Professional Documents
Culture Documents
أولى حقوق
بحث حول:
الديمقراطية النيابية
(التمثيلية)
الفوج 01
الموسم الدراسي
0100/0100
1
خطة البحث
مقدمة
المبحث األول :مفهوم الديمقراطية النيابية
المطلب األول :تعريف الديمقراطية
المطلب الثاني :تعريف الديمقراطية النيابية ومبادئها العامة
المطلب الثالث :نشأة وتطور الديمقراطية النيابية
المطلب الرابع :أركان الديمقراطية النيابية
المبحث الثاني :المجالس النيابية
المطلب األول :مبررات األخذ بالمجلس النيابية
المطلب الثاني :صور المجالس النيابية
المطلب الثالث :وظائف المجالس النيابية
المطلب الرابع :آليات تكريس المجالس النيابية
خاتمة
قائمة المراجع
2
مقدمة
أمام تطور وظائف الدولة أصبحت معظم الشعوب العالم تفضل الديمقراطية النيابية ،التي
تعتبر أفضل النظم استجابة للحاجيات األساسية في المجتمع و تعترف صراحة بالحقوق
السياسية واالجتماعية واالقتصادية لكل أعضاء المجتمع و ترجمتهم لهذه الحقوق في عمل
تعاوني شامل ،وباستقراء تاريخ الفكر السياسي واالجتماعي نجد أن وراء ذلك تاريخ عريض
من التحوالت والتطورات المليئة بالتساؤالت التي دارت حول موضوعات السلطة وحدودها،
وأفضل الوسائل لتنظيم الشعوب وإدارة شؤونهم انتهت كلها تقريبا إلى أن الديمقراطية النيابية
هي األقدر على إشباع حاجيات األفراد والوفاء بتحقيق أهدافهم وأمانيهم.
إن تركيب المجالس النيابية وتنظيم المراحل التي تمارس فيها هذه الهيئة وظائفها باعتبار أنها
األساس الجوهري لهذا النظام ،وعليه يجب وضوح طريقة تكريس هذه المجالس النيابية عند
كل دولة من خالل وضوح آليات الدخول إلى هذه المجالس أثرها في عملية التمثيل ،انطالقا
من هذا يمكن طرح االشكال التالي :ما مفهوم الديمقراطية النيابية؟ وما هي أهم الركائز التي
تعتمد عليها؟ وما هي المبررات األخذ بالمجالس النيابية؟ وما هي أهم الطرق واآلليات
لتكريسها؟ ولإلجابة على هذا االشكال خصصنا مبحثين األول تناولنا فيه مفهوم الديمقراطية
النيابية والثاني للمجالس النيابية.
3
المبحث األول :مفهوم الديمقراطية النيابية
تبلورت الديمقراطية بمرور الزمن في الديمقراطيات الحديثة المطبقة بشكل أو بآخر في
الغرب ،فهي تضمنت مفهوم واسع ساهم في إثرائه عبر عقود طويلة من الزمن الكثير من
المفكرين السياسيين خاصة فيما يتعلق بالديمقراطية النيابية وإشكالية التمثيل الشعبي.
المطلب األول :تعريف الديمقراطية
وهي مركبة من كلمتين ،األولى ) (democratosأصل مصطلح الديمقراطية يوناني
"ديموس" تعني الشعب وكلمة الثانية "كراتوس" تعني السلطة وبالتالي يقصد بها" سلطة
الشعب" وهو نظام الحكم المستمد من سلطة الشعب.
المطلب الثاني :تعريف الديمقراطية النيابية (التمثيلية) ومبادئها العامة
أوال :تعريف الديمقراطية النيابية (الديمقراطية التمثيلية)
عرفه سعيد بوالشعير "يقصد بالحكم النيابي ذلك النوع من الحكم الذي بواسطته يختار
الشعب أشخاصا يمثلونه في الدولة ويسيرون دفة الحكم ويصوتون باسمه ولحسابه".
أما تعريف الدكتور محمد كامل ليلة على أنها " ديمقراطية أساسها الشعب بحيث انه يقوم
بانتخاب نواب يمارسون السلطة باسمه ونيابة عنه وذلك خالل مدة معينة يحددها الدستور".
وكذلك عرفها موريس ديفرجيه بان الديمقراطية التمثيلية هي "المنظومة السياسية حيث
ينتخب الحكام من قبل المواطنين ويعتبرون كممثليهم".
ثانيا :مبادئ الديمقراطية النيابية
تقوم الديمقراطية النيابية على مجموعة من المبادئ وهي أساس وجودها وتتمثل هده المبادئ
في:
.1مبدأ السيادة الدولة:
يقول األستاذ دابان :أن الدولة تكون ذات سيادة في مواجهة األفراد والجماعات الخاصة
والعامة التي تعيش آو تعمل داخلها فهي المجتمع السامي الذي يخضع له األفراد
والجماعات.
فالسيادة مجموعة من الخصائص تعطي للدولة حرية التصرف داخل أو خارج إقليمها دون
الخضوع ألي سلطة أخرى .فهي صفة مالزمة للسلطة فال توجد سلطة بدون سيادة فهي
تعطيها الصفة القانونية وال تستمد أصلها من غيرها ،فالسيادة تعطي للدولة االستقاللية
وتميزها عن باقي كيانات السياسية األخرى وتظهر معالم سيادة الدولة من خالل بسط
نفوذها على كامل اإلقليم وهي السلطة اآلمرة والناهية وال تعلوها سلطة والسيادة تجعل
الدولة وحدة غير قابلة للتجزئة ولها صفة الديمومة والثبوت فبفضلها يمكن للدولة أن تقرر
ما تفعله سوءا داخليا أو خارجيا وكذلك لها الحق في تنظيم مؤسساتها السياسية الثالث،
فهده المؤسسات تستمد سلطتها من السلطة العليا.
4
.2مبدأ الفصل بين السلطات:
هو مبدأ جوهري في تأسيس نظام ديمقراطي وترجع أفكار هذا المبدأ لمجموعة من
المفكرين أمثال أفالطون وأرسطو وجاك وجون جاك روسو ،والمفكر مونتسكيو واقترن
به لصياغة الموضوع بصيغة جديدة خالل القرن 11في كتابه روح القوانين الصادر سنة
،1471يرى بأن مبدأ الفصل بين السلطات وسيلة للتخلص من السلطة المطلقة للملوك.
وجاءت فكرة هذا المبدأ بسبب توسع وظائف الدولة وتطور الحياة السياسية وقسمت وظائف
الدولة إلى الوظيفة التشريعية ،والوظيفة التنفيذية والوظيفة القضائية ،والهدف من تطبيق
هذا المبدأ هو تحديد اختصاصات كل وظيفة على حدا ومنعها من التجمع في يد شخص
واحد لمنع االستبداد وهو وسيلة فعالة لتامين حرية األفراد ويضمن احترام القوانين
وتطبيقها في االتجاه السليم.
ويستخدم هذا المبدأ معيارا لتمييز بين األنظمة السياسية في ظل الديمقراطية النيابية من
خالل معرفة العالقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية فإذا كان هناك فصل شديد
بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية فيعرف بالنظام الرئاسي أما في حالة التعاون بين
السلطتين فنحن أمام نظام برلماني ،وإذا كان هناك دمج بين السلطتين فيعرف بنظام
الجمعية.
المطلب الثالث :نشأة وتطور الديمقراطية النيابية
كان أول ظهور للديمقراطية النيابية في انجلترا .وتطو رت عبر مراحل ،كانت انجلترا في
البداية عبارة عن مقاطعات صغيرة ثم توحدت وتجسدت في "مملكة انجليزية موحدة"،
وتأسست بها جمعية تسمى "بمجلس الحكماء" ،ويقوم بالوظيفة التشريعية والتنفيذية
والقضائية وهذا المجلس غير محدد األعضاء وأصل هذه الجمعية تتكون من فئة األساقفة ثم
انضم إلى رؤساء األديرة وضمت رؤساء المقاطعات ثم انضم إليها المحاربين موالين للملك
ويتمتع هذا المجلس مجموعة من الصالحيات وهي:
* ويعين الملك ويعزله
* يصدر التشريع وبموافقة الملك
* ويعين الرؤساء المقاطعة بمشاركة الملك
* ويفرض الضرائب ويعلن الحرب والسلم وينظر في القضايا الجنائية.
وعند تولى وليام الفاتح الحكم أسس المجلس الكبير وهو هيئة استشارية تتولى المسائل
القضائية ،والملك يستشير األعيان الكبار في المسائل الهامة وخالل القرن الثاني عشر أصبح
المجلس يتولى المسائل التشريعية والسياسية بينما المسائل الملية من اختصاص الملك.
وفي "عهد هنري الثاني عشر"( )1111-1117تعززت مكانة المجلس الكبير وأصبح
يتولى الموافقة على القوانين .وخالل فترة حكم الملك جان أصدر وثيقة العهد الكبير يعتبر
أول دستور انجليزي مكتوب ونص هذا ن العهد على أن" المجلس الكبير يعبر عن إ رادة
المملكة .وتم تحديد اختصاصاته وتتمثل في فرض الضرائب والتشريع والقضاء وتم هيكلة
المجلس بإنشاء هيئات تحت إشراف الملك ،وصار المجلس يقوم بدورات وغير اسمه أصبح
يسمى بالبرلمان.
5
خالل عهد "ادوارد الثالث" توسعت اختصاصاته في مجال القضاء وهي الحق في الفصل
في االتهامات الموجهة ألعضائه وكذلك التهم الموجهة لكبار رجال الدولة .وتمت تسميت
أعضاء البرلمان "باللوردات"
وأثناء تولي هنري الثالث ( )1241-1211قام بتوسيع دائرة التمثيل الحقيقي الشعبي من
خالل تعيين فارسين على كل مقاطعة واشتراكهما في جلسات البرلمان مع األساقفة
واألشراف الممثلين لمجلس اللوردات ولكن حدث انقسام داخل البرلمان وتشكل من كتلتين
وهما مجلس اللوردات ومجلس العموم يمثل المقاطعات ولهم اختصاصات متساوية من بينها
إصدار القوانين باألغلبية وحصل البرلمان على سلطة التشريع كاملة وكذلك الموافقة على
فرض الضرائب والموافقة في مسائل هامة التي تخدم مصلحتهم أما في مجال القوانين كان
الملك آو ما يسمى بالتاج وهو السلطة العليا في المملكة االنجليزية يستشير المجلس اللوردات
كما أصبح نواب مجلس العموم حق القيام باالجتماعات في مكان خاص بهم ويحق لهم تقديم
االلتماسات والعرائض.
وانجر على هذا التطور التقليص من اختصاصات الملك وأصبح له الحق في االعتراض على
اقتراح القوانين الصادرة من البرلمان ،له الحق الموافقة على القوانين بناءا عل التماسات
مجلس العموم ومجلس اللوردات وتم الفصل بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.
بالرغم من هذا التطور إال انه بقي محافظا على مجموعة من االمتيازات وهي:
* إصدار اللوائح وهدفها تعطيل قوانين الصادرة من البرلمان
* للملك حق اإلعفاء األف ا رد من الخضوع للقانون في حاالت
* يستطيع الملك التخلص من رقابة البرلمان
واستمرت هذه االمتيازات إلى غاية صدور قانون الحقوق عام 1211وعمل هذا القانون
على تعزيز مكانة البرلمان على مكانة الملك من خالل خلق آليات تعزز هذه المكانة في
وظيفة التشريع بحيث ال يحق للملك إيقاف تنفيذ القوانين أو اإلعفاء نمن تطبيقها وكذلك
بتقليص إصدار اللوائح بحيث ال يمكن لهذه اللوائح تعديل أو إلغاء قانون وحصرها في أن
هذه اللوائح تتضمن تنبيه المواطنين على احترام القوانين.
المطلب الرابع :أركان الديمقراطية النيابية
إن لكل صورة من صور الديمقراطية لها أركان تقوم عليها الديمقراطية النيابية نميزها على
غيرها من الديمقراطيات األخرى بحيث تتمثل أركانه في وجود برلمان منتخب ووعى هذا
البرلمان أن يمارس اختصاصاته وفق الدستور وان تكون عضوية الممثلين محددة زمنيا،
أخر ركن النواب أن يكونوا مستقلين نسبيا تجاه الشعب وهذا الركن كان محل جدال بين
المفكرين مما تعددت النظريات في تفسيره ،وسيتم شرح كل ركن.
أوال :برلمان منتخب
يعتبر أهم ركن تقوم عليه الديمقراطية النيابية ونقصد به أن البرلمان يكون منتخب من قبل
الشعب واالنتخاب شرط لتكوين البرلمان أي أن الشعب هو الذي يختار أغلبية األعضاء.
ويعمل على تسيير شؤون األفراد وتحقيق مطالبه عن طريق سنهل على شكل قوانين،
والبرلمان قد يتشكل من مجلس واحد كما رأينا في النظام البرلماني البريطاني خالل بدايته
6
إلى غاية عهد هنري الثالث الذي قام بتوسيع دائرة التمثيل وانشاء مجلس ثاني وهو مجلس
العموم ،وهناك دول أخرى يتشكل برلمانها من غرفتين مثل الواليات المتحدة األمريكية
وروسيا وفي إثيوبيا هذه المؤسسة تعبر عن انشغاالت المواطنين ومطالبهم عن طريق
المنتخبين.
ثانيا :ممارسة االختصاص المنصوص في الدستور
البرلمان مؤسسة دستورية فالدستور هو الذي يعد تشكيل أجهزته ويحدد اختصاصاته وينظم
سير عمله ،وسمى بالسلطة التشريعية نسبة إلى اختصاصه وهو التشريع من خالل اقتراح
القوانين ومناقشتها والمصادقة عليها وفي نفس الوقت يمارس وظائف أخرى وهي الوظيفة
المالية والتي تعد أقدم وظيفة مارسها والوظيفة الرقابية التي يمارسها على عمل الحكومة عن
طريق آليات خصصها له الدستور وهي االستجواب واألسئلة الشفوية والكتابية ،واجراء
تحقيق وملتمس الرقابة.
ثالثا :تحديد فترة النيابة
الشعب هو الذي يقوم بانتخاب ممثلين ولمدة زمنية معينة لتمثيله وتحقيق مطالبه وتسيير
شؤونه ،وهذه المدة حددها الدستور وتتراوح بين من أربعة إلى خمسة سنوات ومعمول بها
في كافة األنظمة السياسية المختلفة ،لهذا يتطلب تجديد البرلمان بعد جواز هذه المدة حتى
تبقى الصلة مستمرة بين الشعب والبرلمان من جهة ،ويعبر عن مطامح الشعب واتجاهاتهم
بكل شفافية ولتجسيد مبدأ الديمقراطية ويهدف هذا التجديد إلى تعزيز المراقبة الشعبية على
النواب من قبل الشعب وهو بدوره يعمل على تعزيز الثقة بين الطرفين ولمنع السيطرة
المطلقة لهذه الهيئة.
رابعا :استقالل النواب عن الشعب
على الرغم من أن النواب يمارسون التشريع باسم الشعب ،إال أن هذا األخير ال يتدخل في
اقتراح القوانين أو اعتراض عليها أو حل البرلمان أو عزل النائب ،فالنواب يمتازون بنوع
من االستقاللية تجاه ممثليهم ،عمل الفقهاء على تكييف العالقة بين الشعب ونائبه من خالل
نظريات سميت بنظريات التمثيل الشعبي ولقد تطورت خالل القرنين 14م و 11م وهي
ثالث نظريات:
-1نظرية الوكالة اإللزامية
ظهرت بوادر هذه النظرية قبل الثورة الفرنسية وطبقت في انجلترا وفرنسا كان نواب
المقاطعات والمدن في انجلترا يمثلون تلك الدوائر في المجلس الكبير ثم في مجلس
العموم ،وأعضاء الهيئات العامة النيابة قبل الثورة في فرنسا ممثلين لناخبي دوائرهم
وليس للشعب بأكمله.
وأساس هذه النظرية أن العالقة بين الشعب ونائبه تربطها وكالة بحيث على أساسها
يتصرف النائب ويقوم بمهام الموكلة له من قبل منتخبيه فالنائب في البرلمان بعد انتخابه
يقوم بتمثيل دائرته بمعنى انه يستمد سلطته من منتخبيه ،وعلى أساس هذه الوكالة فان
لنائب التزامات تجاه منتخبيه بتحقيق مطالبهم وايصالها إلى السلطة العليا ،والنائب هو
عرضة للعزل بموجب هذه الوكالة.
7
وجاء روسو بفكرة العزل النائب من خالل نظريته حول الوكالة اإللزامية بحيث يرى
بأن المنتخب ال يمتثل فقط ألوامر منتخبيه بل أن لديهم قدرة االقتصاص من المنتخب
أن لم ينفذ وكالتهم.
لقد تم توجيه انتقادات لهذه النظرية تتمثل في أنها تعزز الجهوية وتفضل المصالح
المحلية على المصالح الوطنية في الوقت كانت فيه كل الدول تدعو للوحدة الوطنية.
-2نظرية الوكالة العامة
هذه النظرية جاءت بآراء عكس ما طرحته نظرية الوكالة حيث ترى أن النائب يمثل
األمة وهذه الفكرة جاءت بها نظرية السيادة لألمة ولها جذور منذ القرون الوسطى
وكذلك أصحاب العقد االجتماعي أمثال هوبز وجون لوك وجون جاك روسو.
بحيث يرون أن األمة عبارة عن كائن معنوي مجرد ال تستطيع أن يعبر عن إرادته
بنفسه فهي تحتاج الى ممثلين يعبرون عن سيادتها .وهذا ما جاء به الدستور الفرنسي
سنة 1411حيث جاء في المادة 4من هدا الدستور وتنص على أن" :النائب يمثل
األمة جميعا ال لدائرة التي قامت بانتخابه " وأنهم يصبحون مستقلين عن منتخبيهم
بمجرد انتخابهم ،ولقد أصبح هذا الركن معمول به الدساتير الحديثة للدول الديمقراطية
وأقرت هذه النظرية بان النواب غير ملزمين بإتباع أراء منتخبيهم وليس للناخبين أي
سلطة على نواب عند انتخابهم والهدف منه تحقيق المصلحة العامة.
وحتى هده النظرية لم تسلم من االنتقادات أن البرلمان ال يمثل كل األمة وانما يمثل
غالبية األفراد بحيث أن األمة في حد ذاتها مقسمة إلى أفراد على أساس المصالح وأن
النواب يتأثرون بآراء منتخبيهم أثناء االنتخاب والترشح مرة أخرى وكذلك أن
البرلمان.
-1نظرية االنتخاب مجرد اختيار
االنتخاب وسيلة يعبر بها الشعب عن إرادتهم ومتطلباتهم عن اختيار أشخاص يمثلونهم
ليعبروا عن هذه اإلرادة الشعبية ولتحقيق مطالبهم ،رغم هذا االختيار إال أن النواب
يصبحون مستقلين ويخصصون وقتهم وجهدهم لخدمة المجتمع وهذا ما كان ينادي به
فقهاء هذه النظرية.
وانتقدت هذه النظرية بالرغم من أنها أقرت باستقاللية النواب إال أن هذه االستقاللية ال
تصل لدرجة القطيعة فهو مرتبط بهم الن الفضل في وصوله إلى البرلمان يرجع
الختيار هؤالء الناخبين وكذلك أن أماله مرتبط بهم بإعادة انتخابه في عهدة تشريعية
أخرى ،وهذا ما يدل على أن النواب ال يتمتعون باستقاللية كاملة عن ناخبيهم.
المبحث الثاني :المجالس النيابية
تعتبر المجالس النيابية أداة التعبير األولى في النظام الديمقراطي النيابي التي يمثل فيها
النواب الشعب ويملكون سلطة ممارسة نيابة عنهم قد اختلف النظرة لهذه المجالس من دولة
إلى أخرى ومن نظام إلى آخر من حيث مبررات األخذ بها ومن حيث تكوينها ،ولتحقيق
تمثيل األمة أسندت إليها مجموعة من الوظائف تضمن ذلك وهو الوجه الذي تتفق عليه معظم
الدول.
8
المطلب األول :مبررات األخذ بالمجالس النيابية
يقوم النظام النيابي على اختيار الشعب لممثليهم عنه يتولون سلطة النيابية عن الشعب وبهذا
فالشعب ال يمارس السلطة بنفسه ،وتعتبر اإلنابة تمثيال لإلدارة الشعب فيها وعليه فهل يمنك
اعتبار النظام النيابي نظاما ديمقراطيا؟ فهل يمكن للمجالس النيابية أن تعبر بشكل حقيقي عن
إرادة الشعب وحول كل هذه التساؤالت انقسم الفقهاء إلى قسمين للتفسير ووصول إلى توفيق
بين النظام النيابي وطبيعة المبدأ الديمقراطي ،فالقسم األول اعتمد نظرية النيابة والقسم الثاني
اعتمد نظرية العضو.
أوال :نظرية النيابة
تقوم هذه النظرية قانونيا على أساس أن النائب يقوم بالتصرفات القانونية الالزمة ،على أن
تنتج أثرها في ذمة الموكل وتعتبر كأنها صادرة منه كما هو الحال في الوكالة والوالية في
إطار القانون الخاص ،وعلى هذا األساس فان النظرية تعتبر المجالس النيابية وكيال عن األمة
وما يأتي به من تصرفات قانونية ينتج آثرها في ذمة األمة وليس في ذمة المجالس النيابية،
وعلى هذا األساس نفس هذه النظرية التوفيق بين مبدأ الديمقراطية والنظام النيابي.
ومن جملة انتقادات التي تعرضت لها نظرية النيابة تتمثل في :اعتبار األمة شخصا معنويا
يثير تساؤالت عن كيفية توكيل الغير حيث أن التوكيل يتطلب التعبير عن اإلرادة وهذا ال
يتحقق فقط عند الشخص الطبيعي وهذا ما دافع عند رجال الثورة الفرنسية بقولهم إن السيادة
أسوة باإلرادة ال تكون قابلة للتنازل وال للتقادم الن اإلرادة ال تستطيع التعبير إال عما يريده
صاحبها.
تفترض هذه النظرية أن االنتخاب تعتبر توكيال من طرف الناخبين إلى المجلس النيابي في
حين أن االنتخاب ما هو إال اختيار الناخبين النائب الذي يعتبرونه أصلح من غيره.
ثانيا :نظرية العضو
تتفق هذه النظرية مع نظرية النيابية في افتراض الشخصية المعنوية لألمة ولكنها تختلف
مهما أنها تستند إلى وجود شخص واحد فقط يمثل األمة كجماعة منظمة لها إرادة واحدة وان
الهيئات المختلفة تمثل أعضاء هذا الشخص وتتولى التعبير عن إرادته دون أن تنفصل عنه.
وبذلك تشبه نظرية العضو األمة باإلنسان ،والهيئات الحاكمة بأعضاء اإلنسان المعبرة عن
إرادته ففي هذه الطريقة أراد أنصار هذه النظرية التوفيق بين المبدأ الديمقراطي والنظام
النيابي دون التعرض لالنتقاد الذي وجه النظرية النيابة ،وهو وجود شخصين مختلفين ينقد
أحدهما إرادة األخر.
وكان من أبرز االنتقادات التي وجهت لهذه النظرية أنها منحت ألمة الشخصية المعنوية
انطالقا من افتراض وهمي كما أنها تصورها لوحدة الشخصية بين الحاكم واألمة يؤدي إلى
تبرير استبداد الحكام باعتبار أنهم أعضاء غير مستقلين عن األمة ،وبالتالي فان إ رادتهم من
إرادة األمة.
لكن معظم فقهاء القانون الدستوري لو يقبل هذه النظريات ويرجع أسباب االعتماد على
المجالس النيابية إلى الظروف السياسية والتطورات التاريخية ،فقد أدى استحالة تطبيق
9
الديمقراطي بصورة مباشرة في العصر الحديث ،واألخذ بالديمقراطية النيابية بديال عن
الديمقراطية المباشرة.
المطلب الثاني :صور المجالس النيابية
إن المجتمع الدولي أصبح في أسس متعارف عليها من بينها الديمقراطية ،وكل الدول تنادي
بترسيخ الديمقراطية داخل مواثيقها الرسمية ،وتحاول تجسيدها وتكريسها من خالل هيئاتها،
ومن بين هذه الهيئات السلطة التشريعية والمتمثلة في المجالس النيابية ،والتي من خاللها
يظهر مدى تطبيق الديمقراطية في هذه الدول .وقد تكون من مجلس أو مجلسين.
أوال :نظام المجلس الواحد
يقصد بنظام المجلس الواحد أن تناط مهام السلطة التشريعية بمجلس نيابي واحد ،ويطلق على
هذا المجلس عدة تسميات منها ،مجلس النواب مجلس الشورى مجلس الوطني مجلس الشعب
وقد أخذت اغلب الدول العربية بهذا النظام لما يتمتع به من سهولة في التشريع وعدم تعقيد
إجراءاته يتم تشكيل هذا المجلس في الغالب عن طريق االنتخاب ،إال أن بعض الدساتير
تجمع بين االنتخاب والتعيين حيث يتولى الشعب انتخاب بعض األعضاء ،وتقوم السلطة
التنفيذية بتعيين البعض األخر على أن يكون عدد المعينين اقل من المنتخبين لكي ال يفقد
المجلس صفته النيابية ،ومن مزايا نظام المجلس الواحد هي:
* وحدة سيادة األمة والتي تقتضي وحدة السلطة التشريعية المعبرة عنها.
* يؤدي نظام المجلس الواحد إلى تسهيل إجراءات التشريع إبعادها عن التعقيد (سرعة
االنجاز ،الوقت اتخاذ القرار ،تجنب تكرار المناقشات ،الخالفات التي قد تنجم في حالة
ازدواجية البرلمان) وبذلك تتحقق السرعة ومواكبة تطور الحياة االجتماعية وتلبية ما تحتاجه
من تشريعات تساهم في تعزيز مسيرة المجتمع.
* يساهم نظام المجلس الواحد في تعزيز عمل السلطة التشريعية حيث تكون احتماالت
الصراع والتصادم أقل بكثير من احتماالت ذلك في نظام المجلسين بسبب اختالفها من ناحية
التشكيل واالختصاص.
ثانيا :نظام المجلسين
يرجع األخذ بنظام المجلسين ألسباب تاريخية أو أسباب تتعلق بالشكل الفيدرالي للدولة ،ظهر
هذا النظام لتميز بين األعضاء المعنيين و المنتخبين في عصر هنري الثالث ابن جان
( )1242-1224الذي تولى الحكم في سنة 1211حيث بدأ يستدعي فارسين عن كل مقاطعة
للمشاركة في جلسات البرلمان بجانب األشراف و األساقفة ،و هؤالء الفرسان يتم انتخابهم
عن طريق االنتخاب وسرعان ما تم تفريق األساقفة و األشراف عن الفرسان المنتخبين ،
واتخذ األخيرين مجلسا خاصا بهم منذ سنة 1111وفي سنة 1144عمدوا إلى تنظيم هذا
المجلس من مجلسين وهما مجلس العموم ومجلس اللوردات .وبناءا على ما سبق نجد أن
فكرة ازدواجية البرلمان ولدت بصورة تلقائية في انجلترا وتوطدت بفعل النمو التدريجي في
السلطات البرلمان بمجلسيه غير أن سلطة مجلس العموم بدأت تحقق انتصارات منذ عام
1112بتقليص صالحيات مجلس اللوردات.
11
يتم انتخاب أعضاء مجلس العموم عن طريق االقتراع العام المباشر ،أما مجلس اللوردات
فتعيين أعضائه إما يكون وراثيا أو يتم اختيارهم من طرف الحكومة أو عن طريق انتخاب
الغير المباشرة وعليه فطريقة تشكيل مجلس اللوردات قلصت من فعالية في التأثير على
الحكومة مقارنة بمجلس العموم (النواب) وتتوزع نظام المجلسين على نماذج مختلفة وبهذا
الصدد يمكن التمييز بين المجلس الثاني األرستقراطي والمجلس الثاني الفيدرالي والمجلس
الثاني الديمقراطي:
-1المجلس الثاني األرستقراطي :يتشكل عن طريق التعيين أو الوراثة االرستقراطية،
ولقد تطور هذا النظام نحو تمثيل ال يتعلق بفكرة النبالء والوراثة ولكنه أصبح منفتحا
على الالمعين في الفن والعلم والحرب بشكل الذي ال يحول المجلس إلى غرفة شعبية.
-2المجلس الثاني الفدرالي :نجد هذا المجلس في الدول التي تتبنى النظام الفيدرالي ،حيث
يتشكل من عدد ممثلين متساوي لكل دويلة مهما كان عدد سكانها (عكس المجلس األول
الذي يتشكل حسب التمثيل النسبي للسكان).
-1المجلس الثاني الديمقراطي :يؤثر هذا المجلس على النيابة وتنعكس ايجابا على التمثيل،
وحتى ال يكون هناك تأثيرات سلبية إحدى المجلسين على اآلخر ال بد من مجموعة من
الترتيبات تضبط هذه المجلسين بحيث أنه:
ال يجب أن تكون الدوائر االنتخابية هي نفسها في المجلسين ،والنظام االنتخابي
مغايرا ،كما يجب أن تكون الهيئة االنتخابية مختلفة ،وهذا ما يسمح بضمان تمثيل
األشخاص المتواجدين في نشاطاتهم االجتماعية وحياتهم المهنية ،لرفع انشغاالتهم
والدفاع عن مصالحهم في إطار محدود وملموس عن طريق ممثلين يعوها جيدا.
11
_4يسمح هذا النظام بتمثيل أصحاب الكفاءات ألن االنتخاب قد يفرز أعضاء غير كفئ،
وهذا ما يؤدي إلى الرفع الكفاءة المجالس النيابية وضمان تحقيق االستقرار القانوني ،مما
يستلزم من ضبط ودقة في التشريع في مختلف نشاطات حياة الدولة ،فعلى مستوى إعداد
القوانين فإن المجلس الثاني يلعب دور هيئة تفكير فيما يخص هاته القوانين ،إذ يقوم هذا
المجلس بتحسين صياغتها وتطوير نوعيتها ،فالمداولة التي تتم بين هيئة واحدة أفضل من
التي تتم من قبل هيئة واحدة.
المطلب الثالث :وظائف المجالس النيابية
ولكي يجسد النواب دور ممثل األمة كانت هذه الوظائف بمثابة أدوات يستطيعون من خاللها
ممارسة السلطة في أداء العمل النيابي ،وهي كذلك وسيلة إلنجاح مهمته في تمثيل األمة
وحفظ قدراتها ومكتسباتها.
أوال :الوظيفة التشريعية
تعتبر الوظيفة األولى للمجالس النيابية فهي صاحبة االختصاص األصيل فيها وذلك ألنها
أصبح يطلق عليها بالسلطة التشريعية فهذه الوظيفة تتعلق بسن القوانين التي تعكس السياسة
العامة المطبقة في الدولة وتنظيمها.
تمر وظيفة التشريع بعدة مراحل :فهي تبدأ بمرحلة اقتراح القوانين حيث يقوم النواب باقتراح
القوانين بعدها تأتي مرحلة مناقشة للتباحث فيها ثم يعرض هذا االقتراح بعد صياغته بطريقة
قانونية إلى التصويت وبعدها يتم اإلقرار القانون حيث يحال للتصديق عليه ويتم إصداره
ونشره من طرف الحكومة.
قد تشارك الحكومة السلطة التنفيذية في عملية التشريع حيث يفرق بين اقتراح القانون المقدم
من طرف عضو المجالس والقانون الذي يقدمه الحكومة األول ،يطلق عليه اقتراح قانون،
والثاني "مشروع قانون " أو "اقتراح الحكومي القانون " .إال أن إقرار القوانين ترجع إلى
المجالس النيابية (البرلمان) تشاطره فيها هيئة أخرى.
تسبق هذه الوظيفة في نشأتها التاريخية الوظيفة التشريعية ذلك أن البرلمانات تكونت في بداية
األمر للموافقة على الضرائب التي يحتاج إليها الحكام ،ولما توطدت النيابة وقوت دعائمها
بسطت سلطاتها في المجال المالي للدولة ولم يعد مقصورا على الموافقة على الضرائب ،
وانما أصبح للمجالس في البرلمان حق ممارسة الرقابة على الشؤون المالية للدولة وعليه
يحق للمجلس النيابي المساءلة عن األموال التي تصرف ،وعن إيرادات الدولة ،وعلى كل ما
يتعلق بأوجه اإلنفاق داخل الدولة فهو يقوم بمناقشة ميزانية الدولة من حيث قدرتها على
إكمال المسيرة التنموية للدولة وصوال إلقرارها .كما يختص المجلس النيابي بالموافقة على
االعتمادات اإلضافية للدولة ،وعليه يجب أن تتقدم الحكومة إلى البرلمان االعتماد اإلضافي
للموافقة عليه وذلك يقرر بموجب القانون ،فهو تعتبر تعديال للميزانية التي وافق عليه
البرلمان ،وكما يختص البرلمان بالموافقة على الحساب الختامي .وبهذه الوسيلة يصل
البرلمان إلى المساهمة في رسم السياسة العامة للدولة في مختلف نواحيها.
12
ثانيا :الوظيفة السياسية (الرقابية)
تعد الوظيفة السياسية من الوظائف األساسية المنوطة للمجالس النيابية ،حيث أنها تبرز من
الناحية القانونية لتنظيم الدولة ،فهي تتمثل بعدة مهام أهمها ما يتعلق بإجراءات ترشح رئيس
الجمهورية وتمديد عهدته ،وأيضا ما يتعلق بالظروف الحساسة التي تمر بها الدولة كحالة
الطوارئ ،الحصار واعالن الحرب وغيرها من األمور التي تمس الدولة وسياستها.
وتعد الرقابة عمل الحكومة من ابرز المهام المخولة للبرلمان أثناء القيام بمهامه ،ويبرز الدور
الرقابي له من خالل اإلجراءات واألدوات الدستورية التي يكفلها القانون كحق من حقوق
الممثلين منها المساءلة الكتابية وشفوية ،والتحقيق واالستجواب وتحريك المسؤولية السياسية
للحكومة هذا فيما يخص الدول التي تأخذ بالنظام البرلماني ،أما الدول التي تأخذ بالنظام
الرئاسي فليس للمجالس النيابية الحق في التدخل ورفض رقابتها على أعمال الحكومة ،وتلك
الرقابة تكون من حق رئيس السلطة التنفيذية المتمثل في رئيس الدولة كما هو الحال في
الواليات المتحدة األمريكية ،فالوظيفة السياسية تختلف دورها في النظام الديمقراطي في
الرئاسي عن النظام الديمقراطي البرلماني .وال تقتصر مهمة البرلمان على رقابة أعمال
الحكومة فقط وسياستها الداخلية ،وانما تشمل الرقابة على السياسة الخارجية.
كما يحق للمجالس النيابية ممارسة الرقابة على الشؤون المالية للدولة ،وهذا الحق مستمد منذ
تكريس المجلس النيابية ،فالبرلمانات تكونت في بداية األمر للموافقة على الضرائب التي
يحتاج إليها الحكام ،ولما توطدت النيابة وقوت دعائمها بسطت سلطاتها في المجال المالي
للدولة ،ولم يعد مقصورا على الموافقة على الضرائب فقط.
المطلب الرابع :آليات تكريس المجالس النيابية
أوال :االنتخاب واألنظمة االنتخابية
-1االنتخاب
االنتخاب طريقة الختيار الحكام .ظهرت فكرة االنتخاب في أوروبا أي مع نشأة النظام
البرلماني في انجلترا .ثم انتشرت إلى سائر أنحاء العالم وأصبح االنتخاب لصيق
بالديمقراطية لدرجة أنها تعد أحد خصائصها وهي الطريقة الوحيدة التي يستمد أي
نظام شرعيته وغير هذا يعد نظاما استبداديا وتسلطيا .وعرف من الناحية القانونية
على انه "الوسيلة او الطريقة التي بموجبها يختار المواطنون األشخاص الذين ينسبون
إليهم مهام ممارسة السيادة أو الحكم نيابة عنهم".
فاالنتخاب هو حق شخصي جاءت به نظرية سيادة الشعب من قبل جون جاك روسو
في مقولته "أن التصويت حق ال سبيل لسلبه من أبناء الوطن" ،بمعنى كل فرد من
أفراد الشعب يحق له ممارسة االنتخاب فهذا األخير يترجم سيادة الشعب وإيراداتهم
في اختيار أشخاص يمثلونهم في السلطة وكذلك أداة تسمح للجماهير الشعبية من
المشاركة في الحياة السياسية فاالنتخاب يحفظ حرية التعبير وحرية التفكير وكذلك مبدأ
المساواة .وان الفرد له الحرية أصبح االنتخاب قاعدة النمط الديمقراطي.
بالرغم من أن االنتخاب يمتاز بالعمومية إال أن األشخاص الدين يمارسون هذا الحق
يجب أن تتوفر فيهم شروط وهي السن والجنسية ومن حق كال الجنسين وكذلك التمتع
بالحقوق السياسية.
13
-2النظم االنتخابية
نظرا العتماد األنظمة الديمقراطية على االنتخاب والذي يعد األساس فيجب انتقاء نظام
انتخابي يتماشى مع النظام الديمقراطي ويعتبر من أصعب القرارات.
فالنظام االنتخابي يستخدم النتخاب الممثلين على المستوى الوطني أي أعضاء
البرلمان ،والمستوي المحلي أعضاء المجالس المحلية المنتخبة الوالئية والبلدية.
فالمفهوم األساسي لنظام االنتخابي يقصد به "ترجمة األصوات التي تم اإلدالء بها في
االنتخابات إلى عدد المقاعد التي تفوز بها األحزاب والمرشحين المشاركين فيها".
وحسب تعريف دافيد فاريل "النظام االنتخابي هو الطريقة التي يتم من خاللها تحويل
األصوات إلى مقاعد في عملية انتخاب سياسيين لشغل مناصب معينة".
والنظم االنتخابية متعددة وتم تصنيفها وفق معايير وهي:
-1النظام االنتخابي الذي يحدد طريقة عرض المترشحين:
1-1االنتخاب الفردي :يشترط في هذا النوع من االنتخابات تقسيم
البالد إلى دوائر انتخابية صغيرة بحيث لكل دائرة نائب يمثلها في
البرلمان ،بمعنى على الناخب اختيار شخص واحد من المترشحين
من دائرته االنتخابية ،فاالنتخاب الفردي يعتبر من ابسط االنتخابات.
1-2االنتخاب بالقائمة :هذا االنتخاب عكس انتخاب الفردي ،فهو ال
يشترط تقسيم البالد إلى دوائر انتخابية سواء صغيرة او متساوية ،بل
يمكن أن تكون الدوائر كبيرة فهو يحدد نصيب كل دائرة في البرلمان
على أساس التعداد السكاني لكل دائرة انتخابية .فاالنتخاب بالقائمة
يصل عدد النواب فيه إلى عشرة نواب فالناخب هنا يقوم باختيار
القائمة يكون فيما أكثر من مترشح من بين القوائم المرشحة لدائرة
االنتخابية.
وما يميزه يعمل على تمثيل كل االتجاهات السياسية وأحزاب األقلية
خاصة إذا عمل بالتمثيل النسبي.
-2النظم االنتخابية التي تحدد طريقة االنتخاب:
2-1االنتخاب الغير المباشر :هو أن يقوم فيه جمهور الناخبين باختيار
وانتخاب مندوبين عنهم ليتولوا اختيار ممثليه من المترشحين فهو يقوم
على درجتين أو أكثر .انه ال يتسم بالديمقراطية وال يكون هناك تعبير
حقيقي إلرادة الناخب.
2-2االنتخاب المباشر :أن يقوم الناخب باختيار ممثليه ونوابه مباشرة
بنفسه ودون وساطة من أحد فهو يكون في عملية أو درجة واحدة.
هذا االنتخاب يحقق مبدأ الديمقراطية ويعبر عن إرادة الناخبين.
-1النظم االنتخابية التي تحدد نتائج االنتخابات:
1-1نظام األغلبية :يقصد بنظام األغلبية أن يفوز المرشحون
الحاصلون على أغلبية األصوات في الدائرة باالنتخابات أما من يليهم
من المرشحين في الترتيب فال يحصلون على شيء ويستوي في ذلك
أن يكون االنتخاب فرديا أو بالقائمة .ونظام األغلبية نوع من االنسجام
14
داخل المجالس النيابية بما يوفره من إمكانيات التعاون والتوافق
الشيء الذي يبعد عنها الصراعات التي تؤدي في غالب األحيان إلى
تعطيل عملها ،ونظام األغلبية هو نوعان تتمثل في األغلبية النسبية
واألغلبية المطلقة .فبالنسبة لنوع األول بحيث تفوز القائمة أو
المترشح الذي يحصل على أكثر عدد من األصوات مقارنة مع
المتنافسين اآلخرين مهما كان مجموع األصوات التي تحصل عليها
المتنافسون.
فمثال لدينا المترشح ( )1متحصل على 72صوت ،المترشح ()2
متحصل على ،12المترشح ( )1متحصل على .22فالفائز هنا هو
المترشح األول.
الجزائر طبقت هذا النوع ألول مرة في االنتخابات التشريعية
والرئاسية في قانون االنتخابات رقم 1_11الصادر في 22أفريل
.1111
أما األغلبية المطلقة فيشترط أن يحصل المترشح أو القائمة على أكثر
من نصف األصوات المصوتين الصحيحة أي خمسون بالمائة زائد
صوت واحد ( )1+%12وإذا لم يتحقق هذا النصاب يتم إجراء جولة
ثانية .يسمح القانون إما بإعادة االنتخاب بين االثنين الحاصلين على
أعلى األصوات ،أو يسمح بإعادتها بين الذين حصلوا على نسبة
معينة ،فهنا يتعدد المرشحون فال مفر من االكتفاء باألغلبية النسبية
1-2التمثيل النسبي :في هذا النظام تحصل كل قائمة متنافسة على عدد
من المقاعد المخصصة للدائرة االنتخابية حسب نسبة األصوات التي
حصلت عليها في االنتخابات ،ولذلك فإن هذا النظام ال يمكن تصور
تطبيقه إال في ظل االنتخاب بالقائمة أين يكون فيه توزيع المقاعد بين
القوائم المتنافسة أما في االنتخاب الفردي فال يمكن ذلك ألنه يدور
حول منصب واحد يتعذر تقسيمه .وقيل إنه األنسب لتمثيل األقليات
واألحزاب السياسية الصغيرة في المجالس النيابية فهو أكثر تماشيا
مع النظام الديمقراطي ألنه يضمن تمثيال أوسع وهو بذلك يحول دون
استبداد المجالس النيابية لوجود المعارضة ،ولكنه يحدث تعقيدات في
العملية االنتخابية ومع كثرة األحزاب ينعكس سلبا على المجالس
النيابية ويعيقها عن أداء مهامها كما ينعكس كذلك على العالقة بينها
وبين السلطة التنفيذية.
15
-1تأطير الناخبين والمرشحين
ال يمكن االستغناء عن دور األحزاب السياسية من خالل وضوح ومعرفة المواطنين
للسياسة التي يرغبونها ،وذلك عن طريق جمع واستخالص األفكار واآلراء ورغبات
المواطنين ،حيث يقوم بصياغتها في إطار تنظيمي ومنظور موحد ،ثم عرضها في
برنامج الحزب في شكل توجيهات واختيارات يمكن للناخبين اختيار ممثليهم والضغط
عليهم ،واقتناء وتغيير سياستهم بواسطتها.
يتولى الحزب مهمة التوعية حول السياسة المتبعة من طرف الممثلين ،وتحديد موقفه
منها بدعمها أو انتقادها ،كما يسعى إلى تكوين رأي عام مؤثر بحكم اتصاله بالجماهير
بمختلف الوسائل اإلعالمية وينشط بدراسة و شرح الحقائق و األمور و تبسيطها
مستهدف خلق رأي عام مؤثر لصالح برنامجه بقصد الوصول إلى السلطة ،فهي تتيح
خيار أكثر وضوح عند االنتخابات وهذا ما يوضحه موريس دفرجيه في قوله :دون
األحزاب ،ال يستطيع الناخبون أن يطلعوا على المعلومات الدقيقة عن توجه " مختلف
المرشحين فهم سيتوجهون لدعم الوجهاء التقليدين ،و هم األشخاص الوحيدون الذين
يعرفونهم بعض الشيء".
-2انتقاء المترشحين
تختار األحزاب المرشحين المقترحين على الناخبين لتولي مناصب انتخابية،
واألحزاب ليست الوحيدة في هذا الحقل ألن الترشح لالنتخابات هو من حق أي مواطن
سواء كان منخرط في حزب أو غير منخرط ،والدور المهم وهو األساس الذي يقوم به
الحزب من هذه الزاوية أنه يعمل على تجنيد وانتقاء اإلطارات وكفاءات القادرة على
الدفاع عن برنامج ومبادئ الحزب وتطبيقها عند وصول إلى السلطة.
-1تأطير المنتخبين
تضمن األحزاب السياسية االتصال المباشر بين الناخبين والمنتخبين ،في تقوم بتزويد
النائب بكل انشغاالت ومشاكل دائرته االنتخابية ،كما يعمل على تعزيز العالقة بيت
النائب وناخبيه من خالل اطالعهم على نشاطات النائب.
يعمل الحزب على إبقاء النائب في إطار التزاماته مع الناخبين ويجعله يحترم البرنامج
المقترح من طرف الحزب ،وبالتالي منعه من التصرفات الفردية المستقلة ،حيث أنه
هناك جمع منتخبي الحزب ذاته ضمن مجموعة برلمانية بما يضمن التصويت
الجماعي لنواب أعضاء الحزب على القوانين والقرارات ،كما أن الحزب يحمي النواب
من الضغوطات والتهديدات التي يمكن أن يواجهها خالل المدة النيابية.
16
خاتمة
على الرغم من أن الديمقراطية كانت وليدة العهد اليوناني بالضبط في مدينة أثينا إال أنها
تجاوزت هذا العهد وصارت في كل أنحاء العالم واختلفت في تطبيقها إلى ان تعددت صورها
وهي ثالث ،الديمقراطية المباشرة والديمقراطية الغير مباشرة ،وأخيرا الديمقراطية الشبه
مباشرة وهذه األخيرة تعددت تسميتها فهناك من يسميها بالتمثيلية وآخرون بالنيابية ،وأول
استعمال لها كان في انجلترا وأصبح نظام يقتدى به .الديمقراطية النيابية تعمل على إشراك
المواطنين في تسيير دفة الحكم من خالل انتخاب ممثلين يمارسون أعمال باسم الشعب ،وهي
تقوم على أساس وجود برلمان وممثلين وكذلك ممارسة اختصاصات محددة قانونيا إذن فال
وجود لهذه الديمقراطية دون وجود هاته الركائز.
فهذا النظام كان نتيجة تطورات ففي بداية ظهوره كان يمارس من طرف مجلس واحد
(مجلس اللوردات في انجلترا) وهو معين من قبل الملك .إال انه تم توسيع مجالسه بهدف
توسيع تمثيل المواطنين فتم استحداث غرفة ثانية (مجلس العموم)وهو منتخب من طرف
الموطنين .وولدت هذه التغيرات مصطلح جديد وهو نظام الثنائية البرلمانية أو ما يعرف
بنظام المجلسين ،وهذا األخير أصبح معمول به في كل األنظمة السياسية إال أنها تختلف في
تسمية المجالس ،ولتكريس هذه المجالس تم اعتماد على أساليب من بينها االنتخاب الذي
بدوره يحدث عالقة الناخب والمنتخب ولتحديد شروط على الناخب أن يتبعها وكذلك المنتخب
(الممثل) ،وكذلك هناك أسلوب يعمل على تنظيم المجالس من خالل تحديد األعضاء الذين
يمثلون المواطنين وهو النظام االنتخابي فهو يعمل على تحديد الفائزين.
ومن هذا نستخلص أن الدول عملت على االستعانة وتطبيق هدا النظام (الديمقراطية النيابية)
إلضفاء الشرعية على نظامها دون المساس بمبدأ السيادة الشعبية.
17
قائمة المراجع
حليمي صورية ،طرمون أمال ( )2211/2212واقع التمثيل النيابي مذكرة لنيل شهادة
الليسانس في العلوم السياسية تخصص تنظيمات سياسية وإدارية كلية الحقوق والعلوم
السياسية قسم العلوم السياسية جامعة قاصدي مرباح ورقلة.
18
19