You are on page 1of 41

‫جامعة غرداية‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫قسم الحقوق‬

‫ملخصات محاضرات مقياس القانون الإداري للسنة الأولى‬

‫حقوق جذع مشترك‬

‫إعداد الأستاذ‬

‫العيد الراعي‬

‫للسنة الجامعية‬

‫‪9191/9102‬‬

‫الجزء الأول‬
‫إن مهام ووظائف الإدارة عديدة ومتنوعة وتختلف حسب النظام السياسي‪ .‬وهي محل‬

‫اهتمام كل من علماء الإدارة والقانون الإداري والمهتمين بالعلوم السياسية‪ .‬وإذا كان علم الإدارة‬

‫يهتم خاصة بوظيفة التخطيط والتنفيذ‪ ،‬فان فقهاء القانون الإداري يهتمون بالإدارة من حيث‬

‫نشاطها وأموالها وموظفيها ومنازعاتها باعتبارها شخصا من أشخاص القانون الإداري‪.‬‬

‫والحقيقة أيا كانت وظائف الإدارة ومهامها‪ ،‬فان نشاطها يظل مرصودا لخدمة الجمهور‪ ،‬والا‬

‫لماذا عمدت السلطة العامة إلى تزويد الإدارة بالجانب البشري والجانب المادي وأحاطتها بنسيج‬

‫من النصوص القانونية بما يساعدها على القيام بمهمتها‪.‬‬

‫وتوفير الخدمة للجمهور يمكن أن يتم من خلال إنشاء مرفق عام تعود منافعه عليه (الجمهور)‪.‬‬

‫ويمكن أن يتم بإلزام الإدارة الأفراد بالقيام بعمل معين أو الامتناع عن سلوك محدد‪ .‬وقد اصطلح‬

‫الفقه على النوع الأول من الأعمال بالنشاط الإ يجابي (نظر ية المرفق العام)‪ .‬أما النوع الثاني فقد‬
‫‪1‬‬
‫اصطلح عليه بالنشاط السلبي (نظر ية الضبط الإداري)‪.‬‬

‫وتبعا لذلك قسمنا هذه الدراسة إلى مبحثين‪ .‬تناولنا في المبحث الأول المرفق العام‪ ،‬أما المبحث‬

‫الثاني الضبط الإداري‪.‬‬

‫‪ -1‬عمار بوضياف‪ ،‬الوجيز في القانون الإداري‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬جسور للنشر والتوز يع‪ ،‬الجزائر‪ ،9102،‬ص‪.404‬‬
‫المبحث الأول‪ :‬المرفق العام‬

‫يعد المرفق العام المظهر الإ يجابي لنشاط الإدارة وتتولاه الإدارة بنفسها أو بالاشتراك مع‬

‫الأفراد‪ ،‬وتسعى من خلاله إلى إشباع الحاجات العامة‪ .‬وترد إلى فكرة المرافق العامة معظم‬

‫النظر يات والمبادئ التي ابتدعها القضاء الإداري كالعقود الإدار ية والأموال العامة والوظيفة‬

‫العام‪ .‬ونبين في هذا الجزء من الدراسة مفهوم المرفق العام والمبادئ التي تحكم المرافق العامة وأخيرا ً‬
‫طرق إدارة المرافق العامة وذلك في ثلاثة مطالب على النحو التالي ‪:‬‬

‫المطلب الأول‪ :‬ماـهيــة المــرفــق العام ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المبادئ التي تحكم المرافق العامة ‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬طـرق إدارة المـرافـق العامة‪.‬‬

‫المطلب الأول‪ :‬ماـهيــة المــرفــق العام‪.‬‬

‫إن البحث في مفهوم المرفق العام يستدعي بنا أن نبين تعر يفه‪ ،‬وعناصره‪ ،‬وأنواعه‪.‬‬

‫الفرع الأول‪ :‬تعر يف المرفق العام‪.‬‬

‫يعتبر المرفق العام أكثر المفاهيم غموضا وإثارة للجدل‪ ،‬ولهذا اختلف الفقهاء في تعر يف المرفق العام‪،‬‬

‫فمنهم من ارتكز على المعنى العضوي‪ ،‬وآخرون ارتكزوا على المعنى الموضوعي‪.‬‬

‫أ‪ /‬المعنى العضوي‪:‬‬

‫يقصد بالمرفق العام تبعا لهذا المعنى "كل منظمة عامة تنشئها الدولة وتخضع لإدارتها بقصد‬

‫تحقيق حاجات الجمهور‪ .‬ومن هنا جاز اعتبار كل من مرفق القضاء والأمن والدفاع وغيرها مرافق‬

‫عامة‪ ،‬لأنها منظمات أنشأتها الدولة بغرض أداء خدمة للجمهور"‪.1‬‬

‫ب‪ /‬المعنى الموضوعي‪:‬‬

‫يقصد بالمرفق العام بالنظر للمعيار الموضوعي‪" ،‬مشروع يعمل باطراد وانتظام تحت إشراف‬

‫رجال الحكومة بقصد أداء خدمة عامة للجمهور مع خضوعه لنظام قانوني معين‪".2‬‬

‫‪ -1‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.404‬‬


‫‪ -2‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬مبادئ القانون الإداري دراسة مقارنة‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،0292 ،‬ص ‪.92‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬عناصر المرفق العام‬

‫استنادا إلى التعار يف السابقة يمكن استخلاص العناصر التي يقوم عليها المرفق العام وهي‬

‫كالآتي‪:‬‬

‫أ‪ /‬ارتباط المرفق العام بالإدارة العامة‬

‫بمعنى أن يكون المرفق العام مرتبطا بالإدارة المركز ية أو بالإدارة اللامركز ية من حيث‬

‫نشأته‪ ،‬وتسييره‪ ،‬وإدارته‪ ،‬وتنظيمه‪ ،‬وإلغائه‪ ،‬وقواعد تسييره وعلاقة هذا المرفق بالمنتفعين‪ ،‬وممارسة‬
‫‪1‬‬
‫الرقابة عليه‪.‬‬

‫ب‪ /‬تلبية الحاجات العامة (تحقيق المصلحة العامة)‬

‫إن من أهداف إنشاء المرافق العمومية هو تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬و يعتبر هذا العنصر الأكثر‬

‫حدلا عند الفقهاء‪ ،‬ذلك أن المصلحة العامة هي هدف كل وظيفة إدار ية‪ ،‬بل وحتى المؤسسات‬

‫التي تسيرها الدولة والتي تكون غايتها ر بحية بحثه كالمؤسسات الاقتصادية والصناعية والتجار ية فهي‬

‫غايتها تحقيق المصلحة العامة‪.‬‬

‫كما أن المصلحة العامة ليست حكرا على الإدارة‪ ،‬فهناك وظائف يمارسها الأشخاص‬
‫‪2‬‬
‫الطبيعيون تتصل كذلك بالمصلحة العامة كخدمات النقل والبناء‪.‬‬

‫ولقد اقترح فقهاء القانون الإداري معايير للخروج من هذا الجدل وهي كالآتي‪:‬‬

‫‪-‬ك ل نشاط يتعلق بمرفق عام يحقق مصلحة عامة‪ ،‬ولـكن ليس كل نشاط يحقق المصلحة‬

‫العامة هو نشاط المرفق العام ‪.‬‬

‫‪-‬إذا كانت المصلحة العامة تمثل الغاية الأولى من النشاط الذي يقوم به الشخص القانوني‬

‫وتوفرت الأركان الأخرى يتكون المرفق العام‪ .‬أما إذا كانت المصلحة العامة تمثل غاية ثانو ية لهذا‬

‫النشاط فان الوظيفة لا ترتقي إلى منزلة المرفق العام‪.3‬‬

‫‪ -1‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.99‬‬


‫‪ -2‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.402‬‬
‫‪-3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.409‬‬
‫ومن جهتنا‪ ،‬فإننا نحذو حذو الأستاذ عمار بوضياف‪ ،‬في طرح معيار المجانية‪ ،‬حيث أن‬

‫كل مرفق عام ينبغي أن يخضع إلى مبدأ المجانية‪ ،‬ولا يقصد بذلك عدم وجود مقابل بل القصد‬

‫أن فرض مقابل ما ليس هو الغاية المقصودة من خلال القيام بالنشاط‪ ،‬أي أن المجانية لا تفيد‬

‫هنا انعدام المقابل انعداما تاما‪ ،‬بل تفيد فقط أنه ليس من الضروري أن يكون المقابل مساو يا‬

‫للتكلفة المالية للمرفق العام‪ ،‬فعندما يلزم الطالب في الجامعة مثلا بدفع رسوم رمزيةكل سنة جامعية‬

‫فان ما قدمه لا يغطي أبدا الخدمات التي ينتفع بها من مرفق التعليم العالي‪.‬‬

‫ج‪ /‬خضوع المرفق العام لقانون استثنائي متميز‬

‫يقصد بالنظام القانوني المتميز" مجموعة الأحكام والقواعد والمبادئ القانونية التي تختلف‬

‫اختلافا جذر يا عن قواعد القانون الخاص بصفة عامة وعن قواعد النظام القانوني الذي يحكم‬

‫المشروعات الخاصة بصفة خاصة‪ ،1‬مثل مبدأ المساواة‪ ،‬والاستمرار ية‪ ،‬ومبدأ التكيف‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أنواع المرافق العمومية‬

‫يمكن تقسيم المرافق العامة من عدة معايير مختلفة‪ ،‬سواء من حيث طبيعة نشاطها أو السلطة‬

‫التي تنشئها أو لاختلاف دائرة نشاطها نستعرض هذه الأنواع فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ /‬تقسيم المرافق العامة من حيث طبيعة نشاطها‬

‫‪/0‬المرافق الإدار ية‬

‫هي المرافق العامة التقليدية التي لازمت الدولة منذ زمن طو يل‪ ،‬وعلى رأسها مرفق الدفاع‬

‫والأمن والقضاء ثم مرفق الصحة والتعليم‪ ،‬وهذه المرافق عادة ما تتسم بارتباطها بالجانب السيادي‬

‫للدولة‪ ،‬الأمر الذي يفرض قيامها بهذه النشاطات وألا تعهد بها للأفراد بما في ذلك من خطورة‬
‫‪2‬‬
‫كبيرة‪.‬‬

‫‪ -1‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.409‬‬


‫‪-2‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪.491‬‬
‫‪ /9‬المرافق الاقتصادية‬

‫وهي مرافق حديثة النشأة نسبيا ظهرت نتيجة تدخل الدولة في الميدان الاقتصادي‪ ،‬بحيث‬

‫أصبحت الدولة تزاول نشاطات تجار ية أو صناعية مماثلة لنشاط الأفراد‪ ،‬وتعمل في ظروف مماثلة‬

‫لظروف عمل المشروعات الخاصة‪ ،‬ومن أمثلتها مرفق النقل‪ ،‬مرفق البريد والمواصلات‪ ،‬ومرفق‬

‫الـكهرباء‪ ،‬وبسبب طبيعة النشاط الذي تؤديه هذه المرافق دعا الفقه والقضاء إلى ضرورة تحرير‬

‫هذه المرافق من الخضوع لقواعد القانون العام‪.1‬‬

‫‪ /2‬المرافق المهنية‬

‫وهي المرافق التي تنشأ بقصد توجيه النشاط المهني ورعاية المصالح الخاصة بمهنة معينة‪ ،‬وتتم‬

‫إدارة هذه المرافق بواسطة هيئات أعضائها ممن يمارسون هذه المهنة و يخولهم القانون بعض‬

‫امتيازات السلطة العامة‪ .‬مثل نقابات المهندسين والمحامين والأطباء وغيرها من النقابات المهنية‬

‫الأخرى‪.‬‬

‫‪ /4‬المرافق الاجتماعية‬

‫هي المرافق التي تستهدف تحقيق خدمات اجتماعية للجمهور‪ ،‬مثل المرافق المخصصة لتقديم‬
‫‪2‬‬
‫إعانات للجمهور ومراكز الضمان الاجتماعي والتقاعد ومراكز الراحة‪.‬‬

‫ب‪ /‬تقسيم المرافق العامة من حيث امتدادها الإقليمي‬

‫‪/0‬المرافق الوطنية‬

‫وهي مجموع المرافق التي يمتد نشاطها ليشمل جميع إقليم الدولة‪ .‬ومثالها مرافق الدفاع والأمن‬

‫والبريد والقضاء ونظرا لأهمية هذا النوع من المرافق فان إدارتها تلحق بالدولة ونفعها يكون واسعا‬

‫يشمل كل الأقاليم‪.‬‬

‫‪ -1‬مازن راضي ليلو‪ ،‬القانون الإداري‪ ،‬منشورات الأكاديمية العربية في الدنمارك‪ ،9112 ،‬ص‪.90‬‬
‫‪ -2‬عمار عوابدي‪ ،‬القانون الإداري‪ ،‬النشاط الإداري‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،9111 ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ /9‬المرافق المحلية‬

‫هي المرافق التي يقتصر نشاطها في جزء من إقليم الدولةكالولاية والبلدية‪ .‬وينتفع من خدمات‬

‫هذا المرفق سكان الإقليم‪ .‬وتتولى السلطات المحلية أمر تسييره والإشراف عليه لأنها أقدر من‬

‫الدولة‪ ،‬ولقد أجاز قانون البلدية للبلدية حق إنشاء مؤسسات عمومية مشتركة تتمتع أيضا بالشخصية‬
‫‪1‬‬
‫المعنو ية‪.‬‬

‫ج‪ /‬تقسيم المرافق العمومية حسب أداة إنشائها‬

‫‪ /0‬مرافق عامة تنشأ بنص تشر يعي‬

‫وهي عادة مجموع المرافق ذات الأهمية الوطنية القصوى التي يفرض المشرع أمر إنشائها‬

‫بموجب نص تشر يعي ليمكن أعضاء السلطة التشر يعية من الاطلاع على نشاط المرفق وضرورته‬

‫وقواعده‪.‬‬

‫‪ /9‬مرافق عامة تنشأ بنص تنظيمي‬

‫عادة ما يخول التشر يع الأساسي في الدولة للسلطة التنفيذية صلاحية إنشاء المرافق العامة‪،‬‬

‫سواء على المستوى المركزي بمرسوم رئاسي أو بمرسوم تنفيذي‪ ،‬كما يحق للولاية أو البلدية بقرارات‬

‫إدار ية‪ ،‬إنشاء مرافق عامة على المستوى المحلي التي من شأنها تلبي حاجات الجمهور‪.2‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المبادئ التي تحكم المرافق العامة‬

‫تخضع المرافق العامة لمجموعة من المبادئ استقر عليها القضاء والفقه‪ ،‬وأضحت اليوم من‬

‫المسلمات في نظر ية المرافق‪ .‬وتتمثل أهم هذه المبادئ فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع الأول‪ :‬مبدأ المساواة أمام المرافق العامة‬

‫إن مبدأ المساواة أمام المرافق العامة هو امتداد للمبدأ العام هو مساواة الأفراد أمام القانون‪.‬‬

‫والذي بات يمثل اليوم حقا من حقوق الإنسان وحقا دستور يا أعلنت عنه مختلف الدساتير‪.3‬‬

‫‪ -1‬عمار بوضياق‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.422‬‬


‫‪ -2‬بعلي محمد الصغير‪ ،‬القانون الإداري‪ ،‬التنظيم الإداري‪ ،‬النشاط الإداري‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوز يع‪ ،‬عنابة‪ 9102 ،‬ص ‪.942‬‬
‫‪ -3‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.422‬‬
‫وهو ما نصت عليه المادة ‪ 29‬من دستور ‪ 0221‬المعدل والمتمم‪ 1‬على أنه‪" :‬كل المواطنين‬

‫سواسية أمام القانون‪ ،‬ولا يمكن أن يتذرع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد‪ ،‬أو العرق‪ ،‬أو الجنس‪،‬‬

‫أو الرأي‪ ،‬أو أي شرط أو ظرف آخر شخصي أو اجتماعي‪".‬‬

‫وبناء على ما سبق‪ ،‬إن الالتزام بمبدأ المساواة‪ ،‬لا يعني المساواة المطلقة بين جميع المواطنين‪،‬‬

‫وإنما يعني المساواة بين الأفراد الذين تتحقق فيهم نفس الشروط التي فرضها المرفق لإمكان الاستفادة‬

‫من نشاطه وخدماته‪ ،‬وبالتالي لا تعتبر إخلالا‪ ،‬بهذا المبدأ أن يصد المرفق العام أبوابه في وجه‬

‫الأفراد لا تتحقق فيهم الشروط الضرور ية‪.‬‬

‫ولهذا المبدأ تطبيقات متمثلة فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ /‬مساواة المنتفعين من خدمات المرفق العام والالتزام بالأعباء‬

‫يقتضي هذا المبدأ وجوب معاملة المرفق لكل المنتفعين معاملة واحدة دون تفضيل البعض‬

‫على البعض الآخر‪ ،‬لأسباب تتعلق بالجنس أو اللون أو الدين أو الحالة المالية أو غيرها من‬

‫الأسباب‪ ،‬إذا كانوا يستوفون شروط الانتفاع‪.2‬‬

‫أما من حيث الالتزام بالأعباء‪ ،‬وهو أن يلتزم المرفق العام بالمساواة بين المنتفعين في تقديم‬

‫الأعباء والتكاليف الخاصة التي يقدمها المرفق العام‪.‬‬

‫ب‪ /‬المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة‬

‫تنص المادة ‪ 12‬من دستور ‪ 0221‬المعدل والمتمم على أنه‪ ":‬يتساوى جميع المواطنين في‬

‫تقلد الوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون‪ ،‬والتمتع بالجنسية‬

‫الجزائر ية دون سواها شرط لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية"‪.‬‬

‫وكذلك نصت عليه المادة ‪ 99‬من الأمر ‪ 12/11‬المؤرخ في‪ 9111/19/ 02‬المتعلق بالقانون‬

‫الأساسي بالوظيفة العامة‪" :‬لا يجوز التمييز بين الموظفين بسبب آرائهم أو أصلهم أو بسبب أي ظرف‬

‫من ظروفهم الشخصية أو الاجتماعية"‪.‬‬

‫‪ -1‬دستور ‪ 0221‬المعدل بقانون القانون رقم ‪ 10-01‬المؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪ 9101‬ج ر ج ج ر عدد ‪ 04‬الصادر في ‪ 9‬مارس‬
‫‪.9101‬‬
‫‪ -2‬ناصر لباد‪ ،‬الوجيز في القانون الإداري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،9119 ،‬ص ‪.912‬‬
‫وهذا ما أكدت عليه المادة ‪ 94‬من الأمر ‪ 12/11‬السالف الذكر على الشروط الواجب‬

‫توافرها في الشخص للالتحاق بالوظيفة العامة‪ ،‬ومن بينها‪ ،‬أن يكون جزائري الجنسية‪ ،‬أن يكون‬

‫متمتعا بحقوقه المدنية‪ ،‬ألا تحمل شهادة سوابقه القضائية ملاحظات تتنافى وممارسة الوظيفة المراد‬

‫الالتحاق بها‪ ،‬أن يكون في وضعية قانونية اتجاه الخدمة الوطنية‪ ،‬أن تتوفر فيه شروط السن والقدرة‬

‫البدنية‪.............. ،‬الخ‪.‬‬

‫وعلى ما سبق ‪ ،‬فإن القانون نص على الضمانات الـكفيلة الواجب اتباعها من طرف مسيري‬

‫المرافق العامة والتقيد بها في إجراءات وكيفيات التوظيف‪.‬‬

‫ج‪ /‬حياد المرفق العام‬

‫يقصد بحياد المرفق العام أن يراعي في أداء مهامه وتسييره مقتضيات تحقيق المصلحة العامة‪،‬‬

‫بحيث يجب على مسير المرفق ألا يستعمله لدعم مصالح أخرى‪.‬‬

‫وتطبيقا لذلك‪ ،‬نص دستور ‪ 0221‬المعدل والمتمم‪ ،‬على بعض المبادئ والإجراءات التي‬

‫تكفل حياد المرفق العام‪ ،‬وإلزامه عند تقديم الخدمات للمواطنين بصورة واحدة ومتساو ية دون‬

‫تمييز‪ ،‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 92‬من دستور ‪ 0221‬على انه‪ ":‬عدم تحيز الإدارة يضمنه القانون"‪.‬‬

‫أما المادة ‪ 94‬منه فنصت على معاقبة كل من يتعسف في استعمال السلطة‪ ،‬أما المادة ‪92‬‬

‫فكانت أهم ضمانة لحياد المرفق العام‪ ،‬حيث نصت على عدم إمكانية أن تكون الوظائف مصدرا‬

‫للثراء‪ ،‬ولا وسيلة للخدمة الشخصية‪ ،‬وكل من يتعين في وظيفة سامية في الدولة أو ينتخب في‬

‫مجلس محلي أو مجلس وطني أو هيئة وطنية أن يصرح بممتلكاته في بداية وظيفته أو عهدته وفي‬

‫نهايتها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬مبدأ استمرار ية المرفق العام‬

‫تؤدي المرافق العامة دورا كبيرا داخل المجتمع أيا كان موضوع نشاطها‪ ،‬وهذا يفرض أن‬

‫تقدم خدماتها للجمهور بشكل مستمر ومتواصل‪ ،‬فلا يمكن أن نتصور مثلا توقف جهاز القضاء‬

‫عن الفصل في الخصومات‪ ،‬أو توقف جهاز الأمن عن أداء مهامه أو مرفق الدفاع‪ ،‬إن توقف‬

‫أحد هذه الأجهزة وغيرها سينجم عنه لا شك إلحاق بالغ الضرر بالمصلحة العامة و بحقوق الأفراد‪.‬‬
‫لذا تعين على المشرع وبغرض تحقيق المقصد العام وهو استمرار ية نشاط المرفق وقيامه بالخدمات‬
‫‪1‬‬
‫المنوطة به أن يعد من الآليات القانونية ما يضمن أداء الخدمة وتواترها وانتظامها وعدم انقطاعها‪.‬‬

‫وقد نص دستور ‪ 0221‬المعدل والمتمم على أن يسهر رئيس الجمهور ية على استمرار ية الدّولة‪،‬‬

‫و يعمل على توفير الش ّروط اللا ّزمة للسّير العاديّ للمؤسّ سات والن ّظام الد ّستوريّ ‪ ،‬و يسعى من أجل‬

‫تدعيم المسار الد ّيمقراطيّ‪ ،‬وأحترم حرّ ي ّة اختيار الشّعب‪ ،‬ومؤسّ سات الجمهور ي ّة وقوانينها‪.2‬‬

‫و يقتضي مبدأ الاستمرار ية توافر جملة من الضمانات‪ ،‬تعمل جميعا على تجسيد هذا المبدأ على‬

‫أرض الواقع‪ ،‬ومن هذه الضمانات ما وضعه المشرع‪ ،‬بما يسمى بالضمانات التشر يعية (أولا)‬

‫متمثلة في الإدارة والموظف وعدم الحجز على أموال المرفق العام‪.‬‬

‫ومنها ما وضعه القضاء الفرنسي‪ ،‬ما يسمى بالضمانات القضائية (ثانيا) متمثلة في نظر ية‬

‫الظروف الطارئة ونظر ية الموظف الفعلي‪.‬‬

‫أولا‪ :‬الضمانات التشر يعية لاستمرار ية المرفق العام‬

‫والتي تتمثل فيما يلي‪:‬‬

‫‪ /0‬من حيث الإدارة‪:‬‬

‫نص دستور ‪ 0221‬المعدل والمتمم بموجب المادة ‪ 22‬على مهام الوزير الأول لاسيما الفقرة‬

‫‪ 11‬والتي نصت على أنه‪ ":‬يسهر على حسن سير الإدارة العمومية"‪ ،‬ومن ثم فإنه يقع على جميع‬

‫المسؤولين وفي كل المستو يات الإدار ية الالتزام والتكفل بإدارة وتسيير المرافق العمومية بطر يقة‬

‫مستمرة‪ ،‬كالتقيد بمواقيت العمل وتوفير الوسائل الـكفيلة بسير المرافق العمومية بانتظام واطراد‬

‫دون انقطاع‪.‬‬

‫كما أن مبدا استمرار ية المرفق العام أشار إليه قانون ‪ 01/00‬المتعلق بالبلدية بموجب المادة‬

‫‪ 42‬والتي نصت على انه‪ ":‬في حالة حل المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬يعين الوالي خلال ‪ 01‬أيام التي‬

‫‪ -1‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.444‬‬


‫‪ -2‬المادة ‪ 21‬دستور ‪ 0221‬المرجع السابق‪.‬‬
‫تلي حل المجلس‪ ،‬متصرفا ومساعدين‪ ،‬عند الاقتضاء‪ ،‬توكل أهم مهمة تسيير شؤون البلدية وتنتهي‬

‫مهامهم بقوة القانون بجرد تنصيب المجلس الجديد‪".‬‬

‫‪/9‬من حيث الموظف‬

‫من أجل ضمان مبدأ استمرار ية المرافق العامة في تقديم خدماتها للجمهور‪ ،‬نص القانون على‬

‫بعض الالتزامات يجب على الموظف مراعاتها والتقيد بها ونذكر من أهمها‪:‬‬

‫أ‪ /‬تنظيم ممارسة حق الإضراب‪:‬‬

‫يعرف الإضراب بأنه‪" :‬اتفاق العاملين على الامتناع بشكل إرادي عن العمل‪ ،‬لفترة زمنية‬

‫محددة أو غير محددة‪ ،‬بقصد تحقيق مطالب مهنية معينة"‪.‬‬

‫و يعد حق الإضراب من أهم الحقوق المكرسة للموظفين والعمال باعتباره وسيلة للدفاع‬

‫عن حقوقهم وحر ياتهم‪ ،‬و يعد أخطر ما يهدد و يعطل سير المرافق العامة بانتظام واطراد‪ ،‬رغم‬

‫تكريسه دستور يا وقانونيا‪.‬‬

‫ولقد كرس المؤسس الدستوري الجزائري هذا الحق بموجب المادة ‪ 71‬من دستور"‪0221:‬‬

‫المعدل والمتمم التي نصت على أنه‪ ":‬الحقّ في الإضراب م ُعتر َف به‪ ،‬ويُمار َس في إطار القانون‪،".‬‬

‫غير أن ذات المادة في الفقرة الثانية‪ ،‬قضت بمنعه في ميادين أو جعل ممارسته محدودة كالد ّفاع‬

‫الوطنيّ والأمن‪ ،‬أو في جميع الخدمات أو الأعمال العمومي ّة ذات المنفعة الحيو ي ّة للمجتمع‪.1‬‬

‫كما كرس المشرع الجزائري هذا الحق بم وجب القانون رقم ‪ ،219-21‬كما نص المشرع‬

‫على حق الموظف في الإضراب بموجب نص المادة ‪ 21‬من الأمر رقم‪ 12/311‬المؤرخ في‬

‫‪ 9111/19/02‬المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬والتي جاء فيها‪ ":‬يمارس‬

‫الموظف حق الإضراب في إطار التشر يع والتنظيم‪ ".‬وحفاظا على مبدأ استمرار ية المرفق العام قيد‬

‫‪ -1‬انظر المادة ‪ 90‬من دستور ‪ 0221‬المعدل والمتمم‪ ،‬المرجع السابق‬


‫‪ -2‬قانون ‪ 19/21‬المؤرخ في ‪ 11‬فيفري ‪ 0221‬يتعلق بالنزعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب‪ ،‬ج ر ج ج‬
‫عدد ‪ ،11‬صادر في ‪ 19‬فيفري ‪.0221‬‬
‫‪ -3‬الأمر ‪ 12/11‬المؤرخ في ‪ 02‬جو يلية ‪ ،9111‬المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العامة‪ ،‬ج ر ج ج عدد ‪ 41‬صادر في‬
‫‪ 01‬جو يلية ‪.9111‬‬
‫المشرع ممارسة هذا الحق الدستوري ببعض الإجراءات الشكلية والموضوعية وهو ما تضمنه القانون‬

‫‪ ،19/21‬المتمثلة فيما يلي‪:‬‬

‫‪-‬عقد اجتماعات دور ية‪ :‬وتكون بين ممثلي العمال والممثلين المخولين في المؤسسات والإدارات‬

‫العمومية المهنية لدرس وضعية العلاقات الاجتماعية‪.1‬‬

‫‪-‬موافقة جماعة العمل‪ :‬تكون الموافقة على الإضراب عن طر يق الاقتراع السري‪ ،‬بموافقة أغلبية‬

‫العمال المجتمعين في الجمعية العامة‪ ،‬التي تضم على الأقل نصف عدد العمال‪ ،‬الذين تتكون منهم‬

‫جماعة العمل‪.2‬‬

‫‪-‬الإشعار المسبق‪ :‬يتحدد عن طر يق المفاضة بين الطرفين المستخدم وممثلي جماعة العمل‪ ،‬و يكون‬

‫في أجل محدد لا يقل عن ثمانية (‪ )12‬أيام‪ ،‬تحسب ابتداء من تاريخ إيداعه لدى المستخدم‪.3‬‬

‫‪-‬المحافظة على الممتلكات‪ :‬يجب على المستخدم وممثلي العمال‪ ،‬بمجرد إيداع الإشعار المسبق‬

‫بالإضراب‪ ،‬اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان المحافظة على المنشآت والأملاك وضمان أمنها‪،‬‬

‫و يعين الطرفان العمال الذين يتكفلون بهذه المهام‪.4‬‬

‫‪-‬ضمان الحد الأدنى من الخدمة‪ :‬إذا كان الإضراب يمس الأنظمة التي يمكن أن يضر انقطاعها‬

‫التام استمرار المرافق العمومية الأساسية‪ ،‬أو يمس الأنشطة الحيو ية الاقتصادية‪ ،‬أو تموين المواطنين‬

‫أو المحافظة على المنشآت والأملاك الموجودة‪ ،‬يتعين تنظيم مواصلة الأنشطة الضرور ية في شكل‬

‫قدر أدنى من الخدمة إجباري أو ناتج عن مفاوضات أو اتفاقيات أو عقود‪.5‬‬

‫ب‪ /‬تنظيم ممارسة حق الاستقالة‬

‫‪ -1‬أنظر المادة ‪ 51‬من قانون ‪ ،19/21‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ -2‬أنظر المادة ‪ 82‬من قانون ‪ ،98/09‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬أنظر المادة ‪ 80‬و‪ 09‬من قانون ‪ ،19/21‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬أنظر المادة ‪ 05‬من قانون ‪ ،19/21‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -5‬أنظر المادة ‪ 03‬من قانون ‪ ،19/21‬المرجع السابق‪ .‬كما تم النص على قدر من الخدمة الإجبار ية في بعض المجالات المشار إليهم‬
‫بالمادة ‪ 22‬من ذات القانون‪ ،‬أما المادة ‪ 22‬فقد نصت على قدر من الخدمة التي يتم الاتفاق عليها بين الطرفين‪.‬‬
‫تعني الاستقالة "رغبة الموظف في ترك الخدمة نهائيا بإرادته‪ ،‬قبل انتهاء المدة القانونية المحددة‬

‫لها"‪ ، 1‬وتعني أيضا‪" ،‬ترك الموظف أو المستخدم وظيفته وباختياره"‪ .‬وتعبر الاستقالة حقا مشروعا‬

‫للموظف وللعامل‪.‬‬

‫حفاظا على استمرار ية المرافق العامة لتقديم خدماته للمواطنية بصورة منتظمة‪ ،‬تم تقييدها‬

‫ببعض الشروط‪ ،‬حيث نظمها الأمر ‪ 12/11‬من المواد ‪ 909‬إلى ‪.991‬‬

‫اعترف الأمر ‪ 12/11‬بموجب المادة ‪ 909‬منه على أن الاستقالة حق معترف به للموظف‬

‫يمارس ضمن الشروط المنصوص عليها في هذا القانون الأساسي‪ ،‬أما المواد ‪ 902‬و‪ 902‬و‪991‬‬

‫نظمت أحكامها وإجراءات قبولها والتي ستفصل فيها كما يلي‪:‬‬

‫‪-‬يعلن الموظف رغبته الصر يحة في قطع العلاقة الوظيفية‪ ،‬إلا بطلب كتابي موجه للسلطة المخولة‬
‫قانونا بصلاحية التعيين‪ 2‬عن طر يق السلم الإداري‪.3‬‬
‫‪-‬يتوجب على الموظف أداء المهام الموكلة إليه إلى حين صدور قرار قبول الاستقالة‪.4‬‬
‫‪-‬لا يترتب على طلب الاستقالة أي أثر إلا بعد قبولها الصريح من طرف السلطة التي لها صلاحية‬
‫التعيين‪ ،‬والتي منح لها المشرع أجل شهرين للرد من تاريخ إيداعها‪ ،5‬إلا أنه ولضرورة المصلحة تم‬
‫منح أجل لهذه السلطة مدته شهرين تحسب من انتهاء تاريخ الآجل الأول‪ ،6‬وبانتهاء هذا الأجل‬
‫تصبح الاستقالة فعلية‪ ،7‬بحيث لا يمكن الرجوع في الاستقالة بعد قبولها‪.8‬‬
‫‪/2‬من حيث الأموال‬

‫‪ -1‬سعد نواف العنزي‪ ،‬النظام القانوني للموظف العام في ظل قانون الخدمة المدنية الـكويتي‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية الإسكندر ية‪،‬‬
‫‪.003‬‬ ‫‪ ،8993‬ص‬
‫‪ -2‬المادة ‪ 852‬من الأمر ‪ ،90/96‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 5/850‬من الأمر ‪ ،90/96‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 5/850‬من الأمر ‪ ،90/96‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -5‬المادة ‪ 5/889‬من الأمر ‪ ،90/96‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -6‬المادة ‪ 8/889‬من الأمر ‪ ،90/96‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -7‬المادة ‪ 0/889‬من الأمر ‪ ،90/96‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -8‬المادة ‪ 8/850‬من الأمر ‪ ،90/96‬المرجع السابق‪.‬‬
‫يحتاج كل مرفق عام للقيام بنشاطه صورة منتظمة ومستمرة إلى أموال كالعقارات‬
‫والمنقولات‪ ،1‬وخلافا عن القاعدة العامة التي تجيز الحجز على أموال المدين الذي امتنع عن الوفاء‬
‫بدينه‪ ،‬لا يجوز الحجز عن أموال المرافق العامة وفاءا لما يتقرر للغير من ديون في ذمتها‪ ،‬ضمانا‬
‫لاستمرار ية هذه المرافق في تقديم خدماتها بصورة منتظمة غير متقطعة‪ ،2‬وهذت ما نصت عليه‬
‫المادة ‪ 122‬من القانون المدني والتي جاء فيها‪ ":‬لا يجوز التصرف في أموال الدولة‪ ،‬أو حجزها أو‬
‫تملـكها بالتقادم‪.".......‬‬
‫معنى ذلك أن المشرع حصن المال العام من التصرف فيه باي شكل من الأشكال حفاظا‬
‫على استمرار ية المرفق العام المناط بها تقديم الخدمات للجمهور بصفة منتظمة ومستمرة‪.‬‬

‫إلا أن المشرع الجزائري خرج عن المبدأ العام الذي يكفل حماية العام من الحجز عليه‪ ،‬وذلك‬
‫في القانون التوجيهي للمؤسسات العامة الاقتصادية‪ ،3‬والذي نص على إمكانية التصرف أو التنازل‬
‫أو الحجز على ممتلكات التابعة لذمة المؤسسات الاقتصادية حسب القواعد المعمول بها في التجارة‬
‫ماعدا الجزء من الأصول الصافية التي تساوي رأس المال التأسيسي‪.4‬‬

‫ثانيا‪ :‬الضمانات القضائية لاستمرار ية المرفق العام‬

‫من أهم خصائص القانون الإداري أنه قضائي المنشأ‪ ،‬بسبب مساهمة القضاء الإداري‬

‫الفرنسي في إ يجاد وإظهار النظر يات التي تخدم حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد‪ ،‬وتجلى‬

‫ذلك من خلال نظر ية الظروف الطارئة‪ ،‬ونظر ية الموظف الفعلي‪.‬‬

‫‪ /0‬نظر ية الظروف الطارئة‬

‫‪ -1‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.115‬‬


‫‪-2‬فاضل الهام‪ ،‬محاضرات في القانون الإداري (السداسي الثاني)‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة باتنة‪،8952/8953 ،‬‬
‫ص‪.80‬‬
‫‪ -3‬القانون رقم ‪ 95/22‬المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية‪ ،‬المؤرخ في ‪ 58‬جانفي ‪ ،5022‬ج ر ج ج‪،‬‬
‫عدد ‪ 98‬صادر في ‪ 50‬جانفي ‪.5022‬‬
‫‪ -4‬المادة ‪ 89‬من القانون ‪ 95/22‬المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫الأصل في نظر ية العقود المدنية أن العقد شر يعة المتعاقدين‪ ،1‬ولا يعفى المتعاقد من التزاماته‬

‫تجاه الطرف الآخر إلا لقوة قاهرة‪ ،‬وهي حادث غير متوقع ولا يمكن دفعه و يكون سببا خارجيا‬

‫عن المدين يحرره من التزامه أو يعفيه من المسؤولية‪ ،2‬وهذه القاعدة لم يكن يؤخذ بها على إطلاقها‬

‫في مجال العقود الإدار ية‪.3‬‬

‫وتعتبر هذه النظر ية من أهم النظر يات المتعلقة بمبدأ دوام سير المرافق العامة بانتظام واطراد‬

‫وخاصة في مجال العقود الإدار ية‪ ،4‬و يقصد بها "تلك الحوادث التي تقع بعد التعاقد‪ ،‬دون أن‬

‫تكون معلومة أو متوقعة‪ ،‬وتجعل تنفيذ العقد مرهقا لاحد طرفيه إرهاقا شديدا‪ ،‬بحيث يهدده‬

‫بخسارة فادحة‪."5‬‬

‫إلا أن مجلس الدولة الفرنسي أنشأ حالة وسط بين الحالة التي يستطيع فيها المتعاقد أن يفي‬

‫بالتزاماته‪ ،‬وبين القوة القاهرة التي يستحيل فيها تنفيذ الالتزام مطلقا‪ ،‬ففي هذه الحالة يستطيع‬

‫المتعاقد أن يفي بالتزاماته ولـكن سيناله إرهاق مالي شديد‪ ،‬وهذه هي نظر ية الظروف الطارئة التي‬

‫ابتدعها مجلس الدولة الفرنسي من اجل تحقيق المصلحة العامة التي تقتضي بوجوب سير المرافق‬

‫العامة بانتظام واطراد من جهة‪ ،‬واستجابة لقواعد العدل والإنصاف من جهة أخرى‪.6‬‬

‫فتطبيق هذه النظر ية يؤدي إلى التزام الإدارة المتعاقدة في هذه الظروف بتعو يض المتعاقد‬

‫معها حتى لا يتوقف عن تنفيذ العقد أي بهدف معاونته في القدرة على الاستمرار في التنفيذ‪،7‬‬

‫‪ -1‬تنص المادة ‪ 596‬من القانون المدني على أنه‪ ":‬العقد شر يعة المتعاقدين‪ ،‬فلا يجوز نقضه‪ ،‬ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين‪ ،‬أو‬
‫للأسباب التي يقررها القانون‪".‬‬
‫‪ -2‬محمد أبوزيد‪ ،‬المرجع في القانون الإداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،5003 ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪ -3‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ -4‬هاني علي الطهراوي‪ ،‬القانون الإداري (ماهية القانون الإداري‪ ،‬التنظيم الإداري‪-‬النشاط الإداري)‪ ،‬دار الثقافة للنشر‬
‫والتوز يع‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬الأردن‪ ،8951 ،‬ص ‪.091‬‬
‫‪ -5‬محمد فؤاد مهنا‪ ،‬مبادئ وأحكام القانون الإداري‪ ،‬مؤسسة شباب الجامعة‪ ،‬الإسكندر ية‪ ،5030 ،‬ص ‪.808‬‬
‫‪ -6‬حمدي القبيلات‪ ،‬القانون الإداري (ماهية القانون الإداري‪-‬التنظيم الإداري‪-‬النشاط الإداري)‪ ،‬الجزء الأول‪ ،‬دار وائل‬
‫للنشر‪ ،‬الطبعة الأولى‪ ،‬الأردن‪ ،8992 ،‬ص ‪.090‬‬
‫‪ -7‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬مبادئ وأحكام القانون الإداري‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،8991 ،‬ص‪058‬‬
‫ولـكن لا يكون تعو يضا كاملا لأن الإدارة لم تكن متسببة في هذا الظرف الطارئ‪ ،‬وإنما يكون‬

‫بنسبة معينة يقدرها القضاء الإداري‪.1‬‬

‫وقد طبق مجلس الدولة الفرنسي هذه النظر ية في مطلع القرن العشرين في مجال العقود التي‬

‫يتعلق موضوعها بمرفق عام‪ .‬وتحديدا في قضية "بوردو" "‪ ،2"Bordeau‬بين بلدية "بوردو" وشركة‬

‫لتوز يع الغاز بموجب عقد امتياز‪ ،3‬ولما أحيلت القضية إلى مجلس الدولة اشترط لتطبيق هذه‬

‫النظر ية ما يلي‪:‬‬

‫‪-‬أن تقع لم تكن بالإمكان توقعها وقت التعاقد‪ ،‬ولا يمكن دفعها بعد حدوثها‪ ،‬وليست من‬

‫عمل أحد المتعاقدين‪.‬‬

‫‪-‬ألا تجعل هذه الظروف تنفيذ الالتزام مستحيلا كما هو الشأن في حالة القوة القاهرة‪ ،‬ولـكنها‬

‫تجعله عسيرا ومرهقا ماديا‪.‬‬

‫‪ -1‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.050‬‬


‫‪ -2‬هاني علي الطهراوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.091‬‬
‫‪ -3‬تتلخص وقائع القضية في أن بلدية مدينة "بوردو" أعطت عام ‪ 5091‬المرفق العام لتوز يع الغاز والـكهرباء في المدينة إلى شركة‬
‫بموجب عقد امتياز لمدة ‪ 09‬عام‪ ،‬وتعهدت الشركة بموجب العقد ملحقه‪ ،‬تجهيز الغاز للأفراد وبيع المتر مكعب منه بسعر معين‪،‬‬
‫غير أن الذي حصل بعد ذلك‪ ،‬هو نشوب الحرب العالمية الأولى‪ ،‬فارتفعت أسعار الفحم ارتفاعا تجاوز حدود التوقع‪ ،‬مما أدى‬
‫إلى تجاوز كلفة الإنتاج للمتر المكعب من الغاز السعر الذي يباع به بموجب العقد‪ ،‬فقد ارتفع سعر طن الفحم من ‪ 01‬فرنك في‬
‫عام ‪ 5051‬إلى ‪ 553‬فرنك في عام ‪ 5056‬بسبب ظروف الحرب‪ ،‬مما دعا بالشركة لمطالبة بلدية "بوردو" لتسمح بز يادة سعر المتر‬
‫المكعب من الغاز‪ ،‬إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض من قبل البلدية‪ ،‬بحجة أن العقد شر يعة المتعاقدين‪ ،‬فرفعت الشركة الأمر إلى‬
‫المحكمة الإدار ية المختصة وهي مجلس المحافظة‪ ،‬فقضى أيضا برفض القضية‪ ،‬فاستأنفت الشركة الحكم أمام مجلس الدولة‪ ،‬وطلبت‬
‫منه تعديل شروط العقد وذلك بمضاعفة سعر الغاز من جهة‪ ،‬والحكم لها بالتعو يض عن الأضرار التي تكبدتها نتيجة لعدم استجابة‬
‫بلدية بوردو لطلبها‪ ،‬غير أن مجلس الدولة رفض الطلب الأول لان القاضي لا يستطيع تعديل العقد‪ ،‬كما رفض الثاني لان بلدية‬
‫"بوردو" لم ترتكب أي خطأ‪ ،‬ومع ذلك فقد حكم مجلس الدولة للشركة بالتعو يض ولـكن على أساس آخر‪ ،‬فقد ادرك مجلس الدولة‬
‫النتائج التي تترتب على تطبيق أ حكام القانون المدني و أراد تلافيها‪ ،‬فقرر أن تجهيز الغاز للسكان إنما هو مرفق عام‪ ،‬ولذلك فإن‬
‫سيره يجب أن يكون منتظما وبدون انقطاع‪ ،‬لأن توقف هذا المرفق سيؤدي إلى نتائج سيئة جدا‪ ،‬وإن المصلحة العامة تقضي‬
‫بمساعدة الشركة للتغلب على الصعاب الناجمة على ارتفاع أسعار الفحم‪ ،‬ولذا قضى مجلس الدولة بالتعو يض كلما تجاوزت تكلفة‬
‫الإنتاج على ما يمكن توقعه عقلا وقت إمضاء العقد مضافا إليها جزء من الخسارة غير المتوقعة‪ ،‬وتتحمل الإدارة ما تبقى‪ ،‬و يلاحظ‬
‫أن الأساس في التعو يض هنا‪ ،‬ليس العقد‪ ،‬ولا الخطأ‪ ،‬ولا القانون‪ ،‬وإنما يستند إلى ضرورة سير المرفق العام بانتظام واطراد من‬
‫جهة‪ ،‬إلى اعتبارات العدل والإنصاف من جهة أخرى‪ .‬انظر حمدي القبيلات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.091‬‬
‫‪-‬ألا يترتب على هذه الحوادث إعفاء الملتزم من التزامه كما هو الحال في القوة القاهرة‪ ،‬ولـكن‬

‫يترتب عليها توز يع الأعباء مؤقتا بين المتعاقد والإدارة المتعاقدة‪.‬‬

‫‪-‬يجب أن تكون ا لظروف الطارئة عارضة‪ ،‬وأنها هي السبب المباشر في قلب التوازن المالي‬

‫للمشروع‪.1‬‬

‫إن الهدف من تعو يض المتعاقد هو تمكينه من الاستمرار في تنفيذ العقد وليس مجرد تعو يضه‬

‫عن الخسارة أو الربح الذي فاته بسبب تلك الظروف‪ ،‬أما إذا توقف رغم قدرته على الاستمرار‬

‫ولوكان ذلك بصعوبة بالغة وكلفة تفوق كثيرا ما كان يتوقعه‪ ،‬فإنه يتعرض لتوقيع الجزاء‪.2‬‬

‫والجدير بالذكر أن المشرع الجزائري أخذ بهذه النظر ية‪ ،‬ونص عليها في المادة ‪ 12/019‬من‬

‫القانون المدني التي نصت على أنه‪ ":‬غير أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع‬

‫توقعها‪ ،‬وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلا‪ ،‬صار مرهقا للمدين‬

‫بحيث يهدده بخسارة فادحة‪ ،‬جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد مراعاة لمصلحة الطرفين أن يرد‬

‫الالتزام المرهق إلى الحد المعقول‪ ،‬و يقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك‪".‬‬

‫وباستقراء هذ النص القانوني السالف الذكر‪ ،‬تبين لنا أن المشرع الجزائري نص على هذه‬

‫النظر ية في القانون المدني‪ ،‬فإنه أخذ بالمبدأ الذي أقره مجلس الدولة الفرنسي في قضية "بوردو"‬

‫بالنسبة للعقود الإدار ية‪ ،‬بل وزاد عليه بأن جعل مجال تطبيق هذه النظر ية شاملا بالنسبة للعقود‬

‫المدنية‪.‬‬

‫‪ /9‬نظر ية الموظف الفعلي‬

‫يشترط لاعتبار الشخص موظفا ً عاما ً أن يكون قد التحق بالوظيفة العامة وفقا ً للشروط‬

‫والأوضاع المقررة قانونا ً لشغلها‪ ،‬بمعنى أن تقوم الجهات المختصة في الدولة بتقليد الشخص الوظيفة‬

‫‪ -1‬ألبرت سرحان‪ ،‬يوسف جميل‪ ،‬ز ياد أيوب‪ ،‬القانون الإداري الخاص‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬الطبعة الأولى‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،8959‬ص ‪.19‬‬
‫‪ -2‬مصطفى أبو زيد فهمي‪ ،‬القانون الإداري‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬الإسكندر ية‪ ،5022 ،‬ص ‪.862‬‬
‫العامة بمقتضى قرار إداري أو وفقا ً لعقد استخدام تبرمه معه‪ ،‬أو بأية طر يقة أخرى ينص عليها‬

‫القانون‪.1‬‬

‫ولـكن القضاء الإداري الفرنسي قد اعترف بصحة بعض التصرفات الصادرة من بعض‬

‫الأشخاص الذين لم يصدر قرار بتعيينهم في الوظيفة العامة من السلطة المختصة‪ ،‬أو ممن كان قرار‬

‫تعيينهم معيباً‪ ،‬وهذا ما يعرف بالموظف الفعلي‪.‬‬

‫والذي يمكن تعر يفه على أنه‪ ":‬هو الشخص الذي يقوم بأعمال الوظيفة العامة سواء صدر‬

‫بتعيينه قرار خاطئ أو معيب‪ ،‬أو لم يصدر بتعيينه قرار إطلاقا ً‪"2.‬‬

‫وعرفه البعض الآخر بأنه "هو شخص لم يصدر قرار بتعيينه في الوظيفة العامة‪ ،‬أو صدر قرار‬
‫‪3‬‬
‫ولـكنه صدر معيباً‪ ،‬وقام بممارسة بعض التصرفات أو الاختصاصات المعهودة لموظف عام‪".‬‬

‫وتعتبر هذه النظر ية ضمانا لمبدأ استمرار ية المرفق العام بانتظام واطراد وحماية الغير حسن‬

‫النية‪ ،‬وكان القضاء الإداري الفرنسي الأول في تقريرها‪ ،‬ولها تطبيقين أولهما متمثل في تطبيق‬

‫نظر ية الموظف الفعلي في الظروف العادية‪ ،‬أما الثاني متمثل في تطبيق نظر ية الموظف الفعلي في‬

‫الظروف غير عادية (الاستثنائية)‪.‬‬

‫أ‪ /‬نظر ية الموظف الفعلي في الظروف العادية‬

‫يترتب في الظروف العادية أن تصدر بعض الأعمال والتصرفات المتصلة بالمرافق العامة من‬

‫بعض الأفراد رغم أنهم ليسوا موظفين رسميين معينين تعيينا صحيحا ساري المفعول في مجال‬

‫الوظائف التي قاموا بها‪ ،‬و يعد القضاء الإداري تصرفات هؤلاء فترة ممارستهم لتلك الوظائف‬

‫صحيحة‪- 4‬رغم التطبيق الدقيق لقواعد المشروعية كان يقتضي عدم الاعتراف بصحة هذه‬

‫‪-1‬عبد الل ّه منصور الشائبي‪ ،‬نظر ية الموظف الفعلي والموظف الظاهر بين الفقه والقضاء‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والشرعية‪ ،‬جامعة‬
‫‪https://www.zu.edu.ly/jsls/issus_8/dowanload/paper4.pdf‬‬ ‫الزاو ية‪ ،‬العدد الثامن‪ ،‬ليبيا‪ ،‬ص ‪ .09‬منشور على الموقع التالي‪:‬‬
‫‪ -2‬إسماعيل احفيظه إبراهيم‪ ،‬أهمية دور الموظف العام في سير المرفق العام‪ ،‬مجله العلوم القانونية والشرعية‪ ،‬العدد الأول‪ ،‬السنة‬
‫‪.09‬‬ ‫الأولى‪ ،‬ديسمبر ‪8958‬م‪ ،‬ص‬
‫‪ -3‬شر يف يوسف خاطر‪ ،‬الوظيفة العامة‪ ،‬دار الفكر والقانون‪ ،‬المنصورة‪2011 ،‬م‪ ،‬ص ‪01‬‬
‫‪ -4‬محمد جمال الذنيبات‪ ،‬الوجيز في القانون الإداري (ماهية القانون الإداري‪-‬التنظيم الإداري‪-‬القرار الإداري‪-‬النشاط الإداري‪-‬‬
‫العقود الإدار ية‪-‬الوظيفة العامة)‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوز يع‪ ،‬الأردن‪ ،9101 ،‬ص ‪.022‬‬
‫التصرفات‪ ،‬وذلك فقط على أساس مبدأ استمرار ية المرفق العام‪-‬حماية لأفراد الجمهور الذين اعتمدوا‬

‫بحسن نية على جميع المظاهر الخارجية التي تؤكد أن الشخص موظف عمومي‪ ،‬ولا يهم في ذلك أن‬

‫يكون الموظف الفعلي حسن النية أو سيئها‪ ،‬وإنما يكفي أن يكون ظهوره بمظهر الموظف المختص‬

‫من الجدية والمعقولية بحيث يدفع فعلا إلى الاعتقاد في مشروعية ممارسته لأعماله‪.1‬‬

‫ب‪ /‬نظر ية الموظف الفعلي في الظروف‬

‫يعتبر الموظف في الظروف الاستثنائية موظفا فعليا كالأفراد الذين يتصدون لمباشرة الوظيفة‬

‫عقب اختفاء وهرب السلطات الشرعية بسبب حرب خارجية أو داخلية أو اضطرابات معينة‪،‬‬

‫يحمل السكان على اختيار مجموعة منهم دون سند شرعي لتصر يف شؤونهم المحلية الأساسية وتسيير‬

‫المرافق العامة‪ .2‬وتعد تصرفاتهم صحيحة ومشروعة رغم أنهم غير موظفين‪ ،‬وقد طبق القضاء‬

‫الإداري الفرنسي هذه النظر ية أثناء غزو فرنسا في الحرب العالمية الثانية‪ ،3‬لاسيما في قضية‬

‫"مار يون" "‪ ،"Marion‬والتي تتلخص وقائعها في أن مجموعة أشخاص قاموا بتكوين لجنة لرعاية مصالح‬

‫الإقليم للغزو من قبل الجيش الألماني‪ ،‬والذي أدى إلى فرار أعضاء المجلس البلدي خوفا من‬

‫الوقوع في أيدي سلطات الاحتلال‪ ،‬وقامت هذه اللجنة المشكلة بالاستيلاء على البضائع والأغذية‬

‫لضمان توفيرها على الموطنين‪ ،‬وعلى إثر ذلك قام "مار يون" وآخرين بالطعن بهذه القرارات الصادرة‬

‫عن هذه اللجنة‪ ،‬مستندين على أن تصرفاتها لا تستند إلى أي أساس قانوني‪ ،‬وكان رد مجلس الدولة‬

‫الفرنسي على هذه الدعوى برفض هذا الطعن المقدم إليه رغم تسليمه بأن هذه اللجنة تشكل سلطة‬

‫فعلية لس لها أي صفة إدار ية‪ ،‬وذلك استنادا إلى الظروف الاستثنائية التي نجمت عن هذا الغزو‬

‫لهذا الإقليم من شانها إضفاء طابع الضرورة والاستعجال على التصرفات التي قامت بها هذه اللجنة‪،‬‬

‫مما يودي إلى اعتبار هذه القرارات صحيحة وسليمة قانونيا وكأنها صادرة عن سلطة إدار ية‪.4‬‬

‫‪ -1‬محمد فؤاد عبد الباسط‪ ،‬القانون الإداري (تنظيم الإدارة‪-‬نشاط الإدارة‪-‬وسائل الإدارة)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪،‬‬
‫الإسكندر ية‪ ،‬دون سنة نشر‪ ،‬ص ‪.902‬‬
‫‪ -2‬علي خطار شنطاوي‪ ،‬القانون الإداري الأردني (مبادئ القانون الإداري‪-‬التنظيم الإداري‪-‬نشاط الإدارة العامة)‪ ،‬الكتاب‬
‫الأول‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،‬الطبعة الأولى‪ ،‬الأردن‪ ،9112 ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ -3‬محمد جمال الذنيبات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.024‬‬
‫‪ -4‬حمدي القبيلات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬
‫وقد اعترف القضاء الإداري المصري بنظر ية الموظف الفعلي في الظروف الاستثنائية‪،‬‬

‫فقضت المحكمة الإدار ية العليا في حكمها الصادر في ‪ 92‬نوفمبر عام ‪ 0214‬بأن‪ ":‬نظر ية الموظف‬

‫الفعلي‪-‬كما جرى بذلك قضاء هذه المحكمة‪-‬لا تقوم إلا في الأحوال الاستثنائية البحثة‪ ،‬تحت إلحاح‬

‫الحاجة إلى الاستعانة بمن ينهضون بتسيير دولاب العمل في بعض الوظائف ضمانا لانتظام المرافق‬

‫العامة‪ ،‬وحرصا على تأدية خدماتها للمنتفعين بها‪ ،‬باضطراد ودون توقف‪ ،‬وتحتم الظروف غير العادية‬

‫أن تعهد جهة الإدارة إلى هؤلاء الموظفين بالخدمة العامة إذ لا يتسع أمامها الوقت لاتباع أحكام‬

‫الوظيفة في شأنهم‪"1.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مبدأ قابلية المرفق العام للتغيير (مبدأ التكيف(‬

‫إن إنشاء مرافق عامة يكمن في تلبية الاحتياجات العامة للمواطنين‪ ،‬بما أن هذه الاحتياجات‬

‫متجددة ومتغيرة باستمرار‪ ،‬فإن الأمر يقضي بالضرورة تجدد وتغيير وتعديل طرق عمل وسير المرافق‬

‫العامة تماشيا وتناغما مع تلك التطورات‪ ،‬إعمالا بمبدأ التكيف‪.2‬‬

‫فيتم وضع الموظفين في مركز لائحي تنظيمي قابل للتغيير والتعديل من طرف الإدارة بما‬

‫يتوافق ومقتضيات تطوير الأجهزة الإدار ية لمواجهة ومواكبة ما يطرأ على الاحتياجات العامة‪،‬‬

‫مثل التربص‪ ،‬التكوين‪ ،‬تغيير أوقات العمل‪.‬‬

‫أما بالنسبة للعقود‪ ،‬فيمكن للإدارة أن تدخل التعديلات اللازمة عليها لتتكيف مع الأوضاع‬

‫المستجدة بواسطة الملاحق وفقا لقانون الصفقات العمومية‪.3‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬طرق إدارة المرافق العامة‬

‫تناولنا فيما سبق‪ ،‬أن للمرافق العامة أنواع مختلفة‪ ،‬وهذا يؤدي بالضرورة إلى اختلاف طرق‬

‫تسييرها‪ ،‬وإن اختيار أسلوب تسيير المرافق العامة يرجع أساسا إلى عدة اعتبارات‪ ،‬سواء سياسية‬

‫أو اجتماعية أو اقتصادية‪ ،‬إضافة إلى مدى تدخل الدولة‪.‬‬

‫‪ -1‬حمدي القبيلات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬


‫‪ -2‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.024‬‬
‫‪ -3‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.422‬‬
‫حيث عرف المرفق العام في الجزائر أسلوبين تقليديين للتسيير وهما‪ :‬أسلوب التسییر المباشر أو ما‬

‫يسمى بالاستغلال المباشر وأسلوب المؤسسة العمومية (الفرع الأول)‪ ،‬أن الواقع أثبت نتائج غير‬

‫مجدية من خلال اتباع الإدارة أسلوبي الاستغلال المباشر والمؤسسة العمومية في تسيير مرافقها‪،‬‬

‫الذي أدى إلى عدم مسايرة متطلبات المواطنين ولم يحقق مبدأ النجاعة والجودة والسرعة المطلوبة‪،‬‬

‫خاصة أن بعض المرافق العمومية تحتاج في إدارتها للمرونة بسبب طبيعتها التي تخضع للمنافسة‬

‫والسرعة في تلبية الحاجات‪.1‬‬

‫مما أدى بالمشرع إلى تبني أسلوب أخر غير الأسلوب التقليدي لتسيير المرافق العمومية‪ ،‬وهو‬

‫ما يعرف بالتسيير غير المباشر باشراك القطاع الخاص عن طر يق أسلوب العقد الإداري من أجل‬

‫الاستفادة م ن خبرة وأساليب وإمكانيات القطاع الخاص في تقديم الخدمات العمومية‪ ،‬لـكن‬

‫بإشراف الدولة بمختلف هيئاتها‪ ،‬لتسيير المرافق العمومية‪ ،‬قصد تحسين الخدمات التي تقدمها المرافق‬

‫العامة التي ترقى إلى تطور المواطنين من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى تخفيف الأعباء الملقاة على كاهل‬

‫الإدارة تحقيقا للمصلحة العامة‪ ،‬وهو ما يعرف بتفو يض المرافق العامة لتسيير المرافق العامة (الفرع‬

‫الثاني)‪.‬‬

‫الفرع الأول‪ :‬الأساليب التقليدية لتسيير المرافق العمومية‬

‫تحتكر الدولة في الـكثير من المرافق العامة النشاط الذي يقوم به‪ ،‬وتنفق الأموال وتعيين‬

‫الموظفين وتراقب سير المرفق ونشاطه ما أصطلح عليه بطر يقة الاستغلال المباشر (أولا)‪ ،‬وأحيانا‬

‫أخرى نجد الدولة لجأت إلى طر يقة أكثر مرونة في تسيير المرافق العمومية ذلك بخلق مؤسسات‬

‫مستقلة عن الدولة والجماعات المحلية متخصصة في مجالات معينة (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ -1‬العيد الراعي‪ ،‬تفو يض المرفق العمومي‪ ،‬مفهومه‪-‬أسسه‪-‬أشكاله‪ ،‬مجلة الواحات‪.......................................،‬‬


‫أولا‪ :‬الاستغلال المباشر‬

‫يقصد بالاستغلال المباشر على أنه‪:‬‬

‫"أن تقوم الدولة والجماعات المحلية بإدارة المرفق مستعينة بأموالها وموظفيها مستعملة في ذلك‬
‫‪1‬‬
‫وسائل القانون العام‪".‬‬

‫"أن تقوم الإدارة بنفسها بتشغيل المرفق بأساليب القانون العام مستخدمة في ذلك أموالها‬

‫وموظفيها‪ ،‬سواء كانت الإدارة مركز ية أو محلیة على أساس أن المرفق العام لا یملك استقلالية‬
‫‪2‬‬
‫مالیة ولا شخصية معنو ية ولا جهاز تسیر خاص به‪".‬‬

‫أما الأستاذ أحمد محيو عرفه‪" :‬عندما يؤمن تسيير المرفق العام مباشرة من قبل المجموعة العامة‬

‫(دولة‪ ،‬جماعات محلية) والتي تتولى مسؤوليته‪ ،‬فالإدارة تتصرف بواسطة وكلائها ووسائلها المادية‬
‫‪3‬‬
‫مستعملة أدوات القانون العام‪".‬‬

‫أما الأستاذ سليمان الطماوي بأنه‪" :‬الطر يقة التي تقوم الدولة والجماعات المحلية بإدارة مرفق‬
‫‪4‬‬
‫عام مستعينة بأموالها وموظفيها ومستعملة في ذلك وسائل القانون العام‪".‬‬

‫أما من جهة المشرع الجزائري‪ ،‬فإنه لم يعطي تعر يفا له‪ ،‬واقتصر دوره بالإشارة إليه في كل‬

‫من قانون البلدية‪ 5‬وقانون الولاية‪ ،6‬حيث نصت المادة ‪ 020‬من قانون البلدية على ما يلي‪" :‬يمكن‬

‫للبلدية أن تستغل مصالحها العمومية عن طر يق الاستغلال المباشر‪ .‬وتقيد إرادات ونفقات‬

‫الاستغلال المباشر في ميزانية البلدية ‪.‬ويتولى تنفيذها أمين خزينة البلدية طبقا لقواعد المحاسبة‬

‫العمومية‪".‬‬

‫‪ -1‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.429‬‬


‫‪ -2‬صبرينة عصام‪ ،‬تسییر المرفق العام في القانون الجزائري‪ ،‬مجلة أبحاث قانونية وسياسية‪ ،‬جامعة الصديق بن يحي جيجل‪ ،‬العدد‬
‫الخامس‪ ،9109 ،‬ص ‪.921‬‬
‫‪ -3‬نقلا عن نادية ضر يفي‪ ،‬تسيير المرفق العام والتحولات الجديدة‪ ،‬دار بمقيس‪ ،‬الجزائر‪ ،9101 ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪-4‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.292‬‬
‫‪ -5‬من قانون ‪ 01/00‬المؤرخ في ‪ 99‬جوان ‪ ،9100‬يتعلق بقانون بالبلدية‪ ،‬ج ر ج ج‪ ،‬عدد ‪ 29‬صادر في ‪ 2‬جو يلية ‪.9100‬‬
‫‪ -6‬قانون رقم ‪ 19/09‬المؤرخ في ‪ 90‬فبراير ‪ ،9109‬يتعلق بقانون الولاية‪ ،‬ج ر ج‪ ،‬عدد ‪ ،09‬صادر في ‪ 92‬فيفري ‪.9109‬‬
‫كما نصت المادة ‪ 049‬من قانون الولاية "يمكن المجلس الشعبي الولائي أن يستغل مباشرة‬

‫مصالحه العمومية عن طر يق الاستغلال المباشر‪".‬‬

‫على ضوء هذه التعار يف والنصوص القانونية يتبين لنا‪ ،‬أن الاستغلال المباشر لا يتمتع‬

‫بالشخصية المعنو ية‪ ،‬وأن الموظفون العاملون في هذه المرافق هم موظفون عموميون يخضعون فبما‬

‫یتعلق بتعينهم وتحديد مرتباتهم واختصاصاتهم لقانون الوظيفة العامة‪ .‬كما أن أموال هذه المرافق‬

‫هي أموال عامة والقرارات التي تصدرها قرارات إدار ية والعقود التي يبرمونها عقود إدار ية تتضمن‬

‫شروط غیر مألوفة في العقود المدنية‪.1‬‬

‫ثانيا‪ :‬المؤسسة العمومية‬

‫قد تجد الدولة من الأنسب لتحقيق مصلحة المرفق العام وفاعلية أداء خدماته للأفراد‪ ،‬ألا‬

‫تتولى إدارته بطر يق الإدارة المباشرة عن طر يق وزاراتها‪ ،‬وإنما عن طر يق إنشاء مؤسسات عامة‬

‫مستقلة لتقوم بإدارة المرفق العام‪.2‬‬

‫يعتبر أسلوب المؤسسة العامة وسيلة من وسائل إدارة المرفق العام وأكثرها شيوعا وانتشارا‪،3‬‬

‫ولم يستقر الفقه على تعر يف واحد للمؤسسة العامة‪ ،‬رغم ما أفردوه من أراء وأبحاث مطولة‪ ،‬في‬

‫هذا الشأن‪.‬‬

‫حيث عرفها الفقيه "بيار لورين فري" "‪ "Pierre Laurent Frier‬على أنها‪ " :‬شخص معنوي‬

‫من القانون العام يسير مرفق عمومي متخصص‪ ،‬مستقل عن الدولة والجماعات المحلية‪ ،‬ولـكنه‬

‫مرتبط بهما‪."4‬‬

‫‪ -1‬صبرينة عصام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.921‬‬


‫‪ -2‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.294‬‬
‫‪-3‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.422‬‬
‫‪4‬‬
‫‪- "L'établissement publique est une personne morale de droit publique gérant une service publique spécialisé ، distincte‬‬
‫‪de l'état des collectivités locales mais rattachée à eux".‬‬
‫‪-‬فاضل الهام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.03‬‬
‫وعرفها الأستاذ "سليمان الطماوي" بأنها‪ " :‬عبارة عن مرفق عام يدار عن طر يق منظمة‬

‫عامة ويتمتع بالشخصية المعنو ية"‪.1‬‬

‫أما الأستاذ "عمار عوابدي" عرفها بأنها‪ " :‬منظمة إدار ية عامة تتمتع بالشخصية القانونية‬

‫والمعنو ية والاستقلال المالي والإداري‪ ،‬وترتبط بالسلطات الإدار ية المركز ية‪ ،‬فهي تدار وتسير‬

‫بأسلوب اللامركز ية الإدار ية لتحقيق أهداف محددة في نظامها القانوني"‪.2‬‬

‫وعرفها الأستاذ "أحمد محيو" المؤسسة العمومية على أنها‪ ":‬شخص اعتباري إداري من النموذج‬

‫التأسيسي‪ ،‬الهدف من إحداثها تأمين التسيير المستقل لمرفق الدولة أو الولاية أو البلدية أو لشخص‬

‫أخر من النموذج التجمعي"‪.3‬‬

‫من خلال ما تم التطرق إليه من تعر يفات يمكن أن نستنتج بأن المؤسسة العامة هي أسلوب‬

‫تدار به المرافق العامة ويتمتع بالشخصية المعنو ية‪ ،‬والتي تتميز بالخصائص التالية‪:‬‬

‫أنها تقوم على مرفق عام‪ :‬بمعنى أنها تدير أحد المرافق العامة كان من الممكن أن‬ ‫‪‬‬

‫تتولاه الدولة بنفسها أو بواسطة هيئاتها المحلية (البلدية والولاية)‪ ،‬ولـكنها رأت أنه من الأفضل‬

‫إنشاء مؤسسة عامة مستقلة لتتولى إدارة المرفق العام نيابة عنها‪.4‬‬

‫تتمتع بالشخصية المعنو ية‪ :‬كما أشرنا أعلاه أن المؤسسة العامة تتمتع بالشخصية المعنو ية‪،‬‬ ‫‪‬‬

‫فانه يترتب عن هذا التمتع النتائج التالية‪( :‬أ) أن يكون لها ذمة مالية مستقلة عن الدولة أو‬

‫الجماعات المحلية المنشئة لها‪( ،‬ب) أن يكون لها حق قبول الهبات والوصايا‪( ،‬ج) أن يكون‬

‫لها حق التعاقد دون الحصول على رخصة‪( ،‬د) أن يكون لها حق التقاضي‪( ،‬ه) أن يكون‬

‫لها أملاك خاصة‪ ،‬تتحمل الحقوق والواجبات‪ ،‬إصدار القرارات‪.‬‬

‫‪-1‬سليمان الطماوي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.292‬‬


‫‪ -2‬عمار عوابدي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.919‬‬
‫‪.442‬‬ ‫‪ -3‬ٲحمد محيو‪ ،‬محاضرات في المؤسسات الإدار ية‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬ط‪ ،2‬الجزائر‪ ،0292 ،‬ص‬
‫‪ -4‬محمد رفعت عبد الوهاب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.209‬‬
‫مبدأ التخصيص‪ :‬و يقصد به أن كل مؤسسة عمومية يناط بها القيام بأعمال محددة‬ ‫‪‬‬

‫في نص إنشائها أي إشباع حاجات معينة ومحددة‪ ،1‬وهي ملزمة بأن لا تحيد عنها وألا تمارس‬

‫نشاطا آخر‪ ،‬غير النشاط المذكور تشر يعيا أو تنظيميا‪.2‬‬

‫استقلال المؤسسة العامة مع بقائها مرتبطة برابطة الخضوع الوصاية الإدار ية‪ :‬إذا‬ ‫‪‬‬

‫كانت المؤسسة العامة تتمتع بالاستقلالية بما أنها تمثل اللامركز ية في جانبها المرفقي فإن ذلك‬

‫لا يعني قطع كل علاقة بينها وبين سلطة الوصاية‪ ،‬بل تبقى المؤسسة خاضعة لنظام الوصاية‬

‫كفكرة مقابلة للاستقلالية المطلقة‪ ،‬فمن حق الإدارة العامة المركز ية أن تراقب نشاطها بهدف‬

‫التأكد من عدم خروجها عن المجال المحدد لها‪ .3‬ولـكن يجب أن تمارس الإدارة العامة‬

‫المركز ية الوصاية‪ ،‬في حدود القانون تطبيقا لقاعدة "لا وصاية بدون قانون"‪.‬‬

‫وقد نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 041‬من قانون الولاية على أنه‪" :‬يمكن المجلس الشعبي‬

‫الولائي أن ينشئ مؤسسات عمومية ولائية تتمتع بالشخصية المعنو ية والذمة المالية المستقلة من أجل‬

‫تسيير مصالحها‪".‬‬

‫أما قانون البلدية فقد نص على المؤسسة العامة في المادة ‪ 022‬التي كما يلي‪ ":‬يمكن للبلدية أن‬

‫تنشأ مؤسسات عمومية بلدية تتمتع بالشخصية المعنو ية والذمة المالية المستقلة من أجل تسيير‬

‫مصالحها"‪.‬‬

‫أما فيما يخص أنواع المؤسسات العامة فهي كالاتي‪:‬‬

‫المؤسسات العامة ذات الطابع الإداري‪ :‬ومن أمثلتها المدارس والمعاهد والديوان الوطني‬

‫للخدمات الجامعية‪ ،‬المستشفيات‪......‬الخ‪.‬‬

‫‪ -1‬حمدي القبيلات‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬


‫‪ -2‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.411‬‬
‫‪ -3‬عمار بوضياف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.411‬‬
‫المؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري‪ :‬ومن أمثلتها بريد الجزائر‪ ،‬الجزائر ية‬

‫للمياه‪....‬الخ‪.‬‬

‫المؤسسات ذات الطابع العلمي والتكنولوجي‪ :‬وأمثلتها الجامعات والمعاهد‪......‬الخ‬

‫المؤسسات العمومية ذات الطابع العلمي والثقافي والمهني‪ :‬ومن أمثلتها المجمع الجزائري للغة‬

‫العربية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تفو يض المرافق العامة لتسيير المرافق العامة‬

‫إن فكرة تفو يض المرفق العام ليست بحديثة العهد‪ ،‬وإنما تعود إلى بداية القرن الماضي عندما‬

‫اتجهت الدولة الفرنسية إلى تفو يض أشخاص القانون الخاص بتسيير بعض المرافق العامة ذات‬

‫الطابع الصناعي والتجاري‪ ،‬لذلك لا تعد تقنية حديثة في تطبيقاتها‪ ،1‬بل أن جذورها تعود إلى‬

‫عقد الامتياز الذي يشكل أهم الأساليب التي اعتمدتها الدولة الجزائر ية في إدارة استغلال المرافق‬

‫العمومية‪.2‬‬

‫وتبنت العديد من الدول أسلوب تفو يض المرافق العمومية لتسييرها‪ ،‬من ضمنها الجزائر وذلك‬

‫بموجب المرسوم الرئاسي ‪ ،3949/02‬المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفو يض المرافق‬

‫العمومية‪ ،‬إضافة إلى المرسوم التنفيذي رقم ‪ ،0224/02‬المتعلق بتفو يضات المرفق العام‪ ،‬كتنظيم‬

‫مستقل لأول مرة‪.‬‬

‫وللتفصيل أكثر سنعالج في هذا الفرع‪ ،‬بيان مفهوم تفو يض المرافق العمومية(أولا)‪ ،‬وأسس‬

‫تفو يض المرافق العامة (ثانيا)‪ ،‬وأشكال تفو يضات المرافق العمومي) رابعا)‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-Jean François Auby, les services publics locaux, collection Que sais-je ?,Paris, 1997,p 16. Voir:‬‬
‫‪le site www.quesaisje.com le 03/03/2020 a 21.00.‬‬
‫‪ -2‬سهيلة فوناس‪ ،‬تفو يض المرافق العمومية في التشر يع الجزائري‪ ،‬رسالة دكتوره‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود‬
‫معمري‪ ،‬تيزي وزو‪ ،9102 ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -3‬المرسوم الرئاسي ‪ 949/02‬المؤرخ في ‪ 01‬سبتمبر ‪ 9102‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفو يضات المرفق العام‪ ،‬ج ر ج‬
‫ج عدد ‪ 42‬صادر ‪ 01‬سبتمبر ‪.9101‬‬
‫‪- 4‬المرسوم تنفيذي ‪ 022/02‬المؤرخ في ‪ 19‬أوت ‪ 9102‬يتعلق بتفو يض المرفق العام‪ ،‬ج ر ج ج عدد ‪ 42‬صادر في ‪ 12‬أوت‬
‫‪.9102‬‬
‫أولا‪ :‬مفهوم تفو يض المرفق العام‬

‫تعددت التعر يفات الخاصة بتفو يض المرفق العام وذلك راجع لتعدد أشكاله‪ ،‬لذلك سيتم‬

‫التطرق إلى التعر يف الفقهي لتفو يض المرافق العامة (أ)‪ ،‬وإلى التعر يف التشر يعي(ب)‪.‬‬

‫(‪ )0‬التعر يف الفقهي لتفو يض المرافق العامة‬

‫استعمل مصطلح تفو يض المرفق العام لأول مرة في الفقه الفرنسي‪ ،‬ولم يتناول الفقه‬

‫الجزائري هذ ه التقنية إلا ناذرا‪ ،‬وذلك راجع إلى صعوبة تحديد مدلولها لغياب تنظيم يحكمها قبل‬

‫سنة ‪ ،9102‬في حين تناولها الفقه المغربي باستفاضة لتكريسها من قبل المشرع المغربي سنة ‪.19112‬‬

‫فبالنسبة للفقه الفرنسي فإن مصطلح تفو يض المرفق العام أو ما يسمى ب ‪délégation de‬‬

‫‪ ،service public‬ظهر لأول مرة على يد الأستاذ "‪ "Jean François Auby‬سنة ‪ 0229‬ضمن‬

‫دراسة تتعلق بالمرافق العامة المحلية‪ ،‬حيث عرفه على أنه‪ ":‬العقد الذي يهدف إلى تحقيق الأهداف‬

‫التالية‪:‬‬

‫‪-‬أن يعهد إلى شخص آخر يطلق عليه تسمية (صاحب التفو يض)‪.‬‬

‫‪-‬تنفيذ مهمة المرفق العام والقيام باستغلال ضروري للمرفق‪.‬‬

‫‪ -‬أن يتحمل صاحب التفو يض مسؤولية تشغيل المرفق العام‪ ،‬وإقامة علاقة مباشرة مع‬

‫المستفيدين الذين تؤدى إليهم الخدمات مقابل تأديتهم لتعر يفات محددة‪.‬‬

‫‪ -‬أن يتقيد صاحب التفو يض بالمدة المحددة والتي تعكس الاستثمارات التي تهدف إلى‬

‫تغطيتها‪".2‬‬

‫وعرفه الأستاذ "‪ "chapus‬على أن‪ ":‬عقود تفو يض المرفق العام هو عقود موضوعها تكليف‬

‫المتعاقد مع الإدارة مهمة تنفيذ مرفق عام إداري أو اقتصادي بصورة جزئية أو كلية"‪.3‬‬
‫‪"les contrats de délégation de services publics sont les contrats ayant pour‬‬
‫‪objet de confier au contractant de l’administration، la charge d’assurer en tout‬‬

‫‪ -1‬سهيلة فوناس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.09‬‬


‫‪2‬‬
‫‪-Jean François Auby, délégation du service public, guide pratique, Dalloz, Paris,1997, p16.‬‬
‫‪-3‬سهام سليمان‪ ،‬تفو يض المرفق العام كتقنية جديدة في التشر يع الجزائري‪ ،‬مجلة الدراسات القانونية‪ ،‬جامعة يحي فارس‪ ،‬المدية‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬مجلد ‪ ،2‬العدد ‪ ،9109 ،9‬ص ‪.1‬‬
‫‪ou en partie l’exécution d’un service public qui peut être aussi bien administratif‬‬
‫"‪qu’ industriel et commercial1.‬‬
‫وعرفه الأستاذ"‪"devolvé‬بقوله‪" :‬منح لمؤسسة أو مشروع ما مهمة تحقيق مرفق عام‪ ،‬وفقا‬

‫لصيغ من العائدات يتم التوافق عليها وتكون مختلفة الثمن"‪.2‬‬

‫‪"l’attribution à une entreprise d’une mission plus ou moins étendue de‬‬


‫‪service public avec des formules de rémunération appropriée mais distinctes‬‬
‫"‪normalement d’un prix3.‬‬

‫أما الفقه العربي فقد عرفه الدكتور وليد حيدر جابر على أنه‪ ":‬كل عمل قانوني تعهد بموجبه‬

‫جماعة عامة ضمن اختصاصاتها‪ ،‬ومسؤولياتها‪ ،‬لشخص آخر إدارة واستثمار مرفق عام بصورة كلية‬

‫أو جزئية مع أو بدون بناء منشآت عامة لمدة محددة وتحت رقابتها‪ ،‬وذلك مقابل عائدات يتقاضاها‬

‫وفقا للنتائج المالية للاستثمار والقواعد التي ترعى التفو يض‪".4‬‬

‫أما الأستاذ مروان محي الدين قطب على أنه‪ ":‬تفو يض مرفق عام يعني أن تعهد الدولة أو‬

‫أحد الأشخاص القانون العام‪ ،‬إدارة واستغلال مرفق عام‪ ،‬إلى شخص طبيعي ومعنوي‪ ،‬غاليا ما‬
‫‪5‬‬
‫يكون من أشخاص القانون الخاص‪".‬‬

‫أما الفقه المغربي فقد حاول أساتذة القانون الإداري تحديد مدلول تفو يض المرفق العام‪،‬‬

‫حيث عرفه الأستاذ "بوعشيق" على انه‪ ":‬عقد إداري تحدد السلطة العامة المفوض له داخل المجال‬

‫الترابي المحدد في مدار التفو يض باستغلاله وتدبيره للمرفق العام الصناعي والتجاري المحلي لمدة‬

‫محددة تنتهي بانقضاء مدة العقد‪"6.‬‬

‫أما الأستاذ عبد الل ّه حداد عرفه على أنه‪ ":‬طر يقة جديدة من بين الطرق المعتمدة لتسيير‬

‫المرافق العامة‪ ،‬تتشابه مع عقد الامتياز‪ ،‬وتختلف عنه لأن المدة الزمنية لعقد الامتياز تكون أطول‪،‬‬

‫‪- René Chapus, Le Droit Administratif General, tome 1, 15 e, Montchrestien, Paris, 1996, P516.‬‬
‫‪1‬‬

‫‪-2‬سهام سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1‬‬


‫‪3‬‬
‫‪-Pierre Delvolvé,‬‬ ‫‪Le Droit Administratif, Dalloz, Collection connaissance du droit, 1994, p 39.‬‬
‫‪-4‬وليد حيدر جابر‪ ،‬التفو يض في إدارة واستثمار المرافق العامة‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬الطبعة الأولى‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ ،9112‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -5‬سهام سليمان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ -6‬سهيلة فوناس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫كما أن الملتزم يتعهد بتوفير المال والمستخدمين‪ ،‬بينما في التدبير المفوض‪ ،‬تبقى التجهيزات في ملـكية‬

‫الإدارة كما يحتفظ المفوض له بالمستخدمين مع مراعاة حقوقهم‪."1‬‬

‫أما في الفقه الجزائري‪ ،‬فنادرا تم التطرق إلى تعر يف تفو يض المرفق العام‪ ،‬نظرا لحداثتها هذه‬

‫التقنية‪ ،‬إلا أن هذا لم يمنع القليل من محاولة تحديد مدلول التفو يض منهم الأستاذ "رشيد زوايمية"‬

‫الذي يرى بأن أسلوب التفو يض له مدلولين‪":‬‬

‫أ‪ -‬المدلول الأول‪ :‬وفقا لهذا المدلول فإن تفو يض المرفق العام يعد بمثابة عمل قانوني يسمح أو‬

‫يخول للهيئات العمومية بنقل مهمة تسيير المرفق العام إلى أشخاص القانون الخاص‪.‬‬

‫ب‪ -‬المدلول الثاني‪ :‬يعتبر أسلوب التفو يض طر يقة من طرق تسيير المرفق العام يتولى من‬

‫خلاله أشخاص القانون الخاص هذه المهمة التي كانت حكرا على الهيئات العمومية‪".2‬‬

‫من خلال التعار يف المشار إليها سابقا‪ ،‬يمكن استنتاج بأن تفو يض المرفق العام هو‪ ":‬عقد‬

‫إداري يخو ل للدولة أو الجماعات الإقليمية أو المؤسسات التابعة لها تسمى السلطة المفوضة‪ ،‬نقل‬

‫تسيير مرفق عام غير سيادي إلى شخص معنوي عام أو خاص يسمى المفوض له‪ ،‬الذي يتقاضى‬

‫أجره من عائدات استغلال هذا المرفق"‪.‬‬

‫(‪ )9‬التعر يف التشر يعي‬

‫إن التعر يفات السابقة لم ترقى إلى تحديد واضح المعالم لمفهوم تفو يض المرفق العام‪ ،‬سواء من‬

‫الناحية الموضوعية أو المسؤولية أو الإجرائية‪ ،‬مما دفع المشرع إلى التدخل من أجل تعر يف هذه‬

‫التقنية واضعا حدا للاختلافات الفقهية‪.‬‬

‫وسنتناول في هذا الصدد إلى تعر يف المشرع الفرنسي باعتباره السباق للنص على تقنية‬

‫تفو يض المرفق العام‪ ،‬ثم سنتناول موقف المشرع الجزائري من تقنية تفو يض المرافق العامة‪.‬‬

‫‪ -1‬زينب خلوط‪ ،‬تفو يض المرفق العام‪ ،‬مجلة العلوم القانونية والاجتماعية‪ ،‬جامعة ز يان عاشور‪ ،‬الجلفة‪ ،‬الجزائر‪ ،‬مجلد ‪ ،9‬العدد‬
‫‪ ،9109 ،0‬ص ‪.29‬‬
‫‪ -2‬سهيلة فوناس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.04‬‬
‫فبالنسبة للمشرع الفرنسي تناول مصطلح التفو يض لأول مرة في القانون ‪ 092/29‬المتعلق‬

‫بالإدارة الإقليمية والجمهور ية‪ ،‬والذي أطلق عليه اسم "‪ 1"Loi Jox‬والذي منح من خلاله سلطة‬

‫الجماعات الإقليمية تفو يض مرافقها العامة للأشخاص العامة أو الخاصة‪ ،2‬ثم تم تكريسه في مجال‬

‫تفو يض المرافق العامة حيث عرفه القانون ‪ 099/22‬المعروف بقانون "‪ "Sapin‬بموجب المادة ‪22‬‬

‫منه المعدلة بمقتضى المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 0012/9110‬المتعلق بالإجراءات المستعجلة‬

‫للإصلاحات ذات الطابع الاقتصادي والمالي‪ ،‬والذي يطلق عليه تسمية "‪ 3"Murcef‬والتي نصت‬

‫على أنه"‬

‫‪"Une délégation de service public est un contrat par lequel une personne‬‬
‫‪morale de droit public confie la gestion d'un service public dont elle a la‬‬
‫‪responsabilité à un délégataire public ou privé, dont la rémunération est‬‬
‫‪substantiellement liée aux résultats de l'exploitation du service. Le délégataire‬‬
‫‪peut être chargé de construire des ouvrages ou d'acquérir des biens nécessaires‬‬
‫‪au service".‬‬
‫"تفو يض المرفق العام عقد يعهد من خلاله شخص معنوي عام تسيير مرفق عام وبتولي‬

‫مسؤوليته‪ ،‬للمفوض له‪ ،‬سواء كان عام أم خاص‪ ،‬بمقابل مالي مرتبط باستغلال المرفق العام‪،‬‬

‫وقد يكلف المفوض له ببناء منشآت أو باكتساب أموال لازمة للمرفق"‪.4‬‬

‫إلا أنه وفي نهاية سنة ‪ 9102‬عرف التشر يع الفرنسي عدة مناقشات في هذا الموضوع‪،‬‬

‫خلصت إلى إعادة النظر في الأشكال التقليدية الأربعة لتفو يضات المرفق العام‪ ،‬وتماشيا والاجتهاد‬

‫‪1‬‬
‫‪-loi d’orientation N 92/125 du 06 février 1992 relative à l’administration territoriale de la‬‬
‫‪République, JO N 33 Du 08 février 1992. Voir le site web www.légifrance.gouv.com vu le‬‬
‫‪22/03/2020 à 16 :00.‬‬
‫‪-2‬سهيلة فوناس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪- loi N 93/122 Du 09 janvier 1993, relative à la prévention de la corruption et la transparence de la‬‬
‫‪3‬‬

‫‪vie économique et des procédure publiques. JO FR N 25 du 30 janvier 1993, modifié par la loi N‬‬
‫‪2001/1168 du 11 décembre 2001 portant mesures urgentes réformes caractère économique et‬‬
‫‪financier. Voir le site web www.légifrance.gouv.com vu le 22/03/2020 à 16 :00.‬‬
‫‪-4‬أبو بكر أحمد عثمان‪ ،‬عقود تفو يض المرفق العام‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬الإسكندر ية‪ ،9104 ،‬ص ‪.20‬‬
‫القضائي في فرنسا‪ ،‬ليبقي على الامتياز كشكل وحيد لتفو يضات المرفق العام‪ ،‬عدا ما يتعلق‬

‫بتفو يضات المرفق العام المتعلق بالجماعات الإقليمية‪ ،‬الأمر الذي تأكد فعليا سنة ‪.19101‬‬
‫‪l'article L. 1121-3 du Code de la commande publique définit la délégation de‬‬
‫‪service public comme « une concession de services ayant pour objet un service‬‬
‫‪public et conclue par une collectivité territoriale, un établissement public local,‬‬
‫» ‪un de leurs groupements, ou plusieurs de ces personnes morales.2‬‬
‫أما المشرع الجزائري فإنه لم يضع نظام قانوني خاص بتقنية التفو يض وإنما أشار إليها في‬

‫نصوص متناثرة لاسيما قانون ‪ 09/12‬المتعلق بالمياه‪ ،3‬حيث نصت المادة ‪ 010‬منه على أنه‪":‬‬

‫‪ ......‬يمكن للدولة منح امتياز تسيير الخدمات العمومية للمياه لأشخاص خاضعين للقانون العام‪،‬‬

‫على أساس دفتر الشروط ونظام الخدمة يصادق عليها عن طر يق التنظيم‪ ،‬كما يمكن تفو يض كل‬

‫أو جزء من تسيير هذه الخدمات لأشخاص معنو يين خاضعين للقانون العام والخاص بموجب‬

‫اتفاقية‪ ،".‬إضافة إلى تخصيص قسم خاص من المادة ‪ 014‬إلى المادة ‪ 001‬من هذا القانون تحت‬

‫عنوان " تفو يض الخدمة العمومية"‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى قانون البلدية رقم ‪ 01/00‬الذي نص فيه صراحة على أسلوب تفو يض المرفق‬

‫العام مع إبقائه على الأساليب التقليدية المتمثلة في الاستغلال المباشر والمؤسسة العمومية وأسلوب‬

‫الامتياز‪ ،‬وذ لك استعماله عبارة تفو يض المصالح العمومية بموجب المادة ‪ 021‬منه‪ ،4‬إلا أن‬

‫المشرع لم يفصل في مفهوم التفو يض ربما تركه لمجال التنظيم‪ ،‬إضافة إلى قصره فقط في المصالح‬

‫العمومية البلدية دون المصالح العمومية الولائية‪.‬‬

‫‪ -1‬حساين سامية‪ ،‬لميز لأمينة‪ ،‬قراءة نقدية في تفو يض المرفق العام على ضوء المرسوم الرئاسي ‪ 949/02‬والمرسوم التنفيذي‬
‫‪ ،022/02‬مجلة البحوث في الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة ابن خلدون‪ ،‬تيارت‪ ،‬مجلد ‪ ،4‬عدد ‪ ،9102 ،19‬ص ‪.22‬‬
‫‪2-Ordonnance‬‬ ‫‪n° 2016-65 du 29 janvier 2016 et son décret d’application n° 2016-86 du 1 février‬‬
‫‪2016.‬‬
‫‪-3‬قانون ‪ 09/12‬مؤرخ في ‪ 14‬أوت ‪ ،9112‬يتعلق بالمياه‪ ،‬ج ر ج ج عدد ‪ 11‬صادر في ‪ 14‬سبتمبر ‪ ،9112‬معدل ومتمم‬
‫بموجب قانون رقم ‪ 12/12‬مؤرخ في ‪ 92‬جانفي ‪ ،9112‬ج ر ج ج‪ ،‬عدد ‪ 14‬صادر في ‪ 99‬جانفي ‪ ،9112‬معدل ومتمم‬
‫بموجب الأمر رقم ‪ 19/12‬مؤرخ في ‪ 99‬جو يلية ‪ ،9112‬عدد ‪ 44‬صادر في ‪ 99‬جو يلية ‪.9112‬‬
‫‪ -4‬تنص المادة ‪ 021‬من قانون ‪ 01/00‬المتعلق بالبلدية على أنه‪ ":‬يمكن البلدية أن تفوض تسييـر المصالح العمومية المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 042‬أعلاه عن طر يق عقــد برنامج أو صفقة طلبية طبقا للأحكام التشر يعية والتنظيمية المعمول بها‪".‬‬
‫مما سبق‪ ،‬نستنتج أن المشرع الجزائري في قانون المياه وقانون البلدية اعتبر تفو يض المرفق‬

‫العام طر يقة مستقلة في حد ذاتها للتسيير‪ ،‬لا تشمل الامتياز وإنما تختلف عنه‪.‬‬

‫كما تم تكريس هذه التقنية عن طر يق التنظيم بمقتضى المرسوم الرئاسي ‪ 949/02‬المتعلق‬

‫بتنظيم الصفقات العمومية وتفو يضات المرفق العام بتفو يضات المرفق العام‪ ،‬لاسيما المادة ‪919‬‬

‫التي عرفته على أنه ‪ ":‬يمكن للشخص المعنوي الخاضع للقانون العام المسؤول عن المرفق العام‪ ،‬أن‬

‫يقوم بتفو يض تسييره إلى المفوض له‪ ،‬وذلك مالك يوجد حكم تشر يعي مخالف‪ .‬و يتم التكفل بأجر‬

‫المفوض له‪ ،‬بصفة أساسية‪ ،‬من استغلال المرفق العام‪.‬‬

‫وتقوم السلطة المفوضة التي تتصرف لحساب شخص معنوي خاضع للقانون العام بتفو يض‬

‫تسيير المرق العام بموجب اتفاقية‪.‬‬

‫وبهذه الصفة‪ ،‬يمكن للسلطة المفوضة أن تعهد للمفوض له إنجاز منشآت أو اقتناء ممتلكات‪،‬‬

‫ضرور ية لسير عمل المرفق العام"‪.‬‬

‫نلاحظ في هذا الصدد أن التعر يف الموجود في المادة ‪ 919‬من المرسوم الرئاسي ‪949/02‬‬

‫هو نفس التعر يف الذي أقره المشرع الفرنسي في قانون "‪ "murcef‬من خلال المادة ‪ 12‬منه‪.1‬‬

‫إضافة إلى أن المادة ‪ 14‬من المرسوم التنفيذي ‪ 022/02‬أجازت للمؤسسات ذات الطابع‬

‫الإداري التابعة للجماعات الإقليمية‪ ،‬أن تفوض تسيير مرفق عام‪ ،‬علما أن هذه المؤسسات هي‬

‫أيضا تسير مرفق عاما‪ ،‬وهذه الأخيرة تتصف بعد مردوديتها‪ ،‬وعلى هذا الأساس نتساءل حول‬

‫كيفية التكفل بأجر المفوض له‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن المادة ‪ 919‬من المرسوم الرئاسي تنص على‬

‫التكفل بأجر المفوض له يتم بصفة أساسية من استغلال من استغلال المرفق العام‪.2‬‬

‫ثانيا‪ :‬أسس تفو يض المرفق العام‬

‫نستنتج من التعار يف السابقة (الفقهية والتشر يعية)‪ ،‬أن لتحقيق تقنية تفو يض المرفق العام‬

‫يشترط توفر مجموعة من الأسس عند تخلفها لا نكون أمام تفو يض المرفق العام‪ ،‬يتمثل الأول في‬

‫‪-1‬حسام الدين بر يكة‪ ،‬تفو يض المرفق العام مفهوم جديد ومستقل في إدارة المرافق العامة‪ ،‬مجلة المفك‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪،‬‬
‫عدد ‪ ،04‬ص ‪.292‬‬
‫‪-2‬حساين سامية‪ ،‬لميز لأمينة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫وجود مرفق عام قابل للتفو يض(‪ ،)0‬أما الثاني متمثل في وجود علاقة تعاقدية بين السلطة صاحبة‬

‫التفو يض والمفوض له (‪ ،)9‬أما الثالث فيتمثل في استغلال المرفق العام وارتباط هذا الاستغلال‬

‫بالمقابل المالي(‪.)2‬‬

‫(‪ )0‬وجود مرفق عام قابل للتفو يض‬

‫يستشف من نص المادة ‪ 919‬من المرسوم الرئاسي‪ ،‬أنه يجوز تفو يض المرافق العامة بشتى‬

‫أنواعها إلا إذا ورد حكم تشر يعي يمنع ذلك‪ ،1‬وتأكيدا لهذا الاستنتاج ما قضت به المادة ‪ 19‬من‬

‫المرسوم التنفيذي ‪ 022/02‬على عدم إمكانية تفو يض تسيير المرافق العامة خاصة أذا كانت هذه‬

‫الأخيرة تتولى مهام سيادية‪ ،‬بمعنى أن هذين التنظيمين منحا إمكانية مشاركة القطاع الخاص في‬

‫ممارسة تقنية تفو يض المرافق العامة لتسيير بعض المرافق ومنعها عن البعض الأخر‪ .‬وعليه‪ ،‬نتساءل‬

‫عن ماهية المرافق العامة القابلة للتفو يض‪ ،‬وغير القابلة لذلك؟‬

‫إن جميع المرافق باختلاف أنواعها قابلة للتفو يض من حيث المبدأ‪ ،‬ذلك أن أي قيد أو مانع‬

‫على مبدأ جواز تطبيق تقن ية التفو يض يعلن عنه بموجب نص قانوني أو تنظيمي‪ ،‬أو قد يكون‬

‫موضوع اجتهاد قضائي‪ ،‬إلا أن كلا من التشر يع والاجتهاد أجازا تطبيق تقنية التفو يض على كافة‬

‫المرافق بغض النظر عن طبيعتها‪ ،‬إلا هذا التطبيق يبقى نسبيا‪ ،‬وتبقى المرافق العامة الصناعية‬

‫والتجار ية الميدان الأفضل لتقنية التفو يض‪ ،2‬أما بالنسبة للمرافق العامة الإدار ية فقد تضارب‬

‫الآراء حول إمكانية تفو يضها بسبب عدم استهدافها الربح الذي يمثل المعيار الأساسي لاستدراج‬

‫القطاع الخاص‪.‬‬

‫وتأكيدا لذلك‪ ،‬اقر مجلس الدولة الفرنسي رأيا صادر بتاريخ ‪ 19‬أكتوبر ‪ 0221‬أكد فيه على‬

‫أن‪ ":‬الطابع الإداري للمرفق العام لا يمنع الجماعة المحلية من توكيل تنفيذه لأشخاص خاصة‪ ،‬إلا‬

‫المرافق العامة بسبب طبيعتها أو إرادة المشرع بأن تسير بطر يقة مباشرة من طرف الجماعة المحلية‪"3.‬‬

‫‪ -1‬حيث حددت المادة ‪ 042‬المصالح العمومية للبلدية‪ ،‬أما المادة ‪ 9/021‬التي نصت على أنه‪ ":‬ويمكن تسيير هذه المصالح مباشرة‬
‫في شكل استغلال مباشر أو في شكل مؤسسة عمو مية بلدية عن طر يق الامتياز أو التفو يض‪ ،".‬قانون ‪ ،01/00‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪-2‬صالح زمال بن علي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.011‬‬
‫‪ -3‬سهيلة فوناس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪"le caractère administratif d'un service public n'interdit pas la collectivité‬‬
‫‪territoriale compétence d'en confier l'exécution à des personnes privées sous‬‬
‫‪réserve toutefois que le service ne soit pas au nombre de ceux qui, par leur‬‬
‫‪nature ou par la volonté du législateur, ne peuvent être assurés que par la‬‬
‫"‪collectivité territoriale elle-meme.1‬‬
‫من المهم الإشارة أخيرا أن تقنية التفو يض في إدارة المرفق العام تختلف في تطبيقاتها بين‬

‫الدولة وأخرى‪ ،‬وذلك بحسب الأوضاع القانونية والسیادیة والاجتماعية السائدة إضافة إلى طبيعة‬

‫نشاط المرفق العام‪ ،‬ومن جهتنا نرى أن هناك بعض المرافق التي لا يجوز تطبيق تقنية التفو يض‬

‫عليها‪ ،‬لارتباطها بسيادة الدولة مثل مرفق العدالة‪ ،‬الدفاع‪ ،‬الشرطة‪ ،‬التعليم‪ ،‬الصحة‪ ،‬رئاسة‬

‫الجمهور ية‪ ،‬المجلس الدستوري‪ ،‬الشؤون الخارجية‪ ،‬وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة‬

‫العمرانية‪ ،‬ووزارة المالية‪ ،‬أو لارتباطها بامتيازات السلطة كسلطة الضبط والانتخابات والحالة‬

‫المدنية‪ ،‬أو ارتباطها باحتكار الدولة لتسييرها واستغلالها مثل مرفقي توز يع الغاز والـكهرباء‪.‬‬

‫(‪ :)9‬وجود علاقة تعاقدية‬

‫لإبرام عقد التفو يض اشترط المشرع وجود طرفين‪ ،‬فالطرف الأول متمثل في شخص من‬

‫أشخاص القانون العام وهو ما يسمى بالسلطة المفوضة أو مانح التفو يض‪ ،‬وينبغي أن يكون من‬

‫أشخاص القانون العام (الدولة والولاية والبلدية والمؤسسات ذات الطابع الإداري التابعة لها)‪ ،‬أما‬

‫الطرف الثاني متمثل في شخص يسمى المفوض له أو صاحب التفو يض‪ ،‬فيمكن أن يكون شخص‬

‫طبيعي أو معنوي عام أو خاص بشرط خضوعه للقانون الجزائري‪.‬‬

‫فالعلاقة التي تقوم بين السلطة المفوضة والمفوض له هي علاقة تعاقدية‪ ،‬وبالتالي خضع طرفي‬

‫العقد إلى البنود والأحكام المدرجة في العقد‪ ،2‬وقد أشار المرسوم التنفيذي ‪ 022/02‬لاسيما المادة‬

‫‪ 14‬منه‪ 3‬على يكن تفو يض المرفق العام بموجب اتفاقية التفو يض‪ ،‬والتي تشكل بدورها عقدا‬

‫‪1‬‬
‫‪- l’avis de conseil d’état français du 07 octobre 1986.voir le site web , www.senat.fr le 22/03/2020‬‬
‫‪a 22.00.‬‬
‫‪-2‬مروان محي الدن قطب ‪ ،‬طرق خصخصة المرافق العامة‪ ،‬الامتياز الشركات المختلطة‪ ،‬تفو يض المرفق العام‪ ،‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية‪ ،‬لبنان‪ ،9112 ،‬ص ‪.441‬‬
‫‪ -3‬تنص المادة ‪ 14‬من المرسوم التنفيذي رقم ‪ 022/02‬على أنه‪ ":‬يمكن الجماعات الإقليمية والمؤسسات العمومية ذات الطابع‬
‫الإداري التابعة لها‪ ،‬والمسؤولة عن مرفق عام‪ ،‬التي تدعى في صلب النص "السلطة المفوضة"‪ ،‬أن تسير مرفق عام إلى شخص معنوي‬
‫عام أو خاص‪ ،‬خاضع للقانون الجزائري‪ ،‬ويدعى في صلب النص " المفوض له"‪ ،‬بموجب اتفاقية"‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫إدار يا بمقتضى المادة ‪ 11‬من ذات المرسوم‪ ،1‬كون أحد أطرافها شخصا عاما‪ ،‬وموضوعها تنفيذ‬

‫مرفق عام‪ ،‬وتتضمن هذه الاتفاقية شروط استثنائية مثل حق السبطة المفوضة إنهاء العقد بإرادة‬

‫منفردة‪.‬‬

‫(‪ )2‬استغلال المرفق العام وارتباطه بالمقابل المالي‬

‫لا يكفي لقيام تفو يض المرفق العام توفر الأسس الأخرى من وجود مرفق عام قابل‬

‫للتفو يض وقيام العلاقة التعاقدية بين السلطة المفوضة والمفوض له‪ ،‬بل لابد أن يكون موضوع‬

‫العقد استغلال مرفق عام‪ ،‬وان يرتبط هذا الاستغلال بقابل مالي يخصل عليه المفوض له بنتائج‬

‫الاستغلال‪ ،‬وهذا ما يستشف من نص المادة ‪ 919‬من المرسوم الرئاسي ‪.2949/02‬‬

‫فبالنسبة لاستغلال المرفق العام هو أن يقوم المفوض له بتسيير المرفق العام وتشغله وفقا للغاية‬

‫التي أنشئ من أجلها تحت إشراف ورقابة السلطة المفوضة‪ ،‬كما عليه أن يتحمل مخاطر التشغيل‪،‬‬

‫ويتولى المفوض له استغلال المرفق على نفقته‪ ،‬كما يلقى على عاتقه تمو يل عملية التشغيل‪.‬‬

‫و يترتب على إدارة واستغلال المرفق العام على نفقة المفوض له مجموعة من النتائج‪:3‬‬

‫‪-‬أن تمنح اتفاقية تفو يض المرفق العام للمفوض له الحق في تحديد القواعد والأنظمة الداخلية‬

‫التي يخضع لها المرفق العام موضوع التشغيل والمتعلقة بتأدية خدمات وعمليات التشغيل‪.‬‬

‫‪-‬يجب على المفوض له استخدام الأجراء والعاملين من أجل تأمين الأعمال المتعلقة بالتشغيل‬

‫وتقوم مع هؤلاء العاملين علاقة تعاقدية تخضع لأحكام القانون الخاص‪.‬‬

‫‪ -‬إخضاع العلاقة بين المفوض له والمستفيدين من خدمات المرفق العام لأحكام القانون‬

‫الخاص‪.‬‬

‫أما بالنسبة لارتباط المقابل المال بنتائج استغلال المرفق العام‪ ،‬بما أن المقابل المالي يجب أن‬

‫يعكس تحمل المفوض له لمخاطر استغلال التي تنتج عن تسييره للمرفق العام على نفقته ومسؤوليته‪،‬‬

‫‪ -1‬تنص المادة ‪ 11‬من المرسوم ‪ 022/02‬على أنه‪ ":‬اتفاقية تفو يض المرفق العام عقد إداري يبرم طبقا للتشر يع والتنظيم المعمول‬
‫بهما وأحكام هذا المرسوم‪ ،".‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -2‬نص المادة ‪ 893‬من المرسوم الرئاسي ‪ 813/51‬على أنه‪":‬‬
‫‪ -3‬مروان محي الدن قطب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.442‬‬
‫وهذا لا يعني أن مصدر المقابل المالي من المستفيدين من خدمات المرفق محل التفو يض فقط‪،‬‬

‫بل يمكن أن توجد مصادر تمو يل أخرى تعكس الارتباط بنتائج الاستغلال‪ ،‬وإن كان جزء من‬

‫المقابل المالي يدفع من قبل الشخص العام أو كان هذا الأخير يساهم في دعم المرفق‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬أشكال تفو يض المرفق العام‬

‫بحسب نص المادة ‪ 901‬من المرسوم الرئاسي ‪ 949/02‬فإن أشكال تفو يض المرفق العام‬

‫تختلف على حسب مستوى التفو يض‪ ،‬والخطر الذي يتحمله المفوض له‪ ،‬ورقابة السلطة المفوضة‪،‬‬

‫وقد عدد ذات المادة أشكال التفو يض على سبيل المثال كما يلي‪ ،‬الامتياز‪ ،‬أو الإ يجار‪ ،‬أو الوكالة‬

‫المحفزة‪ ،‬أو التسيير‪.‬‬

‫وأشارت المادة ‪ 42‬من المرسوم التنفيذي ‪ 022/02‬إلى معيار أخر يمكن أن يكون على‬

‫أساسه اختلاف تفو يض المرفق العام‪ ،‬ألا وهو مدى تعقيد المرفق العام‪ ،‬وعدد الماد ‪ 29‬من‬

‫ذات المرسوم أشكال تفو يض المرفق العام‪ ،‬وهو نفس التعداد الذي أشارت إليه المادة ‪ 901‬من‬

‫المرسوم الرئاسي ‪.949/02‬‬

‫وللتفصيل أكثر في أشكال تفو يض المرفق العام‪ ،‬سيتم تقسيم هذه الفقرة إلى الامتياز والإ يجار‬

‫(‪ ،)0‬والوكالة المحفزة والتسيير (‪.)9‬‬

‫(‪ )0‬تفو يض المرفق العام في شكل الامتياز والإ يجار‪.‬‬

‫تلجا الإدارة في أكثر الأحوال إلى التعاقد مع أشخاص القطاع الخاص من اجل إدارة مرفق‬

‫عام سواء عن طر يق الامتياز (أ)‪ ،‬أو عن طر يق الإ يجار (ب)‪.‬‬

‫(أ)الامتياز‬

‫عرف التشر يع الجزائري عقد امتياز المرفق العام بموجب المادة ‪ 22‬من المرسوم التنفيذي‬

‫‪ 022/02‬على أنه‪ ":‬الامتياز هو الشكل الذي تعهد من خلاله السلطة المفوضة له إما إنجاز منشآت‬

‫أو اقتناء ممتلكات ضرور ية لإقامة المرفق العام واستغلاله‪ ،‬وإما أن تعهد له فقط استغلال المرفق‬

‫العام‪.‬‬

‫‪ -1‬مروان محي الدن قطب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.448‬‬


‫يستغل المفوض له المرفق العام باسمه وعلى مسؤوليته تحت رقابة جزئية من طرف السلطة‬

‫المفوضة‪ .‬ويمول المفوض له بنفسه الإنجاز واقتناء الممتلكات واستغلال المرفق العام‪ ،‬ويتقاضى‬

‫عن ذلك أتاوى من مستعملي المرفق العام‪.‬‬

‫لا يمكن أن تتجاوز المدة القصوى للامتياز ثلاثين (‪ )21‬سنة‪.‬‬

‫ويمكن تمديد هذه المدة بموجب ملحق مرة واحدة بطلب من السلطة المفوضة‪ ،‬على أساس‬

‫تقرير معلل لإنجاز استثمارات مادية غير منصوص عليها في الاتفاقية شر يطة ألا تتعدى مدة التمديد‬

‫أربع (‪ )4‬سنوات كحد أقصى‪".‬‬

‫من خلال هذا التعر يف‪ ،‬نستنتج أن لعقد امتياز المرافق العامة خصائص متمثلة فيما يلي‪:‬‬

‫‪-‬أن السلطة المفوضة في عقد امتياز المرافق العامة هي الجماعات الإقليمية والمؤسسات العمومية‬

‫ذات الطابع الإداري التابعة لها والمسؤولة عن مرفق عام‪.‬‬

‫‪-‬تكون رقابة السلطة المفوضة في امتياز المرفق العام رقابة جزئية‪.‬‬

‫‪-‬المفوض له يكون شخص معنوي عام أو شخص معنوي خاص بشرط خضوعه للقانون‬

‫الجزائري‪.‬‬

‫‪-‬ينصب عقد امتياز المرفق العام على إنشاء واستغلال مرفق عام‪ ،‬أو استغلاله فقط‪.‬‬

‫‪-‬إن عقد امتياز المرفق العام هو عقد محدد المدة ب ثلاثين سنة‪ ،‬ويمكن تمديد هذه المدة‬

‫كحد أقصى لأربع سنوات بموجب ملحق‪.‬‬

‫(ب)تفو يض المرفق العام في شكل الإ يجار‬

‫عرف التشر يع الجزائري عقد إ يجار المرفق العام بموجب المادة ‪ 24‬من المرسوم التنفيذي‬

‫‪ 022/02‬على أنه‪ ":‬الإ يجار هو الشكل الذي تعهد من خلاله السلطة المفوضة له تسيير وصيانة‬

‫المرفق العام‪ ،‬م قابل إتاوة سنو ية يدفعها لها‪ .‬ويتصرف المفوض له لحساب مع تحمل كل المخاطر‬

‫وتحت رقابة جزئية من السلطة المفوضة‪.‬‬

‫وقد تعترض المفوض له مخاطر تجار ية تتعلق بإيرادات الاستغلال‪ ،‬وكذا مخاطر صناعية‬

‫تتعلق بأعباء الاستغلال والنفقات المرتبطة بتسيير المرفق العام‪.‬‬


‫تمول السلطة المفوضة بنقسها إقامة المرفق العام‪ ،‬ويتقاضى المفوض له أجرا من تحصيل‬

‫الأتاوى من مستعملي المرفق العام‪.‬‬

‫تحدد مدة اتفاقية تفو يض المرفق العام في شكل الإ يجار بخمس عشرة (‪ )02‬سنة كحد‬

‫أقصى‪.‬‬

‫ويمكن تمديد هذه المدة بموجب ملحق مرة واحدة بطلب من السلطة المفوضة‪ ،‬على أساس‬

‫تقرير معلل لإنجاز استثمارات مادية غير منصوص عليها في الاتفاقية شر يطة ألا تتعدى مدة التمديد‬

‫ثلاث (‪ )12‬سنوات كحد أقصى‪".‬‬

‫من خلال هذا التعر يف‪ ،‬نستنتج أن لعقد إ يجار المرافق العامة خصائص متمثلة فيما يلي‪:‬‬

‫‪-‬تتولى السلطة المفوضة إقامة المرفق العام وتحمل نفقات المنشآت‪ ،‬بحيث يتسلم المفوض له‬

‫المرفق جاهزا للتشغيل‪ ،‬وتسلط عليه رقابة جزئية‪.‬‬

‫‪-‬يتولى المفوض له تسير المرفق العام أو تسييره وصيانته‪ ،‬مع تحمل المخاطر كلها التي يمكن أن‬

‫تعتري المفوض له أثناء تسيير المرفق العام‪.‬‬

‫‪ -‬يستغل المفوض له المرفق العام بمقابل إتاوة يقدمها للسلطة المفوضة سنو يا‪ ،‬ويتقاضى‬

‫المفوض له أجرا من مستعملي المرفق العام‪.‬‬

‫‪-‬مدة عقد إ يجار المرفق العام خمس عشرة (‪ )02‬سنة‪ ،‬ويمكن تمديد هذه المدة كحد أقصى‬

‫لأربع سنوات بموجب ملحق‪.‬‬

‫(‪ )9‬تفو يض المرفق العام في شكل الوكالة المحفزة والتسيير‬

‫علاوة على تفو يض المرفق العام على شكل الامتياز والإ يجار‪ ،‬أضاف التنظيم إليهما شكل‬

‫الوكالة المحفزة (‪ )0.9.4‬وشكل التسيير (‪.)9.9.4‬‬

‫(أ)تفو يض المرفق العام في شكل الوكالة المحفزة‬

‫عرف التشر يع الجزائري عقد الوكالة المحفزة لتفو يض المرفق العام بموجب المادة ‪ 22‬من‬

‫المرسوم التنفيذي ‪ 022/02‬على أنها‪ ":‬الوكالة المحفزة هو الشكل الذي تعهد من خلاله السلطة‬

‫المفوضة له تسيير المرفق العام أو تسييره وصيانته‪.‬‬


‫وقد تعترض المفوض له مخاطر تجار ية تتعلق بإيرادات الاستغلال‪ ،‬وكذا مخاطر صناعية‬

‫تتعلق بأعباء الاستغلال والنفقات المرتبطة بتسيير المرفق العام‪.‬‬

‫يستغل المفوض له المرفق العام لحساب السلطة المفوضة التي تمول بنفسها المرفق العام وتحتفظ‬

‫بإرادته ورقابته الكلية‪.‬‬

‫ويدفع للمفوض له أجر مباشرة من السلطة المفوضة في شكل منحة تحدد بنسبة مئو ية من‬

‫رقم الأعمال‪ ،‬تضاف إليه منحة الإنتاجية وعند الاقتضاء‪ ،‬حصة من الأرباح‪.‬‬

‫تحدد السلطة المفوضة بالاشتراك مع المفوض له التعر يفات التي يدفعها مستعملو المرفق العام‪،‬‬

‫و يحصل المفوض له التعر يفات لصالح السلطة المفوضة المعنية‪.‬‬

‫تحدد مدة اتفاقية تفو يض المرفق العام‪ ،‬في شكل الوكالة المحفزة بعشر (‪ )01‬سنوات كحد‬

‫أقصى‪.‬‬

‫ويمكن تمديد هذه المدة بموجب ملحق مرة واحدة بطلب من السلطة المفوضة‪ ،‬على أساس‬

‫تقرير معلل لإنجاز استثمارات مادية غير منصوص عليها في الاتفاقية شر يطة ألا تتعدى مدة التمديد‬

‫سنتين (‪ )19‬كحد أقصى‪".‬‬

‫من خلال هذا التعر يف‪ ،‬نستنتج أن للوكالة المحفزة كعقد لتفو يض المرافق العامة خصائص‬

‫متمثلة فيما يلي‪:‬‬

‫‪-‬تتحمل السلطة المفوضة إقامة المرفق العام وتموله بنفسها‪ ،‬وتحتفظ بإدارته وتتحمل رقابته‬

‫والإشراف عليه كليا‪.‬‬

‫‪ -‬المفوض له يقوم بتسيير المرفق العام أو تسيره وصيانته لحساب السلطة المفوضة‪ ،‬مع تحمله‬

‫المخاطر كلها‪ ،‬الصناعية والتجار ية‪.‬‬

‫‪ -‬أشرك التنظيم صلاحية تحديد التعر يفة التي يدفعها مستخدمو المرفق العام بين السلطة‬

‫المفوضة والمفوض له‪ ،‬والتي يحصلها هذا الأخير لحساب السلطة المفوضة‪.‬‬

‫‪-‬يتحصل المفوض له أجرا يحصل عليه مجددا بنسبة مئو ية من رقم الأعمال مضاف إليها منحة‬

‫الإنتاج وحصة من الأرباح‪.‬‬


‫‪ -‬مدة عقد الوكالة المحفزة لتفو يض المرفق العام عشرة (‪ )01‬سنوات‪ ،‬ويمكن تمديد هذه‬

‫المدة كحد أقصى لسنتين بموجب ملحق‪.‬‬

‫(ب) تفو يض المرفق العام في شكل التسيير‬

‫عرف التشر يع الجزائري عقد التسيير لتفو يض المرفق العام بموجب المادة ‪ 21‬من المرسوم‬

‫التنفيذي ‪ 022/02‬على أنه‪ ":‬التسيير هو الشكل الذي تعهد من خلاله السلطة المفوضة له تسيير‬

‫المرفق العام‪ ،‬أو تسييره وصيانته‪ ،‬بدون أي خطر يتحمله المفوض له‪.‬‬

‫يستعمل المفوض له المرفق العام لحساب السلطة المفوضة التي تمول بنفسها المرفق العام‬

‫وتحتفظ بإرادته ورقابته الكلية‪.‬‬

‫ويدفع للمفوض له أجر مباشرة من السلطة المفوضة في شكل منحة تحدد نسبة مئو ية من‬

‫رقم الأعمال‪ ،‬تضاف إليه منحة الإنتاجية‪ .‬و يتم تحديد التعر يفات التي يدفعها مستعملو المرفق‬

‫العام مسبقا في دفتر الشروط من طرف السلطة المفوضة التي تحتفظ بالأرباح‪.‬‬

‫وفي حالة العجز‪ ،‬تعوض السلطة المفوضة المسير بأجر جزافي‪ ،‬و يحصل المفوض له التعر يفات‬

‫لحساب السلطة المفوضة المعنية‪.‬‬

‫لا يمكن أن تتجاوز مدة اتفاقية تفو يض المرفق العام في شكل التسيير خمس (‪ )12‬سنوات‪".‬‬

‫يتفق عقد الوكالة المحفزة وعقد الإ يجار كشكلين لتفو يض المرفق العام في كثير من‬

‫الخصائص‪ ،‬خاصة ما يتعلق في كون السلطة المفوضة هي التي تتحمل نفقات إنشاء المرفق العام‬

‫وتحتفظ بإدارته ورقابتهكلية‪ ،‬وأن يقوم المفوض له بتسيير المرفق العام أو تسييره وصيانته‪ ،‬ويتحصل‬

‫على المقابل المالي بنسبة مئو ية محددة من رقم الأعمال مضاف إليها المنحة الإنتاجية‪ ،‬إلا أن عقد‬

‫التسيير يختلف عن عقد الوكالة في‪:‬‬

‫‪-‬في حالة عجز في عقد التسيير نعوض السلطة المفوضة المفوض له اجر جزافي‪ ،‬عكس الوكالة‬

‫المحفزة التي يتحمل فيها المفوض له جميع المخاطر‪.‬‬

‫‪-‬تحدد السلطة المفوضة التعر يفات التي يدفعها مستعملو المرفق العام مسبقا في دفتر الشروط‬

‫وبإرادة منفردة‪ ،‬بينما في عقد الوكالة المحفزة فيكون ذلك باشتراط طرفي العقد‪.‬‬
‫‪-‬مدة عقد الوكالة المحفزة أطول ب خمس (‪ )2‬سنوات من عقد التسيير‪.‬‬

You might also like