You are on page 1of 8

‫رسالة‬

‫كاتب الموضوع‬
‫‪Admin‬‬ ‫‪ am‬موضوع‪ :‬القضاء اإلداري المغربي بعد إحداث المحاكم اإلدارية‪    ‬الثالثاء يناير ‪12:16 2013 ,29‬‬
‫‪Admin‬‬

‫‪: ‬إنجاز الطلبة‬
‫عدد‬
‫المساهمات‪135 :‬‬
‫تاريخ‬ ‫لطيفة تلموست ‪-‬‬
‫التسجيل‪ :‬‬ ‫معاد األهدل ‪-‬‬
‫‪11/10/2012‬‬ ‫حسين الجنيد ‪-‬‬
‫‪ ‬بشرى شعيبي ‪-‬‬
‫حفيظة بوطة ‪-‬‬
‫‪ ‬محمد أمسكور ‪-‬‬
‫أكرم البوطي ‪-‬‬

‫‪:‬مــقدمــــــــــــة‬
‫يتعلق موضوعنا بالقضاء اإلداري المغربي منذ إحداث المحاكم اإلدارية و ال تخفى أهمية الموضوع إذ‬
‫بتسليطنا الضوء على القضاء اإلداري المغربي نقف عند مستوى التطور الديمقراطي الذي وصل إليه‬
‫المغرب‪ ،‬فتطور القضاء اإلداري في أي دولة يدل على مستوى العدالة فيها‪ ،‬ألنه ينظم عالقة بين طرفين غير‬
‫متكافئين الدولة و األفراد خاصة مع تطور العالقة بينهما من العالقة السلطوية إلى عالقة تعايش و احترام‬
‫‪.‬لحقوق المواطن‬
‫ويمكن أن يعهد بالرقابة على أعمال اإلدارة للمحاكم العادية فتختص بالفصل في المنازعات اإلدارية و‬
‫المنازعات الخاصة على السواء‪ ،‬و هذا هو نظام القضاء الموحد الذي يجد تطبيقه الواسع في الدول‬
‫‪.‬األنجلوسكسونية و في مقدمتها إنجلترا و الواليات المتحدة األمريكية‬
‫و قد يعهد بالرقابة على أعمال اإلدارة إلى قضاء متخصص يفصل في المنازعات اإلدارية في حين يتم الفصل‬
‫‪.‬في الدعاوي بين األفراد عن طريق القضاء العادي‪ ،‬و هذا هو نظام القضاء المزدوج‪ ،‬وتعتبر فرنسا مهدا له‬
‫و قد ارتأينا تقييم كل نظام للوقوف على مزاياه و عيوبه‪ ،‬فبالنسبة لمزايا نظام القضاء الموحد فتتجلى في أنه‬
‫يحقق سيادة مبدأ المشروعية نظرا لوجود جهة قضائية واحدة في الدولة‪ ،‬وتطبيق قانون واحد على الكافة‬
‫حكاما و محكومين‪ ،‬كما أنه غير معقد و يخلو من المشاكل التي قد تنشأ عن تنازع االختصاص في حالة تعدد‬
‫‪.‬الجهات اإلدارية‬
‫أما بالنسبة لعيوبه فتتجلى في تجاهل طبيعة المنازعات اإلدارية بإخضاع اإلدارة لنفس القواعد القانونية التي‬
‫تنضم العالقات الفردية مما يتعارض مع حقيقة وضع اإلدارة و دورها في تحقيق الصالح العام‪ ،‬كما أن شدة‬
‫‪.‬تدخل القضاء في أعمال اإلدارة يتعارض مع مبدأ فصل السلط‬
‫و من هنا يتضح لنا أن عيوب النظام القضائي األنجلوسكسوني تطغى على مزاياه و تتضح عدم سالمته و‬
‫‪.‬عجزه عن حماية الحرية الفردية و تحقيق المصلحة العامة‬
‫أما بالنسبة لنظام القضاء المزدوج فيرى البعض أنه ال يخلو من عيوب حيث اعتبروا أن تطبيق قانون مغاير‬
‫في حالة وجود اإلدارة فيه محاباة لها‪ ،‬و اعتداء على مبدأ المساواة و يمكن الرد على هذا القول باعتبار أن‬
‫‪.‬طبيعة العالقات اإلدارية تتطلب قواعد متميزة و قضاء متخصص و مستقل‬
‫لكن أبرز عيب في هذا النظام هو تعقيد النظام القضائي بسبب تنازع االختصاص أو تعارض األحكام بين‬
‫‪.‬جهتي القضاء‪ ،‬ويمكن تجاوزه بإنشاء محكمة تنازع االختصاص‬
‫و من مزايا هذا النظام أنه يعمل على التوفيق بين المصلحة العامة و مصالح األفراد‪ ،‬و يعمل على تطوير‬
‫‪.‬القواعد القانونية التي تحكم عالقة اإلدارة باألفراد‬
‫و نظرا للمزايا التي يحققها نظام ازدواجية القضاء‪ ،‬فقد اتجهت العديد من الدول إلى محاكاة فرنسا بإتباع هذا‬
‫النظام‪ ،‬بل إن عددا من الفقهاء األنجلوسكسونيين أصبحوا ينادون بإنشاء قضاء إداري إلى جانب القضاء‬
‫‪.‬العادي‬
‫والمغرب بدوره سار في اتجاه تبني نظام ازدواجية القضاء‪ ،‬وقد ظهرت بوادر القضاء اإلداري بإحداث الغرفة‬
‫اإلدارية بالمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) و اإلصالحات التي تلتها لكن المرحلة التي تؤرخ لظهور‬
‫قضاء إداري هي مرحلة إحداث المحاكم اإلدارية‪ ،‬فما هي العوامل التي أدت إلى انتقال المغرب من نظام‬
‫القضاء الموحد نحو نظام القضاء المزدوج؟ وأين تتجلى مكامن القوة و مكامن الخلل في القضاء اإلداري‬
‫المغربي؟ و إلى أي حد يمكن القول أن المغرب يأخذ بنظام ازدواجية القضاء؟‬
‫لمحاولة اإلجابة على هذه اإلشكالية‪ ،‬اقتضت منا طبيعة البحث االعتماد على قواعد المنهج التحليلي المتبعة‬
‫عادة في العلوم القانونية‪ ،‬من خالل المزج بين مقاربات القانون المتعلق بالمحاكم اإلدارية و مدى تطابقه مع‬
‫طبيعة نظام القضاء المزدوج‪ ،‬و من أجل تعزيز تحليلنا فقد عملنا على إدخال معطيات تاريخية من خالل شرح‬
‫التطورات التي عرفها القضاء اإلداري المغربي مند إحداث المحاكم اإلدارية‪ ،‬و قد قسمنا موضوعنا وفق‬
‫‪:‬التصميم التالي‬
‫المبحث األول‪ :‬القضاء المغربي نحو االزدواجية ‪v‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مرحلة إحداث المحاكم اإلدارية ·‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مرحلة إحداث محاكم االستئناف اإلدارية ·‬
‫المبحث الثاني‪ :‬القضاء اإلداري الحالي مكامن القوة ومكامن الخلل ‪v‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التنظيم و ضمانات االستقاللية ·‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االختصاص والمسطرة ·‬

‫‪ ‬المبحث األول‪ :‬القضاء المغربي نحو االزدواجية ‪v‬‬


‫إن انتقال المغرب من مرحلة القضاء الموحد نحو مرحلة القضاء المزدوج جاء نتيجة عوامل داخلية و‬
‫خارجية‪ ،‬تتجلى في التحوالت السياسية االقتصادية و االجتماعية التي عرفها المغرب في تلك الفترة‪ ،‬و كذلك‬
‫‪.‬الظروف الدولية التي عرفها العالم خاصة مع بداية التسعينات‬
‫فبانهيار التجارب االشتراكية‪ ،‬و تقوية جاذبية األنظمة الليبرالية‪ ،‬والديمقراطية الغربية أصبح هاجس‬
‫‪.‬الديمقراطية و احترام حقوق اإلنسان من االنشغاالت األساسية للمنظمات الدولية‬
‫و المغرب جزء ال يتجزأ من المنظومة الدولية‪ ،‬فهو عضو في أغلب المنظمات الدولية و صادق على مجموعة‬
‫من اإلصالحات التي تهدف إلى دمقرطة المؤسسات واحترام حقوق اإلنسان‪ ،‬و من هنا يمكن اعتبار إحداث‬
‫‪.‬المحاكم اإلدارية بمثابة استجابة لهذه الحملة الدولية المطالبة بالديمقراطية و احترام حقوق اإلنسان‬
‫كما أن إرادة المغرب في تحقيق شراكة اقتصادية مع المجموعة االقتصادية األوروبية‪ ،‬ال تقتصر على مجرد‬
‫القيام بإصالحات اقتصادية و مالية‪ ،‬و إعادة النظر في القوانين‪ ،‬بل ال بد من القيام موازاة مع دلك بمجموعة‬
‫‪.‬من اإلصالحات التي تمس الجهاز القضائي‬
‫و على الصعيد الداخلي بدأت بوادر االنفراج السياسي و اإلرادة في بناء دولة الحق و القانون و تكريس‬
‫الديمقراطية تظهر من خالل إنشاء المجلس االستشاري لحقوق اإلنسان واإلعداد لدستور ‪ ،1992‬كما بدأ‬
‫بتجدر الوعي السياسي لدى المواطن المغربي‪ ،‬حيث ارتفعت األصوات المطالبة بالحد من تعسفات السلطات‬
‫اإلدارية بتوسيع مجال مراقبتها‪ ،‬و تكريس مبدأ فصل السلط‪ ،‬و ال يخفى أن تغير المؤسسات رهين بتغير‬
‫‪.‬العقليات‬
‫كما أن اإلختالالت التي سادت النظام القضائي الذي كان سائدا آن ذاك من ازدواجية القانون ووحدة القضاء‪،‬‬
‫أسفرت عن عدة صعوبات حيت أن القاضي ال يعرف أحيانا هل هو بصدد منازعة إدارية حيث يطبق عليها‬
‫القانون اإلداري أم منازعة مدنية و بالتالي يطبق عليها قواعد القانون الخاص‪ ،‬لعدم تخصص قضاة هذه‬
‫‪. ‬المحاكم في المجال اإلداري‬
‫مما جعله غير قادر على مواكبة التحوالت التي عرفها المغرب‪ ،‬وطرح ضرورة إنشاء محاكم إدارية‬
‫‪.‬متخصصة و قضاة متخصصين للرفع من مستوى األحكام‪ ،‬و لتكريس الرقابة القضائية على أعمال اإلدارة‬

‫‪ ‬المطلب األول‪ :‬مرحلة إحداث المحاكم اإلدارية ·‬


‫شكل صدور قانون ‪ 41-90‬القاضي بإنشاء المحاكم اإلداري نقلة نوعية في تاريخ القضاء المغربي ألنه يعتبر‬
‫‪.‬بداية انتقال المغرب من نظام القضاء الموحد نحو نظام القضاء المزدوج‬
‫و قد نص في مادته األولى على إحداث المحاكم اإلدارية‪ ،‬ليصدر فيما بعد مرسوم سنة ‪ 1993‬الذي حدد عددها‬
‫‪.‬بسبعة محاكم تنتشر على مستوى الجهات االقتصادية السبع آن داك‬
‫و بعد إحداث المحاكم اإلدارية أصبحت هي المختصة بالمنازعات اإلدارية‪ ،‬و بقيت المحاكم العادية مختصة‬
‫بالمنازعات الخاصة‪ ،‬و قد اتبع المشرع طريقة النص على سبيل الحصر لتحديد اختصاصات القضاء‬
‫‪.‬اإلداري‬
‫لكن في الممارسة العملية يصعب تحديد مجال اختصاص كل جهة و تعيين المحكمة التي يمكن التقاضي‬
‫‪.‬أمامها‬
‫حيث تم نقل االختصاصات التي كانت موكولة إلى المحاكم االبتدائية تم محاكم االستئناف في مجال القضاء‬
‫الشامل إلى المحاكم اإلدارية‪ ،‬ولكن رغم ذلك بقيت المنازعات اإلدارية ذات الطابع العادي من اختصاص‬
‫‪.‬المحاكم العادية‬
‫كما أن االختصاصات التي كانت موكولة للمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) في مجال دعوى اإللغاء تم‬
‫‪.‬نقلها هي األخرى إلى المحاكم اإلدارية مع االحتفاظ له ببعض االختصاصات كاستثناء‬
‫و نالحظ في هذه المرحلة من تطور القضاء اإلداري المغربي أن المتقاضين كان لهم الحق فقط في درجتين‬
‫للتقاضي‪ ،‬وهي المحكمة اإلدارية كدرجة أولى والغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) الذي‬
‫‪.‬كان آن داك يعتبر درجة استئناف بالنسبة للمنازعات اإلدارية ‪ ،‬دون إمكانية الطعن بالنقض‬
‫وقد أحدث المشرع في هده المرحلة بمقتضى قانون المحاكم اإلدارية جهة لم تكن معروفة في النظام القضائي‬
‫المغربي سابقا‪ ،‬و هي المفوض الملكي على غرار األنظمة التي تأخذ بازدواجية القضاء و على رأسها النظام‬
‫‪.‬الفرنسي‬
‫واعتبر البعض أن المغرب بإحداثه لهده الجهة يكون قد انتهج نظام ازدواجية القضاء‪ ،‬لكن وإن كان قد نهج‬
‫‪.‬نظام ازدواجية القضاء على صعيد الدرجة األولى فإنه احتفظ على وحدة القضاء على صعيد الدرجة الثانية‬
‫و لتجاوز النقص الذي كان يعاني منه القضاء اإلداري المغربي في هذه المرحلة تم إحداث محاكم االستئناف‬
‫‪.‬اإلدارية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مرحلة إحداث محاكم االستئناف اإلدارية ·‬


‫يعد إحداث محاكم االستئناف اإلدارية حدثا بارزا على المستوى المؤسساتي وذلك بمقتضى الظهير الشريف‬
‫رقم ‪ 07-06-1‬المؤرخ في ‪14‬فبراير ‪ 2006‬بتنفيذ القانون رقم ‪03-80‬الذي يحتوي على سبعة أبواب تتضمن‬
‫‪ 21.‬مادة‪ ،‬وذلك بعد إنشاء المحاكم اإلدارية بفارق زمني يقدر بـ‪ 13‬سنة‬
‫وقد جاء هذا القانون نتيجة ارتفاع عدد القضايا المستأنفة أمام المجلس األعلى من مجموع األحكام الصادرة عن‬
‫المحاكم اإلدارية وباختالل البت فيها مما أدى إلى تراكم الملفات المستأنفة المعروضة على الغرفة اإلدارية‬
‫بالمجلس األعلى وبالتالي فهذا يتنافى مع مبدأ سرعة البت المنشودة خاصة إذا علمنا أن المنازعة اإلدارية تقوم‬
‫غالبا بين طرفين غير متكافئين‪ .‬طرف قوي هو اإلدارة التي تسعى إلى حماية الحقوق والدفاع عنها‪ ،‬وطرف‬
‫‪.‬ضعيف وهو الفرد الذي يسعى إلى حماية حقوقه والدفاع عنها‬
‫وكذلك من مبررات إحداث محاكم االستئناف اإلدارية توفير درجة ثانية من التقاضي عوض الغرفة اإلدارية‬
‫بالمجلس األعلى أي محكمة النقض حاليا‪ .‬والتي كانت تفوت على المتقاضين إمكانية الطعن بالنقض وهي‬
‫اإلمكانية التي سيوفرها قانون محاكم االستئناف اإلدارية‪ ،‬فضال عن ذلك فإن إحداث هذه المحاكم سيمكن من‬
‫تقريب القضاء من المتقاضين والتعجيل بالبت في المنازعات اإلدارية وإن كان هذا القانون يعيد للمجلس‬
‫األعلى وظيفته األصلية كمحكمة نقض بالنسبة للقرارات الصادرة عن محاكم االستئناف اإلدارية طبقا للفصل‬
‫‪ 16.‬من القانون رقم ‪03-80‬‬
‫فإنشاء محاكم االستئناف اإلدارية جاء من أجل تدعيم دولة الحق والقانون وتكريس مبدأ المشروعية وليشكل‬
‫ضمانة إضافية لحقوق المواطنين ضد تجاوز وتعسف اإلدارة مما يؤكد العزم على إقامة قضاء إداري مستقل‬
‫‪.‬ومتكامل على درجتين‬
‫إال أنه ال يمكن الحديث عن قضاء مزدوج حقيقي في غياب هيئة إدارية عليا مستقلة عن القضاء العادي وهذا‬
‫يشكل نقصا في القضاء اإلداري المغربي‪ ،‬وهذا ما يحيلنا على أن هذه المرحلة ستكون هي األخرى ظرفية في‬
‫انتظار إحداث مجلس الدولة كجهة قضاء إداري عليا وهذا ما نستشفه من خالل الخطاب الملكي بتاريخ ‪- 15‬‬
‫‪ 1999- 12‬الذي جاء فيه " قررنا إحداث محاكم استئناف إدارية في أفق إنشاء مجلس دولة يتوج الهرم‬
‫‪".‬القضائي لبالدنا‬
‫كما أن عدد محاكم االستئناف اإلدارية المحدد في محكمتين فقط غير كاف‪ ،‬وهذا يتنافى مع المبدأ الدستوري‬
‫‪.‬المتمثل في تقريب القضاء من المتقاضين‬
‫‪ ‬هذا بالنسبة للتطورات التي عرفها القضاء اإلداري المغربي‪ ،‬فماذا عن تنظيمه الحالي؟‬

‫المبحث الثاني‪ :‬القضاء اإلداري الحالي مكامن القوة ومكامن الخلل ‪v‬‬
‫إن المغرب بإنشائه للمحاكم اإلدارية‪ ،‬ومحاكم االستئناف اإلدارية يكون قد خطى خطوات إيجابية في إطار‬
‫تبنيه الزدواجية القضاء وتقوية المؤسسة القضائية وتحقيق استقاللها‪ ،‬إال أن هذه الخطوات لم تكن كافيه‬
‫الحتواء كافة السلبيات في القضاء اإلداري المغربي‪ ،‬حيث ال زلنا نالحظ مجموعة من االختالالت سواء على‬
‫‪.‬الصعيد الهيكلي أو االختصاصات وكذا على مستوى استقاللية القضاء اإلداري‬

‫المطلب األول‪ :‬التنظيم وضمانات االستقاللية ·‬


‫‪:‬تتألف المحاكم اإلدارية حسب المادة الثانية من قانون رقم ‪ 90-41‬من‬
‫رئيس وعدة قضاة وكتابة الضبط‪ ،‬ويجوز تقسيم المحكمة اإلدارية إلى عدة أقسام بحسب أنواع القضايا‬
‫المعروضة عليها ويعين رئيس المحكمة اإلدارية من بين قضاة المحكمة مفوضا ملكيا أو مفوضين ملكيين‬
‫‪.‬للدفاع عن القانون والحق باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين‬
‫فمن خالل هيكلة المحكمة اإلدارية المبين في نص المادة أعاله نالحظ أن القانون لم يحدد عدد معين من القضاة‬
‫‪ .‬بل جعله رهين بتقسيم المحكمة حسب القضايا المعروضة عليها‬
‫كما انه من خالل الواقع العملي للمحاكم اإلدارية يتبين أن بعضها ال تتوفر إال على هيئة حكم واحدة فقط مما قد‬
‫يؤثر على جودة العمل القضائي لضعف الموارد البشرية وكثرة القضايا ( كمحكمة مكناس ووجدة ) ونالحظ‬
‫كذلك أن تشكيلة المحاكم اإلدارية تختلف عن المحاكم العادية ومن بين تلك االختالفات عدم وجود نيابة عامة‬
‫بمعناها الدقيق كما أن المفوض الملكي ليس إال قاضيا من بين قضاة المحاكم اإلدارية وما قيامه بدور الدفاع‬
‫عن القانون والحق سوى مهمة مؤقتة إذ يعين من طرف رئيس المحكمة لمدة سنتين ‪ .‬وبالتالي عنصر الديمومة‬
‫‪ .‬غير حاضر على اعتبار أنها ضرورية في خلق تراكم كبير على مستوى الخبرة‬
‫وال ننسى أهمية كتابة الضبط التي تشكل الجهاز العصبي ألي محكمة وأن أي خلل على مستواها سيؤدي إلى‬
‫السكتة القضائية‪ ،‬كما يتضح أنها ال زالت تعتمد على الوسائل التقليدية في عملها حيث لم يتم تعميم الطرق‬
‫‪. ‬الحديثة على المحاكم وهذا يتنافى مع حق المتقاضين في الوصول إلى المعلومة‬

‫أما فيما يخص تشكيلة محاكم االستئناف اإلدارية فإنها تتألف حسب نص المادة الثانية من القانون رقم‪. 80.03‬‬
‫‪2006:‬‬
‫من رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين وكتابة ضبط‪ ،‬ويجوز تقسيم محكمة االستئناف اإلدارية إلى عدة‬
‫غرف حسب أنواع القضايا المعروضة عليها ويعين الرئيس األول من بين المستشارين مفوضا ملكيا أو أكثر‬
‫‪.‬للدفاع عن القانون والحق باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين قابلة للتجديد‬
‫وبالرجوع إلى القانون المنظم لهذه المحاكم نستشف أنها ال تختلف الشيء الكثير عن محاكم أول درجة إدارية‪،‬‬
‫ومن ضمن هذه االختالفات الطفيفة المدة المحددة للمفوض الملكي فهي في المحاكم اإلدارية سنتين دون النص‬
‫‪.‬على إمكانية تجديدها‪ ،‬أما محاكم االستئناف اإلدارية فالمدة محددة في سنتين قابلة للتجديد‬
‫أما محكمة النقض فهي بموجب القانون تتكون من ست غرف من ضمنها الغرفة اإلدارية‪ ،‬وهي مناط الدراسة‬
‫بعرضنا هذا حيث تتألف هذه الغرفة من رئيس وعدد من المستشارين والتي تصدر قراراتها من طرف خمسة‬
‫مستشارين من بينهم رئيس غرفة‪ ،‬استنادا إلى قرار إنشاء محكمة النقض بموجب الظهير الشريف رقم‬
‫‪1.57.223‬الصادر في ‪ 27‬سبتمبر ‪ 1957‬المعدل بالظهير الشريف رقم ‪ 1.11.170‬الصادر في ‪25‬اكتوبر‬
‫‪2011.‬‬
‫و من السلبيات التي نالحظها أن الغرفة اإلدارية بمحكمة النقض ليست هي وحدها المختصة بالنظر في كل‬
‫‪.‬القضايا اإلدارية وهذا يتنافى مع مبدأ استقاللية القضاء اإلداري‬
‫وال يجب النظر فقط إلى تأليف المحاكم اإلدارية بل يجب التطرق كذلك للضمانات المقدمة للقاضي للقيام بعمله‬
‫في أحسن الظروف‪ ،‬وللحديث عن االستقاللية البد من التحدث عن استقالل السلطة القضائية عن السلطة‬
‫‪.‬التنفيذية والسلطة التشريعية قبل التطرق لضمانات استقاللية القاضي اإلداري‬
‫فقد نص الدستور الجديد في الفصل ‪ 107‬منه على إن السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التنفيذية‬
‫والتشريعية حيث ارتقى الدستور بالمجلس األعلى إلى سلطة قضائية مستقلة برئاسة الملك والرئيس األول‬
‫بمحكمة النقض رئيسا منتدبا حسب الفصل ‪ 115‬من الدستور عكس ما كان عليه سابقا حيث أن المجلس األعلى‬
‫كان تحت رئاسة وزير العدل‪ .‬وهذا يشكل ضمانا أساسيا الستقالل القضاء حيث أن المجلس األعلى للسلطة‬
‫القضائية يسهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة والسيما فيما يخص استقاللهم وتعيينهم وترقيتهم‬
‫‪.‬وتقاعدهم وتأديبهم ومن الضمانات الدستورية الستقالل القاضي هي عدم قابلية القاضي للعزل أو النقل‬
‫وقد نصت المادة األولى من قانون إحداث المحاكم اإلدارية على أن تسري على قضاة المحاكم اإلدارية أحكام‬
‫الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم ‪ 1_ 147‬ــ ‪ 74‬الصادر في ‪ 11‬نوفمبر ‪ 1974‬بتحديد النظام‬
‫األساسي للقضاة مع مراعاة األحكام الخاصة الواردة فيه باعتبار خصوصية المهام المنوطة بقضاة المحاكم‬
‫اإلدارية "وبعد إنشاء المحاكم اإلدارية صدر قانون تحت رقم ‪ 43‬ــ ‪ 90‬المتعلق بالنظام األساسي للقضاة‬
‫والغرض من هذه التعديالت والتغيرات مراعاة خصوصيات قضاة المحاكم اإلدارية وما تتطلبه مهامهم‬
‫‪ . ‬ووظائفهم من تميز عن باقي قضاة المحاكم العادية‬
‫وعلى الرغم من تطبيق مقتضيات القانون األساسي للقضاة على قضاة المحاكم اإلدارية فهناك اتجاه نحو‬
‫معاملة هؤالء معاملة تتفق واختصاصاتهم سواء من حيث التكوين الذي يجب أن يكون متالئما مع القضايا‬
‫اإلدارية وكذلك إعطاؤهم ضمانات أكثر حرصا على استقالليتهم وذلك للدور الفعال الذي يقوم به القاضي‬
‫اإلداري‪ ،‬فانه يجب توفير الضمانات التي تكفل حسن سير مرافق القضاء عموما والقضاء اإلداري خاصة‪،‬‬
‫سواء أكانت هذه الضمانات مادية أم معنوية أم علمية أم ثقافية‪ ،‬حيث تبقى الوضعية المادية و االجتماعية‬
‫‪.‬أساس استقالل القضاة‪ ،‬فالقاضي يجب أن يتمتع باالستقرار االجتماعي ألداء وظيفته في أحسن الظروف‬
‫حيث يجب أن يتولى مهمة القاضي اإلداري كل من تتوفر له هذه الظروف وذلك حتى يمكنه أن يبدع ويقضي‬
‫ويبتكر الحلول لجميع المنازعات التي من الصعب على المشرع اإلحاطة بها ‪ .‬ولعل هذا هو الدور المهم الذي‬
‫يقوم به القاضي اإلداري إلى جانب فصله في القضايا اإلدارية فهو يقوم بتطوير القانون اإلداري ويرتقي‬
‫بالقضاء اإلداري إلى أعلى المراتب‪ ،‬ولن يتأتى ذلك ــ إضافة إلى ما سبق ــ إال بتبلور نظام خاص بقضاة‬
‫‪.‬المحاكم اإلدارية والقضاء اإلداري بصفة عامة‬
‫و ال يجب االقتصار فقط على ضمان استقاللية القضاة بل إن المفوض الملكي يعتبر هو اآلخر ذو أهمية كبرى‬
‫في القضاء اإلداري‪ ،‬لدى يجب إعطاءه صالحيات و ضمانات أكثر لالستقاللية‪ ،‬فال يمكن لهده الهيئة أن تساهم‬
‫‪.‬في ضمان حقوق األفراد و إرساء مبادئ القانون اإلداري بدون استقاللية‬

‫المطلب الثاني‪:‬االختصاص والمسطرة ·‬


‫لقد وزع المشرع المغربي االختصاصات في المنازعات اإلدارية بين كل من المحاكم اإلدارية ومن بينها‬
‫‪. ‬محكمة الرباط اإلدارية التي لها وضعية خاصة‪ ،‬ومحاكم االستئناف اإلدارية ومحكمة النقض‬
‫فبالنسبة الختصاصات الدرجة األولى في المنازعات اإلدارية فإن المحاكم اإلدارية هي صاحبة االختصاص‬
‫‪:‬الشامل حيث تختص حسب المادة الثامنة من القانون رقم ‪ 90.41‬بالنظر في‬
‫ــ النزاعات المتعلقة بإلغاء القرارات اإلدارية بسبب تجاوز السلطة باستثناء تلك‪  ‬التي تصدر عن رئيس‬
‫‪ ‬الحكومة في شكل مرسوم؛‬
‫ــ النزاعات المتعلقة بالتعويض عن األضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام باستثناء‬
‫‪ ‬األضرار التي تسببها في الطريق العام مركبات أيا كان نوعها يملكها شخص من أشخاص القانون العام؛‬
‫ــ النزاعات المتعلقة بالعقود اإلدارية؛‬
‫ــ النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمعاشات ومنح الوفاة المستحقة‬
‫للعاملين في مرافق الدولة والجماعات المحلية‪  ‬والمؤسسات العمومية‪  ‬وموظفي إدارة مجلس النواب ومجلس‬
‫‪ ‬المستشارين؛‬
‫‪ ‬ــ النزاعات الناشئة‪  ‬عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة باالنتخابات؛‬
‫ــ النزاعات الناشئة‪  ‬عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالضرائب؛‬
‫ــ النزاعات الناشئة عن تطبيق‪  ‬النصوص التشريعية والتنظيمية‪  ‬المتعلقة بتحصيل الديون‪  ‬المستحقة للخزينة‬
‫العامة؛‬
‫ــ النزاعات الناشئة عن تطبيق قانون نزع الملكية واالحتالل المؤقت؛‬
‫ــ فحص شرعية القرارات اإلدارية؛‬
‫ــ النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين‪  ‬والعاملين‪  ‬في مرافق الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات‬
‫‪.‬العمومية ومجلسي النواب والمستشارين‬

‫أما بالنسبة لمحكمة الرباط اإلدارية فلها وضعية خاصة حيث تختص إضافة إلى ما تم ذكره‪ ،‬بالبت حسب‬
‫‪:‬المادة ‪11‬من القانون رقم ‪ 90.41‬في‬
‫ــ النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية لألشخاص‪  ‬المعينين بظهير‪  ‬شريف أو مرسوم؛‬
‫ــ النزاعات الراجعة إلى اختصاص المحاكم اإلدارية التي تنشأ خارج‪  ‬دوائر اختصاصها‪ ( .‬أي في المصالح‬
‫‪.‬اإلدارية المغربية الموجودة خارج التراب الوطني )‬
‫وقد احتفظ المشرع لمحكمة النقض ببعض االختصاصات في مجال دعوى اإللغاء للبت فيها ابتدائيا وانتهائيا‬
‫‪:‬كاستثناء حسب المادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ 41.90‬وهي‬
‫‪ : ‬طلبات اإللغاء لتجاوز السلطة فيما يخص‬
‫ــ المقررات التنظيمية والفردية الصادرة عن رئيس الحكومة ؛‬
‫‪.‬ــ مقررات السلطات اإلدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة االختصاص المحلي للمحاكم اإلدارية‬
‫أما فيما يخص االختصاص في الدعوى االستعجالية اإلدارية‪ ،‬فيمارس اختصاص قاضي المستعجالت رئيس‬
‫المحكمة اإلدارية أو من ينيبه عنه للقيام بهذه المهمة‪ ،‬و يختص بالبت في الطلبات الوقتية أو التحفظية حسب‬
‫المادة ‪ 19‬من قانون المحاكم اإلدارية‪ ،‬و يكون اختصاصه في هذا المجال إما عاما تحكمه قواعد المسطرة‬
‫المدنية وإما أن يكون اختصاصه محددا بقانون‪ ،‬كما هو الشأن في طلبات اإلذن بالحيازة في مسطرة نزع‬
‫‪ .‬الملكية من أجل المنفعة العامة حسب المادة ‪ 38‬من قانون المحاكم اإلدارية‬
‫و يمكن القول أن أهم مجاالت القضاء اإلستعجالي و األوامر القضائية المعروفة في القانون الخاص‪ ،‬غير‬
‫ممكنة في القضاء اإلداري ألن أحد طرفي النزاع هو سلطة عامة‪ ،‬وال يمكن مقارنتها بالخصم العادي و ال‬
‫يمكن تطبيق المساطر العادية بشأنه‪ ،‬فمثال يصعب أمر الحراسة القضائية ألن األموال العمومية ال يمكن أن‬
‫‪.‬تكون محال لهذا اإلجراء‬
‫ويالحظ على االختصاص النوعي للمحاكم اإلدارية أنه جاء عاما وشامال وأكثر وضوحا وإن كانت طريقة‬
‫تحديد اختصاصات القضاء اإلداري على سبيل الحصر غير مجدية وتؤدي إلى نتائج غير سليمة نظرا لما‬
‫تؤدي إليه من تجميد القانون اإلداري‪ ،‬وعدم قدرة القاضي اإلداري على االستجابة لمتطلبات التغيير والتطور‬
‫‪.‬الذي تعرفه المنازعات ذات الطبيعة اإلدارية‬
‫كما نالحظ كذلك أنه رغم شمولية اختصاصات المحاكم اإلدارية فقد ورد عليها استثناءات بمقتضى المادة‬
‫‪.‬التاسعة والحادية عشر من قانون إنشاء المحاكم اإلدارية لصالح محكمة النقض ومحكمة الرباط اإلدارية‬
‫أما بالنسبة لمحاكم االستئناف اإلدارية فهي محاكم الدرجة الثانية‪ ،‬و لها اختصاص عام‪ ،‬شامل للنظر في‬
‫الطعون باالستئناف ضد أحكام المحاكم اإلدارية الصادرة عن قضاء الموضوع وضد أوامر رؤسائها سواء‬
‫الصادرة عنهم في إطار المساطر االستعجالية أو أوامر ذات الصلة بالطلبات التحفظية والوقتية والقرارات‬
‫الصادرة بخصوص رفض منح المساعدة القضائية‪،‬ماعدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة‪ ،‬وفقا‬
‫‪ .‬لمقتضيات المادة الخامسة من القانون رقم ‪80.03‬‬
‫حيث يستثنى من اختصاصها المنازعات االنتخابية وتقدير شرعية القرارات اإلدارية التي يبت فيها بحكم‬
‫‪.‬نهائي وتستأنف مباشرة أمام محكمة النقض‬
‫في حين تعتبر محكمة النقض الدرجة الثالثة في المنازعات اإلدارية‪ ،‬أي أنها تختص بطلبات الطعن بالنقض‪،‬‬
‫‪: ‬بمقتضى الفصل ‪ 353‬من قانون المسطرة المدنية الذي يعطيها صالحية النظر في‬
‫‪ .‬الطعن بالنقض ضد األحكام اإلنتهائية التي تصدرها جميع محاكم المملكة‬
‫وما يبرر ذلك أيضا هو نص المادة ‪ 16‬من القانون المحدث لمحاكم االستئناف اإلدارية الذي ينص‪ " :‬تكون‬
‫القرارات الصادرة عن محاكم االستئناف اإلدارية قابلة للطعن بالنقض أمام محكمة النقض‪ ،‬ماعدا القرارات‬
‫‪". ‬الصادرة في تقدير شرعية القرارات‬
‫كما تبقى محكمة النقض‪ ‬أمام عدم إحداث محكمة التنازع‪  ‬مختصة بالبت في تنازع االختصاص السلبي و‬
‫‪. ‬اإليجابي‬
‫ومن هنا نالحظ أن محكمة النقض كدرجة ثالثة‪ ،‬جهازا قضائيا مشتركا بين القضاء العادي والقضاء اإلداري‬
‫وهذا يعيق االزدواجية‪ ،‬ولذلك من الضروري إنشاء مجلس الدولة‪،‬ألن إحداث هذا األخير بات مسألة ضرورية‬
‫ومؤكدة لما لها من أهمية في الطعون اإلدارية لضمان استقالليته عن الجهات القضائية األخرى وإلتمام‬
‫درجات التقاضي اإلدارية‪ ،‬حتى يتسنى وضع هيكلة قضائية متينة في الميدان اإلداري تحقيقا لالزدواجية‬
‫‪. ‬المنشودة قضائيا وقانونا‬
‫وإذا تم إنشاء مجلس الدولة‪ ،‬ستصبح محكمة النقض من إحدى جهات القضاء العادي‪ ،‬وبالتالي ستطرح إشكالية‬
‫‪.‬الجهة المختصة في البت في تنازع االختصاص‬
‫وألجل الموضوعية والحياد والتخصص المطلوب في األجهزة القضائية تحقيقا للعدالة المنشودة‪ ،‬تقتضي‬
‫‪.‬الضرورة العمل على إنشاء محكمة التنازع للنظر في طبيعة النزاعات وتحديد الجهة القضائية المختصة‬
‫فإذا كان االختصاص النوعي من النظام العام‪ ،‬وحيث خول المشرع لألطراف وللقاضي حق إثارته في جميع‬
‫‪.‬مراحل الدعوى‪ ،‬فإن االختصاص المحلي على العكس من ذلك أي أنه ال يتعلق بالنظام العام‬
‫وتطبق أمام المحاكم اإلدارية قواعد االختصاص المحلي المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية في‬
‫‪.‬الفصول ‪ 27،28،29،30‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪90. 41‬‬
‫لكن هذه المادة استثنت من ذلك رفع طلب اإللغاء بسبب تجاوز السلطة إلى المحكمة اإلدارية التي يوجد موطن‬
‫‪.‬طالب اإللغاء داخل دائرة اختصاصها أو التي صدر القرار بدائرة اختصاصها‬
‫هذا بالنسبة لالختصاصات‪ ،‬لكن ال يكفي إنشاء محاكم وتنصيب قضاة مختصين وإنما ال بد من تبيان طرق‬
‫الوصول إليها‪ .‬وذلك ما يسمى بالمسطرة أو اإلجراءات الشكلية الواجب إتباعها والخطوات الالزمة احترامها‬
‫خالل مسار الدعوى‪ ،‬وإن المشرع المغربي في قانون إحداث المحاكم اإلدارية وطبقا للمادة الثالثة من هذا‬
‫‪.‬القانون قد أخضع المحاكم اإلدارية لنفس قواعد المسطرة المدنية ما لم ينص على خالفه‬
‫‪:‬ومن خصائص المسطرة أمام المحاكم اإلدارية نجد‬
‫ــ مسطرة كتابية حيث يشترط في مقال الدعوى أن يكون موقعا من طرف‪ ‬محام‪ ‬مسجل‪  ‬في جدول هيئة من‬
‫هيئات المحامين بالمغرب لتمثيل األطراف باستثناء الدولة والمؤسسات العمومية سواء مدعية أو مدعى عليها؛‬
‫ــ مسطرة تحقيقيه حيث تنص المادة الرابعة من قانون المحاكم اإلدارية على أنه" بعد تسجيل مقال الدعوى‬
‫يحيل رئيس المحكمة اإلدارية الملف حاال إلى قاض مقرر يقوم بتعيينه والى المفوض الملكي للدفاع عن الحق‬
‫والقانون"؛‬
‫ــ مسطرة حضورية حيث تعتبر هذه الخاصية من أهم سمات مسطرة التقاضي ألنها مرتبطة بأهم حق يملكه‬
‫‪.‬المدعى عليه أال وهو حق الدفاع‪ ،‬فال يتصور حكم دون تمكين الشخص من إبداء دفوعاته‬
‫أما بالنسبة لجلسات المحاكم اإلدارية فتخضع لنظام القضاء الجماعي‪،‬كما تعتمد على عالنية الجلسات والتي‬
‫‪.‬تعتبر من المبادئ المعمول بها في معظم األنظمة القضائية‬
‫أما فيما يخص تكاليف الدعوى نالحظ غياب المجانية لضرورة وجود محام ودفع رسوم قضائية‪ ،‬ويمكن‬
‫للمتقاضين االستفادة من المساعدة القضائية‪،‬حيث يجوز لرئيس المحكمة اإلدارية أن يمنح المساعدة القضائية‬
‫طبقا للمسطرة المعمول بها في هذا المجال‪،‬لكن إجراءات االستفادة منها تبقى معقدة‪ ،‬وحتى إذا استفاد منها‬
‫‪.‬المتقاضي أمام المحاكم اإلدارية فانه مطالب بإعادة نفس اإلجراءات من جديد أمام محاكم االستئناف اإلدارية‬
‫يتبين أن كآل من القانونين المحدثين للمحاكم اإلدارية ولمحاكم االستئناف اإلدارية خاصة الجانب المتعلق‬
‫بالمسطرة واإلجراءات أحاال األمر إلى قانون المسطرة المدنية‪ ،‬ومن هنا نالحظ أن سمات وحدة القضاء ال‬
‫تزال قائمة في المسطرة القضائية وهذا الوضع غير سليم نظرا لخصوصيات المنازعات اإلدارية‪ ،‬وهذا في حد‬
‫ذاته يشكل ضعفا للقضاء اإلداري المغربي‪ ،‬ألن الضرورة أصبحت تقتضي العمل على إيجاد قانون‬
‫‪.‬لإلجراءات اإلدارية مستقل عن قانون المسطرة المدنية‬
‫وال تطبق قواعد المسطرة المدنية فقط في مراحل الدعوى بل إن تنفيذ األحكام اإلدارية يخضع بدوره‬
‫لقواعدها‪ ،‬مع أن من الصعب إعمال بعض قواعد المسطرة المدنية في مواجهة اإلدارة مما يطرح إشكال تنفيذ‬
‫‪. ‬األحكام اإلدارية‬
‫و قد حاول االجتهاد القضائي المغربي التخفيف من اإلشكال باللجوء للغرامة التهديدية استنادا إلى المادة‬
‫السابعة من قانون ‪ 90-41‬الذي يحيل على قواعد المسطرة المدنية (الفصل ‪ 448‬منها)‪ ،‬ونذكر في هذا الصدد‬
‫حكم الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) رقم ‪ 1301‬بتاريخ ‪ 31‬شتنبر ‪ 1997‬في قضية‬
‫‪.‬ورثة عبد القادر العشري ضد وزير التربية الوطنية‬
‫بل إن المحاكم اإلدارية لجئت إلى عملية الحجز لدى الغير في مواجهة اإلدارة‪ .‬و رغم مجهودات القضاء‬
‫لمواجهة هذه اإلشكالية فإنها غير كافية بل ال بد من سد الفراغ التشريعي في هذا المجال بوضع إجراءات‬
‫خاصة بتنفيذ األحكام اإلدارية‪ ،‬ألن ال فائدة من رفع الدعوى اإلدارية إدا لم تنفد األحكام الصادرة عنها‪ ،‬مما‬
‫‪.‬سيؤدي فقط إلى فقدان المواطن للثقة في القضاء المغربي‬
‫‪ ‬الخـــــــــــــــاتمة‬
‫نستنتج مما سبق أن القضاء المغربي لم يصل إلى مستوى ازدواجية القضاء كما هو متعارف عليه‪ ،‬حيث‬
‫الزال يحمل سمات الوحدة‪ ،‬سواء على الصعيد الهيكلي بوجود وحدة القمة بين جهتي القضاء اإلداري و‬
‫القضاء العادي‪ ،‬وهذا الوضع غير سليم ألن ازدواجية القضاء تستدعي التدرج في التقاضي على ثالث درجات‬
‫إدارية بوجود هيئة عليا للقضاء اإلداري مستقلة عن القضاء العادي‪ ،‬مما يطرح و بإلحاح ضرورة إحداث‬
‫مجلس دولة مغربي أو هيئة قضاء إداري عليا أي كانت التسميات المهم أن تراعى فيها خصوصيات المغرب‬
‫‪.‬و طبيعة عاداته و تقاليده و باألخص ما يتعلق باعتباره بلدا إسالميا‬
‫كما إن من خصائص ازدواجية القضاء وجود محكمة التنازع و هذا ما يفتقر إليه المغرب‪ ،‬و من رأينا أن‬
‫المغرب مطالب بإنشاء هذه الهيئة لتجاوز إشكاليات تنازع االختصاص‪ ،‬كما أن سمات وحدة القضاء ال زالت‬
‫‪،‬تتجلى في وحدة المسطرة‪ ،‬مما يستدعي إصدار قانون خاص باإلجراءات اإلدارية‬
‫أما بالنسبة لالختصاص فال يجب االقتصار على توسيع االختصاصات القضائية للقضاء اإلداري‪ ،‬بل البد من‬
‫أن تسند إليه اختصاصات ذات طابع استشاري ليساهم في إرساء دعائم دولة الحق و القانون‪ ،‬ومن هنا نالحظ‬
‫و بوضوح أن وثيرة تطور القضاء اإلداري المغربي جد بطيئة مما يجعله غير مكتمل البنيان‪ ،‬مقارنة مع الدول‬
‫‪.‬التي تأخذ بازدواجية القضاء‬
‫و بصدور الدستور الجديد الذي جاء متقدما‪ ،‬أصبح إصالح القضاء ضرورة حتمية لمواكبة التطور الذي يسعى‬
‫إليه المغرب‪ ،‬فما هي اإلصالحات التي يجب إدخالها على القضاء المغربي؟ و هل يكفي االقتصار على‬
‫إصالح المؤسسة القضائية أم يجب أن يكون اإلصالح شامال لمنظومة العدالة؟‬

‫قائمة المراجع‬
‫‪: ‬الكتب ¨‬
‫‪.‬ـ الصروخ مليكة ‪،‬القانون اإلداري ـ المقارن‪،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ -‬الدار البيضاء‪،‬الطبعة السابعة‪2010،‬‬
‫‪. ‬ـ الحضري محمد ‪،‬المختصر في التنظيم القضائي المغربي‪2010،‬‬
‫‪. ‬ـ األحرش كريم ‪" ،‬الدستور الجديد للمملكة المغربي"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ -‬الدار البيضاء‪ ،‬طبعة ‪2012‬‬
‫ـ العيوني ثورية ‪،‬القضاء اإلداري ورقابته على أعمال اإلدارة ـ دراسة مقارنة ‪،‬دار النشر الجسور‪ -‬وجدة‪،‬‬
‫‪. ‬الطبعة األولى‪2005 ،‬‬
‫‪. ‬ـ محجوبي محمد ‪،‬إحداث المحاكم اإلدارية‪،‬دار القلم ـ الرباط‪،‬طبعة ‪2002‬‬
‫‪.‬ـ حداد عبد هللا ‪" ،‬تطبيقات الدعوى اإلدارية في القانون المغربي"‪ ،‬منشورات عكاظ ‪ ،‬طبعة مارس ‪2001‬‬
‫‪: ‬المقاالت ¨‬
‫ـ الودغيري محمد‪" ،‬العدالة في المغرب بين القضاء العادي و االستثنائي"‪ ،‬منشورات مجلة الحقوق المغربية‪،‬‬
‫‪.‬العدد الثاني‪ ،‬الطبعة األولى‪2009‬‬
‫ـ األعرج محمد ‪ ،‬مقال تحث عنوان "محاكم االستئناف اإلدارية قراءة في مقتضيات القانون"‪ ،‬منشورات‬
‫‪. ‬المجلة المغربية لإلدارة المحلية و التنمية ـ سلسلة مواضيع الساعة‪ ،‬العدد ‪ ،55‬الطبعة األولى ‪2007‬‬
‫‪ : ‬القوانين ¨‬
‫‪. ‬ـ دستور المملكة المغربية لسنة ‪2011‬‬
‫‪ .‬ـ قانون المسطرة المدنية‬
‫‪. ‬ـ القانون رقم ‪ 90.41‬المحدث بموجبه محاكم إدارية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ،4229‬بتاريخ ‪ 17‬نونبر ‪1993‬‬
‫‪. ‬ـ القانون رقم ‪ 03.80‬المحدث بموجبه محاكم استئناف إدارية‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪،5398‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪2006‬‬

‫الفهـــــــــــــــــــرس‬

‫مقدمة‪ ..........................................................................................‬ص ‪2‬‬


‫المبحث األول‪ :‬القضاء المغربي نحو االزدواجية‪ ......................................‬ص‪4‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مرحلة إحداث المحاكم اإلداري‪  ......................................‬ص‪5‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مرحلة أحداث محاكم االستثناف اإلدارية‪ .............................‬ص‪6‬‬
‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬القضاء اإلداري الحالي مكامن القوة ومكامن الخلل‪ .................‬ص‪8‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التنظيم وضمانات االستقاللية‪ ...........................................‬ص‪8‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬االختصاصات والمسطرة‪ ...............................................‬ص ‪11‬‬
‫خاتمة‪ ..........................................................................................‬ص ‪17‬‬
‫قائمة المراجع‪ ................................................................................‬ص ‪18‬‬
‫الفهرس‪ ........................................................................................‬ص ‪19‬‬

You might also like