Professional Documents
Culture Documents
السداسي الثالث
مسلك قانون عربي
ياسين عزوز
السنة الدراسية الجامعية:
0202ـ 0202
1
ياسين عزوز
2
ياسين عزوز
طبيعة نظام النظام الدستوري هو سياسي ،فهو يشكل مادة سياسية بالدرجة األولى.
النظام الدستوري:
ـ من يمسك بزمام السلطة؟ من يحكم؟
ـ كيف تتم عملية إسناد السلطة؟ من يملك صنع القرار السياسي؟
ـ كيف يتم تنظيم الحياة السياسية؟ ما هي العالقة بين الحاكم والمحكوم؟
ـ ما هي العالقة بين سلطات الدولة الثالث؟
هل هذا النظام ديمقراطي أم غير ديمقراطي؟
قبل الحديث عن هذا الموضوع البد أن نعلم أن الغرب ساد فيه النظام غير الديمقراطي،
فالقرار السياسي كان يملكه شخص واحد ،ملك أو امبراطور ،كان هذا الحاكم يملك في يده
كل التشريعات ،لويس 41كان يقول الدولة هي أنا »«L’état c’est moi
كانت هناك مرحلة شخصنة الدولة ،نظام االسقراطية أو البورجوازية ،أو نظام الكهنوت.
رجال الدين كانوا يهيمنون على السلطة ،الثورة الفرنسية التي أنهت نظام الحكم الفردي،
الفالسفة الذين جاءو وبمبادئ الثورة هم جون جاك روسو ،جون لوك ،ومونتسكيو ،مهدوا
للثورة ،قبل أن تحدث ،كانوا يهدفون من وراء كتاباتهم الوصول إلى الحرية ،أرسطو
وأفالطون تحدثوا عن الديمقراطية ،أي حكم الشعب بنفسه ،لكن كلمة "الشعب" كانت تعني
مجموعة من األشخاص لهم الحق في ممارسة الحريات السياسية ،وهي فئة األحرار،
فأقصيت فئة العبيد ،وكان أول صور الديمقراطية هي الديمقراطية المباشرة ،حيث كانوا
يجتمعون في اليونان ،في مكان يسمى "األغورا" لمناقشة القضايا ،ثم بعد ذلك كانت
الديمقراطية النيابية أو التمثيلية.
نعود للحديث عن الديمقراطية ،تقوم على أسس ومقومات:
4االعتراف بالحقوق والحريات.
3
ياسين عزوز
تحدث عن هذا المبدأ فالسفة اليونان ،تحدث جون جاك روسو في كتابه "العقد االجتماعي"
ثم تكلم مونتسكيو في كتابه "روح القوانين" أو "روح الشرائع"
مونتسكيو كان له فضل كبير في تطوير هذا المبدأ ،وكان الهدف من ورائه ،محاربة
االستبداد وتركيز السلط ،وقد جاء بمبدأ آخر ،وهو "البد أن توقف السلط ُة السلطة" «il
» faut que le pouvoir arrête le pouvoir
في دستور أمريكا ،ال يوجد تداخال وال مراقبة بين السلطات ،واعتبر واضع الدستور أن هذا
هو ما كان مونتسكيو يقصده بحديثه عن الفصل بين السلط ،فأصبح الرئيس في أمريكا
يستقل بالسلطة التنفيذية ،وهذا أقام ما يسمى "النظام الرئاسي" «le régime
»présidentiel
في القارة األوروبية وخاصة في بريطانيا ،عندما شرحوا مبدأ فصل السلطات ،اعتبروا أنه
يمكن أن يكون هناك تعاون وتبادل ومراقبة بين السلطات ،فظهر عندهم ما يسمى "النظام
البرلماني" وهو نظام يقوم على النظام المرن بين السلطات.
"نظام الجمع بين السلط" يوجد في سويسرا ،أو ما يسمى "نظام حكومة الجمعية" الذي يقوم
على الجمع بين السلطة التنفيذية والتشريعية.
النظام المختلط :الرئاسي +البرلماني ،وهو الذي يوجد في فرنسا ،يجمع بين خصائص
الرئاسي والبرلماني.
المغرب أخذ من األمريكي والبرلماني ،ولكن له طبيعة خاصة ،قبل 4191م ،كان يقوم
على نظام السلطنة أو نظام الخالفة ،فكان يجمع بين صفتين :رئيس دولة وأمير المؤمنين،
يجمع بين اختصاصات دينية واختصاصات زمنية أي دنيوية.
دستور 4191م يوجد فيه الملك أمير المؤمنين ،وكذلك دستور 4119م ،وذلك في الفصل
،41وقد وقع نقاش حول هذا الفصل ،ألنه يخول للملك التدخل في أي شيء حتى لو لم يعط
له الدستور حق التدخل.
دستور 2144م ،لم يعد وجود للفصل 41المضمون نفسه ،فقد تم تشطيره إلى فصلين:
الفصل 14والفصل ،12فالفصل :14يعطي له صالحيات دينية = أمير المؤمنين.
والفصل :12يعطي له صالحيات في المجال الزمني باعتباره رئيس دولة.
فالدستور المغربي له طابع خاص ،كأنه ينهل من الدستور اإلسالمي الذي يقوم على نظام
البيعة ونظام الشورى ونظام.
4
ياسين عزوز
المقرر سيتناول الحديث عن :النظام البرلماني ـ النظام الرئاسي ـ النظام المختلط.
المحاضرة الثانية:
ـ ماذا نقصد بمبدأ الفصل بين السلطات؟ ما هي األهمية من هذا المبدأ؟ من هم الفالسفة
والسياسيون الذين قدموا هذا المبدأ؟
العالقة بين السلطات :قد استأثرت باهتمام العديد من الفقه السياسي والدستوري منذ القدم
نظرا آلثار من حريات وحقوق األفراد ،ألنه كلما كانت العالقة بين السلطات مفتوحة على
أجهزة متعددة كلما كان هناك حريات معترف بها للمواطنين وكلما كانت مغلقة كلما تم تقييد
الحريات والحقوق.
فالسلطة عندما تكون في يد فرد واحد أو هيئة واحدة قد يؤدي إلى التعسف في استعمال
السلطة ،فكل من يقبض بكل السلطات فإنه قد يؤدي بالطبيعة للتعسف ،وإلى االعتداء
بالحقوق والحريات ،ولذلك وجب أوال توزيع وظائف الدولة على أجهزة متعددة ،فتكون
هناك وظيفة تشريعية وتنفيذية وقضائية ،فتعدد الوظائف يقابله تعدد السلطات ،وهذا ما
تحدث عنه فقهاء السياسية القدامى والمحدثون ،فتحدث فالسفة اإلغريق كل من أفالطون
وأرسطو عن مبدأ توزيع الوظائف ،فنجد مثال أفالطون الذي تحدث عن ضرورة فصل
وظائف الدولة وفصل الهيئات التي تمارسها من أجل حماية الحقوق والحريات ،ونجد أن
أرسطو تحدث بدوره عن مبدأ فصل الوظائف عن بعضها البعض ،وضرورة ممارستها من
طرف أجهزة متعددة.
لذلك نجد أن كال منهما تكلم عن وظيفة وضع القواعد ،وهذا يعني أن هناك وظيفة تشريعية،
وكذلك عن تنفيذ تلك القوانين ،أي وجود وظيفة تنفيذية ،وفصل للخصومات والمنازعات،
وهذا يؤدي إلى وجود وظيفة قضائية.
بعد هذا الحديث عن مبدأ فصل الوظائف في الفكر السياسي القديم ،خاصة عند أفالطون
وعند أرسطو ،قام فالسفة عصر األنوار ،باستكمال ما بدأه كل من هذين الفيلسوفين،
(أفالطون وأرسطو) ونخص بالذكر هنا ما بينه كل من (جون لوك ومونتسكيو) فيما يتعلق
بالدعوة إلى ضرورة الفصل بين السلط.
فنجد أن جون لوك كان من األوائل في عصر األنوار ،منذ القرن الثامن عشر ،الذين تحدثوا
عن الفصل بين السلطات ،وقام بدراسة هذا المبدأ في كتابه "الحكم المدني" في سنة 4911
وجاء مونتسكيو بهذه النظرية نظرا لما عايشه من حكم مطلق في إنجلترا ،وبالتالي كان
ينظر إلى الحكم آنذاك ،بأنه حكم مطلق ،وأنه ليس هناك اعتراف بالحقوق والحريات ،فكان
5
ياسين عزوز
ملوك أوربا هم الذين يمسكون بكل السلطات ،ويمارسونها بشكل ال يحترم فيه الحقوق
والحريات ،وبالتالي أدى هذا إلى ظهور فالسفة يدافعون عن نبدأ توزيع السلطات.
وإلى جانب جون لوك جاء مونتسكيو مع منتصف القرن الثامن عشر ،وتحدث بشكل دقيق
عن مبدأ الفصل بين السلطات في كتابه "روح القوانين" فنجد أنه تعمق في شرح هذا المبدأ
أكثر مما قام به جون لوك ،وكذلك فالسفة اإلغريق ،لذلك نجد أن مونتسكيو قام بالدعوة إلى
ضرورة فصل السلطات إلى ثالث هيئات رئيسية :السلطة التشريعية ،السلطة التنفيذية،
السلطة القضائية ،فنجد أن مونتسكيو دافع عن مبدأ الفصل بين السلطات بنكرانه لمبدأ الجمع
بين السلطات وبالتالي عبر عن هذه الفكرة بقوله" :إن كل شيء سيضيع إذا مارس نفس
الشخص أو نفس الهيئة سواء كانت حكومة مكونة من وجهاء البالد ونبالئه ،أو من الشعب
نفسه هذه السلطات الثالث".
ولذلك من أجل منع اإلساءة الستعمال السلطة وتفادي االعتداء على الحقوق والحريات،
نادى مونتسكيو بضرورة فصل سلطات الدولة عن بعضها البعض ،وأن يقوم على أساس
التعاون والتوازن بينها ،حتى توقف السلط ُة السلط َة ،فإذا أصدرت مثال السلطة التشريعية،
قوانين جائرة يمكن للسلطة التنفيذية أو القضائية توقيفها.
نجد أن مبدأ فصل السلط قد ظهر أوال في بريطانيا ،ألن جون لوك ومونتسكيو عاشا في
بريطانيا ،وكانا يالحظان ويشاهدان في الحياة السياسية البريطانية ما يؤثر في الحقوق
والحريات نتيجة عدم توزيع السلطة في هذا النظام .فكان الملك يمسك بزمام السلطات ،فنجد
أن هناك صراعا كبيرا بين الملوك وبين الطبقة البرجوازية من أجل أن ؟؟؟؟ الملوك بعض
السلطات وبعض االمتيازات ،وهذا المشاهدة والمعاينة هي التي كانت حافزا لجون لوك
ومونتسكيو من أجل الفصل بين السلطات ،فكان هؤالء من دعاة الفصل بين السلطات ومن
المناهضين للحكم المطلق ،الذي قوم على أساس الجمع بين السلطات ،ولكن هذا الفصل ال
ينبغي أن يؤدي إلى انعزال كل سلطة عن األخرى.
عندما جاء مونتسكيو بهذا المبدأ تم تطبيقه في العديد من األنظمة السياسية ،ولكن بطرق
مختلفة ،ووفق فهم مغاير ،فنجد أنه عندما قام واضعو دستور الواليات المتحدة األمريكية
سنة 4891 / 4899م اعتبروا أن الفصل بين السلطات كان يقصد به أن تنعزل كل سلطة
عن األخرى ،دون أن يكون هناك ال تعاون وال توازن بين السلطات ،وهذا ما أدى إلى
ظهور نظام سياسي ،يقوم على أساس الفصل الصارم بين السلطات ،فتم تطبيقه في الواليات
المتحدة مما أنتج نظاما سياسيا سمي بالنظام "الرئاسي" في حين نجد في القارة األخرى ،أي
القارة األوروبية ،نجد أن تطبيق الفصل بين السلطات هو التطبيق السليم الذي نادى به
مونتسكيو والذي يقوم على أساس التوازن والتعاون بين السلطات الثالث ،لذلك جاء النظام
البريطاني الذي يقوم على أ ساس الفصل المرن بين السلطات ،وهذه المرونة هي التي تسمح
6
ياسين عزوز
بوجود تعاون بين السلطات وتوازن فيما بينها ،دون أن تنعزل أي سلطة عن األخرى
بوظيفتها وهو الذي يسمى بالنظام "البرلماني"
نجد أن النظام البرلماني طبق أوال في بريطانيا والنظام الرئاسي طبق في الواليات المتحدة
األمريكية .ولكن مع الممارسة السياسية نجد أن النظام الرئاسي قد أدخلت عليه تعديالت مما
سمح بوجود بعض مظاهر التعاون أو التوازن بين السلطات.
خصائص النظام البرلماني:
نجد أن من بين أركانه أنه يقوم أوال على أساس الفصل بين المرن بين السلطات ،وهذه
المرونة هي التي تسمح لنا بوجود تعاون وتوازن بين السلطات ،ويحصل هذا عن طريق
تدخل السلطة التنفيذية في وظيفة السلطة التشريعية ،لذلك نجد أن السلطة التنفيذية تساهم في
الوظيفة التشريعية التي هي أصال من اختصاص المشرع عن طريق "مشاريع القوانين"
فالقانون عندما يكون يصدر بمبادرة برلمانية نقول إن هناك "مقترح قانون" يعني أن
البرلمانيين يقترحون القوانين ،في حين عندما تكون المبادرة من طرف الحكومة فهذا يسمى
"مشاريع القوانين"
فيما يتعلق بالتوازن :هناك عدة تجليات لهذا التوازن ،ويتحقق ذلك عن طريق التأثير
المتبادل بين السلطتين (التنفيذية والتشريعية) وذلك عن طريق الرقابة المتبادلة بين السلطتين
وحتى القضائية ،فنجد أن البرلمان يستطيع أن يراقب الحكومة عن طريق مجموعة من
اآلليات ،أوال هناك نظام األسئلة ،التي يقوم بها النواب على أعضاء الحكومة وهي آلية من
آليات الرقابة.
وهناك آليات أخرى يمكن بواسطتها للبرلمان ،أن يراقب السلطة وهي ما يسمى "ملتمس
الرقابة" فيمكن للبرلمان أن يسقط الحكومة بملتمس رقابة وسحب الثقة منها.
وهناك أيضا آلية لتشكيل اللجان ،لتقصي الحقائق ،فإذا حدثت وقائع في البالد يمكن للبرلمان
أن يشكل هذه اللجنة .نجد إذن أن الحكومة هي مسئولة مسؤولية سياسية أما البرلمان.
وإلى جانب هذه اآلليات هناك ما يسمى "االستجواب" وهو وسيلة في يد البرلمان لكي
يراقب بها أعضاء السلطة التنفيذية ،يمكن أن تكون نتيجتها إما باستقالة الوزير ،أو استقالل
الحكومة بصفة جماعية.
وأخطر آلية هي آلية الحل ،فيمكن للسلطة التنفيذية أن تقوم بوضع حد لمهام البرلمان ،سواء
كان هذا الحل رئاسيا ،أو حكوميا ،تقوم به الحكومة ،فعندما يحصل اضطراب داخل
البرلمان لدرجة أنه ال يستطيع أن يقوم بمهمته ،هنا تتدخل السلطة التنفيذية.
7
ياسين عزوز
كذلك نجد أن السلطة التنفيذية قد تدخل في مهام البرلمان ،عن طريق الدعوة إلى عقد
دورات عادية أو استثنائية ،ويمكن أيضا للحكومة أن تعلن عن انتهاء الدورة العادية
للبرلمان ،إذن هناك تأثير متبادل بين السلطة التشريعية والتنفيذية ،وهذا يدخل في التوازن
بين السلطتين ،ويمكن للسلطة القضائية أن تتدخل وتراقب أعمال السلطة التنفيذية والسلطة
التشريعية.
إذن الركن األول للنظام البرلماني هو مبدأ التعاون والتوازن بين السلط ،والركن الثاني هو
ثنائية السلطة التنفيذية .ونقصد بهذه الثنائية ؟؟؟؟
فالنظام البرلماني يعتمد على هذه الثنائية ،ونجد أن رئيس الدولة عادة ال يتولى مهام السلطة
التنفيذية إال بصورة شرفية (ال يكون مسئوال سياسيا) فالمسؤولية تكون على الحكومة (مثال
النظام البرلماني في بريطانيا نجد أن الملك يسود وال يحكم) .ولذلك نجد أن رئيس الدولة ال
يكون مسئوال سياسيا ،فالنظام البرلماني قد يكون في النظام الجمهوري والملكي ولكن غالبا
يكون في األنظمة الملكية.
نجد أن النظام البرلماني يقوم على أساس المسئولية السياسية للحكومة أمام البرلمان ،وهذا
ركن ثالث يدخل في إطار الرقابة والتوازن بين السلطات.
أركان النظام الرئاسي:
أركانه مختلفة تماما عن أركان النظام البرلماني.
الركن األول :الفصل الجامد بين السلطات :الذي يمنع التعاون والتوازن بين السلطات ،فكل
سلطة تستقل بمهامها ،دون ألن تكون لها رقابة ،من طرف السلطة األخرى ،أي انعزال لكل
سلطة عن السلطات األخرى.
الركن الثاني :أحادية السلطة التنفيذية :بمعنى أن السلطة التنفيذية لها جهاز واحد وهو رئيس
الدولة ،وهو الذي يمثل السلطة التنفيذية وتتمثل فيه السلطة التنفيذية ،وال توجد حكومة،
وتكون على عاتقه جميع مهام السلطة ،وهذا ال يمنع وجود بعض المساعدين ،وهؤالء
يسمون وزراء أو سكرتير الدولة ،وهؤالء المساعدون ال يكونون حكومة كهيئة جماعية بل
يتعاونون مع رئيس الدولة كل في مجاله ،إذن ليست هناك حكومة كهيئة جماعية مستقلة.
الركن الثالث :عدم وجود مسئولية سياسية لرئيس الدولة أمام البرلمان :فرئيس الدولة ال
يسأل سياسيا أمام البرلمان ،وإنما هو مسئول أمام الشعب ،الذي تم اختياره عن طريق
االنتخاب ،وهذا ال يمنع من وجود مسئولية جنائية لرئيس الدولة أمام البرلمان.
8
ياسين عزوز
المحاضرة الثالثة:
تطبيقات النظام البرلماني في بريطانيا:
ظهر النظام البرلماني في بريطانيا ،ومنها انطلق إلى وجهات أخرى من العالم ،بحيث نجد
أن العديد من الدول ،تبنت النظام البرلماني وطبقته في نظامها السياسي ،فهذا النظام جاء
نتيجة تطورات متتالية في بريطانيا (سياسية ،اقتصادية ،واجتماعية) لذلك نجد أن بريطانيا،
تسمى "أم البرلمانات" بحيث كانت أسس مقومات النظام البرلماني هي التي ظهرت في
بريطانيا ،والتي ستصبح معموال بها في باقي الدول فيما بعد ،فالنظام البرلماني لم يتأسس
على نظرية سياسية جاهزة ،بل كان نتيجة لتطور الظروف االقتصادية واالجتماعية
والسياسية ،التي عرفتها هذه الدولة ،وبالتالي نضجت المؤسسة الدستورية في بريطانيا،
نتيجة لهذا التطور السياسي ،منذ القرون الوسطى ،فتاريخ بريطانيا مليء باألحداث السياسية
والصراع السياسي بين الملكية المطلقة التي سادت لقرون عديدة وبين فئات في المجتمع،
وهي الفئة "االرستقراطية" أوال ثم بعد ذلك الطبقة البورجوازية ثانيا ،ويمكن أن نضيف
كذلك طبقة "رجال الدين" وبالتالي وجد صراع مرير بين هذه الفئات المتعددة ،الشيء الذي
أدى في النهاية إلى ظهور هذا النظام .؟؟؟؟
السياق السياسي والتاريخي:
المرحلة األولى :الصراع من أجل الحريات العامة والحد من السلطة الملكية المطلقة:
هذه المرحلة تميزت بالصراع الدائم والمرير على السلطة بين الملوك الذين كانوا يطمحون
لحكم مطلق ،وبين طبقة النبالء ،الذين كانوا يردون الحفاظ على مصالحهم االقتصادية
واالجتماعية ،باعتبارهم من مالكي األراضي ،وبالتالي كانوا يحرصون على صيانة
امتيازاتهم ويطمعون في الحد من سلطات الملك المطلقة ،ولهذا احتدم الصراع بين هذه الفئة
من المجتمع (النبالء واالرستقراطيين وبين الملوك) والذي ردخ لضغط النبالء وتمردهم
لكي يتخلى عن جزء من سلطاته واالعتراف للنبالء ،ببعض الحقوق والحريات ،ثم في فترة
الحقة تراجع الملك عن هذه االمتيازات الذي منحها لهم ،ولم يستطع النبالء استرجاع هذه
الحقوق والحريات إال بعد ثورة 4999م.
وفي ظل هذا الصراع يمكن أن نتعرف على مجموعة من الوثائق التي صدرت في
بريطانيا ،والتي من شأنها ؟؟ لفئة النبالء واالرستقراطيين ،وكذلك لفئة المجتمع األخرى،
بالحقوق والحريات.
الوثيقة األولى :الشرعة الكبرى :أصدرها الملك جون عام 4241على إثر الثورة التي
أعلنها اال رستقراطيون ورجال الدين ،وهذه الوثيقة صدرت نتيجة لما كان يقوم به الملك،
9
ياسين عزوز
فهي وثيقة تضمنت مجموعة من المواد المتعلقة بحقوق طبقة النبالء وبالتالي هي امتيازات
لصالح هذه الطبقة ،بحيث نجد أن هذه الوثيقة قامت بصيانة ممتلكاتهم ؟؟؟ وكذلك تضمنت
بعض الحقوق لفائدة الكنيسة ،بحيث نجد أن هذه الكنيسة بدأ يعترف لها بحقها ،فاختار لها
رؤساءها بكل نزاهة وعدالة ،فقبل صدور هذه الوثيقة ،كان الملك هو الذي يتحكم في تعيين
رجال هذه الكنيسة (رجال الدين).
كذلك تضمنت االعتراف للبرلمان بحق فرض الضرائب أو باألحرى الموافقة على فرض
الضرائب ،فأصبحت سلطة الملك مقيدة ،في هذا المجال ،ومن هنا نجد أن هذه الوثيقة
تضمنت مجموعة من الحقوق ،والحريات لفائدة النبالء من جهة والكنيسة من جهة
والبرلمان من جهة أخرى.
الوثيقة الثانية :عريضة الحقوق :التي صدرت سنة 1201م ،أصدرها الملك "شارل
األول" وذلك نتيجة للخالف الذي نشب بين الملك والبرلمان ،بحيث نجد أن البرلمان
اعترض على محاولة الملك لفرض الضرائب ،ودعم النبالء دون موافقته ،رغم صدور
الوثيقة األولى ،ولهذا نجدها أكدت مرة ثانية على حقوق البرلمان في اعتراضه وموافقته
على صدور ضرائب جديدة من الملك ،ومن بين ما تضمنته أيضا االعتراف بالحريات
الشخصية ،وتحريم االعتقال التعسفي للمواطنين.
الوثيقة الثالثة :قانون سالمة الجسد :هذه الوثيقة لم يصدرها الملك ،بل أصدرها البرلمان
البريطاني ،سنة 1221م ،حيث اضطر الملك "شارل الثاني" للموافقة عليها ،والتي كانت
الغاية منها ،ضمان الحرية الشخصية للمواطنين وحمايتها من تعسف السلطة ،خاصة ما
يتعلق باالعتقال التعسفي ،وكذلك ما يتعلق بالضمانات الخاصة بإجراءات المحاكمة العادلة.
فهذا القانون يهتم بالحريات الشخصية للمواطنين ويضمنها لهم.
الوثيقة الرابعة :الئحة الحقوق :هذه الالئحة هي بمثابة إعالن دستوري ،وضعه البرلمان
ووافق عليه الملك "ويليام الثالث" في عام 4991م ،وهذه الوثيقة فتحت المجال لعهد جديد،
هو عهد "الملكية البرلمانية" بحيث نجد أن الملك تخلى بموجب هذه الالئحة ،عن حقه في
التشريع ،وفي حقه في االعتراض ،عن القوانين الصادرة عن البرلمان ،وكذلك أكدت على
حرمان الملك من فرض أية ضرائب جديدة دون موافقة البرلمان ،وكذلك نجد أن البرلمان
أصبح يكتسب حقوقا وامتيازات جديدة في مجال التشريع ،وفرض الضرائب واالعتراض
عن القوانين الصادرة عن البرلمان ،فأدى ذلك إلى ضعف وزن الملك وتأثيره في الحياة
السياسية في البالد ،وانتقلت مهام ممارسة الحكم إلى الحكومة ،التي تنبثق من البرلمان
وتعمل تحت موافقته ،وهكذا أصبح البرلمان يمثل اإلرادة الشعبية ،والمصدر األساسي
10
ياسين عزوز
للسلطة ،بينما تحولت سلطات الملك إلى سلطات رمزية وشرفية ،وبذلك أصبح الملك في
بريطانيا يسود وال يحكم.
إلى جانب هذا الصراع بين الملكية والنبالء الممثلة في البرلمان ،لعبت ضروف تاريخية
أخرى ،ساعدت في قيام النظام البرلماني ،ومن أهم هذه الظروف ،أن الملك "ويليام الثالث"
اضطر للتخلي عن جزء هام من مقاليد حكمه ومهامه إلى وزرائه ،ألنه كان منشغال في
الحرب مع فرنسا ،وبالتالي هذه الحرب ،كانت تضطره إلى مطالبة البرلمان بتمويله ،فكان
البد من تغطية الحرب بضرائب جديدة ،فكان مضطرا الختيار وزرائه من نواب داخل
البرلمان لكي يدافعوا عن طلبات الملك ،ولهذا اضطر من أجل ربح الحروب ،إلى العمل
بالحيلة مع الحكومة ،فأصبحت هي السلطة الفعلية في تدبير شؤون الحكم بدل الملك،
وبالتالي هذه الحكومة منبثقة من البرلمان ،وتعمل تحت إشرافه ومراقبته.
عندما مات هذا الملك جاء من بعده ملك جديد وهو "جورج األول" وكان من أصل ألماني،
وال يتقن اللغة اإلنجليزية ،ولذلك لم يكن يحضر اجتماعات الحكومة ،وبالتالي كان يترك
رئاسة الحكومة للوزير األول ،وبالتالي استقرت قاعدة عرفية جديدة وهي أن يجتمع
الوزراء فيما بينهم ويتداولون ويقررون ما يشاءون في أمور الدولة ،في غياب الملك،
فظهرت قاعدة جوهرية متمثلة في حرية البرلمان.
المحكوم عليهم /حق تمديد مجلس العموم إذا ما طلب منه رئيس الحكومة ذلك /حق تعيين
الوزير األول ،ويتم ذلك عن طريق اختياره من الحزب الذي فاز في االنتخابات التشريعية.
على المستوى الخارجي :الحق في إعالن السلم والحرب /إبرام المعاهدات الدولية/
االعتراف بالدول والحكومات األجنبية /إرسال المبعوثين الدبلوماسيين للدول األخرى،
كالسفراء في القنصليات واستقبال السفراء المعتمدين في بريطانيا /له دور في المجال
العسكري ،هو الذي يتولى القيادة العامة للقوات الملكية المسلحة البريطانية.
إذا أردنا أن نقارن هذه الصالحيات وبين صالحيات الملك في المغرب ،فنجدها هي نفسها
الصالحيات التي يمارسها الملك في المغرب ،إال أن هناك فارقا كبيرا ،بين الملك في
المغرب وفي بريطانيا ،ألن المغرب في الملك يسود ويحكم ،ألن الملك في المغرب هو
رئيس الدولة وأمير المؤمنين ،وهادين الميزتان هما اللذان جعال الملك يحكم ويسود.
ألن الخليفة والسلطان في الدول له كل الصالحيات ،فحافظ المغرب على هذه المؤسسة
وهي مؤسسة إمارة المؤمنين في الفصل 41من الدساتير السابقة ،أما دستور 2144م ،فقد
نص في الفصل 14على أن الملك هو أمير المؤمنين ،وأن الفصل 12نص على أن الملك
هو رئيس الدولة.
إمارة المؤمنين تعطي الملك الحق للتدخل في جميع األشياء ،وهذا الخاصية كانت موجودة
منذ نشوء الدولة المغربية.
هذه الصالحيات التي تعطى للملك في بريطانيا ،ال يزاولها بمفرده ،ولكنه يزاولها بمعية
وزير األول ،فتوقيع الوزير األول ضروري ويسمى "التوقيع بالعطف" فال يمكن بصفة
فردية إعمال القرارات ،وهذا التوقيع بالعطف نجد أن المسئولية السياسية يتحملها الوزير
األول ،فالملك في بريطانيا ال يتحمل مسئولية جنائية وال سياسية ،وهذا سببه وجود عرف
قديم في بريطانيا وهو أم الملك ال يخطئ » «the King isn’t wrongإلى جانب الملك
هناك ما يسمى "المجلس الخاص" هو بمثابة مجلس استشاري ،يساعد الملك على إنشاء
قراراته ،يقدم االستشارة للمك ،كأن هذا المجلس هيئة استشارية ،وهذا المجلس يضم رجال
السياسة ورجال الدين واإلدارة.
بعض القرارات تخرج من هذا المجلس الخاص ،له دور هام في الحياة السياسية
والبريطانية.
المؤسسة الثانية :الحكومة :الجهاز الثاني في السلطة التنفيذية ،وله دور أساسي بعدما
أصبح دور الملك دور شرفي ورمزي ،فأصبحت الحكومة هي الجهاز الفعلي في السلطة
التنفيذية ،تتمتع بصالحيات واسعة.
12
ياسين عزوز
تشكيل الحكومة :الحكومة تنبثق عن البرلمان ،فاألغلبية التي تكون في مجلس العموم هي
التي تفرز لنا هذه الحكومة ،وتتكون من الوزير األول ،والوزراء وكتاب الدولة ،والكتاب
البرلمانيون ،قد يصيرون إلى مائة وزير ،يرأسهم رئيس الحكومة ،وهو رئيسهم الفعلي،
يخضعون له في تسيير وزارتهم ،يمكن للوزير أن يكون له صفتان ،يمكن أن يكون وزيرا
وفي الوقت نفسه يكون عضوا برلمانيا.
الوزير األول :يعينه مبدئيا الملك ،والملك مجبر بتعيين الوزير األول من الحزب الذي فاز
باالنتخابات التشريعية ،في المغرب قبل دستور 2144م ،كان للملك حق السلطة في تعيين
من يريد ،بالنسبة للوزير األول ،فصل 21من الدساتير قبل 2144م ،أما دستور 2144م،
فقد غير هذه المسألة بحيث أن الملك ملزم بتعيين رئيس الحكومة من الحزب الذي تصدر
انتخابات مجلس النواب ،لكن له السلطة في أنه يستطيع أن ال يعين رئيس الحزب الذي فاز
في االنتخابات ،لكن ربما أصبح عرفا في المغرب ،أن الملك يعين رئيس الحزب ،كما فعل
في 2144م ،حيث عين بنكيران وقد كان رئيسا للحزب ،ثم بعده العثماني وكان رئيس
الحزب أيضا ،ثم أخنوش وهو رئيس حزب التجمع الوطني لألحرار.
الوزير األول له شرعية انتخابية في بريطانيا ،فيعتبر الرئيس الفعلي للبالد ويتمتع
بصالحيات قوية ،وله دور مهم في تدبير سياسة البالد ،وهو الذي يقوم بالتنسيق بين الملك
والحكومة ،فالوزراء ليس ارتباط مباشر بالملك.
الوزراء أو كتاب الدولة :فكل وزير أو كاتب يتولى قطاعا معينا.
الكتاب البرلمانيين :يعينهم الوزير األول ،وكل وزير أو كاتب دولة ،يكون معه كاتب
برلماني ،وهو الذي يتولى االتصال بين الوزارة والبرلمان ،خاصة ما يتعلق باألسئلة
الكتابية والشفهية ،فحينما يأتي سؤال لوزير ،فالكاتب البرلماني هو الذي يقوم باإلجابة عنه،
وذلك بالتشاور مع وزيره.
داخل الحكومة هناك جهاز صغير يسمى "الكبينيت" وهو الذي يتخذ فيه القرارات الكبرى،
الذي تتعلق بسياسة الدولة .وتضم عددا محصورا من الوزراء ،على رأسهم الوزير األول،
وهذا الجهاز يضم أهم الوزارات مثل( :الداخلية ،المالية ،الخارجية ،الدفاع ،العدل) تتم
تدبير السياسة للدولة من خالل هذا الجهاز ،فهو كحكومة مصغرة.
صالحيات الحكومة:
تتولى تسيير البالد ،فهي السلطة الفعلية التي تتولى تدبير شؤون البالد /تحديد السياسات
العامة للبالد /مراقبة اإلدارة في تنفيذ السياسة العامة ،أي هناك رقابة بين الحكومة واإلدارة،
واإلدارة تكون رهن إشارة الحكومة ،في تنفيذ السياسة العامة التي تحددها الحكومة /تقوم
13
ياسين عزوز
بالدور التشريعي إلى جانب البرلمان ،فالبرلمان لم يعد يقوم بالتشريع بمفرده ،بل أصبحت
الحكومة هي التي تصدر التشريع ،بنسبة أكبر من البرلمان ،فهناك قوانين تكون بمبادرة
الحكومة ،تسمى "مشاريع قوانين" أما إذا كان بمبادرة الحكومة فتسمى "مقترحات
القوانين" ولها نفس المسطرة التشريعية /تساهم في التشريع بما يسمى "التفويض
التشريعي" أي البرلمان يفوض للحكومة بأن تشرع ،فإذا أرادت الحكومة أن تشرع ،تطلب
من البرلمان أن يأذن لها ذلك في أجل محدد ،ومدة محددة ،ومجال محدد.
في بعض المرات تكون هناك ظروف طارئة ،تتطلب من الحكومة إجراء أمور مستعجلة،
كما حصل األمر في "كورونا" البد للحكومة أن تتخذ إجراءات سريعة ،فالبد من إصدار
مجموعة قوانين ،فتطلب من البرلمان أن يسمح لها بالتشريع ،وعندما تنتهي المدة الزمنية
ينتهي التفويض ،فال يمكن أن تستمر في التشريع ،والتفويض التشريعي موجود في
المغرب.
ثم "المدة الفاصلة بين دورات البرلمان" يمكن للحكومة أن تشرع فيها ،حتى ال يبقى هناك
فراغ تشريعي ،لكن بتنسيق مع اللجان البرلمانية ،ألن اللجان البرلمانية تستمر في العمل
واالشتغال ،وال تتوقف ،فيكون أول األمر مرسوم قانون ،وفي أول اجتماع يعرض على
البرلمان ،للموافقة عليه فيصبح بذلك قانونا.
مشاريع القوانين هي النسبة األكثر مقارنة مع "مقترح القوانين" هناك ارتباط بين االنتخابات
واألحزاب والحكومة والبرلمان ،فلذلك حينما يكون للحزب األغلبية في االنتخابات في
مجلس العموم يكون هو الذي يسير الحكومة.
14
ياسين عزوز
هذا المجلس 1أشخاص تقريبا .باإلضافة إلى أن هناك فئة ،يكتسبون صفة اللورد عن
طريق االنتخاب وهم قليلون جدا.
الذين يكتسبون صفة اللورد عن طريق الوراثة هم لمدى الحياة في هذا المجلس إلى الموت،
أما المنتخبون فيتجددون في كل مرة.
صالحيات البرلمان البريطاني:
ـ التشريع :أي إصدار القوانين كان البرلمان في أول األمر ،هو األول في التشريع ،وهو ما
يسمى "العهد الذهبي لبرلمان البريطاني" إلى درجة أنه كان يفعل ما يشاء ،يحول المرأة إلى
الرجل ويحول الرجل إلى المرأة .ولم يستمر هذا فقد تضاءلت صالحية البرلمان في ميدان
التشريع ،ألن الحكومة في بريطانيا أصبحت تشارك البرلمان في التشريع عن طريق
"مشاريع القوانين" كما سبق ذكره ،والحكومة ضامنة لهذه المشاريع ،ألن أغلبيتها في
مجلس العموم = .التشريع لم يعد للبرلمان ،بل أصبح للحكومة أكثر منه ،ألن أغلبيتها في
مجلس العموم".
ـ الرقابة السياسية :التي يقوم بها على الحكومة ،وقد أصبحت الرقابة البرلمانية ضعيفة ،ألن
الحكومة يكون لها سند في مجلس العموم ،فاألغلبية تدافع عن الحكومة ،وال يمكن مراقبتها
عن طريق ملتمس الرقابة أو سحب الثقة ،وكذلك ال نسمع كثيرا عن تقديم ملتمس الرقابة
ضد الحكومة ،في السنوات األخيرة نجد أن هناك حركية في الحكومة البريطانية ،فدائما
يغير الوزير األول ،ألنه لم يعد يحظى بالثقة من قبل البرلمان.
= الرقابة على الحكومة لم تعد من طرف البرلمان كما كانت ،ألن الحكومة أصبح لها
أغلبية تساندها في مجلس العموم ،ومنذ سنة 4121م ،لم تعرف الحكومة ملتمس الرقابة أو
سحب الثقة.
النظام الرئاسي في الواليات المتحدة األمريكية:
عرفت الواليات المتحدة األمريكية ثالث مراحل أساسية في تاريخها السياسي ،كانت في
البداية تحتلها بريطانيا ،وذلك منذ القرن السابع عشر ،كان هناك ثورات من أجل االستقالل
في ق 49.فانتهت هذه الثورات بإعالن االستقالل سنة 4889م ،وبعد سنة أي في سنة
4888م ،دخلت الواليات المتحدة األمريكية ،في اتحاد تعاهدي (وهو ما يسمى
الكونفدرالية) وذلك عبر معاهدة جمعت الواليات المتحدة األمريكية من أجل توحيد جهودها
في الميادان العسكري واالقتصادي ،واستمر هذا االتحاد إلى أن دخلت في اتحاد جديد ،وهو
االتحاد الفدرالي.
15
ياسين عزوز
وذلك بمقتضى دستور اتحادي أعلن عنه في سنة 4898وهو من أقدم الدساتير في العالم،
جاء هذا االتحاد بمجموعة من المقتضيات الدستورية والسياسية ،وال يزال هذا ساريا لحد
اآلن ،لكن تم تعديله عدة مرات ،أكثر من 31تعديل ،هذا الدستور هو الذي ينظم سلطات
الدولة ،وعالقة الدولة بالواليات وعالقة السلط فيما بينها.
المؤسسات السياسية والدستورية في أمريكا:
المؤسسة االنتخابية :االنتخاب في أمريكا ،عرفت نفس المسار الذي عرفته بريطانيا ،ألنه
مقيدا في أمريكا ،حرمت فئة كثيرة في المجتمع من االنتخاب ،كفئة العبيد ،والمرأة كذلك
بدورها لم يكن لها حق االنتخاب ،كالوضع في بريطانيا ،ولم يسمح لها بذلك إال مؤخرا،
تجلى هذه االنتخابات في "انتخاب الرئيس" وانتخاب أحد مجلسي الكونغرس ،وهو
"مجلس النواب" وهو يتم انتخابه مباشرة عن طريق الشعب ،ألنه يمثل إرادة الشعب
األمريكي ،على خالف مجلس الشيوخ ،الذي يمثل الواليات ،فينتخب عن طريق "هيئة
انتخابية" وكل والية تمثل عضوين في مجلس الشيوخ.
النظام الحزبي :يقوم على الثنائية في الحزبية كما هو الحال في بريطانيا ،وهناك حزبان
يهيمنان على الحياة السياسية في أمريكا :الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري ،ولكل
حزب مؤيدوه وفلسفته ومذهبه ،وأصبح هذا الفرق يتقلص ،فلم تعد هناك فوارق بين
الحزبين ،ألن المذهب الذي يسود في أمريكا هو المذهب الليبرالي.
هذه األحزاب هي أحزاب أطر ،وليست أحزاب جماهير ،وهاذان الحزبان الكبيران هما
اللذان يتناوبان على السلطة التشريعية والتنفيذية كذلك ،ففي بعض األحيان نجد أن الحزب
الديمقراطي هو الذي يهيمن على الحياة السياسية ،وأحيانا أخرى نجد أن الحزب الجمهوري
هو الذي يقوم بذلك ،و هذه الهيمنة يكتسبها أحد الحزبين ،فالشعب يميل في بعض المرات
إلى الحزب الديمقراطي ،ومرات آخر إلى الجمهوري ،وهناك فئة من الشعب هي متذبذة ،ال
هي مع الديمقراطي وال مع الجمهوري ،وفي االنتخابات تكتف الجهود على هذه الفئة ،وهي
فئة المحايدين المتذبذين.
المؤسسة الرئاسية:
دستور 4898م ،جاء بالفصل الجامد بين السلط ،أي انعزال كل سلطة عن األخرى،
فالكونغرس الذي يمثل السلطة التشريعية ،منفصل عن الرئيس ،لكن الممارسة العملية
أوجدت نوعا من التعاون بين الرئيس ومجلس الشيوخ ،فأصبح بعض مظاهر التعاون
بينهما.
16
ياسين عزوز
السلطة التنفيذية في أمريكا ال تقوم على أساس الثنائية ،بل على أساس األحادية ،فرئيس
الدولة هو الرئيس الفعلي للسلطة التنفيذية ،وال توجد حكومة قائمة بذاتها في أمريكا ،يجمع
الرئيس بين رئاسة الدولة ورئاسة السلطة التنفيذية ،ال شك أن الرئيس في أمريكا ينتخب،
لكن نظام االنتخابات في أمريكا معقد جدا ،في الظاهر يمكن القول أن الرئيس ينتخب
مباشرة ،لكن في الحقيقة ينتخب بطريقة غير مباشرة ،فهو منتخب مباشرة من طرف
الشعب ،لكن االنتخابات النهائية تكون من طرف المجمع االنتخابي ،أي "الهيئة الناخبة"
وتمر االنتخابات في أمريكا في بعض المرات ،بخمس مراحل ،في كل أربع سنوات ينتخب
الرئيس ،وتكون رئاسته لواليتين فقط.
كل حزب يختار مرشحاه ،ويتنافسان بينهما من سيكون المرشح للحزب ،فتكون هناك
انتخابات على مستوى الواليات ،والمؤتمر القومي يكون في كل والية ،لينتخب رئيس
الحزب ،ثم تأتي مرحلة أخرى يقوم المواطنون بانتخاب ما يسمى "المنتخبون الكبار"
والمجمع االنتخابي هو الذي يقرر من هو رئيس الواليات ،أعضاء المجمع االنتخابي عدده
139عضوا ،يمثلون مختلف الواليات ،وهو العدد الذي يجمع أعضاء مجلس النواب
ومجلس الشيوخ ،ويكون يوم االقتراع هو اليوم الذي يلي يوم االثنين من ديسمبر ،تكون
االنتخابات مباشرة من المواطنين ،فيتم التصويت على من سيتولى رئاسة الدولة ،يمكن أن
يفوز أحد المرشحين من الحزب ،لكن ليس فوزا نهائيا ،وهنا يجب على المرشح أن يأتي
باألغلبية المطلقة " 281صوتا" تجرى االنتخابات على الرئيس ونائبه ،ويجب أن ال يكون
من نفس الوالية التي يقطن فيها الرئيس.
إذا لم يحصل على األغلبية المطلقة ،يقوم مجلس النواب ويختار من بين الثالثة األوائل
رئيس الدولة ،فإذا لم يأت نائبه باألغلبية المطلقة يقوم مجلس الشيوخ باختيار نائبه.
رئاسة الجمهورية في أمريكا ،الرئيس هو السلطة التنفيذية ،وال توجد حكومة مستقلة عن
الرئيس ،بل يوجد "سكرتير" ينفذون سياسته ،فهم مساعدون له ،والرئيس هو الذي يقوم
بتعيينهم ،ولكن في بعض المرات ال بد من موافقة مجلس الشيوخ ،وال يسألون سياسيا أمام
الكونغرس ،وإنما يسألون أمام الرئيس.
اختصاصات الرئيس:
هو الذي يضع السياسة العامة للدولة /هو الذي يتولى تعيين الوزراء ،وإعفائهم من
مناصبهم /تعيين السفراء والقناصل وذلك بموافقة مجلس الشيوخ /يستقبل السفراء الذين
يمثلون الدول /إعالن الحرب ،ألنه القائد األعلى للقوات العسكرية.
"الرئيس ال يسأل عن سياسته أمام الكونغرس ،وإنما مسؤوليته تكون أمام الشعب"
17
ياسين عزوز
الدستور يحمله المسؤولية الجنائية ،ألنه قد يقع في بعض المحظورات فيسأل جنائيا ،وذلك
في حالة ثبوت المسئولية الجنائية ،وحينها يعزل من طرف الكونغرس ،ومجلس الشيوخ هو
الذي يثير المسئولية الجنائية فيسأل أمامها.
بعض التهم الموجهة لرؤساء أمريكا( :عهد ركسون = / water gateكلينتون =
)Monica gate
السلطة التشريعية في أمريكا :هي ثنائية ،بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ( ،يمثلهما
الكونغرس ،فهو البرلمان في الواليات المتحدة األمريكية) مجلس النواب ينتخب ينتخب لمدة
سنتين من طرف الشعبـ باقتراع عام مباشر ،ألنه الذي يمثل الشعب األمريكي ،وال تكفي
السنتان لكي يحقق العضو وعوده ،ولكي يكون العضو عضوا في مجلس النواب ،ال بد أن
تكون له جنسية أمريكية أصلية أو مكتسبة عمرها سبع سنوات على األقل ،ويبلغ من العمر
21سنة ،ومقيم بالدائرة االنتخابية التابعة له ،مجلس الشيوخ مدة واليته ست سنوات،
ويتجدد ثلثه كل سنتين ،أي تجرى االنتخابات كل سنتين ،وأعضاؤه يمثلون الواليات وليس
الشعب ،ولكل والية عضوين في مجلس الشيوخ ،ومجموعهم مائة شيخ لخمسين والية،
والبد للعضو في مجلس الشيوخ أن يكون بالغا من العمر 31سنة ،وأن يكون حاصال على
الجنسية األمريكية تسع سنوات على األقل ،الكونغرس يتمتع بالحصانة البرلمانية ،أي
أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء مجلس النواب.
اختصاصات الكونغرس :االختصاص الرئيسي هو التشريع ،فلكل من مجلس النواب
ومجلس الشيوخ الحق في ذلك ،إال في المسائل المالية فتكون صالحية المبادرة فيه لمجلس
النواب /تعديل الدستور( ،السلطة التأسيسية) فيتمتع باتخاذ المبادرة من أجل تعديل الدستور،
ومشروع الدستور يعدل بتصويت الثلثين في الكونغرس /صالحية انتخابية ،فهو الذي يقوم
باختيار الرئيس حين ال يحصل على األغلبية المطلقة ،يقوم بذلك مجلس النواب ،أما نائب
الرئيس فيقوم بتعيينه مجلس الشيوخ /الموافقة علة المعاهدات الدولية ،حيث يشترك فيها
مجلس الشيوخ مع الرئيس ،يوقعها الرئيس وال تصبح نافذة إال بمصادقة مجلس الشيوخ
بنسبة الثلثين.
مظاهر العالقة بين الرئيس والكونغرس:
األصل أنها عالقة جد ضيقة ،ألن هناك استقالل سلطة عن أخرى ،لكن الدستور األمريكي
يحدد بعض مظاهر هذه العالقة ،ثم إن الممارسات السياسية قلصت انعزال سلطة عن
أخرى ،والرئيس في أمريكا يمكنه أن يعترض على المشاريع المقدمة من الكونغرس
ويستعمل حق الفيتو ،وقد استعمله روزفلت 934مرة ،فالكونغرس قد يصادف هذا
االعتراض ،والرئيس كذلك يقوم بتوجيه عمل تشريعي للكونغرس ،التي يراها ضرورية
18
ياسين عزوز
عن طريق أصدقائه في الكونغرس خصوصا األعضاء الذين ينتمون لحزبه ،ثم إن الرئيس
يوجه رسالة سنوية للشعب عامة وللكونغرس خاصة ،يشرح فيها وضعية االتحاد ،قد تضمن
هذه الرسالة إشارات ،لما يقوم به الكونغرس ،خاصة في مجال التشريع.
وسائل تأثير الكونغرس على الرئيس:
االتهام الجنائي :نص على ذلك دستور الواليات المتحدة األمريكية ،فيمكن للكونغرس حق
اتهام رئيس الجمهورية ومستشاروه ،أي تقديم اتهام جنائي ،عندما يصدر عن الرئيس
أفعال ،تكون منافية للعمل السياسي في الواليات المتحدة األمريكية ،وهناك حاالت اتهم فيها
الرئيس األمريكي مثل ريتشارد سنة 4182م ،كان جمهوريا فاتهم بالتصنت على الحزب
الديمقراطي ،فقدم استقالته قبل تحريك االتهام الجنائي ضده ،وهذه الواقعة معروفة بواقعة
"ووترغيت" وكذلك فضيحة بيل كلينتون ،اتهم في تحرشه بموظفة عنده عن طريق
صديقتها مونيكا ،وهي الواقعة المعروفة بواقعة "مونيكاغيت" وهناك مسطرة محددة
لتحريك االتهام الجنائي /التصويت على الميزانية :فالرئيس هو الذي يحضر ميزانية
االتحاد ،وال يمكن أن تصبح نافذة المفعول ،إال بعد مصادقة الكونغرس عليها ،إذا رفض
الكونغرس االعتمادات التي قدمها الرئيس فال يمكن للرئيس أن يمول مشاريعه ،وال يمكن
سحب األموال من الخزينة إال بعد مصادقة الكونغرس ،وهذا ما نص عليه الدستور
األمريكي.
النظام السياسي والدستور ي في فرنسا:
تعرف فرنسا حاليا ما يعرف بالنظام شبه الرئاسي ،وقد بدأ هذا النظام مع صدور
الجمهورية الرئاسية الخامسة سنة 4119م ،هو نظام مختلط يمزج بين خصائص النظام
البرلماني والرئاسي ،التاريخ الدستوري لفرنسا هو تاريخ مليء باألحداث السياسية وعدم
االستقرار ،ومليء بتسلسل األنظمة السياسية ،فقد عرفت نظام الملكية المطلقة ،ثم عرفت
نظام الملكية المقيدة ،ثم النظام الديمقراطي ثم النظام الجمهوري ،فهي إذن عرفت العديد من
األحداث الدموية ،وحدثت فيها عدة ثورات وانقالبات أهمها سنة 4199م ،التي أنهت نظام
الملكية المطلقة ،ودخلت في أنظمة سياسية جديدة.
نظام الجمهورية الخامسة جاء من أجل إقامة االستقرار السياسي لفرنسا ،قبل هذا كانت
تعيش في الجمهورية الرابعة ،أي قبل دستور 4119م ،كان دستور 4119م ،والتي كانت
فيه الجمهورية الرابعة ،وكان هذا الدستور يمنح صالحيات قوية جدا للبرلمان ،والعصر
الذهبي في فرنسا بالنسبة للبرلمان كان في الوالية الثالثة والرابعة ،فالبرلمان هو الذي كان
يعين الرئيس ،وبالتالي يتحكم فيه كيف شاء ،فكانت السلطة التنفيذية ضعيفة جدا ،رجال
القانون والسياسيون فكروا في إحداث دستور جديد يضمن االستقرار والتوازن بين السلطة
19
ياسين عزوز
التشريعية والتنفيذية ،في سنة 4119م حدث دستور جديد ،فانقلبت الكفة لصالح السلطة
التنفيذية على حساب السلطة التشريعية ،فأصبحت األولى هي المهيمنة ،وجاء ما يعرف
بالعقلنة البرلمانية ،أي الحد من سلطات البرلمان ،لفائدة السلطة التنفيذية ،وذلك بمنح
األخيرة عدة صالحيات ،من بينها المساهمة في التشريع ،فأصبح البرلمان مقيدا فيما يتعلق
بالتشريع ،وكذلك قيد في مراقبة السلطة التنفيذية عبر عدة مظاهر ،هذه العقلنة أقامت
استقرارا سياسيا ،ثم تقوية مركز رئيس الجمهورية ،أصبح يستمد شرعيته من الشعب
مباشرة ،وهذا ما يجعله تكون عنده شرعية قوية مقابل شرعية البرلمان ،فدستور 4119م،
وزع الصالحيات للبرلمان على سبيل الحصر ،وما بقي من المجاالت يكون من
اختصاصات السلطة التنفيذية ،أي أقام هذا الدستور تمييزا بين مجال القانون (وهو
البرلمان) وبين مجال التنظيم (وهو الرئيس) فإذا أصدر البرلمان قانونا ال يدخل في مجاله
يمكن للتنفيذية أن ترفع هذا للمجلس الدستوري.
يمكن للحكومة أن تقدم مرسوم قانون تطلب من البرلمان أن تشرع في ظرف محدد تطبيقه
ليصادق على ذلك ،وهذا ما يسمى "التفويض التشريعي" واألدوات تسمى مراسيم وقوانين،
ثم تشرع في ذلك في الفترات الفاصلة بين دورات البرلمان وهذا يدخل في إطار العقلنة
البرلمانية ،إذن أصبحت الحكومة تشرع.
أما في مجال المراقبة فقد تم تقييد البرلمان في ملتمس الرقابة وسحب الثقة ،ألن بسببهما
كان البرلمان دائما يطيح بالرئيس ،فالعقلنة البرلمانية قوت السلطة التنفيذية وأضعفت من
السلطة التشريعية.
رئاسة الجمهورية في فرنسا:
الرئيس يلعب دورا مركزيا وحيويا في الحياة السياسية في فرنسا ،منها ما أحدثه الجنرال
"دوغول" حيث قام بعدة تعديالت دستورية منها انتخاب الرئيس بصفة مباشرة من طرف
الشعب ،بعدما كان ينتخب من طرف هيئة ناخبة ،تضم أعضاء مجلسي البرلمان ،وأعضاء
مجالس األقاليم ما وراء البحار ،وحصل هذا مع بداية الجمهورية الخامسة ،الحكومة تابعة
للرئيس وهو الذي يتحكم فيها ،وقد أعطى الدستور صالحية تعيين الرئيس للوزير األول
بكل حرية ،وعادة ما يختاره من الحزب الذي ينتمي إليه وله أغلبية في الجمعية الوطنية،
كذلك من صالحياته يقوم بمخاطبة البرلمان عبر توجيه رسائل للبرلمان من أجل أن يوضح
سياسة الدولة ،يوجهها سنويا ويتحدث عن أحوال الجمهورية وعما يريد أن يقوم به من
مشاريع ،قبل 2119كان يوجه رسائل ،ولكن بعد تعديالت 2119للدستور أصبح يلقي
خطابا أمام الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ من داخل البرلمان ،وال يقبل خطابه التصويت.
كذلك حل الجمعية الوطنية لكنه مقيد باستشارة الوزير األول ورئيس مجلس الشيوخ ورئيس
الجمعية الوطنية ،لكن هذه االستشارة شكلية فقط ،باإلضافة إلى أنه يستطيع اإلعالن عن
20
ياسين عزوز
حالة االستثناء ،وهذا ما ينص عليه الفصل 49من الدستور ،فإذا حدث للجمهورية أحداث
تمس باستقالل البالد وأراضيها ،يمكن للرئيس أن يعلن حالة االستثناء ،ويمكنه هذا من
اتخذا كل اإلجراءات التي يراها ضرورية من أجل اإلرجاع األمور إلى نصابها ،وهو الذي
يعلن عن انتهاء هذه الحالة ،كذلك هو القائد العام للقوات المسلحة فيتخذ قرارات عسكرية
وقرارات الدفاع عن وطنه (تنظيم المجال العسكري ،كصنع األسلحة واستعمال النووي وما
إلى ذلك) ومن صالحياته له أن يقيل الوزير األول ،لكن ليس إقالة مباشرة ،وإنما تكون
المبادرة من الوزير األول ،ألن الرئيس ال يحق له أن يقيل الوزير األول ،إال إذا طلب هو
ذلك بنفسه .كذلك له حق إعالن حل البرلمان ،ويؤدي هذا طبعا إلى إقالة الحكومة والقيام
بإجراء انتخابات جديدة بالنسبة للجمعية الوطنية ،ألنها التي تمثل الشعب ،وليس من حقه
حل مجلس الشيوخ ،له صالحية كذلك في المجال التأسيسي ،أي حق المبادرة في تعديل
الدستور ،أي اقتراح بتعديل الدستور ،ويستفتي في لك الشعب ،أو يلجأ إلى البرلمان ،من
أجل أن يقترح عليه تعديل بعض المقتضيات ،وهذا منصوص عليه في الدستور الفرنسي.
األربعاء 11جمادى األولى 1221هـ 01 /نونبر 0202م
21
ياسين عزوز
ـ الوزير األول يمكنه أن يطلب من البرلمان عقد دورة استثنائية ،لكن بموافقة رئيس الدولة،
والتوقيع على هذه المراسيم الفتتاح الدورة االستثنائية ،كما يمكنه أن يطلب من الرئيس أن
يتقدم بتعديل الدستور.
عالقة الرئيس بالقضاء:
يتدخل في مجال القضاء عبر عدة تدابير :يرأس المجلس األعلى للسلطة القضائية /يعين
عددا من معينا من أعضائه التسعة ،فهو الذي يعينهم /له حق العفو الخاص عن المحكومين
في السجون.
على المستوى الخارجي:
يعين السفراء والقناصلة ،ويقوم بتوجيه لمفاوضات قصد إبرام االتفاقيات والمعاهدات
الدولية ،فحينما تعقد المعاهدات واالتفاقيات فهو يوقع عليها ،وكل معاهدة ال ترتب التزامات
مالية يوقع عليها رئيس الجمهورية ،أما بالنسبة للتي يترتب عليها التزامات مالية فالذي يوقع
عليها هو البرلمان" .الشؤون الخارجية مجال محفوظ لرؤساء الدول ،وهذا بالنسبة لجميع
الدول"
الحكومة في فرنسا:
الحكومة هي الجهاز الثاني في فرنسا ،للسلطة التنفيذية ،الفصل 21من الدستور يعطي
للحكومة صالحية كبيرة في تحضير وتنفيذ سياسة الدولة ،تحت مراقبة البرلمان ،ولكن من
الناحية الواقعية ،يحددها رئيس الجمهورية ،وتقوم الحكومة بتنفيذها تحت مراقبة البرلمان،
فهناك تناقض بين الدستور والممارسة السياسية في الواقع.
رئيس الجمهورية في فرنسا يعين الوزير بكل حرية تامة ،من داخل البرلمان أو من
خارجه ،ويعين الوزراء اآلخرين كذلك ،لكن عليه أن يختار الوزير من األغلبية الموجودة
في الجمعية الوطنية ،وهذا ما يسمى بالتعايش بين الرئيس والوزير األول.
تكون الحكومة :تركيبها:
تتشكل من الوزير األول والوزراء ،الذي يأخذون ألقابا متعددة ،مثل :وزراء دولة ،قد يلقب
رئيس حزب بوزير دولة ،ويكون هذا الوزير بدون حقيبة ،حالة تكليفه بمهمة ،ثم هناك
وزراء منتدبون لدى الوزير األول ،يرأسون قطاعا معينا ،ربما يكونون في بعض المرات
بدون حقيبة ،أي كمساعدين ،ثم هناك الوزراء العاديين مثل وزير التعليم ووزير الداخلية،
فهم وزراء مكلفون بالحقيبة ،ثم هناك كتاب الدولة ،كاتب دولة ،يكون حينما يكون هناك
وزارات لها مهام كثيرة ،تحدث بجانبها مكاتب دولة ،يكون على رأسها كاتب دولة ،فكاتب
22
ياسين عزوز
الدولة له مكتب خاضع لوزارة أخرى ،مثل وزارة الخارجية لها كاتب دولة ،ومثل التعليم
العالي كان له كاتب دولة.
مهام الحكومة:
هناك صالحيات تمارسها الحكومة كهيئة:
في مجال تحديد وتنفيذ سياسة الدولة ،ثم في مجال التشريع ،مشاريع القوانين ،يقوم التداول
فيها في المجلس الوزاري ،ويقوم الوزير األول ،بإحالتها على البرلمان /الحكومة تقوم
بطلب منح الثقة ،تكون منح الثقة حينما يشعر الوزير األول أن الحكومة لم تعد تحظى بثقة
البرلمان ،حينما يوافق البرلمان على هذه الثقة تستمر الحكومة في تنفيذ صالحياتها فإذا
رفض البرلمان ذلك ،فإن الحكومة تنتهي /الحكومة لها الوقت الكافي لتقديم برنامجها
الحكومي للبرلمان ،متى أرادت ذلك لها الوقت الكافي ،لكن حينما تصبح الحكومة معينة
ومنصبة يمكنها أن تتقدم إلى البرلمان ببرنامجها /قد تخذ الحكومة قرار إعالن "حالة
الحصار" والتعبئة التامة والشاملة ،مثل أن تكون هناك أزمة دولية أو قيام اضطرابات
داخلية ،ويجب أن تحدد مدة الحصار ،وعند التحديد ال يمكن للحكومة أن تمدد حالة الحصار
إال بالرجوع للبرلمان ليوافق عليها ،فإعالن حالة الحصار يكون بمرسوم وزاري ،وتمديده
ال يكون إال بموجب قانون يصدر عن البرلمان.
صالحيات الوزير األول:
ـ رئاسة المجلس الوزاري ،بناء على تفويض من رئيس الجمهورية وجدول أعمال محدد.
ـ توجيه أعمال الحكومة ،والوزراء قبل اتخاذهم القرار يستشيرون مع الوزير األول.
ـ يمارس السلطة التنفيذية » «le pouvoir réglementaireوالوزراء كذلك يمارسون
هذا بناء على تفويض من الوزير األول ،يمارس الوزير األول السلطة التنفيذية عبر مراسيم
تنظيمية ،والمرسوم التنظيمي له طابع إداري يجوز الطعن فيه ،بدعوى اإللغاء أما المحكمة
اإلدارية ،سواء كان هذا المرسوم فرديا أم عاديا ،بخالف القانون التنظيمي الذي يصدر من
البرلمان ،ال يقبل الطعن باإللغاء ،ويمكن الطعن فيه بدعوى عدم الدستورية.
ـ كذلك من صالحيات الوزير األول ،طرح منح الثقة أمام البرلمان.
ـ اقتراح على رئيس الجمهورية لعقد دورة استثنائية.
ـ إحالته للقانون أمام المجلس الدستوري لكي يُرا َقب ،وهو الذي يقدم مشروع القانون أمام
البرلمان.
23
ياسين عزوز
24
ياسين عزوز
ـ إعادة االعتبار لبرلمان ،فالالئحة التي كانت على سبيل الحصر توسعت ،وزاد عدد
المجاالت التي يشرع البرلمان فيها.
ـ البرلمان أصبح يشارك الحكومة في وضع جدول األعمال ،وإن كانت الحكومة ال تزال
تسيطر على جدول األعمال ،باإلضافة إلى أنه أصبح يقيم السياسات البرلمانية.
السبت 11جمادى األولى 0 / 1221دجنبر 0202م
سنة 4192م ،أول ما قام به الملك الحسن الثاني هو إصدار أول دستور للمغرب ،فدخل
المغرب عالم الدسترة ،وأصبح له دستور ينظم سلطات الدولة ،فما هي طبيعة هذا النظام
الدستوري الذي جاء به دستور 4192م؟
المالحظة األولى التي يمكن أن تالحظ على هذا الدستور أنه اقتبس مجموعة من األحكام
من الدستور الفرنسي لسنة 4119م ،وخاصة ما يتعلق بالعقلنة البرلمانية ،وهو الذي يحدد
العالقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية ،وقد نص هذا الدستور أن اإلسالم هو دين الدولة،
فاحتفظ بإمارة المؤمنين ،أي مزج بين األحكام الدستورية اإلسالمية واألحكام الدستورية
الغربية.
25
ياسين عزوز
قبل الحماية عرف المغرب مشاريع دساتير لكنها لم تعرف طريقها إلى التطبيق في سنتي
4119و 4119لكن أجهضت هذه المحاوالت من قبل السلطات األجنبية.
دستور 4192م مبني على أساس الملكية ،ووجود المؤسسات الدستورية منها مؤسسة
الحكومة ومؤسسة البرلمان إضافة إلى القضاء.
سنة 4191سوف يعرف المغرب اإلعالن عن حالة االستثناء (الفصل 31من دستور
4192م) وذلك لظروف سياسية خاصة الصراع الذي وجد في البرلمان ،والذي وقع بين
األغلبية والمعارضة ،ثم صراع بين المؤسسة الملكية والحركة الوطنية ،حينما يعلن حالة
االستثناء يقبض بكل السلطات ،وبقي ذلك إلى سنة 4181م ،حيث تم اإلعالن عن نهاية
حالة االستثناء ،واإلعالن عن التعديل الدستوري ،وكان الملك يتمتع بصالحيات قوية.
في سنة 4184م ،كانت هناك محاولة انقالبية ،تلتها أخرى في سنة 4182م ،فكان الملك
مضطرا لتعديل الدستوري مرة أخرى ،وظل يتمتع بسلطات قوية مع هذا الدستور حيث كان
يتمتع بسلطة تنفيذية ،وقد وصف المغرب في هذه المرحلة بـ "الملكية الدستورية التنفيذية"
فصل 41من الدستور كان يمنح للملك الصالحية في التدخل في جميع األشياء ،ألن إمارة
المؤمنين تخول للخليفة جميع السلطات .وإمارة المؤمنين تشكل دستورا داخل الدستور ،من
سنة 4192إلى 4182كانت له الهيمنة في السلطات الثالث.
كانت هناك حكومة جاللة الملك تابعة له ،كان يتحكم في تعيينها ليس عليه أي قيد أو شرط،
ف 21من هذه الدساتير كان يعطي له الحق ،في هذا ،لذا كانت تسمى هذه الحكومة
"حكومة جاللة الملك" فكان هو الذي يحدد السياسة العامة للدولة كان البرلمان قائما ،في
دستور 92كان يتكون من مجلسين ،أما في 81ـ 82أصبح يتكون من النواب فقط ،وألغي
مجلس المستشارين.
كان الثلثان يتم انتخابهم بطريقة مباشرة والثلث اآلخر بطريقة غير مباشرة ،من سنة 4182
إلى 4112سوف يعرف المغرب تعديال دستوريا ،في هذه السنة وأهم مستجداته :اإلعالن
عن إحداث "المجلس الدستوري" بدل الغرفة الدستورية ،مهمة هذا المجلس مراقبة دستورية
القوانين ،وتنظيم المؤسسات بقي على حاله ،دستور 4112عاش في حالة غير عادية ،ألن
المؤسسات لم تكتمل إال في سنة 4118م ،وقبل هذه السنة حصل تعديل دستوري آخر
رابع ،ومن جملة ما جاء به :تغيير هيكلة البرلمان ،أي العودة إلى نظام المجلسين بدل
األحادية البرلمانية.
في ظل االحتجاجات التي قامت في كثير من الدول العربية ،ما يعرف "الربيع العربي" قام
المغرب بإجراء تعديل دستور في سنة 2144م ،وهو تعديل دستوري جوهري ،ألنه غير
26
ياسين عزوز
كثيرا بالنسبة للدساتير السابقة ،ومن جملة مستجداته :اإلعالن عن مبدأ الفصل بين السلط،
وتعاونها وتوازنها /وسع من الئحة الحقوق والحريات لم تكن موجودة في الدساتير السابقة/
األحزاب السياسية أصيفت لها مهمة جديدة وهي المشاركة في ممارسة السلطة /الملك ال
يزال يحتفظ بسلطته الزمانية والدينية ،الفصل 14ينص على سلطات الملك الدينية ،والفصل
12ينص على اختصاصات الملك الزمانية ،فهو رئيس الدولة وممثلها األسمى ،والساهر
على احترام الدستور ،والدفاع عن حوزة الوطن ،يشرع في المجال الديني بمقتضى ظهائر،
بعد استشارة أهل االختصاص في المجلس العلمي األعلى.
الظهائر الدينية يمارسها منفردا ،أما األخرى فيوقعها رئيس الحكومة بالعطف ،ألن الملك
غير مسئول سياسيا ،لهذا يوقعها رئيس الحكومة ،ألن الحكومة هي المسئولة سياسيا أمام
البرلمان /عرش المغرب ينتقل بالوراثة إلى الولد األكبر سنا ،ويمكنه أن يعين قيد حياته
األصغر سنا ،والعرش ينتقل فقط للذكور ،إذا مات الملك مثال ولم يبلغ ابنه سن الرشد،
ينصب ملكا لكن يكون تحت "مجلس الوصاية" الذي يتكون من رئيس المحكمة الدستورية
والرئيس المنتدب للمجلس األعلى للسلطة القضائية ،ورئيس المجلس العلمي األعلى،
ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين.
صالحيات الملك:
ـ ف 18المتعلق بتعيين رئيس الحكومة ،ولكن من الحزب الذي تصدر انتخابات مجلس
النواب ،ألنه الذي يمثل اإلرادة العامة للشعب ،ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيس
الحكومة.
ـ رئاسة المجلس الوزاري ،ويمكنه أن يفوض ذلك لرئيس الحكومة ،وفق جدول أعمال
محدد ،وهذا لم يكن موجودا في الدساتير السابقة ،والذي يتداول في هذا المجلس :التوجهات
االستراتيجية لسياسة الدولة ،ومشاريع مراجعة الدستور ،والتوجهات العامة للميزانية ،ذلك
مشاريع القوانين ،إعالن حالة الحصار ،إشهار حالة الحرب ،مشروع اإلعالن عن العفو.
ـ إصدار األمر بتنفيذ القانون ،ف 11حدد المدة التي يقوم فيها الملك بذلك خالل 31يوما،
اي يأمر الحكومة بتنفيذ القانون الصادر عن البرلمان.
ـ حل مجلسي البرلمان أو أحدهما ،حسب األحوال ،وقبل إجراء هذا يجب أن يخاطب األمة
والبرلمان ،وال يمكن أن يكون خطابه موضوع مناقشة في المجلسين.
ـ الملك هو القائد األعلى للقوات المسلحة الملكية ،وله حق التعيين في الوظائف العسكرية،
ويمكنه أن يفوض هذا لغيره ،لكبار أعضاء القوات المسلحة.
27
ياسين عزوز
المجلس األعلى لألمن أحدثه الدستور الجديد ،له دور استشاري في استراتيجية األمن
الداخلي والخارجي للبالد ،ويستشيره في حالة تدبير األزمات.
في المجال الخارجي :له الحق في تعيين السفراء لدى الدول األجنبية /يوقع على المعاهدات
الدولية ،التي ال تلزم مالية الدولة بالتكاليف وإذا كانت تلزم مالية الدولة يوقع عليها البرلمان.
عالقته بالقضاء :يرأس المجلس األعلى للسلطة القضائية ،وهو مجلس أحدثه دستور 2144
كان يسمى المجلس األعلى للقضاء ،ويمكنه أن يفوض ذلك للرئيس األول للمجلس األعلى
للسلطة القضائية /تعيين القضاة البد من موافقة الملك على ذلك /الملك يمارس حق العفو.
له صالحيات أخرى في ظروف استثنائية ،ف 11ينص على حالة االستثناء ،حينما تكون
حوزة التراب الوطني مهددة ،أو أحداث تمس بالسير العادي للمؤسسة الدستورية ،وذلك بعد
استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المحكمة
الدستورية ،وحالة االستثناء تخول له جميع الصالحيات للدفاع عن حوزة وطنه.
دستور 2144ليس فيه تصريح مباشر لمشاريع القوانين بالنسبة للمك ،تم االعتراف في هذا
الدستور بالتشريع للبرلمان ،فالسلطة التشريعية هي البرلمان 111111( .نسمة يكون
االقتراع نسبي الئحي ،واقل من ذلك يكون فردي)
الصالحية األساسية للبرلمان هي الوظيفة التشريعية والرقابية ،والبرلمان يعقد دورة خريفية
ودورة ربيعية ،فالخريفية يفتتحها الملك يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر ،والربيعية تفتتح
في الجمعة الثانية من شهر أبريل.
يمكن للبرلمان أن يعقد دورات استثنائية وفق جدول أعمال محدد ،وبمرسوم أي طلب من
رئيس الحكومة ،أو من ثلث أعضاء مجلس النواب ،أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين،
ويمكن للمجلسين أن يجتمعا في مجلس واحد ،وتكون جلسات البرلمان عامة ،لكن يمكن أن
تكون سرية.
صالحيات البرلمان في مجال التشريع محددة على سبيل الحصر ،لكن دستور 2144م،
وسع من هذه الصالحيات ،حيث وصلت إلى ثالثين ،بعدما كانت في 42مجاال.
يقوم البرلمان بوظيفة ثانية وهي مراقبة أعمال الحكومة "الباب السادس العالقة بين السلط"
وذلك عبر مجموعة من اآلليات :األسئلة ،ملتمس الرقابة ،سحب الثقة ،لجان تقصي
الحقائق .دستور 2144م ،جاء بوظيفة جديدة للبرلمان وهي تقييم السياسات العمومية،
يدعى رئيس الحكومة إلى جلسة شهرية أو سنوية مخصصة للسياسات العمومية.
28
ياسين عزوز
29