Professional Documents
Culture Documents
1
2
الشكر والتقدير
ي بنعمة العقل والدين .القائل في محكمأشكر هللا العلي القدير الذي أنعم عل َّ
التنزيل " َو َف ْوقَ ُك ِّ ِل ذِي ِع ْل ٍم عَ ِليمٌ" سورة يوسف آية ....76صدق هللا
العظيم .
وقال رسول هللا (صلي هللا عليه وسلم)":من صنع إليكم معروفاً فكافئوه,
فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم كافأتموه" .....
( رواه أبو داوود ) .
وأثني ثناء حسنا وفاء ً وتقديرا ً واعترافا ً منا بالجميل نتقدم بجزيل
الشكر ألولئك المخلصين الذين لم يبالوا جهد ًا في مساعدتنا في مجال
البحث العلمي ،ونخصص بالذكر األستاذ الفاضل {:الدكتور هشام
بوحوص }.على هذه الدراسة وصاحب الفضل في توجيهنا ومساعدتنا في
تجميع المادة البحثية ،فجزاه هللا عنا كل خير.
وال ننسى أن نتقدم بجزيل الشكر الى كل األساتذة االفاضل" الذين قاموا
بتوجيهنا طيلة هذه الدراسة ,
اهـــــــــداء
2
3
الـــى مـــن قـــال هللا تعـــالى فيهمـــا {:وقضـــى ربـــك اال تعبـــدوا اال إيـــاه
وبالوالدين احسانا } .اآلية 23من سورة االسراء
3
1
مقدمة
ان البحث في موضوع جرائم الصحافة ،امر ليس بيسير نظرا لقلة المراجع التي تناولت هذا
الموضوع ،والن الموضوع لم يكن متواجدا اصال في االطار الفقهي ،كما ان مسالة انجاز
بحث ميداني على المستوى العمل القضائي داخل الدائرة القضائية التي قمنا فيها بالتمرين
وجدنا فيه صعوبات بالغة نظرا لغياب االحكام الصادرة في الموضوع ،حيث ان معظم
الشكايات المقدمة تحال على محاكم الدار البيضاء والرباط لالختصاص كون معظم الصحف
متمركزة في هذه المدن .ففي الوقت الذي نرغب فيه تطعيم هذا البحث ببعض االجتهادات
الصادرة عن محاكم التابعة للدائرة القضائية التي قمنا فيها بالتدريب واجهتنا صعوبات تتجلى
في ندرة االحكام ،مما دفعنا الى االعتماد على بعض االحكام الصادرة عن محاكم اخرى
والتي حامت حولها العديد من النقاشات وحتى االنتقادات كما اعتمدنا كثيرا على آراءنا
الشخصية وكدا اآلراء التي استوحيناها من خالل اللقاءات التي اجريناها مع اصحاب الميدان
او المهتمين ،بخصوص االشكاالت التي يطرحها الواقع العملي املين ان نتوافق في االحاطة
بأهم الجوانب الخاصة بهذا الموضوع .
اذا كانت الجريمة ظاهرة متنوعة فإنها يمكن ان ترتكب من قبل شخص امي جاهل ،كما
يمكن ان ترتكب من قبل شخص على مستوى عالي من العلم ،وهو ما تجسده جليا الجريمة
الصحفية .فلهذا السبب يمكن تعريف الجريمة الصحفية على انها كل فعل او امتناع مخالف
لقانون الصحافة ،ومعاقب عليه بموجب مواد هذا القانون .غير ان مرتكب هذه الجريمة
يمكن ان يعاقب بموجب قوانين اخرى كما سنرى من بعد
وقد احتد النقاش مؤخرا حول اخالقيات مهنة الصحافة والحد المسموح به في النقد المتاح
للصحفي خصوصا عندما يتعلق االمر بأغراض المواطنين وسمعة االفراد والعائالت ،و
المس بسرية التحقيق عند نشر االجراءات القضائية والمتابعة ومختلف مراحل المحاكمة .كما
يصبح المواطنون عرضة لعدة اعتداءات من جراء المنشورات الصحفية تحث ذريعة حريتي
التعبير والرأي اللتان تستعمالن بصفة سلبية ،الغرض االساسي منها جني االرباح من خالل
1
2
اثارة المشاعر واختالف االخبار الكاذبة والمثيرة للتشويق ،فنكون امام ضررين ضحيتهما
االول ،المواطن اما من جراء استهدافه مباشرة من قبل المقال الصحفي ،معرضا اياه
لإلهانة او القذف او السب او من خالل حرمانه من معرفة انطالق الخبر الموثوق والصادق
ان ما يميز الجريمة الصحفية هو انها تأتي في المرتبة االولى من خالل عددها الذي يبقى
اسير الرقم االسود لألجرام دون ان تحرك المتابعة واثارة المسؤولية وتوقيع الجزاء على
المسؤول عنها وعلى سبيل المثال تلك الجرائم التي ترتكب من خالل نشر لصورة االشخاص
وخاصة او الئك المتابعين في قضايا جنائية دون ادن مسبق منهم او من الجهات المخول لها
ذلك قانونا ناهيك عن انتهاكات الصحف لمبدا سرية التحقيق ونشر وثائق االتهام ،اضافة الى
جرائم السب والقذف والمساس بالحياة الخاصة لألفراد ...
ففي الوقت الذي يتوجب على وسائل االعالم والنشر توعية الرأي العام بمخاطر الجريمة
بغية القضاء عليها ،بمختلف اشكالها ،نجد هذه الفئة ترتكب هذا النوع من الجرائم الذي ال
يقل خطورة على الجرائم االخرى .ولعل من اهم اسباب ذلك ،غياب التكوين القانوني لدى
العاملين في الحقل االعالمي ،فقلة منهم من خريجي كليات الحقوق هي التي تلج مجال
النشر واالعالم ،او الذين يتخرجون من معاهد علوم االعالم والذين ال يتلقون سوى مبادئ
القانون .اما غالبية الصحفيين ليس لهم اي تكوين قانوني ومن امثلتهم مجازو االدب العربي
والفرنسي وحتي االنجليزي وغيره ...فأي عالقة لهؤالء بالمجال القانوني ؟
وخير دليل على ما نقوله عدم اعتراف هذه الفئة بالمفهوم الجريمة الصحفية ،وتساؤلهم
المتكرر عن اية جريمة ترتكبها الصحافة بالمغرب ؟ فاذا كان هؤالء ال
يؤمنون او على األقل ال يعلمون بما يرتكبونه من جرائم فكيف ينتظر منهم عدم ارتكابهم
لها هم ومن يعملون تحت امرأتهم ؟!
ان الصحافة ومنذ زمن بعيد لها تأثير على الرأي العام تجاه من تنشر عنهم خبر اإلدانة قبل
إدانتهم من الجهة المخول لها ذلك قانونا.
2
3
إن الوقت قد حان لكي تعرف الصحافة بأنها ترتكب من الجرائم ماال يرتكبه أولئك الذين
تدينهم ،وخالل خبر واحد قد ترتكب الجريدة عدة جرائم ،بدءا بالمساس بمبدأ سرية التحقيق
مرورا بنشر صور ة الفرد دون موافقته ،والتي تعتبر امتدادا لشخصيته ،إضافة الى التحريض
على الفساط ،والتحريض على السحر والشعوذة في االعالنات .ان التكوين القانوني
للصحافيين المغاربة هو السبيل الوحيد لجعل الصحافة في المستوى الذي يأمل الرأي العام
المغربي ان يراه عليه ،خصوصا بعد صدور قانون تحرير القطاع السمعي البصري.
وا لغريب من كل هذا ان معظم الملتقيات التي تعقدها المؤسسات الصحافية ال تتطرق في
جدول اعمالها ولو لنقطة وحيدة تتعلق بجرائم الصحافة ،أو تحاول غلى األقل توعية
الصحفيين بخر وقات الصحافة للقانون حيث يطغى على هذه الملتقيات طابع المطالبة بما
يهم كل واحد ،كتأهيل المقاولة الصحفية وانفتاحها على الوسائل التكنولوجية ومنهم من
يطالب بتمتيع هيئة اخالقيات المهنة الصحفية بصالحيات قضائية ومدى قدرة الصحافة
المغربية على المنافسة مما يبعد الجريمة الصحفية عن كل اهتمامات الصحفيين.
وقبل ان نخوض في موضوع هذا البحث البد ان نتطرق كذلك الى تعريف الصحافة ولو
بشكل سريع .
لقد عرف االنسان الصحافة منذ عهد قديم بل منذ ان وجد على األرض ،إال ان ظروف
البحث ال تسمح لنا بالتعمق في هذه النقطة ،مما يجعلنا نتطرق اليها فقط من زاوية المفهوم
الحديث للصحافة ،من خالل وظيفتها المتمثل في جمع االخبار ونشرها وتفسيرها بالتعليق
عليها.
ولتوضيح ما المقصود بمصطلحي جمع االخبار ونشره وكذلك التعليق عليه ،يمكن القول ان
األول يقصد به ان تشبع الصحافة غريزتها في االستطالع عند الجمهور في شتى مجاالت
الحياة دون االقتصار على مجال معين ،وهذا لن يأتي لها أال باالعتراف لإلعالم وللصحافة
على وجه الخصوص بحقه في الحصول على المعلومات .هذا الحق الذي ينبغي حتى
يتبلور ان تمكن اجهزة الدولة العاملين في الحقل االعالمي من الخصول على المعلومات
3
4
الصحيحة بدون تحكم ما لم تكن مطبوعة بالسرية بحكم القانون كسرية التحقيق وسرية
الجلسات في دعاوى ال تطليق والطالق...وان توظف كذلك هذه المعلومات بشكل ال يحق
الضرر باألخرين.
اما نشر االخبار فالمقصود به تمكين الصحفيين من حق النشر وأال يصادر هذا الحق ألي
سبب كان طالما انه ال يشكل أي اعتداء على مصالح الدولة العليا كنشر االخبار عن الدفاع
الوطني وعن امن الدولة الداخلي والخارجي
ويجب اإلشارة الى أن النشر ال يتم إال بعد استيفاء مختلف االجراءات المقررة قانونا.
لكن تفسير الخبر والتعليق عليه يبقى األهم من المفهومين االولين اذ يحتمل اتخاذ الصحفي
احد الموقفين في عمله ،فهو إما يفسر الخبر وذلك بشرحه بواسطة تحليل صورة مبسطة
لفهمه من طرف عامة الناس خاصة اذا كانت األمية متفشية في الشعب .وإما يعلق وينتقد
وهنا ال بد من اتخاذ الحذر التام حتى ال يخرج عن االسس الموضوعية ،وتدخل فيه
اعتبارات شخصية وذاتية ألن حق النقد وإن كان األصل فيه االباحة فإنه ال ينبغي اإلساءة
في استعماله.
و هكذا تبقى الصحافة من أهم الوسائل الحديثة في اإلفصاح غن الرأي ،فهي حرية الفرد في
نشر ما يشاء بواسطة الوسائل المنصوص عليها في الفصل 38من قانون الصحافة ،ويتمكن
الفرد من ابداء اراءه علنا ،والتعبير عن افكاره عن طريق مقاالت في جرائد أو الكتب أو أية
وسيلة من وسائل النشر بقصد اطالع الرأي العام على سير الحوادث .وقد يتضمن ذلك نقدا
لألشخاص اصحاب التصرفات واآلراء او ماسا باعتبارهم وسمعتهم ،ويكون النقد في العادة
مكونا لجريمة القذف والسب أو االهانة وللتوفيق بين االعتبارين وضعت الضوابط القانونية
األزمة والتي تضمنتها مواد ظهير 15نونبر 1958قي شقه المتعلق بحريتي التعبير والرأي
وكذا الفصلين 442و 443من القانون الجنائي
4
5
ان حرية التعبير وان كانت تشكل احد االعمدة األساسية للمجتمعات الديمقراطية حسب ما
كرسته المادة 19من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكدا المادة 10من
االتفاقية األوروبية لحقوق االنسان ،فإنها كما وردت في المواثيق الدولية ليست حقا مطلقا ،
ذلك ان التحفظ الوارد في المادة 19يفيد ان حرية التعبير يجوز اخضاعها لبعض القيود
شريطة ان تكون هذه األخيرة محددة بنص القانون وان تكون ضرورية الحترام حرية
االخرين وحقوقهم .فكيف اذن انطالقا من المعادلة يمكن وضع حد فاصل بين حرية التعبير
إعالميا ،وبين احترام حقوق االفراد وعدم المساس بشخصياتهم وحرمتهم ،والحفاظ على
االمن وعدم المساس بالنظام العام واستقرار البالد ؟
لقد ابانت التجربة في المغرب ان ما يثيره هذا الموضوع من إشكاالت في عدة محاكمات
وتغطيات صحفية سواء في االعالم المكتوب او السمع البصري ،حيث يتم استغالل هذا
الحق ـ حق التعبير ـ في النيل من سمعة االفراد و التنكيل بهم ،وأثارت البلبلة والتأثير على
الراي العام وتوجيهه ،وتغييب بند الضمير والتدخل بشكل سلبي ،واعمال سوء النية في
توجيه المجتمع في بعض القضايا الحساسة ومن ثم القى على المحكمة والقاضي بصفة خاصة
عبء تحديد الحد الفاصل بين الحقيق وذلك من خالل تقدير مرامي العبارات التي يحاكم
1
عليها الناشر وتبيان مناحيها .
1تنص المدة 19على انه" لكل حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حرية في التماس مختلب ضروب المعلومات وأفكار ونقلها الى
اخرين )
لكل شخص حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حرية الراي وحرية تلقي المعلومات او أفكار .
5
6
منهجية البحث
إن الطرح الذي تنطوي عليه إشكالية البحث في موضوع "جرائم الصحافة" تتولد عنه
صعوبات بالغة بخصوص المنهج الصالح لتحليل الموضوع في كافة عناصره الدقيقة
والخروج منه بثمرة تنفع ،ولتحديد العناصر المكونة لبعض الجرائم المنصوص عليها في
القانون _سواء تعلق األمر بظهير 15نونبر 1958أو القانون الجنائي _يتطلب األمر
الوقوف عند بعض المفاهيم الواردة في النصوص ،نظرا لعمومتيها والتطرق إلى نظر
القضاء فيها وكيفية التعامل معها مع اإلشارة الى ردود األفعال الناتجة عن رأي القضاء.
خصوصا وان بعض النقاشات واالنتقادات تتعرض إلى مدى إمكانية تطبيق القانون الجنائي
على الجريمة الصحفية وتتعرض معها القضاء لالنتقادات مما يتعذر معه في كثير من
األحيان حصول االتفاق حولها سواء داخل القضاء نفسه ،أو اآلراء الفقهية والقانونية
15نونبر 1958الموجب القانون عدد .خاصة مع التعديالت التي غرفها ظهير
77.00وما عرفته الجريمة الصحفية من تطور .جعلت المشرع والقضاء معه ،في حيرة
يصب معه في بعض االحيان إن لم نقل في العديد منها المالئمة بين حرية الرأي ومعه
حرية الصحافة خاصة ،واحترام حرية الفرد والحفاظ على األمن والنظام العام للدولة.
وتمشيا مع االشكالية التي طرحناها ارتأينا ان يتم بحثنا لهذا الموضوع في إطار خطة
تتضمن فصلين:
2
الفصل الثاني :المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة
2الحظ بهذا الخصوص الالئحة عن القرارات الصادرة عن محكمة االستئناف بالرباط حول قضية راب المحكمة االبابة
6
7
من خالل هدا الفصل سنتناول الحديث عن مفهوم جرائم الصحافة وشروط وقوعها،
وذلك من خالل (المبحث األول) وفي (المبحث الثاني) سنتطرق الى أنواع جرائم الصحافة
وجزاءاها
سأتحدث في هذا المبحث عن مفهوم جرائم الصحافة وشروط وقوعها ودلك من خالل
مطلبين (المطلب األول) التعريف بجرائم الصحافة وفي (المطلب الثاني) سأتحدث عن شروط
وقوعها.
تعد جرائم الصحافة من جرائم الراي والتعبير ،أي من الجرائم التي يعاقب عليها القانون
بسبب التعبير عن أفكار او اراء او اخبار او معلومات او مشاعر و احاسيس .ويتطلب القانون
في هذه الجرائم كقاعدة عامة حصول هذا التعبير في احدى صورة العالنية ،مقدرا ان هذه
الكيفية في التعبير عن تلك األفكار هي التي تكتسبها خطورة تدعو الى توقيع العقاب بحق
مرتكبها .ويعد التشريع الفرنسي من أولى التشريعات التي نظمت جرائم الصحافة ،وذلك
بموجب قانون الصحافة الصادر سنة 1881النافذ فقد جاء هذا القانون شامال لمعظم جرائم
الصحافة ،فيما عدا بعض الجرائم التي ورد النص عليها في قانون العقوبات الفرنسي لسنة
1992النافذة في العام 1994كجريم تحريض العسكريين على العصيان بأية وسيلة .
وبغية التعريف بالجريمة الص حفية ،يستوجب ذلك منا البحث في تعريف الجريمة الصحفية
وبيان الوسائل التي ترتكب من خاللها ،واثر الوسائل في التجريم .ولذلك سيتم تقسيم هذا
المبحث الى مطلبين ،اذ نتطرق في األول لتعريف الجرائم الصحفية ،ونكرس الثاني لبحث
3
ووسائل ارتكاب الجريمة الصحفية واثرها في التجريم .
3مجلة رسالة الحقوق ،السنة السادسة ...العدل األول 2014.م الصفحة 90
7
8
أحاط المشرع الجرائم الصحفية ببعض القواعد الخاصة ،من الناحيتين الموضوعية أو
االجرائية .فمن الناحية الموضوعية ،نجد ان المشرع قد استلزم في الجرائم الصحفية ،ركنا
لم يتطلب في غيرها من الجرائم ،أال وهو ركن (العالنية)كقاعدة عانة ،وبصورة اكثر دقة
تطلب ان يتحقق النشاط أو السلوك المجرم في الجرائم الصحفية ،ركن العالنية من خالل
النشر أو اإلذاعة بإحدى وسائل الصحافة أو األعالم هذا من جانب ،ومن جانب آخر تجد
ان المشرع قد نظم المسؤولية الجزائية للصحفي وفقا لقواعد خاصة منصوص عليها في
قانون رقم 88.13المتعلق بالصحافة والنشر كما رتب على ارتكاب جرائم النشر بعض
العقوبات التي تناسب مع طبيعة الوسيلة التي ارتكبت بها الجريمة ،مثل نشر الحكم أو
تعطيل الصحيفة.
أما من الناحية االجرائية فقد أصبح االختصاص بالجرائم الصحفية منوطا بمحكمة
متخصصة هي محكمة (جنح الصحافة واإلعالم ) ،التي شكلت حديثا في محكمة االستئناف
الكرخ االتحادية على مستوى التنظيم بغرض الفصل في جرائم الصحافة واالعالم.
ولذلك نجد من المهم لغرض التعريف بالجرائم الصحافية بيان مدلول هذه الجرائم من
خالل تعريفها والتطرق لبحث الطبيعة القانونية .وتأسيسا على ما تقدم سنقسم هذا المطلب الى
فقرتين نخصص الفقرة االولى تعريف جرائم الصحافة .ونكرس الفقرة الثانية لطبيعة جرائم
الصحافة
تعرف الجريمة بانها (فعل غير مشروع صادر عن إرادة اثمة يقرر له القانون عقوبة
او تدبيرا احترازيا ) وبما ان التشريعات المختلفة قد تجنبت بصفة عامة اصطالح جرائم
الصحافة او الجرائم الصحفية .و قد اثرت على استعمال تعبير (الجنايات والجنح التي تقع
بواسطة الصحف او غيرها من طرق النشر ) كما فعل المشرع الفرنسي في قانون الصحافة
النافذ ،او استعمال تعبير ( الجنح التي تقع بواسطة الصحف وغيرها من وسائل النشر ) كم
8
9
4فعل المشرع المصري في الباب الرابع عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات المصري
.ويمكن القول ابتداء بان الخالف قد وقع في الفقه الفرنسي والمصري بصدد تعريف الجريمة
الصحفية و تحديد طبيعتها .فقد ذهب البعض الى القول بان الجريمة ال تكون من جرائم النشر
وبالتالي من جرائم الصحافة ما لم تقع من خالل المطبوعات الدورية .فاذا كانت قد وقعت
بطريقة اخر كاإلذاعة الالسلكية او التلفزة او األشرطة السيمائية فال تعد من جرائم الصحافة
وفى تقديرنا بان الراي المتقدم وان كان ينسجم مع ما كان سائدا من كون الكتابة في الصحف
تمثل الوسيلة االقدام واألكثر شيوعا في وسائل التعبير عن الراي في الوقت الذي قيل فيه .ولم
تكن قد ظهرت بعد الوسائل الحديثة لالتصاالت واالعالم بين الناس ،اذ أصبحت وسائل
االعالم المرئية والمسموعة هي السائدة ،وقد تراجعت الصحافة المكتوبة لتظهر بجانبها
الصحافة االلكترونية بظهور وانتشار استخدام الشبكة المعلوماتية الدولية كما ان الراي يخالف
المنهج التشريعي للقانون الفرنسي والمصري ،وكذلك عندما تحدث التشريع المغربي عن
جرائم النشر والعالنية ذاكرا الجرائم التي تقع بواسطة الصحف ووسائل االتصاالت واالعالم
األخرى من ضمنها .ولذلك فان الراي االخر األكثر قبوال ،هو الذي يعرف الجريمة الصحفية
،بانها السلوك المجرم الذي يعبر عن فكر او راي معين والواقع من خالل الصحافة المسمومة
او المرئية او المكتوبة او تلك التي تقع من خالل وسائل االتصال األخرى كما في العرض
السينمائي او الصحافة االلكترونية .ووفقا للراي الراجع لدينا وهو الراي الثاني فان الجرائم
التي ترتكب بواسطة الصحف ليس ت جميعا من جرائم الراي او الجرائم الصحفية التي احاطها
المشرع بأحكام خاصة .فارتكاب جرائم مثل النصب او االحتيال او االبتزاز او التهديد عن
طريق الصحف ال يجعل هذه الجرائم من قبيل جرائم الصحافة طالما كانت هذه الجرائم ال
تتضمن تعبيرا عن الراي او الفكر من جانب كما ان العالنية المطلوبة في جرائم الصحافة
كركن أساس ليس مطلوبة في تلك الجرائم من جانب احر ،لذلك سواء حصلت بغير طرق
العالنية او من خاللها فاإلمر سيان وخالصة القول بانه تخرج عن معنى جرائم الصحافة كل
جريمة ليس فيها اعالن بالنشر في الصحف او المجالت عن أفكار او نحوها معاقب على
9
10
نشرها مثال ذلك جريمة قبول تبرعات او اعانات او خاصة من جهات اجنبية بطريقة مباشرة
او غير مباشرة المنصوص عليها في المادة 7من قانون تنظيم الصحافة المصري
انقسم الفقه الجنائي بصدد تحديد طبيعة الجرائم الصحفية إلى اتجاهين ،ذهب الرأي
األول الى القول بإن الجريمة الصحفية لها ذاتية مستقلة وطبيعة خاصة تجعلها خارج نطاق
جرائم القانون العام ،ويستند هذا الرأي إلى الحجج الثانية:
• أوال :إن هذه الجريمة تقع بفعل غير مادي ،اي بسلوك مجرم يترتب عليه
ضرر غير مادي(.معنوي) يصعب إثباته وقياسه ،أو تحديد مقداره ،و ذلك
بخالف جرائم القانون العام ألتي تقع عادة بأفعال مادية ،ويترتب عليها آثار
مادية ،يسهل إثباتها وتحديد مقادرها.
• ثانيا :إن جوهر الجريمة الصحفية يتمثل في االعالن عن فكرة أو رأي ،أي إن
المشرع يجرم بصفة خاصة الفكرة او االعالن عليها .أما بالنسبة لجرائم
القانون العام نجد أن المشرع يهتم بالفعل المادي المرتكب دون التطرق لبحث
األفكار السابقة التي دفعت الرتكاب الجريمة ،كما أنه ال يهتم كون الجريمة قد
وقعت في العلن أو الخفاء .
• ثالثا :إن التشريعات والقوانين العقابية المقارنة ،قد احاطت المسؤولية الجزائية
المترتبة عن الجريمة الصحفي بمجموعة من األحكام خاصة سواء من حيث
القواعد الموضوعية او االجرائية التي تنطبق عليها .مما يؤكد بأن نظرية
المشرع إلى تلك الجرائم بأن لها ذاتية مستقلة او طبيعة خاصة تفصلها عن
جرائم القانون العام.
• اوال :إن الجريمة الصحفية وإن كانت ترتكب بوسيلة خاصة وهي النشر ،إال
ان هذه الوسيلة ال تغير من طبيعتها وتجعلها جريمة ذات كيان خاص تختلف
10
11
عن جرائم القانون العام .إذ تقوم جرائم مقل القذف والسب واإلهانة
والتحريض عن العناصر ذاتها سواء ارتكبت عن طريق الصحافة أو بطريقة
اخرى.
• ثانيا :إن التشريعات المختلفة قد درجت إلى عدم استخدام مصطلح جرائم
الصحافة أو الجرائم الصحفية ،وإنما تستعمل بدال عن ذلك تعابير ومصطلحات
أخرى بوصفها للجرائم المرتكبة من خالل وسائل الصحافة واإلعالم وغير
ذلك من وسائل النشر يترتب على ارتكاب السلوك اإلجرامي من خالل إحداها
تحقق العالنية في الجرائم التي تتطلب تحقق ركن العالنية .وهذه التعبيرات
تدلل على إن جوهر الجريمة الصحفية ،ال يختلف غيرها من الجرائم.
●راينا في الموضوع:
بعد استعراض االتجاهين السابقين نرجح الثاني ،كونه االقرب للمنطق القانوني السليم
.ذلك أن الوسيلة المستعملة في ارتكاب الجريمة ال تغير من طبيعة الجريمة ،فجريمة القذف
هي ذاتها أيا كانت الوسيلة التي تستعمل في تحقيق العالنية المطلوبة لقيامها كجريمة ،بالرغم
من أنه ينبغي التسليم بأن الوسيلة قد يكون لها اثرا اكثر ثقال وأشد وطأة من حيث الضرر
المترتب عليها ،إذا ما كانت الصحافة بمفهومها الواسع هي الوسيلة التي ارتكبت من خاللها
الجريمة .ويمكن القول بأن اثر المترتب على استخدام النشر عن طريق الصحافة واألعالم
كوسيلة االرتكاب الجرائم التي تتطلب العالنية وان كان ال يغير من طبيعة الجريمة ،ويجعل
لها ذاتية مستقلة عن جرائم القانون العام .إال إن ذلك التمييز ال يخلو من فائدة خاصة إذا ما
أدركنا بأن األثر المترتب على عد الجريمة من الجرائم الصحفية يتمثل في مجموعة من
القواعد الموضوعية و االجرائية التي رتبها المشرع لمصلحة الشخص الذي ثبتت له الصفة
5
الصحفية وبمناسبة ارتكابه جريمة من الجرائم الصحفية
11
12
ال يقتصر تحديد الضمانات القانونية للصحفي على كون الشخص قد ثبتت له الصفة
الصحفية .بل البد ان يتم السلوك االجرامي المتمثل في الجريمة الصحفية من خالل الصحافة
وفقا لمفهومها الواسط ،أي ال يقتصر االمر على الصحافة المكتوبة فحسب ،بل يمتد ليشمل
الصحافة المرئية والمسموعة ممثلة باإلذاعة والتلفزة وكذلك الحال بالنسبة للصحافة
االلكترونية .ولذلك سنخصص هذا المطلب للبحث في هذه الوسائل التي من شان ارتكاب
السلوك االجرامي من خاللها ان تعد الجريمة ( جريمة صحفية ) وفي اثر وسائل الصحافة
في التجريم وعليه سيتم تقسيم هذا المطلب الى فقرتين ،اذ نتطرق في الفقرة األولى توضيح
وسائل ارتكاب الجرائم الصحفية ونكرس الفقرة الثانية لبيان اثر الصحافة في التجريم .
لما كانت الجرائم الصحفية تعد من جرائم التعبير عن الفكر ،التي يستلزم القانون لقيامها
تحقق ركن العالنية .والعالنية في اللغة هي االظهار واالنتشار او الذيول والشيوع ،او هي
اتصال الجمهور بفعل او ايماء او قول او كتابة او رسم .وتعرف العالنية اصطالحا هي كل
ما يقع تحث نظر الكافة او يصل الى مسامعهم ،ويمكنهم ان يطلعوا عليه بمشيئتهم دون عائق
كما يقصد بها الجهر واالظهار والتحقيق من األمور عن طريق المعاينة المادية وثبوت
المشاهدة بال حجاب .ويقصد بوسائل العالنية ،الوسائل التي تصلح االبراز أفكار وشاعر
االنسان .وان ت تحقق العالنية بإحدى الطرق القانونية التي يصدق عليها وصف الصحافة ،
سواء كانت صحافة مكتوبة ،او صحافة مسموعة و مرئية ،او صحافة الكترونية من خالل
شبكة المعلومات الدولية ( االنترنيت )
تعد الصحافة من اهم العوامل المؤثر في خلق الرأي العام ،بشأن القضايا العامة التي
تهتم أفراد ذلك المجتمع وعادة ما تولي التشريعات والقوانين العقابية أهمية خاصة للجرائم
التي تتحقق فيها العالنية بصورة عامة أو السلوك اإلجرامي الذي ينطبق عليه وصف
12
13
الجريمة الصحفية ،والمتحقق من خالل العالنية عبر وسائل الصحافة بصفة خاصة .وبغية
اإلحاطة بأثر الصحافة ودورها في النموذج القانوني للجريمة الصحفية ،سيتم التطرق
لبحث عناصر النموذج القانوني للجريمة الصحفية وعالقته بالصحافة.
-1المهمة األولى :ويقوم فيها القاضي بتحديد النموذج القانوني للجريمة الذي يراد
اجراء المطابقة بينه وبين السلوك المرتكب ليقف على األركان والشروط الالزمة لقيام
الجريمة كما حددتها القاعدة القانونية.
-2المهمة الثانية :وفيها يتم فحص الحالة الواقعية المطروحة امامه ليقف على
مكوناتها وعناصرها في ضوء النموذج القانوني للجريمة ،ويستوي في ذلك تطابق عناصر
الركن المادي من سلوك اجرامي ونتيجة جرمية وعالقة السببية ،وكذلك الركن المعنوي
والذي يتضمن عنصري العلم واالرادة أو الشروط المفترضة
فاذا وجد القاضي تطابقا بين الحالة الواقعية وبين النموذج القانوني للجريمة اثبت قيام
الجريمة ورتب اآلثار على ذلك من حيث قيام المسؤولية الجزائية وإسنادها إلى مرتكبها
،وتوقيع الجزاء المناسب بحقه والمقرر بمقتض ى القاعدة القانونية ،أما إذا تخلف عنصر او
أكثر أو الشرط المفترض فإن الجريمة ال تتحقق .تكون مهنة القاضي قد انتهت بذلك ،مالم
يبحث في مدى أثر تخلف احد عناصر الجريمة أو الشرط المفترض على توافر جريمة
6
اخرى.
6مجلة رسالة الحقوق السنة السادسة العدد األول 2014م الصفحة 93
13
14
الصحافة ما هي إال وسيلة لت حقيق حالة معنوية وهي العالنية ؛وبالتالي فان العالنية التي
يطلبها المشرع لقيام جريمة قد تحقق بواسطة احدى الوسائل التي يتم بواسطتها التعبير عن
الرأي
ل جرائم الصحافة عدة أنواع يجب علينا التطرق لكل نوع على حدة وهادا ما سنقوم به في هذا
المبحث من خالل تقسيمه الى مطلبين ( مطلب األول ) الجرائم المصلحة العامة وفي (مطلب
الثاني ) الجرائم الماسة بالمصلحة الخاصة وللخوض في تقسيم هذا المبحث لبذا من ذكر أنواع
الجرائم وهي كالتالي :
2جرائم التشهير
جريمة اإلهانة:
جريمة السب:
جريمة السب في القانون السب هو خدش شرف شخص واعتباره عمدا دون أن
يتضمن ذلك استنادا واقعة معينة إليه ,وقد عرف المشرع الجزائري جريمة السب على أنه
14
15
”يعد السب كل تعبير مشين أو عبارة تتضمن تحقيرا أو قدحا ال ينطوي على إسناد أية
واقعة.
جريمة القذف:
هو اإلسناد عالنية لواقعة محددة تستوجب عقاب من أسندت إليه أو احتقاره،
واالحتقار يعنى االستهانة أو الزراية أو االنتقاص أو الكراهية أو النفور أو النبذ وهو شعور
الناس نحو الشخص المحتقر بما ينزل من قدره أو يغض من كرامته أو يسيء لسمعته
المادية بما ينفر الناس من معاملته.
1.2جرائم اإلفشاء
15
16
و تتعلق بنشر ما يجري في الجلسات السرية و تكون العقوبة هنا مرتبطة باالختراق
السرية.
و هناك 3شروط للخبر الكاذب عدم صحة الخبر ،سوء نية الصحفي ،أن يكون
غرضه إلحاق الضرر بالمصلحة العامة
متعلق بالنشر المحظور بالتحقيقات و يتم اللجوء إلى تحريات الشرطة و محاضر
التحقيق ،كذلك إذا تعلق األمر بالنشر المحظور للمحكمات و يكون الهدف من حظر نشرها
المحافظة على النظام العام و اآلداب .أيضا النشر المؤثر على سير العدالة بنشر كل ما من
شأنه أن يؤثر على مسار التحقيق أو المحاكمات أو الرأي العام.
1.3جرائم التحريض
جريمة التحريض
16
17
كل تحريض بجميع وسائل اإلعالم على ارتكاب الجنايات و الجنح و الموجهة ضد
أمن الدولة ،تعرض مدير النشرة و صاحب النص في حال إذا كان له مفعول في الواقع
لمتابعة جنائية باالعتبار متواطئا مع المتسبب فيها
كل استعمال للوسائل التي من شأنها إلحاق الضرر بالجيش الوطني الشعبي ،ال سيما
7
الحث على العصيان
https://cte.univ-setif2.dz/moodle/mod/book/view.php?id=9050&chapterid=2168 7
2021MP 5
17
18
8
المطلب األول :الجرائم الماسة بالمصلحة العامة .
وهو بصدد قيامه بوضع ترسانة قانونية كفيلة بتحقيق االستقرار داخل المجتمع بعد
االستقالل ،عمل المشرع المغربي على إعارة االهتمام للقوانين الزجرية مقتديا في ذلك
بالتشريع الفرنسي وبعض التشريعات الغربية محاوال تفادي الى مساواة التي كانت تطبع
النظام القانوني خالل فترة االستعمار ،إال أن أهم ما يعاب على المشرع المغربي وهو
بصدد وضع هذه القوانين هو استعماله لمفاهيم فضفاضة تحتمل تأويالت عديدة إذ يمكن أن
يدرج في إطارها أفعاال ال يعتبرها المجتمع جريمة ،وتتكرر المفاهيم في العديد من
نصوص القانون .
ويتعلق األمر باصطالحات من قبيل << :المصلحة العامة >> و << النظام العام
>> و<< الشؤون العامة >> و << األخالق العامة >>.
أمام هذا الفراغ القانوني ،حاولنا تحديد المقصود بمفهوم مثل النظام العام بالرجوع
إلى اجتهادات الفقه والقضاء ،إال أنهما لم يهتديان إلى إيجاد تعريف دقيق للمصطلح ،وذلك
راجع لما يكتنفه من غموض من جهة وتميزه بالمرونة والنسبية في جهة أخرى ,لذلك قيل
أن<<:النظام العام يستمد قوته وعظمته من ذلك الغموض المحيط به ،فمن مظاهر سموه أنه
ظل متعاليا على كل الجهود المبذولة لتعريفه>> .
يقترب مفهوم النظام العام من المصلحة العامة ،إال أنه ال يمكن القول بتطابقهما سواء
كانت المصلحة سياسية أو اقتصادية أو أخالقية ،فالنظام العام يمثل مجموع الدعائم
والمصالح األساسية التي يقوم عليها المجتمع ،وبصيانتها تتحقق المصلحة العامة.
https://maraje3.com/2009/10/%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85- 8
%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B3%D8%A9-
%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D8%AD%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9/
2021MP 8
18
19
بخصوص الشؤون العامة ،يعتبر المشرع المغربي كل مساس بالنظام الملكي أو
شخص الملك أو أعضاء األسرة الملكية ،وكذا كل ما تنافي مع الدين اإلسالمي والوحدة
الترابية للمملكة ،أما اآلداب العامة ،فكل ما يمكن أن يقال عنها هو أنها تشكل الشق
األخالقي الذي يعمل على تحقيق المصلحة العامة ،فهي مجموع القواعد األخالقية التي
9
يحرص المجتمع غلى التمسك بها لضمان االستمرارية في مكان وزمان معينين.
قبل ختم الحديث بخصوص هذه المفاهيم ،ال بد من إبداء مالحظة هامة بخصوص
النظام العام ،فهو فكرة تختلف باختالف ،األزمنة والجماعات ،إذ يصعب تحديد مفهومها
بصفة دقيقة نظرا لقابليتها للتغير تبعا لظروف الزمان والمكان ،فما يكون مخالفا للنظام
العام والمصلحة العامة في مكان أو زمان معينين ،قد ال يكون كذلك في زمان ومكان آخرين
،فالرق المباح في زمن ليس بالعبيد يعيد مخالفا للنظام العام في الوقت الحاضر ،كما أن
تعدد الزوجات المسموح به في الدول اإلسالمية ال يعد كذلك في الدول الالئقة ،فخالصة
القول إن احترام النظام العام سيؤدي حتما إلى تحقيق المصلحة العامة .
أهم ما نختم به هذه المقدمة هو مناشدتنا المشرع المغربي العمل على تحديد المقصود
بالمفاهيم السابقة الذكر بكيفية دقيقة ،خاصة وأن المغرب اختار مسار الديمقراطية الذي
يستلزم تنوير الطريق أمام كل راغب في ممارسة الحريات التي يكفلها القانون األسمى
للبالد.
في إطار المبحث الخاص بالجرائم الماسة بالمصلحة العامة والمرتكبة عن طريق
الصحافة بالوسائل المتاحة لها ،نفصل الحديث إلى مطلبين ،األول يهم التحريض على
ارتكاب الجرائم والثاني يبين الجرائم المرتكبة ضد الشؤون العامة.
مرجع السابق
19
20
في إطار التحريض على ارتكاب الجرائم يجب التميز بين ذلك المنصوص عليه في
الفقرة األولى من المادة 129في القانون الجنائي والمشكل للصورة األولى من الصور
األربع للمشاركة في الجريمة ،وذلك المنصوص عليه بموجب قانون الصحافة ،
فالتحريض الذي جاء في هذا األخير يكون مستبعد التطبيق كلما صدر بوسائل غير عمومية
كالوعود أو التشجيعات المقدمة لمجموعة أفراد ،إال أن التحريض المنصوص عليه في
قانون الصحافة يكون واجب التطبيق كلما ورد بوسائل المادة ،38ومطابقا لنوع من األنواع
المنصوص عليها في نفس القانون .
نص المشرع المغربي على خمسة أنواع من التحريض في إطار قانون الصحافة ،
أربعة منها وردة في القسم الخاص بالتحريض على ارتكاب الجرائم وواحدة منهم واردة في
قسم الجنح المرتكبة ضد الشؤون العامة ويتعلق األمر ب<< التحريض على سحب األموال
من الصناديق العمومية >> إال أن المسؤولية عن هذه الجرائم تختلف حسب كل نوع وفق
ما سنبينه.
سنحاول تحليل كل جريمة بتوضيح عناصرها والجزاء المقرر من قبل المشرع .
20
21
– انطالقا من الفقرة األولى من الفصل 38من قانون الصحافة ،يعاقب كشريك في
ارتكاب عمل يعتبر جريمة سواء أكان جناية أو جنحة ،كل من حرض مباشرة شخصا أو
عدة أشخاص على ارتكاب الجريمة إذا كان لهذا التحريض مفعوال فيما بعد ،وذلك إما
بواسطة الخطب أو الصراخ أو التهديدات المفوه بها في األماكن العمومية أو االجتماعات
العمومية ،وإما بواسطة المكتوبان أو المطبوعات المبيع أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو
المعروضة في األماكن أو االجتماعات العمومية ،وإما بواسطة الملصقات المعروضة على
أنظار العموم ،أو بواسطة وسائل اإلعالم السمعية والبصرية واإللكترونية .
– من خالل الفصل 38من القانون المذكور ،يتضح أن قانون الصحافة لم يشر إلى
التحريض الذي قد يتم بواسطة الرسوم والصور المنصوص عليه في الفصل 455من
القانون الجنائي ،والذي تناول التحريض على اإلجهاض ،ولكن تتحقق جريمة التحريض
يجب توافر العناصر األساسية وهي كالتالي :
• أن يكون التحريض مباشرا :ويقتضي الدعوة إلى ارتكاب الجريمة أو مجموعة من
الجرائم المحددة ،ويترتب عن عدم إثبات عالقة السببية بين التحريض والجنحة أو الجناية
المقترفة عدم متابعة الشخص بالتحريض المباشر .
• أن يكون التحريض متبوعا بأثر :أي ضرورة وقوع الفعل اإلجرامي الذي كان
يسعى المحرض إلى وقوعه ويكفي هنا وقوع محاولة ارتكاب جريمة .
• أن يكون التحريض صادرا بسوء نية :غالبا ما تستنتج هذه النية من خالل العبارات
التي استعملها المحرض وعلى المتهم إثبات العكس والبرهنة على حسن نيته.
• العالنية :تتحقق كلما جاءت عبر الوسائل المنصوص عليها بموجب الفصل 38من
قانون الصحافة.
بخصوص الجزاء المترتب على إتيان أحد األفعال المنصوص عليها في الفصل 38
من قانون الصحافة ،يعاقب المحرض كشريك سواء تعلق األمر بجنحة أو جناية ،و
21
22
بالرجوع إلى الفصل 130من القانون الجنائي ،فإنه يعاقب الشريك بالعقوبة المقررة لهذه
الجنحة أو الجناية .
عكس الحالة السابقة الذكر ،ال يعاقب المحرض في التحريض غير المتبوع بأثر
كشريك ،و إنما كفاعل رئيسي ،وذلك راجع إلى خطورة الجرائم المتعلقة بهذا النوع من
التحريض وتتجلى أهم عناصره في المبينة أسفله:
-أن يتم التحريض بإحدى طرق الفصل 38من قانون الصحافة .
-أن يكون موضوع التحريض إتيان أحد الجرائم المنصوص عليها بموجب المادة 39
من قانون الصحافة :والتي يعتبر بعضها ذات طابع سياسي وأخرى عادية ،فالسياسية
تتجلى في تلك األفعال الماسة باألمن الخارجي للدولة المنصوص عليها في الفصول 181
إلى 200من القانون الجنائي ،تم الجرائم الماسة باألمن الداخلي للدولة المنصوص عليها
بموجب الفصول 201إلى 207من القانون الجنائي ،أما تلك العادية ،فتتعلق بجرائم
السرقة والنهب والقتل والحريق والتخريب بالمواد المفجرة ،دون إغفال التحريض على
ارتكاب الجرائم اإلرهابية المنصوص عليها بموجب مدونة اإلرهاب.
كما سبق الذكر ال يعاقب المحرض إذا لم تتحقق األفعال التي حرض على ارتكابها
كشريك وإنما كفاعل أصلي ،ويتعرض لعقوبة تتراوح مدتها بين سنة وثالث سنوات
وغرامة تتراوح بين 5.000و 100.000درهم.
22
23
يتجلى هذا النوع من التحريض في حث الجنود البرية والبحرية والجوية وكذا أعوان
القوة العمومية على اإلخالل بواجباتهم العسكرية وعصيان رؤسائهم فيما يأمرون به لتنفيذ
القوانين والضوابط ،وذلك بواسطة الوسائل المسنة بموجب المادة 38من قانون الصحافة.
لكي تقوم جريمة التحريض المذكورة ،ويعاقب المحرض ،البد من توافر العناصر
اآلتية :
.3أن يتم بشكل علني بإحدى وسائل المادة 38من قانون الصحافة.
كلما توفرت العناصر المذكورة ،يعقب المحرض بالحبس لمدة تتراوح بين سنتين
وخمس سنوات وغرامة تتراوح بين 5000و 100.000درهم.
أدرج المشرع المغربي جنحة تحريض الناس على سحب أموالهم من الصناديق
العمومية في إطار الجنح المرتكبة ضد الشؤون العامة ،كما عاقب تحريض الناس على
سحب أموالهم من المؤسسات التي تباشر دفوعاتها بالصناديق العمومية ،وهذا النوع من
الجنح يتحقق في صورتين :
➢ الصورة األولى :تكون فيها الجنحة مترتبة عن تعمد إذاعة أعمال زائفة أو
وشاية أو وسائل مدلسه قد يكون من طبيعتها زعزعة الثقة في القيمة النقدية.
➢ الصورة الثانية :تكون فيها الجنحة منتجة آلثارها بمجرد تحريض أو محاولة
التحريض على سحب األموال ،فهذا النص يحمل معنى واسعا ،حيث إن
الجنحة تتحقق حتى ولو لم تترتب عن األنباء النتائج التي يسعى المحرض إلى
23
24
تحقيقها وذلك حرصا من المشرع على حماية السياسة المالية للحكومة ،لكن
هل يمكن اعتبار اإلشهار الذي تقوم به البنوك والمصاريف تحث من خالله
الجمهور على إيداع أموالهم لديها تحريضا على سحب األموال من الصناديق
العمومية ؟ خصوصا وأن هذه البنوك والمصارف مؤسسات خاصة .نأمل من
المشرع إيجاد جواب لهذا السؤال خصوصا وأن المغرب دخل الخويصة من
بابها الواسع.
نص المشرع المغربي على هذه الجريمة تماشيا مع نظيره المصري الذي سماها <<
التحريض على البغض الطائفي >> ،ويعاقب عنها المشرع المغربي كلما وردت بإحدى
وسائل المادة 38ويهم التحريض هنا ،التحريض على الميز العنصري أو التحريض على
الكراهية والعنف ضد شخص أو أشخاص اعتبارا لجنسهم أو أصلهم أو لونهم أو انتمائهم
العرقي أو الديني أو ساند جرائم الحرب ضد اإلنسانية ،وذلك طبقا للفصل 39مكرر من
قانون الصحافة.
يعاقب عن الميز العنصري بالحبس لمدة تتراوح بين شهر وسنة وغرامة تتراوح بين
3000و 30000درهم أو بإحداهما فقط .
كما سبق وأشرنا ،حتى تقوم جريمة التحريض المنصوص عليها في قانون الصحافة
يجب أن تأتي طبق الوسائل المنصوص عليها في الفصل 38من قانون المذكور والذي جاء
فيه.
<<… ،..وذلك إما بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في األماكن
أو االجتماعات العمومية ،وإما بواسطة المكتوبات والمطبوعات المباعة أو الموزعة أو
المعروضة للبيع أو المعروضة في األماكن أو االجتماعات العمومية ،وإما بواسطة
24
25
الملصقات المعروضة على أنظار العموم أو بواسطة مختلف وسائل اإلعالم السمعية
البصرية واإللكترونية …. >>.
إن الفصول الالحقة للفصل 38والتي تبين أنواع التحريض تحيل على الوسائل
المشار إليها في الفصل أعاله دون أن تتعداها إلى غيرها إال في حاالت ضيقة.
أهم ما يثير االنتباه في الفصل 38هو تلك األماكن والظروف التي يمكن أن يتحقق
فيها التحريض المنصوص عليه في قانون الصحافة ،ويتعلق األمر باصطالح من قبيل <<
األماكن العمومية >> أو << االجتماعات العمومية >> ولم يحدد المشرع المقصود منها
في هذه الفصول ،مما يستدعي تحديد مفهومها ،وذلك تفاديا لكل خلط يقع بينها:
-أما الفقهاء ،فيعرفون المكان العمومي بأنه أي مكان سواء كان طريقا أو بناء يمكن
لكل شخص أن يوجد فيه بدون معارضة قانونية من أي كان .
-عرفت محكمة النقض واإلبرام المكان العام بأنه كل طريق مباح للجمهور المرور
فيه في كل وقت بغير قيد وال شرط سواء كانت أراضيه مملوكة للحكومة أو األفراد.
-انطالقا من التعريفات السابقة ،يظهر لنا أن المكان العمومي وكما اعتبره األستاذ
محمد اإلدريسي العلمي المشيش ،يصنف إليه ثالث أصناف :
25
26
-2االجتماعات العمومية
وبناء عليه البد من اإلشارة إلى أن العالنية عنصر يبقى ضروريا في كل جريمة من
جرائم التحريض المنصوص عليها ،فبانتفاء عنصر العالنية تنتفي إحدى أهم ركائز هذه
الجرائم.
خص المشرع المغربي للجنح المرتكبة ضد الشؤون العامة القسم الثاني من الباب
الرابع من قانون الصحافة بموجب الفصول من ، 41ويتعلق األمر بكل مساس بكرامة
الملك وكرامة أصحاب السمو الملكي األمراء واألميرات ،ثم الجرائم الماسة بالدين
اإلسالمي والوحدة الترابية ،إضافة إلى كل تأثير على انضباط ومعنويات الجيوش دون
إغفال جريمة نشر األنباء الكاذبة.
تتحقق هذه الجريمة إذا استوفت العناصر األساسية التي تقوم عليها ،ومتى تحققت ،
يتعرض مرتكبها للعقوبة المبينة في قانون الصحافة بموجب الفصل .41
تتجلى العناصر األساسية لجريمة المس بكرامة الملك واألسرة الملكية فيما يلي:
26
27
-المساس بالكرامة :يعني اإلساءة إلى الكرامة بكالم أو حديث جارح أو الذع أو
10
ينقصه االحترام الواجب أن يكنه الجميع للملك واألسرة الملكية.
– ضرورة توجيه المساس بالكرامة إلى الملك شخصيا أو األسرة الملكية دون غيرهم
.
-ضرورة وقوع المساس بالكرامة بشكل علني وفق الوسائل المشار إليها في الفصل
38من قانون الصحافة.
بمجرد تحقق العناصر الثالثة المذكورة ،يتعرض الصحفي المرتكب للجريمة لعقوبة
المادة 41والتي تنص على الحبس لمدة تتراوح بين ثالث وخمس سنوات وغرامة يعد
مقدارها بين 10.000و 100.000درهم.
إن كل مساس بأركان الدين اإلسالمي وثابته ومرتكزا ته األساسية يعد جريمة معاقبا
عنها بموجب المادة 41في فترتها الثانية ،وهذا المساس يجب أن يأتي وفق الوسائل
المنصوص عليها بموجب المادة 38من قانون الصحافة ،كما أن المس بالوحدة الترابية
للمملكة يشكال فعال مجردا بمقتضى نفس الفقرة المجرمة للمس بالدين اإلسالمي في الفصل
، 41ويعاقب كل من ارتكب هذه الجرائم بالحبس لمدة تتراوح بين ثالث وخمس سنوات
وغرامة تقدر بين 10.000و 100.000درهم.
https://maraje3.com/2009/10/%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85- 10
%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B3%D8%A9-
%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D8%AD%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9/
27
28
كما سبق وتطرقنا إلى ذلك ،يعتبر مفهوم النظم العام صعب التحديد من الناحية
القانونية ،فربطناه بالمصلحة العامة والشؤون العامة واألخالق العامة ،فقد اعتبر المشرع
كل إخالل به – حسب المادة 42من قانون الصحافة – جريمة كلما تأتى بوسائل الفصل
38أو بنشر أو إذاعة ،كما أقره هذه المرة بمفهوم آخر وهو إثارة الفزع بين الناس ،
ووضع المشرع كجزاء لمرتكبي هذه األفعال عقوبة حبسية متراوحة بين شهر واحد وسنة
واحدة وغرامة من 1200درهم إلى 100.000درهم أو بإحدى العقوبتين فقط ،إال أن هذه
العقوبة تختلف عن تلك الخاصة بإضعاف التأثير على معنويات الجيش رغم ورودهما في
نفس الفصل ،إذا يعاقب طبقا للجريمة الثانية ،الصحفي الذي ارتكبها بالحبس من ستة
واحدة إلى خمس سنوات وغرامة من 1200إلى 100.000درهم .ودائما بالرجوع إلى ما
نص عليه الفصل 38من وسائل .
إذا كانت ال صحافة أهم وسائل إطالع الجمهور على ما يروج من أحداث ووقائع على
مختلف المستويات ،وتحتم عليها وظيفتها هذه ،االلتزام بالصدق والموضوعية ونشر
األخبار الصحيحة ،ألنه أي تحريف فيما يتم نشره قد يرتب زعزعة ثقة الجمهور
ومغالطته ،واعتبارا لما سبق ،فإن ردع نشر األنباء الزائفة والكاذبة يستسيغه المنطق وال
يعتبر قيدا على حرية الصحافة ،فحرية النشر ترتبط بحريات أخرى ،ومن تما يعد تقيدها
في حد ذاته تقيدا للحريات المرتبطة بها.
أهم ما يميز مهنة الصحفي هو السبق الصحفي و السرعة التي يستلزمها العمل المحيط
بالمهنة ،مما يؤدي إلى نشر األخبار دون مراجعتها والتأكد من صحتها ،وعلى هذا
األساس نجد المشرع المغربي ال يعاقب في قانون الصحافة على األنباء الزائفة إال إذا كان
من شأنها اإلخالل باألمن العمومي أو ضعضعة النظام ومعنويات الجيوش والمنشورة بصفة
علنية ،فالمشرع حدد بعض األركان التي تنب ني عليها هذه الجريمة ،ونكون إزاء جريمة
نشر الخبر الكاذب فيما يلي من الحاالت :
28
29
. 1حالة كون النبأ كاذبا أو تعلق األمر بمستندات مختلفة أو مدلس فيها أو كانت
منسوبة إلى الغير ،ويكون النبأ كاذبا حالة تضمنه واقعة جديدة باعتبارها حقيقة دون أن
تكون كذلك ،أو حالة كونها حقيقة لكنها مزيفة ،أي انتفاء التطابق بين الواقع والحقيقة .
. 2عندما تكون علنية ،ولم يحدد المشرع العلنية المقصودة هنا مما يحيل إلى الفصل
38كما أضاف النشر واإلذاعة .
. 3اإلخالل باألمن العمومي أو ضعضعة معنوية الجيوش يعد ركنا غير مدقق المفهوم
وكل ما يمكن قوله إن لفظة “المعنوية” تعني الشعور بالواجب أو الحماس في القتال كما أن
كلمة ” نظام “قد تعني احترام التسلسل العسكري من حيث الدرجات كما قد تعني االنضباط
.
إن الجرائم التي تعرضنا لها وفق ما سلف ،تكتسي أهمية كبرى خاصة وأنها ترمي
إلى صيانة وحماية مقومات المغرب من نظام ملكي ودين إسالمي ووحدة ترابية .إال أن
هناك جرائم أخرى ال تقل عنها أهمية والماسة أساسا بسير العدالة خاصة ما يتعلق بانتهاكات
سرية التحقيق من قبل الصحافة والتي تعكس الحياة اليومية وجودها دون أن تترتب عنها
قانونا متابعات حقيقة في مواجهة مرتكبيها مما يجعلها مندرجة ضمن الرقم األسود لإلجرام
علما أن هذا األخير هو الفرق بين الجرائم المرتكبة فعليا والجرائم التي تصل إلى علم الضابطة
القضائية
عكس الجرائم الماسة بالمصلحة العامة التي سبق التطرق إليها والتي تمس بدون أدنى
شك بمبدأ « ال جريمة وال عقوبة إال بنص » كما بينا ذلك سابقا .فإن هناك جرائم ترتكب
عن طريق النشر وتمس بالمصلحة الخاصة .ويدخل في عداد هذه األخيرة تلك الجرائم
29
30
الماسة بالشرق والكرامة واالعتبار لألشخاص والهيئات ،وكذا تلك الماسة بالحياة الخاصة
لألفراد .
وسنتطرق إتباعا ألصناف هذه الجرائم ثم األشخاص الذين تشملهم والذين وفر لهم
المشرع حماية قانونية منها .
وباستعراض الجرائم التي تندرج تحت هذا القسم نجد أنها تشمل القذف والسب
واالعتداء على الحياة الخاصة لألفراد ،إال أنه بالرجوع إلى مقتضيات القانون الجنائي
المغربي وباألخص الفصلين 445و 446منه فنجد أنها تضم باإلضافة إلى ذلك إفشاء
األسرار والبالغ الكاذب أي الوشاية وهو ما تم التطرق له أيضا في قانون الصحافة .
إال أن ما يهمنا نحن وهو ما نعتبره محل هذه الدراسة هي جرائم السب والقذف
واالعتداء على الحياة الخاصة باعتبارها من أكثر الجرائم التي ترتكب عن طريق النشر .
11
• أوال :القذف:
https://maraje3.com/2009/10/%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85- 11
%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B3%D8%A9-
%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D8%AD%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9/
30
31
لإلحاطة قدر اإلمكان بهذه الجريمة سنتطرق أوال إلى تعريفها وكيفية المتابعة بشأنها
ثم نبين أركانها على أن تختم بالجزائيات القانونية التي أفرزها لها المشرع ،علما أن أسباب
اإلباحة فيها ستكون موضوع تحليل الحق.
تنص الفقرة األولى من الفصل 44من قانون الصحافة على أنه « يعد قذفا ادعاء
واقعة أو نسبها إلى شخص أو هيئة إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف أو اعتبار الشخص أو
الهيئة التي نسبت إليها » ،وهو التعريف الوارد في القانون الجنائي المغربي في فصله
.442
انطالقا من هذا التعريف يتبين أن القذف هو عمل غير شرعي يعاقب عليه القانون
كلما تعلق األمر بالمساس بالحياة الخاصة ،إال أنه ال ينبغي أن يتبادر للذهن أن القذف يكون
دائما غير شرعي معاقبا عليه ،بل بالعكس من ذلك قد يكون القذف شرعيا ال تقام بشأنه أية
دعوى وذلك كلما كانت الوقائع التي يتضمنها القذف صحيحة ومتعلقة بالحياة العامة وهو ما
يستفاد من مقتضيات الفصل 57ق ص والفصل 39من الدستور المغربي.
وتجدر اإلشارة إلى أن ممارسة الدعوى العمومية في جريمة القذف وبالتالي المتابعة
متوقفة على ضرورة تقديم طلب أو شكاية من طرف من نسبت إليه الواقعة ومست بشرفه
أو اعتباره ،أو بعد مداولة تجريها الهيئات المبنية بالفصل 45من قانون الصحافة ،وذلك
حسب صفة الشخص المتضرر ،هذه الشكاية أو الطلب يتم تقديمها إما مباشرة إلى النيابة
العامة ،وإما تلقائيا بناء على طلبه الموجه إلى الوزير األول أو وزير الخارجية .
فتقديم الطلب أو الشكاية يعتبران موانع مؤقتة لممارسة الدعوى العمومية .إال أنه تجب
اإلشارة إلى أن « وجود هذه الموانع ال يمنع النيابة العامة من تحريك الدعوى العمومية
والقيام بالتحريات الضرورية ،ألن المنع ينصرف إلى ممارسة وإثارة الدعوى العمومية ،،
أي قيام النيابة العامة بإحالة الملف على القضاء الجالس ،وهذه اإلجراءات األولية سابقة عن
هذه المرحلة ،فالمنع هنا ينصرف إلى ممارسة الدعوى العمومية وليس تحريكها ،وذلك
31
32
خالفا لما ذهب إليه الفقه المغربي كنتيجة لعدم تحديده الدقيق لمحتوى التحريك والممارسة
،،وبالتالي الخلط الفادح بين المصطلحين (رغم اختالفهما الشاسع في المعنى ) مما ال
يستقيم والممارسة العملية للنيابة العامة في الواقع ،،بل ويتعارض معها » .وعالوة على
هذا فيلزم لقيام جريمة القذف توفر مجموعة عناصر .
-2أركان القذف:
إن فلسفة المشرع في تجريمه للقذف تمكن في توفير الحماية األدبية لألشخاص
(الشرف واالعتبار ) ،إال أنه حتى يعتد بهذه الجريمة وحتى يتسنى توقيع العقاب على
مرتكبها فإن األمر يستلزم توفر مجموعة من العناصر ،وهي ضرورية بصرف النظر عن
الجهة التي يعنيها القذف.
وهكذا فقد نص المشرع في الفصل 44من قانون الصحافة على مجموعة من
العناصر التي تتكون منها جرائم القذف ،والتي يمكن حصرها فيما يلي :
انطالقا من هذه العناصر يتبين أن جريمة القذف تستوجب توافر ركنان :الركن المادي
المتمثل في إتيان الشخص السلوك الجنائي المعاقب عليه قانونا ،،والركن المعنوي الذي
يتخذ صورة القصد الجنائي.
32
33
يتحقق الركن المادي في جريمة القذف بادعاء أو عزو واقعة تمثل اعتداء على شرف
أو اعتبار شخص أو هيئة معينة علنا ،وعليه فوقوع جريمة القذف مرهون بتحقق ثالث
عناصر :نشاط إجرامي يتمثل في فعل االدعاء أو اإلسناد ،وموضوع ينصب عليه هذا
االدعاء أو اإلسناد ويتمثل في الواقعة المشينة المنسوبة للشخص أو الهيئة وأخيرا العالنية .
تختلف كلمة االدعاء عن كلمة ا لعزو من حيث المعنى ذلك أن االدعاء يقصد به
الرواية عن الغير أو سوق أقوال تحتمل الصدق والكذب ،أما العزو فيفيد إسناد أمر أو
واقعة إلى شخص معين على سبيل التوكيد والتعيين .
وهذا الفرق في المعنى لم يعره المشرع أي اهتمام ،وجعل الجزاء واحدا في كلتا
الحالتين .
وللحيلولة دون تنصل القاذف من الجزاء بدعوى أنه لم يقصد الشخص المشتكي ،قام
المشرع بإنزال العقاب على كل عزو أو ادعاء بغض النظر عن الصيغة المستعملة تشككية
كانت أم توكيدية ،حتى ولو لجأ المهتم إلى أسلوب المجاز والتعريض .وبصرف النظر
أيضا عن الوسيلة المستعملة سواء ثم دلك عن طريق النشر أو عن طريق المراسلة
المكشوفة عبر إدارة البريد والتلغراف أو بالطرق اإللكترونية األخرى .
ومن أمثلة القذف أن يذكر أن فالن تعاون مع العدو أو جمع ثروته من مال حرام
….إلخ.
موضوع االدعاء أو اإلسناد في جريمة القذف هو الواقعة المحددة التي يدعيها أو
يعزوها المتهم إلى المجني عليه ،وتعيين الواقعة هو العنصر الجوهري الذي يميز موضوع
اإلسناد في جريمة القذف عن موضوع اإلسناد في جريمة السب الذي ال يستلزم تحديد
واقعة معينة .
33
34
وقد بين القانون الصورة التي يتحقق بها القذف وهي المساس بشرف أو حرمة
الشخص أو الهيئة المسندة إليها الواقعة .إال أن ما يميز الشرف عن الحرمة ،هو أن المس
بالشرف يمس الشخص في ذاته أو في كرامته واستقامته كاتهام شخص بأن له سجال عدليا
أسودا ،أو أنه ارتكب جريمة قتل أو جرائم ضد األموال أو ضد أمن الدولة مثال ،أو إتهام
شخص بالغش وانعدام الوطنية ،فاإلنسان الشريف هو ذلك الذي يقوم بواجبه على أحسن
وجه .
أما الحرمة أو ما يعرف باالعتبار فهو وليد التقدير الذي يحظى به الشخص داخل
المجتمع ،ومن أمثلته االدعاء بأن شخصا له خليالت أو أنه ابن مجرم أو زانية .ويشمل
المساس بالحرمة أيضا ادعاء أفعال تمس الخصال المهنية للضحية كأن ينسب إلى طبيب
….عدم اهتمامه بمرضاه أو إلى موظف عمومي عدم مراعاته للصالح العام .
لكن ما يجب التنبيه إليه هو أنه ال ينبغي الذهاب هنا بعيدا لدرجة المساس بحق النقد،
علما أن هذا الحق يتوجب أن يراعى فيه عدة اعتبارات أهمها أن يتم التعبير عنه باعتدال
وأن يكون الهدف منه هو تقديم معلومات صحيحة ،مع مراعاته للظروف التي تم فيها
التعبير عن النقد ،فال يعد قذفا إثارة فضيحة لرجل سياسي وباألخص خالل الفترة المتزامنة
مع االنتخابات .
-3العالنية :
بالرغم من أن المشرع المغربي لم يعطي تعريفا شامال لمفهوم العالنية في ظهير 15
نونبر 1958فإنه يمكن أن تستنتج من األمثلة التي أوردها بالفصل 38من الظهير المذكور
أن العالنية تنتج أثرها إذا ثم الفعل باألماكن أو االجتماعات العمومية ،سواء عن طريق
القول أو بواسطة الكتابة والتخطيط ،وهذا يعني أنه كي يقوم عنصر العالنية يتوجب أن
يتصل علم الجمهور بما يعبر عنه الفاعل .
34
35
وباإلضافة إلى هذه العناصر التي تعد ضرورية لقيام جريمة القذف ،فيجب أيضا ان
يعين المقذوف في حقه الذي كما قد يكون شخصا طبيعيا قد يكون شخصا معنويا كذلك ،
وهو ما سنحصه بالحديث في موضوع الحق .أضف إلى ذلك الركن الثاني المتمثل في
القصد الجنائي .
يتخذ الركن المعنوي في جريمة القذف صورة القصد الجنائي الخاص الذي يقوم متى
توفر للجاني العلم بأن االدعاء أو العزو الذي يسنده للغير ينطوي على المساس بالشرف
والحرمة .
وتجدر اإلشارة إلى أن سوء النية هي قرينة نسبية وبسيطة تنمحي أمام وجود بواعث
مشروعة ،وبالتالي فيعود للظنين إثبات حسن نيته – ويعود كما نعتقد منح المشرع هذه
المزية لهذا األخير مراعاة منه لحرية الصحافة التي ستختفي بدون شك لو أثيرة في كل
لحظة متابعات بالقذف – فهو عادة ما يثير ضرورات اإلعالم التي تتطلب أن تصل بعض
الوقائع إلى علم جمهور الناس ،خاصة بالنسبة للمزايدات والخالفات السياسية ،سواء
بمناسبة االنتخابات أو خارجها ،لكن هذا الباعث المشروع له حدود كلما ثم تخطيها كلما
اختفى هذا األخير (الباعث المشروع ) وذلك حينما تسود روح االنتقام واإلرادة المنهجية في
تلويت سمعة مرشح معين .
ومتى توافرت هذه األركان لمرتكب القذف ،وجب أن ترتب آثارها ،وهي إنزال
العقاب على مقترفها .
-3الجزاء :
لتوفير الحماية القانونية لألشخاص سواء الطبيعية منها أو المعنوية ولجبر الضرر عما
يصيبهم جراء المساس بكرامتهم وشرفهم ،فقد أنزل المشرع عقابا على كل من ادعى أو
35
36
نسب واقعة إلى شخص أو هيئة معينة ،إال أن حجم الجزاء هنا يختلف باختالف صفة
12
األشخاص التي يعنيها القذف.
هكذا فإذا كان القذف قد تم في حق المجالس القضائية والمحاكم والجيوش البرية أو
البحرية أو الجوية والهيئات المؤسسة واإلدارات العمومية ،أو كان موجها إلى وزير أو عدة
وزراء من أجل مهامهم أو نحو موظف أو أحد رجال أو أعوان السلطة العمومية أو كل
شخص مكلف بمصلحة أو مهنة عمومية مؤقتة كانت أم مستمرة أو مساعد قضائي أو شاهد
من جراء تأدية شهادته ،فإن الجزاء يكون هنا هو الحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وسنة
واحدة وبغرامة يتراوح قدرها بين 1.200و 100.000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين
فقط .
أما إذا وجه إلى هذه الطائفة الثانية السالف ذكرها ،بمعنى األشخاص الواردين في
الفقرة األولى من الفصل 46من قانون الصحافة فيما يهتم حياتهم الخاصة أو وجه إلى
األفراد فإن العقوبة هنا تكون هي الحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة
يتراوح قدرها بين 10.000و 50.000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
وفي الحالة التي يوجه فيها القذف إلى األفراد أو الهيئات أو األشخاص المعينين في
الفصول 41و45و46و52و 53من نفس القانون عن طريق مراسلة مكشوفة عبر إدارة
البريد والتلغراف أو بالطرق اإللكترونية األخرى فإن العقوبة هنا تكون هي الحبس لمدة
أقصاها شهر واحد وبغرامة تتراوح بين 1.200و 5.000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين
فقط
https://maraje3.com/2009/10/%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85- 12
%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B3%D8%A9-
%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D8%AD%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9/
36
37
بما في ذلك القذف في حقهم .وعليه فإذا كان القذف يمس بشخص رؤساء الدول وكرامتهم
ووزراء الشؤون الخارجية للبلدان األجنبية فإن الجزاء يكون هو الحبس لمدة تتراوح بين
شهر واحد وستة أشهر وغرامة يتراوح قدرها بين 10.000و 100.000درهم أو بإحدى
هاتين العقوبتين فقط ،أما إذا كان هذا األخير يمس بشخص وبكرامة الممثلين الدبلوماسيين
أو القنصليين األجانب أو المندوبين بصفة رسمية لدى جاللة الملك فإن العقوبة تكون هي
الحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة يتراوح قدرها بين 5.000و
30.000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .
قبل االنتقال للحديث عن جنحة أخرى ال تقل شأنا عن القذف أال وهي السب ،نرى أنه
البد أن نشير إلى أن الحرية الصحفية والزمتها حرية التعبير أصبحتا تناالن من كرامة
واعتبار اإلنسان قسطا كبيرا ،حيث نسجل في هذا الصدد عددا جد مرتفع لحاالت القذف ،
وفد تمثلت أحدث حالة في توجيه االتهام باإلرهاب إلى مناضلين في حقوق اإلنسان ،أضف
إلى ذلك ما قام به ” علي المرابط ” مدير نشر صحيفة دومان مركزين Demain-
” magazineوحميد غددان ” من قذف في حق الصحفي ” رشيد قبول ”
ثانيا :السب.
السب حسب الفقرة الثانية من الفصل 44من قانون الصحافة هو ” كل تعبير شائن أو
مشين أو عبارة تحقير حاطه من الكرامة أو قدح ال يتضمن نسبة أية واقعة معينة “ ،وهو
تقريبا نفس التعريف الوارد في المادة 433من القانون الجنائي.
انطالقا عن هذا التعريف يمكن أن نستنتج أن السب يتميز بخاصية أساسية وهو أنه ال
يشتمل على واقعة معينة كما هو الشأن بالنسبة للقذف ،بل يعتبر سبا متى تضمن بأي وجه
من الوجوه خدشا للشرف واالعتبار .
37
38
وكما هو الشأن بالنسبة للقذف فإن المتابعة في جنح السب متوقفة هي األخرى على
شكاية أو طلب من الشخص ذي الصفة قانونا ،أو بعد مداولة تجريها الهيئات المذكورة
بالفصل 45من قانون الصحافة في جلسة عامة إن أمكن دلك .
وجنحة السب كغيرها من الجرائم ترتكز على مجموعة من العناصر التي يجب
توافرها إلنزال العقاب على مرتكبها ،ما لم يكن له مبرر يعفيه من ذلك .
تستوجب جنحة السب توافر ركنان :الركن المادي المتمثل في إتيان الشخص السلوك
المعاقب عليه قانونا بإحدى طرق العالنية والركن المعنوي الذي يتخذ صورة القصد
الجنائي.
يتحقق الركن المادي في جنحة السب بإلصاق صفة أو عيب أو لفظ جارح أو مشين
إلى شخص معين أو حاط من كرامته وذلك بصفة عالنية ،وبناء عليه فتحقق هذه الجريمة
مشروط بتوافر ثالث عناصر وهي أن يكون النشاط خادشا للشرف أو االعتبار ،وأن يكون
موجها لشخص معين ،وأن يتم ذلك بصفة عالنية .
وسنقتصر في دراستنا على العنصر األول والثاني بينما نحيل العنصر الثالث المتعلق
بالعالنية على ما سبق دراسته.
يقصد بالتعبير المهين كل تعبير يهدف إلى المساس بشرف شخص أو هيئة ما ،دون
االستناد على فعل محدد .أما عبارة االحتقار فهي كل عبارة تخدش كرامة الشخص ،في
حين يعد شتما مرادفا للتعبير المهين مع وجود فرق واحد هو صياغته في عبارات عنيفة
واضحة .
38
39
انطالقا من هذا يمكن التمييز بين نوعين من السب ،األول هو ذلك الذي يمس
بالكرامة واالعتبار والذي يكون بغض النظر عن شكله متضمنا التهام من طبيعته أن
يزعزع الشرف ،أما النوع الثاني فهو السب الذي ينطوي على احتقار وشتم ،هذا األخير
يتجسد في العبارات العنيفة التي قد تكون وقد ال تكون ماسة باالعتباري األمر الذي يعني
أنه ليس ضروريا كي يعتبر الكالم سبا أن يتضمن المساس بالشرف واالعتبار ،بل إن
طابع السب يمكن استنتاجه من هذا الكالم في حد ذاته.
ورغم كل هذا فلكون مفهوم السب مفهوم نسبي يختلف بحسب الظروف االجتماعية
والزمانية والمكانية ،فال ينبغي االعتماد على التعابير المستعملة لتقدير السب – بل يجب
دراسة الوقائع الخارجية التي يستمد منها التعبير قيمته والتي تضفي عليه طابع السب .
** أن يكون السب موجها إلى شخص معين أو هيئة معينة :
ال تقوم جريمة السب العلني كما هو الشأن في القذف ،إال بإسناد العيب أو اللفظ
المشين أو الحاط من الكرامة إلى شخص معين ومحدد أو هيئة معينة ،بحيث أنه إذا نطق
شخص بكلمات قادحة و مهينة دون أن يقصد بها أحدا ،فال يحق متابعته.
وإذا كانت األشخاص الطبيعية ال تثير أي إشكال بهذا الصدد ،فإن المشكل يطرح
حينما يتعلق األمر باألشخاص االعتبارية .حيث أن السب الموجه إلى هذه األخيرة ال يمكن
أن يشكل موضوع متابعة إال إذا أثبت كل شخص من أفراد الجماعة أنهم معينون تعيينا
كافيا ،وفي هذه الحالة يحق لكل منهم رفع دعوى منفردة .
كي يعتبر السب – من وجهة نظر قانونية مدققة – جنحة معاقب عنها يجب أن
ينطوي هذا األخير على القصد الجنائي الذي يعتبر أحد األركان األساسية لهذه الجنحة ،وهو
39
40
ركن مفترض وعلى القاضي الذي ينظر في النازلة أن يستنتج العكس ،أي حسن نية المتهم
وذلك من خالل اإلطار االجتماعي ،ذلك أن الشخص قد يستعمل كلمات غليظة وعنيفة
دونما أن تكون لديه نية الشتم.
ومتى اكتملت هذه العناصر اعتبر السب جنحة يستحق مقترفها العقاب.
-2الجزاء :
لقد نص المشرع على عقوبات متفاوتة لردع جنح السب فهي تختلف باختالف طبيعة
الجهة المعينة .
ولإلشارة قبل بيان طبيعة الجزاء فيجب التنبيه إلى أن السب المعاقب عنه هنا هو ذلك
الذي يتم بإحدى طرق العالنية الواردة بالفصل 38من ق ص ،األمر الذي يبين أن السب
المقصود هنا هو السب العلني .
وبالنسبة للسب الذي يمس بشخص رؤساء الدول وكرامتهم ووزراء الشؤون الخارجية
للبلدان األجنبية فيعاقب عنه بحبس تتراوح مدته بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة
يتراوح قدرها بين 10.000و 1000.000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط .أما إذا
40
41
كان هذا السب يمس شخص وكرامة الممثلين الديبلوماسيين أو القنصليين األجانب أو
المندوبين بصفة رسمية لدى جاللة الملك فيعاقب عنه بحبس تتراوح مدته بين شهر واحد
وستة أشهر وبغرامة يتراوح قدرها بين 5.000و 30.000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين
فقط.
وفي هذه الحالة األخيرة يالحظ أن الجزاء هو نفسه المقرر بالنسبة للقذف ،وباستثناء
هذه الحالة فإنه يالحظ أن جميع العقوبات في جنحة السب هي فقط مجرد غرامات ،على
خالف سابقتها المتعلقة بالقذف التي تتضمن باإلضافة إلى ذلك عقوبات سالبة للحرية.
عالوة على جنحة السب والقذف والتي تمس بكل وضوح بالمصلحة الخاصة كما
أسلفنا ذلك فقد تنبه المشرع إلى جريمة أخرى ال تقل شأنا عنها بل األكثر من ذلك تشكل
خطورة على خصوصيات الفرد أال وهي جريمة المس بالحياة الخاصة .
إن الحق في احترام الحياة الخاصة أو ما يسمى بالخصوصية يرتكز على حماية ذلك
الجانب من حياة اإلنسان الذي ال يرغب في إطالع الغير عليه أو ال يرغب في أن يكون
موضوعا للحديث من جانب الناس .هذا الحق يعد أكثر صلة وارتباطا بحرية الفرد وما
يترتب عليها من صون لكرامته و احترام ألدميته ،فال يتطفل عليها متطفل فيما يرغب في
االحتفاظ به لنفسه ،وال تنتهك خصوصياته فهي تعد بحق أغلى وأسمى الحقوق.
إال أنه بالرغم من أهمية هذا الحق ومكانته فقد برزت حاليا في الواقع العلمي مجموعة
عوامل وأصبحت شكل تهديدا للحياة الخاصة والتي يمكن إجمالها في عاملي التقدم العلمي
والتقني في مجال أجهزة التنصت والمعلوماتية ووسائل النشر وعامل االعتبارات
االجتماعية المتجلية في زيادة عدد السكان ،وطهور األبنية الشاهقة والمتالصقة المكتظة
بالسكان ،مما سهل انتهاك حرمة الحياة الخاصة لألفراد ،.إال أن العامل الذي يمكن اعتباره
أكثر خطورة وتطفال على هذا الحق هو ذلك المتعلق بالنشر الممارس من قبل الصحفي
41
42
كونه تتحقق بواسطة العالنية أي إعالم جمهور الناس بخصوصيات األفراد ،وهو ما يشكل
انتهاكا واضحا لهذا الحق.
إال أنه وحتى يتسنى وضع حد لمثل هذا النشر وتبعا حماية الحياة الخاصة ضد
المساس بها من جانب الصحفي ،وحتى تتحدد مدى مسؤوليته في هذه الحالة ،بل حتى
يمكن القول بمساءلته عن انتهاك حرمة الحياة الخاصة ،البد من تحديد ماهية هذه األخيرة .
بالرجوع إلى الدستور المغربي أو القانون الجنائي أو حتى قانون الصحافة الذي جرم
االعتداء على الحياة الخاصة عن طريق القذف بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 46منه ال
نجد أي تعريف للحياة الخاصة .
إال أنه بالرجوع إلى مقتضيات متفرقة من هذه القوانين الوضعية وبالخصوص الفصل
303من ق م ج والفصل ( 51مكرر ) من ق ص وأيضا الفصل 55منه الذي ينص على
أنه … ” :يمنع نشر بيان … عن المرافعات المتعلقة بدعوى إثبات األبوة والطالق وفصل
الزوجين …” يمكن أن نستنتج أن المس بالحياة الخاصة يشمل نشر ادعاءات أو وقائع أو
صور تمس بخصوصيات األفراد كحالة تصوير شخص دون موافقة منه في حالة اعتقال أو
يحمل أصفادا أو قيودا ،كما يشمل أيضا نشر المرافقات المتعلقة بدعاوى إثبات األبوة
والطالق وفصل الزوجين ،فهذه كلها أمور تدخل في نطاق الحياة الخاصة لألفراد .
ومن جهتنا يمكن القول أنه يدخل في نطاق الحياة الخاصة لإلنسان حقه في الخلوة أو
في الذود عن فرديته ،وبمعنى أخر حقه في أن يعيش كما يريد مع ذاته دون أن ترصده
األعين أو تلوقه األلسن ،أو تتلصص عليه األذن.
وبناء عليه – وهو ما يقتديه المنطق – ال يجوز للصحفي أو غيره أن يتعرض للحياة
الخاصة للمواطنين عن طريق استراق السمع أو التسجيل أو النقل عبر جهاز من األجهزة
أيا كان نوعه لمحادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق الهاتف أو التقاط أو نقل
صورة شخص في مكان خاص بجهاز من األجهزة أيا كان نوعه ،وإال تعرض للمساءلة
الجنائية .
42
43
ونشير في األخير إلى أن بالنظر لخطورة هذه الجريمة كونها تتعلق بحياة الفرد
الشخصية فقد جعلها المشرع من بين االستثناءات التي ترد على المبدأ العام المتعلق بجواز
إثبات صحة ما يتضمنه القذف .
وللتذكير فلقيام الجرائم المتعلقة بالمصلحة الخاصة بما في ذلك القذف والسب والمس
بالحياة الخاصة ،اشترط المشرع تحديد األشخاص والجهات المعنية بها.
إن مفهوم األشخاص هنا ليس قاصرا على األشخاص الطبيعية فحسب وإنما يشمل
كذلك األشخاص المعنوية ،ولهذا التمييز أهمية كبرى من حيث أن مبلغ الغرامات يختلف
حسب ما إذا كانت الجريمة تستهدف الهيئات العمومية الواردة بالفصل 45من ق ص أو
األشخاص الذاتيين الواردين بالفصلين 46و 47من نفس القانون.
تجب اإلشارة أوال إلى أن األمر بالنسبة لألشخاص االعتبارية يتطلب نوعا من
التوضيح حيث يجب التمييز بين األشخاص المعنوية ذات الشخصية القانونية والهيئات
والجماعات العديمة الشخصية القانونية.
فبالنسبة األولى فإن األمر يختلف حسب ما إذا كان الشخص المعنوي من أشخاص
القانون العام أم من أشخاص القانون الخاص ،كالشركات التجارية أو الجمعيات … إلخ .
ذلك أنه إذا كان األمر يتعلق باألشخاص االعتبارية العامة فإن الحماية القانونية المنصوص
عليها بالفصل 45من القانون السابق الذكر ال تشمل إال المجالس القضائية والمحاكم
43
44
والجيوش البرية والبحرية والجوية والهيئات المؤسسة واإلدارات العمومية ،أما إذا تعلق
األمر باألشخاص االعتبارية الخاصة فإن الحماية القانونية التي تتمتع بها هي تلك المقررة
للخواص في الفصل 47من القانون نفسه.
هذا فيما يخص األشخاص المعنوية ذات الشخصية القانونية ،أما بالنسبة للهيئات
والجماعات التي تنعدم فيها الشخصية القانونية فإنه يجب األخذ في الحسبان عدد األشخاص
الدين تتكون منهم الهيئة أو المجموعة ،فإن كان العدد قليال بشكل يجعل كل واحد منهم
يحس وكأنه معينا تعيينا شخصيا ،فبإمكانهم هنا متابعة المتهم جماعيا ،أما إذا كان العدد
كبيرا فإنه يصعب في الغالب األعم إدراك ما إذا كان كل عضو من األعضاء معين تعيينا
شخصيا ،وعليه ال يكون أمام هذه الحالة محل للمتابعة بسبب انتفاء التعيين .
وبصرف النظر عن هذا أو ذاك فالمالحظ هنا أن الحماية موجهة أساسا لسلطة الدولة
وهيبتها ،والالئحة فيها كما يبدو حصرية وهي حسب الفصل 45المشار إليه سابقا تشمل :
” المجالس القضائية والمحاكم والجيوش البرية أو البحرية أو الجوية والهيئات المؤسسة
واإلدارات العمومية بالمغرب ”.
يتعلق األمر هنا بجميع المحاكم التي أسستها الدولة ،سواء كانت عادية أو استثنائية ،
ومهما كان اختصاصها ،وال يدخل مساعدو القضاء ضمن هذه الفئة كالمحاميين مثال .
وإذا قام الفاعل بالمساس بالقضاة شخصيا ،فإنه يحق لكل واحد منهم متابعة هذا
الفاعل بصورة فردية بصفته فردا ضحية قذف أو سب مثال ونستحضر هنا المحاكمة ( اال
مشروعة ) التي تعرض لها الصحفي ” عبد القادر الحمير ” ومدير جريدة االتحاد
االشتراكي سنة ،1989وسنختصر وقائعها بعد التعرض لهيئة الجيش.
-2الجيش
44
45
إن المقصود بالجيش هنا مجموعه أو فرقة من فرقه ،أيا كان نوعها سواء برية أو
بحرية أو جوية ،فنشر أو إذاعة أخبار كاذبة في حقه ونسبتها إليه أو أية جريمة أخرى
يؤدي إلى المتابعة الجنائية ،وهكذا فقد توبع السيد “ أحمد بلعيشي ” عضو ” المنظمة
المغربية لحقوق اإلنسان ” عند انتقاده في برنامج تلفزيوني للقناة الثانية(M) 2لدور الجيش
في مكافحة الهجرة السرية بتهمة القذف في حق هيئة مؤسسة طبقا للمواد 263و 265من
ق ج ،ونشر وإذاعة أخبار كاذبة في حق القوات المسلحة الملكية ” طبقا للمواد 42و45
من ق ص .
والمثير للجدل هنا هو أن النيابة العامة استندت إلى حالة التلبس لوضع المتهم تحت
الحراسة النظرية طبقا للمادة 76من قانون المسطرة الجنائية ،مع العلم أن هذه األخيرة
نصت على عدم تطبيق هذا المقتضي في حالة الجنح الخاصة بالصحافة ،باستثناء حالة
المس بكرامة جاللة الملك وأصحاب السمو الملكي األمراء واألميرات.
ومما يزيد الطين بلة هو أنه على إثر صدور مقال ممضي من طرف الصحفي ” عبد
القادر الحمير ” تحت عنوان ” محاكم الواليات عاجزة عن مسايرة القضايا المعروضة
عليها ” بجريدة االتحاد االشتراكي عدد 2208بتاريخ ، 1989/8/22توبع الظنين بصفته
مشاركا ،ومدير الجريدة المذكورة السيد” محمد البر يني ” متهما رئيسيا طبقا للفصلين 45
و 67من ق ص ،وعلى إثر ذلك قررت المحكمة االبتدائية بعين السبع الحي المحمدي
بالبيضاء إدانة الظنينين من أجل جنحة القذف في المجالس القضائية والمحاكم بالدار
البيضاء
يدخل في عداد هذه الهيئات تلك التي لها قدر من السلطة العمومية كالبرلمان والمجلس
الدستوري ،والمجلس األعلى للقضاء ،والمجالس الجهوية ،ومجالس العماالت واألقاليم
والمجالس البلدية والقروية ،والجامعات والكليات وغرف التجارة والصناعة والفالحة .
45
46
وال يدخل ضمن هذه الهيئات نقابات المحامين أو األطباء أو المهندسين مثال .
وهي التي يكون لها أيضا قدر من السلطة العمومية مثل مختلف الوزارات والبلديات
والمؤسسات العمومية كالمكتب الوطني للشاي والسكر والمكتب الوطني الشريف
للفوسفاط…إلخ ،وبمفهوم المخالفة فيعني هذا أن وصف اإلدارات العمومية ال يسري على
أجهزة ليست لها امتيازات السلطة العمومية ،ولو كانت تخدم الصالح العام كبنك المغرب،
صناديق االدخار ،و صناديق الضمان االجتماعي .
باإلضافة إلى هؤالء األشخاص فهناك أشخاص أخرى طبيعية قد تشملهم الجرائم
الماسة بالمصلحة الخاصة لذلك أضفى عليهم المشرع حماية خاصة.
تشمل الجنح الماسة باألشخاص باإلضافة إلى ما سبق ذكره أولئك الدين لهم صفة
معينة أو مكلفون بمهمة أو مصلحة عمومية ( الفصل 46من ق .ص) واألشخاص العاديون
( الفصل 47منه ) وكذا رؤساء الدول والحكومات والممثلين الديبلوماسيين األجانب .
وهم حسب الفصل … ″46وزير أو عدة وزراء من أجل مهامهم أو صفاتهم أو نحو
موظف أو أحد رجال أو أعوان السلطة العمومية أو كل شخص مكلف بمصلحة أو مهمة
عمومية مؤقتة كانت أم مستمرة أو مساعد قضائي أو شاهد من جراء تأدية شهادته “.
إن هذا الفصل يثير مجموعة من المالحظات أو لها أن مقتضياته ال تهدف حماية
األشخاص المذكورة بقدر ما تتوخى حماية مناصبهم وممارستهم لوظائفهم .فالعبارات
الموجهة ضد األشخاص المشار إليهم في هذه المادة ال تقع تحت طائلة هذا البند ،إال إذا
ذكرهم الفاعل بصفاتهم الرسمية أو إذا كانت تلك العبارات تمسهم في صفتهم العمومية ال
46
47
الشخصية .وبعبارة أخرى ال يعتبر الفعل ( العمل الجرمي ) موجها ضد هؤالء األشخاص
إال حين تشمل العبارات – الجرمية – األعمال الملتصقة بالوظيفة التي يمارسونها أو الصفة
التي يتحلون بها.
أما المالحظة الثانية التي يمكن إثارتها على هذا الفصل هو أنه يتضمن شخصيات
سياسية ،وهم الوزراء إال أنه لم يشر إلى كتاب الدولة ،كما يؤخذ عليه أن الحماية فيه
تشمل الموظف العمومي ورجال السلطة ومأموريها المغاربة ،إال أنها لم تشمل الموظفين
األجانب الملحقين بمرفق عمومي مغربي ،أما فيما يخص الموظف العمومي المغربي الذي
التحق بحكومة أجنبية أو منظمة دولية ،فإنه يصبح في منظور ظهير 15نوفمبر ،1958
مجرد شخص عادي ،في حين أن هذه الحماية تمتد إلى أشخاص مكلفين بمصلحة أو مهمة
عمومية فقط ،مؤقتة كانت أم مستمرة ،بالرغم من كونهم ليسوا موظفين عموميين ،فقط
أنهم يتميعون بقدر من السلطة العمومية كالبيطري المكلف بتفتيش المسالخ.
وبالنسبة لألشخاص المكلفون بمهمة عمومية فهم على خالف سابقيهم أولئك الذين ال
يتمتعون بأي قدر من السلطة العمومية مثل المستشارين الجهويين والجماعيين ،وأعضاء
مكتب التصويت .
سعيا في الحفاظ على أواصر الصداقة والتعاون وحرصا على حماية العالقات الودية
بين الدول وتفاديا لتوتر العالقات معها تنص معظم التشريعات على ردع المساس برؤساء
الدول والحكومات والممثلين الديبلوماسيين األجانب ،ومن بينها التشريع المغربي الذي
حذي هو اآلخر هذا الجانب في قانون الصحافة وخص له فصلين حيث تناول في الفصل
52منه جنح المساس بكرامة رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الشؤون الخارجية
للدول األجنبية ،في حين تعرض في الفصل 53من نفس القانون للمساس بكرامة الممثلين
الديبلوماسيين والقنصليين األجانب المعتمدين في المغرب من طرف جاللة الملك بصفة
رسمية.
47
48
-3األفراد العاديين:
وهم أولئك الذين ال يحملون صفة معينة وغير المكلفين بمهمة أو مصلحة عمومية،
وبعبارة أخرى هم غير الموظفين العموميين أو األشخاص المنتدبين .ويدخل في نطاقهم
التجار والفالحين والعاطلين عن العمل والفنانين … إلخ فهؤالء قد أضفى عليهم المشرع
حماية ،وذلك من خالل تجريمه كل ما قد يمس بشرفهم أو كرامتهم أو سمعتهم داخل
المجتمع من سب وقذف ومس بخصوصياتهم الشخصية.
لعل أهم ما نختم به هذا المبحث هو اإلشارة إلى أحد الحقوق األساسية التي كفلها ظهير
15نوفمبر 1958لكل متضرر من أحد األعمال المعتبرة سبا أو قذفا أو ما شبه ذلك ،ويتعلق
األمر بحق االستدراك والجواب ،والذي يتوخى منه تصحيح الصورة السلبية التي قد ترسمها
الصحافة للرأي العام على شخص معين متى كان ذلك مخالفا للحقيقة
48
49
من المبادئ االساسية المعمول بها في القانون الجنائي ان المسؤولية الجنائية شخصية
،بمعني انه ال يسأل جنائيا اال الشخص الذي ارتكب الجريمة او مساهمة في ارتكابها ،اي
الشخص الذي توافرت فيه صفة الفاعل او المساهم او المشارك ،على هذا االساس
فالعقوبة هي كذلك شخصي ة ال توقع اال على مرتكب الجريمة .هل ينطبق نفس هذا المبدأ
على الجرائم المرتكبة عن الطريق الصحافة وغيرها من طرق النشر ،ام ان الطبيعة العمل
الصحفي الذي يتطلب كثرة عدد المتدخلين فيه (مدير تحرير ،ناشر ،مؤلف ،بائع ،موزع
)...وكذا اخد العمل الصحفي بمجموعة من النظام تالئم وظيفة الصحافة ،تحول دون
امكان تطبيق القواعد العامة للمسؤولية الجنائية على هذه الجرائم .
ان صدق هذا الطرح االخير ،فما هي اهم الحلول التي قيل بها من اجل تجاوز قصور
المبادئ العامة للمسؤولية الجنائية ،واهم المبررات التي كانت السند في عدم االخذ بهده
المبادئ في الميدان الصحفي ،واي الحلول عمل المشرع المغربي على تبنيها من خالل
فصول قانون الصحافة .هذا بالتأكيد ما سأحاول تناوله بالدراسة والتحليل من خالل هذا الفصل
الذي اقوم الى تفريعه الى مبحثين ،االول يتضمن اساس المسؤولية الجنائية في جرائم صحافة
،ال ثاني يتناول نظام المسؤولية الجنائية في قانون الصحافة المغربي
13
21513طارق سرور :دروس في الجرائم النشر ،دار النهضة العربية ،القاهرة ، 2000 ،الطبعة الثالثة ،من 50الى . 56
49
50
لقد تناولت كل التشريعات الجنائية فكرة المسؤولية ،وعملت على تبيان كل مضامينها
واركانها وكذا تحديد أساسها ،عمال بضرورة تحديد من يكون مسؤوال عن األفعال المرتكبة
مخالفة القانون ،وكذا من يكون على غير ذلك .
ان تحديد المسؤولية الجائية في جرائم الصحافة امر ال يخلو من صعوبة ،نظرا لصعوبة
تطبيق القواعد العامة للمسؤولية الجنائية على هذا النوع من الجرائن بسبب خصوصيتها وكذا
طبيعة العمل الصحفي ،مما يجعل امر تحديد المسؤولية مستحيال في جل الحاالت .طبقا لقواعد
هذه المسؤولية .
امام هذا الوضع عمل مجموعة من الفقهاء على البحث عن الحلول التي يمكن من خاللها
تجاوز الصعوبات التي تحول دون إقرار هذه المسؤولية بالنسبة لهذا النوع من الجرائم ،من
خالل طرح النظ ريات التي تعطي حلوال واقتراحات تساعد على تحديد المسؤول جنائيا .
ولتحديد أساس هذه المسؤولية في جرائم الصحافة فقد ارتأيت قبل التطرق الى هذا
األساس .ال باس ان اشير الى القواعد العامة للمسؤولية الجنائية ،مع تناول كل المبررات
التي قيلت في هذا الشأن ،وذلك من اجل تحديد أسباب عدم تطبيق القواعد العامة للمسؤولية
على الجريمة الصحفية .بعد هذه التوطئة الالزمة والضرورية ،اصل الى االتجاهات او
النظريات التي تناولت تحديد أساس المسؤولية الجزائية في جرائم الصحافة ،
50
51
مصداقا لما سبق سأحاول تناول هذا المبحث من خالل مطلبين( :األول) سأخصصه
لقواعد العامة للمسؤولية الجنائية ،و(الثاني) سأضمنه أساس المسؤولية الجنائية في جرائم
14
الصحافة
206 14عمر سالم، :نحو قانون جنائي الصحافة ،مرجع سابق 133:
207شريف سيد كامل :جرائم الصحافة في القانون المصري ،ص47:
51
52
اعتبارا ألهمية هذه القواعد ،سأحاول من خالل هذا المطلب اجالء أهمها من اجل
توضيح أساس هذه المسؤولية ،مع إشارة الى اهم المبررات التي حالت دون تطبقها على
جرائم الصحافة .
ستتمحور الدراسة في هذه الفقرة على تحديد مفهوم المسؤولية الجنائية وكذا تحديد
أركانه ا ،مع إشارة الى اهم مبادئها المتمثلة في الشخصية المسؤولية وبالتالي شخصية العقوبة
،وما مدى اخذ بمبدأ المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي خصوصا وان القانون الجنائي وجد
للوهلة األولى لضبط اشخاص الطبيعيين.
سأحاول من خالل هذه النقطة تحديد مفهوم المسؤولية الجنائية ،مع البحث عن أركانها
حتي تتضح الفكرة اكثر عن مفهوم المسؤولية الجنائية
ستتضمن هذه النقطة أساس المسؤولية الجنائية ،وذلك من خالل االطالع على أساسها
لدى المدارس العقابية التي تعتبر اللبنة األ ولى لتحديد أساس المسؤولية الجنائية ،ثم بعد ذلك
محاولة تحديد مفهومها
ب لم تتبلور فكرة المسؤولية الجنائية بمفهوم الحالي اال بعد مرور وقت طويل حيث
اختلفت األسس التي قامت عليها من مدرسة ألخرى ،لقد كان أساس هذه المسؤولية عند
15
المجتمعات القديمة يتحدد في الضرر الذي يقابله عقاب على شكل انتقام من الجاني فلم
20815للمزيد من التوضيح انظر محمد ملياني :دروس في قانون الجنائي العام ،دار النشر قصور وجدة 1998الطبعة الثانية ،من ص
95 :الى 122
52
53
يكن يؤخذ بقصد هذا األخير ،هل تعمد ذلك ام لم يقصد فعل ذلك مما يعني ان المسؤولية
في هذه الفترة كانت الية بمجرد حدوث الضرر يؤاخذ المسؤول عنه مباشرة
اما لدى المدرسة التقليدية فكان أساسها هو الخطأ ،فاإلنسان يملك إرادة حرة وبالتالي
يستطيع الخيار بين ما هو مبا ح ومحظور قانونا ،اما أساسها عند المدرسة الوضعية فهو
الحتمية أي ان الشخص ال اختيار له في إتيان الفعل المحظور من عدمه ،وانما هو منساق
الى ارتكاب نتيجة مجموعة من العوامل ،خارجية كانت او داخلية ،اجبرته على مخالفة
القانون
بقي اتجاه أخير اخد مزايا المدارس الت ي سبقته في تحديد هذا األساس ،وطرح الرزايا
التي كانت هدفا لسهام النقد ،وقد مثل هذا االتجاه االتحاد الدولي لقانون العقوبات الذي اعبر
أساس المسؤولية الجنائية هو الخطأ والخطر ،واقر انسجاما مع ذلك جملة مبادئ نعتبر
االطار العام ومنهاج عمل هذا االتجاه ،فأبقى على العقوبة نظرا لهدفها في تحقيق الردع العام
والخاص ،واخد بالتدابير الوقائية .
على نهج هذا االتجاه األخير سارت مجموعة من التشريعات ،فالمشرع المغربي من
خالل فصول القانون الجنائي يظهر بجالء مدى اخده بم بادئ االتحاد الدولي للقانون الجنائي
،ونفس الكالم ينطبق على تشريع كل من فرنسا ومصر ،وذلك بتبنيهما للتدابير الوقائية بجانب
العقوبة .
2ـ مفهومها
بعيدا عن النقاشات الفقهية التي عملت على ارسال مبادئ المسؤولية الجنائية ،يمكن
القول ان هذه النقاشات انتهت الى إقرار األخذ بفكرة مسؤولية االنسان األدبية عن افعاله ،
209محمد حماد الهيتي :الخطأ المفترض في المسؤولية الجنائية دار لثقافة و النشر والتوزيع عمان 2005الطبعة األولى ص 11
53
54
ومناط هذه المسؤولية هو حرية اختياره وادراكه لألفعال التي يقوم بها ،بتمييزه بين ما
16
ومشروع وبين ما هو غير مشروع قانونا .
210 16عبدالسالم بنحدو :الوجيز في القانون الجنائي المغربي ،المطبعة والورقة الوطنية ،مراكش 2000طبعة رابعة ،ص 63و 69
و70
211عبدالسالم بنحدو :نفس المراجع السابق ،ص 76و . 77ص 261
54
55
هذا ما يجعل ان كل شخص سليم العقل وقا در على التمييز يكون مسؤوال شخصيا
عن افعاله ( الفصل 132من ق ج ) وبمفهوم المخالفة فان كل شخص ال يتمتع بحرية
اإلرادة وال يستطيع االدراك ،ال يمكن ان يكون موضع مساءلة جنائية .
فالمسؤولية الجنائية اذن تترتب عن عمل او امتناع جرمه المشرع الجنائي وعاقب عليه
في نص من نصوصه ،مما يعني ان جوهر المسؤولية الجنائية هو تأثيم إرادة الفاعل
الذي اختار عن طواعية ارتكاب الفعل او السلوك المخالف للقانون ،واحدث بفعله هذا
اضطربا داخل النظام االجتماعي ،ويستحق وفق ذلك جزاء لردعه ومنع افراد المجتمع من
إتيان نفس الفعل مستقبال .
وتجدر اإلشارة الى ان تحديد نوع المسؤولية يختلف حسب المجال او النطاق الذي وقع
االخ الل بقواعده ،فاذا وقع االخالل بقواعد القانون المدني سميت مسؤولية مدنية ،واذا كان
المجال مجاال اداريا سميت مسؤولية ادارية ،وهكذا دواليك .
فمفهوم المسؤولية الجنائية اذن يمكن تحديده بكونها مؤاخذة الشخص ال تيانه احد األفعال
المجرمة في القانون الجنائي ،وتنتج عن ثبوت المسؤولية في حقه إمكانية عقابه بعقوبة جنائية
قد تطال حياته (اإلعدام) او حريته (السجن والحبس ) او ماله (الغرامة ).
ال يكفي إلقرار مسؤولية الشخص الجنائية ان تأتي احد األفعال المحظورة او يمتنع عن
احد األفعال التي امره القانون بإتيانها ،بل البد من توافر اركان بوجود هذه األخيرة من
عدمها تتقرر المسؤولية الجنائية ل مرتكب الفعل الذي تسبب في اضطراب وزعزعة الكيان
17
االجتماعي .
17عبد الواحد العلمي :شرح القانون الجنائي المغربي القسم العام مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2002ص 392و393
214عبد الواحد العلمي :نفس المرجع السابق ص 394
215محمد حماد الهيتي :نفس المرجع السابق ص 18
55
56
56
57
فمن مجمل فصول القانون الجنائي المغربي (الفصول من 132الى 140وكذا الفصل
) 124يتضح ان األركان تتمحور حول ركنين أساسيين هما :االدراك واإلرادة فما المقصود
بهما :
1ـ االدراك :حسب األستاذ محمد حماد الهيتي هو يعني االدراك والذي يصطلح عليه بالتمييز
قدرة االنسان على فهم ماهية افعاله وتقدير نتائجها من حيث خطورتها على المصالح
االجتماعية باحتمال اصابتها بضرر ،وهذه القدرة على الفهم تنصرف الى الفعل من حيث
عناصره وخصائصه وكل ما يتعلق بكيانه واثاره من حيث ما تنطوي عليه من خطورة ،وما
تندر به من اعتداء على المصلحة المحمية او الحق الذي يحميه القانون .
فالفهم الذي قصده األستاذ من خالل هذا التعريف ،وبصيغة مبسطة هو إمكانية تمييز
الشخص بين المشروع وغير المشروع قانونا ،دون ان يتعدى ذلك الى فهم التكييف القانوني
الصحيح للفعل المقبل على ارتكابه .
وتجدر اإلشارة الى ان هذا الركن االدراك قد أشار اليه المشرع الجنائي في الفصول من 132
الى 140من ق ج ،حيث تناول الحاالت التي ال يتوفر فيها االدراك (الجنون ،القصور الجاني
،السكر غير االختياري ) فتنعدم المسؤولية الجنائية او تنقص حسب األحوال دون ان يؤثر
ذلك على امكان سقوط المسؤولية المدنية التي يتحملها المتهم نفسه او المسؤول عن الحقوق
المدنية .
2ـ اإلرادة :يقصد بها حرية االختيار ،أي قدرة االنسان على اختياره ما بين األفعال
المحظورة والمباحة ،وبالتالي إمكانية اتيانه للفعل المباح وعزوفه عن الفعل المخالف للنظم
القانونية ،وكل مساس بهذه االمكانية فهي تعدم االختيار وعلى أساسه تنعدم اإلرادة ،فيكون
الشخص بمنأى عن المسؤولية الجنائية .
تناول المشرع حاالت انعدام اإلرادة في الفصل 124من ق ج( وهي تنفيذ امر القانون ،
الدفاع الشرعي ،حالة الضرورة والقوة القاهرة ) وقد صنفها المشرع ضمن أسباب التبرير
57
58
،فالمشرع بمقتضاها اخرج األفعال االجرامية المرتكبة من دائرة التجريم الى دائرة االباحة ،
فتنعدم على هدا األساس المسؤوليات الجنائية والمدنية معا عكس ذلك في حالة انعدام االدراك
حيث تنتفي المسؤولية الجنائية دون المسؤولية المدنية التي تبقى قائمة .
استقرت هذه المبادئ بعد مرور مدة ليست بالقصيرة الى االخذ بشخصية المسؤولية الجنائية
،مما يعني انه فيما مضى كانت هده المسؤولية شاملة ،وبجانب هذا استقرت التشريعات على
إقرار المسؤولية الجنائية لألشخاص الطبيعيين والمعنويين ،وظل النقاش دائرا حول مدى
إمكانية إقرار المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي لدى بعض التشريعات األخرى ،خصوصا
وان الشخص المعنوي مجرد فكرة .
بعد مرور وقت ليس بالقصير اقتنعت التشريعات بضرورة االخذ بمبدأ شخصية المسؤولية
الجنائية ،وبالتالي ال يؤاخذ اال الشخص الذي ارتكب الفعل االجرامي ،ويستحق العقاب على
أساسه ،اذ المسؤولية الجنائية فيما مضى (قبل ظهور كتاب بيكاريا في الجرائم والعقوبات
سنة ) 1674كانت تشمل اهل الجاني .وكانت العقوبة الجنائية تطالهم جميعا بل األكثر من
ذلك كانت تمس في بعض الحاالت جميع افراد القبيلة او العشيرة التي ينتمي اليها الجاني .
فالتشريعات بعد إقرارها بضرورة االخذ بمبدأ شخصية المسؤولية قامت بتجسيد ذلك في
نصوص قانونها الجنائي ،المشرع المغربي مثال من خالل الفصل 132من ق ج نص على
ان " كل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤوال شخصيا عن الجرائم التي يرتكبها
" فالسارق هو الوحيد الذي يكون مسؤوال عن الجريمة التي ارتكبها دون إمكانية مساءلة
اشخاص اخرين كزوجة الجاني او احد افراد عائلة ...ما لم يكن مشاركا في الفعل االجرامي
58
59
،وبالتالي فال مشارك في الجريمة يتابع على هذا األساس ويكون مسؤوال جنائيا بغض النظر
18
عن عالقة بالمتهم .
المبدأ العام اذن هو ان المسؤولية الجنائية مسؤولية شخصية ،لكن المشرع المغربي كما
مجموعة من التشريعات المقارنة أورد استثناء في الفقرة األخيرة من الفصل 132حيث نصت
على انه " :وال يستثنى من المبدأ اال الحاالت ينص فيها القانون صراحة على خالف ذلك "
فبمقتضى هد ه الفقرة اقر المشرع نوعا من المسؤولية الجنائية عن فعل الغير ،وذلك في
حاالت ورود نص بهذا الشأن ،وبالفعل فالمشرع في مجموعة من القوانين الخاصة اقر هذه
المسؤولية ( قانون الصحافة ،الظهير المتعلق بالمحافظة على الغابة ) ...لن اتناول هذه
الحاالت بتفصيل وانما ساترك الحديث عن هذه المسؤولية الواردة في القانون الصحافة
بتفصيل الى حين الوصول الى المبحث الثاني من هذا الفصل .
المشرع المغربي لم يكن صريحا في رفض او تبني المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ،
ويتضح من خالل مجموعة من ا لفصول رفضه لهذه المسؤولية ،فالفصل األول من القانون
الجنائي ينص على انه " يحدد التشريع الجنائي أفعال االنسان التي يعدها جرائم بسبب ما تحدثه
من اضطراب اجتماعي يوجب زجر مرتكبيها بعقوبات او بتدبير وقائية ".
في نفس االتجاه سار على نهجه الفصل 132من ق ج الذي نص على انه كل شخص سليم
العقل قادر على التمييز يكون مسؤوال شخصيا عن الجرائم التي يرتكبها وكذا الفصل 126
من نفس القانون نص على انه تطبيق العقوبات والتدابير الوقائية المقررة في هده المجموعة
على األشخاص الذاتيين .
من مجمل هذه الفصول يتضح ان المشرع لم يأخذ بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنويين
بل اقتصر على مسؤولية األشخاص الطبيعيين مما يعني عدم إمكانية متابعتهم ،لكن المشرع
59
60
19
عاد في الفصل 127ونص على انه ال يمكن ان يحكم على األشخاص المعنوية اال بالعقوبات
المالية والعقوبات اإلضافية الواردة في األرقام 5و6و 7من الفصل 37ويجوز أيضا ان يحكم
20
عليها بالتدبير الوقاية العينية الواردة في الفصل 62
وبالتالي فالمشرع المغربي لم يستقر على راي واحد وظل مذبذبا بين هذا الراي وذلك ،
خصوصا وانه في القانون الجنائي نفسه ،وفي بعض القوانين الخاصة كذلك لم يجزم بإقرار
مسؤولية األشخاص المعنوية وانما القى المسؤولية على األشخاص الطبيعيين ،امام هذا
الوضع ،فالمشرع الم غربي مطالب بالسير على نهج بعض التشريعات المقارنة ،على سبيل
المثال تضمنت الفقرة الثانية من الفصل 121من القانون الجنائي الفرنسي
هذه هي إذن نظرة شاملة حول فكرة المسؤولية الجنائية ،بقى أن أشير إلى أن معظم الفقه
القانوني يقول بكون القواعد العامة المسؤولية الجنائية ال تنطبق بحذافيرها على المسؤولين
جنائيا في بعض المجاالت من بينها الجرائم المرتبة مخالفة لظهير 15نونبر 1958المتعلق
بقانون الصحافة ،مستندين على مجموعة من المبررات لدعم رأيهم.
ال يمكن مساءلة الجاني في جرائم الصحافة في حال االعتماد على القواعد العامة للمسؤولية
الجنائية ،فعلى هذا األساس قدم فقهاء القانون مجموعة من المبررات تعتبر األسانيد التي
قيل بها من أجل تبرير خضوع المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة لتنظيم خاص يتالءم
وطبيعة العمل الصحفي ونظامه
19 19للمزيد من التوضيح انظر محمود سليمان موسى :المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في القانونين الليبي واالجنبي الدار
الجماهيرية للنشر والتوزيع واالعالن 1980الطبعة األولى
Didier BOCCON GIBOD : <La responsabilité pénale des personnes morales > Editions Alexandre Lacassagne.
يوسف وهابي :المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية الحاجة الى التقنين مجلة القضاء والقانون العدد 150السنة الثانية والثالثون 20
ص 113
220حسن سعد سند مرجع سابق ص99
60
61
اهم ما يميز العمل الصحفي هو خضوعه لنظام االسمية في الكتابة باإلضافة إلى نظام سرية
التحرير ،مما يجعل تحديد المسؤول جنائيا عن الجرائم المرتكبة إخالال بقانون الصحافة
أمرا صعبا إن لم يكن مستحيال.
يعتبر هذا النظام من بين الصعوبات التي تعتبر مبررا للخروج عن القواعد العامة
للمسؤولية الجنائية ،فنظام الالاسمية في الكتابة يقصد به أن ينشر المقال أو يظهر في
الصحيفة من غير ذكر أو إشارة يستفا د من خاللها من هو صاحب المقال أو الخبر ،سواء،
بعدم توقيع المقال بصفة مطلقة أو توقيعه باسم مستعار.
فلجوء بعض الصحف والجرائد لهذا األسلوب أحيانا يطرح في الغالب عدة مشاكل مرتبطة
أساسا بصعوبة تحديد من هو المسؤول عن المقال من جهة ،وبالتالي تحديد المسؤول جنائيا
في حال اإلخالل بقانون الصحافة من جهة أخرى ،فنظام الالاسمية إذن يعتبر عقبة في
طريق السلطة القضائية تمنعها من القيام بمهامها وهي متابعة المخالف بسبب غياب تعيين
واضح للمسؤول الحقيقي ،وبالتالي عدم إمكانية معرفة المسؤول عن الكتابة.
لقد أثير النقاش فيما يتعلق بنظام الالاسمية في الكتابة بين مؤيد لألخذ به ومعارض لذلك،
االتجاه المنكر لهذا النظام اعتمد في دعم رأيه على أنه من حق القانون معرفة الكاتب
الحقيقي ليحدد مسؤوليته إن أساء استعمال حقه في الكتابة وحرية التعبير عن رأيه ،طالما
أن المشرع نفسه هو من منح هذا الحق للكاتب ،وقد شبه هذا النظام كمن يخطب في جمع
من الناس ويضع قناعا على وجهه ،باإلضافة إلى كون هذا النظام قد يخفى على القارئ
61
62
حقيقة هذا الكاتب وما يحمله من مساوئ أو عدم أهليته لما يكتب ،وبالتالي فإنه يفوت على
21
القارئ فرصة تقييمه ونقده
21مازن الحنبلي :الوسيط في جرائم النشر والصحف وافشاء االسرار المتعلقة باألفراد وسالمة الدولة والذم والقدح والتحقير والتحريض
والتعرض لآلداب العامة في قانون العقوبات العام والعقوبات واصول المحاكمات العسكرية المكتبة القانونية دمشق 2004الطبعة االولى ص 42
62
63
في مقابل ذلك ،نجد اتجاه يؤيد األخذ بهذا النظام ويمنح بالتالي للكتاب حرية مطلقة بين إيراد
أسمائهم قرين كتاباتهم ،أو عدم االلتزام بذلك شريطة إعالم مدير النشر باألسماء الحقيقة،
22وما ينتج عن هذا النظام من تحقيق رغبة الكتاب في إخفاء حقيقتهم في بعض مقاالتهم،
وق د سارت معظم التشريعات في اتجاه األخذ بنظام الالاسمية في الكتابة.
المشرع المغربي تبنى هذا النظام ويتضح ذلك من خالل الفصل 17من ق .ص الذي ينص
في فقرته األولى على أنه يجب على الكتاب الذين يستعملون اسما مستعارا أن يبينوا كتابة
إلى مدير النشر أسماءهم الحقيقة وذلك قبل نشر مقاالتهم.
فمن خالل هذه الفقرة ،نجد أن المشروع فعال قد أخذ بنظام الالاسمية مادام سمع لكتاب المقاالت
بنشر مقاالتهم باسم مستعار أو غير موقع أصال ،كما أشارت إلى ذلك الفقرة الثانية من نفس
الفصل شريطة إعطاء االسم الحقيقي قبل النشر لمدير النشر ،حيث يصبح هذا األخير غير
مقيد بالسر المهني اذا ما طلب منه وكيل الملك اطالعه على الهوية الحقيقية لصاحب المقال
واال فانه يتابع عوضا عن صاحب المقال
نجد المشرع المصري قد سار على نهج نظيره المغربي اذ ال يلزم كاتب المقال توقيع مقالة
،كما ال يلزم مدير النشر باإلفصاح عن شخصية كاتب المقال ،نفس االمر تبناه المشرع
الفرنسي.
ان لهذا النظام صعوبات تنتج عن األخذ به ،ففي حالة نشر مقال باستعمال نظام الالاسمية
في الكتابة ،وكان صاحبه قد ارتكب من خالله احدى الجرائم ،فان معرفة صاحبه امر صعب
،اال اذا افصح عن ذلك مدير النشر اما في حالة امتناعه عن ذلك فانه يتابع عوضا عن الفاعل
الحقيقي مما يعتبر خروجا عن نظام المسؤولية الجنائية التقليدية .
63
64
الصعوبة الثانية تتمثل في مشكلة تحديد األشخاص المسؤولين عن التجاوز في استعمال حرية
الصحافة الناتجة عن األخذ بنظام سرية التحرير ،فالسرية في الميدان الصحافة ال تعني
بطبيعة الحال استئثار الصحفي بالمعلومات من اجل نشرها ،وانما يقصد بها الحق في ان
يحتفظ المؤلفو ن او المشتغلون بالصحافة بسرية مصدرهم ،مبررين هذا األسلوب بما تفرضه
عليهم حرية الصحافة واستقاللها .
فالصحافة تهدف بالدرجة األولى الى اعالم ،وفي سبيل تحقيق ذلك تجمع المعلومات من
مختلف المصادر ولذلك فان الحق في الحصول على االخبار والمعلومات من مصدرها
االصلية حق جوهري بل جزء من حرية الصحافة .
فسرية التحرير اذن تعتبر من ضروريات العمل الصحفي ،وذلك من اجل قيام هذا الخير
بدوره كسلطة رابعة دون المساس بمصادر الخبر او المعلومات ،وبالتالي تبقي في حل من
إمكانية مساءلتها او الجهر بها على غير منها .
في بعض الحاال ت يتوفق امداد الصحافة بالمعلومات على اطمئنان المصدر من إخفاء اسمه
،وبالتالي فان وصول الصحافة الى مصدر الخبر والحصول عليه معرض للتوفق ما لم يتحقق
مصدر الخبر من ان الصحفيين لن يرفعوا النقاب عنهم وانهم سوف يحافظون على سرية
مصادرهم .
لكن في المقابل ،فإمكانية افشاء مصدر الخير او المعلومات في بعض األحوال الزمة االثبات
حسن نية الصحفي وجهله بكذب الواقعة محل المساءلة من اجل اثبات انتقاء القصد الجنائي
في حقه .
23
64
65
فالصحفي في حال مساءلته على احد المقاالت التي اسقى معلوماتها من احد المصادر ،يملك
سلطة تقدير موقفه ،ما بين االقدام على افشاء سرية مصدره ،او مواجهة التهمه الموجهة اليه
بدفاع اخر ،وبين عدم افشاء مصدر المعلومات ،وبالتالي بقاء المسؤولية الجنائية على عاتقه
المشرع المغربي اخذا بهذا النظام ويتضح ذلك من خالل نص الفقرة الثالثة من الفصل األول
من ق ج ص التي تنص على انه ":لمختلف وسائل االعالم الحق في الوصول الى مصادر
الخبر والحصول على المعلومات من مختلف مصادرها ما لم تكن هذه المعلومات سرية
بمقتضي القانون .
كما تضي ف الفقرة األخيرة من نفس الفصل على ان الحق يمارس في اطار مبادئ الدستور ،
واحكام القانون واخالقيات المهنية ،وهو ما يعني ان الصحفي ،وكذا مدير النشر يحق له
إخفاء مصدر الخبر اال في حاالت معينة محددة بالقانون فيمكن مخالفة ذلك ،هذا االمر يمكن
استخالصه من مضمون الفصل 446من القانون الجنائي .
نفس االتجاه سار على نهجه المشرع المصري وذلك من خالل المادة 5من القانون
الصحافة رقم 148لسنة , 1980لكن ما يميز بين هدا التشريع ونظيره المغربي ؛ان األول
كان أكتر وضوحا في تحديد هدا النظام واألخذ به.
فقد نصت هده المادة على أنه :للصحافي الحق في الحصول على األنباء والمعلومات
واإلحصائيات من مصادرها وله حق نشرها ،وال يجوز إجباره على إفشاء معلوماته إال
إدا كان في حدود القانون.
إن األخذ بهذا النظام يجعل مصدر معلوماته التي تشكل جريمة يعاقب عليها القانون ،فيما
يخص الصعوبات المرتبطة بنظام الصحافة ،أما الصعوبات المتعلقة بطبيعة العمل الصحفي
فتتمثل في:
65
66
إن طبيعة العمل الصحفي تعتبر من الصعوبات التي تحول دون تطبيق أحكام المسؤولية
الجنائية بمفهومها التقليدي ،وتتجلى هده الطبيعة أوال في كترة عدد المتدخلين في العمل
الصحفي ،ثانيا في طبيعة نظام الصحفية ،هدا هو الموضوع النقطتين التاليتين :
يتميز نشر الفكر عن طريق المطبوع بتعدد المتدخلين فيه ،فاألصل أن يتعاون عليه ثالثة
أفراد تعاونا أساسيا ،هم المؤلف والناشر والطابع ،وقد ينضم إلى هؤالء أشخاص آخرون
يفسح تدخلهم عن نطاق النشر ويوسع من دائرته ،مثل الموزعين والمعلنين والباعة إن
عملية النشر قد تستلزم العشرات من المساعدين والمعاونين فيه ،خاصة إذا كانت من
الصحف الكبرى.
هدا التعدد في عملية النشر يجعل من الصعب إعمال األحكام العامة في المسؤولية الجنائية،
ومحاسبة كل فرد بقدر مساهمته في الجريمة ،وتحديد ما إذا كان فاعال أو شريكا ،هده القواعد
يعني في الغالب عدم العقاب على الجرائم الصحفية.
في ضوء ما تقدم فان النشر بواسطة الصحافة يتطلب بالضرورة تقسيما للعمل ،وتدخل عدد
غير قليل األشخاص كل حسب مهنته ،بدء بالمادة الفكرية التي يقدمها الصحفي مرورا
بتنظيمها وهو عمل يقوم به اشخاص اخرون ،وطباعة الصحفية التي يتوالها المكلفون
بالطباعة ،وصوال الى نشر الصحفية بواسطة البائعين والموزعين .
24
امام هذا الوضع ،فكثرة المتدخلين فب العمل الصحفي تجعل إمكانية مساءلة كل المتدخلين
في تحقيق الركن المادي للجريمة الصحفية امرا مستبعدا ،خصوصا وان بعض األطراف
يقومون بعملهم بحسن نية .
66
67
المؤسسة الصحفية شانها في ذلك شان اية مؤسسة منظمة ،هي تجمع بقصد تحقيق هدف
معين مؤسس على تنظيم جماعي ،فهي النحو مؤسسة تجمع مختلف الوسائل االقتصادية
والمادية والبشرية الالزمة لتحقيق هدفها .
اذ على خالف ما كان عليه االمر فيما مضى ،حيث كانت الصحف يقوم بتحريرها شخص
واحد ،وهو الوحيد الذي يسال عن كل ما فيها ويستولى على كل ما يكتب فيها ،اما اليوم ،
فقد أصبحت الصحفية مشروعا ضخما ذا طابع تجاري ،اعالمي اقتصادي ،وسياسي أي
وقت واحد ،لها من اإلمكانات ما يعجز عن توفيره شخص او مجموعة اشخاص
بل اكثر من ذلك أصبحت الص حف تتسع رقعتها نظرا لكونها تطبع وتوزع على نطاق واسع
،وتسير من قبل اشخاص كثر مما يعني معه ان مساءلتهم تطرح إشكاالت مرتبطة بقصور
احكام المسؤولية الجنائية التقليدية عن تحديد المسؤول .
بعد عرض مجمل العوارض او المبررات التي تحول دون تطبيق القواعد العامة المسؤولية
الجنائية على الجرائم الصحفية .بقي ان أتساءل حول اهم التفسيرات التي قيلت من اجل
تجاوز هذه المعيقات ،وبالتالي تحديد المسؤول جنائيا عن الجرائم الصحافة .
امام المبررات التي قيل بها من اجل تبرير الخروج عن المبادئ العامة للمسؤولية الجنائية
في تحديد هذه المسؤولية في جرائم الصحافة ،فقد تم التوافق على انها تقع على عاتق المدير
المسؤول عن الصحيفة العالم بكل ما ينشر فيها ،لكن الخالف يبقى مستمرا بين الفقه حول
تحديد اساس المسؤولية الجنائية لرئيس التحرير عن الجرائم التي ترتكب عن طريق
جريدته ،على نهج ما سلف سأقسم هذا المطلب الى فقرتين اخصص االولى ألساس
المسؤولية الجنائية لمدير النشر ،والفقرة الثانية لتحديد المسؤولية الجنائية في جرائم
الصحافة.
67
68
رغم اتفاق الفقه على القاء المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة على عاتق مدير النشر،
اال ان الخالف على اشد حول تحديد اساس هذه المسؤولية ،هل هي مسؤولية مادية ام انها
مسؤولية مفترضة ،فاتجاه تبنى هذا ،واخر تبنى ذلك.
سأحاول من خالل هذه النقطة تحديد اساس نظرية المسؤولية المادة لمدير النشر ،مع اشارة
الى اهم االنتقادات الموجهة اليها
اذا كانت الجريمة بصفة عامة تتطلب بالضرورة توافر الركن المادي والركن المعنوي
،انسجاما مع قاعدة (ال جريمة بدون ركن معنوي) التي تعتبر من المبادئ االساسية والعامة
في القانون الجنائي التي تبنتها اغلب التشريعات ،فأن التحوالت والتطورات التي لحقت جميع
مناحي الحياة االقتصادية واالجتماعية وما صاحبها من ارتفاع
حجم اإلجرام ادت إلى تالشي الركن المعنوي وعدم االعداد به نهائيا في بعض الجرائم
(خصوصا في الجرائم االقتصادية بداية األمر)
فالجريمة وفقا لهذه النظرية تقوم بمجرد ارتكاب الفعل او التصرف المادي ،دون االخذ
بعين االعتبار وجود او انعدام الركن المعنوي ،بالرغم من أهمية هدا االخير في النظرية
العامة للجريمة ،باعتباره سبيل الشارع إلى تحديد المسؤول عن الجريمة.
وعليه فإن المسؤولية الجنائية المادية تقوم بارتكاب الفعل المادي دون االلتفات بصفة
مطلقة إلى ارادة ونفسية المتهم ،وإثبات العالقة النفسية بين الفعل المادي للجانب ونفسية هدا
25
االخير.
237 25عتيقة بوزيد :معضلة الركن المعنوي في جرائم الشركات التجارية رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة الكلية العلوم
القانون واالقتصادية واالجتماعية طنجة جامعة عبدالمالك السعدي 2006 2005ص 24
68
69
في سبيل تدعيم االخذ بهذا النمط من المسؤولية ،تم تقديم مجموعة من الحجج والمبررات
من أجل تحقيق ذلك ،وتعضيد اساس المسؤولية المادية ،وتتمثل هذه االسانيد في االعتبارات
العملية (وتتجلى في صعوبة إثبات الركن المعنوي ،تخفيف العبء عن المحاكم) ،اعتذارات
الفعالية(تحقيق الردع ،االرتقاء بمستوى العناية والحفاظ على الصالح العام ،تفادي الدف ع
الغير الجدية) ،اعتذارات قانونية(إرادة المشروع ،ضالة اآلثار القانونية) ،اعتبارات السياسة
الجنائية(القياس على تطور المسؤولية في القانون المدني).
فاالتجاه القائل يكون المسؤولية الجنائية لمدير النشر في جرائم الصحافة مسؤولية مادية تقوم
على توافر المادية بغض النذر عن وجود او عدم وجود الركن المعنوي بل األكثر من دالك
فهده المسؤولية تتحقق دون أن تأخذ بعين االعتبار توافر خطأ المسؤول (مدير النشر) او عدم
توافره باإلضافة إلى كون الركن المادي لهذه الجرائم ال يشترط حدوثه بفعل إيجابي ،وإنما
بتحقيق فعل سلبي ،ودلك بإمساك الفاعل عن اإلشراف او الرقابة
على الجريد
فالمسؤ ولية الجنائية لمدير النشر فرضتها ماله من صفة خاصة تجعله وتيق الصلة بمرتكب
الجريمة ,خصوصا وأن هذا االخير يخضع لسلطة مدير النشر التي تفرض عليه احترام
أوامر ونواهي رئيسه.
تجدر اإلشارة إلى أن مسؤولية مدير النشر عن الجرائم المرتكبة عن طريق الصحيفة التي
يترأسها ,تتحقق بغض النظر عن علمه أو عدم علمه بما تم نشره ,وسواء وقع على العدد
26
الذي وقعت فيه الجريمة أو لم يوقع ,مادام هو من يتحمل مهمة اإلشراف والرقابة.
26محمود نجيب حسني :شرح قانون العقوبات القسم العام دار النهضة العربية القاهرة 1989الطبعة السادسة ص501:
مدحت رمضان :األساس القانونية الجنائية لرئيس التحرير عن الجرائم التي تقع بطريق الصحف (دراسة مقارنة )دار النهضة العربية
القاهرة 1993ص 7
-STEPHANT (G) LEVASSEUR (G) ET BOULOC (B) :<<Droit pénal général DALLOZ ,13
édition
69
70
ب-انتقاد النظرية:
لقد وجهت عدة انتقادات ألساس المسؤولية الجنائية المادية لمدير النشر وأهمها:
-1إن األخذ بهذه النظرية يقودنا إلى الرجوع إلى المفهوم التقليدي للمسؤولية الجنائية ,التي
كانت تأخذ بمسؤولية الحيوان والجماد إلى جانب مسؤولية األشخاص ,القائمة على نتائج
الفعل دون االعتداد بتوافر الركن المعنوي ,وهو ما يعتبر إهدارا لكل المجهودات التي بذلت
من أجل الوصول إلى قرار المسؤولية المؤسسة على أساس الخطأ وتبعا للخطأ وتعارضا
مع مبادئ القانون الجنائي التي تتطلب بالضرورة توافر ركن معنوي.
-2إن القول بصعوبة أو تعذر إثبات الركن المعنوي للجريمة على فرض صحته ,غير كاف
لحرمان المتهم من استفادته من القواعد العامة لألثبات ,وبالتالي تحميله إثبات عكس ما اتهم
به يعتبر تعارضا مع مبدأ قرينة البراءة ,التي
تعتبر المتهم بريئا إلى حين إثبات العكس ،وعلى سلطة االتهام إثبات ذلك .
-3إن إسناد فكرة المسؤولية المادية ( القائمة على الجريمة المادية) إلى إرادة المشرع أمر
غير منطقي ،ألن القول بأنه لم يشر إلى الركن المعنوي في مجموعة من الجرائم اقتضته
الصياغة التشريعية التي تتطلب الدقة واإليجاز ،فالمشرع من خالل القانون الجنائي في قسم
العام قد أشار إلى األركان المتطلبة في كل الجرائم لقيامها ،وليس من المستساغ أنه مع تناوله
لكل جريمة أن يشير للركن المعنوي فيها .
سأعمد من خالل هذه النقطة أوال إلى تمييز المسؤولية المفترضة عن المسؤولية العادية بسبب
الخلط الذي يشوب نمطي المسؤولية ،ثم ثانيا تحديد أساس المسؤولية المفترضة لمدير النشر
27
.أ -تمييز المسؤولية المفترضة عن المسؤولية المادية
27محمد حماد الهيتي :الخطأ المفترض في المسؤولية الجنائية دار الثقافة للنشر والتوريع عمان 2005الطبعة األولى ص 272
عتبة بوزيد المرجع السابق ص 60و61
70
71
سبقت اإلشارة إلى أن المسؤولية المادية تقوم بمجرد ارتكاب الفعل المادي دون األخذ بعين
االعتبار توافر الركن المعنوي من عدمه ،وعلى هذا األساس فهي ال تعبا بعنصر الخطأ وال
تهتم به ،وإنما اهتمامها ينصب فقط على الحصول على التعويض ،فهي اذن ال تقوم على
خطأ يقع من لدن المسؤول دائما على حالة أو صفة فيه ،وال يعفا المسؤول من هذه المسؤولية
إال بإثبات القوة القاهرة أو خطأ المتضرر نفسه .
أما المسؤولية المفترضة فهي مؤسسة على قرينة الخطأ المفترض من قبل المشرع في
جانب ملتزم التعويض ،على أساسه يمنح المشرع من أصابه الضرر الحصول على تعويض
ممن افترض قبله الخطأ ،في الحاالت التي يتعذر فيها تحديد وإثبات سبب الضرر فعبء
اإلثبات في هذه الحالة ينتقل من وظيفة سلطة االتهام ليستقر .
على عاتق المتهم وعلى هذا االخير اثبات عكس ما اتهم به بنفي الخطاء نفي الرابطة
السببية
من خالل السالف ذكرة يتضح ان المسؤولية عندما تقوم على قرينه مفترضة فإنها تأخذ
المسؤولية المادية اذن الفارق بين اساس المسؤولية المفترضة واضح المفترضة واضح هو
اساس المساءلة فالخطاء وان كان خطاء مفترضا هو اساس المسؤولية المفترضة اما
المسؤولية المادية فأساسها م ادي بحث دون البحث عن عنصر الخطاء في مسلك الجاني
المسؤولية المفترضة مسؤولية مبنية على الخطاء ولكنة خطاء في جانب الشخص المسؤول
تيسيرا ألثبات مسؤوليته الجانبية وهذا االفتراض ينقل عباء االثبات من على عاتق النيابة
العامة ليستقر على كاهل المتهم على خالف ما هو مقرر في القواعد العامة لألثبات التي
تجعل عبء االثبات من اختصاص جهاز االتهام
71
72
فالمشروع العتبارات معينه ارتأى تحميل مسؤولية المسؤول عن المشروع بصفة عامة لكل
الجرائم المرتكبة من طرف تابعية ليس على اساس ارتكابه لهذا الفعل او تقريرا لمسؤوليته
عن فعل الغير وانما اعتبار لخطئة الناتج عن عدم قيامة بمهام الرقابة واالشراف على العمل
على االساس فمدير النشر مسؤول عن الجرائم المرتكبة عن طريق الصحافة او احدى وسائل
النشر واساس هذه المسؤولية هو الخطأ المفترض في جانب المدير فهو يتساءل بالرغم من
عدم مساهمته في الفعل االجرامي او مشاركته فيه وبالرغم كذلك من ابقاء علمة بالنشر وكذا
انعدام توقيعه على العدد المتضمن للجريمة
فافتراض الخطأ في جانب المدير يعني افتراض علم هذا األخير بكل ما ينشر في
فافتراض الجريدة التي يرأسها ،أي إقرار قرينة قانونية في صالح اإلثبات وضد رئيس
التحرير مفادها أن هذا األخير على علم بالجريمة التي ارتكبت بنشرها في جريدته ،فمسؤوليته
مفترضة نتيجة ذلك االفتراض ،فأساس هذا االقتراض في جانبه رئيس التحرير كما أشار
إلى ذلك األستاذ محمد حماد الهيتي يقوم على عنصرين ،األول أن رئيس التحرير ملزم
باالطالع على كل محتويات الصحيفة ،الثاني أن على رئيس التحرير واجب الحيلولة دون
نشر ما يعد جريمة وإن قعوده عن أداء هذا الواجب يعد قرينة قانونية على أنه أراد النشر
وأ راد مضمونه وسمح به وبالتالي فإنه يعد فاعال أصليا للجريمة " .
تجدر اإلشارة إلى أن مدير النشر يحق له رفع أو دحض مسؤوليته الجنائية المبنية على
افتراض الخطأ في جانبه بالطرق التي حددها القانون ،فيمكن له ذلك بإثبات القوة القاهرة ،
كما يستطيع دفع هذه المس ؤولية أيضا بنفي الخطأ من جانبه ،وإن كان فيه من األمور الصعبة
في الغالب .الفعلي
هذا مجمل القول حول أهم النظريات التي سيقت في تحديد أساس المسؤولية الجنائية لمدير
النشر عن جرائم الصحافة ،الناتجة عن صعوبات تطبيق األحكام العامة في المسؤولية الجنائية
في هذه الجرائم ،أمام هذا الرغم أن النظريتين لم األخذ بها من أجل تجاوز الصعوبات والقيود
72
73
التي تحول دون القرار مسؤولية مدير النشر ،وبالتالي تحديد المسؤول عن جرائم الصحافة
28
والنشر
28عاطف النقيب :النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن فعل الشخصي دوان المطبوعات الجامعية الجزائر 1984طبعة ثالثة ص 279
عزالدين الدناصوري وعبدالحميد الشواربي المسؤولية الجنائية في القانون العقوبات واالجراءات الجنائية دار المطبوعات الجامعية بدون
سنة وطبعة من ص82الى 94
محمد عثمان الهمشري المسؤولية الجنائية عن فعل الغير دار الفكر العربي 1969طبعة األولى ص 41
73
74
لقد تم التوافق حول الحلول المبنية على االفتراض للتخلص من القيود الناتجة عن
األحكام العامة في المسؤولية ،على هذا األساس تم تحديد المسؤول عن الجرائم الصحفية
بالرغم من اختالف هذه األنظمة فهي االقل حققت الهدف وذلك بتجاوز صعوبات المسؤولية
الجنائية لمدير النشر .
لقد اختلفت التشريعات في أخذها بهاتين النظريتين بالرغم من كونهما تقومان على أساس
المسؤولية المفترضة ،والفرق بينهما يتجلى في أمور طفيفة فقط ،سأتناول التشريعات
أخذت إحدى النظريتين مع تحديد مضمون كل منهما
هذه الفكرة تقوم على أساس استبعاد قواعد االشتراك و المساهمة الجنائية ،وتحصر المسؤولين
في نظر القانون عن جرائم الصحافة والنشر ،ثم يتم ترتيبهم بحيث ال يسأل شخص إال إذا لم
يوجد من قدمه عليه القانون في الترتيب بحيث إذا لم يعرف المؤلف يسأل رئيس التحرير أو
المحرر المسؤول ،وحيث ال يوجد األخير يسأل الناشر ،فإن لم يوجد فالطابع ،وهكذا تتحدد
المسؤولية نازلة درجة بعد درجة على عاتق الذين اشتركوا في تجهيز المطبوع إلى كاهل
الذين عملوا على ترويجه من معلنين أو موزعين أو باعة .والحقيقة أن هذه األفكار جميعا
تتطلق من فكرة أساسية مؤد اها ضرورة توقيع العقاب على شخص ينتمي إلى الصحيفة أخذا
بحق المجتمع الذي جرح من جراء العدوان أحد أفراده أو مأسسة بإحدى مقوماته ،والقول
بغير ذلك يؤدي إلى اعتبار الصحافة وسيلة الرتكاب الجرائم بدون أن توقع العقوبة على
مرتكبها يتميز نظام المسؤولية القائمة على التابع بوضوحه وسهولة تطبيقه في العمل 256
األمر الذي ييسر عمل القاضي عند تحديد المسؤول عن الجريمة الصحفية ،حيث يكتفي
74
75
بمجرد التحقق من وجود الشخص الذي وضعه القانون في الدرجة األولى في ترتيب
المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر ،فإن لم يعرف
يكون الشخص الذي يليه هو المسؤول وهكذا دواليك سلبية الترتيب المحدد قانونيا بالرغم من
أهمية المسؤولية المبنية على التتابع من أجل تحديد المسؤولية عن الجرائم الصحفية ،فإن
نظامها تشوبه عيوب يمكن تلخيصها في جهتين :األولى تتجلى في كون نظام هذه المسؤولية
يتسم بالتحكم والبعد عن الحقيقة والوقع فهو يجعل المسؤولية الجنائية عن الجريمة الصحفية
قائمة على محض المصادقة فالضابط في تحديد تلك المسؤولية يتمثل في وجود او عدم وجود
شخص من األشخاص الدين وضعهم المشرع في درجة معينة وهو ما ال يمكن التسلم به ألن
المبادئ العامة تقتضي ان تتحدد المسؤولية الجنائية وفقا ألهمية الدور الدي يقوم به الجاني
في ارتكاب الجريمة
الثانية تظهر في ان نضام هده المسؤولية يتعارض بشكل مطلق مع مبدأ شخصية المسؤولية
الجنائية األمر الدي يجعله يصطدم مع مبدأ المسؤولية األخالقية والدي يقضي بأنه ال جريمة
بدون ركن معنوي وال مسؤولية جنائية بدون خطأ ،ويتضح ذلك بصفة خاصة بالنسبة
لألشخاص الدين يوجدون في نهاية التسلسل الذي يضعه المشرع كالبائع والموزع قد يسأل
احد هؤالء على الرغم من توفير الركن المعنوي لديه.
ولتجاوز هده العيوب او على األقل التخفيف من حدتها وقسوتها فقم تمت المناداة بزيادة
عدد المدير النشر في الصحيفة الواحدة ليكون كل مدير منهم مكلفا بقسم معين يسهل عليه
مت ابعته ومرقبة ما يكتب فيه ويكون مسؤول مسؤولية شخصية عن كل ما يكتب فيها ،
على هدا األساس فان اي جريمة صحفية ترتكب يكون مدير هو المسؤول نتيجة خطئه
الشخصي الناتج عن القيام بالواجب المنوط به باإلضافة الى المطالبة بتقرير المسؤولية
الجنائية للشخص المعنوي (للجريدة) الى جانب المسؤولية الشخصية للعاملين بها 29.
75
76
لقد اخدت مجموعات من التشريعات بهده النظ ام وابرز مثال لهدا التشريعات هو
التشريع البلجيكي فبعد ان اكدت المدة 18من الدستور البلجيكي ان الصحافة حر وال يجوز
فرض الرقب عل الصحف نصت على انه ادكان المؤلف معروفا ومقيما في بلجيكا فال
يمكن مسألة النشر او الطابع او الموزع .
فالمشرع البلجيكي من خالل هذا الفصل حمل المسؤولية للمؤلف ،وفي حالة عدم معرفة هذا
األخر يتابع الناشر اما ادا لم يوجد المؤلف او النشر فيسأل الطايع وبعد ذلك
أساس هذه النظرية أن يسأل رئيس التحرير أو المحرر المسؤول أو الناشر عن الجريمة
المرتكبة عن طريق الصحافة ,بوصفه فاعال لها استنادا إلى أنها ال تقع إال بالنشر الذي
يباشره أي منهم فهناك نوع من التضامن في العمل الصحفي ينتج عليه تضامن كذلك في
المسؤولية الجنائية.
ان فكرة التضامن من األفكار الغريبة في مجال المسؤولية الجنائية ,فالغرامة النسبية التي
تطبق على سبيل التضامن ,تفرض أن الملتزمين بدفعها قد ساهموا في ارتكاب الجريمة,
وذلك على عكس الحالة موضوع البحت ,حيت إن هذا التضامن في المسؤولية يقوم ولو لم
يقم أحد االطراف بالمساهمة في الجريمة.
76
77
لقد وجدت بعض التشريعات في فكرة التضامن هذه خالصا من قعود المسؤولية الجنائية
الشخصية عن الوفاء بحاجات العمل الصحافي فأصبح في ظل التضامن يمكن مساءلة مدير
التحرير عن جريمة لم تقع منه شخصيا ,ولكن بصفته مدير الجريدة أو الصحيفة إلى جانب
األفراد الذين اقترفوا الجريمة ,ويسألون طبقا للقواعد العامة في المسؤولية الجنائية وقد برر
من أخد بالمسؤولية التضامنية هذا المنحى بأن المسؤول عن الصحيفة يفترض فيه العلم بكل
ما فيها ,ويفترض فيه الموافقة على كل ما نشر فيها ,ومن ثم يصبح متضامنا مع الفاعل
االصلي أو الشريك ,وتقوم مسؤوليته على هذا النحو ,فإن أهمل في اإلحاطة بكل ما ينشر في
الصحيفة قبل أن ينشر سئل عن جريمة اإلهمال في حالة
عدم معرفة مؤلف المقال أو تعدر مساءلته عن الجريمة إلقامته خارج الوطن مثال لقد كان
المشرع الفرنسي يأخذ بهذا النظام للمسؤولية عن الصحافة بمقتضى القانون الصادر في
سنة 1819إال عدل عنه بعد مالك حيت تبنى نضام المسؤولية المبنية على التتابع ودللك
بمقتضى قانون الصحافة الصادر في 29يوليوز سنة 1881ليكون كل من تشريعي فرنسا
وبلجيكا هما من تبني نضام المسؤولية المبنية على التتابع .لقد وصف الفقيه "بول لوجز"
فكرة التضامن بأنها تحقق التوفيق بين مطالب الصحافة ومطالب العدالة ومقتضيات أحكام
قانون العقوبات ،كما يصفها كدلك األستاذ "جاور" بأنها أقرب إلى العلم وأبعد عن التحكم
من االفكار األخرى" ألنها تضفي على الصحافة مركز ممتاز يجنبها إعمال قواعد االشتراك
باإلضافة الى ما تمت اإلشارة اليه في النقطة السالفة حول كل من نظرتي التتابع في المسؤولية
والمسؤولية التضامنية باعتبارهما صورتين من صور المسؤولية المفترضة ،فانه يضاف
اليهما نظريتان اخريان وهما موضوع هذه النقطة .
سارب هذه النظرية على خالف النظريات السابقة بخصوص وحدة الجريمة والعقاب فاذا
كانت النظريات السابقة قد اقرت بوحدة الجريمة وبالتالي عقاب رئيس التحريف بنفس العقوبة
77
78
المق ررة أصال للمؤلف صاحب المقال ،فان هذه النظرية اخذت بازدواجية الجريمة ،جريمة
مرتكبة من طرف مدير النشر باإلضافة الى الجريمة المرتكبة من طرف المؤلف.
على هذا أساس فان هذه النظرية قد بنت افكارها على أساس قانونية تفرض على مدير النشر
واجبا يلتزم بأدائه ،واي اخالل بهذا الواجب يعرضه للمساءلة ،فمدير النشر وفقا
لهده النظرية ال يتساءل على أساس الجريمة المرتكبة من قبل المؤلف وإنما الجريمة
خاصة مبناها إهماله بواجبه الدي فرضه القانون عليه ،فوظيفة التحرير تعني مراقبة كل
ما يكتب و ينشر ،ووجود جريمة من جرائم النشر يعتبر قرينة على اهمال المسؤول على
وظيفته.
ما يعيب على النظرية أن مساءلة مدير النشر ترتكز على المسؤولية العمدية ،باعتبار
المرتكبة جريمة عمدية ،وعليه فهو يسأل بصفته فاعال أصليا عن الجريمة المفترضة في
صحيفته فكيف يمكن أن يفسر العمد باإلهمال ؟ إد من غير المقبول منطقيا أن نسأل شخصا
عن جريمة عمدية ،وتفسر هده المسؤولية بالقول بأنه أهمل في أداء وظيفته لهده النظرية
كان من الممكن ق بولها لو ان الجريمة المنسوبة إلى رئيس التحرير أو مدير النشر هي
جريمة غير عمدية .إال أن هناك رغم ما سلف دكره من دافع عن هده الفكرة بالقول انه إدا
كان من لصعب محاكمة شخص عن جريمة عمدية باعتباره فاعال أصليا للجريمة على
الرغم من أنه لم يرتكب سوى مجرد إهمال أو عدم احتياط إال أن هد الطرح قد يجد تبرير
في ضرورة اعتباره خير وسيلة لردع تجاوز بعض الصحف .
وتجدر اإلشارة إلى أن هاده النظرية قد عملت على التخفيف من شدة المسؤولية
المفترضة في جانب رئيس التحرير دلك بمنحة إمكانية إعفائه من المسؤولية إن هو استطاع
إثبات قيامه بواجب الرقابة أو رقابته كانت غير مجدية للحيلولة دون وقوع الجريمة لقد
أخد المشروع األلماني بهده النظرية .
ب ـ نظرية االشتراك في المسؤولية
إن النظريات التي فسرت صور المسؤولية المفترضة لم تكن سوى انعكاسا لموقف
بعض التشريعات من المسؤولية الملقاة على عاتق مرتكبي الجرائم الصحفية فبعض
النقاشات التي ثارت عقب القصور الدي شاب قواعد المسؤولية الجنائية العامة ،لتحديد من
المسؤول عن الجرائم التي ترتكب عن طريق الصحافة و كدا وسائل النشر األخرى ،نجد
31
أن كل مشرع تبنى نظرية معينة توائم ما اقتنع به .
78
79
79
80
32عبد العزيز مياج :الوضعية القانونية للصحفي المهني بالمغرب مطبعة النجاح الدار البيضاء الطبعة األولى ص 94و95
محمد االدريس العلمي المشيشي :القانون المبني للمجهول ص200
احمد المهدي واشرف شافعي :جرائم الصحافة والنشر مرجع سابق ص 252
MILOUDI HAMDOUCH : < Le délit de presse en droit marocain approche comparative> Publication de la
REMALD .2003. 1 édition
80
81
إن مسؤولية مدير النشر الجنائية مبنية على افتراض قانوني أنه اطلع على كل ما النشر في
الجريدة وأنه قدر المسؤولية التي تنتج عن النشر ولو لم يطلع فعال 62 .و ال يمكن له أن
يتخلص من المسؤولية اعتبارا لكونه أعاد نشر ما سبق نشره من طرف جبهة أخرى أو ألنه
ال يتبني الرأي المنشور لعدم علمه أو قراته للمقال األسباب صحية أو أن النشر تم بدون
علمه ،كما ال يمكنه أن يدفع عنه المسؤولية بالكشف عن اسم صاحبة المقال على أن هذا
األخير يأتي بعده في الترتيب .
فمدير النشر إذن هو المسؤول عن هذه الجرائم وبالتالي فإن المشرع قد نص على
ضرورة تحديد اسم مدير النشر أو مدير النشر المساعد على رأس جميع النظائر في
صفحتها األولى ( ،الفصل 9من ق ص ) ،كما أشار في الفصل 15على ضرورة اعتبار
مدير النشر هو رئيس المجلس اإلداري أو أحد الوكالء أو رئيس الجمعية حسب نوع
الشركة او الجمعية التي تتولى النشر(الفصل 15من ق .ص)
لكن في حالة عدم متابعة مدير النشر فإن المسؤولية تقع على من يليه في الترتيب وهو
النشر ،فمسؤولية هذا األخير ال تنجلي اال في حالة كون مدير النشر ال يمكن متابعته ،سواء
كان السبب هو الجهل الكامل بوجوده او بمكان وجوده ،او صعوبة متابعته اي ان المسؤول
معروف وموجود لكنه في ظروف تجعله من الصعب انزال العقاب عليه
ان مسؤولية الناشر هاته ليست على اساس ارتكابه للفعل المادي للجريمة وإنما ترتكز
على اساس مساهمته في تحقيق العالنية الركن األساسي للجريمة الصحفية.
أما في حالة عدم التمكن من متابعته كل من مدير النشر او الناشر ،فإن المشرع قد
رتب الكاتب او صاحب المقال في مرتبة تالية لهما ،وصاحب المقال بمفهوم الفصل 67
من ق .ص
هو الدي يخرج المقال إلى الوجود او ه بصفة عامة مصدر الكتابة او الصور او الرسوم او
غير دلك من طروق التعبير األخرى
ال يشترط العتبار الشخص صاحب مقال او الصور ،...ان يكون هو مبتكرها او كاتبها
بل يكفي ان يقدم العمل إلى المدير النشر او الناشر لحساب نفسه ال لحساب صاحبها
األصلي
وتجدر اإلشارة الى انه يمكن لصاحب المقال ان يتخلص من المسؤولية بإثبات ان النشر
تم بغير علم منه او بغير ارادته .ان مسؤولية صاحب المقال في حالة ما ادا كان مدير النشر
او الناشر يقطن بالخارج او غير معروف( بصفة العامة لصعوبة المتابعة او غياب مدير
33
النشر او الناشر ) فإن مسؤوليته تتحول الى مسؤولية رئيسية كفاعل اصلى
81
82
ان غياب من سلفت اإلشارة اليهم يؤدي الى انزال المسؤولية بالطابع فهذا األخير ال
يتابع على اساس الطبع كف عل مادي وإنما لكونه شارك اساس في تحقيق العالنية وقبل طبع
النص مغفل ال يتحمل مسؤوليته احد فدافع الطابع الى هذا السلوك في الغالب يكون البحث
عن الربح
وتقييد المشرع إلمكانية متابعة الطابع كفاعل اصلي بغياب من يسبقه في المرتبة
ترتكز على فكرة سليمة تتجسد في احترام حرية الطبع التي نص عليها المشرع في الفصل
األول من ق .ص :من جهة وفي احترام ضرورة احترام حرية للتعبير من جهة اخرى
نفس المسؤولية تقع على للبائعين والموزعين والملصقين في حالة انعدام السباقين اعتبارا
لكونهم المسؤولين عن الجريمة الصحفية وفعلين اصليين لها ،
ان تعميم جريدة تتضمن مقاال مجرما يعتبر سببا كافيا للمسؤولية .
تجدر اإلشارة الى ان المشرع في قنون الصحافة لم يطبق على جميع الحاالت نضام
المسؤولية الجنائية بالتتابع وإنما هناك حاالت عدة يرجع فيها المشروع الى نضام المسؤولية
الجنائية العامة ويتعلق األمر بمجموعة من الفصول التي اوردت هده الحالت
الفصل 35-28-21-20-13-9-8وكدة الفصل 36من قانون الصحافة )
اورد هده الفصول تابعا حتى يتضح اكثر رجوع المشرع في قانون الصحافة الى
اعمال القواعد العامة للمسؤولية الجنائية
ـ الفصل 8من ق .ص :يشر هدا الفصل الى ان مدير النشر وحدهم يعاقبون بغرامة مبلغها
1200درهم عن كل عدد لم تودع منه النسخ الواجبة لدى كل من السلطة الحكومية
المكلفة باالتصال وكدا النيابة العامة لدى المحكمة االبتدائية
ـ الفصل 9من ق .ص :يعاقب اصحاب المطابع وحدهم على عدم طبع اسم مدير النشر او
مدير النشر المساعد على االقتضاء على رأس جميع النظائر وفي صفحتها األولى وتتراوح
عقوبة الغرامة بين 1200و 2000درهم عن كل عدد صدر دون تضمينه البيان الالزم
ـ الفصل 13من ق .ص :يعاقب بحبس تتراوح مدته شهر واحد وسنة واحدة وبغرامة
يكون اقل مبلغها 1800درهم ويعادل اقصاء خمسين مرة مبلغ االكتتاب او االقتناء او
القرض الخفي كل من تبث عليه انه اعر اسمه لصاحب نشرة او لشريك فيها او لمقرض لها
34
كيفما طانت صورة هده اإلعارة والسيما باكتتابه سهما او نصيبا في مقاولة النشر.
82
83
الفصل 20من ق .ص :يعاقب بحبس تتراوح مدته بين سنة وخمسة سنوات
وبغرامة يتراوح قدرها 20000و 100000درهم كل صاحب جريدة او
مدير نشرة أو أحد مساعديه يتلقى بصفة مباشرة أو غير مباشرة أمواال أو منافع من حكومة
أو جهة أجنبية باستثناء األموال المعدة ألداء من اإلشهار طبقا للفصل 19من نفس القانون ،
وتطبق نفين العقوبة على المساهمين والشركاء
ـ الفصل 21من ق ،ص :يعاقب بغرامة تتراوح بين 2000و 50.000درهم ،كل ماهي
جريدة أو نشرة دورية أو كل مدير أو أحد مساعديه يتسلم مبلغا ماليا أو أية مذعة أخرى أو
وعذا بما ذكر قصد تقديم إشهار في صفة نبأ .
ويتابع بصفته فاعال رئيسيا كل من تسلم المبلغ المالي أو حصل على المنفعة وكذا من
سلم المال أو المنفعة
ويعفي من العقوبة عن بلغ الجهات المختصة بذلك قبل وقوعه .
الفصل : 28من قصص :ينص على أنه " :كل جريدة أو نشرة دورية أجنبية مطبوعة
بالمغرب تخشع للمقتضيات العامة لهذا القانون والمقتضيات الخاصة اآلتية :
وال يجوز أن تحدث أو تنشر أو تطبع أية جريدة أو نشرة دورية إال إذا صدر •
بشأنها سابق إذن بموجب ،مرسوم على إثر مطلب كتابي يوجه إلى السلطة
الحكومية المكلفة باالتصال ضمن الكيفيات المقررة في الفصل الخامس أعاله
ويعتبر اإلذن غيا إذا لم تصدر الجريدة أو المطبوع الدوري خالل سلة من •
تاريخ الحصول عليه ،أو إذا انقطعت عن الصدور لمدة سنة .
ويعاقب عن كل مخالفة للفقرة السابقة بحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة •
وبغرامة يتراوح قدرها بين 30.000و 100.000درهم ،وتصدر العقوبتان
المذكورتان على صاحب الجريدة ومديرها وصاحب المطبعة الذين يحملون
عند االقتضاء أداء الغرامة على وجه التضامن.
ويقع القيام بالحجز اإلداري لألعداد الصادرة بدون إذن ،وفي حالة الحكم •
بعقوبة ينص في الحكم على مصادرة األعداد و اتالفها .
ـ الفصل 35من ق ص :يعاقب بغرامة بترا قدرها بين 200و 1200درهم
عن كل المخالفات المقتضيات الفصل 34الذي ينص على أنه :يجب على كل
من يريد أن يتعاطى في الطريق العمومية أو غيره اماكن العمومية أو
ا لخصوصية مهنة بائع متجول للكتب والنشرات والمرسالت والجرائد
والرسوم والشعارات والمنقوشات والصور الحجرية والشمسية او مناد بها او
موزع لها او القيام بهذا العمال ولو بصفة عرضية ان يطلب اإلذن في دلك من
السلطة المحلية التابع لها محل سكناه
83
84
ـ الفصل 36من ق .ص :ي نص على انه يمنع اإلعالن نع الجرائد وبصفة
عامة عن جميع النشرات او المطبوعات الموزعة او المبيع في طريق
العمومية اال بأسمائها واال فإن المنادي او الموزع او البائع يعاقب بغرامة
تتراوح بين 200و 1200درهم .
من خلل هده الفصول يتضح اكثر ان المشروع في قانون الصحافة قد جمد نضام المسؤولية
الجنائية بالتتابع وعاد الى نضام المسؤولية الجنائية في احكامها العامة .
قبل ختم هده النقطة ينبغي اإلشارة الى ان المشرع في قانون الصحافة لم يقرر
مسؤولية الشخص المعنوي اال انه من خلل بعض الفصول هذا القانون نالحظ ان المشرع قد
نص على بعض العقوبات التي تمس الجريدة وتتمثل في كل من الحجز وااليقاف والمنع من
خالل هدا الموقف فإن المشرع في ق .ص :قد سلك نفس النهج الذي سلكه مشرع القانون
الجنائي في الظهير 1962المتعلق بالقانون الجنائي وهو عدم استقراره على موقف معين
ثانيا نظام المشاركة
ينص الفصل 68من قانون الصحافة على ما يلي:
في حالة اتهام مديري النشر او الناشرين اصحاب المطابع فإن اصحاب المقاالت
المتسببون يتابعون بصفتهم شركاء
وبنفس الصفة وفي جميع األحوال تجوز متابعة الشركاء طبق ما هو منصوص عليه
في التشريع الجنائي الجاري به العمل وال يطبق هدا المقتضى غلى اصحاب المطابع من
جراء اعمال الطباعة
غير ان اصحاب المطابع يمكن ان يتابعوا بصفتهم شركاء ادا اصدرت المحكمة
حكما بعدم المسؤولية الجنائية في حق مدير النشر ،وفي هذه الحالة تقام المتابعات داخل
الثالثة أشهر الموالية الرتكاب الجريمة أو على األكثر خالل الثالثة أشهر الموالية لصدور
الحكم النهائي
من خالل هذا النص يمكن استخالص أن المشرع يرغب العمل بمتابعة أنيسة حلمية مركزة
على المساهمة والتواطؤ بالنسبة للكاتب وذلك حتى ال يفلت من العقاب ولو كان الناشر أو
مدير الجريدة متابعا بالفعل عن فعل أصال ارتكبه الكاتب .
وتجد لهذه الغاية مظاهر أخرى في المادة 17من قانون الصحافة ،حيث أشار المشرع
إلى ضرورة أن يبين الكاتب الذي استعمل اسما مستعارا أو لم يوقع متاله أصال كتابية إلى
مدير النشر اسناء الحقيقي وذلك قبل النشر ،وفي حالة تحريك متابعة من صاحب مقتل
84
85
غير موقع أو يحمل أنا مستعارا يكون المدير غير مقيد بالسر المهني إذا ما اب منه وكيل
الملك اطالعه على الهوية الحقيقية لصاحب المقال .
ويقرر كل الفصل 68بأنه تجوز مثابة الشركاء وفق القواعد الحامية للقانون الجنائي ،
لكن يستثنى من هذا المقتضي أصحاب المطابخ من جرا راء أعمال الطباعة اآلن المشرع
لم ينص على الطابع لمعاقبته من جراء الطبع في حد ذاته كقل مادي ،وإنما لكونه ۔ شارك
أساسيا في تحقيق العالنية ،غير أنه يمكن متابعة أصحاب المطابع بصفتهم شركاء متى
صدر حكم بعدم المسؤولية الجنائية في حق مدير النشر .إن في هذه الحالة يكون المتابع هو
الذي حقق العالنية .
على عكس ما قرره المشرع في حق كل من الكاتب والطايح فيما يتعلق بإمكانية متابعتها
بناء على المساهمة والتواطؤ ،فإنه لم يشر إلى شيء فيما يخص غيرهما ممن يساهمون في
تحقيق العمانية وبالتالي إيصال المطبوع إلى الجمهور من باعه وناقلين و موز عين
وملصقين ،فهؤالء وال يمكن اعتبارهم مشاركين بمجرد غياب كل من المدير أي الناشر أو
الكاتب أو الطابع ،وإنما يخضعون النظرية العامة للمساهمة والتواطؤ المعمول به في
التشريع الجنائي.
يجب اإلشارة الى ان الكاتب هو الشخص الوحيد الذي يستثنى بصفة مطلقة من ميدان
النظرية العامة للمشاركة ألن الفصل 68من ق .ص ينظم متابعته اليه حيث ينص على انه
يتابعون بصفتهم شركاء بينما فيما يتعلق بالطابع فالمشرع يتحدث فقط عن امكانية المتابعة
وهو ما نص عليه نفس الفصل في فقرته الثالثة غير عن اصحاب المطابع يمكن ان يتابعوا
بصفتهم شركاء...
اما األطراف األخرى التي لم يتم اإلشارة اليها ضمن هده القواعد وهم كل من الباعة
والناقلين والموزعين والملصقين تطبق عليهم القواعد العامة للمشاركة
يعتبر مشاركا في الجنايات او الجنحة من لم يساهم مباشرة في تنفدها ولكنه اتى احد
األفعال األتية
✓ 1ـ امر بارتكاب الفعل او حرص على ارتكابه ودلك بهبة او وعد او تهديد او اساءة
استغالل سلطة او والية او تحايل او تدليس اجرامي
85
86
✓ 2ـ قدمة اسلحة او ادوات او اية وسيلة استعملت في ارتكاب الفعل مع علمه بأنها
ستستعمل لدلك
✓ 3ـ ساعدة او عان الفاعل او الفاعلين للجريمة في األعمال التحضرية او األعمال
المسهلة الرتكابها مع علمه بدلك
✓ 4ـ تعود على تقديم مسكن او ملجأ او مكان لالجتماع لواحد او اكثر من األشرار
الذين يمارسون اللصوصية او العنف ضد امن الدولة او االمن العام او ضد
األشخاص او االموال مع هلمه بسلوكهم اإلجرامي
ترمي الدعوى المدنية الى الحصول على تعويض عن الضرر الناتج عن جناية او
جنحة أو مخالفة ،وتقام هذه الدعوى ضد الفاعلين األصليين أو المساهمين أو المشاركين في
أركان الجريمة ،وضد ورثتهم أو األشخاص المسؤولين مدنيا عنهم .فيل تطبق نفس هذه
القواعد المنصوص عليها في القانون الجنائي كذلك على الدعوي المدنية الناتجة عن جريمة
صحفية ،وهل يمكن فصلى هذه الدعوى عن الدعوى العمومية أم ال ،هذا ما يساعد إلى
35
اإلجابة عنه من خالل النقطتين التاليتين :
86
87
نصت المادة الثامنة من ق .م .ج بأنه " :يمكن إقامة الدعوى المدنية ضد الفاعلين األصليين
،أو المساهمين أو المشاركين في ارتكاب الجريمة .و ضد ورثتهم أو األشخاص المسؤولين
مدنيا عنهم " .من خالل هذه المادة يالحظ أن الدعوى المدنية تقام ضد كل من المسؤولين
جنائيا ( فاعل أصلي ومساهمين ومشاركين ) ،والورثة وكذا المسؤولين عن الحقوق المدنية
،وهؤالء هم الطرف السلبي الذين يتحملون المسؤولية المالية المتمثلة في تعويض المتضرر
من الجريمة
فالمسؤول انا عن البريد السواء باعتباره فاعال أصليا أو معنويا ،مساهما أو مشاركا
فيها ،وسواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا هو أول من يقع التفكير في مطالبته من قبل
المتضرر من خالل الدعوى المدنية المقامة ضده من أجل تعويض األضرار الناتجة عن
الجريمة ،لذا كان المتهم أول من ذكره المشرع في المادة 8من ق.م ج.
ان المتهمين في الجريمة الواحدة ،الذين تمت متابعتهم بدعوى عمومية واحدة تمنح المتضرر
أو المدعي المدني الخيار ،اما أن يطالبهم جميعا بالتعويض على وجه التضامن ،وتكون
المسؤولية بينهم بالتساوي إال إذا عين القاضي نصيب كل واحد منهم في التعويض ،وأما أن
يدعي بالتعويض ضد بعضهم أو أحدهم دون أن يكون ملزما بإدخال باقي المتهمين في الدعوى
،وال يحق لمن وقعت مطالبته دون اآلخرين الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية ضده على أساس
وجود مسؤولين اخرين ببكاء لم يتم إدخالهم اإلمكانية مخولة طبقا للفصل 109من القانون
الجنائي الذي قرر التضامن في أداء .
باإلضافة إلى من سلف ذكرهم فإن المتابع في بعض األحيان يكون هو المسؤول المدني ،
وقد أشارت إليه المادة الثامنة من ق.م .ج ،والمسؤول المدني هو األشخاص الذين يقرر
القانون مسؤوليتهم عن تعويض األضرار التي يتسبب فيها خطأ غيرهم ،وهم مذكورون في
القانون على سبيل الحصر ،وحسب الفصول 79و 85و 85مكرر من قانون االلتزامات
87
88
والعقود ،يتعلق األمر على التوالي بمسؤولية الدولة والبلديات عن األضرار الناتجة مباشرة
عن تسيير إدارتها ،وعن األخطاء المصلحية لمستخدميها ،ومسؤولية األب فاألم بعد موته
عن أطفالهما القاصرين ،والمسؤولي ة عن المجانين ،والمختلين عقليا .ومسؤولية أرباب
الحرف عن المتعلمين ،ومسؤولية المتبوع عن أعمال التابع ،ومسؤولية المعلمين ،وموظفي
الشبيبة و الرياضة عن األطفال والشبان الموضوعين تحت رعايتهم .
أما بالنسبة للمسؤولية المالية الناتجة عن جريمة صحفية فهي ال تكاد تخلف عما سلف
ذكره ،أي أن الشخص مرتكب الجريمة هو من يتحمل مسؤوليتها المالية ،وبالتالي يكون
ملزما بتقديم التعويض عما سببته جريمته إال أن المشرع في قانون الصحافة يطالعنا يحل آخر
وذلك من خالل الفصل 69الذي ينص على أنه " :إن أرباب الجرائد والمكتوبات الدورية
ووسائل اإلعالم السمعية البصرية واإللكترونية مسؤولون عن العقوبات المالية الصادرة لفائدة
الغير على األشخاص المبينين في الفصلين 67و 68إذا تعذر تنفيذ هذه العقوبات على
المحكوم عليهم "
فهذا الفصل يحمل المسؤولية المالية بالدرجة األولى لمرتكبي الجرائم وفي حال تعذر
تنفيذها على هؤالء تنتقل المسؤولية إلى أرباب الجرائد ،وهو ما يعتبر تطبيقا مباشرا النظرية
المسؤول المدني من فعل جنائي ارتكبه الغير .
لقد أشار األستاذ العلمي المشيشي "الى الحالة التي يكون فيها مدير النشر أو مالكية مجهر
،وحين يكون الكاتب مجهوال ،وحين يجهل الطابع أنفسه ،وفي حالة اعسار كل أو
بعض من ذكر ،على من تقع المسؤولية المدنية من التعويض بالرجوع إلى شخصية
36
المسؤولية يفرض إنزالها على كاهل الناقل أو البائع أو الملصق ،و استمرار النتائج هذه
88
89
االخيرة يكونون ملزمين بالتعويض المدني للغير بالرغم من ان الحالة العامة هي اعمار او
فقر هؤ الء بحيث ال يمكن ان يجادل في حيف هذا الحال بالنظر الى مستوى االجتماعي لهذه
االطراف
قبل ختم هذه النقطة تجدر االشارة الى القاء عبء المسؤولية المالية على عاتق ارباب
الجرائد ....بعد عجز المحكوم على سدادها هو من مستجدات قانون الصحافة الجديد
وهو بطبيعة الحال في صالح ارباب الجرائد النهم ان يؤدوا العقوبات المالية اال في حالة
اعمار او غياب المد انين االخرين كما ان القانون الجديد الغي كذلك للفائدة الصحف وسيرها
إلزام الجريدة بان تضع على وجه الضمان في ظرف 15يوما الموالية لتاريخ صدور
الحكم مبلغ التعويضات المدنية والغرامات بصرف النظر عن االستئناف او التعرض او
االلتجاء الى النقوض وهو ما كان ينص عليه الفصل 76من قانون الصحافة القديم
لقد حول القانون للمتضرر من الجريمة إمكانية دعواه اما امام المحكمة الزجرية او المحكمة
المدنية .من اجل المطالبة بالتعويض الناتج عن اضرار الذي تسبب عن الجريمة .وذلك من
خالل الفصلين 9و 10،من قانون المسطرة الجنائية لكن حق الغير بين الطريقين الجنائي و
المدني ليس حقا مطلقا بل ال يقوم اال بتوفر شروط قانونية محددة كما يمكن ان يسقط ككل
الحقوق
ان منح الخيار للمتضرر بين الطريقين الجنائي و المدني يرتكز على اساس ارتأى المشرع
ضرورة اخذها بعين االعتبار فإلى جانب االصل العام الذي يخول المتضرر لمطالبة
بالتعويض امام القضاء المختص)المحاكم المدنية) فإنه بحق إقامة الدعوى امام القضاء
37
الزجري )المادة 11من ق .م .ج)
89
90
اهم االعتبارات التي اراد من خاللها المشرع تمكين المتضرر من الجريمة في حال
استقراره على اختيار الطريق الجنائي للمطالبة بالتعويض هي االستفادة من السرعة التي
تميز المسطرة الزجرية عن نظريتها المدنية .وكذا من ادلة االثبات التي يكون في امكان
النيابة العامة الحصول عليها من خالل االبحاث باإلضافة إلى الحيلولة دون صدور احكام
متناقضة بالنسبة لجريمه واحده دون نسيان الفوائد التي تتمثل في فرصه الحصول على
تعويض تحت شروط أقرب منال واقل تكلفة واوفر وقتا واكثر تيسيرا
ال يجب ان يفهم مما سلف ان هذه االمكانية مطلقة وعامة وانما شانها شان ايه قاعده ترد
عليها استثناءات وهذه اال استثناءات هي:
✓ الحالة التي يمنع فيها المشرع عدم امكانيه نظر الدعوى المدنية امام القضاء
الزجري .وهذه الحالة تنطبق على المحكمة العسكرية فهذه المحكمة ال يسمح
لها القانون بالنظر في الدعوى المدنية
✓ الحالة التي يمنع فيها المشرع إمكانية إقامة الدعوى المدنية امام القضاء المدني
وهو ما يجعله مجبرا على اتباع قناه القضاء المدني الزجري من أجل المطالبة
بالتعويض
في الحالة التي يختار فيها المتضرر احد الطريقين فهل يمكن له الرجوع عن اختياره؟
يجب التمييز بين اي الطريقين اختار ويرغب في الرجوع عنه
اذا اختار الطرف المدني الطريق الزجري فإن له إمكانية تركة والرجوع الى الطريق االصلي
الذي هو الطريق المدني اعتبار الكون الطريق الذي اختاره في البدء هو طريق استثنائي.
مما يجعل خطوط رجوعه الى المرجع االصلي القتضاء حقوقه امر واردا بدون ادنى شك.
لكن يجب اإلشارة الى ان الدعوى المدنية توقف الى غاية صدور حكم المحكمة الجنائية طبقا
للقاعدة المعمول بها هذا السياق وهي قاعدة الجنائي يوقف المدني المنصوص عليها في الفقرة
38
الثانية من المادة 10من ق .م .ج
38عمر أبو الطيب الدعوى المدنية التابعة مرجع سابق ص334و / 335عبدالسالم بنحدو الوجيز في شرح المسطرة الجنائية المغربية
90
91
اما اذا اختار الطريق المدني ،واقام الدعوى امام المحكمة المدنية المختصة فال يجوز له ان
يعدل عن ذلك ويقيمها امام المحكمة الجنائية ،اال ان الفقرة الثانية من المادة 11من ق م ج
،تمنح المتضرر إمكانية االستفادة من الطريق الجنائي من جديد ،لكن لن يتأتئ ذلك اال
بتوفر شرطين :
✓ ــ أولهما ان تكون المحكمة المدنية التي رفعت لها المطالبة المدنية قبال لم تصدر
حكمها النهائي بعد في الدعوى المدنية .
✓ ــ ثانيهما ان تكون النيابة العامة ( وليس المتضرر عن طريق تحريك الدعوى العمومية
باالدعاء المباشر ) ،هي التي حركت الدعوى العمومية لدى المحكمة الزجرية .
تجدر االشارة الى ان الدعوى المدنية التابعة الناتجة عن جريمة صحفية تنطبق عليها
نفس ما تمت اإلشارة اليه سلفا ،على اعتبار ان مشرع قانون الصحافة لم يشر الى هذه
القواعد ،مما يعني ضرورة الرجوع الى القواعد العامة في هذا المجال (قانون المسطرة
الجنائية)
اال ان المشرع أشار في الفقرة األولى من الفصل 75من ق ص على انه :الدعوى
المدنية الناتجة عن جنحة القذف المقررة في هذا القانون ال يمكن فصل متابعتها عن الدعوى
العمومية اال في حالة وفاة مرتكب االمر المدعي فيه او حالة العفو " هذه الحالة اذن هي
الوحيدة التي يرد عليها االستثناء وتضع قيدا على إمكانية اختيار الطريق المدني التي ال
يستطيع المتضرر الرجوع اليها اال اذا انتفت حالة االستثناء المذكورة .
ال باس من اإلشارة الى ان الموضوع الدعوى المدنية التابعة هو التعويض وهذا األخير
يقصد به المقابل الذي يطالب به المتضرر إلصالح ما لحقه شخصيا ومباشرة من اضرار
الجريمة باإلضافة الى نشر الحكم في بعض الجرائد كتعويض معنوي إضافي ( الفصل 48
من القانون الجنائي ) وكذا الصوائر والمصاريف (الفصل 105من القانون الجنائي ) فهدا هو
التعويض الذي يمكن للمتضرر من الجريمة الصحفية المطالبة به من خالل الدعوى المدنية
39
التابعة .
91
92
قبل ختم هذه النقطة ،البد من اإلشارة الى ان المشرع في القانون الصحافة وبالضبط
في الفصلين 75و 76منه ،حدد اآلجال التي يجب على المحكمة ان تبث خاللها في الدعوى
فالفقرة األخيرة من الفصل 75من ق ص تنص على انه "تبت المحكمة في جميع
األحوال داخل اجل أقصاه 90يوما من تاريخ التبليغ القانوني لالستدعاء" .
اما الفصل 76من ق ص ينص على انه يقدم االستئناف وفق الشروط والكيفيات واآلجال
المنصوص عليها في القانون المسطرة ا لجنائية و تبت محكمة االستئناف في جميع الحوال
داخل اجل أقصاه ستون يوما من تاريخ تقديم االستئناف .
نص الفصل األول من قانون الصحافة في فقرته الخيرة بعد اإلشارة الى حرية اصدار
الصحف والطباعة والنشر ا ن هذه الحريات تمارس في اطار مبادئ الدستور وحكام القانون
واخالقيات المهنية ،مما يعني ان كل فعل لم يتم التنصيص عليه يعتبر مباحا على أساس ان
األصل في الفعال اإلباحية ،فما هي اذن الحاالت التي تبقي معها المسؤولية الجنائية في
الجرائم الصحفية ؟ هذا ما سأعمد الى اإلجابة عليه من خالل فقرتين :
النقد هو امر او عمل معين لبيان مزاياه وعيوبه ،وقد قيل ان النقد المباح يختلف اختالفا
جوهريا عن القذف ،فاألول ليس فيه مساس بشرف الغير او اعتبار او سمعته ،وانما هو
تعليق او حكم على تصرف او عمل معين بدون قصد المساس بشخص صاحبه ،فالتمييز بين
الشخص وبين عمله او تصرفه هو الذي يفصل الحدود بين دائرة النقد المباح والقدف المعاقب
عليه .وقد رفض الفقه بحق الوهة النظر ،ألنها تحصر حق النقد في المجال الذي ال تثار
فيه اية صعوبة ،فاذا اقتصر الناقد على النعي على تصرف او عمل معين دون المساس
بشخص صاحبه ،كالنقد الموجه الى قانون او قرار معين فال تتوافر بذلك اركان جريمة
القذف .ومن ثم يعتبر حق النقد في هذه الحالة سببا لإلباحة .
92
93
وتثار الصعوبة في الحاالت التي تتوافر فيها اركان جريمة القذف او السب او غيرهما من
جرائم النشر التي يتضمنها النقد عندما يتضمن الحكم او النعي على التصرف او العمل في
نفس الوقت نعيا او مساسا بشخص صاحبه ،ذلك انه في غالب األحوال يكون من الصعوبة
الفصل بين تصرفات االنسان وبين شخصه .االمر الذي يعني ان الحكم على تصرف معين
قد يستتبع المساس بشخص صاحبه .
بناء عليه ،فالراجع ان عمل الناقد تتوافر فيه اركان الجريمة ومع ذلك ،فهو مباح ترجيحا
للمصلحة االجتماعية وهي أولى بالرعاية من مصلحة الفرد في حماية شرفه واعتباره .
وحق النقد يعتبر تطبيقا لحرية الراي او الصورة الرئيسية لها ،والشك في أهمية البالغة
،بالنسبة للفرد والمجتمع على السواء ،فهو يؤدي الى التطور نحو األفضل .وذلك عن
الطريق اكتشاف العيوب القائمة والعمل على تفاديها ،باإلضافة الى اقتراح ما هو افضل
لمصلحة المجتمع بل ان بعض الدساتير قد وصفته بانه ضمان لسالمة البناء الوطني .
ان حق النقد يعتبر تطبيقا لمبدا أساسي وهو حرية الفكر والراي ،ضمن الحقوق األساسية
لإلنسان ان تكون له الحرية في إيذاء رايه في كافة المسائل واألمور طالما انه يلتزم
بالموضوعية ويبتعد بآرائه عن المساس باألخرين والتشهير بهم .فاألصل في النقد ان يكون
مباحا ،فاذا التزمت حدوده ورعيت الشروط الواجبة فيه يكون عمال مشروعا وفقا للقواعد
40
العامة ودون حاجة الى نص يقرره
93
94
المقصود بالواقعة الثابتة هو وجود موضوع مسلم به يرد عليه النقد ،فحق النقد متجه الى
تحقيق المصلحة العامة لذا ينبغي ضرورة ابتعاده عن تزييف الحقائق او تشويهها ،فالشرط
األساسي والركن الهام لحق النقد هو ان تكون الواقعة ثابتة وصحيحة ،فالشخص الذي يعلق
على عمل او واقعة لم تخرج الى حيز الوجود ال تعتبر آراؤه من قبيل النقد المباح
فالنا قد ما هو اال باحث عن الحقيقة ،فمن المستحيل أحيانا ان تكون الواقعة التي كشف
عنها او ذكرها ال تحمل مجاال للشك ،ولكي يستفيد المتهم من حق النقد كسبب من أسباب
االباحة فيكفي له ان يثبت انه بذل مت في وسعه من بحث وتحر وتواصل الى ثبوت واقعة
او صحة راي فأبداه بنية سليمة ،وال ينفي االباحة ان ثبت فيما بعد عدم صحة او سداد الراي
41
الذي ابداه .
94
95
المقصود هنا ان تكون الواقعة ذات أهمية جماهيرية عامة أي (تهم المجتمع)فإباحة النقد ال
يجيز التعرض للحياة الخاصة ألفراد ،فتناول الحياة الخاصة يؤدي الشعور العام في
المجتمع ،نظرا ألن اآلداب العامة تأبى تعريض خصوصيات الناس لالطالع.
غير أنه ال يشترط أن تكون الواقعة ذات طابع سياسي أو اجتماعي لكي تهم المجتمع ،بل
يكفي أن تتجه الواقعة إلى الجمهور وتعكس آثارها على عدد غير محدود من الناس ،فعمل
أصحاب الحرف والمهن ،كاألطباء والمحامين والتجار يهم الجمهور وأصحاب هذه المهن
يرتضون أن تعرض أعمالهم على الناس لمعرفة حكمهم عليها.
بما أن النقد هو رأي أو حكم على واقعة فلكي يكون عمل الناقد في دائرة اإلباحة يجب أن
ينصب على الواقعة وال يخرج عنها.
فالرأي يجب أن يكون دائما منصبا على الواقعة ومتصال بها ومؤسسا عليها لكي يستطيع أن
يعين القارئ أو السامع عل ى تقدير قيمة ما يكتب أو ما يقال وحتى تكون الوقائع بمثابة
األسباب من الحكم تشهد بصحته أو خطئه.
وألن النقد إبداء لرأي في واقعة معينة فإن خطأ الرأي أو اختالف وجهات النظر
ال يخرج الناقد عن دائرة اإلباحة .فالرأي مهما كان عنيفا أو مبالغا فيه أو كونه ال يتفق مع
42
آراء المنتظر من مثله وفي مثل ظروفه.
95
96
إن استناد النقد إلى واقعة تهم الجمهور وتكون ثابتة يستوجب التزام الناقد باالبتعاد عن
التشهير أو التحقير أو التجريح.
فخروج الناقد على اعتبارات اللياقة في عباراته ينفي عنه توجهه بالنقد إلى تحقيق المصلحة
العامة .وقد يعد دليال على أنه أراد أن يتستر خلف حق النقد ابتغاء التجريح أو االزدراء
بالمجني عليه.
ويجب أن يصاغ النقد بطريقة مالئمة للموضوع ،ويراعى فيه قدر من التناسب المعقول مع
ظروف الواقع وفخامة الحدث أو فداحته.
وال يعيب ال نقد أن تكون عبارته مرة قاسية إذا كانت المناسبة التي يقال فيها تستوجب ذلك
،ولقاضي الموضوع السلطة التقديرية في إثبات مدى مالئمة العبارة على ضوء الموضوع
والظروف التي تم فيها النقد.
وأيا ما كان جالل الخطب فإنه ال يجوز الشطط في النقد إلى حد رمي المجني عليه بأقسى
األوصاف وأحقرها.
كذ لك إذا كنت تجاوز حدود النقد المباح عن طريق استعمال رموز غير الئقة ،فهدا يستوجب
عقاب صاحبه ،فقد قضي بأن سياسة الحكومة عن طريق الرمز إلى رئيس الوزراء بصورة
راقصة عارية يستوجب عقاب صاحبه.
يشترط اإلباحة النقد أن يتم بحسن نية ،أي أن يعتاد الناقد في صحة الرأي الذي يقدمه تعليقا
43
على الواقعة.
96
97
وأن يتوخى من وراء ذلك تحقيق المصلحة العامة ،فال يباح النقد إذا تم بغرض
التشهير أو التجريح بالمجني عليه.
فحسن النية يتوافر بأمرين :
والمقصود بالنفع العام ،هو انحسار النقد عن األمور الخاصة التي ال تهم الرأي العام وعدم
الفائدة من متابعيها ،فحق النقد شرع من أجل صالح الجماعة.
ال ينبغي القول بأن حسن النية (ابتغاء المصلحة العامة) يجب أن يقدم في كل األحوال على
ما عداه ،وإال الستطاع الكاتب تحت ستار الدفاع ظاهريا عن مصلحة عامة مزعومة أن
ينال من كرامة الموظف دون أن يناله القانون بعقاب.
على هدا األساس إذن فان النقد الذي يحترم مبادئ الدستور والضوابط القانونية يكون نقدا
مباحا ،ويعود بالنفع والفائدة على المجتمع ،هدا األخير الذي يحق له أن يعلم وينتقد ما هو
في حاجة إليه ويتهمه.
تؤدي وسائل اإلعالم على اختالف أنواعها ،وبصفة خاصة الصحافة المكتوبة دورا هاما في
المجتمع ،فهي تعمل على إقامة ما يمكن أن نطلق عليه "الوحدة المعنوية بين أبناء المجتمع
"اذ أنها السبيل إلى معرفة ما يدور فيه واإلحاطة بالقيم االجتماعية السائدة.
بين افراد المجتمع ،فتكون بذلك رباطا ادبيا يجمع بينهم .كما ان وسائل االعالم تحد الوسيلة
44
الفعالة لمعرفة االعمال التي تصدر ممن يتصدون لتمثيله وخدمته .
97
98
أوال :ان الوظيفة األولى للصحافة هي نشر االخبار ،بل ان الترخيص بقيام الصحفية ينطوي
في نفس الوقت على ترخيص بنشر االخبار .
ثانيا :ان للمجتمع مصلحة جوهرية في ان يعلم بما يجري بين جنباته سواء من الحاكمين او
المحكومين ،والصحافة تؤكد هذه المصلحة .
ثالثا :ان يرد على اخبار ال يحظر القانون نشرها :ال شك في ان حرية المعلومات تعتبر
شرطا أساسيا لحرية الصحافة ،وتعتبر مبدا أساسيا في جميع الدول الديمقراطية ،اال ان
المشرع قد يرى ان بعض المعلومات ال يجوز نشرها الن الراي العام ال حق له في معرفتها
.ويكون ذلك في أحوال محددة بينها القانون ،مثال ذلك إذاعة سر من اسرار الدفاع عن
البالد .
يمكن تعريف اخالقيات او آداب المهنة " بانها مجموعة المبادئ وقواعد السلوك الحسن ذات
الطبيعة األخالقية التي تضعها مهنة او مهمة معينة ( الصحافة ،الطب ،الهندسة ،المحاماة
،القضاء ،البرلمانيون ،الخ ) ،وتحرض على مراعاتها من طرف كل من ينتمي للمهنة او
المهمة وذلك عن طريق نظام للرصد وللجزائيات يمكن ان يصل الى حد فصل شخص من
45
المهنة او المهمة جراء اخالل خطير بتلك القواعد .
45طارق سرور مرجع سابق من ص 103الى ص 106وشريف سيد كامل ص 68الى 75
عبد العزيز النوضي الصحافة امام القضاء دليل للصحافين والمحامين مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2008ص 105
98
99
ومن الواضح ان احترام الصحفيين ألخالقيات المهنة سيسهم في ان تلعب الصحافة دورا
بناء ومؤثرا في المجتمع في حين ان عدم مراعاتها قد يقود الى الحاق اضرار جسيمة بحقوق
االفراد والمجتمع ويمس بسمعة المهنة ومصداقيتها وبدورها في المجتمع .
99
100
وترى النقابة ان هذه الممارسات المنافية ألخالقيات المهنة لها عدة اسباب من بينها
✓ خضوع الجرائد لتوجيه مركزي من طرف المدير او رئيس التحرير حيث يغيب
صوت هيئة التحرير
✓ غياب مواثيق شرف او مجالس للتحرير يمكنها تقييم االداء المهني واألخالقي
للصحفيين.
ان عدم االلتزام باألخالقيات التي تفرضها مهنة الصحافة على أعضائها تعبر مسا
وإخالال بالحرية الممنوحة لها ،مما يعني إنذارا يمنح اجهزة الدولة إمكانية التضييق على
الصحفيين بدافع عدم احترامهم لحرية األطراف المعتدى عليهم ،وعد التزامهم بالمسار
الواجب إتباعه.
هذا إذن مجمل القول حول نظام المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة وفقا للتشريع
المغربي ،وكذا حاالت انتفاء المسؤولية في هذه الجرائم ،بالرغم من كون المشرع المغربي
لم يعمل على تنظيم حاالت االنتفاء ،وتبقى محاوالت النقابة الوطنية للصحافة من اجل
إرساء ميثاق اخالقيات المهنة قاصرة.
46للتوسيع في هدة الموضوع انظر مؤلف األستاذ جمال الدين الناجي وسائل االعالم والصحفيون موجز اداب المهنة ترجمة مصطفي
الناوي منشورات مركز التوثيق واالعالم والتكوين في مجال حقوق االنسان يناير 2004ص 272
100
101
101
102
الخاتمة :
من خالل ما تناولناه في هذا البحث المتواضع يتضح أن المشرع المغربي اعتمد في وضع
التنظيم القانوني للصحافة على قوانين صدرت في عهد الحماية ،ونخص بالذكر ظهير 27
أبريل 1914وظهير ، 1920وكذا ظهير 1936التي كانت مستمدة بدورها من قانون 29
يوليوز 1881الفرنسي ،هذا التنظيم الذي عمل على ضبط مختلف مراحل إنجاز العمل
الصحفي بكيفية توازن بين ضرورة […]
خاتمة البحث
[…] على ضبط مختلف مراحل إنجاز العمل الصحفي بكيفية توازن بين ضرورة احترام
حرية التعبير وضرورة احترام النظام العام والحياة الخاصة لألفراد كما هو ملحوظ من
خالل بنوده ال يتالءم والتطورات الحديثة وكذا ظروف المجتمع الحالي ،وهو ما جعل قانون
الصحافة تشوبه مجموعة من الثغرات – تحولت من نصوص قانونية إلى أسلحة فتاكة في
يد أشخاص وهيئات تستعملها لتصفية الحسابات – ،وذلك من قبيل عدم التحديد الدقيق
لبعض المصطلحات مثل النظام العام ،المصلحة العامة ،الشؤون العامة ،المس بالنظام
الملكي والدين اإلسالمي والوحدة الترابية ،مما يفتح الباب على مصراعيه للتحكم والتعسف
.وعلى هذا النحو فإن كل رأي نقدي في المجال الديني ،أو في حق الدستور ،أو حول
السياسة المتبعة في قضية الصحراء مثال يمكن المعاقبة عليه جنائيا .
وتجدر اإلشارة بهذا الصدد إلى أن مفهوم التعبير عن رأي يجادل في النظام الملكي والدين
اإلسالمي كما جاء في الفصل 39من الدستور والمتعلق بالحصانة البرلمانية أكثر دقة .
أما المالحظة الثانية التي يمكن إثارتها هنا هو أن المشرع خول لإلدارة اتخاذ عدة تدابير لها
مساس بكل وضوح بحرية تداول الصحف كالتوقيف والمنع والحجز وهو مقتضى غير سليم
102
103
للسياسة الجنائية ،حيث كان باألحرى معاقبة المسؤولين عن الجرائم الصحفية متى كان
لذلك محل مع بقاء الجريدة منبرا ووسيلة للتعبير والرأي وإنارة الرأي العام .
وما يالحظ أيضا أنه حتى التعديالت المدخلة على هذا القانون لم تصل بعد إلى المستوى
المرغوب ،فقانون الصحافة يحتوي على سلبيات ما كان ليحتوي عليها لو ال تعديالت
قانون .77.00
أضف إلى كل هذا – ،وهو ما لمسناه من خالل اطالعنا بمعاهد اإلعالم واالتصال على
أهم المواد المدرسة بها – ،أن هناك ضعفا في مستوى التكوين القانوني للصحفيين باستثناء
بعض خريجي كليات الحقوق والمهتمين بالحقل القانوني ،عالوة على وجود دخالء على
المهنة ال تربطهم أية عالقة بالعلوم القانونية األمر الذي يؤدي إلى تسجيل مجموعة من
الخروقات ألخالقيات المهنة الصحفية.
ومما يثير االستغراب هنا أنه حتى مع وجود مقتضيات بقانون الصحافة تعتبر بعض األفعال
جريمة تستوجب توقيع العقاب على مرتكبها فتبقى بدون جدوى ،حيث ال نجد في بعض
األحيان متابعات قضائية في حق المخلين بما يقضي به قانون الصحافة ،ونستحضر بهذا
الخصوص حالة ” سفاح تارودانت ” التي قامت أغلبية الصحف المغربية بنشر صورته
دون موافقة منه ،وذلك لما ألقت الشرطة القضائية القبض عليه ،ولم تتم – لألسف الشديد
– المتابعة في حقهم ،والحال أن قانون الصحافة ،وأيضا قانون المسطرة الجنائية ينصان
على منع نشر صور الجاني .أال يعتبر هذا مسا بحقوق األفراد وحرياتهم ،وإهدارا ألحد
الحقوق التي أقرها المشرع للمتهم ؟ أليس من شأن مثل هذا أن يؤدي إلى إفراغ النصوص
القانونية من محتواها وبقاءها بدون جدوى؟ وما هو الغرض من وضع المشرع لنصوص
قانونية رادعة مع بقاءها جامدة ؟ فهل يعتبر هذا تزيينا للواجهة أم تهديدا يبقى دون فعالية ؟
بناء على هذه النتائج واإلشكاالت التي عرضنا لها فاألمر يقودنا إلى مناشدة المشرع
المغربي العمل على ما يلي :
103
104
• ضرورة التحديد الدقيق للمقصود بمصطلحات النظام العام ،المصلحة العامة ،
الشؤون العامة ،المس بالدين اإلسالمي والنظام الملكي والوحدة الترابية وغيرها مما
ورد في قانون الصحافة وذلك لسد الباب أمام التعسف ،واحتراما للنص القاضي
بأنه « ال جريمة وال عقوبة إال بنص» وأيضا لضمان حرية التعبير ومعرفة الحدود
التي تقف عندها ،خاصة ونحن في بلد يسير نحو الديمقراطية ودولة الحق والقانون
.
• وجوب العمل على وضع ضوابط تكون كفيلة للرفع من مستوى التكوين القانوني
للصحفيين .
• ضرورة ترميم قانون الصحافة ،بالعمل على تجاوز سلبيات قانون 77.00المعدل
لظهير 15نونبر 1958في شقه الخاص بالصحافة ،مع إعادة النظر في العنوان
المخصص للباب الرابع من القانون المذكور ،والذي جاء فيه « الجرائم أو الجنح
المرتكبة عن طريق الصحافة والنشر» ! وإعادة صياغته تحت عنوان « الجرائم
المرتكبة عن طريق الصحافة » أو أي عنوان يتالءم والصياغة الصحيحة والدقيقة
للمصطلحات القانونية .
• إلزام الجهات المكلفة بالمتابعة بتحريك هذه األخيرة تحت طائلة العقاب كلما تبت أن
هناك خرقا لمقتضيات قانون الصحافة من قبل أي صحفي ما لم يكن ذلك متوقفا على
إذن أو شكاية أو تقديم طلب.
• منح الصحفيين حرية كافية إلبداء الرأي وفضح الممارسات السياسية البشعة وما
شابه ذلك ،وبالمقابل تشديد العقوبات على كل من تجاوز الحدود الفاصلة بينها وبين
النظام الع ام وحقوق األفراد وحرياتهم ،وأخل بأخالقيات المهنة ،وذلك خدمتا للرأي
العام وتنويرا للصحافة النزيهة .
فحقيقة القول بأن الصحافة حرة ال يتعارض مع القول بأن الصحافة مسؤولة ،فهذه
المسؤولية ال تتعلق بحرية الصحافة ،وإنما بالتجاوز في استعمال هذه الحرية .ومن ثم فإن
التجاوز هو المساءلة وليست حرية الصحافة.
104
105
وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أن الصحافة المغربية بدورها وخاصة في اآلونة األخيرة ،
أصبحت سلطة رابعة كما هو الشأن بالنسبة للدول الديمقراطية الغربية ،ومن تما فهي ال
تقل خطورة وأهمية عن السلطات الثالث األخرى إن لم نقل أكثر منها نظرا لتعلقها
وارتباطها اليومي بالرأي العام ولتواصلها الدائم مع المجتمع المدني والسياسي ،األمر الذي
يفرض عليها أكثر من أي وقت مضى أن تكون سلطة لتنوير األفراد وإتاحة الفرصة لهم
لالختيار الحر والعقالني وليست سلطة عليهم ترهبهم بالتضليل واالنحياز واالعتداء على
كرامتهم واعتبارهم.
وإذا كانت لكل سلطة رقابة ،حيث المحاكم اإلدارية وسيلة رقابة على أعمال السلطة
التنفيذية ،والمجلس الدستوري آلية لمراقبة أعمال سلطة التشريع والنظر في مدى دستورية
القوانين ،ولسلطة القضاء أيضا آليات رقابية لتفادي انحراف العدالة ،فإن ضآلة العمليات
الرقابية على الصحافة تجعل سلطة الضمير خير رقيب وخير حسيب.
105
106
الئحة المراجع
الكتب العامة
ـ طارق سرور :دروس في الجرائم النشر ،دار النهضة العربية ،القاهرة ، 2000 ،
الطبعة الثالثة ،
ـ للمزيد من التوضيح محمد ملياني :دروس في قانون الجنائي العام ،دار النشر قصور
وجدة 1998الطبعة الثانية ،
ـ محمد حماد الهيتي :الخطأ المفترض في المسؤولية الجنائية دار لثقافة و النشر والتوزيع
عمان 2005الطبعة األولى
ـ عبدالسالم بنحدو :الوجيز في القانون الجنائي المغربي ،المطبعة والورقة الوطنية ،
مراكش 2000طبعة رابعة .
ـ عبد الواحد العلمي :شرح القانون الجنائي المغربي القسم العام مطبعة النجاح الجديدة الدار
البيضاء 2002
ـ عبد العزيز مياج :الوضعية القانونية للصحفي المهني بالمغرب مطبعة النجاح الدار
البيضاء الطبعة األولى
ـ ليلى عبد المجيد حرية الصحافة والتعبير في الدولة العربية في ضوء التشريعات
الصحفية الواقع وافاق المستقبل مطابع الراي التجارية عمان 2000
106
107
ـ عبد العزيز النوضي الصحافة امام القضاء دليل للصحافين والمحامين مطبعة النجاح
2008 الجديدة الدار البيضاء
: أطروحة
ـ بوييس علي أطروحة ( جرائم الصحافة بين القانون المغربي والعمل القضائي ) دار النشر
2011 المعهد العالي للقضاء السنة
107
108
: المواقع االلكترونية
https://maraje3.com/2009/10/%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85- 1
%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B3%D8%A9-
%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D8%AD%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9/
https://cte.univ-
setif2.dz/moodle/mod/book/view.php?id=9050&chapterid=2168
108
109
الفهرس
مقدمة 1 ..........................................................................................
الفقرة االولى :تعريف جرائم الصحافة 8.... ..... .... ......... .............................
المطلب الثاني :وسائل ارتكاب جرائم الصحافة واثار الصحافة في التجريم 12.... .........
109
110
المطلب الثاني :اال حكام الخاصة بالمسؤولية الجنائية عن جرائم الصحافة 67...............
110
111
111