Professional Documents
Culture Documents
يجب أن نميز أوال بين أشكال الدولة و شكل الحكم فيها فشكل
الدولة يتعلق بفحوى السلطة المخولة للدولة في حين أن شكل
الحكم أو الحكومة نابع من الطريقة التي تيم بها تعيين الحكام
(ليبرالية برلمانية أو رئاسية ـ ديكتاتورية تحكمية)...
وفيما يخص شكل الدولة فإنه يمكن تناوله منزاويتين قانونية
وسياسيةفمن الناحية السياسية يحدد شكل الدولة بالعودة
للفلسفة السياسية أو اإليديولوجية التي تسعى لتطبيقها و
تخدمها .و في هذا الشأن نصنف الدول الى ليبرالية و اشتراكية
أي أننا في الواقع نتحول من تصنيف ألشكال الدول إلى
تصنيف األنظمة السياسية.
أما من الناحية القانونية فإنه تتم العودة للهيكل الداخلي
1
لسلطة الدولة الستنباط شكلها .و حسبما كانت هذه السلطة
نابعة من مركز واحد أو مراكز متعددة فإننا نوجد إزاء عدة
أشكال للدولة تصنف عادة الى صنفين الدولة الموحدة و الدولة
الفيدرالية أو الدولة البسيطة و الدولة المركبة.
الدولة الموحدة والدولة المركبة
: تعريف الدولة الموحدة
تعد الدولة الموحدة أو البسيطة أقدم شكل للدولة .وتتميز هذه الدولة
بتمركز السلطة فيها في مركز واحد وهو العاصمة وبخضوع
مواطنيها إلدارة سياسية واحدة و لدستور واحد و حكومة و(احدة و
قوانين موحدة و سلطة قضائية واحدة.
ورغم االتجاه العالمي الحالي نحو التكتل بين الدول و االتحادات
الدولية العتبارات اقتصادية وجيوـ استراتيجية فإن األغلبية
الساحقة من دول العالم موحدة وهي موزعة على كل القارات
بحيث يمكن اإلشارة على سبيل المثال ال الحصر الى المغرب و
مصر والسنغال في إفريقيا ـ و فرنسا وايطاليا بأوربا ـ والشيلي في 2
أمريكا ـ واليابان في اسيا.
األشكال التنظيمية للدولة الموحدة
والقضائية رغم ممار(سة األجهزة التنفيذية والتشريعية
المركزية لكل مظاهر السيادة الداخلية والخارجية على
مجموع تر(اب الدولة الموحدة فإن شساعة اإلقليم وكثرة
السكان وما تتطلبه الديمقراطية المحلية من تسييرهم
المباشر لشؤونهم المحلية وكذا مراعاة التنوع االقتصادي
أو الثقافي لمكونات الدولة الموحدة كل هذه العوامل
جعلت هذه األخيرة تنتقل في ادارتها من المركزية الى
.الالمركزية فالجهوية
3
الدولة الموحدة الممركزة
إن االتحاد الشخصي ال يفيد أكثر من وجود رئيس دولة واحد على رأس دولتين او أكثر .وهذا االتحاد في
رئاسة الدولة ال يعني ذوبان دول االتحاد الشخصي في دولة واحدة إذ تحتفظ كل دولة بسيادتها الداخلية
والخارجية كاملة و بشخصيتها المستقلة وبتميز حكومتها وبرلماناتها وإدارتها وقوانينها الخاصة و حتى
نظامها السياسي يبقى مستقرا إذ تكون هذه الدولة ذات نظام مطلق واألخرى ذات نظام دستوري مقيد.
ومع احتفاظ كل دولة من دول االتحاد الشخصي بكيانها الخاص ،كلما يترتب على هذا االتحاد أن رئاسة
دولة تؤول لشخص واحد الذي يتصرف كرئيس لكل دولة من دول االتحاد الشخصي.
وبفعل انعدام أي أثر لالتحاد الشخصي على السيادة الداخلية والخارجية لدواه فإنه يعد أضعف صور
االتحاد بين الدول وشكال تاريخيا منقرضا دعت إليه ظروف تاريخية متمثلة في :
أ-المصاهرة بين األسر المالكة :والمثال عليها اتحاد بولندا و لتوانيا الذي تترتب عن زواج دوق لتوانيا
بملكة بولونيا سنة .1385وقد تحول هذا االتحاد الشخصي إلى اتحاد فعلي سنة .1569
ب -أسباب سياسية :وقد كانت وراء االتحاد الشخصي لها نوفرو انجلترا بين 1717و 1837الذي مكن
من صعود ملك جرماني للعرش االنجليزي و تحويله لنظام برلماني يسود فيه الملك و ال يحكم ألن عدم
إجازته للغة اإلنجليزية قد جعلته يترك رئاسة المجلس الوزاري و ممارسة السلطة التنفيذية للوزير األول.
ج -أسباب استعمارية :وقد أفرزت اتحادا شخصيا بين مملكة بلجيكا ودولة الكونغو تحت رئاسة الملك
البلجيكي ليوبولد الثاني .ولم يكن هذا االتحاد الشخصي الذي دام من 1885إلى 1908إال مطية لتحول
الكونغو لمستعمرة بلجيكية سنة 1908التي شهدت سقوط هذا االتحاد الشخصي وضم الكونغو الى بلجيكا.
8
االتحاد الفعلي أو الحقيقي
االتحاد الفعلي هو اتحاد بين دولتين أو اكثر تحتفظان بسيادتهما الداخلية
ولكنهما تفقدان سيادتهما الخارجية لصالح دولة جديدة هي دولة االتحاد
الفعلي التي يترأسها رئيس واحد يشرف على الشؤون الخارجية والدفاع.
ومن هذا التعريف يتبين أن االتحاد الفعلي يشبه االتحاد الشخصي في
خاصية وجود رئاسة واحدة لدول االتحاد .ولكنه يختلف عنه في أنه على
خالف احتفاظ دول االتحاد الشخصي بكامل سيادتها الخارجية والداخلية فإن
دول االتحاد الفعلي ال تحتفظ إال بسيادتها الداخلية وتفقد سيادتها الخارجيةاي
اإلشراف على عالقاتها الدولية المخولة لرئيس الدولة المشترك.
ومن األمثلة على االتحادات الفعلية
االتحاد النمساوي الهنغاري الذي عمر بين سنتي 1867و .1918وقد كان
على رأس االتحاد بين هاتين الدولتين رئيس واحد ملقب بإمبراطور النمسا
وملك هنغاريا .وكان هذا اإلمبراطور يشرف على السياسة الدفاعية
والخارجية وحتى االقتصادية المشتركة بين دولتي االتحاد إلى ان عصفت
به الهزيمة في الحرب العالمية األولى. 9
األشكال الحديثة للدول المركبة
10
كنفيدرالية الدول
من تدعى كنفيدرالية الدول باالتحاد التعاهدي نظرا النبثاقها
معاهدة تبرمها مجموعة من الدول وتصادق عليها باإلجماع.
وبمقتضى المعاهدة المنشئة للكنفيدرالية فإن الدولة المتعاهدة
تلتزم بتحقيق أهداف مشتركة والعمل وفق مبادئ معينة .ولتحقيق
هذه األهداف والسهر على احترام تعهدات دول الكنفيدرالية فإن
االتحاد التعاهدي ينشئ هيئات مشتركة تتخذ قراراتها باإلجماع
ويترك تنفيذها لحسن إدارة كل دولة عضو ألن الكنفيدرالية ال تعد
دولة فوق الدولة وال تمتلك حق فرض قراراتها على أعضائها
الذين يحتفظون بكامل سيادتهم الداخلية والخارجية بما في ذلك
الحق في االنسحاب من الكنفيدرالية متي شاءوا وصالحية
االعتراض على أي تعديل في معاهدة الكنفيدرالية التي البد من
.إجماع الدول المنشئة لها على مراجعتها 11
الدولة الفيدرالية أو االتحادية
تعريف الدولة الفيدرالية
تعد الدولة الفيدرالية الشكل األكثر تطورا لالتحاد بين دولتين أو أكثر .وبخالف
كنفيدرالية الدول التي تنشأ بمعاهدة ال تفقد دولها سيادتها الداخلية أو الخارجية وال
تنشئ دولة جديدة فإن الدولة الفيدرالية تنشأ بدستور تضعه جمعية تأسيسية وتصادق
عليه أغلبية الدول األعضاء .وهذا الدستور ينشئ دولة فيدرالية مكونة من مجموعة
من الواليات أو الدول يفقدها اتحادها شخصيتها الدولية وسيادتها الخارجية لصالح
الدولة الفيدرالية ولكنه يحافظ لها على نوع من االستقالل الذاتي والسيادة الداخلية.
وتتنوع الفيدراليات بتنوع العشرين دولة فيدرالية في عالم اليوم (روسيا ـ الواليات
المتحدة األمريكية ـ ألمانيا ـ سويسرا ـ نيجيريا -البرازيل ـ أستراليا )...غير أنها
تشترك في خصائص عامة سنتعرف عليها من خالل دراسة كيفية نشأتها و تنظيمها
وطريقة توزيع االختصاص بينها وتطورها وكيفية انتهائها.
12
كيفية نشأة الدولة الفيدرالية
تنشأ الدولة الفيدرالية بإحدى طريقتين :
الطريقة األولى تدعى طريقة االنضمام .وبمقتضاها فإن الدولة الفيدرالية
تتكون عن طريق اندماج عدة دول او واليات لتكوين دولة اتحادية .وغالبا ما
يكون الباعث على االتحاد تكتيل جهودها أو مواجهة خطر خارجي أو قيام
والية قوية بتوحيد واليات ضعيفة مجاورة لها ضمن دولة اتحادية او الحاجة
لتطوير الروابط الضعيفة للكنفيدرالية الى روابط قوية ضمن دولة فيدرالية.
الطريقة الثانية طريقة االنفصال .باإلضافة الى أسلوب االنضمام واالندماج
بين عدة دول فإن الدولة الفيدرالية قد تظهر للوجود وتنبثق من مطالبة أقليات
دولة موحدة باالستقالل الذاتي وحصولها على االنفصال مع رغبتها في
استمرار روابط بينها من خالل اتحاد مركزي مما يؤدي لتحويل الدولة
الموحدة الى دولة فيدرالية.
13
تنظيم الدولة الفيدرالية
في ينبني تنظيم الدولة الفيدرالية على دستور تشارك
وضعه و إقراره الدول او الواليات المشكلة للدولة
الفيدرالية .ويتسم تنظيم الدولة الفيدرالية بالتعقيد ألن
عليه التوفيق بين هدفين متناقضين منح الدولة
الفيدرالية وسائل واختصاصات وأجهزة لتؤدي
مهامها الدفاعية والدبلوماسية واالقتصادية ـ دون
المساس باالختصاصات الداخلية للواليات .ولتحقيق
هذا التوفيق فإن الدولة الفيدرالية تقوم على مبدأين
.االستقالل الذاتي والمشاركة 14
مبدأ االستقالل الذاتيPRINCIPE DE
L’AUTONOMIE
يتجلى مبدأ المشاركة في سياسة الدولة الفيدرالية من قبل الواليات أو الدول المتحدة
على صعيدي السلطتين التنفيذية والتشريعية.
فعلى مستوى السلطة التشريعية تأخذ كل الدول الفيدرالية بالثنائية البرلمانيةالتي
تقضي بإيجاد مجلسين برلمانيين يمثل أولهما الواليات حسب عدد سكانها وهذا
التفاوت في عدد نواب الواليات فيه إرضاء للواليات الكبرى المكونة للدولة
الفيدرالية .أما المجلس الثاني فإنه يمنح تمثيال متساويا للواليات بغض النظر عن
حجمها وعدد سكانها وفي هذه المساواة إرضاء الواليات الصغرى المشكلة لالتحاد.
وعلى صعيد السلطة التنفيذية :نجد أن مشاركة الواليات فيها تختلف باختالف شكل
النظام السياسي للدولة الفيدرالية فإذا كان هذا النظام رئاسيا كما هو شأن الواليات
المتحدة األمريكية فإن المشاركة تأخذ صبغة انتخاب رئيس الدولة الفيدرالية من قبل
مجموع شعب الدولة الفيدرالية .أما إذا كان النظام الفيدرالي برلمانيا كما هو شأن
ألمانيا االتحادية فإن السلطة التنفيذية تنبثق من البرلمان وتمثل أغلبيته .وفي حالة أخذ
الدولة الفيدرالية بنظام الجمعية حالة سويسرا فإن السلطة التنفيذية يتوالها مجلس
اتحادي تنفيذي يمثل كل الواليات أو المقاطعات ويقتصر على تنفيذ مقررات 16
البرلمان الفيدرالي.
طرق توزيع الصالحيات داخل الدولة الفيدرالية
بين على الرغم من اختالف طرق توزيع الصالحيات
السلطة التنفيذية وسلطات الواليات من دولة فيدرالية إلى
أخرى فإنه يمكن التمييز بين ثالث طر(ق رئيسية في هذا
:المجال
17
:الطريقة األولى
سبيل يورد الدستور الفيدرالي اختصاصات الواليات على
الحصر وما لم يرد فيه نص أو يخول للواليات يعد من
اختصاصات الدولة الفيدرالية .وواضح أن هذه الطريقة تقوي
السلطة الفيدرالية على حساب الواليات وقد أخذت بها الدولة
المتحولة من دولة بسيطة الى دولة مركبة (كندا ـ الهند) رغبة
.منها في استمرار تقوية السلطة المركزية
18
:الطريقة الثانية
الدستور على عكس الطريقة األولى حيث نجد أن
يورد اختصاصات السلطة الفيدرالية على سبيل
الحصر ويترك باقي الصالحيات غير المحددة
للواليات .وفي هذه الطريقة نلمس إرادة في حفاظ
الواليات على استقاللها الذاتي .وقد أخذت بها كل
.من سويسرا وأستراليا وألمانيا
19
:الطريقة الثالثة