Professional Documents
Culture Documents
.
القضاء ضمانا للشفافية
على أساس ما سبق سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين حيث سنتناول في المطلب
األول تأليف المجلس ،بينما سنخصص المطلب الثاني الختصاصات وصالحيات
المجلس .
المطلب األول :تأليف المجلس
حسب المادة 5من المشروع وطبقا للفصل 115من الدستور المغربي ،فإن
الملك يرأس المجلس األعلى للسلطة القضائية ،ويتألف هذا المجلس من ثالث
فئات:
ü فئة األعضاء الدائمون:
الرئيس األول لمحكمة النقض ،رئيسا منتدبا -
الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض -
رئيس الغرفة األولى بمحكمة النقض -
الوسيط -
- رئيس المجلس الوطني لحقوق اإلنسان
- ستة ممثلين لقضاة محاكم أول درجة ،ينتخبهم هؤالء القضاة من بينهم
ويجب ضمان تمثيلية النساء القاضيات من بين األعضاء العشرة المنتخبين،
.
للقضاء
كما تم التعرض أيضا لمسألة تعويضات السادة األعضاء من لهم الصفة
القضائية بمناسبة قيامهم بمهامهم في المجلس وعدم الجمع بينها وبين
تعويضات أو أجور أخرى وهذا ما نصت عليه المادة 11من المشروع ،وبالنسبة
لمدة العضوية التي تم تحديدها في خمس سنوات غير قابلة للتجديد بالنسبة
لألعضاء المنتخبين ،وقابلة للتجديد مرة واحدة بالنسبة لألعضاء المعينين
من طرف العاهل المغربي ،باإلضافة إلى حاالت انتهاء العضوية المنصوص عليها
في المادة 13من المشروع ،ونشير هنا إلى مالحظة بشأن هذه األخيرة حيث ورد
فيها لفظ "اإلحالة "على التقاعد بالنسبة لألعضاء المنتخبين كحالة من حاالت
انتهاء العضوية ،والحال أن اإلحالة هي نوع من العقوبة ،وكان األولى
وتنظيميا.
ولنا في ذلك مرجعيتين اثنتين ،مرجعية دستورية ومرجعية تنظيمية .
.أوال :المرجعية الدستورية المؤطرة الختصاصات وصالحيات المجلس
تتأطر هذه المرجعية ضمن مقتضيات الفصل 113من الدستور[ ،]3والتي تتيح
إمكانية تحديد االختصاصات التي بواسطتها يمكن للمجلس أن يسهم بدور فاعل
تفرز لنا هذه القراءة مجموعة من المعطيات التي نبرزها فيما يلي .
ـ المجلس له وظيفة السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة ،إذن فهو
ال يطبق هذه الضمانات فحسب ،وإنما يطبقها ويسهر على تطبيقها في آن
واحد.
ـ المجلس له وظيفة وضع تقارير تنصرف نحو رصد وضعية منظومة العدالة .
ـ المجلس له وظيفة إصدار توصيات بشأن وضعية منظومة العدالة .
ـ المجلس له وظيفة استشارية ،ذلك أن الدستور في هذا الفصل خول للمجلس
كون الدستور خول للمجلس صالحية تقديم اآلراء للبرلمان أو الحكومة .
ـ المجلس تربطه بالمحاكمة العادلة عالقة إشراف أحيانا وحماية أحيانا
أخرى ،أما عالقة اإلشراف على المحاكمة العادلة فتتجلى في كونه يمتلك
وظيفة السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة ،استقالال ،تعيينا،
المتقاضين.
ثانيا :المرجعية التنظيمية المؤطرة الختصاصات وصالحيات المجلس
األولى نحو حماية القيم القضائية صونا ونشرا لقيم النزاهة والتخليق .
أما المادة 101من المشروع فيمكن وصفها بالمادة الجردية ،لكونها جاءت
على شاكلة جرد فيها المشرع المضامين التي ينبغي توافرها في التقارير
الموضوعية والمصدرة من لدن المجلس ،هذه التقارير منحها المشرع جملة من
الصفات ،أهمها الصفة االقتراحية التي حددها في كون المجلس يقترح دعم
حقوق السبل الكفيلة بدعم (حقوق المتقاضين ،تحسين أداء القضاة ،دعم
نزاهتهم واستقاللهم ،تنمية النجاعة القضائية ،تأهيل الموارد البشرية
العرض .
وباستقراء الفصل 116من الدستور في فقرته الثانية التي تنص على أن
المجلس يتوفر على االستقالل اإلداري والمالي ،وكذا المادة 4في فقرته
األولى من المشروع ،يمكن القول على أن ما نصت عليه المقتضيات الدستورية
الجديدة والمشروع ،أصبح هذا األخير هيأة مستقلة متمتعة بالشخصية
االعتبارية واالستقالل اإلداري والمالي ،وأن الدولة ملزمة بتوفير كافة
الوسائل المادية والبشرية ،وكذا مقر خاص كي يتسنى له القيام بالمهام
المسندة إليه.
وأيضا لتدعيم هذا االستقالل اإلداري والمالي للمجلس جاء في المادة 59من
المشروع أن للمجلس ميزانية خاصة به ،ويسجل االعتمادات المرصودة له في
الميزانية العامة للدولة تحت فصل يحمل عنوان "ميزانية المجلس األعلى
للمجلس األعلى للسلطة القضائية ،نسرد أهمها على سبيل المثال ال الحصر :
وضع مدونة السلوك األخالقية والمهنية من طرف المجلس حيث نصت المادة 99من
المشروع أن المجلس يضع بعد استشارة الجمعيات المهنية للقضاة مدونة
لألخالقيات القضائية تتضمن القيم والمبادئ والقواعد التي يتعين على
القضاة االلتزام بها أثناء ممارستهم لمهامهم ومسؤولياتهم القضائية ،وذلك
من أجل:
Ø الحفاظ على استقاللية القضاء وتمكينهم من ممارسة مهامهم بكل نزاهة
النبيلة للعمل القضائي وااللتزام بحسن تطبيق قواعد سير العدالة .
Ø حماية حقوق المتقاضين وسائر مرتفقي القضاء والسهر على حسن معاملتهم
خاتمة :
ال شك أن الدستور المغربي الجديد لسنة ،2011وانطالقا من مرجعياته ،قد نص
على استقاللية القضاء والقضاة خدمة لحرية اإلنسان وحقوقه أي ضمانا
للمحاكمة العادلة ،وتباعا لذلك ،فاستقاللية القضاء تقتضي لزوما التنصيص
على استقاللية القاضي ال كشخص بل كفاعل نبيل ترك له المشرع الدستوري،
كلما تم المس باستقالليته ،حق إحالة ذلك على المجلس األعلى للسلطة
القضائية؛ هذا علما بأن كل إخالل باالستقاللية اعتبره النص الدستوري خطأ
مهنيا جسيما أو غشا ،ونص كذلك على عقاب الجهة المؤثرة[12 ].
القاضي ملزم بتطبيق القانون الذي هو أسمى تعبير عن إرادة األمة والذي
يعتبر المعبر عن طموحاتها وخيارات نمط عيشها .ينص الفصل 110الفقرة
األولى ":ال يلزم قضاة األحكام إال بتطبيق القانون وال تصدر أحكام القضاء إال
على أساس التطبيق العادل للقانون" .وفي كل هذا منح النص الدستوري
القضاة حق ومسؤولية إصدار األحكام القضائية مع لزوم استحضار الحياد
للمجلس .
وفي األخير ال يسعنا إال أن نردد ما قاله جاللة الملك بمناسبة الذكرى 14
لعيد العرش 30يوليوز 2013حيث قال " :ما فتئنا منذ تولينا أمانة
قيادتك ،نضع إصالح القضاء ،وتخليقه وعصرنته ،وترسيخ استقالله ،في صلب
اهتماماتنا ،ليس فقط إلحقاق الحقوق ورفع المظالم .وإنما أيضا لتوفير
مناخ الثقة ،كمحفز على التنمية واالستثمار .وفي هذا الصدد ،نسجل بارتياح
التوصل إلى ميثاق إلصالح المنظومة القضائية .حيث توافرت له كل الظروف
المالئمة .ومن ثم ،فإنه يجب أن نتجند جميعا ،من أجل إيصال هذا اإلصالح