Professional Documents
Culture Documents
وقد أثبت التاريخ كون الحل الذي كان السبب في تحقيق جزء من األهداف المرجوة هو
فكرة الدولة المعاصرة التي تعتبر إمتدادا لتنظيمات سبقتها من قبيل األسرة و العشيرة و
القبيلة ثم سلفها المباشر الدولة بمفهومها القديم ،غير أن الدولة الحديثة مفهوم واسع يقوم
على أساس التنظيم هذا األخير الذي يعتبر سمتها األساسية وكذالك الوسيلة الفعالة لتحقيق
ماهو منشود منها _األمن واإلستقرار،-وكما سبق وجاء معنا فإن هذا الموظوع قد نظر من
لدن العديد من الفقهاء و المفكرين األمر الذي قد إنعكس على أصناف الدول وأنواعها ،إال
أن المفهوم السحري في هذا الموظوع-أصناف الدول وأنواعها في شكلها الحديث-هو
الفصل بين السلط.
إن مفهوم الفصل بين السلط يراه جل الفقهاء عن حق حجر الزاوية في فهم الدولة الحديثة
وتصنيفها ومن أهميته فسوف يرافقنا طيلة هذه الدراسة نظرا إلرتباطه مع موضوع البحث
حيث إن المجلس األعلى للسلطة القضائية -المجلس األعلى للقضاء -يعتبر آلية من آليات
تفعيل هذا الفصل والسهر على إستقاللية السلطة القضائية،لذالك وقبل الخوض في تنظيم
المجلس األعلى للسلطة القضائية البد ووضعه-محل البحث -في السياق الصحيح الذي
يمكننا من اإللمام به.
إن مبدأ الفصل بين السلطة مبدأ دستوري تطرقت له تعتمدها جل األنظمة الدستورية
العالمية بإختالف مشاربها مع اإلختالف من حيث التنزيل،لكنها تدرس بشكل عام على
أساس ثالث نماذج (النموذج الخاص بالنظام البرلماني )(النموذج الرئاسي)(النموذج
الخاص بالنظام الشبه رئاسي)حيث إن النموذج األول يعتمد الفصل النسبي وتعتبر بريطانيا
المرجع األساسي لهذا النظام ،أما النموذج الثاني يعتمد الفصل المطلق بين السلط ورائدته
الواليات المتحدة األمريكية ،أما النموذج الثالث فيقوم على المزج بين خصائص النظامين
السابقين فيعتبر هجينا وتعتبر الجمهوري ة الفرنسية المثال العملي لهذا النموذج،ولئن إختلفت
هذه الدول في كيفية تدبير سلطهاومؤسساتها(هذا اإلختالف راجع إلى أساس السيادة التي
تتمتع بها الدول ) إلى أن السلطة القضائية كانت نقطة توافق وإنسجام بين جل األنظمة
الدستورية من حيث إقرار مبدأ إستقاللية السلطة القضائية فال تشحذ إحداهن عن هذه القاعدة
،غير أن نوع التنظيم المعتمد داخل السلطة القضائية و المهام الموكولة لهاتختلف بإختالف
الدولةو النظام الذي تعتمده ،فنجد على سبيل المثال الواليات المتحدة األمريكية التي تعتمد
نظام قضائي مزدوج يخدم الطبيعة الفدرالية المتميزة بنوع من اإلستقالل الذي تتمتع به
والياتها ،على هذا األساس وجدت محاكم الواليات والمحاكم الفدرالية ،هذا اإلختالف يطال
حتا مهام كل نوع من أنواع هذه المحاكم (مؤلف الذكتور أحمد مالكي) ،األمر نفسه يظهر
عند اإلطالع على الجمهورية الفرنسية فإستقاللية السلطة القضائية قاعدة أساسية مع إعتماد
تنظيم يقوم أساسا على اإلزدواجية حاله حال الواليات المتحدة األمريكية إنما اإلختالف
يكمن في أنا التقسيم هنا يعتمد على نوع القضايا بين ماهو إداري والذي يخرج عن دائرة
القانون اإلداري وبالتبعية إختالف المهام وفق ذالك (مؤلف الذكتور أحمد مالكي األنظمة
الدستورية الكبرئ) ،األمر ذاته بالنسبة لبريطانيا والمغرب المتبنيان للنظام البرلماني
وبما أنا دراستنا منصبة على النظام المغربي فإن التركيز واجب على التجربة
المغربية،فنجد أن النظام الدستوري المغربي تبنى البرلمانية األمر الذي يظهر جليا من
خالل اإلطالع على الفصل األول من الوثيقة الدستوريةاألخيرة (نظام الحكم بالمغرب نظام
ملكية دستورية ديموقراطية برلمانية و إجتماعية )،وكما سبق وذكر أن أهم خصائص هذا
النظام هو الفصل المرن بين السلطات الذي يتيح نوع من التعاون المؤطر حيث يسمح
بتحقيق أعلى النتائج دون تجاوز الحدود الخاصة بكل سلطة ،أي أن المغزى من هذا النظام
هو تحقيق نوع من التوازنبين السلطة وهو األمر الذي إلتزم به النظام المغربي إلى حد بعيد
مع بعض الخصوصيات.
من خالل تحليل الوثيقة الدستورية لسنة 2011م ،حيث عمد المشرع إلى تناول األحكام
الخاصة بالسلطة التشريعية في الباب ،4والخاصة بالسلطة التنفيذية في الباب،5وخشي
الباب, 6لتنظيم العالقة بين الملك و السلطة التشريعية و العالقة بين السلطة التشريعية
والتنفيذية،هذا الشكل المعتمد يدل بشكل صريح على تنزيل المبدأ الذي يقوم عليه اإلختيار
البرلماني أما الخصوصية المغربية تستشفت من الشكل و المضمون ،فنجد المشرع خص
السلطة القضائية (السلطة القضائية مفهوم حديث ظهر مع الوثيقة الدستورية لسنة)2011
بباب خاص يظم جميع المقتضيات الخاصة بهذه السلطة دون أن يستتبعه-الباب-بأخر ينظم
عالقة بين هذه السلطة وأخرى كما فعل المشرع في الباب6أما من حيث الموضوع فإن
المشع الدستوري قد عمد إلى تخصيص فرع خاص وهو األول من الفروع الثالث المعنون
بإستقالل القضاء وعنون الفرع الثاني بالمجلس األعلى للسلطة القضائية.
تأسيسا على ما سبق ال يخالط شك متأمال لما ذكر أعاله ،أن المشرع الدستوري المغربي
خص نظامه بفصل قاطع للسلطة القضائية ،وأنه جعل من إستقاللية السلطة القضائية ضالتة
وغايته المنشودة -المستنتج من تخصيص فرع خاص بألية أعدت من أجل تحقيق اإلستقاللية
للسلطة القضائية .
إن التوجه الدستوري مغربي المبين سابقا اليعد ترفا فكريا أو محاولتا للتميز ودفع شبهت
التقليد بل هو نتاج األهمية البالغة التي يلعبها القضاء من جهة وإلى تراكمات التجارب
األجنبية والوطنية
إن السبب األول و المباشر الذي دفع المشرع المغربي إلى تمييز السلطة القضائية هو الدور
المهم الذي تلعبه هذه األخيرة والذي ال يختلف أي نظام معاصر على أهميته.
معلوم أن المهمة األساسية الموكولة إلى القضاة هي الفصل في النزاعات المعروضة أمامهم
فيرجع بذلك الحقوق إلى أصحابها ويضرب على يد المجرمين مما يساهم في إستقرار
الجتمع وشيوع األمن واألمان ،فهذا الهدف يتسم بالسمو من الجهة األخالقيةواألهمية على
المستوى السياسي كونه يقوي دعائم المالك وشرعيته،من خالل ثقة الشعب الذي يعتبر ركن
من أركان الدولة ،في القضاء الذي يصون حقوقه ومصالحه مما يجعل المواطنين يشعرون
باإلنتماء إلى وطنهم و الدفاع عنه عند الحاجة و االنخراط في تدبير شؤون الحاضر و
المستقبل فكل هذا يقوي دعائم الحكم
فلكل ماذكر يكون القضاء أو السلطة القضائية متميزة عن باقي السلط األخرى لهذا شبه
أساسا بصمام األمان
وتظهر األهمية جليا كذلك من خالل التخبطات التي نتج عنها ظهور مفهوم السلطة القضائية
سواء في الجمهورية الفرنسية أو التي عاشها النظام المغربي نفسه .
في فيما يخص التجربة الفرنسية فإن إختيارها راجع لكونها المرجع التاريخي للقانون
المغربي ،وهذه التجربة ال تستقيم دراستها من دون الوقوف على أهم حدث ميزها -الثورة
الفرنسية -حيث إن هذا الحدث أضحى معه التحليل القويم يعتمد منهجية قبل الثورة وبعدها
،وهو األمر الذي أرخى بظالله على القضاء حيث إن الثوار إختبارات القضاء وسيلة من
شأنها أن تقف حجر عثرة أمام طموحاتهم التي من أجلها ثاروا على النظام القديم -الملكي-
التصور الناتج عن توجهات القضاة إبان الفترة السابقة للثورة مما حدى بالمتحكمين في
زمام األمر بعدها إلى غل يد الق ضاة وتحويلهم إلى مجرد موظفين أو مكلفين بمهام األمر
الذي خلقت معه فكرة أن القضاة مجرد لسان ينطق بالقانون إال أن الجانب العملي آبان على
الثغرات التي تنتج عن إعماله ،والمميزات السابق ذكرها تشكل نقيض تلك الثغرات أي أن
النظام الفرنسي قد إعتمد منهج تعزيز مكانة القضاء وتميزها عن باقي السلط.
بنفس التغير الفكري الذي أسس التجربة الفرنسية عرفته التجربة المغربية الكن في فترة
زمنية متأخرة فالمشرع المغربي ظل متأثر بالفكر الذي أرسته الثورة الفرنسية رغم التراجع
الذي طالها ،نظرا إلى كون المغرب طالته الحماية الفرنسية ردحا من الزمن و بعد
اإلستقالل لم يكن متوافر من األطر إال الذين كونهم نظام الحماية الفرنسية أو الذين تاثروا
بأي شكل من األشكال بالتجربة الفرنسية باإلضافة إلى دور المؤلفات الفقهية الفرنسية
المعتمدة آنذاك
كل هذه األسباب أثرت على الوثائق الدستورية السابقة لسنة 2011محيث غاب مفهوم
السلطة القضائية ونتشر مفهوم الوظيفة أو المهمة الممارسة تحت رقابة السلطة التنفيذية
حيث يستنتج ذلك من خالل المصطلح المستعمل -القضاء-دون إرفاقه بالسلطة كما هو األمر
عليه األن الكن األمر لم يكن على نفس الشاكلة في الترجمة إلى اللغة الفرنسية التي قد
إعتمد فيها المشرع على مصطلحات تثير بعض اإلرتباك في الوهلة األولى،حيث إعتمد
فالمعنى المقصود من هذا المصطلح هو المهنة Autorité judiciaireالمشرع مصطلح
أي مهمنة القضاء إال أن جل من يتعاطى مع هذا النص ينساق وراء مفهوم السلطة،األمر
لهما نفس المعنى إذاماترجمة إلى اللغة pouvoireوautoritéالراجع إلى كون مصطلح
pouvoire .العربية الكن التي تدل على السلطة فعال هي
الدور األهم في تدخل السلطة autorité judiciaireلقد لعب مفهوم القضاء كمهنة
التنفيذية الممثلة في وزارة العدل في شؤون القضاء حيث كانت تعتبر الجهة الوصية عليها
،والقرينة قاطعة على ماكان سائدا في تلك الفترة-إختراق جسم القضاء -من المهام التي كان
وزير العدل يضطلع بها في إطار مسؤوليته عن قطاع القضاء ،أولهاوأهمها هو نيابته عن
رئيس المجلس األعلى للسلطة القضائية األمر الذي كان يسمح له بتسيير أعمال المجلس
باإلضافة إلى تدبير كل ما يتعلق الوضعية الفردية للقضاة سواء من حيث التعيين أو اإلنتقال
والتأديبو الترقية وكان في هو الجهة الوحيدة المخول لها إتخاذ بعض القرارات من قبيل
اإلحالة على التقاعد يظاف لها اإلحالة على المجلس التأديبي وتعيين المقرر في المسطرة
التأديبية وإتخاذ العقوبات من الدرجة األولى (التوبيخ و اإلنذار )كما كان المتحكم في وضع
الئحة األهلية للترقي الخاصة بالقضاة إضافة إلى كل هذا كان له الحق في أن يقترح تعيين
قضاة النيابة العامة الذي كان وزير العدل رئيسهم فيحق له وبموجب ذلك أن يوجه لهم
تعليمات عامة أو خاصة بغية تأطير عملهم حتى أن مبدأربط المسؤولية بالمحاسبة يجد مكان
له في العالقة بين وزير العدل و القضاء ،كون وزير العدل في تلك الفترة -السابقة عن
2011م -كانت توجه إليه آسئلة شفوية و كتابية عن قضايا رائجة أو أحكام قد أصدرت .
نظرا لخطورة هذه الممارسات والتي أبانت عنها التجربة فقد أضحى المجتمع المغربي
مقتنعا بالعديد من الصور النمطية عن القضاء الغير عادل و لمنحاز فكان مفهوم إستقالل
القضاء مفهوم في نظر المجتمع هدف بعيد المنال ،ممادفع الملك إلى إعطائه أهمية بالغة -
األمر الذي سنعود له بشكل مفصل -فبالتبعية إهتمت باقي السلط والجهات المسؤولة إذتحول
القضاء إلى محط إصالحاتعدة،لعل أبرزها هو تقليص نفود وزير العدل وغل يده عن تلك
المهام التي كان يمارسها فجرد إثر ذالك من أهم مهامه وهي النيابة عن رئيس المجلس
األعلى للقضاء و بالمهام األخى ذات الصلة مع هذه المهمة -كل ماله عالقة بالوضعية
الفردية للقضاة -كذلك رئاسته للنيابة العامة وسؤاله عن القضايا في البرلمان .
إن هذه الخطوة تعتبر أول تجسيد عملي للمنعطف التاريخي الذي كان تحقيقه هدف مرحلة
تولي الملك محمد السادس عرش المغرب،وشكل نسيم الصلح الذي سوف يربط القضاء
بمكونات المجتمع و المتقاضين بشكل خاصكونهم الفئة المعنية والتي تالمس عن كثب التقدم
األمر الذي تحقق بشكل كبير حيث تفائل المجتمع المدني بهذه التغييرات التي جاءت بعد
فترة عصيبة عاشها المغرب ودول الجوار -الربيع العربي-واستمرت رغم لذلك مسيرة
إصالح القضاء و منظومة العدالة على المستوى القانوني أو المادي و حتى الرقابة التي
هدفت مجتمعة إلى تحقيق هدف أسمى وهو إستقاللية السلطة القضائية.
فرغم كل هذه المحاوالت ذات الصفة القانونية التي أحدثت نوع من التحسين في أداء
القضاة وإستقالليتهم إلى أن هذا المفهوم بدوره قد تطور وأضحى يضم العديد من النقاط
األخرى المهمة مما وسع نطاق التدخل المطلوب ،فالمفهوم السائد في الفترة السابقة عن
إستقالل السلطة القضائية -القاضاءقبل -2011هو تكوين القاضي لقناعاته بشكل مستقل
ودون أي تدخل أجنبي ،الن مع الوثيقة الدستورية لسنة2011م تجزأ مفهوم إستقال لية
السلطة القضائية إلى مفهوم مؤسساتي وأخر ذاتي ،وتبعا لهذا اإلنقسام تعددت الحلول
المطروحة .
المقصود بالجزء المؤسساتي هو جعل السلطة القضائية مستقلة عن أي سلطة أو هيئة يمكن
أن تؤثر عليها سواء من جانب المادي أو الوجستيكي أو البشري،...وقد سبق و أوردنا
مكانة التنظيم في مفهوم الدولة الحديثة ومكانة القضاء،وقد أوكلت العديد من هذه المهام
بمؤسسة دستورية(المجلس األعلى للسلطة القضائية ).
أماالمفهوم الذاتي فيخص أساسا القضاة وعالقتهم بمن يعلوهم رتبة إضافة إلى الجانب
المادي ،بالنسبة للنقطة األولى لم يكن المشرع غافل عليها ،فنجد الوثيقة الدستورية األخيرة
تحديدا الفصل 110الذي أورد فيه المشرع المرجعية الوحيدة التي يعتمد عليها القاضي عند
إصداره لألحكام وهي القانون دون سواه من األوامر أو التوصيات أو الطلبات
،والفصل 109حيث تضمن منع من توجيه األوامر إلى القضاة ،الن ال يجب الخلط
بخصوص هذه النقطة األخيرة بين قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة ،فرغم أن كل واحد من
الصنفين يحمل نفس الصفةويخضعون لنفس األحكام سواء المتعلقة بإجتياز مباراة الملحقين
القضائيين أو فترة التدريب وكذا التعيين والترقي...إال أن بينهما فرق جوهري يؤثر على
مشروعية تقديم أوامر للقضاةحيث إن النيابة العامة جهاز يخضع لما يسمى بنظام السلطة
الرئاسية ،التي تفترض تقديم أوامر وتعليمات واجبة التنفيذ بالنسبة لمتلقيها الذي دائما ما
يكون أقل رتبة من مقدمها تحت طائلة توقيع الجزاء،فنجد الوكيل العام للملك الرئيس
المباشر لكل قضاة النيابة العامة في الدائرة القضائية لمحكمة اإلستئناف واألمر ذاته بالنسبة
لوكيل الملك بالنسبة للدائرة القضائية الخاصة بالمحكمة اإلبتدائية التي يمارس بها مهامه
،وهو األمر المفقود عند قضاة الحكم فال تربطهم برئيس المحكمة أي عالقة سوى الزمالة
و اإلحترام من حيث صفته كرئيس المحكمة وكقاضي أعلى درجة منهم وليس بإعتباره
رئيسا عليهم .
فرب قائل إن هذه الخصيصة التي تمتاز بها النيابة العامة تقوض مبدأ إستقالل السلطة
القضائية ،وهو الطرح الذي كان يفرض نفسه بقوة خالل الفترة التي كان يرأس فيها النيابة
العامة من ال ينتمي إلى السلك القضاء -وزير العدل-كما سبق وتناولناه وقد أثار هذا
الموضوع اللعاب وأسال مداد الفقه فكان شكل هذه الممارسة مثار سخط الفقه مما أثار
المشرع ودفعه نحو إصدار القانون33.17تفعيال للظهير الملكي الشريف رقم1745ل8ذي
الحجة 1438الموافق ل30أغسطس2017م التعلق بنقل إختصاصات السلطة الحكومية
المكلفة بالعد للوكيل العام للملك لذا محكمة النقض بصفته رئيسا النيابة العامة
يضاف على المقتضيات القانونية إجراءات أخرى ذات طابع مادي أهمها الرفع من رواتب
القضاة التي كانت حتى وقت قريب مبالغ هزيلة ال تتماشى مع المستوى المعيشي الحالي وال
مع الوضعية اإلعتبارية األمر الذي كان يؤثر سلبا على إستقاللية القضاة كون هؤالء جزء
من المجتمع يتأثرون باظغوط المادية مما قد يقع البغض منهم إلى اإلنحراف،إستجيب لهذه
المطالب حيث قد تمت الزيادة في الرواتب والزالت األصوات من داخل جسم القضاء
تطالب تحسينات أخرى خدمة لمبدأ اإلستقاللية،إلى جانب ماهو مادي هنالك عوائق أخرى
تنظيمية أهمها ما يتعلق بالترقية فالترقية في حد ذاتها ال تشكل إشكاال إالأن الطريقة
المعتمدة في الوظائف ال تتماشى مع القضاء و اإلستقاللية المرجوة فالمعمول به حاليا هو
كون التنقيط الذي من خالله تتم الترقية يقوم به رئيس المحكمة األمر الذي يشكل ضغطا
على القاضي وعلى حريته وإستقالليته باإلضافة إلى المعيار المعتمد من أجل التنقيط وهو
عدد القضايا المنجزة األمر الذي أثبت عدم فاعليته كون القضايا المعروضة على المحاكم
تختلف وتختلف الفترات التي يحتاجها القاضي أو الهيئة من أجل البت في القضايا ،حسب
تعقيدها وال شاهد على تفاوت القضايا من حيث الصعوبة من قرار المجلس األعلى للسلطة
القضائية عدد 71244بتاريخ 21دجنبر 2023الذي حدد األجال اإلسترشادية ومن ما
تناوله وأبان الفرق بين القضايا نجد مثال حالة القضايا العقارية التي حدد لها365في
المرحلة اإلبتدائية و 45يوم لقضايا التدييل بالصيغة التنفيذية،مما أضحى معه تدخل المشرع
أمرا ضروريا لحماية إستقاللية السلطة القضائية والقضاة
إن كل ما سبق ذكره في إطار السعي نحو تحقيق إستقاللية السلطة القضائية و القضاة يعتبر
مهما غير أن وكما سبق تأسيسه فإن الدولة سارت نحو -المأسسة-األمر الذي يطرجم في
مانحن بصدد دراسته بالمجلس األعلى للسلطة القضائية هذه األخيرة التي رآت النور منذ
الوثيقة الدستورية األول للمغرب سنة 1962إلى غاية2011م فبعد صدور الوثيقة
الدستورية لنفس السنة تغيرت تسمية المؤسسة ومهامها حيث قبل الوثيقة الدستورية األخيرة
للمغرب كانت هذه المؤسسة مسماة المجلس األعلى للقضاء ونحصرت مهامها في إقتراح
هذا المجلس للقضاة من أجل أن يقوم الملك بتعيينهم و السهر على تطبيق الضمانات
الممنوحة للقضاة فيما يرجع لترقيتهم وتأديبهم األمر الذي تغير بعد سنة 2011م فأضحت
التسمية كما هي عليه األن المجلس األعلى السلطة القضائية والمهام أضيف عليها السهر
على اإلستقاللية السلطة القضائية ،فمن ما سبق إن تاريخ 2011م كان تاريخا فاصال في
حياة السلطة القضائية كمفهوم ساد فترة ليست بالهينة دون أن ينزل على أرض الواقع و
السبب وراء تغير الوضعية بعد التاريخ السالف الذكر راجع إلى عدة نقاط أولها الفكر
الثوري الذي عصف بالمنطقة كاملة -الربيع العربي -وأهمها الرؤية والتوجيهات الملكية
التي أحاطت بهذا الموضوع من خالل الخطب الملكية و الرسائل الملكية والتي كان أكثرها
تأثيرا هو الخطاب الملكي سنة 2009م بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب (إن إختيار هذه
المناسبة لم يكن وليد الصدفة بل للتيمن بروح التضامن المنشود بين الملك والشعب لتطوير
القضاء ومنظومة العدالة كما سبق وكان هذا التضامن من أجل تحرير المغرب من الحماية
سابقا ) الذي تضمن العديد من النقاط التي تدور بين أهداف ووسائل
األهداف
دعم ضمان اإلستقاللية
تحديث المنظومة القانونية
تأهيل الهياكل القضائية واإلدارية
تأهيل الموارد البشرية
الرفع من النجاعة القضائية
الوسائل:بنوعيها األساسية والفرعية المتمثلة في تبني نهج تشاوري وإظهار في إطار تقوية
العدالة والقطع مع الممارسات والتراكمات السلبة المقاربة األحادية والجزئية