Professional Documents
Culture Documents
.
.
معر املوريف
منتدب قضايئ مبحمكة ا إلس تئناف بورزازات
1
.
:
2
:
.
ال شك أن القفزة النوعية التي تعرفها الدولة املغربية منذ إعتالء جاللة امللك محمد
السادس لسدة العرش قد أدخلت كل مكونات اململكة في خضم النهض ـ ــة و التقدم،هذا
ألاخير الذي عرف مسارا جديد بصدور الدستور الجديد املصـ ــوت عليه في استفتاء الفاتح
من يوليو من سنة 1122و الذي إختار من خالل ـ ـ ــه املغاربة مسايرة الربيع العربي ,لكن
بخصوصية مغربية قحة من جهة،و مواكبا للتطورات التي تعرفها الساحة العاملية من
جهة أخرى .و كطفرة نحو تحقي ـ ــق الرقي باإلنسان في كافة املجاالت ما دام أن ألاخير يعتبر
العنصر الهدف في ك ــل مشروع إجتماعي أو إقتصادي أو سياس ي.
و تظل املؤسسة القضائية من بين املؤسسات التي حظيت باألولوية سواء مـن طرف
عاهل البالد ،أو الحكومة،أو القوى السياسية،أو مختلف مكونات املجتم ــع املدني .ذلك
ألن القضاء( )2يعد الركيزة التي إن صلحت معها الدولة ما دام أنة يسعى إلى تقوية دور
املؤسسات و سيادة القانون،وتحص ــين املجتم ـ ـ ــع ،و تعزيز ألامن و الطمأنينة ،وتشجيع
إلاستثمارو دعم التنمي ـ ـ ـ ــة الشام ـ ــلة و املستدامة.
وقد عرفت املؤسسة القضائية كغيرها من املؤسسات ألاخرى مجموعة من إلاصالحات
لتفعيل الدور املنوط بها ،هذا إلاصالح الذي أعطاه جاللة املـ ـ ـ ــلك مفهوما جديدا من خالل
خطابه الذي ألقاه بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية لسنــة 1121و املتمثل في " القضاء
في خدمة املواطن " و ذلك إيمانا منه باملزاي ــا و الضمانات التي يحمله هذا املشروع
إلاصالحي الساعي إلى الرقي بالـ ـ ــعالقة القائمة بين املؤسسة القضائية و العاملين بها من
ناحية ،وبين هؤالء و ع ــموم املواطنين من ناحية ثانية ،بل ويظل املواطن العنصر ألاهم في
هذه العالقة.
و تكريسا ملسلسل إلاصالح فقد عمد املشرع إلى تبني مجموعة م ـ ـ ــن التعديالت في
املنظومة القانونية مسايرة للتطورات و املتغيرات ال ـ ـ ــتي يعرفها املجتمع،أهمها التعديالت
التي طالت التنظيم القضائي للمملكة سيما ما بات يصطلح عليه ب" قضاء القرب "
والذي يظل في نظرنا الشخ ــص ي من الوسائل التي ستعطي املعنى الحقيقي ملفهوم القضاء
في خدمة املواطن على أرض الواقع.
و ال أحد يجادل اليوم أو ينازع في الدور الفعال و الحيوي الذي تضطلع به هيئة كتابة
الضبط ( )1داخل املنظومة القضائية،حيث أصبح إلاعتراف به ــذه الحقيقة من البديهيات
التي تفرض نفسها على كل متعامل مع املحاكم ،فه ــي ليست بمؤسسة حديثة وال دخيلة
3
.
على النظام القضائي املغربي إذ أننا نج ــد لها جذورا في النظام القضائي إلاسالمي الذي ال
يستكمل كل مقوم ـ ـ ــاته إال بحضور الكتاب الذين يكتبون ما جرى بين الخصوم،و تدوين
ما توجب ل ــهم من حقوق و ما يتحملونهم من التزامات.
و ال مبالغة إن سايرنا القائلين بأن كتابة الضبط هي ال ـ ـ ــعمود الف ــقري للمحكمة و قلبها
النابض ( )3مادام القضاء ال يستطيع القيام بدوره علـ ــى أتم وجه و تأدية الرسالة املنوطة
به من دون هذا الجهاز املهم ،فكتابة الــضبط تتدخل في العمل القضائي في كافة النواحي
و املراحل بدءا بمرحلة إعـ ــداد القضايا ،مرورا بمرحة مواكبتها أثناء سيريانها أمام املحكمة
،ليمتد الـدور إلى ما بعد صدور ألاحكام أي مرحلة التنفيذ.
كما أن هذه ألاهمية تظهر جليا في كون هيئة كتابة الضبط هي الواجـ ــهة ألامامية
للعالقة الرابطة بين املح ــاكم و الوافدين عليه ــا و ما يعني ــه ذلك التفاعالت و إلانفعاالت
التواصلية بكل مكوناتها.
و لكون هذه الهيئة تعد من ألاوراش املعنية باإلصالح نهوضـ ــا ب ـ ــدور القضاء من جهة ،و
نظرا ملا تحظى به كتابة الضبط داخل أسرة الـ ـ ــعدالة
لدرجة أن جاللة امللك ربط بين النهوض بأوضاعها و إصالح القط ــاع وذلك بوضع نظام
أساس ي محصن و محفز خاص بها ( )4من جهة ثانية .فسنعم ــل على الحديث عن هذا
الجهاز و دوره في تفعيل مبدأ " القضاء في خـ ـ ـدمة املواطن " من خالل إعطاء بعض
املقترحات العملية املس ـ ــاعدة في ذلك ،لكن قبل التطرق لهذه النقطة سنسلط الضوء
أوال عل ـ ــى املسيـ ـ ـ ـ ــرة
إلاصالحية التي عرفها قطاع العدل ،كنقطة بداية ملشروع إلاصالح بمفهومه الجديد،ثم
بعدها نتطرق للحديث عن مؤسسة قضاء القرب
كنموذج تطبيقي لقضاء في خدمة املواطنين ،وكذا مكانة السلطة القضائية ضمن
الدستور الجديد للمملكة.
و عليه سنتناول هذا املوضوع من خالل فصلين أساسين كالتالي :
القضاء في خدمة المواطن الفصل األول:
دور كتابة الضبط في تفعيل المبدأ الفصل الثاني:
4
.
الفصل األول
5
.
إملاما بهذا الفصل من كل النواحي سنتناوله من خالل مباحث أربع ـ ــة نخصص ألاول
للحديث عن مشروع إلاصالح القضائي كنقطة البدايـ ـ ــة ،و الثاني للمفهوم الجديد إلصالح
القضاء،بينما نتطرق في املبحث الثال ــث إلى قضاء القرب ،و أخيرا إلاشارة إلى أهم
املستجدات التي أتى به ـ ـ ــا الدستور الجديد للمؤسسة القضائية.
يعتبر إصالح القضاء من ألامور و القضايا التي أسالت العديد من ألاقالم املهتمة بالشأن
القضائي باململكة ،و من مواضيع الساعة التي ما فتئت كل الفعاليات الحقوقية و
السياسية و الفكرية تدعوا إليه ملا يحظى به القضــاء من أهمية قصوى تتجلى في كونه
يعد من الدعامات ألاساسية لدولة الــحق و القانون،و ترسيخ قيم حقوق إلانسان كما هي
متعارف عليها دوليا .كم ــا أن الصرح الديموقراطي في الدول ـ ــة يستوج ـ ــب وجود عـ ــدالة
متميزة باإلستقاللية و النزاهة و الحياد حتى تستطيع فض كل النزاعات و الخالفات القائمة
بين ألافراد و الجماعات و الدولة إحقاقا للحق و رفعا للظلم و إرجاع املظالم إلى أهلها،ألن
الهدف من كل ذلك هو إنجاح ألاوراش إلاجتمـ ــاعية و إلاقتصادية و السياسية و املدنية
للدولة.
و من أجل الوصول إلى إصالح قضائي شامل و حقيقي فقد اتفق أغل ــب املهتمين على
نقاط أساسية يجب تحقيقها حتى يمكن الوصول ما أمـ ــكن للهدف املنشود من املشروع
إلاصالحي و التي يمكن أن نلخصها ف ـ ــي النقاط العريضة التالية :
واسع،فإن كانت رئاسة املجـ ــلس املوكولة للملك ال تثير أية إشكالية كما هو الحال بالنسبة
ملختلف الدول .فإن عكس ذلك يحصل حين الحديث عن وزير العدل بصفته عضوا في
السلطة التنفيذية،والحال أن من الضمانات ألاساسية إلستقالل القضاء تتمثل ف ـ ـ ــي
الفصل بين السلطة القضائية و السلطتين التشريعية و التنفيذية .و بالتالـ ــي و جب إسناد
النيابة عن السلطة الدستورية ألاولى التي هي امللك للقض ـ ــاة أنفسهم.
كما أن إلاستقاللية قد ربطها البعض( )2بسلوك القاض ي و شخصيته،و اعتبر
أن النصوص القانونية تبقى غير ذي أهمية إن كان القاض ي الـ ــذي سـ ــوف يطبقها غير أهل
لذلك.أي أن صفات القاض ي الشخصية هي الـ ــتي ت ـ ــحقق الاستقالل للقضاء قبل
النصوص الدستورية و القانونية.
و في هذا إلاطار فنحن نشاطر – و بكل إلحاح -رأي القائلين بض ـ ـ ــرورة إلالتفات للحالة
املادية و إلاجتماعية للسادة القضاة،ألن عجز الـ ــقاض ي عن
تلبية حاجياته و حاجيات أسرته اليومية قد يجعل مناعته تض ــعف ض ـ ـ ــد إلاغراءات و
املؤثرات،و بالتالي املساس باستقالليته و استقاللية القض ــاء ككل.
إجماال فاستقالل السلطة القضائية إن توفرت فنتائج ذلك ستترجم إلى ضمان إلاستقرار
السياس ي و الرقي بالعدالة التي تعتبر العنصر الحاسم في تن ـ ــمية إقتصاديات قوية و منيعة و
مشجعة لإلستثمارات الوطنية و ألاجنبية،و دفعــا بعجلة النمو إلاقتصادي و التطور
إلاجتماعي و السياس ي للبالد.
7
.
8
.
يحتل قطاع العدل مكانة خاصة لدى جاللة امللك الذي يول ـ ـ ــيه عنايته السامية،و أكد
جاللته مرارا عزمه على مواصلة إصالح القضاء ليستجيب ملتطلبات العدل و التنمية
باعتبار أن دولة الحق و املؤسسات ال يم ـ ــكن ترسيخ دعائمها و تقوية أسسها إال بوجود
قضاء عادل و نزيه يق ـ ـ ــوم بالدور املنوط به على أحسن وجه.
و نظرا ملا يكتنف مفهوم العدالة م ـ ــن غموض،إذ تض ــاربت آلاراء و ألاطروحات و وجهات
النظر بخصوصه،حيث أعطاها البعض بعدا سياسيا تهدف إلى حماية الحريات السياسية
و الحقوق الطبيعية .بينما أعط ـ ــاها البعض آلاخر بعدا إقتصاديا باعتبارها تسعى إلى
التوزيع العـ ـ ـ ـ ـ ــادل للثروات،في حين ربطها آخرون بالدور الذي تقوم به في محاربة الجريمة و
حماية املجتمع.
و في خضم هذا الزخم من التعريفات املتنوعة للعدالة،قدم جاللة امللك إقتراحا آخر و
مفهوما جديدا للعدالة،هذا املفهوم الذي لم يأتي من فــراغ أو عدم ،وإنما كمرحلة متقدمة
و ناضجة ملسلسل إصالحي نهجته البــالد بطريقة جديدة و جدية منذ إعتالء جاللة امللك
لعرش أسالفه امليامي ـ ــن.
و قد كشف جاللته عن هذا املفهوم في خطابه السامي بمناسبة افتت ــاح الدورة ألاولى من
السنة الرابعة من الوالية التشريعية الثامنة و الذي هــو " القضاء في خدمة املواطن ".
حيث أوضح جاللته بهذا الخصوص أنه << و على غرار مبادرتنا للمفهوم الجديد للسلطة
الهادف لحسن تدبيـ ـ ــر الشأن العام فقد قررنا أن نؤسس ملفهوم جديد إلصالح العدالة أال
و هـ ــو "القضاء في خدمة املواطن">>
كما أكد أن السلطة القضائية بقدر ما هي مستقل ــة عـ ــن الجه ـ ــازين التشريعي و التنفيذي
،فإنها جزئ ال يتجزأ من سلطة اململكة،وسي ـ ــادة قوانينها،و حماية حقوق التزامات
املواطنة.
و ألح جاللة امللك في هذا الصدد على << أن حسن تنفيذ مخططنـ ـ ــا لإلصالح العميق و
الشامل ملنظومة العدالة،ال ينحصر فقط في عم ـ ـ ــل الحكومة و البرملان ،إنما هو
رهين،أساسا ،باألداء املسؤول للقضاة >>
9
.
كما أضاف أنه << تجسيدا لعزمنا الراسخ على توطيد سلطة الدولة علــى دعائم سيادة
القانون،وسمو القضاء الفعال،فإننا نؤكد على أن املفهـ ــوم الجديد للسلطة الذي أطلقناه
في خطابنا املؤسس له بالدار البيضاء فـ ــي أكتوبر 2111يظل ساري املفعول >>
و في ذات السياق قال وزير العدل السيد محمد الطيب الناصري يوم 22أكتوبر 1121أن
مفهوم القضاء في خدمة املواطن الذي أعلن عن ـ ــه جاللة امللك محمد السادس يكرس في
الواقع البعد إلاجتماعي للقض ـ ــاء باعتباره الساهر على سيادة القانون و الضامن لحماية
حقوق و التزامات املواطنة،و كذا العامل الفعال لإلسهام في تحقيق التنمية.
كما أوضح السيد وزير العدل في كلمة ألقاها بمناسبة التوقيع علـ ـ ــى إتفاقية ثالثية
ألاطراف( )4تتعلق ب"برنامج دعم تطبيق مدونة ألاسرة من خالل تطوير ولوج النساء إلى
خدمات العدالة" أنه تنفيذا للتوجيهـ ـ ــات امللكية السامية فإن مفهوم "القضاء في خدمة
املواطن" هو منط ـ ــلق برنامجنا و عليه تتمحور مخططاتنا ،و إليه ترمي أهدافنا ،و نعمل
ف ـ ــي وزارة العدل على تحقيقه على أرض الواقع من خالل إجراءات ملموس ــة ،و خطط
مضبوطة.مضيفا أن الخطاب امللكي السامي املذكور يشكل دفع ــة قوية ،جديدة إلصالح
العدالة ينضاف إلى توجيهات جاللـ ــته املتعلق ـ ــة باإلصالح الشامل و العميق ملنظومة
العدالة الذي أعلن عنه في الخطاب التاريخي ليوم 11غشت 1111
و في ذات املنحى صرحت السيدة نزهة الصقلـ ــي وزيرة التنميـ ـ ـ ــة إلاجتماعية و ألاسرة و
التضامن بمناسبة التوقيع على إلاتفاقي ـ ـ ــة املذكورة بأن مفهوم القضاء في خدمة
املواطن الذي أعلنه جاللة املـلك يعتبر إشارة قوية لألهمية القصوى التي تكتسيها العدالة
في مسار بن ــاء دولة الحق و القانون ،مضيفة أن املفهوم الجديد هذا يساهم في تعزيـ ــز
مشروع بناء مجتمع حداثي و ديموقراطي،و تقوية دينامية إحترام حق ـ ــوق إلانسان.
و بالرجوع إلى الخطاب امللكي املؤسس للمفهوم الجديد إلص ـ ـ ــالح القضاء سنجده يؤسس
هذا املفهوم على مرتكزات و دعائم أساسية تشكل ألاهداف املتوخاة من تبنيه .و التي
إعتبرها ألاستاذ سعيد بورمان( )5قــد جاءت لتحل محل ممارسات سلبية كانت سائدة،في
محاولة لتجاوز الواقع الذي نعيشه و تعقيداته.
هذه ألاهداف التي حددها جاللته حين قال بأن الهدف املتوخى من جعــل
القضاء في خدمة املواطن هو << قيام عدالة متميزة بقربها مـ ـ ـ ــن املتقاضين،و ببساطة
مساطرها و سرعتها،ونزاهة أحكامها ،و حداثة هياكلها،و كفاءة و تجرد قضاتها،و تحفيزها
للتنمية،و التزامها بسيادة القانون في إحقاق الحقوق و رفع املظالم >>.
11
.
و إغناء لهذا لفصل سنتناول هذه ألاهداف املسطرة أعاله بنوع من التفصيل مخصصين
لكل هدف مطلبا منفردا.
كما يجب من ناحية أخرى إعادة النظر في بعض املهام وذلك بتقليــص عدد املتدخلين في
القضية الواحدة،إذ ال يعقل تدخل عدة أشخاص ف ـ ــي قضية قد يكفي فيها شخصين على
ألاكثر.
وألاخذ بما سلف ال ينبغي له أن يكون موسميا أو مؤقتا( ، )8وإنم ـ ــا أن يظل مستمرا و
قائما ،بل و أن يعتبر منهجا عمليا،و نظاما واجب التطبيق يحمل على ذات ألاساليب التي
تصرف به ألاشغال اليومية.
و تجدر إلاشارة إلى أن و وزارة العدل قد اتخذت قرار إحالة ملفـ ـ ــات ألارشيف بمحاكم
اململكة إلى املراكز الجهوية للحفظ،فعلى مستـ ـ ـ ــوى الدائرة القضائية إلستئنافية ورزازات
فاألعمال جارية من أجل إحال ـ ـ ــة ملفات ألارشيف إلى املركز الجهوي مراكش-أكادير
املتواجد بمدينـ ـ ــة مراكش.و ما يثيره ذلك من تخوفات لدى املواطنين قاطني هذه ال ـ ــدائرة
القضائية،إذ تطرح عدة تساؤالت حول الكيفية و املدة الزمنية الت ـ ـ ــي ستحال بها و فيها
11
.
امللفات املطلوبة من طرف املحكمة لضرورياتها أو الرتباطها بملفات رائجة كملفات الغرفة
املتعلقة بإدماج العقوبات ال ـ ــتي تتطلب توفر امللفين موضوع العقوبتين املطلوب إدماجهما
حيث ن ـ ــرى املحكمة تطلب ضم امللفين للبث في الطلب.وكل ذلك و ما يثيره من إشكال
إستجابة املركز لطلبات إرسال امللفات بالسرعة املطلوبة،والحال أن ـ ــه يستقبل ملفات ثالث
دوائر قضائية!؟
لقد أمست بساطة املساطر القضائية ضرورة ملحة حتى يكون باإلمكــان الدفع بعجلة
الفصل في القضايا املطروحة على املحاكم نحو السرعـ ـ ــة املطلوبة،إذ أن بساطة املساطر و
السرعة في البث في النزاعات القائمة أمران متالزمان.
و لن تتمتع املساطر القضائية بالبساطة إال حين يتم التقلي ـ ــل م ـ ـ ــن التعقيدات الشكلية
التي يعتمد عليها في كثير من ألاحيان على حسـ ـ ــاب املضمون الذي يكون سليما،فبعض
هذه الجزئيات الشكلية قد تجعل م ــن املواطن يعود إلى النقطة الصفر ليبدأ مشواره من
جديد و الت ـ ــخوف ال يزال ينتابه إن كان قد صادف صواب إلاجراءات الشكلية،أم أنه
سيسقط
في براثين إلاغفال من جديد!!
و قد نصادف نوعا آخر من التعقيدات حين نجد أن توقيع وثيقة كشــهادة التسليم من
لدن شخص بعينه دون غيره إن تم التسليم مثال داخل ج ــدران املحكمة الواحدة.أو رفض
أحد املوظفين تلقي تصريح بالت ـ ـ ــعرض أو إلاستئناف أو النقض بذريعة أن زميله بذات
املكتب فالن هو املك ـ ـ ــلف بذلك! مع أن الصالحية قد تمنح لكليهما ما داما يتمتعان بصفة
كات ـ ـ ــب الضبط(.)1
و يرى ذ /سعيد بورمان بهذا الخصوص في املجلس ألاعلى (محكم ـ ــة النقض حاليا) مثال
في تعقيدات وشكليات عريضة النقض ،مما يستوج ــب معه ضرورة خلق ثقافة قضائية
جديدة تعتمد على بساطة املساطر ،وذلك بجرد جوانب التعقيد سواء فيما يخص
اللوجيستيك هل هو يستجيـ ـ ـ ــب للغرض الذي وجد من أجله ،أو الوثائق واملطبوعات من
حيت الشكـ ـ ــل واملضمون،ثم بعد ذلك الكشف عن املساطر املعقدة لنصل إلى التحليـ ــل
باعتماد أفكار مالئمة مع تيهئ البدائل والحلول أكثر فاعلية ،وتحدي ـ ــد كيفية التتبع واملراقبة
وإدخال التصحيحات ومن سيقوم به ــا ،وك ــل ذلك بهدف تيسير الحياة اليومية للمواطنين
12
.
وتحسين عالقتهم مع القضاء م ــن جهة ،وتسهيل نشاط املقاولة وتمكينها مــن املشاركة في
التنمي ـ ـ ـ ــة الاقتصادية من جهة أخرى ،ألن تعقيد املساطر وإلاجراءات الطويلـ ـ ــة واملتشعبة
وآلاجال املمتدة تنشأ عنه حاالت تنازعية بين القض ـ ـ ـ ــاء واملواطنين وتكثر الشكايات
والاحتجاجات والبحث عن البدائل ،وبالت ــالي عرقلة نمو املقاولة وضعف إلانتاجية(.)21
و على غرار الحديث عن بساطة املساطر القضائية،نقول أن السرعـ ــة هي ألاخرى متطلبة
في كافة مراحل الدعوى حتى نتمكن من إيص ـ ـ ـ ــال الحقوق لذويها في الوقت املناسب من
جهة،ولتدعيم أسس ثقة هؤالء في الجسم القضائي من جهة ثانية،ألنه ليس من إلانصاف
أن يركن مسلوبــوا الحقوق إلى الصمت و إلاستسالم و التجرع من كأس الصبر على ما ضاع
منهم ملجرد يقينهم أن القضاء لن يزيد الطين إال بلة،أو أنه في أحسن ألاحوال لن يرد من
الحقوق أكثر مما ضاع منها.
فالسرعة إذن شرط أساس ي في املشروع إلاصالحي بمفهومه الج ــديد ،والتي يجب أن
تكون بدءا بمرحلة إعداد القضايا أي عدم إهماله ـ ـ ـ ــا و التماطل في تسجيلها بالسجالت
املعدة خصيصا لذلك بغية إحالتها إل ــى أقرب جلسة مقبلة،مرورا بإجراءات التبليغ إذ
يجب إيصال إلاستدع ــاءات ألصحابها داخل آلاجال القانونية تفاديا لتأخير امللفات لذات
السبب املتمثل في إعادة إلاستدعاء لعدم التوصل كما أن املسؤولية تظل أيضا على عاتق
الخبراء ألن الفصل في العديد من القضايا يبقى رهين تقاريرهم الت ـ ـ ــي كلفتهم به املحكمة.
دون أن ننس ى طبعا دور القضاة و املستشارين في تحرير ألاحكام فـ ــي أوقاتها إذ أن نقطة
تنفيذها تبدأ لحظة كون الحكم أو القرار مح ـ ـ ـ ــررا .و مرحلة التنفيذ تبقى أهم مرحلة
إطالقا ألن إنعدام التنفيذ أو التماطل في ــه ـ و كما قال امللك الراحل الحسن الثاني رحمة
هللا عليه ـ يجر املرء إل ــى تفكير آخر و هو إنحالل الدولة)22(.
لقد سبقت إلاشارة إلى أن موضوع إستقالل السلطة القضائي ـ ــة قد إستأثرت بالقدر
الهام و ألاكبر من اهتمام املعنيين باإلصالح القض ــائي،هذه إلاستقاللية التي وإن كرسها
الدستور الجديد ضمن مواده،فإن ن ـ ـ ــزاهة ألاحكام تعد الحصن الحصين لها،والتفعيل لها
أيضا على أرض ال ـ ــواقع.
13
.
و نزاهة ألاحكام تقتض ي من قضاة الحكم ،وهم ينظرون في القضـ ـ ــايا و الدعاوى
املعروضة أمامهم إلاعتماد على أسس واقعية متفقة مع ما هو منصوص عليه قانونا،دون
أيـة قي ـ ــود،أو ت ـ ــأثيرات،أو تهـ ــديدات،أو إغراءات،أو ضغوطات مباشرة و غير مباشرة.
و يجب أن يظل مبعث ما أشرنا إليه أعاله هو الرقابة إلالهية بال ـ ــدرجة ألاولى ،أي الخوف
منه سبحانه و تعالى،ثم استحضار مبادئ الش ـ ـ ــرف
و الضميرين ألاخالقي و املنهي.وذلك قبل إتخاذ أي قرار من شأن ـ ـ ــه املساس و لو بجزء يسير
من حقوق املتقاضين الذين جــعلوا مصائـرهم ،و مصائر عائالتهم بين أيديهم.
فنزاهة ألاحكام إذن تعد القلب النابض للجسم القضائي السليم،و هي الـ ــحجر ألاساس ملجتمع
ديموقراطي قائم على آليات و ضوابط قانونية معتمــدة ع ـلــى سيادة الحق و القانون،كما انها من
ألاسباب الداعية إلى قوة الدولة العصـريــة و مناعتها .و املساهمة بشكل فعال في التنمية و
إلازدهار ،و تكريس ألام ــن و إلاستقرار،و تنمية و الرقي بشخصية الفرد داخل محي ــطه
إلاجـتماع ــي،ألن القضاء العادل النزيه يكفل ضمان إحترام الذات إلانسانية،وحفظ التوازن بيــن
مــخت ــلف مكونات املجتمع،كما أن القضاة النزهاء هم النبراس املض ـ ــيء أم ــام الفسـ ــاد و
املفسدين.
لقد أراد جاللته تبسيط العالقات بين الناس واملؤسسات القضائية فــي ظــل املتغيرات
الضرورية ،على أن تكون فاعلة ومؤثرة ،وأراد تجاوز الــهياك ــل القضائية وتراكيبها التي حالت
حتى آلان دون قيام بناء قانوني يعزز الهياكــل القانونية ورفع مستوى ألاداء والجودة
والخدمات القانونية والقضائية ،ورغم الترسانة القانونية فإن آليات تطبيقها غير متوفرة
بالشكل الكافي لغياب الوسائل التكنولوجية وإلالكترونية التي تساعد على تحديث العمل
الــقضائـي ،ناهيك عن عدم وجود ألاطر املؤهلة واملتخصصة تقوم بعمليات مــدققة لهــا عالقة
بقوانين فنية وتقنية تتطلب وفرة املعلومات في مج ـ ــال الت ـج ــارة وألاعمال واملالية
والاستثمار()21
إن الحديث عن هذا املطلب يستدعي منا التطرق إلى نقطتين أوالهما كفاءة
القضاة،و الثانية لتجردهم أثناء مزاولتهم ملهامهم.
14
.
فبالنسبة للنقطة ألاولى،فنرى أن الكفاءة الواجب توفرها في الق ــاض ــي تستلزم أساسا
متينا يتمثل في إلانتقاء املوفق للفئة التي ستتحمل جسامــة هذه املسؤولية التي ستلقى
على عاتقهـم،و املتفهمة للرسالة التي يسـعى القضاء إلى تبيلغها،و الدور الواجب القيام به.
و في اعتقادنا املتواضع فالعمل داخل املؤسسة القضائية كقاض ل ـيــس باألمر الهين أو
اليسير،ملا يتطلبه ذلك من حنكة و تجربة ومم ــارسـ ـ ــة عملية،إلى جانب املعرفة العلمية
النظرية،و ال نظن أن السنتين ال ـتـ ـ ــي يقضيها امللحقين القضائيين ألاحرار في التمرين كافية
لجعلهم جاهزيـ ــن بالشكل الكافي لتحمل أعباء مهنتهم الجديدة.و مـ ـ ــن و جب إعادة النظر
فـ ــي هذه املدة املمنوحة لهذه الفئة،مع إعطاء الفرصة للعاملين داخ ــل الفضــاء القضائي
للولوج ملهنة القضاء بشروط تفضيلية ،ككت ـ ـ ـ ــاب الضب ـ ـ ـ ـ ــط ،و املحامين،و املفوضين
القضائيين،و العدول شريطة توفرهم علـ ـ ـ ــى الشواهد املطلوبة قانونا،و تجربة ميدانية ال
تقـ ـ ــل عشر سنوات(.)23
وعليه يجب إعادة النظر في القانون املنظم ملباراة امللحقين القضائيي ــن أخذا بعين
إلاعتبار ما سلف ،إلى جانب شروطا أخرى كالسن املقترح ـ ــة و عدد املرات املسموح بها
إلجتياز هذه املباراة.
و الكفاءة تنبني على أسس و معايير يمكن إجمالها في القدرات املهنيــة و اللغوية و
التنظيمية التي يتمتع بها القاض ي ،والطريقة التي يتبعها ف ــي تصريف ألاشغال املوكولة
إليه،و كذا املدة التي تقضيها القضايا بين يديه.
ثم جودة التعليالت التي يعطيها لألحكام و القرارات التي يتخذها،و بعده ــا القدرة إلانتاجية
التي يتمتع بها مقارنة بزمالئه في العمل و ما يبذل ف ـ ــي سبيل ذلك من جهد و عطاء.
و جدير بالذكر أن السلوك الشخص ي للقاض ي ،و انضباطه و تعامله م ــن الغير و مظهره
الخارجي ( )24كلها دعائم ال تقل أهمية،ولها أثر فعال فـ ــي
بناء شخصية القاض ي التي يجب لها،و عليها أن تفرض كل إلاحت ـ ـ ـرام و التقدير.
و لنا أيضا في املساهمات العلمية من مؤلفات و املشاركة في الن ــدوات معيارا آخر لقياس
كفاءة القضاة،و ما يساهم فيه ذلك من نشر الثق ـ ــافة القانونية بأسلوب يجمع بين
النظري و العلمي،عكس ما تقدمه لن ـ ـ ـ ــا الدراسات ألاكاديمية املحضة ـ و نحن ال ننكر أهمية
هذه الدراسـ ـ ــات ـالتي تركز على الجانب النظري و حسب.
و فيما يخص النقطة الثانية املتعلقة بالتجرد،فيمكن القول أنها تنبن ـ ــي الحياد و عدم
انحياز القاض ي و هو ينظر فيما يعرض أمامه من قضايا إلى فرد أو جماعة أو تيار معينين.
15
.
و التجرد في الواقع ليس إال املرآة العاكسة ملبدأ إلاستقاللية املف ــترض أن يتمتع بها الجهاز
القضائي و املكرسة قانونا بمواد الدستور الجديـ ــد ،و التي تستوجب عدم الخضوع ألي
مؤثرات كيفما كانت،و إلاعتماد فق ــط على ما وصل إليه الوجدان الداخلي و القناعة
الشخصية للقاض ي و املبنية طبعا على ألاسس الواقعية و القانونية للنازلة.
ولتفعيل مبدأ التجرد هذا البد من تحقيق الضمانات ألاساسية لذلك كــعدم جعل
التنقيالت التعسفية،و إلاجراءات إلانتقامية املؤثرة على الترقيـ ــات و عدم إلاستجابة
لطلبات إلانتقال الشخصية متى توفرت شروطه ـ ـ ـ ــا ،و ك ـ ــذا إرهاق القاض ي بك ـ ــثرة
التوضيحات عن قضــاياه ،مطرقة فوق رأسه تهـ ــدده على وجه الدوام.
يعرف مفهوم التنمية عدة تعاريف و مصطلحات يتدخل فيها مـ ــا ه ــو إجتماعي و
اقتصادي ،بما هو سلوكي و حقوقي.غير أنه يمكن أن نعطيها تعريفا إجمليا يجعل منها
مشروعا تنمويا تنهجه الدولة ملواج ـ ـ ـ ـ ــهة الوضعيات السياسية و إلاقتصادية و إلاجتماعية
للنهوض بها إلى م ــا هو أفض ـ ــل و أكبر.و قد اتسع هذا املفهوم ليكتس ي طابع الديمومة
ليس ــمى فيما ب ـ ـ ــعد بالتنمية املستدامة و التي تعني تحقيق الشروط املثالي ـ ــة ألجل خــلق
ثروة إقتصادية هامة قصد توزيعها فيما بعد بشكل عادل يسمح فـ ــي ذات آلان بالحفاظ
على املوارد الطبيعية و استعمالها دون إسراف أو تبذير قصـ ــد محاربة الفقر و التهميش
إلاجتماعيين.
فقبل أن يقول جاللة امللك بضرورة تحفيز العدالة بمفهوم إلاصـ ـ ــالح القضائي الجديد
للتنمية،فقد ربطها سابقا بهذه التنمية إذ صرح فـ ـ ـ ــي الخطاب الذي ألقاه سنة 1111
بمناسبة افتتاح دورة املجلس ألاعلـ ــى للقضاء بأن << ألاهمية القصوى التي نوليها إلصالح
القضاء و تحديث ــه و تأهيله لإلسهام الف ــعال في املشروع املجتمعي الديموقراط ـ ـ ـ ــي
الحداثي>>.كما أكد جاللت ـ ــه في ذات الخطاب أن العاملين في قطاع العدل أنفسهم يتحملون
مسؤولية إصـ ــالح جهاز العدالة الذي يتوقف علي ـ ــه كسب رهــان الديموقراطي ــة و التنم ــية.
و ال يخفى ما للقضاء من دور مهم و مؤثر في التنمية لتدخله في مختلف مناحي الحياة
الفردية و إلاجتماعية،ونظرا لكون هذه النقطة تعد في ح ــد ذاتها موضوعا مستقال ال يسع
هذا املطلب إلاملام بكل جوابه،فيكفينـ ـ ــا التطرق إلى بعض جوانب التنمية التي يتدخل فيها
القضاء،إذ يقال بأن مــا ال يدرك كله ال يترك جله.
16
.
فالتنمية تتطلب شروطا أساسية أولها وأهمها السلم إلاجتماعي ال ـ ــذي يجب أن يطبع كل
مقومات الدولة حتى نتمكن من النهوض و الرقي ب ــها ،هذا السلم إلاجتماعي الذي ال يمكن
أن يكرس إال بوجود مؤسسة قض ــائية قوية و نزيهة ،ألن بقاء النزاعات قائمة،و انتشار
الظلم م ــن شأنـ ـ ـ ــه تش ــجيع إلاضطراب داخل املجتمع و سيادة ثقافة إلانتقام و أخذ الث ـ ــأر
الشخصــي أو القبلي.
كما أن الجانب إلاقتصادي له عالقة بالقضاء مادام أن ألاخير يسعى إلــى حماية الطرف
الضعيف في العالقات إلاقتصادية،و قوة العدل طريق إلـ ــى جلب إلاستثمارين الوطني
وألاجنبي.
و ال تخفى أيضا أهمية القضاء و دوره في حماية ألسرة باعتبارها النواة ألاساسية
للمجتمع،والخلية ألاولـ ــى للتمنية سواء كانت ألاسرة ت ــوصف بكونها منتجة للقيم
إلاجتماعية،أو بوصفها فاعل إقتصادي ف ــي إلانتـ ــاج و إلاستهالك و إلادخار...إلخ
و عموما يمكن القول أنه كلما انتقص من استقالل القضاء وقوته فان حقوق ألافراد
ً
والهيئات تكون مهددة وبالتالي فان الشعب يكون متخلفا عن ركب الحضارة ،والقضاء
املستقل عن السلطتــين التــشريعية والتنفيذية هو الضمانة لجميع أفراد املجتمع وهيئاته.
إذن ال يمكن أن نتصور تنمية وحضارة بدون قضاء عادل وقــوي ومستقل .وكم أعجبني
كالم كسرى حين قال :الملك بدون جند ،وال جند إال باملال ،وال مال إال بالرعية ،وال رعية
إال بالعدل.
المطلب السابع :عدالة ملتزمة بسيادة القانون في إحقاق الحقوق و رفع المظالم
و هذا يعني أن الفصل في املنازعات قصد رفع الظلم و إرجاع الحقوق إلى أهلها يجب أن
يقوم على القانون املـدون،ال عل ــى مجرد ألاع ــراف و التقالي ــد.
وال يخفى أن القانون يجب أن يصدر عن سلطة تشريعية منتخبة من طرف الشعب عن
طريق انتخابات حرة ونزيهة،و يبقى الهدف من وراء إقرار القوانين ـ كما هو معلوم ـ هو
محاربة الفوض ى و إلاستبداد،و ألج ـ ــل استتباب ألامن و إلاستقرار.
و لسيادة القانون يجب ألاخذ بعين إلاعتبار املعايير الخمس التالي ــة:
2ـ إعمال مبدأ << ال مخالفة إال بالقانون >>
17
.
1ـ نشر القانون بالج ــريدة الرسمية حتى تصبح أحك ــامه سارية ع ــلى الجميع.و بالتالي نج ــد
في هـذا الخصـ ــوص إعمال القاعــدة الق ــانونية املشهورة " ال يعذر أحد بجهله للقانون " ما
دام أن هذا النشر يعد بمثابة إعالن بصدور القانون و افتراض علم الجميع به.
3ـ عدم الحكم على أي شخص دون إجراء قانوني سليم،و في مح ـ ــاكمة علنية أمام جهاز
قضائي مستقل.
4ـ مساواة جميع املواطنين أمام القانون.
5ـ صدور قانون عن مشرع منتخب في انتخابات نزيهة عامة و سري ـ ــة نابعة عن إرادة
الشعب.
و عن السؤال املطروح بخصوص مقومات العدالة القادرة على تثبيـ ـت مبدأ سيادة
القانون يجيب ذ /سعيد بورمان( )25عل ــى ذلك بثالث ق ــواعد أساسية و جوهرية كما يلي :
ـ القاعدة ألاولى :وجوب إصدار ألاحكام وفق قواع ـ ــد قانونية ص ــادرة عــن السلطة
التشريعية.
ـ القاعدة الثانية :عدم التدخل لدى القضاة،أو تعديل أحكام ــهم من ط ــرف إحدى
السلطتين التشريعية و التنفيذية.
ـ القاعدة الثالثة :إحترام حقوق الدفاع،و العمل بقاعدة " املتهم ب ـ ــرئ حتى تثبت إدانته".
إن الغاية التي قصدناها من إدراج مؤسسة قضاء الق ــرب ضمن ه ــذا الفصل ليست هي
تناولنا هذا املوضوع بذات الطريقة و املنهج التـ ــي تتناوله بها املؤلفات املتعلقة بالتنظيم
القضائي،وإنما عمدنا إلى الحديث عنها إيمانا منا ملا تمثله من تطبيق عملي و واقعي لقضاء
في خدم ـ ــة املواطن،إذ تعد من الخطوات املتخذة لتفعيل مضامين الخطاب امللك ـ ــي املتعلق
باملفهوم الجديد إلصالح العدالة.
و لقضاء القرب من املميزات و إلاجابيات التي ستسهل ولوج املواطنين للمؤسسة
القضائية و إلاستفادة من خدماتها،و بالتالي تأهيله ألن يكـ ــون قضاء في خدمة املواطنين،و
التي نطمح أن يتم تفعيل ألاهداف املسط ــرة في املشروع إلاصالحي للقضاء بمفهومه
الجديد.
18
.
فإذا كان قضاء القرب سيشكل مؤسسة قريبة من املواطنين باملعن ـ ــى الجغرافي،فإن ذلك
يستتبعه القرب النفس ي الذي يجب أن يحس به املواطن تجاه هذه املؤسسة،من خالل
حسن إلاستقبال،و التوجيه السليم نح ـ ـ ــو قضاء املآرب الشخصية بشكل مدقق،و تعريفه
بما له من حقوق و م ـ ــا عليه من واجبات بلغة يسيرة سهلة إلاستيعاب.
كما أن بساطة املساطر و عدم تعقيدها،و تحقيق السرعة الالزمة للب ــث في القضايا و
تنفيذها بناء على آلاجال املعقولة املحددة لها،من املميزات التي يجب أن تطبع قضاء
القرب لتحقيق ألاهداف املبتغاة مـ ـ ـ ــن وراء إحداثه،هذا مع ألاخذ بعين إلاعتبار للكفاءة و
التجرد التي ينبغي أن يتمت ــع بها القضاة املكلفين بهذه املهمة،و الذين عليهم التحلي بروح
املسؤولية و هم ينظرون في القضايا املعروضة عليهم،مع تكريس إلاستقاللي ـ ــة و سيادة
القانون في إحقاقهم للحق و رفعهم للمظالم،وعدم التهرب من ك ــل ذلك بذريعة بساطة
القضايا املعروضة عليهم بحكم إلاختصاص املمنــوح ملؤسسة قضاء القرب .و أن يكون
هدف الجميع الرقي بكل مكونات الدولة و تحقيق التنمية املنشودة.
و نحن إذ نأمل أن تحقق مؤسسة قضاء القرب الهدف املتوخى من وراء إحداثها،فنحن
نؤاخذ القيمين على عدم إشراك كتابة الضبط في بناء ه ــذا املشروع رغم أهمية هذا
الجهاز،إذ ـ على ألاقل ـ ال يمكن انعقاد الجلسات بدون كاتب الضبط،ناهيك عن ألاشغال
املضنية ألاخرى التي تقوم بها هذه الهيئة الحيوية داخل قطاع العدل.
و في هذا الصدد يقول السيد عبد الصادق السعيدي الكاتب العام للنقاب ــة
الديموقراطية للعدل في حوار له بيومية الصباح بتاريخ 22شتنبر << 1122لم تتم حتى
استشارتنا في الجانب املرتبط بعمل كتابة الضبط و ك ـ ــما سبق أن أشرت ألامــر ال يرتبط
فقط بقضاء القرب ،وإنما أيضا بإح ـ ــداث غرف لالستيناف باملحاكم الابتدائية ،مع ما يتبع
ذلك من أعباء إضافيـ ــة من سجالت وجلسات ومحاضر ومساطر ال سابق علم للموظفين
بها ،وفي غياب أي تكوين إعدادي لهذه الخطوة ،وال أخفيك سرا إن قلت إن املحاكم
تعيش حالة من التخبط غير املسبوق في محاولة لتوزيع املوارد البشرية غير الكافية أصال
لتغطية ما ستطرحه ه ــذه التعدي ــالت م ــن خص ــاص .واسمحوا لي أن أذكر أن مشروع
قانون قضاء القرب ك ــان ينص ف ـ ــي املادتين الثالثة والرابعة منه على إمكانية ممارسة اطر
كتابة الضبط لهذا القضاء إلى جانب القضاة ،لكن الصيغة النهائية أسقطت هذه
إلامكاني ـ ــة لتكتمل حلقة إقصاء كتابة الضبط من قانون مهنة التوثيق إلى كل القوانين
املتعلقة باملهن القضائية >>
19
.
و عموما فبص ــدور القان ــون رقم 41.21الصادر بتنفي ــذه الظ ــهير الشريف رقم 2.22.252
بتاريخ 17غشت 1122أصبح قضاء الــقرب يشكل قسما من أقسام املحكمة إلابتدائية ولم
يعد هناك محاكم الجماعــات و املقاطعات التي كانت لبنة في التنظيم القضائي املغربي.
و الهدف املتوخى من إحداث قضاء القرب هو تخفيف العبء ع ـ ـ ــلى املحاكم إلابتدائية،و
تحقيق سرعة البث في نوع من القضايا املدني ـ ـ ــة و الجنحية.
و عكس حكام الجماعات و املقاطعات،فقاض ي القرب هو قاض يعين من طرف الجمعية
العمومية للمحكمة،و يعين نائبه رئيس املحكمة،و ت ـ ــعقد جلسات قضاء القرب بمقار
املحاكم إلابتدائية و املراكز التابعة لـ ـ ـ ــها.
و قد حدد املسرع إلاختصاص القيمـ ــي في مبلغ 5111دره ـ ــم،دون إمكانية ضم الطلب
املقابل إلى الطلب ألاصلي إذا كان ألاخير يستغرق قيمة إلاختصاص و يبث فيه القاض ي
منفردا.
و فيما يخص إلاختصاص النوعي فقد أبقى املش ــرع على ال ـ ــدعاوى الشخصية و املنقولة،و
أضاف إلى عدم اختصاص هذا القضـ ــاء دعاوى الشغل أيضا.كما تم حذف الفقرة الثانية
من الفصل 13من الظهير املحدث إلختصاص محاكم الجماعات و املقاطعات الناصة على
إمكانية الحاكم ألامر بكل التدابير التي تحد من إلاحتالل و املنع من إلانتفاع بحق امللكي ـ ـ ـة.
و قد أبقى املشرع على املجانية و الشفوية في املسطرة إضافة إلى مبدأ العلنية و البساطة
في القضايا و النهائية في الحكم،مؤكدا أن ألاح ـ ـ ــكام تصدر و تنفذ باسم جاللة امللك.
و بخصوص النهائية فقد أصبح ألامر سواء على الطرفين أو على وكي ــل امللك ما عدا حاالت
إلالغاء التي تم رفعها إلى ثماني حاالت،وجعل املشـرع صراحة عدم إجراء الصلح سببا من
أسباب إلالغاء ،باإلضافة إلى إغف ــال القاض ي البث في أحد الطلبات أو بث فيما لم يطلب
منها أو بث بأكثر مم ــا طلب منه،و كذا حالة التجريح،وعدم التحقق من الهوية،و عدم
التأكد م ــن توصل املدعى عليه باإلستدعاء،إضافة إلى وجود تناقض بي ـ ــن أجزاء الحكم ،أو
وقوع تدليس أثناء تحقيق الدعوى.
و فيما يخص آلاجال فقد تم رفعها إلى ثمانية أيام بدال من ثالثة مـ ـ ــن تاريخ التوصل،و
يبث في الدعوى في ثالثين يوما بدل ثمانية أيام،و أبقـي على نفس ألاجل للسيد رئيس
املحكمة للبث في طلب إلالغاء أي 25أي ــام ،إضافة إلى التنصيص على تسليم نسخ ألاحكام
بعد 21أيام من النط ـ ــق بها.
21
.
و بالنسبة لإلختصاص الجنحي فقد أتى قضاء القرب بجدول لألفع ـ ــال املستوجبة للزجر
في املواد من 25إلى ، 28و نص في امل ـ ــادة 21على أن الدعوى العمومية تحرك من طرف
السيد وكيل امللك.
و في حالة تصريح املحكمة بعدم اختصاصها جنحيا فإن القضية ت ــرجع إلى وكيل ،وكذا
إعطاء الحق للمتضرر في إقامة الدعوى املدنية للمطالبـة بالتعويض في حدود إلاختصاص
القيمي املدني أمام قضاء القرب.
المبحث الرابع :القضاء من خالل الدستور الجديد
في ختام هذا الفصل حبذنا التطرق إلى املستجدات التي أتى بـها الدستور الجديد
للقضاء،إذ نعتبر ذلك خطوة أخرى جديدة و مهمة نحـ ــو التق ــدم و الرقي باملشروع إلاصالحي
للعدالة املغربية،و ما يعنيه ذلك من ال ــرفع من مستوى الخدمات التي ستقدمها املؤسسة
القضائية للمواطنين.
فبحلول الدستور الجدد للمملكة( )26أعلن املغرب عن قض ـ ـ ـ ـ ـ ــاء مستقل،مخصصا له
حيزا كبيرا مقارنة بدستور ، 2116ومعنونا ل ـ ـ ــه ب"السلطة القضائية" عوض القضاء،على
إعتبار أن هذا املطلب ك ـ ــان محل إجماع كل الفرقاء الحقوقيين و السياسيين و
املدنيين،مؤكدا بـ ــذلك إستقالل هذه السلطة عن السلطتين التشريعية و التنفيذية،و ذلك
من خالل فصول حاولت الحسم في املحسوبية و التدخل في شؤون القض ـ ـ ـ ــاة و
القضايا( )27حيث نص الفصل 217على أن<< السلطة القضائية مستقلة عن السلطة
التشريعية وعن السلطة التنفيذية.
امللك هو الضامن الستقالل السلطة القضائية">> ،كما ينص الفصل 211على أنه<< يمنع
كل تدخل في القضايا املعروضة على القضاء ،وال يتلقى القاض ي بشأن مهمته القضائية أي
أوامر أو تعليمات وال يخض ـ ــع ألي ضغط.
يجب على القاض ي ،كلما اعتبر أن استقالله مهدد ،أن يحيل ألامر إلى املجلس ألاعلى
للسلطة القضائية.
يعد كل إخالل من القاض ي بواجب الاستقالل والتجرد خطأ مهنيا جسيما ،بصرف النظر
عن املتابعات القضائية املحتملة يعاقب القانون كل من حاول التأثير على القاض ي بكيفية
غير مشروعة>>.
21
.
ومنح مشروع الدستور الجديد ضمانات قوية للقضاة من أجل إص ــدار أحكام عادلة
بعيدا عن أية أوامر أو تعليمات وفي منأى عن أي ضغـ ــط،
و في هذا الصدد نص الفصل على <<221اليلزم قضاة ألاحكام إال بتطبيق القانون .والتصدر
أحكام القضاء إال على أساس التطبيق العادل للقان ــون.
يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون .كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات
الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون ل ـ ـ ــها>>.
أما الفصل 222فقد أعطى للقضاة الحق في حرية التعبير بما يتالءم مـع واجب التحفظ و
ألاخالقيات القضائية،باإلضافة إلى الحق في إلانخراط في الجمعيات،أو إنشاء جمعيات
مهنية،مع احترام واجبات التجرد و استق ــالل القضاء،و بذلك فقد إستجاب لتطلعات
العديدين ممن نادوا بهذا املط ـ ــلب تحقيقا لنوع من الحرية،ألن القضاء ليس وظيفة إدارية
فقط،و إنم ـ ـ ــا وظيفة إجتماعية و حقوقية و إنسانية،وعلى القاض ي أن ينفتح علـ ـ ـ ــى محيطه
و أال يحشر نفسه في دائرة مغلقة()28
وتم تغيير إسم "املجلس ألاعلى للقضاء" بـ"املجلس ألاعلى للسلطة القضائية" وقد
خصصت له الفصول من 223إلى 226و الذي يرأسه امللك،بينما يعد رئيس محكمة
النقض رئيسا منتدبا.و الجديد أيضا هو عدم وجود وزير العدل في تركيبة املجلس،و بذلك
تكون هذه النقطة التي كانت محل انتقاد شديد قد حلت،غير أن ما أثار النقاش من جديد
هو دخ ـ ـ ــول شخصيات أخرى غير القضاة في تركبية املجلس ألاعلى للسلط ـ ـ ـ ـ ــة
القضائية،حيث تضارب آلاراء بين مؤيد لذلك و رافض،وفي ذات السي ــاق يقول ألاستاذ
إدريس املشترائي << :في نظري املتواضع فإن كال الفريقين محق في دفوعاته وإن كانا
مختلفين في التوجه لذلك ينبغي مراعاة موقف وسط يراعي املصلحتين الخاصة للقضاة
واملصلحة العامة للمجتمـ ـ ــع ،فالقضاء شأن مجتمعي ولذلك فإن وضع نظام داخلي
للمجلس سيحسم في النقط الخالفية ،وذلك بجعل النظر في الوضعية الفردية من
تعيين وتنقيل وترقية وتأديب ،يقتصر فقط على أعضاء املجلس القضـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاة
الدائمين واملنتخبين وحينما يتعلق ألامر بمناقشة مقترحات تهم القوانين القضائية وتهم
مجال حقوق إلانسان وتهم السياسة القضائية والاقتراحات املتعلقة بشأنها فإن املجلس
ينظر في ذلك بجميع أعضائه قضاة وغيرهم ،ألن الغاية من ذلك هو تحويل املجلس ألاعلى
للقضاة من دوره التقليدي املنغلق املتمثل في إصدار قرارات تهم الوضعية الفردية للقضاة
إلى دور أكثر اتساعا يجعل منه قوة اقتراحية)21(>> ...
22
.
كما نظم الدستور الجديد حقوق املتقاضين و قواعد سير العدالة في الفصول من 227
إلى 218ومن أهم املقتضيات في هذا الخصوص تكريس قرينة البراءة ( الفصل 221
)،والحق في التعويض عن كل ضرر تسبب فيه خطأ قضائي تتحمله الدولة ( الفصل
.)211
وبذلك يمكن القول بأن الدستور قد استجابة ألغلبية( )11املطالب و التطلعات،و
بالتالي فهو يعد لبنة جديدة في الصرح إلاصالحي الذي يعرفه قطاع العدل،و يظل
ألاهم هو التفعيل و التطبيق العملي ملقتضاياته حتى يصبح أمرا ملموسا،و مضفيا للمسة
واقعية لقضاء الهدف منه هو خدمة املواطن،ال أن تظل بنوده حبيس الصفحات ال غير.
23
.
الفصل الثاني
24
.
مقدمة
إن إصالح الحقل القضائي يستتبع تدخل جميع ألاطياف واملكونات الفعالة فيه ،بل كل
مكونات املجتمع كل واحد من وقعه ،ألن العدالة ورش ضخم يعني املجتمع برمته ،غير أن
الدور ألاهم وألاكبر يظل طبعا على عاتق املمارسين فيه كونهم أهل امليدان وأهل
ألاختصاص.
و يمكن تقسيم أسرة العدل لثالث أقسام رئيسية ،يتمثل القسم ألاول في القضاة
والقسم الثاني في كتابة الضبط والقسم الثالث في املهن ألاخرى املساعدة للقضاء ،وفي
هذا الصدد تعتبر كتابة الضبط صلة الوصل والعمود الفقري بين مختلف الفاعلين في
حقل العدالة إنجاحا للعملية القضائية ،وتحقيقا ملبدأ القضاء في خدمة املواطن (،)2
وبعد أن تناولنا بش يء من التفصيل املفهوم الجديد إلصالح القضاء من خالل مضمون
الخطاب امللكي السامي ،سنحاول قدر إلامكان في هذا الفصل التطرق إلى دور كتابة
الضبط _ اعتبارا للمكانة التي تحتلها في هذا الصدد _ في بلورة املبدأ وتفعليه على أرض
الواقع حتى ال يظل مجرد الفتة معلقة على جدران املحاكم تزين مداخلها،أو فقط ملجرد
إلاستهالك إلاعالمي واملمارسة على مستوى الورق والفكر التنظيري ،وسنستند على ذلك
بحول هللا على مجموعة من املقترحات التي نراها من زاوية نظرنا الشخص ي املتواضع
كفيلة لتحقيق الغاية املطلوبة،بحكم ممارستنا املهنية ضمن أسالك هيئة كتابة الضبط،
والتي بها صقلنا مجموعة من التجارب الصغيرة،وكونا قناعات إرتأيت دمجها في عنواين
عريضة في هذا الفصل حتى تكون محط نقاش وتحليل عسانا نجد السبيل ألامثل لخدمة
املواطن الذي يعد املحور وألاساس في هذا الصدد من ناحية،وأخرى للنهوض بمكانة هيئة
كتابة الضبط،وحثها على القيام بالواجب املنوط بها أحسن قيام من أخرى ،
ونظرا ملا تشكله مؤسسة رئيس مصلحة كتابة الضبط من رمز للهيئة،وما للدور الهام
والخطير الذي يقوم به،سنعمد على الحديث عنه بصفة مستقلة في تحليلنا لدور الهيئة في
جعل القضاء في خدمة املواطن،قبل تطرقنا إلى باقي املقترحات ألاخرى ،لكن قبل ذلك
25
.
سنسلط الضوء على مدخل تمهيدي نتعرف فيه عن هيئة كتابة الضبط ،وعليه سنتناول
هذا الفصل من خالل العناوين ألاساسية التالية:
مدخل تمهيدي :التعريف بهيئة كتابة الضبط
املبحث ألاول :دور رئيس مصلحة كتابة الضبط
املبحث الثاني :النهوض بأخالقيات املهنة
املبحث الثالث :التواصل
املبحث الرابع :إلادارة املعلوماتية
املبحث الخامس :توحيد عمل الهيئة
26
.
بالرجوع إلى املادة الخامسة من النظام ألاساس ي لهيئة كتابة الضبط ،نجدها قد حصرت
أطر الهيئة في ثالث وهم:
)2إطار املنتدبين القضائيين،
)1إطار املحررين القضائيين،
)3إطار كتاب الضبط.
27
.
وبذلك فقد قلص من عدد ألاطر خالفا للمرسوم امللكي بمثابة النظام ألاساس ي ملوظفي
املحاكم الصادر بتاريخ 11فبراير 2167الذي كان يضم ست أطر ( ،)3وتختلف شروط
إلالتحاق بكل إطار من ألاطر وذلك كما يلي:
أوال :بالنسبة إلطار المنتدبين القضائيين
املباراة املفتوحة في وجه ألاحرار تتمثل في املنتدبين القضائيين من الدرجة الثالثة (السلم
،)21ومن الدرجة الثانية (السلم ،)22والتي حددت املادتين 13و 14من النظام ألاساس ي
شروطها فيما يلي:
يوظف املنتدبون القضائيون من الدرجة الثالثة :
-2من بين خريجي سلك التكوين في التدبير إلاداري للمدرسة الوطنية لإلدارة.
بعد النجاح في مباراة تفتح في وجه املترشحين الحاصلين على : -1
إلاجازة أو إلاجازة في الدراسات ألاساسية أو إلاجازة املهنية في العلوم -
القانونية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو التدبيرية أو في الشريعة ؛
شهادة مسير في الشؤون الاجتماعية املسلمة من طرف املعهد الوطني -
للعمل الاجتماعي ؛
إحدى الشهادات أو الدبلومات املحددة بقرار للسلطة الحكومية املكلفة -
بتحديث القطاعات العامة طبقا ملقتضيات املرسوم رقم 1.14.13الصادر في
24من ربيع ألاول 4( 2415ماي . )1114
يوظف املنتدبون القضائيون من الدرجة الثانية :
-2من بين خريجي :
-السلك العالي في التدبير إلاداري للمدرسة الوطنية لإلدارة ؛
-املعهد العالي لإلدارة.
-1بعد النجاح في مباراة تفتح في وجه املترشحين الحاصلين على :
-دبلوم الدراسات العليا املعمقة أو دبلوم الدراسات العليا املتخصصة في
العلوم القانونية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو التدبيرية أو في الشريعة ؛
-شهادة املاستر أو املاستر املتخصص في العلوم القانونية أو الاقتصادية أو
الاجتماعية أو التدبيرية أو في الشريعة ؛
28
.
29
.
تنص املادة الثالثة من النظام ألاساس ي على ما يلي " :يمارس املوظفون املنتمون لهيئة
كتابة الضبط ،تحت سلطة رئيس إلادارة ،املهام التي تدخل في مجال اختصاصهم بموجب
النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ،ويساعدون القضاء على أداء رسالته.
يمكن باإلضافة إلى املهام املذكورة أعاله ،تحديد مهام أخرى لكل إطار من أطر هيئة كتابة
الضبط بقرار لوزير العدل".
باستقرائنا لهذه املادة ،سنجدها تنص على املهام املوكولة إلى هيئة كتابة الضبط،غير
أنه تنصيص جاء بصيغة العموم دون الوصف الدقيق لهذه املهام،مع إشارتها في فقر تها
الثانية إلى أنه سيتم إضافة مهام أخرى تقسم حسب ألاطر املكونة للهيئة وذلك بقرار من
وزير العدل.
غير أنه من الناحية العملية فكتابة تقوم بمهام جد مهمة ،وعلى قدر كبير من
الخطورة،تستوجب من أطرها الكفاءة العالية،والضبط ،واملؤهالت الكافية ملمارسة هذه
املهنة التي تقف حقوق املواطنين على جزء كبير من إجراءاتها،وقد أشار ألاستاذ امليلودي
كوكب،إطار بكتابة الضبط هذه املهام بتلخيص ممتاز في عرضه القيم بعنوان" :إطاللة
على عمل كتابة الضبط" ،والذي نشير إلى عناوينه العريضة كالتالي:
31
.
المهام القضائية:
ـ تيهئ امللف،
ـ تعيين القاض ي املقرر والجلسة ،
ـ استدعاء ألاطراف،
ـ املحافظة على امللف والوثائق،
ـ إجراءات الجلسة ،
ـ إجراءات التحقيق والخبرة،
ـ إجراءات التبليغ،
ـ إجراءات التنفيذ،
ـ إجراءات التسيير القضائي،
ـ إجراءات صعوبات املقاوالت،
ـ مهام السنديك..
المهام شبه القضائية:
ـ الحسابات،
ـ حضور الجلسات الرسمية،
ـ مسك السجل التجاري،
ـ ضبط بعض إلاجراءات الخاصة باملهن الحرة..
وبرجوعنا للنظام ألاساس ي الصادر سنة ،1118سنجد قد حاول تحديد هذه املهام لكل
إطار على حدة ،والتي نجمل أهمها في التالي:
-القيام باإلجراءات املحاسباتية تحت إشراف رئيس كتابة الضبط أو من ينوب عنه ؛
-املساعدة في تنظيم الاستقباالت ؛
-إنجاز مختلف الشهادات املتعلقة باإلجراءات املسطرية التي تدخل ضمن اختصاصات
كتابة الضبط ؛
-القيام باملهام املسندة إليهم على مستوى املصالح املركزية والالممركزة ؛
-املساعدة في إلاجراءات املرتبطة بمهام كتابة الضبط ؛
-املساهمة في أنشطة الوحدات إلادارية املعينين بها ؛
-مراقبة واستالم جميع ألاشغال املتعلقة بمجاالت تخصصاتهم ؛
-تأطير العاملين تحت سلطتهم وتأهيلهم واملساهمة في تكوينهم،
-القيام باإلجراءات التبليغية وإنجاز محاضر بشأنها ؛
-تنفيذ ألاحكام القضائية واستخالص الغرامات املالية ؛
-القيام باإلجراءات املحاسباتية تحت إشراف رئيس كتابة الضبط أو من ينوب عنه ؛
-املساهمة في أنشطة الوحدات إلادارية املعينين بها ؛
-املساهمة في إعداد وإنجاز املشاريع ذات الطابع إلاداري املعهود بها إليهم ؛
-تنظيم وإدارة العمل املعهود به إليهم وتنسيق نشاط املوظفين املوضوعين تحت إمرتهم ؛
-تأطير العاملين تحت سلطتهم وتأهيلهم واملساهمة في تكوينهم ؛
-القيام باملهام التقنية املسندة إليهم.
-القيام بمهام إلاشراف وتدبير املهام املوكولة إليهم على مستوى محاكم اململكة وإلادارة
املركزية واملصالح الالممركزة ؛
-تأطير املوظفين العاملين تحت سلطتهم وتكوينهم وإعادة تأهيلهم مركزيا وجهويا ؛
-تقديم الاقتراحات وإنجاز الدراسات والبحوث املتعلقة بمجال اختصاصاتهم ؛
-تنفيذ ألاحكام القضائية ..
غير أنه من الناحية العملية فموظفو كتابة الضبط يقومون بنفس املهام بغض النظر
عن إلاطار الذي ينتمون إليه ،سيما وأن قرار توزيع املهام حسب إلاطار لم ير النور بعد،
والذي يحتاج أكيد إلى حوار ومناقشة ليسا بالهينين،والذين يتطلبان أن يتناواله بكل جد
ومسؤولية املمارسين في املهنة تحت إشراف الوزارة الوصية،وبتنسيق مع كل املكونات
ألاخرى املشكلة ألسرة العدالة برمتها.
32
.
وفي ختام هذه النقطة نشير إلى أن موظفي هيئة كتابة الضبط ملزمون بأداء اليمين
القانونية قبل ممارسة مهامهم،وذلك وفق ما أشارة إليه املادة الرابعة من النظام ألاساس ي
التي نصت على التالي << :يؤدي موظفو هيئة كتابة الضبط عند تعيينهم وقبل الشروع في
ممارسة مهامهم اليمين القانونية أمام املحكمة التي يتم تعيينهم بها:
"أقسم باهلل العظيم أن أقوم بمهامي بوفاء وإخالص ،وأن أحافظ على السر املنهي وأسلك
في ذلك مسلك املوظف النزيه".
يجب أن يجدد هذا اليمين لكل موظف توقف عن العمل ملدة سنة أو أكثر>>.
بعد إطاللتنا املبسطة لهيئة كتابة الضبط،نطرح التساؤل التالي :ما هي الوسائل الكفيلة
لتفعيل شعار "القضاء في خدمة املواطن" على أرض الواقع؟ وهو التساؤل الذي سنحاول
إلاجابة عنه في املباحث التالية:
إخترنا الحديث عن مؤسسة رئيس مصلحة كتابة الضبط بصفة مستقلة ملا نعتقده من
كونها مؤسسة فاعلة ومؤثرة بشكل كبير في السير العادي وألامثل للعمل داخل كتابة
الضبط ،وباعتباره الواجهة التي يقصدها املواطن أوال كلما إعترض سبيله في إلاجراءات أي
عراقيل سواء القانونية منها أو التنظيمية أو بسبب سوء فهم أو تفاهم مع موظف من
املوظفين.
وسنتناول هذه املؤسسة في التحليل من خالل التعريف بها في مطلب أول قبل التطرق إلى
دورها في تكريس شعار القضاء في خدمة املواطن في مطلب ثان.
المطلب األول :مؤسسة رئيس مصلحة كتابة الضبط
يعد رئيس مصلحة كتابة الضبط الرئيس املباشر لكتابة الضبط ،أشير إلى وجوده
بمقتض ى الفصل 6من ظهير التنظيم القضائي واملحددة مهامه أيضا في قرار وزير العدل
عدد 442/11الصادر بتاريخ 17شتنبر 2187حيث أوضحت املادة الرابعة منه أن مهامه
تتجلى في التسيير واملراقبة وتنسيق أعمال كتابة الضبط ،فهو موظف عمومي وكاتب
33
.
للضبط وإطارا مسيرا ومساعدا للقضاء وأمينا على أموال منقولة (الصندوق) بوصفه
محاسبا عموميا (.)4
وحرصا منها على إختيار ألاطر الكفئة لهذه املهمة،وضعت وزارة العدل والحريات مجموعة
من الشروط،وحددت مهام رئيس مصلحة كتابة الضبط من خالل ملخص بطاقة الوظيفة
النوعية الخاصة به وذلك في إعالنها ألاخير الصادر في يونيو 1124بشأن إلاعالن عن مباراة
إنتقاء رؤساء املصالح ورؤساء كتابات النيابة العامة،واملنشور في موقعها للموارد البشرية
( )5واملحدد في التالي:
اﻷﻧﺸﻄﺔ واﻟﻤﻬﺎم اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ:
• العمل على ترجمة برامج ومخططات عمل الوزارة إلى خطة عمل على مستوى كتابة
الضبط ضمن المﻬام الموكولة إليه؛
• اإلشراف اإلداري والمالي على كتابة الضبط بتنسيق مع المسؤول القضائي ،
• مراقبة سير اإلجراءات والمساطر بمختلف الشعب ،
• التنس ـيق م ـع مختل ـف الف ـاعلين ( المس ـؤولون ع ـن مراك ـز الحف ـظ الجﻬوي ـة – الم ـديرون
الفرعي ـون اإلقليمي ـون -مس ـاعدو القضاء،)........
• تتبع تنفيذ األحكام والقرارات لضمان استيفاء الديون العمومية ،
• حضور اجتماعات الجمعية العمومية العادية واالستثنائية،
• اإلشراف ومراقبة العمليات المحاسباتية للمحكمة بصفته محاسبا ،
• إعداد اإلحصائيات المتعلقة بالنشاط اإلداري والقضائي والمالي لكتابة الضبط وإحالتﻬا
على الجﻬات المعنية باإلدارة المركزية ،
• إشعار اإلدارات المعنية باإلسقاطات واإللغاءات في ميدان التنفيذ الزجري ،
• مسك السجالت النظامية التي تدخل ضمن اختصاصه و التأشير على السجالت النظامية
للتجار ،
• حفظ وصيانة أدوات اإلقناع والودائع الثمينة والنقدية وتصفيتﻬا ،
• المصادقة على العقود المحررة من طرف المحامين المتعلقة ببيع شقق الملكية
المشتركة ،
• المشاركة في اللجنة اإلقليمية المكلفة بإتالف الوثائق والملفات المتقادمة،
• تحرير و تسليم مختلف الشواﻫد و المحاضر و التوقيع على مختلف الوثائق،
• حفظ أصول األحكام والقرارات ووثائق الملفات الموجودة في عﻬدته ،
34
.
35
.
• اس ـتعمال التطبيق ـات المعلوماتي ـة ذات الص ـلة ب ـاإلجراءات المس ـطرية و المعلومي ـات
المكتبي ـة وتكنولوجي ـا المعلوم ـات
والتواصل،
• تدبير الموارد البشرية،
• القدرة العالية على المالحظة والتحليل والتركيب؛
• اإلبداع والدينامكية وسرعة التفاعل؛
• القيادة - leadership ،المرافقةcoaching،
• القدرة على تنشيط فرق العمل وتطوير الكفاءات؛
• حس التواصل والعالقات اإلنسانية ؛
• النزاﻫة والشفافية والموضوعية والحياد........ ،
إن الشروط التي وضعتها وزارة العدل والحريات لتقلد منصب رئيس مصلحة كتابة لم
تأتي إعتباطا وإنما إيمانا منها بالدور الهام والخطير الذي تقوم به هذه املؤسسة ،والدور
جد املؤثر على سير العمل داخل املحاكم،وكما أسلفنا الذكر فهي وجهة املواطن ألاولى
لتسوية كل خالف أو مشكل قد يصافه وهو يلج ردهات املحاكم ،كما أن تقديم خدمة في
املستوى املطلوب للمواطن يقف على التسيير الجيد لرئيس املصلحة لإلدارة التي يتولى
تسييرها،وبالتالي فإننا نرى ضرورة تحقيق مجموعة من النقاط حتى يقوم رئيس املصلحة
بدوره باحسن وجه،ومن خالله باقي املوظفين العاملين تحت عهدته ،والتي نلخصها كما
يلي:
أوال :الكفاءة والشخصية:
يفترض في رئيس املصلحة أن يكون ذا كفاءة عالية من الناحية العلمية والعملية ،وأن
يتمتع بشخصية قيادية له القدرة على إلاقناع ،وإيجاد الحلول لكل ما يواجه سير العمل
من إشكاليات ،سواء من الناحية التنظيمية أو الشخصية في التعامل مع بعض
السلوكيات غير املهنية لفئة من املوظفين الذين ال يشعرون بأدنى مسؤولية في الواجب
امللقى على عاتقهم وهم يعملون ضمن أسالك الدولة و يتقاضون مقابل عملهم ألاجر الذي
يتوصلون به نهاية كل شهر.
36
.
وفي هذا إلاطار يجب أال يتهاون الرئيس مع كل مفرط في واجباته ،لكن في املقابل من
الضروري تحفيز ألاكفاء منهم من الناحية املعنوية بتقدير مجهوداتهم،و تثمين الخدمات
الجيدة التي يقدمونها للمواطن في أحسن الظروف ،ألن من شأن ذلك الرفع من
معنوياتهم،والسعي املتواصل لتقديم ألافضل ملرتفقي العدالة ،وهذا ش يء الحظناه كثيرا
من الناحية العملية،فالتحفيز فن ال يتقنه الكثيرون ممن يتمسكون بالقيادة خصوصا
على مستوى هية كتابة الضبط.
ثانيا :التوزيع األمثل للمهام والمسؤوليات
إن تلقي مرتفقي املحاكم من متقاضين ومساعدي القضاء للخدمات وفق الشروط
املطلوبة،والجو املالئم يقتض ي أن تكون املصلحة تتوفر على تقسيم جيد للشعب ،وتوزيع
أمثل للموارد البشرية عليها ،وهذا يستوجب من رئيس املصلحة أن يكون ملما إملاما جيدا
بهذه الشعب ودورها ،وما يمكنها أن تقدم للمرتفقين ،وحجم الضغط الذي تعرفه كل
شعبة على حدة ليتمكن من التوزيع الجيد للمهام واملسؤوليات على املوظفين املوجودين
تحت عهدته.
فعلى على غرار الجمعية العمومية التي تعقدها املحكمة ،نرى ضرورة عقد جمعية
عمومية مماثلة لهيئة كتابة الضبط،باإلضافة إلى إلاجتماعات الدورية التي يجب أن
يعقدها رئيس املصلحة مع املوظفين لتدارس كل إلاشكاليات املطروحة ،وما يواجهه سير
العمل من صعوبات ومحاولة إيجاد الحلول املالئمة بصيغة تشاركية مع الجميع ،فليس
من املستساغ أن نجد ثلة قليلة من املوظفين يتحملون عبء أغلب املهام وأثقل
املسؤوليات ،ليظل الباقي في شبه عطالة ال يفيدون املصلحة بش يء مهم يمكن أن يعطي
قيمة مضافة لها،
وهذا التوزيع ألامثل للمهام واملسؤوليات يطرح نفسه بقوة بعدما باتت تعرفه الهيئة من
تخصصات متنوعة بين القانون ،واملعلوميات ،والهندسة،واملتخصصين في علم النفس
وإلاجتماع وغيرها...
ثالثا :أهمية التكوين
من ألامور التي يغفل عنها ربما العديد من رؤساء املصالح هو تكوين املوظفين في جميع
الشعب التي تعرفها املصلحة ،ولعل املوظف الجديد بمجرد إلتحاقه بالهيئة يعين في شعبة
محددة،أو قسم معين يمارس فيه مهامه طول حياته املهنية ،وربما أيضا كان املوظف
الوحيد باملحكمة الذي يتقن تلك املهمة دون غيره من باقي املوظفين ،وهنا ليس من العدل
37
.
ُ
واملنطق أن تعطل مصالح املواطنين و مساعدي العدالة ملجرد أن املوظف الفالني في
رخصة سنوية أو إستثنائية ! ،كما أن ذلك يفتح باب املقارنات بين املوظفين أنفسهم بين
من أسندت له مهام جسيمة تتطلب الكثير من الجهد والوقت ،وبين غيره ممن ينعمون
باليسير منها ،وبل قد نجد شعبا كأنها محفظة باسم أصحابها ال يمكن أن نتخيلهم في
شعب ومهام غيرها مما يطرح لدى من يعرف املصلحة جيدا ألف سؤال ! وهنا لن يدفع
ثمن هذا الخلل إال القاصدون للمحاكم لقضاء مآربهم الشخصية ،وبالتالي نرى ضرورة
تغيير املوظفين فيما بينهم من شعبة ألخرى بعض مض ي زمن محدد (سنتين أو أربع سنوات
مثال في الشعبة الواحدة)،وفق ما يجعل املصلحة تحافظ على سيرها العادي،وما سيمكن
املسؤول املباشر من توفره على أطر لهم كفاءة وتجارب في شعب املصلحة ،تمكنه من سد
الفراغات خصوصا إبان العطل السنوية أو إلاستثنائية للموظفين،ألن مشكلة النيابة لن
تطرح وقتها في هذا الصدد ،وسيتمتع املرفق باستمراريته طول السنة مما سيمكن
املواطنين ومساعدي القضاء من قضاء مآربهم دون أدنى إشكال.
ال يكفينا دور رئيس مصلحة كتابة الضبط لوحده حتى تساهم الهيئة في التنزيل الفعلي
لشعار "القضاء في خدمة املواطن" على أرض الواقع في الشق املتعلق بها ضمن منظومة
العدالة باعتبارها جزئ ال يتجزأ من الجسم القضائي ككل،وإنما نحتاج ألن يكون يحتل كل
موظف فيها بأخالقيات املهنة وأدبياتها املتعارف عليها في كل القطاعات سواء العامة منها
أو الخاصة ،غير أننا في كتابة الضبط نرى أننا ملزمون أكثر بالتمسك والنهوض بها حتى
نعطي الصورة ألامثل لهيئتنا،وجعلها تتبوأ املكانة التي تستحق ،باعتبارها الواجهة ألامامية
املتفاعلة مع املتقاض ي وباقي ممارس ي املهن القضائية بصورة يومية.
وحرصا منها على النهوض بهذه ألاخالقيات،وضعت ودادية موظفي العدل املسودة ألاولية
ملدونة السلوك والقيم ( )6لهيئة كتابة الضبط ،وبالرغم من بعض إلانتقادات التي وجهت
لهذه املدونة من تمثيلية نقابية بالقطاع،إال أننا نعتبرها خطوة جريئة من الودادية ،ونقطة
تحتسب لها في إطار مقابلة الحق بالواجب،وملا ستشكله هذه القيم متى كرست في نفسية
املوظف العدلي واستشعر فيها الجانب املض يء الذي سيساعده على تطويره لنفسه نحو
38
.
39
.
ثامنا:الكفاءة
يحرص كاتب الضبط على الرفع من كفاءته املهنية بكل الوسائل الذاتية وإلادارية
املتاحة.
إن من شأن تفعيل هذه ألاخالقيات على ارض الواقع بالنسبة ملوظفي كتابة الضبط
سيفرز لنا ال محالة موظفا مثاليا يكون في خدمة املواطن،ويجعل القضاء ككل من خاللها
يكرس املبدأ ،ونحن إذ نؤكد على وجود غالبية عظمى ممن يتحلون بهذه الصفات ،لكننا ال
يمكن أن نجزم أن الجهاز نقي من التصرفات املشينة للبعض ،كما أن ضغط العمل قد
يدفع باملوظف أحيانا إن إبراز ردود فعل عصبية تجعل املواطن يفهمها فهما خاطئا
كاإلهانة أو التماطل أو رغبة في تحصيل املوظف ملنفعة ما...
وال شك أن التمسك بهذه السلوكات سيفرز لنا أيضا نتائج إيجابية في تعامل موظفي
الهيئة مع الوافدين،وهذه النتائج نستخلصها في عرض ذ .محمد ابرباش ( )7بعنوان "
قواعد السلوك املنهي بكتابة الضبط" أهمها:
)2خلق صورة إيجابية لدى مرتفقي املحاكم،
)1الرفع من جودة خدمات املحكمة،
)3إعطاء صورة لقضاء نزيه وشفاف،
)4حماية الجسد املنهي من املظاهر السلبية،
)5املحافظة على املمتلكات العامة املوضوعة رهن إشارة املوظف،
)6الجدية في التعامل مع طلبات املتقاضين،
)7إلاستجابة لطلبات الوافدين وتقديم معلومات واضحة وكافية وفق املقتضيات
القانونية،
)8تسهيل الولوج إلى كتابة الضبط،
)1إلاحساس بالرقابة إلالهية،
حب العمل والتفاني في خدمة الناس... )21
41
.
إن تحلي موظفي كتابة الضبط بأخالقيات املهنة أمر ضروري حتما،غير أننا نعتقد أنه
ليس كافيا متى كان التواصل مع الوافدين ناقصا ،وقد عمدت إلى تخصيص محور
التواصل هذا بمبحث مستقل إيمانا مني بأهمية هذه السمة التي باتت من الفنون
ُ
الحديثة التي تدرس على أعلى املستويات في العالم بأسره،ملا تفرز من نتائج مبهرة متى
أستغلت بالشكل الصحيح والسليم ،ألنه ال جدوى من معلومة جيدة ،أو رسالة هامة ،أو
ُ
مضمون مؤثر متى كانت قناة إيصاله معطلة أو مشوبة بعيب قد يجعلها تفهم على غير
حقيقتها.
ولكون كتابة الضبط في تفاعل يومي مع رواد املحاكم ،فموظفوها أولى باكتساب مهارات
التواصل وفنونه حتى تتمكن من إيصال رسالتها والقيام بواجبها على أحسن وجه ملا فيه
خير لهذا الوطن ومواطنيه.
وفي تناولنا لهذا املبحث سنتطرق إلى إلاطار العام للتواصل (املطلب ألاول)،ثم إلاشارة إلى
الصعوبات املطروحة بشأنه على صعيد املحاكم (املطلب الثاني) ،لنختم ببعض الحلول
املقترحة لحل هذه الصعوبات (املطلب الثالث) ،مستعينين في ذلك بعرض ألاستاذ ندير
زيدان( )8املعنون ب " التواصل مع الوافدين على املحاكم"
وهو الشخص الذي يستقبل الرسالة من خالل الحواس املختلفة كالسمع والبصر
وغيرها.
_ ثالثا:قناة التواصل:
وهي وسيلة التواصل بين املرسل واملرسل إليه ،سواء كتابية كالرسائل واملذكرات ،أو
شفوية ،أو عبر وسائل إلاتصال املادية :أنترنيت ،هاتف...
ولإلتصال نتيجة تتوقف على نقطتين أساسيتين هما قدرة استيعاب املتصل به ملوضوع
التواصل ومدى تفاعله وتجاوبه ،وثانيهما رد الفعل الذي يتركه موضوع إلاتصال لديه،
وهل أنتج أثره في ذهنه،وهل عملية التواصل قد تمت على الوجه املطلوب.
المطلب الثاني :صعوبات التواصل بالمحاكم
لخص ألاستاذ ندير هذه الصعوبات في مجموعة من النقاط أهمها:
)2جهل العموم لإلجراءات واملساطر القضائية والخيارات املسطرية املتاحة أمامه،
)1عدم فهم املصطلحات القانونية والقضائية واملسالك القضائية املحددة،والتي
تحتاج إلى درجة من التكوين القضائي املسبق حتى يتمكن الشخص من إستيعابها،
)3عدم معرفة املواطن لحقوقه وواجباته القانونية،
)4تفش ي ألامية في عدد من املتقاضين هذا النقص الذاتي يجعل الشخص ألامي ال يثق
في الشخص الذي يحاوره،
)5التكلم باللهجات املحلية في بعض املناطق( ،والتي ال يتقنها املوظف)،
)6وجود أفكار وانطباعات مسبقة لدى البعض ال تساعد على الثقة في املؤسسات
القضائية مثل تفش ي املحسوبية والرشوة..الخ،وتخلق أزمة ثقة بين املحاكم
والوافدين عليها،
)7التخوف والتوجس من ولوج فضاء املحكمة واعتباره عند البعض فضاء خاص
بمحاكمة املجرمين وبالعقاب فقط ألنه مرفق خاص بعينة خاصة من فئات
املجتمع،
المطلب الثالث :بعض الحلول المقترحة لتحسين جودة التواصل بالمحاكم
إن أهم نراه ضروريا حتى نرقى بالتواصل بين موظفي كتابة الضبط والوافدين على
املحاكم هو تكوين املوظفين في مجال التواصل بعقد دورات تكوينية مستمرة في هذا
املجال،وقد قامت وزارة العدل والحريات في إحدى دورات التكوين ألاساس ي للمحررين
القضائيين سنة 1121بإدراج مادة التواصل وفنونه في برامج التكوين ،غير أننا نرى ضرورة
إدراجه ضمن التكوين املستمر على مستوى الدوائر القضائية للمملكة،وتقديم أي جديد
42
.
في هذا املضمار،تطويرا للموظف من جهة،و خدمة للمواطن من أخرى باعتباره الغاية
وألاساس من ذلك كله.
ومن الحلول التي أوردها ذ .ندير في عرضه القيم:
)2إلاستماع (فحسن إلاستماع باب مهم لفهم غاية املتقاض ي وطلبه)،
)1إبداء التعاطف مع وضعية املخاطب،
)3إعادة ذكر مضمون الطلب،
)4إستعراض الخيارات املطلوبة،
)5تعميم مراكز إلارشاد والتوجيه بكل املحاكم،
)6إعداد مطويات حول تنظيم املحاكم وكيفية سيرها واملساطر املتبعة (وهو ما طبقته
وزارة العدل والحريات فعليا في آلاونة ألاخيرة)،
)7تنظيم تظاهرات وأيام مفتوحة للعموم على مستوى كل دائرة قضائية وذلك
بشراكة مع مختلف الفاعلين على املستوى الحقوقي وإلاقتصادي والجامعي وذلك
للتعريف بمجهودات العاملين في الحقل القضائي...
)8التفعيل الجيد ملكاتب الاستقبال وإلارشاد،وتكليف موظفين يتقنون اللهجات
املحلية للتواصل مع املواطنين الذين ال يحسنون غيرها ،وكذا املوظفين الذين
يتقنون اللغات ألاجنبية في املحاكم التي يلجها ألاجانب،
)1تخصيص سجل خاص رهن الوافدين على املحكمة لتسجيل مالحظاتهم وإقتراحاتهم
وشكاياتهم وترسيخ الباب املفتوح في املؤسسات القضائية،
من املعلوم أن كل إلاجراءات في ألادارة القضائية تقوم بها ،وتقدمها كتابة الضبط
للوافدين على املحاكم،و تحقيقا لخدمة ذات جودة عالية ومبسطة تستطيع الهيئة
تقديمها في أحسن الظروف هو توظيف النظام املعلوماتي في هذا إلاطار ملا له من مميزات
لم تعد خافية على العام والخاص.
ويقوم تطوير إلادارة املعلوماتية على جعلها املواطن املحور ألاساس ي إلهتماماتها ليتسنى
لها بذلك توفير خدمات جديدة ذات جودة عالية تتماش ى وحاجياته وتطلعاته.وذلك بسرعة
43
.
وقدرة متناهية وبمجهود وتكاليف أقل من خالل موقع واحد أو عدة مواقع مرتبطة بشبكة
ألانترنيت،
ومن فوائد هذه إلادارة أيضا تكريس الشفافية وإتاحة املعلومة وكل إلاجراءات املتعلقة
بامللفات الرائجة واملحكومة للمتقاض ي،كما يتيح ذلك الرفع من توعية املواطن بالتقنيات
الحديثة والتحول الذي يطال املجتمع وتحويله إلى مجتمع معلوماتي متطور بات هو هدف
كل الدول املتقدمة منها والنامية.
وقد أتاحت وزارة العدل والحريات هذه الوسائل املعلوماتية ،كما وظفت عدد مهما من
املوظفين ذات التخصصات التقنية في إلادارة ،غير أنها بادرة لم تعمم بالشكل املطلوب على
كل محاكم اململكة ،تباينت في مستوياتها في املحاكم املوظفة فيها،مع تسجيل أن العديد
من مراكز القضاة املقيمين محرومة منها بالكلية ،وبالتالي فإنجاح هذه البادرة باملحاكم
حتى تتمكن كتابة الضبط من القيام بمهامها خدمة للمواطن الذي هو الهدف وألاساس
يحتم على الوزارة الوصية توفير مستوى مناسب من البنية التحتية واملوارد البشرية
املؤهلة ،مع إعتماد تكوينها باستمرار في هذا املجال الخصب املتجدد.
غير أننا نسجل أهم العراقيل التي تواجه هذه التحدي هو عدم الغالبية العظمى من
املتقاضين باألساليب املعلوماتية،كما أن عددا غير يسير من مساعدي القضاء ال يتفاعل
مع النظام املعلوماتي ،إذ يفضلون التواصل املباشر مع أطر كتابة الضبط وأخذ إلاجراءات
مباشرة من السجالت ،ونفس الش يء مع املواطنين الذي ال يكتفون بأخذ إلاجراء وإنما
يستفسرون على تساؤالتهم ويرغبون في إجابات مباشرة من املوظف املكلف.
وجدير بالذكر أن كتابة الضبط تتحمل مسؤوليتها الكبيرة في تحقيق دور إلادارة
املعلوماتية ،وذلك من خالل املواكب املستمرة لتصفية امللفات على النظام املعلوماتي حتى
يتسنى ملستعمليه الوصول إلى املعلومة وإلاجراء في أجله املعقول ،مع تحري الدقة
املطلوبة ،إذ ال يعقل أن يلج راغب إلاجراء إلى النظام فال يجده أو يصل إلى إجراء خطئ قد
يؤثر بالكامل على مساطر املرحلة التالية من تقاضيه ،كأن يأخذ تاريخ جلسة خاطئة
ليتخلف عن الجلسة الحقيقة ،فيتفاجأ بصدور حكم في غيابه !
وبالتالي فدور الجميع قائم في هذا الصدد لتحقيق هذا الورش الهام الذي بات من
الضروريات ليس في إلادارة القضائية ،وإنما غاية كل إلادارات ألاخرى ،ملا له من مميزات
كبرى أهمها تقديم خدمات جيدة لعموم املواطنين.
44
.
من ألامور التي نراها هامة وضرورية لتقوم من خاللها كتابة الضبط بالدور املنوط بها على
أحسن وجه هو توحيد عملها على الصعيد الوطني ،وذلك لن يتأتى إال بتنظيم لقاءات
تشاورية مع ممثلي الدوائر القضائية من ألاطر ألاكفاء للهيئة ممن لهم تجربة ميدانية كبيرة
وتصورات حول العمل املوحد لكتابة الضبط باشراف من الوزارة الوصية وتنسيق مع كل
مكونات املنظومة العدلية بالدولة.
فالعمل داخل كتابة الضبط ال يزال يعرف تباينا من محكمة إلى أخرى،قد يقف عليها
بامللموس بصفة خاصة السادة املحامين الذين ينتقلون بحكم عملهم من محكمة إلى
أخرى باململكة،وكذا املوظفين والقضاة املنتقلين من دائرة قضائية إلى دائرة جديدة ،وحتى
ذلك املواطن الذي يأتي من مدينة وهو يحمل معلومات ووثائق بناء على إستشارة تلقاها
بمدينته،ليتفاجأ بشروط أخرى باملحكمة الجديدة محل تقاضيه.
فمن املحاكم مثال من يعتمد واجب التنبر في تسليم نسخ ألاحكام والقرارات مع إختالف
قيمة التنبر من محكمة إلى محكمة ،ومنها من يسلمها دون هذا الواجب إستنادا إلى
إجتهادات املحكمة إلادارية ،وهناك سجالت يعمل بها في محكمة وال ُيعن لبها في أخرى،
ومنها من تفرض تقديم الطلبات في الحصول على إلاجراء أو تصوير الوثائق ومنها من ال
تعتمد على ذلك إلى غيرها من املسائل ألاخرى املتعددة التي أكيد لن تكون في مصلحة
املواطن الذي يجب توفير الخدمات له بأبسط املساطر وأسرعها.
ونتمنى أن يتم حل هذا إلاشكال ضمن التصور الجديد حول الهيكلة املزمع تنظيم هيئة
كتابة الضبط بها على الصعيد الوطني ،وتنزيل ذلك أيضا من خالل إلاصالح الشامل
والعميق ملنظومة العدالة
45
.
إن هيئة كتابة الضبط ،ونظرا لدورها جد الهام ضمن العمل القضائي ،وتحقيقها
للشروط التي أشرنا إليها في الفصل الثاني من هذا البحث املتواضع ،ال شك أنه سيجعلها
حقا في خدمة املواطن ،وستفعل املبدأ على مستوى العمل القضائي ككل ،سيما وأن
مبادئ شعار "القضاء في خدمة املواطن" املسطرة في الخطاب امللكي السامي بخصوصه،
تجد أرضها الخصبة ضمن عمل الهيئة .فمبدأ تقريب القضاء من املتقاضين ،وتوفير
املساطر املبسطة السريعة،واملساهمة في التحفيز والتنمية ،وإلاعتماد علبى الهياكل
الحديثة له إرتباط مباشر بها ،فمتى تمكنت من تنزيل مهامها على أرض الواقع مع شرط
إتاحة إلامكانية الضرورية لذلك،سنلمس أكيد تحقق هذه املبادئ من الناحية العملية
واملمارساتية للعمل داخل املحاكم.
كما أن قيام كتابة الضبط بدورها وفق ما تقتضيه القوانين والنظم ،مع تطبيق إلاحترام
الصارم لألجاالت القانونية ،سيساهم أكيد على إصدار القضاة ألحكام نزيهة ،وسيشكل
ذلك لبنة مهمة من صرح دولة الحق والقانون الذي تسعى بالدنا إلى تثبيته بكل جدية
وحزم.
46
.
الهوامـ ـ ـ ـ ـ ـ ـش:
التمهيد:
( )1لقد عمد المهتمون بالشأن القضائي إلى تعريف القضاء بناءا على معيارين :
-المعيار الوظيفي :ويعرف القضاء إنطالقا من الدور المنوط به باعتباره المؤسسة الفاصلة في النزاعات
القائمة بين مكونات المجتمع ( أشخاص طبيعيين أو معنويين ) عن طريق أحكام و قرارات مبنية على محاكمة
عادلة و التي تظل واجبت التنفيذ إللزاميتها ولو عن طريق القوة و اإلكراه وفق الشكليات و المساطر
المنصوص عليها قانونا.
-المعيار العضوي :و يعرف القضاء من خالل مكوناته األساسية من قضاة،و كتابة اضبط ،وإدارة
مركزية،وباقي مساعدي القضاء.....
( )2تنظم هيئة كتابة الضبط بالمغرب بمقتضى المرسوم رقم 2.11.1.2الصادر بتاريخ 11شوال 1122
الموافق ل 11شتنبر 2111بمثابة النظام األساسي لها
()2المهن القضائية :عرض لألستاذ محمد رفيق ،منتدب قضائي بمحكمة اإلستئناف بمراكش
الفصل األول
( )1ذ /محمد األعرج.إصالح القضاء و ضمان استقالله.المجلة المغربية لللسياسات العمومية،العدد 1.ص
12
( )2من هذه المواد التي طالها النقاش بحدة كذلك قانون المسطرتين المدنية و الجنائية،و التنظيم القضائي
للمملكة،و القانون الجنائي
( )2د.أحمد مفيد.الضمانات االدستورية والقانونية الستقالل السلطة القضائية.المرجع السابق ،ص 22
( )1المتمثلة في وزارتي العدل و التنمية اإلجتماعية و األسرة و التضامن ،و صندوق األمم المتحدة
اإلنمائي للمرأة لشمال إفريقيا
( )1رئيس المكتب الجهوي للمفوضين القضائيين بمحكمة اإلستئناف بالدار البيضاء .مقال له بعنوان <
كفى ...لنتصالح مع عدالتنا > منشور في جريدة الصباح بتاريخ 12أكتوبر 2111
( )6ونقصد هنا مؤسسة قضاء القرب التي أتى بها التنظيم القضائي الجديد للمملكة،و التي يسعى المشرع
من وراء إحداثها تفادي اإلنتقادات الجمة الموجهة لمحاكم الجماعات و المقاطعات.
لإلطالع على وجهة نظر أستاذنا عبد الكريم الطالب بخصوص محاكم الجماعات و المقاطعات،راجع مؤلفه
التنظيم القضائي المغربي طبعة يونيو 2116ص 22_21
47
.
( ).و طبعا على القائم بهذا الواجب اإللتزام بالضوابط التي من شأنها جعله ال يتعدى مهامه و تبني مهمة
اإلستشارات القانونية التي تبقى من إختصاصات السادة المحامين.
راجع بخصوص هذا المادة 21سيما الفقرة 1من القانون رقم 12/22المتعلق بتعديل القانون المنظم
لمهنة المحاماة،الصادر بتفيذه الظهير الشريف رقم 1.12.111بتاريخ 21شوال 1122الومافق ل 21
أكتوبر 2112
( )2كنهج وزارة العدل لسياسة األيام المفتوحة مرة واحدة سنويا
( )2نالحظ غير ما مرة قيام بعض أطر كتابة الضبط (منتدبين و محررين) عند ملئهم لبعض المطبوعات
المتعلقة مثال بمحاضر التنفيذ،أو المطبوعات الخاصة بتلقي بعض طرق الطعن يشطبون على كلمتي كاتب
الضبط ليضع بدلها إطاره الذي ينتسب إليه.
و في اعتقادنا بهذا الخصوص أن صفة كاتب الضبط واجبة اإلستعمال في كافة األشغال التي يقوم بها
موظف هيئة كتابة الضبط بغض النظر عن اإلطار الذي ينتمي إليه ،فالمسطرتان المدنية و الجنائية لم
تخاطباه إال بتلك الصفة .أما اإلطار اإلصلي فيتم التعامل به في المراسالت اإلدارية الشخصية ،وكذا في
الندوات و المؤلفات بعد إذن الوزارة الوصية.
()11خطاب المغفور له الحسن الثاني بتاريخ 31مارس 1982بمناسبة اجتماعه بقضاة المملكة،ومن
فقراته " :إن مسؤولية القاضي ليست أجسم من مسؤولية كاتب الضبط ،ومسؤولية المحامي ليست أجسم
من مسؤولية القاضي ،والتنفيذ أكبر المسؤوليات .ذلك أن عدم التنفيذ يصل به اإلنسان إلى استنتاجين :
األول :أن القضية لم تأخذ بعين االعتبار في الموضوع ولو حكم فيها ،وأعتقد أن المحكوم له أو المحكوم
عليه ان هذا على صواب وهذا على خطأ فعدم التنفيذ والتماطل في التنفيذ يجر المرئ إلى تفكير آخر هو
انحالل الدولة"
( )12نعتقد أن هذه المدة المقترحة تعد األنسب لما ستوفره من تجربة و ممارسة هامتين لتعدد المساطر و
القوانين من جهة،و ما ستوفره من نضج في الملكات العقلية للشخصمن جهة ثانية.
فإن كانت من الناحية العملية هذه هي المدة المتطلبة في المنتدبين القضائيين (السلم )11المرشحين لتقليد
مناصب مسؤولية رئاسة مصلحة كتابة الضبط أو كتابة النيابة العامة،فتقليد مسؤولية القضاء أولى بذلك.
( )11و قد قيل بأن لباسك يرفعك قبل جلوسك،و علمك يرفعك بعد جلوسك.
( )1.سناء كريم،مقال منشور لها بجريدة التجديد تحت عنوان "السلطة القضائية في مشروع الدستور
الجديد"،بتاريخ 21يونيو .2111
( )12ذ /إدريس المشترائي،قاض سابق و محام بهيئة آسفي،مقال له بجريدة الصباح تحت عنوان "موقع
السلطة القضائية في الدستور الجديد"،منشور بتاريخ 12شتنبر 211
( )21من النقاط التي لم تلقى التعديل عدم تعميم الحماية من العزل و النقل إال بمقتضى القانون ليشمل
القضائين الواقف (النيابة العامة) و الجالس،حيث نص الفصل 112على مايلي " :ال يعزل قضاة األحكام و
ينقلون إال بمقتضى القانون
الفصل الثاني
( )2ذ المصطفي الغشام الشعيبي ،منتدب قضائي من الدرجة الثانية ،مدير المركز المتوسطي للدراسات
القانونية والقضائية بأصيلة ،مقال له بعنوان "هيئة كتابة الضبط عمود إصالح العدالة" ،منشور بموقع
http://www.marocdroit.com/
()1ذ .محمد الوكاري ،منتدب قضائي بالمحكمة التجارية بأكادير،موضوع له بعنوان "كاتب الضبط :المهام
والمسؤوليات" ،ص.2
( )3فقد نص فصله الثاني على أنه " يتكون موظفو المحاكم بالمملكة من األسالك التالية )1 :سلك
المعاونين )2 ،سلك أعوان المكتب )2 ،سلك كتاب الضبط )1 ،سلك المحررين القضائيين )1 ،سلك
المنتدبين القضائيين )6 ،سلك المنتدبين القضائيين اإلقلميين".
()4ذ .عبد الواحد علومي ،منتدب قضائي من الدرجة الثانية ورئيس مصلحة كتابة الضبط بالمحكمة اإلدارية
اإلستئنافية بمراكش ،عرض له بعنوان "التنظيم الهيكلي لكتابة الضبط"
(www.drh.justice.giv.ma )5
( )6أنظر موقعها على األنترنيتwww.afj.ma :
( )7منتدب قضائي بالمحكمة اإلبتدائية بالخميسات.
()8منتدب قضائي من الدرجة الثانية،ورئيس مصلحة كتابة الضبط بالمحكمة اإلبتدائية بآسفي.
49