You are on page 1of 9

‫القانون الدستوري – السنة األولى ليسانس‬

‫المجموعة‪ :‬الثانية (‪)02‬‬ ‫الدكتورة‪ :‬ك ‪ .‬دوايسية‪.‬‬


‫المحور الخامس‪ :‬مبدأ الفصل بين السلطات‪.‬‬

‫مبدأ الفصل بين السلطات‬

‫مقدمة عامة‪:‬‬
‫لعل من أهم المشاكل السياسية التي تواجه المفكرين السياسيين في أي مجتمع هي مشكلة السلطة‬
‫و مكانتها في المجتمع‪ .‬بمعنى هل يجب تركيز السلطة في مؤسسة أو شخص واحد كما كان سائدا ً في‬
‫األنظمة الملكية والديكتاتورية التي سادت لقرون طويلة في الكثير من الدول وال زالت سائدة في بعض‬
‫الدول‪.‬‬
‫حيث تعتبر الديمقراطية وسيلة ضرورية لكفالة الحقوق والحريات‪ ،‬وال تأتي بالثمار المرجوة منها إال‬
‫باألخد بمبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬وهذا ما تقوم األنظمة السياسية الحرة في تبنيها لهذا المبدأ باعتباره‬
‫وسيلة لمعارضة السلطة المطلقة للملوك‪ .‬والتي تتمحور في فكرة "السلطة تحد السلطة" ‪le pouvoir‬‬
‫‪ ،arrêt le pouvoir‬إذ تقوم السلطة بدور الرقيب في مواجهة السلطة األخرى‪.‬‬
‫حيث أكد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان على ضرورة تبني مبدأ الفصل بين السلطات‪ ،‬فاعتبر ليس له‬
‫دستور كل مجتمع ال تُكفل فيه الحقوق وال ي ُضمن فيه الفصل بين السلطات بكيفية محددة‪.‬‬

‫األسس النظرية لمبدأ الفصل بين السلطات‬

‫مبدأ الفصل بين‬ ‫مبدأ الفصل بين‬ ‫مبدأ الفصل بين‬ ‫مبدأ الفصل بين‬
‫السلطات لدى‬ ‫السلطات لدى جون‬ ‫السلطات لدى‬ ‫السلطات لدى‬
‫مونتسكيو‬ ‫لوك‬ ‫أرسطو‬ ‫أفالطون‬

‫‪1‬‬
‫األسس النظرية لمبدأ الفصل بين السلطات‪:‬‬
‫ترجع الجذور التاريخية األولى لمبدأ الفصل بين السلطات إلى عهد الفيلسوف اليوناني أفالطون ومن‬
‫بعده تلميذه أرسطو‪ ،‬أما المفهوم المعاصر للمبدأ فيرجع إلى القرن ‪ 18‬ميالدي وتحديدا إلى الفيلسوف‬
‫جون لوك‪ ،‬غير أنه غالبا ما ينسب إلى الف قيه الفرنسي مونتسكيو الذي يعود إليه الفضل في إبرازه‬
‫وتطويره ووضع األسس و المبادئ التي يقوم عليها‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬مبدأ الفصل بين السلطات لدى أفالطون (‪ 347- 427‬ق‪.‬م)‪:‬‬


‫‪ -‬ولد أفالطون حوالي عام ‪ 428‬قبل الميالد كان طالبا عند سقراط‬ ‫أفالطون‬
‫ومعلما ألرسطو‪ ،‬وقد تناولت كتبه موضوعات العدل والجمال‬
‫والمساواة كما تضمنت نقاشات في علم الجمال والسياسية والفلسفة‬
‫والالهوت وعلم الكونيات وعلم المعرفيات وفلسفة اللغة ‪.‬‬
‫‪ -‬أسس أفالطون األكاديمية في أثينا‪ ،‬وهي التي تعد إحدى أولى‬
‫المعاهد الخ اصة بالتعليم العالي في العالم الغربي‪ ،‬توفي في أثينا‬
‫حوالي ‪ 348‬قبل الميالد‪.‬‬

‫‪ -‬حيت يرى أفالطون في كتابه "القوانين" بأنه يجب توزيع وظائف الدولة بين هيئات مختلفة‬
‫بالتوازن والتعادل حتى ال تنفرد كل هيئة بالحكم وتمس سلطة الشعب مما يؤدي إلى وقوع انقالب أو‬
‫ثورة‪ ،‬ولتجنب ذلك يجب فصل وظائف وهيئات الدولة‪ ،‬ولكي تحقق النفع العام عليها أن تتعاون بينها‬
‫وتراقب بعضها منعا لالنحراف‪ ،‬وتتمثل هذه الهيئات في‪:‬‬

‫‪ - )1‬مجلس السيادة المكون من ‪ 10‬أعضاء يهيمنون على دفة الحكم وفقا للدستور‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ - )2‬جمعية الحكماء مهمتها اإلشراف على التطبيق السليم للدستور‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ - )3‬مجلس شيوخ منتخب من الشعب مهمته التشريع‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ - )4‬هيئة قضائية لحل المنازعات بين األفراد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ - )5‬هيئة الشرطة للمحافظة على األمن داخل الدولة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪ - )6 ‬هيئة للجيش مهمتها الحفاظ على سالمة البالد من أي اعتداءات خارجية‪.‬‬
‫‪ - )7 ‬هيئات تنفيذية وتعليمية إلدارة مرافق الدولة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬مبدأ الفصل بين السلطات لدى أرسطو (‪ 322- 384‬ق‪.‬م)‪:‬‬
‫‪ -‬أرسطوطاليس أو أرسطاطاليس ولد عام ‪ 384‬قبل الميالد‪ ،‬هو‬ ‫أرسطو‬
‫فيلسوف يوناني وتلميذ أفالطون ومعلم اإلسكندر األكبر‪ ،‬وهو‬
‫مؤسس مدرسة ليسيوم ومدرسة الفلسفة المشائية والتقاليد‬
‫األرسطية‪ ،‬وواحد من عظماء المفكرين‪ ،‬تغطي كتاباته مجاالت‬
‫عدة منها‪ ،‬الفيزياء والميتافيزيقيا والشعر والمسرح والموسيقى‬
‫والمنطق والبالغة واللغويات والسياسية والحكومة واألخالقيات‬
‫وعلم األحياء وعلم الحيوان ‪.‬‬
‫‪ -‬كان لفلسفته تأثير فريد على كل شكل من أشكال المعرفة تقريبا ً‬
‫في الغرب‪ ،‬وال يزال موضوعا للنقاش الفلسفي المعاصف‪ .‬توفي‬
‫عام ‪ 322‬قبل الميالد ‪.‬‬

‫‪ -‬إذ يرى أرسطو في كتابه "السياسة" بأن وظائف الدولة تنقسم إلى ثالث‪:‬‬

‫‪ - )1 ‬وظيفة المداولة وتسند إلى الجمعية العامة وتهتم بمسائل السلم والحرب والمعاهدات وسن‬
‫القوانين والمسائل المتعلقة بالمالية والعقوبات‪.‬‬
‫‪ - )2 ‬وظيفة العدالة تسند إلى المحاكم‪،‬ومهمتها الفص في الخصومات والجرائم‪.‬‬
‫‪ - )3 ‬وظيفة األمر والتي أسندها إلى مجلس قال بأنه يقضي في المسائل الهامة‪.‬‬
‫‪ -‬كما يرى بأنه من األحسن للنظام السياسي توزيع السلطة فيما بين هيئات مختلفة تتعاون مع‬
‫بعضها تجنبا لإلستبداد‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ثالثاً‪ :‬مبدأ الفصل بين السلطات عند جون لوك (‪1704- 1632‬م)‪:‬‬
‫‪ -‬هو فيلسوف تجريبي ومفكر سياسي ومفكر سياسي انجليزي‪،‬‬ ‫جون لوك‬
‫ولد عام ‪ 1632‬في رنجتون في إقليم سومر ست وتعلم في‬
‫مدرسة وستمن ستر ‪ ،‬ثم في كلية كنيسة المسيح في جامعة‬
‫أكسفورد ‪ ،‬حيث انتخب طالبا مدى الحياة‪ ،‬لكن هذا اللقب سحب‬
‫منه في عام ‪ 1684‬بأمر من الملك‪ .‬وبسبب كراهيته لعدم‬
‫التسامح البيورتياني عند الالهوتيين في هذه الكلية‪ ،‬لم ينخرط في‬
‫سلك رجال الدين‪ ،‬وبدال من ذلك أخذ في دراسة الطب ومارس‬
‫التجريب العلمي‪ ،‬حتى عرف جاسم الدكتور لوك‪.‬‬

‫‪ -‬عند قيام ثورة ‪ 1688‬وبعد نفيه من طرف جاك الثاني كتب جون لوك كتابه حول الحكومة‬
‫المدنية ‪ ،‬بهدف إضفاء الشرعية على الثورة‪ ،‬فأصبح بذلك المنظر األول المعاصر للفصل بين السلطات‪.‬‬

‫‪ -‬لقد قسم جون لوك السلطات في الدولة إلى أربع هي‪:‬‬

‫‪ - )1 ‬السلطة التشريعية‪ :‬وتختص بسن وإقرار التشريعات ‪ ،‬حيث منحها األولوية والهيمنة‬
‫على غيرها‪.‬‬
‫‪ - )2 ‬السلطة التنفيذية‪ :‬وتخضع لألولى‪ ،‬وظيفتها تنفيذ القوانين والسهر على تحقيق األمن‬
‫واالستقرار‪.‬‬
‫‪ - )3 ‬السلطة االتحادية‪ :‬وهي صاحبة االختصاص في المسائل الخارجية كإعالن الحرب‬
‫والسلم وعقد المعاهدات‪ ،‬وتكون بيد الملك‪.‬‬
‫‪ - )4 ‬سلطة التاج‪ :‬وتشمل مجموعة الحقوق واالمتيازات الملكية التي يحتفظ بها التاج البريطاني‬
‫حتى اآلن‪.‬‬
‫‪ -‬وقد تكلم لوك في كتابه عن ضرورة الفصل في الدولة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وعدم‬
‫الجمع بينهما في يد واحدة‪ ،‬وبمفهوم أدق فإن الفصل عند لوك يعني تفادي تركيز السلطتين التشريعية‬
‫والتنفيذية بين يدي الحاكم والذي يمثل عند لوك السلطة التنفيذية‪ ،‬ذلك ألن هذا األخير (الحاكم) وبحكم‬
‫طبيعته البشرية فإنه لن يصمد أمام اإلغراء الناجم عن تجميع سلطتي التشريع والتنفيذ في يده مما قد يدفعه‬
‫إلى االستبداد‪ ،‬ألن األصل في السلطة السياسية أن من يقوم عليها يميل إلى اإلستبداد بها وفقا للمقولة‬
‫الشهيرة لعلماء السياسة والتي مفادها ‪" :‬إن السلطة مفس دة ‪ ،‬وإن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة للقائم‬
‫عليها" لذلك يرى "لوك" بوجوب توزيع السلطة بين سلطات مختلفة حتى تراقب كل هيئة غيرها وتوقفها‬
‫عند حدود صالحياتها واختصاصاتها‪.‬‬
‫‪ -‬ولقد ذهب لوك بعيدا حينما قرر حق الثورة للشعب على الحكم اإلستبدادي الذي قد يجمع في يده عدة‬
‫سلطات‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬مبدأ الفصل بين السلطات عند مونتسكيو‪:‬‬
‫‪ -‬ولد شارل لوي دي سيكوندا المعروف بإسم مونتسكيو في عام‬ ‫مونتسكيو‬
‫‪ ، 1689‬هو واحد من أهم فالسفة عصر التنوير‪ ،‬وأول من ناد‬
‫بتطبيق نظام فصل السلطات‪ ،‬ألهمت دراسته دستور الواليات‬
‫المتحدة األمريكية‪ ،‬وإعالن حقوق اإلنسان‪ ،‬ودستور فرنسا بعد‬
‫الثورة الفرنسية‪ ،‬وأثره واضح في أغلب دساتير الدول الديمقراطية‬
‫الليبرالية ‪.‬‬

‫‪ -‬لقد ارتبط مبدأ الفصل بين السلطات باسم الفيلسوف الفرنسي ) ‪Montesquieu ( 1689-1755‬‬
‫الذي شرحه وأبرز خصائصه في مؤلفه الشهير "روح القوانين" سنة ‪.1748‬‬
‫حيث يعود له الفضل في نقل المبدأ من مجرد تقسيم وظيفي إلى فصل بين السلطات أو الهيئات التي‬
‫تتولى تلك الوظائف‪ .‬والمبدأ حسب هذا الفيلسوف يعني عدم جمع سلطات الدولة في يد فرد واحد أو هيئة‬
‫واحدة‪ ،‬وفي ذلك يقول (إنها تجربة خالدة أن كل إنسان يتولى السلطة ينزع إلى إساءة استعمالها حتى‬
‫يجد حدا يقف عنده‪ .‬إن الفضيلة ذاتها تحتاج إلى حدود ‪ ،‬ولكي ال يٌساء استعمال السلطة يجب أن‬
‫توقف السلطة سلطة أخرى)‪.‬‬
‫‪ -‬ومبدأ الفصل بين السلطات حسب "مونتسكيو" هو قبل كل شيء تقنية دستورية غايتها منع االستبداد‪،‬‬
‫وصيانة الحرية‪ ،‬فإذا جمع شخص واحد أو هيئة واحدة السلطتين التشريعية والتنفيذية انعدمت الحرية‪،‬‬
‫وكذلك الشأن إذا اجتمعت السلطات الثالث في يد واحدة ولو كانت يد الشعب ذاته ‪،‬لذلك يجب أن تتوقف‬
‫كل سلطة عند حدها بواسطة غيرها ‪،‬بحيث ال تستطيع أي سلطة أن تسيء استعمال سلطتها أو تستبد بها‪.‬‬
‫‪ -‬فالحرية إذا مرتبطة ارتباطا وثيقا بتقسيم السلطة ‪ ،‬وال وجود لهذه الحرية عند دمج السلطات لحساب‬
‫إحداها أو لحساب شخص أو جماعة‪ .‬كما أن تنظيم هذه السلطات وتقسيمها ينبغي أن يكون بطريقة ال‬
‫تسمح ألي منها أن تتحرك لوحدها ‪ ،‬بمعنى أن ترتبط هذه السلطات ببعضها وان يكون بينها قدر من‬
‫التعاون والتأثير المتبادل‪.‬‬

‫‪ -‬ألجل ذلك يرى مونتسكيو ضرورة أن يوجد في كل دولة ثالث أنواع من السلطات‪:‬‬

‫‪ - )1 ‬السلطة التشريعية‪ :‬والتي تتولى صياغة القوانين لمدة محددة‪ ،‬أو بصفة دائمة‪ ،‬وتعدل‬
‫وتلغي القوانين النافذة‪.‬‬
‫‪ - )2 ‬السلطة التنفيذية‪ :‬التي تقر السالم أو تعلن الحرب ‪ ،‬وترسل وتستقبل السفراء وتوطد‬
‫األمن‪.‬‬
‫‪ - )3 ‬السلطة القضائية‪ :‬والتي تعاقب على ارتكاب الجرائم وتفصل في منازعات األفراد‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫مبدأ الفصل بين السلطات كمعيار لتصنيف األنظمة الدستورية‪:‬‬
‫ينقسم مبدأ الفصل بين السلطات إلى نوعين‪ ،‬فصل تام بين السلطات‪ ،‬وهو الذي يعرف بالفصل الشديد‪،‬‬
‫ومنه تميز النظام الرئاسي بأخده لهذا النوع‪ ،‬ويأتي الفصل المرن بين السلطات‪ ،‬أو ما يعرف بالتعاون‬
‫والتوازن بين السلطات‪ ،‬ليتبناه النظام البرلماني‪ .‬ويمكن تفصيل النوعين فيما يلي‪:‬‬

‫‪ - )1‬الفصل الشديد بين السلطات (الجامد أو التام‪ ،‬مصطلحات استعملت في‬


‫الدراسات السابقة) ‪:‬‬
‫في هذا النوع من الفصل‪ ،‬تكون السلطة التشريعية مستقلة عن السلطة التنفيذية‪ ،‬إذ ال يملك رئيس الدولة‪،‬‬
‫بصفته الحاكم‪ ،‬حق دعوة البرلمان لالنعقاد أو رفض انعقاده أو حله‪ .‬ويباشر البرلمان وظيفته التشريعية‬
‫باستقالل تام‪ ،‬بحيث ال تستطيع السلطة التنفيذية اقتراح القوانين وإعداد ميزانية الدولة‪.‬‬
‫كما أن الوظيفة البرلمانية مستقلة من الناحية العضوية عن الحكومة‪ ،‬فال يجوز الجمع بين منصبي وزير‬
‫وعضو في البرلمان‪ .‬كما أن السلطة القضائية مستقلة يمارسها قضاة منتخبون لهم حصانات ونظام‬
‫قانوني للمحاكم الخاص بها‪.‬‬
‫كما أن أعضاء السلطة التنفيذية مسؤولون مسؤولية كاملة أمام رئيس الدولة وليس أمام البرلمان‪ .‬لكن كل‬
‫هذه األمور ال يتم األخذ بها على إطالقها‪ ،‬فهناك بعض االستثناءات‪ ،‬كمنح رئيس الدولة حق االعتراض‬
‫على بعض مشاريع القوانين التي يقرها البرلمان في مقابل موافقة البرلمان على تعيين كبار القضاة‬
‫والموظفين في الدولة وعلى نفاذ المعاهدات الدولية‪.‬‬

‫‪ - )2‬الفصل المرن بين السلطات (التعاون والتوازن بين السلطات) ‪:‬‬


‫ويكون هذا النوع من الفصل بين السلطات في الدول التي تعتنق النظام البرلماني‪ .‬ومن أبرز مظاهر‬
‫هذا النوع من الفصل هو أن اقتراح مشاريع القوانين يكون للسلطة التنفيذية ومشاركة أعضاء هذه السلطة‬
‫في مناقشتها أمام البرلمان والتصويت عليها وحقها في إصدار ما تقرره السلطة التشريعية من قوانين‪.‬‬

‫كما أن الوزراء يحضرون جلسات البرلمان ويشرحون سياسة الحكومة في مسألة معينة‪ .‬كما يستطيع‬
‫البرلمان تشكيل لجان تحقيق برلمانية للتحقيق في عمل حكومي صادر عن السلطة التنفيذية‪.‬‬
‫ويحق ألعضاء البرلمان توجيه أسئلة أو استجواب بشأن السياسة العامة ألعضاء السلطة التنفيذية‪،‬‬
‫وسحب الثقة من الوزراء وإسقاطهم‪ .‬كما تملك السلطة التنفيذية في المقابل الحق في حل البرلمان وإجراء‬
‫انتخابات جديدة لتعيين برلمان جديد‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫تقييم مبدأ الفصل بين السلطات‪:‬‬
‫يقتضي تقييم مبدأ الفصل بين السلطات إلى التطرق إلى إيجابياته وسلبياته‪.‬‬

‫لمبدأ الفصل بين السلطات عدة إيجابيات ومزايا‪ ،‬منها‪:‬‬


‫‪ - )1‬منع االستبداد وصيانة الحريات‪ ،‬فتجميع السلطات بيد واحدة يؤدي إلى االستبداد‬

‫إيجابيات المبدأ‪:‬‬
‫والمساس بحقوق وحريات األفراد وعدم منح فرصة تسيير الشؤون العامة للشعب‪.‬‬
‫‪ - )2‬تحقيق شرعية الدولة‪ ،‬ألنه (أي المبدأ) وسيلة فعالة لكفالة احترام القوانين‬
‫وتطبيقها‪ .‬كما أنه يمنع إصدار القوانين التي تحقق المصالح الشخصية على حساب‬
‫المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ - )3‬تقسيم العمل‪ ،‬فمبدأ الفصل بين السلطات يؤدي إلى توزيع الوظائف والمهام في‬
‫الدولة‪ ،‬فتصبح كل سلطة متخصصة في مجالها وتمارس عملها بإتقان وتفان‪ ،‬وهو‬
‫الهدف الذي كان يسعى إليه واضعو هذا المبدأ‪ .‬فالمبدأ وإن كان مبدأ قانونيا‪ ،‬فهو أيضا‬
‫قاعدة من قواعد فن السياسة‪.‬‬

‫لمبدأ الفصل بين السلطات سلبيات أيضا‪ ،‬إضافة إلى إيجابياته‪ .‬ومن هذه السلبيات نذكر‪:‬‬
‫‪ - )1‬أنه مبدأ نظري أكثر منه عملي‪ ،‬بحيث يصعب تطبيقه كلية على أرض الواقع‪،‬‬
‫ألنه‪ ،‬ومهما حاولت األنظمة السياسية ممارسته‪ ،‬لكن سيكون هناك سيطرة‪ ،‬ولو خفيفة‪،‬‬

‫سلبيات المبدأ‪:‬‬
‫لسلطة على أخرى‪ .‬كما أنه يؤدي أحيانا إلى التهرب من المسؤولية القانونية على‬
‫اعتبار أن كل سلطة تلقي بالمسؤولية على السلطة األخرى‪.‬‬
‫‪ - )2‬إن تزايد تدخل الدولة في كل مناحي الحياة يتطلب إعطاء المزيد من المهام للسلطة‬
‫التنفيذية لكي تتماشى مع هذا التطور‪ ،‬األمر الذي قد يجعل تطبيق المبدأ يكون بدون أثر‬
‫فعال لهذا التطور‪ ،‬وبالمقابل تقتضي الديمقراطيات الحديثة إعطاء األفضلية للحزب‬
‫المنتصر في اإل نتخابات‪ ،‬وبالتالي السيطرة على السلطة التشريعية وتسيير شؤون البالد‬
‫وفق برنامجه‪ ،‬مما يعطي هامشا كبيرا للسلطة التشريعية على حساب السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫إقرار مبدأ الفصل بين السلطات في بعض الدول الغربية‪:‬‬


‫الواليات المتحدة األمريكية‪1787 :‬‬ ‫إنجلترا‬ ‫فرنسا‪1789 :‬‬

‫تبنت في هذه السنة مبدأ الفصل بين‬ ‫لم ينص على المبدأ‪ ،‬لكن الممارسة‬ ‫تأكيد على ضرورة تبني هذا المبدأ‬
‫السلطات‪.‬‬ ‫الدستورية أثبتت األخذ بهذا الفصل‬ ‫من خالل المادة ‪ 16‬من إعالن‬
‫خاصة في عهد كرامواي‪.‬‬ ‫حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫إقرار مبدأ الفصل بين السلطات في بعض الدول العربية‪:‬‬
‫البحرين‬ ‫الكويت‬

‫نص دستور البحرين في المادة ‪ 32‬منه‬ ‫نص دستور الكويت في المادة ‪ 50‬منه‬
‫على هذا المبدأ‪.‬‬ ‫على هذا المبدأ‪.‬‬

‫إقرار مبدأ الفصل بين السلطات في الدساتير الجزائرية‪:‬‬


‫ظهور المبدأ في دستوري ‪ 1989‬و ‪1996‬‬ ‫غياب المبدأ في دستوري ‪ 1963‬و ‪1976‬‬

‫دستور ‪ :1989‬انطالق مرحلة جديدة للتنظيم الدستوري في‬ ‫‪ -‬رغم إش تراك كل من دستوري ‪ 1963‬و ‪1976‬‬
‫الجزائر‪ ،‬تتركز على قواعد ومبادئ جديدة‪ ،‬التكريس الشكلي‬ ‫و تبنيهما للدمج بين السلطات في النظام‬
‫للمبدأ‪ ،‬توسيع مجال الحقوق والحريات الفردية‪ ،‬الرقابة‬ ‫الدستوري‪ ،‬إال أنهما اختلفا في التعبير عن هذا‬
‫الدستورية بين السلطة التنفيذية والتشريعية‪ ،‬كذلك التعددية‬ ‫الدمج ‪.‬‬
‫الحزبية‪.‬‬
‫دستور ‪ :1963‬عدم ظهور هذا المبدأ‪.‬‬
‫‪ -‬كما ساعدت األحزاب السياسية المبدأ بأن يصبح قاعدة من‬
‫دستور‪ :1976‬تميز بوحدة السلطة‪ ،‬وحدة القيادة‪،‬‬
‫قواعد العمل السياسي‪.‬‬
‫و الحزب الواحد ‪.‬‬
‫‪ -‬كذلك ضوابط الرقابة الدستورية تعد دعما لمبدأ الفصل بين‬
‫‪ -‬حيت سادت فكرة وحدة الحكم وسيطرة الحزب‬
‫السلطات‪.‬‬
‫الحاكم وتجمع السلطات في هيئة واحدة‪ ،‬وكانت‬
‫دستور ‪ :1996‬لم يضفي الجديد فيما يخص على مبدأ الفصل‬ ‫هذه الفكرة هي البديل لحل مشاكل الدول النامية‪.‬‬
‫بين السلطات فتكريسه ضمني‪ ،‬بل كل ما أضافه هو تبنيه‬ ‫وبهذا ضمان الستقرار الدولة‬
‫للثنائية البرلمانية واإلزدواجية القضائية وإرساء آلية الرقابة‪.‬‬

‫دستور ‪ :2016‬اإلقرار الصريح للمبدأ بالرغم من وجود هذا‬


‫المبدأ سابقا‪ ،‬حيث أكد المؤسس الدستوري في ديباجة الدستور‬
‫وأكد على األخذ بالمبدأ من خالل المادة ‪.15‬‬

‫دستور ‪ :2020‬أقر المؤسس الدستوري مبدأ الفصل بين‬


‫السلطات في الديباجة‪ ،‬ومن خالل نص المادة ‪.16‬‬

‫‪8‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫‪ -‬في األخير‪ ،‬أن اإلعتقاد بالفصل المطلق المجرد أمر خيالي‪ ،‬فوظائف الدولة متكاملة ومتداخلة مما‬
‫يتطلب التعاون والتضامن بين السلطات حتى تتمكن الدولة من أداء مهامها و بالتالي إشباع الحاجات‬
‫الضرورية للمواطنين فالمقصود بمبدأ الفصل بين السلطات إذا هو‪ :‬اإلستقالل والتساوي بين السلطات‬
‫العامة في الدولة في ممارسة الوظائف واإلختصاصات المحددة في الوثيقة الدستورية حتى ال تتعدى‬
‫الهيئات على بعضها‪ ،‬لكن دون استبعاد إمكانية التعاون والتضامن‪ ،‬كما أنه ال مانع من قيام الرقابة على‬
‫الهيئات التي تعتبر كضمانة أساسية لحرية األفراد‪.‬‬

‫‪9‬‬

You might also like