Professional Documents
Culture Documents
الدستور
مقدمة:
خاتمة
مقدمة:
إن القانون الدستوري هو فرع من فروع الق انون الع ام ،ال ذي ي درس مض مون الوثيقة
الدستورية أي مض مون الدس تور ،وعلى ه دا األس اس س نتولى دراس ة بعض العناص ر
المتعلقة بالدستور من حيث تعريفه ،تحديد مصادره وبيان أنواعه.
يعت بر أرس طو أول من أش ار إلى الدس تور من خالل تمي يزه بين الق انون األول ال ذي
ه و الدس توروالقوانين األخ رى المرتبط ة والتابع ة ل ه ،وق د ك ان الدول ة األثيني ة القديم ة
تعطي مكان ة اس تثنائية لدس تورها ،الش يء ال ذي جعله ا تق وم بنقش ه في مك ان عم ومي
يستطيع ك ل المواط نين االطالع علي ه ،أم ا الحرك ة الدس ترالية فت أخرت ظهوره ا إلى
غاية القرن الثامن عشر لكنها مكنت من نشر فك رة الدس اتير في الدول ة الحديث ة ،على
اختالف المقصود منه بين المعنى اللغوي والقانوني.
لغوي ا يعت بر مص طلح الدس تور كلم ة دخيل ة على اللغ ة العربي ة ،إذ أن أص لها فارس ي
انتق ل إلى اللغ ة التركي ة في الحكم العثم اني ثم إلى اللغ ة العربي ة ،وهي تع ني حس ب
البعض ال دفتر ال ذي ك ان يمس كه مستش ار كس رى مل ك الف رس وال ذي ك ان يكتب في ه
أم ور تس ير ش ؤون الحكم ،ويع ني المستش ار ذات ه حس ب البعض األخ ر ،أم ا في اللغ ة
الفرنسية فيستعمل لف ظ ، Constitutionويقص د به ا األس اس أو التنظيم أو التك وين
1
أو القانون األساسي.
بالنس بة للتعري ف الق انوني للدس تور يمكن أن نم يز في ه بين مفهوم ان مختلف ان أح دهما
يس تند على المعي ار الش كلي لتعري ف الدس تور (ف رع أول) ،واألخ ر ال يهتم بالش كر
وإ نما ينظر إلى جوهر القاعدة الدستورية وموضوعها (فرع ثاني).
حسين عثمان محمد عثمان ،القانون الدستوري ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية ،2002 ،ص 11. 1
الفرع األول :المفهوم الشكلي للدستور
بحسب المعيار الشكلي فإن الدستور هو مجموعة من القواعد القانونية التي تتضمنها
الوثيقة الدستورية ،سواء كانت مكتوبة في وثيقة واحدة أو ع دة وث ائق ،ويفهم من ه ذا
التعريف أن ه يحص ر مفه وم الدس تور فيم ا ه و وارد من أحك ام في الوثيق ة الدس تورية
ال تي تض عها هيئ ة خاصة وتتب ع في وض عها وتع ديلها إج راءات معق دة تختل ف عن
1
اإلجراءات المتبعة في القانون العادي.
ولكن يالح ظ أن ه ذا التعري ف يتجاه ل تمام ا الدس اتير العرفي ة ال تي تعتم دها بعض
دول، ال
فبريطاني ا مثال ليس له ا وثيق ة دس تورية فه ل ه ذا يع ني أن ليس هن اك قواع د قانوني ة
كيفية تنظم
تسيير شؤون الحكم ،ومن جهة أخرى فإن هذا التعري ف يتجاه ل األع راف الدس تورية
الموجودة حتى في ال دول ال تي له ا دس تور مكت وب ويتجاه ل أيض ا القواع د الدس تورية
التي تتضمنها القوانين العضوية وغيرها.
بحس ب المعي ار الموض وعي ف إن الدس تور ه و مجموع ة القواع د القانوني ة ال تي ت بين
كل ش
الدول ة ونظ ام الحكم ،وت بين الس لطات في الدول ة واختصاص اتها وتنظيمه ا وطبيع ة
العالقة التي تثور بينها ،وتبين حقوق األف راد وحري اتهم األساس ية ،وه ذا بغض النظ ر
ع ّم ا إذا ك انت مدرج ة في الوثيقة الدس تورية أو في وثيق ة قانوني ة أخ رى أو غ ير
كغيرها من القواعد القانوني ة تس تمد القاع دة الدس تورية فحواه ا ومض مون خطابه ا من
عدة مصادر تضفي عليها صفتها اإللزامية ،نذكرها فيما يلي.
يعت بر التش ريع مص درا أساس يا للقواع د القانوني ة بم ا في ذل ك القاع دة الدس تورية،
ة خاص
بع د أن اتس ع نط اق ت دخل الدول ة وه ذا بج انب تعقي د نش اطها وزي ادة أعبائه ا،
والمقص ود بالتش ريع ه و مجموع ة القواع د القانوني ة الموض وعة من ط رف الس لطة
التش ريعية بغ رض تنظيم المجتم ع ،وه و على أن واع لكن م ا يهمن ا هن ا أك ير ه و
1
التشريع األساس ي والتشريع العضوي باعتبارهما مصدرين للقاعدة الدستورية.
يقصد بالتشريع األساس ي مجموعة النص وص القانوني ة المدون ة والص ادرة عن هيئ ة
خاصة ووفق ا إلج راءات معين ة وع ادة م ا تس مى بالس لطة التأسيس ية ،ويتض من مب ادئ
وقواعد تتعلق بتنظيم السلطات وبالحقوق والحريات األساس ية لألف راد وك ذا ب الثوابت
األساسية للمجتمع.
سيعيد بوشعير ،القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة ،ج ،1ط ،10ديوان المطبوعات الجامعية، 1
إن التش ريع العض وي ي أتي كمكم ل للتش ريع األس اس ي أو كمفص ل أو كمفس ر ل ه،
وعلي ه ف إن التش ريع العض وي ب دوره يحت وي على مواض يع متعلق ة بالنظ ام الدس توري
لكن منص وص عليه ا في ق وانين ص ادرة من البرلم ان ،فمن طبيع ة الدس اتير المدون ة
أنه ا ال تحي ط بك ل التفاص يل المتعلق ة بتنظيم الس لطة ب ل تكتفي فق ط بمبادئه ا العام ة
وخطوطها العريضة ،لتضمن استقرارها وجمودها وك ذا خاص ية الس مو ال تي ال تتقب ل
التعديالت المتكررة ،وعلى أساس ذلك ت ترك مج االت للس لطة التش ريعية لس ن بعض
الق وانين المتعلق ة بنظ ام الحكم وبتش كيل الس لطات العام ة في الدول ة واختصاص اتها،
وه ذا م ا ذهب إلي ه المؤس س الدس توري الجزائ ري في الم ادة 123ال تي تنص على
أن :
-نظام االنتخابات
-ص دور التص رفات من هيئ ات الحكم المخول ة ب ذلك كالبرلم ان أو رئيس الهيئ ة
التنفيذي ة وغيره ا ،قي ام المل ك في بريطاني ا بتع يين رئيس ال وزراء من الح زب الف ائز
باألغلبية في مجلس العموم.
-أن يك ون التص رف مقب وال ل دى الهيئ ة األخ رى ال تي يمس ها التص رف ،في المث ال
السابق قبول البرلمان بذلك.
-تكرار هذا السلوك لفترة زمنية مقبولة إلى غاية ثباته واستقراره.
-2الركن المعنوي
وتنبغي اإلش ارة إلى أن الع رف الدس توري ق د ينش ئ قاع دة أص لية جدي دة وق د يك ون
مفسرا أو معدال أو مكمال ،فيكون عرفا مفسرا؛ إذا جاء شارحا لنص قاعدة دستورية
يكتنفه ا الغم وض واإلبه ام في بين كيفي ة تطبيقه ا ،أم ا الع((رف المكمل؛ فينص رف إلى
تنظيم موض وعات لم ينظمه ا المؤس س الدس توري ،بحيث إذا أغفلت الوثيق ة
الدستورية معالج ة موض وع م ا أنش أت القاع دة الدس تورية العرفي ة لتكم ل ه ذا النقص،
وأخ يرا الع((رف المع((دل؛ ال ذي ي ؤدي إلى إح داث تغي ير في أحك ام الدس تور س واء
باإلض افة أو الح ذف كمنح لهيئ ة حاكم ة ص الحيات جدي دة لم تقرره ا الوثيقة
الدستورية.
يقصد بالقضاء مجموع ة األحك ام والق رارات الص ادرة عن الجه ات القض ائية المختلف ة
أن بش
تط بيق القواع د القانوني ة على م ا يع رض عليه ا من منازع ات ،وإ ذا اعتبرن ا القض اء
كمص در من مص ادر القاع دة الدس تورية ،يجب أن نم يز بين ال دول ذات الدس اتير
المكتوبة والدول ذات الدساتير العرفية ،أين يعتبر القضاء كمص در رس مي نظ را لم ا
ينش ئه من س وابق قض ائية بش ان النزاع ات المعروضة أمام ه ،أم ا في ال دول ذات
1
الدساتير المكتوبة فانه يعتبر مصدر ضعيف في المجال الدستوري.
ينقسم الدساتير إلى أن واع عدي دة باالس تناد إلى مع ايير مختلف ة؛ إذ تقس م بحس ب الش كل
إلى
دس اتير مدون ة وأخ رى عرفي ة ،وبحس ب طريق ة تع ديلها إلى دس اتير مرن ة وأخ رى
جامدة ،وأخيرا بحسب طبيعة محتوياتها إلى دساتير قانون ودساتير برنامج.
لق د ك انت هن اك قواع د تحكم تقني ات تس ير ش ؤون الحكم من ذ األزل ولكن ت دوينها في
وثيقة
دس تورية لم يتم إال قب ل ح والي ق رنين م ع ظه ور الحرك ة الدس ترالية ،ب ل وإ ن دول
عدي دة ال ت زال إلى يومن ا ه ذا ال تمتل ك دس اتير مكتوب ة ،وعلى أس اس ه ذا االختالف
أصبح الفقه يميز بين الدساتير المكتوبة والدساتير العرفية.
تعت بر الدس اتير المدون ة خاص ية ب ارزة تتم يز به ا الدول ة المعاص رة بحيث أنه ا انتقلت
ة في البداي
من الواليات المتحدة األمريكية ثم إلى فرنسا لتشمل بع د ذل ك كاف ة دول الع الم تقريب ا،
ويقصد
بالدس تور المكت وب ذل ك ال ذي ت دون غالبي ة أحكام ه في وثيق ة ت بين من خالل ه ط رق
1
تسيير شؤون الحكم وحقوق مواطني الد ول ة وثوابت مجتمعها.
رقية المصدق ،القانون الدستوري والنظم السياسية ،دار توبقال للنشر ،الدار البيضاء ،1990 ،ص .78 2
والحقيقة أن القول بأن الدس تور الع رفي يتك ون من مجموع ة من األع راف الدس تورية
ذلك
ال يعني انعدام قواعد دستورية مكتوبة ،وبتعبير أخر أن الدستور الع رفي ال يخل و من
قواع د دس تورية مكتوب ة ،ب ل إن ال دول ذات الدس اتير العرفي ة تمتل ك بعض القواع د
المدونة هنا وهناك في وثائق قانونية متفرق ة ،ولكنه ا ال تمتل ك وثيق ة دس تورية تجم ع
كافة األحكام المتعلقة بتنظيم السلطة والتي تحدد الحقوق األفراد.
يقص د بالدس تور الم رن ذل ك ال ذي يمكن تعديل ه وإ لغائ ه بنفس االج راءات والخط وات
ال تي يتم اتباعه ا لتع ديل الق وانين العادي ة ،ومن نفس الجه ة المخول ة ب ذلك أي من
ط رف البرلم ان ،وعلى أس اس ذل ك يص بح الدس تور الم رن في نفس مرتب ة الق وانين
العاديةـ ،ومن أمثلة الدساتير المرنة دستور إيطاليا لعام .1848
على العكس من الدس تور الم رن ف إن الدس تور الجام د ال يمكن تعديل ه إال باتب اع
إج راءات غ ير عادي ة ،وأق ل م ا يق ال عنه ا أنه ا معق دة على أس اس أنه ا تم ر ع بر
مراح ل متع ددة كم ا أنه ا ق د تك ون مربوط ة بش روط متنوع ة ،كم ا أن الس لطة المخ ول
له ا ذل ك هي جه ة خاص ة وليس ت نفس ها المخ ول له ا تع ديل وإ لغ اء الق وانين العادي ة،
وعادة ما يطلق عليها مصطلح السلطة التأسيسية ال تي تختل ف عن الس لطة التش ريعية
ص احبة االختص اص في س ن الق وانين ،وه ذا كل ه ح تى يتجلى س مو الدس تور وليتم
حمايته من التعديالت المتكررة التي تفقده مصداقيته.1
يم يز فقه اء الق انون الدس توري أيض ا بين الدس اتير من حيث طبيع ة أحكامه ا فيقس مها
إلى
دساتير قانون ودساتير برنامج.
تعتبر جل الدساتير اللبرالية دساتير قانون على أساس أنها تحتوي فقط على مجموع ة
من القواعد والمبادئ التي تنظم السلطات في الدولة ،فتحددها وتبين اختصاص ات ك ل
واح دة منه ا والعالق ة ال تي تربطه ا م ع بعض ها ،وت بين أيض ا الحق وق والحري ات
األساسية التي يتمتع بها األفراد والثوابت األساسية التي يقوم عليه للمجتمع.
وألن ه ذه ال دول تعتم د على مب دأ التعددي ة أو الثنائي ة الحزبي ة ف إن الح زب الح اكم ال
من يض
برنامج ه في الدس تور ،على أس اس أن الت داول على الس لطة ال يض من اس تمرار أي
حزب فيها بل إن الشعب هو الذي يقرر ذلك.
ع ادة م ا يك ثر وج ود ه ذا الن وع من الدس اتير في ال دول ذات التوج ه االش تراكي حيث
يس يطر في ه الح زب الواح د على كاف ة مظ اهر الحي اة في المجتم ع ،وألن مث ل ه ذه
وزيادة على ذل ك نج ده يتن اول الح زب من حيث تنظيم ه وأجهزت ه والنظ ام االش تراكي
ومبادئه
كم ا ق د يتن اول المؤسس ات االقتص ادية ،ومختل ف األجه زة األساس ية ال تي يض عها
الح زب لتحقيق أهداف ه ،وبالت الي يمكن أن نض ع الدس تور الجزائ ري لع ام 1976في
خانة دساتير برنامج باالستناد إلى محتواه.
منصور مولود ،بحوث في القانون الدستوري ،المؤسسة الوطنية للطباعة والنشر ،الجزائر ،2011 ،ص .102 1
خاتمة
وفي األخير يمكن القول أن الدستور هو تل ك الوثيق ة ال تي يح دد فيه ا مجم وع األحك ام
العامة في الدولة من نظ ام متب ع وأط ر عام ة مح ددة للسياس ة الداخلي ة والخارجي ة كم ا
أنه يوضع بطرق مباشرة أو غير مباشرة وهو إما جامد او م رن ويخض ع إلج راءات
خاصة يحددها هو عند القيام بإجراءات تعديله.
قائمة المراجع:
حس ين عثم ان محم د عثم ان ،الق انون الدس توري ،دار المطبوع ات الجامعي ة، -1
اإلسكندرية2002 ،
س يعيد بوش عير ،الق انون الدس توري والنظم السياس ية المقارن ة ،ج ،1ط،10 -2
ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر2009 ،
رقي ة المص دق ،الق انون الدس توري والنظم السياس ية ،دار توبق ال للنش ر ،ال دار -3
البيضاء1990 ،
منص ور مول ود ،بح وث في الق انون الدس توري ،المؤسس ة الوطني ة للطباع ة -4
والنشر ،الجزائر2011 ،