You are on page 1of 114

‫‪1‬‬

‫بحث لنيل شهادة االجازة في القانون الخاص‬


‫تحث عنوان‬

‫جرائم الصحافة في التشريع المغربي‬

‫تحت إشراف ‪ :‬الدكتور هشام بوحوص‬

‫من اعداد الطالبان ‪:‬‬


‫عبدالرحمان الموساتي‬
‫‪Nom :EL MOUSSATI‬‬
‫‪Prénom : ABDERRAHMAN‬‬
‫‪MASSAR :P131413454‬‬
‫يوسف البراق‬
‫‪Nom : EL-BRAK‬‬
‫‪Prénom : YOUSSEF‬‬
‫‪MASSAR :P154062904‬‬

‫السنة الجامعية ‪2021 / 2020 :‬‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬

‫الشكر والتقدير‬
‫ي بنعمة العقل والدين‪ .‬القائل في محكم‬‫أشكر هللا العلي القدير الذي أنعم عل َّ‬
‫التنزيل " َو َف ْوقَ ُك ِّ ِل ذِي ِع ْل ٍم عَ ِليمٌ" سورة يوسف آية ‪ ....76‬صدق هللا‬
‫العظيم ‪.‬‬
‫وقال رسول هللا (صلي هللا عليه وسلم)‪":‬من صنع إليكم معروفاً فكافئوه‪,‬‬
‫فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم كافأتموه" ‪.....‬‬
‫( رواه أبو داوود ) ‪.‬‬

‫وأثني ثناء حسنا وفاء ً وتقديرا ً واعترافا ً منا بالجميل نتقدم بجزيل‬
‫الشكر ألولئك المخلصين الذين لم يبالوا جهد ًا في مساعدتنا في مجال‬
‫البحث العلمي‪ ،‬ونخصص بالذكر األستاذ الفاضل ‪ {:‬الدكتور هشام‬
‫بوحوص‪ }.‬على هذه الدراسة وصاحب الفضل في توجيهنا ومساعدتنا في‬
‫تجميع المادة البحثية‪ ،‬فجزاه هللا عنا كل خير‪.‬‬

‫وال ننسى أن نتقدم بجزيل الشكر الى كل األساتذة االفاضل" الذين قاموا‬
‫بتوجيهنا طيلة هذه الدراسة ‪,‬‬

‫وأخير ًا ‪,‬نتقدم بجزيل الشكر إلي كل من مدوا لنا يد العون والمساعدة‬


‫في إخراج هذه الدراسة علي أكمل وجه‪.‬‬

‫اهـــــــــداء‬
‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫الـــى مـــن قـــال هللا تعـــالى فيهمـــا‪ {:‬وقضـــى ربـــك اال تعبـــدوا اال إيـــاه‬
‫وبالوالدين احسانا } ‪.‬اآلية ‪ 23‬من سورة االسراء‬

‫الى منبع الحب والحنان‪ ،‬امنا الغالية‬

‫الى الذي يحترق شعلة إلنارة طريق العلم ابينا العزيز‬

‫الى االخوة واالخوات االفاضل حفظهم هللا‬

‫الى كل األصدقاء والصديقات‬

‫الى كل األساتذة الذين ابلوا البالء الحسن من اجلنا‬

‫الى أستاذ المشرف حفظه هللا ورعاه‬

‫الى كل هؤالء نهدي عملنا وجهدنا المتواضـــع مع خالص الشـــكر واطيب‬


‫المتمنيات‬

‫‪3‬‬
‫‪1‬‬

‫مقدمة‬

‫ان البحث في موضوع جرائم الصحافة ‪ ،‬امر ليس بيسير نظرا لقلة المراجع التي تناولت هذا‬
‫الموضوع‪ ،‬والن الموضوع لم يكن متواجدا اصال في االطار الفقهي ‪ ،‬كما ان مسالة انجاز‬
‫بحث ميداني على المستوى العمل القضائي داخل الدائرة القضائية التي قمنا فيها بالتمرين‬
‫وجدنا فيه صعوبات بالغة نظرا لغياب االحكام الصادرة في الموضوع ‪ ،‬حيث ان معظم‬
‫الشكايات المقدمة تحال على محاكم الدار البيضاء والرباط لالختصاص كون معظم الصحف‬
‫متمركزة في هذه المدن ‪.‬ففي الوقت الذي نرغب فيه تطعيم هذا البحث ببعض االجتهادات‬
‫الصادرة عن محاكم التابعة للدائرة القضائية التي قمنا فيها بالتدريب واجهتنا صعوبات تتجلى‬
‫في ندرة االحكام ‪ ،‬مما دفعنا الى االعتماد على بعض االحكام الصادرة عن محاكم اخرى‬
‫والتي حامت حولها العديد من النقاشات وحتى االنتقادات كما اعتمدنا كثيرا على آراءنا‬
‫الشخصية وكدا اآلراء التي استوحيناها من خالل اللقاءات التي اجريناها مع اصحاب الميدان‬
‫او المهتمين ‪ ،‬بخصوص االشكاالت التي يطرحها الواقع العملي املين ان نتوافق في االحاطة‬
‫بأهم الجوانب الخاصة بهذا الموضوع ‪.‬‬

‫اذا كانت الجريمة ظاهرة متنوعة فإنها يمكن ان ترتكب من قبل شخص امي جاهل ‪ ،‬كما‬
‫يمكن ان ترتكب من قبل شخص على مستوى عالي من العلم ‪ ،‬وهو ما تجسده جليا الجريمة‬
‫الصحفية ‪ .‬فلهذا السبب يمكن تعريف الجريمة الصحفية على انها كل فعل او امتناع مخالف‬
‫لقانون الصحافة ‪ ،‬ومعاقب عليه بموجب مواد هذا القانون ‪ .‬غير ان مرتكب هذه الجريمة‬
‫يمكن ان يعاقب بموجب قوانين اخرى كما سنرى من بعد‬

‫وقد احتد النقاش مؤخرا حول اخالقيات مهنة الصحافة والحد المسموح به في النقد المتاح‬
‫للصحفي خصوصا عندما يتعلق االمر بأغراض المواطنين وسمعة االفراد والعائالت ‪،‬و‬
‫المس بسرية التحقيق عند نشر االجراءات القضائية والمتابعة ومختلف مراحل المحاكمة ‪.‬كما‬
‫يصبح المواطنون عرضة لعدة اعتداءات من جراء المنشورات الصحفية تحث ذريعة حريتي‬
‫التعبير والرأي اللتان تستعمالن بصفة سلبية ‪ ،‬الغرض االساسي منها جني االرباح من خالل‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬

‫اثارة المشاعر واختالف االخبار الكاذبة والمثيرة للتشويق ‪،‬فنكون امام ضررين ضحيتهما‬
‫االول ‪ ،‬المواطن اما من جراء استهدافه مباشرة من قبل المقال الصحفي ‪ ،‬معرضا اياه‬

‫لإلهانة او القذف او السب او من خالل حرمانه من معرفة انطالق الخبر الموثوق والصادق‬
‫ان ما يميز الجريمة الصحفية هو انها تأتي في المرتبة االولى من خالل عددها الذي يبقى‬
‫اسير الرقم االسود لألجرام دون ان تحرك المتابعة واثارة المسؤولية وتوقيع الجزاء على‬
‫المسؤول عنها وعلى سبيل المثال تلك الجرائم التي ترتكب من خالل نشر لصورة االشخاص‬
‫وخاصة او الئك المتابعين في قضايا جنائية دون ادن مسبق منهم او من الجهات المخول لها‬
‫ذلك قانونا ناهيك عن انتهاكات الصحف لمبدا سرية التحقيق ونشر وثائق االتهام ‪،‬اضافة الى‬
‫جرائم السب والقذف والمساس بالحياة الخاصة لألفراد ‪...‬‬

‫ففي الوقت الذي يتوجب على وسائل االعالم والنشر توعية الرأي العام بمخاطر الجريمة‬
‫بغية القضاء عليها ‪ ،‬بمختلف اشكالها ‪ ،‬نجد هذه الفئة ترتكب هذا النوع من الجرائم الذي ال‬
‫يقل خطورة على الجرائم االخرى ‪ .‬ولعل من اهم اسباب ذلك ‪ ،‬غياب التكوين القانوني لدى‬
‫العاملين في الحقل االعالمي ‪ ،‬فقلة منهم من خريجي كليات الحقوق هي التي تلج مجال‬
‫النشر واالعالم ‪ ،‬او الذين يتخرجون من معاهد علوم االعالم والذين ال يتلقون سوى مبادئ‬
‫القانون ‪ .‬اما غالبية الصحفيين ليس لهم اي تكوين قانوني ومن امثلتهم مجازو االدب العربي‬
‫والفرنسي وحتي االنجليزي وغيره ‪ ...‬فأي عالقة لهؤالء بالمجال القانوني ؟‬

‫وخير دليل على ما نقوله عدم اعتراف هذه الفئة بالمفهوم الجريمة الصحفية ‪ ،‬وتساؤلهم‬
‫المتكرر عن اية جريمة ترتكبها الصحافة بالمغرب ؟ فاذا كان هؤالء ال‬

‫يؤمنون او على األقل ال يعلمون بما يرتكبونه من جرائم فكيف ينتظر منهم عدم ارتكابهم‬
‫لها هم ومن يعملون تحت امرأتهم ؟!‬

‫ان الصحافة ومنذ زمن بعيد لها تأثير على الرأي العام تجاه من تنشر عنهم خبر اإلدانة قبل‬
‫إدانتهم من الجهة المخول لها ذلك قانونا‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫إن الوقت قد حان لكي تعرف الصحافة بأنها ترتكب من الجرائم ماال يرتكبه أولئك الذين‬
‫تدينهم‪ ،‬وخالل خبر واحد قد ترتكب الجريدة عدة جرائم ‪ ،‬بدءا بالمساس بمبدأ سرية التحقيق‬
‫مرورا بنشر صور ة الفرد دون موافقته ‪،‬والتي تعتبر امتدادا لشخصيته ‪،‬إضافة الى التحريض‬
‫على الفساط‪ ،‬والتحريض على السحر والشعوذة في االعالنات ‪.‬ان التكوين القانوني‬
‫للصحافيين المغاربة هو السبيل الوحيد لجعل الصحافة في المستوى الذي يأمل الرأي العام‬
‫المغربي ان يراه عليه ‪،‬خصوصا بعد صدور قانون تحرير القطاع السمعي البصري‪.‬‬

‫وا لغريب من كل هذا ان معظم الملتقيات التي تعقدها المؤسسات الصحافية ال تتطرق في‬
‫جدول اعمالها ولو لنقطة وحيدة تتعلق بجرائم الصحافة ‪،‬أو تحاول غلى األقل توعية‬
‫الصحفيين بخر وقات الصحافة للقانون حيث يطغى على هذه الملتقيات طابع المطالبة بما‬
‫يهم كل واحد‪ ،‬كتأهيل المقاولة الصحفية وانفتاحها على الوسائل التكنولوجية ومنهم من‬
‫يطالب بتمتيع هيئة اخالقيات المهنة الصحفية بصالحيات قضائية ومدى قدرة الصحافة‬
‫المغربية على المنافسة مما يبعد الجريمة الصحفية عن كل اهتمامات الصحفيين‪.‬‬

‫وقبل ان نخوض في موضوع هذا البحث البد ان نتطرق كذلك الى تعريف الصحافة ولو‬
‫بشكل سريع ‪.‬‬

‫لقد عرف االنسان الصحافة منذ عهد قديم بل منذ ان وجد على األرض ‪،‬إال ان ظروف‬
‫البحث ال تسمح لنا بالتعمق في هذه النقطة ‪ ،‬مما يجعلنا نتطرق اليها فقط من زاوية المفهوم‬
‫الحديث للصحافة ‪،‬من خالل وظيفتها المتمثل في جمع االخبار ونشرها وتفسيرها بالتعليق‬
‫عليها‪.‬‬

‫ولتوضيح ما المقصود بمصطلحي جمع االخبار ونشره وكذلك التعليق عليه ‪،‬يمكن القول ان‬
‫األول يقصد به ان تشبع الصحافة غريزتها في االستطالع عند الجمهور في شتى مجاالت‬
‫الحياة دون االقتصار على مجال معين ‪،‬وهذا لن يأتي لها أال باالعتراف لإلعالم وللصحافة‬
‫على وجه الخصوص بحقه في الحصول على المعلومات ‪.‬هذا الحق الذي ينبغي حتى‬
‫يتبلور ان تمكن اجهزة الدولة العاملين في الحقل االعالمي من الخصول على المعلومات‬

‫‪3‬‬
‫‪4‬‬

‫الصحيحة بدون تحكم ما لم تكن مطبوعة بالسرية بحكم القانون كسرية التحقيق وسرية‬
‫الجلسات في دعاوى ال تطليق والطالق‪...‬وان توظف كذلك هذه المعلومات بشكل ال يحق‬
‫الضرر باألخرين‪.‬‬

‫اما نشر االخبار فالمقصود به تمكين الصحفيين من حق النشر وأال يصادر هذا الحق ألي‬
‫سبب كان طالما انه ال يشكل أي اعتداء على مصالح الدولة العليا كنشر االخبار عن الدفاع‬
‫الوطني وعن امن الدولة الداخلي والخارجي‬

‫ويجب اإلشارة الى أن النشر ال يتم إال بعد استيفاء مختلف االجراءات المقررة قانونا‪.‬‬

‫لكن تفسير الخبر والتعليق عليه يبقى األهم من المفهومين االولين اذ يحتمل اتخاذ الصحفي‬
‫احد الموقفين في عمله ‪ ،‬فهو إما يفسر الخبر وذلك بشرحه بواسطة تحليل صورة مبسطة‬
‫لفهمه من طرف عامة الناس خاصة اذا كانت األمية متفشية في الشعب ‪.‬وإما يعلق وينتقد‬
‫وهنا ال بد من اتخاذ الحذر التام حتى ال يخرج عن االسس الموضوعية ‪،‬وتدخل فيه‬
‫اعتبارات شخصية وذاتية ألن حق النقد وإن كان األصل فيه االباحة فإنه ال ينبغي اإلساءة‬
‫في استعماله‪.‬‬

‫و هكذا تبقى الصحافة من أهم الوسائل الحديثة في اإلفصاح غن الرأي ‪ ،‬فهي حرية الفرد في‬
‫نشر ما يشاء بواسطة الوسائل المنصوص عليها في الفصل ‪ 38‬من قانون الصحافة ‪،‬ويتمكن‬
‫الفرد من ابداء اراءه علنا‪ ،‬والتعبير عن افكاره عن طريق مقاالت في جرائد أو الكتب أو أية‬
‫وسيلة من وسائل النشر بقصد اطالع الرأي العام على سير الحوادث‪ .‬وقد يتضمن ذلك نقدا‬
‫لألشخاص اصحاب التصرفات واآلراء او ماسا باعتبارهم وسمعتهم ‪ ،‬ويكون النقد في العادة‬
‫مكونا لجريمة القذف والسب أو االهانة وللتوفيق بين االعتبارين وضعت الضوابط القانونية‬
‫األزمة والتي تضمنتها مواد ظهير ‪ 15‬نونبر ‪1958‬قي شقه المتعلق بحريتي التعبير والرأي‬
‫وكذا الفصلين ‪442‬و ‪ 443‬من القانون الجنائي‬

‫‪4‬‬
‫‪5‬‬

‫التعريف بالموضوع ‪:‬‬

‫ان حرية التعبير وان كانت تشكل احد االعمدة األساسية للمجتمعات الديمقراطية حسب ما‬
‫كرسته المادة ‪ 19‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكدا المادة ‪ 10‬من‬
‫االتفاقية األوروبية لحقوق االنسان ‪ ،‬فإنها كما وردت في المواثيق الدولية ليست حقا مطلقا ‪،‬‬
‫ذلك ان التحفظ الوارد في المادة ‪ 19‬يفيد ان حرية التعبير يجوز اخضاعها لبعض القيود‬
‫شريطة ان تكون هذه األخيرة محددة بنص القانون وان تكون ضرورية الحترام حرية‬
‫االخرين وحقوقهم ‪ .‬فكيف اذن انطالقا من المعادلة يمكن وضع حد فاصل بين حرية التعبير‬
‫إعالميا ‪ ،‬وبين احترام حقوق االفراد وعدم المساس بشخصياتهم وحرمتهم ‪ ،‬والحفاظ على‬
‫االمن وعدم المساس بالنظام العام واستقرار البالد ؟‬

‫لقد ابانت التجربة في المغرب ان ما يثيره هذا الموضوع من إشكاالت في عدة محاكمات‬
‫وتغطيات صحفية سواء في االعالم المكتوب او السمع البصري ‪ ،‬حيث يتم استغالل هذا‬
‫الحق ـ حق التعبير ـ في النيل من سمعة االفراد و التنكيل بهم ‪ ،‬وأثارت البلبلة والتأثير على‬
‫الراي العام وتوجيهه ‪ ،‬وتغييب بند الضمير والتدخل بشكل سلبي ‪ ،‬واعمال سوء النية في‬
‫توجيه المجتمع في بعض القضايا الحساسة ومن ثم القى على المحكمة والقاضي بصفة خاصة‬
‫عبء تحديد الحد الفاصل بين الحقيق وذلك من خالل تقدير مرامي العبارات التي يحاكم‬
‫‪1‬‬
‫عليها الناشر وتبيان مناحيها ‪.‬‬

‫‪ 1‬تنص المدة ‪ 19‬على انه" لكل حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حرية في التماس مختلب ضروب المعلومات وأفكار ونقلها الى‬
‫اخرين )‬
‫لكل شخص حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حرية الراي وحرية تلقي المعلومات او أفكار ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪6‬‬

‫منهجية البحث‬

‫إن الطرح الذي تنطوي عليه إشكالية البحث في موضوع "جرائم الصحافة" تتولد عنه‬
‫صعوبات بالغة بخصوص المنهج الصالح لتحليل الموضوع في كافة عناصره الدقيقة‬
‫والخروج منه بثمرة تنفع ‪،‬ولتحديد العناصر المكونة لبعض الجرائم المنصوص عليها في‬
‫القانون _سواء تعلق األمر بظهير ‪ 15‬نونبر ‪ 1958‬أو القانون الجنائي _يتطلب األمر‬
‫الوقوف عند بعض المفاهيم الواردة في النصوص ‪،‬نظرا لعمومتيها والتطرق إلى نظر‬
‫القضاء فيها وكيفية التعامل معها مع اإلشارة الى ردود األفعال الناتجة عن رأي القضاء‪.‬‬

‫خصوصا وان بعض النقاشات واالنتقادات تتعرض إلى مدى إمكانية تطبيق القانون الجنائي‬
‫على الجريمة الصحفية وتتعرض معها القضاء لالنتقادات مما يتعذر معه في كثير من‬
‫األحيان حصول االتفاق حولها سواء داخل القضاء نفسه ‪،‬أو اآلراء الفقهية والقانونية‬
‫‪ 15‬نونبر ‪ 1958‬الموجب القانون عدد‬ ‫‪.‬خاصة مع التعديالت التي غرفها ظهير‬
‫‪ 77.00‬وما عرفته الجريمة الصحفية من تطور ‪.‬جعلت المشرع والقضاء معه ‪،‬في حيرة‬
‫يصب معه في بعض االحيان إن لم نقل في العديد منها المالئمة بين حرية الرأي ومعه‬
‫حرية الصحافة خاصة ‪،‬واحترام حرية الفرد والحفاظ على األمن والنظام العام للدولة‪.‬‬

‫وتمشيا مع االشكالية التي طرحناها ارتأينا ان يتم بحثنا لهذا الموضوع في إطار خطة‬
‫تتضمن فصلين‪:‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬مفهوم جرائم الصحافة وانواعها‬

‫‪2‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة‬

‫‪ 2‬الحظ بهذا الخصوص الالئحة عن القرارات الصادرة عن محكمة االستئناف بالرباط حول قضية راب المحكمة االبابة‬

‫‪6‬‬
‫‪7‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مفهوم جرائم الصحافة وانواعها‪.‬‬

‫من خالل هدا الفصل سنتناول الحديث عن مفهوم جرائم الصحافة وشروط وقوعها‪،‬‬
‫وذلك من خالل (المبحث األول) وفي (المبحث الثاني) سنتطرق الى أنواع جرائم الصحافة‬
‫وجزاءاها‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم جرائم الصحافة وشروط وقوعها‪.‬‬

‫سأتحدث في هذا المبحث عن مفهوم جرائم الصحافة وشروط وقوعها ودلك من خالل‬
‫مطلبين (المطلب األول) التعريف بجرائم الصحافة وفي (المطلب الثاني) سأتحدث عن شروط‬
‫وقوعها‪.‬‬

‫تعد جرائم الصحافة من جرائم الراي والتعبير‪ ،‬أي من الجرائم التي يعاقب عليها القانون‬
‫بسبب التعبير عن أفكار او اراء او اخبار او معلومات او مشاعر و احاسيس ‪ .‬ويتطلب القانون‬
‫في هذه الجرائم كقاعدة عامة حصول هذا التعبير في احدى صورة العالنية ‪ ،‬مقدرا ان هذه‬
‫الكيفية في التعبير عن تلك األفكار هي التي تكتسبها خطورة تدعو الى توقيع العقاب بحق‬
‫مرتكبها ‪ .‬ويعد التشريع الفرنسي من أولى التشريعات التي نظمت جرائم الصحافة ‪ ،‬وذلك‬
‫بموجب قانون الصحافة الصادر سنة ‪ 1881‬النافذ فقد جاء هذا القانون شامال لمعظم جرائم‬
‫الصحافة ‪ ،‬فيما عدا بعض الجرائم التي ورد النص عليها في قانون العقوبات الفرنسي لسنة‬
‫‪ 1992‬النافذة في العام ‪ 1994‬كجريم تحريض العسكريين على العصيان بأية وسيلة ‪.‬‬
‫وبغية التعريف بالجريمة الص حفية ‪ ،‬يستوجب ذلك منا البحث في تعريف الجريمة الصحفية‬
‫وبيان الوسائل التي ترتكب من خاللها ‪ ،‬واثر الوسائل في التجريم ‪ .‬ولذلك سيتم تقسيم هذا‬
‫المبحث الى مطلبين ‪ ،‬اذ نتطرق في األول لتعريف الجرائم الصحفية ‪ ،‬ونكرس الثاني لبحث‬
‫‪3‬‬
‫ووسائل ارتكاب الجريمة الصحفية واثرها في التجريم ‪.‬‬

‫‪ 3‬مجلة رسالة الحقوق ‪ ،‬السنة السادسة ‪ ...‬العدل األول ‪ 2014.‬م الصفحة ‪90‬‬

‫‪7‬‬
‫‪8‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التعريف بجرائم الصحافة‬

‫أحاط المشرع الجرائم الصحفية ببعض القواعد الخاصة ‪،‬من الناحيتين الموضوعية أو‬
‫االجرائية ‪.‬فمن الناحية الموضوعية ‪،‬نجد ان المشرع قد استلزم في الجرائم الصحفية ‪،‬ركنا‬
‫لم يتطلب في غيرها من الجرائم ‪،‬أال وهو ركن (العالنية)كقاعدة عانة‪ ،‬وبصورة اكثر دقة‬
‫تطلب ان يتحقق النشاط أو السلوك المجرم في الجرائم الصحفية ‪،‬ركن العالنية من خالل‬
‫النشر أو اإلذاعة بإحدى وسائل الصحافة أو األعالم هذا من جانب ‪،‬ومن جانب آخر تجد‬
‫ان المشرع قد نظم المسؤولية الجزائية للصحفي وفقا لقواعد خاصة منصوص عليها في‬
‫قانون رقم ‪ 88.13‬المتعلق بالصحافة والنشر كما رتب على ارتكاب جرائم النشر بعض‬
‫العقوبات التي تناسب مع طبيعة الوسيلة التي ارتكبت بها الجريمة ‪،‬مثل نشر الحكم أو‬
‫تعطيل الصحيفة‪.‬‬

‫أما من الناحية االجرائية فقد أصبح االختصاص بالجرائم الصحفية منوطا بمحكمة‬
‫متخصصة هي محكمة (جنح الصحافة واإلعالم ) ‪،‬التي شكلت حديثا في محكمة االستئناف‬
‫الكرخ االتحادية على مستوى التنظيم بغرض الفصل في جرائم الصحافة واالعالم‪.‬‬

‫ولذلك نجد من المهم لغرض التعريف بالجرائم الصحافية بيان مدلول هذه الجرائم من‬
‫خالل تعريفها والتطرق لبحث الطبيعة القانونية‪ .‬وتأسيسا على ما تقدم سنقسم هذا المطلب الى‬
‫فقرتين نخصص الفقرة االولى تعريف جرائم الصحافة‪ .‬ونكرس الفقرة الثانية لطبيعة جرائم‬
‫الصحافة‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف جرائم الصحافة‪.‬‬

‫تعرف الجريمة بانها (فعل غير مشروع صادر عن إرادة اثمة يقرر له القانون عقوبة‬
‫او تدبيرا احترازيا ) وبما ان التشريعات المختلفة قد تجنبت بصفة عامة اصطالح جرائم‬
‫الصحافة او الجرائم الصحفية ‪.‬و قد اثرت على استعمال تعبير (الجنايات والجنح التي تقع‬
‫بواسطة الصحف او غيرها من طرق النشر ) كما فعل المشرع الفرنسي في قانون الصحافة‬
‫النافذ ‪ ،‬او استعمال تعبير ( الجنح التي تقع بواسطة الصحف وغيرها من وسائل النشر ) كم‬

‫‪8‬‬
‫‪9‬‬

‫‪4‬فعل المشرع المصري في الباب الرابع عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات المصري‬
‫‪ .‬ويمكن القول ابتداء بان الخالف قد وقع في الفقه الفرنسي والمصري بصدد تعريف الجريمة‬
‫الصحفية و تحديد طبيعتها ‪ .‬فقد ذهب البعض الى القول بان الجريمة ال تكون من جرائم النشر‬
‫وبالتالي من جرائم الصحافة ما لم تقع من خالل المطبوعات الدورية ‪ .‬فاذا كانت قد وقعت‬
‫بطريقة اخر كاإلذاعة الالسلكية او التلفزة او األشرطة السيمائية فال تعد من جرائم الصحافة‬
‫وفى تقديرنا بان الراي المتقدم وان كان ينسجم مع ما كان سائدا من كون الكتابة في الصحف‬
‫تمثل الوسيلة االقدام واألكثر شيوعا في وسائل التعبير عن الراي في الوقت الذي قيل فيه ‪.‬ولم‬
‫تكن قد ظهرت بعد الوسائل الحديثة لالتصاالت واالعالم بين الناس ‪،‬اذ أصبحت وسائل‬
‫االعالم المرئية والمسموعة هي السائدة ‪ ،‬وقد تراجعت الصحافة المكتوبة لتظهر بجانبها‬
‫الصحافة االلكترونية بظهور وانتشار استخدام الشبكة المعلوماتية الدولية كما ان الراي يخالف‬
‫المنهج التشريعي للقانون الفرنسي والمصري ‪ ،‬وكذلك عندما تحدث التشريع المغربي عن‬
‫جرائم النشر والعالنية ذاكرا الجرائم التي تقع بواسطة الصحف ووسائل االتصاالت واالعالم‬
‫األخرى من ضمنها ‪ .‬ولذلك فان الراي االخر األكثر قبوال ‪ ،‬هو الذي يعرف الجريمة الصحفية‬
‫‪،‬بانها السلوك المجرم الذي يعبر عن فكر او راي معين والواقع من خالل الصحافة المسمومة‬
‫او المرئية او المكتوبة او تلك التي تقع من خالل وسائل االتصال األخرى كما في العرض‬
‫السينمائي او الصحافة االلكترونية ‪ .‬ووفقا للراي الراجع لدينا وهو الراي الثاني فان الجرائم‬
‫التي ترتكب بواسطة الصحف ليس ت جميعا من جرائم الراي او الجرائم الصحفية التي احاطها‬
‫المشرع بأحكام خاصة ‪ .‬فارتكاب جرائم مثل النصب او االحتيال او االبتزاز او التهديد عن‬
‫طريق الصحف ال يجعل هذه الجرائم من قبيل جرائم الصحافة طالما كانت هذه الجرائم ال‬
‫تتضمن تعبيرا عن الراي او الفكر من جانب كما ان العالنية المطلوبة في جرائم الصحافة‬
‫كركن أساس ليس مطلوبة في تلك الجرائم من جانب احر ‪ ،‬لذلك سواء حصلت بغير طرق‬
‫العالنية او من خاللها فاإلمر سيان وخالصة القول بانه تخرج عن معنى جرائم الصحافة كل‬
‫جريمة ليس فيها اعالن بالنشر في الصحف او المجالت عن أفكار او نحوها معاقب على‬

‫مجلة رسالة الحقوق ‪ .‬السنة السادسة ‪ ...‬العدد األول ‪ 2014‬ص ‪91‬‬

‫‪9‬‬
‫‪10‬‬

‫نشرها مثال ذلك جريمة قبول تبرعات او اعانات او خاصة من جهات اجنبية بطريقة مباشرة‬
‫او غير مباشرة المنصوص عليها في المادة ‪ 7‬من قانون تنظيم الصحافة المصري‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬طبيعة جرائم الصحافة‪.‬‬

‫انقسم الفقه الجنائي بصدد تحديد طبيعة الجرائم الصحفية إلى اتجاهين‪ ،‬ذهب الرأي‬
‫األول الى القول بإن الجريمة الصحفية لها ذاتية مستقلة وطبيعة خاصة تجعلها خارج نطاق‬
‫جرائم القانون العام‪ ،‬ويستند هذا الرأي إلى الحجج الثانية‪:‬‬

‫• أوال ‪ :‬إن هذه الجريمة تقع بفعل غير مادي ‪،‬اي بسلوك مجرم يترتب عليه‬
‫ضرر غير مادي‪(.‬معنوي) يصعب إثباته وقياسه ‪،‬أو تحديد مقداره ‪،‬و ذلك‬
‫بخالف جرائم القانون العام ألتي تقع عادة بأفعال مادية ‪،‬ويترتب عليها آثار‬
‫مادية ‪،‬يسهل إثباتها وتحديد مقادرها‪.‬‬
‫• ثانيا ‪:‬إن جوهر الجريمة الصحفية يتمثل في االعالن عن فكرة أو رأي ‪،‬أي إن‬
‫المشرع يجرم بصفة خاصة الفكرة او االعالن عليها ‪.‬أما بالنسبة لجرائم‬
‫القانون العام نجد أن المشرع يهتم بالفعل المادي المرتكب دون التطرق لبحث‬
‫األفكار السابقة التي دفعت الرتكاب الجريمة ‪،‬كما أنه ال يهتم كون الجريمة قد‬
‫وقعت في العلن أو الخفاء ‪.‬‬
‫• ثالثا‪ :‬إن التشريعات والقوانين العقابية المقارنة ‪،‬قد احاطت المسؤولية الجزائية‬
‫المترتبة عن الجريمة الصحفي بمجموعة من األحكام خاصة سواء من حيث‬
‫القواعد الموضوعية او االجرائية التي تنطبق عليها ‪.‬مما يؤكد بأن نظرية‬
‫المشرع إلى تلك الجرائم بأن لها ذاتية مستقلة او طبيعة خاصة تفصلها عن‬
‫جرائم القانون العام‪.‬‬

‫وقد استند رأيهم هذا إلى الحجج التالية‪:‬‬

‫• اوال‪ :‬إن الجريمة الصحفية وإن كانت ترتكب بوسيلة خاصة وهي النشر ‪،‬إال‬
‫ان هذه الوسيلة ال تغير من طبيعتها وتجعلها جريمة ذات كيان خاص تختلف‬

‫‪10‬‬
‫‪11‬‬

‫عن جرائم القانون العام ‪.‬إذ تقوم جرائم مقل القذف والسب واإلهانة‬
‫والتحريض عن العناصر ذاتها سواء ارتكبت عن طريق الصحافة أو بطريقة‬
‫اخرى‪.‬‬
‫• ثانيا ‪:‬إن التشريعات المختلفة قد درجت إلى عدم استخدام مصطلح جرائم‬
‫الصحافة أو الجرائم الصحفية ‪،‬وإنما تستعمل بدال عن ذلك تعابير ومصطلحات‬
‫أخرى بوصفها للجرائم المرتكبة من خالل وسائل الصحافة واإلعالم وغير‬
‫ذلك من وسائل النشر يترتب على ارتكاب السلوك اإلجرامي من خالل إحداها‬
‫تحقق العالنية في الجرائم التي تتطلب تحقق ركن العالنية ‪.‬وهذه التعبيرات‬
‫تدلل على إن جوهر الجريمة الصحفية ‪،‬ال يختلف غيرها من الجرائم‪.‬‬

‫●راينا في الموضوع‪:‬‬

‫بعد استعراض االتجاهين السابقين نرجح الثاني ‪،‬كونه االقرب للمنطق القانوني السليم‬
‫‪.‬ذلك أن الوسيلة المستعملة في ارتكاب الجريمة ال تغير من طبيعة الجريمة ‪،‬فجريمة القذف‬
‫هي ذاتها أيا كانت الوسيلة التي تستعمل في تحقيق العالنية المطلوبة لقيامها كجريمة ‪،‬بالرغم‬
‫من أنه ينبغي التسليم بأن الوسيلة قد يكون لها اثرا اكثر ثقال وأشد وطأة من حيث الضرر‬
‫المترتب عليها ‪،‬إذا ما كانت الصحافة بمفهومها الواسع هي الوسيلة التي ارتكبت من خاللها‬
‫الجريمة ‪.‬ويمكن القول بأن اثر المترتب على استخدام النشر عن طريق الصحافة واألعالم‬
‫كوسيلة االرتكاب الجرائم التي تتطلب العالنية وان كان ال يغير من طبيعة الجريمة ‪،‬ويجعل‬
‫لها ذاتية مستقلة عن جرائم القانون العام ‪.‬إال إن ذلك التمييز ال يخلو من فائدة خاصة إذا ما‬
‫أدركنا بأن األثر المترتب على عد الجريمة من الجرائم الصحفية يتمثل في مجموعة من‬
‫القواعد الموضوعية و االجرائية التي رتبها المشرع لمصلحة الشخص الذي ثبتت له الصفة‬
‫‪5‬‬
‫الصحفية وبمناسبة ارتكابه جريمة من الجرائم الصحفية‬

‫‪ 5‬مجلة رسالة الحقوق السنة السادسة العدد األول ‪ 2014‬ص ‪92‬‬

‫‪11‬‬
‫‪12‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل ارتكاب جرائم الصحافة واثار الصحافة في التجريم‬

‫ال يقتصر تحديد الضمانات القانونية للصحفي على كون الشخص قد ثبتت له الصفة‬
‫الصحفية ‪ .‬بل البد ان يتم السلوك االجرامي المتمثل في الجريمة الصحفية من خالل الصحافة‬
‫وفقا لمفهومها الواسط ‪ ،‬أي ال يقتصر االمر على الصحافة المكتوبة فحسب ‪ ،‬بل يمتد ليشمل‬
‫الصحافة المرئية والمسموعة ممثلة باإلذاعة والتلفزة وكذلك الحال بالنسبة للصحافة‬
‫االلكترونية ‪ .‬ولذلك سنخصص هذا المطلب للبحث في هذه الوسائل التي من شان ارتكاب‬
‫السلوك االجرامي من خاللها ان تعد الجريمة ( جريمة صحفية ) وفي اثر وسائل الصحافة‬
‫في التجريم وعليه سيتم تقسيم هذا المطلب الى فقرتين ‪ ،‬اذ نتطرق في الفقرة األولى توضيح‬
‫وسائل ارتكاب الجرائم الصحفية ونكرس الفقرة الثانية لبيان اثر الصحافة في التجريم ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬وسائل ارتكاب جرائم الصحافة‬

‫لما كانت الجرائم الصحفية تعد من جرائم التعبير عن الفكر ‪ ،‬التي يستلزم القانون لقيامها‬
‫تحقق ركن العالنية ‪ .‬والعالنية في اللغة هي االظهار واالنتشار او الذيول والشيوع ‪ ،‬او هي‬
‫اتصال الجمهور بفعل او ايماء او قول او كتابة او رسم ‪ .‬وتعرف العالنية اصطالحا هي كل‬
‫ما يقع تحث نظر الكافة او يصل الى مسامعهم ‪ ،‬ويمكنهم ان يطلعوا عليه بمشيئتهم دون عائق‬
‫كما يقصد بها الجهر واالظهار والتحقيق من األمور عن طريق المعاينة المادية وثبوت‬
‫المشاهدة بال حجاب ‪ .‬ويقصد بوسائل العالنية ‪ ،‬الوسائل التي تصلح االبراز أفكار وشاعر‬
‫االنسان ‪ .‬وان ت تحقق العالنية بإحدى الطرق القانونية التي يصدق عليها وصف الصحافة ‪،‬‬
‫سواء كانت صحافة مكتوبة ‪ ،‬او صحافة مسموعة و مرئية ‪ ،‬او صحافة الكترونية من خالل‬
‫شبكة المعلومات الدولية ( االنترنيت )‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اثار الصحافة في التجريم‬

‫تعد الصحافة من اهم العوامل المؤثر في خلق الرأي العام ‪ ،‬بشأن القضايا العامة التي‬
‫تهتم أفراد ذلك المجتمع وعادة ما تولي التشريعات والقوانين العقابية أهمية خاصة للجرائم‬
‫التي تتحقق فيها العالنية بصورة عامة أو السلوك اإلجرامي الذي ينطبق عليه وصف‬

‫‪12‬‬
‫‪13‬‬

‫الجريمة الصحفية‪ ،‬والمتحقق من خالل العالنية عبر وسائل الصحافة بصفة خاصة ‪.‬وبغية‬
‫اإلحاطة بأثر الصحافة ودورها في النموذج القانوني للجريمة الصحفية ‪ ،‬سيتم التطرق‬
‫لبحث عناصر النموذج القانوني للجريمة الصحفية وعالقته بالصحافة‪.‬‬

‫• أوال ‪:‬عناصر النموذج القانوني للجرائم الصحفية‬

‫بمقتضى مبدأ الشرعية (القانونية)الذي يحكم التجريم والعقاب في القانون الجزائي‬


‫والذي يقضي ((بأن ال جريمة وال عقوبة إال بنص)) فإن الشخص ال يعاقب على سلوكه أيا‬
‫كان إيجابيا ام سلبيا‪ ،‬ما لم يعد مجرما ومعاقبا عليه وفقا لقانون نافذ‪ .‬ولذلك فإن القضاء‬
‫الجزائي عند فحصه للدعوى المنظورة امامه يقوم بمهمتين وهما‪:‬‬

‫‪ -1‬المهمة األولى ‪ :‬ويقوم فيها القاضي بتحديد النموذج القانوني للجريمة الذي يراد‬
‫اجراء المطابقة بينه وبين السلوك المرتكب ليقف على األركان والشروط الالزمة لقيام‬
‫الجريمة كما حددتها القاعدة القانونية‪.‬‬

‫‪ -2‬المهمة الثانية ‪ :‬وفيها يتم فحص الحالة الواقعية المطروحة امامه ليقف على‬
‫مكوناتها وعناصرها في ضوء النموذج القانوني للجريمة ‪ ،‬ويستوي في ذلك تطابق عناصر‬
‫الركن المادي من سلوك اجرامي ونتيجة جرمية وعالقة السببية ‪ ،‬وكذلك الركن المعنوي‬
‫والذي يتضمن عنصري العلم واالرادة أو الشروط المفترضة‬

‫فاذا وجد القاضي تطابقا بين الحالة الواقعية وبين النموذج القانوني للجريمة اثبت قيام‬
‫الجريمة ورتب اآلثار على ذلك من حيث قيام المسؤولية الجزائية وإسنادها إلى مرتكبها‬
‫‪،‬وتوقيع الجزاء المناسب بحقه والمقرر بمقتض ى القاعدة القانونية ‪ ،‬أما إذا تخلف عنصر او‬
‫أكثر أو الشرط المفترض فإن الجريمة ال تتحقق‪ .‬تكون مهنة القاضي قد انتهت بذلك‪ ،‬مالم‬
‫يبحث في مدى أثر تخلف احد عناصر الجريمة أو الشرط المفترض على توافر جريمة‬
‫‪6‬‬
‫اخرى‪.‬‬

‫‪ 6‬مجلة رسالة الحقوق السنة السادسة العدد األول ‪ 2014‬م الصفحة ‪93‬‬

‫‪13‬‬
‫‪14‬‬

‫ثانيا‪ :‬العالقة بين عناصر النموذج القانوني للجريمة الصحفية والصحافة‬

‫الصحافة ما هي إال وسيلة لت حقيق حالة معنوية وهي العالنية ؛وبالتالي فان العالنية التي‬
‫يطلبها المشرع لقيام جريمة قد تحقق بواسطة احدى الوسائل التي يتم بواسطتها التعبير عن‬
‫الرأي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع جرائم الصحافة و جزاءاها‬

‫ل جرائم الصحافة عدة أنواع يجب علينا التطرق لكل نوع على حدة وهادا ما سنقوم به في هذا‬
‫المبحث من خالل تقسيمه الى مطلبين ( مطلب األول ) الجرائم المصلحة العامة وفي (مطلب‬
‫الثاني ) الجرائم الماسة بالمصلحة الخاصة وللخوض في تقسيم هذا المبحث لبذا من ذكر أنواع‬
‫الجرائم وهي كالتالي ‪:‬‬

‫‪ .1‬أنواع الجريمة الصحفية‬

‫‪ 2‬جرائم التشهير‬

‫جريمة اإلهانة‪:‬‬

‫اإلهانة في القانون هي كل فعل غيته اإلنقاص من حق الشخص في االحترام أو‬


‫التقدير الواجبين له بحسبانه إنسان‪ ,‬وتتضمن اإلهانة أيضا انتقاص االحترام الواجب‬
‫لإلنسان ليس بوصفه إنسان فحسب وإنما باعتباره صفة أساسية فيه ‪.‬‬

‫جريمة السب‪:‬‬

‫جريمة السب في القانون السب هو خدش شرف شخص واعتباره عمدا دون أن‬
‫يتضمن ذلك استنادا واقعة معينة إليه ‪ ,‬وقد عرف المشرع الجزائري جريمة السب على أنه‬

‫‪14‬‬
‫‪15‬‬

‫”يعد السب كل تعبير مشين أو عبارة تتضمن تحقيرا أو قدحا ال ينطوي على إسناد أية‬
‫واقعة‪.‬‬

‫جريمة االعتداء على حرمة الحياة الخاصة‬

‫الحق في الحياة الخاصة هو حق كل إنسان في االحتفاظ بشؤونه التي ال يرغب أن‬


‫يطلع عليها اآلخرون ‪ ,‬وتحديد ضابط هذه الشؤون ال يكون إسناد إلى ضابط موضوعي‬
‫وإنما مراجعة الشخص نفسه‪.‬‬

‫جريمة القذف‪:‬‬

‫هو اإلسناد عالنية لواقعة محددة تستوجب عقاب من أسندت إليه أو احتقاره‪،‬‬
‫واالحتقار يعنى االستهانة أو الزراية أو االنتقاص أو الكراهية أو النفور أو النبذ وهو شعور‬
‫الناس نحو الشخص المحتقر بما ينزل من قدره أو يغض من كرامته أو يسيء لسمعته‬
‫المادية بما ينفر الناس من معاملته‪.‬‬

‫‪1.2‬جرائم اإلفشاء‬

‫جريمة إفشاء أسرار الدفاع‪:‬‬

‫و تتعلق بنشر معلومات متعلقة بالقوات المسلحة و تشكيالتها و هو ما يمس الشؤون‬


‫العسكرية‬

‫جريمة إفشاء أسرار الدولة‪:‬‬

‫و تتعلق بنشر المعلومات الدبلوماسية و سياسية و غيرها من األمور التي تستوجب‬


‫اعتبارات األمن القومي و حفظها من النشر و اإلذاعة‪.‬‬

‫جريمة إفشاء أسرار المخابرات‪:‬‬

‫و تتعلق بنشر أخبار عن و معلومات متعلقة بالمخابرات في أي وسيل إعالمية‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪16‬‬

‫جريمة نشر الجلسات السرية‪:‬‬

‫و تتعلق بنشر ما يجري في الجلسات السرية و تكون العقوبة هنا مرتبطة باالختراق‬
‫السرية‪.‬‬

‫جرائم األخبار الكاذبة‪:‬‬

‫و هناك ‪ 3‬شروط للخبر الكاذب عدم صحة الخبر‪ ،‬سوء نية الصحفي‪ ،‬أن يكون‬
‫غرضه إلحاق الضرر بالمصلحة العامة‬

‫الجرائم الماسة بسير العدالة‪:‬‬

‫متعلق بالنشر المحظور بالتحقيقات و يتم اللجوء إلى تحريات الشرطة و محاضر‬
‫التحقيق ‪ ،‬كذلك إذا تعلق األمر بالنشر المحظور للمحكمات و يكون الهدف من حظر نشرها‬
‫المحافظة على النظام العام و اآلداب‪ .‬أيضا النشر المؤثر على سير العدالة بنشر كل ما من‬
‫شأنه أن يؤثر على مسار التحقيق أو المحاكمات أو الرأي العام‪.‬‬

‫الجرائم المخلة باآلداب العامة‪:‬‬

‫و هي نشر كل األخبار التي تمس بمقومات المجتمع ‪.‬‬

‫‪ 1.3‬جرائم التحريض‬

‫جريمة التحريض‬

‫جريمة التحريض في القانون‪ :‬التحريض هو حث الشخص أو األشخاص على‬


‫القيام بأعمال منافية للقانون وليس مهما أن يكون التحريض مباشرا أو غير مباشرا ‪ ,‬أو إذا‬
‫كان متبوعا بأثر أم ال ‪ ,‬ويتضمن القانون في كل حال من األحوال أحكاما لمعالجة حاالت‬
‫التحريض‪.‬‬

‫التحريض على ارتكاب الجنح و الجنايات‬

‫‪16‬‬
‫‪17‬‬

‫كل تحريض بجميع وسائل اإلعالم على ارتكاب الجنايات و الجنح و الموجهة ضد‬
‫أمن الدولة‪ ،‬تعرض مدير النشرة و صاحب النص في حال إذا كان له مفعول في الواقع‬
‫لمتابعة جنائية باالعتبار متواطئا مع المتسبب فيها‬

‫التحريض على العصيان‬

‫كل استعمال للوسائل التي من شأنها إلحاق الضرر بالجيش الوطني الشعبي‪ ،‬ال سيما‬
‫‪7‬‬
‫الحث على العصيان‬

‫‪https://cte.univ-setif2.dz/moodle/mod/book/view.php?id=9050&chapterid=2168 7‬‬
‫‪2021MP 5‬‬

‫‪17‬‬
‫‪18‬‬

‫‪8‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬الجرائم الماسة بالمصلحة العامة ‪.‬‬

‫وهو بصدد قيامه بوضع ترسانة قانونية كفيلة بتحقيق االستقرار داخل المجتمع بعد‬
‫االستقالل ‪ ،‬عمل المشرع المغربي على إعارة االهتمام للقوانين الزجرية مقتديا في ذلك‬
‫بالتشريع الفرنسي وبعض التشريعات الغربية محاوال تفادي الى مساواة التي كانت تطبع‬
‫النظام القانوني خالل فترة االستعمار‪ ،‬إال أن أهم ما يعاب على المشرع المغربي وهو‬
‫بصدد وضع هذه القوانين هو استعماله لمفاهيم فضفاضة تحتمل تأويالت عديدة إذ يمكن أن‬
‫يدرج في إطارها أفعاال ال يعتبرها المجتمع جريمة ‪ ،‬وتتكرر المفاهيم في العديد من‬
‫نصوص القانون ‪.‬‬

‫ويتعلق األمر باصطالحات من قبيل ‪ << :‬المصلحة العامة >> و << النظام العام‬
‫>> و<< الشؤون العامة >> و << األخالق العامة >>‪.‬‬

‫أمام هذا الفراغ القانوني ‪ ،‬حاولنا تحديد المقصود بمفهوم مثل النظام العام بالرجوع‬
‫إلى اجتهادات الفقه والقضاء ‪ ،‬إال أنهما لم يهتديان إلى إيجاد تعريف دقيق للمصطلح ‪ ،‬وذلك‬
‫راجع لما يكتنفه من غموض من جهة وتميزه بالمرونة والنسبية في جهة أخرى‪ ,‬لذلك قيل‬
‫أن‪<<:‬النظام العام يستمد قوته وعظمته من ذلك الغموض المحيط به‪ ،‬فمن مظاهر سموه أنه‬
‫ظل متعاليا على كل الجهود المبذولة لتعريفه>> ‪.‬‬

‫يقترب مفهوم النظام العام من المصلحة العامة ‪ ،‬إال أنه ال يمكن القول بتطابقهما سواء‬
‫كانت المصلحة سياسية أو اقتصادية أو أخالقية ‪ ،‬فالنظام العام يمثل مجموع الدعائم‬
‫والمصالح األساسية التي يقوم عليها المجتمع ‪ ،‬وبصيانتها تتحقق المصلحة العامة‪.‬‬

‫‪https://maraje3.com/2009/10/%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85- 8‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B3%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D8%AD%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9/‬‬
‫‪2021MP 8‬‬

‫‪18‬‬
‫‪19‬‬

‫بخصوص الشؤون العامة ‪ ،‬يعتبر المشرع المغربي كل مساس بالنظام الملكي أو‬
‫شخص الملك أو أعضاء األسرة الملكية ‪ ،‬وكذا كل ما تنافي مع الدين اإلسالمي والوحدة‬
‫الترابية للمملكة ‪ ،‬أما اآلداب العامة ‪ ،‬فكل ما يمكن أن يقال عنها هو أنها تشكل الشق‬
‫األخالقي الذي يعمل على تحقيق المصلحة العامة ‪ ،‬فهي مجموع القواعد األخالقية التي‬
‫‪9‬‬
‫يحرص المجتمع غلى التمسك بها لضمان االستمرارية في مكان وزمان معينين‪.‬‬

‫قبل ختم الحديث بخصوص هذه المفاهيم ‪ ،‬ال بد من إبداء مالحظة هامة بخصوص‬
‫النظام العام ‪ ،‬فهو فكرة تختلف باختالف ‪ ،‬األزمنة والجماعات ‪ ،‬إذ يصعب تحديد مفهومها‬
‫بصفة دقيقة نظرا لقابليتها للتغير تبعا لظروف الزمان والمكان ‪ ،‬فما يكون مخالفا للنظام‬
‫العام والمصلحة العامة في مكان أو زمان معينين‪ ،‬قد ال يكون كذلك في زمان ومكان آخرين‬
‫‪ ،‬فالرق المباح في زمن ليس بالعبيد يعيد مخالفا للنظام العام في الوقت الحاضر ‪ ،‬كما أن‬
‫تعدد الزوجات المسموح به في الدول اإلسالمية ال يعد كذلك في الدول الالئقة ‪ ،‬فخالصة‬
‫القول إن احترام النظام العام سيؤدي حتما إلى تحقيق المصلحة العامة ‪.‬‬

‫أهم ما نختم به هذه المقدمة هو مناشدتنا المشرع المغربي العمل على تحديد المقصود‬
‫بالمفاهيم السابقة الذكر بكيفية دقيقة ‪ ،‬خاصة وأن المغرب اختار مسار الديمقراطية الذي‬
‫يستلزم تنوير الطريق أمام كل راغب في ممارسة الحريات التي يكفلها القانون األسمى‬
‫للبالد‪.‬‬

‫في إطار المبحث الخاص بالجرائم الماسة بالمصلحة العامة والمرتكبة عن طريق‬
‫الصحافة بالوسائل المتاحة لها ‪ ،‬نفصل الحديث إلى مطلبين ‪ ،‬األول يهم التحريض على‬
‫ارتكاب الجرائم والثاني يبين الجرائم المرتكبة ضد الشؤون العامة‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التحريض على ارتكاب الجرائم ‪.‬‬

‫مرجع السابق‬

‫‪19‬‬
‫‪20‬‬

‫في إطار التحريض على ارتكاب الجرائم يجب التميز بين ذلك المنصوص عليه في‬
‫الفقرة األولى من المادة ‪ 129‬في القانون الجنائي والمشكل للصورة األولى من الصور‬
‫األربع للمشاركة في الجريمة ‪ ،‬وذلك المنصوص عليه بموجب قانون الصحافة ‪،‬‬
‫فالتحريض الذي جاء في هذا األخير يكون مستبعد التطبيق كلما صدر بوسائل غير عمومية‬
‫كالوعود أو التشجيعات المقدمة لمجموعة أفراد ‪ ،‬إال أن التحريض المنصوص عليه في‬
‫قانون الصحافة يكون واجب التطبيق كلما ورد بوسائل المادة ‪ ،38‬ومطابقا لنوع من األنواع‬
‫المنصوص عليها في نفس القانون ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬أنواع التحريض‬

‫نص المشرع المغربي على خمسة أنواع من التحريض في إطار قانون الصحافة ‪،‬‬
‫أربعة منها وردة في القسم الخاص بالتحريض على ارتكاب الجرائم وواحدة منهم واردة في‬
‫قسم الجنح المرتكبة ضد الشؤون العامة ويتعلق األمر ب<< التحريض على سحب األموال‬
‫من الصناديق العمومية >> إال أن المسؤولية عن هذه الجرائم تختلف حسب كل نوع وفق‬
‫ما سنبينه‪.‬‬

‫• التحريض المتبوع بأثر ‪.‬‬

‫• التحريض غير المتبوع بأثر ‪.‬‬

‫• تحريض الجنود على عدم الطاعة ‪.‬‬

‫• تحريض الناس على سحب األموال من الصناديق العمومية ‪.‬‬

‫• التحريض على الميز العنصري ‪.‬‬

‫سنحاول تحليل كل جريمة بتوضيح عناصرها والجزاء المقرر من قبل المشرع ‪.‬‬

‫‪ -1‬التحريض المتبوع بأثر ‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫‪21‬‬

‫– انطالقا من الفقرة األولى من الفصل ‪ 38‬من قانون الصحافة‪ ،‬يعاقب كشريك في‬
‫ارتكاب عمل يعتبر جريمة سواء أكان جناية أو جنحة‪ ،‬كل من حرض مباشرة شخصا أو‬
‫عدة أشخاص على ارتكاب الجريمة إذا كان لهذا التحريض مفعوال فيما بعد ‪ ،‬وذلك إما‬
‫بواسطة الخطب أو الصراخ أو التهديدات المفوه بها في األماكن العمومية أو االجتماعات‬
‫العمومية ‪ ،‬وإما بواسطة المكتوبان أو المطبوعات المبيع أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو‬
‫المعروضة في األماكن أو االجتماعات العمومية ‪،‬وإما بواسطة الملصقات المعروضة على‬
‫أنظار العموم ‪ ،‬أو بواسطة وسائل اإلعالم السمعية والبصرية واإللكترونية ‪.‬‬

‫– من خالل الفصل ‪ 38‬من القانون المذكور ‪ ،‬يتضح أن قانون الصحافة لم يشر إلى‬
‫التحريض الذي قد يتم بواسطة الرسوم والصور المنصوص عليه في الفصل ‪ 455‬من‬
‫القانون الجنائي ‪ ،‬والذي تناول التحريض على اإلجهاض ‪ ،‬ولكن تتحقق جريمة التحريض‬
‫يجب توافر العناصر األساسية وهي كالتالي ‪:‬‬

‫• أن يكون التحريض مباشرا ‪ :‬ويقتضي الدعوة إلى ارتكاب الجريمة أو مجموعة من‬
‫الجرائم المحددة ‪ ،‬ويترتب عن عدم إثبات عالقة السببية بين التحريض والجنحة أو الجناية‬
‫المقترفة عدم متابعة الشخص بالتحريض المباشر ‪.‬‬

‫• أن يكون التحريض متبوعا بأثر‪ :‬أي ضرورة وقوع الفعل اإلجرامي الذي كان‬
‫يسعى المحرض إلى وقوعه ويكفي هنا وقوع محاولة ارتكاب جريمة ‪.‬‬

‫• أن يكون التحريض صادرا بسوء نية ‪ :‬غالبا ما تستنتج هذه النية من خالل العبارات‬
‫التي استعملها المحرض وعلى المتهم إثبات العكس والبرهنة على حسن نيته‪.‬‬

‫• العالنية ‪ :‬تتحقق كلما جاءت عبر الوسائل المنصوص عليها بموجب الفصل ‪ 38‬من‬
‫قانون الصحافة‪.‬‬

‫بخصوص الجزاء المترتب على إتيان أحد األفعال المنصوص عليها في الفصل ‪38‬‬
‫من قانون الصحافة ‪ ،‬يعاقب المحرض كشريك سواء تعلق األمر بجنحة أو جناية‪ ،‬و‬

‫‪21‬‬
‫‪22‬‬

‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 130‬من القانون الجنائي ‪ ،‬فإنه يعاقب الشريك بالعقوبة المقررة لهذه‬
‫الجنحة أو الجناية ‪.‬‬

‫‪-2‬التحريض غير المتبوع بإثر‪:‬‬

‫عكس الحالة السابقة الذكر‪ ،‬ال يعاقب المحرض في التحريض غير المتبوع بأثر‬
‫كشريك‪ ،‬و إنما كفاعل رئيسي‪ ،‬وذلك راجع إلى خطورة الجرائم المتعلقة بهذا النوع من‬
‫التحريض وتتجلى أهم عناصره في المبينة أسفله‪:‬‬

‫‪-‬أن يكون التحريض مباشرا‪.‬‬

‫‪-‬أن يتم التحريض بإحدى طرق الفصل ‪ 38‬من قانون الصحافة ‪.‬‬

‫‪-‬ضرورة صدور التحريض بسوء نية ‪.‬‬

‫‪-‬أن يكون موضوع التحريض إتيان أحد الجرائم المنصوص عليها بموجب المادة ‪39‬‬
‫من قانون الصحافة ‪:‬والتي يعتبر بعضها ذات طابع سياسي وأخرى عادية ‪ ،‬فالسياسية‬
‫تتجلى في تلك األفعال الماسة باألمن الخارجي للدولة المنصوص عليها في الفصول ‪181‬‬
‫إلى ‪ 200‬من القانون الجنائي ‪ ،‬تم الجرائم الماسة باألمن الداخلي للدولة المنصوص عليها‬
‫بموجب الفصول ‪ 201‬إلى ‪ 207‬من القانون الجنائي ‪ ،‬أما تلك العادية ‪ ،‬فتتعلق بجرائم‬
‫السرقة والنهب والقتل والحريق والتخريب بالمواد المفجرة ‪ ،‬دون إغفال التحريض على‬
‫ارتكاب الجرائم اإلرهابية المنصوص عليها بموجب مدونة اإلرهاب‪.‬‬

‫كما سبق الذكر ال يعاقب المحرض إذا لم تتحقق األفعال التي حرض على ارتكابها‬
‫كشريك وإنما كفاعل أصلي ‪ ،‬ويتعرض لعقوبة تتراوح مدتها بين سنة وثالث سنوات‬
‫وغرامة تتراوح بين ‪ 5.000‬و‪ 100.000‬درهم‪.‬‬

‫‪-3‬تحريض الجنود على عدم الطاعة‬

‫‪22‬‬
‫‪23‬‬

‫يتجلى هذا النوع من التحريض في حث الجنود البرية والبحرية والجوية وكذا أعوان‬
‫القوة العمومية على اإلخالل بواجباتهم العسكرية وعصيان رؤسائهم فيما يأمرون به لتنفيذ‬
‫القوانين والضوابط ‪ ،‬وذلك بواسطة الوسائل المسنة بموجب المادة ‪ 38‬من قانون الصحافة‪.‬‬

‫لكي تقوم جريمة التحريض المذكورة ‪ ،‬ويعاقب المحرض ‪ ،‬البد من توافر العناصر‬
‫اآلتية ‪:‬‬

‫‪ .1‬أن يوجه التحريض إلى الجنود والقوات العمومية‪.‬‬

‫‪ .2‬أن يستهدف العصيان واإلخالل بالواجبات ‪.‬‬

‫‪ .3‬أن يتم بشكل علني بإحدى وسائل المادة ‪ 38‬من قانون الصحافة‪.‬‬

‫‪ .4‬توفر النية اإلجرامية لدى المحرض‪(.‬أي سوء النية)‪.‬‬

‫كلما توفرت العناصر المذكورة ‪ ،‬يعقب المحرض بالحبس لمدة تتراوح بين سنتين‬
‫وخمس سنوات وغرامة تتراوح بين ‪ 5000‬و‪ 100.000‬درهم‪.‬‬

‫‪-4‬تحريض الناس على سحب أموالهم من الصناديق العمومية‪.‬‬

‫أدرج المشرع المغربي جنحة تحريض الناس على سحب أموالهم من الصناديق‬
‫العمومية في إطار الجنح المرتكبة ضد الشؤون العامة ‪ ،‬كما عاقب تحريض الناس على‬
‫سحب أموالهم من المؤسسات التي تباشر دفوعاتها بالصناديق العمومية ‪ ،‬وهذا النوع من‬
‫الجنح يتحقق في صورتين ‪:‬‬

‫➢ الصورة األولى‪ :‬تكون فيها الجنحة مترتبة عن تعمد إذاعة أعمال زائفة أو‬
‫وشاية أو وسائل مدلسه قد يكون من طبيعتها زعزعة الثقة في القيمة النقدية‪.‬‬
‫➢ الصورة الثانية ‪:‬تكون فيها الجنحة منتجة آلثارها بمجرد تحريض أو محاولة‬
‫التحريض على سحب األموال ‪ ،‬فهذا النص يحمل معنى واسعا ‪ ،‬حيث إن‬
‫الجنحة تتحقق حتى ولو لم تترتب عن األنباء النتائج التي يسعى المحرض إلى‬

‫‪23‬‬
‫‪24‬‬

‫تحقيقها وذلك حرصا من المشرع على حماية السياسة المالية للحكومة‪ ،‬لكن‬
‫هل يمكن اعتبار اإلشهار الذي تقوم به البنوك والمصاريف تحث من خالله‬
‫الجمهور على إيداع أموالهم لديها تحريضا على سحب األموال من الصناديق‬
‫العمومية ؟ خصوصا وأن هذه البنوك والمصارف مؤسسات خاصة ‪ .‬نأمل من‬
‫المشرع إيجاد جواب لهذا السؤال خصوصا وأن المغرب دخل الخويصة من‬
‫بابها الواسع‪.‬‬

‫‪ -5‬التحريض على الميز العنصري‬

‫نص المشرع المغربي على هذه الجريمة تماشيا مع نظيره المصري الذي سماها <<‬
‫التحريض على البغض الطائفي >> ‪ ،‬ويعاقب عنها المشرع المغربي كلما وردت بإحدى‬
‫وسائل المادة ‪ 38‬ويهم التحريض هنا ‪ ،‬التحريض على الميز العنصري أو التحريض على‬
‫الكراهية والعنف ضد شخص أو أشخاص اعتبارا لجنسهم أو أصلهم أو لونهم أو انتمائهم‬
‫العرقي أو الديني أو ساند جرائم الحرب ضد اإلنسانية ‪ ،‬وذلك طبقا للفصل ‪ 39‬مكرر من‬
‫قانون الصحافة‪.‬‬

‫يعاقب عن الميز العنصري بالحبس لمدة تتراوح بين شهر وسنة وغرامة تتراوح بين‬
‫‪ 3000‬و‪ 30000‬درهم أو بإحداهما فقط ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬وسائل التحريض ‪.‬‬

‫كما سبق وأشرنا ‪ ،‬حتى تقوم جريمة التحريض المنصوص عليها في قانون الصحافة‬
‫يجب أن تأتي طبق الوسائل المنصوص عليها في الفصل ‪ 38‬من قانون المذكور والذي جاء‬
‫فيه‪.‬‬

‫<<…‪ ،..‬وذلك إما بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في األماكن‬
‫أو االجتماعات العمومية ‪ ،‬وإما بواسطة المكتوبات والمطبوعات المباعة أو الموزعة أو‬
‫المعروضة للبيع أو المعروضة في األماكن أو االجتماعات العمومية ‪ ،‬وإما بواسطة‬

‫‪24‬‬
‫‪25‬‬

‫الملصقات المعروضة على أنظار العموم أو بواسطة مختلف وسائل اإلعالم السمعية‬
‫البصرية واإللكترونية …‪. >>.‬‬

‫إن الفصول الالحقة للفصل ‪ 38‬والتي تبين أنواع التحريض تحيل على الوسائل‬
‫المشار إليها في الفصل أعاله دون أن تتعداها إلى غيرها إال في حاالت ضيقة‪.‬‬

‫أهم ما يثير االنتباه في الفصل ‪ 38‬هو تلك األماكن والظروف التي يمكن أن يتحقق‬
‫فيها التحريض المنصوص عليه في قانون الصحافة ‪ ،‬ويتعلق األمر باصطالح من قبيل <<‬
‫األماكن العمومية >> أو << االجتماعات العمومية >> ولم يحدد المشرع المقصود منها‬
‫في هذه الفصول ‪ ،‬مما يستدعي تحديد مفهومها ‪ ،‬وذلك تفاديا لكل خلط يقع بينها‪:‬‬

‫‪ -1‬األماكن العمومية ‪ :‬بالرجوع إلى الفصل ‪ 51‬من ظهير ‪ 26‬نونبر ‪ 1962‬المتعلق‬


‫بالقانون الجنائي ‪ ،‬نجده يعرف الطرق العمومية بأنها المسالك والمصاريف أو أي مكان‬
‫آخر مخصص الستعمال الجمهور الموجود خارج حدود العمران والتي يستطيع كل فرد‬
‫التجول فيها ليال أو نهارا دون معارضة قانونية من أي كان‪.‬‬

‫‪-‬أما الفقهاء ‪ ،‬فيعرفون المكان العمومي بأنه أي مكان سواء كان طريقا أو بناء يمكن‬
‫لكل شخص أن يوجد فيه بدون معارضة قانونية من أي كان ‪.‬‬

‫‪-‬عرفت محكمة النقض واإلبرام المكان العام بأنه كل طريق مباح للجمهور المرور‬
‫فيه في كل وقت بغير قيد وال شرط سواء كانت أراضيه مملوكة للحكومة أو األفراد‪.‬‬

‫‪-‬انطالقا من التعريفات السابقة ‪ ،‬يظهر لنا أن المكان العمومي وكما اعتبره األستاذ‬
‫محمد اإلدريسي العلمي المشيش ‪ ،‬يصنف إليه ثالث أصناف ‪:‬‬

‫*أماكن عمومية بطبيعتها ‪.‬‬

‫*أماكن عمومية بغاياتها ‪.‬‬

‫*أماكن عمومية بالصدفة‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪26‬‬

‫‪ -2‬االجتماعات العمومية‬

‫بالرجوع إلى الفصل األول من الظهير الشريف رقم ‪ 1.58.377‬والخاص بالتجمعات‬


‫العمومية ‪ ،‬نجده يعرف االجتماعات العمومية بأنها جمع مؤقت مدبر مباح للعموم وتدرس‬
‫خالله مسائل مدرجة في جدول أعمال محدد من قبل إال أن السؤال الذي يبقى مطروحا‬
‫يتمحور حول مدى انطباق هذا التعريف على قانون الصحافة في إطار االجتماع العمومي‬
‫الذي ينص عليه‬

‫وبناء عليه البد من اإلشارة إلى أن العالنية عنصر يبقى ضروريا في كل جريمة من‬
‫جرائم التحريض المنصوص عليها ‪ ،‬فبانتفاء عنصر العالنية تنتفي إحدى أهم ركائز هذه‬
‫الجرائم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الجرائم المرتكبة ضد الشؤون العامة‬

‫خص المشرع المغربي للجنح المرتكبة ضد الشؤون العامة القسم الثاني من الباب‬
‫الرابع من قانون الصحافة بموجب الفصول من ‪ ، 41‬ويتعلق األمر بكل مساس بكرامة‬
‫الملك وكرامة أصحاب السمو الملكي األمراء واألميرات‪ ،‬ثم الجرائم الماسة بالدين‬
‫اإلسالمي والوحدة الترابية ‪ ،‬إضافة إلى كل تأثير على انضباط ومعنويات الجيوش دون‬
‫إغفال جريمة نشر األنباء الكاذبة‪.‬‬

‫سنتناول كل جريمة على حدة وفق ما يلي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬المس بكرامة الملك واألسرة الملكية ‪.‬‬

‫تتحقق هذه الجريمة إذا استوفت العناصر األساسية التي تقوم عليها ‪ ،‬ومتى تحققت ‪،‬‬
‫يتعرض مرتكبها للعقوبة المبينة في قانون الصحافة بموجب الفصل ‪.41‬‬

‫تتجلى العناصر األساسية لجريمة المس بكرامة الملك واألسرة الملكية فيما يلي‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫‪27‬‬

‫‪ -‬المساس بالكرامة ‪ :‬يعني اإلساءة إلى الكرامة بكالم أو حديث جارح أو الذع أو‬
‫‪10‬‬
‫ينقصه االحترام الواجب أن يكنه الجميع للملك واألسرة الملكية‪.‬‬

‫– ضرورة توجيه المساس بالكرامة إلى الملك شخصيا أو األسرة الملكية دون غيرهم‬
‫‪.‬‬

‫‪ -‬ضرورة وقوع المساس بالكرامة بشكل علني وفق الوسائل المشار إليها في الفصل‬
‫‪ 38‬من قانون الصحافة‪.‬‬

‫بمجرد تحقق العناصر الثالثة المذكورة ‪،‬يتعرض الصحفي المرتكب للجريمة لعقوبة‬
‫المادة ‪ 41‬والتي تنص على الحبس لمدة تتراوح بين ثالث وخمس سنوات وغرامة يعد‬
‫مقدارها بين ‪10.000‬و‪ 100.000‬درهم‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المس بالدين اإلسالمي والوحدة الترابية‬

‫إن كل مساس بأركان الدين اإلسالمي وثابته ومرتكزا ته األساسية يعد جريمة معاقبا‬
‫عنها بموجب المادة ‪ 41‬في فترتها الثانية ‪ ،‬وهذا المساس يجب أن يأتي وفق الوسائل‬
‫المنصوص عليها بموجب المادة ‪ 38‬من قانون الصحافة ‪ ،‬كما أن المس بالوحدة الترابية‬
‫للمملكة يشكال فعال مجردا بمقتضى نفس الفقرة المجرمة للمس بالدين اإلسالمي في الفصل‬
‫‪ ، 41‬ويعاقب كل من ارتكب هذه الجرائم بالحبس لمدة تتراوح بين ثالث وخمس سنوات‬
‫وغرامة تقدر بين ‪ 10.000‬و ‪ 100.000‬درهم‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬اإلخالل بالنظام العام والتأثير على معنوية الجيش‪.‬‬

‫‪https://maraje3.com/2009/10/%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85- 10‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B3%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D8%AD%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9/‬‬

‫‪27‬‬
‫‪28‬‬

‫كما سبق وتطرقنا إلى ذلك ‪ ،‬يعتبر مفهوم النظم العام صعب التحديد من الناحية‬
‫القانونية ‪ ،‬فربطناه بالمصلحة العامة والشؤون العامة واألخالق العامة ‪ ،‬فقد اعتبر المشرع‬
‫كل إخالل به – حسب المادة ‪ 42‬من قانون الصحافة – جريمة كلما تأتى بوسائل الفصل‬
‫‪ 38‬أو بنشر أو إذاعة ‪ ،‬كما أقره هذه المرة بمفهوم آخر وهو إثارة الفزع بين الناس ‪،‬‬
‫ووضع المشرع كجزاء لمرتكبي هذه األفعال عقوبة حبسية متراوحة بين شهر واحد وسنة‬
‫واحدة وغرامة من ‪ 1200‬درهم إلى ‪ 100.000‬درهم أو بإحدى العقوبتين فقط ‪ ،‬إال أن هذه‬
‫العقوبة تختلف عن تلك الخاصة بإضعاف التأثير على معنويات الجيش رغم ورودهما في‬
‫نفس الفصل ‪ ،‬إذا يعاقب طبقا للجريمة الثانية ‪ ،‬الصحفي الذي ارتكبها بالحبس من ستة‬
‫واحدة إلى خمس سنوات وغرامة من ‪ 1200‬إلى ‪ 100.000‬درهم‪ .‬ودائما بالرجوع إلى ما‬
‫نص عليه الفصل ‪ 38‬من وسائل ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬نشر اإلخبار الكاذبة‬

‫إذا كانت ال صحافة أهم وسائل إطالع الجمهور على ما يروج من أحداث ووقائع على‬
‫مختلف المستويات ‪ ،‬وتحتم عليها وظيفتها هذه‪ ،‬االلتزام بالصدق والموضوعية ونشر‬
‫األخبار الصحيحة ‪ ،‬ألنه أي تحريف فيما يتم نشره قد يرتب زعزعة ثقة الجمهور‬
‫ومغالطته‪ ،‬واعتبارا لما سبق ‪ ،‬فإن ردع نشر األنباء الزائفة والكاذبة يستسيغه المنطق وال‬
‫يعتبر قيدا على حرية الصحافة ‪ ،‬فحرية النشر ترتبط بحريات أخرى‪ ،‬ومن تما يعد تقيدها‬
‫في حد ذاته تقيدا للحريات المرتبطة بها‪.‬‬

‫أهم ما يميز مهنة الصحفي هو السبق الصحفي و السرعة التي يستلزمها العمل المحيط‬
‫بالمهنة ‪ ،‬مما يؤدي إلى نشر األخبار دون مراجعتها والتأكد من صحتها ‪ ،‬وعلى هذا‬
‫األساس نجد المشرع المغربي ال يعاقب في قانون الصحافة على األنباء الزائفة إال إذا كان‬
‫من شأنها اإلخالل باألمن العمومي أو ضعضعة النظام ومعنويات الجيوش والمنشورة بصفة‬
‫علنية ‪ ،‬فالمشرع حدد بعض األركان التي تنب ني عليها هذه الجريمة ‪ ،‬ونكون إزاء جريمة‬
‫نشر الخبر الكاذب فيما يلي من الحاالت ‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫‪29‬‬

‫‪ . 1‬حالة كون النبأ كاذبا أو تعلق األمر بمستندات مختلفة أو مدلس فيها أو كانت‬
‫منسوبة إلى الغير ‪ ،‬ويكون النبأ كاذبا حالة تضمنه واقعة جديدة باعتبارها حقيقة دون أن‬
‫تكون كذلك ‪ ،‬أو حالة كونها حقيقة لكنها مزيفة ‪ ،‬أي انتفاء التطابق بين الواقع والحقيقة ‪.‬‬

‫‪ . 2‬عندما تكون علنية ‪ ،‬ولم يحدد المشرع العلنية المقصودة هنا مما يحيل إلى الفصل‬
‫‪ 38‬كما أضاف النشر واإلذاعة ‪.‬‬

‫‪ . 3‬اإلخالل باألمن العمومي أو ضعضعة معنوية الجيوش يعد ركنا غير مدقق المفهوم‬
‫وكل ما يمكن قوله إن لفظة “المعنوية” تعني الشعور بالواجب أو الحماس في القتال كما أن‬
‫كلمة ” نظام “قد تعني احترام التسلسل العسكري من حيث الدرجات كما قد تعني االنضباط‬
‫‪.‬‬

‫إن الجرائم التي تعرضنا لها وفق ما سلف ‪ ،‬تكتسي أهمية كبرى خاصة وأنها ترمي‬
‫إلى صيانة وحماية مقومات المغرب من نظام ملكي ودين إسالمي ووحدة ترابية ‪ .‬إال أن‬
‫هناك جرائم أخرى ال تقل عنها أهمية والماسة أساسا بسير العدالة خاصة ما يتعلق بانتهاكات‬
‫سرية التحقيق من قبل الصحافة والتي تعكس الحياة اليومية وجودها دون أن تترتب عنها‬
‫قانونا متابعات حقيقة في مواجهة مرتكبيها مما يجعلها مندرجة ضمن الرقم األسود لإلجرام‬
‫علما أن هذا األخير هو الفرق بين الجرائم المرتكبة فعليا والجرائم التي تصل إلى علم الضابطة‬
‫القضائية‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الجرائم الماسة بالمصلحة الخاصة‬

‫عكس الجرائم الماسة بالمصلحة العامة التي سبق التطرق إليها والتي تمس بدون أدنى‬
‫شك بمبدأ « ال جريمة وال عقوبة إال بنص » كما بينا ذلك سابقا‪ .‬فإن هناك جرائم ترتكب‬
‫عن طريق النشر وتمس بالمصلحة الخاصة‪ .‬ويدخل في عداد هذه األخيرة تلك الجرائم‬

‫‪29‬‬
‫‪30‬‬

‫الماسة بالشرق والكرامة واالعتبار لألشخاص والهيئات ‪ ،‬وكذا تلك الماسة بالحياة الخاصة‬
‫لألفراد ‪.‬‬

‫وسنتطرق إتباعا ألصناف هذه الجرائم ثم األشخاص الذين تشملهم والذين وفر لهم‬
‫المشرع حماية قانونية منها ‪.‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬أصناف الجرائم الماسة بالمصلحة الخاصة ‪:‬‬

‫نص المشرع المغربي في القسم الثالث من ظهير ‪ 15‬نوفمبر ‪ 1958‬بشأن قانون‬


‫الصحافة بالمغرب تحت عنوان « الجنح الماسة باألشخاص »على بعض الجرائم التي يمكن‬
‫أن ترتكب عن طريق النشر وهذه الجرائم يجمع بينها أنها تمثل اعتداء على شرف و اعتبار‬
‫المجني عليه ومساسا بمكانته في المجتمع ‪.‬‬

‫وباستعراض الجرائم التي تندرج تحت هذا القسم نجد أنها تشمل القذف والسب‬
‫واالعتداء على الحياة الخاصة لألفراد ‪ ،‬إال أنه بالرجوع إلى مقتضيات القانون الجنائي‬
‫المغربي وباألخص الفصلين ‪ 445‬و‪ 446‬منه فنجد أنها تضم باإلضافة إلى ذلك إفشاء‬
‫األسرار والبالغ الكاذب أي الوشاية وهو ما تم التطرق له أيضا في قانون الصحافة ‪.‬‬

‫إال أن ما يهمنا نحن وهو ما نعتبره محل هذه الدراسة هي جرائم السب والقذف‬
‫واالعتداء على الحياة الخاصة باعتبارها من أكثر الجرائم التي ترتكب عن طريق النشر ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫• أوال ‪ :‬القذف‪:‬‬

‫‪https://maraje3.com/2009/10/%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85- 11‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B3%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D8%AD%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9/‬‬

‫‪30‬‬
‫‪31‬‬

‫لإلحاطة قدر اإلمكان بهذه الجريمة سنتطرق أوال إلى تعريفها وكيفية المتابعة بشأنها‬
‫ثم نبين أركانها على أن تختم بالجزائيات القانونية التي أفرزها لها المشرع ‪ ،‬علما أن أسباب‬
‫اإلباحة فيها ستكون موضوع تحليل الحق‪.‬‬

‫‪ -1‬تعريف القذف وكيفية المتابعة بشأنه‪:‬‬

‫تنص الفقرة األولى من الفصل ‪ 44‬من قانون الصحافة على أنه « يعد قذفا ادعاء‬
‫واقعة أو نسبها إلى شخص أو هيئة إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف أو اعتبار الشخص أو‬
‫الهيئة التي نسبت إليها » ‪ ،‬وهو التعريف الوارد في القانون الجنائي المغربي في فصله‬
‫‪.442‬‬

‫انطالقا من هذا التعريف يتبين أن القذف هو عمل غير شرعي يعاقب عليه القانون‬
‫كلما تعلق األمر بالمساس بالحياة الخاصة‪ ،‬إال أنه ال ينبغي أن يتبادر للذهن أن القذف يكون‬
‫دائما غير شرعي معاقبا عليه ‪ ،‬بل بالعكس من ذلك قد يكون القذف شرعيا ال تقام بشأنه أية‬
‫دعوى وذلك كلما كانت الوقائع التي يتضمنها القذف صحيحة ومتعلقة بالحياة العامة وهو ما‬
‫يستفاد من مقتضيات الفصل ‪ 57‬ق ص والفصل ‪ 39‬من الدستور المغربي‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن ممارسة الدعوى العمومية في جريمة القذف وبالتالي المتابعة‬
‫متوقفة على ضرورة تقديم طلب أو شكاية من طرف من نسبت إليه الواقعة ومست بشرفه‬
‫أو اعتباره ‪ ،‬أو بعد مداولة تجريها الهيئات المبنية بالفصل ‪ 45‬من قانون الصحافة ‪ ،‬وذلك‬
‫حسب صفة الشخص المتضرر ‪ ،‬هذه الشكاية أو الطلب يتم تقديمها إما مباشرة إلى النيابة‬
‫العامة ‪ ،‬وإما تلقائيا بناء على طلبه الموجه إلى الوزير األول أو وزير الخارجية ‪.‬‬

‫فتقديم الطلب أو الشكاية يعتبران موانع مؤقتة لممارسة الدعوى العمومية ‪.‬إال أنه تجب‬
‫اإلشارة إلى أن « وجود هذه الموانع ال يمنع النيابة العامة من تحريك الدعوى العمومية‬
‫والقيام بالتحريات الضرورية ‪،‬ألن المنع ينصرف إلى ممارسة وإثارة الدعوى العمومية ‪،،‬‬
‫أي قيام النيابة العامة بإحالة الملف على القضاء الجالس‪ ،‬وهذه اإلجراءات األولية سابقة عن‬
‫هذه المرحلة ‪ ،‬فالمنع هنا ينصرف إلى ممارسة الدعوى العمومية وليس تحريكها ‪ ،‬وذلك‬
‫‪31‬‬
‫‪32‬‬

‫خالفا لما ذهب إليه الفقه المغربي كنتيجة لعدم تحديده الدقيق لمحتوى التحريك والممارسة‬
‫‪ ،،‬وبالتالي الخلط الفادح بين المصطلحين (رغم اختالفهما الشاسع في المعنى ) مما ال‬
‫يستقيم والممارسة العملية للنيابة العامة في الواقع ‪ ،،‬بل ويتعارض معها » ‪ .‬وعالوة على‬
‫هذا فيلزم لقيام جريمة القذف توفر مجموعة عناصر ‪.‬‬

‫‪ -2‬أركان القذف‪:‬‬

‫إن فلسفة المشرع في تجريمه للقذف تمكن في توفير الحماية األدبية لألشخاص‬
‫(الشرف واالعتبار )‪ ،‬إال أنه حتى يعتد بهذه الجريمة وحتى يتسنى توقيع العقاب على‬
‫مرتكبها فإن األمر يستلزم توفر مجموعة من العناصر ‪ ،‬وهي ضرورية بصرف النظر عن‬
‫الجهة التي يعنيها القذف‪.‬‬

‫وهكذا فقد نص المشرع في الفصل ‪ 44‬من قانون الصحافة على مجموعة من‬
‫العناصر التي تتكون منها جرائم القذف ‪ ،‬والتي يمكن حصرها فيما يلي ‪:‬‬

‫ادعاء أو عزو عمل‪.‬‬

‫أن يمس القذف الشرف أو الحرمة ‪.‬‬

‫أن يتم بشكل علني ‪.‬‬

‫سوء النية ‪ ،‬هذا العنصر يستشف من الفصل ‪ 50‬من نفس القانون‪.‬‬

‫انطالقا من هذه العناصر يتبين أن جريمة القذف تستوجب توافر ركنان‪ :‬الركن المادي‬
‫المتمثل في إتيان الشخص السلوك الجنائي المعاقب عليه قانونا‪ ،،‬والركن المعنوي الذي‬
‫يتخذ صورة القصد الجنائي‪.‬‬

‫أ‪ -‬الركن المادي لجريمة القذف‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫‪33‬‬

‫يتحقق الركن المادي في جريمة القذف بادعاء أو عزو واقعة تمثل اعتداء على شرف‬
‫أو اعتبار شخص أو هيئة معينة علنا ‪ ،‬وعليه فوقوع جريمة القذف مرهون بتحقق ثالث‬
‫عناصر ‪ :‬نشاط إجرامي يتمثل في فعل االدعاء أو اإلسناد ‪ ،‬وموضوع ينصب عليه هذا‬
‫االدعاء أو اإلسناد ويتمثل في الواقعة المشينة المنسوبة للشخص أو الهيئة وأخيرا العالنية ‪.‬‬

‫تختلف كلمة االدعاء عن كلمة ا لعزو من حيث المعنى ذلك أن االدعاء يقصد به‬
‫الرواية عن الغير أو سوق أقوال تحتمل الصدق والكذب ‪ ،‬أما العزو فيفيد إسناد أمر أو‬
‫واقعة إلى شخص معين على سبيل التوكيد والتعيين ‪.‬‬

‫وهذا الفرق في المعنى لم يعره المشرع أي اهتمام ‪ ،‬وجعل الجزاء واحدا في كلتا‬
‫الحالتين ‪.‬‬

‫وللحيلولة دون تنصل القاذف من الجزاء بدعوى أنه لم يقصد الشخص المشتكي ‪،‬قام‬
‫المشرع بإنزال العقاب على كل عزو أو ادعاء بغض النظر عن الصيغة المستعملة تشككية‬
‫كانت أم توكيدية ‪ ،‬حتى ولو لجأ المهتم إلى أسلوب المجاز والتعريض ‪ .‬وبصرف النظر‬
‫أيضا عن الوسيلة المستعملة سواء ثم دلك عن طريق النشر أو عن طريق المراسلة‬
‫المكشوفة عبر إدارة البريد والتلغراف أو بالطرق اإللكترونية األخرى ‪.‬‬

‫ومن أمثلة القذف أن يذكر أن فالن تعاون مع العدو أو جمع ثروته من مال حرام‬
‫…‪.‬إلخ‪.‬‬

‫* موضوع االدعاء أو اإلسناد‪:‬‬

‫موضوع االدعاء أو اإلسناد في جريمة القذف هو الواقعة المحددة التي يدعيها أو‬
‫يعزوها المتهم إلى المجني عليه‪ ،‬وتعيين الواقعة هو العنصر الجوهري الذي يميز موضوع‬
‫اإلسناد في جريمة القذف عن موضوع اإلسناد في جريمة السب الذي ال يستلزم تحديد‬
‫واقعة معينة ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪34‬‬

‫وقد بين القانون الصورة التي يتحقق بها القذف وهي المساس بشرف أو حرمة‬
‫الشخص أو الهيئة المسندة إليها الواقعة ‪ .‬إال أن ما يميز الشرف عن الحرمة ‪ ،‬هو أن المس‬
‫بالشرف يمس الشخص في ذاته أو في كرامته واستقامته كاتهام شخص بأن له سجال عدليا‬
‫أسودا ‪ ،‬أو أنه ارتكب جريمة قتل أو جرائم ضد األموال أو ضد أمن الدولة مثال ‪ ،‬أو إتهام‬
‫شخص بالغش وانعدام الوطنية ‪،‬فاإلنسان الشريف هو ذلك الذي يقوم بواجبه على أحسن‬
‫وجه ‪.‬‬

‫أما الحرمة أو ما يعرف باالعتبار فهو وليد التقدير الذي يحظى به الشخص داخل‬
‫المجتمع ‪ ،‬ومن أمثلته االدعاء بأن شخصا له خليالت أو أنه ابن مجرم أو زانية‪ .‬ويشمل‬
‫المساس بالحرمة أيضا ادعاء أفعال تمس الخصال المهنية للضحية كأن ينسب إلى طبيب‬
‫…‪.‬عدم اهتمامه بمرضاه أو إلى موظف عمومي عدم مراعاته للصالح العام ‪.‬‬

‫لكن ما يجب التنبيه إليه هو أنه ال ينبغي الذهاب هنا بعيدا لدرجة المساس بحق النقد‪،‬‬
‫علما أن هذا الحق يتوجب أن يراعى فيه عدة اعتبارات أهمها أن يتم التعبير عنه باعتدال‬
‫وأن يكون الهدف منه هو تقديم معلومات صحيحة ‪،‬مع مراعاته للظروف التي تم فيها‬
‫التعبير عن النقد ‪ ،‬فال يعد قذفا إثارة فضيحة لرجل سياسي وباألخص خالل الفترة المتزامنة‬
‫مع االنتخابات ‪.‬‬

‫‪-3‬العالنية ‪:‬‬

‫بالرغم من أن المشرع المغربي لم يعطي تعريفا شامال لمفهوم العالنية في ظهير ‪15‬‬
‫نونبر ‪ 1958‬فإنه يمكن أن تستنتج من األمثلة التي أوردها بالفصل ‪ 38‬من الظهير المذكور‬
‫أن العالنية تنتج أثرها إذا ثم الفعل باألماكن أو االجتماعات العمومية‪ ،‬سواء عن طريق‬
‫القول أو بواسطة الكتابة والتخطيط‪ ،‬وهذا يعني أنه كي يقوم عنصر العالنية يتوجب أن‬
‫يتصل علم الجمهور بما يعبر عنه الفاعل ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪35‬‬

‫وباإلضافة إلى هذه العناصر التي تعد ضرورية لقيام جريمة القذف‪ ،‬فيجب أيضا ان‬
‫يعين المقذوف في حقه الذي كما قد يكون شخصا طبيعيا قد يكون شخصا معنويا كذلك ‪،‬‬
‫وهو ما سنحصه بالحديث في موضوع الحق‪ .‬أضف إلى ذلك الركن الثاني المتمثل في‬
‫القصد الجنائي ‪.‬‬

‫ب‪ -‬الركن المعنوي لجريمة القذف‪:‬‬

‫يتخذ الركن المعنوي في جريمة القذف صورة القصد الجنائي الخاص الذي يقوم متى‬
‫توفر للجاني العلم بأن االدعاء أو العزو الذي يسنده للغير ينطوي على المساس بالشرف‬
‫والحرمة ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن سوء النية هي قرينة نسبية وبسيطة تنمحي أمام وجود بواعث‬
‫مشروعة ‪ ،‬وبالتالي فيعود للظنين إثبات حسن نيته – ويعود كما نعتقد منح المشرع هذه‬
‫المزية لهذا األخير مراعاة منه لحرية الصحافة التي ستختفي بدون شك لو أثيرة في كل‬
‫لحظة متابعات بالقذف – فهو عادة ما يثير ضرورات اإلعالم التي تتطلب أن تصل بعض‬
‫الوقائع إلى علم جمهور الناس ‪ ،‬خاصة بالنسبة للمزايدات والخالفات السياسية ‪ ،‬سواء‬
‫بمناسبة االنتخابات أو خارجها ‪ ،‬لكن هذا الباعث المشروع له حدود كلما ثم تخطيها كلما‬
‫اختفى هذا األخير (الباعث المشروع ) وذلك حينما تسود روح االنتقام واإلرادة المنهجية في‬
‫تلويت سمعة مرشح معين ‪.‬‬

‫ومتى توافرت هذه األركان لمرتكب القذف ‪ ،‬وجب أن ترتب آثارها ‪ ،‬وهي إنزال‬
‫العقاب على مقترفها ‪.‬‬

‫‪ -3‬الجزاء ‪:‬‬

‫لتوفير الحماية القانونية لألشخاص سواء الطبيعية منها أو المعنوية ولجبر الضرر عما‬
‫يصيبهم جراء المساس بكرامتهم وشرفهم ‪ ،‬فقد أنزل المشرع عقابا على كل من ادعى أو‬

‫‪35‬‬
‫‪36‬‬

‫نسب واقعة إلى شخص أو هيئة معينة ‪ ،‬إال أن حجم الجزاء هنا يختلف باختالف صفة‬
‫‪12‬‬
‫األشخاص التي يعنيها القذف‪.‬‬

‫هكذا فإذا كان القذف قد تم في حق المجالس القضائية والمحاكم والجيوش البرية أو‬
‫البحرية أو الجوية والهيئات المؤسسة واإلدارات العمومية‪ ،‬أو كان موجها إلى وزير أو عدة‬
‫وزراء من أجل مهامهم أو نحو موظف أو أحد رجال أو أعوان السلطة العمومية أو كل‬
‫شخص مكلف بمصلحة أو مهنة عمومية مؤقتة كانت أم مستمرة أو مساعد قضائي أو شاهد‬
‫من جراء تأدية شهادته‪ ،‬فإن الجزاء يكون هنا هو الحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وسنة‬
‫واحدة وبغرامة يتراوح قدرها بين ‪ 1.200‬و ‪100.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط ‪.‬‬

‫أما إذا وجه إلى هذه الطائفة الثانية السالف ذكرها‪ ،‬بمعنى األشخاص الواردين في‬
‫الفقرة األولى من الفصل ‪ 46‬من قانون الصحافة فيما يهتم حياتهم الخاصة أو وجه إلى‬
‫األفراد فإن العقوبة هنا تكون هي الحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة‬
‫يتراوح قدرها بين ‪ 10.000‬و‪ 50.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪.‬‬

‫وفي الحالة التي يوجه فيها القذف إلى األفراد أو الهيئات أو األشخاص المعينين في‬
‫الفصول ‪41‬و‪45‬و‪46‬و‪52‬و‪ 53‬من نفس القانون عن طريق مراسلة مكشوفة عبر إدارة‬
‫البريد والتلغراف أو بالطرق اإللكترونية األخرى فإن العقوبة هنا تكون هي الحبس لمدة‬
‫أقصاها شهر واحد وبغرامة تتراوح بين ‪ 1.200‬و‪ 5.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط‬

‫وتجب اإلشارة إلى أن المشرع باستعماله في الفصلين ‪ 52‬و‪ 53‬من ق ص لمصطلح‬


‫«المس» فيعني ذلك أنه يدخل في نطاقه كل ما من شأنه أن يضر باألشخاص المشمولين به‬

‫‪https://maraje3.com/2009/10/%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85- 12‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B3%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D8%AD%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9/‬‬

‫‪36‬‬
‫‪37‬‬

‫بما في ذلك القذف في حقهم ‪.‬وعليه فإذا كان القذف يمس بشخص رؤساء الدول وكرامتهم‬
‫ووزراء الشؤون الخارجية للبلدان األجنبية فإن الجزاء يكون هو الحبس لمدة تتراوح بين‬
‫شهر واحد وستة أشهر وغرامة يتراوح قدرها بين ‪ 10.000‬و ‪ 100.000‬درهم أو بإحدى‬
‫هاتين العقوبتين فقط ‪ ،‬أما إذا كان هذا األخير يمس بشخص وبكرامة الممثلين الدبلوماسيين‬
‫أو القنصليين األجانب أو المندوبين بصفة رسمية لدى جاللة الملك فإن العقوبة تكون هي‬
‫الحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة يتراوح قدرها بين ‪ 5.000‬و‬
‫‪ 30.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ‪.‬‬

‫قبل االنتقال للحديث عن جنحة أخرى ال تقل شأنا عن القذف أال وهي السب ‪ ،‬نرى أنه‬
‫البد أن نشير إلى أن الحرية الصحفية والزمتها حرية التعبير أصبحتا تناالن من كرامة‬
‫واعتبار اإلنسان قسطا كبيرا ‪ ،‬حيث نسجل في هذا الصدد عددا جد مرتفع لحاالت القذف ‪،‬‬
‫وفد تمثلت أحدث حالة في توجيه االتهام باإلرهاب إلى مناضلين في حقوق اإلنسان ‪ ،‬أضف‬
‫إلى ذلك ما قام به ” علي المرابط ” مدير نشر صحيفة دومان مركزين ‪Demain-‬‬
‫” ‪magazine‬وحميد غددان ” من قذف في حق الصحفي ” رشيد قبول ”‬

‫ثانيا ‪ :‬السب‪.‬‬

‫السب حسب الفقرة الثانية من الفصل ‪ 44‬من قانون الصحافة هو ” كل تعبير شائن أو‬
‫مشين أو عبارة تحقير حاطه من الكرامة أو قدح ال يتضمن نسبة أية واقعة معينة “‪ ،‬وهو‬
‫تقريبا نفس التعريف الوارد في المادة ‪ 433‬من القانون الجنائي‪.‬‬

‫انطالقا عن هذا التعريف يمكن أن نستنتج أن السب يتميز بخاصية أساسية وهو أنه ال‬
‫يشتمل على واقعة معينة كما هو الشأن بالنسبة للقذف ‪ ،‬بل يعتبر سبا متى تضمن بأي وجه‬
‫من الوجوه خدشا للشرف واالعتبار ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪38‬‬

‫وكما هو الشأن بالنسبة للقذف فإن المتابعة في جنح السب متوقفة هي األخرى على‬
‫شكاية أو طلب من الشخص ذي الصفة قانونا‪ ،‬أو بعد مداولة تجريها الهيئات المذكورة‬
‫بالفصل ‪ 45‬من قانون الصحافة في جلسة عامة إن أمكن دلك ‪.‬‬

‫وجنحة السب كغيرها من الجرائم ترتكز على مجموعة من العناصر التي يجب‬
‫توافرها إلنزال العقاب على مرتكبها ‪ ،‬ما لم يكن له مبرر يعفيه من ذلك ‪.‬‬

‫‪ -1‬أركان السب ‪:‬‬

‫تستوجب جنحة السب توافر ركنان ‪ :‬الركن المادي المتمثل في إتيان الشخص السلوك‬
‫المعاقب عليه قانونا بإحدى طرق العالنية والركن المعنوي الذي يتخذ صورة القصد‬
‫الجنائي‪.‬‬

‫أ‪ -‬الركن المادي ‪:‬‬

‫يتحقق الركن المادي في جنحة السب بإلصاق صفة أو عيب أو لفظ جارح أو مشين‬
‫إلى شخص معين أو حاط من كرامته وذلك بصفة عالنية‪ ،‬وبناء عليه فتحقق هذه الجريمة‬
‫مشروط بتوافر ثالث عناصر وهي أن يكون النشاط خادشا للشرف أو االعتبار ‪ ،‬وأن يكون‬
‫موجها لشخص معين‪ ،‬وأن يتم ذلك بصفة عالنية ‪.‬‬

‫وسنقتصر في دراستنا على العنصر األول والثاني بينما نحيل العنصر الثالث المتعلق‬
‫بالعالنية على ما سبق دراسته‪.‬‬

‫** أن يتضمن النشاط تعبيرا مهينا أو عبارة احتقار أو شتم‪:‬‬

‫يقصد بالتعبير المهين كل تعبير يهدف إلى المساس بشرف شخص أو هيئة ما ‪ ،‬دون‬
‫االستناد على فعل محدد ‪.‬أما عبارة االحتقار فهي كل عبارة تخدش كرامة الشخص ‪ ،‬في‬
‫حين يعد شتما مرادفا للتعبير المهين مع وجود فرق واحد هو صياغته في عبارات عنيفة‬
‫واضحة ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫‪39‬‬

‫انطالقا من هذا يمكن التمييز بين نوعين من السب ‪ ،‬األول هو ذلك الذي يمس‬
‫بالكرامة واالعتبار والذي يكون بغض النظر عن شكله متضمنا التهام من طبيعته أن‬
‫يزعزع الشرف ‪ ،‬أما النوع الثاني فهو السب الذي ينطوي على احتقار وشتم ‪ ،‬هذا األخير‬
‫يتجسد في العبارات العنيفة التي قد تكون وقد ال تكون ماسة باالعتباري األمر الذي يعني‬
‫أنه ليس ضروريا كي يعتبر الكالم سبا أن يتضمن المساس بالشرف واالعتبار ‪ ،‬بل إن‬
‫طابع السب يمكن استنتاجه من هذا الكالم في حد ذاته‪.‬‬

‫ورغم كل هذا فلكون مفهوم السب مفهوم نسبي يختلف بحسب الظروف االجتماعية‬
‫والزمانية والمكانية ‪ ،‬فال ينبغي االعتماد على التعابير المستعملة لتقدير السب – بل يجب‬
‫دراسة الوقائع الخارجية التي يستمد منها التعبير قيمته والتي تضفي عليه طابع السب ‪.‬‬

‫** أن يكون السب موجها إلى شخص معين أو هيئة معينة ‪:‬‬

‫ال تقوم جريمة السب العلني كما هو الشأن في القذف ‪ ،‬إال بإسناد العيب أو اللفظ‬
‫المشين أو الحاط من الكرامة إلى شخص معين ومحدد أو هيئة معينة ‪ ،‬بحيث أنه إذا نطق‬
‫شخص بكلمات قادحة و مهينة دون أن يقصد بها أحدا‪ ،‬فال يحق متابعته‪.‬‬

‫وإذا كانت األشخاص الطبيعية ال تثير أي إشكال بهذا الصدد ‪ ،‬فإن المشكل يطرح‬
‫حينما يتعلق األمر باألشخاص االعتبارية ‪ .‬حيث أن السب الموجه إلى هذه األخيرة ال يمكن‬
‫أن يشكل موضوع متابعة إال إذا أثبت كل شخص من أفراد الجماعة أنهم معينون تعيينا‬
‫كافيا ‪ ،‬وفي هذه الحالة يحق لكل منهم رفع دعوى منفردة ‪.‬‬

‫** العالنية ‪:‬‬

‫راجع ما سبق دراسته فيما يخص القذف‪.‬‬

‫ب‪ -‬الركن المعنوي ‪:‬‬

‫كي يعتبر السب – من وجهة نظر قانونية مدققة – جنحة معاقب عنها يجب أن‬
‫ينطوي هذا األخير على القصد الجنائي الذي يعتبر أحد األركان األساسية لهذه الجنحة‪ ،‬وهو‬
‫‪39‬‬
‫‪40‬‬

‫ركن مفترض وعلى القاضي الذي ينظر في النازلة أن يستنتج العكس ‪ ،‬أي حسن نية المتهم‬
‫وذلك من خالل اإلطار االجتماعي ‪ ،‬ذلك أن الشخص قد يستعمل كلمات غليظة وعنيفة‬
‫دونما أن تكون لديه نية الشتم‪.‬‬

‫ومتى اكتملت هذه العناصر اعتبر السب جنحة يستحق مقترفها العقاب‪.‬‬

‫‪ -2‬الجزاء ‪:‬‬

‫لقد نص المشرع على عقوبات متفاوتة لردع جنح السب فهي تختلف باختالف طبيعة‬
‫الجهة المعينة ‪.‬‬

‫ولإلشارة قبل بيان طبيعة الجزاء فيجب التنبيه إلى أن السب المعاقب عنه هنا هو ذلك‬
‫الذي يتم بإحدى طرق العالنية الواردة بالفصل ‪ 38‬من ق ص ‪ ،‬األمر الذي يبين أن السب‬
‫المقصود هنا هو السب العلني ‪.‬‬

‫وهكذا فيعاقب بغرامة يتراوح قدرها بين ‪ 50.000‬و‪ 100.000‬درهم عن السب‬


‫الموجه إلى الهيئات واألشخاص المعينين بالفصلين ‪45‬و‪ 46‬من نفس القانون ‪ ،‬أما إذا كان‬
‫موجها إلى األفراد وبدون أن يتقدمه استفزاز فالغرامة هنا تتراوح بين ‪ 5.000‬و‪50.000‬‬
‫درهم ‪ ،‬هذا فيما يخص السب الموجه إلى هؤالء األشخاص أو الهيئات بإحدى الوسائل‬
‫المنصوص عليها في الفصل ‪ 38‬المشار إليه أعاله ‪ .‬أما إذا وجه عبر رسالة عن طريق‬
‫إدارة البريد والتلغراف أو بالطرق اإللكترونية األخرى‪ ،‬إما إلى األفراد أو الهيئات أو‬
‫األشخاص المعينين في الفصول ‪ 41‬و‪ 45‬و‪ 46‬و‪ 52‬و‪ 53‬من ق ص ‪ ،‬فيعاقب على هذا‬
‫اإلرسال بالحبس لمدة تتراوح بين ستة أيام وشهرين اثنين وبغرامة يتراوح قدرها بين ‪200‬‬
‫و‪ 1.200‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ‪.‬‬

‫وبالنسبة للسب الذي يمس بشخص رؤساء الدول وكرامتهم ووزراء الشؤون الخارجية‬
‫للبلدان األجنبية فيعاقب عنه بحبس تتراوح مدته بين شهر واحد وستة أشهر وبغرامة‬
‫يتراوح قدرها بين ‪ 10.000‬و‪ 1000.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪ .‬أما إذا‬

‫‪40‬‬
‫‪41‬‬

‫كان هذا السب يمس شخص وكرامة الممثلين الديبلوماسيين أو القنصليين األجانب أو‬
‫المندوبين بصفة رسمية لدى جاللة الملك فيعاقب عنه بحبس تتراوح مدته بين شهر واحد‬
‫وستة أشهر وبغرامة يتراوح قدرها بين ‪ 5.000‬و‪ 30.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة األخيرة يالحظ أن الجزاء هو نفسه المقرر بالنسبة للقذف ‪ ،‬وباستثناء‬
‫هذه الحالة فإنه يالحظ أن جميع العقوبات في جنحة السب هي فقط مجرد غرامات ‪ ،‬على‬
‫خالف سابقتها المتعلقة بالقذف التي تتضمن باإلضافة إلى ذلك عقوبات سالبة للحرية‪.‬‬

‫عالوة على جنحة السب والقذف والتي تمس بكل وضوح بالمصلحة الخاصة كما‬
‫أسلفنا ذلك فقد تنبه المشرع إلى جريمة أخرى ال تقل شأنا عنها بل األكثر من ذلك تشكل‬
‫خطورة على خصوصيات الفرد أال وهي جريمة المس بالحياة الخاصة ‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬المس بالحياة الخاصة‬

‫إن الحق في احترام الحياة الخاصة أو ما يسمى بالخصوصية يرتكز على حماية ذلك‬
‫الجانب من حياة اإلنسان الذي ال يرغب في إطالع الغير عليه أو ال يرغب في أن يكون‬
‫موضوعا للحديث من جانب الناس ‪ .‬هذا الحق يعد أكثر صلة وارتباطا بحرية الفرد وما‬
‫يترتب عليها من صون لكرامته و احترام ألدميته ‪ ،‬فال يتطفل عليها متطفل فيما يرغب في‬
‫االحتفاظ به لنفسه ‪ ،‬وال تنتهك خصوصياته فهي تعد بحق أغلى وأسمى الحقوق‪.‬‬

‫إال أنه بالرغم من أهمية هذا الحق ومكانته فقد برزت حاليا في الواقع العلمي مجموعة‬
‫عوامل وأصبحت شكل تهديدا للحياة الخاصة والتي يمكن إجمالها في عاملي التقدم العلمي‬
‫والتقني في مجال أجهزة التنصت والمعلوماتية ووسائل النشر وعامل االعتبارات‬
‫االجتماعية المتجلية في زيادة عدد السكان ‪ ،‬وطهور األبنية الشاهقة والمتالصقة المكتظة‬
‫بالسكان‪ ،‬مما سهل انتهاك حرمة الحياة الخاصة لألفراد ‪ ،.‬إال أن العامل الذي يمكن اعتباره‬
‫أكثر خطورة وتطفال على هذا الحق هو ذلك المتعلق بالنشر الممارس من قبل الصحفي‬

‫‪41‬‬
‫‪42‬‬

‫كونه تتحقق بواسطة العالنية أي إعالم جمهور الناس بخصوصيات األفراد ‪ ،‬وهو ما يشكل‬
‫انتهاكا واضحا لهذا الحق‪.‬‬

‫إال أنه وحتى يتسنى وضع حد لمثل هذا النشر وتبعا حماية الحياة الخاصة ضد‬
‫المساس بها من جانب الصحفي ‪ ،‬وحتى تتحدد مدى مسؤوليته في هذه الحالة ‪ ،‬بل حتى‬
‫يمكن القول بمساءلته عن انتهاك حرمة الحياة الخاصة ‪ ،‬البد من تحديد ماهية هذه األخيرة ‪.‬‬

‫بالرجوع إلى الدستور المغربي أو القانون الجنائي أو حتى قانون الصحافة الذي جرم‬
‫االعتداء على الحياة الخاصة عن طريق القذف بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل ‪ 46‬منه ال‬
‫نجد أي تعريف للحياة الخاصة ‪.‬‬

‫إال أنه بالرجوع إلى مقتضيات متفرقة من هذه القوانين الوضعية وبالخصوص الفصل‬
‫‪ 303‬من ق م ج والفصل ‪ ( 51‬مكرر ) من ق ص وأيضا الفصل ‪ 55‬منه الذي ينص على‬
‫أنه ‪ … ” :‬يمنع نشر بيان … عن المرافعات المتعلقة بدعوى إثبات األبوة والطالق وفصل‬
‫الزوجين …” يمكن أن نستنتج أن المس بالحياة الخاصة يشمل نشر ادعاءات أو وقائع أو‬
‫صور تمس بخصوصيات األفراد كحالة تصوير شخص دون موافقة منه في حالة اعتقال أو‬
‫يحمل أصفادا أو قيودا ‪ ،‬كما يشمل أيضا نشر المرافقات المتعلقة بدعاوى إثبات األبوة‬
‫والطالق وفصل الزوجين ‪ ،‬فهذه كلها أمور تدخل في نطاق الحياة الخاصة لألفراد ‪.‬‬

‫ومن جهتنا يمكن القول أنه يدخل في نطاق الحياة الخاصة لإلنسان حقه في الخلوة أو‬
‫في الذود عن فرديته ‪ ،‬وبمعنى أخر حقه في أن يعيش كما يريد مع ذاته دون أن ترصده‬
‫األعين أو تلوقه األلسن ‪ ،‬أو تتلصص عليه األذن‪.‬‬

‫وبناء عليه – وهو ما يقتديه المنطق – ال يجوز للصحفي أو غيره أن يتعرض للحياة‬
‫الخاصة للمواطنين عن طريق استراق السمع أو التسجيل أو النقل عبر جهاز من األجهزة‬
‫أيا كان نوعه لمحادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق الهاتف أو التقاط أو نقل‬
‫صورة شخص في مكان خاص بجهاز من األجهزة أيا كان نوعه ‪ ،‬وإال تعرض للمساءلة‬
‫الجنائية ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪43‬‬

‫وهكذا فقد عاقب المشرع بمقتضيات الفصل ‪ 51‬مكرر من ق ص كل من نشر‬


‫ادعاءات أو وقائع أو صور تمس بالحياة الخاصة للغير بحبس تتراوح مدته بين شهر واحد‬
‫وستة أشهر وبغرامة يتراوح قدرها بين ‪ 5.000‬و‪ 20.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط‪.‬‬

‫ونشير في األخير إلى أن بالنظر لخطورة هذه الجريمة كونها تتعلق بحياة الفرد‬
‫الشخصية فقد جعلها المشرع من بين االستثناءات التي ترد على المبدأ العام المتعلق بجواز‬
‫إثبات صحة ما يتضمنه القذف ‪.‬‬

‫وللتذكير فلقيام الجرائم المتعلقة بالمصلحة الخاصة بما في ذلك القذف والسب والمس‬
‫بالحياة الخاصة ‪ ،‬اشترط المشرع تحديد األشخاص والجهات المعنية بها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬األشخاص المشمولين بالجرائم الماسة بالمصلحة الخاصة ‪.‬‬

‫إن مفهوم األشخاص هنا ليس قاصرا على األشخاص الطبيعية فحسب وإنما يشمل‬
‫كذلك األشخاص المعنوية ‪ ،‬ولهذا التمييز أهمية كبرى من حيث أن مبلغ الغرامات يختلف‬
‫حسب ما إذا كانت الجريمة تستهدف الهيئات العمومية الواردة بالفصل ‪ 45‬من ق ص أو‬
‫األشخاص الذاتيين الواردين بالفصلين ‪ 46‬و‪ 47‬من نفس القانون‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬األشخاص االعتبارية‬

‫تجب اإلشارة أوال إلى أن األمر بالنسبة لألشخاص االعتبارية يتطلب نوعا من‬
‫التوضيح حيث يجب التمييز بين األشخاص المعنوية ذات الشخصية القانونية والهيئات‬
‫والجماعات العديمة الشخصية القانونية‪.‬‬

‫فبالنسبة األولى فإن األمر يختلف حسب ما إذا كان الشخص المعنوي من أشخاص‬
‫القانون العام أم من أشخاص القانون الخاص ‪ ،‬كالشركات التجارية أو الجمعيات … إلخ ‪.‬‬
‫ذلك أنه إذا كان األمر يتعلق باألشخاص االعتبارية العامة فإن الحماية القانونية المنصوص‬
‫عليها بالفصل ‪ 45‬من القانون السابق الذكر ال تشمل إال المجالس القضائية والمحاكم‬

‫‪43‬‬
‫‪44‬‬

‫والجيوش البرية والبحرية والجوية والهيئات المؤسسة واإلدارات العمومية ‪ ،‬أما إذا تعلق‬
‫األمر باألشخاص االعتبارية الخاصة فإن الحماية القانونية التي تتمتع بها هي تلك المقررة‬
‫للخواص في الفصل ‪ 47‬من القانون نفسه‪.‬‬

‫هذا فيما يخص األشخاص المعنوية ذات الشخصية القانونية ‪ ،‬أما بالنسبة للهيئات‬
‫والجماعات التي تنعدم فيها الشخصية القانونية فإنه يجب األخذ في الحسبان عدد األشخاص‬
‫الدين تتكون منهم الهيئة أو المجموعة ‪ ،‬فإن كان العدد قليال بشكل يجعل كل واحد منهم‬
‫يحس وكأنه معينا تعيينا شخصيا ‪ ،‬فبإمكانهم هنا متابعة المتهم جماعيا‪ ،‬أما إذا كان العدد‬
‫كبيرا فإنه يصعب في الغالب األعم إدراك ما إذا كان كل عضو من األعضاء معين تعيينا‬
‫شخصيا ‪ ،‬وعليه ال يكون أمام هذه الحالة محل للمتابعة بسبب انتفاء التعيين ‪.‬‬

‫وبصرف النظر عن هذا أو ذاك فالمالحظ هنا أن الحماية موجهة أساسا لسلطة الدولة‬
‫وهيبتها ‪ ،‬والالئحة فيها كما يبدو حصرية وهي حسب الفصل ‪ 45‬المشار إليه سابقا تشمل ‪:‬‬
‫” المجالس القضائية والمحاكم والجيوش البرية أو البحرية أو الجوية والهيئات المؤسسة‬
‫واإلدارات العمومية بالمغرب ‪”.‬‬

‫‪ -1‬المجالس القضائية والمحاكم‪:‬‬

‫يتعلق األمر هنا بجميع المحاكم التي أسستها الدولة ‪ ،‬سواء كانت عادية أو استثنائية ‪،‬‬
‫ومهما كان اختصاصها ‪ ،‬وال يدخل مساعدو القضاء ضمن هذه الفئة كالمحاميين مثال ‪.‬‬

‫وإذا قام الفاعل بالمساس بالقضاة شخصيا ‪ ،‬فإنه يحق لكل واحد منهم متابعة هذا‬
‫الفاعل بصورة فردية بصفته فردا ضحية قذف أو سب مثال ونستحضر هنا المحاكمة ( اال‬
‫مشروعة ) التي تعرض لها الصحفي ” عبد القادر الحمير ” ومدير جريدة االتحاد‬
‫االشتراكي سنة ‪ ،1989‬وسنختصر وقائعها بعد التعرض لهيئة الجيش‪.‬‬

‫‪ -2‬الجيش‬

‫‪44‬‬
‫‪45‬‬

‫إن المقصود بالجيش هنا مجموعه أو فرقة من فرقه ‪ ،‬أيا كان نوعها سواء برية أو‬
‫بحرية أو جوية ‪ ،‬فنشر أو إذاعة أخبار كاذبة في حقه ونسبتها إليه أو أية جريمة أخرى‬
‫يؤدي إلى المتابعة الجنائية ‪ ،‬وهكذا فقد توبع السيد “ أحمد بلعيشي ” عضو ” المنظمة‬
‫المغربية لحقوق اإلنسان ” عند انتقاده في برنامج تلفزيوني للقناة الثانية(‪M) 2‬لدور الجيش‬
‫في مكافحة الهجرة السرية بتهمة القذف في حق هيئة مؤسسة طبقا للمواد ‪ 263‬و‪ 265‬من‬
‫ق ج ‪ ،‬ونشر وإذاعة أخبار كاذبة في حق القوات المسلحة الملكية ” طبقا للمواد ‪ 42‬و‪45‬‬
‫من ق ص ‪.‬‬

‫والمثير للجدل هنا هو أن النيابة العامة استندت إلى حالة التلبس لوضع المتهم تحت‬
‫الحراسة النظرية طبقا للمادة ‪ 76‬من قانون المسطرة الجنائية ‪ ،‬مع العلم أن هذه األخيرة‬
‫نصت على عدم تطبيق هذا المقتضي في حالة الجنح الخاصة بالصحافة ‪ ،‬باستثناء حالة‬
‫المس بكرامة جاللة الملك وأصحاب السمو الملكي األمراء واألميرات‪.‬‬

‫ومما يزيد الطين بلة هو أنه على إثر صدور مقال ممضي من طرف الصحفي ” عبد‬
‫القادر الحمير ” تحت عنوان ” محاكم الواليات عاجزة عن مسايرة القضايا المعروضة‬
‫عليها ” بجريدة االتحاد االشتراكي عدد ‪ 2208‬بتاريخ ‪ ، 1989/8/22‬توبع الظنين بصفته‬
‫مشاركا ‪ ،‬ومدير الجريدة المذكورة السيد” محمد البر يني ” متهما رئيسيا طبقا للفصلين ‪45‬‬
‫و‪ 67‬من ق ص ‪ ،‬وعلى إثر ذلك قررت المحكمة االبتدائية بعين السبع الحي المحمدي‬
‫بالبيضاء إدانة الظنينين من أجل جنحة القذف في المجالس القضائية والمحاكم بالدار‬
‫البيضاء‬

‫‪ -3‬الهيئات المؤسسة ‪:‬‬

‫يدخل في عداد هذه الهيئات تلك التي لها قدر من السلطة العمومية كالبرلمان والمجلس‬
‫الدستوري‪ ،‬والمجلس األعلى للقضاء‪ ،‬والمجالس الجهوية ‪،‬ومجالس العماالت واألقاليم‬
‫والمجالس البلدية والقروية ‪ ،‬والجامعات والكليات وغرف التجارة والصناعة والفالحة ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫‪46‬‬

‫وال يدخل ضمن هذه الهيئات نقابات المحامين أو األطباء أو المهندسين مثال ‪.‬‬

‫‪ -4‬اإلدارات العمومية ‪:‬‬

‫وهي التي يكون لها أيضا قدر من السلطة العمومية مثل مختلف الوزارات والبلديات‬
‫والمؤسسات العمومية كالمكتب الوطني للشاي والسكر والمكتب الوطني الشريف‬
‫للفوسفاط…إلخ‪ ،‬وبمفهوم المخالفة فيعني هذا أن وصف اإلدارات العمومية ال يسري على‬
‫أجهزة ليست لها امتيازات السلطة العمومية ‪،‬ولو كانت تخدم الصالح العام كبنك المغرب‪،‬‬
‫صناديق االدخار‪ ،‬و صناديق الضمان االجتماعي ‪.‬‬

‫باإلضافة إلى هؤالء األشخاص فهناك أشخاص أخرى طبيعية قد تشملهم الجرائم‬
‫الماسة بالمصلحة الخاصة لذلك أضفى عليهم المشرع حماية خاصة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬األشخاص الطبيعية ‪.‬‬

‫تشمل الجنح الماسة باألشخاص باإلضافة إلى ما سبق ذكره أولئك الدين لهم صفة‬
‫معينة أو مكلفون بمهمة أو مصلحة عمومية ( الفصل ‪ 46‬من ق ‪.‬ص) واألشخاص العاديون‬
‫( الفصل ‪ 47‬منه ) وكذا رؤساء الدول والحكومات والممثلين الديبلوماسيين األجانب ‪.‬‬

‫‪ -1‬أشخاص ذوو صفة معينة أو مكلفون بمهمة أو مصلحة عمومية ‪:‬‬

‫وهم حسب الفصل ‪ … ″46‬وزير أو عدة وزراء من أجل مهامهم أو صفاتهم أو نحو‬
‫موظف أو أحد رجال أو أعوان السلطة العمومية أو كل شخص مكلف بمصلحة أو مهمة‬
‫عمومية مؤقتة كانت أم مستمرة أو مساعد قضائي أو شاهد من جراء تأدية شهادته “‪.‬‬

‫إن هذا الفصل يثير مجموعة من المالحظات أو لها أن مقتضياته ال تهدف حماية‬
‫األشخاص المذكورة بقدر ما تتوخى حماية مناصبهم وممارستهم لوظائفهم ‪ .‬فالعبارات‬
‫الموجهة ضد األشخاص المشار إليهم في هذه المادة ال تقع تحت طائلة هذا البند ‪ ،‬إال إذا‬
‫ذكرهم الفاعل بصفاتهم الرسمية أو إذا كانت تلك العبارات تمسهم في صفتهم العمومية ال‬

‫‪46‬‬
‫‪47‬‬

‫الشخصية ‪ .‬وبعبارة أخرى ال يعتبر الفعل ( العمل الجرمي ) موجها ضد هؤالء األشخاص‬
‫إال حين تشمل العبارات – الجرمية – األعمال الملتصقة بالوظيفة التي يمارسونها أو الصفة‬
‫التي يتحلون بها‪.‬‬

‫أما المالحظة الثانية التي يمكن إثارتها على هذا الفصل هو أنه يتضمن شخصيات‬
‫سياسية ‪ ،‬وهم الوزراء إال أنه لم يشر إلى كتاب الدولة ‪ ،‬كما يؤخذ عليه أن الحماية فيه‬
‫تشمل الموظف العمومي ورجال السلطة ومأموريها المغاربة ‪ ،‬إال أنها لم تشمل الموظفين‬
‫األجانب الملحقين بمرفق عمومي مغربي ‪ ،‬أما فيما يخص الموظف العمومي المغربي الذي‬
‫التحق بحكومة أجنبية أو منظمة دولية ‪ ،‬فإنه يصبح في منظور ظهير ‪ 15‬نوفمبر ‪،1958‬‬
‫مجرد شخص عادي ‪ ،‬في حين أن هذه الحماية تمتد إلى أشخاص مكلفين بمصلحة أو مهمة‬
‫عمومية فقط ‪ ،‬مؤقتة كانت أم مستمرة ‪ ،‬بالرغم من كونهم ليسوا موظفين عموميين ‪ ،‬فقط‬
‫أنهم يتميعون بقدر من السلطة العمومية كالبيطري المكلف بتفتيش المسالخ‪.‬‬

‫وبالنسبة لألشخاص المكلفون بمهمة عمومية فهم على خالف سابقيهم أولئك الذين ال‬
‫يتمتعون بأي قدر من السلطة العمومية مثل المستشارين الجهويين والجماعيين‪ ،‬وأعضاء‬
‫مكتب التصويت ‪.‬‬

‫‪ -2‬رؤساء الدول والحكومات والممثلين الديبلوماسيين األجانب ‪:‬‬

‫سعيا في الحفاظ على أواصر الصداقة والتعاون وحرصا على حماية العالقات الودية‬
‫بين الدول وتفاديا لتوتر العالقات معها تنص معظم التشريعات على ردع المساس برؤساء‬
‫الدول والحكومات والممثلين الديبلوماسيين األجانب ‪ ،‬ومن بينها التشريع المغربي الذي‬
‫حذي هو اآلخر هذا الجانب في قانون الصحافة وخص له فصلين حيث تناول في الفصل‬
‫‪ 52‬منه جنح المساس بكرامة رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الشؤون الخارجية‬
‫للدول األجنبية ‪ ،‬في حين تعرض في الفصل ‪ 53‬من نفس القانون للمساس بكرامة الممثلين‬
‫الديبلوماسيين والقنصليين األجانب المعتمدين في المغرب من طرف جاللة الملك بصفة‬
‫رسمية‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫‪48‬‬

‫‪ -3‬األفراد العاديين‪:‬‬

‫وهم أولئك الذين ال يحملون صفة معينة وغير المكلفين بمهمة أو مصلحة عمومية‪،‬‬
‫وبعبارة أخرى هم غير الموظفين العموميين أو األشخاص المنتدبين‪ .‬ويدخل في نطاقهم‬
‫التجار والفالحين والعاطلين عن العمل والفنانين … إلخ فهؤالء قد أضفى عليهم المشرع‬
‫حماية ‪ ،‬وذلك من خالل تجريمه كل ما قد يمس بشرفهم أو كرامتهم أو سمعتهم داخل‬
‫المجتمع من سب وقذف ومس بخصوصياتهم الشخصية‪.‬‬

‫لعل أهم ما نختم به هذا المبحث هو اإلشارة إلى أحد الحقوق األساسية التي كفلها ظهير‬
‫‪ 15‬نوفمبر ‪ 1958‬لكل متضرر من أحد األعمال المعتبرة سبا أو قذفا أو ما شبه ذلك ‪ ،‬ويتعلق‬
‫األمر بحق االستدراك والجواب ‪ ،‬والذي يتوخى منه تصحيح الصورة السلبية التي قد ترسمها‬
‫الصحافة للرأي العام على شخص معين متى كان ذلك مخالفا للحقيقة‬

‫‪48‬‬
‫‪49‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة‬

‫من المبادئ االساسية المعمول بها في القانون الجنائي ان المسؤولية الجنائية شخصية‬
‫‪ ،‬بمعني انه ال يسأل جنائيا اال الشخص الذي ارتكب الجريمة او مساهمة في ارتكابها ‪ ،‬اي‬
‫الشخص الذي توافرت فيه صفة الفاعل او المساهم او المشارك ‪ ،‬على هذا االساس‬
‫فالعقوبة هي كذلك شخصي ة ال توقع اال على مرتكب الجريمة ‪ .‬هل ينطبق نفس هذا المبدأ‬
‫على الجرائم المرتكبة عن الطريق الصحافة وغيرها من طرق النشر ‪ ،‬ام ان الطبيعة العمل‬
‫الصحفي الذي يتطلب كثرة عدد المتدخلين فيه (مدير تحرير ‪،‬ناشر ‪ ،‬مؤلف ‪،‬بائع ‪،‬موزع‬
‫‪ )...‬وكذا اخد العمل الصحفي بمجموعة من النظام تالئم وظيفة الصحافة ‪ ،‬تحول دون‬
‫امكان تطبيق القواعد العامة للمسؤولية الجنائية على هذه الجرائم ‪.‬‬

‫ان صدق هذا الطرح االخير ‪،‬فما هي اهم الحلول التي قيل بها من اجل تجاوز قصور‬
‫المبادئ العامة للمسؤولية الجنائية ‪ ،‬واهم المبررات التي كانت السند في عدم االخذ بهده‬
‫المبادئ في الميدان الصحفي ‪ ،‬واي الحلول عمل المشرع المغربي على تبنيها من خالل‬
‫فصول قانون الصحافة ‪.‬هذا بالتأكيد ما سأحاول تناوله بالدراسة والتحليل من خالل هذا الفصل‬
‫الذي اقوم الى تفريعه الى مبحثين ‪،‬االول يتضمن اساس المسؤولية الجنائية في جرائم صحافة‬
‫‪ ،‬ال ثاني يتناول نظام المسؤولية الجنائية في قانون الصحافة المغربي‬

‫‪13‬‬

‫‪ 21513‬طارق سرور ‪ :‬دروس في الجرائم النشر ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ، 2000 ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬من ‪ 50‬الى ‪. 56‬‬

‫‪49‬‬
‫‪50‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬أساس المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة‬

‫لقد تناولت كل التشريعات الجنائية فكرة المسؤولية ‪ ،‬وعملت على تبيان كل مضامينها‬
‫واركانها وكذا تحديد أساسها ‪،‬عمال بضرورة تحديد من يكون مسؤوال عن األفعال المرتكبة‬
‫مخالفة القانون ‪،‬وكذا من يكون على غير ذلك ‪.‬‬

‫ان تحديد المسؤولية الجائية في جرائم الصحافة امر ال يخلو من صعوبة ‪ ،‬نظرا لصعوبة‬
‫تطبيق القواعد العامة للمسؤولية الجنائية على هذا النوع من الجرائن بسبب خصوصيتها وكذا‬
‫طبيعة العمل الصحفي ‪،‬مما يجعل امر تحديد المسؤولية مستحيال في جل الحاالت ‪.‬طبقا لقواعد‬
‫هذه المسؤولية ‪.‬‬

‫امام هذا الوضع عمل مجموعة من الفقهاء على البحث عن الحلول التي يمكن من خاللها‬
‫تجاوز الصعوبات التي تحول دون إقرار هذه المسؤولية بالنسبة لهذا النوع من الجرائم ‪ ،‬من‬
‫خالل طرح النظ ريات التي تعطي حلوال واقتراحات تساعد على تحديد المسؤول جنائيا ‪.‬‬

‫ولتحديد أساس هذه المسؤولية في جرائم الصحافة فقد ارتأيت قبل التطرق الى هذا‬
‫األساس ‪ .‬ال باس ان اشير الى القواعد العامة للمسؤولية الجنائية ‪ ،‬مع تناول كل المبررات‬
‫التي قيلت في هذا الشأن ‪،‬وذلك من اجل تحديد أسباب عدم تطبيق القواعد العامة للمسؤولية‬
‫على الجريمة الصحفية ‪.‬بعد هذه التوطئة الالزمة والضرورية ‪،‬اصل الى االتجاهات او‬
‫النظريات التي تناولت تحديد أساس المسؤولية الجزائية في جرائم الصحافة ‪،‬‬

‫‪50‬‬
‫‪51‬‬

‫مصداقا لما سبق سأحاول تناول هذا المبحث من خالل مطلبين‪( :‬األول) سأخصصه‬
‫لقواعد العامة للمسؤولية الجنائية ‪ ،‬و(الثاني) سأضمنه أساس المسؤولية الجنائية في جرائم‬
‫‪14‬‬
‫الصحافة‬

‫‪206 14‬عمر سالم‪، :‬نحو قانون جنائي الصحافة ‪،‬مرجع سابق ‪133:‬‬
‫‪207‬شريف سيد كامل ‪:‬جرائم الصحافة في القانون المصري ‪،‬ص‪47:‬‬

‫‪51‬‬
‫‪52‬‬

‫المطلب األول ‪:‬القواعد العامة للمسؤولية الجنائية‬

‫اعتبارا ألهمية هذه القواعد ‪ ،‬سأحاول من خالل هذا المطلب اجالء أهمها من اجل‬
‫توضيح أساس هذه المسؤولية ‪،‬مع إشارة الى اهم المبررات التي حالت دون تطبقها على‬
‫جرائم الصحافة ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪:‬الفكرة المسؤولية الجنائية‬

‫ستتمحور الدراسة في هذه الفقرة على تحديد مفهوم المسؤولية الجنائية وكذا تحديد‬
‫أركانه ا ‪،‬مع إشارة الى اهم مبادئها المتمثلة في الشخصية المسؤولية وبالتالي شخصية العقوبة‬
‫‪،‬وما مدى اخذ بمبدأ المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي خصوصا وان القانون الجنائي وجد‬
‫للوهلة األولى لضبط اشخاص الطبيعيين‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم المسؤولية الجنائية واركانها‬

‫سأحاول من خالل هذه النقطة تحديد مفهوم المسؤولية الجنائية ‪ ،‬مع البحث عن أركانها‬
‫حتي تتضح الفكرة اكثر عن مفهوم المسؤولية الجنائية‬

‫اـ ماهيتها ‪:‬‬

‫ستتضمن هذه النقطة أساس المسؤولية الجنائية ‪ ،‬وذلك من خالل االطالع على أساسها‬
‫لدى المدارس العقابية التي تعتبر اللبنة األ ولى لتحديد أساس المسؤولية الجنائية ‪ ،‬ثم بعد ذلك‬
‫محاولة تحديد مفهومها‬

‫‪1‬ـ أساس المسؤولية الجنائية ‪:‬‬

‫ب لم تتبلور فكرة المسؤولية الجنائية بمفهوم الحالي اال بعد مرور وقت طويل حيث‬
‫اختلفت األسس التي قامت عليها من مدرسة ألخرى ‪ ،‬لقد كان أساس هذه المسؤولية عند‬
‫‪15‬‬
‫المجتمعات القديمة يتحدد في الضرر الذي يقابله عقاب على شكل انتقام من الجاني فلم‬

‫‪ 20815‬للمزيد من التوضيح انظر محمد ملياني‪ :‬دروس في قانون الجنائي العام ‪ ،‬دار النشر قصور وجدة ‪ 1998‬الطبعة الثانية ‪،‬من ص‬
‫‪ 95 :‬الى ‪122‬‬

‫‪52‬‬
‫‪53‬‬

‫يكن يؤخذ بقصد هذا األخير ‪،‬هل تعمد ذلك ام لم يقصد فعل ذلك مما يعني ان المسؤولية‬
‫في هذه الفترة كانت الية بمجرد حدوث الضرر يؤاخذ المسؤول عنه مباشرة‬

‫اما لدى المدرسة التقليدية فكان أساسها هو الخطأ ‪ ،‬فاإلنسان يملك إرادة حرة وبالتالي‬
‫يستطيع الخيار بين ما هو مبا ح ومحظور قانونا ‪ ،‬اما أساسها عند المدرسة الوضعية فهو‬
‫الحتمية أي ان الشخص ال اختيار له في إتيان الفعل المحظور من عدمه ‪،‬وانما هو منساق‬
‫الى ارتكاب نتيجة مجموعة من العوامل ‪ ،‬خارجية كانت او داخلية ‪،‬اجبرته على مخالفة‬
‫القانون‬

‫بقي اتجاه أخير اخد مزايا المدارس الت ي سبقته في تحديد هذا األساس ‪ ،‬وطرح الرزايا‬
‫التي كانت هدفا لسهام النقد ‪،‬وقد مثل هذا االتجاه االتحاد الدولي لقانون العقوبات الذي اعبر‬
‫أساس المسؤولية الجنائية هو الخطأ والخطر ‪ ،‬واقر انسجاما مع ذلك جملة مبادئ نعتبر‬
‫االطار العام ومنهاج عمل هذا االتجاه ‪ ،‬فأبقى على العقوبة نظرا لهدفها في تحقيق الردع العام‬
‫والخاص ‪ ،‬واخد بالتدابير الوقائية ‪.‬‬

‫على نهج هذا االتجاه األخير سارت مجموعة من التشريعات ‪ ،‬فالمشرع المغربي من‬
‫خالل فصول القانون الجنائي يظهر بجالء مدى اخده بم بادئ االتحاد الدولي للقانون الجنائي‬
‫‪،‬ونفس الكالم ينطبق على تشريع كل من فرنسا ومصر ‪ ،‬وذلك بتبنيهما للتدابير الوقائية بجانب‬
‫العقوبة ‪.‬‬

‫‪2‬ـ مفهومها‬

‫بعيدا عن النقاشات الفقهية التي عملت على ارسال مبادئ المسؤولية الجنائية ‪ ،‬يمكن‬
‫القول ان هذه النقاشات انتهت الى إقرار األخذ بفكرة مسؤولية االنسان األدبية عن افعاله ‪،‬‬

‫‪ 209‬محمد حماد الهيتي ‪ :‬الخطأ المفترض في المسؤولية الجنائية دار لثقافة و النشر والتوزيع عمان ‪ 2005‬الطبعة األولى ص ‪11‬‬

‫‪53‬‬
‫‪54‬‬

‫ومناط هذه المسؤولية هو حرية اختياره وادراكه لألفعال التي يقوم بها ‪ ،‬بتمييزه بين ما‬
‫‪16‬‬
‫ومشروع وبين ما هو غير مشروع قانونا ‪.‬‬

‫‪ 210 16‬عبدالسالم بنحدو ‪ :‬الوجيز في القانون الجنائي المغربي ‪ ،‬المطبعة والورقة الوطنية ‪ ،‬مراكش ‪ 2000‬طبعة رابعة ‪ ،‬ص ‪63‬و ‪69‬‬
‫و‪70‬‬
‫‪211‬عبدالسالم بنحدو ‪ :‬نفس المراجع السابق ‪ ،‬ص ‪76‬و‪ . 77‬ص ‪261‬‬

‫‪54‬‬
‫‪55‬‬

‫هذا ما يجعل ان كل شخص سليم العقل وقا در على التمييز يكون مسؤوال شخصيا‬

‫عن افعاله ( الفصل ‪ 132‬من ق ج ) وبمفهوم المخالفة فان كل شخص ال يتمتع بحرية‬
‫اإلرادة وال يستطيع االدراك ‪ ،‬ال يمكن ان يكون موضع مساءلة جنائية ‪.‬‬

‫فالمسؤولية الجنائية اذن تترتب عن عمل او امتناع جرمه المشرع الجنائي وعاقب عليه‬
‫في نص من نصوصه ‪ ،‬مما يعني ان جوهر المسؤولية الجنائية هو تأثيم إرادة الفاعل‬

‫الذي اختار عن طواعية ارتكاب الفعل او السلوك المخالف للقانون ‪ ،‬واحدث بفعله هذا‬
‫اضطربا داخل النظام االجتماعي ‪ ،‬ويستحق وفق ذلك جزاء لردعه ومنع افراد المجتمع من‬
‫إتيان نفس الفعل مستقبال ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة الى ان تحديد نوع المسؤولية يختلف حسب المجال او النطاق الذي وقع‬
‫االخ الل بقواعده ‪ ،‬فاذا وقع االخالل بقواعد القانون المدني سميت مسؤولية مدنية ‪ ،‬واذا كان‬
‫المجال مجاال اداريا سميت مسؤولية ادارية ‪ ،‬وهكذا دواليك ‪.‬‬

‫فمفهوم المسؤولية الجنائية اذن يمكن تحديده بكونها مؤاخذة الشخص ال تيانه احد األفعال‬
‫المجرمة في القانون الجنائي ‪ ،‬وتنتج عن ثبوت المسؤولية في حقه إمكانية عقابه بعقوبة جنائية‬
‫قد تطال حياته (اإلعدام) او حريته (السجن والحبس ) او ماله (الغرامة )‪.‬‬

‫ب ـ اركان المسؤولية الجنائية ‪:‬‬

‫ال يكفي إلقرار مسؤولية الشخص الجنائية ان تأتي احد األفعال المحظورة او يمتنع عن‬
‫احد األفعال التي امره القانون بإتيانها ‪ ،‬بل البد من توافر اركان بوجود هذه األخيرة من‬
‫عدمها تتقرر المسؤولية الجنائية ل مرتكب الفعل الذي تسبب في اضطراب وزعزعة الكيان‬
‫‪17‬‬
‫االجتماعي ‪.‬‬

‫‪ 17‬عبد الواحد العلمي ‪ :‬شرح القانون الجنائي المغربي القسم العام مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ‪ 2002‬ص ‪392‬و‪393‬‬
‫‪ 214‬عبد الواحد العلمي ‪:‬نفس المرجع السابق ص ‪394‬‬
‫‪ 215‬محمد حماد الهيتي ‪:‬نفس المرجع السابق ص ‪18‬‬

‫‪55‬‬
56

56
‫‪57‬‬

‫فمن مجمل فصول القانون الجنائي المغربي (الفصول من ‪ 132‬الى ‪ 140‬وكذا الفصل‬
‫‪ ) 124‬يتضح ان األركان تتمحور حول ركنين أساسيين هما ‪ :‬االدراك واإلرادة فما المقصود‬
‫بهما ‪:‬‬

‫‪1‬ـ االدراك ‪ :‬حسب األستاذ محمد حماد الهيتي هو يعني االدراك والذي يصطلح عليه بالتمييز‬
‫قدرة االنسان على فهم ماهية افعاله وتقدير نتائجها من حيث خطورتها على المصالح‬
‫االجتماعية باحتمال اصابتها بضرر ‪ ،‬وهذه القدرة على الفهم تنصرف الى الفعل من حيث‬
‫عناصره وخصائصه وكل ما يتعلق بكيانه واثاره من حيث ما تنطوي عليه من خطورة ‪ ،‬وما‬
‫تندر به من اعتداء على المصلحة المحمية او الحق الذي يحميه القانون ‪.‬‬

‫فالفهم الذي قصده األستاذ من خالل هذا التعريف ‪ ،‬وبصيغة مبسطة هو إمكانية تمييز‬
‫الشخص بين المشروع وغير المشروع قانونا ‪ ،‬دون ان يتعدى ذلك الى فهم التكييف القانوني‬
‫الصحيح للفعل المقبل على ارتكابه ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة الى ان هذا الركن االدراك قد أشار اليه المشرع الجنائي في الفصول من ‪132‬‬
‫الى ‪ 140‬من ق ج ‪،‬حيث تناول الحاالت التي ال يتوفر فيها االدراك (الجنون ‪،‬القصور الجاني‬
‫‪،‬السكر غير االختياري ) فتنعدم المسؤولية الجنائية او تنقص حسب األحوال دون ان يؤثر‬
‫ذلك على امكان سقوط المسؤولية المدنية التي يتحملها المتهم نفسه او المسؤول عن الحقوق‬
‫المدنية ‪.‬‬

‫‪2‬ـ اإلرادة ‪ :‬يقصد بها حرية االختيار ‪ ،‬أي قدرة االنسان على اختياره ما بين األفعال‬
‫المحظورة والمباحة ‪ ،‬وبالتالي إمكانية اتيانه للفعل المباح وعزوفه عن الفعل المخالف للنظم‬
‫القانونية ‪ ،‬وكل مساس بهذه االمكانية فهي تعدم االختيار وعلى أساسه تنعدم اإلرادة‪ ،‬فيكون‬
‫الشخص بمنأى عن المسؤولية الجنائية ‪.‬‬

‫تناول المشرع حاالت انعدام اإلرادة في الفصل ‪ 124‬من ق ج( وهي تنفيذ امر القانون ‪،‬‬
‫الدفاع الشرعي ‪ ،‬حالة الضرورة والقوة القاهرة ) وقد صنفها المشرع ضمن أسباب التبرير‬

‫‪57‬‬
‫‪58‬‬

‫‪،‬فالمشرع بمقتضاها اخرج األفعال االجرامية المرتكبة من دائرة التجريم الى دائرة االباحة ‪،‬‬
‫فتنعدم على هدا األساس المسؤوليات الجنائية والمدنية معا عكس ذلك في حالة انعدام االدراك‬
‫حيث تنتفي المسؤولية الجنائية دون المسؤولية المدنية التي تبقى قائمة ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مبادئ المسؤولية الجنائية‬

‫استقرت هذه المبادئ بعد مرور مدة ليست بالقصيرة الى االخذ بشخصية المسؤولية الجنائية‬
‫‪،‬مما يعني انه فيما مضى كانت هده المسؤولية شاملة ‪ ،‬وبجانب هذا استقرت التشريعات على‬
‫إقرار المسؤولية الجنائية لألشخاص الطبيعيين والمعنويين ‪ ،‬وظل النقاش دائرا حول مدى‬
‫إمكانية إقرار المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي لدى بعض التشريعات األخرى ‪ ،‬خصوصا‬
‫وان الشخص المعنوي مجرد فكرة ‪.‬‬

‫اـ شخصية المسؤولية الجنائية ‪:‬‬

‫بعد مرور وقت ليس بالقصير اقتنعت التشريعات بضرورة االخذ بمبدأ شخصية المسؤولية‬
‫الجنائية ‪ ،‬وبالتالي ال يؤاخذ اال الشخص الذي ارتكب الفعل االجرامي ‪ ،‬ويستحق العقاب على‬
‫أساسه ‪ ،‬اذ المسؤولية الجنائية فيما مضى (قبل ظهور كتاب بيكاريا في الجرائم والعقوبات‬
‫سنة ‪ ) 1674‬كانت تشمل اهل الجاني ‪ .‬وكانت العقوبة الجنائية تطالهم جميعا بل األكثر من‬
‫ذلك كانت تمس في بعض الحاالت جميع افراد القبيلة او العشيرة التي ينتمي اليها الجاني ‪.‬‬

‫فالتشريعات بعد إقرارها بضرورة االخذ بمبدأ شخصية المسؤولية قامت بتجسيد ذلك في‬
‫نصوص قانونها الجنائي ‪ ،‬المشرع المغربي مثال من خالل الفصل ‪ 132‬من ق ج نص على‬
‫ان " كل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤوال شخصيا عن الجرائم التي يرتكبها‬
‫" فالسارق هو الوحيد الذي يكون مسؤوال عن الجريمة التي ارتكبها دون إمكانية مساءلة‬
‫اشخاص اخرين كزوجة الجاني او احد افراد عائلة ‪ ...‬ما لم يكن مشاركا في الفعل االجرامي‬

‫‪58‬‬
‫‪59‬‬

‫‪ ،‬وبالتالي فال مشارك في الجريمة يتابع على هذا األساس ويكون مسؤوال جنائيا بغض النظر‬
‫‪18‬‬
‫عن عالقة بالمتهم ‪.‬‬

‫المبدأ العام اذن هو ان المسؤولية الجنائية مسؤولية شخصية ‪ ،‬لكن المشرع المغربي كما‬
‫مجموعة من التشريعات المقارنة أورد استثناء في الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 132‬حيث نصت‬
‫على انه ‪" :‬وال يستثنى من المبدأ اال الحاالت ينص فيها القانون صراحة على خالف ذلك "‬
‫فبمقتضى هد ه الفقرة اقر المشرع نوعا من المسؤولية الجنائية عن فعل الغير ‪ ،‬وذلك في‬
‫حاالت ورود نص بهذا الشأن ‪ ،‬وبالفعل فالمشرع في مجموعة من القوانين الخاصة اقر هذه‬
‫المسؤولية ( قانون الصحافة ‪،‬الظهير المتعلق بالمحافظة على الغابة ‪ ) ...‬لن اتناول هذه‬
‫الحاالت بتفصيل وانما ساترك الحديث عن هذه المسؤولية الواردة في القانون الصحافة‬
‫بتفصيل الى حين الوصول الى المبحث الثاني من هذا الفصل ‪.‬‬

‫ب ـ المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي ‪:‬‬

‫المشرع المغربي لم يكن صريحا في رفض او تبني المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية ‪،‬‬
‫ويتضح من خالل مجموعة من ا لفصول رفضه لهذه المسؤولية ‪ ،‬فالفصل األول من القانون‬
‫الجنائي ينص على انه " يحدد التشريع الجنائي أفعال االنسان التي يعدها جرائم بسبب ما تحدثه‬
‫من اضطراب اجتماعي يوجب زجر مرتكبيها بعقوبات او بتدبير وقائية "‪.‬‬

‫في نفس االتجاه سار على نهجه الفصل ‪ 132‬من ق ج الذي نص على انه كل شخص سليم‬
‫العقل قادر على التمييز يكون مسؤوال شخصيا عن الجرائم التي يرتكبها وكذا الفصل ‪126‬‬
‫من نفس القانون نص على انه تطبيق العقوبات والتدابير الوقائية المقررة في هده المجموعة‬
‫على األشخاص الذاتيين ‪.‬‬

‫من مجمل هذه الفصول يتضح ان المشرع لم يأخذ بالمسؤولية الجنائية لألشخاص المعنويين‬
‫بل اقتصر على مسؤولية األشخاص الطبيعيين مما يعني عدم إمكانية متابعتهم ‪ ،‬لكن المشرع‬

‫‪ 18‬عبدالواحد العملي ‪:‬نفس المرجع السابق ص ‪300:‬‬

‫‪59‬‬
‫‪60‬‬

‫‪19‬‬
‫عاد في الفصل ‪ 127‬ونص على انه ال يمكن ان يحكم على األشخاص المعنوية اال بالعقوبات‬
‫المالية والعقوبات اإلضافية الواردة في األرقام ‪5‬و‪6‬و‪ 7‬من الفصل ‪ 37‬ويجوز أيضا ان يحكم‬
‫‪20‬‬
‫عليها بالتدبير الوقاية العينية الواردة في الفصل ‪62‬‬

‫وبالتالي فالمشرع المغربي لم يستقر على راي واحد وظل مذبذبا بين هذا الراي وذلك ‪،‬‬
‫خصوصا وانه في القانون الجنائي نفسه ‪ ،‬وفي بعض القوانين الخاصة كذلك لم يجزم بإقرار‬
‫مسؤولية األشخاص المعنوية وانما القى المسؤولية على األشخاص الطبيعيين‪ ،‬امام هذا‬
‫الوضع ‪،‬فالمشرع الم غربي مطالب بالسير على نهج بعض التشريعات المقارنة ‪ ،‬على سبيل‬
‫المثال تضمنت الفقرة الثانية من الفصل ‪ 121‬من القانون الجنائي الفرنسي‬

‫" ان األشخاص المعنوية باستثناء الدولة‪ ،‬مسؤولة جنائيا‪...‬‬

‫هذه هي إذن نظرة شاملة حول فكرة المسؤولية الجنائية‪ ،‬بقى أن أشير إلى أن معظم الفقه‬
‫القانوني يقول بكون القواعد العامة المسؤولية الجنائية ال تنطبق بحذافيرها على المسؤولين‬
‫جنائيا في بعض المجاالت من بينها الجرائم المرتبة مخالفة لظهير ‪ 15‬نونبر ‪ 1958‬المتعلق‬
‫بقانون الصحافة‪ ،‬مستندين على مجموعة من المبررات لدعم رأيهم‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مبررات الخروج عن القواعد العامة للمسؤولية الجنائية‬

‫ال يمكن مساءلة الجاني في جرائم الصحافة في حال االعتماد على القواعد العامة للمسؤولية‬
‫الجنائية‪ ،‬فعلى هذا األساس قدم فقهاء القانون مجموعة من المبررات تعتبر األسانيد التي‬
‫قيل بها من أجل تبرير خضوع المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة لتنظيم خاص يتالءم‬
‫وطبيعة العمل الصحفي ونظامه‬

‫‪ 19 19‬للمزيد من التوضيح انظر محمود سليمان موسى‪ :‬المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي في القانونين الليبي واالجنبي الدار‬
‫الجماهيرية للنشر والتوزيع واالعالن ‪ 1980‬الطبعة األولى‬
‫‪Didier BOCCON GIBOD : <La responsabilité pénale des personnes morales > Editions Alexandre Lacassagne.‬‬

‫يوسف وهابي ‪ :‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية الحاجة الى التقنين مجلة القضاء والقانون العدد ‪ 150‬السنة الثانية والثالثون‬ ‫‪20‬‬

‫ص ‪113‬‬
‫‪ 220‬حسن سعد سند مرجع سابق ص‪99‬‬

‫‪60‬‬
‫‪61‬‬

‫أوال‪ :‬نظام الصحافة‬

‫اهم ما يميز العمل الصحفي هو خضوعه لنظام االسمية في الكتابة باإلضافة إلى نظام سرية‬
‫التحرير‪ ،‬مما يجعل تحديد المسؤول جنائيا عن الجرائم المرتكبة إخالال بقانون الصحافة‬
‫أمرا صعبا إن لم يكن مستحيال‪.‬‬

‫أـ نظام الالاسمية في الكتابة‪:‬‬

‫يعتبر هذا النظام من بين الصعوبات التي تعتبر مبررا للخروج عن القواعد العامة‬
‫للمسؤولية الجنائية‪ ،‬فنظام الالاسمية في الكتابة يقصد به أن ينشر المقال أو يظهر في‬
‫الصحيفة من غير ذكر أو إشارة يستفا د من خاللها من هو صاحب المقال أو الخبر‪ ،‬سواء‪،‬‬
‫بعدم توقيع المقال بصفة مطلقة أو توقيعه باسم مستعار‪.‬‬

‫فلجوء بعض الصحف والجرائد لهذا األسلوب أحيانا يطرح في الغالب عدة مشاكل مرتبطة‬
‫أساسا بصعوبة تحديد من هو المسؤول عن المقال من جهة‪ ،‬وبالتالي تحديد المسؤول جنائيا‬
‫في حال اإلخالل بقانون الصحافة من جهة أخرى‪ ،‬فنظام الالاسمية إذن يعتبر عقبة في‬
‫طريق السلطة القضائية تمنعها من القيام بمهامها وهي متابعة المخالف بسبب غياب تعيين‬
‫واضح للمسؤول الحقيقي‪ ،‬وبالتالي عدم إمكانية معرفة المسؤول عن الكتابة‪.‬‬

‫لقد أثير النقاش فيما يتعلق بنظام الالاسمية في الكتابة بين مؤيد لألخذ به ومعارض لذلك‪،‬‬
‫االتجاه المنكر لهذا النظام اعتمد في دعم رأيه على أنه من حق القانون معرفة الكاتب‬
‫الحقيقي ليحدد مسؤوليته إن أساء استعمال حقه في الكتابة وحرية التعبير عن رأيه‪ ،‬طالما‬
‫أن المشرع نفسه هو من منح هذا الحق للكاتب‪ ،‬وقد شبه هذا النظام كمن يخطب في جمع‬
‫من الناس ويضع قناعا على وجهه‪ ،‬باإلضافة إلى كون هذا النظام قد يخفى على القارئ‬

‫‪61‬‬
‫‪62‬‬

‫حقيقة هذا الكاتب وما يحمله من مساوئ أو عدم أهليته لما يكتب‪ ،‬وبالتالي فإنه يفوت على‬
‫‪21‬‬
‫القارئ فرصة تقييمه ونقده‬

‫‪ 21‬مازن الحنبلي ‪ :‬الوسيط في جرائم النشر والصحف وافشاء االسرار المتعلقة باألفراد وسالمة الدولة والذم والقدح والتحقير والتحريض‬
‫والتعرض لآلداب العامة في قانون العقوبات العام والعقوبات واصول المحاكمات العسكرية المكتبة القانونية دمشق ‪ 2004‬الطبعة االولى ص ‪42‬‬

‫‪62‬‬
‫‪63‬‬

‫في مقابل ذلك‪ ،‬نجد اتجاه يؤيد األخذ بهذا النظام ويمنح بالتالي للكتاب حرية مطلقة بين إيراد‬
‫أسمائهم قرين كتاباتهم‪ ،‬أو عدم االلتزام بذلك شريطة إعالم مدير النشر باألسماء الحقيقة‪،‬‬
‫‪22‬وما ينتج عن هذا النظام من تحقيق رغبة الكتاب في إخفاء حقيقتهم في بعض مقاالتهم‪،‬‬
‫وق د سارت معظم التشريعات في اتجاه األخذ بنظام الالاسمية في الكتابة‪.‬‬

‫المشرع المغربي تبنى هذا النظام ويتضح ذلك من خالل الفصل ‪17‬من ق‪ .‬ص الذي ينص‬
‫في فقرته األولى على أنه يجب على الكتاب الذين يستعملون اسما مستعارا أن يبينوا كتابة‬
‫إلى مدير النشر أسماءهم الحقيقة وذلك قبل نشر مقاالتهم‪.‬‬

‫فمن خالل هذه الفقرة‪ ،‬نجد أن المشروع فعال قد أخذ بنظام الالاسمية مادام سمع لكتاب المقاالت‬
‫بنشر مقاالتهم باسم مستعار أو غير موقع أصال‪ ،‬كما أشارت إلى ذلك الفقرة الثانية من نفس‬
‫الفصل شريطة إعطاء االسم الحقيقي قبل النشر لمدير النشر ‪ ،‬حيث يصبح هذا األخير غير‬
‫مقيد بالسر المهني اذا ما طلب منه وكيل الملك اطالعه على الهوية الحقيقية لصاحب المقال‬
‫واال فانه يتابع عوضا عن صاحب المقال‬

‫نجد المشرع المصري قد سار على نهج نظيره المغربي اذ ال يلزم كاتب المقال توقيع مقالة‬
‫‪ ،‬كما ال يلزم مدير النشر باإلفصاح عن شخصية كاتب المقال ‪ ،‬نفس االمر تبناه المشرع‬
‫الفرنسي‪.‬‬

‫ان لهذا النظام صعوبات تنتج عن األخذ به ‪ ،‬ففي حالة نشر مقال باستعمال نظام الالاسمية‬
‫في الكتابة ‪ ،‬وكان صاحبه قد ارتكب من خالله احدى الجرائم ‪ ،‬فان معرفة صاحبه امر صعب‬
‫‪ ،‬اال اذا افصح عن ذلك مدير النشر اما في حالة امتناعه عن ذلك فانه يتابع عوضا عن الفاعل‬
‫الحقيقي مما يعتبر خروجا عن نظام المسؤولية الجنائية التقليدية ‪.‬‬

‫ب ـ نظام سرية التحرير ‪:‬‬

‫‪ 223 22‬قانون الحريات العامة القانون الصحافة سبقت إشارة اليه‬


‫‪ 224‬قانون الحريات العامة قانون الصحافة‬
‫‪ 225‬طارق سرور ‪ :‬نفس مرجع السابق ص ‪53‬‬
‫‪Charles PONGET : < Etude de droit suisse et compare , R.I.D.C , 1980‬‬

‫‪63‬‬
‫‪64‬‬

‫الصعوبة الثانية تتمثل في مشكلة تحديد األشخاص المسؤولين عن التجاوز في استعمال حرية‬
‫الصحافة الناتجة عن األخذ بنظام سرية التحرير ‪ ،‬فالسرية في الميدان الصحافة ال تعني‬
‫بطبيعة الحال استئثار الصحفي بالمعلومات من اجل نشرها ‪ ،‬وانما يقصد بها الحق في ان‬
‫يحتفظ المؤلفو ن او المشتغلون بالصحافة بسرية مصدرهم ‪ ،‬مبررين هذا األسلوب بما تفرضه‬
‫عليهم حرية الصحافة واستقاللها ‪.‬‬

‫فالصحافة تهدف بالدرجة األولى الى اعالم ‪ ،‬وفي سبيل تحقيق ذلك تجمع المعلومات من‬
‫مختلف المصادر ولذلك فان الحق في الحصول على االخبار والمعلومات من مصدرها‬
‫االصلية حق جوهري بل جزء من حرية الصحافة ‪.‬‬

‫فسرية التحرير اذن تعتبر من ضروريات العمل الصحفي ‪ ،‬وذلك من اجل قيام هذا الخير‬
‫بدوره كسلطة رابعة دون المساس بمصادر الخبر او المعلومات ‪ ،‬وبالتالي تبقي في حل من‬
‫إمكانية مساءلتها او الجهر بها على غير منها ‪.‬‬

‫في بعض الحاال ت يتوفق امداد الصحافة بالمعلومات على اطمئنان المصدر من إخفاء اسمه‬
‫‪ ،‬وبالتالي فان وصول الصحافة الى مصدر الخبر والحصول عليه معرض للتوفق ما لم يتحقق‬
‫مصدر الخبر من ان الصحفيين لن يرفعوا النقاب عنهم وانهم سوف يحافظون على سرية‬
‫مصادرهم ‪.‬‬

‫لكن في المقابل ‪ ،‬فإمكانية افشاء مصدر الخير او المعلومات في بعض األحوال الزمة االثبات‬
‫حسن نية الصحفي وجهله بكذب الواقعة محل المساءلة من اجل اثبات انتقاء القصد الجنائي‬
‫في حقه ‪.‬‬
‫‪23‬‬

‫‪ 23‬طارق سرور نفس المرجع السابق ص ‪54‬‬


‫مازن الحنبلي ‪ :‬نفس المرجع السابق ص‪42‬‬

‫‪Pierre LAZAREFF : Le secret professionnel du journaliste devant la justice Rapport‬‬


‫‪présenté au colloque organisé par la section française de commission‬‬
‫‪internationale des juristes en 1967, Libre justice 1967,‬‬

‫‪64‬‬
‫‪65‬‬

‫فالصحفي في حال مساءلته على احد المقاالت التي اسقى معلوماتها من احد المصادر ‪ ،‬يملك‬
‫سلطة تقدير موقفه ‪ ،‬ما بين االقدام على افشاء سرية مصدره‪ ،‬او مواجهة التهمه الموجهة اليه‬
‫بدفاع اخر ‪ ،‬وبين عدم افشاء مصدر المعلومات ‪ ،‬وبالتالي بقاء المسؤولية الجنائية على عاتقه‬

‫المشرع المغربي اخذا بهذا النظام ويتضح ذلك من خالل نص الفقرة الثالثة من الفصل األول‬
‫من ق ج ص التي تنص على انه ‪ ":‬لمختلف وسائل االعالم الحق في الوصول الى مصادر‬
‫الخبر والحصول على المعلومات من مختلف مصادرها ما لم تكن هذه المعلومات سرية‬
‫بمقتضي القانون ‪.‬‬

‫كما تضي ف الفقرة األخيرة من نفس الفصل على ان الحق يمارس في اطار مبادئ الدستور ‪،‬‬
‫واحكام القانون واخالقيات المهنية ‪ ،‬وهو ما يعني ان الصحفي ‪ ،‬وكذا مدير النشر يحق له‬
‫إخفاء مصدر الخبر اال في حاالت معينة محددة بالقانون فيمكن مخالفة ذلك ‪ ،‬هذا االمر يمكن‬
‫استخالصه من مضمون الفصل ‪ 446‬من القانون الجنائي ‪.‬‬

‫نفس االتجاه سار على نهجه المشرع المصري وذلك من خالل المادة ‪ 5‬من القانون‬

‫الصحافة رقم ‪ 148‬لسنة ‪ , 1980‬لكن ما يميز بين هدا التشريع ونظيره المغربي ؛ان األول‬
‫كان أكتر وضوحا في تحديد هدا النظام واألخذ به‪.‬‬

‫فقد نصت هده المادة على أنه ‪ :‬للصحافي الحق في الحصول على األنباء والمعلومات‬
‫واإلحصائيات من مصادرها وله حق نشرها ‪ ،‬وال يجوز إجباره على إفشاء معلوماته إال‬
‫إدا كان في حدود القانون‪.‬‬

‫إن األخذ بهذا النظام يجعل مصدر معلوماته التي تشكل جريمة يعاقب عليها القانون ‪،‬فيما‬
‫يخص الصعوبات المرتبطة بنظام الصحافة ‪،‬أما الصعوبات المتعلقة بطبيعة العمل الصحفي‬
‫فتتمثل في‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬طبيعة العمل الصحفي‬

‫‪65‬‬
‫‪66‬‬

‫إن طبيعة العمل الصحفي تعتبر من الصعوبات التي تحول دون تطبيق أحكام المسؤولية‬
‫الجنائية بمفهومها التقليدي‪ ،‬وتتجلى هده الطبيعة أوال في كترة عدد المتدخلين في العمل‬
‫الصحفي‪ ،‬ثانيا في طبيعة نظام الصحفية ‪،‬هدا هو الموضوع النقطتين التاليتين ‪:‬‬

‫أ‪ -‬كثرة المتدخلين‪:‬‬

‫يتميز نشر الفكر عن طريق المطبوع بتعدد المتدخلين فيه‪ ،‬فاألصل أن يتعاون عليه ثالثة‬
‫أفراد تعاونا أساسيا‪ ،‬هم المؤلف والناشر والطابع‪ ،‬وقد ينضم إلى هؤالء أشخاص آخرون‬
‫يفسح تدخلهم عن نطاق النشر ويوسع من دائرته‪ ،‬مثل الموزعين والمعلنين والباعة إن‬
‫عملية النشر قد تستلزم العشرات من المساعدين والمعاونين فيه ‪،‬خاصة إذا كانت من‬
‫الصحف الكبرى‪.‬‬

‫هدا التعدد في عملية النشر يجعل من الصعب إعمال األحكام العامة في المسؤولية الجنائية‪،‬‬
‫ومحاسبة كل فرد بقدر مساهمته في الجريمة‪ ،‬وتحديد ما إذا كان فاعال أو شريكا‪ ،‬هده القواعد‬
‫يعني في الغالب عدم العقاب على الجرائم الصحفية‪.‬‬

‫في ضوء ما تقدم فان النشر بواسطة الصحافة يتطلب بالضرورة تقسيما للعمل ‪ ،‬وتدخل عدد‬
‫غير قليل األشخاص كل حسب مهنته ‪ ،‬بدء بالمادة الفكرية التي يقدمها الصحفي مرورا‬
‫بتنظيمها وهو عمل يقوم به اشخاص اخرون ‪ ،‬وطباعة الصحفية التي يتوالها المكلفون‬
‫بالطباعة ‪ ،‬وصوال الى نشر الصحفية بواسطة البائعين والموزعين ‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫امام هذا الوضع ‪ ،‬فكثرة المتدخلين فب العمل الصحفي تجعل إمكانية مساءلة كل المتدخلين‬
‫في تحقيق الركن المادي للجريمة الصحفية امرا مستبعدا ‪ ،‬خصوصا وان بعض األطراف‬
‫يقومون بعملهم بحسن نية ‪.‬‬

‫‪ 24‬حسن سعد ‪ :‬نفس المراجع السابق ص ‪100‬‬

‫‪66‬‬
‫‪67‬‬

‫ب ـ طبيعة الصحفية ‪:‬‬

‫المؤسسة الصحفية شانها في ذلك شان اية مؤسسة منظمة ‪ ،‬هي تجمع بقصد تحقيق هدف‬
‫معين مؤسس على تنظيم جماعي ‪ ،‬فهي النحو مؤسسة تجمع مختلف الوسائل االقتصادية‬
‫والمادية والبشرية الالزمة لتحقيق هدفها ‪.‬‬

‫اذ على خالف ما كان عليه االمر فيما مضى ‪ ،‬حيث كانت الصحف يقوم بتحريرها شخص‬
‫واحد ‪ ،‬وهو الوحيد الذي يسال عن كل ما فيها ويستولى على كل ما يكتب فيها ‪ ،‬اما اليوم ‪،‬‬
‫فقد أصبحت الصحفية مشروعا ضخما ذا طابع تجاري ‪ ،‬اعالمي اقتصادي ‪ ،‬وسياسي أي‬
‫وقت واحد ‪ ،‬لها من اإلمكانات ما يعجز عن توفيره شخص او مجموعة اشخاص‬

‫بل اكثر من ذلك أصبحت الص حف تتسع رقعتها نظرا لكونها تطبع وتوزع على نطاق واسع‬
‫‪ ،‬وتسير من قبل اشخاص كثر مما يعني معه ان مساءلتهم تطرح إشكاالت مرتبطة بقصور‬
‫احكام المسؤولية الجنائية التقليدية عن تحديد المسؤول ‪.‬‬

‫بعد عرض مجمل العوارض او المبررات التي تحول دون تطبيق القواعد العامة المسؤولية‬
‫الجنائية على الجرائم الصحفية ‪ .‬بقي ان أتساءل حول اهم التفسيرات التي قيلت من اجل‬
‫تجاوز هذه المعيقات ‪ ،‬وبالتالي تحديد المسؤول جنائيا عن الجرائم الصحافة ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬االحكام العامة بالمسؤولية الجنائية عن جرائم الصحافة‬

‫امام المبررات التي قيل بها من اجل تبرير الخروج عن المبادئ العامة للمسؤولية الجنائية‬
‫في تحديد هذه المسؤولية في جرائم الصحافة‪ ،‬فقد تم التوافق على انها تقع على عاتق المدير‬
‫المسؤول عن الصحيفة العالم بكل ما ينشر فيها ‪ ،‬لكن الخالف يبقى مستمرا بين الفقه حول‬
‫تحديد اساس المسؤولية الجنائية لرئيس التحرير عن الجرائم التي ترتكب عن طريق‬
‫جريدته ‪ ،‬على نهج ما سلف سأقسم هذا المطلب الى فقرتين اخصص االولى ألساس‬
‫المسؤولية الجنائية لمدير النشر ‪،‬والفقرة الثانية لتحديد المسؤولية الجنائية في جرائم‬
‫الصحافة‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪68‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬اساس المسؤولية الجنائية لمدير النشر‬

‫رغم اتفاق الفقه على القاء المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة على عاتق مدير النشر‪،‬‬
‫اال ان الخالف على اشد حول تحديد اساس هذه المسؤولية ‪،‬هل هي مسؤولية مادية ام انها‬
‫مسؤولية مفترضة ‪،‬فاتجاه تبنى هذا ‪ ،‬واخر تبنى ذلك‪.‬‬

‫اوال‪ :‬المسؤولية المادية لمدير النشر‬

‫سأحاول من خالل هذه النقطة تحديد اساس نظرية المسؤولية المادة لمدير النشر ‪ ،‬مع اشارة‬
‫الى اهم االنتقادات الموجهة اليها‬

‫أــ اساس المسؤولية المادية‪:‬‬

‫اذا كانت الجريمة بصفة عامة تتطلب بالضرورة توافر الركن المادي والركن المعنوي‬
‫‪،‬انسجاما مع قاعدة (ال جريمة بدون ركن معنوي) التي تعتبر من المبادئ االساسية والعامة‬
‫في القانون الجنائي التي تبنتها اغلب التشريعات ‪،‬فأن التحوالت والتطورات التي لحقت جميع‬
‫مناحي الحياة االقتصادية واالجتماعية وما صاحبها من ارتفاع‬

‫حجم اإلجرام ادت إلى تالشي الركن المعنوي وعدم االعداد به نهائيا في بعض الجرائم‬
‫(خصوصا في الجرائم االقتصادية بداية األمر)‬

‫فالجريمة وفقا لهذه النظرية تقوم بمجرد ارتكاب الفعل او التصرف المادي‪ ،‬دون االخذ‬
‫بعين االعتبار وجود او انعدام الركن المعنوي‪ ،‬بالرغم من أهمية هدا االخير في النظرية‬
‫العامة للجريمة‪ ،‬باعتباره سبيل الشارع إلى تحديد المسؤول عن الجريمة‪.‬‬

‫وعليه فإن المسؤولية الجنائية المادية تقوم بارتكاب الفعل المادي دون االلتفات بصفة‬
‫مطلقة إلى ارادة ونفسية المتهم‪ ،‬وإثبات العالقة النفسية بين الفعل المادي للجانب ونفسية هدا‬
‫‪25‬‬
‫االخير‪.‬‬

‫‪ 237 25‬عتيقة بوزيد ‪ :‬معضلة الركن المعنوي في جرائم الشركات التجارية رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة الكلية العلوم‬
‫القانون واالقتصادية واالجتماعية طنجة جامعة عبدالمالك السعدي ‪ 2006 2005‬ص ‪24‬‬

‫‪68‬‬
‫‪69‬‬

‫في سبيل تدعيم االخذ بهذا النمط من المسؤولية‪ ،‬تم تقديم مجموعة من الحجج والمبررات‬
‫من أجل تحقيق ذلك‪ ،‬وتعضيد اساس المسؤولية المادية‪ ،‬وتتمثل هذه االسانيد في االعتبارات‬
‫العملية (وتتجلى في صعوبة إثبات الركن المعنوي‪ ،‬تخفيف العبء عن المحاكم)‪ ،‬اعتذارات‬
‫الفعالية(تحقيق الردع‪ ،‬االرتقاء بمستوى العناية والحفاظ على الصالح العام‪ ،‬تفادي الدف ع‬
‫الغير الجدية)‪ ،‬اعتذارات قانونية(إرادة المشروع‪ ،‬ضالة اآلثار القانونية)‪ ،‬اعتبارات السياسة‬
‫الجنائية(القياس على تطور المسؤولية في القانون المدني)‪.‬‬

‫فاالتجاه القائل يكون المسؤولية الجنائية لمدير النشر في جرائم الصحافة مسؤولية مادية تقوم‬
‫على توافر المادية بغض النذر عن وجود او عدم وجود الركن المعنوي بل األكثر من دالك‬
‫فهده المسؤولية تتحقق دون أن تأخذ بعين االعتبار توافر خطأ المسؤول (مدير النشر) او عدم‬
‫توافره باإلضافة إلى كون الركن المادي لهذه الجرائم ال يشترط حدوثه بفعل إيجابي‪ ،‬وإنما‬
‫بتحقيق فعل سلبي‪ ،‬ودلك بإمساك الفاعل عن اإلشراف او الرقابة‬

‫على الجريد‬

‫فالمسؤ ولية الجنائية لمدير النشر فرضتها ماله من صفة خاصة تجعله وتيق الصلة بمرتكب‬
‫الجريمة‪ ,‬خصوصا وأن هذا االخير يخضع لسلطة مدير النشر التي تفرض عليه احترام‬
‫أوامر ونواهي رئيسه‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن مسؤولية مدير النشر عن الجرائم المرتكبة عن طريق الصحيفة التي‬
‫يترأسها ‪ ,‬تتحقق بغض النظر عن علمه أو عدم علمه بما تم نشره‪ ,‬وسواء وقع على العدد‬
‫‪26‬‬
‫الذي وقعت فيه الجريمة أو لم يوقع ‪ ,‬مادام هو من يتحمل مهمة اإلشراف والرقابة‪.‬‬

‫‪ 26‬محمود نجيب حسني ‪:‬شرح قانون العقوبات القسم العام دار النهضة العربية القاهرة ‪ 1989‬الطبعة السادسة ص‪501:‬‬
‫مدحت رمضان ‪:‬األساس القانونية الجنائية لرئيس التحرير عن الجرائم التي تقع بطريق الصحف (دراسة مقارنة )دار النهضة العربية‬
‫القاهرة ‪ 1993‬ص ‪7‬‬
‫‪-STEPHANT (G) LEVASSEUR (G) ET BOULOC (B) :<<Droit pénal général DALLOZ ,13‬‬
‫‪édition‬‬

‫‪69‬‬
‫‪70‬‬

‫ب‪-‬انتقاد النظرية‪:‬‬

‫لقد وجهت عدة انتقادات ألساس المسؤولية الجنائية المادية لمدير النشر وأهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬إن األخذ بهذه النظرية يقودنا إلى الرجوع إلى المفهوم التقليدي للمسؤولية الجنائية ‪,‬التي‬
‫كانت تأخذ بمسؤولية الحيوان والجماد إلى جانب مسؤولية األشخاص ‪,‬القائمة على نتائج‬
‫الفعل دون االعتداد بتوافر الركن المعنوي ‪,‬وهو ما يعتبر إهدارا لكل المجهودات التي بذلت‬
‫من أجل الوصول إلى قرار المسؤولية المؤسسة على أساس الخطأ وتبعا للخطأ وتعارضا‬
‫مع مبادئ القانون الجنائي التي تتطلب بالضرورة توافر ركن معنوي‪.‬‬

‫‪ -2‬إن القول بصعوبة أو تعذر إثبات الركن المعنوي للجريمة على فرض صحته‪ ,‬غير كاف‬
‫لحرمان المتهم من استفادته من القواعد العامة لألثبات ‪ ,‬وبالتالي تحميله إثبات عكس ما اتهم‬
‫به يعتبر تعارضا مع مبدأ قرينة البراءة‪ ,‬التي‬

‫تعتبر المتهم بريئا إلى حين إثبات العكس ‪ ،‬وعلى سلطة االتهام إثبات ذلك ‪.‬‬

‫‪ -3‬إن إسناد فكرة المسؤولية المادية ( القائمة على الجريمة المادية) إلى إرادة المشرع أمر‬
‫غير منطقي ‪ ،‬ألن القول بأنه لم يشر إلى الركن المعنوي في مجموعة من الجرائم اقتضته‬
‫الصياغة التشريعية التي تتطلب الدقة واإليجاز ‪،‬فالمشرع من خالل القانون الجنائي في قسم‬
‫العام قد أشار إلى األركان المتطلبة في كل الجرائم لقيامها ‪ ،‬وليس من المستساغ أنه مع تناوله‬
‫لكل جريمة أن يشير للركن المعنوي فيها ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المسؤولية المفترضة لمدير النشر‬

‫سأعمد من خالل هذه النقطة أوال إلى تمييز المسؤولية المفترضة عن المسؤولية العادية بسبب‬
‫الخلط الذي يشوب نمطي المسؤولية ‪ ،‬ثم ثانيا تحديد أساس المسؤولية المفترضة لمدير النشر‬
‫‪27‬‬
‫‪ .‬أ‪ -‬تمييز المسؤولية المفترضة عن المسؤولية المادية‬

‫‪ 27‬محمد حماد الهيتي ‪:‬الخطأ المفترض في المسؤولية الجنائية دار الثقافة للنشر والتوريع عمان ‪ 2005‬الطبعة األولى ص ‪272‬‬
‫عتبة بوزيد المرجع السابق ص ‪ 60‬و‪61‬‬

‫‪70‬‬
‫‪71‬‬

‫سبقت اإلشارة إلى أن المسؤولية المادية تقوم بمجرد ارتكاب الفعل المادي دون األخذ بعين‬
‫االعتبار توافر الركن المعنوي من عدمه ‪ ،‬وعلى هذا األساس فهي ال تعبا بعنصر الخطأ وال‬
‫تهتم به ‪ ،‬وإنما اهتمامها ينصب فقط على الحصول على التعويض ‪ ،‬فهي اذن ال تقوم على‬
‫خطأ يقع من لدن المسؤول دائما على حالة أو صفة فيه ‪ ،‬وال يعفا المسؤول من هذه المسؤولية‬
‫إال بإثبات القوة القاهرة أو خطأ المتضرر نفسه ‪.‬‬

‫أما المسؤولية المفترضة فهي مؤسسة على قرينة الخطأ المفترض من قبل المشرع في‬
‫جانب ملتزم التعويض ‪ ،‬على أساسه يمنح المشرع من أصابه الضرر الحصول على تعويض‬
‫ممن افترض قبله الخطأ ‪ ،‬في الحاالت التي يتعذر فيها تحديد وإثبات سبب الضرر فعبء‬
‫اإلثبات في هذه الحالة ينتقل من وظيفة سلطة االتهام ليستقر ‪.‬‬

‫على عاتق المتهم وعلى هذا االخير اثبات عكس ما اتهم به بنفي الخطاء نفي الرابطة‬
‫السببية‬

‫من خالل السالف ذكرة يتضح ان المسؤولية عندما تقوم على قرينه مفترضة فإنها تأخذ‬
‫المسؤولية المادية اذن الفارق بين اساس المسؤولية المفترضة واضح المفترضة واضح هو‬
‫اساس المساءلة فالخطاء وان كان خطاء مفترضا هو اساس المسؤولية المفترضة اما‬
‫المسؤولية المادية فأساسها م ادي بحث دون البحث عن عنصر الخطاء في مسلك الجاني‬

‫ب ـمضمون المسؤولية المفترضة‬

‫المسؤولية المفترضة مسؤولية مبنية على الخطاء ولكنة خطاء في جانب الشخص المسؤول‬
‫تيسيرا ألثبات مسؤوليته الجانبية وهذا االفتراض ينقل عباء االثبات من على عاتق النيابة‬
‫العامة ليستقر على كاهل المتهم على خالف ما هو مقرر في القواعد العامة لألثبات التي‬
‫تجعل عبء االثبات من اختصاص جهاز االتهام‬

‫‪71‬‬
‫‪72‬‬

‫فالمشروع العتبارات معينه ارتأى تحميل مسؤولية المسؤول عن المشروع بصفة عامة لكل‬
‫الجرائم المرتكبة من طرف تابعية ليس على اساس ارتكابه لهذا الفعل او تقريرا لمسؤوليته‬
‫عن فعل الغير وانما اعتبار لخطئة الناتج عن عدم قيامة بمهام الرقابة واالشراف على العمل‬

‫على االساس فمدير النشر مسؤول عن الجرائم المرتكبة عن طريق الصحافة او احدى وسائل‬
‫النشر واساس هذه المسؤولية هو الخطأ المفترض في جانب المدير فهو يتساءل بالرغم من‬
‫عدم مساهمته في الفعل االجرامي او مشاركته فيه وبالرغم كذلك من ابقاء علمة بالنشر وكذا‬
‫انعدام توقيعه على العدد المتضمن للجريمة‬

‫فافتراض الخطأ في جانب المدير يعني افتراض علم هذا األخير بكل ما ينشر في‬
‫فافتراض الجريدة التي يرأسها ‪ ،‬أي إقرار قرينة قانونية في صالح اإلثبات وضد رئيس‬
‫التحرير مفادها أن هذا األخير على علم بالجريمة التي ارتكبت بنشرها في جريدته ‪ ،‬فمسؤوليته‬
‫مفترضة نتيجة ذلك االفتراض ‪ ،‬فأساس هذا االقتراض في جانبه رئيس التحرير كما أشار‬
‫إلى ذلك األستاذ محمد حماد الهيتي يقوم على عنصرين ‪ ،‬األول أن رئيس التحرير ملزم‬
‫باالطالع على كل محتويات الصحيفة ‪ ،‬الثاني أن على رئيس التحرير واجب الحيلولة دون‬
‫نشر ما يعد جريمة وإن قعوده عن أداء هذا الواجب يعد قرينة قانونية على أنه أراد النشر‬
‫وأ راد مضمونه وسمح به وبالتالي فإنه يعد فاعال أصليا للجريمة " ‪.‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن مدير النشر يحق له رفع أو دحض مسؤوليته الجنائية المبنية على‬
‫افتراض الخطأ في جانبه بالطرق التي حددها القانون ‪ ،‬فيمكن له ذلك بإثبات القوة القاهرة ‪،‬‬
‫كما يستطيع دفع هذه المس ؤولية أيضا بنفي الخطأ من جانبه ‪ ،‬وإن كان فيه من األمور الصعبة‬
‫في الغالب ‪ .‬الفعلي‬

‫هذا مجمل القول حول أهم النظريات التي سيقت في تحديد أساس المسؤولية الجنائية لمدير‬
‫النشر عن جرائم الصحافة ‪ ،‬الناتجة عن صعوبات تطبيق األحكام العامة في المسؤولية الجنائية‬
‫في هذه الجرائم ‪ ،‬أمام هذا الرغم أن النظريتين لم األخذ بها من أجل تجاوز الصعوبات والقيود‬

‫‪72‬‬
‫‪73‬‬

‫التي تحول دون القرار مسؤولية مدير النشر ‪ ،‬وبالتالي تحديد المسؤول عن جرائم الصحافة‬
‫‪28‬‬
‫والنشر‬

‫‪ 28‬عاطف النقيب ‪ :‬النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن فعل الشخصي دوان المطبوعات الجامعية الجزائر ‪ 1984‬طبعة ثالثة ص ‪279‬‬
‫عزالدين الدناصوري وعبدالحميد الشواربي المسؤولية الجنائية في القانون العقوبات واالجراءات الجنائية دار المطبوعات الجامعية بدون‬
‫سنة وطبعة من ص‪82‬الى ‪94‬‬
‫محمد عثمان الهمشري المسؤولية الجنائية عن فعل الغير دار الفكر العربي ‪ 1969‬طبعة األولى ص ‪41‬‬

‫‪73‬‬
‫‪74‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬صور المسؤولية المفترضة‬

‫لقد تم التوافق حول الحلول المبنية على االفتراض للتخلص من القيود الناتجة عن‬
‫األحكام العامة في المسؤولية ‪ ،‬على هذا األساس تم تحديد المسؤول عن الجرائم الصحفية‬
‫بالرغم من اختالف هذه األنظمة فهي االقل حققت الهدف وذلك بتجاوز صعوبات المسؤولية‬
‫الجنائية لمدير النشر ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬نظرية التتابع ونظرية التضامن في المسؤولية‬

‫لقد اختلفت التشريعات في أخذها بهاتين النظريتين بالرغم من كونهما تقومان على أساس‬
‫المسؤولية المفترضة ‪ ،‬والفرق بينهما يتجلى في أمور طفيفة فقط ‪ ،‬سأتناول التشريعات‬
‫أخذت إحدى النظريتين مع تحديد مضمون كل منهما‬

‫أ‪ -‬المسؤولية المبنية على فكرة التتابع ‪:‬‬

‫هذه الفكرة تقوم على أساس استبعاد قواعد االشتراك و المساهمة الجنائية ‪ ،‬وتحصر المسؤولين‬
‫في نظر القانون عن جرائم الصحافة والنشر ‪ ،‬ثم يتم ترتيبهم بحيث ال يسأل شخص إال إذا لم‬
‫يوجد من قدمه عليه القانون في الترتيب بحيث إذا لم يعرف المؤلف يسأل رئيس التحرير أو‬
‫المحرر المسؤول ‪ ،‬وحيث ال يوجد األخير يسأل الناشر ‪ ،‬فإن لم يوجد فالطابع ‪ ،‬وهكذا تتحدد‬
‫المسؤولية نازلة درجة بعد درجة على عاتق الذين اشتركوا في تجهيز المطبوع إلى كاهل‬
‫الذين عملوا على ترويجه من معلنين أو موزعين أو باعة ‪ .‬والحقيقة أن هذه األفكار جميعا‬
‫تتطلق من فكرة أساسية مؤد اها ضرورة توقيع العقاب على شخص ينتمي إلى الصحيفة أخذا‬
‫بحق المجتمع الذي جرح من جراء العدوان أحد أفراده أو مأسسة بإحدى مقوماته ‪ ،‬والقول‬
‫بغير ذلك يؤدي إلى اعتبار الصحافة وسيلة الرتكاب الجرائم بدون أن توقع العقوبة على‬
‫مرتكبها يتميز نظام المسؤولية القائمة على التابع بوضوحه وسهولة تطبيقه في العمل ‪256‬‬
‫األمر الذي ييسر عمل القاضي عند تحديد المسؤول عن الجريمة الصحفية ‪ ،‬حيث يكتفي‬

‫‪74‬‬
‫‪75‬‬

‫بمجرد التحقق من وجود الشخص الذي وضعه القانون في الدرجة األولى في ترتيب‬
‫المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحف وغيرها من طرق النشر ‪ ،‬فإن لم يعرف‬
‫يكون الشخص الذي يليه هو المسؤول وهكذا دواليك سلبية الترتيب المحدد قانونيا بالرغم من‬
‫أهمية المسؤولية المبنية على التتابع من أجل تحديد المسؤولية عن الجرائم الصحفية ‪ ،‬فإن‬
‫نظامها تشوبه عيوب يمكن تلخيصها في جهتين ‪ :‬األولى تتجلى في كون نظام هذه المسؤولية‬
‫يتسم بالتحكم والبعد عن الحقيقة والوقع فهو يجعل المسؤولية الجنائية عن الجريمة الصحفية‬
‫قائمة على محض المصادقة فالضابط في تحديد تلك المسؤولية يتمثل في وجود او عدم وجود‬
‫شخص من األشخاص الدين وضعهم المشرع في درجة معينة وهو ما ال يمكن التسلم به ألن‬
‫المبادئ العامة تقتضي ان تتحدد المسؤولية الجنائية وفقا ألهمية الدور الدي يقوم به الجاني‬
‫في ارتكاب الجريمة‬

‫الثانية تظهر في ان نضام هده المسؤولية يتعارض بشكل مطلق مع مبدأ شخصية المسؤولية‬
‫الجنائية األمر الدي يجعله يصطدم مع مبدأ المسؤولية األخالقية والدي يقضي بأنه ال جريمة‬
‫بدون ركن معنوي وال مسؤولية جنائية بدون خطأ ‪ ،‬ويتضح ذلك بصفة خاصة بالنسبة‬
‫لألشخاص الدين يوجدون في نهاية التسلسل الذي يضعه المشرع كالبائع والموزع قد يسأل‬
‫احد هؤالء على الرغم من توفير الركن المعنوي لديه‪.‬‬

‫ولتجاوز هده العيوب او على األقل التخفيف من حدتها وقسوتها فقم تمت المناداة بزيادة‬
‫عدد المدير النشر في الصحيفة الواحدة ليكون كل مدير منهم مكلفا بقسم معين يسهل عليه‬
‫مت ابعته ومرقبة ما يكتب فيه ويكون مسؤول مسؤولية شخصية عن كل ما يكتب فيها ‪،‬‬

‫على هدا األساس فان اي جريمة صحفية ترتكب يكون مدير هو المسؤول نتيجة خطئه‬
‫الشخصي الناتج عن القيام بالواجب المنوط به باإلضافة الى المطالبة بتقرير المسؤولية‬
‫الجنائية للشخص المعنوي (للجريدة) الى جانب المسؤولية الشخصية للعاملين بها ‪29.‬‬

‫‪ 257 29‬محمد عثمان الهمشري ‪ :‬مرجع السابق ص ‪204‬‬


‫عمر سالم ‪ :‬نحو قانون جنائي للصحافة ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪139‬‬
‫شريف سيد كامل ‪ :‬جرائم الصحافة في القانون المصري مرجع سابق ص ‪49‬‬

‫‪75‬‬
‫‪76‬‬

‫لقد اخدت مجموعات من التشريعات بهده النظ ام وابرز مثال لهدا التشريعات هو‬
‫التشريع البلجيكي فبعد ان اكدت المدة ‪ 18‬من الدستور البلجيكي ان الصحافة حر وال يجوز‬
‫فرض الرقب عل الصحف نصت على انه ادكان المؤلف معروفا ومقيما في بلجيكا فال‬
‫يمكن مسألة النشر او الطابع او الموزع ‪.‬‬
‫فالمشرع البلجيكي من خالل هذا الفصل حمل المسؤولية للمؤلف‪ ،‬وفي حالة عدم معرفة هذا‬
‫األخر يتابع الناشر اما ادا لم يوجد المؤلف او النشر فيسأل الطايع وبعد ذلك‬

‫الموزع اذا لم يعرف الطابع أو انتفت مسؤوليته لسبب أو اخر‪.‬‬

‫ب‪ -‬نظرية التضامن في المسؤولية‪:‬‬

‫أساس هذه النظرية أن يسأل رئيس التحرير أو المحرر المسؤول أو الناشر عن الجريمة‬
‫المرتكبة عن طريق الصحافة ‪ ,‬بوصفه فاعال لها استنادا إلى أنها ال تقع إال بالنشر الذي‬
‫يباشره أي منهم فهناك نوع من التضامن في العمل الصحفي ينتج عليه تضامن كذلك في‬
‫المسؤولية الجنائية‪.‬‬

‫ان فكرة التضامن من األفكار الغريبة في مجال المسؤولية الجنائية ‪ ,‬فالغرامة النسبية التي‬
‫تطبق على سبيل التضامن ‪ ,‬تفرض أن الملتزمين بدفعها قد ساهموا في ارتكاب الجريمة‪,‬‬
‫وذلك على عكس الحالة موضوع البحت‪ ,‬حيت إن هذا التضامن في المسؤولية يقوم ولو لم‬
‫يقم أحد االطراف بالمساهمة في الجريمة‪.‬‬

‫التضامن في المسؤولية يفترض من خاللها ان المدير أو الناشر مسؤول دائما عن الجريمة‬


‫كفاعل لها‪ ,‬ألنها ال تقع إال بالنشر‪ ,‬ولكن من ساهم معه من األشخاص في هذا النشر يكون‬
‫مسؤوال جنائيا معه طبقا للقواعد العامة في القانون بصفته فاعال او شريكا ‪ ,‬اذا كان يعلم أن‬
‫‪30‬‬
‫فعله معاقب عليه بالقانون‪.‬‬

‫‪ 263 30‬محمد عثمان الهمشري مرجع سابق ص ‪202‬‬


‫مازن الحنبلي مرجع سابق ص ‪43‬‬
‫‪TEVFIK (H) :<<Le nouveau régime de la presse > paris Sirey -‬‬

‫‪76‬‬
‫‪77‬‬

‫لقد وجدت بعض التشريعات في فكرة التضامن هذه خالصا من قعود المسؤولية الجنائية‬
‫الشخصية عن الوفاء بحاجات العمل الصحافي فأصبح في ظل التضامن يمكن مساءلة مدير‬
‫التحرير عن جريمة لم تقع منه شخصيا‪ ,‬ولكن بصفته مدير الجريدة أو الصحيفة إلى جانب‬
‫األفراد الذين اقترفوا الجريمة‪ ,‬ويسألون طبقا للقواعد العامة في المسؤولية الجنائية وقد برر‬
‫من أخد بالمسؤولية التضامنية هذا المنحى بأن المسؤول عن الصحيفة يفترض فيه العلم بكل‬
‫ما فيها‪ ,‬ويفترض فيه الموافقة على كل ما نشر فيها‪ ,‬ومن ثم يصبح متضامنا مع الفاعل‬
‫االصلي أو الشريك‪ ,‬وتقوم مسؤوليته على هذا النحو‪ ,‬فإن أهمل في اإلحاطة بكل ما ينشر في‬
‫الصحيفة قبل أن ينشر سئل عن جريمة اإلهمال في حالة‬

‫عدم معرفة مؤلف المقال أو تعدر مساءلته عن الجريمة إلقامته خارج الوطن مثال لقد كان‬
‫المشرع الفرنسي يأخذ بهذا النظام للمسؤولية عن الصحافة بمقتضى القانون الصادر في‬
‫سنة‪ 1819‬إال عدل عنه بعد مالك حيت تبنى نضام المسؤولية المبنية على التتابع ودللك‬
‫بمقتضى قانون الصحافة الصادر في ‪29‬يوليوز سنة‪ 1881‬ليكون كل من تشريعي فرنسا‬
‫وبلجيكا هما من تبني نضام المسؤولية المبنية على التتابع ‪ .‬لقد وصف الفقيه "بول لوجز"‬
‫فكرة التضامن بأنها تحقق التوفيق بين مطالب الصحافة ومطالب العدالة ومقتضيات أحكام‬
‫قانون العقوبات ‪ ،‬كما يصفها كدلك األستاذ "جاور" بأنها أقرب إلى العلم وأبعد عن التحكم‬
‫من االفكار األخرى" ألنها تضفي على الصحافة مركز ممتاز يجنبها إعمال قواعد االشتراك‬

‫ثانيا ‪ :‬النظرية المبنية على اإلهمال ونظرية االشتراك في المسؤولية‬

‫باإلضافة الى ما تمت اإلشارة اليه في النقطة السالفة حول كل من نظرتي التتابع في المسؤولية‬
‫والمسؤولية التضامنية باعتبارهما صورتين من صور المسؤولية المفترضة ‪،‬فانه يضاف‬
‫اليهما نظريتان اخريان وهما موضوع هذه النقطة ‪.‬‬

‫أ ـ نظرية المسؤولية المبنية على اإلهمال‪:‬‬

‫سارب هذه النظرية على خالف النظريات السابقة بخصوص وحدة الجريمة والعقاب فاذا‬
‫كانت النظريات السابقة قد اقرت بوحدة الجريمة وبالتالي عقاب رئيس التحريف بنفس العقوبة‬
‫‪77‬‬
‫‪78‬‬

‫المق ررة أصال للمؤلف صاحب المقال ‪،‬فان هذه النظرية اخذت بازدواجية الجريمة ‪،‬جريمة‬
‫مرتكبة من طرف مدير النشر باإلضافة الى الجريمة المرتكبة من طرف المؤلف‪.‬‬

‫على هذا أساس فان هذه النظرية قد بنت افكارها على أساس قانونية تفرض على مدير النشر‬
‫واجبا يلتزم بأدائه ‪،‬واي اخالل بهذا الواجب يعرضه للمساءلة ‪،‬فمدير النشر وفقا‬

‫لهده النظرية ال يتساءل على أساس الجريمة المرتكبة من قبل المؤلف وإنما الجريمة‬
‫خاصة مبناها إهماله بواجبه الدي فرضه القانون عليه ‪ ،‬فوظيفة التحرير تعني مراقبة كل‬
‫ما يكتب و ينشر‪ ،‬ووجود جريمة من جرائم النشر يعتبر قرينة على اهمال المسؤول على‬
‫وظيفته‪.‬‬
‫ما يعيب على النظرية أن مساءلة مدير النشر ترتكز على المسؤولية العمدية ‪ ،‬باعتبار‬
‫المرتكبة جريمة عمدية‪ ،‬وعليه فهو يسأل بصفته فاعال أصليا عن الجريمة المفترضة في‬
‫صحيفته فكيف يمكن أن يفسر العمد باإلهمال ؟ إد من غير المقبول منطقيا أن نسأل شخصا‬
‫عن جريمة عمدية‪ ،‬وتفسر هده المسؤولية بالقول بأنه أهمل في أداء وظيفته لهده النظرية‬
‫كان من الممكن ق بولها لو ان الجريمة المنسوبة إلى رئيس التحرير أو مدير النشر هي‬
‫جريمة غير عمدية ‪ .‬إال أن هناك رغم ما سلف دكره من دافع عن هده الفكرة بالقول انه إدا‬
‫كان من لصعب محاكمة شخص عن جريمة عمدية باعتباره فاعال أصليا للجريمة على‬
‫الرغم من أنه لم يرتكب سوى مجرد إهمال أو عدم احتياط إال أن هد الطرح قد يجد تبرير‬
‫في ضرورة اعتباره خير وسيلة لردع تجاوز بعض الصحف ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن هاده النظرية قد عملت على التخفيف من شدة المسؤولية‬
‫المفترضة في جانب رئيس التحرير دلك بمنحة إمكانية إعفائه من المسؤولية إن هو استطاع‬
‫إثبات قيامه بواجب الرقابة أو رقابته كانت غير مجدية للحيلولة دون وقوع الجريمة لقد‬
‫أخد المشروع األلماني بهده النظرية ‪.‬‬
‫ب ـ نظرية االشتراك في المسؤولية‬
‫إن النظريات التي فسرت صور المسؤولية المفترضة لم تكن سوى انعكاسا لموقف‬
‫بعض التشريعات من المسؤولية الملقاة على عاتق مرتكبي الجرائم الصحفية فبعض‬
‫النقاشات التي ثارت عقب القصور الدي شاب قواعد المسؤولية الجنائية العامة‪ ،‬لتحديد من‬
‫المسؤول عن الجرائم التي ترتكب عن طريق الصحافة و كدا وسائل النشر األخرى ‪ ،‬نجد‬
‫‪31‬‬
‫أن كل مشرع تبنى نظرية معينة توائم ما اقتنع به ‪.‬‬

‫‪ 31‬محمد عثمان‪ :‬الهمشري مرجع سابق ص ‪207‬‬


‫عبدالحميد الشواربي‪ :‬مرجع سابق ص‪80‬‬
‫محمد حماد الهيتي‪ :‬مرجع سابق ص ‪ 280‬و ‪281‬‬
‫عمر سالم ‪ :‬نحو قانون جنائي للصحافة مرجع سابق ص ‪ 136‬و‪137‬‬

‫‪78‬‬
‫‪79‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬نظام المسؤولية الجنائية في قانون الصحافة‬


‫المغربي‬
‫لكل نظرية من النظريات التي سلفت اإلشارة إليها إيجابيات وسلبيات ‪ ،‬وقد عمدت‬
‫التشريعات الوضعية تقلي تيلي إحداها من أجل تجاوز عدم إمكانية المساءلة على أساس‬
‫القواعد العامة المشرع المغربي لم يكن بم نأى عن إحدى هذه الحلول ‪ ،‬فأنها كانت من‬
‫نصيبا قانون الصحافة ‪ ،‬هل مسار على نهج نظيره الفرنسي ‪ ،‬باعتبار المشرع المغربي‬
‫االبن البار التشريع الفرنسي ‪ ،‬وليس ابنا بارا للمجتمع ‪ ،‬أم الء إذا كانت المسؤولية الجنائية‬
‫في جرائم الصحافة تتقرر بمجرد ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في قانون‬
‫الصحافة ‪ ،‬فما هي الحاالت التي تنتفي عنها المسؤولية الجنائية ‪ ،‬وبالتالي ال يمكن على‬
‫أساسه المسالة الجنائية عن هذه الجرائم‬
‫المطلب األول ‪ :‬المسؤولية في جرائم الصحافة‬
‫تأخذ مبادئ القانون الجنائي تطبيقا متميزا وخاصا على مستوى تحديد المسؤول عن‬
‫الجرائم التي ترتكب عن طريق الصحافة و غيرها من طرق النشر ‪ ،‬لقد أشرت في نقاط‬
‫بدالة ألهم المبررات التي تحول دون تطبيق األحكام العامة في المسؤولية الجنائية على هذا‬
‫النوع من الجرائم ‪ ،‬كما تناولت أيضا أهم الحلول التي اقترحت لتجاوز صعوبات عدم‬
‫تطبيق الحكام المسؤولية الجنائية في بعض التشريعات ‪ ،‬بقي أن أشير إلى موقف المشرع‬
‫المغربي بين المسؤول عن الجرائم الصحفية ‪ ،‬وأي الحلول عمد إلى تبنيها ‪ ،‬هذا ما سأتناوله‬
‫من خالل اذا المطلب الذي عمدت إلى تقسيمه إلى فقرتين األولى خلصتها للمسؤول ثنائيا ‪،‬‬
‫الثانية اللي عن المسؤول مدنيا ‪ .‬الفقرة األولى ‪ :‬المدعى عليه أو المسؤول جنائيا من خالل‬
‫االطالع على الفصل ‪ 67‬من ظهير ‪ 15‬نونبر ‪ 1958‬المتعلق بقانون الصحافة ‪ ،‬وكذا‬
‫الفصول الالحقة يمكن استنتاج مالحظتين ‪ ،‬المالحظة األولى الشرع ال يهدف إلى معاقبة‬
‫الفاعل المادي لجريمة التعبير إال في حاالت خاص‬
‫يقرر نوعا من المسؤولية االلية عن فعل الغير ‪ ،‬أما المالحظة الثانية تتجلى في كون‬
‫المشرع ينظم مسؤولية تدريجية أو تتابعية نتصب على مختلف الدرجات التي تساهم في‬
‫تنفيذ الجريمة‬
‫أوال ‪ :‬الفاعل األصلي‬
‫لقد حدد الفصلي ‪ 67‬من قانون الصحافة األشخاص المسؤولين عن الجرائم الصحفية‬
‫‪ ،‬وهم حسيبة نفس الفصل الذي ينص على أنه ‪ " :‬يعاقب األشخاص اآلتي ذكرهم بصفتهم‬
‫فاعلين أصليين بالعقوبات الصادرة زجرا للجرائم المرتكبة عن طريق الصحافة وذلك حسب‬
‫الترتيب التالي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ مديرو النشر أو الناشرون كيفما كانت مهنتهم أو صفتهم‬

‫‪79‬‬
‫‪80‬‬

‫‪ -2‬أصحاب المقاالت المتسب بون إن لم يكن هناك مشيرون أو ناشرون‬


‫‪ -3‬أصح اب المطابع إن لم يكن هنالك أصحاب مقاالت‬
‫‪ - 4‬البائعون والموزعون والمكلفون باإللصاق إن لم يكن هناك أصحاب المطابع ‪.‬‬
‫‪ -5‬وفي األحوال التي تكون فيها الكتابة أو الصورة أو الرسم أو الرمز أو طرق‬
‫األخرى التي استعملت في ارتكاب الجريمة قد نشرت في الخارج ‪ ،‬وفي األحوال التي ال‬
‫يمكن فيها معرفة مرتكب الجريمة أو تعذرت متابعته السبب من األسباب ‪ ،‬يعاقب بصفته‬
‫فاعال أصليا صاحب المقال او واضع الرسم أو الصورة أو الرمز أو طرق التعبير األخرى‬
‫‪ ،‬أو المستورد أو الموزع أو البائع‬
‫من خالل هذا الفصل ‪ ،‬فالمسؤول األول من الجرائم المقترفة عن طريق الصحافة‬
‫والنشر هو مدير النشر ‪ ،‬ومن يليه في الترتيب الذي حدده المشرع ‪ ،‬على هذا األساس ال‬
‫يمكن النزول إلى المساءلة الشخص في الدرجة الثانية أو الثالثة أو الرابعة ‪ ، ...‬إال في‬
‫الحالة‬
‫التي ال يمكن معها إنزال المسؤولية بالشخص الذي قبله ‪.‬‬
‫إن مدير النشر المستعين بشكل قانوني يكون مسؤوال جنائيا كفاعل أصلي على جميع‬
‫الجنايات والجنح التي تركيا عن طريق الجريدة التي يرأسها ويسيرها ‪ ،‬مما يفرض عليه أن‬
‫يكون هو الرئيس الفعلي ‪ ،‬وما يترتب عن ذلك من مباشرة التحرير بشقة أي إشرافه علية‬
‫وأي اتفاق على خالف ذلك مع شخص آخر للقيام بهذه المهام ال ينفي المسؤولية عن مديل‬
‫النشر ‪ ،‬إذ ال يحد من مسؤوليته هاته أن يفوض كال أو بعضا من نهاية إلى مدير مفوض‬
‫(الفصل ‪ 16‬من قانون الصحافة)‬
‫إال أن هذه المسؤولية ال يتحملها مدير النشر في بعض الحاالت ‪ ،‬وفي الحالة التي اشار‬
‫إليها المشرع في الفصل الرابع من قانون الصحافة ‪ ،‬حيث ألزم مسكين النشر الذي تنطبق‬
‫عليه مقتضيات الفصل ‪ 39‬من الدستور وإذا كان أيضا عضوا في الحكومة ضرورة تعيينه‬
‫مديرا مساعدا لنشر تسري عليه جميع االلتزامات والمسؤوليات الواجبة على مدير النشر‬
‫‪32‬‬
‫بموجب قانون الصحافية‬

‫‪ 32‬عبد العزيز مياج ‪ :‬الوضعية القانونية للصحفي المهني بالمغرب مطبعة النجاح الدار البيضاء الطبعة األولى ص‪ 94‬و‪95‬‬
‫محمد االدريس العلمي المشيشي ‪ :‬القانون المبني للمجهول ص‪200‬‬
‫احمد المهدي واشرف شافعي ‪ :‬جرائم الصحافة والنشر مرجع سابق ص ‪252‬‬
‫‪MILOUDI HAMDOUCH : < Le délit de presse en droit marocain approche comparative> Publication de la‬‬
‫‪REMALD .2003. 1 édition‬‬

‫‪80‬‬
‫‪81‬‬

‫إن مسؤولية مدير النشر الجنائية مبنية على افتراض قانوني أنه اطلع على كل ما النشر في‬
‫الجريدة وأنه قدر المسؤولية التي تنتج عن النشر ولو لم يطلع فعال ‪ 62 .‬و ال يمكن له أن‬
‫يتخلص من المسؤولية اعتبارا لكونه أعاد نشر ما سبق نشره من طرف جبهة أخرى أو ألنه‬
‫ال يتبني الرأي المنشور لعدم علمه أو قراته للمقال األسباب صحية أو أن النشر تم بدون‬
‫علمه ‪ ،‬كما ال يمكنه أن يدفع عنه المسؤولية بالكشف عن اسم صاحبة المقال على أن هذا‬
‫األخير يأتي بعده في الترتيب ‪.‬‬
‫فمدير النشر إذن هو المسؤول عن هذه الجرائم وبالتالي فإن المشرع قد نص على‬
‫ضرورة تحديد اسم مدير النشر أو مدير النشر المساعد على رأس جميع النظائر في‬
‫صفحتها األولى ‪ ( ،‬الفصل ‪ 9‬من ق ص ) ‪ ،‬كما أشار في الفصل ‪ 15‬على ضرورة اعتبار‬
‫مدير النشر هو رئيس المجلس اإلداري أو أحد الوكالء أو رئيس الجمعية حسب نوع‬
‫الشركة او الجمعية التي تتولى النشر(الفصل‪ 15‬من ق ‪.‬ص)‬
‫لكن في حالة عدم متابعة مدير النشر فإن المسؤولية تقع على من يليه في الترتيب وهو‬
‫النشر‪ ،‬فمسؤولية هذا األخير ال تنجلي اال في حالة كون مدير النشر ال يمكن متابعته ‪،‬سواء‬
‫كان السبب هو الجهل الكامل بوجوده او بمكان وجوده‪ ،‬او صعوبة متابعته اي ان المسؤول‬
‫معروف وموجود لكنه في ظروف تجعله من الصعب انزال العقاب عليه‬
‫ان مسؤولية الناشر هاته ليست على اساس ارتكابه للفعل المادي للجريمة وإنما ترتكز‬
‫على اساس مساهمته في تحقيق العالنية الركن األساسي للجريمة الصحفية‪.‬‬
‫أما في حالة عدم التمكن من متابعته كل من مدير النشر او الناشر‪ ،‬فإن المشرع قد‬
‫رتب الكاتب او صاحب المقال في مرتبة تالية لهما‪ ،‬وصاحب المقال بمفهوم الفصل ‪67‬‬
‫من ق‪ .‬ص‬
‫هو الدي يخرج المقال إلى الوجود او ه بصفة عامة مصدر الكتابة او الصور او الرسوم او‬
‫غير دلك من طروق التعبير األخرى‬
‫ال يشترط العتبار الشخص صاحب مقال او الصور‪ ،...‬ان يكون هو مبتكرها او كاتبها‬
‫بل يكفي ان يقدم العمل إلى المدير النشر او الناشر لحساب نفسه ال لحساب صاحبها‬
‫األصلي‬
‫وتجدر اإلشارة الى انه يمكن لصاحب المقال ان يتخلص من المسؤولية بإثبات ان النشر‬
‫تم بغير علم منه او بغير ارادته ‪.‬ان مسؤولية صاحب المقال في حالة ما ادا كان مدير النشر‬
‫او الناشر يقطن بالخارج او غير معروف( بصفة العامة لصعوبة المتابعة او غياب مدير‬
‫‪33‬‬
‫النشر او الناشر ) فإن مسؤوليته تتحول الى مسؤولية رئيسية كفاعل اصلى‬

‫‪ 33‬عبد الحميد الشواربي جرائم الصحافة والنشر ص ‪85‬‬


‫محمد االدريسي المشيشي القانون المبني للمجهول مرجع سابق ص ‪200‬‬

‫‪81‬‬
‫‪82‬‬

‫ان غياب من سلفت اإلشارة اليهم يؤدي الى انزال المسؤولية بالطابع فهذا األخير ال‬
‫يتابع على اساس الطبع كف عل مادي وإنما لكونه شارك اساس في تحقيق العالنية وقبل طبع‬
‫النص مغفل ال يتحمل مسؤوليته احد فدافع الطابع الى هذا السلوك في الغالب يكون البحث‬
‫عن الربح‬
‫وتقييد المشرع إلمكانية متابعة الطابع كفاعل اصلي بغياب من يسبقه في المرتبة‬
‫ترتكز على فكرة سليمة تتجسد في احترام حرية الطبع التي نص عليها المشرع في الفصل‬
‫األول من ق‪ .‬ص ‪ :‬من جهة وفي احترام ضرورة احترام حرية للتعبير من جهة اخرى‬
‫نفس المسؤولية تقع على للبائعين والموزعين والملصقين في حالة انعدام السباقين اعتبارا‬
‫لكونهم المسؤولين عن الجريمة الصحفية وفعلين اصليين لها ‪،‬‬
‫ان تعميم جريدة تتضمن مقاال مجرما يعتبر سببا كافيا للمسؤولية ‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة الى ان المشرع في قنون الصحافة لم يطبق على جميع الحاالت نضام‬
‫المسؤولية الجنائية بالتتابع وإنما هناك حاالت عدة يرجع فيها المشروع الى نضام المسؤولية‬
‫الجنائية العامة ويتعلق األمر بمجموعة من الفصول التي اوردت هده الحالت‬
‫الفصل ‪ 35-28-21-20-13-9-8‬وكدة الفصل ‪ 36‬من قانون الصحافة )‬
‫اورد هده الفصول تابعا حتى يتضح اكثر رجوع المشرع في قانون الصحافة الى‬
‫اعمال القواعد العامة للمسؤولية الجنائية‬
‫ـ الفصل ‪ 8‬من ق ‪.‬ص ‪ :‬يشر هدا الفصل الى ان مدير النشر وحدهم يعاقبون بغرامة مبلغها‬
‫‪ 1200‬درهم عن كل عدد لم تودع منه النسخ الواجبة لدى كل من السلطة الحكومية‬
‫المكلفة باالتصال وكدا النيابة العامة لدى المحكمة االبتدائية‬
‫ـ الفصل ‪ 9‬من ق ‪.‬ص ‪ :‬يعاقب اصحاب المطابع وحدهم على عدم طبع اسم مدير النشر او‬
‫مدير النشر المساعد على االقتضاء على رأس جميع النظائر وفي صفحتها األولى وتتراوح‬
‫عقوبة الغرامة بين ‪ 1200‬و ‪ 2000‬درهم عن كل عدد صدر دون تضمينه البيان الالزم‬
‫ـ الفصل ‪ 13‬من ق ‪.‬ص ‪ :‬يعاقب بحبس تتراوح مدته شهر واحد وسنة واحدة وبغرامة‬
‫يكون اقل مبلغها ‪ 1800‬درهم ويعادل اقصاء خمسين مرة مبلغ االكتتاب او االقتناء او‬
‫القرض الخفي كل من تبث عليه انه اعر اسمه لصاحب نشرة او لشريك فيها او لمقرض لها‬
‫‪34‬‬
‫كيفما طانت صورة هده اإلعارة والسيما باكتتابه سهما او نصيبا في مقاولة النشر‪.‬‬

‫‪ 34‬عبد العزيز مياج مرجع سابق ص ‪94‬‬


‫قانون الحريات العامة قانون الصحافة سبقت اإلشارة اليه‬

‫‪82‬‬
‫‪83‬‬

‫الفصل ‪ 20‬من ق ‪.‬ص ‪ :‬يعاقب بحبس تتراوح مدته بين سنة وخمسة سنوات‬
‫وبغرامة يتراوح قدرها ‪ 20000‬و ‪ 100000‬درهم كل صاحب جريدة او‬
‫مدير نشرة أو أحد مساعديه يتلقى بصفة مباشرة أو غير مباشرة أمواال أو منافع من حكومة‬
‫أو جهة أجنبية باستثناء األموال المعدة ألداء من اإلشهار طبقا للفصل ‪ 19‬من نفس القانون ‪،‬‬
‫وتطبق نفين العقوبة على المساهمين والشركاء‬
‫ـ الفصل ‪ 21‬من ق ‪ ،‬ص ‪ :‬يعاقب بغرامة تتراوح بين ‪ 2000‬و ‪ 50.000‬درهم ‪ ،‬كل ماهي‬
‫جريدة أو نشرة دورية أو كل مدير أو أحد مساعديه يتسلم مبلغا ماليا أو أية مذعة أخرى أو‬
‫وعذا بما ذكر قصد تقديم إشهار في صفة نبأ ‪.‬‬
‫ويتابع بصفته فاعال رئيسيا كل من تسلم المبلغ المالي أو حصل على المنفعة وكذا من‬
‫سلم المال أو المنفعة‬
‫ويعفي من العقوبة عن بلغ الجهات المختصة بذلك قبل وقوعه ‪.‬‬
‫الفصل ‪ : 28‬من قصص ‪ :‬ينص على أنه ‪ " :‬كل جريدة أو نشرة دورية أجنبية مطبوعة‬
‫بالمغرب تخشع للمقتضيات العامة لهذا القانون والمقتضيات الخاصة اآلتية ‪:‬‬
‫وال يجوز أن تحدث أو تنشر أو تطبع أية جريدة أو نشرة دورية إال إذا صدر‬ ‫•‬
‫بشأنها سابق إذن بموجب ‪ ،‬مرسوم على إثر مطلب كتابي يوجه إلى السلطة‬
‫الحكومية المكلفة باالتصال ضمن الكيفيات المقررة في الفصل الخامس أعاله‬
‫ويعتبر اإلذن غيا إذا لم تصدر الجريدة أو المطبوع الدوري خالل سلة من‬ ‫•‬
‫تاريخ الحصول عليه ‪ ،‬أو إذا انقطعت عن الصدور لمدة سنة ‪.‬‬
‫ويعاقب عن كل مخالفة للفقرة السابقة بحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة‬ ‫•‬
‫وبغرامة يتراوح قدرها بين ‪ 30.000‬و ‪ 100.000‬درهم ‪ ،‬وتصدر العقوبتان‬
‫المذكورتان على صاحب الجريدة ومديرها وصاحب المطبعة الذين يحملون‬
‫عند االقتضاء أداء الغرامة على وجه التضامن‪.‬‬
‫ويقع القيام بالحجز اإلداري لألعداد الصادرة بدون إذن ‪ ،‬وفي حالة الحكم‬ ‫•‬
‫بعقوبة ينص في الحكم على مصادرة األعداد و اتالفها ‪.‬‬
‫ـ الفصل ‪ 35‬من ق ص ‪ :‬يعاقب بغرامة بترا قدرها بين ‪ 200‬و ‪ 1200‬درهم‬
‫عن كل المخالفات المقتضيات الفصل ‪ 34‬الذي ينص على أنه ‪ :‬يجب على كل‬
‫من يريد أن يتعاطى في الطريق العمومية أو غيره اماكن العمومية أو‬
‫ا لخصوصية مهنة بائع متجول للكتب والنشرات والمرسالت والجرائد‬
‫والرسوم والشعارات والمنقوشات والصور الحجرية والشمسية او مناد بها او‬
‫موزع لها او القيام بهذا العمال ولو بصفة عرضية ان يطلب اإلذن في دلك من‬
‫السلطة المحلية التابع لها محل سكناه‬

‫‪83‬‬
‫‪84‬‬

‫ـ الفصل ‪ 36‬من ق‪ .‬ص ‪ :‬ي نص على انه يمنع اإلعالن نع الجرائد وبصفة‬
‫عامة عن جميع النشرات او المطبوعات الموزعة او المبيع في طريق‬
‫العمومية اال بأسمائها واال فإن المنادي او الموزع او البائع يعاقب بغرامة‬
‫تتراوح بين ‪ 200‬و ‪ 1200‬درهم ‪.‬‬

‫من خلل هده الفصول يتضح اكثر ان المشروع في قانون الصحافة قد جمد نضام المسؤولية‬
‫الجنائية بالتتابع وعاد الى نضام المسؤولية الجنائية في احكامها العامة ‪.‬‬
‫قبل ختم هده النقطة ينبغي اإلشارة الى ان المشرع في قانون الصحافة لم يقرر‬
‫مسؤولية الشخص المعنوي اال انه من خلل بعض الفصول هذا القانون نالحظ ان المشرع قد‬
‫نص على بعض العقوبات التي تمس الجريدة وتتمثل في كل من الحجز وااليقاف والمنع من‬
‫خالل هدا الموقف فإن المشرع في ق‪ .‬ص ‪ :‬قد سلك نفس النهج الذي سلكه مشرع القانون‬
‫الجنائي في الظهير ‪ 1962‬المتعلق بالقانون الجنائي وهو عدم استقراره على موقف معين‬
‫ثانيا نظام المشاركة‬
‫ينص الفصل ‪ 68‬من قانون الصحافة على ما يلي‪:‬‬
‫في حالة اتهام مديري النشر او الناشرين اصحاب المطابع فإن اصحاب المقاالت‬
‫المتسببون يتابعون بصفتهم شركاء‬
‫وبنفس الصفة وفي جميع األحوال تجوز متابعة الشركاء طبق ما هو منصوص عليه‬
‫في التشريع الجنائي الجاري به العمل وال يطبق هدا المقتضى غلى اصحاب المطابع من‬
‫جراء اعمال الطباعة‬
‫غير ان اصحاب المطابع يمكن ان يتابعوا بصفتهم شركاء ادا اصدرت المحكمة‬
‫حكما بعدم المسؤولية الجنائية في حق مدير النشر ‪ ،‬وفي هذه الحالة تقام المتابعات داخل‬
‫الثالثة أشهر الموالية الرتكاب الجريمة أو على األكثر خالل الثالثة أشهر الموالية لصدور‬
‫الحكم النهائي‬
‫من خالل هذا النص يمكن استخالص أن المشرع يرغب العمل بمتابعة أنيسة حلمية مركزة‬
‫على المساهمة والتواطؤ بالنسبة للكاتب وذلك حتى ال يفلت من العقاب ولو كان الناشر أو‬
‫مدير الجريدة متابعا بالفعل عن فعل أصال ارتكبه الكاتب ‪.‬‬
‫وتجد لهذه الغاية مظاهر أخرى في المادة ‪ 17‬من قانون الصحافة ‪ ،‬حيث أشار المشرع‬
‫إلى ضرورة أن يبين الكاتب الذي استعمل اسما مستعارا أو لم يوقع متاله أصال كتابية إلى‬
‫مدير النشر اسناء الحقيقي وذلك قبل النشر ‪ ،‬وفي حالة تحريك متابعة من صاحب مقتل‬

‫‪84‬‬
‫‪85‬‬

‫غير موقع أو يحمل أنا مستعارا يكون المدير غير مقيد بالسر المهني إذا ما اب منه وكيل‬
‫الملك اطالعه على الهوية الحقيقية لصاحب المقال ‪.‬‬
‫ويقرر كل الفصل ‪ 68‬بأنه تجوز مثابة الشركاء وفق القواعد الحامية للقانون الجنائي ‪،‬‬
‫لكن يستثنى من هذا المقتضي أصحاب المطابخ من جرا راء أعمال الطباعة اآلن المشرع‬
‫لم ينص على الطابع لمعاقبته من جراء الطبع في حد ذاته كقل مادي ‪ ،‬وإنما لكونه ۔ شارك‬
‫أساسيا في تحقيق العالنية ‪ ،‬غير أنه يمكن متابعة أصحاب المطابع بصفتهم شركاء متى‬
‫صدر حكم بعدم المسؤولية الجنائية في حق مدير النشر ‪ .‬إن في هذه الحالة يكون المتابع هو‬
‫الذي حقق العالنية ‪.‬‬
‫على عكس ما قرره المشرع في حق كل من الكاتب والطايح فيما يتعلق بإمكانية متابعتها‬
‫بناء على المساهمة والتواطؤ ‪ ،‬فإنه لم يشر إلى شيء فيما يخص غيرهما ممن يساهمون في‬
‫تحقيق العمانية وبالتالي إيصال المطبوع إلى الجمهور من باعه وناقلين و موز عين‬
‫وملصقين ‪ ،‬فهؤالء وال يمكن اعتبارهم مشاركين بمجرد غياب كل من المدير أي الناشر أو‬
‫الكاتب أو الطابع ‪ ،‬وإنما يخضعون النظرية العامة للمساهمة والتواطؤ المعمول به في‬
‫التشريع الجنائي‪.‬‬
‫يجب اإلشارة الى ان الكاتب هو الشخص الوحيد الذي يستثنى بصفة مطلقة من ميدان‬
‫النظرية العامة للمشاركة ألن الفصل ‪ 68‬من ق ‪.‬ص ينظم متابعته اليه حيث ينص على انه‬

‫يتابعون بصفتهم شركاء بينما فيما يتعلق بالطابع فالمشرع يتحدث فقط عن امكانية المتابعة‬
‫وهو ما نص عليه نفس الفصل في فقرته الثالثة غير عن اصحاب المطابع يمكن ان يتابعوا‬
‫بصفتهم شركاء‪...‬‬

‫اما األطراف األخرى التي لم يتم اإلشارة اليها ضمن هده القواعد وهم كل من الباعة‬
‫والناقلين والموزعين والملصقين تطبق عليهم القواعد العامة للمشاركة‬

‫ينص الفصل ‪ 129‬من القانون الجنائي المغربي على ما يلي‬

‫يعتبر مشاركا في الجنايات او الجنحة من لم يساهم مباشرة في تنفدها ولكنه اتى احد‬
‫األفعال األتية‬

‫✓ ‪ 1‬ـ امر بارتكاب الفعل او حرص على ارتكابه ودلك بهبة او وعد او تهديد او اساءة‬
‫استغالل سلطة او والية او تحايل او تدليس اجرامي‬
‫‪85‬‬
‫‪86‬‬

‫✓ ‪ 2‬ـ قدمة اسلحة او ادوات او اية وسيلة استعملت في ارتكاب الفعل مع علمه بأنها‬
‫ستستعمل لدلك‬
‫✓ ‪ 3‬ـ ساعدة او عان الفاعل او الفاعلين للجريمة في األعمال التحضرية او األعمال‬
‫المسهلة الرتكابها مع علمه بدلك‬
‫✓ ‪4‬ـ تعود على تقديم مسكن او ملجأ او مكان لالجتماع لواحد او اكثر من األشرار‬
‫الذين يمارسون اللصوصية او العنف ضد امن الدولة او االمن العام او ضد‬
‫األشخاص او االموال مع هلمه بسلوكهم اإلجرامي‬

‫اما المشاركة في المخالفات فال عقابه عليها مطلقا‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المسؤولية المدنية‬

‫ترمي الدعوى المدنية الى الحصول على تعويض عن الضرر الناتج عن جناية او‬

‫جنحة أو مخالفة ‪ ،‬وتقام هذه الدعوى ضد الفاعلين األصليين أو المساهمين أو المشاركين في‬
‫أركان الجريمة ‪ ،‬وضد ورثتهم أو األشخاص المسؤولين مدنيا عنهم ‪ .‬فيل تطبق نفس هذه‬
‫القواعد المنصوص عليها في القانون الجنائي كذلك على الدعوي المدنية الناتجة عن جريمة‬
‫صحفية ‪ ،‬وهل يمكن فصلى هذه الدعوى عن الدعوى العمومية أم ال ‪ ،‬هذا ما يساعد إلى‬
‫‪35‬‬
‫اإلجابة عنه من خالل النقطتين التاليتين ‪:‬‬

‫‪ 35‬عبدالعزيز النويضي مرجع سابق ص‪78‬‬


‫محمد االدريسي العلمي المشيشي مرجع سابق ص ‪203‬‬
‫مجموعة قانون الجنائي مرجع سابق‬

‫‪86‬‬
‫‪87‬‬

‫أوال ‪ :‬المسؤولية المالية‬

‫نصت المادة الثامنة من ق ‪.‬م ‪.‬ج بأنه ‪ " :‬يمكن إقامة الدعوى المدنية ضد الفاعلين األصليين‬
‫‪ ،‬أو المساهمين أو المشاركين في ارتكاب الجريمة ‪ .‬و ضد ورثتهم أو األشخاص المسؤولين‬
‫مدنيا عنهم " ‪ .‬من خالل هذه المادة يالحظ أن الدعوى المدنية تقام ضد كل من المسؤولين‬
‫جنائيا ( فاعل أصلي ومساهمين ومشاركين ) ‪ ،‬والورثة وكذا المسؤولين عن الحقوق المدنية‬
‫‪ ،‬وهؤالء هم الطرف السلبي الذين يتحملون المسؤولية المالية المتمثلة في تعويض المتضرر‬
‫من الجريمة‬

‫فالمسؤول انا عن البريد السواء باعتباره فاعال أصليا أو معنويا ‪ ،‬مساهما أو مشاركا‬
‫فيها ‪ ،‬وسواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا هو أول من يقع التفكير في مطالبته من قبل‬
‫المتضرر من خالل الدعوى المدنية المقامة ضده من أجل تعويض األضرار الناتجة عن‬
‫الجريمة ‪ ،‬لذا كان المتهم أول من ذكره المشرع في المادة ‪ 8‬من ق‪.‬م ج‪.‬‬

‫ان المتهمين في الجريمة الواحدة ‪ ،‬الذين تمت متابعتهم بدعوى عمومية واحدة تمنح المتضرر‬
‫أو المدعي المدني الخيار ‪ ،‬اما أن يطالبهم جميعا بالتعويض على وجه التضامن ‪ ،‬وتكون‬
‫المسؤولية بينهم بالتساوي إال إذا عين القاضي نصيب كل واحد منهم في التعويض‪ ،‬وأما أن‬
‫يدعي بالتعويض ضد بعضهم أو أحدهم دون أن يكون ملزما بإدخال باقي المتهمين في الدعوى‬
‫‪ ،‬وال يحق لمن وقعت مطالبته دون اآلخرين الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية ضده على أساس‬
‫وجود مسؤولين اخرين ببكاء لم يتم إدخالهم اإلمكانية مخولة طبقا للفصل ‪ 109‬من القانون‬
‫الجنائي الذي قرر التضامن في أداء ‪.‬‬

‫وفي حدود ما أخذوه فعال من التركة‬

‫باإلضافة إلى من سلف ذكرهم فإن المتابع في بعض األحيان يكون هو المسؤول المدني ‪،‬‬
‫وقد أشارت إليه المادة الثامنة من ق‪.‬م‪ .‬ج ‪ ،‬والمسؤول المدني هو األشخاص الذين يقرر‬
‫القانون مسؤوليتهم عن تعويض األضرار التي يتسبب فيها خطأ غيرهم ‪ ،‬وهم مذكورون في‬
‫القانون على سبيل الحصر ‪ ،‬وحسب الفصول ‪ 79‬و ‪ 85‬و ‪ 85‬مكرر من قانون االلتزامات‬
‫‪87‬‬
‫‪88‬‬

‫والعقود ‪ ،‬يتعلق األمر على التوالي بمسؤولية الدولة والبلديات عن األضرار الناتجة مباشرة‬
‫عن تسيير إدارتها ‪ ،‬وعن األخطاء المصلحية لمستخدميها ‪ ،‬ومسؤولية األب فاألم بعد موته‬
‫عن أطفالهما القاصرين ‪ ،‬والمسؤولي ة عن المجانين ‪ ،‬والمختلين عقليا ‪ .‬ومسؤولية أرباب‬
‫الحرف عن المتعلمين ‪ ،‬ومسؤولية المتبوع عن أعمال التابع ‪ ،‬ومسؤولية المعلمين ‪ ،‬وموظفي‬
‫الشبيبة و الرياضة عن األطفال والشبان الموضوعين تحت رعايتهم ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمسؤولية المالية الناتجة عن جريمة صحفية فهي ال تكاد تخلف عما سلف‬
‫ذكره ‪ ،‬أي أن الشخص مرتكب الجريمة هو من يتحمل مسؤوليتها المالية ‪ ،‬وبالتالي يكون‬
‫ملزما بتقديم التعويض عما سببته جريمته إال أن المشرع في قانون الصحافة يطالعنا يحل آخر‬
‫وذلك من خالل الفصل ‪ 69‬الذي ينص على أنه ‪ " :‬إن أرباب الجرائد والمكتوبات الدورية‬
‫ووسائل اإلعالم السمعية البصرية واإللكترونية مسؤولون عن العقوبات المالية الصادرة لفائدة‬
‫الغير على األشخاص المبينين في الفصلين ‪ 67‬و ‪ 68‬إذا تعذر تنفيذ هذه العقوبات على‬
‫المحكوم عليهم "‬

‫فهذا الفصل يحمل المسؤولية المالية بالدرجة األولى لمرتكبي الجرائم وفي حال تعذر‬
‫تنفيذها على هؤالء تنتقل المسؤولية إلى أرباب الجرائد ‪ ،‬وهو ما يعتبر تطبيقا مباشرا النظرية‬
‫المسؤول المدني من فعل جنائي ارتكبه الغير ‪.‬‬

‫لقد أشار األستاذ العلمي المشيشي "الى الحالة التي يكون فيها مدير النشر أو مالكية مجهر‬
‫‪ ،‬وحين يكون الكاتب مجهوال ‪ ،‬وحين يجهل الطابع أنفسه‪ ،‬وفي حالة اعسار كل أو‬

‫بعض من ذكر‪ ،‬على من تقع المسؤولية المدنية من التعويض بالرجوع إلى شخصية‬
‫‪36‬‬
‫المسؤولية يفرض إنزالها على كاهل الناقل أو البائع أو الملصق ‪ ،‬و استمرار النتائج هذه‬

‫‪ 36‬شرح قانون المسطرة الجنائية ‪ :‬وزارة العدل مرجع سابق ص ‪64‬‬


‫عمر أبو الطيب ‪ :‬الدعوي المدينة التابعة مراجع سابق ص ‪277‬‬
‫عبد الواحد العملي شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجائية ص ‪223‬‬
‫احمد الخمليشي شرح قانون المسطرة الجنائية ص ‪164‬‬
‫عبد العزيز مياح مرجع سابق ص ‪95‬‬

‫‪88‬‬
‫‪89‬‬

‫االخيرة يكونون ملزمين بالتعويض المدني للغير بالرغم من ان الحالة العامة هي اعمار او‬
‫فقر هؤ الء بحيث ال يمكن ان يجادل في حيف هذا الحال بالنظر الى مستوى االجتماعي لهذه‬
‫االطراف‬

‫قبل ختم هذه النقطة تجدر االشارة الى القاء عبء المسؤولية المالية على عاتق ارباب‬
‫الجرائد‪ ....‬بعد عجز المحكوم على سدادها هو من مستجدات قانون الصحافة الجديد‬

‫وهو بطبيعة الحال في صالح ارباب الجرائد النهم ان يؤدوا العقوبات المالية اال في حالة‬
‫اعمار او غياب المد انين االخرين كما ان القانون الجديد الغي كذلك للفائدة الصحف وسيرها‬
‫إلزام الجريدة بان تضع على وجه الضمان في ظرف ‪ 15‬يوما الموالية لتاريخ صدور‬
‫الحكم مبلغ التعويضات المدنية والغرامات بصرف النظر عن االستئناف او التعرض او‬
‫االلتجاء الى النقوض وهو ما كان ينص عليه الفصل ‪ 76‬من قانون الصحافة القديم‬

‫ثانيا‪ :‬ممارسه الدعوى المدنية‬

‫لقد حول القانون للمتضرر من الجريمة إمكانية دعواه اما امام المحكمة الزجرية او المحكمة‬
‫المدنية‪ .‬من اجل المطالبة بالتعويض الناتج عن اضرار الذي تسبب عن الجريمة‪ .‬وذلك من‬
‫خالل الفصلين ‪9‬و‪ 10،‬من قانون المسطرة الجنائية لكن حق الغير بين الطريقين الجنائي و‬
‫المدني ليس حقا مطلقا بل ال يقوم اال بتوفر شروط قانونية محددة كما يمكن ان يسقط ككل‬
‫الحقوق‬

‫ان منح الخيار للمتضرر بين الطريقين الجنائي و المدني يرتكز على اساس ارتأى المشرع‬
‫ضرورة اخذها بعين االعتبار فإلى جانب االصل العام الذي يخول المتضرر لمطالبة‬
‫بالتعويض امام القضاء المختص)المحاكم المدنية) فإنه بحق إقامة الدعوى امام القضاء‬
‫‪37‬‬
‫الزجري )المادة ‪ 11‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج)‬

‫‪ 37‬محمد االدريسي العلمي المشيشي القانون المبني للمجهول ص ‪204‬‬


‫قانون رقم ‪77.00‬الصادر االمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪1.02.207‬بتاريخ ‪ 25‬من رجب ‪3( 1423‬اكتوبر ‪ )2002‬الجريد الرسمية‬
‫عدد ‪ 5075‬بتاريخ ‪ 20‬يناير ‪ 2003‬ص ‪220‬‬
‫عبد العزيز النويضي مرجع سابق ص‪79‬‬

‫‪89‬‬
‫‪90‬‬

‫اهم االعتبارات التي اراد من خاللها المشرع تمكين المتضرر من الجريمة في حال‬
‫استقراره على اختيار الطريق الجنائي للمطالبة بالتعويض هي االستفادة من السرعة التي‬
‫تميز المسطرة الزجرية عن نظريتها المدنية‪ .‬وكذا من ادلة االثبات التي يكون في امكان‬
‫النيابة العامة الحصول عليها من خالل االبحاث باإلضافة إلى الحيلولة دون صدور احكام‬
‫متناقضة بالنسبة لجريمه واحده دون نسيان الفوائد التي تتمثل في فرصه الحصول على‬
‫تعويض تحت شروط أقرب منال واقل تكلفة واوفر وقتا واكثر تيسيرا‬

‫ال يجب ان يفهم مما سلف ان هذه االمكانية مطلقة وعامة وانما شانها شان ايه قاعده ترد‬
‫عليها استثناءات وهذه اال استثناءات هي‪:‬‬

‫✓ الحالة التي يمنع فيها المشرع عدم امكانيه نظر الدعوى المدنية امام القضاء‬
‫الزجري‪ .‬وهذه الحالة تنطبق على المحكمة العسكرية فهذه المحكمة ال يسمح‬
‫لها القانون بالنظر في الدعوى المدنية‬
‫✓ الحالة التي يمنع فيها المشرع إمكانية إقامة الدعوى المدنية امام القضاء المدني‬
‫وهو ما يجعله مجبرا على اتباع قناه القضاء المدني الزجري من أجل المطالبة‬
‫بالتعويض‬

‫في الحالة التي يختار فيها المتضرر احد الطريقين فهل يمكن له الرجوع عن اختياره؟‬
‫يجب التمييز بين اي الطريقين اختار ويرغب في الرجوع عنه‬

‫اذا اختار الطرف المدني الطريق الزجري فإن له إمكانية تركة والرجوع الى الطريق االصلي‬
‫الذي هو الطريق المدني اعتبار الكون الطريق الذي اختاره في البدء هو طريق استثنائي‪.‬‬
‫مما يجعل خطوط رجوعه الى المرجع االصلي القتضاء حقوقه امر واردا بدون ادنى شك‪.‬‬
‫لكن يجب اإلشارة الى ان الدعوى المدنية توقف الى غاية صدور حكم المحكمة الجنائية طبقا‬
‫للقاعدة المعمول بها هذا السياق وهي قاعدة الجنائي يوقف المدني المنصوص عليها في الفقرة‬
‫‪38‬‬
‫الثانية من المادة ‪ 10‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج‬

‫‪ 38‬عمر أبو الطيب الدعوى المدنية التابعة مرجع سابق ص‪334‬و ‪ / 335‬عبدالسالم بنحدو الوجيز في شرح المسطرة الجنائية المغربية‬

‫‪90‬‬
‫‪91‬‬

‫اما اذا اختار الطريق المدني ‪ ،‬واقام الدعوى امام المحكمة المدنية المختصة فال يجوز له ان‬
‫يعدل عن ذلك ويقيمها امام المحكمة الجنائية ‪ ،‬اال ان الفقرة الثانية من المادة ‪ 11‬من ق م ج‬
‫‪ ،‬تمنح المتضرر إمكانية االستفادة من الطريق الجنائي من جديد ‪ ،‬لكن لن يتأتئ ذلك اال‬
‫بتوفر شرطين ‪:‬‬
‫✓ ــ أولهما ان تكون المحكمة المدنية التي رفعت لها المطالبة المدنية قبال لم تصدر‬
‫حكمها النهائي بعد في الدعوى المدنية ‪.‬‬
‫✓ ــ ثانيهما ان تكون النيابة العامة ( وليس المتضرر عن طريق تحريك الدعوى العمومية‬
‫باالدعاء المباشر )‪ ،‬هي التي حركت الدعوى العمومية لدى المحكمة الزجرية ‪.‬‬

‫تجدر االشارة الى ان الدعوى المدنية التابعة الناتجة عن جريمة صحفية تنطبق عليها‬
‫نفس ما تمت اإلشارة اليه سلفا ‪ ،‬على اعتبار ان مشرع قانون الصحافة لم يشر الى هذه‬
‫القواعد ‪ ،‬مما يعني ضرورة الرجوع الى القواعد العامة في هذا المجال (قانون المسطرة‬
‫الجنائية)‬

‫اال ان المشرع أشار في الفقرة األولى من الفصل ‪ 75‬من ق ص على انه ‪:‬الدعوى‬
‫المدنية الناتجة عن جنحة القذف المقررة في هذا القانون ال يمكن فصل متابعتها عن الدعوى‬
‫العمومية اال في حالة وفاة مرتكب االمر المدعي فيه او حالة العفو " هذه الحالة اذن هي‬
‫الوحيدة التي يرد عليها االستثناء وتضع قيدا على إمكانية اختيار الطريق المدني التي ال‬
‫يستطيع المتضرر الرجوع اليها اال اذا انتفت حالة االستثناء المذكورة ‪.‬‬

‫ال باس من اإلشارة الى ان الموضوع الدعوى المدنية التابعة هو التعويض وهذا األخير‬
‫يقصد به المقابل الذي يطالب به المتضرر إلصالح ما لحقه شخصيا ومباشرة من اضرار‬
‫الجريمة باإلضافة الى نشر الحكم في بعض الجرائد كتعويض معنوي إضافي ( الفصل ‪48‬‬
‫من القانون الجنائي ) وكذا الصوائر والمصاريف (الفصل‪ 105‬من القانون الجنائي ) فهدا هو‬
‫التعويض الذي يمكن للمتضرر من الجريمة الصحفية المطالبة به من خالل الدعوى المدنية‬
‫‪39‬‬
‫التابعة ‪.‬‬

‫‪ 39‬عبدالواحد العلمي مرجع سابق ص ‪ 264‬و ‪ 265‬و ‪233‬‬

‫‪91‬‬
‫‪92‬‬

‫قبل ختم هذه النقطة ‪ ،‬البد من اإلشارة الى ان المشرع في القانون الصحافة وبالضبط‬
‫في الفصلين ‪ 75‬و‪ 76‬منه ‪ ،‬حدد اآلجال التي يجب على المحكمة ان تبث خاللها في الدعوى‬

‫فالفقرة األخيرة من الفصل ‪ 75‬من ق ص تنص على انه "تبت المحكمة في جميع‬
‫األحوال داخل اجل أقصاه ‪ 90‬يوما من تاريخ التبليغ القانوني لالستدعاء" ‪.‬‬

‫اما الفصل ‪ 76‬من ق ص ينص على انه يقدم االستئناف وفق الشروط والكيفيات واآلجال‬
‫المنصوص عليها في القانون المسطرة ا لجنائية و تبت محكمة االستئناف في جميع الحوال‬
‫داخل اجل أقصاه ستون يوما من تاريخ تقديم االستئناف ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬انتفاء المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة‬

‫نص الفصل األول من قانون الصحافة في فقرته الخيرة بعد اإلشارة الى حرية اصدار‬
‫الصحف والطباعة والنشر ا ن هذه الحريات تمارس في اطار مبادئ الدستور وحكام القانون‬
‫واخالقيات المهنية ‪،‬مما يعني ان كل فعل لم يتم التنصيص عليه يعتبر مباحا على أساس ان‬
‫األصل في الفعال اإلباحية ‪ ،‬فما هي اذن الحاالت التي تبقي معها المسؤولية الجنائية في‬
‫الجرائم الصحفية ؟ هذا ما سأعمد الى اإلجابة عليه من خالل فقرتين ‪:‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬حق النقد‬

‫النقد هو امر او عمل معين لبيان مزاياه وعيوبه ‪ ،‬وقد قيل ان النقد المباح يختلف اختالفا‬
‫جوهريا عن القذف ‪ ،‬فاألول ليس فيه مساس بشرف الغير او اعتبار او سمعته ‪ ،‬وانما هو‬
‫تعليق او حكم على تصرف او عمل معين بدون قصد المساس بشخص صاحبه ‪ ،‬فالتمييز بين‬
‫الشخص وبين عمله او تصرفه هو الذي يفصل الحدود بين دائرة النقد المباح والقدف المعاقب‬
‫عليه ‪ .‬وقد رفض الفقه بحق الوهة النظر ‪ ،‬ألنها تحصر حق النقد في المجال الذي ال تثار‬
‫فيه اية صعوبة ‪ ،‬فاذا اقتصر الناقد على النعي على تصرف او عمل معين دون المساس‬
‫بشخص صاحبه ‪ ،‬كالنقد الموجه الى قانون او قرار معين فال تتوافر بذلك اركان جريمة‬
‫القذف ‪ .‬ومن ثم يعتبر حق النقد في هذه الحالة سببا لإلباحة ‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫‪93‬‬

‫وتثار الصعوبة في الحاالت التي تتوافر فيها اركان جريمة القذف او السب او غيرهما من‬
‫جرائم النشر التي يتضمنها النقد عندما يتضمن الحكم او النعي على التصرف او العمل في‬
‫نفس الوقت نعيا او مساسا بشخص صاحبه ‪ ،‬ذلك انه في غالب األحوال يكون من الصعوبة‬
‫الفصل بين تصرفات االنسان وبين شخصه ‪ .‬االمر الذي يعني ان الحكم على تصرف معين‬
‫قد يستتبع المساس بشخص صاحبه ‪.‬‬

‫بناء عليه ‪ ،‬فالراجع ان عمل الناقد تتوافر فيه اركان الجريمة ومع ذلك‪ ،‬فهو مباح ترجيحا‬
‫للمصلحة االجتماعية وهي أولى بالرعاية من مصلحة الفرد في حماية شرفه واعتباره ‪.‬‬

‫وحق النقد يعتبر تطبيقا لحرية الراي او الصورة الرئيسية لها ‪ ،‬والشك في أهمية البالغة‬
‫‪ ،‬بالنسبة للفرد والمجتمع على السواء ‪ ،‬فهو يؤدي الى التطور نحو األفضل ‪ .‬وذلك عن‬
‫الطريق اكتشاف العيوب القائمة والعمل على تفاديها ‪ ،‬باإلضافة الى اقتراح ما هو افضل‬
‫لمصلحة المجتمع بل ان بعض الدساتير قد وصفته بانه ضمان لسالمة البناء الوطني ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة ال ى ان حق النقد مكفول للكافة ‪ ،‬وبالتالي يمكن ممارسته عن طريق‬


‫الصحف والمجالت المختلفة ‪ ،‬وسائر وسائل االعالم ‪ ،‬كما يمكن ممارسته عن طريق النشر‬
‫في الكتاب او غير ذلك من وسائل االعالم ‪ ،‬كما يمكن ممارسته عن طريق النشر في كتاب‬
‫او غير ذلك من وسائل التعبير عن الراي‪ ،‬فهو حق لكل مواطن ‪.‬‬

‫ان حق النقد يعتبر تطبيقا لمبدا أساسي وهو حرية الفكر والراي ‪ ،‬ضمن الحقوق األساسية‬
‫لإلنسان ان تكون له الحرية في إيذاء رايه في كافة المسائل واألمور طالما انه يلتزم‬
‫بالموضوعية ويبتعد بآرائه عن المساس باألخرين والتشهير بهم ‪ .‬فاألصل في النقد ان يكون‬
‫مباحا ‪ ،‬فاذا التزمت حدوده ورعيت الشروط الواجبة فيه يكون عمال مشروعا وفقا للقواعد‬
‫‪40‬‬
‫العامة ودون حاجة الى نص يقرره‬

‫‪ 40‬طارق سرور ‪ :‬دروس في جرائم النشر مرجع سابق ص ‪109‬‬


‫عمر سالم نحو قانون جنائي للصحافة ص ‪165‬‬
‫احمد المهدي واشرف شافعي جرائم الصحافة والنشر ص ‪271‬‬
‫عبد الحميد الشواربي جرائم الصحافة والنشر ص ‪91‬‬
‫ليلى عبد المجيد حرية الصحافة والتعبير في الدولة العربية في ضوء التشريعات الصحفية الواقع وافاق المستقبل مطابع الراي التجارية‬
‫عمان ‪ 2000‬ص ‪118‬و‪119‬‬

‫‪93‬‬
‫‪94‬‬

‫اما اركان حق النقد خمسة ‪:‬‬

‫‪ 1‬ــ الواقعة الثابتة ‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ان تكون الواقعة اجتماعية (أي تهم الجمهور )‬

‫‪ 3‬ـ راي او تعليق يستند الى تلك الواقعة ‪.‬‬

‫‪ 4‬ـ مالئمة الراي او التعليق للواقعة وتناسبه معها‬

‫‪ 5‬ـ حسن النية ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الواقعة الثابتة ‪:‬‬

‫المقصود بالواقعة الثابتة هو وجود موضوع مسلم به يرد عليه النقد ‪،‬فحق النقد متجه الى‬
‫تحقيق المصلحة العامة لذا ينبغي ضرورة ابتعاده عن تزييف الحقائق او تشويهها ‪ ،‬فالشرط‬
‫األساسي والركن الهام لحق النقد هو ان تكون الواقعة ثابتة وصحيحة ‪ ،‬فالشخص الذي يعلق‬
‫على عمل او واقعة لم تخرج الى حيز الوجود ال تعتبر آراؤه من قبيل النقد المباح‬

‫واساس االباحة في حق النقد هو االجتهاد في أداء الخدمة ‪ ،‬والقاضي واحده هو الذي‬


‫يقدر هذا االجتهاد وما اذا كان قد وصل لدرجة تعطي له الحق في االباحة ام ال ‪.‬‬

‫فالنا قد ما هو اال باحث عن الحقيقة ‪ ،‬فمن المستحيل أحيانا ان تكون الواقعة التي كشف‬
‫عنها او ذكرها ال تحمل مجاال للشك ‪ ،‬ولكي يستفيد المتهم من حق النقد كسبب من أسباب‬
‫االباحة فيكفي له ان يثبت انه بذل مت في وسعه من بحث وتحر وتواصل الى ثبوت واقعة‬
‫او صحة راي فأبداه بنية سليمة ‪ ،‬وال ينفي االباحة ان ثبت فيما بعد عدم صحة او سداد الراي‬
‫‪41‬‬
‫الذي ابداه ‪.‬‬

‫‪ 41‬مازن الحنبلي ‪ :‬مرجع سابق ص ‪71‬‬


‫مازن الحنبلي ‪ :‬مرجع سابق ص ‪71‬‬

‫‪94‬‬
‫‪95‬‬

‫ثانيا ‪:‬ان تكون الواقعة اجتماعية‬

‫المقصود هنا ان تكون الواقعة ذات أهمية جماهيرية عامة أي (تهم المجتمع)فإباحة النقد ال‬
‫يجيز التعرض للحياة الخاصة ألفراد‪ ،‬فتناول الحياة الخاصة يؤدي الشعور العام في‬
‫المجتمع‪ ،‬نظرا ألن اآلداب العامة تأبى تعريض خصوصيات الناس لالطالع‪.‬‬

‫غير أنه ال يشترط أن تكون الواقعة ذات طابع سياسي أو اجتماعي لكي تهم المجتمع‪ ،‬بل‬
‫يكفي أن تتجه الواقعة إلى الجمهور وتعكس آثارها على عدد غير محدود من الناس‪ ،‬فعمل‬
‫أصحاب الحرف والمهن‪ ،‬كاألطباء والمحامين والتجار يهم الجمهور وأصحاب هذه المهن‬
‫يرتضون أن تعرض أعمالهم على الناس لمعرفة حكمهم عليها‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬وجود رأي أو تعليق يستند إلى تلك الواقعة‬

‫بما أن النقد هو رأي أو حكم على واقعة فلكي يكون عمل الناقد في دائرة اإلباحة يجب أن‬
‫ينصب على الواقعة وال يخرج عنها‪.‬‬

‫فالرأي يجب أن يكون دائما منصبا على الواقعة ومتصال بها ومؤسسا عليها لكي يستطيع أن‬
‫يعين القارئ أو السامع عل ى تقدير قيمة ما يكتب أو ما يقال وحتى تكون الوقائع بمثابة‬
‫األسباب من الحكم تشهد بصحته أو خطئه‪.‬‬

‫وألن النقد إبداء لرأي في واقعة معينة فإن خطأ الرأي أو اختالف وجهات النظر‬

‫ال يخرج الناقد عن دائرة اإلباحة‪ .‬فالرأي مهما كان عنيفا أو مبالغا فيه أو كونه ال يتفق مع‬
‫‪42‬‬
‫آراء المنتظر من مثله وفي مثل ظروفه‪.‬‬

‫‪ 42‬عمر سالم مرجع سابق ص ‪180‬‬


‫طارق سرور مرجع سابق ص ‪115‬‬

‫‪95‬‬
‫‪96‬‬

‫رابعا‪ :‬مالءمة الرأي أو التعليق وتناسبه معها‬

‫إن استناد النقد إلى واقعة تهم الجمهور وتكون ثابتة يستوجب التزام الناقد باالبتعاد عن‬
‫التشهير أو التحقير أو التجريح‪.‬‬

‫فخروج الناقد على اعتبارات اللياقة في عباراته ينفي عنه توجهه بالنقد إلى تحقيق المصلحة‬
‫العامة‪ .‬وقد يعد دليال على أنه أراد أن يتستر خلف حق النقد ابتغاء التجريح أو االزدراء‬
‫بالمجني عليه‪.‬‬

‫ويجب أن يصاغ النقد بطريقة مالئمة للموضوع‪ ،‬ويراعى فيه قدر من التناسب المعقول مع‬
‫ظروف الواقع وفخامة الحدث أو فداحته‪.‬‬

‫وال يعيب ال نقد أن تكون عبارته مرة قاسية إذا كانت المناسبة التي يقال فيها تستوجب ذلك‬
‫‪،‬ولقاضي الموضوع السلطة التقديرية في إثبات مدى مالئمة العبارة على ضوء الموضوع‬
‫والظروف التي تم فيها النقد‪.‬‬

‫وأيا ما كان جالل الخطب فإنه ال يجوز الشطط في النقد إلى حد رمي المجني عليه بأقسى‬
‫األوصاف وأحقرها‪.‬‬

‫كذ لك إذا كنت تجاوز حدود النقد المباح عن طريق استعمال رموز غير الئقة‪ ،‬فهدا يستوجب‬
‫عقاب صاحبه‪ ،‬فقد قضي بأن سياسة الحكومة عن طريق الرمز إلى رئيس الوزراء بصورة‬
‫راقصة عارية يستوجب عقاب صاحبه‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬حسن النية‬

‫يشترط اإلباحة النقد أن يتم بحسن نية ‪ ،‬أي أن يعتاد الناقد في صحة الرأي الذي يقدمه تعليقا‬
‫‪43‬‬
‫على الواقعة‪.‬‬

‫‪ 43‬شريف سيد كامل مرجع سابق ص ‪82‬و ‪83‬‬


‫طارق سرور مرجع سابق ص ‪117‬‬

‫‪96‬‬
‫‪97‬‬

‫وأن يتوخى من وراء ذلك تحقيق المصلحة العامة ‪،‬فال يباح النقد إذا تم بغرض‬
‫التشهير أو التجريح بالمجني عليه‪.‬‬
‫فحسن النية يتوافر بأمرين ‪:‬‬

‫ا ـ توخي النفع العام فيما يبديه من آراء‪.‬‬

‫ب ـ اعتقاده في صحة ما يبديه من آراء‪.‬‬

‫والمقصود بالنفع العام‪ ،‬هو انحسار النقد عن األمور الخاصة التي ال تهم الرأي العام وعدم‬
‫الفائدة من متابعيها‪ ،‬فحق النقد شرع من أجل صالح الجماعة‪.‬‬

‫ال ينبغي القول بأن حسن النية (ابتغاء المصلحة العامة) يجب أن يقدم في كل األحوال على‬
‫ما عداه‪ ،‬وإال الستطاع الكاتب تحت ستار الدفاع ظاهريا عن مصلحة عامة مزعومة أن‬
‫ينال من كرامة الموظف دون أن يناله القانون بعقاب‪.‬‬

‫على هدا األساس إذن فان النقد الذي يحترم مبادئ الدستور والضوابط القانونية يكون نقدا‬
‫مباحا‪ ،‬ويعود بالنفع والفائدة على المجتمع ‪ ،‬هدا األخير الذي يحق له أن يعلم وينتقد ما هو‬
‫في حاجة إليه ويتهمه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬حق نشر األخبار واخالقيات ومهنة الصحافة‬

‫تؤدي وسائل اإلعالم على اختالف أنواعها‪ ،‬وبصفة خاصة الصحافة المكتوبة دورا هاما في‬
‫المجتمع ‪ ،‬فهي تعمل على إقامة ما يمكن أن نطلق عليه "الوحدة المعنوية بين أبناء المجتمع‬
‫"اذ أنها السبيل إلى معرفة ما يدور فيه واإلحاطة بالقيم االجتماعية السائدة‪.‬‬

‫بين افراد المجتمع ‪ ،‬فتكون بذلك رباطا ادبيا يجمع بينهم ‪ .‬كما ان وسائل االعالم تحد الوسيلة‬
‫‪44‬‬
‫الفعالة لمعرفة االعمال التي تصدر ممن يتصدون لتمثيله وخدمته ‪.‬‬

‫‪ 44‬شريف سيد كامل مرجع سابق ص ‪84‬‬


‫طارق سرور مرجع سابق ص ‪119‬‬
‫احمد المهدي واشرف شافعي مرجع سابق ص ‪ 275‬و‪276‬‬
‫مازن الحنبلي مرجع سابق ص ‪78‬‬

‫‪97‬‬
‫‪98‬‬

‫أوال ‪ :‬أساس اباحة نشر االخبار‬


‫الشك ان قيام الصحافة بنشر بعض االخبار قد يؤدي الى المساس المعنوي ببعض‬
‫األشخاص ‪ ،‬فنشر اخبار الحوادث والجرائم قد يسيء الى مرتكبيها ‪ .‬بيد انه ال تثريب على‬
‫الصحافة في هذا الشأن وذلك لألسباب التالية ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬ان الوظيفة األولى للصحافة هي نشر االخبار ‪ ،‬بل ان الترخيص بقيام الصحفية ينطوي‬
‫في نفس الوقت على ترخيص بنشر االخبار ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ان للمجتمع مصلحة جوهرية في ان يعلم بما يجري بين جنباته سواء من الحاكمين او‬
‫المحكومين ‪ ،‬والصحافة تؤكد هذه المصلحة ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬ان يرد على اخبار ال يحظر القانون نشرها ‪ :‬ال شك في ان حرية المعلومات تعتبر‬
‫شرطا أساسيا لحرية الصحافة ‪ ،‬وتعتبر مبدا أساسيا في جميع الدول الديمقراطية ‪ ،‬اال ان‬
‫المشرع قد يرى ان بعض المعلومات ال يجوز نشرها الن الراي العام ال حق له في معرفتها‬
‫‪ .‬ويكون ذلك في أحوال محددة بينها القانون ‪ ،‬مثال ذلك إذاعة سر من اسرار الدفاع عن‬
‫البالد ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬اخالقيات مهنة الصحافة‬

‫يمكن تعريف اخالقيات او آداب المهنة " بانها مجموعة المبادئ وقواعد السلوك الحسن ذات‬
‫الطبيعة األخالقية التي تضعها مهنة او مهمة معينة ( الصحافة ‪ ،‬الطب ‪ ،‬الهندسة ‪ ،‬المحاماة‬
‫‪ ،‬القضاء ‪ ،‬البرلمانيون ‪ ،‬الخ )‪ ،‬وتحرض على مراعاتها من طرف كل من ينتمي للمهنة او‬
‫المهمة وذلك عن طريق نظام للرصد وللجزائيات يمكن ان يصل الى حد فصل شخص من‬
‫‪45‬‬
‫المهنة او المهمة جراء اخالل خطير بتلك القواعد ‪.‬‬

‫‪ 45‬طارق سرور مرجع سابق من ص ‪ 103‬الى ص ‪ 106‬وشريف سيد كامل ص ‪ 68‬الى ‪75‬‬
‫عبد العزيز النوضي الصحافة امام القضاء دليل للصحافين والمحامين مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ‪ 2008‬ص ‪105‬‬

‫‪98‬‬
‫‪99‬‬

‫وتستهدف اخالقيات المهنة تحصين األعضاء من الممارسات السلبية غير االخالقيات‬


‫الضارة بسمعة المهنة او المهمة ودفعهم لممارسة سلوك يبقي على المهنة في مستوى رفيع‬
‫من األداء خدمة للمصلحة العامة واستحقاقا لثقة الجمهور‬

‫ومن الواضح ان احترام الصحفيين ألخالقيات المهنة سيسهم في ان تلعب الصحافة دورا‬
‫بناء ومؤثرا في المجتمع في حين ان عدم مراعاتها قد يقود الى الحاق اضرار جسيمة بحقوق‬
‫االفراد والمجتمع ويمس بسمعة المهنة ومصداقيتها وبدورها في المجتمع ‪.‬‬

‫وقد اوردت النقابة الوطنية للصحافة المغربية في احداث تقاريرها السنوية‬

‫م جموعه من االمثلة على عدم احترام اخالقيات المهنة واهمها‪:‬‬

‫✓ ممارسه صحفيين للرشاوي من هيئات شخصيات اما لتلميع صورتهم او‬


‫التهجم على خصومهم‬
‫✓ ممارسه صحفيين لالبتزاز بمطالبة الضحايا بالتعويض المالي او العيني‬
‫مقابل التغاضي عن اتهامات قد تكون صحيحة او غير صحيحة تهدد‬
‫بنشرها‬
‫✓ ممارسه القذف والسب وتشوية صورة الناس بمن فيهم مسؤولين في القطاع‬
‫العام او الخاص كأداة لتصفية حسابات بتنظيم حمالت متواصلة ضدهم‬
‫✓ نشر االخبار بدون مبدأ او اثبات او تقديمها على شكل تعليق وتحليالت غير‬
‫مبنية على اساس وخلط الرأي بالخبر واستعمال الكالم السوقي‪....‬‬
‫✓ اختالق اخبار عن طريق الخلط بين االجناس الصحفية من اجل تمرير‬
‫اإلشاعات او تهجمات على مواطنين‪...‬‬
‫✓ ظهور جرائد ممولة من جماعات ضغط سياسة واقتصاديه تسعى الى خدمة‬
‫مصالحــها باستعمال الصحافة كأداة لتصفية وتشوية السمعة او أداة لتلميعها‬

‫‪99‬‬
‫‪100‬‬

‫✓ عدم احترام مبدأ البراءة هي االصل بنشر اتهامات الضابطة القضائية‬


‫‪46‬‬
‫الموجهـــة لألشخاص قبل ان يصدر القضاء حكمة‬
‫✓ تغطيه االحداث االرهابية بنشر صور اشالء االنتحاريين وصور مهينه‬
‫لضحايا االرهاب بشكل يناقض مبدأ احترام الكرامة االنسانية وشعور الناس‬
‫وحرمة الموتى‬

‫وترى النقابة ان هذه الممارسات المنافية ألخالقيات المهنة لها عدة اسباب من بينها‬

‫✓ خضوع الجرائد لتوجيه مركزي من طرف المدير او رئيس التحرير حيث يغيب‬
‫صوت هيئة التحرير‬
‫✓ غياب مواثيق شرف او مجالس للتحرير يمكنها تقييم االداء المهني واألخالقي‬

‫للصحفيين‪.‬‬

‫✓ ضعف في التكوي ن لدى بعض الصحفيين وضعف في التأطير من طرف مسيري‬


‫الجرائد‪.‬‬

‫ان عدم االلتزام باألخالقيات التي تفرضها مهنة الصحافة على أعضائها تعبر مسا‬
‫وإخالال بالحرية الممنوحة لها‪ ،‬مما يعني إنذارا يمنح اجهزة الدولة إمكانية التضييق على‬
‫الصحفيين بدافع عدم احترامهم لحرية األطراف المعتدى عليهم ‪،‬وعد التزامهم بالمسار‬
‫الواجب إتباعه‪.‬‬

‫هذا إذن مجمل القول حول نظام المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة وفقا للتشريع‬
‫المغربي‪ ،‬وكذا حاالت انتفاء المسؤولية في هذه الجرائم ‪ ،‬بالرغم من كون المشرع المغربي‬
‫لم يعمل على تنظيم حاالت االنتفاء ‪ ،‬وتبقى محاوالت النقابة الوطنية للصحافة من اجل‬
‫إرساء ميثاق اخالقيات المهنة قاصرة‪.‬‬

‫‪ 46‬للتوسيع في هدة الموضوع انظر مؤلف األستاذ جمال الدين الناجي وسائل االعالم والصحفيون موجز اداب المهنة ترجمة مصطفي‬
‫الناوي منشورات مركز التوثيق واالعالم والتكوين في مجال حقوق االنسان يناير ‪ 2004‬ص ‪272‬‬

‫‪100‬‬
101

101
‫‪102‬‬

‫الخاتمة ‪:‬‬

‫من خالل ما تناولناه في هذا البحث المتواضع يتضح أن المشرع المغربي اعتمد في وضع‬
‫التنظيم القانوني للصحافة على قوانين صدرت في عهد الحماية ‪ ،‬ونخص بالذكر ظهير ‪27‬‬
‫أبريل ‪ 1914‬وظهير ‪ ، 1920‬وكذا ظهير ‪ 1936‬التي كانت مستمدة بدورها من قانون ‪29‬‬
‫يوليوز ‪ 1881‬الفرنسي ‪ ،‬هذا التنظيم الذي عمل على ضبط مختلف مراحل إنجاز العمل‬
‫الصحفي بكيفية توازن بين ضرورة […]‬

‫جرائم الصحافة بالمغرب‬

‫خاتمة البحث‬

‫[…] على ضبط مختلف مراحل إنجاز العمل الصحفي بكيفية توازن بين ضرورة احترام‬
‫حرية التعبير وضرورة احترام النظام العام والحياة الخاصة لألفراد كما هو ملحوظ من‬
‫خالل بنوده ال يتالءم والتطورات الحديثة وكذا ظروف المجتمع الحالي‪ ،‬وهو ما جعل قانون‬
‫الصحافة تشوبه مجموعة من الثغرات – تحولت من نصوص قانونية إلى أسلحة فتاكة في‬
‫يد أشخاص وهيئات تستعملها لتصفية الحسابات – ‪ ،‬وذلك من قبيل عدم التحديد الدقيق‬
‫لبعض المصطلحات مثل النظام العام ‪ ،‬المصلحة العامة‪ ،‬الشؤون العامة ‪ ،‬المس بالنظام‬
‫الملكي والدين اإلسالمي والوحدة الترابية ‪ ،‬مما يفتح الباب على مصراعيه للتحكم والتعسف‬
‫‪ .‬وعلى هذا النحو فإن كل رأي نقدي في المجال الديني ‪ ،‬أو في حق الدستور ‪ ،‬أو حول‬
‫السياسة المتبعة في قضية الصحراء مثال يمكن المعاقبة عليه جنائيا ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة بهذا الصدد إلى أن مفهوم التعبير عن رأي يجادل في النظام الملكي والدين‬
‫اإلسالمي كما جاء في الفصل ‪ 39‬من الدستور والمتعلق بالحصانة البرلمانية أكثر دقة ‪.‬‬

‫أما المالحظة الثانية التي يمكن إثارتها هنا هو أن المشرع خول لإلدارة اتخاذ عدة تدابير لها‬
‫مساس بكل وضوح بحرية تداول الصحف كالتوقيف والمنع والحجز وهو مقتضى غير سليم‬

‫‪102‬‬
‫‪103‬‬

‫للسياسة الجنائية ‪ ،‬حيث كان باألحرى معاقبة المسؤولين عن الجرائم الصحفية متى كان‬
‫لذلك محل مع بقاء الجريدة منبرا ووسيلة للتعبير والرأي وإنارة الرأي العام ‪.‬‬

‫وما يالحظ أيضا أنه حتى التعديالت المدخلة على هذا القانون لم تصل بعد إلى المستوى‬
‫المرغوب ‪ ،‬فقانون الصحافة يحتوي على سلبيات ما كان ليحتوي عليها لو ال تعديالت‬
‫قانون ‪.77.00‬‬

‫أضف إلى كل هذا ‪ – ،‬وهو ما لمسناه من خالل اطالعنا بمعاهد اإلعالم واالتصال على‬
‫أهم المواد المدرسة بها – ‪ ،‬أن هناك ضعفا في مستوى التكوين القانوني للصحفيين باستثناء‬
‫بعض خريجي كليات الحقوق والمهتمين بالحقل القانوني ‪ ،‬عالوة على وجود دخالء على‬
‫المهنة ال تربطهم أية عالقة بالعلوم القانونية األمر الذي يؤدي إلى تسجيل مجموعة من‬
‫الخروقات ألخالقيات المهنة الصحفية‪.‬‬

‫ومما يثير االستغراب هنا أنه حتى مع وجود مقتضيات بقانون الصحافة تعتبر بعض األفعال‬
‫جريمة تستوجب توقيع العقاب على مرتكبها فتبقى بدون جدوى ‪ ،‬حيث ال نجد في بعض‬
‫األحيان متابعات قضائية في حق المخلين بما يقضي به قانون الصحافة ‪ ،‬ونستحضر بهذا‬
‫الخصوص حالة ” سفاح تارودانت ” التي قامت أغلبية الصحف المغربية بنشر صورته‬
‫دون موافقة منه ‪ ،‬وذلك لما ألقت الشرطة القضائية القبض عليه ‪ ،‬ولم تتم – لألسف الشديد‬
‫– المتابعة في حقهم ‪ ،‬والحال أن قانون الصحافة ‪ ،‬وأيضا قانون المسطرة الجنائية ينصان‬
‫على منع نشر صور الجاني ‪ .‬أال يعتبر هذا مسا بحقوق األفراد وحرياتهم ‪ ،‬وإهدارا ألحد‬
‫الحقوق التي أقرها المشرع للمتهم ؟ أليس من شأن مثل هذا أن يؤدي إلى إفراغ النصوص‬
‫القانونية من محتواها وبقاءها بدون جدوى؟ وما هو الغرض من وضع المشرع لنصوص‬
‫قانونية رادعة مع بقاءها جامدة ؟ فهل يعتبر هذا تزيينا للواجهة أم تهديدا يبقى دون فعالية ؟‬

‫بناء على هذه النتائج واإلشكاالت التي عرضنا لها فاألمر يقودنا إلى مناشدة المشرع‬
‫المغربي العمل على ما يلي ‪:‬‬

‫‪103‬‬
‫‪104‬‬

‫• ضرورة التحديد الدقيق للمقصود بمصطلحات النظام العام ‪ ،‬المصلحة العامة ‪،‬‬
‫الشؤون العامة ‪ ،‬المس بالدين اإلسالمي والنظام الملكي والوحدة الترابية وغيرها مما‬
‫ورد في قانون الصحافة وذلك لسد الباب أمام التعسف ‪ ،‬واحتراما للنص القاضي‬
‫بأنه « ال جريمة وال عقوبة إال بنص» وأيضا لضمان حرية التعبير ومعرفة الحدود‬
‫التي تقف عندها ‪ ،‬خاصة ونحن في بلد يسير نحو الديمقراطية ودولة الحق والقانون‬
‫‪.‬‬
‫• وجوب العمل على وضع ضوابط تكون كفيلة للرفع من مستوى التكوين القانوني‬
‫للصحفيين ‪.‬‬
‫• ضرورة ترميم قانون الصحافة ‪ ،‬بالعمل على تجاوز سلبيات قانون ‪ 77.00‬المعدل‬
‫لظهير ‪ 15‬نونبر ‪ 1958‬في شقه الخاص بالصحافة ‪ ،‬مع إعادة النظر في العنوان‬
‫المخصص للباب الرابع من القانون المذكور ‪ ،‬والذي جاء فيه « الجرائم أو الجنح‬
‫المرتكبة عن طريق الصحافة والنشر» ! وإعادة صياغته تحت عنوان « الجرائم‬
‫المرتكبة عن طريق الصحافة » أو أي عنوان يتالءم والصياغة الصحيحة والدقيقة‬
‫للمصطلحات القانونية ‪.‬‬
‫• إلزام الجهات المكلفة بالمتابعة بتحريك هذه األخيرة تحت طائلة العقاب كلما تبت أن‬
‫هناك خرقا لمقتضيات قانون الصحافة من قبل أي صحفي ما لم يكن ذلك متوقفا على‬
‫إذن أو شكاية أو تقديم طلب‪.‬‬
‫• منح الصحفيين حرية كافية إلبداء الرأي وفضح الممارسات السياسية البشعة وما‬
‫شابه ذلك ‪ ،‬وبالمقابل تشديد العقوبات على كل من تجاوز الحدود الفاصلة بينها وبين‬
‫النظام الع ام وحقوق األفراد وحرياتهم ‪ ،‬وأخل بأخالقيات المهنة ‪ ،‬وذلك خدمتا للرأي‬
‫العام وتنويرا للصحافة النزيهة ‪.‬‬

‫فحقيقة القول بأن الصحافة حرة ال يتعارض مع القول بأن الصحافة مسؤولة‪ ،‬فهذه‬
‫المسؤولية ال تتعلق بحرية الصحافة ‪ ،‬وإنما بالتجاوز في استعمال هذه الحرية ‪.‬ومن ثم فإن‬
‫التجاوز هو المساءلة وليست حرية الصحافة‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫‪105‬‬

‫وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أن الصحافة المغربية بدورها وخاصة في اآلونة األخيرة ‪،‬‬
‫أصبحت سلطة رابعة كما هو الشأن بالنسبة للدول الديمقراطية الغربية ‪ ،‬ومن تما فهي ال‬
‫تقل خطورة وأهمية عن السلطات الثالث األخرى إن لم نقل أكثر منها نظرا لتعلقها‬
‫وارتباطها اليومي بالرأي العام ولتواصلها الدائم مع المجتمع المدني والسياسي ‪ ،‬األمر الذي‬
‫يفرض عليها أكثر من أي وقت مضى أن تكون سلطة لتنوير األفراد وإتاحة الفرصة لهم‬
‫لالختيار الحر والعقالني وليست سلطة عليهم ترهبهم بالتضليل واالنحياز واالعتداء على‬
‫كرامتهم واعتبارهم‪.‬‬

‫وإذا كانت لكل سلطة رقابة ‪ ،‬حيث المحاكم اإلدارية وسيلة رقابة على أعمال السلطة‬
‫التنفيذية ‪ ،‬والمجلس الدستوري آلية لمراقبة أعمال سلطة التشريع والنظر في مدى دستورية‬
‫القوانين ‪ ،‬ولسلطة القضاء أيضا آليات رقابية لتفادي انحراف العدالة ‪ ،‬فإن ضآلة العمليات‬
‫الرقابية على الصحافة تجعل سلطة الضمير خير رقيب وخير حسيب‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫‪106‬‬

‫الئحة المراجع‬

‫المراجع اللغة العربية ‪:‬‬

‫الكتب العامة‬
‫ـ طارق سرور ‪ :‬دروس في الجرائم النشر ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪، 2000 ،‬‬
‫الطبعة الثالثة ‪،‬‬

‫ـ شريف سيد كامل ‪:‬جرائم الصحافة في القانون المصري ‪،‬‬

‫ـ للمزيد من التوضيح محمد ملياني‪ :‬دروس في قانون الجنائي العام ‪ ،‬دار النشر قصور‬
‫وجدة ‪ 1998‬الطبعة الثانية ‪،‬‬

‫ـ محمد حماد الهيتي ‪ :‬الخطأ المفترض في المسؤولية الجنائية دار لثقافة و النشر والتوزيع‬
‫عمان ‪ 2005‬الطبعة األولى‬

‫ـ عبدالسالم بنحدو ‪ :‬الوجيز في القانون الجنائي المغربي ‪ ،‬المطبعة والورقة الوطنية ‪،‬‬
‫مراكش ‪ 2000‬طبعة رابعة ‪.‬‬

‫ـ عبد الواحد العلمي ‪ :‬شرح القانون الجنائي المغربي القسم العام مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء ‪2002‬‬

‫ـ عبد العزيز مياج ‪ :‬الوضعية القانونية للصحفي المهني بالمغرب مطبعة النجاح الدار‬
‫البيضاء الطبعة األولى‬

‫ـ محمد االدريس العلمي المشيشي ‪ :‬القانون المبني للمجهول‬

‫ـ احمد الخمليشي شرح قانون المسطرة الجنائية‬

‫ـ عمر أبو الطيب الدعوى المدنية التابعة‬

‫ـ عبدالسالم بنحدو الوجيز في شرح المسطرة الجنائية المغربية‬

‫ـ ليلى عبد المجيد حرية الصحافة والتعبير في الدولة العربية في ضوء التشريعات‬
‫الصحفية الواقع وافاق المستقبل مطابع الراي التجارية عمان ‪2000‬‬
‫‪106‬‬
107

‫ـ عبد العزيز النوضي الصحافة امام القضاء دليل للصحافين والمحامين مطبعة النجاح‬
2008 ‫الجديدة الدار البيضاء‬

: ‫أطروحة‬

‫ـ بوييس علي أطروحة ( جرائم الصحافة بين القانون المغربي والعمل القضائي ) دار النشر‬
2011 ‫المعهد العالي للقضاء السنة‬

2014 ‫ـ مجلة رسالة الحقوق السنة السادسة العدد األول‬

: ‫المراجع باللغة األجنبية‬

Didier BOCCON GIBOD : <La responsabilité pénale des personnes


morales > Editions Alexandre Lacassagne.

-Charles PONGET : < Etude de droit suisse et


compare , R.I.D.C , 1980

Pierre LAZAREFF : Le secret professionnel du


journaliste devant la justice Rapport présenté au
colloque organisé par la section française de
commission
internationale des juristes en 1967, Libre justice
1967,

-STEPHANT (G) LEVASSEUR (G) ET BOULOC


(B) :<<Droit pénal général DALLOZ ,13 édition

-TEVFIK (H) :<<Le nouveau régime de la presse >


paris Sirey

-MILOUDI HAMDOUCH : < Le délit de presse en droit


marocain approche comparative> Publication de la
REMALD .2003. 1 édition

107
108

: ‫المواقع االلكترونية‬

https://maraje3.com/2009/10/%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85- 1
%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B3%D8%A9-
%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D8%AD%D8%A9-
%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9/

https://cte.univ-
setif2.dz/moodle/mod/book/view.php?id=9050&chapterid=2168

108
‫‪109‬‬

‫الفهرس‬
‫مقدمة ‪1 ..........................................................................................‬‬

‫التعريف بالموضوع ‪5........................................................................ .. :‬‬

‫منهجية بحث ‪6......... ................................ ......................................... :‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬مفهوم جرائم الصحافة وانواعها‪7..... .........................................‬‬

‫المبحث االول ‪ :‬مفهوم جرائم الصحافة وشروط و قوعها‪7......... ....... ..................‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬التعريف بجرائم الصحافة ‪8.............. ......... ...........................‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬تعريف جرائم الصحافة ‪8.... ..... .... ......... .............................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬طبيعة جرائم الصحافة ‪10......... ..............................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬وسائل ارتكاب جرائم الصحافة واثار الصحافة في التجريم ‪12.... .........‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬وسائل ارتكاب جرائم الصحافة ‪12..... .......................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اثار الصحافة في التجريم ‪12..... ......... ...................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬انواع جرائم الصحافة وجزاءاها‪14... ........................................‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬الجرائم الماسة بالمصلحة العامة ‪18.............................. ............‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التحريض عن ارتكاب الجرائم ‪19......................................... ....‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬الجرائم المرتكبة ضد الشؤون العامة ‪26........................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الجرائم الماسة بالمصلحة الخاصة ‪29............................. ............‬‬

‫الفقرة االولى‪ .‬اصناف الجرائم الماسة بالمصلحة الخاصة ‪30.................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬االشخاص المشمولين بالجرائم الماسة بالمصلحة الخاصة ‪43.................‬‬

‫‪109‬‬
‫‪110‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة ‪49.....................................‬‬

‫المبحث االول ‪ :‬اساس المسؤولية الجنائية في الجرائم الصحافة ‪50...........................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬القواعد العامة للمسؤولية الجنائية ‪52..........................................‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬الفكرة المسؤولية الجنائية ‪52...... .. .........................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مبررات الخروج عن القواعد العامة للمسؤولية الجنائية ‪60..................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬اال حكام الخاصة بالمسؤولية الجنائية عن جرائم الصحافة ‪67...............‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬اساس المسؤولية الجنائية لمدير النشر ‪68.....................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬صور المسؤولية المفترض ‪74....................................... ...........‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬نظام المسؤولية الجنائية في قانون الصحافة المغربي ‪79...................‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬المسؤولية في جرائم الصحافة ‪79............................................‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬المدعي عليه او المسؤول جنائيا ‪84............................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المسؤولية المدنية ‪86.......... ..... ...........................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬انتفاء المسؤولية الجنائية في جرائم الصحافة ‪92............................‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬حق النقد ‪92............................ .........................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬حق نشر االخبار و أخالقيات مهنة الصحافة ‪97................................‬‬

‫الخاتمة ‪100................................................. .................................. . :‬‬

‫الئحة المراجع………………………………………………………………………………… ‪106‬‬


‫انتهي البحث بتوفيق من هللا عز وجل‬

‫‪110‬‬
111

111

You might also like