Professional Documents
Culture Documents
مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة التشريع ــــــــــــ جامعة محمد خيضر بسكرة
استقالل القضاء وكفالة حق الدفاع لضمان محاكمة عادلة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة:
إن الغاية القصوى اليت يسعى إليها القانون يف كل زمان ومكان هو حتقيق العدل
الذي يعترب مرآة التحضر والرقي البشري وهو املعيار الدال على االحترام املكفول
آلدمية اإلنسان وكرامته.
لذلك فإن البحث يف حق املتهم يف حماكمة عادلة حبث يف غاية األمهية ألنه
يتعلق بأمسى حقوق اإلنسان وهو حقه يف أمنه الشخصي الذي كرسته الكثري من املواثيق
والدساتري والتشريعات الدولية.
إن أمهية دراسة هذا املوضوع تربز بشكل واضح إذا علمنا أن ضمانات احملاكمة
العادلة هي التعبري عن قوة القانون يف مقاومة احنراف األجهزة القضائية عن حتقيق
العدل .فالرغبة يف إلزام األجهزة القضائية حدود القانون تترمجها تلك الضمانات
القانونية لكي تكون سالحا يف يد األفراد وبديال سليما ملقاومة احنرافها(.)1
وال جيب أن يفهم بأن هذه الضمانات هدفها شل يد األجهزة القضائية وإمنا
كفالة التزامها حدود مهمتها يف محاية احلريات الشخصية وصيانة احلقوق األساسية
()2
على أن احلرية الشخصية للفرد وتنظيم الدولة للصاحل ويف هذا يرى Michel Dran
االجتم اعي جيب أن يعمل معا يف كيان واحد على حنو ال يؤدي إىل التفريط يف هذه
احلرية وال يف الصاحل االجتماعي وهو ما يقتضي إقامة التوازن بني احلرية والسلطة(.)3
ولكي حنقق للمتهم احلماية مما ميكن أن يتعرض له من انتقاص يف حريته
وانتهاك حقوقه من جراء تلك اإلجراءات اجلزائية وما يترتب عنها من خماطر يف
حريته وكرامته وخاصة يف مرحلة التحقيق االبتدائي ،فيجب منحه وهو يف صدد
توجيه االهتام إليه ضمانات حتفظ له حقه يف حماكمة عادلة.
وتعترب احملاكمة العادلة من أمسى مبادئ حقوق اإلنسان ،لذا سارعت معظم الدول
إىل تكريسها يف نظمها القانونية.
ويف هذه املداخلة نسعى إىل دراسة وإلقاء الضوء على أهم الضمانات الدستورية
للحق يف حماكمة عادلة يف خمتلف الدساتري املغاربية وبعض التجارب العربية ،ونركز يف
دراستنا هذه على الضمانات الدستورية والتشريعية للحق يف حماكمة عادلة يف النظام
القانوين اجلزائري يف مرح لة احملاكمة والوقوف بدقة على أهم الضمانات األساسية
المحور الثالث :الضمانات الدستورية والتشريعية للحق في الدفاع واستقالل القضاء في
الجزائر كأهم ضمانات المحاكمة العادلة
ونركز يف هذا احملور على أهم الضمانات األساسية للمحاكمة العادلة كاستقالل
القضاء وحياد القاضي وضمان حق املتهم يف الدفاع يف النظام القضائي اجلزائري.
إن الغاية األساسية من وراء هذه الدراسة هو التوصل إىل مدى مالئمة النظام
القضائي اجلزائري يف جممله مع الطابع الذي رمسه التنظيم الدويل ،ذلك خاصة إذا
علمنا أن اجلزائر من الدول اليت صادقت على االتفاقيات الدولية بشأن حقوق اإلنسان.
نستهل دراستنا هذه بالبحث يف املبادئ الدستورية باعتبار الدستور القانون
األساسي يف الدولة ،وذلك للتوصل إىل حتديد املبادئ العامة اليت حتكم النظام القضائي
اجلزائري ،غري أنه لتقييم نظام معني يستلزم البحث أوال إن م يكن هناك حتديد لتلك
املبادئ يف أحكام الدستور يف حد ذاهتا ،وثانيا عن مدى ترمجتها يف النصوص القانونية،
أي البحث يف مدى توفر عنصر الشرعية يف النصوص القانونية.
يف هذا املنوال يف ميثاق حقوق اإلنسان رسم طابع النظام القضائي األجنع لضمان
حقوق اإلنسان كحد أدىن من الضمانات القضائية ،فإنه ال يفرض نظاما معينا على الدول
فترك له احلرية يف اختيار نظامها القضائي ،كما أن التنظيم الدويل ال يفرض على
الدول أن يكون نظامها القضائي مؤسسا على ازدواجية القضاء ،أي وجود قضاء إداري
إىل جانب القضاء العادي أو أن تضمن ملواطنيها احلق يف الطعن الدستوري ،بإقامة قضاء
متخصص يف هذا الشأن ،إال أنه نص عل ضرورة أن يكون لكل فرد احلق يف الطعن يف
حالة انتهاك احلقوق واحلريات األساسية له.
خاتمة:
من خالل دراستنا هلذا املوضوع تبني لنا ما يلي:
بأن احلق يف احملاكمة حق مقدس حيث كرس يف كثري من الدساتري العربية
واملغاربية وأحيط بكثري من الضمانات أمهها استقالل القاضي وحياده وافتراض قرينة
الرباءة ومتكني املتهم من الدفاع عن نفسه أو عن طريق حمامي يف جلسة علنية إىل غري
ذلك من الضمانات األساسية للمحاكمة العادلة.
وتكريس الدول العربية مبا فيها املغاربية هلذا احلق تتفاوت من دولة إىل أخرى
حبيث تبني لنا أن الدستور العراقي والدستور املصري لسنة 1991قد كرسا أكثر
ضمانات احملاكمة العادلة مبا فيها استقاللية القضاء وكفالة حق الدفاع واالختالف يبدو
واضحا يف الدستور املغريب كذلك عند تفحصنا ملختلف الدساتري اليت مرت هبا اجلزائر
فوجدنا أن معظمها قد سعت إىل تكريس الضمانات األساسية للمحاكمة العادلة مبا فيها
استقاللية وحياد القاضي وممارسة حق الدفاع ،ونشري إىل أن املؤسس الدستوري
الهوامش:
.1د أمحد فتحي سرور «الضمانات الدستورية للحرية الشخصية يف اخلصومة اجلنائية» ،جملة مصر
املعاصرة ،1991 ،ص.149/141 :
2. Michel dran, Le controle juridictionnel et la garantie des libertes publiques, Paris,
1968, P 5.
3. Stefani – G et levasseur G, Droit penal geniral et procedure pénel, 4eme ed. Paris.