Professional Documents
Culture Documents
2022
2021/2022
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
1
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
يتسم هذا المعيار بالبساطة وسهولة التطبيق ،كما انه يتوافق مع الفترة التي ظهر فيها
والتي امتازت بك ون نشاطات جهة اإلدارة واضحة ومختلفة عن النشاطات التي يقوم بها
األفراد ،كما أن األجه زة التي تمارس بها نشاطاتها مختلفة كل االختالف عن ما يستخدمه
األفراد من أجهزة ووسائل في نشاطاتهم ،لكن مع تدخل الدولة في نشاطات كانت في السابق
متروكة لألفراد السيما في مجالي ا لصناعة والتجارة ،وممارستها لهذه النشاطات كان بإتباع
أساليب مختلفة عن تلك التي تستخدمها في إدارتها لمرافقها اإلدارية ،وهو ما اقتضى
إخضاعها في بعض جوانبها للقواعد التي تحكم األفراد العاديين ،وهو ما جعل من المعيار
السابق منتقدا وهو ما أدى لظهور مفهوم المرفق العام وفقا لالتجاه الموضوعي.
.2المرفق العام وفقا للمعيار الموضوعي
نتيجة لالنتقادات التي وجهت للمعيار الشكلي والنعكاسات التطور العلمي وانتشار
األفكار الديمقراطية وما أحدثته الحروب من آثار سلبية وعجز الدولة عن إشباع الحاجات
العامة بشكل كامل ،كل ذلك ساهم بشكل مباشر في قيام الدولة بإيكال مهمة إشباعها لألفراد
عن طريق االمتياز ،مقابل تمتعهم ببعض امتيازات القانون العام ،وهنا ظهر مدلول المرفق
العام وفقا للمعيار الموضوعي ،والذي هو ":النشاط الذي يستهدف تحقيق النفع العام وسد
الحاجات لألفراد" ،كما عرفه الفقيه الفرنسي دوكي بأنه ":كل نشاط تقوم به وتنظمه وتراقبه
الحكومة إذ يكون القيام بهذا أم ار ضروريا لتحقيق التضامن االجتماعي وألن طبيعته ال
تساعد على تحقيقه تماما إال بتدخل السلطة العامة".
من خالل ما سبق يتضح لنا أن تحديد مفهوم المرفق العام وفقا لهذا المعيار يتحدد من
خالل طبيعة النشاط أو موضوعه ،وهذا يعني انه متى كان الهدف هو تحقيق المصلحة
العامة أو إشباع حاجات األفراد فإننا نكون بصدد مرفق عام ،ومتى كان األمر خالفا لذلك
فإننا ال نكون بصدد مرفق عام ،وهذا بغض النظر عن ما تم استخدامه من أساليب في
ممارسة هذا النشاط أو الجهة القائمة به.
2
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
وجه نقد أيضا لهذا المعيار على أساس أن فيه مخالف لقاعدة جوهرية في القانون
اإلداري وهي أنه ال يكون لغير جهة اإلدا رة إنشاء وتنظيم المرافق العامة باعتبارها سلطة
عامة ،كما انه أدى للخلط بين المصلحة العامة والمرفق العام ،فاألولى يمكن تحقيقها حتى
من قبل األفراد من خالل نشاطاتهم التي تهدف إلشباع حاجات األفراد ،فالمشروع الذي
يهدف لتحقيق المصلحة العامة ليس حتما من المشاريع التي تقوم اإلدا رة بإنشائها ،كما أنها
أيضا قد ال يكون هدفها تحقيق المصلحة العامة على غرار إدارتها ألموالها الخاصة.
.3المرفق العام وفقا للمعيار المركب
المرفق العام حسب المعيار المركب هو ":مشروع تتواله اإلدارة إلشباع حاجات عامة
لألفراد غير مستهدفة في ذلك سوى تحقيق النفع العام" ومن ثم فالمرفق العام " عبارة عن
مشروعات تنشئها الدولة أو أحد األشخاص اإلدارية األخرى وتديرها أو تعمل تحت إشرافها
ورقابتها ألداء خدمات عامة للجمهور".
عرف أيضا وفقا لهذا المعيار أنه ":كل نشاط تقوم به اإلدارة بنفسها أو بواسطة األفراد
تحت إشرافها وتوجيهها لغرض إشباع الحاجات العامة"،وعرف أيضا على أنه ":كل مشروع
يستهدف إشباع الحاجات العامة تعجز المشروعات الفردية عن تحقيقها على وجه مرض
فتتواله اإلدا رة وتديره إما بنفسها أو أنها قد تعهد به إلى أفراد يديرونه تحت إشرافها ورقابتها".
ثانيا :أركان المرفق العام
بناء على ما سبق فالمرفق العام يقوم على عدة أركان يتعين توافرها حتى يتحقق وجوده
وهي على النحو التالي:
أ .المرفق العام نشاط منظم يمارس بواسطة مشروع
3
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
المرفق العام عبا رة عن نشاط في شكل مشروع أو جهاز أو هيأة أو منظمة تمارسه
مجموعة من األشخاص هو الموظفون مستخدمة في ذلك جملة من الوسائل المادية
والقانونية ،وينظم هذا المشروع في شكل هيئات متدرجة فهناك الهيئة اإلدارية العليا والتي
تضطلع بمهمة التوجيه العام للنشاط وكذا وضع الخطط الالزمة لذلك ومراقبتها ،كما توجد به
هيئة تنفيذية من خاللها يتم تنفيذ الق اررات والخطط التي توضع من اإلدارة العليا ،وايصال
كل ما يتعين على المرفق العام آداه من خدمات لجمهور المنتفعين ،ويتم إدارة المشروع
باستخدام أساليب ووسائل القانون العام ،كالق اررات اإلدارية والتنفيذ المباشر ،ونزع
الملكية..الخ،
ب .خضوع المرفق العام إلشراف اإلدارة
يرتبط المرفق العام باإلدارة العامة المركزية أو الالمركزية سواء من حيث إنشائه أو
تسييره وادارته أو إلغائه ،فالمرافق العامة الوطنية ترتبط بالسلطات اإلدارية المركزية ،والمرافق
العامة المحلية تتبع وحدات اإلدارة الالمركزية (الوالية والبلدية) وتخضع لوصايتها ،ومسؤولية
اإلدارة عن المرفق أو المشروع تقتضي أن تقوم هذه األخيرة بنفسها ومن خالل موظفيها
وأموالها بإدارة المشروع وتسييره ،وهذا يقتضي أيضا أن تكون هي من قامت بإنشاء المشروع
إبتداء ،إال أن مسألة إدارة المرافق العامة يمكن أن تقرر السلطة اإلدارية عدم قيامها بإدارته
بصورة مباش رة ،فقد تقوم بإسناد مهمة إدارته لشركة أو فرد أو هيئة خاصة نيابة عنها ،لكن
هذه اإلدا رة تتم في كل األحوال تحت رقابتها واشرافها وتوجيهها بما يتفق دائما مع تحقيق
المصلحة العامة ،أي أن المرفق العام يخضع مباش رة أو بطريقة غير مباش رة لسلطة إدارية.
ج .استهداف تحقيق النفع العام بانتظام واطراد
4
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
الهدف من إنشاء المرافق العامة هو تحقيق الصالح العام أو النفع العام ،والذي يتمثل
في إشباع حاجات عامة أو تقديم خدمات للمواطنين ،وقد تأخذ األخي رة شكل خدمات أو
حاجات مادية كتوريد الماء أو الكهرباء أو توفير وسائل المواصالت...الخ ،كما أنها قد تكون
معنوية تحقق النفع العام للمواطنين بطريقة غير مباشرة كما هو الشأن بالنسبة للمنفعة
العمومية التي تحققها على سبيل المثال :مرافق األمن والدفاع...الخ ،أو بعبارة أخرى الحفاظ
على النظام العام بمدلوالته الثالث.
يتعين أن تكون ا لمصلحة التي يستهدفها نشاط المرفق العام مصلحة عامة ال خاصة،
وقد اختلف فقهاء القانون اإلداري في تحديد طبيعة النفع العام ،فيرى البعض أن المشروعات
التي تنشئها السلطة اإلدارية تعد مرافقا عامة ألنها تحقق النفع العام في صورته العامة ،أي
أنها تستهدف وجها من وجوهه والتي يعجز األفراد عن القيام بها ،أو التي ال يستطعون القيام
بها على الوجه األفضل ،ومن ثم فإن المشروعات االقتصادية التي تنشئها اإلدارة ال تعد
مرافق عامة إذا ما كانت تهدف فقط لتحقيق الربح ،وهذا ال يقتضي بالضرورة أن المقصود
من عدم استهداف الربح أن تكون خدمات المرفق العام مجانية ،فيمكن لإلدارة أن تفرض
مقابل أداء بعض الخدمات رسوما معينة ليس بقصد تحقيق الربح ،وانما مراعاة العتبارات
أخرى كتغطية جانب من نفقات تأدية تلك الخدمة ،أو لضمان جدية طلبها ،وحتى يكون
توزيع األعباء على المواطنين عاما ،ومن ثم تكون هناك مساهمة للمرتفقين في نفقات المرفق
العمومي.
5
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
يرى هذا االتجاه أيضا أنه متى كانت بعض المرافق السيما االقتصادية منها تحقق
بالضرورة أرباحا ،فإنه يتعين أن ال يكون تحقيق هذا الربح في حد ذاته هو الهدف ،إال إذا
كان تحقيق هذا الربح هو لغاية تحقيق النفع العام ،ومن ثم فالمشروعات االقتصادية التي يتم
إنشاؤها من قبل السلطة اإلدارية ال تعد مرافقا عامة إال إذا كان الغرض من إنشائها هو
توجيه النشاط الخاص وتجنب عيوبه ،بما يحقق أهداف السلطة المركزية ،وال يمكن اعتبارها
مرافقا عامة متى كان هدفها الوحيد هو تحقيق الربح ومنافسة المشروعات الخاصة الموجودة
في هذا الصدد.
يرى البعض اآلخر من الفقه أنه ال يشترط أن يكون النفع العام الذي يتحقق من خالل
المرافق العامة نفعا ال يمكن للنشاطات الخاصة أن تقوم بتحقيقه ،فكل مشروع حسبهم سواء
كان إداريا أو اقتصاديا تقوم السلطة اإلدارية بإنشائه يحقق النفع العام فإنه يعد مرفقا عاما،
بغض النظر فيما إذا كان هذا النفع يمكن تحقيقه من قبل المشروعات الخاصة أم ال.
د .الخضوع لنظام قانوني استثنائي
لما كانت المرافق العامة كما سبق اإلشا رة إليها سابقا هي األساس الرئيسي للقانون
اإلداري ،فإنها حتما تخضع لنظام قانوني مختلف عن الذي يحكم القطاع الخاص في نشاطه
وأنشطة األفراد ،وهو ما يتجلى أساسا في المبادئ األساسية التي تحكم المرافق العامة ،غير
أن بعض الفقهاء يرون بأن هذا العنصر ليس بالشرط األساسي لوجود المرافق العامة ،وانما
هي تحصيل حاصل نتيج ة لثبوت صفة المرفق العام للمشروع بعد توافر العناصر الثالثة
السالفة الذكر ،كما أن المرافق العامة في الوقت الحاضر لم تعد مرافق إدارية بحتة ،فهناك
المرافق العامة االقتصادية والتي تخضع في جزء منها لقواعد وأحكام القانون الخاص دون أن
تفقد صفتها األساسية كمرافق عامة.
ثالثا :أنواع المرافق العامة:
6
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
تختلف تقسيمات أنواع المرافق العامة باختالف الزاوية أو المعيار الذي ينظر فيه للمرفق
العامة ،فهناك تقسيمات للمرافق العامة بحسب طبيعتها ،وهناك تقسيم لها بحسب المعيار
اإلقليمي ،وكذا معيار أداة إنشائها وأخي ار معيار مدى تمتعها بالشخصية المعنوية ،نفصل في
ذلك على النحو التالي:
.1تقسيم المرافق العامة بحسب طبيعتها
أ .المرافق العامة اإلدارية
المرافق العامة اإلدارية هي أول أنواع المرافق العامة وأقدمها ،وعلى الرغم من أنها تعد
المرافق ا لعامة التقليدية التي نشأت لجانبها في مرحلة الحقة أنواع أخرى بتدخل الدولة ،إال
أن بعض الفقه لم يستطع وضع تعريف لها يحدد أركانها األساسية ولذا عرفت بطريقة
االستبعاد فكل ما ال يعد مرفقا عاما اقتصاديا فهو مرفق عام إداري ،وهناك فقهاء ركزوا في
تعريفهم لها على نوعية األنشطة التي تقوم بها ،ومن ثم نكون بصدد مرافق عامة إدارية في
كل األنشطة التي ال يباشرها األفراد إما لعدم اإلقبال عليها النعدام أو قلة عائداتها ،أو لعدم
قدرتهم على تحمل أعبائها ،واما لخطورتها على سالمة وأمن الدولة سياسيا واقتصاديا في
حالة ما تركت في يد األفراد على غرار :مرفق الدفاع والقضاء...الخ.
من بين التعاريف التي جئ بها للمرافق العامة اإلدارية أنها ":المرافق التي تنشئها
اإلدارات العامة لممارسة وظيفتها اإلدارية والمتمثلة أساسا في :النشاط التقليدي للدولة في
مجاالت التعليم والصحة والدفاع واألمن ....الخ".
تخضع المرافق العامة اإلدارية لنظام إداري تسوده قواعد القانون اإلداري بما تتسم به
من أساليب السلطة العامة في تنظيمها أو نشاطها أو وسائلها أو منازعاتها ،وبذلك تعتبر
أموالها أمواال عامة ،وموظفوها موظفون عموميون ،وق ارراتها إدارية وعقودها عقود إدارية.
ب .المرافق العامة االقتصادية
ظهرت الم رافق العامة االقتصادية نتيجة لتدخل الدولة في المجاالت الصناعية
والتجارية ،والتي هي في األصل من اختصاص القطاع الخاص واهتمام األفراد ،فبعد اتساع
7
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
النشاط اإلداري بعد الحربين ال عالميتين تم تعديل مفهوم المرفق العام الضطرار الدولة التدخل
في مختلف المجاالت السيما االقتصادية والتجارية ،وكان ظهورها ابتداء من سنة 1921
وكانت بداية القضاء اإلداري في هذا الخصوص في قرار محكمة التنازع الفرنسية في 22
جانفي 1921في قضية Bac d’Elokaوالذي بموجبه تم إخضاع هذه المرافق ألحكام
القانون الخاص والختصاص القضاء العادي ،وقد صدرت في مرحلة الحقة العديد من
الق اررات والتي كانت في مجملها متعلقة بمعايير التمييز بين المرافق العامة الصناعية
والتجارية والمرافق العامة اإلدارية.
لقد أكدت األحكام القضائية على أنه يوجد لجانب المرافق العامة اإلدارية نوع آخر من
المرافق وهي المرافق العامة الصناعية والتجارية والتي تتم إدارتها بشكل مباشر من قبل أحد
أشخاص القانون العام ال أحد أشخاص القانون الخاص كما هو الحال في عقد االمتياز
وتخضع في منازعتها الختصاص القضاء العادي ،وبناء على ما سبق عرفت المرافق
االقتصادية أنها ":مرافق ال تختلف بطبيعتها عن نوع وجنس األنشطة التي يقبل عليها
األفراد ،فهي تمارس نشاطا اقتصاديا سواء كان ماليا أو صناعيا أو تجاريا أو زراعيا ،أي
أنها تمارس نشاطا من طبيعة صناعية أو تجارية مثل مرفق البريد والهاتف والكهرباء..الخ".
عرفت أيضا بأنها ":مجموعة من المرافق العمومية التي تمارس نشاطا يهدف تحقيق
حاجة عامة صناعية أو تجارية مثلها في ذلك مثل النشاط الذي تمارسه األشخاص الخاصة
وهي تخضع في ذلك لمزيج من قواعد القانون العام والخاص ومن أمثلة المرافق العمومية
الصنا عية والتجارية المرافق المتعلقة بالنقل الجوي أو بالسكك الحديدية أو مرفق البريد
والمواصالت ،مرافق توريد الماء ،الغاز والكهرباء....الخ".
يتميز النظام القانوني للمرافق االقتصادية بطبيعة مختلطة من حيث الخضوع لقواعد
القانون اإلداري وقواعد القانون الخاص ،هذا األخير ألنها تعمل في ظروف مماثلة
للمشروعات الخاصة وتخضع للمنافسة ،لذا كان ل زاما تحريرها من الخضوع ألحكام القانون
8
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
العام لما تتسم به إجراءاته من طول وتعقيد وهو ما ال يتالءم مع ما تتطلبه األعمال التجارية
من سرعة وائتمان ،نوضح ذلك على النحو التالي:
-تخضع المرافق العامة االقتصادية للقانون العام بالنسبة لما يلي:
-تخضع لبعض قواعد القانون العام باعتبارها مرافق عامة على غرار أنها ملزمة باحترام
المبادئ األساسية للمرافق العامة والتي تقتضي سير الم رافق العامة بانتظام واطراد ،المساواة
بين المنتفعين ،وكذا قابليتها لل تغيير بما يتالءم مع الظروف الجديدة...الخ.
-تنظيم المرفق العام :فالق اررات التي تصدر لتنظيمها ق اررات إدارية خاضعة للقانون العام.
-المنازعات الناشئة عن تعديل الرسوم هي من صالحيات القضاء اإلداري الرتباطها بتنظيم
المرفق العام.
-األعمال الناتجة عن استعمال امتيازات السلطة العامة من تحصيل الرسوم تعتبر أعماال
إدارية.
-العقود التي تبرم مع األشخاص غير المستفيدين هي عقودا إدارية متى تضمنت شروطا
غير مألوفة في مفهوم القانون الخاص.
-تخضع المرافق العامة االقتصادية للقانون الخاص بالنسبة لنشاطها بالنسبة لما يلي:
-الق اررات غير التن ظيمية التي تصدرها السلطات المختصة تخضع للقانون الخاص ،على
غرار رفض االشتراك في الكهرباء.
-المنازعات الناشئة بين المرفق والعاملين فيه من اختصاص القضاء العادي.
-العالقة بين المرفق العام وبين المستفيدين خاضعة للقانون الخاص ،كذلك نظامها المالي
ودعاوى المسؤولية التي قد تترتب على نشاطها.
-العقود التي برمها المرافق العامة االقتصادية خاضعة للقانون الخاص كقاعدة عامة،
والعاملون بالمرافق االقتصادية هم عمال ال موظفون عموميون باستثناء وظائف القيادة
والمحاسبة العامة ويخضعون ألحكام قانون العمل.
-المرافق العامة االقتصادية ال تعمل مجانا.
9
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
للتمييز بين المرافق العام االقتصادية والمرافق العامة اإلدارية ظهرت العديد من
المعايير الفقهية ،على غرار معيار طبيعة النشاط ،ومعيار الهدف ،ومعيار القانون المطبق،
إال أن القضاء اإلداري في فرنسا لم يأخذ بمعيار واحد وانما أخذ بمعيار يقوم على عنصرين:
-العنصر األول :يعتمد على موضوع وطبيعة النشاط الذي يمارسه المرفق االقتصادي الذي
يتماثل مع النشاط الخاص ،أي عمليات صناعية وتجارية تتوفر فيها إمكانية تحقيق الربح،
فإذا كانت ا لخدمات التي تؤديها مجانية أو كان مقابلها غير متكافئ مع النفقات التي تكبدها
المرفق استبعدت الصفة التجارية.
العنصر الثاني :يتعلق بطرق تنظيم وتسيير المرفق في ظل ظروف مماثلة لظروف عمل
المشروعات الخاصة.
ج.المرافق العامة المهنية
تضطلع هذه األخيرة بتنظيم ومراقبة بعض األعمال لمهن داخل الدولة ،ويقوم بهذا
التنظيم أصحاب المهن أي المنخرطين فيها في شكل تنظيمات نقابية ،ومن أمثلة المرافق
المهنية :نقابة المحامين...الخ.
تتمتع المرافق العامة المهنية بالشخصية المعنوية واالستقالل المالي ،وقد منحها المشرع
حقوقا والتزامات هي كتلك الممنوحة للسلطة العامة ،بهدف تنظيم المهنة ورعاية مصالح
أعضائها ،وتؤدي المرافق المهنية دو ار هاما في تحقيق الصالح العام ،لكونها متخصصة في
مجال معين.
د .المرافق العامة االجتماعية
تستهدف تحقيق خدمات اجتماعية للجمهور ،ومثالها مراكز الضمان االجتماعي والتقاعد
ومراكز الراحة ،ويحكمها قواعد القانون العام والخاص ،حتى أن النظر في منازعاتها موزع
بين القضائين اإلداري والعادي ،وقد توسعت الدول في إنشائها بعد الحرب العالميتين األولى
الثانية بالنظر لآلثار التي رتبتها على الجانب االجتماعي.
.2تقسيم المرافق العامة بحسب المعيار اإلقليمي
10
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
11
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
لقد أخذ المشرع بهذا النوع من المرافق في قانوني الوالية والبلدية الساريي المفعول في
القانون رقم 78/91في المواد ،979-77 :وقانون البلدية رقم 97/99في المواد من
.911-978
ب.المرافق العامة اإلجبارية
من خالل تسميتها فعملية إنشائها تكون إجبارية ،مثال ذلك مرفق األمن والصحة ،ومرد
إجبارية إنشائها هو الغرض من إنشائها ،وقد يورد المؤسس الدستوري نصا بإجبارية هذه
المرافق العامة ،كما قد يرد النص في النصوص القانونية ،ويبين في كالهما الجهة التي
ستتولى إنشاؤها.
رابعا :نشأة وتطور المرافق العامة وظهور المرافق العامة االقتصادية
.1في فرنسا
أرجعتتت نشتتأة الم ارفتتق العامتتة فتتي فرنستتا لحكتتم (بتتاك دالوكتتا) الصتتادر عتتن محكمتتة التنتتازع
الفرنس ت تتية فت ت تتي 11كت ت تتانون الثت ت تتاني ،9119وتت ت تتتلخص وق ت تتائع هت ت تتذه القضت ت تتية فت ت تتي أن إحت ت تتدى
المس تتتعمرات الفرنس تتية كان تتت تت تتولى إدارة رص تتيف عل تتى إح تتدى البحيت ترات ،وح تتدث أن غرق تتت
إحدى السفن الصغيرة وتتدعى (دالوكتا) فنجتا معظتم الركتاب ،إالن أن الستيارات التتي كانتت علتى
متتتن الستتفينة غرقتتت ،فرفعتتت الشتتركة المالكتتة للستتيارات دعتتوى أمتتام القضتتاء العتتادي للمطالبتتة
بتتالتعويض عتتن األض ترار التتتي لحقتهتتا ،إالن أن إدارة المستتتعمرات أثتتارت مستتألة االختصتتاص،
ووصتتل الختتالف إلتتى محكمتتة التنتتازع الفرنستتية ،التتتي قتتررت اختصتتاص القضتتاء العتتادي بنظتتر
الدعاوى التتي يرفعهتا األفتراد ،للمطالبتة بتالتعويض عتن األضترار الناشتئة عتن استتغالل الم ارفتق
العامت تتة االقتصت تتادية التت تتي تعمت تتل فت تتي أوضت تتاع مشت تتابهة لألوضت تتاع التت تتي تعمت تتل بهت تتا المشت تتاريع
كرس هذا الحكم مجموعة من المبادئ هي:
الخاصة .وقد ن
-وجود نوع جديد من المرافق العامة له طابع اقتصادي.
12
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
-ظه تتور تص تتنيف م تتزدو للم ارف تتق العام تتة ،فإم تتا أن نك تتون بص تتدد م ارف تتق عام تتة إداريت تتة
خاض تتعة للق تتانون اإلداري ،وامت تتا م ارف تتق عامت تتة اقتص تتادية ،وتخضت تتع ف تتي هت تتذه الحال تتة للقت تتانون
التجاري.
-اختصتتاص القضتتاء الع تتادي بنظتتر المنازع تتات التتتي تكتتون الم ارف تتق العامتتة االقتص تتادية
طرفاً فيها أو متعلقة بنشاطها.
وبعد صدور القرار الستابق ،ازداد تتدخل الدولتة فتي المجتاالت االقتصتادية بستبب األزمتات
التي حصلت بعتد الحتربين العتالميتين األولتى والثانيتة ،وازداد تعتداد الم ارفتق العامتة االقتصتادية
نتيجتتة لتتذلك ،ألنشتتأت الدولتتة مرفتتق التمتتوين ،والهيئتتة القوميتتة للفحتتم ،والهيئتتة القوميتتة لمشتتتقات
الوقود ،وكذلك العمل في مجال النقل البحري ،بوساطة الناقالت الخاضعة إلشراف الحكومة.
لق تتد قام تتت الدول تتة بت تتأميم ع ت نتدة مش تتاريع خاص تتة ب تتين س تتنتي ( )9111-9111منه تتا بن تتك
فرنسا ،وبعض مشاريع الغاز والكهرباء ،فضالً عن إنشاء المؤسستة القوميتة للحبتوب وعتدد متن
الشركات العامة في مجال النفط ،والكيماويات واألدوية وانشاء هيئة الفحم الفرنسية.
بداية الثمانينات من القرن الماضتي تتم تتأميم عتدد كبيتر متن المشتاريع الصتناعية ،وأنشتأت
الدولتتة تبع تاً لتتذلك م ارفتتق عامتتة اقتصتتادية ،أختتذت شتتكل الشتتركات العامتتة وشتتركات االقتصتتاد
المختتلط ،وكتتان ذلتك بهتتدف حتتل المشتاكل التتتي كتان يعتتاني منهتتا االقتصتاد الفرنستتي :كالبطالتتة
وضعف المردودية...الخ.
بعتتد فت ترة عتتادة األفكتتار االقتصتتادية الليبراليتتة ،إذ شتتهد منتصتتف الثمانينتتات ت ارجتتع تتتدخل
الدولتتة فتتي المجتتال االقتصتتادي ،وخضتتوع نشتتاط الم ارفتتق العامتتة االقتصتتادية لقواعتتد المنافستتة،
كما استعانت الدولة بالقطاع الخاص إلدارة هذه الم ارفتق ،كمتا لجتأت الدولتة لخصخصتة بعتض
الشتتركات العامتتة ،متتن أجتتل تقلتتيص دور القطتتاع العتتام فتتي ممارستتة النشتتاط االقتصتتادي ،وهنتتا
بتترزت الحاجتتة إليجتتاد إطتتار قتتانوني متكامتتل يتتوفر بيئتتة مناستتبة للمنافستتة ،ورفتتع الح تواجز بتتين
األسواق العالمية ،مع وجود ش ركات عالمية تملك قدرة كبيرة على المنافسة.
.2في مصر
13
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
14
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
كمتتا صتتدرت تش تريعات ستتمحت للقطتتاع الختتاص باستتتغالل م ارفتتق عامتتة حيويتتة ،بوستتاطة
عقود االمتياز ،كما قامت مصتر بإعتادة هيكلتة مرفتق الكهربتاء فتي أواختر التستعينات ،لتشتجيع
القطتتاع الختتاص علتتى المشتتاركة فتتي مجتتال توليتتد الطاقتتة الكهربائيتتة عتتن طريتتق عقتتود البنتتاء
والتشغيل والتحويل ( ،)B.O.Tضف لتذلك عتدمت مصتر لخوصصتة عتدد كبيتر متن الشتركات
العامة ،من أجل تقليص حجم القطاع العام.
.3في لبنان
كانتت أغلتتب هتتذه الم ارفتتق فتتي لبنتتان تتتدار متن قبتتل أشتتخاص القتتانون الختتاص ،عتتن طريتتق
عقود االمتياز ،مثل مرفق نقل الكهرباء ،وتوزيع المياه ،وادارة مرفتأ بيتروت...التخ ،وبعتد موجتة
الت تتأميم الت تتي ح تتدثت ف تتي خمس تتينات ،اس تتتردت الدول تتة ع تتدد كبيت ت ار م تتن الم ارف تتق الم تتدارة بعق تتود
االمتيتتاز ،وأنشتتأت مؤسستتات عامتتة إلدارة هتتذه الم ارفتتق العامتتة االقتصتتادية المستتترجعة ،والتتتي
أظهتترت فتتي التطبيتتق العمل تتي ستتلبيات ،بستتبب ضتتعف كفت تاءة اإلدارة ،والعجتتز المتتالي الم تتزمن
التتذي كانتتت تعتتاني منتته هتتذه المؤسستتات...التتخ ،األمتتر التتذي دفعهتتا لخوصصتتة بعضتتها ،ودمتتج
التتبعض اآلختتر بتتالو ازرات وتعزيتتز دور القطتتاع الختتاص فتتي إدارة الم ارفتتق العامتتة االقتصتتادية،
فضالً عن تحديث التشريعات المنظمة لهذه المؤسسات.
.1في العراق
المرحلة األولى :من 1591إلى 1599
قب تتل س تتنة ،9111ك تتان ت تتدخل الدول تتة ف تتي المج تتاالت االقتص تتادية واالجتماعي تتة مح تتدودا،
بس ت تتبب ع ت تتدم االس ت تتتقرار السياس ت تتي ال ت تتذي ش ت تتهدته بع ت تتد ث ت تتورة ،9117ال ت تتذي أض ت تتعف النظ ت تتام
االقتصادي للدولة ،وبعتد ستنة 9111تتدخلت الدولتة فتي كتل المجتاالت ،وصتدرت قتوانين ستنة
، 9111التتتي أطلتتق عليهتتا قتوانين اإلشتتتراكية،وتم بموجبهتتا تتتأميم ( )11شتتركة خاصتتة كمرحلتتة
أولى .
وبستتبب اتس تتاع حج تتم القطتتاع الع تتام ص تتدر ق تتانون المؤسستتة االقتص تتادية رق تتم ( )17لس تتنة
،9111متتن أجتتل تنظتتيم النشتتاط االقتصتتادي للدولتتة ،ثتتم أُلغتتي هتتذا القتتانون وحتتل محلتته قتتانون
15
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
المؤسستتات العامتتة رقتتم ( )911لستتنة ،9111كمتتا استتتعانت الدولتتة بتتبعض الشتتركات األجنبيتتة
للمساهمة في تنفيذ بعض المشاريع المهمة.
وف تتي بداي تتة الثمانين تتات وبع تتد ان تتدالع الح تترب العراقي تتة اإليراني تتة ،انخفض تتت كف تتاءة الم ارف تتق
العامتة االقتصتتادية ،وعجتتزت بعضتتها عتن القيتتام بنشتتاطها ،بستتبب توجيته جميتتع المتوارد لخدمتتة
الحترب ،وقيتام الحكومتة بتتاالقتراض متن الختار لستتد العجتز فتي الموازنتتة العامتة ،مضتيفة بتتذلك
ديونتاً جديتدة لتديونها الستابقة ،وقتد ستيطر القطتتاع العتام هنتا تبعتا لأليديولوجيتة النظتام السياستتي
القائم آنذاك.
المرحلة الثانية :من 1599إلى 2003
تمتتت ختتالل هتتذه المرحلتتة الخصوصصتتة لعتتدد متتن المشتتاريع العتتاجزة ،وألغيتتت المؤسستتات
العامتة ،وكانتت متوارد الدولتة موجهتتة للجانتب العستتكري ،متا أثتتر علتى عمليتتة النمتو االقتصتتادي
ستتلبا ،وفتتي هتتذه المرحلتتة أيضتاً صتتدر قتتانون الشتتركات العامتتة رقتتم ( )11لستتنة ،9118والتتذي
أجتتاز فتتي المتتادة ( )11منتته تحويتتل الشتتركة العامتتة لشتتركة مس تاهمة بموافقتتة مجلتتس التتوزراء،
وعلتتى التترغم متتن النمتتو التتذي حققتته االقتصتتاد فتتي هتتذه المرحلتتة ،إال أن العقوبتتات التتتي فرضتتت
كبير بالبنية التحتية وباالقتصاد.
ضرر اا على العراق بعد احتالله الكويت ،ألحقت
المرحلة الثالثة :ما بعد عام 2003
تتتم االهتمتتام بالقطتتاع المصتترفي الستتتئناف النشتتاط االقتصتتادي ،وختتالل هتتذه المرحلتتة
صتتدر الدستتتور االتحتتادي التتدائم عتتام ،1771التتذي اتجتته للحريتتة االقتصتتادية واقتصتتاد الستتوق
الحر ،وفتح األبواب لرأس المال الوطني واألجنبي لالستتثمار فتي الم ارفتق العامتة ،تتاله صتدور
عدة تشريعات لتشجيع االستثمار في كل المجاالت.
ال أن المشترع لتتم يعتتالج مستتألة التحتتول متتن االقتصتاد الموجتته القتصتتاد الستتوق الحتتر ،ولتتم
إن
ُيصدر التشريعات الالزمة لذلك.
خامسا :المبادئ الحاكمة للمرافق العامة
.1مبدأ مساواة جميع األفراد أمام المرافق العامة
16
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
يكفل المبدأ لجميع المرتفقين االنتفاع بخدمات المرفق ،متى توافرت الشروط الالزمة
النتفاعهم بخدماته ،واقرار هذا المبدأ ال يعني تجريد اإلدارة من حقها في وضع الضوابط
القانونية التي تراها ضرورية لتنظيم انتفاع المرتفقين بالخدمات التي يقدمها المرفق العام
يضمن تجسيد عمليا لفكرة المصلحة العامة ،كما يتضمن مبدأ المساواة أمام المرافق العامة
المساواة أمام األعباء العامة أيضا والتي يقتضي أن يكون جميع األشخاص الذين هم في
وضع مماثل أن تحمل نفس األعباء على غرار :المساواة أمام الضرائب والرسوم ،وللمساواة
في عقود االمتياز مظهران ،في األول يكون لجميع المرتفقين بالتساوي حق الوصول
للخدمات التي يقدمها المرفق العام ،فكل من يتوافر على الشروط الالزمة لالستفادة ال يمكن
للملتزم أن تمنعه منها ،والثانية متعلقة بالمساواة داخل المرفق العام.
.2مبدأ سير المرفق العام بانتظام واطراد
كما سبق لنا اإلشارة فعملية تنشأ إنشاء المرافق العامة هي لغرض واحد ،وهو كي تشبع
حاجات جمهور المرتفقين ،المتطورة كما ونوعا ،لذلك كان لزاما باسم المصلحة العامة ،أن
تؤدي هذه المرافق خدماتها العامة على نحو يمكن الجمهور من االستفادة منها ،من هنا ال
يمكن تجسيد الهدف من وراء إنشاء هذه المرافق إال بضمان سيرها بانتظام واطراد ،ألن
الحاجات الجماعية التي تنشأ المرافق العامة إلشباعها بشكل كاف ،ال تعتبر أنها قد أشبعت،
إذا تم هذا اإلشباع بشكل وقتي ،أو على فترات متقطعة ،بل يجب أن تكون هذا اإلشباع
بصفة دائمة ومنتظمة.
إن أساس مبدأ استم اررية المرفق العا،م يرتكز على مبدأ دستوري :هو تواجد الدولة،
ومبدأ سياسي :يرتكز على هدف اجتماعي ،هو ضرورة تفادي الفوضى ،واالجتهاد بدوره
اعتبر منذ قرار winkellالصادر في 78 :أوت " 9171إن اإلستم اررية هي جوهر المرفق
العام".
ال بمبدأ االستم اررية المكرس في االجتهاد الفرنسي وأيضا من قبل المجلس الدستوري
وعم ً
الفرنسي ،ينبغي على المرفق العام أن يعمل بإستمرار ،دون انقطاع ودون تأخير ،وعلى
17
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
اإلدارات العامة تأمين دخول جمهور المرتفقين للمكاتب بشكل منتظم ،وضمن وقت العمل
الرسمي ،وان إغالق المكاتب قبل انتهاء الفترة القانونية الرسمية للعمل ،يشكل خطأ خدمة
تسأل عنه اإلدا رة ،وال يمكن أن يتوقف المرفق العام إال في العطل الرسمية ،وأيضا في حالة
القوة القاهرة.
إذن على المرفق العام أن يعمل دون انقطاع ،وهو ما يعني منع اإلضراب على
الموظفين ،كما هو واضح في قرار ،WINKELLأي أن االستم اررية هي من جوهر المرفق
العام ،واإلض راب يتعارض مع طبيعة المرفق العام ،و في حال لجوء مجموعة من الموظفين
لإلض راب ،يكون من واجب اإلدا رة اتخاذ تدابير عاجلة لضمان استم اررية اداء المرفق
لمهامهم.
اعتبر هوريو مبدأ سير المرافق العامة بانتظام حق ،فالمرتفقون يعولون على المرافق
العامة ودوام سيرها بانتظام ،للحصول على مختلف حاجياتهم ،وهذه األخيرة تتأثر سلبا في
كل حالة يكون فيها خلل في تأديته لمهامه ،أو حتى توقف عن تأديتها ،وقد تلحقه أضرار
جراء ذلك ،فتعطل أو توقف مرفق النقل فاألمر سنعكس سلبا على الموظفين وكذا العمال،
الذين لن يتمكنوا من االلتحاق بمناصب عملهم ،األمر الذي قد يرتب نتائج سلبية على
االقتصاد ،وعلى عمل اإلدارة ،ما يؤثر على سيرورة العمل اإلداري...الخ ،من هنا يبرز لنا
أهمية هذا المبدأ من بين المبادئ الضابطة لسير المرافق العامة ،ألن غاية الغايات من
المرافق العامة تحقيق المنفعة العامة ،وأداء الخدمات األساسية للجمهور.
يقتضي هذا المبدأ قيام األشخاص الذين يتولون إدارة المرفق العام ضمان تقديم الخدمات
للمرتفقين بشكل منتظم ،فكل توقف من قبلها ولو كان مؤقتا سيرتب أثا ار سلبية عليهم ،ليس
التوقف فقط حتى التأخير يؤثر على حسن سير المرفق العام بانتظام واطراد ،ويستمد هذا
الحق من السلطة التنظيمية التي تتمتع بها الدولة المضيفة أو الجهة اإلدارية المتعاقدة بصفة
18
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
عامة بموجب النصوص القانونية المنظمة لسير المرافق العامة ،ويقر القضاء اإلداري وفقه
القانون العام أنه قد ترتب على هذا المبدأ تنظيم اإلضراب في المرافق العامة ،وتنظيم استقالة
الموظفين ،ونظرية الموظف الفعلي ونظرية الظروف الطارئة...الخ ،لذا من الضروري إيالءه
أهمية عند تنفيذ العقد ومواجهة كل اإلشكاالت التي تحول دون تحققه.
أ .تقييد الحق في ممارسة اإلضراب
عرف اإلضراب بأنه ":امتناع العمال جماعيا ،وبصورة مؤقتة عن العمل الواجب عليهم
بمقتضى عقود العمل ،وفي سبيل الضغط على أرباب العمل أو على السلطات العامة
لتحقيق مطالب مهنية".
يتميز اإلضراب بالخصائص التالية:
-اإلضراب انقطاع عن العمل
اإلضراب انقطاع جماعي :اإلض راب ليس بالعمل الفردي ،فهو عمل جماعي يفترض االتفاق
المسبق بين عدة أشخاص ،ويتميز هذا االنقطاع بأنه ذو طابع مؤقت.
-اإلضراب يهدف لتحقيق مطالب اجتماعية ومهنية :على غرار :المطالبة بزيادة في
األجور أو تحسين شروط العمل...الخ.
القانون رقم 71/17المتعلق بالوقاية من المنازعات الجماعية في العمل وتسويتها
وممارسة حق اإلضراب المعدل والمتمم ،حدد المصالح والقطاعات التي يتعين أن توفر حدا
أدنى من الخدمة في نص المادة 17منه 1،وال يمكن ممارسة هذا الحق إال بعد استنفاذ كل
- 1وذلك في المجاالت التالية :المصالح االستشفائية ،المناوبة ومصالح االستعجاالت وتوزيع األدوية ،وفي المصالح
المرتبطة بسير الشبكة الوطنية للمواصالت السلكية والالسلكية واإلذاعة والتلفزة ،وكذلك في المصالح المرتبطة بإنتا
الكهرباء والغاز والموارد البترولية والماء ونقلها وتوزيعها ،وكذلك في المصالح البلدية لرفع القمامة من الهياكل الصحية
والمسالخ مصالح الم راقبة الصحية بما فيها الصحة النباتية والحيوانية في الحدود والمطارات والموانئ والمصالح البيطرية
الطاقة المخصصة لتزويد شبكة العامة والخاصة وكذا مصالح التطهير ،وكذلك في المصالح المرتبطة مباشرة بإنتا
المواصالت السلكية والالسلكية وكذلك المصالح الضرورية لسير مراكز العبور في المواصالت السلكية والالسلكية الوطنية
وصيانة الشبكة الوطنية لإلشارة ،وكذلك في المصالح المكلفة بالعالقات المالية مع الخار في البنك والبنوك العمومية،
المحروقات ونقلها عبر قنوات الشحن والنقل البحري ،وكذلك نقل المحروقات بين وكذلك في المصالح المكلفة بإنتا
19
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
اإلجراءات والطرق العالجية لتسوية النزاع من وساطة وتحكيم وفي غياب وجود طرق أخرى
يمكن اللجوء إليه مع احترام ما هو محدد قانونا.
ب .تنظيم استقالة الموظفين
على الرغم من تنظيم المشرع لالستقالة في أحكام األمر رقم ،71/71وعلى الرغم من
كونها حقا ،إال أن المشرع لم ينظمها في حقوق وواجبات الموظف ،ونظم أحكامها في
الحاالت التي تنتهي بها الخدمة ،ونص في المادة 198على أن االستقالة حق معترف به
للموظف ،يمارس ضمن الشروط المنصوص عليها في هذا القانون األساسي".
االستقالة إرادية وهو ما يميزها عن اإلقالة ،وتنطوي على توقف عن القيام بأعمال
الوظيفة ،وتكون بمبادرة من الموظف بطلب كتابي ،ولتنظيم استقالة الموظفين قرنها المشرع
بشروط ،ضمانا الستم اررية تأدية المرافق العامة في تأدية مهامها بانتظام واطراد ،وهي
كالتالي:
-وجود إرادة صريحة من الموظف العام تعبر عن رغبته في االستقالة :فنصت المادة
197من األمر رقم ،71/71المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية على
أنه ":ال يمكن أن تتم االستقالة إال بطلب كتابي من الموظف ،يعلن فيه إرادته الصريحة
في قطع العالقة التي تربطه باإلدارة بصفة نهائية" ،ومن ثم البد أن تكون االستقالة دون
ضغط بل تعبير عن اإل رادة ،كما لم يأخذ المشرع باالستقالة الحكمية أو االفتراضية ،التي
يتم استنباطها من تصرفات الموظف العام.
السواحل الوطنية ،وكذلك في مصالح الشخن والتفريغ المينائية والمطارية ونقل المنتوجات المعترف بخطورتها والسريعة
التلف أو المرتبطة بحاجيات الدفاع الوطني ،وكذلك المصالح المرتبطة بأمن وسائل النقل ،وكذلك مصالح النقل
والمواصالت السلكية والال سلكية المرتبطة بحماية األرواح وعمليات الشحن وانقاذ السفن مباشرة ،وكذلك مصالح الدفن
والمقابر ،وكذلك المصالح المكلفة بمراقبة المرور الجوي ،وأخي ار مصالح كتابة الضبط في المجالس والمحاكم .
عدلت هذه المادة سنة 1991وأضاف لها المشرع:
-األنشطة المرتبطة بامتحانات التعليم الثانوي ذات الطابع الوطني وذلك طوال فترة إجرائها.
-مصالح اإلدارة العمومية التي تتولى األنشطة الدبلوماسية للدولة .
-المادة 7من القانون رقم ،77/91المشار إليه سابقا.
20
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
-صدور قرار بالموافقة على طلب االستقالة :نص المشرع في المادة 9/117من األمر
رقم 71/71على أنه" ال ترتب االستقالة أي أثر إال بعد قبولها الصريح من السلطة المخولة
صالحيات التعيين ،التي يتعين عليها اتخاذ قرار بشأنها في أجل أقصاه شهران ابتداء من
تاريخ إيداع الطلب" ،ومن ثم البد من موافقة صريحة على الطلب المقدم لالستقالة.
بمجرد قبول طلب االستقالة تصبح غير قابلة للرجوع فيها حسب نص المادة 1/191
من األمر رقم ،71/71ويكون الرد على طلب االستقالة خالل أجل شهرين ابتداء من تاريخ
إيداع الطلب ،وفي حال الضرورة القصوى للمصلحة منحها المشرع أجل شهرين آخرين للبت
في طلب االستقالة إذا لم تبت فيه خالل أجل شهرين األوليين.
-استمرارية الموظف في القيام بواجباته لغاية صدور قرار صريح بقبول طلب االستقالة:
فا لموظف ال يفقد صفته هذه بمجرد تقديم طلب االستقالة ،إال في حال قبول السلطة التي لها
صالحية التعيين طلبه ،وخنا يلتزم بالقيام بكل التزاماته الوظيفية ،تحقيقا للمصلحة العامة،
فلو ترك منصب عمله سيخل ذلك بسير المرفق العام بانتظام واطراد.
ج .نظرية الموظف الفعلي
نظرية الموظف الفعلي هي نظرية قضائية من ابتداع القضاء اإلداري الفرنسي ،للتخفيف
من الغلو في إلغاء الق اررات اإلدارية الصادرة عن غير الموظفين ،والحفاظ على سير المرافق
العامة بانتظام واطراد ،وحماية مصالح الغير حسن النية ،فالمرتفقون ال يمكنهم التأكد من
سالمة الوضع الوظيفي للموظف العام ،من جهة أخرى فهذا ضمانة لحماية المصلحة العامة
والخاصة،
نص المشرع في األمر رقم ، 71/71المتضمن القانون األساسي للوظيفة العمومية ،في
المادة 1منه على أنه" :يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة ورسم في رتبة
في السلم اإلداري .الترسيم هو اإلجراء الذي يتم من خالله تثبيت الموظف في رتبته".
نص المادة السالف الذكر يحدد متى نكون بصدد موظف عام ،ودون تحقق تلك الشروط
ال يمكن الشخص هذه الصفة ،لكن القضاء اإلداري المصري والفرنسي ،اعترف بصحة
21
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
بعض التصرفات الصادرة عن بعض األشخاص الذين لم يصدر قرار بتعيينهم في وظيفة
إدارية ،من قبل السلطة المختصة ،أو من قرار تعيينهم معيبا.
أوردت عديد التعاريف للموظف الفعلي نرد عدد منها على النحو التالي:
عرف الموظف الفعلي بأنه ":الشخص الذي يقوم بأعمال الوظيفة العامة ،سواء صدر
قرار بتعيينه قرار خاطئ أو معيب ،أو لم يصدر بتعيينه قرار إطالقا".
عرفا أيضا بأنه ":شخص لم يصدر قرار بتعيينه في الوظيفة العامة ،أو صدر قرار
ولكنه صدر معيبا ،وقام بممارسة بعض التصرفات أو االختصاصات المعهودة لموظف
عام".
كل التعاريف تجمع على أن كل من لم صدر قرار بتعيينه ،أو كان قرار تعيينه معيبا
فهو موظف فعلي ،وال ي مكن تطبيق هذه النظرية إال بتوافر الشروط التالية:
-وجود ظروف استثنائية :على غرار الحروب والثورات والكوارث الطبيعية ،وهنا يترك
الموظفون عملهم ،أو تهجر تلك المرافق العامة للدولة وتترك بال عمل ،فال يوجد من يتولى
تسيير المرفق العام ،فيأتي شخص عادي ليس له عالقة بالوظيفة ويمارس العمل الوظيفي.
-المحافظة على استمرارية المرافق العامة :لتطبيق نظرية الموظف الفعلي البد أن يكون
الهدف من ذلك هو دوام سير المرافق العامة بانتظام واطراد ،وحماية لجمهور المرتفقين،
والذين يتعاملون مع اإلدارة وال يمكنه من الظروف معرفة حقيقة الموظف المتعامل معه هل
هو موظف حقيقي؟ أو موظف فعلي؟ وهنا تبرز الحاجة لالستعانة بمن يقومون بتسيير
العمل ضمانا لتأدية الخدمات للمنتفعين بالمرفق العام.
حتى تكون الق اررات ا إلدارية منتجة ألثارها يتعين أن تتضمن أركان القرار اإلداري ،وهنا
إذا صدر قرار من شخص ال يملك صفة موظف عام فهذا يعد من حاالت اغتصاب
السلطة ،وال نكون أمام قرار إداري ،فهو معدوم وباطل بطالنا مطلقا ،وهو ما أكدته عديد
الق اررات القضائية الصاد رة في هذا الشأن ،وهو ما أكده مجلس الدولة الفرنسي والذي اعتبر
األعمال الصاد رة من أشخاص عاديين كأنها صادرة من موظفين عامين ،وهذا حماية
22
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
للمتعاملين مع اإلدا رة في حال الموظف الظاهر ،ولحسن سير المرافق العامة في حال
الموظف الفعلي.
األمر سيان بالنسبة للقضاء اإلداري المصري ،فقد أقر بصحة بعض األعمال
والتصرفات الصاد رة عن الموظف الفعلي ،ولكن بتوافر الشروط السالفة ،وهذا حماية لجمهور
المرتفقين المتعاملين معه ،واعماال لمبدأ سير المرافق العامة بانتظام واطراد.
كما أقر القضاء اإلداري الفرنسي بصحة العقد التي يبرمها الموظف الفعلي ،لكن ذلك
مقترن بتوافر الشرط التالي:
-إبرام العقود اإلدارية من قبل الموظف الفعلي :فالعقد اإلداري الذي يبرمه الموظف الفعلي
في الظروف االستثنائية صحيح ،حتى بعد زوال الظروف االستثنائية ،وعودة الموظفين
الرسمين لوظائفهم ،وال يجوز إبطاله أو فسخه ،ويرجع اعتبار العقود سليمة ،ضمانا لمبدأ
سير المرافق العامة بانتظام واطراد.
د.نظرية الظروف الطارئة
عرفت نظرية الظروف الطارئة بأنها ":مجموعة القواعد واألحكام التي تعالج اآلثار
الضا رة الالحقة بأحد المتعاقدين ،الناتجة عن تغير الظروف التي بناء العقد في ظلها".
نظرية الظروف الطارئة نظرية قضائية ،من خلق القضاء اإلداري الفرنسي ،وطبقها
أثناء الحرب العالمية األولى عندما تغيرت الظروف االقتصادية بسبب الحرب ،والتي كان لها
انعكاس على تنفيذ عقود امتياز المرافق العامة ،على غرار ارتفاع أسعار الفحم ،والتي كانت
سببا في كون المقابل المالي الذي تتلقاه شركة اإلضاءة لمدينة بوردو الفرنسية سنة 9191
قليل جدا ،وال يغطي نفقات التشغيل.
فتقدمت الشركة للسلطة مانحة االمتياز بطلب لرفع تلك األسعار ،لكن السلطة رفضت
الطلب الذي تقدمت به الشركة ،على أساس القوة الملزمة للعقد ،وعندما عرض النزاع على
مجلس الدولة الفرنسي ،أقر مبدأ جديدا مستمدًا من قاعدة دوام سير المرافق العامة ،مفاده أنه
إذا وجدت ظروف لم تكن في الحسبان ،من شأنها أن تزيد األعباء الملقاة على عاتق الملتزم
23
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
إلى حد اإلخالل بالتوازن عند تنفيذ العقد ،فللملتزم الحق في أن يطلب من اإلدارة المساهمة
ولو إلى حد ما في الخسائر التي تلحق به ،وأصبح هذا المبدأ أساسًا لنظرية الظروف
الطارئة في القانون اإلداري.
صدرت بعد ذلك عديد الق اررات من مجلس الدولة الفرنسي ،التي روعي فيها تطبيق
نظرية الظروف الطارئة ،مراعيا في أحكامه مبادئ العدالة وتوسع المرافق العامة وضرورة
المحافظة على استم ارريتها في تأديتها لخدماتها للمواطنين.
.3مبدأ قابلية المرافق العامة للتغيير والتطور
األصل أن المرفق العام يقدم خدمات لجمهور المرتفقين وهذه الخدمات ضرورية لذا
يجب أن تواكب التطورات ا لحاصلة من خالل إدخال التحديثات الضرورية حتى يستطيع
المرفق العام مواكبة التطورات الحاصلة في حاجات المرتفقين ،واألصل في المرافق العامة
هي أن للدولة سلطة واسعة في تقدير حاجة المرفق للتطوير والتحديث دون أن يحتج
المتعاقد معها (المسؤول عن إدارة المرفق العام) بقاعدة "العقد شريعة المتعاقدين" بالنظر
للطبيعة اإلدارية للعقد وتعلقه بالمصلحة العامة ،لذا ترجح كفة اإلدارة هنا على المتعاقد معها
ألنها المسؤولة عن تحقيق المصلحة العامة ،وتبقى ق اررات تعديل المرافق العامة خاضعة
لرقابة القضاء اإلداري.
لكن في المرافق التي يتم إنشاؤها بعقود االمتياز كما سنقوم ببيانه يتعين أن يكون
التطوير باتفاق الطرفين ويراعى فيه مصلحة الملتزم عند رغبة الدولة في القيام بأي تعديل
وتحديث في المرفق العام ويتعين أن تقوم الدولة المضيفة بتعويض الملتزم عن أي عملية
تحديث أو تطوير للمرفق العام الن عقود االمتياز عقود زمنية محددة بمدة خاللها تسترد
الملتزم النفقات التي تكبدتها وكذا تحقق األرباح المتفق عليها.
بالنظر لطول مدة عقود االمتياز فإنه من الضروري أن تلتزم هذه األخي رة بالصيانة
الدورية لآلالت والمعدات والتكنولوجيا المعتمد عليها في تسيير المرفق العام ،بما يضمن أن
يكون صالحا لالستم اررية في العمل بعد انتهاء المدة ونقل ملكية المرفق العام للدولة ،ونشير
24
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
في هذا الصدد إلى أن المشرع بين مضمون عملية الصيانة فعلى سبيل المثال نص":
تتضمن صيانة شبكة نقل الغاز مجموع األعمال التي تمكن من اإلبقاء على الشبكة في
وضع يقارب الوضع األصلي أو إعادتها أو في وضع يتالءم ووظائفها المحددة للتموين أو
العبور" ،وقسم أعمال الصيانة هذه لثالث أنواع:
-الصيانة الوقائية الشرطية وهي مرهونة بمراقبات أو تجارب السير التي تمكن من كشف
االنحرافات المحتملة قبل حدوث عجز.
-الصيانة الوقائية النظامية وترتكز على عمل تصحيحي مبرمج في فواصل زمنية منتظمة.
-الصيانة العالجية التي تمكن من استعادة وضع شبكة لحق بها ضرر أو اختالل.
لذا من المهم أن تقوم الدولة المضيفة في هذا الصدد بدورها الرقابي للتحقق من مدى
قيام الملتزم بتنفيذ هذا االلتزام المهم لتحقيق الهدف من لجوء الدولة عقود االمتياز إلنجاز
مرافقها العامة وللمحافظة على استم اررية المرفق في تلبية حاجات المرتفقين ،وهو ما أكده
المشرع الجزائري أحكام نصوصه القانونية ،ويتعين على الملتزم إعالم السلطة المانحة
لالمتياز مسبقا بكل تدخل في الصيانة يتطلب توقيفا مؤقتا لسير هياكل إنتا المياه ،ويتعين
أن يحدد التبليغ مدة انقطاع إنتا المياه ،وفي مجال نقل الغاز نص المشرع على أن مسير
شبكة نقل الغاز سهر على أن يكون اإلخالل بالسير العادي لشبكة نقل الغاز في أدنى
الحدود أثناء قيامه بأعمال الصيانة.
مصطلح تفويض المرفق العام مصطلح جديد لعالقة قديمة بين السلطات العمومية
والقطاع الخاص ،ظهر عندما لجأت فرنسا لتفويض أشخاص القانون الخاص إدارة بعض
مرافقها ذات الطابع الصناعي والتجاري ،وتم إق ارره في عدد من األحكام الصادرة عن مجلس
25
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
الدولة الفرنسي ،وقد استعمل كمصطلح ألول مرة من طرف األستاذ J-M. Aubyفي
الثمانينات في كتابه المعنون ب " الم رافق العمومية المحلية" والذي يعد إطا ار عام يجمع كل
العقود التي تتضمن تفويض التسيير ،لكنه لم يستخدم كاصطالح قانوني لغاية التسعينات.
عرف المشرع الفرنسي تفويض المرفق العام سنة 1779في قانون Loi MURCEFبأنه
العقد الذي يعهد بموجبه شخص من أشخاص القانون العام إلى شخص عام أو خاص إدارة
مرفق عام ،بحيث يكون المقابل المالي الذي يحصل عليه هذا األخير مرتبطا بصورة جوهرية
بنتائج استغالل المرفق ،كما يمكن أن يعهد إلى صاحب التفويض إقامة منشآت واكتساب
أموال ضرورية للمرفق"
قبل صدور القانون السابق كان تفويض المرفق موجودا بكل أنواعه من امتياز ،إيجار ...
الخ ،لكن هذا القانون إلى جانب قوانين أخرى ،هو من أعطى إطا ار قانونيا عاما التفويض
المرفق العام ،لكنه في لم يضع تعريفا دقيقا للمصطلح ،األمر الذي أثار االنتقادات حول
صحة اال صطالح ،ألنه سيسبب خلطا مع نظام آخر هو تفويض السلطة كما انتقد أيضا من
حيث أن تفويض المرفق العام ال يرد على المرفق بذاته ،وانما على إدارته فقط حيث أن
الدولة تبقى ممارسة لجميع اختصاصاتها ،وسلطاتها على المرفق المفوض.
عرفته األستاذة Amel Aouij Mradبأنه ":العملية التي تسمح بتخلي أشخاص القانون
العام ،عن الصالحيات والمهام الضرورية لتسيير مرفق عام واستغالله ،ألشخاص من
26
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
القانون الخاص" ،كما عرف أيضا بأنه ":العقد المبرم بين شخص عمومي متمتع
بصالحيات ،وشخص آخر مكلف بتسيير جزء أو كل المرفق المرتبط بهذه الصالحيات".
عرفه األستاذ G.Drouبأنه ":عقد مبرم بين شخص عام وشخص خاص ،ويقوم على
االعتبار الشخصي بغية تنفيذ مرفق عام ،وهو يأخذ عدة أشكال هي من صنع االجتهاد:
االمتياز ،االلتزام ،اإلدا رة غير المباش رة."...
عرف أيضا أنه ":عقد إداري تعهد به السلطة المفوضة للمفوض له ،داخل المجال الترابي
المحدد في مدار التفويض ،باستغالل وتدبير المرفق العام الصناعي والتجاري المحلي المدة
محددة تنتهي بانقضاء مدة العقد".
عرف أيضا بأنه ":كل تدبير المرفق عام بواسطة شخص معنوي خاص ،والتدبير
المفوض يغطي مختلف طرق التسيير التقليدية ،مثل عقود االمتياز ،والوكالة ومختلف
اتفاقيات التفويض التي يختلف مداها بين حد أقصى وحد أدنى".
من خالل التعاريف السابقة يتضح لنا أن موضوع التفويض يضم كل العقود التي تتنازل
فيها الدولة عن تسيير المرافق العامة ،دون التنازل عن ملكيتها ،وهنا يتحمل المفوض إليه
تسيير المرفق العام ،وما ينجر عن التسيير من أرباح وخسائر ،مقابل مبلغ مالي متعلق
بنتائج استغالل المرافق ،ومن ثم فهو يتحمل كل المنشآت والتجهيزات الضرورية التي تسمح
باالستغالل الجيد والتسيير العادي للمرفق.
ظهرت ثالث نظريات لتحديد الطبيعة القانونية لعقود تفويض المرافق العامة ،وهي
النظرية التعاقدية ،ونظرية العمل القانوني من جانب واحد ،ونظرية العمل القانوني المختلط:
27
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
استند أنصار هذه النظرية في تحديدهم للطبيعة القانونية لتفويض المرافق العامة لعقود
االمتياز التي تشكل أحد صور عقود التفويض ،وبناء على ذلك في نظرهم ولغاية بداية القرن
العشرين عقود امتياز المرفق العام هي ذات طبيعة تعاقدية ،على الرغم من توافرها على
شروط غير مألوفة في القانون الخاص ،تتضمن خصوصية تتعلق بالمستفيدين من خدمات
المرفق ا لعام والتي تضمن حقوقهم في الحاضر والمستقبل ،فاالمتياز عقد يتضمن بنودا
لمصلحتهم.
بناء على ذلك اعتبر الفقيه Lafferriereامتياز المرفق العام عمال من أعمال السلطة
العامة ذو طبيعة تعاقدية ،واستند البعض في ذلك القول بالطبيعة التعاقدية لالمتياز لتضمنه
بنودا مقررة لصالح جمهور المرتفقين ،على غرار العقود األخرى التي تنشأ بين األطراف
المتعاقدة.
في االجتهاد القضائي أكد مجلس الدول ة الفرنسي في رأيه الصادر في 1مارس 9111
أن قانون 11جانفي 9111ال يطبق إال إذا كان موضوع التفويض الذي يتم بعقد ،وبذلك
ربط التفويض بالطبيعة التعاقدية ،كما أن النظرية التعاقدية لتفويض المرفق العام وجدت
مصدرها في تطور النظرية العامة للعقود اإلدارية ،والقواعد والمبادئ األساسية المطبقة على
العقد اإلداري أرسيت بفضل تقنية التفويض ،ويعد القرار الشهير الصادر في قضية
Bordeauxمحددا لنظرية التفويض اإلداري.
يرى أنصار هذه النظرية أن عقد االمتياز عمل إنفرادي ،صادر عن الجهة اإلدارية
المختصة بمنح االمتياز ،بما لها من سلطات مقررة قانونا ،دون أن يكون للملتزم سلطة في
28
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
اختيار قبوله الشروط االمتياز ،وقد نشأت هذه النظرية في الفقه األلماني واإليطالي أواخر
القرن ،91والذي ينظر لالمتياز سواء كا ن موضوع مرافق عامة أو غيرها على أنه عمل من
جانب واحد وهو اإلدارة ،وبناء على ذلك فكل من حقوق الملتزم وواجباته تتحدد ليس بناء
على عقد وانما على هذا العمل القانوني االنفرادي ،واعتبار االمتياز عمال قانونيا منفردا هو
المبرر للسلطة التي تتمتع بها جهة اإلدا رة مانحة االمتياز في سحب االمتياز ،أو تعديله
بإرادتها المنفردة ،دون أن يكون ذلك متوقفا على رضا أو موافقة الملتزم.
يمكن إرجاع تكييف أنصار هذه النظرية العقود امتياز المرفق العام على أنها عمل من
جانب واحد ،على أساس تغليب القواعد المتعلقة بتنظيم الم رافق العامة من جهة ،ومن جهة
أخرى األخذ بعين االعتبار أن المرفق الذي يدي ره الملتزم هو مرفق عام ،واألصل فيه أن تتم
إدارته عن طريق اإلدارة المباشرة ،ألن ما يؤديه من خدمات هو من اختصاص اإلدا رة ،التي
يكون لها دائما حق التدخل والتعديل في قواعد تنظيم االلتزام بإرادتها المنفردة.
لقد تعرضت هذه النظرية لالنتقاد إلنكارها الجانب التعاقدي في عقود االمتياز ،مغفلة
بذلك الدور الذي يؤديه الملتزم في تحديد شروط العقد ،ودور إرادته في إب رام هذا العقد ،كما
أنها تؤثر على المركز القانوني للملتزم كثيرا ،من حيث إجازتها لجهة اإلدارة التدخل ما
ارتأت ذلك لتعديل شرط االمتياز أو حتى إلغائه . .نظرية العمل القانوني المختلط
استند أنصار هذه النظرية لتضمن العقد بنودا تنظيمية بالنسبة لعالقة صاحب االمتياز
مع مستعملي المرفق العام ،وأخرى تعاقدية بالنسبة للعالقة بين صاحب االمتياز والسلطة
العامة مانحة اال متياز ،أما البنود التعاقدية فهي متعلقة بالحقوق المالية للملتزم ،وتنظم
العالقة بين السلطة مانحة االمتياز والملتزم ،وهي شروط غير قابلة للتعديل إال بالحصول
على موافقة الملتزم ،ألنها خاضعة إلرادة الطرفين ،وتحكمها قاعدة العقد شريعة المتعاقدين.
كما أنها شروط ال تهم المنتفعين بالمرفق ،أما البنود الالئحية فهي متعلقة بقواعد تنظيم
المرافق العامة وتسييرها ،كما أنها توضح كيفية أداء الخدمة للمنتفعين ،ويمكن لجهة اإلدارة
29
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
القيام بتعديلها في أي وقت بما يتناسب وحاجة المرفق العام موضوع االستغالل ،وال يستطيع
الملتزم رفض التعديل ،لكن له الحق في طلب التعويض عن الضرر الذي يلحقه جراء
التعديل.
تعرضت هذه النظرية أيضا لالنتقاد ،على أساس أنها متعارضة في محتواها ،فكيف يمكن
إيجاد وصفين لعمل قانوني واحد؟ تعاقدي وتنظيمي؟ فمن الصعب حسبهم تصور وجود عمل
قانوني تختلف طبيعته باختالف األشخاص الذين يتوجه إليهم ،فهناك تعارض بين المفاهيم
التعاقدية والتنظيمية.
كان للمشرع دور أساسي في تكييف عقود تفويض المرافق العامة ،فقد كان أول من
استعمل هذا المصطلح ،وكان له اإلسهام الكبير في تعريفها ،وبيان إجراءات انعقادها ،وكذا
اآلثار التي ترتبها ،لكن ذلك لم يكن بشكل مباشر من أجل إرساء نظام خاص بالتفويض،
بقدر ما كان يهدف لتحقيق الوضوح واالستقرار في الحياة االقتصادية ،في ظل االنفتاح
االقتصادي الذي عرفته فرنسا بعد سنة ،9117وكذا التحديات التي تعرفها المنطقة ضمن
كتلة االتحاد األوروبي ،والقوانين التي قام المشرع الفرنسي بإرسائها لهذا الغرض عنصر
أساسي لهذا البناء االقتصادي ،وقد كرست القوانين التي أرساها المشرع الفرنسي نظاما
قانونيا متكامال لعقود تفويض المرفق العام ،رغبة منه في تطوير تسيير المرافق العامة من
خالل أسلوب التفويض للمرفق العام ،ألشخاص تتوافر فيهم الكفاءة اإلدارية والمالية والتقنية،
وضبط قواعد إبرام عقود تفويض المرافق العامة ،تكريسا للشفافية والمنافسة واستم اررية
الخدمة العمومية ،إال أن الوضع التشريعي في التشريعات المقارنة لم يكن على شاكلة
التشريع الفرنسي ،فقد ظل نظامها القانوني في مجال إدارة واستثمار الم رافق العامة مفتق ار
للقواع د القانونية التي تحدد اإلطار القانوني للتفويض على غ رار لبنان.
30
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
بالنسبة للمشرع الجزائري فقد أخذ بتفويض المرافق العامة من أجل مواكبة التحوالت التي
عرفتها الج زائر ،بعد تقلص تدخل الدولة في تسيير الخدمات العمومية السيما التي تتمتع
بالصفة التجارية والصناعية ،ففي مجال المياه قام المشرع في ظل القانون
رقم 17/83المتضمن قانون المياه والذي خالل سريانه تم إنشاء الجزائرية للمياه بموجب أحكام
المرسوم التنفيذي رقم ، 101/01لم يتضمن أي نص قانوني للتفويض ،لغاية صدور القانون
رقم 12/05والذي نصت المادة 1منه على التفويض وعرضها للمنافسة شريطة الحصول
الموافقة المسبقة قبل ذلك ،حيث نص أنه ":يمكن لإلدا رة المكلفة بالموارد المائية التي
تتصرف باسم الدولة أو صاحب االمتياز ،تفويض كل أو جزء من تسيير نشاطات الخدمة
العمومية للماء أو التطهير ،لمتعاملين عموميين أو خواص ،لهم مؤهالت مهنية وضمانات
ما لية كافية ،كما يمكن صاحب االمتياز أن يفوض كال أو جزء من هذه النشاطات لفرع أو
عدة فروع الستغالل المنشأة لهذا الغرض".
بالنسبة للمشرع المغربي هو اآلخر أخذ بالتدبير المفوض ،كما تم االصطالح عليه
استجابات للحاجات المتزايدة بالمغرب ،وأوكلت مهمة تسيير المرفق العام لمؤسسات عمومية،
وأصدر المشرع المغربي قانونا خاصا بالتدبير المفوض وهو القانون رقم 54/05المتعلق
بالتدبير المفوض للمرافق العامة الصادر في 91فيفري 1771الذي وفر إطا ار منظما إلبرام
هذه العقود في ظل الشفافية والمنافسة ،مبر از مضمون عقد التدبير المفوض ،وطرق
ا لمصادقة عليه ونشره ،وكذا اإلجراءات المتعلقة بإبرام العقد ،ومدته وكيفية انتهاء العقد ...
الخ كل ذلك في محاولة لطمأنة المستثمرين ،وهو ما جعل المشرع المغربي ينص صراحة
على اللجوء للصلح ثم التحكيم التسوية المنازعات المتعلقة بالتدبير المفوض ،مستوحيا من
التشريعات الحديثة المعمول بها في الدول األوروبية مع مالءمتها ببعض الخصوصيات
المغربية ،وهذا في العديد من المجاالت :توزيع الماء الصالح للشرب ،والكهرباء والتطهير،
جمع ومعالجة النفايات ،الموانئ ،النقل ...الخ.
31
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
من خالل ما سبق تناوله يتضح لنا أن عقود تفويض المرافق الع امة هي عقود إدارية
باعتبار أن أحد أطرافها شخص من أشخاص القانون العام في الجزائر ،وهي الدولة أو
الوالية أو البلدية طبقا لنص المادة 777من قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية ،تتضمن
نوعين من الشروط :األولى تشتمل على االلتزامات التعاقدية األساسية لكل من المفوض
والمفوض إليه في عقد تفويض المرفق العام ،وهي شروط ال تهم جمهور المرتفقين بشكل
مباشر ،ألنها متعلقة بمدة العقد ،االلتزامات المتبادلة ...الخ ،وهي الشروط ال يمكن لجهة
اإلدارة أن تقوم بتعديلها دون الحصول على موافقة المفوض إليه ،أما في النوع الثاني من
الشروط فهي م تعلقة بتنظيم المرفق العام وسيره ،ولما كان األمر كذلك فإنه في هذه الحالة
يمكن لجهة اإلدا رة أن تقوم بتعديلها وتغييرها بمفردها ،بما يحقق المصلحة العامة والتي هي
هدف إنشاء المرافق العامة ،حتى ولو لم يوافق المفوض إليه.
.9توافر عالقة تعاقدية بين مانح التفويض وصاحب التفويض موضوعها استغالل مرفق
عام
البد أن يكون هناك عقد بين الشخص العام سواء كان الدولة أو أحد األشخاص العامة
المحلية أو المرفقية مانحة التفويض والمفوض إليه إدا رة المرفق العام ،بموجبه يعين على هذا
األخير إ دارة واستغالل المرفق العام موضوع العقد ،ومن ثم ال يتصور قيام عقد تفويض
مرفق عام إذا كان مانح التفويض من أشخاص القانون الخاص ،لكن أورد استثناء في هذا
الصدد متعلق بالعقد المبرم بين شخصين من أشخاص القانون الخاص لحساب وباسم
الشخص العام وتحت إشرافه وتوجيهه ،وعند العقد في هذه الحالة عقد تفويض مرفق عام وا ن
كان قد تم إبرامه من قبل شخصين من أشخاص القانون الخاص.
لما كان العالقة بين المفوض والمفوض إليه عالقة تعاقدية فهي تخضع لما تم إدراجه في
العقد من بنود وأحكام ،وفي هذا الصدد يرى مجلس الدولة الفرنسي أن التفويض الذي يتم
32
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
بطريق انفرادي ال يدخل في مجال تطبيق قانون ،Sapinفهو متعلق فقط بالحاالت التي
يقوم فيها شخص عام بعهد مرفق عام هو مسؤول عن إدارته لشخص هو من اختياره شريطة
أن يكون االختيار تعاقديا.
يتعين أن يكون موضع عقد تفويض المرفق العام متعلقا بإدارة وتشغيل مرفق عام تحت
رقابة واشراف السلطة مانحة التفويض ،ويتحمل المفوض إليه مخاطر التشغيل ،ألنه دون
ذلك ال نكون أمام عقد تفويض للمرفق العام ،ويلتزم المفوض إليه بالقيام بجميع األعمال
التي تقتضيها اإلدارة والتي هي موضوع العقد المبرم بينهما ،ويكون تشغيل المرفق واستغالله
مموال منه.
يعد تحمل صاحب التفويض للمخاطر التي قد تنجم عن إدارة المرفق العام المعيار الذي
يقوم القضاء اإلداري من خالله بتمييز عقد تفويض المرفق العام عن غيره من العقود
اإلدارية ،السيما المتعلقة بتنفيذ المرفق العام أو بعض المهام المرتبطة به دون أن تضمن
إشارة لتحمل المتعاقد معها ألي مخاطر قد تنتج عن هذه اإلدا رة.
مست تغيرات فكرة حمل المفوض إليه لمخاطر االستثمار بمفرده بعض التطورات ،فلم
يعد هذا األخير يتحملها بمفرده ،بل أصبح هناك تضامن بين طرفي العقد بهدف ضمان
تمكين صاحب التفويض من مواجهة المخاطر الناجمة عن التشغيل ،دون أن يؤدي ذلك
لتعطيل في نشاط المرفق العام ،ومن ضمن الوسائل التي تجسد لنا التضامن المالي بين
طرفي العالقة التعاقدية:
-قيام السلطة مانحة التفويض بأداء مساهمات مالية للمفوض إليه بتأمين التوازن المالي
للعقد ،السيما من الخسائر التي قد تلحقه بالنسبة لبعض المرافق على غرار مرفق النقل
الحضري،
33
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
-دفع السلطة المانحة للتفويض جزء من المقابل المالي يكون متغي ار حسب نتائج االستغالل
وتطوره - ،أداء تعويضات للمفوض إليه جراء حدوث ظروف طارئة غير متوقعة عند إبرام
العقد.
قيام المفوض إليه بإدارة واستغالل المرفق العام مع تحمله لكل النفقات والمخاطر يرتب
عليه جملة من النتائج نوجزها فيما يلي:
-يتعين أن يمنح العقد للمفوض إليه الحق في تحديد القواعد التي يخضع لها المرفق العام،
والمتعلقة بأدائه للخدمات وعمليات التشغيل،
-تكون العالقة بين العمال والمفوض إليه خاضعة ألحكام القانون الخاص ويحكمها قانون
العمل،
-يتعين أن يمنح المفوض إليه بعض امتيازات السلطة العامة والتي يقتضيها حسن إدا رة
المرفق العام،
-يتعين على المفوض إليه تأمين األموال الالزمة إلدا رة وتشغيل المرفق العام ،وهي األموال
التي يتعين إعادتها للشخص المفوض عند االنتهاء من تنفيذ العقد طالما أنها مرتبطة
بتشغيل المرفق العام.
أكد الفقه واالجتهاد القضائ ي على ارتباط المقابل المالي الذي يمنح للمفوض إليه بنتائج
االستثمار ،وهذا يعني أن المقابل المالي يتعين أن يعكس تحمل المفوض إليه لمخاطر
االستثمار التي تنجم عن إدارته للمرفق العام ،وهذا ال يقتضي بالضرورة أن مصدر المقابل
المالي هو جمهور المرتفقين ،فقد يكون مصدرها آخر يعكس االرتباط بنتائج االستغالل ،وان
كان جزء من المقابل المالي يدفع من قبل السلطة مانحة التفويض أو كانت هذه األخيرة
تساهم في دعم المرفق العام.
34
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
يعد ارتباط المقابل المالي بنتائج االستغالل أحد المعايير الحاسمة التي من خاللها يتم
التمييز بين عقد تفوي ض المرفق العام والصفقة العمومية ،فمتى كان هذا األخير مجرد ثمن
للخدمة المقدمة دون أن يتحمل المفوض إليه أي مخاطر عد هذا العقد صفقة عمومية ،وهو
کرسة القضاء اإلداري الفرنسي في أحكامه ،حيث قضى أن المقابل المالي الذي يدفعه
الشخص العام المحلي الذي عهد إلى جمعية استغالل مركز الترفيه ،بمقابل مالي يؤدي لهذه
األخيرة من الشخص العام دون أن تكون ملزمة بتحمل أي مخاطر ناجمة عن اإلدا رة
واالستغالل ،وبذلك تكون هذه المبالغ ثمنا للخدمات المؤداة ،مما عني أن العقد ال يمكن
اعتباره عقد تفويض مرفق عام وانما هو صفقة عامة.
العتبار المقابل المالي مرتبطا بنتائج االستثمار ال يشترط أن يكون مصدره بشكل كامل
أو الجزء األكبر منه المرتفقين وانما يشرط أن يرتبط بنتائج االستغالل ،وهو ما أكده مجلس
الدولة الفرنسي في قضية Commune de Guilherand Grangeحيث أبرم عقد إدارة
بين الشخص العام المح لي وشركة المياه بموجبه عهد لهذه األخيرة تنفيذ مرفق توزيع المياه
والمقابل المالي يكون في شكل جزء ثابت مقابل استعمال العدادات ،وجزء أخر متغير حسب
استهالك المياه ،على أن يكون الجزء الثابت مساو ل %17من المقابل المالي يدفعه
الشخص العام ،ويشكل الجزء المتغير %77يدفعه المستفيدون من خدمات المرفق مقابل
استهالكهم للمياه الموزعة ،وهنا وعلى الرغم من أن غالبية المقابل المالي المدفوع هو من
قبل المستهلكين ،إال أن مجلس الدولة اعتبر العقد صفقة عامة وليست بعقد تفويض ،الن
المقابل المالي ال يعكس تحمل المتعاقد مع اإلدا رة المخا طر االستغالل ،السيما وأن الخدمة
هي توزيع المياه ،وهي حاجة ضرورية للمواطنين ال يمكن االستغناء عنها ،ومن ثم فتوافر
العدد الكافي من المشتركين في الخدمة ال يشكل أي مخاطر اقتصادية.
أكد مجلس الدولة على الرابط في قضية Smitomوالتي بمقتضاها عهدت إحدى
النقابات ا لشركة خاصة جمع النفايات ومعالجتها ،وحدد المقابل المالي في العقد بجزء ثابت
35
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
يشكل %87كأجر يدفع من النقابة ،وجزء أخر متغير يشكل %17من المقابل المالي يدفع
من قبل المستفيدين من خدمات المرفق ،وذلك باالستناد لنتائج معالجة النفايات ،وعلى الرغم
من أن الجزء األصغر في المقابل المالي مرتبط بنتائج االستغالل ،إال أن مجلس الدولة أكد
على أن العقد هو تفويض مرفق وليس صفقة عمومية.
يرى البعض أنه ليس من السهل تحديد خصائص تفويض الم رافق العامة على الرغم من
أهمية ذلك ،واستندوا في ذلك لعدم قي ام المشرع الفرنسي لوضع تعريف لتفويض المرفق العام
مكتفيا فقط بوضع تعاريف ومفاهيم لكل اإلجراءات المتعلقة به ،لذا ترك المجال للقضاء
اإلداري ممثال في مجلس الدولة لوضع مفاهيم دقيقة لتفويض المرفق العام.
بالنظر ألهمية التف ويض الرتباطه بإدارة واستثمار المرافق العامة كان لزاما أن تتميز
إجراءاته بخصوصية مستمدة من تعلقها بتحقيق المنفعة العامة لجمهور المرتفقين وبنوعية
جيدة ،فالتفويض ال يتحقق عمليا إال بأعمال تنفيذية.
تفويض المرفق العام يقوم به الشخص العام بموجب عمل قانوني صادر عنه ،وتأخذ
األعمال القانونية صورتين :أعمال قانونية صادرة باإلرادة المنفردة وهي األعمال اإلدارية
والتي قد تكون فردية أو تنظيمية ،ومرتبطة بمظاهر السلطة العامة ألنها تمنح المستفيد منها
امتيازات السلطة العامة ،وفي العهد الع ثماني كان التفويض يمنح ويدار بموجب قانون
االمتياز العثماني الصادر سنة ،9171وفي عهد االنتداب كان يمنح سندا لق اررات تشريعية
عديدة ،وكان يشترط فيه تحقيق المصلحة العامة ،وقد استقر االجتهاد القضائي على اعتبار
أن التفويض ال يشترط وجود نص صريح ،ألنها قد تكون ضمنية يقوم القاضي باستنتاجها
من خالل رقابة السلطة العامة على النشاط المرفقي.
36
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
األولى :فيها تعهد النصوص القانونية تشريعية كانت أو تنظيمية مباشرة إدارة المرفق العام
المشروع خاص ،كما هو الحال في ا لمرافق االجتماعية في فرنسا والتي تعهد قوانين
التأمينات االجتماعية والصحة الجهات خاصة بمرافق التأمينات االجتماعية ومراكز مكافحة
السرطان.
الثانية :فيها تعهد السلطة اإلدارية ومن جانب واحد لمشروع خاص إدا رة مرفق عام ،من
خالل أسلوب الترخيص اإلداري أي أن العملية تتم بموجب قرار إداري ،وقد أخذت به فرنسا
في نقل البترول عن طريق األنابيب ،وتوزيع الكهرباء وفقا لقانون سنة ... 9171الخ.
في تطبيقاتها الحديثة أخذت فرنسا بنظام التراخيص في إدارة المرافق العامة االقتصادية
في مجال إنشاء شبكات الهاتف بالكابل بترخيص من الوزير المختص وبعد قيام سلطة ضبط
االتصاالت بفحص ملف الطلب ،وذلك لمدة 91سنة ويعهد ذات القانون السلطة تنظيم
االتصاالت مراقبة التزام المرخص له بااللتزامات المفروضة عليه ،وتوقع عليه الجزاءات في
حالة اإلخالل.
في مصر في مجال االتصاالت بعد صدور القانون رقم 91لسنة 9117الذي بموجبه
تم إنشاء جهاز مكلف بتنظيم مرفق االتصاالت السلكية والالسلكية ويتولى مهمة اإلشراف
على حسن سير المرفق العام ووضع الخطط والبرامج الالزمة ومتابعة تنفيذها ...الخ.
هناك أيضا األعمال التي تأخذ الصورة التعاقدية وهي الغالبة في إدارة وتسيير المرافق
العامة ،وقد أخذ بها المشرع الجزائري في عقود امتياز العديد من المرافق العامة وأخذ به
المشرع الفرنسي في قانون
Sapinورأى مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 1مارس 9111أن التفويض الذي يتم عن
طريق انفرادي ال يدخل في مجال تطبيق القانون السابق ،فتفويض المرفق العام حسب نصي
المادتين 17و 17منه متعلقة فقط بالحاالت التي يعهد فيه شخص القانون العام المسؤول
37
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
عن المرفق بإدارته لشخص يخت ا ره بأسلوب تعاقدي ،ومن هنا اعتبر مجلس الدولة التصاريح
الخاصة بنقل الغاز ق اررات من جانب واحد ال تخضع لإلجراءات المنصوص عليها في
المادتين 17و 17من قانون .Sapin
خالفا لما كان مكرسا سابقا من ربط المرفق العام المفوض بطبيعة الشخص المفوض
إليه ،اآلن هذا الشخص المفوض إليه والذي هو شخص من أشخاص القانون الخاص قد
يكون مستقال بشكل كامل عن األشخاص العامة (فرد -شركة) أو يرتبط معها برابطة قانونية
أو مالية على غرار شركات االقتصاد المختلط ،وقد أكد االجتهاد القضائي الفرنسي على أنه
ليس هناك أي نص أو مبدأ يمنع أشخاص القانون العام من أن يعهد لهم بمهمة إدارة مرفق
عام عن طريق التفويض ،وهو ما أق ره ديوان المحاسبة اللبناني.
كما سبق لنا اإلشا رة فعملية تفويض المرافق العامة تمارس من قبل أشخاص معنوية عامة
قد تكون الدولة أو الوالية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العامة باعتبارها المسؤولة في
األساس عن إدارة وتنظيم وتسيير هذه األخي رة وهو انعكاس المتيازات السلطة العامة ،دون
أن تتخلى عن المرفق العام المفوض فهي تبقى مسؤولة عنه ،وكما سبق بيانه فعقد التفويض
المبرم بين الشخص المعنوي العام والمفوض إليه هو عقد إداري.
يتسم تفويض المرافق العامة بخصائص مستمدة من طبيعة التفويض التي يشارك فيها
القطاع الخاص في إدارة المرافق العامة في الدولة ،نبرز ذلك على النحو التالي:
38
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
لما كان تنظيم إدارة المرافق العامة عن طريق التفويض متعلقا بتنظيم المرفق العام ،ولما
كان تنظيم المرافق العامة أحد امتيازات السلطة العامة ،يتضح لنا أن تفويض المرفق العام
هو مظهر من مظاهر امتيازات السلطة العامة ،وكل نشاط مرفقي تم إخضاعه لنظام قانوني
خاص ومتميز يتم فيه استعمال امتياز السلطة العامة ،وبذلك تظهر لنا العالقة القائمة بين
مفهومي السلطة العامة والمرفق العام وهو دفع ببعض الفقه للقول بأن مفهوم السلطة العامة
يحمل في طياته فكرة اإلبقاء على مفهوم المرفق العام.
تجد المرونة كخاصية مميزة لتفويض المرفق العام أساسها في الصيغة التعاقدية في مبدأ
قابلية المرافق العامة للتطور والتعديل مواكبة التطورات الوسائل والطرق الفنية المستحدثة،
وهو ما يعطي للمرفق العام مرونة يقتضيها تحقيق المصلحة العامة التي مفهومها متغير
زمان يا ومكانيا وهو ما يتعين على صاحب المرفق العام مواكبته ،ومن هنا ال يمكن للمرتفقين
وال للموظفين التمسك بالحقوق المقررة بموجب األنظمة السابقة على التعديل ،كما ترتبط
خاصية المرونة بمبدأ آخر وهو استم اررية المرافق العامة والذي أساسه تمكن المرفق العام
من إشباع ال حاجات العامة للمواطنين دون انقطاع ،كما ترتبط خاصية المرونة بمبدأ هام
آخر وهو التوازن المالي واالقتصادي لتقنية التفويض.
تضمن المرونة في تفويض المرفق العام تحقيق التوازن بين فكرتين متناقضتين في
األساس وهي امتيازات السلطة العامة التي تتمتع بها جهة اإلدا رة المفوضة للمرفق العام من
جهة ومن جهة ثانية حرية واستقاللية المفوض إليه في تنفيذ مهامه المرفقية.
يظهر الطابع المالي االقتصادي لتفويض المرفق العام في االرتباط القائم بين المقابل
المالي ونتائج استغالل المرفق العام ،ويمكن أن يحصل المفوض إليه هذا المقابل المالي
مباش رة من جمهور المرتفقين في شكل إتاوات يدفعونها له.
39
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
وقد أكد مجلس الدولة الفرنسي على في ق ارره الصادر في 91أفريل 9111على وجود
ارتباط بين المقابل المالي للمتعاقد ونتائج االستغالل ،واعتبر هذا األمر معيا ار ممي از لعقود
تفويض المرافق العامة .وقد كان للحكم أهمية كبيرة في التمييز بين عقود تفويض المرافق
العامة والصفقات العمومية ،لكن في حاالت أخرى وحفاظا على التوازن المالي للعقد قد
تتحمل الجهة مانحة التفويض جزئيا تمويل بعض األشغال واألخطار المالية لالستغالل (أي
أنه ذو طابع تكميلي فقط).
هناك حاالت أخرى يكون المقابل المالي الذي يتحصل عليه المفوض إليه من الجهة
العامة مانحة التفويض شريطة أن يكون هذا األخير نظير نتائج االستغالل ،ويظهر ذلك
بصورة واضحة في عقود االستغالل غير المباشر وعقد اإلدارة ،ويتكون مقابل االستغالل من
عنصرين :عنصر ثابت :عبارة عن نسبة ثابتة تقدمها الجهة المفوض لها تحسب لها كرأس
مال في المشروع ،وعنصر متغير :عبارة عن مكافأة إضافية سنوية بنسبة النشاط الذي تبذله
ال جهة المفوض لها المرفق تقدر على أساس الربح الصافي أو الدخل اإلجمالي السنوي ،أما
في عقود اإلدارة فالمتعاقد يتقاضى مبلغا جزافيا يمكن تعديله متى اقتضت الضرورة
االقتصادية ذلك أثناء االستغالل.
لقد أقر االجتهاد أنه إذا كانت الرسوم المتحصل عليها في عقود االمتياز هي المميزة
للعقد إال أن هذا يتعين أن ال ينسحب على التفويض في إدارة المرافق العامة ،ألنها تضم
أساليب كثيرة منها االمتياز لذا يتعين أن ال يتم ربطها بنوع معين من العائدات كالرسوم ،ألن
عائدات عقود تفويض المرفق العام قد تكون ذات مصادر مختلفة شريطة أن تكون مرتبطة
بالنتائج المالية واالقتصادية لالستثمار.
نشير إلى أن االجتهاد اإلداري لم يحدد في بداياته الصلة التي تكون بين العائدات ونتائج
االستثمار ،حتى أنه لم يحدد مصادر ونوع هذه العائدات إال أنه قضى في قضية بأن
العائدات يتعين أن تكون مرتبطة في جزء منها على األقل بنتائج االستثمار ،الحقا حدد
40
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
أنواع ومصادر المبالغ المالية التي تتشكل منها العائدات التي يتحصل عليها المفوض إليه،
وقد اعتبر الثمن الذي تدفعه السلطة المفوضة جزء من العائدات اإلضافية المتمثلة في
الرسوم التي يدفعها المرتفقون ،لكن االجتهاد لم يتصدى لالرتباط بين الثمن ونتائج
االستثمار ،وهل يمكن أن تقتصر العائدات التي يحققها المفوض إليه على الثمن دون
الرسوم؟ ،لكن في مرحلة الحقة صدرت العديد من الق اررات القضائية التي بنت في هذه
المسالة ففي أحدها اعتبر أن العائدات المحققة بصورة أساسية من نتائج االستثمار معيارا
التفويض المرفق العام ،كما اعتبر العقد في حالة ما إذا كانت الرسوم أو العائدات المتصلة
بنتائج االستثمار تابعة وثانوية بالنسبة للعائدات األخرى (الثمن صفقة عامة ال عقد امتياز،
لكن لم يشر القرار لمسألة االرتباط بين الثمن المدفوع من السلطة المفوضة بنتائج
االستثمار.
تفويض المرفق العام من قبل جهة اإلدا رة قد يكون بشكل كامل أو جزئي ،ففي هذا
األخير تقوم جهة اإلدارة بتفويض جزء من المرفق العام على أن تحتفظ هي بالجزء اآلخر
من النشاط المرفقي ،وذلك كأسلوب لتحقيق نشاط مستقل ومتميز عن سائر األنشطة المرفقية
األخرى ،وتلجأ إليه السلطة العامة لعدة أسباب :كتعلقها بالمنفعة العامة ،أو بتقديرها ألوضاع
مختلفة بين المنتفعين إزاء مبدأ المساواة.
-أن يكون الجزء الذي عهد به للمتعاقد إدارته مستقال ،كأن يعهد لشخص إدارة قاعة سينما
في قاعة متعددة العروض.
41
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
-أال يكون الجزء الذي عهد به للمتعاقد ضئيال ،حتى ال يفقد استقالليته بالمقارنة بكل
المرفق ،ألن هذا يتنافى مع أهداف تفويض المرفق العام التي تبحث فيها الدولة عن التمويل
واالعتماد على كفاءة القطاع الخاص الفنية واإلدارية في اإلدارة.
يترتب على التفويض الكلي أو الجزئي للمرفق العام االستقاللية بين السلطة المفوضة
والمفوض إليه في إدا رة المرفق العام ،ألنه ا تنقل له صالحية إدارته واستثماره ويكون هو
المسؤول طوال المدة المحددة في العقد ،وال تتأثر هذه االستقاللية في وجودها بما هو ممنوح
للسلطة المفوضة من امتيازات مقررة لها قانونا في مواجهته ،وفي عقود االمتياز وبالنظر
للمشاركة المالية للسلطة مانحة االمتياز فإن استقاللية صاحب االمتياز تكون جزئية
ومرتبطة بنسبة العائدات المحصل عليها من جهة وبنتائج االستثمار والمخاطر والعب المالي
من جهة أخرى.
لصحة عقود تفويض المرافق العامة بصفة عامة ال بد أن تكون هذه المرافق قابلة
للتفويض ،فال مجال للحديث عن التفويض في ظل مرافق غير قابلة للتفويض ،سنقوم من
خالل دراستنا بتحديد نطاق استخدام التفويض مبرزين المرافق العامة التي تقبل بطبيعتها
التفويض والمرافق العامة غير القابلة للتفويض وذلك على النحو التالي:
لما كانت المرافق العامة تنقسم لمرافق عامة صناعة أو تجارية ومرافق عامة إدارية فإن
أول ما يتم التساؤل عنه هو هل أن تفويض المرافق العامة إلدارتها من قبل شخص من
أشخاص القانون الخاص يتعلق بأحدهما دون اآلخر أم ال؟
تشكل المرافق العامة االق تصادية صناعية كانت أو تجارية المجال األساسي لتفويض
إدارة وتسيير المرافق العامة ،ولهذا السبب هناك من الفقه من حاول خلق رابطة بين المرافق
العامة االقتصادية وبين التفويض كأسلوب اإلدارة المرفق العام وبناء على ذلك اعتبروا كل
42
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
مرفق عام قابل للتفويض قرينة على أنه مرفق عام اقتصادي ،ويمكن إرجاع سبب مواءمتها
للتفويض هي فك رة االستثمار وما يترتب عليها من نتائج مالية وأعباء ومخاطر يتحملها
المستثمر والذي بموجبه يتحمل كل الخسائر المترتبة..الخ ،هذا يجعل من المرافق العامة
االقتصادية متشابهة مع المشاريع الخاصة ومن ثم تكون قابلة للتفويض.
المالء مة الموجودة بين طبيعة المرافق العامة االقتصادية من جهة وبين التفويض
كأسلوب في إدا رة المرفق العام ليست مطلقة ،وهذا راجع ألسباب خارجية متعلقة بخطط
السلطة العامة أو الجهة المفوضة والذي يتطلب منها قبل لجوئها للتفويض في إدارة المرفق
العام ا القتصادي إجراء موازنة بين المنافع واألعباء الن الواقع العملي أثبت أن هناك الكثير
من الحاالت التي لجأت فيها السلطة العامة لتفويض المرافق العامة االقتصادية لكنها لم تفد
وكبدتها أعباء مالية كبيرة.
لفترة معتبرة من الزمن كان تفويض المرافق العامة مرتبطا بشكل حصري بالمرافق العامة
االقتصادية ،ألنها ذات طابع استثماري على غرار المشروعات الخاصة التي يتحمل فيها
المستثمر أعباء ومخاطر المشروع ،وكذا حصوله على مقابل الخدمات التي يقدمها من
المرتفقين وهو ما يجعل من المرافق العامة االقتصادية ممولة من المرتفقين ،وهو األمر غير
الموجود في المرافق العامة اإلدارية ،لكن التصور السابق تغير عندما تم إقرار قابلية المرافق
العامة اإلدارية للتفويض بسبب التوسع في تطبيق التفويض في إدا رة المرافق العامة في إطار
تحديث الدولة ،كما أن معيار اإلنتاجية الذي كان ممي از للمرافق العامة االقتصادية لم يعد
بالقاصر عليها ،بل أصبح ميزة في كثير من الم رافق العامة اإلدارية.
من جهة أخرى ففك رة تفويض إدارة المرافق العامة القائمة على فكرة االستثمار والنتائج
المالية المرتبطة بها لم يعد بالضرورية ،فلم يعد هناك إلزامية ألن تكون عائدات المستثمر
متحصل عليها بشكل مباشر من جمهور المنتفعين ،فيكفي فقط نشوء عالقة بينهم وبين
المستثمر كما هو الحال في طرق اإلدارة غير المباشرة...الخ ،فجمع النفايات المنزلية
43
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
ومعالجتها أحد نماذ النشاطات المرفقية التي ال تكون فيها عائدات المستثمر محصلة بشكل
مباشر من المنتفعين ،والتي اعتبرها ا الجتهاد الفرنسي من المرافق العامة اإلدارية.
إلى جانب ما سبق فأساس التمييز الكالسيكي بين المرافق العامة االقتصادية والمرافق
العامة اإلدارية على أساس ربط المرافق العامة اإلدارية بمهام الدولة لم تصبح مطلقة ،الن
هناك مرافق عامة اقتصادية يرتبط وجودها أيضا با لمهام األساسية للدولة على غرار مرفق
المياه والكهرباء والصرف الصحي ...الخ ،كما أن فكرة عدم قابلية الم رافق العامة اإلدارية
التفويض الذي كان مرتبطا سابقا بمبدأ مجانية الخدمات لم تبقى اآلن في النظرية العامة
للمرافق العامة مبدأ مطلقا ،فالتطورات الحاصلة جعلت األصل هو عدم وجود تعارض بين
التفويض ومجانية الخدمات وتم االستناد في ذلك العتبارين أساسيين :األول أن المفوض له
يكفل له عقد التفويض إدارة المرفق العام إمكانية حصوله على إيرادات ال تشبه تلك التي
يدفعها المرتفقون وذلك في شكل رسوم مثالها ناتج اإلعالنات وبعض االمتيازات المالية أو
الضريبية ،أما االعتبار الثاني فأساسه إمكانية تقييم النتائج االقتصادية للمرافق العامة
اإلدارية.
لقد أكد الفقه أن المرافق العامة اإلدارية قابلة للتفويض عندما اعتبر أنه إذا كانت المرافق
العامة االقتصادية بطبيعتها أكثر مواءمة للتفويض فان للم رافق العامة اإلدارية هي األخرى
مكانتها في التفويض ،وهو ما دفع ببعض الفقه للقول بعدم وجود تمييز بين المرافق العامة
اإلدارية واالقتصادية.
على الرغم من أن االعتماد على تفويض المرافق العامة إلدارتها ذو أهمية كبيرة للسلطة
مانحة التفويض السيما وأنه يخفف العبء المالي عنها في إدارتها وهو ما يمكن الدولة من
تلبية الدولة حاجات مواطنيها دون أن يشكل ذلك عبئا على موازناتها العامة ألن المفوض له
هو من سيت حملها ويتحمل المخاطر االستثمارية أيضا ،إال أن االعتماد على التفويض غير
44
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
ممكن في كل المرافق على الرغم من أن هناك دوال أصبحت تعتمده حتى في المرافق
التقليدية التي ال تزال بعيدة في دول أخرى عن التفويض وذلك لعدم قابلتيها للتفويض إما
لوجود نصوص قانونية تمنع ذلك أ و بالنظر لطبيعة المرفق في حد ذاته وهو ما سنقوم ببيانه
على النحو التالي:
كان للمشرع دور كبير في تحديد نطاق تطبيق التفويض في إدارة وتسيير المرافق العامة،
فقانون Sapineالذي سبق بيانه استثنى العديد من المرافق من التفويض السيما أحكام
المادتين 17و 17منه ألن المشرع ال يراها مجاال مناسبا للتفويض ألنها من صميم
صالحيات اإلدا رة العامة ،وتمارس امتيازات ال يمكن أن تكون ملكا إال للدولة بنص القانون،
المنع الذي نحن بصدد الحديث عنه مصدره النصوص القانونية ال التنظيمية ،والمنع
التشريعي ال يقتصر فقط على وجود نص يحظر صراحة التفويض في إدا رة واستثمار المرفق
العام ،وانما يمتد للحالة التي تكون فيها هذه السلطة العامة منحت بقانون مهمة تحقيق
المرفق العام ،وكان االجتهاد الفرنسي عبر عن هذا المنع القانوني في عدة ق اررات صاد رة
عنه قاضيا برفض تفويض المرفق العام اإلداري ألن هناك نص يحظر ذلك.
أكد االجتهاد القضائي كذلك على أنه ال يمكن للجماعات المحلية أن تفوض تنظيم الحالة
المدنية أو مكاتب اإلحصاء أو االنتخابات وحتى مسح األراضي المؤسسات خاصة ،ألنها
من صميم اختصاصات الجماعات المحلية دون غيرها وال يمكن بأي حال من األحوال أن
تفوض هذا االختصاصات اللصيقة بها بموجب أحكام القانون.
في المملكة المتحدة قامت لجنة برلمانية بتحديد مجموعة من المرافق العامة والمجاالت
التي يمكن أن تكون مجاال لإلدارة من قبل الخواص وهي القضاء والقوات المسلحة وكل
المجاالت التي من شأن تف ويضها للقطاع الخاص أن يخرق مبدأ الحرية ،باإلضافة لكل
المجاالت ذات العالقة بالوظائف التنظيمية.
45
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
البحث عن مسالة المرافق العامة غير القابلة للتفويض في الجزائر صعبة ،إذ ال يوجد
قانون يحددها لنا على سبيل الحصر على غرار بعض التشريعات المقارنة ،فالمؤسس
الدستوري مثال اكتفى بالنص على أن الحقوق مضمونة على غرار :حق التعليم ،الحق في
الرعاية الصحية ،ولكل المواطنين الحق في العمل وما يتفرع عليه من حقوق أخرى على
غرار :الحماية واألمن والبيئة السليمة ،ولم يقم بعملية تحديد فيما إذا كان يتعين تقديم
الخدمات من قبل الدولة أو من القطاع الخاص فيها بتفويض منها ،وترك ذلك للسلطة
التقديرية للدولة تقدره بناء على االعتبارات االقتصادية والسياسية واالجتماعية فيها ،على أن
تظل الدولة في حال تفويضها القطاع الخاص بتوفير هذه الخدمات التي تعد حقوقا
لمواطنيها هي المسؤولة عن التنظيم القانوني لها بشكل يحترم حقوق اإلنسان ،مثال ذلك
مجانية التعليم االبتدائي والخدمات المتصلة بالرعاية الصحية ...الخ ،وأن تكون مضمونة
للجميع ،وفي حالة ما إذا كانت الدولة تفوض القطاع الخاص بتقديم هذه الخدمات لمواطنيها
فعليها أن تقوم بمراقبة هذا األخير في كيفية أدائه لخدمات ه وتفرض عليه الجزاءات المناسبة
في كل حالة يكون هناك إخالل بالتزاماته.
بالرجوع للدستور الجزائري نجد أنه أكد على أن " تعمل الدولة على حماية حقوق
المواطنين في الخار ومصالحهم ،في ظل احترام القانون الدولي واالتفاقيات المبرمة مع
البلدان المضيفة وتشريع بلدان اإلقامة" ،وقد حدد المشرع المسؤول عن توفير األمن في
الدولة بنصه ":تنتظم الطاقة الدفاعية لألمة ودعمها وتطويرها حول الجيش الوطني الشعبي".
ومن خالل النصين السابقين يتضح لنا أن مرفق األمن أو الدفاع في الجزائر غير قابل
للتفويض وهو مسؤولية الدولة وحدها ودعمه وتطويره من اختصاص الجيش الوطني
الشعبي ،وفي مادة أخرى ألزم المؤسس الدستوري الدولة بالتكفل بالوقاية من األمراض
الوبائية والمعدية ومكافحتها ،وهو ما يعني أن الدولة ال يمكنها تفويض ذلك للقطاع الخاص.
46
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
يمكننا تقسيم المرافق العامة غير القابلة للتفويض لمرافق عامة سيادية ومرافق عامة لها
عالقة مباشرة مع المواطنين ،بالنسبة لألولى فيمكن إرجاع عدم قابليتها للتفويض لرأي
المجلس الدستوري في 1أكتوبر 9117الذي اعتبر نشاط الدولة والجماعات المحلية ال
يمكن تفويضه ،أما النوع الثاني فعدم قابلية التفويض راجعة لصلة المرفق بالمواطنين نتناول
أحكام كل حالة على النحو التالي:
المرافق السيادية غير قابلة للتفويض ،وهو ما قضى به المجلس الدستوري الفرنسي،
الرتباطها بسيادة الدولة وجوهر وظائفها ،وقد تم االصطالح عليها في فرنسا بالمرافق
الدستورية استنادا لرأي المجلس الدستوري الصادر في 1أكتوبر 9117الذي اعتبر أن
نشاط الدولة والجماعات المحلية ال يمكن تفويضه ،وفي رأي لمجلس الدولة الفرنسي سنة
9171الذي يعد القرار األول الذي ظهرت معه مفهوم المرافق العام الدستورية ،اعتبر أن
المرافق العامة غير القابلة للتفويض هي التي تدخل في صميم امتيازات السلطة العامة ،وعد
هذه المرافق تلك المرافق التي تستمد ضرورة وجودها وقيمتها من المبادئ والقواعد الدستورية
ومن خالل ما سبق يتضح لنا أن كل ما له صلة مباشرة بالسلطة التنظيمية للدولة فال يمكن
تفويضه ألنها تساهم في تكريس سيادة الدولة.
بدأت إرهاصات هذا المصطلح في الظهور في الرأي االستشاري للجنة القانون التابعة
للجمعية الوطنية الفرنسية الذي ميز بين الوظائف السيادية للدولة التي يقوم بهام موظفو
الدولة حصرا ،وبين المرافق العامة األخرى التي يجوز تفويض تشغيلها للقطاع الخاص وذلك
منذ سنة ، 9177والم رافق العامة الدستورية هي المرافق العامة ذات الطابع القومي الشامل
التي تقوم بسد الحاجات الضرورية والعامة التي يجب أن تستمر في عملها ،واال تهدد بقاء
الدولة ذاتها وتعرضها للخطر ،وهو ما يقتضي أن تكون دائما تحت لواء اإلدارة العامة ،وهذا
سيكون ضمانة لحسن استم ارريتها في أدائها لعملها.
47
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
عرفت المرافق العامة الدستورية أيضا على أنها ":تلك المرافق التي ترتبط ارتباطا
عضويا بكيان الدولة وبشخصيتها القانونية" ،وبذلك فليس كل مرفق عام مرفقا دستوريا ،وهو
ما أكده الم جلس الدستوري الفرنسي في ق ارره رقم 177لسنة 9111عندما أقر بأن مفهوم
المرفق العام الدستوري أضيق من مفهوم المرفق العام الوطني ،فمرفق االتصاالت مرفق عام
وطني لكنه ليس بالمرفق العام الدستوري ،وقد أشارت محكمة العدل األوربية منذ سنة 9177
إلى أن هذا النوع من المرافق العامة الذي ينطوي على اتصال مباشر أو غير مباشر
بممارسة السلطة العامة والوظائف التي صممت لحماية المصالح العامة للدولة والتي يجب
أن تبقى وطنية وملكا للعامة وفي متناول جميع المواطنين في دول االتحاد األوروبي.
عرفت الم رافق السيادية على أنها المرافق العامة المرتبطة بسيادة الدولة كالدفاع والقضاء
والعالقات الدولة والشرطة والضرائب ...الخ وهي م رافق حساسة الرتباطها بسيادة الدولة
وسالمتها.
ال يزال بعض الفقه يقول بأن مفهوم المرافق العامة السيادية أو الدستورية ال يزال غير
واضح ،وال يمكن االستدالل عليها إال من خالل مؤشرات محدودة سواء في الدستور أو
االجتهاد الدستوري ،ففي ق اررات المجلس الدستوري الفرنسي استخدمت العديد من العبارات
للداللة عليه دون أن تتمكن أي منها من تحديد ماهيته ،لكن المجلس الدستوري اللبناني
وصف المرافق العامة الدستورية بأنها م رافقة عامة إدارية في ق ارره رقم ،2000/4وفي كل
األحوال فالمرافق العامة الدستورية تنقسم لمرافق تتعلق بالوظائف المرتبطة بسيادة الدولة مثل
الدفاع والقضاء والعالقات الدولية والشرطة والضرائب ،مرافق عامة ال ترتبط بسيادة الدولة
مثل التعليم والصحة.
أثير نقاش في مرحلة الحقة في فرنسا عن بعض المرافق العامة السيادية التي تم
تفويضها وهو ما يتعارض مع سيادة وسالمة الدولة ،وطرحت هذه المسألة على البرلمان
الفرنسي سنة 9178بمناسبة مشروع خاص يقضي بتدخل مؤسسات خاصة في إدارة
48
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
السجون وابرام صفقات بناء السجون وادارتها ،وفي رأي مجلس الدولة الفرنسي في هذه
المسألة اعتبر أن األنشطة المرتبطة بمرفق السجون ال تمثل كلها عقود تفويض مرفق عام،
وفي هذا الصدد أقرت المحكمة اإلدارية في 91أكتوبر 9111أن العقد المبرم بين مؤسسة
عقابية ومؤسسة خاصة لتقديم بعض الخدمات المتعلقة بالصحة للنزالء في السجن ال يمثل
عقود تفوي ض مرفق عام ،إال أن هذا ال يمنع من القول بضرورة التفرقة بين الحكم بالعقوبة
وهي وظيفة ترتبط ارتباطا مباش ار بسيادة الدولة وبين تنفيذ العقوبة وهي وظيفة ال ترتبط
بسيادة الدولة والتي يجوز التفويض فيها .
بالنسبة لمرفق الشرطة أو البوليس فاالجتهاد القضائي الفرنسي أكد على أنها مستثناة
تقليديا من مجال التفويض ألنه حك ار على الدولة وعلى الجماعات المحلية ،هذا من جهة
ومن جهة أخرى فمرفق الشرطة يتضمن عمليات هي للسلطة العامة وتنطوي على عنصري
األمر واإلخضاع المطلقين ،لذا هو مرتبط مباشرة بسيادة الدولة.
لقد كرس المجلس الدستوري الطبيعة الدستورية لمرفق البوليس أو الشرطة وعدم إمكانية
خصخصته وحتى القيام بتفويضه للقطاع الخاص في القرار الصادر عنه في 97مارس
1799عندما أعتبر أن القانون الذي يسمح لمشغلين من القطاع الخاص بتنفيذ عمليات
المراقبة اإللكترونية والرصد الفوري للمباني وا لمرافق العامة والطرق العامة السريعة ،وتشغيل
أنظمة الدوائر التلفزيونية المغلقة في القطاع العام ومشاهدة هذه الصور وعرضها بالنيابة عن
الجهات العامة قانونا مخالفا للدستور.
في مرحلة الحقة تبني الفقه واالجتهاد القضائي اتجاها أخر فيما يتعلق بتفويض المرافق
العا مة السيادية وميز بين نشاطات هذا المرفق ،واشترط الفقه فقط أن تظل الدولة أو
الشخص المعنوي العام المفوض مسؤوال عن األضرار الناجمة عن عملية التفويض ،وبناء
على ما سبق فمتى كنا بصدد نشاطات مرفقية يمكن فصلها عن المرافق العامة السيادية
باعتبارها نشاطات غير أساسية فإنه في هذه الحالة يجوز تفويضها ،وتبنى االجتهاد
49
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
القضائي ذلك في عدد من المرافق العامة على غرار مرفق الحريق ،وكذلك في االمتيازات
المتعلقة بمرفق حمامات السباحة قضى بأن مهمة اإلشراف وتأمين الرعاية هو عقد صحيح،
كما أنه أجاز تفويض إدارة مواقف السيارات كمحطات إلى جانب الطرق العامة على أساس
أنها متعلقة بخدمات قابلة للفصل عن خدمات مرفق الشرطة األساسية كتنظيم وتسيير مرفق
الطرقات العامة.
المرفق الضريبي أحد أهم الوسائل التي تمكن الدولة من تمويل أجهزتها ونشاطاتها العامة
وتوفير الخدمات العامة لمواطنيها ،وهو ما يجعله أحد المرافق العامة السيادية التي ال يمكن
للدولة أن تمنحه للقطاع الخاص ألن ذلك سيحرمها من مصدر مالي هام جدا من جهة.
األصل في المرافق العامة التي تقدم خدمات لجمهور المنتفعين أنها م رافق ليس بالسيادية
لذا كقاعدة عامة فهي مرافق قابلة للتفويض ،ويمكن إرجاع ذلك لعدم توافر عنصر هام في
تفويض المرفق العام وهي فك رة االستثمار التي سبق لنا دراستها ،إال أن االجتهاد القضائي
جعل من البعض منها بالنظر لطبيعتها مرافق عامة غير قابلة للتفويض ،ويمكن إرجاع ذلك
لعدم توافر العناصر األساسية التي يقوم عليها التفويض السيما المتعلقة بعنصر العائدات
المحققة ،ومثال ذلك :مرافق التعليم الرسمي والصحة والضمان االجتماعي وادارة السجون.
بالنسبة لمرفق التعليم فقد كان للثورات التي خاضتها الشعوب لتحقيق الديموقراطية
انعكاس كبير عليه ،فبسببها أصبح حق التعليم من الحقوق األساسية للفرد وكرسته غالبية
العالم وأصبحت الدولة ملزمة بتوفيره لمواطنيها ،وهو ما دفع بالمؤسس الدستوري في عدد من
دول العالم للنص صراحة على عدم إمكانية خصخصة مرفق التعليم ،وعلى الرغم من ذلك
ومع ما شهده العالم من ثورة معلوماتية وتكنولوجية وثقافية وعمليات اإلصالح الهيكلي التي
قامت بها الدول لحل المشاكل التي تعاني منها موازناتها ،تغير دور الدولة في مجال التعليم
بسبب عجز موازناتها وارتفاع عدد السكان في بعض الدول ...الخ ،كل ذلك أدى لفتح
50
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
المجال أمام القطاع الخاص بغية تخفيف األعباء المالية عن الدولة ،وقد أخذ ذلك العديد من
األشكال بحسب ما يتناسب مع خصوصيات كل دولة.
مرفق الرعاية الصحية واالستشفاء أحد أهم المرافق العامة في الدولة لتعلقه بحياة
المواطنين ،وهو ما دفع بالدول اإلبالء عناية بالغة له ،عكستها أسمى النصوص القانونية في
الدولة وهو الدستور ،مؤكدة على أن الدول ة تكفل الرعاية الصحية لمواطنيها وتوفر لهم
وسائل الوقاية والعال ،وهو ما نصت عليه غالبية دساتير الدول ،لكن هناك اتجاه عالمي
اآلن نحو التوجه للقطاع الخاص وتقليص دور الدولة في مجال الرعاية الصحية السيما مع
ارتفاع كلفة الخدمات من جهة أخرى ،كل ذلك سعيا من هذه الدول للمحافظة على
المكتسبات الصحية والعمل على تطويرها وتحسين جودتها ،وقد تم استخدام العديد من
األساليب المختلفة في هذا الصدد :من تعاقد ،لعقود إدا رة ،لعقود البوت ومشتقاتها ،وحتى
الخصخصة ،في عدد من الدول.
في قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 91جوان 9111قضى بأنه ال يجوز
للمؤسسات العالجية أن تعهد لمشروعات خاصة مهمة القيام بإيواء المرضى الذين تتطلب
حالتهم الحجز في المستشفى ،واستند مجلس الدولة في ذلك لكون اإلقامة بالمستشفى أحد
العناصر األساسية غير قابلة لالنفصال عن مهمة المرفق العام ومن ثم فال يجوز تفويضها،
أما فيما يتعلق بمرافقي المرضى فقد أجاز مجلس الدولة تفويض إدارة مرفق إيوائهم.
مرفق الضمان االجتماعي أحد المرافق العامة الدستورية لكنه لم يحظى األهمية في
الدراسات التي أجريت خالفا للمرافق السابقة ،ويكتب هذا المرفق صفته من النصوص
الدستورية التي توجب على الدولة تقديم الحياة الكريمة لمواطنيها ،وقد أكد المجلس الدستوري
الفرنسي الطبيعة الدستورية لهذا المرفق ،كما رسخ االتحاد األوروبي المكانة الدستورية
المرفق الضمان االجتماعي من خالل أحكام المادة 11من معاهدة الحقوق األساسية في
51
محاضرات مادة المرفق العام .............................د .بولقواس سناء
االتحاد األوروبي لسنة 1777التي أق رت بالضمان االجتماعي كأحد الحقوق األساسية في
دول االتحاد ،واألمر سيان بالنسبة للدول العربية حيث أكدت دساتيرها على ذلك.
52