Professional Documents
Culture Documents
ويحظى موضوع إصلحا قطاع العدل بأهأمية بالغة لدى جللة الملك محمد السادس نصره ا ،وهأي الهأمية التي جسدتها
خطب عديدة لجللته في مناسبات كثيرة ،وتم تضمينها في التصريح الحكومي ،وتجسيدهأا في برنامج عمل الحكومة.
إن هأذه الهأمية تستتبع بالضرورة تحول جوهأريا في دور القضاء حتى يرقى إلى الحماية القانونية الفعلية لحقوق النسان،
وإحكام الرقابة على اللتزامات والمعاملت في جميع المجالت ،وتصريف القضايا بالسرعة المطلوبة والفاعلية المنشودة
لشإاعة العدل بين الناس.
لقد أصبح هأذا التحول في طبيعة المهام القضائية في حاجة ملحة إلى ثقافة قضائية جديدة تستوعب كل القيم ،وتعطي للحكام
الفاصلة في النزاعات المعروضة على المحاكم أبعادهأا المستمدة من مصدرين أساسيين ،هأما:
أول :الطار الدستوري للمملكة الذي كرس مبدأ فصل السلط واستقلل القضاء ،وحدد المرجعية التشريعية والرضية
القانونية التي نعمل جاهأدين على تطويرهأا حتى تنخرط بلدنا في منظومة أرقى التشريعات المقارنة؛
وثانيا :الرادة الملكية السامية لصلحا منظومة العدالة المضمنة في الخطب السامية لصاحب الجللة الملك محمد السادس
أيده ا أبرزهأا:
الخطاب الملكي ليوم 20غشت 2009بمناسبة ذكرى ثورة الملك و الشعب §
الخطاب الملكي ليوم 9مارس 2011بمناسبة العلن عن الصلحات الدستورية و تقديم تقرير اللجنة الملكية §
الستشارية حول الجهوية.
فبمناسبة الذكرى 56لثورة الملك والشعب بتاريخ 20غشت ،2009وجه جللة الملك محمد السادس نصره ا خطابا
ساميا خصصه حفظه ا بالكامل لموضوع إطلق الصلحا الشامل والعميق للقضاء ،تعزيزا لوراش التحديث المؤسسي
والتنموي بالمملكة.
وقد حدد جللة الملك حفظه ا الهأداف المنشودة من هأذه المقاربة المتقدمة لصلحا القضاء في:
توطيد الثقة والمصداقية في قضاء فعال ومنصف ،باعتباره حصنا منيعا لدولة الحق ،وعمادا للمن القضائي، §
والحكامة الجيدة ،ومحفزا للتنمية.
تأهأيل القضاء ليواكب التحولت الوطنية والدولية ،ويستجيب لمتطلبات عدالة القرن الحادي والعشرين. §
الستجابة لحاجة المواطنين الملحة في أن يلمسوا عن قرب ،وفي المد المنظور ،الثر اليجابي المباشإر §
للصلحا.
وفي سبيل تحقيق هأذه الهأداف الكبرى ،حث جللة الملك حفظه ا الحكومة على بلورة مخطط متكامل ومضبوط ،يجسد
العمق الستراتيجي للصلحا ،في محاور أساسية ،تتمثل في ستة مجالت ذات أسبقية .وهأي:
و بمناسبة افتتاحا الدورة التشريعية لسنة 2010أسس جللة الملك مفهوما جديدا لصلحا منظومة العدالة" :القضاء في
خدمة المواطن".
شإمولية المفهوم الجديد للسلطة ،وإلزاميته لكل سلطات الدولة وأجهزتها ،تنفيذية كانت أو نيابية أو قضائية؛ §
الهأداف المتوخاة من جعل "القضاء في خدمة المواطن" :قيام عدالة متميزة: §
و قد أكد جللة الملك في الخطاب الملكي السامي بشأن مسار الجهوية المتقدمة و تقديم تقرير اللجنة الستشارية للجهوية و
العلن عن الصلحات الدستورية ليوم 09مارس 2011على أهأمية الرتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة ،إلى جانب
تعزيز صلحيات المجلس الدستوري ،توطيدا لسمو الدستور ،ولسيادة القانون ،والمساواة أمامه.
وقد أعطى جللته حفظه ا توجيهاته السامية للحكومة ،وخاصة وزارة العدل ،للشروع في تفعيل المخطط المذكور .مذكرا
حفظه ا بأن المحك الحقيقي لهذا الصلحا الجوهأري ل يكمن في مجرد وضعه ،وإنما في القدرة على حسن تفعيله وتدبيره
على الصعيد المركزي وعلى صعيد المحاكم .وأن المر يتعلق بورش شإاق وطويل ،يتطلب تعبئة شإاملة ل تقتصر على
أسرة القضاء والعدالة ،وإنما تشمل كافة المؤسسات والفعاليات ،بل وكل المواطنين.
و قد ضعت وزارة العدل خططا متكاملة ومضبوطة ،تجسد العمق الستراتيجي للصلحا ،وفق مقاربة شإاملة ومتكاملة
للمجالت الساسية للصلحا العميق والشامل لمنظومة العدالة برمتها ،وذلك على عدة مستويات:
المستوى المؤسساتي :ترمي هأذه البرامج إلى دعم استقللية القضاء ،وتحديث المنظومة القانونية ،وتأهأيل الهياكل -
القضائية والدارية و البشرية ،وترسيخ التخليق.
المستوى التنظيمي :تهدف برامج الوزارة إلى تحقيق نتائج ملموسة لفائدة المواطن في مجالت ضمان مقومات -
المحاكمة العادلة ،وفعالية ونجاعة القضاء وقربه ،ونهج الحكامة الجيدة ،وكذا ترسيخ الحترافية ،والشفافية ،ونزاهأة وجودة
الحكام ،والرقي بمستوى الخدمات القضائية ،وتسهيل ولوج المتقاضين إلى المحاكم ،وتبسيط المساطر والجراءات
القضائية فضل عن تفعيل اللتمركز لضمان الفعالية ،والرفع من مستوى الخدمات الجتماعية لقضاة وموظفي العدل.
المستوى التشريعي:أعدت وزارة العدل أربعة وعشرين مشروع نص قانون و مرسوم ،وهأي مشاريع تهم مختلف -
المناحي المرتبطة بالقضاء ،ومجال العمال ،والسياسة الجنائية ،أحيلت كلها على المانة العامة للحكومة.
ترمي هأذه البرامج كلها إلى تحقيق المفهوم الجديد لصلحا العدالة المتمثل في جعل القضاء في خدمة المواطن وقد حققت
وزارة العدل العديد من المنجزات بهذا الشأن خلل سنة ،2010ووضعت برامج للسنوات القادمة.
أهم المنجزات في مجال إصلحا القضاء
.1على المستوى التشريعي :قامت وزارة العدل بإحالة 17مشروع على المانة العامة قصد تحيين التوقيع كما عرضت
عدة مشاريع على البرلمان :مهنة التوثيق ،مكافحة العنف أثناء المباريات الرياضية ،تعديل المادة 16من مدونة السرة
المتعلقة بثبوت الزوجية ،مشروع مدونة الحقوق العينية ،تعديل المادة 16من قانون المحاكم التجارية ،صندوق التكافل
العائلي ،مشروع تعديل القانون المتعلق بتبييض الموال.
هأذا بالضافة إلى مشاريع أخرى صادق عليها مجلس الحكومة :تعديل التنظيم القضائي ،تعديل قانون المسطرة الجنائية،
تعديل قانون المسطرة المدنية ،قانون قضاء القرب.
.2على مستوى تعزيز ضمانات استقلل القضاء :كان تسريع تدبير المسار المهني للقضاة محل عناية خاصة خلل سنة
، 2010إذ أسفرت نتائج أشإغال دورة المجلس العلى للقضاء بعد موافقة الجناب الشريف اسماه ا واعز أمره عليها عن :
* المتابعات التأديبية ؛
كما تم إعداد مشروع النص المتعلق بالمجلس العلى للقضاء و تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية ) :مقر خاص ،ميزانية
خاصة ،التمثيلية النسوية للقاضيات ،(...وكذا مشروع النظام الساسي للقضاة )ضمانات مهمة للقضاة ،مرونة الترقية ،رفع
سن الولوج إلى القضاء من 21إلى 23سنة (.
.3على مستوى النجاعة القضائية :تتركز برامج الوزارة بخصوص هأذا المحور على الرفع من فعالية القضاء وتحقيق
قضاء القرب بمفهومه الواسع ،الذي ل يتعلق فقط بقضاء القرب كمكون من مكونات التنظيم القضائي من الناحية الجغرافية،
بل قضاء القرب بمعناه الواسع الذي يندرج في إطار المفهوم الذي أسس له صاحب الجللة نصره ا "القضاء في خدمة
المواطن" ،بما يعنيه ذلك من تبسيط للمساطر ،و فعالية ،و جودة و حسن استقبال ،فضل عن تقريب القضاء من المتقاضين.
-مشروع مراجعة التنظيم القضائي )الستئناف أمام محاكم الدرجة الولى ،إحداث محاكم ابتدائية للنظر في نوع معين من
القضايا )أقطاب قضائية( توسيع مجالت القضاء الفردي؛
-مشروع قانون قضاء القرب )صادق عليه مجلس الحكومة ،كما أنه تمت المصادقة على مقترحا تعديل قانون إلغاء محاكم
الجماعات و المقاطعات من طرف مجلس النواب ،و هأو معروض على مجلس الحكومة(.
-وضع مشروع لتتميم المادة 16من القانون المتعلق بإحداث المحاكم التجارية؛
-وضع مقتضيات بمشروع المسطرة المدنية و الجنائية ،تمكن من البت في القضايا داخل أجل معين؛
-تنفيذ مدونة السير :التكوين على المقتضيات الجديدة ،المعالجة المعلوماتية للمخالفات...
-تنفيذ المادة 16من مدونة السرة :تسهيل المساطر بالنسبة للمعنيين ل سيما في الماكن النائية؛
-التواصل مع الفاعلين في الحقل القضائي للرفع من النجاعة القضائية :القيام بزيارات ميدانية ،دعم التواصل مع المسئولين
القضائيين و مسئولي كتابة الضبط و القضاة و الموظفين و المحامين و باقي المهن القضائية ،للوقوف على حاجيات المحاكم
و إيجاد الحلول للصعوبات التي تعترض سيرهأا سواء على مستوى التجهيز و الموارد البشرية.
.4على مستوى التخليق :قامت وزارة العدل بتكثيف التفتيش العام والتسلسلي بمفهومه الحقيقي كوسيلة للطلع على
مجريات تصريف القضايا من خلل التفقد الدقيق والحرص على توحيد العمل والبحث على مواطن الخلل التي تحتاج دعم
الدارة المركزية.
فقد واصلت المفشية العامة للوزارة زياراتها لمختلف محاكم المملكة في إطار التفتيش العام ،إذ قامت خلل سنة 2010بما
مجموعه 48تفقدا أنجزت عقبها تقارير و مكنت المسئولين القضائيين من نسخ منها للطلع على الملحظات الواردة فيها،
كما أعقب ذلك تمكين المحاكم من الحاجيات التي وقفت عليها المفشية العامة.
و تطبيقا لما تسمح به المقتضيات القانونية ،أنجزت المفشية العامة من مجموع ما أحيل عليها من أوامر إجراء بحث 71
بحثا انتهت بإحالة 16حالة على المجلس العلى للقضاء.
.5على مستوى التكوين :تولي وزارة العدل لموضوع التكوين أهأمية بالغة ،فهو أساس الجودة القضائية ،و مناط استقلل
القاضي‘ و قد أخذ موضوع التكوين أبعادا جديدة تهدف إلى تحقيق المهنية و التخصص ولذا فإن الوزارة خصصت للتكوين
غلفا ماليا قدره 12.000.000درهأم.
-استقبل المعهد العالي للقضاء ،الفواج التي تم توظيفها مؤخرا سواء من القضاة أو الموظفين ،و قام بالتحضير لبرامج
التكوين الساسي التي لم تعد مقصورة على الملحقين القضائيين ،بل أصبحت متجهة كذلك للموظفين ) 654محررا قضائيا
من فوج التقنيين( ،و بعض مساعدي القضاء ) 520مفوضا قضائيا و 500عدل(؛
-الرفع من مدة تكوين الموظفين بالمعهد إلى شإهرين بدل أسبوع واحد ،يلتحق بعدهأا المعنيون بالمحاكم لتنظم لهم بعد ذلك
حلقات تكوين تخصصي؛
-عدم اقتصار برامج التكوين الساسي على الملحقين القضائيين ،بل أصبحت موجهة كذلك لموظفي وزارة العدل.
-يستفيد من برامج التكوين المستمر القضاة والموظفون حيث بلغ عدد المستفيدين من التكوين المستمر حتى حدود سنة
1.700 ،2010قاض و موظف ضمن البرنامج المنجز على صعيد المعهد العالي للقضاء 1.681 ،قاض و موظف برسم
التكوين الذي تنفذه مديريات الوزارة.
-كما تم اقتناء 5هأكتارات بمدينة الرباط لبناء مركب عصري للمعهد العالي للقضاء ،يستوعب فضل عن تكوين القضاة و
الموظفين ،تكوين المحامين و مختلف مساعدي القضاء.
.6على مستوى تحديث الدارة القضائية وتعزيز البنية التحتية للمحاكم :نظرا لهأمية التحديث في الرفع من النجاعة
القضائية ،اتخذت الوزارة التدابير التية:
تراهأن وزارة العدل على مكننة كل الجراءات القضائية لضمان الفعالية و السرعة و الضبط و الشفافية و التواصل مع
المتقاضين.
-دشإنت الوزارة سياسة جديدة تقوم على إحداث مركبات قضائية عصرية )قصور للعدالة( ،وقد تم تنفيذ هأذه السياسة بمدينة
الجديدة ،و ستتواصل بكل من فاس و مراكش و الدار البيضاء و الرباط و طنجة.
-دشإنت الوزارة مشروعي قصر العدالة بالجديدة ،و المحكمة البتدائية بسيدي سليمان و المحكمة البتدائية بسيدي قاسم.
كما شإرع في استخدام 4مقرات للمحاكم البتدائية التالية :كلميم ،طانطان ،ڭرسيف ،و مركز القاضي المقيم بأكنون و
محكمة أزيلل.
.7على مستوى النهوض بالموارد البشرية :استطاعت الوزارة سد نسبة عالية من الخصاص في الموارد البشرية ،حيث بلغ
مجموع المناصب المالية المحدثة برسم ميزانية ،2010ما مجموعه 1.000منصب ،و قد سهرت الوزارة على تنظيم
المباريات الخاصة باستخدامها:
300-منصبا للقضاة؛
-وقد تم تخصيص العديد من المناصب للتوظيف المباشإر لقضاة المحاكم الدارية من موظفين ومحامين وأساتذة جامعيين.
كما قامت وزارة العدل بعمليات انتقاء لتحمل المسؤولية بكتابات الضبط ،وكتابات النيابة العامة فضل عن قيامها بمعالجة
مختلف الملفات الخاصة بالترقية في الرتبة والدرجة.
و في الختام ،يمكن التأكيد بأن برنامج إصلحا العدالة لوزارة العدل بصفة عامة والقضاء بصفة خاصة شإكل أولوية وطنية
سواء من وجهة نظر توطيد دولة القانون أو من منظور الدفع إلى الرتقاء بالتنمية القتصادية والجتماعية فكان المخطط
مبنيا على إطار مرجعي سامي وهأو تأهأيل العدالة وجعل القضاء في خدمة المواطن.
.8على مستوى النهوض بحقوق النسان :تعمل وزارة العدل في هأذا الطار ،على ترسيخ دعائم دولة القانون والمؤسسات
و ذلك من خلل قيامها بمجموعة من النشطة و التظاهأرات الرامية للنهوض بحقوق النسان :
رئاسة وزارة العدل للجنة الشإراف على إعداد الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق النسان؛ ü
متابعة انطلق أشإغال لجنة متابعة الرضية المواطنة للنهوض بحقوق النسان؛ ü
مواصلة وزارة العدل مساهأمتها في تفعيل اللتزامات الدولية للمملكة برسم التفاقيات الدولية لحقوق النسان ،سواء ü
من خلل إعداد التقارير الدورية الوطنية حول إعمال الوفاق التي هأي طرف فيها ،أو من خلل التواصل مع المؤسسات
الدولية المعنية ،وخاصة مجلس حقوق النسان والمندوبية السامية للمم المتحدة الخاصة بحقوق النسان.
إعداد التقرير الوطني السادس حول إعمال الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية؛ ü
دعم العمل الحقوقي من خلل إعانات ودعم مالي للنسيج الجمعوي النشيط في مجال حقوق النسان على مختلف ü
توجهاته ومواقفه ،بمبلغ 1.497.000درهأم.
مواصلة تنفيذ وزارة العدل لبرنامج تطويق ظاهأرة العنف ضد الطفال والنساء:بتعميم مكاتب خاصة بذلك على ü
مجموع المحاكم.
تنظيم حملت تحسيسية بمختلف جهات المملكة حول تطبيق المادة 16من مدونة السرة المتعلقة بثبوت الزوجية ü
حفاظا على حقوق الزوجين و الطفال.
.9على مستوى التعاون القضائي الثنائي والدولي :تفعيل اتفاقيات قضائية ثنائية ،والتوقيع على العديد من التفاقيات
والبروتوكولت في ميادين شإتى :
* دعم جهود التحديث :البنك الدولي والوكالة المريكية للتنمية الدولية USAIDوكذا مع التحاد الوروبي في إطار
برنامج ميدا ،MEDAو برنامج ADLمع إسبانيا ؛
* التكفل القضائي بالنساء و الطفال UNICEF :منظمة المم المتحدة للطفولة FNUAP ،منظمة المم المتحدة للسكان ؛
* إدخال الطرق البديلة لفض المنازعات ،ومنها الوساطة ،إلى النظام القانوني والقضائي المغربي من خلل مشاريع تعاون
مع مؤسسة ' ISDLSمعهد الدراسات لتنمية النظمة القضائية ' و منظمة ' Search For Ground Commonالبحث
عن أرضية مشتركة '... .
تبعا للتوجيهات الملكية السامية ،فإن هأذا الصلحا الجوهأري للقضاء ،يعتبر حجر الزاوية في بناء نظام قضائي عصري
يساير النظم القضائية الحديثة وفي ترسيخ الديمقراطية والمواطنة لدى شإبابنا وأجيالنا الحاضرة والصاعدة.
وطبقا لتوجيهات القاضي الول ،والقائد الملهم جللة الملك محمد السادس نصره ا فإن هأذا الصلحا يتميز بأنه إصلحا
قضائي وفق منظور جديد ،يشكل قطيعة مع التراكمات السلبية ،للمقاربات الحادية والجزئية ،وذلك بهدف بلورة إصلحا
جوهأري ل يقتصر على قطاع القضاء ،وإنما يمتد بعمقه وشإموليته لنظام العدالة ،وذلك في نطاق المرجعيات المتمثلة في
ثوابت المة ،القائمة على كون القضاء من وظائف إمارة المؤمنين ،وأن الملك هأو المؤتمن على ضمان استقلل السلطة
القضائية.
وزير العدل
من المؤكاد أن قطاع العدل يشكل إحدى الدعائم الساسية لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة ،و من المجالت التي تضطلع
بادوار حاسمة في المساهمة في خلق التنمية القتصادية عموما ،و التي تؤثر على مجال العمال بصفة خاصة،المر
الذي تؤكاده العديد من الدراسات كاإعلن القاهرة المنبثق عن المؤتمر الثاني للعدالة العربية الذي اعتبر أن النظام
القضائي المستقل يشكل الدعامة الرئيسية لدعم الحريات المدنية و حقوق النسان ،عمليات التطوير الشاملة و
الصلحات في أنظمة التجارة و الستثمار و التعاون الدولي .انطلقا من كال هذا شكل القضاء بالمغرب موضوع ورش
إصلحيمن خلل مسار تخللته العديد من المراحل التي لم تفرز اية خطة اصلحية شاملة و نهائيةفي بداية المرإلى غاية
الخطاب الملكيل 20غشت ، 2009الذي تمبعده استصدار ميثاق إصلحا منظومة القضاء،بناء على العديد منالدراسات
والتحقيقاتالمعدة من طرف مجموعة من الهيئاتالتي أكادت بدورها على أهمية إصلحا منظومة القضاء و العدل.
فعلوة على ضرورة توفير ضمانات تتعلق بشروط النزاهأة و الشفافية في الجراءات الدارية و القانونية المعمول بها في
مجال الستثمار ،وكذا تعزيز الشفافية في الولوج إلى المعلومات المتعلقة بالصفقات العمومية التي تتحكم في حركية
الستثمارات ،فان نزاهأة منظومة القضاء و العدل تعد أيضا من الشروط الساسية التي يمكن أن تؤثر على عملية التنمية
عموما وعلى دينامية رؤوس الموال على وجه الخصوص ،و التي قد تساهأم في تحديد توجهات هأذه الستثمارات و
شإروط تموقعها ضمن هأذا المجال الترابي اوذاك.
من هأنا ،واعتبارا للدور الذي يضطلع به القضاء في مجال التنمية ،ومراعاة للتوجهات العالمية الجديدة على الصعيد
القتصادي بما في ذلك توجهات الستثمارات المباشإرة وما يترتب على ذلك من التزامات دولية للمغرب ،افرز مسلسل
تأهأيل القضاء الذي انطلق منذ سنوات التسعيناتتزامنا مع توصيات البنك الدولي،بعض التدابير التي جاءت بمبادرة من جللة
الملك من خلل مجموعة من الخطب الملكية و ل سيما خطاب 20غشت ، 2009الذي شإكل قفزة نوعية في مسلسل
إصلحا القضاءالذي يعد ترجمة فعلية للمبادئ والهأداف المتعلقة بإصلحهذا المجال،إذحددخارطة طريق تقوم على أساس
تحقيق ستة أهأدافتتمحور أولحول دعم ضمانات استقللية القضاء من خلل منح المجلس العلى للقضاء الصلحيات
اللزمة لتدبير المسار المهني للقضاة بشفافية ،و ذلك من خلل عضوية تكفل لهذه المؤسسة شإروط النزاهأة ،بالضافةإلى
مراجعة النظام الساسي للقضاة بشكل يضمن الحترافية و التجرد...يضاف إلى ذلك تحديث المنظومة القانونية و ل سيما ما
يتعلق بمجال العمال و الستثمار ،و ذلك من خلل نهج سياسة جنائية جديدة تقوم علىمراجعة و ملءمة القانون و
المسطرة الجنائية ،على أن يتم في نفس السياق تطوير الطرق القضائية البديلة كالوساطة و التحكيم و الصلح ...كما أن من
بين الهأداف التي حددهأا الخطاب الملكي مسالةتأهأيل الهياكل القضائية و الدارية على أساساللتمركز،متبوعةبتأهأيل
الموارد البشرية،إلى جانب هأذه الهأداف حدد الخطابأيضا الرفع من النجاعة القضائية من خلل تبسيط المساطر...وفي
الخير تخليق القضاء لتحصينه من الرتشاء و استغلل النفوذ...
كلها أهأداف شإكلت أرضية النطلقة بالنسبة للهيئة العليا للحوار الوطني التيبعد إجراء حوار وطني حول الصلحأصدرتفي
يوليوز 2013ميثاق إصلحا منظومة العدالة،الذييقدم في واقع المرعملية تشخيصية لواقع القضاء مع تقديمهلمجموعة من
المقترحات التي تهدف إلى تجاوز كافة الكراهأات التي تشوب هأذا المجال و التي تشكل في نفس الوقت عائقا أمامخلق
دينامية اقتصادية و النهوض بعملية الستثمار.فحسب هأذا الميثاق تتلخص أهأم اختللت منظومة القضاء في تراكم
النزاعات المعروضة أمام القضاء ،مما أصبح يشكل عبئا ثقيل على عاتق القضاة ،يضاف إلى هأذه الختللت توفر السلطة
التنفيذية على صلحيات اتجاه القضاء من شإانه أن يمس بشكل أوبأخر بمبدأ استقللية القضاء،كماأن ضعف المقاربة
الحقوقية في المنظومة الجنائية و عدم ترشإيد مسطرة العتقال الحتياطي و تدقيق الضوابط القانونية للوضع رهأن
الحراسة النظرية من المشاكل المطروحة في مجال القضاء،يضاف إلى ذلك عدم فعالية و نجاعة التنظيم القضائي .أمام
هأذه النقائص قدم ميثاق إصلحا منظومة القضاء مجموعة من المقترحات التي تتمحور بشكلساسي حول ضرورةفصل
النيابة العامة عن السلطة التنفيذية و اسناذ رئاستها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ،العمل أيضا على تفعيل
الضمانات المتعلقة باستقلل السلطة القضائية في بعديها الشخصي و المؤسسي،ثم إحداثمفتشيه عامة بالمجلس العلى
للسلطة القضائية تتولى التفتيش القضائي و في نفس الوقت إنشاءمفتشيه عامة بوزارة العدل تتولى التفتيش المالي و الداري
تحت سلطة وزير العدل...
بموازاة مع ميثاق إصلحا منظومة العدالة أثبتت دراسات أخرى أنجزت من طرف هأيئات مختلفة حكومية وأخرى تابعة
للقطاع الخاص كالتحاد العام لمقاولت المغرب ،بالضافة إلى مؤسسات مالية دولية كالبنك الدولي و منظمات غير
حكومية كمنظمة تروسبرونسي ،و أخرىتكتسي طابعا حقوقيا كهيئة النصاف و المصالحة ،وجود علقة تأثير بين استقلل
السلطة القضائية و القضاة من جهة و بين حصول تطورات أساسية في عدد من المجالت كمكافحة الفساد و تبني مقاربة
تشاركيةفي اتخاذ القرار المتعلق بالسياسات العمومية،كما أن هأذه الدراسات التي أجمعت في غالبيتها على تراكم العديد من
الكراهأات التي تمس منظومة العدالة بالمغرب بصفتها إحدى العوامل الرئيسية التي تؤثر بشكل جد سلبي على مجال
الستثمار،وذلك من خلل تقييم بعض هأذه الهيئات لمناخ العمال بالمغرب.
من بين هأده الدراسات نجد على سبيل المثال نتائج التحقيقالدي انجزه البنك الدولي من خلله مكتبه بالرباط سنة 2004
بخصوص الكراهأاتالتي تعرفها المقاولت التيتمس ابعاد عديدة تهم مجالت التمويل،النظام الجبائي ،الكراهأات
القانونية،الحكامة...حيث كشفت نتائج هأذا التحقيق عن كون اختللت القضاء بالمغربتعد من بين العوامل التي تعيقعملية
الستثمارإلى جانب عوامل أخرىتتعلق بشكل أساسي بصعوبة الولوج للتموين ،وايضا صعوبات الولوج للعقار ،ثم ضعف
قطاع التربية و التكوين وهأيمنة القطاع غير المهيكل...و يبقى حسب هأذه الدراسة تأخر هأيكلة القطاع الصناعي من اهأم
العراقيل التي تعيق عملية الستثمار.
أما بالنسبة للتحاد العام لمقاولت المغرب الذي أجرى خلل سنة 2007دراسة تتعلق بالقضاء إلى جانب مجالت
أخرىكالتكوين و الضرائب ،فقد أكد على أهأمية نشر المقررات و الحكام القضائية ،و كذا ضرورة توفير المكانيات المالية
الضرورية لضمان تسيير أكثر نجاعة للقطاع ،إضافةإلىتأهأيل العنصر البشري و الموارد البشرية العاملة من خلل توفير
دورات تكوينية في مجال العمالكإجراءات عملية من شإأنها تجاوز العراقيل التي تشوب قطاع القضاء....
بدورهأا منظمةتراسبرونسي التيأجرتدراسة بخصوص هأذاالموضوع ،أبرزتفيإحدى نشراتها الخبارية أن القضاء بالمغرب
ل يحظى بثقة المواطنين ول بثقة الفاعلين القتصاديين ،و ذلك بالنظر إلى النقائص العديدة التي تعتري هأذا القطاع
الحيوي و في مقدمتها خضوعه و تبعيته لسلطة السياسة و المال ،المر الذي يتجسد على الخصوص من خلل إفلت
بعض الفئات المستفيدة من الحصانات من العقاب،مما يستدعي حسب هأذه المنظمة ضرورةالصلحا.
من جهة أخرى،وبما أن تحديث القوانين من المسائل التي لها صلة بمجال العمال،ونظرا لكون مسالة الوساطة و التحكيم
تشكل إحدى النقط الساسيةالتي لها علقة بإصلحا منظومة القضاء،ل بد من الشإارةإلىأن الهأتمام بالتحكيم بالمغرب و إن
كان تقليدا قديما ،فان التنظيم القانوني لهذه العملية ظل ضعيفا سواء بمقتضى ظهير المسطرة المدنية الملغى الصادر في
12غشت ،1913او بمقتضىقانون المسطرة المدنية الحالي الصادر في 28شإتنبر 1974الذي خصص الفصول 306الى
327للتحكيم،مقارنة معالقانون 05-08الصادر سنة ،2007الذيبالرغم من بعض النقائص التي تشوبهو المتعلقةاساسا بعدم
تضمنه لتعريف بخصوص التحكيم التجاري،...فانه على العموم يعد ايجابيا حيث يتجاوز تلك النظرة التقليدية للتحكيم،كما
انه يتضمن مقتضيات متقدمة مقارنة بنظام التحكيم المعمول به في اطار تعديلت ، 1974حيث أن من بين النقط اليجابية
لهذا النص نجد توسيع مجال التحكيم ،اضف الى ذلك القبول بالتحكيم الدولي عندما يتعلق المر بتواجد احد طرفي النزاع
على القل بالخارج وكذا التمييز بين التحكيم الداخلي و الدولي...
في الختام ،وفي أفق تنزيل مقتضيات دستور 2011الذي خصص 27مادة للقضاء تتطرق على وجه الخصوص لمسالة
السلطة القضائية وتكريساستقللية القضاء كسلطة مستقلة عن السلطتين التنفيذية و التشريعية ،و ذلك من خلل منح القضاة
مجموعة من الضمانات التي تمنع أي تدخل في القضايا المعروضة عليهم ،بالضافة إلى مقتضيات أخرى تمنع نقل او عزل
قضاة الحكام إل بمقتضى القانون بل يمكن للقاضي في حال اعتبر أن استقلله مهدد أن يحيل المر على المجلس العلى
للسلطة القضائية ،كما أن هأذا الدستور يلزم من جهة أخرى قضاة النيابة العامة بتطبيق القانون و اللتزام في نفس الوقت
بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون إليها و ذلك تفاديا لكل ما من شإانه أن يمس بحقوق
المتقاضين و حقهم في شإروط المحاكمة العادلة.أيضامن النقط الساسية التي يتضمنها دستور 2011منح اختصاصات
للمجلس العلى للقضاء تكرس استقللية هأذه المؤسسة الدستورية و تحددشإروطالعضويتها من شإانها أن تضمن النزاهأة
وتمثيلية لحضور المرأة و لرئيس المجلس الوطني لحقوق النسان مع إمكانية الطعن في المقرارات المتعلقة بالوضعيات
الفردية الصادرة عن المجلس العلى للسلطة القضائية بسبب الشطط في استعمال السلطة أماماعلى هأيئة قضائية إدارية
بالمملكة ،فضل عن كل ذلك فان الدستور الجديد يتضمن العديد من المقتضيات التي تضمن حق المتقاضين في شإروط
المحاكمة العادلة،فانه ليسعنا سوى التأكيد على أن نجاعة أي خطة تروم إنعاش الستثمارليمكنأن يتم بمعزل عن إصلحا
المنظومة القضائية ،كما أنأي ورش إصلحي لهذا القطاع سيبقى رهأينا بمدى حسن تطبيق مقتضيات الدستور الجديد ،
لسيما ما يتعلق بتكريس استقلل القضاء و توفير شإروط النزاهأة و الشفافية سواء على مستوى تدبير القطاعاو على صعيد
المحاكمة...
الصلحا القضائي والضمانات الدستورية :استقلل القضاء يعد لبنة لتحقيق العدالة
التحاد الشإتراكي نشر في التحاد الشإتراكي يوم 2010 - 01 - 20
لم يعد الصلحا القضائي مجرد مطمح معبر عنه من طرف المسؤولين ،أو نقطة مبرمجة في جدول أعمالهم بشكل روتيني،
بل أضحى من أهأم الوراش المراد إصلحها ،ومسألة ذات أولوية بالنظر لهأمية القطاع كعماد لسلطة الدولة ،وكثابت من
ثوابت النظام السياسي باعتباره جزءا ل يتجزأ من سلطه العمومية الثلث ،بل بات كعربون لتوطيد دولة الحق والقانون،
وبالتالي ضمان الحقوق والحريات وكحارس لختام العدل الذي به تصان القيم ،ومن خلله تستقر المبادئ ،بل العدل جوهأر
رسالته وأساس الملك ككل .
إن الصلحا القضائي يعتبر شإرطا ضروريا لنجاحا الستراتيجية القتصادية والنخراط في السوق التنافسية القائمة على
جلب الستثمارات.
ولهذه السباب وغيرهأا أصبح إصلحا القضاء من أهأم النشغالت المجتمعية ،خاصة في ظل عالم اليوم المعلب بالعولمة
والمحكوم بالحكامة الجيدة ،ولعل البوابة الدستورية هأي المدخل الساسي لصلحا القضاء ،والشرط الساسي لتحقيق
استقلليته ،والتي أصبحت جزءا من الضمير العالمي.
كما سبق الذكر ،لم يبق الصلحا القضائي شإأنا حقوقيا أو مطلبا سياسيا ،بل أصبح قضية مجتمعية ينشغل بها الجميع،
وينخرط فيها الفاعلون السياسيون سواء المنتمون إلى الجهزة الرسمية أو غيرهأا ،ودون إغفال الفعاليات الكاديمية أو
الهيآت الحقوقية والمنظمات الدولية.
-1موقع الصلحا القضائي في الخطاب الملكي
ل يخفى على أحد طبيعة العلقة بين المؤسسة الملكية وجهاز القضاء ،إذ ليس التقعيد الدستوري -الحداثي -هأو الذي يؤطر
اختصاصات الملك في هأذا الشأن كرئاسة الملك للمجلس العلى للقضاء وتعيينه للقضاة ،وممارسته لحق العفو وإصدار
الحكام باسمه ،بل إن النظرية السلمية للقضاء ،والتي تعتبر هأذا الخير من وظائف المامة كانت قد شإكلت مخرجا وسندا
لموقف المجلس العلى في نازلة مزرعة عبد العزيز سنة ،1970وتبعا لذلك ،فل غرابة إذا خص الملك جهاز القضاء
بالرعاية والهأتمام ،إذ ما انفك جللته يذكر ويؤكد على ضرورة إصلحا قطاع العدل وتسريع وتيرته ،وفي مختلف
المناسبات إما أثناء خطب العرش ) 30يوليوز ،(2001أو بمناسبة افتتاحا السنة القضائية بأكادير ) 29يناير ،(2003أو
خلل انعقاد دورة المجلس العلى ) (2004/ 04 / 12أو توجيه الرسالة إلى المشاركين في الندوة الدولية للمجلس العلى )
22 - 21نونبر ،(2007وغيرهأا من المحطات التي شإكلت مناسبة لتوجيه السلوك القضائي من طرف أعلى مؤسسة في
البلد ...« ،ول يمكن للقضاء أن يحقق المكانة الجديرة به إل حين يكتسب ثقة المتقاضين ) ،(2004 / 04 / 12أو الدعوة
لقرار ميثاق وطني للقضاء ) مناسبة مرور 50سنة على تأسيس المجلس العلى للقضاء( .ورسم خطاب الملك محمد
السادس الذي ألقاه في 20غشت 2009بمناسبة الذكرى 56لثورة الملك والشعب ،1953خريطة طريق لصلحا شإامل
للقضاء بكل دقة وتفصيل )ضمانات لستقللية القضاء وعصرنة الطار التنظيمي وإصلحا شإامل للهيكلة والموظفين وزيادة
الفعالية وإرساء قواعد للتخليق .( ...يظهر من خلل هأده المثلة والمواقف الستشهادية أن ورش إصلحا المؤسسة
القضائية حاضر بشكل مكثف وكانشغال مركزي في الخطب والرسائل الملكية ،إلى جانب أطراف أخرى.
- 2الصلحا القضائي من منظور المؤسسات الخرى
تنشغل بموضوع إصلحا جهاز القضاء أجهزة أخرى ،وهأي إما رسمية أو غير ذلك ،والتي يمكن اختزالها في بعض
المحطات أو المناسبات التي كانت موضوع الهأتمام بورش العدالة بدءا بالتصريح الحكومي المقدم بواسطة الوزير الول،
هأذا الخير الذي صرحا في مؤتمر صحفي في 29يناير 2009بأن إعادة هأيكلة النظام القضائي تعتبر من أهأم المجالت
التي تركز عليها جهود الحكومة ،كما أن الوزير السابق الوصي على القطاع كان قد صرحا في 7فبراير 2008بأن إصلحا
القضاء من أكبر التحديات التي تواجه وزارته ،هأاته الخيرة التي أعدت خطة لصلحا القضاء بغية تأهأيله وتعزيز تحصين
استقلليته .وقد عملت وزارة العدل مباشإرة بعد الخطاب الملكي ل 20غشت من السنة الفارطة ،على إعداد النصوص
التشريعية والتنظيمية ،لتنفيذ خارطة الطريق لتفعيل إصلحا القضاء المنشود .وأثناء حفل تسليم السلط في 6يناير 2010بين
وزير العدل السابق والوزير الحالي.الذي أكد أن تحديث قطاع القضاء وتأهأيل الموارد البشرية يعتبران عنصرين ل محيد
عنهما في عملية إصلحا القضاء ،معربا عن استعداده لمواصلة الوراش التي أطلقها سلفه .كما أكد على ضرورة انخراط
كل مكونات الحقل القضائي قصد نجاحا مشروع إصلحا القضاء .وقال وزير العدل خلل زيارته لمقر مجلس هأيئة المحامين
بالدار البيضاء ،بحضور المسؤولين القضائيين بمحاكم الدارالبيضاء ،إن مشروع إصلحا القضاء الذي أطلقه جللة الملك
محمد السادس يتطلب تضافر جهود وزارة العدل والقضاة والمحامين .
كما أن المنتسبين إلى جهاز العدالة ما انفكوا يشخصون مكامن الخلل في الجهاز القضائي ،فهاته المفتشية العامة لوزارة
العدل تكشف عن اختللت سلوكية وأخلقية ،ناهأيكم عن موقف أصحاب رسالة إلى التاريخ ،وكما لم تظل جمعيات
المجتمع المدني مكتوفة اليدي أمام هأذا الملف الحساس والتي لم تكتف بالتشخيص ،بل ارتقت إلى رسم خطة لصلحا
العدالة ،ساهأمت فيها 10جمعيات في إعداد مذكرة 6أبريل ،2009بل هأناك بعضا من هأذه الجمعيات أسست للدفاع عن
إصلحا القضاء من قبيل جمعية الدفاع عن استقلل القضاء وجمعية عدالة ،ولم يكن الورش القضائي انشغال وطنيا ،بل أثار
انتباه أو تدخل حتى المهيآت الجنبية بالنظر لهأمية جهاز القضاء في جلب الستثمارات وضمان الحقوق ،وتسعف تقارير
البنك الدولي في هأذا الشأن ،والتي رسمت صورة سلبية لقطاع القضاء ،أما التحاد الوربي فقدم مساعدة مالية لصلحا هأذا
الجهاز.
يتبين من خلل سرد المثلة المنتقاة ومن لدن مختلف المهيآت والمهتمين بقطاع القضاء ،أن هأذا الخير ليعدو أن يكون
إصلحه ضرورة إنسانية ،ليس فقط على مستوى إصلحا النصوص )مدونة السرة ،الشغل ،المسطرة الجنائية ،(...أو
مسألة تجهيزات )إلغاء محكمة العدل الخاصة ،خلق محاكم تجارية ،(...بل إن عمق الصلحا لينفذ عبر استقلل القضاء،
وهأذا لن يتم إل بإصلحا الوضعية الدستورية كشرط أساسي لنجاحا كل الصلحات الهيكلية المزمع تحقيقها.
ما مدى الضمانات الدستورية لستقلل القضاء
إن إقرار استقلل القضاء ليعد لبنة أساسية لتحقيق العدالة في المجتمع ،وتأكيد سيادة القاضي باعتباره سلطة وليس وظيفة،
وبالتالي ممارسته لسلطاته دون ضغط أو تأثير ،بل اتسامه بالحياد والجرأة في الرأي والجتهاد ،والدقة في التخصص.
-1مدى العتماد الدستوري لستقلل القضاء
يجدر التذكير بداية بمقتضيات الفصل 82من الدستور المغربي التي تنص على أن القضاء مستقل عن السلطة التشريعية
وعن السلطة التنفيذية ،حيث يلحظ أن الدستور أضفى صفة السلطة عن الجهازين التشريعي والتنفيذي ،لكنها كانت مبتورة
بالنسبة لجهاز القضاء ،وهأذا مدعاة للتساؤل ،فهل المر يتعلق بثقوب وعيوب دستورية غيبت الشإارة المتوازنة ما بين
السلط الثلث أم ماذا؟
و يكاد يجمع الباحثون والممارسون والمهتمون والحقوقيون وغيرهأم بالدعوة إل إصلحا دستوري في سبيل إضافة صفة
سلطة إلى الجهاز القضائي كتعديل للفصل 82المذكور .وتماشإيا مع ما هأو سائد في الدساتير المقارنة ،والتي لم تكتف فقط
بالتنصيص على استقللية السلطة القضائية ،بل خصتها بضمانات القواعد السامية من قبيل مقتضيات الدستور الجزائري
لسنة 1996التي نصت على أن السلطة القضائية مستقلة )المادة (138وتمارس في إطار القانون ،وتصدر الحكام باسم
الشعب )المادة ،(141وتعلل الحكام القضائية وينطق بها في جلسات علنية )المادة ،(144والقاضي محمي من كل أشإكال
الضغوط والتدخلت والمناورات التي قد تضر بأداء مهمته أو تمس بنزاهأة حكمه )المادة . (148ونصت أحكام الدستور
الموريتاني لسنة 1991على استقلل السلطة القضائية عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وأن القاضي ل يخضع إل
للقانون ،وهأو محمي في إطار مهمته من أشإكال الضغط التي تمس نزاهأة حكمه )الفصل .(82
واستطردت الدساتير العربية في تقعيد استقللية القضاء وضمانات ذلك ،بل هأناك من حرصت حتى على رسم السلوك
القويم للقاضي ،فالدستور المصري أكد على استقلل السلطة القضائية التي تتولهأا المحاكم )الفصل (165وأن ل سلطات
على القضاة في قضائهم غير القانون )الفصل ،(166أما الدستور الكويتي فنص على شإرف ونزاهأة القضاة ،وعدلهم هأو
أساس الملك وضمان الحقوق والحريات ،ويتكفل القانون باستقلل القضاء.
يتبين مما سبق أن المشرع الدستوري المغربي لم يرق إلى إقرار استقللية القضاء كسلطة -وعلى غرار الدساتير المماثلة
بالخصوص -فكيف بالرتقاء بضمانات شإكل الستقللية المنصوص على بعضها بأحكام التشريع العادي )القانون الجنائي(
إلى التقعيد الدستوري ،وهأو ما يستدعي إصلحا دستوريا يكون المدخل الساس لصلحا المنظومة القضائية عبر التحصين
الدستوري للستقلل القضائي المنشود ،إل أن هأاته الداة الدستورية )الموضوعية والخارجية ( تظل غير كافية إذا لم يتم
إدماج ما هأو ذاتي الكفيل بضمان هأذه الستقللية في إطار إصلحا شإامل ومندمج.
- 2الرتقاء الذاتي وضمانات استقللية المؤسسة القضائية
فكما قالت العرب سابقا» :فإن القوانين ل تصلح إل بما صلح بها أهألها « .بحيث ل يمكن إغفال العنصر البشري في كل
معادلة إصلحية ،وفي كل عمل إنساني ،فالصلحا ل يستقيم بوجود ترسانة تشريعية براقة وإشإعاعية إذا لم تتوفر لها
شإروط التحقق ،فالستقلل القضائي لن يتم إل من خلل الرتقاء الذاتي ،فالذات القضائية يجب أن تكون محصنة بخصال
النزاهأة وصفات الستقامة والكفاءة والجرأة ورفض أي توجيه أو تدخل في شإؤون القضاة أو محاولة التأثير على قراراتهم
ومن أي مصدر كانت .وهأذا ما حذرت منه الرسالة الملكية الموجهة للمجلس العلى للقضاء في 18أبريل ،2004والتي
جاء فيها ... »:حيث إن استقلل القضاء الذي نحن حريصون عليه إزاء السلطتين التشريعية والتنفيذية .....ولكن أمام
السلطات الخرى شإديدة الغراء ...وفي مقدمتها سلطة المال المغرية بالرتشاء وسلطة العلم ،«...وذكر الملك بأن
النفس أمارة بالسوء وبالتالي فالضمانة الساسية هأي الضمانة الذاتية )الخطاب الملكي أثناء انعقاد الندوة الدولية بالرباط
بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس المجلس العلى للقضاء( ،حيث شإدد على استقلل القضاء وحياده اعتمادا على التجرد
دون مفاضلة أو تحيز ودون إغفال التحلي بصفات النزاهأة لكسب ثقة المتقاضين ،والرفع من مستوى الحكام وبنائها على
أسس وأسانيد تحقق القناع وتعلل النتائج بشكل منطقي وسليم ،وإنتاج المقاولة القضائية لجتهادات قضائية متواترة من
شإأنها المساهأمة في استقرار المعاملت وتثبيت الوضاع ،والتي ل يمكن أن تتأتى إل من خلل كذلك التحلي بالشجاعة
والحسم في المواقف والثقة في النفس واحترام الذات وقوة الشخصية والعمق في المعرفة القانونية المنتجة لعمال مبنية على
حكامة جيدة في ظل سيادة منظومة للقيم وسلوك أخلقي.
ويبدو مما سبق أن الصلحا القضائي لهو بالشأن المجمع عليه تصريحا وتوجيها ومواقف لكن ما يمنع من فتح أقفاله ،وإذ
يعد المفتاحا الدستوري شإرطه الساسي ،فإن الصلحا المندمج والشامل ليتوقف على مجموعة من التدابير في شإكل
إصلحات هأيكلية وتنظيمية وسلوكية ،وهأي مثلية ل حصرية من قبيل:
-إعادة النظر في الخريطة القضائية للمملكة ،وخاصة على مستوى هأيكلة المجلس العلى للقضاء ،في اتجاه توسيع تمثيليته
واختصاصاته وإعادة النتشار العادل والمتوازن لعضاء الجسم القضائي.
-إقرار سياسة قضائية قائمة على برامج التأهأيل والتكوين والتحديث وعقلنة وسائل العمل .
-دعم دولة الحق والقانون اعتمادا على تخليق الحياة القضائية وضمان المحاكمة العادلة وإقرار مدونة للسلوك والقيم
القضائية...
أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بمكناس
أكد وزير العدل والحريات السيد مصطفى الرميد ،اليوم الجمعة بمراكش ،أن الصلحا الحالي لمنظومة العدالة اعتمد على
إصلحا دستوري واضح في تكريس السلطة القضائية.
وقال الوزير ،في كلمة ألقاهأا بالنيابة عنه مدير التشريع بالوزارة السيد بنسالم أوديجا ،خلل الجلسة الفتتاحية لشإغال ندوة
وطنية حول موضوع "قراءة في مشروع قانون التنظيم القضائي في ضوء الجهوية المتقدمة"" ،إن الصلحا الحالي اعتمد
على إصلحا دستوري واضح وحاسم في تكريس السلطة القضائية مع السترشإاد بمجموعة من المعايير الدولية ،لكن -
يضيف الوزير -بمنهجية جديدة غير مسبوقة تقوم على حوار وطني لصلحا عميق وشإامل".
وأوضح الوزير أن موضوع إصلحا منظومة العدالة من المواضيع الساسية ضمن السياسات العمومية بالمملكة ،وأحد
المطالب المقدمة من طرف القوى الحية داخل المجتمع بمختلف مشاربها ،وأيضا من بين المحاور الساسية التي حظيت
بعناية كبيرة في مجموعة من الخطب الملكية السامية ،مشيرا إلى أن دستور 2011جاء بثورة حقيقية في مجال إصلحا
العدالة ،ليكرس بشكل صريح القضاء كسلطة مستقلة وأرسى 22فصل أسسها وركائزهأا.
وسجل أن "التنظيم القضائي الحالي يفتقد للنسجام بحكم التعديلت المتلحقة التي طالت مقتضياته وهأو ما ل يمكن من
التوظيف المثل للموارد البشرية والمادية ،وقد ل يضمن القرب الحقيقي بين المتقاضين" ،مضيفا أن "الخريطة القضائية
غير معقلنة ،وأن القضاء المتخصص غير معمم ،لذلك تضمن ميثاق إصلحا منظومة العدالة عدة توصيات تستهدف تأمين
فعالية منظومة العدالة وقربها من المتقاضين وتسهيل الولوج إليها".
وأوضح الوزير أن هأذا المشروع يهدف إلى تحقيق النجاعة القضائية من خلل توفير عدالة قريبة وفعالة وفي خدمة
المتقاضين من أهأم تجلياتها ارتكاز مقومات التنظيم القضائي على مبدأ استقلل السلطة القضائية وتكريس أسس تنظيم
قضائي قائم على التخصص في إطار وحدة القضاء ،وجعل المحكمة البتدائية الوحدة الرئيسية في التنظيم القضائي
باعتبارهأا صاحبة الولية العامة والمختصة في البث في كل القضايا التي لم يسند الختصاص بشأنها صراحة إلى جهة
قضائية معينة ،فضل عن اعتماد المحاكم على الدارة اللكترونية في الجراءات والمساطر القانونية.
وبخصوص واقع التنظيم القضائي الحالي دعا السيد الرميد إلى التفكير في مراجعة الخريطة القضائية وذلك بالزيادة في عدد
المحاكم وإعادة النظر في توزيعها الجغرافي في إطار التوجهات الجهوية واللتمركز التي أصبحت تفرض إعادة ضبط
التنظيم الترابي للمحاكم وكذا اختصاصها المحلي ،وذلك مراعاة للحقائق الجغرافية والديمغرافية والقتصادية وايضا
متطلبات فعالية الدارة القضائية وتسهيل الولوج الى القانون والعدالة وتحقيق النجاعة القضائية.
من جهته ،أكد رئيس المركز المغربي للمعالجة التشريعية والحكامة القضائية ،السيد سمير أيت أرجدال ،أن العتماد على
وحدة القضاء واعتبار المحكمة البتدائية بمثابة النواة الساسية في التنظيم القضائي للمملكة والكتفاء بإحداث أقسام
متخصصة في القضايا الدارية والتجارية بها ،جعل بعض المتتبعين يقرون بأن المشروع دشإن لمرحلة تم من خللها
التراجع عن مكتسب المحاكم المتخصصة ،وما لذلك من تأثير سلبي على التطبيق العادل للقانون وبالنضباط لهأم القواعد
المرجعية التي سبق تكريسها من طرف القضاءين الداري والتجاري لمختلف محاكم ربوع المملكة.
وأضاف أن هأذه الندوة تروم بيان مدى ملءمة مشروع التنظيم القضائي للمملكة مع التوجهات السياسية للدولة ،خاصة وأن
اختيار المغرب تفعيل مبادرة الحكم الذاتي في القاليم الجنوبية يستوجب تأهأيل المنظومة القضائية لمواكبة تعليق نظام
الجهوية المتقدمة والرتقاء بالحكامة الترابية ،وذلك وفق مقاربة شإاملة ومتكاملة للصلحا العميق والشامل لمنظومة العدالة.
وأكد عميد كلية الحقوق بمراكش السيد يوسف البحيري ،من جانبه ،أن أهأمية موضوع هأذه الندوة يندرج في سياق دينامية
النخراط في هأذا النقاش القانوني والفقهي حول السبل الكفيلة بتقريب القضاء المتخصص من المتقاضين في إطار الجهوية
المتقدمة ،وضمان النجاعة القضائية والفعالية على مستوى مختلف درجات التقاضي وأنواع الهيئات القضائية ،خصوصا
وأن المغرب يعيش مرحلة تاريخية من البناء الديمقراطي والصلحات المؤسساتية والتشريعية والقضائية تحت القيادة
النيرة لصاحب الجللة الملك محمد السادس ،والتي تهم بناء التوازن بين اللمركزية الجهوية واللتمركز الداري في إطار
الجهوية المتقدمة.
وأشإارت باقي التدخلت إلى مدى استجابة مضامين هأذا المشروع للتنظيم القضائي لهأداف الجهوية المتقدمة وتأثير ذلك
على مستقبل القضاء المتخصص وإلحاقه بالمحاكم البتدائية ،ومدى تفعيل هأذا المشروع لمبدأ مجانية القضاء وقربه من
المواطنين.
وأبرزوا أن دستور 2011أكد على الدور المحوري للسلطة القضائية من أجل تعزيز النجاعة القضائية في العديد من
الميادين ،مضيفين أن مشروع التنظيم القضائي يتضمن الكثير من المواضيع الهادفة الى تيسير تقريب القضاء من المواطنين
وتبسيط المساطر.
وسيتناول المشاركون في هأذه الندوة ،المنظمة على مدى يومين بمبادرة من مختبر الدراسات القانونية بكلية الحقوق بمراكش
وهأيئة المحامين بهذه المدينة والمركز المغربي للمعالجة التشريعية والحكامة القضائية وودادية موظفي قطاع العدل،
مواضيع تهم "التنظيم القضائي ..مقوماته وقواعد عمل الهيئات القضائية" و"موقع ومكونات الدارة القضائية في مشروع
التنظيم القضائي والحكامة الجيدة" و"الخريطة القضائية للمملكة في ضوء الجهوية المتقدمة".
كما سيتطرق المشاركون إلى مواضيع أخرى ك"الحق في التقاضي وتقريب مرفق القضاء من المواطن" و"درجات
المحاكم وأنواعها في علقتها بالجهوية المتقدمة" و"استقلل السلطة القضائية في ضوء مشروع التنظيم القضائي للمملكة"
و"التفتيش والمراقبة القضائيين".