Professional Documents
Culture Documents
كلية الحقوق
القانون العام
المجموعة الرابعة
الســـــنـة الجـــامعية2022/2021:
مـــقدمة:
لعدة سنوات كان القانون و االقتصاد في مركز اهتمام المفكرين في البلدان ذات
األنظمة القانونية القارة ،فلقد شكلت األنظمة االقتصادية و السياسية أرضية لتبني المناهج
المتبعة في تنظيم الفضاء االقتصادي ،على إثر ذلك تجسدت تدخالت السلطات العمومية
التي تدرجت بين االنسحاب و التدخل في المجاالت االقتصادية ،و بين هذه المتناقضات
ظهر القانون العام االقتصادي ،فمن الضروري دراسة تاريخ تنظيم النشاط العام في االقتصاد
و انعكاسه على القانون.
المحور األول :مفهوم القانون العام االقتصادي
حتى نتمكن من تحديد مفهوم القانون العام االقتصادي ،يجب أن نتطرق أوال إلى النشأة
ثم التعريف الذي نبرز من خالله مدى تميز القانون العام االقتصادي عن غيره من القوانين
المشابهة له ،و أخي ار نوضح خصائص القانون العام االقتصادي.
تعود جذور تدخل الدولة في االقتصاد إلى عهد الملك لويس الرابع عشر في فرنسا
في القرن السابع عشر في فترت حكم كولبير) (1683-1661حيث تدخلت الدولة إلنشاء
المؤسسات االقتصادية و حمايتها من المنافسة الخارجية ،باعتبار أن قوة القطاع العمومي
هي مصدر قوة الملك أو الحاكم آنذاك ،و يعتبر القانون العام االقتصادي قانون حديث
النشأة يعود إلى الفترة الممتدة من الثوره الفرنسيه 9871و الحرب العالميه األولى ،كانت
تدخالت السلطة العامة في المجال االقتصادي شبه منعدمة خاصه بعد االعتراف بمبدأ حرية
التجارة و الصناعة ،الذي كرسه مرسوم آالرد Allardeو قانون لو شابوليي Le Chapelier
اللذان كرسا حرية األفراد في القيام بالمبادرات الفردية و ممارسة األنشطة االقتصادية ،فكانت
الدولة تمارس في هذه الفترة وظيفة الدولة الحارسة .L’Etat-gendarme
و لكن مع نهاية القرن 91بعد ما خلفته الحرب العالمية األولى و الثانية بالتحديد سنه
9787تبنت الدولة الفرنسية أسلوب التسيير المباشر لتسيير النشاطات االقتصادية العمومية
و أسلوب عقود امتياز المرفق العام في حالة التنازل عن هذه النشاطات للخواص.
تتميز هذه المرحلة بتطبيق قانون الصفقات العمومية و قانون امتياز المرفق العام
مما عزز فكرة ارتباط القانون العام االقتصادي بالقانون اإلداري ،خاصة الدور الذي لعبه
القضاء االداري من خالل المساهمة في تطوير أحكام القانون العام االقتصادي.
و لكن بعد األزمة االقتصادية التي شهدها العالم سنة ،9191و تولي الجبهة الشعبية
زمام الحكم سنة ، 9191اتخذت فرنسا سلسلة من اإلجراءات الصارمة التي تدخل في إطار
االقتصاد الموجه ،حيث تبنت صيغ قانونية جديدة تعزز فكرة تدخل الدولة في االقتصاد
تتمثل في إنشاء الدواوين العمومية لتنظيم الرقابة على قطاعات معينة ،و المؤسسات
العمومية اإلدارية ،باإلضافة إلى المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري
و استمرت فرنسا في تفعيل آليات الدولة الراعية L’Etat-Providenceخاصة بعد صدور
دستور الفرنسي لسنة 9181مع بداية تبني سياسة الـتأميم.
إلى أن صدر األمر المتضمن حرية األسعار و المنافسة المؤرخ في 9ديسمبر 9171
معب ار عن تبني مفهوم المنافسة ،فتم التخلي عن فكرة الدولة الراعية لصالح الدولة الضابطة
L’Etat-Regulateurمن خالل تفعيل الضبط االقتصادي عن طريق إنشاء سلطات إدارية
مستقلة.
المطلب الثاني :تعريف القانون العام االقتصادي
ليس هناك شك في أن القانون و االقتصاد مترابطان ،في الواقع العالقة بين القانون
و االقتصاد وثيقة للغاية ،إن القانون يخدم االقتصاد ،كما أن اقتصاد السوق مبني
على مفاهيم قانونية ،و ليس على العقارات و لكن على حقوق الملكية ،و حرية التعاقد
و نظام المسؤولية ،و لقد اختلفت االجتهادات الفقهية في تكييف العالقة بين االقتصاد
و القانون ،منهم من تمسك بالفصل التام بينهما ،بينما يؤكد اآلخر على تأثير االقتصاد
على القانون:
منطقية ،بينما ال يتطور االقتصاد إال على مستوى الواقع و التطبيق غير قابل للتحكم فيه
عن طريق المعيار أو القاعدة ،فاإلشكالية المطروحة هنا هي العالقة بين المعيار و الواقع
.Norme et fait
على عكس ماكس فيبر ،حاول كارل ماكس مقاربة الثنائي االقتصاد و القانون ،فرغم
انتماء كل منهما لمنظومتين مختلفتين إال أن األول يؤثر على الثاني ،فالقانون وفق ماركس
جزء من البنية الفوقية المتمثلة في النظام القانوني و السياسي ،بينما ينتمي االقتصاد للبنية
التحتية المتمثلة في النظام االقتصادي و االجتماعي ،و بالتالي يتحكم االقتصاد في القانون
ألن الطبقة المتحكمة في االقتصاد هي التي المتحكمة في السلطة السياسية ،فالطبقة
الرأسمالية هي التي تصوغ القانون وفق مصالحها الخاصة.
يمكن أن نعرف القانون العام االقتصادي ،على أنه" :مجموعة القواعد القانونية
التي تؤطر تدخل السلطات العمومية في المجال االقتصادي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة
من أجل تحقيق المصلحة العامة".
-التدخل المباشر :يمكن أن تكون الدولة مساهمة في المجال االقتصادي ،أي صاحبة
النشاط االقتصادي كمنتجة للسلع أو عارضة للخدمات ( متعامل اقتصادي عمومي ).
التدخل غير المباشر :في هذه الحالة الدولة ال تمارس األنشطة االقتصادية و إنما -
تتدخل كسلطة عمومية لتأطير و مراقبة هذه األنشطة عن طريق الضبط ،أو تتدخل
كشريك مع المتعاملين االقتصاديين الخواص من أجل تلبية احتياجاتها في إطار
عقود الشراكة.
المطلب الثالث :تمييز القانون العام االقتصادي عن القوانين المشابهة له
القانون االقتصادي هو ذلك القانون الذي يطبق على جميع المواد التي تدخل
في مفهوم االقتصاد ،و بالتالي فالقانون االقتصادي يجمع بين أقسام القانون الخاص
و القانون العام التي لها عالقة باالقتصاد ،كما أن الفقيه الفرنسي Gérard Farjat
هو الذي دافع عن استقاللية القانون االقتصادي ،فهو قانون جامع بين جميع فروع القانون
العام و فروع القانون الخاص ،بينما يعتبر القانون العام االقتصادي مجموعة القواعد
القانونية التي تؤطر تدخل السلطات العمومية فقط في المجال االقتصادي.
و بالتالي فالقانون االقتصادي أوسع و أشمل و سابقا للقانون العام االقتصادي من حيث
النشأة ،بل يضم حتى القانون العام االقتصادي.
ثانيا :التمييز بين القانون العام االقتصادي و القانون الدولي االقتصادي
يعرف القانون الدولي االقتصادي على أنه مجموعة القواعد التي تنظم العالقات
االقتصادية بين الدول ،و بين الدول و المنظمات االقتصادية الدولية ،بينما ينظم القانون
العام االقتصادي العالقات االقتصادية بين الفاعلين االقتصاديين على المستوى الوطني.
بعد التطرق لنشأة و تعريف القانون العام االقتصادي و تمييزه عن غيره من القوانين
المشابهة له ،يمكن لنا اآلن أن نستنتج الخصائص التي يتميز بها:
-القانون العام االقتصادي هو قانون غير مقنن فهو مجموعة واحدة جامعة و شاملة
ألصوله و أسسه و قواعده و إجراءاته ألنه متشعب.
-كما يتميز القانون العام االقتصادي بالمرونة ،إذ يتغير بتغير التوجهات االقتصادية
للدولة و يتأثر بالنهج الذي تتبعه اشتراكيا كان أم ليبراليا.
-هو قانون سريع التطور يتماشى مع سرعة التطورات االقتصادية و يواكب كافة
المستجدات.
-يتميز القانون العام االقتصادي بالطابع االستشرافي ،إذ يقوم على محاولة استشراف
المستقبل و توقع األحداث على المدى المتوسط و البعيد.
إن مصادر القانون العام االقتصادي شأنه شأن فروع القانون العام ،تتكون من مصادر
داخلية و أخرى خارجية.
الفرع األول :الدستور :الدستور هو التشريع األسمى و األساسي يتصدر قمة الهرم
القانوني يحدد شكل الدولة و نظام الحكم و ينظم السلطات العامة في الدولة
الفرع الثاني :التشريع :يقصد بالتشريع العمل القانوني الصادر عن السلطة التشريعية
المنتخبة من قبل الشعب الذي يعين ممثلين له في هذا الجهاز ليقوم بسن القوانين.
و وفقا للمادة 991من الدستور لسنة :9292يشرع البرلمان في المجاالت التي حددها له
الدستور من ضمنها المجاالت االقتصادية.
و نظ ار لما تحوزه السلطة التنفيذية من صالحيات تنظيمية سواء تلك التي تعود لرئيس
الجمهورية بوصفه صاحب اإل ختصاص العام في كل المسائل التي تخرج من مجال التشريع
المخصص للسلطة التشريعية عن طريق المراسيم الرئاسية المواد 19و 19و 959
من الدستور لسنة ،9292و كذا صالحيات الوزير األول أو رئيس الحكومة حسب الحالة
في إصدار المراسيم التنفيذية المادتين 999و 989من الدستور لسنة .9292
كما يساهم الوزراء في ممارسـة السـلطة التنظيميـة عـن طريـق اقتـراح مشـاريع النصـوص
ذات الطـابع التشـريعي و التنظيمـي المسيـرة لنشـاطات القطـاع ،أو عـن طريـق إصـدار
مناشـير انفردية أو مشتركة بين مجموعة من الوزراء تتعلـق بتنظـيم المجال المشترك
باإلضافة إلى إصدار الق ار ارت لممارسة السلطة التنظيمية ضمن نطاق اختصاص الو ازرة.
إن نشاط القاضي هو تطبيق صارم للقانون ،و لكن بعد ذلك تم منحه الحق في سد
الثغرات ،فمنح القاضي الحق في إنشاء القواعد ،و يظهر ذلك جليا من خالل الدور المهم
لالجتهادات القضائية اإلدارية في القانون العام االقتصادي.
المطلب الثاني :المصادر الخارجية
فيما يخص المصادر الخارجية للقانون العام االقتصادي في الجزائر ،سنركز في هذه
الدراسة على المصادر اإلقليمية و الدولية.
تتعدد االتفاقيات الثنائية و المتعددة األطراف التي أبرمتها الجزائر لتوحيد المعامالت
في المجاالت االقتصادية ،أهم هذه االتفاقيات التي أثرت كثي ار على النظام االقتصادي
الجزائري هي الشراكة األوروجزائرية.
تم التوقيع على اإلتفاق في 99أفريل 9229بمدينة فالنسيا في إسبانيا أثناء القمة
األورومتوسطية ،إلى أن تمت المصادقة على إتفاق الشراكة مع المجموعة األوروبية بموجب
المرسوم الرئاسي رقم 951-25المؤرخ في 98أفريل ،9225ليدخل حيز التنفيذ إبتداء من
الفاتح من سبتمبر .9225
يهدف إتفاق الشراكة مع المجموعة األوروبية إلى توسيع التبادالت و ضمان تنمية
العالقات االقتصادية و االجتماعية المتوازنة بين الطرفين و ذلك بالتوصل إلى إنشاء
تدريجي لمنطقة التبادل الحر بين الطرفين.
الفرع الثاني :المصادر الدولية
تعتبر المنظومة النقدية الدولية التي يحددها صندوق النقد الدولي ،و المنظومة المالية
الدولية التي يضعها البنك العالمي ،و المنظومة التجارية الدولية التي تتكفل بها المنظمة
العالمية للتجارة من أهم المصادر الدولية التي تساهم في تحديد قواعد القانون العام
االقتصادي الج ازئري.
أوال :النظام النقدي الدولي :يعمل صندوق النقد الدولي على تحقيق استقرار النظام
النقدي الدولي ،و رصد حركة العمالت في العالم ،تقديم القروض قصيرة األجل للبلدان التي
تواجه مشاكل في ميزان المدفوعات و تقديم المساعدة العملية للبلدان األعضاء حيث أبرمت
الجزائر اتفاق مع صندوق النقد الدولي سنة 9118بموجب إتفاقية ستاندباي في أفريل
،9118للعمل على تقليل العجز الداخلي و الخارجي بعد أن عجزت الجزائر عن إصالح
االختالالت االقتصادية.
ثانيا :النظام المالي الدولي :مجموعة البنك الدولي هي من بين أكبر مصادر التمويل
و المعرفة للبلدان في العالم و تشترك المؤسسات الخمس التي تتألف منها مجموعة البنك في
االلتزام بالحد من الفقر و تعزيز الرخاء المشترك ،و تشجيع التنمية المستدامة و منح قروض
طويلة األجل لوضع برامج التنمية االقتصادية.
تنقسم مبادئ القانون العام االقتصادي إلى مبادئ خاصة و مبادئ عامة ،منها من
تحظى بحماية دستورية ،و منها من تحظى بحماية تشريعية.
فهو النص الذي اعتمد عليه لصياغة مبادئ حرية التجارة و الصناعة ،فظهر مبدأ حرية
التجارة و الصناعة في فرنسا ،كرد فعل ضد النظام السائد في القرون الوسطى و الذي يقوم
يكونون
على االمتيازات و االحتكارات من قبل مجموعة أشخاص ،يمارسون نفس النشاط و ّ
،des corporationsو التي تحول دون قدرة األفراد في ممارسة نشاطهم التجاري
و الصناعي بكل حرية.
اختلف الفقه و القضاء حول الطبيعة القانونية لمبدأ حرية التجارة و الصناعة ،و يمكن
تحديدها بالنظر إلى ق اررات مجلس الدولة الفرنسي ،فقد كان مجلس الدولة ينظر أحيانا
إلى مبدأ حرية التجارة و الصناعة على أنها تنتمي إلى المبادئ العامة للقانون ،و أحيانا
أخرى اعتبر حرية التجارة و الصناعة Liberté publiqueأي من الحريات العامة.
لكن حاليا ،لم يعد هناك جدل حول الطبيعة القانونية لمبدأ حرية التجارة و الصناعة
ما دام أن المجلس الدستوري الفرنسي قد أصدر ق ار ار أكد فيه بصفة رسمية على الطابع
الدستوري لحرية المبادرة الخاصة.
أما في الجزائر فيمكن تقسيم المنظومة االقتصادية الوطنية إلى مرحلتين :مرحلة
االقتصاد الموجه أين اعتمد فيها على النهج االشتراكي ،ثم مرحلة االنفتاح على االقتصاد
العالمي مع تبني آليات لضبط السوق.
فبالنسبة للمرحلة األولى و التي بدأت منذ االستقالل إلى غاية سنة ،9177و التي
تميزت باحتكار الدولة لكافة األنشطة االقتصادية ،متخذة من النهج االشتراكي أسلوبا لتنظيم
المجال االقتصادي ،معتمدة في ذلك على التخطيط المركزي من أجل تحقيق أهداف الدولة
االقتصادية و االجتماعية ،تم اسبعاد القطاع الخاص من ممارسة األنشطة االقتصادية عن
طريق منع المبادرات الفردية إال في نطاق ظيق و محدود ،و هذا ما أكد عليه دستور سنة
.9181
أما عن المرحلة الثانية ،فبدأت معالمها بالظهور بعد األزمة االقتصادية سنة 9171
بسبب انخفاض أسعار البترول و نقص مداخيل الدولة من العملة الصعبة و تراكم المديونية
الخارجية ،فبعد فشل النهج االشتراكي جاءت االصالحات االقتصادية لسنة 9177لتمنح
المؤسسات العمومية االقتصادية االستقاللية و تخضعها لقواعد القانون الخاص بموجب
قانون رقم 29-77يتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية االقتصادية ،فتراجع تدخل
الدولة و بدأت باالنسحاب تدريجيا من الحقل االقتصادي لتعطي حرية أكثر للمبادرات
الخاصة و تفتح مجال االستثمار للقطاع الخاص ،حيث يظهر ذلك من خالل مجموعة من
النصوص القانونية المجسدة لالنفتاح االقتصادي و التوجه نحو اقتصاد السوق ،أهمها قانون
رقم 99-71المتعلق باألسعار ،قانون رقم 92-12المتعلق بالنقد و القرض ،المرسوم
التشريعي رقم 21-15المتعلق بالمنافسة ،األمر رقم 99 -15المتعلق بخوصصة
المؤسسات العمومية.
إلى أن صدر دستور 9111في مادته ،98أين نصت صراحة على ضمان حرية
التجارة و الصناعة ،و مع التعديل الدستوري لسنة ،6102حلت المادة 34محل المادة 43
من دستور 0992التي حولت الصياغة إلى مبدأ حرية االستثمار و التجارة و التي تم
االحتفاظ بها في دستور 9292في المادة 19مع إضافة حرية المقاولة ( حرية االستثمار
و التجارة و المقاولة مضمونة ).
و مما ينبغي اإلشارة إليه أن مبدأ حرية االستثمار و التجارة ينبثق عنه ثالث مبادئ
أخرى أساسية ال يمكن اإلستغناء عنها ،إذ يتعذر تطبيق حرية االستثمار و التجارة دون هذه
المبادئ و العكس صحيح ،فهي مبادئ متكاملة.
-حرية المقاولة :و هي حرية األفراد و المؤسسات في الدخول إلى السوق ،أين تم
إدراج حرية المقاولة في دستور .9292
-حرية التعاقد :و يعتبر هذا المبدأ من المبادئ الهامة فال يتصور تحقيق حرية
المبادرات الفردية دون خضوعها لمبدأ سلطان اإلرادة.
-حرية المنافسة :فمن حق المتعاملين االقتصاديين ممارسة األنشطة االقتصادية دون
قيود أو ممارسات تعسفية من قبل المتعامل المنافس ،في إطار احترام قواعد
المنافسة.
ثانيا :القيود الواردة على مبدأ حرية االستثمار و التجارة
-1المصلحة العامة :لقد جاء تكريس حرية االستثمار و التجارة للحفاظ على حرية
األفراد في ممارسة األنشطة االقتصادية و ال يجب اعتبار هذا المبدأ مانعا لتدخل
الدولة ،حيث يمكن للدولة أن تتدخل تحقيقا للمصلحة العامة ،و أيد هذا الطرح
مجلس الدولة الفرنسي.
-2النشاطات المقننة :تنص المادة 11من دستور" : 9292حرية اإلستثمار و التجارة
و المقاولة مضمونة معترف بها ،و تمارس في إطار القانون" ،إذ تملك السلطة
التشريعية و التنظيمية السلطة التقديرية في تنظيم األنشطة االقتصادية.
إن االعتراف بحق الملكية مسألة قديمة نص عليه القانون الروماني و أقرته الشريعة
االسالمية و هو مبدأ مكرس دستوريا في الجزائر يتيح للفرد حرية اقتناء األموال و حرية
التصرف فيها ،بدءا بدستور 9181الذي أشار أن" الملكية الفردية ذات االستعمال
الشخصي أو العائلي مضمونة" ،غير أن هذا الدستور جعل من الملكية الخاصة ذات الطابع
االقتصادي مقيدة و مشروطة ،و ذلك تماشيا مع وظيفة الدولة المتدخلة و الفكر االشتراكي
الذي كان سائدا في تلك الفترة.
إلى أن صدر دستور 9171الذي جاء معب ار عن توجه الدولة نحو اقتصاد السوق
كرس الحماية الالزمة لحق الملكية في المادة 81منه " الملكية الفردية مضمونة " و هو
األمر الذي أكده كل من دستور 9111في المادة 59و التعديل الدستوري لسنة 9291
في المادة 18منه و المادة 12من دستور ( 9292الملكية الخاصة مضمونة ).
ثانيا :القيود الواردة على حق الملكية :تتمثل في المصلحة العامة و نزع الملكية.
المصلحة العامة :صدر عن المجلس الدستوري الفرنسي قرار مفاده أن -9
الملكية مقيدة وفق متطلبات المصلحة العامة.
أما المساواة في مفهوم القانون العام االقتصادي فإنها تختلف ،ألنها تطبق في المجال
االقتصادي أو ما تعرف بالمساواة االقتصادية.
و يطبق مبدأ التخصص بصفة جامدة في المؤسسات العمومية ذات الطابع اإلداري
EPAو المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري ،EPICبينما يطبق بمرونة
على المؤسسات العمومية االقتصادية .EPE
المحور الخامس :التدخل العمومي في المجال االقتصادي
بعد أن تطرقنا إلى دراسة مدخل للقانون العام االقتصادي( المفهوم ،المصادر ،المبادئ
) ،نتطرق اآلن لطرق التدخل العمومي في المجال االقتصادي ،و يعتبر الضبط من بين أهم
اآلليات التي تكرسها الدولة لتأطير النشاطات االقتصادية من خالل وظيفة الدولة الضابطة
حيث تنازلت عن هذه الوظيفة لصالح سلطات الضبط االقتصادي التي أنشئت لهذا الغرض.
عرف المشرع الضبط في قانون المنافسة األمر رقم 29-29المعدل بالقانون رقم
12-08أين تم تعريف الضبط في المادة 00الفقرة األخيرة بأنه ":كل إجراء أيا كانت
طبيعته صادر عن أية هيئة عمومية يهدف بالخصوص إلى تدعيم و ضمان توازن قوى
المنافسة ،و حرية المنافسة و رفع القيود التي بإمكانها عرقلة الدخول إليها و سيرها
المرن ،و كذا السماح بالتوزيع االقتصادي األمثل لموارد السوق بين مختلف أعوانها
و ذلك طبقا ألحكام هذا األمر" .
حيث تم إلغاء أصحاب الصفة القضائية ،فقصد المشرع هنا ترسيخ الصفة اإلدارية
للمجلس على حساب الصفة القضائية.
لقد أخذ المشرع الجزائري بنوعين من سلطات الضبط ،و هما السلطات التجارية المستقلة
و السلطات اإلدارية المستقلة ،ففيما يخص السلطات التجارية المستقلة فقد جاء بها المشرع
الجزائري سنة ،9225و ذلك بصدور القانون رقم 28- 25المتعلق بالمحروقات (الملغى
بموجب القانون رقم ،)99-91حيث نصت المادة 99منه على أنه " إنشاء وكالتان
وطنيتان مستقلتان تتمتعان بالشخصية القانونية و االستقاللية المالية تدعيان وكالتي
المحروقات:
-وكالة وطنية لمراقبة النشاطات وضبطها في مجال المحروقات ،و تدعى في صلب
النص "سلطة ضبط المحروقات".
-وكالة وطنية لتثمين موارد المحروقات ،وتدعى في صلب النص النفط" ،هاتان
الوكالتان " وكالة النفط و وكالة ضبط المحروقات" تعد سلطات تجارية ،ألنهما حسب المادة
99من نفس القانون أعاله تخضع في عالقاتهما مع الغير للقواعد التجارية و تمسك
محاسبتها حسب الشكل التجاري و لهما ذمة مالية خاصة.
أما السلطات اإلدارية المستقلة ،فلم تظهر في القانون الجزائري ،إال مع بداية سنوات
التسعينيات ،بحيث اعتمد المشرع الجزائري في ذلك على النموذج الفرنسي ،وقد ظهرت هذه
السلطات ألول مرة في الجزائر ،بإنشاء المجلس األعلى لإلعالم بموجب قانون رقم
،07-90إذ نصت المادة 51من هذا القانون على أنه ":يحدث مجلس أعلى لإلعالم
و هو سلطة إدارية مستقلة و تتمتع بالشخصية المعنوية و االستقالل المالي".
و يعتبر المجلس سلطة إدارية مستقلة ضابطة ،و بهذه الصفة يتولى مهام كيفية تطبيق
حقوق التعبير عن مختلف اآلراء ،كما أنه يضمن استقالل القطاع العمومي للبث اإلذاعي
و الصوتي و التلفزي ،و رغم الصالحيات التي منحت لهذا المجلس بموجب المادة 51
من قانون ، 28- 12إال أنه لم يصمد طويال في مواجهة المشاكل التي كان اإلعالم يعيشها
في الجزائر ،مما ترتب عنه نقل اإلختصاصات و النشاطات التابعة للمجلس إلى أجهزة
مالئمة و حل المجلس في سنة ،9119بموجب المرسوم الرئاسي رقم .959–19
و في سنة 9112صدر القانون المتعلق بالنقد و القرض رقم ( 92 -12الملغى
باألمر ،) 99-29الذي بموجبه تم استحداث كل من مجلس النقد و القرض ،و اللجنة
المصرفية المكلفان بضبط المجال المصرفي.
أما في سنة ،9119أنشئت لجنة تنظيم عمليات البورصة و مراقبتها بموجب المرسوم
التشريعي رقم 92-19المعدل و المتمم ،و بعدها أنشأ المشرع الجزائري مجلس المنافسة
سنة ،9115الذي يعمل على ترقية المنافسة و حمايتها من مختلف الممارسات المنافية
للمنافسة الحرة و النزيهة ،و في سنة 9222أنشئت سلﻁة ضبﻁ البريﺩ ﻭ ﺍلموﺍصالﺕ
ﺍلسلكية ﻭ ﺍلالسلكية بموجب القانون رقم 29 -9222الذي ألغي بالقانون رقم 28-97
جدد إنشاء سلطة
الذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بالبريد و االتصاالت اإللكترونية الذي ّ
ضبط سوقي البريد و االتصاالت االلكترونية في المادة 99منه.
كما أوجد المشرع لجنة ضبط الكهرباء و الغاز المتعلقة بالطاقة الكهربائية و توزيع
الغاز بواسطة القنوات بموجب القانون رقم ،29-29بعد ذلك أنشأ المشرع بموجب قانون رقم
99-29المتضمن قانون المالية لسنة 9229سلطة ضبط النقل.
أما عن قطاع التأمينات ففي السنة نفسها ،تم إنشاء لجنة خاصة تتولى اإلشراف
على التأمينات بموجب القانون رقم 28-21المعدل لألمر رقم ،28-15حيث نص
في المادة 91على اعتماد لجنة اإلشراف على التأمينات تتولى مهام ضبط سوق التأمينات.
دون أن ننسى تنظيم الصفقات العمومية نظ ار للدور المهم الذي تحتله هذه األخيرة
في مجال تدخل الدولة لضبط النشاطات االقتصادية ،و علية تم إنشاء سلطة ضبط
الصفقات العمومية و تفويض المرفق العام بموجب المرسوم الرئاسي رقم .988-95