أساتذة الكلية بالطعن على قرار رئيس الجامعة بالتصريح‬
‫لبعض أعضائها من األقسام األخرى باإلعارة والتدريس بالخارج مدداً معينة‪،‬‬
‫وانتهت المحكمة اإلدارية العليا إلى أن الكلية الواحدة بجميع أقسامها تكون وحدة‬
‫واحدة وذلك فيما يتعلق بالتعليم الجامعي‪ ،‬وأن أعضاء هيئة التدريس بهذه‬
‫الجامعات هم في مركز قانونى خاص بالنسبة لما عساه أن يصدر من مجلس‬
‫الجامعات من قرارات‪ ،‬مما يحق لهم االلتجاء للقضاء للطعن على تلك القرارات‬
‫التي من شأنها اإلساءة إلى سمعة الكلية أو الجامعة ومصلحتهم في هذا الشأن وإن‬
‫كانت أدبية إال أنها قائمة وإحالة القرارات المطعون فيها‪ ،‬وإن كانت تخص زمالء‬
‫بأقسام أخرى بذات الكلية وتتعلق بإعارتهم أو بمنحهم اجازات دون مرتب إال أنها‬

‫‪ 41‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 611‬وما بعدها؛‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.339‬وما بعدها‪ .‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 365‬وما بعدها؛‪ .‬مدحت احمد يوسف‬
‫غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪13‬وما بعدها؛‬

‫‪59‬‬
‫تؤثر على العملية التعليمية بالكلية‪ ،‬وعلى ما يجب أن تتمتع به من انتظام في األداء‬
‫وما تتصف به من االلتزام بالمشروعية‪.‬‬

‫ومن القرارات التي ال تمثل مصلحة للطاعن القرار الصادر من مجلس الكلية‬
‫بمنح إحدى المعيدات درجة الماجستير‪ ،‬استنادا إلى أنه أحد المشرفين على تحضير‬
‫وتجهيز رسالة الماجستير للطالبة‪ ،‬وقد طعن المدعى على قرار منحها درجة‬
‫الماجستير استناداً لوجود عيوب ومثالب بالرسالة‪ ،‬وأنه ال يقبل أن يزج باسمه في‬
‫مقدمة الرسالة باعتباره كان أحد المشرفين عليها‪.‬‬

‫وقد قررت المحكمة بعدم قبول الدعوى ألنه ال توجد له مصلحة في رفع‬
‫الدعوى‪ ،‬وسببت المحكمة بذلك بأن قرار منح درجة الماجستير للمعيدة لم يتضمن‬
‫أي مساس بقدرة الطاعن العلمية؛ وأن هذا القرار ال يمس حقا ً مباشراً للطاعن أو‬
‫يؤثر في مركزه القانوني‪ ،‬حيث أنه لم يكن في حالة قانونية خاصة بالنسبة لهذا القرار‪،‬‬
‫فهذا القرار لم يمس الطاعن شخصياً‪ ،‬وحتى على فرض أنها لم ترق‪ -‬من وجهة‬
‫الطاعن‪ -‬إلى المستوى العلمي المطلوب فإنها ليست منسوبة إليه وليس لصاحبها ولم‬
‫يحصل بموجبها على الدرجة العلمية‪ ،‬وبالتالي ال تكون له مصلحة معتبرة في طلب‬
‫إلغاء القرار المطعون فيه‪ ،‬العتبار أن ما أورده من أسباب ال يرقى إلى مصاف‬
‫‪42‬‬
‫المصلحة المباشرة التي تسوغ طلب إلغاء القرار اإلداري المطعون فيه‪.‬‬

‫اتساع مفهوم المصلحة في دعوى اإللغاء ال يجعل منها دعوى‬


‫حسبة أو دعوى شعبية‪.‬‬

‫إن اتساع مفهوم المصلحة كشرط لقبول دعوى اإللغاء بهدف حماية مبدأ‬
‫المشروعية وسيادة القانون‪ ،‬ال يجعل من دعوى اإللغاء دعوى حسبة‪ ،‬كما هو‬
‫الحال في الشريعة اإلسالمية فيكون مباشرتها دون قيد أو شرط‪ .‬إذ يشترط في‬
‫‪ 42‬د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين‪ ،‬دعوى اإللغاء وفقا ً وفتاوى مجلس الدولة حتى بداية القرن ‪ ،21‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪71‬وما بعدها؛‬

‫‪61‬‬
‫دعوى اإللغاء أن يكون الطاعن في حالة قانونية خاصة بالنسبة للقرار المطعون فيه‬
‫من شأنها أن تؤثر تأثيراً مباشراً في مصلحة ذاتية له‪.‬‬

‫فدعوى اإللغاء هي دعوة عادية وليست دعوى حسبة فال يستطيع أن يرفعها إال‬
‫صاحب المصلحة فيها‪ ،‬فال يقبل الطعن من أي شخص لمجرد أنه مواطن يهمه إنفاذ‬
‫حكم القانون حماية للصالح العام‪ ،‬بل يجب فوق ذلك أن يكون في حالة قانونية خاصة‬
‫بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مؤثرا في مصلحة ذاتية تأثيرا‬
‫مباشرا‪.‬‬

‫وبناء على ما تقدم فإنه ال يشترط لقبول دعوى اإللغاء أن يكون للطاعن حقا ً تم‬
‫االعتداء عليه‪ ،‬بل يكتفى أن يكون له مصلحة‪ ،‬وهذا يختلف عن دعوى التعويض كما‬
‫‪43‬‬
‫ذكرنا سابقاً‪ ،‬والتي تتطلب بدورها وجود حق لرافعها تم االعتداء عليه‪.‬‬

‫المصلحة والصفة في دعوى اإللغاء‪- :‬‬

‫من األمور المستقر عليها أن صاحب الصفة في مزاولة الدعوى ال يخرج عن‬
‫كونه صاحب المصلحة أو من ينوب عنه‪ ،‬وأما ما عدا هؤالء فليست له صفة مباشرة‬
‫الدعوى‪ ،‬وهذا يعنى اندماج شرط الصفة مع شرط المصلحة‪ ،‬وهو أمر منطقي حيث‬
‫أن صاحب المصلحة في الدعوى هو الوحيد ذو الصفة‪ ،‬وهذا ما يظهر من خالل‬
‫اشتراط أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة‪ ،‬فهذا الشرط يعنى في حقيقة األمر أن‬
‫يكون رافع الدعوى هو نفسه صاحب الصفة أو من ينوب عنه‪ ،‬فكأن المصلحة‬
‫الشخصية المباشرة هي نفسها الصفة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى القول بأن اندماج شرط الصفة والمصلحة إنما ينتج عن‬
‫التطبيق العادي لقواعد المرافعات المدنية‪ ،‬وعلى ذلك ليس هناك غرابة في تحقيق‬
‫‪44‬‬ ‫نفس الشيء بخصوص دعوى اإللغاء‪.‬‬
‫‪ 43‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 322‬وما بعدها؛ د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 611‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫الفرع الثاني‬

‫شروط المصلحة في دعوى اإللغاء‬

‫ال يعطى شرط المصلحة في إلغاء القرار اإلداري لصاحبها حقا ً مطلقا ً في‬
‫طلب إلغائه‪ ،‬فهناك قيوداً يتعين احترامها‪ ،‬والتي تتمثل في‪- :‬‬

‫‪25‬‬
‫يجب أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة‪- :‬‬ ‫أوال‬

‫لقبول دعوى اإللغاء يجب أن يكون لمن أقامها مصلحة شخصية مباشرة‪،‬‬
‫وهو شرط جوهري يدور معه قبول دعوى اإللغاء وجوداً وعدما ً‪.‬‬

‫والمصاالحة الشخصااية المباشاارة هددي حالددة قانونيددة خاصددة بالنسددبة إلددى القددرار‬
‫المطعون فيه‪ ،‬من شأنها أن تجعله يؤثر تأثيراً مباشراً في مصلحة ذاتية لرافع الدعوى‪.‬‬
‫فدال يكفدي أن تكدون للطداعن مصدلحة غيددر مباشدرة فدي إلغداء القدرار‪ ،‬وال يكفاي كونااه‬
‫مواطن يهمه إعمال أو إنفاذ حكم القانون حماية للصالح العام‪ .‬ولهذا قُضدى بعددم قبدول‬
‫دعوى اإللغاء المرفوعة من فرد ليست له مصلحة شخصية مباشرة‪ ،‬رغم صلة القرابة‬
‫بينه وبين صاحب المصلحة الشخصية المباشرة كزوج أو أب‪.‬‬

‫يجب أن تكون المصلحة في دعوى اإللغاء مشروعة‪- :‬‬ ‫ثانيا‬

‫ينبغي أن تكون المصلحة التي دافع عنها طالب اإللغاء مشروعة‪ ،‬فمن البديهي‬
‫أنه ال يجوز لشخص أن يطالب باحترام قواعد المشروعية بينما مركزه هو غير‬

‫‪ 44‬د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.171-171‬‬

‫‪ 45‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 331‬وما بعدها؛ د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 618‬وما بعدها‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد‬
‫وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.353‬وما بعدها‪ .‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪183‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫مشروع‪ ،‬فإذا كان هناك مركز ال يتفق مع القانون‪ ،‬قد تساهلت جهة اإلدارة تجاهه‪،‬‬
‫فإنه ال يجوز أن يشكل مصلحة قابلة للدفاع عنها بطريق دعوى اإللغاء‪.‬‬

‫هل يتوفر شرط المصلحة بالنسبة للورثة‪- :‬‬

‫ولإلجابة على هذا التساؤل يجب التفرقة بين حالتين‪- :‬‬

‫‪ ‬الحالة األولى‪- :‬في حالة عدم وجود الورثة في حالة قانونية يؤثر‬
‫فيهم القرار تأثيراً مباشراً‪ ،‬ففي هذه الحالة ال يحق لهم الحلول محل مورثهم في‬
‫السير في إجراءات الدعوى‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫إذا كان المورث كان قد طعن على قرار صادر عن إحدى جهات اإلدارة‬
‫برفض التعيين في وظيفة معينة‪ ،‬فهنا ال يستطيع أحد الورثة االستمرار في‬
‫الدعوى‪ ،‬ألنهم ال يعتبرون أصحاب مصلحة‪ ،‬وهم ال يكونون في حالة قانونية‬
‫خاصة يؤثر فيها القرار تأثيراً مباشراً‪ .‬حيث أن الوظيفة ال ُتورث إذا ما تم الحكم‬
‫في الدعوى لصالح المورث‪ ،‬وبالتالي ليس هناك مصلحة للورثة‪.‬‬

‫‪ ‬الحالة الثانية‪- :‬قد يكون للورثة مصلحة شخصية ومباشرة تخول‬


‫لهم حق االستمرار في السير في إجراءات دعوى اإللغاء‪،‬‬

‫مثال ذلك‬

‫كما لو تعلق األمر بإلغاء قرار اإلدارة الصادر بعدم ترقيته مورثهم‪ ،‬حيث أن‬
‫للورثة مصلحة شخصية ومباشرة في التدخل واالستمرار في الدعوى‪ ،‬ذلك أنهم‬
‫يورثون عنه "المتوفى رافع الدعوى" ما يستحق له من فارق المرتب‪ ،‬كما أن لهذا‬

‫‪63‬‬
‫الفرق أثره في ربط المعاش الذي يستحقونه‪ ،‬وهذه المصلحة بشقيها ال يمكن تحقيقها‬
‫إال عن طريق إلغاء القرار المطعون فبه‪.‬‬

‫المصلحة الشخصية والمباشرة يمكن أن تكون مادية أو أدبية‪:‬‬

‫المصلحة التي تبرر قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬قد تكون مصلحة مادية أو مصلحة‬
‫معنوية‪- :‬‬

‫‪ ‬والمصلحة المادية تتمثل في منفعة أو فائدة مادية يحصل عليها الطاعن‬


‫من وراء إلغاء القرار المطعون عليه‪ ،‬ومثال ذلك إلغاء قرار برفض منح ترخيص أو‬
‫بتجديده لمزاولة مهنة معينة‪ ،‬أو فتح محل عام‪ ،‬كما يمكن أن تتمثل في درء خسارة‬
‫مادية أو ضرر مادي يمكن أن يصيب الطاعن لو لم يلغ القرار المطعون عليه‪ ،‬مثال‬
‫ذلك قرار غلق محل تجارى أو مصنع أو مكتب لمزاولة مهنة معاينة‪.‬‬

‫‪ ‬أما المصلحة األدبية فتتمثل في شيء معنوي غير ملموس‪ ،‬وذلك إذا كان‬
‫القرار المطعون عليه يمس قيمة أخالقية أو عقيدة دينية‪ ،‬أو ميزة فكرية‪ ،‬أو رضاء‬
‫نفسي يحصل عليه الطاعن من وراء إلغاء القرار ومثال ذلك قرار غلق مكان‬
‫لممارسة الشعائر الدينية‪ ،‬أو بمصادرة منشورات دينية‪ ،‬أو بمنع عقد اجتماعات أو‬
‫ندوات علمية أو فكرية أو اجتماعية معينة‪ ،‬أو قرار برفض منح الترخيص أو اإلذن‬
‫‪46‬‬ ‫بإقامة مثل هذه الندوات واالجتماعات أو ممارسة الشعائر الدينية‪.‬‬

‫المصلحة الشخصية والمباشرة قد تكون مصلحة فردية أو جماعية‪:‬‬

‫المصلحة في دعوى اإللغاء غالبا ما تكون في صورة دعوى فردية‪ ،‬حين يقيم‬
‫الطعن فرد بصفته موظفا ً أو بصفته مواطنا ً عاديا ً إذا كان القرار المطعون فيه قد‬

‫‪46‬د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.329‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫مس مصلحة فردية شخصية ومباشرة للطاعن‪ .‬فتكون دعوى اإللغاء في مثل هذا‬
‫الفرض قد بوشرت لحماية مصلحة فردية خاصة بشخص الطاعن‪.‬‬

‫ولكن دعوى اإللغاء قد تكون دعوى جماعية وذلك إذا بوشرت من قبل هيئة‬
‫تتمتع بالشخصية المعنوية‪ ،‬كالنقابات المهنية‪ ،‬من أجل الدفاع عن مجموع المصالح‬
‫المشتركة والجماعية لألفراد الذين ينتمون إلى هذه الهيئة ضد قرار إداري يكون قد‬
‫مس هذه المصالح‪ ،‬فدعوى اإللغاء ال تقف عند حماية المصالح الفردية‪ ،‬بل تحمى‬
‫أيضا ً المصالح الجماعية أو المشتركة لألعضاء المنتسبين لهذه الهيئة‪.‬‬

‫ويجب التمييز في هذا الخصوص بين فرضين‪- :‬‬

‫‪ ‬الفرض األول‪- :‬إذا كان القرار اإلداري المطعون فيه يمس المصلحة‬
‫الجماعية للهيئة" النقابة" ذاتها‪ ،‬أي يمس األهداف التي قامت من أجلها الهيئة‪،‬‬
‫ففي هذه الحالة يتحقق للجماعة " أي النقابة" مصلحة شخصية مباشرة في إلغاء‬
‫القرار‪ ،‬وتكون الدعوى الجماعية باإللغاء في الدعوى المقامة من النقابة مقبولة‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫جمعية المحافظة على جمال الطبيعة الغرض منها وفقا ً لنظامها األساسي العمل‬
‫في مجال تنسيق الطبيعة‪ ،‬وبصفة خاصة مجال تنسيق الحدائق‪ ،‬وكان من شأن القرار‬
‫المطعون فيه تحويل األرض موضوع النزاع من حديقة عامة إلى مساكن خاصة‪،‬‬
‫ومن ثم فإن مصلحة الجمعية باعتبارها شخصا معنويا عاما في إلغاء القرار تكون‬
‫ثابته بحكم مساسه بغرض الجمعية األساسي المتمثل في الحفاظ على جمال الطبيعة‬
‫ونشر الحدائق‪ ،‬ومن ثم يتعين قبول تدخلها خصما ً منضما ً للمدعين‪.‬‬

‫‪ ‬الفرض الثاني‪- :‬إذا كان القرار اإلداري المطعون فيه ال يمس‬


‫بصورة مباشرة أهداف الجماعة واألغراض التي أنشأت من أجل الدفاع عنها‪ ،‬وإنما‬

‫‪65‬‬
‫يمس فقط مركزاً قانونيا ً شخصيا ً بأحد األعضاء المنتسبين للجماعة‪ .‬فإن هذا الفرد‬
‫يكون وحده صاحب المصلحة في الطعن باإللغاء‪ ،‬وال تكون الدعوى الجماعية‬
‫مقبولة في هذه الحالة النتفاء المصلحة الشخصية والمباشرة للجماعة‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫الدعوى المرفوعة من عمال مجلس ببلدي للمطالبة بالعالوة االستثنائية‬


‫المقررة بكتاب دوري إلدارة البلديات‪ ،‬ال تتصل بالمصلحة الشخصية المباشرة‬
‫للنقابة التي رفعتها وال بالمصلحة الجماعية لمباشرة المهنة‪ ،‬وإنما هي متعلقة‬
‫بحقوق فردية لبعض أعضائها‪ ،‬ولذلك قضت المحكمة بعدم قبولها‪.‬‬

‫المصلحة المحققة أو المؤكدة والمصلحة االحتمالية‪- :‬‬

‫‪ ‬المصلحة المحققة هي المصلحة التي من المؤكد حدوثها‪ ،‬أي حصول‬


‫الطاعن عليها من وراء اإللغاء‪ .‬سواء في شكل فائدة ينالها‪ ،‬أو ضرر يحول دون‬
‫وقوعه او خسارة يتجنبها‪ ،‬كإلغاء قرار صادر بحرمان طالب من دخول امتحان‪،‬‬
‫أو قرار منع شخص من السفر‪.‬‬

‫‪ ‬أما المصلحة المحتملة هي المصلحة التي من غير المؤكد حدوثها‪ ،‬فقد‬


‫يؤدى اإللغاء إلى حصول الطاعن عليها وقد ال يؤدى إلى ذلك‪ ،‬فقد يحصل الطاعن‬
‫على المنفعة المبتغاة من وراء اإللغاء وقد ال يحصل عليها‪ ،‬وقد يتفادى باإللغاء‬
‫وقوع الضرر الذي كان متوقعا ً أو محتمالً من القرار المطعون عليه وقد ال يتفاداه‪،‬‬
‫‪47‬‬ ‫فالنتيجة ال يمكن أن تعرف مقدماً‪.‬‬

‫‪ 47‬د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين‪ ،‬دعوى اإللغاء وفقا ً وفتاوى مجلس الدولة حتى بداية القرن ‪ ،21‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪71‬وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي‬
‫شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.329‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫مثال ذلك‬

‫للموظف حق الطعن في القرارات المخالفة للقانون " قرارات الترقية"‪ ،‬حتى‬


‫ولو لم يكن من شأن إلغاء هذه القرارات ترقيته فوراً‪ .‬ويكفي فى شأن هذا اإللغاء‬
‫تقديم ترتيبه في كشوف األقدمية‪ .‬فيطعن حتى ولو لم يكن مستوفيا ً وقت صدور‬
‫القرار المطعون فيه المدة الزمنية الواجبة للترقية‪ .‬ألنه سيترتب على تنفيذ القرار‬
‫أسبقية زمالئه في الدرجة المرقين إليها‪ .‬هذا فضالً عن أن من مصلحته أن تظل‬
‫‪48‬‬
‫هذه الدرجة شاغرة حتى يرقى إليها عندما يستوفى شروط الترقية‪.‬‬

‫ولقد استقر القضاء اإلداري على قبول دعوى اإللغاء سواء كانت المصلحة‬
‫الشخصية والمباشرة مصلحة محققة او محتملة الوقوع‪ ،‬أما إذا انتفت المصلحة‬
‫تماماً‪ ،‬بمعنى أنه لن تعود على الطاعن أية منفعة أو فائدة فإن دعوى اإللغاء تكون‬
‫غير مقبولة وذلك النتفاء شرط المصلحة‪.‬‬

‫أما إذا كانت مصلحة الطاعن منعدمة فال يمكن قبول دعوى اإللغاء‪ ،‬مثال ذلك‬
‫قيام أحد األفراد والذي قد رسب في الكشف الطبي بالطعن على قرار التعيين في‬
‫إحدى الوظائف على قرار تعيين من لم يستوفوا الشروط التي وردت باإلعالن‪ ،‬فهنا‬
‫ليس لرافع الدعوى أي مصلحة سواء محققة أو محتملة مع إلغاء قرار التعيين‬
‫‪49‬‬ ‫هؤالء؛ وذلك ألنه لن يتم تعيينه أيا كان ألنه رسب في الكشف الطبي‪.‬‬

‫الوقت الذي يجب أن تتوافر فيه المصلحة‪- :‬‬

‫ال يكتفى مجلس الدولة لقبول دعوى اإللغاء بتوافر المصلحة لدى الطاعن وقت‬

‫‪ 48‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 376‬وما بعده‪.‬‬

‫‪ 49‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.329‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫إقامته لطعنه‪ ،‬وإنما يشترط أيضا ً استمرار تلك المصلحة‪ ،‬حتى يفصل في الدعوى‪،‬‬
‫بحيث إذا زالت مصلحة الطاعن قبل الفصل في دعواه قضت المحكمة بعدم قبولها‪.‬‬
‫حيث قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن قيام الجهة اإلدارية أثناء نظر الطعن بصرف‬
‫‪51‬‬
‫العالوة المستحقة " موضوع الطعن" يترتب عليه اعتبار الخصومة منتهية‪.‬‬

‫طبيعة الدفع بانعدام المصلحة‪- :‬‬

‫تنقسم الدفوع في قانون المرافعات إلى دفوع شكلية ودفوع موضوعية ودفوع‬
‫بعدم القبول‪ ،‬وينتمي الدفع بانعدام المصلحة إلى الطائفة الثالثة من هذه الدفوع‬
‫فهو دفع بعدم قبول الدعوى‪ ،‬يرمى إلى تأكيد عدم توافر الشروط الالزمة لنظر‬
‫الدعوى‪ ،‬فهو دفع متعلق يمكن إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى‪ ،‬حيث ال‬
‫يسقطه السير في موضوعها‪ .‬وبالتالي يمكن الدفع به أمام المحكمة اإلدارية العليا‬
‫ألول مرة‪.‬‬

‫ونظراً للطبيعة الخاصة لدعوى اإللغاء ولكونها تهدف إلى تحقيق المشروعية‬
‫وسيادة القانون والحفاظ على النظام العام‪ ،‬فإنه يجب على المحكمة التصدي لتوافر‬
‫شروط المصلحة فيها من تلقاء نفسها‪ ،‬ونتيجة لتلك الطبيعة الخاصة لدعوى‬
‫اإللغاء‪ ،‬فإنها ال تخضع لنظام الشطب المعمول به في الدعاوى العادية إذا تخلف‬
‫‪51‬‬ ‫المدعى عن حضور الدعوى‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 611‬وما بعدها؛‬

‫‪ 51‬المرجع السابق‬

‫‪68‬‬
‫المطلب الثالث‬

‫شرط الميعـاد‬

‫ترتبط دعوى اإللغاء بمدة محددة يتعين رفعها خاللها وإال سقط الحق في‬
‫رفعها‪ ،‬وتحديد ميعاد لرفع دعوى اإللغاء هو أمر طبيعي‪ ،‬وذلك ألن باب اللجوء‬
‫إلى القضاء في مسألة معينة ال يمكن أن يظل مفتوحا ً إلى ما ال نهاية‪ ،‬ألن ذلك‬
‫يتعارض مع مبدأ االستقرار الالزم في األوضاع والمراكز القانونية‪ .‬فمن غير‬
‫المالئم أن تبقى األوضاع والمراكز مهددة بأن تكون محل نزاع مستمر بدون حدود‪.‬‬

‫ففي فكرة الميعاد مصلحتان متعارضتان‪ ،‬األولى مصلحة الطاعن والتي‬


‫تقتضي أن يترك تحديد ميعاد للطعن باإللغاء على القرار اإلداري الذي أضر به‪،‬‬
‫ومن ثم يرفع دعواه في أي وقت يشاء‪ .‬والثانية هي المصلحة العامة والتي تتطلب‬
‫تحديد ميعاد معين للطعن باإللغاء‪ ،‬ويقفل بعده باب الطعن حتى تستقر األوضاع‬
‫والمراكز القانونية وكذلك الحقوق المكتسبة‪.‬‬

‫وإزاء ذلك حرص المشرع على تحديد ميعاد معين إلقامة دعوى اإللغاء‪ ،‬فإذا‬
‫انقضى هذا الميعاد دون أن تقام الدعوى فيكون صاحب المصلحة قد فوت على‬
‫نفسه فرصة الطعن باإللغاء‪ ،‬وسيكون مصير دعواه عدم القبول‪.‬‬

‫وبناء على ذلك سوف نقوم بدراسة ميعاد دعوى اإللغاء من خالل ثالث فروع‪- :‬‬

‫الفرع األول‪- :‬تحديد ميعاد اإللغاء وبدء سريانه وكيفية حسابه‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪- :‬امتداد الميعاد‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪- :‬أثر انقضاء ميعاد دعوى اإللغاء‬

‫‪69‬‬
‫الفرع األول‬

‫تحديد ميعاد اإللغاء وبدء سريانه وكيفية حسابه‬

‫ميعاد الطعن باإللغاء‬ ‫أوال‬


‫حدد المشرع ميعاد الطعن باإللغاء في القرارات اإلدارية أمام مجلس الدولة‬
‫بستون يوما من تاريخ نشر القرار اإلداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو‬
‫في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعالن صاحب الشأن به‪ ،‬فإذا قدم‬
‫الطعن بعد انقضاء هذا الميعاد قضى المجلس بعدم قبول الدعوى أي بردها قبل‬
‫التعرض للموضوع‪.‬‬

‫طبيعة الدفع بانعدام المصلحة‬ ‫ثانيا‬

‫ُيعد ميعاد الستين يوما المحدد للطعن باإللغاء على القرارات اإلدارية متعلقا‬
‫‪52_-‬‬
‫بالنظام العام‪ ،‬ويترتب على تعلقه بالنظام العام عدة نتائج‪:‬‬

‫‪ ‬يتعين على المحكمة أن تتصدى بذاتها وتقضى بعدم قبول دعوى اإللغاء‬
‫إلقامتها بعد الميعاد المحدد‪ ،‬ولو لم يطلب الخصوم منها ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬يجوز الدفع بعدم قبول دعوى اإللغاء لفوات ميعاد الطعن‪ ،‬وذلك في أية‬
‫مرحلة من مراحل الدعوى‪.‬‬
‫‪ ‬ال يجوز المساس بالحقوق المكتسبة التي تولدت عن القرارات اإلدارية‬
‫النهائية الغير مشروعة ما دام قد انقضى ميعاد الطعن عليها‪.‬‬
‫‪ ‬ال يجوز سحب القرارات اإلدارية النهائية التي تحصنت بفوات مواعيد‬
‫الطعن‪.‬‬
‫‪ 52‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪683‬وما بعدها‬

‫‪71‬‬
‫وميعاد الستون يوما ً متعلق فقط بدعوى إلغاء القرارات اإلدارية فال ينطبق‬
‫هذا الميعاد على الدعاوى اإلدارية األخرى‪ ،‬وخاصة دعاوى التعويض التي يرتبط‬
‫ميعاد رفعها بميعاد سقوط الحق نفسه المدعى به أو المطلوب التعويض عنه‪ .‬فهذه‬
‫الدعاوى يمكن رفعها في أي وقت طالما لم يسقط الحق المطالب به بالتقادم‪.‬‬

‫والعبرة في كون الدعوى رفعت في الميعاد يكون بإيداع صحيفة الطعن قلم‬
‫كتاب المحكمة‪ ،‬فبهذا اإليداع تعتبر قد رفعت الدعوى‪ ،‬وال يغنى عن اإليداع أي‬
‫‪53‬‬ ‫وسيلة أخرى كإرسالها بالبريد أو التلكس‪.‬‬

‫بدء سريان الميعاد‪- :‬‬ ‫ب‬


‫ثالثا‬
‫يوجد ثالث وسائل يبدأ من بعدها سريان ميعاد الستون يوما ً المحددة للطعن‬
‫باإللغاء‪ ،‬وتتمثل تلك الوسائل في النشر واإلعالن والعلم اليقيني‪ ،‬وفيما يلي‬
‫سنتناول الحديث عن الوسائل التي يبدأ سريان ميعاد الطعن باإللغاء‪- :‬‬

‫النـشـر‬ ‫‪1‬‬

‫النشر هو قيام جهة اإلدارة بإجراءات شكلية معينة تفيد وصول القرار‬
‫المطعون فيه إلى علم صاحب الشأن‪ .‬فنشر القرار اإلداري هو إعالن الكافة به‬
‫وبمحتوياته‪ ،‬ويكون النشر وفقا لقانون مجلس الدولة في الجريدة الرسمية أو في‬
‫‪54‬‬ ‫النشرات المصلحية التي تصدرها المصالح العامة‪.‬‬

‫‪ 53‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 618‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 965‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ 54‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪696‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫كيفية النشر‪- :‬‬

‫والنشر المعتد به هو الذي يتم في الجريدة الرسمية أو في النشرات المصلحية‬


‫المختلفة‪ ،‬ومن ثم ال يعتد بالنشر الذي يتم بأي طريقة أخرى‪ ،‬كالنشر عن طريق‬
‫وسائل اإلعالم المختلفة‪ ،‬أو النشر في الصحف اليومية كاألهرام والجمهورية أو‬
‫غيره أو في اإلذاعة المسموعة أو المرئية‪.‬‬

‫وإذا كان النشر في الجريدة الرسمية يستوي مع النشر في النشرات المصلحية‪،‬‬


‫إال أن هناك فارقا بينهما فيما يتعلق ببدء سريان ميعاد الطعن‪ ،‬فبالنسبة للنشر في‬
‫الجريدة الرسمية فإن بداية سريان ميعاد الطعن يكون بواقعة النشر ذاتها‪ ،‬أي من‬
‫يوم النشر‪ ،‬أما بالنسبة للنشر في النشرات المصلحية كنقطة انطالق في تحديد ميعاد‬
‫الطعن باإللغاء‪ ،‬بل يلزم لتحقيق ذلك األثر أن يتم توزيع تلك النشرات على الجهات‬
‫اإلدارية التي يتبعها ذوي الشأن حتى يستطيع العاملين بتلك الجهات العلم‬
‫‪55‬‬ ‫بالقرارات التي تتضمنها تلك النشرات‪.‬‬

‫مضمون النشر‪- :‬‬

‫يتمثل الهدف من نشر القرارات اإلدارية هو اطالع ذوي الشأن عليه‪ ،‬ولتحقيق‬
‫تلك النتيجة فيجب أن يتناول النشر مضمون القرار بأكمله ال بأجزاء منه‪ ،‬ومن ثم‬
‫يجب نشر القرار كامالً وملحقاته إذا وُ جدت وكانت متممة له‪ .‬فيجب‬
‫أن يتضمن النشر محتوى القرار وأن يكشف عن فحواه بالطريقة التي تمكن كل‬
‫ذي مصلحة من العلم بجميع العناصر التي يقوم عليها القرار وحتى يستطيع أن‬
‫يحدد على ضوئها مركزه القانوني منه‪ ،‬وهو ال يتسنى لصاحب الشأن إال إذا نشر‬
‫القرار اإلداري بأكمله‪ ،‬فإذا ورد النشر "بعبارة مجملة" خالية من أي بيان ال‬
‫‪ 55‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 967‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫يتسنى معه للمدعين العلم بتفاصيل القرار وبمحتوياته وتقدير وجه اتصاله ومساسه‬
‫‪56‬‬ ‫بمصلحتيهما‪ ،‬فال يكون النشر مجديا ً في حساب ميعاد رفع الدعوى‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫لو أصدرت وزارة المالية قرار بتخفيض التعريفة الجمركية‪ ،‬وتم نشر القرار‬
‫في الجريدة الرسمية دون الجداول الملحقة به‪ ،‬فإن بدء ميعاد الطعن في القرار‬
‫يكون من تاريخ نشر تلك الجداول‪ ،‬ذلك أن نص القرار وحده ال يغنى عن الجداول‬
‫الملحقة به‪ ،‬كما أن اإلشارة في الجريدة الرسمية إلى إيداع الجداول والمالحق‬
‫مكاتب الجمارك ال ُيعد بمثابة النشر الذي يبدأ به ميعاد الطعن‪ .‬وبالتالي من‬
‫الضروري إذن أن يتضمن النشر عناصر القرار ومحتوياته األساسية حتى يمكن‬
‫‪57‬‬ ‫القول بتحقيق علم ذوي الشأن بالقرار والذي به يبدأ ميعاد الطعن‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه إذا تم نشر القرار بصور ناقصة‪ ،‬وتم إكماله في وقت‬
‫الحق‪ ،‬فإن ميعاد الطعن ال يبدأ في السريان إال من تاريخ إكمال النشر‪.‬‬

‫القاعدة األساسية أن النشر هو وسيلة العلم بالنسبة للقرارات التنظيمية‬


‫أو الالئحية‪- :‬‬

‫تتمثل القرارات اإلدارية التنظيمية أو الالئحية في القرارات اإلدارية التي‬


‫تضع قواعد عامة مجردة‪.‬‬

‫ويعد نشر القرارات اإلدارية كوسيلة للعلم بالقرارات مقتصر فقط على القرارات‬
‫التنظيمية أو الالئحية‪ ،‬وذلك نظراً للطبيعة الخاصة للقرارات التنظيمية أو الالئحية‬

‫‪ 56‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪699‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 930‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ 57‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫والتي تختلف عن طبيعة القرارات الفردية‪ .‬فالقرارات التنظيمية أو الالئحية تتضمن‬
‫بطبيعتها قواعد عامة موجهة لعدد غير محدد أو عدد غير محصور من األفراد‪.‬‬

‫أما القرارات الفردية فهي التي توجه لفرد معين أو أفراد معينين بذواتهم‪ ،‬فتلك‬
‫القرارات فإن النشر ال يعتد به وال يحدث أثراً قانونياً‪ ،‬إال إذا نص القانون صراحة‬
‫‪58‬‬
‫على ذلك‪.‬‬

‫عبء إثبات النشر‪- :‬‬

‫إذا حصل نزاع بين اإلدارة وصاحب الشأن حول حدوث النشر‪ ،‬كما لو ادعى‬
‫صاحب الشأن‪-‬على سبيل المثال‪-‬أن النشر لم يتم في الجريدة الرسمية‪ ،‬فإنه يقع‬
‫على اإلدارة عبء إثبات النشر في الجريدة الرسمية وإقامة الدليل على حدوثه‬
‫وعلى التاريخ الذي تم فيه‪ ،‬وإال اعتبرت مهلة الطعن سارية في حق ذوي الشأن‪.‬‬

‫كما يقع على عاتق اإلدارة إقامة الدليل على أن النشر قد تم كامالً لعناصر‬
‫القرار األساسية وأنه تم صحيحاً‪ ،‬مما يحتج به على الكافة‪ ،‬كما يقع عليها عبء‬
‫‪59‬‬ ‫إثبات تاريخ حصول النشر كبداية لمهلة الطعن عليه‪.‬‬

‫اإلعالن‬ ‫‪2‬‬

‫اإلعالن هو الطريق الذي تتبعه جهة اإلدارة عادة لنقل القرار إلى علم‬
‫الشخص واحد أو مجموعة معينة من األشخاص يتعلق بهم القرار مباشرة‪ ،‬فاإلعالن‬
‫أو التبليغ ُيعد الوسيلة الالزمة لبدء سريان ميعاد الطعن بشأن القرارات الفردية‬
‫‪ 58‬د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.392‬وما بعدها؛ د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪695‬وما بعدها‬

‫‪ 59‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 936‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫التي تنسحب أثرها إلى فرد أو أفراد معينين‪ 61.‬ومن ثم فاإلعالن يوجه إلى صاحب‬
‫الشأن نفسه إما شخصيا وإما في موطنه الحقيقي أو في الموطن المختار‪.‬‬

‫وعلى هذا يجب على الموظف أن يخطر جهة اإلدارة بأي تعديل في محل‬
‫إقامته‪ ،‬وعلى اإلدارة أن تتحرى الدقة وال تعلنه في موطنه السابق بعد أن تركه‪ ،‬أو‬
‫تدعى أنها تجهل محل إقامته الحالي وأنها اكتفت بإعالنه في موطنه األصلي‪.‬‬

‫واألصل أن اإلدارة غير ملزمة باتباع مسلك معين لكي تبلغ الفرد أو األفراد‪،‬‬
‫فقد يتم اإلعالن عن طريق محضر‪ ،‬أو عن طريق موظف إداري أخر‪ ،‬وقد يبلغ‬
‫‪61‬‬ ‫الفرد بأصل القرار أو بصورة منه‪.‬‬

‫لمن يوجه اإلعالن‪- :‬‬

‫إن تبليغ القرار يجب أن يوجه إلى صاحب الشأن نفسه وبشخصه‪ ،‬أي إلى‬
‫ذات الشخص الذي يعنيه القرار‪ ،‬وذلك في موطنه الحقيقي أو المختار أو في محل‬
‫عمله‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للقرارات التي يتم تبليغها إلى الموظفين‪ .‬وإذا كان‬
‫القرار يعنى أكثر من شخص فإنه يجب إجراء توجيه اإلعالن إلى كل ذوي الشأن‪،‬‬
‫ويجرى إبالغ القاصر أو المحجور عليه بواسطة والديه أو وصيه أو القيم عليه‪.‬‬

‫ويتم إبالغ األشخاص المعنوية كإحدى الشركات أو الجمعيات إلى من ينوب‬


‫عنهم‪ ،‬أو من يمثلها طبقا ً ألحكام القانون أو األنظمة الخاصة بها‪.‬‬

‫وسيلة اإلعالن‪- :‬‬

‫األصل أنه ليس هناك شكلية معينة لإلعالن‪ ،‬فاألمر يخضع لتقدير اإلدارة‬

‫‪ 61‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ 61‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 695‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫تحت رقابة القضاء بطبيعة الحال إذ ال تلتزم اإلدارة بوسيلة معينة ما لم يوجب‬
‫القانون اتباع وسيلة محددة‪ ،‬ومن ثم يمكن أن يتم اإلعالن بخطاب عادى أو بخطاب‬
‫مسجل او بوسيلة الفاكس‪ ،‬أو تسليم صورة من القرار لصاحب الشأن بواسطة أحد‬
‫موظفي اإلدارة المختصين مع أخذ وقيعه على االستالم‪ ،‬أو تسليمه صورة من‬
‫القرار مع التوقيع على األصل كما يمكن أن يتم اإلعالن على يد محضر‪.‬‬

‫وعلى الرغم من عدم وجود شكلية لإلعالن إال أنه يجب أن يتضمن المقومات‬
‫األساسية لإلعالن‪ ،‬والتي تتمثل في اسم الجهة المصدرة لإلعالن وأن يصدر من‬
‫الموظف المختص‪ ،‬وأن يوجه إلى المعنين بالقرار أو من ينوب عنهم قانوناً‪.‬‬

‫رفض استالم اإلعالن‪- :‬‬

‫إذا رفض الشخص المطلوب إعالنه بالقرار‪ ،‬كما لو رفض استالم صورة‬
‫القرار المراد إبالغه أو الخطاب المسجل الذي تضمن القرار أو رفض سحب‬
‫الخطاب المسجل‪-‬المحتوى على القرار‪-‬المودع باسمه في مكتب البريد رغم إشعاره‬
‫بذلك‪ ،‬فإن هذا االمتناع ليس من شأنه التأثير على بداية ميعاد الطعن الذي يبدأ في‬
‫الحاالت السابقة من يوم رفض تسلمه اإلعالن ويعتبر أنه قد تسلمه‪ .‬وبطبيعة الحال‬
‫‪62‬‬
‫يقع عبء إثبات واقعة االمتناع على اإلدارة وذلك بأي طريقة من طرق اإلثبات‪.‬‬

‫مضمون اإلعالن‪- :‬‬

‫يشترط لصحة اإلعالن واالعتداد به كبداية لسريان مهلة الطعن‪-‬كما هو الشأن‬


‫بالنسبة لمضمون النشر بالنسبة للقرارات التنظيمية‪-‬أن يتضمن اإلعالن القرار‬
‫بكامله حتى يمكن للفرد من معرفة حقيقة مركزه ويقف على أوجه العيوب التي‬
‫‪ 62‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 933‬وما بعدها؛ د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري‬
‫"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪621‬وما بعدها؛ د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪693‬وما بعدها؛‬

‫‪76‬‬
‫تصيب القرار‪ ،‬وإذا كان األصل أن يتضمن اإلعالن القرار بكامله إال أن القضاء‬
‫يكتفى لصحة اإلعالن أن يشتمل الملخص على العناصر األساسية للقرار التي‬
‫‪63‬‬ ‫تكشف لصاحب الشأن عن محتواه وأثره القانوني بالنسبة له‪.‬‬

‫وترتيبا على ذلك إذا اكتفى اإلعالن باإلشارة إلى أن هناك قراراً قد صدر دون‬
‫أن يحدد مضمونه أو محتواه تحديداً دقيقا ً‪ ،‬كان ذلك تبليغا ً ناقصا ً ال يترتب عليه‬
‫سريان مهلة الطعن‪.‬‬

‫عبء إثبات حصول اإلعالن‪- :‬‬

‫إذا حدث خالف أو نزاع حول حصول إعالن صاحب الشأن بالقرار أو‬
‫تاريخه‪ ،‬فإنه يقع على عاتق اإلدارة عبء إثبات حصوله وتاريخه وتقديم الدليل‬
‫على ذلك‪ ،‬إذ أن اإلدارة هي المكلفة قانونا ً بحصول اإلعالن‪ .‬على أنه يجب أن‬
‫يراعى أنه إذا كان عبء إثبات النشر يبدو أمرا يسيرا على جهة اإلدارة؛ ألنه له‬
‫طريقة معينة أال وهي النشر في الجريدة الرسمية أو النشرات المصلحية‪ .‬فإن عبء‬
‫اإلثبات بالنسبة لإلعالن ال يكون دائما ً كذلك‪ .‬ويرجع سبب ذلك بطبيعة الحال إلى‬
‫عدم تطلب المشرع لشكلية معينة في اإلعالن‪ ،‬فقد تثبت اإلدارة ذلك عن طريق‬
‫‪64‬‬ ‫توقيع صاحب الشأن بالعلم على أصل القرار أو صورته‪.‬‬

‫العلم اليقيني‬ ‫‪3‬‬

‫قد يعلم صاحب الشأن بالقرار الصادر في شانه بغير الطريق الرسمي‪ ،‬أي‬
‫عن غير طريق النشر أو اإلعالن‪ ،‬وهو ما يعرف بالعلم اليقيني أو الفعلي أو الغير‬

‫‪ 63‬د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪693‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 933‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ 64‬المرجع السابق‬

‫‪77‬‬
‫رسمي‪ ،‬كأن يصدر القرار مثالً في حضوره ومواجهته حتى ولو لم يخطر به‬
‫(‪)61‬‬ ‫بالشكل الرسمي‪.‬‬

‫فالعلم اليقيني يقصد به علم صاحب الشأن بصدور القرار علما قطعيا نافيا‬
‫للجهالة شامال لجميع عناصر القرار‪ ،‬ثابتا ً في تاريخ محدد‪ .‬ويُغنى العلم اليقيني عن‬
‫النشر واإلعالن في تحديد ميعاد الطعن باإللغاء‪ ،‬حيث يبدأ هذا الميعاد من تاريخ‬
‫(‪)62‬‬ ‫ثبوت هذا العلم‪.‬‬

‫والعلم اليقيني كواقعة يسرى بتحققها ميعاد الطعن باإللغاء‪ ،‬أمر لم يرد بشأنه‬
‫نص في قانون مجلس الدولة‪ ،‬وإنما هو من ابتداع القضاء اإلداري‪ ،‬حيث أنه إذا كان‬
‫هدف اإلعالن أو النشر هو إيصال مضمون القرار لعلم صاحب الشأن‪ ،‬لكي يُحدد‬
‫موقفه من الطعن عليه أو قبوله له تبعا ً لمدى تأثيره على مركزه القانوني‪ ،‬فإذا علم‬
‫صاحب الشأن بصدور القرار وبمضمونه بشكل تام أو ناف للغلط‪ ،‬فقد تحقق الغرض‬
‫من اإلعالن والنشر‪ ،‬وما دام صاحب الشأن علم بالقرار فإن عليه تحديد موقفه منه في‬
‫مدة أقصاها ستين يوما ً من تاريخ ثبوت العلم‪ ،‬وذلك حتى ال يظل ميعاد الطعن باإللغاء‬
‫مفتوحا ً إلى ما ال نهاية في حالة عدم حدوث النشر أو اإلعالن‪ ،‬األمر الذى يمثل تهديداً‬
‫الستقرار المراكز القانونية التي أوجدها القرار اإلداري‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫شروط العلم اليقيني‪- :‬‬

‫حتى يقوم العلم اليقيني بالقرار مقام نشره أو إعالنه في سريان ميعاد الطعن‬
‫بإلغائه فإن هناك شروطا البد من توافرها فيه‪ ،‬غايتها التأكيد على تمام العلم‬
‫وشموله وثبوت حدوثه في تاريخ معين‪- :‬‬
‫‪ 65‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 933‬وما بعدها؛ د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري‬
‫"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪621‬وما بعدها؛ د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪693‬وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد‬
‫وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.398‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الشرط األول‪- :‬أن يكون علم الطاعن بصدور القرار علما يقينيا ال‬
‫ظنيا أو افتراضيا‪- :‬‬

‫يجب أن يثبت بشكل قاطع أن صاحب الشأن قد علم بصدور القرار‪ ،‬حيث ال‬
‫يجوز االستناد في إثبات هذا العلم على الشك أو الظن أو االفتراض‪.‬‬

‫ويجب أن يتوافر هذا العلم اليقيني في صاحب الشأن نفسه‪ ،‬ومن ثم فإن علم‬
‫من هم سواه بالقرار ال يعنى علمه به‪ ،‬حتى ولو كانوا من المقربين إليه‪ .‬كما أن علم‬
‫وكيل صاحب الشأن بالقرار ال يعنى علمه به‪ ،‬فقد ال يبلغه الوكيل بالقرار أو يبلغه‬
‫به على نحو ال يحقق العلم الكامل بكافة عناصره‪.‬‬

‫ال يمكااان القااااول بااااأن الواقعدددة التددددي تحتمددددل احتمدددالين‪ ،‬يعلاااام الطاااااعن بهااااا‬
‫علماااا ً يقينياااا ً بأحااادهما‪ ،‬ألن هاااذا االفتاااراض يساااتند إلاااى الشاااك والتخماااين وهاااو ماااا‬
‫ال يجااااوز فااااي مجااااال إقامااااة الاااادليل علااااى العلاااام اليقينااااي‪ ،‬الااااذي يجااااب أن يكااااون‬
‫قاطعا ً في الداللة على العلم بالقرار‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫فمنع أحد الموظفين من دخول مقر عمله ال يفيد حتما ُ صدور قرار بفصله‪ ،‬فقد‬
‫يكون موقوفا ً عن العمل‪ .‬ومن ثم ال تعد هذه الواقعة في ذاتها دليالً كافيا ً على علم‬
‫الطاعن بقرار فصله‪ .‬علما ً يقينيا ً يمكنه من تحديد مركزه القانوني‪.‬‬

‫الشرط الثاني‪- :‬شمول العلم لجميع عناصر القرار‪- :‬‬

‫لقيام العلم اليقيني بالقرار يجب أن يكون علم صاحب الشأن به شامال لجميع‬
‫عناصره‪ ،‬بحيث يمكنه تبين مدى تأثير هذا القرار على مركزه القانوني‪ ،‬األمر الذي‬
‫سيرتب على أساسه موقفه منه أما بالقبول أو بالرفض‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫والعلم اليقيني يعنى هنا العلم بالغاية الحقيقية للقرار‪ ،‬التي قصدت اإلدارة‬
‫تحقيقها من إصداره‪ ،‬حيث أنه على ضوء تلك الغاية يكون ذو الشأن على بينه من‬
‫مدى تأثر مركزه القانوني بالقرار‪ ،‬وذلك إذا ما اتخذت اإلدارة من القرار وسيلة‬
‫لتحقيق غاية غير ظاهرة من منطوق قرارها‪.‬‬

‫فال يكفي علم صاحب الشأن بأسباب القرار المعلنة ليسرى في حقه ميعاد‬
‫الطعن فيه باإللغاء‪ ،‬بل إن غايته غير المعلنة تكون هي المحك في تحديد موعد‬
‫سريان الطعن عليه باإللغاء‪ ،‬إذا كان من شأن تلك الغاية التأثير على المركز‬
‫القانوني للطاعن‪ ،‬باعتبار أنها هي التي تدفع صاحب الشأن إلى الطعن على القرار‬
‫باإللغاء في حالة تأثر مركزه القانوني بها‪.‬‬

‫فإذا ثبت علم صاحب الشأن بصدور القرار وتبين له مدى تأثيره على مركزه‬
‫القانوني‪ .‬فقد تحقق العلم اليقيني لديه‪ ،‬وال وجه بعد ذلك لالحتجاج بعدم العلم بما‬
‫شاب القرار من عيوب مادام في مكنته الطعن عليه في الميعاد بعد تبينه لمركزه‬
‫القانوني منه ومبلغ مساسه به‪ .‬والقول بغير ذلك يؤدى إلى عدم انغالق ميعاد الطعن‬
‫باإللغاء على القرار اإلداري‪ ،‬األمر الذي يهدد استقرار المراكز القانونية التي‬
‫اوجدها القرار باستمرار‪.‬‬

‫الشرط الثالث‪- :‬ثبوت العلم اليقيني في تاريخ معلوم‪- :‬‬

‫يسرى ميعاد الطعن باإللغاء من تاريخ علم صاحب الشأن بصدور القرار علما ً‬
‫يقينيا ً شامالً لجميع عناصره‪ ،‬ومن ثم يتعين أن يثبت علم صاحب الشأن بالقرار في‬
‫تاريخ محدد‪ .‬حيث أن العلم اليقيني ال يعدو أن يكون واقعة مادية‪ ،‬لذلك فإنه إلمكان‬
‫التحدي بنفاذ أثره في بدء سريان ميعاد الطعن‪ ،‬فإنه يتعين ثبوت حدوثه في تاريخ‬

‫‪81‬‬
‫معلوم‪ ،‬وعدم تحقق هذا الشرط يجعل دفع اإلدارة بعدم قبول الدعوى شكالً لرفعها‬
‫بعد الميعاد يفتقد لألساس القانوني السليم‪.‬‬

‫إثبات العلم اليقيني‪- :‬‬

‫نظراً ألن اإلدارة هي التي تدعى ثبوت العلم اليقيني بالقرار اإلداري محل‬
‫الطعن في حق المدعى في معرض دفاعها‪ ،‬التي تبدى فيه عدم قبول الدعوى‬
‫إلقامتها بعد الميعاد‪ ،‬فإنه يقع عليها عبء إثبات حدوثه‪ .‬وترتيبا على ذلك إذا‬
‫ادعى الطاعن علمه بالقرار المطعون عليه في تاريخ معين‪ ،‬ولم تستطيع اإلدارة‬
‫تقديم ما ينفى ذلك‪ ،‬أصبح قول الطاعن هو المصدق‪ ،‬وجرى ميعاد الستين يوما‬
‫ابتداء من التاريخ الذي يدعيه الطاعن‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫كيفية حساب الميعاد‪- :‬‬ ‫رابعا‬

‫لقد قرر المشرع المصري ميعاد الطعن باأليام ال بالشهور‪ ،‬فهو ستون يوما ً‬
‫كاملة‪ ،‬ويتم حساب هذا الميعاد طبقا ً لما تقضى به المادة الثالثة من قانون مجلس‬
‫الدولة رقم(‪ )47‬لسنة ‪1972‬م‪ ،‬والتي تنص على أن " تطبق اإلجراءات المنصوص‬
‫عليها في هذا القانون‪ ،‬وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد به نص‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى أحكام قانون المرافعات سنجد أنها قررت أنه إذا حدد القانون‬
‫للحضور أو لحصول اإلجراء ميعاداً مقدراً باأليام أو بالشهور أو بالسنين فال يحسب‬
‫منه يوم اإلعالن او حدوث األمر المعتبر في نظر القانون مجديا ً الميعاد‪ ،‬أما إذا‬
‫كان الميعاد مما يجب انقضاؤه قبل اإلجراء فال يجوز حصول اإلجراء إال بعد‬
‫انقضاء اليوم األخير من الميعاد‪.‬‬
‫‪ 66‬د‪ .‬رأفت فودة‪ ،‬النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة"‪ ،‬در النهضة العربية‪ ،1998 ،‬ص‪143‬؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز‬
‫شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 933‬وما بعدها؛ د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪621‬وما بعدها؛ د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪693‬وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.398‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫وبتطبيق هذه القواعد بالنسبة لميعاد رفع دعوى اإللغاء‪ ،‬فإنه ال يحسب من‬
‫ميعاد رفع الدعوى يوم إعالن القرار اإلداري أو نشره أو العلم اليقيني به‪ ،‬وإنما‬
‫يسرى الميعاد من اليوم التالي باعتبار أن هذا اليوم ال يمكن اعتباره يوما ً كامالً‪،‬‬
‫وينقضي الميعاد بانقضاء اليوم األخير منه‪.‬‬

‫وبالتالي فإن ميعاد دعوى اإللغاء الستون يوما ً تبدأ من اليوم التالي للنشر أو‬
‫اإلعالن أو العلم اليقيني‪ ،‬فال يدخل في حساب يوم النشر أو اإلعالن أو العلم‬
‫اليقيني به‪.‬‬

‫وبالنسبة للقرارات الضمنية بالرفض‪ ،‬فإن حساب بدأ ميعاد الطعن‪ ،‬باإللغاء‬
‫بالنسبة لها يكون ستون يوما من اليوم التالي النقضاء المدة التي حددها القانون‬
‫لإلدارة للرد على الطلب‪.‬‬

‫القاعدتان المتعلقتان بحالتي المسافة والعطالت الرسمية‪- :‬‬

‫المسافة‪- :‬‬

‫طبقا ً لنصوص قانون المرافعات؛ فإنه يضاف ميعاد مسافة لمن يقطنون بعيدا‬
‫عن المكان الذي يتعين المثول فيه أو مباشرة اإلجراء فيه‪.‬‬

‫وهناك ثالثة أنواع لميعاد المسافة في قانون المرافعات؛ نوع يطبق بالنسبة‬
‫للمقيمين في مناطق داخل الجمهورية‪ ،‬وفيه يضيف يوم لكل مسافة مقدارها‬
‫خمسون كيلو متراً بين المكان الذي يجب االنتقال منه والمكان الذي يجب االنتقال‬
‫إليه‪ ،‬وما يزيد من الكسور على الثالثين كيلو متراً يزداد له يوم على الميعاد‪ ،‬وال‬
‫يجوز أن يجاوز ميعاد المسافة أربعة أيام‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫ونوع بالنسبة للمقيمين في مناطق الحدود‪ ،‬فيُضاف خمسة عشر يوما ميعاداً‬
‫للمسافة‪ .‬ونوع بالنسبة للمقيمين في الخارج‪ ،‬فُيضاف ميعاد مسافة ستين يوما‪.‬‬

‫وبالنسبة للثالثة أنواع يجوز بأمر من قاضى األمور الوقتية إنقاص ميعاد‬
‫المسافة تبعا ً لسهولة المواصالت وظروف االستعجال‪.‬‬

‫العطالت الرسمية‪- :‬‬

‫يدخل اليوم األخير في حساب مدة الستين يوماً‪ ،‬فمدة ميعاد رفع دعوى اإللغاء‬
‫تعتبر مدة كاملة‪ ،‬بمعنى انها ستون يوما ً صافية‪ ،‬فماذا لو كان اليوم األخير عطلة‬
‫رسمية؟‬

‫ففي هذه الحالة يجب تطبيق قانون المرافعات‪ ،‬والذي ينص على أنه إذا‬
‫صادف أخر الميعاد عطلة رسمية امتد إلى اول عمل بعدها؛ ومعنى ذلك إذا كان‬
‫أخر بوم في الميعاد هو األول من مايو‪ ،‬وهو عطلة رسمية كعيد العمال‪ ،‬فإن ميعاد‬
‫يمتد ونأخذ بدالً منه اليوم الثاني من مايو‪ ،‬وعلى إذا رفعت الدعوى يوم " ‪2‬مايو"‬
‫تكون قد رفعت في الميعاد‪ ،‬وتعتبر مقبولة‪.‬‬

‫وماذا لو كانت األربعة أيام األخيرة من الميعاد عطلة رسمية كما هو الحال‬
‫في عيد األضحى وعيد الفطر؟ فهل يمتد الميعاد أربعة أيام أخرى مقابل أيام العطلة‬
‫الرسمية؟ اإلجابة بالتأكيد بالنفي‪ ،‬فالعبرة فقط باليوم األخير من مدة الستين يوما‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫مثال ذلك لو كان اليوم األخير في مدة الستين يوما ً للطعن باإللغاء يوم ‪5‬‬
‫مارس‪ ،‬وكان هو أخر أيام العطلة التي تمثل أربعة أيام‪ ،‬معنى ذلك أن هذه األيام‬
‫األربع قد أخذت من الميعاد‪ ،‬فهل يعطى رافع الدعوى أربع أخرى مقابلهم؟‪ ،‬استقر‬

‫‪83‬‬
‫القضاء على أنه ال يضاف إال يوم واحد وهو أخر يوم في مدة الستين الذي وافق‬
‫يوم عطلة رسمية‪ .‬وبالتالي ال ُيعطى صاحب الشأن أربعة أيام مقابل عدد أيام‬
‫العطلة‪ ،‬فالعبرة دائما ً باليوم األخير‪ .‬فإذا وقعت جميع أيام العطلة خالل الميعاد‪،‬‬
‫وكان اليوم األخير من الميعاد يوم عمل‪ ،‬فال يمتد الميعاد على اإلطالق‪ ،‬فالعطلة‬
‫‪67‬‬
‫التي تقع خالل الميعاد تحسب ضمن مدة الستين يوماً‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن العبرة في تقدير ما إذا كانت الدعوى قد رفعت في‬
‫الميعاد من عدمه هو باإلجراء الذي حددته المادة ‪ 25‬من قانون مجلس الدولة لسنة‬
‫‪1972‬م وهو إيداع عريضة الدعوى قلم كتاب المحكمة المختصة موقعة من محام‬
‫مقيد بجدول المحامين المقبولين أمام تلك المحكمة‪.‬‬

‫‪ 67‬المرجع السابق‬

‫‪84‬‬
‫الفرع الثاني‬

‫امتـداد الميعاد‬

‫عرضنا فيما سبق إلى أن ميعاد الطعن باإللغاء في القرارات اإلدارية هو‬
‫ستون يوماً‪ ،‬ويترتب على انقضاء هذا الميعاد عدم قبول الدعوى والقضاء بردها‬
‫شكالً‪ ،‬وتبعا ً لذلك ُيعد ميعاد دعوى اإللغاء من النظام العام ويتعين على القاضي أن‬
‫يقضى من تلقاء نفسه بعدم قبول الدعوى النقضاء الميعاد إذا ما رفع أمامه طعن‬
‫إداري بعد فوات المهلة المقررة للطعن‪.‬‬

‫وإزاء استشعار كل من المشرع والقضاء بمدى خطورة التهديد الذي يتضمنه‬


‫الميعاد القصير بالنسبة ألصحاب الشأن ممن لهم مصلحة في الطعن باإللغاء في‬
‫القرارات غير المشروعة‪ ،‬لم يعتبر كل منها ميعاد الستون يوما المقررة للطعن‬
‫باإللغاء من مواعيد السقوط التي ال تقبل االنقطاع أو الوقف‪ ،‬ولذلك جرى المشرع‬
‫عندنا واستقرت أحكام القضاء اإلداري على أن ميعاد الطعن باإللغاء يمكن امتداده‬
‫لمواعيد أخرى تجاوز مدة الستين يوما المقررة عن طريق تقرير االنقطاع‬
‫‪68‬‬ ‫والوقف ألسباب خاصة وبشروط محددة‪.‬‬

‫فيسرى ميعاد الطعن منذ بدايته حتى نهايته إذا لم يعترض طريقه أي عائق‬
‫أو أي عامل أو إجراء يؤثر على السريان الطبيعي لميعاد الطعن‪.‬‬

‫ويختلف أثر هذه العوائق واإلجراءات حسب طبيعتها؛ فمنها ما يؤدى إلى‬
‫‪69‬‬ ‫وقف سريان الميعاد ومنها ما يؤدى إلى قطعه‪.‬‬

‫‪ 68‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 997‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ 69‬د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.376‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫وسوف نعرض لحاالت وقف وقطع الميعاد على النحو التالي‪- :‬‬

‫وقف ميعاد الطعن باإللغاء‪- :‬‬ ‫أوال‬

‫يقصد بوقف الميعاد وقف سريان الميعاد بسبب قهدري خدارج مدن إرادة صداحب‬
‫الشأن طوال فترة وجود هذا العذر القهري‪ ،‬على أن يبادأ مارة ثانياة فاي الساريان عناد‬
‫زوال هذا العذر مأخوذ في االعتبار الفترة السابقة على تحقق السبب القهري‪.‬‬

‫ووقف الميعاد يعنى احتساب المدة السابقة قبل تحقق سبب الوقف بحيث‬
‫يتعين استكمال مهلة ميعاد رفع الدعوى بعد زوال هذا السبب‪ ،‬وبمعنى أخر أن يقف‬
‫سريان الميعاد منذ تاريخ حدوث السبب الموقف حتى زواله بحيث تظل المدة‬
‫المنقضية قبل حدوث السبب الموقف قائمة‪ ،‬وتدخل في حساب المهلة التي تعود‬
‫‪71‬‬ ‫إلى السريان من جديد بعد زوال سبب الوقف‪.‬‬

‫فالوقف ال يؤدى إلى إلغاء ومحو الفترة السابقة على تحقق القوة القاهرة التي‬
‫حالت بين صاحب الشأن ورفع دعوى اإللغاء‪ ،‬وإنما يُعاد حساب هذه المدة إضافة‬
‫إلى ما يكون قد تبقى من الميعاد األصلي بعد زوال واختفاء العذر القهري‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫إذا صدر القرار اإلداري وتم إعالن صاحب الشأن به يوم ‪ 3‬مارس‪ ،‬فإن مدة‬
‫الستين يوما ً المقررة للطعن باإللغاء –كم ذكرنا سابقا ً‪-‬تبدأ من اليوم التالي لإلعالن‪،‬‬
‫وهو يوم ‪ 4‬مارس‪ ،‬وفى يوم ‪ 21‬مارس حدث أحد أسباب الوقف كزلزال أو قيام‬
‫حرب أو غيره‪ ،‬واستمر ذلك العذر القهري إلى يوم ‪ 21‬من أبريل‪ ،‬فإن ميعاد‬

‫‪ 71‬د‪ .‬رأفت فودة‪ ،‬النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 158‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫الطعن الستين يوما ً يتم إيقافها طوال مدة العذر القهري‪ ،‬أي ان الميعاد سيقف من‬
‫يوم ‪ 21‬مارس حتى ‪ 21‬إبريل وعلى ذلك تكون مدة الطعن كاالتي‪- :‬‬

‫من يوم ‪ 4‬مارس حتى ‪ 19‬إبريل " ألن ‪ 21‬مارس قد ال يتم حسابه ألنه قد‬
‫حدث به العذر القهري= ‪ 16‬يوما ً‬

‫نخصم مدة ‪ 16‬يوم من ‪ 61‬يوم مدة الميعاد الكاملة للطعن يتبقى ‪ 44‬يوماً‪،‬‬
‫إذن يتبقى من الميعاد األصلي ‪ 44‬يوما ً يتم حسابها بدءاً من ‪ 21‬إبريل وال يتم‬
‫حساب يوم ‪ 21‬إبريل ألنه هو اليوم الذي انتهى فيه العذر القانوني‪.‬‬

‫سبب الوقف‪ :‬القوة القاهرة‪- :‬‬

‫يقف سريان ميعاد الطعن إذا حدث أمر من شأنه أن يحول دون صاحب الشأن‬
‫وقيامه باتخاذ اإلجراءات الالزمة لرفع الدعوى‪ ،‬وهو ما يسمى بالقوة القاهرة‪،‬‬
‫وهي عبارة عن كل حادث فجائي غير متوقع وراجع لسبب خارج عن إرادة‬
‫الشخص‪ ،‬ويكون من شأنه أن يحول بينه وبين رفع دعواه‪ ،‬ومن أمثلة القوة‬
‫القاهرة الحرب‪ ،‬أو االضطرابات أو السيول والفيضانات التي تعزل منطقة معينة‬
‫بسكانها‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫واعتبر قضاء مجلس الدولة من قبيل القوة القاهرة اعتقال المدعى في معتقل‬
‫بعيد مع عدم تمكينه من القيام باإلجراءات القانونية‪ ،‬كذلك إذا كان محبوسا ً مع عدم‬
‫استطاعته اتخاذ إجراءات رفع الدعوى‪ .‬أو إذا كان عاجزاً كامالً عجزاً يحول دون‬
‫اتخاذ مثل هذه اإلجراءات‪ .‬أو أي سبب أخر يؤدى إلى استحالة اتخاذها‪.‬‬

‫والمحكمة هي التي تقرر ما إذا كان الحادث الفجائي من شأنه الحيلولة دون‬

‫‪87‬‬
‫قيام الطاعن ورفع دعواه في الميعاد أم ال‪.‬‬

‫انقطاع ميعاد رفع دعوى اإللغاء‪- :‬‬


‫‪71‬‬

‫ثانيا‬
‫يؤدى انقطاع الميعاد إلى غض النظر كلية عن المدة التي مضت من الميعاد‬
‫قبل تحقق سبب االنقطاع بحيث ال تؤخذ في االعتبار‪ ،‬وال يعاد حسابها مع المتبقي‬
‫من المدة بعد زوال هذا السبب‪ ،‬وإنما يؤدى االنقطاع إلى بداية مدة جديدة قدرها‬
‫ستون يوما تبدأ من اليوم التالي لزوال سبب االنقطاع‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫إذا صدر القرار اإلداري وتم إعالن صاحب الشأن به يوم ‪ 3‬مارس‪ ،‬فإن مدة‬
‫الستين يوما ً المقررة للطعن باإللغاء –كم ذكرنا سابقا ً‪-‬تبدأ من اليوم التالي لإلعالن‪،‬‬
‫وهو يوم ‪ 4‬مارس‪ ،‬وفى يوم ‪ 21‬مارس حدث أحد أسباب قطع الميعاد‪ ،‬واستمر‬
‫ذلك السبب إلى يوم ‪ 21‬من أبريل‪ ،‬فإن ميعاد الطعن الستين يوما ً يبدأ كامال من‬
‫جديد ابتداء من اليوم التالي لليوم الذي زال فيه سبب االنقطاع‪ .‬بمعنى أن المدة‬
‫ستبدأ اعتبار من يوم ‪ 21‬إبريل ولمدة ستين يوماً‪ ،‬وما مضى من ‪ 4‬مارس حتى ‪21‬‬
‫(‪)68‬‬ ‫ابريل ال يؤخذ في الحسبان وتعتبر كأن لم تكن‪.‬‬

‫حاالت قطع الميعاد‪- :‬‬

‫استقر القضاء والفقه على أن حاالت انقطاع ميعاد الطعن باإللغاء تتمثل في‪-:‬‬

‫التظلم اإلداري‪- :‬‬ ‫أوال‬

‫التظلم اإلداري يعنى عدم رضاء صاحب الِشأن بالقرار الذي علم به بواسطة‬

‫‪ 71‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫النشر أو اإلعالن أو العلم اليقيني‪ ،‬فبادر بكتابة اعتراضه هذا على شكل تظلم‬
‫وأرسله لإلدارة مصدرة القرار أو لرئيسها طالبا ً إعادة النظر فيه وسحبه‪ ،‬أو إلغائه‪.‬‬

‫والتظلم القاطع لميعاد دعوى اإللغاء يستوي فيه أن يكون اختياريا أو إجباريا‪،‬‬
‫حيث أن كال النوعين من التظلم اإلداري يحمل معنى عدم االنصياع للقرار اإلداري‪.‬‬

‫إال أنه حتى يحقق هذا التظلم أثره في قطع الميعاد‪ ،‬يتعين اتصال علم جهة‬
‫اإلدارة به‪ ،‬على نحو يمكنها من فحصه وإصدار قرارها بشأنه قبوالً أو رفضا ً‪،‬‬
‫ويستخلص هذا العلم من أي قرينة تدل عليه‪.‬‬

‫أنواع التظلم اإلداري‪- :‬‬

‫التظلم اإلداري نوعان‪ ،‬تظلم اختياري وتظلم إجباري‪.‬‬

‫‪ ‬التظلم االختياري‪- :‬‬

‫األصل العام هو أن التظلم اختياري أمام صاحب الشأن‪ ،‬ومن ثم له مطلق‬


‫الحرية في تقديم التظلم من عدمه حسبما يراه محققا لمصلحته‪ ،‬واالستثناء أن‬
‫يكون التظلم إجبارياً‪ ،‬حيث يقدر المشرع في ظروف معينة وحاالت محددة‪ ،‬جدوى‬
‫وضرورة التظلم‪ ،‬فيتطلبه جبرا قبل تحريك الدعوى‪.‬‬

‫فلصاحب الشأن أال يتظلم من القرار‪ ،‬ويتجه مباشرة‪-‬إن رأى وجها ً لذلك‪-‬إلى‬
‫القضاء المختص بدعوى إلغاء ضد هذا القرار‪.‬‬

‫نتيجة لكون التظلم اختياري‪ ،‬فيجوز له من باب أولى أن يجمع صاحب الشأن‬
‫بين الطريقين في أن واحد‪ ،‬فبعد تقديم التظلم في الميعاد‪ ،‬ال ينتظر الفصل في هذا‬

‫‪89‬‬
‫التظلم وال ينتظر أيضا فوات الستين يوما من تاريخ وصول تظلمه للجهة اإلدارية‪،‬‬
‫فيرفع دعوى اإللغاء في خالل المدة األولى األصلية والتي قدم فيها تظلمه‪.‬‬

‫وهنا يأخذ الموقف أحد الفروض التالية؛ إما أن ترفض اإلدارة التظلم‪ ،‬فال‬
‫يضيره ذلك شيء ألن دعوى اإللغاء قد تم رفعها وينتظر الفصل فيها‪ ،‬وتكون قد‬
‫رفعت في الميعاد‪ ،‬وإما أن تجيبه اإلدارة إلى مطلبه كليا‪ ،‬وهنا تصبح الدعوى‬
‫عديمة الجدوى‪ ،‬ويحكم القاضي برفضها ال لعدم رفعها في الميعاد‪ ،‬فهي قد رفعت‬
‫في الميعاد‪ ،‬وإنما ألن الدعوى أصبحت غير ذي موضوع ولم يعد لصاحب الشأن‬
‫مصلحة في االستمرار في دعواه‪ ،‬فكما ذكرنا سابقا ً فإن شرط المصلحة يشترط‬
‫توافره عند رفع الدعوى وأن يستمر حتى يتم الفصل فيها‪.‬‬

‫وإما أن تستجيب اإلدارة إلى جزء من طلباته‪ ،‬فهو بالخيار في هذه الحالة‪،‬‬
‫بأن يستمر في دعواه‪ ،‬أو أن يتركها تشطب لقناعته بما حصل عليه ورضائه به‪،‬‬
‫وإما أن تسكت وال ترد على طلبه‪ ،‬فهنا يستمر في متابعة دعواه القضائية وال يلتفت‬
‫لصمت اإلدارة‪.‬‬

‫‪ ‬التظلم اإلجباري" الوجوبي‪- :‬‬

‫ويقصد بالتظلم الوجوبي التظلم الذي يجب تقديمه إلى جهة اإلدارة قبل رفع‬
‫دعوى اإللغاء‪ ،‬حيث يترتب على عدم تقديمه إلى جهة اإلدارة عدم قبول دعوى‬
‫اإللغاء‪ .‬فهنا التظلم وجوبيا ً قبل رفع دعواه‪ ،‬فال يمكن رفع الدعوى قبل التظلم‪.‬‬

‫وقد حدد المشرع الحاالت التي يكون فيها التظلم وجوبيا أو إجباريا من خالل‬
‫نص المادة (‪ )12‬من قانون مجلس الدولة‪ ،‬ويمكن لنا أن نحددها فيما يلي‪- :‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ -1‬الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات اإلدارية النهائية‬
‫الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العالوات‪.‬‬
‫‪ -2‬الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات اإلدارية‬
‫الصادرة بإحالتهم إلى المعاش‪ ،‬أو االستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي‪.‬‬

‫‪ -3‬الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية‬


‫للسلطات التأديبية‪.‬‬

‫أحكام وشروط التظلم‪- :‬‬

‫شكل التظلم‪- :‬‬

‫ليس هناك شكل خاص للتظلم يتعين إفراغه فيه‪ ،‬كما أنه لم يتقرر إلتمامه‬
‫إجراء خاص حيث يجوز تقديمه بعريضة أو إنذار على يد محضر‪ ،‬أو ببرقية‬
‫يرسلها صاحب الشأن إلى الجهة المختصة بتلقي التظلم يبدى فيه اعتراضه على‬
‫القرار وأسانيده في ذلك‪.‬‬

‫شروط التظلم‪- :‬‬

‫يجب أن يتوافر في التظلم اإلداري حتى ينتج أثره في قطع ميعاد الطعن‬
‫باإللغاء عدة شروط‪- :‬‬

‫يجب أن يقدم التظلم بعد صدور القرار اإلداري ال قبل صدوره‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫فالتظلم اإلداري يعنى تظلم من قرار سبق إصداره من جهة اإلدارة يلتمس فيه‬
‫المتظلم سحب القرار أو إلغائه أو تعديله‪ .‬لذلك كان من المنطقي أن يقدم التظلم بعد‬
‫صدور القرار ال قبل صدوره سواء كان هذا القرار صريحا ً أو ضمنيا ً بالرفض‪ .‬ففي‬

‫‪91‬‬
‫حالة القرار الصريح يستطيع صاحب الشأن أن يتقدم بتظلمه فور صدوره‪ ،‬وإذا كان‬
‫ضمنيا ً بالرفض فيستطيع أن يتقدم بالتظلم خالل ستين يوما على سكوت اإلدارة‬
‫‪72‬‬
‫وامتناعها عن الرد على الطلب‪ .‬أي فور تحقق القرار الضمني الصادر بالرفض‪.‬‬

‫يجب أن يكون التظلم اإلداري حاسما وشامال في معناه‪- :‬‬


‫‪2‬‬

‫فيجب أن يبين المتظلم في التظلم مطالبه على نحو واضح ال لبس فيه‪،‬‬
‫كالمطالبة بسحب القرار او إلغائه أو تعديله‪ ،‬فإذا جاء التظلم بصيغة عامة غير‬
‫مشتمالً على مطالب وال على أي إشارة إلى أي عيب او انتقاد للقرار المتظلم منه‬
‫فال يعتبر التظلم اإلداري قاطعا ً لميعاد الطعن باإللغاء‪ .‬فيجب أن يتضمن التظلم‬
‫حتى‪ ،‬يكون منتجا في قطع الميعاد مطالب معينة يمكن أن تكون محال لمنازعة‬
‫قضائية أمام مجلس الدولة فيما لو تمنعت اإلدارة عن إجابتها‪.‬‬

‫وبالتالي ال يكون له أثر قاطع لميعاد دعوى اإللغاء‪ ،‬مجرد طلب الطاعن‬
‫معرفة أسباب اتخاذ القرار أو مجرد طلب وقف تنفيذه‪ ،‬أو طلب الحصول على‬
‫‪73‬‬ ‫معلومات‪.‬‬

‫يجب أن يقدم التظلم اإلداري إلى السلطة اإلدارية المختصة‪- :‬‬ ‫‪3‬‬

‫يجب على صاحب الشأن أن يقدم التظلم إلى الجهة اإلدارية مصدرة القرار أو‬
‫الهيئات الرئاسية والتي تعلو الجهة مصدرة القرار‪ ،‬فإذا ما قدم لغير هذه الجهات‬
‫فإنه ال يقطع الميعاد‪ .‬وعلة ذلك واضحة في أن الهدف من التظلم هو حل النزاع‬
‫سلميا ً مع اإلدارة ودون حاجة للذهاب إلى القضاء‪ .‬والجهة التي تملك حل النزاع‬

‫‪ 72‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 455‬وما بعدها‬

‫‪ 73‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫بسحب القرار هي فقط من أصدرته أو الجهة الرئاسية‪ .‬أما الجهة الغير المختصة‬
‫‪74‬‬ ‫فهي ال تملك شيئا ً حيال قرارات لم تصدرها وليس لها حيالها شأن‪.‬‬

‫ومع ذلك فقد خفف القضاء من ذلك الشرط‪ ،‬وجعل التظلم لجهة غير مختصة‬
‫قاطعا للميعاد متى علمت به الجهة المختصة‪ ،‬فإذا أحالت الجهة المقدم إليها التظلم‬
‫إلى الجهة المختصة ذلك التظلم‪ ،‬وكان هذا األخير قد وصل إلى الجهة المختصة في‬
‫الميعاد القانوني فإنه ُيعتبر قاطعا للميعاد‪.‬‬

‫يجب أن يقدم التظلم إلى الجهة اإلدارية خالل ميعاد الطعن‪- :‬‬ ‫‪4‬‬

‫يجب أن يتقدم صاحب الشأن بتظلمه إلى جهة اإلدارة خالل ستون يوما من‬
‫تاريخ نشر القرار أو تبلغيه به إذا كان القرار صريحا أو من تاريخ تحقق القرار‬
‫الضمني الناتج عن سكوت اإلدارة‪ .‬فإذا تم تقديم التظلم بعد انقضاء مهلة الطعن‬
‫القضائي فال يكون من شأنه قطع الميعاد‪.‬‬

‫ويرجع سبب وجوب تقديم التظلم خالل الميعاد المحدد للطعن ال بعده؛ أنه يترتب‬
‫على انقضاء الميعاد أن يصبح القرار اإلداري المتظلم منه محصنا ً رغم ما قد يتضمنه‬
‫من أوجه العيوب‪ ،‬وطالما أنه تحصن قضائيا ً وأصبح بمنأى عن الطعن القضائي فإنه‬
‫‪75‬‬
‫يمتنع على اإلدارة إعادة النظر فيه فما يحرم على القضاء ال يباح لإلدارة‪.‬‬

‫والعبرة في تحديد تاريخ التظلم من القرار اإلداري هو بتاريخ وصوله إلى‬


‫الجهة المتظلم إليها صاحبة االختصاص وليس بتاريخ إيداع الكتاب بالبريد‪ ،‬على أنه‬

‫‪ 74‬د‪ .‬رأفت فودة‪ ،‬النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪161‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ 75‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 958‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫يجب أن يؤخذ دائما ً في االعتبار في حالة إرسال التظلم بطريق البريد التأخير غير‬
‫‪76‬‬ ‫العادي في وصول هذا التظلم إلى الجهة المرسل إليها مما يخضع لتقدير المحكمة‪.‬‬

‫‪77‬‬ ‫يجب أن يكون التظلم اإلداري مجديا وله فائدة مرجوة‪- :‬‬ ‫‪5‬‬

‫يجب أن تكون هناك فائدة مرجوة من القرار‪ ،‬فإذا أفصحت اإلدارة عن رأيها‬
‫أنها ال تستجيب ألي تظلم‪ ،‬كان على الطاعن أن يستبعد وسيلة التظلم اإلداري‪،‬‬
‫ويلجا مباشرة إلى القضاء اإلداري لرفع دعواه القضائية بإلغاء القرار‪ ،‬فإذا أصر‬
‫على الرجوع لإلدارة رغم عدم جدوى التظلم فإن تظلمه يكون غير ذي قيمة أو‬
‫فائدة في قطع ميعاد الطعن باإللغاء‪ ،‬ويكون فوات ميعاد الطعن باإللغاء وهو الستون‬
‫يوما ً من تاريخ علمه بالقرار أو نشره سببا للحكم بعدم قبول الدعوى‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫قامت جهة اإلدارة بنشر أقدميات معينة بمنشور لها‪ ،‬جاء فيه أنها لن تنظر في‬
‫أية شكوى خاصة باألقدمية‪ ،‬وأن من له شكوى في هذا الخصوص فعليه أن يتقدم‬
‫بها مباشرة إلى مجلس الدولة‪ .‬فإن التظلم في هذه الحالة ال يوقف سريان مواعيد‬
‫الطعن‪ ،‬ذلك أن المشرع إذ يوقف سريان مواعيد الطعن في حالة التظلم إلى الجهة‬
‫اإلدارية‪ ،‬فلكي يتاح لهذه الجهة فرصة للبحث والرجوع عن قرارها إذا ما تبين لها‬
‫فيه من مخالفة للقانون‪.‬‬

‫يجب أن يقدم التظلم من الشخص رافع الدعوى أو ممثله القانوني‪- :‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪5‬‬
‫يشترط لكي يكون التظلم اإلداري مفيداً في قطع ميعاد الطعن القضائي باإللغاء‬

‫‪76‬‬
‫د‪ .‬رأفت فودة‪ ،‬النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 162‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ 77‬د‪ .‬رأفت فودة‪ ،‬النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة"‪ ،‬در النهضة العربية‪ ،1998 ،‬ص‪143‬؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 933‬وما بعدها؛ د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪621‬وما بعدها؛ د‪ .‬مدحت احمد‬
‫يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪693‬وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.398‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫أن يكون مقدما ً من ذات الشخص الذي يريد رفع دعوى اإللغاء أو من ممثله‬
‫القانوني كالمحامي‪ ،‬فإذا قدم التظلم من شخص أخر زميل له فإن هذا التظلم ال‬
‫يكون منتجا ً في قطع الميعاد‪.‬‬

‫عبء اإلثبات‪- :‬‬

‫يقع على كاهل الطاعن عبء إثبات الشروط الخاصة بالتظلم فهو الذي يقع‬
‫عليه عبء إثبات حصول التظلم بعد اصدار القرار المطعون فيه‪ ،‬وأنه قدمه إلى‬
‫الجهة اإلدارية المختصة مصدرة القرار ورئيسه‪ ،‬كما يقع عليه عبء إثبات حصول‬
‫التظلم في خالل ميعاد الطعن أي الستون يوما ً من إعالنه بالقرار أو نشره في الشرة‬
‫المصلحية إلى غير ذلك من الشروط المتعلقة بالتظلم‪.‬‬

‫كيفية حساب الميعاد المنقطع بالتظلم اإلداري‪- :‬‬

‫طبقا ً لنص المادة ‪ 24‬من قانون ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬في الفقرة الثانية والثالثة فإن‬
‫حساب الميعاد المنقطع بالتظلم يكون على النحو التالي‪:‬‬

‫ينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة اإلدارية التي أصدرت القرار أو‬
‫الهيئات الرئاسية‪ ،‬ويجب أن يبت في التظلم خالل ستين يوما ً من تاريخ تقديمه وإذا‬
‫صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا ً‪ ،‬ويعتبر مضى ستين يوما على تقديم‬
‫التظلم دون ان تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه‪ .‬ويكون ميعاد رفع‬
‫الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوما ً من تاريخ انقضاء الستين يوما‬
‫المذكورة‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن التظلم يقطع ميعاد الطعن باإللغاء في اليوم التالي لوصوله‬
‫لدى جهة اإلدارة المختصة‪ ،‬إذ يبدأ العد التنازلي لفترة ستين يوما ً التي تركها المشرع‬
‫لجهة اإلدارة حتى تبت في التظلم من اليوم التالي ليوم وصول التظلم‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫أرسل صاحب الشأن التظلم في يوم ‪ 2‬إبريل واستغرق وصوله أسبوعين‪،‬‬


‫فوصل جهة اإلدارة ‪ 17‬إبريل‪ ،‬ففي هذه الحالة ال نبدأ فترة الستين يوما ً المشار‬
‫إليها‪ ،‬ال من يوم ‪ 2‬إبريل يوم إرسال التظلم وليس من يوم ‪ 17‬إبريل يوم الوصول‪،‬‬
‫وإنما نبدأ من يوم ‪ 18‬أبريل " اليوم التالي لوصول التظلم"‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫وعلى ذلك يكون حساب المدة المنقطعة بالتظلم كاالتي‪- :‬‬

‫‪ ‬في حالة استجابة اإلدارة لطلبات المتظلم كلية‪ ،‬فهنا تكون المشكلة قد‬
‫انتهت بالقرار الصادر باإليجاب كلية‪ ،‬ويصبح النزاع منتهياً‪ ،‬ولن يكون هناك‬
‫حاجة لحساب أي مدة‪.‬‬
‫‪ ‬في حالة استجابة اإلدارة جزئيا لطلبات المتظلم‪ ،‬هنا إن أراد المتظلم‬
‫منازعة اإلدارة بصدد إجابة مرضية‪ ،‬فعليه برفع الدعوى خالل ستين يوما ً تحسب‬
‫من اليوم التالي لوصول رد اإلدارة إليه أو علمه به‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫مثال ذلك أرسل صاحب الشأن التظلم يوم ‪ 2‬أبريل ووصل التظلم لجهة اإلدارة‬
‫في ‪ 17‬أبريل‪ ،‬ففحصته اإلدارة ورفضت الطلبات التي أدعاها صاحب الشأن‬
‫جزئيا ً‪ ،‬وأرسلت له الرد في ‪ 15‬مايو‪ ،‬ووصل هذ الرد لصاحب الشأن في ‪ 28‬مايو‪،‬‬

‫‪78‬‬
‫د‪ .‬رأفت فودة‪ ،‬النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 183‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫هنا على صاحب الشأن رفع دعوى اإللغاء خالل ستين يوما تبدأ من اليوم التالي‬
‫ليوم وصول الرد‪ ،‬أي بدءاً نمن يوم ‪29‬مايو‪.‬‬

‫‪ ‬في حالة إذا رفضت اإلدارة كلية طلبات المتظلم‪ ،‬وأوصلت له الرد‬
‫بالرفض خالل فترة الستين يوما ً‪-‬المخصصة قانونا ً لبحث التظلم‪-‬فعلى المتظلم رفع‬
‫دعوى اإللغاء كما في المثال السابق خالل الستين يوما ً التالية لوصول رفض‬
‫اإلدارة لديه‪.‬‬

‫‪ ‬في حالة إذا ما التزمت اإلدارة الصمت ولم ترد طوال فترة الستين يوما ً‬
‫التالية لوصول التظلم إليها‪ ،‬فإن المشرع قد تدخل وافترض ضمنيا رفض اإلدارة‪،‬‬
‫وإال ستظل مواعيد الطعن ممتدة إلى ما النهاية‪ ،‬األمر الذي ال يتفق وحكمة فرض‬
‫ميعاد قصير لدعوى اإللغاء‪ ،‬وهو استقرار المراكز القانونية وسير المرفق العام‬
‫بانتظام واطراد‪.‬‬

‫معنى ذلك أن نبدأ حساب المدة الالزمة للطعن باإللغاء في هذا القرار الضمني‬
‫بالرفض من اليوم التالي النقضاء الستين يوما التي خصصها المشرع للبت في‬
‫التظلم من قبل اإلدارة‪ ،‬وذلك حتى نهاية الستين يوما ً االنية والتي خصصها المشرع‬
‫لرفع دعوى اإللغاء‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫وصل التظلم لإلدارة في يوم ‪ 3‬مارس‪ ،‬فلإلدارة مدة ستين يوما ً للبت في هذا‬
‫التظلم كالتالي‪- :‬‬

‫مدة البت في التظلم تكون من ‪ 4‬مارس وحتى يوم ‪ 2‬مايو‪ ".‬الستون يوماً"‬

‫‪97‬‬
‫لم ترد اإلدارة‪ ،‬افترض المشرع رفضها‪ ،‬يتم الطعن باإللغاء في القرار‬
‫اإلداري المتظلم منه في الميعاد اآلتي‪:‬‬

‫مدة رفع دعوى اإللغاء من اليوم التالي ألخر يوم للبت في التظلم ‪ 59 +‬يوما ً‬
‫أي من ‪ 3‬مايو حتى ‪ 1‬يوليو‪ ،‬فإذا رفعها يوم ‪ 2‬يوليو تكون قد رفعت بعد المياد‬
‫ويتعين عدم قبولها شكالً‪.‬‬

‫هذه هي الفروض التي عالجها المشرع في نص المادة ‪ 22‬من قانون‬


‫‪ 27‬سنة ‪ .1772‬ولكن هناك بعض المالحظات الناجمة عن الصعوبات التي‬
‫يصادفها القضاء في الواقع العملي‪ ،‬وهذه المالحظات يمكن إيجازها يما يلي‪- :‬‬

‫‪ ‬إذا فرض وتظلم صاحب الشأن من القرار اإلداري‪ ،‬إال أنه تنازل عن هذا‬
‫التظلم‪ ،‬فكيف نحسب ميعاد رفع دعوى اإللغاء؟ أ ُيحسب وفقا ً للقواعد السابقة؟‬
‫أم يبدأ حسابه من اليوم التالي للتنازل دون انتظار انتهاء الستين يوما ً مدة‬
‫التظلم؟‬

‫استقر القضاء على حساب مدة الطعن في هذه الحالة من اليوم التالي ليوم‬
‫التنازل‪ .‬فقيام المدعى بالتنازل عن التظلم المقدم منه لجهة اإلدارة ينطوي على إقرار‬
‫منه بعدم رغبته في بحث التظلم من جهة اإلدارة‪ ،‬ومن ثم تنقضي الحكمة من انتظار‬
‫الستين يوما ً المقررة للجهة اإلدارية للبت في التظلم‪ ،‬ويتعين عليه أن يقيم دعواه أمام‬
‫محكمة القضاء اإلداري خالل الستين يوما ً من تاريخ تنازله عن تظلمها‪ ،‬وإقامة‬
‫الدعوى بعد ستين يوما ً من تاريخ التنازل يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى‪.‬‬

‫‪ ‬صدور قرار صريح برفض التظلم قبل القرار الحكمي بالرفض‪ ،‬احتساب ميعاد‬
‫الطعن من تاريخ الرفض الصريح‪ ،‬وال معنى النتظار انقضاء الميعاد المنصوص‬

‫‪98‬‬
‫عليه في المادة ‪ 24‬من القانون رقم ‪ 47‬لسنة ‪ 1972‬إذا عمدت الجهة اإلدارية‬
‫لبت في التظلم قبل انقضاء فسحته فأي األجلين أقرب يبدأ من ميعاد الطعن‪.‬‬

‫‪ ‬في حالة صدور قرار إداري‪ ،‬تبدأ مدة الطعن عليه بالنشر‪ ،‬أو اإلعالن‪ ،‬أو‬
‫العلم اليقيني وماذا عن إصدار اإلدارة بعد فترة معينة قراراً إداريا ً مؤكداً‬
‫لألول‪ ،‬فهل يعطى هنا مدة جديدة للطعن عليه باإللغاء؟‬

‫اإلجابة على ذلك تكون بالنفي‪ ،‬ألن القرار الجديد الالحق لم يأت بجديد على‬
‫مراكز ذوى الشأن القانونية‪ ،‬هو لم يفعل أكثر من أنه أكد القرار األول؛ وعلى ذلك إذا‬
‫فوت صاحب الشأن ميعاد الطعن في القرار األول‪ ،‬فإن دعواه تكون غير مقبولة إذا‬
‫رفعها ضد القرار الثاني‪ ،‬إذا كان القرار المطعون فيه أخيراً لم ينشئ حالة قانونية‬
‫جديدة بخالف تلك التي أنشأها القرار السابق له‪ ،‬فال يجوز أن يترتب على صدوره‬
‫خلق ميعاد جديد للطعن فيه بخالف ميعاد الطعن في القرار السابق الذى أيده‪ ،‬ألن‬
‫هذا الميعاد يسرى بالنسبة إليه أيضاً‪ ،‬فإذا كان ميعاد الطعن في القرار األول سقط‬
‫الحق فيه لم يكن من الجائز تبعا ً لذلك الطعن في القرار الثاني المؤيد له‪.‬‬

‫ما الحكم لو أن اإلدارة وبعد فوات الستين يوما الخاصة بفحص التظلم‬
‫والبت فيه وكذلك فوات الستين يوما التالية األولى ولم يرفع صاحب الشأن دعواه‬
‫أمام القضاء؟ ثم جاءت اإلدارة وأصدرت قرارا برفض التظلم‪ ،‬فهل يفتح ميعاد‬
‫جديد للطعن في القرار األول الذي تحصن بفوات المواعيد؟ اإلجابة بالنفي تطبيقا‬
‫للمبدأ السابق‪.‬‬

‫وهذا األمر ال يثير مشكلة بالنسبة للتظلم االختياري‪ ،‬فالطاعن يملك عدم‬
‫التظلم أصالً فمن باب أولى يملك عدم انتظار نتيجة التظلم ويذهب للقضاء بدعوى‬
‫اإللغاء‪ .‬أما التظلم اإلجباري فالمفروض أن المشرع فرضه في حاالت معينة حتى‬

‫‪99‬‬
‫يتسنى لألطراف فض النزاع وديا‪ ،‬ولذلك كانت الحكمة تقتضي االنتظار حتى تبت‬
‫اإلدارة فيه‪ ،‬فلربما تجب المتظلم وترد إليه حقوقه في األيام األخيرة من فترة الستين‬
‫يوما‪ ،‬ولذلك يمكن القول أنه إذا لم ينتظر ورفع دعواه تكون غير مقبولة‪.‬‬

‫ولكن القضاء اإلداري استقر على عكس ذلك تماما ً‪ ،‬إذ أجاز رفع الدعوى‬
‫وقبولها دون انتظار نتيجة التظلم اإلجباري‪ .‬إذ أن مدة الستين يوما ً المقررة للبت في‬
‫التظلم ستنتهي حتما ً أثناء نظر الدعوى وقبل الفصل فيها‪ ،‬فإذا أجابته اإلدارة‬
‫وقررت النزول على طلباته فلن يخسر سوى مصاريف رفع الدعوى‪ ،‬وإذا لم تجبه‬
‫أو رفضت تظلمه فدعواه قائمة ومنظورة أمام القضاء‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة‬
‫‪.‬‬
‫ثانيا‬
‫يتمثل السبب الثاني في قطع ميعاد دعوى اإللغاء في رفع الدعوى أمام محكمة‬
‫غير مختصة‪ ،‬فقد يخطئ الطاعن في تحديد المحكمة المختصة بنظر دعوى اإللغاء‬
‫فيرفعها أمام إحدى محاكم القضاء العادي‪ ،‬بدالً من رفعها أما إحدى محاكم القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬وقد يخطئ إذا كان الطاعن من الموظفين العموميين بالمستوى الثالث فيرفع‬
‫دعواه بإلغاء قرار فصله أمام محكمة القضاء اإلداري بدالً من رفعها أمام المحكمة‬
‫اإلدارية المختصة‪ .‬في مثل هذا الفرض أو ذاك قد تصدر المحكمة التي التجأ إليها‬
‫الطاعن –حكمها بعدم االختصاص بعد مرور مدة الستون يوما فتكون المدة المحددة‬
‫لرفع دعوى اإللغاء قد انقضت‪ ،‬وبالتالي يتعرض لخطر سقوط حقه في الطعن باإللغاء‬
‫والحكم بعدم قبول دعواه عند التجائه إلى المحكمة المختصة‪.‬‬

‫ومثل هذا الوضع تأباه العدالة‪ ،‬خاصة وأن أغلب الحاالت يرجع فيها خطأ‬
‫الطاعن إلى تعقد مسالة االختصاص وصعوبة معرفة المحكمة المختصة من بين‬
‫‪ 79‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 930‬وما بعدها؛ د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري‬
‫"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 5625‬وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.339‬وما بعدها؛ د‪ .‬رأفت فودة‪،‬‬
‫النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪171‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫المحاكم اتى تتعدد أنواعها ودرجاتها‪ .‬لذلك استقر القضاء اإلداري على اعتبار رفع‬
‫دعوى اإللغاء على محكمة غير مختصة سببا ً من أسباب قطع الميعاد‪ .‬ويكون لصاحب‬
‫الشأن الحق في رفع دعوى اإللغاء خالل ستون يوما من تاريخ الحكم الصادر بعد‬
‫االختصاص‪.‬‬

‫ويشترط إلعمال األثر المترتب على رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة‬
‫من حيث قطع الميعاد شرطان‪- :‬‬

‫الشرط األول‪ :‬أن يتم رفع الدعوى إلى المحكمة غير المختصة خالل ميعاد‬
‫الطعن باإللغاء وهي ستون يوماً‪.‬‬

‫الشرط الثاني‪ :‬أن يتم اختصام جهة اإلدارة المعنية وتكليفها بالحضور أمام‬
‫المحكمة غير المختصة‪.‬‬

‫طلب اإلعفاء من الرسوم القضائية‪- :‬‬ ‫ثالثا‬

‫يعتبر طلب اإلعفاء من الرسوم القضائية " أو طلب المساعدة القضائية" من‬
‫بين األسباب التي اعترف بها القضاء اإلداري كأحد أسباب قطع ميعاد دعوى‬
‫اإللغاء‪ ،‬تأسيسا ً على أن مثل هذا الطلب يبين بما ال يدع مجاالً للشك رغبة صاحب‬
‫الشأن في مخاصمة القرار اإلداري‪ ،‬كما ينفى عنه قرينة اإلهمال في الدفاع عن‬
‫حقوقه‪ ،‬أو قرينة قبول القرار وتركه لميعاد الطعن ينقضي مضى المدة‪ .‬فمثل هذا‬
‫الطلب ال يختلف عن رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة‪ ،‬ويفوق في داللته‬
‫مجرد التظلم االختياري أو الوجوبي إلى الجهة المصدرة القرار‪ ،‬أو إلى الهيئات‬
‫الرئاسية‪ .‬فبتقديمه لهذا الطلب إنما يؤكد للعيان رغبته الشديدة في تجميع كل قواه‬
‫رغم ضعفها أو انعدامها للوقوف بصالبة المظلوم ضد القرار اإلداري الذي‬
‫أصدرته جهة اإلدارة ماسا بحقوقه ومصالحه بصورة ال تتفق والقانون‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫اعتراض اإلدارة على القرار اإلداري‪.‬‬ ‫رابعا‬
‫اعترف مجلس الدولة المصري بنوع من التظلم لإلدارة‪ ،‬فجعل اعتراض جهة‬
‫إدارية أخرى غير تلك التي أصدرت القرار خالل مدة جواز الطعن فيه يؤدى إلى‬
‫نفس النتائج المترتبة على تظلم األفراد من حيث إطالة مدة الطعن‪.‬‬

‫ومن الجدير بالمالحظة أن يتعين أن تعترض الجهة اإلدارية على القرار‬


‫الصادر من جهة إدارية أخرى في الوقت المحدد بالطعن باإللغاء‪ ،‬وذلك حتى ينتج‬
‫اإللغاء‪81.‬‬ ‫االعتراض أثره في قطع سريان ميعاد رفع دعوى‬

‫‪ 81‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫الفرع الثالث‬

‫أثر انقضاء ميعاد دعوى اإللغاء‬

‫يترتب على انقضاء ميعاد الطعن باإللغاء تحصين القرارات اإلدارية ولو كانت‬
‫باطلة‪ ،‬أي اعتبار القرارات نهائية‪ ،‬فال يسوغ بعد الميعاد إقامة الدعوى بطلب‬
‫إلغائها أو وقف تنفيذها‪ ،‬والدفع بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد متعلق بالنظام العام‪.‬‬
‫وتحصين القرار من الطعن أمام القضاء يشمل جميع األثار التي تترتب عليه‪.‬‬

‫ولقد قرر القضاء اإلداري عدة استثناءات على هذه القاعدة باستمرار سريان‬
‫ميعاد الطعن باإللغاء؛ وإما بإعادة انفتاح ميعاد الطعن؛ وإما بالدفع بعدم مشروعية‬
‫القرار الذي انتهى ميعاد الطعن عليه باإللغاء‪ ،‬وإما الطعن باإللغاء على رفض‬
‫اإلدارة إلغاء القرارات اإلدارية غير المشروعة‪.‬‬

‫استمرار سريان ميعاد الطعن باإللغاء‪- :‬‬ ‫أوال‬

‫ال يخضع الطعن على بعض القرارات لميعاد معين؛ وإنما يمكن الطعن عليها‬
‫في أي وقت‪ ،‬وهذه القرارات هي القرارات المنعدمة والقرارات المستمرة‬
‫والقرارات الكاشفة‪.‬‬

‫القرارات المعدومة‪- :‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪5‬‬
‫القرار المنعدم هو القرار الذي لحقت به مخالفة جسيمة للقانون تجرده من‬
‫صفته كتصرف قانونى‪ ،‬وتنحدر به إلى مجرد الفعل المادي المنعدم األثر قانونا ً فال‬
‫تلحقه حصانة‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫مثال ذلك‬

‫القرار الصادر من فرد عادى ال ينتمي إلى جهة اإلدارة بصلة‪ ،‬أو من موظف‬
‫‪81.‬‬ ‫انقطعت صلته بالوظيفة‪ ،‬أو ال يملك سلطة إصدار القرارات اإلدارية‬

‫وما دام هذا القرار هو والعدم سواء فإنه ال يكتسب حصانة حيث يظل ميعاد‬
‫الطعن بتقرير انعدامه مفتوحا‪ ،‬نظراً ألن علة التحصين ضده باإللغاء‪ ،‬وهي كفالة‬
‫استقرار المراكز القانونية غير متوافرة في القرار المنعدم لسببين‪ :‬أولهما‪ :‬أنه ليس‬
‫قراراً إداريا حتى يكتسب الحصانة المقررة للقرارات اإلدارية‪ .‬وثانيهما‪ :‬أنه ال‬
‫يرتب إنشاء لمراكز قانونية حتى يكتسب حصانة تحقيقا ً الستقرارها‪ ،‬حيث ال يعدو‬
‫‪82‬‬
‫أن يكون عمالً ماديا ً بال أثر وال تأثير‪.‬‬

‫وبالتالي فإن هذه القرارات ال يتقيد ميعاد الطعن باإللغاء فيها بمدة "‬
‫‪61‬يوما"‪ ،‬ولكن يظل الميعاد مفتوحا ً بالنسبة للطعن على هذه القرارات‪.‬‬

‫القرارات المستمرة‬ ‫‪2‬‬


‫‪5‬‬
‫القرارات المستمرة هي القرارات التي تحدث آثارها بصفة متجددة من وقت‬
‫ألخر حتى تنتهي‪ ،‬وذلك خالفا ً للقرارات الوقتية غير المستمرة والتي تستنفذ‬
‫أغراضها بصفة نهاية بتنفيذها اول مرة‪.‬‬

‫فالقرارات المستمرة هي قرارات مرتبطة بتوافر حالة قانونية معينة‪ ،‬وتظل‬


‫حالة استمرار القرار قائمة ما دامت هذه الحالة القانونية قائمة لم تتغير‪ ،‬وبالتالي‬

‫‪ 81‬د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.213‬‬
‫‪82‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 731‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫يظل هذا القرار مؤثراً في مصالح أصحاب الشأن المدرجون تحت هذه الحالة‬
‫القانونية‪.‬‬

‫فقد تكون القرارات المستمرة صريحة‬

‫مثال ذلك‬

‫قرار وضع شخص في قوائم الممنوعين من السفر‪ ،‬وقرار حظر التعامل مع‬
‫المتعاقد‪ ،‬وقرار اإليداع في مستشفى األمراض العقلية‪ ،‬وقرار العزل السياسي أو‬
‫بحظر االنتماء إلى أحزاب سياسية وفى هذه الحاالت يظل باب الطعن في القرارات‬
‫‪83‬‬ ‫المستمرة مفتوحا ً دون التقيد بميعاد الستين يوما ً طالما بقيت هذه القرارات قائمة‪.‬‬

‫وقد تكون القرارات المستمرة حكمية بالرفض‬

‫مثال ذلك‬

‫ومن تطبيقاتها قرار االمتناع عن القيد بإحدى النقابات المهنية‪ ،‬فقرار االمتناع‬
‫عن الموافقة على فتح صيدلية‪ ،‬قرار االمتناع عن التأشير على الحكم بصالحيته‬
‫للشهر‪.‬‬

‫ويشترط في القرارات الحكمية بالرفض حتى تكون قرارات مستمرة أال يكون‬
‫القانون قد حدد مدة معينة يجب على اإلدارة أن تصدر القرار فيها‪ ،‬وإال كان‬
‫االمتناع عن إصدار القرار بمثابة قرار حكمي غير مستمر‪ ،‬ومن ثم سيخضع‬
‫‪84‬‬
‫الطعن فيه لميعاد الستين يوما ً التالية النقضاء المدة المحددة قانونا ً إلصدار القرار‪.‬‬

‫‪ 83‬د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 215‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 84‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫القرارات الكاشفة أو الصادرة بناء على سلطة مقيدة‪- :‬‬
‫‪3‬‬
‫‪5‬‬
‫القرارات الكاشفة أو الصادرة بناء على سلطة مقيدة هي القرارات التي ال تولد‬
‫آثار قانونية‪ ،‬وينحصر دورها على مجرد تنفيذ وتقرير للحق الذي يستمد من القانون‬
‫مباشرة‪ ،‬وال تتمتع اإلدارة في إصداره بأية سلطة تقديرية‪.‬‬

‫ويقرر القضاء أن القرارات الكاشفة أو الصادرة بناء على سلطة مقيدة ال‬
‫تتحصن بفوات مواعيد الطعن باإللغاء‪ ،‬ومن أمثلة هذه القرارات قرار فرض‬
‫الضريبة على العقارات المبنية‪ ،‬قرار إنهاء خدمة موظف مريض بأحد األمراض‬
‫المزمنة‪.‬‬

‫القرارات اإلدارية التنظيمية‪- :‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪5‬‬
‫قد ينقضي ميعاد الطعن بالقرارات التنظيمية‪ ،‬ثم تصدر قرارات فردية استناداً‬
‫لهذه القرارات رغم عدم مشروعيتها‪ ،‬ففي هذه الحالة يكون ألصحاب الشأن أن‬
‫يطعنوا في هذه القرارات اإلدارية الفردية على أساس عدم مشروعية الالئحة التي‬
‫استندت إليها هذه القرارات الفردية الصادرة في مواجهتهم‪ ،‬ومن ثم يكون الطعن‬
‫في القرارات التنظيمية (اللوائح) قد حدث بطريق غير مباشر‪.‬‬

‫‪85‬‬ ‫انفتاح ميعاد الطعن باإللغاء‪- :‬‬


‫ثانيا‬

‫على الرغم من انقضاء ميعاد الطعن باإللغاء‪ ،‬إال أنه يمكن أن يحدث سبب ما‬
‫يؤدى إلى إعادة انفتاح الميعاد مرة أخرى‪ ،‬بحيث يسرى هذا الميعاد لمدة جديد‬
‫ابتداء من ظهور السبب‪ ،‬ويستمر سريانه وينتهي بنهاية الستين يوماً‪ ،‬وهذا الميعاد‬

‫‪ 85‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 930‬وما بعدها؛ د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪ 5625‬وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.339‬وما بعدها؛ د‪ .‬رأفت فودة‪ ،‬النظام القانوني للميعاد في دعوى‬
‫اإللغاء" دراسة مقارنة "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪171‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 212‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫الجديد قد يتعرض بدوره ألسباب الوقف أو االنقطاع‪.‬‬

‫ويمكن حصر أسباب إعادة انفتاح ميعاد الطعن باإللغاء لسببين‪:‬‬

‫صدور قرار فردى جديد" تأخر اكتشاف المصلحة"‪- :‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪5‬‬
‫قد يصدر قرار إداري فردى جديد يكشف لذي الشأن أنه كان له مصلحة في‬
‫الطعن في قرار إداري سابق‪ ،‬أو يكشف عن عدم مشروعية هذا القرار التي لم تكن‬
‫ظاهرة يوم صدوره‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫أن تصدر جهة اإلدارة قراراً بنقل أحد الموظفين من الجهة التي يعمل بها إلى‬
‫جهة أخرى‪ ،‬ثم يتبين للموظف أن القصد من قرار النقل هو تفويت حقه في الترقية‬
‫وذلك بترقية من هو أحدث منه‪ ،‬وبالتالي ينفتح ميعاد الطعن من جديد لطعن في‬
‫قرار النقل‪ ،‬ويبدأ ميعاد الطعن على قرار النقل من تاريخ نشر أو إعالن أو العلم‬
‫اليقيني لقرار الترقية‪ .‬وعلة هذا االستثناء أن النقل في حد ذاته يستعصي على‬
‫صاحب الشأن إدراك مراميه‪ ،‬فال يحاسب على ميعاد الطعن فيه قبل أن ينكشف له‬
‫هدفه ودواعيه وتسفر اإلدارة عن وجهها فيما كنت ترمى إليه وتبتغيه‪.‬‬

‫صدور حكم قضائي يستقر به مركز صاحب الشأن‪- :‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪5‬‬
‫إذا صدر حكم قضائي نهائي يؤكد مركز قانونى لصاحب الشأن‪ ،‬فإنه يجوز‬
‫لألخير الطعن على قرار إداري سبق أن صدر وحال دون الطعن عليه في حينه‬
‫عدم استقرار مركزه القانوني تبعا ً لقيام خصومة قضائية بشأنه‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫مثال ذلك‬

‫إذا قدرت جهة اإلدارة كفاية الموظف بمرتبة جيد وتخطته في الترقية إلى‬
‫الدرجة الثانية على هذا األساس‪ ،‬فطعن الموظف في هذا التقرير في المواعيد‬
‫المقررة‪ ،‬فإن ميعاد الطعن باإللغاء في قرار الترقية الذي لم يطعن عليه المدعى في‬
‫الميعاد ينفتح من جديد بعد أن تحدد مركزه القانوني بالنسبة على تقدير كفايته‪.‬‬

‫و ُيشترط في الحكم القضائي الذي يؤدى على إعادة فتح ميعاد الطعن أن يكون‬
‫نهائيا‪ ،‬والذي يستقر على مقتضاه المركز القانوني لصاحب الشأن‪ ،‬ومن تاريخ هذا‬
‫الحكم النهائي يبدأ سريان ميعاد الطعن باإللغاء في القرار السابق‪.‬‬

‫صدور قانون جديد‪- :‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪5‬‬
‫قد ال تظهر المصلحة في الطعن في القرار اإلداري إال بصدور قانون جديد بعد‬
‫صدور القرار اإلداري فينفتح الميعاد للطعن بإلغائه من تاريخ صدور القانون‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫مثال ذلك أنه لم يكن لأللقاب الوظيفية تأثير في المراكز القانونية من حيث‬
‫األقدمية في الدرجة المالية‪ ،‬وأخذها في االعتبار عند الترقية بمصلحة الري‪ .‬إال أن‬
‫القانون رقم ‪ 24‬لسنة ‪ 1953‬قد غير هذا الوضع‪ ،‬وجعل وظيفة مساعد مدير أعمال‬
‫درجة خامسة أساسا ً للترقية لوظيفة مساعد مدير أعمال درجة رابعة‪ ،‬وكان الطعن‬
‫المقدم إلى المحكمة موجها ً إلى قرار بشغل وظيفة مساعد مدير أعمال‪ ،‬فلما قوبل هذا‬
‫الطعن بدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد رفضت المحكمة هذا الدفع تأسيسا ً‬
‫‪86‬‬
‫على أن مصلحة المدعى في الطعن لم تنشأ إال بصدور القانون المشار إليه‪.‬‬

‫‪ 86‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫المطلب الرابع‬

‫شرط التظلم الوجوبي‬

‫لقد تعرضنا سابقا ً للتظلم باعتباره قاطع لميعاد دعوى اإللغاء‪ ،‬ورأينا أن التظلم‬
‫يكون جوازاي لصاحب الشأن فيكون للفرد االلتجاء إلى جهة اإلدارة للتظلم في‬
‫القرار‪ ،‬أو أن يتجه مباشرة إلى جهة القضاء طعنا ً في القرار بدعوى اإللغاء‪.‬‬

‫وإذا كان األصل أن التظلم هو أمر جوازي أو اختياري للطاعن‪ ،‬إال أن‬
‫المشرع قد جعله وجوبيا ً في بعض الحاالت فيكون على الفرد أن يسلك التظلم‬
‫اإلداري قبل أن يلجأ إلى طريق الطعن القضائي أمام مجلس الدولة‪.‬‬

‫وقد حدد المشرع الحاالت التي يكون فيها التظلم وجوبيا ً أو إجباريا ً من خالل‬
‫نص المادة (‪ )12‬من قانون مجلس الدولة‪ ،‬والتي سبق أن عرضناها‪.‬‬

‫تعريف التظلم الوجوبي‪- :‬‬

‫التظلم الوجوبي هو ذلك النظام الذي يفرض المشرع على المتضرر من‬
‫القرار اإلداري تقديمه إلى جهة اإلدارة قبل إقامة دعواه كإجراء شكلي جوهري‬
‫ينبغي مراعاته قبل ولوج الدعوى القضائية‪ ،‬ويترتب على عدم تقديمه وجوب الحكم‬
‫بعدم قبولها شكالً لعدم سابقة التظلم إلى الجهة اإلدارية التي حددها القانون‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه إذا كرر المتظلم تظلماته فالعبرة في حساب مواعيد‬
‫الطعن هي بأول تظلم يقدم في ميعاده دون اعتداد بما يعقبه من تظلمات مكررة‬
‫‪87‬‬
‫الحقة‪.‬‬

‫‪ 87‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 958‬وما بعدها؛‬

‫‪119‬‬
‫المطلب الخامس‬

‫شرط عرض النزاع على لجان فض النزاع‬

‫أنشأ المشرع بالقانون رقم ‪ 7‬لسنة ‪ 2111‬لجان التوفيق في بعض المنازعات‬


‫التي تكون الوزارات واألشخاص االعتبارية طرفا ً فيها؛ ونص في مادته األولى‬
‫على أنه " ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من األشخاص‬
‫االعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية واإلدارية‬
‫التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين األفراد واألشخاص‬
‫االعتبارية الخاصة"‪.‬‬

‫الحكمة من أنشاء لجان التوفيق‪- :‬‬


‫أوال‬

‫تكمن الحكمة من إنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون‬


‫الوزارات واألشخاص االعتبارية طرفا ً فيها‪ ،‬تتمثل في الرغبة في تجنب اللجوء‬
‫للقضاء‪ ،‬وهو – كما هو معروف‪-‬طريق طويل ويستغرق كثير من الوقت‪ ،‬ويحتاج‬
‫إلى بذل كثير من الجهد‪ ،‬ويتطلب نفقات ليست بقليلة‪ ،‬ويقتضي اتباع إجراءات‬
‫عديدة ومعقدة‪ ،‬وتمر بمراحل مختلفة ومتباينة‪ .‬وهو من ناحية أخرى يخفف العبء‬
‫عن كاهل القضاء‪.‬‬

‫الجهات التي تخضع لنظام لجان التوفيق‪- :‬‬ ‫ثانيا‬

‫يخضع لنظام التوفيق جميع المنازعات التي تثور بين أي وزارة أو جهة عامة‬
‫وأخرين‪ ،‬عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع واإلنتاج الحربي أو أي من‬

‫‪111‬‬
‫أجهزتها طرفا ً فيها‪ ،‬وذلك لسرية البيانات الخاصة بها‪ ،‬والتي تتعلق عادة باألمن‬
‫القومي للبالد‪.‬‬

‫المنازعات التي يشملها اختصاص لجان التوفيق‪- :‬‬ ‫ثالثا‬

‫يشمل اختصاص لجان التوفيق جميع المنازعات أيا ً كان نوعها وأيا كانت‬
‫طبيعتها‪ ،‬أي سواء كانت مدنية او تجارية أو إدارية‪ .‬ومعنى ذلك أن اختصاص‬
‫لجان التوفيق في المنازعات التي تكون اإلدارة طرفا ً فيها‪ ،‬ليس قاصراً على‬
‫المنازعات اإلدارية فقط‪ ،‬وإنما يشمل المنازعات المدنية والتجارية أيضا‪.‬‬

‫وأناط المشرع بلجان التوفيق أو فض المنازعات نظر المنازعات المدنية‬


‫والتجارية واإلدارية التي تكون الوزارات واألشخاص االعتبارية العامة طرفا ً فيها‪،‬‬
‫فإذا ما استبعدنا من نطاق دراستنا المنازعات المدنية والتجارية التي تختص بها هذه‬
‫اللجان‪ ،‬واقتصرنا على تبيان اختصاصها بنظر المنازعات اإلدارية‪ ،‬قلنا أن هذه‬
‫اللجان تختص بنظر جميع المنازعات اإلدارية التي ينطبق عليها وصف المنازعة‬
‫اإلدارية‪ ،‬إال ما استثناه المشرع في هذا القانون على نحو صريح‪.‬‬

‫فالمشرع إذن لم يحدد اختصاص هذه اللجان حصراً‪ ،‬وإنما لجأ إلى أسلوب‬
‫التعميم حيث اختص اللجان بنظر أية منازعة تستجمع أركان المنازعة اإلدارية ثم‬
‫استبعد بعض المنازعات فأخرجها من اختصاص هذه اللجان‪ ،‬ويمكن إجمال‬
‫المنازعات التي استبعدها المشرع من اختصاص لجان التوفيق فيما يلي‪- :‬‬

‫‪ -1‬المنازعات اتى تكون وزارة الدفاع واإلنتاج الحربي أو أي من أجهزتها‬


‫طرفا ً فيها‪.‬‬

‫‪ -2‬المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية إذا كان لها صفة المال العام‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫‪ -3‬المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة أو توجب فضها أو تسويتها‬
‫أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو يتفق على‬
‫فضها عن طريق هيئات التحكيم‪.‬‬

‫‪-4‬طلبات إلغاء القرارات اإلدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ‪.‬‬

‫تشكيل وعمل لجان التوفيق‪- :‬‬ ‫رابعا‬

‫تشكل لجنة التوفيق في المنازعات بقرار من وزير العدل كاألتى‪-:‬‬

‫الرئاسة‪- :‬‬

‫تكون رئاسة لجنة التوفيق ألحد رجال القضاء أو أعضاء الهيئات القضائية‬
‫السابقين من درجة مستشار على األقل ممن ال يشغلون وظيفة أو يمارسون مهنة‪،‬‬
‫وذلك من بين المقيدين في الجداول التي تعد لهذا الغرض بعد موافقة المجلس‬
‫األعلى للهيئات القضائية‪ .‬ويجوز عند الضرورة ان تكون رئاسة اللجنة ألحد رجال‬
‫القضاء أو أحد أعضاء الهيئات القضائية الحاليين من درجة مستشار على األقل‪.‬‬

‫العضوية‪- :‬‬

‫ُتشكل لجنة التوفيق بعضوية ممثل للجهة اإلدارية بدرجة مدير عام على األقل‬
‫أو من يعادلها تختاره السلطة المختصة‪ ،‬وينضم إلى عضوية اللجنة الطرف االخر‬
‫في النزاع أو من ينوب عنه‪ ،‬فإذا تعدد هذا الطرف وجب عليهم اختيار نائب واحد‬
‫عنهم‪ ،‬فإذا تعارضت مصالحهم كان لكل منهم ممثل في اللجنة‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫آثار تقديم طلب التوفيق‬
‫خامسا‬
‫ُيشترط أن يتم طلب التوفيق في خالل الميعاد المحدد لرفع دعوى اإللغاء أال‬
‫وهو ستون يوماً‪ ،‬ويترتب على تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وقف المدة‬
‫المقررة قانونا ً لسقوط وتقادم الحقوق‪ ،‬أو لرفع الدعوى بها‪ ،‬وذلك حتى انقضاء‬
‫المواعيد المقررة في قانون لجان التوفيق‪.‬‬

‫ومن المالحظ أن القانون قد نص على أن تقديم طلب التوفيق يؤدى إلى وقف‬
‫مدة التقادم ورفع الدعاوى‪ ،‬وليس إلى قطعها‪ ،‬وكما هو معروف هناك فرق بين‬
‫الوقف والقطع‪ .‬فالوقف يؤدى إلى االحتفاظ بما انقضى من المدة قبل حدوث سبب‬
‫الوقف‪ ،‬ثم يتم استكمالها بعد زوال هذا السبب‪ .‬أما القطع فهو يؤدى إلى إلغاء ما‬
‫انقضى من المدة قبل حدوث سبب القطع‪ ،‬ثم بداية مدة جديدة كاملة بعد زوال هذا‬
‫السبب‪.‬‬

‫قبول وعدم قبول الطلب‪- :‬‬ ‫سادسا‬

‫تقرر اللجنة قبول طلب التوفيق إذا كان مستوفيا ً للشروط الشكلية لتقديمه وتم‬
‫تقديمه في الميعاد المحدد ووفق القواعد المنظمة لذلك‪.‬‬

‫وتقرر عدم قبول الطلب إذا كان غير مستوف ألي من هذه الشروط‪ ،‬أو تم‬
‫تقديمه في غير الميعاد المحدد لتقديمه أو خالف أي من القواعد المنظمة لذلك‪.‬‬

‫وإذا كان الطلب متعلقا ً بأي من القرارات اإلدارية النهائية التي أوجب المشرع‬
‫التظلم منها " حاالت التظلم الوجوبي"‪ ،‬وانتظار البت فى التظلم قبل رفع الدعوى‬
‫بإلغائها أمام مجلس الدولة‪ ،‬فالنسبة لهذه القرارات ال يقبل طلب التوفيق بشان أي‬
‫منها إال إذا قدم خالل المواعيد المقررة لرفع الدعوى بشأنها أمام مجلس الدولة‪،‬‬

‫‪113‬‬
‫وبعد اتخاذ إجراءات التظلم المذكور وانتظار مواعيد البت فيه‪ ،‬والحكمة من وراء‬
‫هذا الحكم هو تفادى اتخاذ البعض طلب التوفيق كذريعة للمساس بمبدأ تحصين‬
‫القرارات اإلدارية النهائية أو اإلخالل بالحقوق المكتسبة بسببها‪.‬‬

‫عدم عرض المنازعات على لجان التوفيق قبل االلتجاء للقضاء‬


‫يترتب عليه الحكم بعدم قبول الدعوى‪- :‬‬

‫تتمثل طبيعة القرارات التي تصدرها لجان التوفيق في الطلبات المقدمة |إليها‬
‫في كونها مجرد توصيات‪ ،‬وبالتالي فهي ال تصدر أحكاما ً وال حتى قرارات ملزمة‬
‫ألطراف النزاع إال في حالة وحيدة وهى قبول طرفي النزاع توصية لجنة التوفيق‪،‬‬
‫واعتماد السلطة المختصة لهذه التوصية‪ ،‬وقبول الطرف األخر كتابة هذه التوصية‬
‫خالل المدة المحددة في القانون‪ ،‬ففي هذه الحالة فقط يتم إثبات هذا االتفاق في‬
‫محضر يوقع من الطرفين ويلحق بمحضر اللجنة‪ ،‬ويكون له قوة السند التنفيذي‪،‬‬
‫ويبلغ إلى السلطة لتنفيذه‪.‬‬

‫فاألصل أن اللجنة تصدر توصياتها في المنازعة التي تعرض عليها‪ ،‬مع‬


‫إشارة موجزة ألسبابها تثبت بمحضرها‪ ،‬وذلك في ميعاد ال يجاوز سيتن يوما ً من‬
‫تاريخ تقديم طلب التوفيق إليها‪ ،‬و ُتعرض التوصية خالل سبعة أيام من تاريخ‬
‫صدورها على السلطة المختصة والطرف األخر في النزاع‪ ،‬فإذا اعتمدتها السلطة‬
‫المختصة وقبلها الطرف األخر كتابة خالل الخمسة عشر يوما ً التالية لحصول‬
‫العرض‪ ،‬قررت اللجنة إثبات ما تم االتفاق عليه في محضر يوقع بين الطرفين‪،‬‬
‫ويلحق بمحضره وتكون له قوة السند التنفيذي‪ ،‬و ُيبلغ إلى السلطة المختصة لتنفيذه‪.‬‬

‫أما إذا لم يقبل أحد طرفي النزاع توصية اللجنة خالل المدة المشار إليها‪ ،‬أو‬
‫انقضت هذه المدة دون أن يبدى الطرفان أو أحدهما رأيه بالقبول أو الرفض‪ ،‬أو لم‬

‫‪114‬‬
‫تصدر اللجنة توصياتها خالل ميعاد الستين يوماً‪ ،‬يكون لكل من حق طرفي النزاع‬
‫اللجوء إلى المحكمة المختصة‪ .‬ويتولى قلم كتاب المحكمة التي ترفع إليها الدعوى‬
‫عن ذات النزاع ضم ملف التوفيق إلى أوراق الدعوى‪.‬‬

‫فالمشرع إذن تطلب بمقتضى القانون وجوب عرض النزاع على اللجان قبل‬
‫االلتجاء إلى القضاء المختص‪ ،‬ورتب على عدم العرض جزاء عدم قبول الدعوى‬
‫أمام المحكمة المختصة‪ .‬وإذا كان اإللتجاء إلى فض المنازعات وجوبيا ً بالنسبة‬
‫للمنازعات الخاضعة ألحكام قانون فض المنازعات لتعلقه بالنظام العام فإن الدفع‬
‫بعدم قبول الدعوى أمام المحاكم يمكن إثارته في أي مرحلة من مراحل الدعوى‪،‬‬
‫حتى لو كان ذلك أمام المحاكم اإلدارية العليا‪ ،‬كما يكون للقاضي أن يثير من تلقاء‬
‫نفسه ولو لم تتمسك به جهة اإلدارة‪.‬‬

‫على أن عرض النزاع على لجان التوفيق كشرط لقبول الدعوى أمام المحاكم‬
‫ال يقتصر فقط على مجرد تقديم طلب التوفيق من ذوى الشأن‪ ،‬بل يكون عليهم‬
‫االنتظار إلى حين انتهاء األجل المحدد إلصدار التوصية في المدة المحددة لها‪ ،‬أما‬
‫إذا أصدرت اللجنة توصيتها فيكون عليهم أيضا ً االنتظار حتى انقضاء المدة المحددة‬
‫إذ ال يكون بمقدور ذوى الشأن ولوج ساحة القضاء إال بعد انتهاء الميعاد المحدد‬
‫إلصدار التوصية أو بعد إصدارها وفوات الميعاد المحدد لقبولها ورفضها من قبل‬
‫طرفي النزاع أو أحداهما‪ ،‬وإال كان الدفع بعدم قبول الدعوى من جانب اإلدارة قائما ً‬
‫على أساس سليم من القانون وكان على المحكمة أن تستجيب لهذا الدفع وتقضى‬
‫بعدم القبول لرفعها بغير الطريق الذى حده القانون وهو وجوب العرض على لجان‬
‫‪88‬‬
‫التوفيق قبل االلتجاء لقضاء‪.‬‬

‫‪ 88‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫أوجه الطعن باإللغاء‬

‫‪116‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫أوجه الطعن باإللغاء‬

‫تتمتع القرارات اإلدارية بقرينة المشروعية‪ ،‬بمعنى أنه يفترض فيها دائما ً أنها قد‬
‫صدرت صحيحة في كافة عناصرها‪ ،‬ولكنها قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس‪ ،‬إذ ال‬
‫تمنع صاحب الشأن من أن يقيم الدليل على أن القرار مشوب بعيب عدم المشروعية‪.‬‬

‫ويقصد بأوجه اإللغاء العيوب التي تصيب القرار اإلداري وتؤدى إلى إلغائه‪،‬‬
‫وحتى يحصل المدعى على حكم بإلغاء القرار فإنه يجب أن يثبت عدم مشروعيته‪.‬‬

‫ففي مصر نص المشرع صراحة على أوجه اإللغاء من خالل قوانين مجلس‬
‫الدولة المتعاقبة منذ إنشائه‪ ،‬حيث نصت المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة على‬
‫أنه " يشترط في طلبات إلغاء القرارات اإلدارية النهائية أن يكون مرجع الطعن‬
‫عدم االختصاص‪ ،‬أو عيبا في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في‬
‫تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة‪.‬‬

‫وسوف نتناول بإيجاز ألوجه الطعن باإللغاء‪ ،‬وذلك من خالل المباحث التالية‪:‬‬

‫المطلب األول‪- :‬عيب عدم االختصاص‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪- :‬عيب الشكل واإلجراءات‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪- :‬عيب مخالفة القوانين واللوائح‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪- :‬عيب الغاية أو انحراف السلطة‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪- :‬عيب السبب‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫المطلب األول‬

‫عيب عدم االختصاص‬

‫‪87‬‬
‫التعريف‪- :‬‬ ‫أوال‬

‫تتمتع كل سلطة من السلطات العامة في الدولة بمهام ومسئوليات معينة‪ ،‬ويحكم‬


‫مبدأ الفصل بين السلطات العالقة بين تلك السلطات‪ .‬وداخل كل سلطة تقوم كل إدارة‬
‫هيئة وجهاز وتنظيم فيها باختصاصات محددة‪ ،‬وتتولى قواعد االختصاص مهمة‬
‫توزيع العمل‪ ،‬وتقسيمه على اإلدارات والتنظيمات المختلفة داخل كل سلطة‪.‬‬

‫فمن المفترض أن كل سلطة تؤدى المهام والمسئوليات المنوطة بها فقط‪ ،‬وكل‬
‫هيئة أو إدارة تقوم باالختصاصات الموكلة إليها دون غيرها‪.‬‬

‫فاالختصاص هو عبارة عن القدرة أو الصالحية القانونية للقيام بعمل معين‪.‬‬


‫ويقوم بتحديد االختصاص القواعد القانونية المختلفة‪ ،‬التي يتضمنها أساسا ً الدستور‬
‫والقانون‪ ،‬أو العرف في حالة عدم وجود نص صريح مكتوب بشأنه‪.‬‬

‫فعيب االختصاص في دعوى اإللغاء هو عدم القدرة على مباشرة عمل قانونى‬
‫معين؛ ألن المشرع جعله من اختصاص سلطة أو هيئة أخرى أو مسئول أخر طبقا ً‬
‫للقواعد المنظمة لالختصاص‪.‬‬

‫فعدم االختصاص هو أن تصدر سلطة إدارية قرارا دون أن تكون لها صفة‬
‫في اتخاذه قانونا‪ ،‬أو عدم اتخاذ القرار بواسطة السلطة التي لها الصفة في اتخاذه‪.‬‬

‫‪ 89‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 15‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.971‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 216‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء‬
‫اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 258‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 972‬وما بعدها‬

‫‪118‬‬
‫خصائص عيب االختصاص‪- :‬‬
‫‪71‬‬

‫ثانيا‬
‫ُيعد عيب االختصاص من العيوب الجوهرية التي تلحق بالقرار اإلداري‪ ،‬ومن‬
‫هنا يحرص المشرع على توزيع االختصاصات اإلدارية بين الموظفين والجهات‬
‫اإلدارية المختلفة بدقة تامة‪ .‬ويتميز عيب االختصاص أنه من النظام العام‪ ،‬وهو أمر‬
‫يثير مسألة إمكانية تغطية هذا العيب أو تصحيحه‪- :‬‬

‫عيب االختصاص من النظام العام‪- :‬‬ ‫‪1‬‬

‫ُيعتبر عيب عدم االختصاص هو العيب الوحيد من أوجه اإللغاء الذي يتعلق‬
‫بالنظام العام‪ ،‬ويترتب على ذلك مجموعة من النتائج هي‪- :‬‬

‫‪ ‬في حالة إذا تبين للقاضي صدور القرار من غير صاحب االختصاص‬
‫يكون له أن يتصدى لعيب عدم االختصاص من تلقاء نفسه‪ ،‬حتى لو لم يثره رافع‬
‫الدعوى كسبب لإللغاء‪.‬‬
‫‪ ‬ليس لإلدارة أن تتفق على تعديل قواعد االختصاص‪ ،‬وذلك ألن قواعد‬
‫االختصاص لم تقرر لصالح اإلدارة فتتنازل عنها كلما شاءت‪ ،‬ولكن قواعد‬
‫االختصاص ُ‬
‫شرعت من أجل تحقيق الصالح العام‪.‬‬
‫‪ ‬ال يجوز لجهة إدارية أن تتنازل على اختصاصها إلدارة أخرى إال بناء‬
‫على تفويض صحيح قانوناً‪ ،‬وذلك ألن قواعد االختصاص ليست مقررة لصالح‬
‫شرعت هذه القواعد الملزمة لإلدارة تحقيقا ً للصالح‬
‫اإلدارة فتعدل منها كما تشاء‪ ،‬إذ ُ‬
‫العام‪.‬‬

‫‪ 91‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫عدم جواز تصحيح القرار المعيب بسبب عدم االختصاص‪- :‬‬
‫‪2‬‬

‫فترتيبا ً على اعتبار عيب االختصاص متعلق بالنظام العام‪ ،‬فإنه كأصل عام ال‬
‫يجوز تصحيح القرار المعيب بعدم االختصاص أو إجازته بالقرار من الهيئة‬
‫المختصة أصال بإصداره‪ ،‬بل يجب أن يصدر القرار الصحيح ابتداء من جانب هذه‬
‫الهيئة‪ ،‬وفى هذه الحالة ال يكون القرار نافذاً إال من تاريخ صدوره عنها‪ ،‬وليس من‬
‫تاريخ صدور القرار األول ما دام أن هذا األخير قد وقع باطالً‪ ،‬إذ ال يزول هذا‬
‫البطالن نتيجة اإلجازة أو التصحيح أو التصديق الالحق من الجهة المختصة‪ ،‬إال‬
‫في حالة الضرورة والظروف االستثنائية‪.‬‬

‫‪91‬‬‫صور عيب عدم االختصاص‪- :‬‬ ‫ثالثا‬

‫لعيب عدم االختصاص صور متعددة‪ ،‬فقد يكون إيجابيا ً وقد يكون سلبيا ً‪ ،‬وقد‬
‫يكون جسيما ً أو بسيطاً‪ ،‬وسوف نعرض لصور عدم االختصاص على النحو التالي‪:‬‬

‫عدم االختصاص اإليجابي وعدم االختصاص السلبي‪- :‬‬ ‫‪1‬‬

‫يقصد بعدم االختصاص اإليجابي أن تتخذ سلطة إدارية قراراً بينما ال تملك‬
‫القدرة القانونية على إصداره‪ .‬أو تملك تلك الوالية ولكنها تجاوزت حدودها‪.‬‬

‫أما عدم االختصاص السلبي فهو أن ترفض سلطة إدارية أو تمتنع عن أن‬
‫تتخذ قرارا يدخل في واليتها‪ .‬وذلك بأن تعتقد خطأ أنها ال تملك قانونا ً إصدار‬
‫القرار‪.‬‬

‫‪ 91‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 15‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪،‬‬
‫قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.971‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 216‬وما بعدها؛ د‪.‬‬
‫محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 258‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪ 972‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫عدم االختصاص الجسيم وعدم االختصاص البسيط‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫معيار التمييز بينهما بصفة عامة هو مدى جسامة مخالفة قواعد االختصاص‪،‬‬
‫فإذا كانت المخالفة جسيمة‪ ،‬كنا بصدد عدم اختصاص جسيم‪ ،‬وإن كانت يسيرة كنا‬
‫أمام عدم اختصاص يسير‪.‬‬

‫وتظهر قيمة ذلك التقسيم في درجة البطالن التي تصيب القرار‪ ،‬فأحوال‬
‫اغتصاب السلطة من شأنها أن تجعل القرار منعدماً‪ ،‬أما في حالة عدم االختصاص‬
‫البسيط من شأنها أن تجعل القرار باطال‪.‬‬

‫عدم االختصاص الجسيم‪- :‬‬ ‫أ‬


‫يتحقق عدم االختصاص الجسيم عندما يكون مُصدر القرار غير مختص قطعيا ً‬
‫بالقرار الذي تم اتخاذه‪ ،‬أي ال تكون هناك صلة وظيفية اختصاصية إطالقا ً بينه‬
‫وبين القرار‪ ،‬بمعنى أن القرار ال يدخل في اختصاصه بتاتاً‪ ،‬وليست له أية صالحية‬
‫قانونية التخاذه‪ ،‬أي أنه ليس له اختصاص‪ ،‬وال حتى شبهة اختصاص باتخاذ مثل‬
‫هذا القرار فهو يعتبر أجنبي أو غريب أو بعيد تماما ً عن سلم التدرج اإلداري‬
‫المختص باتخاذه‪ .‬ولذلك فهو يسمى بغصب السلطة أو االختصاص ألنه في حقيقة‬
‫األمر نوع من الغصب أو التعدي على سلطة أو اختصاص ممنوح للغير‪.‬‬

‫حكم تلك القرارات‪- :‬‬

‫القرارات المشوبة بعيب عدم االختصاص الجسيم" غصب السلطة"‪ ،‬تعتبر‬


‫قرارات منعدمة فليس لها وجود قانونى‪ ،‬فهي ال غير صالحة لترتيب أي ثار‬
‫قانونية‪ ،‬وال تتحصن بفوات مواعيد معينة‪ ،‬مهما طالت‪ ،‬فيجوز سحبها إداريا في‬
‫أي وقت‪ ،‬كما يجوز الطعن فيها باإللغاء أمام القضاء دون التقيد بمواعيد اإللغاء‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫وقبل الخوض في الحديث عن صور عيب عدم االختصاص‪ ،‬سنعرض بإيجاز‬
‫للفرق بين القرار المنعدم والقرار الباطل‪ ،‬لما له من أهمية في هذا الموضوع‪- :‬‬

‫القرار المنعدم‪- :‬هو القرار الذي بلغ في حالة عدم مشروعيته حداً من‬
‫الجسامة يجعله هو والعدم سواء؛ أي‪ :‬يفقد صفة القرار اإلداري ويجعله مجرد عمل‬
‫مادي‪ .‬فالقرار المنعدم ليس له أي وجود قانونى‪ ،‬فهو بغير حاجة إلى إلغائه بحكم‬
‫قضائي‪ ،‬وبالتالي فهو ال يرتب أي أثار قانونية‪ ،‬ويجوز الطعن فيه وفى اإلجراءات‬
‫المترتبة عليه دون التقيد بمدة معينة‪.‬‬

‫أما القرار الباطل فهو معيب بأحد العيوب ولكنه لم يصل لحد االنعدام‪،‬‬
‫فيعتبر صحيحا ً مرتبا ً آلثاره ما دام قائما ً لم يتم إلغائه‪ ،‬أو سحبه أو يحكم بإلغائه‪،‬‬
‫ولذلك يلتزم األفراد باحترامه وتثور مسئوليتهم في حالة مقاومة تنفيذه‪.‬‬

‫‪92‬‬‫حاالت عدم االختصاص الجسيم‪- :‬‬

‫غصب السلطة‬ ‫‪‬‬

‫تتمثل حاالت غصب السلطة في اعتداء السلطة اإلدارية على اختصاصات‬


‫سلطة أخرى‪ ،‬مثل اتخاذ السلطة التنفيذية قرارات في مسائل تدخل في اختصاص‬
‫السلطة التشريعية أو السلطة القضائية‪ .‬وتتمثل أحيانا في حاالت اعتداء على‬
‫االختصاص داخل السلطة التنفيذية نفسها‪ ،‬ومثال ذلك أن يصدر قرار من وزير‬
‫في حين أنه يدخل في اختصاص وزير أخر‪.‬‬

‫‪ 92‬المرجع السابق‬

‫‪122‬‬
‫‪‬‬
‫غصب الوظيفة‬
‫يتحقق غصب الوظيفة في حالة قيام فرد عادى ليست له صفة الموظف العام‬
‫باتخاذ قرارات إدارية معينة‪.‬‬

‫فمن المعروف أن الموظف ال يكتسب صفة الموظف العام إال بصدور قرار‬
‫تعيينه في إحدى الوظائف العامة‪ ،‬فال تكون له هذه الصفة ال قبل دخوله في الوظيفة‬
‫العامة بقرار التعيين‪ ،‬وال بعد خروجه منها بأي طريقة كانت‪ ،‬أي بانتهاء الخدمة‬
‫سواء باإلحالة للمعاش أو االستقالة أو بالفصل‪.......‬الخ‪.‬‬

‫فقبل دخول الفرد الوظيفة العامة وبعد خروجه منها‪ ،‬ال تكون له أية‬
‫اختصاصات أو صالحيات وظيفية‪ ،‬وال يجوز له ممارسة أي عمل من أعمالها‪ ،‬وال‬
‫اتخاذ أي قرار من القرارات التي تدخل فيها‪ ،‬وإال كان غاصبا ً للوظيفة وكانت‬
‫تصرفاته وقراراته منعدمة‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫االستثناءات على غصب الوظيفة‪- :‬‬

‫هناك حاالت استثنائية يقر فيها القضاء بصحة القرارات والتصرفات الصادرة‬
‫في مثل هذه الفروض‪ ،‬إما تطبيقا ً لنظرية حالة الضرورة أو الظروف االستثنائية‪،‬‬
‫أو تطبيقا ً لنظرية الموظف الفعلي‪.‬‬

‫نظرية حالة الضرورة أو الظروف االستثنائية‪- :‬‬

‫في حاالت الضرورة والظروف االستثنائية مثل الحرب والكوارث غير‬


‫العادية‪ ،‬يُقبل عادة ما ال يقبل في الحاالت الطبيعية والظروف العادية‪ .‬ففي الظروف‬
‫‪ 93‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 15‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.971‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 216‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء‬
‫اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 258‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 972‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫غير العادية تخف حدة التمسك بقواعد االختصاص وحتمية اإللزام بها‪ .‬فيقر القضاء‬
‫بالقرارات والتصرفات الصادرة من غير المختص‪ ،‬مراعاة لهذه الظروف‪ ،‬والتي‬
‫ما كان يتردد لحظة في إلغائها لو صدرت في الظروف العادية‪ ،‬ألنها تعتبر قرارات‬
‫منعدمة‪ ،‬وعلى ذلك فيجوز في حالة الضرورة أن تتخذ اإلدارة قرارات أو إجراءات‬
‫تدخل بحسب األصل في اختصاص السلطة التشريعية‪.‬‬

‫نظرية الموظف الفعلي‪- :‬‬

‫قد يمارس فرد عادى اختصاصات الوظيفة العامة‪ ،‬ويظهر أمام الناس بهذه‬
‫الوظيفة‪ ،‬وتصدر منه قرارات معينة‪ .‬وتفاديا ً لآلثار المترتبة على االنعدام في حالة‬
‫صدور قرار إداري من فرد عادى وتقديراً العتبارات عملية ورغبة في دوام سير‬
‫المرافق بانتظام‪ ،‬فقد أقر القضاء بصحة هذه القرارات رغم عدم صدورها ممن‬
‫ليست له صفة الموظف العام‪ ،‬إما مراعاة للظاهر وحماة للغير حسن النية‪ ،‬أو‬
‫اعترافا ً بالضرورة أو الظروف االستثنائية التي أدت لهذه النتيجة‪.‬‬

‫فالموظف الفعلي هو الفرد الذي يمارس اختصاصات وظيفة معينة دون أن‬
‫يكون هناك قرار بتعيينه فيها‪ ،‬أو يكون قد صدر قرار التعيين ثم أ ُلغى إداريا ً فور‬
‫صدوره‪ ،‬أو سُحب أو أُلغى قضائيا ً فيما بعد صدوره‪.‬‬

‫ويمكن إجمال حاالت الموظف الفعلي في‪- :‬‬

‫‪ ‬إذا تضمن القرار اعتداء على اختصاص السلطة التشريعية أو‬


‫القضائية‪ ،‬في هذه الحالة تقوم السلطة اإلدارية بإصدار قرار في أمر من األمور‬
‫الداخلة في اختصاص السلطة التشريعية أو القضائية بحكم الدستور‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫مثال ذلك‬

‫أن يصدر وزير الداخلية قراراً بإبطال عملية انتخاب عضو من أعضاء‬
‫مجالس المحافظات‪ ،‬مع أن قانون مجلس الدولة قد جعل الفصل في الطعون‬
‫االنتخابية البلدية واإلقليمية من اختصاص محكمة القضاء اإلداري‪.‬‬

‫‪ ‬أن يمارس فرد معين اختصاصات وظيفة معينة رغم صدور قرار‬
‫بتعيينه‪ .‬كأن يكون مازال تحت التمرين أو االختبار‪ ،‬ولكن يظهر بمظهر الموظف‬
‫الحقيقي‪ ،‬ويعتقد الجميع ويتعاملون معه على أنه كذلك‪.‬‬

‫فرغم أن تصرفات مثل هذا الفرد وقرارته منعدمة‪ ،‬إال ان القضاء يقر‬
‫بصحتها مراعاة للظاهر‪ ،‬وحماية للغير حسن النية‪ ،‬الذين تعاملوا معه دون أن‬
‫يعرفوا حقيقته‪ ،‬فليس مطلوب من أفراد الجمهور الذين يتعاملون مع موظف معين‬
‫أن يطلبوا منه أن يطلعهم على القرار الصادر بتعيينه في هذه الوظيفة‪.‬‬

‫‪ ‬أن يصدر قرار بتعيين فرد معين في وظيفة ما فيمارس اختصاصاتها‬


‫فترة معينة‪ ،‬فيُصدر خاللها قرارات تخولها له هذه االختصاصات‪ ،‬ويتعامل مع‬
‫الغير بهذه الصفة‪ .‬ثم يُلغى قرار التعيين قضائيا ً لعدم مشروعيته‪ ،‬ومن المعروف‬
‫أن اإللغاء له أثر رجعى يرتد إلى تاريخ صدور القرار‪ ،‬ويجعله كأنه لم يكن وذات‬
‫األثر يترتب على سحب القرار إدارياً‪.‬‬

‫ورغم التصرفات والقرارات التي اتخذها مثل هذا الفرد في الفترة من تاريخ‬
‫صدور القرار بالتعيين حتى |إلغاؤه تعتبر منعدمة‪ ،‬لصدورها من فرد لم تثبت له‬
‫صفة الموظف العام‪ .‬نظرا إللغاء القرار لعدم مشروعيته‪ ،‬رغم ذلك فإن القضاء‬
‫يعترف هنا أيضا ً بصحة مثل هذه التصرفات والقرارات مراعاة للظاهر‪ ،‬وحماية‬

‫‪125‬‬
‫لمصالح الجمهور‪ ،‬الذي تعامل مع مثل هذا الفرد بحسن نية على أنه موظف عام‪،‬‬
‫فليس مطلوبا ً من كل مواطن أن يتأكد من صحة ومشروعية قرار تعيين الموظف‬
‫الذي يتعامل معه‪ ،‬وكيف الوسيلة إلى ذلك؟؟‬

‫‪ ‬أن يخرج موظف معين من الوظيفة‪ ،‬وتنتهي خدمته فيها ألي سبب من‬
‫األسباب‪ ،‬ومع ذلك يستمر أمام الناس في ممارسة اختصاصاتها‪ ،‬ويعتقد الجمهور‬
‫أنه ما زال يشغل هذه الوظيفة في الحقيقة‪ ،‬وتكون هناك أسباب معقولة تحمل على‬
‫هذا االعتقاد‪ .‬هنا أيضا ً رغم أن ممارسة هذا الفرد الذي فقد صفة الموظف العام‬
‫الختصاصات الوظيفة‪ .‬وإصداره لقرارات تخولها هذه الوظيفة‪ ،‬رغم أن كل هذا‬
‫يعتبر منعدما إال أن القضاء يعترف بصحتها أخذا بالظاهر من األمور أيضا‪.‬‬

‫‪ ‬في ظروف معينة كحالة الضرورة أو الظروف غير العادية‪ ،‬قد تضطر‬
‫اإلدارة إلى االستعانة ببعض األفراد العاديين‪ ،‬سواء بناء على نداء أو طلب أو‬
‫بناء على مبادرة منهم‪ ،‬وذلك لتسيير الجهاز اإلداري لضمان استمرار سير‬
‫المرافق العامة‪ ،‬وحتى ال تتوقف هذه المرافق التي تقدم خدمات حيوية للجمهور‪.‬‬

‫فيقوم هؤالء األفراد في كل هذه الظروف ببعض مهام الوظيفة العامة‬


‫واختصاصها‪ ،‬وعادة يتعامل الجمهور مع مثل هؤالء األفراد على أنهم موظفين‬
‫عموميين‪ .‬ورغم أن التصرفات والقرارات الصادرة من هؤالء األفراد فترة استعانة‬
‫اإلدارة بهم أو تطوعهم تعتبر منعدمة‪ ،‬لعدم اكتسابهم صفة الموظف العام‪ ،‬لعدم‬
‫صدور قرار رسمي بتعيينهم‪ ،‬إال أن القضاء يعتمد مثل هذه القرارات والتصرفات‬
‫ويعترف بصحتها استثناء من األصل العام في هذا الشأن أخذاً بنظرية الضرورة‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫‪72‬‬
‫تطبيقات نظرية الظروف الطارئة‪:‬‬

‫لهذه النظرية تطبيق في الظروف العادية مبنى على فكرة األوضاع الظاهرة‪،‬‬
‫وتطبيق أخر في الظروف االستثنائية مبنى على فكرة الضرورة‪.‬‬

‫‪ ‬في الظروف العادية‪:‬‬

‫قد تعين الحكومة موظفا ً في وظيفة ما؛ حيث يبدأ في مباشرة عمله وإصدار ما‬
‫يدخل في اختصاصه من قرارات‪ ،‬وبعد ذلك قد ُيطعن على قرار تعيين هذا‬
‫الموظف‪ ،‬ويحكم بقبول الطعن وإلغاء التعيين‪ ،‬في مثل هذه الحالة نجد أن هناك‬
‫شخص توفر له في الظاهر مظهر الموظف ولكنه في الحقيقة لم يقلد مهام وظيفته‬
‫تقليداً قانونياً‪ .‬واستنادا على فكرة األوضاع الظاهرة فإن ما صدر عن هذا الشخص‬
‫من قرارات ال تعد اغتصابا للسلطة بل ال تعد مشوبة بعيب عدم االختصاص‪ ،‬حيث‬
‫تأخذ حكم القرارات الصحيحة‪.‬‬

‫‪ ‬في الظروف االستثنائية‪- :‬‬

‫قد تحدث ظروف استثنائية كحالة حرب أو ثورة مسلحة كبرى في مثل هذه‬
‫الظروف قد يهرب بعض الموظفين الذين يتولون مناصب حيوية هامة‪ ،‬فإذا تقدم‬
‫فرد أو أفراد واحتلوا هذه المناصب‪ ،‬وأخذوا يزاولون االختصاصات المخولة‬
‫ألصحابها قانونا فإن أعمالهم تعد صحيحة من وجهة نظر القانون اإلداري‪.‬‬

‫‪ 94‬المرجع السابق‬

‫‪127‬‬
‫عدم االختصاص البسيط‪- :‬‬
‫ب‬
‫قد يكون عيب عدم االختصاص بسيطا ً أو عادياً‪ ،‬وذلك حينما يقع في داخل‬
‫النطاق اإلداري‪ ،‬وهذه الدرجة من عدم االختصاص هي األكثر شيوعا ً واألقل‬
‫خطورة من حيث ما يترتب عليها من أثار‪.‬‬

‫ويتحقق عدم االختصاص البسيط عندما ال يكون القرار الصادر داخالً ضمن‬
‫اختصاصات الهيئة أو الجهة التي صدر عنها أو الموظف أو المسئول الذي أصدره‪،‬‬
‫وإنما داخالً في اختصاصات هيئة أو جهة أو إدارة أخرى أو موظف أو مسئول‬
‫أخر‪ ،‬ينتمي إلى السلطة التنفيذية بصفة عامة وليس إلى سلطة أخرى‪.‬‬

‫حكم تلك القرارات‪- :‬‬

‫القرارات المشوبة بعيب عدم االختصاص البسيط تعتبر قرارات باطلة‪ ،‬ولكن‬
‫ليست منعدمة‪ ،‬وذلك على عكس ما رأينا في حاالت عدم االختصاص الجسيم‪.‬‬

‫والقرارات الباطلة لها وجود قانونى‪ ،‬وتكون صالحة إلنتاج أثارها القانونية‬
‫فور صدورها‪ ،‬وتستمر في ذلك حتى ُتسحب أو ُتلغى‪ ،‬فإذا لم يتم سحبها أو إلغاؤها‪،‬‬
‫فإنها تتحصن ضد السحب واإللغاء‪ ،‬وتصبح كالقرارات الصحيحة السليمة تماما‬
‫من حيث إنتاجها ألثارها القانونية‪.‬‬

‫إذن الطعن على مثل هذه القرارات مقيد بمواعيد معينة‪ ،‬فإذا لم يتم الطعن‬
‫خاللها أصبح القرار ال يمكن إلغاؤه قضائياً‪ .‬ويختص القضاء اإلداري وحده في‬
‫نظر الطعن باإللغاء ضد هذه القرارات‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫‪75‬‬
‫صور االختصاص البسيط‪- :‬‬

‫يتخذ عدم االختصاص البسيط عدة صور‪ ،‬وتتمثل في عدم االختصاص‬


‫الموضوعي‪ ،‬وعمد االختصاص الزمنى‪ ،‬وعدم االختصاص المكاني أو اإلقليمي‪- :‬‬

‫عدم االختصاص الزمنى‬

‫يكون لكل اختصاص إداري إطار زمني لممارسة الصالحيات الوظيفية‪ ،‬أو‬
‫المسئوليات والمهام المرتبطة بها‪ .‬كما أن التصرفات والقرارات القانونية الصادرة‬
‫لها أيضا إطار زمني‪.‬‬

‫فإذا تم مباشرة أو ممارسة هذه الصالحيات والمسئوليات والمهام خارج هذا‬


‫اإلطار‪ ،‬سواء قبل بداية الوقت المحدد لذلك أو بعد انتهائه‪ ،‬فإننا نكون أمام حالة‬
‫عدم اختصاص‪ .‬وبالمثل إذا صدرت تصرفات او قرارات خارج اإلطار الزمنى‬
‫المحدد لها كالقرارات الرجعية أو المسبقة فإن مثل هذه القرارات تكون باطلة‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫اتخاذ إدارة معينة لقرارات في موضوع معين قبل جعل ذلك من اختصاصها‪،‬‬
‫واتخاذ موظف لقرارات تدخل في االختصاصات المقررة لوظيفة معينة قبل تعيينه‬
‫فيها‪ .‬أو اتخاذ إدارة معينة لقرارات في موضوع بعد انتهاء اختصاصها به‪ ،‬واتخاذ‬
‫موظف لقرارات تدخل في هذه االختصاصات المقررة لوظيفة معينة بعد انتهاء‬
‫خدمته في هذه الوظيفة‪.‬‬

‫‪ 95‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 15‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.971‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 216‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء‬
‫اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 258‬وما بعدها‪ .‬د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 972‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫ويكون القرار اإلداري معيبا بعدم االختصاص الزمنى في صورتين‪- :‬‬

‫‪ ‬الصورة األولى‪ :‬صدور القرار عن موظف زالت صفته الوظيفية‪:‬‬

‫حق الموظف في إصدار القرار محدد بمدة تقلده للوظيفة‪ ،‬فإذا انتهت تلك المدة‬
‫فقد انقطعت صلته بالوظيفية ولم يعد مقبوالً أن يضطلع بأي عمل من أعمالها ومنها‬
‫سلطة إصدار القرار‪ ،‬فإن هو فعل ذلك متجاهالً تغير وضعه أصبح قراره مشوبا ً‬
‫بعدم االختصاص الزمنى مستوجب اإللغاء‪.‬‬

‫وما يسرى على الموظف يسرى أيضا على المجالس المنتخبة التي تساهم في‬
‫الوظيفة اإلدارية؛ كمجالس المحافظات والمدن‪ ،‬فمدة صالحية تلك المجالس‬
‫إلصدار القرارات مرهونة بمدة نيابتها‪ ،‬فال يجوز لها أن تصدر قرارات إدارية‬
‫كانت مختصة بها في مدة نيابتها بعد انتهاء تلك المدة‪.‬‬

‫‪ ‬الصورة الثانية‪ :‬صدور القرار بعد المدة التي حددها القانون‪- :‬‬

‫قد يحدد القانون لمصدر القرار أجالً معينا ً إلصداره‪ ،‬فما الحكم إذا ما أصدر‬
‫الموظف قراره قبل ان تبدأ تلك المدة أو بعد انتهائها؟‬

‫استقر الفقه والقضاء في هذا الشأن على أنه يتعين التفرقة بين فرضين‪،‬‬
‫الفرض األول‪ :‬إذا كان المشرع قد حدد مدة إصدار القرار بصفة آمره مرتبا ً‬
‫البطالن للقرار الذي يصدر قبلها أو يتجاوزها فإن مخافة المدة يرتب بطالن القرار‬
‫الصادر بعد مضيها‪.‬‬

‫الفرض الثاني‪- :‬إذا لم يحدد المشرع مدة إصدار القرار بصفة آمرة‪ ،‬فإن هذا‬
‫الميعاد ال يعدو أن يكون ميعاداً تنظيميا ً الهدف منه حث اإلدارة على سرعة إصدار‬
‫القرار‪ ،‬وال يرتب مخالفة اإلدارة لميعاد إصدار القرار بطالنا ً له في هذه الحالة‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫وخالصة ما تقدم أنه لمعرفة مصير القرار الصادر بعد المدة المحددة‬
‫إلصداره يكون مرهون بمعرفة الهدف المبتغى من ضرب المشرع للميعاد‪ .‬فإن‬
‫كان هدفا تنظيميا القصد منه حث اإلدارة على سرعة اتخاذ القرار‪ ،‬فإن هي اتخذت‬
‫قرارها بعده يكون قراراً صحيحا ً؛ حيث أن المشرع لم يرتب جزاء البطالن على‬
‫مخالفة الميعاد‪ .‬أما إذا كان هدف المشرع حرمان اإلدارة من استعمال سلطتها في‬
‫إصدار القرار بعد المدة المحددة فإن تجاوزها لتلك المدة يبطل قراراها‪.‬‬

‫االستثناءات‪- :‬‬

‫ترد على قاعدة بطالن القرارات لعدم االختصاص الزمنى عدة استثناءات‬
‫‪76‬‬
‫تتمثل في االتي‪- :‬‬

‫‪ ‬في حالة استقالة الحكومة فهي تستمر في تصريف األمور العادية‬


‫واليومية للمجتمع لحين تعيين حكومة جديدة‪ ،‬وال يترتب على قراراتها العادية‬
‫بطالن في هذه الحالة‪.‬‬
‫‪ ‬في حالة استقالة الموظف يستمر في االضطالع بمهام الوظيفة لحين‬
‫قبول االستقالة‪.‬‬
‫‪ ‬تستمر اإلدارات ويستمر الموظفون في ممارسة اختصاصات الوظائف‬
‫التي كانوا يضطلعون بها قبل انتهائها ألي سبب‪ ،‬وذلك في حالة عدم تنظيم‬
‫المشرع إلجراءات الحلول أو اإلنابة في هذه الحالة‪ ،‬وال يترتب البطالن في هذه‬
‫الحالة على التصرفات والقرارات القانونية التي يتخذونها‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫عدم االختصاص المكاني‬

‫لكل إدارة أو هيئة أو مسئول نطاق مكاني أو إقليمي أو جغرافي تمارس أو‬
‫يمارس فيه اختصاصاتها أو اختصاصاته‪ ،‬ويسمى باالختصاص المحلى أيضا‪.‬‬

‫فإذا مارست هذه اإلدارة أو الهيئة‪ ،‬او مارس المسئول أو الموظف مهام‬
‫الوظيفة الموكلة إليهم خارج هذا النطاق المكاني‪ ،‬كانت تصرفاتهم وقراراتهم‬
‫الصادرة خارج هذا مشوبة بعيب عدم االختصاص المكاني‪.‬‬

‫ورغم قلة حدوث مثل هذا العيب من الناحية العملية‪ ،‬إال أنه يحدث أحياناً‪،‬‬
‫مثال ذلك صدور قرار من المحافظ يخص قطعة أرض تدخل في اختصاص‬
‫محافظة أخرى‪ ،‬أو صدور قرار من محافظ بالحجز اإلداري على أفراد لم يعودوا‬
‫يقيمون في محافظته‪.‬‬

‫عدم االختصاص الموضوعي‬

‫من المفترض أن لكل إدارة وهيئة اختصاصات معينة تتعلق بموضوعات أو‬
‫مسائل محددة‪ ،‬وكذلك لكل مسئول أو موظف‪ ،‬والمفروض أن يلتزم الجميع‬
‫بالموضوعات التي تدخل في اختصاص كل منهم‪.‬‬

‫والقرارات والتصرفات التي تتعلق بمسائل أو موضوعات أخرى تعتبر‬


‫صادرة من غير مختص‪ .‬فالخروج على هذا االختصاص الموضوعي يؤدى إلى أن‬
‫تصبح التصرفات والقرارات الصادرة في اختصاص موضوعي يدخل في‬
‫صالحيات هيئة أخرى أو مسئول آخر‪ ،‬مشوبة بعيب عدم االختصاص الموضوعي‬
‫مما يبطلها ويجعلها عرضة لإللغاء‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫وعدم االختصاص الموضوعي هو أكثر الحاالت حدوثا من الناحية العملية‬
‫من بين الحاالت األخرى الخاصة بعيب عدم االختصاص‪.‬‬

‫ولعدم االختصاص الموضوعي عدة صور حسب مستوى كل من العضو‬


‫المعتدى على االختصاص والعضو المعتدى على اختصاصه‪ ،‬فقد يكون األول هو‬
‫مرؤوس الثاني وقد يكون رئيسا له وقد يكون مساو له في سلم التدرج الرئاسي‪.‬‬

‫وقد يأخذ عدم االختصاص الموضوعي صورة تعدى جهة إدارية على‬
‫اختصاصات جهة إدارية أخرى‪ ،‬مثل إصدار أحد الوزراء لقرار معين يدخل في‬
‫اختصاص وزير أخر‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫المطلب الثانى‬

‫عيب الشكل واإلجراءات‬

‫مفهوم عيب الشكل واإلجراءات‪- :‬‬ ‫أوال‬

‫عيب الشكل واإلجراءات هو مخالفة القواعد الخاصة باألشكال واإلجراءات‬


‫التي يجب اتباعها إلصدار القرار‪ ،‬ومن الواضح من هذا التعريف أن عيب الشكل‬
‫واإلجراءات يتعلق بنوعين من القواعد‪ :‬القواعد الخاصة بالشكل والقواعد الخاصة‬
‫باإلجراءات‪.‬‬

‫أما القواعد الخاصة بالشكل فتتمثل في القواعد التي تتعلق بشكل القرار‪ ،‬أي‬
‫المظهر الخارجي له‪ .‬أو الصورة التي يجب أن يفرغ فيها القرار عند إصداره‪.‬‬
‫والعناصر الشكلية للقرار متعددة منها على سبيل المثال كتابة القرار‪ ،‬واإلشارات‬
‫التي ترد في مقدمته؛ وتسبيبه وتوقيعه‪ ،‬وبيان تاريخ صدوره‪.‬‬

‫أما العناصر الخاصة باإلجراءات فهي التي تتعلق بمجموعة المراحل الالزمة‬
‫إلعداد القرار قبل أن يصدر فعالً‪ ،‬والعناصر اإلجرائية للقرار متعددة أيضا ومنها‬
‫على سبيل المثال‪ :‬طلب الرأي‪ ،‬والتحقيق السابق على القرار‪ ،‬ومواجهة صاحب‬
‫الشأن بما تعتزم اإلدارة اتخاذه في مواجهته‪ ،‬والمدة التي يجب أن تصدر اإلدارة‬
‫‪97‬‬
‫القرار‪.‬‬ ‫خالله‬

‫فالقرار اإلداري يصدر عادة بعد اتباع إجراءات معينة‪ ،‬والمرور بمراحل‬
‫متعددة‪ ،‬ثم يصدر في شكل معين‪ ،‬أي يظهر ويرى النور في صورة معينة‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 281‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫ومع ذلك فليس هذا هو األصل‪ ،‬فاألصل أن القرار اإلداري ليس له شكل واحد‬
‫يتعين أن يصدر به‪ ،‬أو إجراءات محددة يتعين اتباعها‪ ،‬فيمكن أن يكون مكتوبا ً أو‬
‫شفويا ً مسببا ً أو غير مسبب‪ ،‬صريحا ً أو ضمنياً‪.‬‬

‫فالقرار هو عبارة عن تعبير اإلرادة‪ ،‬وهذا التعبير يكون بأي شكل وبأي وسيلة‬
‫وبأي مظهر‪ .‬ومخالفة أي قاعدة من قواعد الشكل‪ ،‬تؤدى إلى أن يصبح القرار‬
‫مشوبا بعيب في الشكل‪ ،‬وقد يؤدى إلى إلغائه‪.‬‬

‫فعيب الشكل يتحقق إذن؛ إذا أغفل أو خالف القرار قاعدة من قواعد‬
‫اإلجراءات أو الشكليات التي يتعين مراعاتها إلصداره‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن مخالفة الشكل واإلجراءات ال تعيب القرار اإلداري في‬
‫جميع األحوال‪ ،‬حيث ال يكون ذلك إال إذا نص القانون على ضرورة إتباع شكل‬
‫‪98‬‬ ‫خاص في إصدار القرار‪ ،‬أو كان الشكل الذي خولف جوهرياً‪.‬‬

‫الضوابط واالستثناءات التي تحكم عيب الشكل واإلجراءات‪99:‬‬ ‫ثانيا‬

‫القاعدة العامة في وجود وتحقق عيب من عيوب الشكل في قرار معين‪ ،‬هي‬
‫أن القرار يكون مشوبا ً بعيب مما يبطله‪ .‬وهذه القاعدة العامة ال تفرق بين شكل‬
‫وشكل أو إجراء وإجراء‪ ،‬فالمفروض احترام كل القواعد المتعلقة بالشكل المطلوب‬
‫إلصدار القرار‪ ،‬فمخالفة أي منها يجعله باطال‪.‬‬

‫والمفروض أن هذا العيب يؤدى في جميع األحوال إلى إلغاء القرار‪ ،‬ولكن‬
‫القضاء والعمل ال ينتهجان في الواقع العملي هذه القاعدة في جميع األحوال‪ ،‬فهناك‬

‫‪ 98‬د ‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪99‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪561‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء‬
‫اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 281‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 972‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ 99‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫ضوابط وحدود إللغاء القرار لهذا العيب بل واستثناءات على ذلك‪.‬‬

‫القضاء ال يلغى القرار المعيب بعيب الشكل في كل األحوال‪ ،‬وإنما يجرى‬


‫تمييزاً‪ ،‬ويرفض اإللغاء في حاالت معينة‪ ،‬رغم حقق وجود العيب‪ ،‬وتتمثل هذه‬
‫الضوابط واالستثناءات التي يضعها ويقرها فيما يلي‪- :‬‬

‫التمييز بين اإلجراء أو الشكل الجوهري واإلجراء أو الشكل الثانوي‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫إذا كانت كل اإلجراءات والشكليات الزمة وضرورية لسالمة وصحة القرار‬


‫من الناحية الظاهرية أو الخارجية‪ ،‬إال أنه يتعين اإللغاء في كل الحاالت التي يكون‬
‫هناك عيب في الشكل‪ ،‬ألن اللجوء بصفة مطلقة ودائمة إلى إلغاء كل التصرفات‬
‫اإلدارية المعيبة لمخالفة الشكل يؤدى إلى عرقلة إجراءات جهة اإلدارة خصوصا ً‬
‫متى كانت معقدة تعقيداً بال مسوغ له‪ ،‬ومن ثم فإنه يجب أن يكون النظر في األمر‬
‫بطريقة أكثر اعتداالً وتحقيقا ً لألغراض التي ُ‬
‫شرع من أجلها الشكل‪.‬‬

‫فالشكليات واإلجراءات ما وضعت إال لتحقيق غاية معينة‪ ،‬وحتى يمكن أن‬
‫يؤدى العيب الذي يشوبها إلى إلغاء القرار‪ ،‬يتعين أن يكون هذا العيب قد أثر على‬
‫القرار ذاته والغاية فيه‪ .‬فيجرى العمل والقضاء في فرنسا ومصر على التمييز بين‬
‫األشكال الجوهرية واألشكال غير الجوهرية الثانوية‪.‬‬

‫ومعيار التمييز بينها؛ هو مدى ارتباط مضمون القرار ومصيره والغاية منه‬
‫بها‪ ،‬أو مدى تأثيرها على هذا المضمون وهذا المصير وهذه الغاية‪.‬‬

‫فإذا كانت الشكليات واإلجراءات مرتبطة بمضمون القرار ومصيره والغاية‬


‫منه ومؤثره في هذه العناصر‪ ،‬بحيث أن عدم استيفائها أو عدم مراعاتها واحترامها‪،‬‬

‫‪136‬‬
‫يؤدى إلى تغيير هذا المضمون أو المصير‪ ،‬وعدم تحقيق الغاية منه كانت إجراءات‬
‫وشكليات جوهرية‪ .‬ومخالفة هذا النوع فقط التي تؤدى إلى إلغاء القرار‪.‬‬

‫ويضاف إلى ذلك النوع أيضا ً الشكليات واإلجراءات التي يفرضها القانون‬
‫بصفة األمر أو الوجوب‪ ،‬وكذلك تلك التي ينص صراحة على البطالن جزاء‬
‫تخلفها‪ ،‬أما تلك التي ال تفرض بشكل وجوبي أو ال ينص على أن البطالن هو جزاء‬
‫إغفالها فال تؤدى إلى اإللغاء‪.‬‬

‫وعلى النقيض من ذلك إذا كان عدم استيفاؤها أو عدم اتمامها أو عدم اتباعها‬
‫ال يؤثر على مضمون القرار ومصيره وال يغير منهما‪ ،‬وتحقق رغم ذلك الغاية من‬
‫ورائه‪ .‬كنا أمام إجراءات وشكليات غير جوهرية أو ثانوية أو تابعة‪ .‬ومخالفة هذا‬
‫النوع ال تؤدى إلى اإللغاء‪.‬‬

‫ويقوم القضاء بتحديد ما إذا كان الشكل أو اإلجراء المثار أمامه‪ ،‬شكالً أو‬
‫إجراء جوهريا ً أو غير جوهري حسب ظروف كل حالة‪.‬‬

‫تطبيقات ذلك‬

‫ا ُعتبر من قبيل اإلجراءات والشكليات الجوهرية التي تؤدى إلى اإللغاء‪ ،‬أخذ‬
‫رأى مجلس التأديب‪ ،‬وإجراء تحقيق مع الموظف قبل إصدار القرار بتوقيع جزاء‬
‫تأديبي عليه‪ ،‬وأيضا ً تسبيب القرار‪ ،‬وإنذار الموظف المنقطع عن العمل قبل إنهاء‬
‫خدمته‪.‬‬

‫ولم ُيعتبر من قبيل اإلجراءات والشكليات الجوهرية التي تؤدى إلى اإللغاء‬

‫إغفال نظر العامل الذي يؤدى عمله بمستوى دون المتوسط قبل وضع تقرير‬

‫‪137‬‬
‫الكفاية عنه‪ ،‬وعدم تشكيل لجنة تحكيم من عدد فردى طالما لم يفرض القانون‬
‫‪111‬‬ ‫الواجب التطبيق ذلك‪.‬‬

‫اإلجراءات والشكليات المقررة لمصلحة اإلدارة نفسها‪- :‬‬ ‫‪2‬‬

‫رأينا أن القضاء يقضى باإللغاء إذا كان عيب الشكل قد مس إجراء أو شكالً‬
‫مقرراً لمصلحة المواطنين وذوي الشأن خاصة إذا كان إجراء جوهريا‪.‬‬

‫أما بالنسبة للشكليات واإلجراءات المقررة فقط لمصلحة اإلدارة نفسها‬


‫ولوحدها‪ ،‬فإن القضاء ال يقضى باإللغاء في هذه الحالة‪.‬‬

‫تطبيقات ذلك‬

‫ومن تلك الشكليات واإلجراءات نقل العامل بناء على رغبته‪ ،‬إذا استجابت‬
‫اإلدارة إلى رغبته فال يجوز الزعم بأن النقل كانت تأباه اإلدارة‪ .‬ومنها أيضا عدم‬
‫إخطار الوزير المختص بواسطة النيابة قبل إجراء التحقيق مع الموظف‪.‬‬

‫فإن اإلخطار والحالة هذه يكون قد شرع لمصلحة اإلدارة وحدها تمكينا ً لها من‬
‫متابعة تصرفات العاملين فيها بما يحقق الصالح العام‪.‬‬

‫اإلجراءات والشكليات المستحيلة‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫إذا كانت القاعدة هي بطالن القرار الصادر وإلغائه إذا كان مشوبا ً بعيب في‬
‫الشكل إلغفاله أو لتجاهله إجراء أو شكالً جوهرياً‪ ،‬ولم يراعيه أو يحترمه‪ ،‬فإن‬

‫‪ 111‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪99‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪561‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء‬
‫اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 281‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 972‬وما بعدها‬

‫‪138‬‬
‫القضاء ال يلغى هذا القرار في هذه الحالة‪ ،‬إذا لم يكن بإمكانها إتمام الشكل أو‬
‫اإلجراء المطلوب‪.‬‬

‫ويتحقق هذا الفرض في حالة الظروف االستثنائية كظروف الحرب التي تحول‬
‫دون تحقيق الشكل أو اإلجراء كما ينص القانون‪ ،‬كما يتحقق في حالة القوة القاهرة‬
‫وهي عبارة عن حادث فجائي وغير متوقع وخارج عن إرادة اإلدارة‪ ،‬وال يمكن لها‬
‫دفعه‪.‬‬

‫تطبيقات ذلك‬

‫مثال ذلك عدم إتمام اإلجراء الخاص باستشارة هيئة معينة‪ ،‬وفق ما يقتضيه‬
‫القانون بسبب ترك أعضائها لقاعة الجلسات أو بسبب رفضهم إبداء الرأي في‬
‫الموضوع المطروح عليهم‪ ،‬أو بسبب وضعهم العقبات أمام السير الطبيعي للجلسة‬
‫أو بسبب إلغاء الهيئة نفسها‪.‬‬

‫ومثاله أيضا عدم اكتمال النصاب المطلوب الجتماع لجنة معينة‪ ،‬بسبب تكرار‬
‫تغيب أحد األعضاء الذي يكتمل به النصاب عمداً بقصد منع اللجنة من اتخاذ قرار‬
‫معين في الموضوع المعروض‪.‬‬

‫أو كانت االستحالة ترجع إلى خطأ الطاعن نفسه‪ ،‬كرفضه االطالع على ملف‬
‫قضية إحالته للتأديب‪ ،‬أو اإلدالء بأقواله وإبداء دفاعه أثناء التحقيق معه‪ ،‬ألنه يكون‬
‫قد فوت على نفسه فرصة سماع أقواله وتحقيق دفاعه رغم تمكين اإلدارة له لذلك‪.‬‬

‫فاستحالة إتمام اإلجراء أو الشكل ألي سبب‪ ،‬عدا إذا كان راجعا ً إلى خطأ‬
‫اإلدارة نفسها أو قصدها‪ ،‬ال يؤدى إلى اإللغاء واألمر متروك لتقدير القاضي‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫بالنسبة لتصحيح عيب الشكل وأثره‪:‬‬
‫ثالثا‬

‫يثور التساؤل حول ما إذا كان قبول صاحب الشأن لعيب الشكل أو اإلجراء أو‬
‫موافقته على القرار رغم علمه بالعيب الذي يشوبه‪ ،‬يؤدى إلى تصحيح العيب‬
‫ويحو بذلك دون إلغاءه؟ كما يثور التساؤل حول أثر التصحيح الالحق لعيب الشكل‬
‫على صحة القرار ودعوى اإللغاء الخاصة به‪.‬‬

‫أثر التصحيح الالحق لعيب الشكل‪- :‬‬

‫األصل أن العبرة في تقدير مدى صحة وسالمة القرار من حيث الشكل بوقت‬
‫صدوره‪ ،‬فإذا صدر صحيحا ً في هذا الوقت ظل صحيحاً‪ ،‬وإذا صدر معيبا ً كان‬
‫باطالً‪ ،‬وال يغير من ذلك محاولة اإلدارة تصحيح الشكل في وقت الحق‪ .‬ألن‬
‫التصحيح في هذه الحالة يتضمن رجعية للقرار‪ ،‬مما يتنافى مع مبدأ عدم الرجعية‪.‬‬

‫ومحاولة اإلدارة التصحيح في هذه الحالة‪ ،‬هو في حقيقة األمر إصدار لقرار‬
‫جديد‪ ،‬المفروض أال يرتب أثره من تاريخ صدور ال من تاريخ صدور القرار‬
‫المعيب‪.‬‬

‫ففي مصر فقد اعترف القضاء اإلداري بهذا األثر في بعض الحاالت كحالة‬
‫تدارك المحكمة التأديبية القصور الذي شاب التحقيق االبتدائي‪ ،‬أو إذا جاءت نتيجة‬
‫‪111‬‬ ‫التحليل مؤيدة للقرار الى صدر قبلها‪.‬‬

‫‪ 111‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫المطلب الثالث‬

‫عيب مخالفة القوانين واللوائح "عيب المحل"‬

‫لبيان مفهوم عيب مخالفة القانون واللوائح علينا التعرض إليه من خالل‬
‫العناصر التالية‪- :‬‬

‫‪112‬‬
‫مفهوم المحل‪- :‬‬ ‫أوال‬

‫المحل في القرار اإلداري هو األثر الذي يرتبه هذا القرار ويتمثل أثر القرار‬
‫التنظيمي في إنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانونى عام‪ .‬أما أثر القرار الفردي‬
‫فيتمثل في إنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانونى ذاتي‪.‬‬

‫فيقصد بعيب مخالفة القانون واللوائح " عيب المحل" أن يكون القرار اإلداري‬
‫معيبا ً في فحواه‪ ،‬أي‪ :‬محله أو موضوعه‪ .‬ومعناه أن يكون األثر القانوني المترتب على‬
‫القرار اإلداري غير جائز؛ أي‪ :‬مخالف للقانون أو غير ممكن تحقيقه فعالً أو قانوناً‪.‬‬

‫إذ يشترط لصحة أو مشروعية القرار‪ ،‬أن يكون محله‪ ،‬أي مضمون األثر‬
‫القانوني الذي أحدثه القرار حاالً ومباشر بمجرد صدوره وترتب عليه سواء بإنشاء‬
‫لمركز قانونى معين أو بتعديل أو إنهاء لمركز قانونى قائم‪ ،‬جائز وممكنا ً قانوناً‪.‬‬

‫فالسلطة اإلدارية عندما تريد أن ترتب أثراً قانونيا ً من خالل ما تصدره من‬
‫قرارات إدارية‪ ،‬عليها أن تلتزم جانب القواعد القانونية التي تصدر قراراتها‬
‫باالستناد إليها‪ ،‬فال تخالفها أو تخرج على حدودها‪.‬‬

‫‪ 112‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪99‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪561‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء‬
‫اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 281‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 972‬وما بعدها‬

‫‪141‬‬
‫الشروط الواجب توافرها في محل القرار اإلداري‪- :‬‬
‫ثانيا‬
‫حتى يكون القرار اإلداري صحيحا ً في محله يتعين أن يكون هذا المحل ممكنا ً‬
‫من جهة‪ ،‬وأن يكون جائزاً قانونا ً من جهة أخرى‪ ،‬ومن ثم يكون قرار اإلدارة‬
‫المفتقد ألي من هذين الشرطين معيبا ً في محله‪.‬‬

‫أن يكون محل القرار اإلداري ممكنا‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫ُيشترط في القرار اإلداري أن يكون محله والمتمثل في األثر الذي يحدثه‬


‫القرار ممكناً‪ ،‬فإذا استحال ترتيب أثر القرار اإلداري من الناحية القانونية أو من‬
‫الناحية الواقعية‪ ،‬كان مثل هذا القرار معيبا ً في محله‪.‬‬

‫وتتمثل االستحالة القانونية لمحل القرار في كون هذا المحل ال يمكن ترتيبه من‬
‫الناحية القانونية‪ ،‬وذلك كصدور قرار تعيين شخص ثم يتضح أن هذا التعيين قد تم‬
‫على درجة مالية مشغولة‪ ،‬فهذا القرار يكون معدوماً‪ ،‬حيث لم يصادف محالً‪،‬‬
‫النعدام المركز القانوني الذي كان يمكن أن يرد عليه التعيين‪.‬‬

‫ويشترط أيضا أن يكون محل القرار واضحا ومحددا‪ ،‬لذلك انتهت في هذا‬
‫الشأن إلى أن النقل أو الندب يشترط فيه أن يكون إلى وظيفة من نفس مستوى‬
‫وظيفة المنتدب أو المنقول‪ .‬فإذا لم ينطو القرار الصادر بالندب أو النقل على تحديد‬
‫وظيفة من ذا المستوى الوظيفي كان هذا القرار مخالفا ً للقانون مخالفة جسيمة‪،‬‬
‫النفصام محله إلى جزئيين‪ ،‬أحدهما منصوص عليه في القرار ويقضى بإبعاد‬
‫المنقول أو المنتدب عن وظيفته‪ ،‬والثاني مجهول وغير محدد وهو الوظيفة التي‬
‫كان يتعين النقل أو الندب إليها والتي لم يرد ذكرها بالقرار‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫كذلك يعد قرار فاقدا لمحله القرار الصادر بإيفاد المدعى في بعثة إلى الواليات‬
‫المتحدة األمريكية متى ثبت أن شروط االلتحاق بالجامعات األمريكية غير متوافرة‬
‫فيه‪ ،‬فمحل القرار وهو إيفاد المبعوث إلى الواليات المتحدة األمريكية من المستحيل‬
‫تنفيذه‪.‬‬

‫والقرارات التي يستحيل ترتيب أثارها القانونية أو الواقعية ُتعد بمثابة أعمال‬
‫إدارية تنحدر إلى درجة االنعدام‪ ،‬وتسري عليها أحكامه من حيث جواز سحبها في‬
‫أي وقت‪ ،‬مع جواز الطعن عليها أمام القضاء العادي دون تحصن بمدة معينة‪،‬‬
‫إضافة إلى عدم جواز تنفيذها جبرا حيث أنها ال تعتبر قرارات إدارية‪ ،‬وإنما تأخذ‬
‫حكم العدم الذي ال يرتب أي أثر قانونى قبل األفراد وال يؤثر في مراكزهم‬
‫‪113‬‬ ‫القانونية‪.‬‬

‫أن يكون محل القرار اإلداري جائزا‪- :‬‬


‫‪2‬‬

‫إضافة إلى اشتراط أن يكون محل القرار اإلداري ممكنا ً من الناحيتين القانونية‬
‫والواقعية‪ ،‬فإنه يشترط في هذا المحل أن يكون أيضا جائزاً في ظل األوضاع‬
‫القانونية القائمة‪.‬‬

‫فقرار اإلدارة الذي يتعارض محله مع القواعد القانونية السارية أو مع المبادئ‬


‫العامة للقانون هو قرار معيب في محله الستحالة تحقق هذا المحل قانونا‪ ،‬حيث أن‬
‫المحل في هذه الحالة يكون غير مشروع في ضوء القواعد القانونية النافذة عند‬
‫صدور القرار‪.‬‬

‫فإذا صدر قرار بمجازاة عامل بتأخير أقدميته في فئته كان هذا القرار معيبا ً‬
‫في محله ألن هذا األثر – تأخير األقدمية في الفئة ‪-‬مما ال يجوز ترتيبه كجزاء ما‬

‫‪ 113‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫دام المشرع لم يورده من بين الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين‬
‫بالدولة‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫حكم المحكمة اإلدارية العليا بإلغاء قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس‬
‫بجامعة األزهر فيما تضمنه من مجازاة أحد أعضاء هيئة التدريس بعقوبة اللوم مع‬
‫تأخير أول عالوة دورية مستحقة لمدة عامين‪ .‬وأسست المحكمة حكمها على أن‬
‫المقصود بتأخير العالوة المستحقة لعضو هيئة التدريس المحال لمجلس التأديب‬
‫والمنصوص عليها بالمادة ‪ 72‬من القانون رقم ‪ 113‬لسنة ‪ 1961‬بشأن إعادة تنظيم‬
‫األزهر‪ ،‬أن يكون هذا التأخير لفترة واحدة وليس لمدة عامين كما أشار القرار‬
‫المطعون فيه‪ ،‬وانتهت المحكمة إلى مخالفة قرار التأديب للقانون حيث ابتدع عقوبة‬
‫غير مقررة تشريعيا ً‪ ،‬ومن ثم يتعين تعديل قرار مجلس التأديب المطعون فيه ومجازاة‬
‫الطاعن بعقوبة اللوم مع تأخير العالوة الدورية المستحقة لفترة واحدة سنة واحدة‪.‬‬

‫المقصود بالقانون‪- :‬‬ ‫ثالثا‬

‫ذكرنا أن عيب المحل هو عيب مخالفة القانون‪ ،‬أي أن يكون األثر الذي يرتبه‬
‫القرار اإلداري يجب أن يكون متوافقا ً مع القانون‪.‬‬

‫وال تعنى كلمة القانون الذي تؤدى مخالفة القرار اإلداري له إلى وقوع عيب‬
‫المحل‪ ،‬القوانين التي تسنها السلطة التشريعية فحسب‪ ،‬بل ينصرف ذلك المعنى‬
‫ويجرى أثره ليشمل أية قاعدة قانونية كون اإلدارة ملزمة بها أيا كان مصدرها‪.‬‬

‫ومن ثم يكون القرار اإلداري معيبا ً في محله‪ ،‬متى تعارض هذا المحل مع‬
‫قاعدة قانونية‪ ،‬ويستوي األمر في هذا الشأن بين ما إذا كانت تلك القاعدة القانونية‬

‫‪144‬‬
‫مكتوبة أو غير مكتوبة‪ ،‬فالعبرة في تقرير االلتزام بالقاعدة القانونية تكون‬
‫بمضمون القاعدة وليس بشكلها‪.‬‬

‫وينبغي أن تتوافق قرارات اإلدارة مع نصوص القواعد القانونية المكتوبة‪،‬‬


‫سواء تمثل مصدرها في دستور أو قانون عادى أو الئحة أو تعليمات تنظيمية‪ .‬وإذا‬
‫كانت اإلدارة ملزمة باحترام القواعد القانونية المكتوبة فيما تصدره من قرارات‬
‫إدارية‪ ،‬فإنها ملزمة أيضا وبنفس الدرجة باحترام القواعد القانونية غير المكتوبة‪،‬‬
‫والتي تجد مصدرها في العرف اإلداري أو المبادئ العامة للقانون‪ ،‬أو أحكام‬
‫القضاء المتمتعة بقوة األمر المقضي أو العقود اإلدارية‪ .‬وأخيراً القرارات اإلدارية‬
‫‪114‬‬
‫السابقة‪ ،‬بحيث إذا خالف القرار أيا ً منها فإن مصيره هو اإللغاء لمخالفته للقانون‪.‬‬

‫صور مخالفة القانون‪- :‬‬

‫قد تقع مخالفة القرار اإلداري للقانون بصورة مباشرة‪ ،‬بأن تعمد اإلدارة إلى‬
‫إهدار إحدى القواعد القانونية‪ ،‬إال أن تلك المخالفة قد تتم أيضا بشكل غير مباشر‪،‬‬
‫كما لو أخطأت اإلدارة في تفسير القاعدة القانونية أو طبقتها على الوقائع تطبيقا ً‬
‫خاطئاً‪.‬‬

‫وبالتالي يمكن القول بأن صور مخالفة القرار اإلداري للقانون تتمثل في‬
‫‪115‬‬‫الحاالت األتية‪- :‬‬

‫المخالفة المباشرة للقانون‪- :‬‬


‫أ‬
‫قد تكون مخالفة اإلدارة للقانون صريحة ومباشرة‪ ،‬وتأخذ المخالفة في هذه‬

‫‪ 114‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪99‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪561‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء‬
‫اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 281‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 972‬وما بعدها‬
‫‪ 115‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫الحالة صورتين‪ :‬األولى إيجابية بأن تعمد اإلدارة إلى إصدار قرار يتعارض‬
‫مع القانون بمعناه الواسع‪ .‬والثانية سلبية كأن تمتنع اإلدارة عن القيام بعمل يستلزمه‬
‫القانون‪.‬‬

‫‪ ‬المخالفة اإليجابية للقاعدة القانونية‪- :‬‬

‫تقع مخالفة اإلدارة اإليجابية للقاعدة القانونية‪ ،‬إذا ما خالف قرارها حكم تلك‬
‫القاعدة؛ حيث ُيعد ذلك بمثابة خروج على مبدأ تدرج القواعد القانونية‪ .‬الذي يوجب‬
‫احترام القرار اإلداري للقاعدة القانونية األعلى منه‪.‬‬

‫ويكون مثل هذا القرار باطالً يستوي األمر في ذلك أن تكون القاعدة القانونية‬
‫التي خالفها وردت في صورة مكتوبة كنص دستوري أو قانون عادى أو الئحة‪ .‬أو‬
‫كانت غير مكتوبة كعرف إداري أو أحد مبادئ القانون العامة‪ .‬فالعبرة في الحكم‬
‫على مشروعية القرار يكون بالنظر إلى المضمون الملزم للقاعدة القانونية‪ .‬وال‬
‫أهمية للشكل الذي ترد فيه تلك القاعدة‪ .‬كذلك يقع باطال قرار اإلدارة الذي يخالف‬
‫نصا قانونيا أو الئحيا‬

‫مثال ذلك‬
‫ما قضت به المحكمة اإلدارية العليا بإلغاء قرار كلية طب القاهرة برفض قبول‬
‫طالب حاصل على بكالوريوس العلوم شعبة التشريح بتقدير جيد بالسنة الثالثة بها‪،‬‬
‫على الرغم من قبول أقرانه الحاصلين على نفس التقدير‪ ،‬حيث اعتبرت المحكمة‬
‫اإلدارية العليا أن في ذلك إخالل بمبدأ دستوري هو مبدأ المساواة‪.‬‬

‫ما قضت المحكمة اإلدارية العليا بإلغاء قرار اإلدارة بإنهاء خدمة ضابط‬
‫لالنقطاع عن العمل‪ ،‬في حين أنه كان محاالً لمجلس تأديب حيث اعتبرت أن القرار‬

‫‪146‬‬
‫مخالف للقانون‪ .‬ومثال ذلك قرار ترقية الموظف دون استكمال للمدة المقررة كحد‬
‫أدنى للترقية هو قرار مخالف للقانون‪.‬‬

‫‪ ‬المخالفة السلبية للقاعدة القانونية‪- :‬‬

‫تتجسد مخالفة اإلدارة للقانون في هذه الحالة‪ ،‬إذا امتنعت عن تطبيق القانون أو‬
‫رفضت تنفيذ أكامه‪ .‬كما لو امتنعت عن منح المدعى رخصة بالرغم من استيفائه‬
‫شروط استخراجها‪.‬‬

‫وال يؤثر في قيام عيب المحل أن تكون المخالفة المباشرة للقانون قد وقعت في‬
‫صورة إيجابية أو سلبية‪ ،‬فالنتيجة في الحالتين واحدة وهي بطالن القرار اإلداري‪.‬‬

‫وإثبات المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية أمراً يسير‪ ،‬فما على طالب اإللغاء‬
‫هنا إال أن يثبت قيام القاعدة القانونية التي يستند إليها‪ ،‬وأن اإلدارة قد تجاهلت هذه‬
‫القاعدة كليا ً أو جزئيا ً فأتت عمالً تحرمه تلك القاعدة‪ ،‬أو امتنعت عن القيام بعمل‬
‫توجبه‪.‬‬

‫إال أن هذا اإلثبات قد تعتريه بعض الصعوبات‪ ،‬إذا كانت القاعدة القانونية‬
‫المدعى مخالفة القرار لها قاعدة غير مكتوبة‪ ،‬وهنا يبرز دور القاضي اإلداري‬
‫اإليجابي في اإلثبات‪ ،‬والذي يكون له بالغ األثر في تيسير مهمة المدعى في‬
‫‪116‬‬ ‫االضطالع بعبء اإلثبات الملقى على كاهله‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫الخطأ في تفسير القاعدة القانونية‪- :‬‬ ‫ب‬
‫تقوم اإلدارة بتفسير القواعد القانونية‪ ،‬وذلك تحت رقابة القضاء‪ ،‬فإن أخطأت‬

‫‪ 116‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪99‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪561‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء‬
‫اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 281‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 972‬وما بعدها‬
‫‪ 117‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫في تفسير القاعدة‪ ،‬فإن هذا الخطأ يشكل مخالفة تدخل في عيب مخالفة القانون‪.‬‬

‫ويحدد القاضي بمناسبة رقابة المشروعية المعنى الصحيح للقاعدة القانونية‬


‫سواء تعلق األمر بقواعد القانون الداخلي أو بالمعاهدات التي تكون الدولة طرفا ً‬
‫فيها‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬فإن القاضي ال يتقيد بتفسير المعاهدة الذي تعطيه وزارة الخارجية‪،‬‬
‫فله أن يستبعد هذا التفسير إذا كان خاطئا‪.‬‬

‫وتلتزم اإلدارة بتفسير القانون على نحو معين في حالتين هما‪- :‬‬

‫‪ ‬أما الحالة األولى‪- :‬فهي أن يصدر عن المشرع تشريع تفسيري‪ ،‬أو‬


‫أن يصدر عن المحكمة الدستورية العليا تفسير تشريعي‪.‬‬
‫‪ ‬أما الحالة الثانية‪- :‬فهي أن تفسر المحكمة الدستورية العليا النص‬
‫التشريعي الخاضع لرقابة الدستورية‪ ،‬وتقرر المحكمة عدم مخالفة هذا النص‬
‫للدستور مع مراعاة التفسير الذي قررته لهذا النص‪ ،‬وهذا المنهج ُسمى بتقرير‬
‫الدستورية مع تحفظ في التفسير‪.‬‬

‫وأكدت المحكمة اإلدارية العليا على ضرورة التزام اإلدارة بالمبادئ العامة‬
‫لتفسير النصوص التشريعية؛ ومنها التشريع الالحق ينسخ التشريع السابق‪ ،‬وأن‬
‫النسخ قد يكون صريحا ً أو ضمنياً‪ ،‬ومن بين أساليب النسخ الضمني إعادة تنظيم‬
‫الموضوع قواعد تشريعية أو تنظيمية جديدة تسري بأثر مباشر على المراكز‬
‫القانونية العامة القائمة‪.‬‬

‫كما أن على اإلدارة وهي بصدد التعرف على أغراض التشريع‪ ،‬أن تبحث‬
‫عنها أوالً في نصوص هذا التشريع‪ ،‬قبل التماسها في األعمال التحضيرية‪ ،‬وال‬
‫يجوز اللجوء إلى األعمال التحضيرية ومنها المذكرة اإليضاحية‪ ،‬إال عند غموض‬

‫‪148‬‬
‫النص أو وجود لبس فيه‪ ،‬أما إذا كان النص واضحا ً صريحا ً مطلقا ً‪ ،‬فال سبيل إلى‬
‫تخصيصه‪ ،‬وتقييد إطالقه بالرجوع إلى المذكرة اإليضاحية‪.‬‬

‫واإلدارة ملزمة بتفسير النص القانوني الصادر من القضاء اإلداري وعلى‬


‫رأسه المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬حتى ولو كان هذا التفسير يخالف حرفية النص‪.‬‬

‫وعلى اإلدارة وهي بصدد تفسير النص القانوني احترام القواعد العامة في‬
‫التفسير السابق ذكرها‪ ،‬فإذا ارتكبت اإلدارة أيا ً من تلك األخطاء فإنها تكون قد‬
‫أخطأت في تفسير القاعدة القانونية‪ ،‬مما سيؤدى إلى إعطائها معنا ً يغاير الذي قصده‬
‫المشرع بها‪ ،‬ويترتب على ذلك أن كل قرار تصدره اإلدارة استنادا إلى هذا التفسير‬
‫الخاطئ‪ ،‬سوف يكون مشوبا ً بعيب مخالفة القانون‪.‬‬

‫ويندرج في معنى الخطأ في التفسير الحاالت التي تحاول اإلدارة فيها بالخطأ‬
‫أن تمد نطاق القاعدة القانونية‪ ،‬فتسحبها إلى حاالت ال تشملها‪ ،‬كأن تضيف عقوبات‬
‫تأديبية جديدة إلى ما سبق أن حدده المشرع بمناسبة جرائم تأديبية معينة‪ ،‬أو تضيف‬
‫شروطا ً جديدة لم يقررها المشرع في شأن الحصول على ترخيص ما‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫ما قضت به المحكمة اإلدارية العليا بإلغاء قرار تخفيض أجر المدعى إلى‬
‫القدر الذي كان عليه عند بدأ تعيينه‪ ،‬حيث انتهت إلى أن قرار الجزاء يخرج عن‬
‫نطاق الجزاءات التأديبية التي قررها المشرع‪ ،‬تأسيسا ً على أن عقوبة تخفيض‬
‫األجر المقصود بها تخفيض األجر الذي كان يتقاضاه الموظف قبل الترقية مباشرة‪،‬‬
‫أي ان التخفيض يكون في حدود عالوة‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫‪118‬‬‫الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية على الوقائع‪- :‬‬ ‫ج‬
‫يقع خطأ اإلدارة في تطبيق القانون‪ ،‬عندما تصدر قرارا ال يستند إلى وقائع‬
‫مادية‪ ،‬أو عند توافر تلك الوقائع دون أن تكون مستوفاة للشروط القانونية التي‬
‫يتطلبها المشرع‪.‬‬

‫ومن ثم فإن اإلدارة خاضعة لرقابة القضاء اإلدارة حال تطبيقها للقواعد‬
‫القانونية للتحقق من الوجود المادي للوقائع‪ ،‬وللتأكد من أن هذه الوقائع كافية‬
‫لتبرير إصدار القرار اإلداري‪.‬‬

‫رقابة القضاء على الوجود المادي للوقائع‪- :‬‬

‫تنصب رقابة القضاء على اإلدارة في هذه الحالة على التحقق من إنها قد‬
‫استندت في إصدار قرارها إلى وقائع موجودة من الناحية المادية وصحيحة من‬
‫الناحية القانونية‪ .‬فإذا انعدمت تلك الوقائع فإن القرار اإلداري يكون مخالفا‬
‫للقانون‪ ،‬ويقع باطالً الفتقاده األساس القانوني الذي كان يتعين أن يستند إليه‪.‬‬

‫ويراقب القاضي اإلداري صحة الوقائع المادية التي صدر على أساسها‬
‫القرار‪ ،‬في ضوء القواعد القانونية السارية وقت صدوره‪ ،‬حيث أن العبرة في الحكم‬
‫على مشروعية تلك التصرفات القانونية ومنها القرارات اإلدارية تكون بالوقت الذي‬
‫صدرت فيه‪.‬‬

‫ومن أمثلة قرارات اإلدارة التي يقضى بإلغائها لعدم استنادها إلى وقائع‬
‫مادية‪ ،‬قرار إنهاء خدمة موظف لتقدمه باستقالته من وظيفته‪ ،‬في حين أنه لم يتقدم‬

‫‪ 118‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪99‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪،‬‬
‫قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪561‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها؛ د‪.‬‬
‫محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 281‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪ 972‬وما بعدها‬

‫‪151‬‬
‫بها‪ ،‬فمثل هذا القرار يكون باطالً لمخالفته للقانون‪ ،‬حيث لم تتحقق الواقعة الواجب‬
‫توافرها لتطبيق القانون وهي االستقالة‪.‬‬

‫رقابة القضاء لمدى تبرير الوقائع إلصدار القرار اإلداري‪- :‬‬

‫ال يكفي إلقرار مشروعية قرار إداري من جهة مطابقته للقانون‪ ،‬أن تستند‬
‫اإلدارة في إصداره إلى وقائع مادية‪ ،‬بل يجب أن تستوفى تلك الوقائع الشروط التي‬
‫يتطلبها القانون لتكون مبررا التخاذ القرار‪.‬‬

‫فإذا نسبت اإلدارة للموظف أفعاالً معينة‪ ،‬وعاقبت على ارتكابه لها‪ ،‬فال يكفي‬
‫لصحة قرار الجزاء أن يكون الموظف قد اقترف ما نسب إليه فحسب‪ ،‬بل يجب أن‬
‫يشكل ما ارتكبه جريمة تأديبية تستوجب العقاب‪.‬‬

‫وللقضاء اإلداري سلطة رقابة على الوقائع ليتحقق من قيامها مستوفاة‬


‫لشروطها المقررة حتى يتوصل إلى الحكم على القرار بأنه غير مشروع ويلغيه‪،‬‬
‫أو يرفض الدعوى بسبب صحة القرار على حسب األحوال‪ ،‬فليس صحيحا ً ما يقال‬
‫من حرمان القاضي اإلدارة من حق تقدير الوقائع بحجة أنه قاض قانون‪ ،‬ألنه ال‬
‫شك في سلطة القضاء في فحص الوقائع بالقدر الذي يمكنه من الحكم على مدى‬
‫‪119‬‬
‫سالمة تطبيق القانون عليها‪.‬‬

‫تحول القرار اإلداري المشوب المعيب بعيب المحل‪- :‬‬ ‫رابعا‬

‫يُقصد بتحول القرار اإلداري المعيب في محله من قرار غير مشروع إلى قرار‬
‫مشروع‪ ،‬إذا انطوى مضمونه على عناصر قرار صحيح‪ ،‬وليس للتحول أثر‬
‫ُمنشئ‪ ،‬فال يترتب عليه صدور قرار جديد‪ ،‬بل يقتصر أثره على التقرير‬

‫‪ 119‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫والكشف عن قرار صحيح تحمله طيات القرار الباطل‪ ،‬وبذلك يكون للتحول‬
‫أثر رجعى ينسلخ إلى الوقت الذي صدر فيه القرار األول الباطل‪.‬‬

‫الشروط الواجب توافرها لتحول القرار اإلداري‪- :‬‬

‫إلعمال نظرية التحول في القرار اإلداري يتعين توافر الشروط األتية‪- :‬‬

‫‪ ‬صدور قرار إداري معيب في محله‪ ،‬أي أن األثر القانوني الذي يرتبه‬
‫هذا القرار ال يكون جائزاً أو ممكنا ً قانوناً‪.‬‬
‫‪ ‬أن يحمل هذا القرار منذ مولده عناصر قرار أخر صحيح في أثره‪.‬‬
‫‪ ‬أن تكشف الظروف عن اتجاه نية اإلدارة منذ البداية إلى إصدار‬
‫القرار الصحيح الخفي‪.‬‬

‫تغطية عيب المحل‪- :‬‬


‫خامسا‬

‫من المسلم به أنه ال يجوز تغطية عيب مخالفة القانون إال في حالة واحدة‪،‬‬
‫وهي حالة الظروف االستثنائية‪ ،‬إذ يمكن للوائح الضرورة أن تعدل أو تلغى‬
‫التشريعات الصادرة عن البرلمان‪ ،‬كما أن القرارات الفردية المخالفة لتلك‬
‫التشريعات تكون صحيحة إذا توفرت شروط الظروف االستثنائية‪ .‬غير أن فكرة‬
‫الظروف االستثنائية ال يسوغ مخالفة الدستور أو وقف العمل به‪ ،‬ألن إعمال هذه‬
‫‪111‬‬
‫الفكرة إنما يتم وفقا ً للدستور وليس بالخروج على أحكامه‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫المطلب الرابع‬

‫عيب الغاية أو انحراف السلطة‬

‫من المعلوم أن ركن الغاية من القرار اإلداري هي أحد أركان القرار اإلداري‬
‫األساسية‪ ،‬ويقصد بالغاية النتيجة النهائية التي تسعى اإلدارة إلى تحقيقها من وراء‬
‫إصدار القرار اإلداري أال وهي تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫ويعتبر القرار اإلداري معيبا ً بعيب استعمال السلطة إذا كان يستهدف غرضا ً‬
‫غير الغرض الذي من أجله ُمنحت اإلدارة سلطة إصداره‪ ،‬ذلك أن القانون إنما‬
‫يمنح اإلدارة سلطات معينة بقصد تحقيق أغراض أو أهداف معينة‪ ،‬فاألعمال‬
‫اإلدارية لها هدف خاص قد يستفاد من نص القانون الصريح‪ ،‬أو يستدل عليه‬
‫القاضي من قرائن األحوال‪ ،‬أو يستنتج من طبيعة السلطة أو االختصاص المعترف‬
‫به لإلدارة‪ ،‬وإلى جانب هذا الهدف الخاص يوجد هدف عام تشترك فيه جميع‬
‫األعمال اإلدارية‪ ،‬ويبرر جميع االختصاصات التي تزاولها اإلدارة‪ ،‬وهو تحقيق‬
‫الصالح العام‪.‬‬

‫فإذا باشرت اإلدارة السلطة الممنوحة لها لتحقيق غرض غير الغرض الذي‬
‫قصده المشرع‪ ،‬تعتبر أنها انحرفت بالسلطة عن هذا الغرض‪ ،‬وقد يكون االنحراف‬
‫عن الهدف الخاص أو الهدف العام أو كليهما‪.‬‬

‫فعيب إساءة استعمال السلطة أو االنحراف بها يتعلق بالغاية التي تسعى اإلدارة‬
‫لتحقيقها من وراء القرار الصادر‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫فالقوانين والقواعد تمنح اإلدارة سلطات معينة تمكنها من القيام باألعباء‬
‫الملقاة على عاتقها‪ ،‬والمهام المنوطة بها‪ ،‬وتحقيق الغايات واألهداف المنتظرة منها‬
‫من وراء ذلك‪.‬‬

‫والمفروض أن اإلدارة تلتزم عند استعمالها لهذه السلطات بالغايات واألهداف‬


‫الموضوعة لها‪ ،‬أو المنتظرة منها من وراء استخدامها‪.‬‬

‫فهذه السلطات لم ُتمنح لها الستخدامها كما تريد أو كما يروق لها‪ ،‬أو لتحقيق‬
‫ما ترغب ممن غايات‪ ،‬فإذا حادت أو انحرفت عن هذه األهداف‪ ،‬أو سعت إلى‬
‫تحقيق غايات غير المطلوبة أو المنتظرة منها شاب تصرفها وقراراها عيب إساءة‬
‫استعمال السلطة‪ ،‬أو االنحراف في استعمالها مما قد يبطله ويفتح الطريق أما الطعن‬
‫فيه باإللغاء‪ ،‬مما قد يؤدى إلى اإللغاء بالفعل لهذا السبب‪.‬‬

‫فعيب إساءة استعمال السلطة هو عبارة عن انحراف اإلدارة عند استخدامها‬


‫للسلطات الممنوحة والمخولة لها عن األهداف والغايات التي من أجلها مُنحت‬
‫‪111‬‬ ‫و ُخولت هذه السلطات‪.‬‬

‫‪112-‬‬ ‫أوجه االنحراف بالسلطة‪:‬‬


‫أوال‬

‫يظهر عيب انحراف السلطة في صورتين‪- :‬‬

‫األهداف التي تخالف المصلحة العامة‪- :‬‬ ‫‪1‬‬

‫من المفترض أن استعمال اإلدارة للسلطات المخولة لها يكون في حدود‬


‫المصلحة العامة وال يخرج عنها‪ .‬والخروج عن هذه الحدود يمثل انحرافا ً أو إساءة‬

‫‪ 111‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪215‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪561‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪،‬‬
‫قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 281‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 972‬وما بعدها‬
‫‪ 112‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫استعمال السلطة‪ ،‬ويتحقق هذا الفرض عندما تسعى اإلدارة من وراء قرارها أو‬
‫استخدامها للسلطة الممنوحة لها‪ ،‬إلى تحقيق هدف أو غرض خاص‪ ،‬أيا كان نوعه‬
‫أو ماهيته أو مضمونه أو صورته أو شكله‪.‬‬

‫ويمكن أن نبرز الصور األتية للمصلحة الخاصة التي قد تسعى اإلدارة‬


‫إلى تحقيقها من وراء قرارها واستخدامها لسلطتها‪.‬‬

‫تحقيق غرض شخصي‪- :‬‬ ‫أ‬

‫قد تخالف اإلدارة السلطات المخولة لها وتستخدم تلك السلطات في تحقيق‬
‫غرض شخصي‪ ،‬ويتخذ الغرض الشخصي عدة صور‪ ،‬فقد يكون بقصد االنتقام‪ ،‬أو‬
‫بقصد تحقيق نفع شخصي لمصدر القرار أو لغيره‪.‬‬

‫‪ ‬غرض االنتقام‪- :‬‬

‫وهو أشهر أشكال إساءة استعمال السلطة‪.‬‬

‫مثال ذلك فصل أحد األشخاص لوجود ضغائن شخصية‪ .‬أو صدور عدة‬
‫جزاءات بقصد التنكيل به‪.‬‬

‫‪ ‬تحقيق نفع شخصي‪:‬‬

‫يُساء استخدام السلطات الممنوحة لإلدارة في أحيان كثيرة‪ ،‬وتوجه إلى‬


‫الحصول على فائدة شخصية أو نفع شخصي لمصدر القرار أو غيره‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫ومن تطبيقات ذلك‪ :‬إصدار قرار بإنشاء مدرسة ليعين شخص محدد إلدارتها‪،‬‬
‫أو نقل موظف وإحالل أخر محله بغرض ترقية األخر‪.‬‬

‫ب تحقيق غرض سياسي أو طائفي أو حزبي‪- :‬‬

‫قد تستخدم اإلدارة السلطة المخولة لها وتصدر قرارات معينة‪ ،‬تهدف من‬
‫ورائها لتحقيق أراض سياسية أو طائفية أو حزبية‪.‬‬

‫ومن أمثلة هذه القرارات صدور قرار من مجلس المحافظة بمنح إعانة‬
‫بغرض سياسى‪ ،‬وصدور قرار بتعيين أحد األفراد في إحدى الوظائف ألغراض‬
‫سياسية‪ ،‬وفصل موظف ألغراض سياسية‪.‬‬

‫ج استخدام السلطة لتحقيق غرض عام غير المفروض تحقيقه‪- :‬‬


‫‪113‬‬

‫هناك مبدأ معروف في نطاق القانون اإلداري‪ ،‬هو مبدأ تخصيص األهداف‪،‬‬
‫بمعنى أن كل سلطة ولكل امتياز تتمتع به اإلدارة هدف عام محدد‪ ،‬يتعين أن تسعى‬
‫لتحقيقه من وراء استخدام هذه السلطة أو هذا االمتياز‪ .‬فإذا خالفت ذلك ولم تلتزم‬
‫به‪ ،‬ارتكبت إساءة الستعمال السلطة‪ ،‬حتى ولو كان الغرض األخر هو غرض عام‬
‫أيضاً‪ ،‬فال يكفي إذن أن يكون الغرض الذي تسعى اإلدارة وراء تحقيقه‪ ،‬أو الذي‬
‫حققته فعال من استخدام امتياز معين‪ ،‬أو سلطة معينة من سلطاتها‪ ،‬غرضا عاما‪،‬‬
‫وإنما يجب أن يكون هو نفسه الغرض العام الذي من أجله مُنحت هذه لسلطة أو هذا‬
‫االمتياز بالذات‪.‬‬

‫وهذا يفترض المشرع قد حدد لإلدارة الغرض الذي يتعين عليها تحقيقه‪ ،‬من‬
‫وراء استخدام امتياز معين أو سلطة معينة أو إصدار قرار مين‪.‬‬

‫‪ 113‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫مثال ذلك‬

‫ما نص عليه القانون من ضرورة وقف العامل عن عمله احتياطيا ً إذا اقتضت‬
‫مصلحة التحقيق معه ذلك‪ ،...‬فالوقف االحتياطي مقرر هنا لمصلحة التحقيق‪ ،‬فإذا لم‬
‫تقتض هذه المصلحة الوقف‪ ،‬فال يجوز وقف العامل احتياطيا لسبب أخر‪ ،‬كفقده‬
‫شرط اللياقة الطبية مثالً‪.‬‬

‫فعندما يوجد مثل هذا التحديد‪ ،‬يتعين على اإلدارة أن تتقيد به‪ ،‬وال تسعى من‬
‫وراء قرارها لتحقيق هدف أخر‪.‬‬

‫أما إذا لم يحدد المشرع مثل هذا الغرض صراحة‪ ،‬فإن القاضي يستخلصه من‬
‫خالل القواعد المعمول به‪ ،‬والواجبة التطبيق على الحالة المعروضة عليه‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫صدور قرار من المحافظ بترخيص ألحد األطباء بممارسة مهنة الصيدلة‪،‬‬


‫ليس التغلب على عدم وجود صيدلي في المنطقة‪ ،‬ولكن لجعل هذا الطبيب في‬
‫منطقة يرفض األطباء االستقرار فيها‪.‬‬

‫وكذلك مثال رفض إحدى إدارات المرور تسليم ترخيص سيارة ألحد األفراد‬
‫رغم استيفائه لكل الشروط الخاصة بذلك‪ ،‬بغرض تمكين جهات أو مصالح حكومية‬
‫أخرى من الحصول على رسوم أو مبالغ مستحقة لها قبل صاحب الترخيص‪.‬‬

‫بالنسبة لألغراض المالية‪- :‬‬ ‫د‬


‫يثور التساؤل حول ما إذا كن سعى اإلدارة وراء زيادة مواردها المالية‪ ،‬أو‬

‫‪157‬‬
‫تحقيق غرض مالي من وراء قرارتها‪ ،‬يُعد من قبيل إساءة استعمال السلطة‬
‫واالنحراف عن الغاية الموضوعة لها؟‬

‫فاستقر القضاء على أنه إذا كانت الغاية التي تسع إلى تحقيقها اإلدارة من‬
‫وراء القرار الذي تتخذه‪ ،‬هي مجرد زيادة مواردها المالية أو تحقيق هدف مالي‬
‫فقط‪ ،‬فإن القرار يكون مشوبا ً بإساءة استعمال السلطة إذا لم يكن مخصصا ً له أصالً‬
‫هذا الهدف‪ ،‬أما إذا اقترنت هذه الغاية بغاية عامة أخرى فال يكون هناك إساءة‬
‫استعمال السلطة أو انحراف عن الهدف المخصص لها‪.‬‬

‫مثال ذلك‬
‫ومن تطبيقات ذلك إلغاء قرار صادر من إحدى المحليات بمنع السير شتاء‬
‫على إحدى الطرق الفرعية ألنه تتكبد تكاليف ترميم أرضية الطريق‪ .‬فمنع السير‬
‫يكون بغرض األمن العام أو سالمة المار وليس بغرض مالي‪.‬‬

‫ومثال ذلك إلغاء قرار صادر برفض الترخيص بفتح دار سينما لرغبة اإلدارة‬
‫في الحصول على األرض التي أقيمت عليها خالية‪ ،‬فتحصل عليها بثمن بخث‪.‬‬

‫أما إذا كان الغرض من القرار هدف أخر إلى جانب الهدف المالي؛ فإن‬
‫القاضي ال يلغى مثل هذا القرار لمجرد أنه سعى إلى تحقيق هدف مالي إلى جانب‬
‫الهدف األخر‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك لم يلغ قرار بمنع سير سيارات النقل الثقيلة في شارع معين‪،‬‬
‫لتخفيف األعباء على ميزانية المدينة إلى جانب تحقيق انسيابية السير في الطريق‪.‬‬
‫وال قرار طرح عملية نقل في المزايدة للحصول على موارد تستخدم في الصيانة‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫فقد اعترف القضاء لإلدارة حقها في الحصول على موارد مالية وزيادتها في‬
‫حدود ما يسمح به القانون‪ ،‬وذلك للصرف على المرافق العامة والخدمات العامة‪.‬‬

‫‪ ‬فالقاعدة التي تحكم الغاية أو الهدف بالنسبة لإلدارة هي كاالتي‪- :‬‬

‫إذا حدد المشرع لها هدفا ً محدداً‪ ،‬فعليها أن تسعى إلى تحقيق هذا الهدف بالذات‬
‫من وراء قرارها‪ ،‬فإذا سعت إلى تحقيق هدف أخر فإنها تكون قد أساءت استعمال‬
‫السلطة الممنوحة لها‪ ،‬حتى ولو كان الهدف األخر هو هدف عام أخر‪ ،‬ويصبح‬
‫قرارها مشوبا ً بهذا العيب مما يبطله ويجيز إلغاؤه‪.‬‬

‫وإذا لم يحدد لها المشرع هدفا ً معينا ً فعليها دائما أن تستهدف من وراء‬
‫قرارها تحقيق الصالح العام‪ ،‬فال يجوز إطالقا ً أن تسعى اإلدارة إلى تحقيق مصلحة‬
‫شخصية أو خاصة من وراء القرارات التي تتخذها فهذه سلطة مخولة لها القانون‬
‫لتستعملها بهدف تحقيق الصالح العام‪ ،‬الذي هو الغاية العامة من وراء جميع‬
‫القرارات اإلدارية‪.‬‬

‫إثبات إساءة استعمال السلطة‪- :‬‬ ‫ثانيا‬

‫يتعلق عيب إساءة استعمال السلطة بعنصر الغاية في القرار اإلداري‪ ،‬وهذه‬
‫توجد في نية اإلدارة نفسها‪ ،‬فهو إذن عيب يتصل بالنوايا‪ ،‬وهذا ما يؤدى إلى‬
‫صعوبة إثباته‪ ،‬ألنه ال يقتصر على مجرد مطابقة القرار على تفتضيه القواعد‪ ،‬وإنما‬
‫يفترض إجراء بحث في نوايا اإلدارة لحظة اتخاذها القرار‪ .‬فعلى الطاعن أن يقدم‬
‫قرائن جادة بشكل كاف على عدم مشروعية الهدف الذي سعت إلى تحقيقه اإلدارة‬
‫من خالل القرار الذي اتخذته‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫ويستعمل مجلس الدولة كل الوسائل الممكنة لتحليل واالستنتاج واالستخراج‬
‫واالستنباط للتعرف على هذه النية‪ ،‬مستعينا ً بما يقدمه الطاعن من دالئل أو قرائن‬
‫تساعد في استنباطاها‪.‬‬

‫وأهم هذه الوسائل‪ :‬نص القرار المطعون فيه ومضمونه والمناقشات التي‬
‫تدور داخل المجالس التي لها سلطة إصدار القرار‪ ،‬والمراسالت السابقة والالحقة‬
‫التخاذ القرار أو تنفيذه‪ ،‬والتوجيهات الصادرة من الرؤساء وطلب اإليضاحات‬
‫والتفسيرات من اإلدارة في بعض النقاط المتعلقة بالقرار‪ ،‬وفى حالة امتناعها عن‬
‫إعطائها‪ ،‬يمكن اعتبار ذلك اعترافا ً منها أو قرينة ضدها‪ ،‬وكذلك الوقائع المتعلقة‬
‫بالقرار ومدلوالته حتى االجتماعية وتصرفات اإلدارة السابقة والالحقة التخاذ‬
‫‪114‬‬ ‫القرار‪.‬‬

‫‪ 114‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫المطلب الخامس‬

‫عيـب السبب‬

‫سبب القرار اإلداري هو الحالة الواقعية او القانونية التي تدقع إلى إصدار‬
‫القرار؛ أي أن السبب هو حالة موضوعية تحدث قبل إصدار القرار فتعمل اإلدارة‬
‫على إصداره‪.‬‬

‫فسبب القرار اإلداري هو حالة واقعية أو قانونية تحمل اإلدارة على التدخل‬
‫بقصد إحداث أثر قانونى معين هو محل القرار ابتغاء تحقيق الصالح العام‪ ،‬الذي هو‬
‫غاية القرار‪.‬‬

‫ويتبين من التعريف السابق مدى االرتباط بين سبب القرار اإلداري ومحله‬
‫وغايته‪ ،‬فإذا كان سبب القرار هو سنده القانوني‪ ،‬فإن هذا السبب ما هو إال وسيلة‬
‫تدفع اإلدارة إلحداث أثر معين‪ ،‬بغية تحقيق هدف عام ُيمثل غاية لكل القرارات‬
‫اإلدارية وهي المصلحة العامة‪.‬‬

‫ولق يام السبب المبرر إلصدار القرار يتعين توافر حالة قانونية أو واقعية تدعو‬
‫اإلدارة لمواجهتها بإصدار قرار إداري‪ ،‬فإنهاء خدمة موظف بإحالته للمعاش‬
‫يستوجب توافر حالة قانونية معينة‪ ،‬هي تقدم هذا الموظف لإلدارة بطلب لإلحالة‬
‫للمعاش‪ .‬ويمثل هذا الطلب سببا ً قانونيا ً أو حالة قانونية تستند إليها اإلدارة في‬
‫إصدارها لقرار إحالته للمعاش‪ ،‬كما أن حدوث ما يكدر األمن العام من اضطرابات‬
‫وأعمال شغب يشكل سببا ً ماديا ً أو حالة واقعية تدفع اإلدارة إلصدار قرارات من‬
‫شأنها الحفاظ على النظام العام‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫فإذا لم تتوافر الحالة القانونية أو الواقعية فال تملك اإلدارة أن تصدر قراراً‪،‬‬
‫ألن مثل هذا القرار يولد مفتقداً ألساسه القانوني ومن ثم يقع باطال‪.‬‬

‫وإذا كان القرار اإلداري البد أن يستند إلى أسباب يقرها القانون‪ ،‬فإن هذه‬
‫األسباب تختلف بحسب ما إذا كان سلطة اإلدارة في إصدار القرار مقيدة أو سلطة‬
‫تقديرية‪.‬‬

‫ففي حالة ما إذا كانت سلطة اإلدارة مقيدة‪ ،‬يحدد القانون أسبابا ً معينة البد من‬
‫توافرها قبل اتخاذ القرار اإلداري‪ ،‬كما يحدث عند تحديد شروط محددة للحصول‬
‫على ترخيص معين‪ ،‬فإذا توافرت هذه الشروط تكون اإلدارة ملزمة بإصدار القرار‪.‬‬

‫أما في حالة السلطة التقديرية فإن المشرع قد ال يحدد األسباب التي يجب أن‬
‫يستند إليها القرار اإلداري‪ ،‬أو أن يقوم بتحديده مع ترك الحرية لإلدارة في اختيار‬
‫نوعية القرار الذي يصدر بناء عليها‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لواجب اإلدارة في‬
‫‪115‬‬
‫المحافظة على النظام العام عند حدوث إخالل به‪.‬‬

‫وإذا لم يحدد المشرع لإلدارة سببا بعينه إلصدار قرارها‪ ،‬فإن ذلك ال يعنى‬
‫حريتها المطلقة في هذا الصدد‪ ،‬بل يتعين عليها اختيار السبب التي من شأنه بتبرير‬
‫قرارها‪ .‬ولما كان ركن السبب يكون غير ظاهر في حالة عدم تحديد المشرع له‪،‬‬
‫فإنه يجب عدم الخلط بن سبب القرار وغايته‪.‬‬

‫فالسبب في قرار تعيين أحد األفراد في وظيفة عامة هو خلو هذه الوظيفة ممن‬
‫يشغلها وحاجة اإلدارة إلى شغلها تحقيقا ً للصالح العام‪ ،‬والسبب في فض مظاهرة‬
‫وتفريقها هو اإلخالل أو التهديد بإخالل يلحق بالنظم العام من جراء هذه المظاهرة‪.‬‬

‫‪ 115‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪99‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪561‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء‬
‫اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 281‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 972‬وما بعدها‬

‫‪162‬‬
‫السبب والمحل في القرار اإلداري‪- :‬‬

‫سبب القرار اإلداري هو الحالة القانونية أو الواقعية السابقة على إصداره‪،‬‬


‫والتي تشكل دافعا ً لدى اإلدارة إلصداره‪ ،‬فالسبب هو عملية سابقة على إصدار‬
‫القرار وخارجة عنه‪ ،‬أما محل القرار فهو األثر الذي أحدثه القرار في المراكز‬
‫القانونية من إنشاء أو إلغاء أو تعديل‪ ،‬فمحل القرار يمثل موضوعه ونتيجته‪.‬‬

‫وإليضاح الفرق بين سبب القرار ومحله يمكننا القول‪ ،‬بأنه في حالة صدور‬
‫قرار بمجازاة موظف‪ ،‬فلهذا القرار شأن كل قرار إداري أخر سبب ومحل‪ ،‬أما‬
‫سبب القرار أو دافعه فهو ما ارتكبه الموظف من مخالفات إدارية تستوجب العقاب‪،‬‬
‫وهو في ذلك يختلف عن محله المتمثل في األثر المترتب على القرار‪ ،‬وهو الجزاء‬
‫الذي وقع على الموظف‪.‬‬

‫وال ارتباط بين صحة السبب ومشروعية المحل فالبرغم من أن السبب أمر‬
‫الزم لترتيب المحل‪ ،‬فمن الجائز أن يكون سبب القرار صحيحا‪ ،‬إال أن محله غير‬
‫مشروع‪ ،‬وذلك لكونه غير جائزاً أو غير ممكناً‪ ،‬وفى هذه الحالة يبطل القرار‬
‫بالرغم من سالمة سببه‪ ،‬وذلك يؤكد االستقالل ما بين ركني السبب والمحل في‬
‫‪116‬‬ ‫القرار اإلداري‪ ،‬فلكل منهما نطاقه ووظيفته‪.‬‬

‫سبب القرار اإلداري وغايته‪- :‬‬

‫يختلف سبب القرار اإلداري عن غايته‪ ،‬فبينما ُيشكل السبب ركنا ً خارجيا ً يبرر‬
‫إصدار القرار ويستقل عن إرادة مصدره‪ ،‬فإن ركن الغاية يعبر عن هدف القرار‪،‬‬
‫الذي يتصل بإرادة مصدره‪ ،‬التي قد تنحرف عن تحقيق الصالح العام‪ ،‬أو عن تحقيق‬

‫‪ 116‬المرجع السابق‬

‫‪163‬‬
‫الهدف الذي خصصه المشرع إلصدار القرار‪ .‬وهنا يصبح مثل هذا القرار معيبا ً‬
‫باالنحراف في استعمال السلطة‪.‬‬

‫فالسبب ما هو إال حالة واقعية أو قانونية توجد عند إصدار القرار فتدفع‬
‫اإلدارة إلى إصداره‪ ،‬أما الغاية فهي ما تسعى اإلدارة إلى تحقيقه من إصدار‬
‫القرار‪ ،‬وقد يحقق القرار الهدف الذي ترمى اإلدارة إليه وقد ال يحققه‪ .‬فالمخالفة‬
‫التي يرتكبها الموظف هي سبب قرار الجزاء الذي يوقع عليه‪ ،‬أما غاية هذا القرار‬
‫فهي ردع المخالف وغيره ومنعهم من العودة إلى ارتكاب المخالفة مستقبالً‪ ،‬وهى‬
‫غاية قد تتحقق وقد ال تتحقق؛ فكلما كان القرار مالئما ً من حيث إصداره ومضمونه‬
‫وشكله وأسلوب إذاعته وتوقيته كلما كان أدعى إلى تحقيق الهدف منه‪ ،‬فالسبب إذن‬
‫هو إجابة عن السؤال ما الذى حدث فحمل اإلدارة على إصدار القرار؟ أما الغاية‬
‫فهي اإلجابة عن السؤال ماذا تسعى اإلدارة إلى تحقيقه بإصدار القرار؟‬

‫وبناء على ما سبق يُمكن تعريف عيب انعدام األسباب بأنه أحد أوجه عدم‬
‫مشروعية القرار اإلداري الناجمة عن عدم استناده إلى وقائع مادية أو قانونية‬
‫تبرره‪ ،‬أو استناده إلى تلك الوقائع في حين أنها غير صحيحة التكييف القانوني‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫شروط صحة سبب القرار اإلداري‪- :‬‬ ‫أوال‬

‫ينبغي لصحة ركن السبب في القرار اإلداري أن تتوافر ثالث شروط‪ ،‬فيجب‬
‫أن يكون السبب قائما ً وموجوداً عند إصدار القرار‪ ،‬وأن يكون مشروعا ً ومحدداً‬
‫بوقائع ظاهرة يقوم عليها‪.‬‬

‫‪ 117‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪99‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪561‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪281‬‬
‫وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 972‬وما بعدها‬

‫‪164‬‬
‫أن يكون السبب قائما وموجودا حتى تاريخ إصدار القرار‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫الشرط األول‬
‫ولهذا الشرط شقان‪ ،‬فمن ناحية أولى يجب أن تكون الوقائع التي استندت إليها‬
‫اإلدارة في إصدار قرارها قد وقعت فعالً أي يجب أن يكون سبب القرار صحيحا ً‬
‫من الناحية المادية أو الواقعية‪ ،‬وإال كان القرار معيبا ً في سببه‪ ،‬ومن ناحية ثانية‬
‫يجب أن تكون تلك الوقائع التي ُتكون ركن السبب قد استمرت حتى تاريخ إصدار‬
‫القرار‪ ،‬وذلك تطبيقا للقاعدة العامة التي تقضى بأن تاريخ صدور القرار هو الوقت‬
‫الذى يجب الرجوع إليه لتقدير مدى مشروعيته‪ ،‬وبناء على ذلك إذا تحقق السبب‬
‫ولكنه زال فيما بعد قبل إصدار القرار‪ ،‬فإن القرار يكون معيبا ً في سببه لو صدر في‬
‫هذه الظروف‪ ،‬ومثل ذلك أن يقدم موظف طلب استقالته ثم عدل عنه‪ ،‬ومع ذلك‬
‫يصدر قرار من اإلدارة بقبول استقالته‪ ،‬كذلك ال يعتد بالسبب الذى لم يكن موجوداً‬
‫لحظة صدور القرار‪ ،‬ولكنه تحقق في ميعاد الحق على صدوره؛ ألن العبرة هي‬
‫بوقت صدور القرار فحيث أن السبب لم يكن قائما ً وقتها فال يجدى في إسناده‬
‫وتأسيسه ظهور السبب فيما بعد‪.‬‬

‫يجب أن يكون سبب القرار مشروعا‪- :‬‬ ‫الشرط الثانى‬


‫ينبغي أن يكون هذا السبب مشروعا ً أي مطابقا ً للقانون‪ ،‬ويُشكل هذا الشرط‬
‫استثنا ًء على األصل العام‪ ،‬الذى يمنح اإلدارة حرية اختيار أسباب قرارتها‪ ،‬حيث‬
‫يورد على تلك الحرية قيداً هاما ً مفاده أن المشرع إذا حدد لإلدارة سببا ً أو أسبابا ً‬
‫معينة‪ ،‬إلصدار بعض قرارتها فإن عليها االلتزام بهذه األسباب حال إصدارها لتلك‬
‫القرارات‪ ،‬فإن خالفتها وأصدرت القرار استناداً إلى سبب أجنبي عنها‪ ،‬كان قرارها‬
‫في هذا الشأن باطالً لقيامه على سبب غير مشروع‪ ،‬فقرارات الضبط اإلداري التي‬
‫تستند إلى وقائع ال تمت بصلة إلى النظام العام بمدلوالته الثالث المعروفة‪ ،‬وهى‬
‫الصحة والسكينة لعامة واألمن العام‪ ،‬تكون قرارات معيبة في سببها‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫تطبيقا لذلك‬

‫ألغت المحكمة قرار ضبط إداري‪ ،‬بإغالق سوق خاصة يوم االثنين من كل‬
‫أسبوع؛ حيث اتضح لها أن سبب اإلغالق هو إعطاء الفرصة لرواج سوق عمومي‪،‬‬
‫وهو سبب ال عالقة له بالمحافظة على النظام العام‪ ،‬ذلك السبب الذي يجب أن تقوم‬
‫عليه قرارات الضبط اإلداري‪.‬‬

‫ومثال ذلك أيضا ألغت المحكمة اإلدارية العليا قراراً أصدرته جهة اإلدارة‬
‫برفض تعيين أحد المرشحين لوظيفة مساعد نيابة إدارية‪ ،‬حيث جعل القرار من‬
‫المركز االجتماعي لوالد الطاعن سببا ً لتخطيه في التعيين‪ ،‬وذلك رغم ما يتمتع به‬
‫هو ووالده من سمعة طيبة‪ ،‬حيث جاء بالحكم أن قرار التخطي يفتقر إلى سبب‬
‫قانونى سليم‪ ،‬وأن التعلل بالمركز االجتماعي ال يقوم في ذاته سببا ً صحيحا ً لتخطى‬
‫المدعى؛ ألن التعيين في مثل هذه الوظيفة التي ُرشح لها المدعى يجب أن تتساوى‬
‫فيه الفرص أمام المرشحين‪ ،‬وال يسوغ أن يخضع لمثل االعتبارات التي ساقتها‬
‫النيابة اإلدارية‪ ،‬بعد أن تبين أن سلوكه وسيرته ال تشوبها شائبة‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫تخطيه في التعيين من شأنه أن يشكل إخالالً بالحكم الدستوري‪ ،‬الذى قضى‬
‫بالمساواة في الحقوق العامة‪ ،‬ومن بينها حق تولى الوظائف العامة‪.‬‬

‫يجب أن يكون سبب القرار محددا‪- :‬‬ ‫الشرط الثالث‬

‫ُيشترط في أن يكون سبب القرار اإلداري محدداً بوقائع ظاهرة يقوم عليها‬
‫ومن ثم يعد القرار اإلداري معيبا ً في سببه‪ ،‬إذا اعتمدت اإلدارة في إصداره على‬
‫سبب عام أو مجهل‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫وال شك أن إعمال هذا الشرط ال يكون إال بالنسبة لقرارات اإلدارة التي‬
‫يشترط المشرع أن تصدر مسببة‪ ،‬كالقرارات التي تتضمن جزاءات تأديبية‪ ،‬أو‬
‫‪118‬‬ ‫القرارات الصادرة برفض منح ترخيص‪.‬‬

‫حكم تعدد األسباب‪- :‬‬


‫ثانيا‬

‫يثور التساؤل أحيانا ً ماذا لو كان للقرار اإلداري أكثر من سبب‪ ،‬وكان أحدهما‬
‫يخلو من تلك الشروط؟ وما حكم مشروعية هذا القرار فيما يتعلق بركن السبب؟‬

‫يأخذ مجلس الدولة المصري بفكرة السبب الدافع في رقابته على مشروعية‬
‫القرارات اإلدارية القائمة على أسباب متعددة أحدها صحيح دون البعض األخر‪،‬‬
‫حيث يحدد السبب الذي يرى أنه دافعا ً إلصدار القرار‪ ،‬فإن صح هذا السبب كان‬
‫القرار الذي يستند إليه صحيحاً‪ ،‬بغض النظر عن عدم صحة سواه من أسباب يرى‬
‫القاضي بأنها ثانوية‪ ،‬ال تأثير لها على قيام القرار أو صحته‪.‬‬

‫تطبيقا لذلك‬

‫أيدت المحكمة اإلدارية العليا إلغاء قرار فصل تأسيسا على أن األسباب‬
‫الدافعة إلصداره ال تكفي لتوقيع جزاء الفصل‪ .‬وذهبت إلى أنه ولئن كان لإلدارة‬
‫تقدير الجزاء التأديبي في حدود النصاب القانوني‪ ،‬إال أن مناط ذلك التقدير يكون‬
‫على أساس قيام سببه بجميع أشطاره‪ ،‬فإذا كان يبين ما تقدم أن عقوبة الفصل التي‬
‫وقعت على المدعية‪ ،‬قدرت على أساس ثبوت جميع المخالفات المسندة إليها‪ ،‬وكان‬
‫من الواضح مما سلف بيانه أنه لم يقم في حقها المخالفات جميعها‪ ،‬فإن الجزاء‬
‫الموقع والحالة هذه ال يقوم على كامل سببه‪ ،‬كما أن الباقي من المخالفات والتي‬

‫‪ 118‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫قامت في حق المدعية ال يكفى لحمل القرار‪ ،‬ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه‪-‬‬
‫فيما انتهى إليه من إلغاء القرار المطعون فيه‪-‬قد أصاب وجه الحق‪.‬‬

‫وبالتالي يكون للقضاء سلطة تقدير ما إذا كانت األسباب المتخلفة ثانوية أم‬
‫دافعة‪ ،‬حيث يظل القرار صحيحا ً في الحالة األولى‪ ،‬و ُيبطل في الحالة الثانية‪.‬‬

‫‪ ‬ولكن متى يكون سبب القرار دافعا أو رئيسيا يبطل القرار في حالة تخلفه؟‬

‫يكون السبب دافعا ً إلصدار القرار إذا كان هو وحده وبغض النظر عن‬
‫األسباب التي ثبت عدم صحتها يكفي إلصدار القرار‪ ،‬بمعنى أن جهة اإلدارة كانت‬
‫لتصدره وبنفس المضمون حتى إذا هي استندت إلى هذا السبب وحده‪ ،‬ومع إسقاط‬
‫األسباب غير الصحيحة‪.‬‬

‫كما يكون السبب ثانويا ً أو زائداً إذا كان غيابه ال يمنع إصدار القرار‪ ،‬بمعنى‬
‫‪119‬‬
‫أن القرار كان سيصدر وبنفس مضمونه سواء وجد هذا السبب أو غاب‪.‬‬

‫نطاق الرقابة على السبب‪- :‬‬ ‫ثالثا‬

‫يجب أن يكون سبب القرار اإلداري حقيقيا ً ال صوريا ً وال وهميا ً وقانونياً‪،‬‬
‫بحيث تتوافر فيه الشروط التي يستلزمها القانون‪ .‬وتنحصر رقابة القاضي اإلداري‬
‫على سبب القرار اإلداري في مستويات ثالث هي‪:‬‬

‫الرقابة على الوجود المادي للوقائع‪- :‬‬ ‫‪1‬‬

‫يفرض القضاء اإلداري رقابته على التحقق من أن الواقعة المدعاة التي‬


‫استندت إليها اإلدارة كسبب لصدور القرار اإلداري تندرج في طائفة الوقائع التي‬
‫‪ 119‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪99‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء‬
‫اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪561‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء‬
‫اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 281‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 972‬وما بعدها‬

‫‪168‬‬
‫تصلح تبريراً للقرار‪ ،‬وكذلك التأكد من الوجود الفعلي لهذه الوقائع‪.‬‬

‫ولذلك البد أن تكون الوقائع المادية التي يقوم عليها سبب القرار اإلداري قائمة‬
‫وصحيحة‪ ،‬وثابتة عند اتخاذ القرار‪ ،‬وبالتالي في حالة استناد القرار اإلداري على‬
‫وقائع غير صحيحة وجب إلغاؤه‪.‬‬

‫وال يكفي لصحة القرار اإلداري أن تكون الوقائع التي يستند إللغائها موجودة‬
‫بل يجب أن تظل تلك الوقائع قائمة لحين إصدار القرار‪ ،‬إضافة إلى ضرورة أن‬
‫تكون تلك الوقائع محددة بدقة‪ ،‬فال يقوم سنداً صحيحا ً للقرار اإلداري الوقائع‬
‫الغامضة أو المرسلة دون تحديد‪ .‬كما يشترط في تلك الوقائع أن تكون مشروعة‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫القرار الصادر فصل الموظف بسبب أمور تمس الشرف واالعتبار والتي تفقده‬
‫شرط البقاء في الوظيفة‪ ،‬يكون قرار صحيحا ً استند وبُنى على وقائع صحيحة‬
‫مستمدة من أصول لها وجود ثابت في األوراق‪ ،‬ويمكن أن ُيستخلص منها عدم‬
‫الصالحية للبقاء في الوظيفة النتفاء حسن سير وسلوك المدعى منه استخالصا ً‬
‫سائغاً‪.‬‬

‫مثال ذلك أيضا القرار الصادر باستبعاد األجنبي‪ ،‬فبعد أن كان حق لإلدارة‬
‫باعتبار أنه حق مطلق لإلدارة‪ ،‬والذي كان يربط بين حق اإلدارة وبين سيادتها‬
‫اإلقليمية‪ ،‬حيث استلزمت لمشروعية القضاء ضرورة توافر اعتبار جدية تبرره‪،‬‬
‫‪121‬‬ ‫كما لو كان في إقامة األجنبي ضرار باقتصاد الدولة أو سالمة أرضيها‪.‬‬

‫‪ 121‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪99‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪،‬‬
‫قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪561‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها؛ د‪.‬‬
‫محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 281‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪ 972‬وما بعدها‬

‫‪169‬‬
‫الرقابة على صحة التكييف القانوني للوقائع‪- :‬‬
‫‪2‬‬

‫بعد ان يثبت للقاضي حال رقابته على سبب القرار اإلداري أن الوقائع المادية‬
‫التي أسس عليها هذا القرار قائمة‪ ،‬فإنه ينتقل إلى المرحلة الثانية لرقابة السبب‪،‬‬
‫وتنصب على التأكد من سالمة التكييف أو الوصف القانوني الذي أسبغته اإلدارة‬
‫هذه الوقائع‪ ،‬فإن كان هذا الوصف سليما ً من الناحية القانونية‪ ،‬كان القرار الذي‬
‫استند إليه صحيحاً‪.‬‬

‫فمثال قرار الجزاء التأديبي‪ ،‬فبعد أن يتأكد القاضي من ارتكاب من شمله‬


‫القرار للواقعة التي نسبت اإلدارة إليه اقترافها‪ ،‬يتجه بحثه لمعرفة ما إذا كانت تلك‬
‫الواقعة تشكل ُجرما ً تأديبيا ً يبرر قرار الجزاء‪ ،‬أم أنها على العكس من ذلك أعماالً‬
‫سائغة ال عقاب عليها فيبطل القرار‪.‬‬

‫وفى سبيل إنزال القاضي لحكم القانون على الواقعة التي استند إليها قرار‬
‫اإلدارة‪ ،‬بعد تأكده من ثبوتها‪ ،‬يسلك في ذلك أحد طريقين أو كالهما‪ ،‬فإما أن يتناول‬
‫الواقعة بالتكييف لمعرفة مدى تطابقها مع القانون‪ ،‬وإما أن يعالج القانون‬
‫بالتفسير لمعرفة مدى انطباقه على الواقعة‪ .‬فإذا ثبت عدم صحة التكييف في الحالة‬
‫األولى أو عدم تطابقه مع القانون في الحالة الثانية كان القرار مشوبا ً بعيب يؤدى‬
‫‪121‬‬ ‫إلى إلغائه‪.‬‬

‫مثال ذلك‬

‫ال يجوز للمحافظ أن يصدر قراراً باالستيالء المؤقت إال في الحاالت الطارئة؛‬
‫أي التي يكون في الوسع توقعها‪ ،‬وانتهت إلى أن احتياج منطقة التأمين والمعاشات‬

‫‪ 121‬د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪99‬وما بعدها وما بعدها؛ د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪،‬‬
‫قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪561‬وما بعدها؛ د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ 211‬وما بعدها؛ د‪.‬‬
‫محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬ص‪ 281‬وما بعدها؛ د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪ 972‬وما بعدها‬

‫‪171‬‬
‫بمحافظة المنيا لمقر مناسب لمباشرة نشاطها في دائرة المحافظة‪ ،‬ال يمكن وصفه‬
‫بأنه من الحاالت الطارئة أو المستعجلة التي تطلب القانون توافرها كشرط إلصدار‬
‫قرار باالستيالء المؤقت‪.‬‬

‫ومثال ذلك أيضا‪- :‬في تحديد المحكمة اإلدارية العليا لإلخالل بالواجب‬
‫الوظيفي الذي يُعد مخالفة تأديبية تبرر قرار الجزاء‪ ،‬قضت بأن شراء العامل لنقد‬
‫أجنبي محظور التعامل فيه‪ ،‬وفقا ً لقانون الرقابة على النقد األجنبي ال يشكل إخالالً‬
‫بواجبات الوظيفة‪.‬‬

‫‪122‬‬ ‫استثناءات قاعدة رقابة التكييف القانوني للوقائع‬

‫إذا كانت القاعدة التي استقر عليها القضاء اإلداري على نحو ما سبق‪ ،‬خضوع‬
‫جميع القرارات اإلدارية لرقابة القضاء على تكييفها القانوني‪ ،‬إال أنه يرد على تلك‬
‫القاعدة عدة استثناءات‪- :‬‬

‫‪ ‬القرارات ذات الطبيعة الفنية‪- :‬‬

‫عرفت المحكمة اإلدارية العليا في قضائها منذ البداية عن إخضاع هذه الفصيلة‬
‫من القرارات لرقابة التكييف القانوني‪ ،‬حيث وقفت الرقابة عليها عند حده األدنى‬
‫وهو رقابة الوجود المادي‪ ،‬ألن الوصف القانوني لهذه القرارات يتطلب بحثا فنيا‬
‫يخرج عن قدرة وإمكانيات القاضي‪.‬‬

‫تطبيقا لذلك‬

‫ولعل من أشهر التطبيقات القضائية لهذا النوع من القرارات تقدير درجات‬


‫االمتحان؛ حيث ذهبت محكمة القضاء اإلداري إلى أن التصحيح وتقدير درجات‬

‫‪122‬‬
‫د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬قضاء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري "‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪258‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫اإلجابة عملية فنية بحتة‪ ،‬ال يجوز قانونا ً أن تخضع لرقابة القضاء اإلداري‪ ،‬حيث ال‬
‫يؤدى إلى التدخل في أمور فنية تقديرية‪ ،‬هي من اختصاص الجهات اإلدارية التي‬
‫ال يجوز لهذه المحكمة أن تحل فيها محل اإلدارة‪.‬‬

‫‪ ‬قرارات الضبط الخاصة بإبعاد األجانب‪- :‬‬

‫قد تصدر اإلدارة قراراً بإبعاد أحد األجانب عن البالد العتبارات تتعلق‬
‫بالمحافظة على األمن العام‪ ،‬فإذا ما ُ‬
‫طعن على هذا القرار باإللغاء‪ ،‬فإن نطاق رقابة‬
‫القاضي على مشروعيته‪ ،‬يقتصر على التأكد من أن األجنبي ارتكب ما نسبته إليه‬
‫اإلدارة من عدمه‪ ،‬بمعنى أن تلك الرقابة ال تمتد لبحث ما إذا كان ما ارتكبه األجنبي‬
‫يمثل إخالالً باألمن العام أم ال‪ ،‬حيث يدخل هذا الوصف في سلطة اإلدارة‬
‫التقديرية‪ ،‬التي ال تخضع في ممارستها لها لرقابة القضاء‪.‬‬

‫ويرجع إحجام مجلس الدولة عن رقابة الوصف القانوني لتلك القرارات إلى أن‬
‫الرغبة في تحقيق المصلحة العامة للدولة‪ ،‬تقتضي أن يترك لإلدارة سلطة تقديرية‬
‫واسعة في هذا الشأن‪.‬‬

‫الرقابة على مالءمة القرارات للوقائع‪- :‬‬ ‫‪3‬‬

‫إذا كان األصل العام في الرقابة القضائية هو قصرها على التأكد من الوجود‬
‫المادي للوقائع‪ ،‬المكونة لسبب القرار وصحة الوصف القانوني لها أو ما يسمى‬
‫بالرقابة على التكييف القانوني للوقائع‪ ،‬إال أن هذه القاعدة قد طرأ عليها استثناء‬
‫هام‪ ،‬أصبح بمقتضاه يجوز للقاضي اإلداري مد نطاق رقابته إلى تقدير مدى مالءمة‬
‫إصدار القرار اإلداري‪ ،‬أي تقدير التناسب بين خطورة القرار اإلداري واألسباب‬
‫الدافعة إلصداره‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫وبالتالي أصبح للقاضي اإلداري اختصاص مراقبة تقدير اإلدارة لخطورة‬
‫وأهمية ما بنت عليه قرارها من أسباب‪ ،‬دون أن يعد ذلك تدخالً منه في أعمال‬
‫‪123‬‬ ‫اإلدارة‪.‬‬

‫تطبيقات الرقابة على مالءمة القرارات للوقائع‪- :‬‬

‫‪ ‬الرقابة على المالءمة في قرارات اإلدارة المتعلقة بالحريات العامة‪- :‬‬

‫في إطار كفالة الدستور للحريات العامة لألفراد فقد حظر على اإلدارة‬
‫االعتداء عليها فيما تصدره من قرارات‪ ،‬وتحقيقا ً لغاية حماية تلك الحريات‪ ،‬فقد‬
‫وجد مجلس الدولة أن رقابته التقليدية على سبب القرار اإلداري المتمثلة في رقابة‬
‫الوجود المادي للوقائع أو تكييفها القانوني‪ ،‬غير كافية لمواجهة الخطورة التي قد‬
‫تنجم عن القرارات المقيدة للحريات العامة‪ ،‬لذلك مد نطاق رقابته إلى تقدير مدى‬
‫مالءمة إصدار القرار حيث ال يكفى إلقرار مشروعيته أن يكون قائما على سبب‬
‫موجود ومتفق مع القانون‪ ،‬بل يجب أن يكون سبب هذا القرار متناسبا ً مع محله‪،‬‬
‫وإال كان هذا القرار غير مشروع‪.‬‬

‫تطبيقا لذلك‬

‫ولعل المجال الخصب الذي تتعرض فيه اإلدارة للمساس بالحريات العامة‬
‫قرارات االعتقال‪ ،‬لذلك أخضع القضاء اإلداري مالءمة إصدار تلك القرارات لرقابته‪.‬‬

‫وقد ذهبت المحكمة اإلدارية العليا في رقابتها على مشروعية قرار اعتقال‬
‫إلى أنه " ولئن كانت اإلدارة في األصل تملك حرية وزن مالبسات العمل‪ ،‬وتقدير‬

‫‪ 123‬المرجع السابق‬

‫‪173‬‬
‫أهمية النتائج التي تترتب على الوقائع الثابت قيامها‪ ،‬إال أنه حيث تختلط مناسبة‬
‫العمل بمشروعية ومتى كانت هذه المشروعية تتوقف على حسن تقدير األمور‪،‬‬
‫وخصوصا ً فيما يتعلق بالحريات العامة‪ ،‬وجب أن يكون تدخل اإلدارة ألسباب جدية‬
‫تبرره‪ ،‬فالمناط والحالة هذه في مشروعية القرار اإلداري الذى تتخذه اإلدارة‪ ،‬هو‬
‫أن يكون التصرف الزما ً لمواجهة حاالت معينة من دفع خطر جسيم يهدد األمن‬
‫والنظام العام‪ ،‬باعتبار أن هذا اإلجراء هو الوسيلة الوحيدة لمنع هذا الضرر‪،‬‬
‫وللقضاء اإلداري حق الرقابة على قيام المسوغ أو عدم قيامه‪ ،‬فإذا ثبت جدية‬
‫األسباب التي تبرر هذا التدخل كان القرار بمنجاة عن أي طعن‪ ،‬أما إذا اتضح أن‬
‫األسباب لم تكن جدية ولم يكن فيها من األهمية الحقيقية ما يسوغ التدخل لتقييد‬
‫‪124‬‬ ‫الحريات كان القرار باطالً‪.‬‬

‫‪ ‬الرقابة القضائية على مالءمة القرارات التأديبية‪- :‬‬

‫نظراً لخطورة إطالق حرية اإلدارة في توقيع الجزاءات التأديبية‪ ،‬لما تمثله‬
‫نوعية هذه القرارات من حساسية خاصة‪ ،‬التصالها بشكل مباشر بمصالح جوهرية‬
‫للموظفين‪ ،‬لذلك ما لبث أن تبنى قضاء مجلس الدولة موقف جديد بسط فيه رقابته‬
‫على مالءمة قرار الجزاء التأديبي الذى أصدرته اإلدارة‪ ،‬بحيث أصبح بوسع‬
‫القاضي إسباغ رقابته على مالءمة إصدار القرارات ذات الطبيعة الجزائية‪ ،‬من‬
‫حيث التأكد من مدى تناسب األثر المترتب على هذه القرارات" الجزاء المتولد‬
‫عنها" مع المخالفة المرتكبة‪ ،‬بحيث تصبح هذه القرارات غير مشروعة كلما كان‬
‫هذا التناسب مفتقداً‪.‬‬

‫‪ 124‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫تطبيقا لذلك‬

‫وتطبيقا ً لذلك ألغت المحكمة اإلدارية العليا قرار فصل أصدرته اإلدارة ضد‬
‫أحد موظفيها العتدائه على أحد رؤسائه بالعمل‪ ،‬حيث أسست حكمها على عدم‬
‫تناسب المخالفة التي ارتكبها الموظف مع العقاب الذي وقعته عليه اإلدارة‪ ،‬وذلك‬
‫في ضوء بحثها لكافة ظروف إصدار القرار‪.‬‬

‫وكان سند المحكمة اإلدارية العليا في إلغاء القرار اإلداري المشوب بالغلو‪ ،‬أن‬
‫عدم المالءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب وبين نوع الجزاء يخرج التقدير من‬
‫نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية‪.‬‬

‫والواقع أن مد المحكمة اإلدارية العليا لنطاق رقابتها ليشمل مدى مالءمة‬


‫القرار اإلداري‪ُ ،‬يعد بمثابة أقصى ما وصلت إليه الرقابة على مشروعية القرارات‬
‫اإلدارية‪ ،‬ويهدف هذا التوسع الرقابي إلى توفير أكبر قدر ممكن من الحماية‬
‫لألفراد ضد ما قد ترتكبه اإلدارة من تحكم وعسف قد يعصف بحقوقهم وحرياتهم‬
‫العامة‪ ،‬فقد بات واضحا ً أن دخول رقابة القضاء اإلداري إلى مجال مالءمة القرار‬
‫اإلداري من شأنه إعالء مبدأ المشروعية‪ ،‬ولو كان ذلك على حساب ما منحت‬
‫اإلدارة من سلطة تقديرية‪ ،‬حيث أن هذه السلطة ما هي إال وسيلة لتحقيق المصلحة‬
‫‪125‬‬
‫العامة وليست زريعة لالعتداء على حقوق وحريات األفراد‪.‬‬

‫‪ 125‬المرجع السابق‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫قائمة مراجع الكتاب‬

‫د‪ .‬جورجي شفيق ساري‪ ،‬قواعد وأحكام القضاء اإلداري‪ ،‬الطبعة السادسة كلية الحقوق‪ ،‬جامعة المنصورة‪ ،6002،‬ص‪.9،7‬‬

‫د‪ .‬محمد أحمد سالمة مشعل‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الزقازيق‪ ،6019 ،‬ص‪ 72‬وما بعدها‪.‬‬

‫د‪ .‬مدحت احمد يوسف غنايم‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الزقازيق‪ ،‬ص‪.191‬‬

‫د‪ .‬إبراهيم عبد العزيز شيحا‪ ،‬القضاء اإلداري‪ ،‬والية القضاء اإلداري "دعوى اإللغاء‬

‫د‪ .‬عبد العزيز خليفة‪ ،‬ء اإللغاء" أسس إلغاء القرار اإلداري"‪ ،‬دار الكتاب الحديث‪2118 ،‬‬

‫د‪ .‬محمد محمد عبد اللطيف‪ ،‬قضاء اإللغاء "الدعاوى اإلدارية"‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة المنصورة‪ ،‬ص‪ 122‬وما بعدها‪.‬‬
‫د‪ .‬رأفت فودة‪ ،‬النظام القانوني للميعاد في دعوى اإللغاء" دراسة مقارنة"‪ ،‬در النهضة العربية‪1998 ،‬‬

‫د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين‪ ،‬دعوى اإللغاء وفقا ً وفتاوى مجلس الدولة حتى بداية القرن ‪ ،21‬مكتبة كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الزقازيق‪.‬‬

‫‪176‬‬

You might also like