You are on page 1of 78

‫اململكة املغربية جامعة‬

‫عبد املاكل السعدي‬


‫لكية العلوم القانونية والاقتصادية والاجامتعية‬
‫‪ -‬طنجة ‪-‬‬

‫مــــاستر المهن القانونية والقضائية‬

‫عــرض حــــول مـــــوضـــوع‪:‬‬

‫األمن القانوني للمستهلك السيبراني 《اإللكتروني》‬

‫تحت إشراف الدكتورة‪ :‬لبنى الغومرتي‬

‫من إعـداد الطلبة‪:‬‬

‫‪ISSA EL FAGLOUMI‬‬ ‫‪-‬‬ ‫لطيفة األشهب‬

‫‪Najoua takkal‬‬ ‫‪-‬‬ ‫لبنى أولوان‬

‫‪Anouar EL Hamdi‬‬ ‫‪-‬‬ ‫أميمة حمضي‬

‫غزالن البرجيجي‬

‫السنة الج ــامعية‪2022/2023 :‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫عندما كانت عالقات الفرد في الماضي بمجتمعه بسيطة واحتياجاته محدودة‬
‫كان يستطيع أن يختار بسهولة ما يحتاجه من سلع وخدمات إذ لم يكن امامه سوى‬
‫القليل من الخيارات لكن نتيجة التطور العلمي الكبير الذي شهده العصر الحديث‪،‬‬
‫أصبح الفرد مستهلكا في مختلف جوانب حياته‪ ،‬فهو يعقد في اليوم الواحد العديد من‬
‫العالقات مع المنتخبين والموزعين إال ان هذه العالقات ال تكون عادة متوازنة ‪ ،‬اذ‬
‫أن البائع او مقدم الخدمة يتميز بالقوة االقتصادية واالختصاص والخبرة ‪ ،‬وباعتبار‬
‫التجارة من أهم مقومات االقتصاد كان لزاما ان تتأثر بهذا التحول فانتقلت بذلك كن‬
‫تجارة تقليدية إلى أخرى إلكترونية‪ ،‬التي تعتبر من أهم المستجدات على مستوى‬
‫المحلي والدولي حيث أصبحت نمطا من أنماط المعامالت االقتصادية في عصر‬
‫تالشت فيه الحدود والفواصل الجغرافية‪ ،‬فظهور التجارة اإللكترونية وما رافقها من‬
‫تطور حيث أصبحت تتم عبر شبكة اإلنترنيت وأثرت تأثيرا كبيرا على النظام‬
‫القانوني للعقود التقليدية فظهر ما يسمى بالتسوق اإللكتروني عبر الحدود وما تبعه‬
‫من إجراءات للوصول الى التعاقد اإللكتروني الذي يشكل المستهلك أحد أطرافه‬
‫األساسية في الكثير من األحيان ومن هنا بدأت الحاجة إلى حماية المستهلك‬
‫اإللكتروني ‪،‬فالثقة في السوق اإللكترونية من أبرز ما يحتاج إليه المستهلك‬
‫اإللكتروني في سبيل تلبية احتياجاته الشخصية ‪ ،‬حيث أن حماية المستهلك‬
‫اإللكتروني سواء في مرحلة ما قبل التعاقد اإللكتروني أو أثناء التعاقد في عقود‬
‫التجارة اإللكترونية او مرحلة ما بعد االنتهاء من عملية التعاقد اإللكتروني تعتبر‬
‫مهمة جدا بسبب أن المستهلك اإللكتروني يعد طرفا ضعيفا في معادلة يحتل فيها‬
‫التاجر مركز القوة ألن المستهلك يحتاج إلى سلعة معينة بصورة ضرورية وبالتالي‬
‫يخضع لشروط غير عادية مجحفة بحقه‪،‬‬

‫ونتيجة لهذه الخطورة التي قد تصيب المستهلك جراء ابرام هذا النوع من‬
‫العقود‪ ،‬األمر الذي أدى إلى تدخل جل التشريعات الحديثة إلى توفير الحماية لهذه‬

‫‪2‬‬
‫الطائفة الخاصة بالمستهلكين اإللكترونيين‪ ،‬والتشريع المغربي بدوره سار على نفس‬
‫النهج وانخرط في هذه السلسلة الحمائية عن طريق سن واصدار العديد من القوانين‪،‬‬
‫بداية بالقانون رقم ‪ 53.05‬المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ‪،‬‬
‫الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ ، 129.07.1‬والقانون رقم ‪ 09.08‬بتنفيذ‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.09.15‬الصادر سنة ‪ 2009‬مرورا بالقانون ‪31.08‬‬
‫الصادر في ‪ 14‬أبريل من ربيع األول ‪ 18(1432‬فبراير ‪،)2011‬وانتهاء بالقانون‬
‫رقم ‪ 43.20‬المتعلق بشأن الثقة في المعامالت القانونية الصادر بتنفيذ الظهير‬
‫الشريف ‪ 1.20.100‬الصادر سنة ‪.2020‬‬

‫أوال‪ :‬أهمية الموضوع‬

‫تتجلى أهمية دراسة الموضوع في كون ان التعاقد بطريقة الكترونية فرض‬


‫نفسه في الواقع السيما في مجال االقتصاد‪ ،‬حيث أصبح معظم المستهلكين‬
‫لتداول السلع والخدمات والمنتجات عن طريق التجارة‬ ‫والموردين يلجؤون‬
‫اإللكترونية‪.‬‬

‫ثانيا ‪:‬أهداف الدراسة‬

‫‪ -‬رصد معالم حماية المستهلك اإللكتروني ‪ ،‬على مستوى كل مراحل تكوين‬


‫العقد ‪ ،‬وخصوصا بعد جائحة كوفيد‪ 19‬حيث تم اإلقبال بشكل كبير على التسوق‬
‫اإللكتروني‬

‫‪-‬البحث في مدى كفاية قواعد القانونية المنظمة لعقود التجارة اإللكترونية‬


‫سواء في التشريع الوطني ‪ ,‬او المؤسسات في تحقيق الحماية الالزمة للمستهلك‬
‫اإللكتروني وتحقيق التوازن بين مصلحة المورد والمستهلك إما مدنيا أو جنائيا‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ثالثا ‪ :‬إشكالية الدراسة‬

‫إن إحاطة المستهلك اإللكتروني بمجموعة من الضوابط الحمائية لن يعود‬


‫بالنفع عليه لوحده بل حتى على االقتصاد الرقمي ‪ ،‬فحماية المستهلك تعد شرطا‬
‫لضمان تقدم التجارة اإللكترونية ‪ ،‬ألن المستهلك اإللكتروني عندما سيشعر بأنه‬
‫محاط بضمانات حمائية كافية فإن إقباله على اقتناء ما يحتاجه من السلع والخدمات‬
‫عبر األسواق االفتراضية سيصبح مستمر مما يدفعنا لطرح اإلشكالية التالية‪:‬‬

‫ما مدى نجاعة المقتضيات القانونية في توفير الحماية الالزمة للمستهلك في‬
‫ظل التطور السريع الذي تعرفه التجارة اإللكترونية ؟‬

‫وانطالقا من هذه اإلشكالية الرئيسية تتفرع عدة إشكاالت لعل من أبرزها‪:‬‬

‫‪ -‬ما هي الحماية القانونية للمستهلك اإللكتروني خالل مرحلة العقد ؟‬

‫‪ -‬وإلى أي حد عملت المؤسسات على نهج حماية وطنية للمستهلك اإللكتروني ؟‬

‫‪ -‬وما مدى كفاية القواعد الدولية لحماية المستهلك اإللكترني ؟‬

‫ولإلجابة على كل هذه التساؤالت سنعرج على التصميم التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحماية القانونية للمستهلك اإللكتروني خالل مرحلة العقد‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الحماية المؤسساتية للمستهلك اإللكتروني‬

‫‪4‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الحماية القانونية للمستهلك السيبراني خالل‬
‫مرحلة العقد‬
‫أفرزت التحوالت االقتصادية واالجتماعية التي شهدها العالم نوع من التعقيد‬
‫في المعامالت والتي يصعب على المستهلك معرفتها واالحاطة بخصائصها‬
‫ومحتواها األمر الذي أدى إلى تدخل المشرع لتوفير الحماية القانونية للمستهلك‬
‫اإللكتروني على مجموع المراحل العملية االستهالكية والتي تتمثل في مرحلة تكوين‬
‫العقد (المطلب األول) ومرحلة تنفيذ العقد (المطلب الثاني)‬

‫المطلب األول‪ :‬حماية المستهلك خالل مرحلة تكوين العقد‬


‫نص المشرع على مجموعة من الضمانات القانونية والتي يستوجب على‬
‫المهني االلتزام بها في العقود االستهالكية(الفقرة األولى) وكذلك اتباع لشكلية معينة‬
‫أثناء ابرام العقد (الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حماية المستهلك خالل مرحلة التفاوض‬

‫تتحقق حماية المستهلك خالل مرحلة التفاوض في منع اإلعالنات اإللكترونية‬


‫الغير المشروعة ) أوال) ثم التزام باإلعالم في العقود اإللكترونية‬

‫أوال‪ :‬اإلعالنات اإللكترونية الغير المشروعة‬

‫يمثل اإلعالن اإللكتروني ذلك الرسائل التسويقية التي تظهر عبر اإلنترنت‬
‫سواء في متصفح الويب أو محرك البحث أو على وسائل التواصل‬
‫اإلجتماعي‪.1...‬حيث أصبح هذا األخير من بين أهم الوسائل المعتمدة في ترويج‬
‫السلع والخدمات والمنتوجات المتنوعة للتأثير وجلب الجمهور المستهلكين‪ ،‬غير أن‬
‫االنتشار الواسع لإلعالنات اإللكترونية أدى إلى االزدياد بمخا طرها على طائفة‬
‫المستهلكين اإللكترونيين‪ ،‬فالمهنيين قد يلجؤون أحيانا إلى استعمال أساليب دعائية‬

‫‪ 1‬الموقع اإللكتروني ‪tèjarie.com‬‬

‫‪5‬‬
‫منطوية على الخداع والغش والكذب‪ ،‬وذلك بدكر مواصفات ال وجود لها في الواقع‬
‫بخصوص السلعة أو الخدمة المعلن عنها وذلك بهدف دفع المستهلك للتعاقد‪ .‬وعلى‬
‫هذا األساس سنتحدث عن اإلشهار المضلل والكذب (أ) واإلشهار المقارن (ب)‬

‫أ‪ -‬اإلعالن اإللكتروني المضلل والكذب‬

‫يعتبر اإلعالن اإللكتروني المضلل والكذب خطر كبير يهدد المستهلكين‬


‫بالنضر إلى تأثيرها على إرادتهم فيدفعهم إلى التعاقد دون رؤية من أمرهم ودون‬
‫التأكد من صحة المعلومات المقدمة إليهم‪ ،‬لذلك لقد حضي هذا النوع من اإلعالنات‬
‫باهتمام تشريعي كبير حتى قبل استخدام اإلنترنت في مجال اإلعالن والدراسة ‪.2‬‬
‫حيث جاء المشرع المغربي خالل قانون ‪ 31 08‬وذلك في مادته ‪ 21‬على أنه "‬
‫يمنع كل إشهار من شأنه أن يوقع الغلط بأي وجه من الوجوه إذا كان يتعلق بواحد‬
‫أو أكثر من العناصر التالية ‪ :‬حقيقة وجود سلع أو المعلومات أو الخدمات محل‬
‫اإلشهار وطبيعتها وتركيبتها ومميزاتها األساسية ومحتواها من العناصر المفيدة‬
‫ونوعها ومنشأها وكميتها وطريقة وتاريخ صنعها وخصائصها وسعرها أو تعريفاتها‬
‫وشروط بيعها وكذا شروط أو نتائج استخدامها وأسباب وأساليب البيع أو تقديم‬
‫الخدمات ونطاق االلتزامات المعلن وهوية الصناع والباعة والمنعشين ومقدمي‬
‫الخدمات أو صفتهم أو مؤهلتهم"‪.3‬‬

‫وعموما حتى نقول بأن هذه اإلعالنات هي إعالنات مضللة البد من توفر‬
‫ثالثة شروط أساسية ‪:‬‬

‫‪ -1‬وجود رسالة إعالنية كيف ما كان شكلها سواء كانت صورة أو نص أو‬
‫صوت‪...‬‬

‫د إيمان التيس "حماية المستهلك من اإلشعارات الخادعة على ضوء قانون ‪ 08 31‬مقال منشور في مجلة‬ ‫‪2‬‬

‫القضاء المدني ص ‪10‬‬


‫‪ 3‬المادة‪ 21‬من قانون ‪31 08‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -2‬أن يكون موضوع هذه الرسالة معلومات ومعطيات مخالفة للواقع أو‬
‫الحقيقة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪ -3‬أن يؤدي هذا اإلعالن إلى إيقاع المستهلك‪.‬‬

‫إن مناط عدم مشروعية اإلعالن المضلل هو خداع المستهلك وما يرتبه دلك‬
‫من آثار سلبية‪ ،‬كما أن جريمة الخداع ال تقوم إال بتوفر ركنين ‪:‬‬

‫الركن المادي‪ :‬وهو التضليل والذي يعني إيقاع المستهلك في اللبس والخداع‬
‫‪5‬‬
‫الركن المعنوي‪ :‬وهو قصد المعلن خداع المستهلك من أجل دفعه للتعاقد‬

‫ب‪ -‬اإلعالن اإللكتروني المقارن‬

‫اإلعالن المقارن هو الذي يقوم ببته صانع أو موزع أو مؤدي خدمات يقارن‬
‫بموجبه بين األموال والخدمات التي يعرضها هو وبين تلك التي يعرضها منافس‬
‫آخر محدد الهوية بغرض إقناع المستهلك بأفضلية منتجاته أو خدماته عن منتجات‬
‫أو خدمات غيره‪.6.‬‬

‫حيث نص المشرع المغربي في المادة ‪ 22‬من قانون ‪ 31 08‬على أنه‬


‫"يعتبر إشهار مقارنا كل إشهار يقارن بين خصائص أو إشعار أو تعريفات السلع أو‬
‫الخدمات أو المنتوجات إما باإلشارة إلى عالمة الصنع أو التجارة أو الخدمة الخاصة‬
‫بالغير أو تجديدها إما باإلشارة إلى العنوان التجاري أو تسمية الشركة أو االسم‬
‫التجاري "‪. 7‬وحتى يكون اإلعالن المقارن مشروع يجب توفر الشروط التالية‪:‬‬

‫د خالد ممدوح ابراهيم "حماية المستهلك في العقد اإللكتروني " دار الفكر الجامعي اإلسكندرية ‪ 2008‬ص‬ ‫‪4‬‬

‫‪151‬‬
‫‪ 5‬د خالد ممدوح ابراهيم ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪152 151‬‬
‫د عبد الكريم عباد‪" ،‬حماية المستهلك من سلبيات اإلشهار التجاري " مقال منشور في مجلة القانون واالعمال‬ ‫‪6‬‬

‫ص ‪84‬‬
‫‪ 7‬المادة ‪ 22‬من قانون ‪31 08‬‬

‫‪7‬‬
‫أن يكون نزيها وصادقا وان ال يكون من شأنه إيقاع المستهلك في‬ ‫•‬
‫الغلط‬
‫أن ينصب على الخصائص األساسية والهامة والمفيدة للسلع وخدمات‬ ‫•‬
‫في نفس الطبيعة ومتداولة أو متوفر في السوق‬
‫ان ينصب على اسعار أو تعريفات متعلقة بمنتجات أو سلع أو خدمات‬ ‫•‬
‫من نفس الطبيعة‬
‫أن تؤدي األموال والخدمات موضوع المقارنة نفس المهام ونفس‬ ‫•‬
‫االستعمال وعلى ذلك ال يجوز المقارنة بيت من ال يقارن‬
‫أن يشير إلى المدة التي يحتفظ خاللها باألسعار أو التعريفات المحددة‬ ‫•‬
‫‪8‬‬
‫من قبل المعلن باعتبارها خاصة به‬
‫وعليه فإن اختل شرط أو أكثر من هذه الشروط كان اإلشهار المقارن غير‬
‫مشروع حيث يترتب عليه جزاءات مدنية وتتمثل في تعويض المستهلك ‪ ،‬أو‬
‫جزاءات جنائية تتمثل في الغرامة من ‪ 000 50‬إلى ‪ 000 250‬اما إذا كان‬
‫المخالف شخصا معنويا فإنه يعاقب بغرامة تتراوح ما بين ‪ 50000‬و‪1000000‬‬
‫درهم‬

‫ثانيا ‪ :‬االلتزام باإلعالم في العقود اإللكترونية‬

‫حرصت التشريعات الحديثة على ضرورة إعالم المستهلك اإللكتروني على‬


‫نحو معين يختلف عن الحق في اإلعالم في الحاالت العادية ‪ ،‬وعليه سنحاول أن‬
‫نوضح مفهوم اإلعالم(أ) ثم سنتطرق لمضمونه(ب)‬

‫أ‪ -‬تعريف االلتزام باإلعالم اإللكتروني‬

‫يقصد بااللتزام باإلعالم اإللكتروني حسب تعريف بعض الفقهاء ذلك االلتزام‬
‫الذي يقع على عاتق التاجر اإللكتروني والذي بمقتضاه يعلم ويبصر المستهلك‬

‫د محمد بدالي‪" ،‬حماية المستهلك في القانون المقارن " دار الكتاب الحديثة القاهرة ‪ 2006‬ص ‪183‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪8‬‬
‫بالمعلومات الجوهرية المتعلقة بالعقد‪ ،‬سواء كان محل العقد سلعة أو خدمة‪ ..‬والتي‬
‫‪9‬‬
‫يتخذ المستهلك بناءا ً عليها قرار بإتمام التعاقد أو باالنصراف عليه‪.‬‬

‫ب‪ -‬مضمون الحق في اإلعالم‬

‫يهدف الحق في اإلعالم إلى جعل المستهلك في أمان ضد مخاطر المنتج‬


‫سواء كانت متعلقة بالسلعة أو الخدمة‪ ،‬وهو ما يفرض على المنتج أو المورد المهني‬
‫التزاما بإحاطة المستهلك علما بظروف العقد ومكتسباته‪ ،‬ونضرا لخصوصيته فقد‬
‫فرضت معظم التشريعات التزاما على عاتق المهني بإعالم المستهلك اإللكتروني‪،‬‬
‫كما ذهبت ‪ 1602‬من القانون المدني الفرنسي التي نص على التزام البائع بأن‬
‫يوضع بدقة نطاق التزامه ‪ .‬وهو نفس االتجاه الذي دهب إليه المشرع المغربي في‬
‫القانون رقم ‪ 31 08‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك ‪ ،‬حيث نصت المادة‬
‫الثانية على أنه " بجب على كل مورد ان يمكن المستهلك بأي وسيلة ممكنة من‬
‫معرفة المميزات األساسية للمنتجات أو السلعة أو الخدمة وكدا مصدر المنتوج أو‬
‫السلعة وتاريخ الصالحية إن اقتضى الحال وان يقدم إليه المعلومات التي من شأنها‬
‫مساعدته على القيام باختيار معقول باعتبار حاجياته وإمكانيات‪."...‬‬

‫كما يشتمل االلتزام باإلعالم قيام المورد بإعالم المستهلك بنوع البيع‪ ،‬هل‬
‫يتعلق األمر بقد البيع العادي ام ببيع إلكتروني أم األمر يتعلق بالبيع خارج المحالت‬
‫أو بيع التحفيظ‪ ،...‬كما تجدر اإلشارة في هذا اإلطار إلى المقتضى الجديد الذي جاء‬
‫به قانون ‪ 31 08‬من قانون حماية المستهلك المتعلق باإلعالم بآجال التسليم إذ في‬
‫الكثير من العقود االستهالكية ال يكون التسليم فوري إما بسبب طبيعة السلعة أو‬
‫‪10‬‬
‫الخدمة أو ألسباب خاصة بالمورد‪.‬‬

‫د كوثر سعيد عدنان خالد " حماية المستهلك اإللكتروني " دار الجامعة الجديدة ‪ ،‬مصر الطبعة الثانية ‪2016‬‬ ‫‪9‬‬

‫ص ‪283‬‬
‫‪ 10‬د حليمة سهيل" الحماية المدنية للمستهلك المتعاقد إلكترونيا "‬

‫‪9‬‬
‫وتبعا لذلك نجد المشرع المغربي في قانون المتعلق بتحديد تدابير لحماية‬
‫المستهلك ألزم المورد في حالة إذا تعلق األمر ببيع منتوجات أو سلع أو تقديم‬
‫خدمات إلى المستهلك أن يتم تحديد آجال التسليم كتابة في العقد أو الفاتورة أو تذكرة‬
‫المخاصة أو أي وثيقة أخرى‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 12‬من قانون حماية‬
‫المستهلك‪ .‬إذا تجاوز المستهلك التسليم المحدد في سبع أيام الموالية فإنه يحق‬
‫للمستهلك فسخ العقد بقوة القانون داخل أجل خمسة أيام الموالية لتاريخ انتهاء مهمة‬
‫التسليم الممنوحة للمستهلك دون اللجوء إلى القضاء عن طريق إشعار البائع المهني‬
‫بالفسخ بأي وسيلة ثبتت دلك‪ .‬أما التسليم في الفترة الممتدة بين بعث االشعار‬
‫وتوصل المورد به فإنه ال مجال للحديث عن الفسخ مادام المستهلك يملك أجل خمسة‬
‫أيام لممارسة حقه في الفسخ المقررة به بمقتضى المادة ‪ 13‬من قانون حماية‬
‫المستهلك‪.‬‬

‫وتأسيسا مما سبق فإن الهدف من إقرار المشرع الحق في اإلعالم هو تمكين‬
‫المستهلك من معرفة االلتزامات القانونية الخاصة بالطرف اآلخر واالحاطة بجوانبها‬
‫القانونية والمادية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حماية المستهلك اثناء ابرام العقد االلكتروني‬
‫على غرار المرحلة السابقة للتعاقد االلكتروني‪ ،‬فالمشرع أولى الحماية للمستهلك‬
‫أثناء مرحلة إبرام العقد وذلك بالتنصيص على شروط يجب اتباعها لتراضي‬
‫األطراف على العقد االلكتروني( أوال)‪ ،‬على أن نتولى الحديث عن حجية‬
‫المحررات والتوقيعات االلكترونية في االثبات( ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬خصوصيات التراضي في عقد االستهالك االلكتروني‬

‫عرف االستاد مأمون الكزبري التراضي‪ "،‬هو توافق ارادتين المتعاقدين على‬
‫احداث األثر القانوني المتوخى من العقد‪ ،‬ويتحقق هذا التوافق قانونا بتبادل التعبير‬
‫عن ارادتين متطابقتين‪ ،‬ويكون ذلك بصدور ايجاب يتضمن عرضا يوجهه شخصا‬
‫ألخر‪ .‬وصدور قبول مطابق لإليجاب من الشخص الذي وجه اليه العرض فيقترن‬
‫القبول باإليجاب ويحصل التراضي وبالتالي يتم العقد"‪.11‬‬

‫والتعاقد االلكتروني كالتعاقد التقليدي ال يختلفان سواء في األركان المتطلبة‬


‫النعقادهما او شروط صحتهما‪ ،‬او االثار المترتبة غير انهما يختلفان في طريقة‬
‫ابرامهما‪ ،‬فبصدور قانون ‪ 53.05‬نص على قواعد جديدة متعلقة بالعرض‬
‫االلكتروني (ا)‪ ،‬كما سنتطرق لمتلقي العرض االلكتروني (ب)‪ ،‬على ان نخصص‬
‫تطابق ارادتي المتعاقدين في العقد المبرم عبر شبكة االنترنيت (ج)‪.‬‬

‫أ‪ :‬حماية المستهلك في العرض االلكتروني‬

‫اإليجاب هو التعبير عن إرادة شخص يعرض على غيره أن يتعاقد معه‪ ،‬وقد‬
‫يكون اإليجاب موجها إلى شخص معين‪ ،‬وقد يكون موجها إلى أي شخص كان من‬
‫الجمهور‪.12‬‬

‫‪ - 11‬ممون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزام في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الجزء األول مصادر‬
‫االلتزام‪ ،‬منشورات‪ ،‬طبعة ‪ ،2020‬ص ‪ 49‬و‪.50‬‬
‫‪ - 12‬مأمون الكزبري‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ض ‪.54‬‬

‫‪11‬‬
‫واإليجاب االلكتروني ال يخرج عن هذا المعنى فهو تعبير ممن وجهه‪ ،‬يعرض‬
‫فيه التعاقد بوسائط الكترونية‪ ،‬ويقع عن بعد بين غائبين من حيث المكان‪.13‬‬
‫أما بخصوص تعريف اإليجاب اإللكتروني أنه تعبير عن إرادة الراغب في‬
‫التعاقد عن بعد‪ ،‬حيث يتم من خالل شبكة دولية لالتصاالت بوسيلٌة مسموعة مرئية‪،‬‬
‫ويتضمن كل العناصر الالزمة إلبرام العقد‪ ،‬بحيث يسٌتطيع من يوجه إليه أن يقبل‬
‫فمن خالل التعريف يتبين‪ ،‬ان االيجاب االلكتروني ال يختلف عن‬ ‫‪14‬‬
‫التعاقد مباشرة‪.‬‬
‫التقليدي اال في الوسيلة المستعملة‪.‬‬
‫وبالرجوع الى قانون ‪ 53.05‬نجد ان المشرع أطلق عليه تسمية "العرض"‪،‬‬
‫واخضعه للقواعد العامة‪ ،‬غير انه استثنى المتعلقة باإليجاب والقبول المنصوص‬
‫عليها في الفصول من ‪ 23‬الى ‪ 30‬و‪ .32‬من ق‪ .‬ل‪ .‬ع‪.‬‬

‫ولقد تطرق المشرع المغربي لإليجاب اإللكتروني في الفصل ‪ 65.315‬من القانون‬


‫رقم ‪ 53.05‬حيث حدد ثالث حاالت وهي كاآلتي‪:‬‬

‫‪ - 13‬ادريس الحياني‪ ،‬عمر انجوم‪ ،‬إبرام العقد االلكتروني وفق القواعد العامة‪ ،‬وعلى ضوء مشروع قانون‬
‫التبادل االلكتروني للبيانات القانونية‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت‪ ،‬عدد ‪،11‬‬
‫أكتوبر ‪ ،2006‬ص ‪56‬‬
‫‪ - 14‬عبد الحق الصافي‪ " :‬الوجيز في القانون المدني‪ ،‬الجزء األول‪ :‬المصادر اإلراديةٌ لاللتزام‪ ،‬العقد واإلرادة‬
‫المنفردة‪ ،‬دراسة في ق‪ .‬ل‪ .‬ع والقوانين األخرى‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ - 15‬ينص الفصل ‪ 65.3‬من القانون ‪ 53.05‬على ما يلي‪ ”:‬يمكن استخدام الوسائل اإللكترونية لوضع عروض‬
‫تعاقدية أو معلومات متعلقة بسلع أو خدمات رهن إشارة العموم من أجل إبرام عقد من العقود‪.‬‬

‫يمكن توجيه المعلومات المطلوبة من أجل إبرام عقد أو المعلومات الموجهة أثناء تنفيذه عن طريق البريد‬
‫اإللكتروني إذا وافق المرسل إليه صراحة على استخدام الوسيلة المذكورة‪.‬‬

‫يمكن إرسال المعلومات إلى المهنيين عن طريق البريد اإللكتروني ابتداء من الوقت الذي يدلون فيه بعنوانهم‬
‫اإللكتروني‪.‬‬

‫إذا كان من الواجب إدراج المعلومات في استمارة‪ ،‬تعين وضع هذه األخيرة بطريقة إلكترونية رهن الشخص‬
‫الواجب عليه تعبئتها‪”.‬‬

‫‪12‬‬
‫• الحالة األولى وتتمثل في وضع اإليجاب في شكل عروض تعاقدية أو‬
‫معلومات متعلقة بسلع أو خدمات رهن إشارة العموم من أجل إبرام عقد من‬
‫العقود‪.‬‬
‫• الحالة الثانية وهي التي يطلب فيها شخص معين بالذات معلومات إبرام‬
‫العقد‪.‬‬
‫• الحالة الثالثة ويتعلق األمر بتوجيه معلومات أثناء تنفيذ العقد‪.‬‬
‫وقد نص المشرع في الفصل ‪ 65-4‬من قانون التبادل االلكتروني على مجموعة‬
‫من البيانات والشروط التعاقدية التي يجب أن يتضمنها اإليجاب االلكتروني‪ ،‬وألزم‬
‫المهنيين بوضعها رهن إشارة العموم بطريقة تسمح للمتعاقد األخر بنسخ هذا‬
‫اإليجاب وحفظه‪ ،‬والهدف من هذا كله هو تقرير الحماية لصالح المستهلك‪ ،‬وتحقيق‬
‫الثقة في البيانات المدونة في اإليجاب االلكتروني‪ ،‬حيث يصبح إيجاب صورة ثابتة‬
‫ال تقبل التبديل أو التغيير‪.16‬‬

‫ب‪ :‬حماية متلقي العرض االلكتروني‬

‫يعرف القبول بانه " تعبير عن إرادة من وجه إليه اإليجاب‪ ،‬والذي بصدوره‬
‫متطابقا‬

‫لإليجاب تتم عملية التعاقد بين الموجب والقابل"‪.17‬‬

‫فالقبول االلكتروني ال يخرج عن تعريفات التي أوردها الفقه بالنسبة للقبول‬


‫العادي غير انه يختلف في الطريقة المعتمدة االلكترونية‪ ،‬كما ان المشرع افرد احكام‬
‫من ‪،.53.05‬‬ ‫‪18‬‬
‫خاصة متعلقة بالقبول االلكتروني والتي أوردها الفصل ‪65-5‬‬

‫‪- 16‬طارق عبد الرحمان ناجي كميل‪ ،‬التعاقد عبر االنترنيت وشره‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الراسة العليا المسلة في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬وحدة لتكون والبحث‪ ،‬قانون المقاوالت‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالتصالية واالجتماعية‪ ،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬الرباط الكال‪ ،‬موسم ‪ ،2004-2003‬ص ‪121‬‬
‫‪ - 17‬ممون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ - 18‬الفصل ‪ – 65 - 5‬يشترط لصحة إبرام العقد أن يكون من أرسل العرض إليه قد تمكن من‬

‫‪13‬‬
‫التي نصت على عدد من المقتضيات التي من شأنها تكريس نوع من الحماية‬
‫للمستهلك‪ ،‬حيث علقت صحة إبرام العقد االلكتروني على شرط أن يتمكن من أرسل‬
‫إليه العرض من التحقق مما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬تفاصيل اإلذن بالقبول الصادر عنه قبل تأكيده‪.‬‬

‫‪-‬الثمن اإلجمالي الذي يلتزم به‪.‬‬

‫‪ -‬تصحيح األخطاء المحتملة‪.‬‬

‫كما التزمت صاحب العرض بمجرد تسلمه للقبول‪ ،‬أن يشعر القابل بتوصله‬
‫ليصير العقد مبرما من وقت توصل الموجب بالقبول‪ .‬وملزما ألطرافه بشكل ال‬
‫رجعة في‪.19‬‬

‫هذا وقد اعتبر المشرع أن التوصل صحيح طالما كان بإمكان الطرف المرسل‬
‫إليه الولوج إلى المراسلة‪ ،‬ومن ثم فأن اإلذن بقبول العرض الذي يرسله متلقي‬
‫العرض‪ ،‬أي القابل أو اإلشعار بالتوصل به الذي يرجعه إلى صاحب العرض‪ ،‬إذا‬
‫تم إرسالهما بالبريد االلكتروني‪ ،‬واغفل هذا الطرف أو ذاك‪ ،‬أو تقاعس عن االطالع‬
‫عليه‪ ،‬مهما كان السبب‪ ،‬فأنه يعتبر بحكم القانون متوصل به‪ ،‬ما عدا إذا ثبت أن‬

‫التحقق من تفاصيل اإلذن الصادر عنه ومن السعر اإلجمالي ومن تصحيح األخطاء المحتملة‪ ،‬وذلك قبل تأكيد‬
‫اإلذن المذكور ألجل التعبير عن قبوله‪.‬‬
‫يجب على صاحب العرض اإلشعار بطريقة إلكترونية‪ ،‬ودون تأخير غير مبرر‪ ،‬بتسلمه‬
‫قبول العرض الموجه إليه‪.‬‬
‫يصبح المرسل إليه فور تسلم العرض ملزما به بشكل ال رجعة فيه‪.‬‬
‫يعتبر قبول العرض وتأكيده واإلشعار بالتسلم متواصال بها إذا كان بإمكان األطراف‬
‫المرسلة إليهم الولوج إليها‬
‫‪ - - 19‬محمد مزوزي‪ ،‬الضمانات ل القانونية في العود االلكترونية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في فانون العقود‬
‫والعقار جامعة محمد األول كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة السنة الجامعية ‪-2010‬‬
‫‪ ،2011‬ص‪.10 :‬‬

‫‪14‬‬
‫هناك عذرا خارجا عن اإلرادة‪ ،‬كالخلل في وسائل االتصال التي ال يد فيها على‬
‫سبيل المثال‪.20‬‬

‫يالحظ من خالل الشروط المتعلقة بقبول العرض ان هاجس حماية المستهلك‬


‫كان حاضرا في قانون ‪ ، 53.05‬ويتضح ذلك من متلقي العرض االلكتروني‪ ،‬الذي‬
‫فيه نوع من التأني والتروي والتدقيق‪ ،‬ويتبين ذلك باستقراء الفصل ‪" 65-5‬يشترط‬
‫لصحة إبرام العقد أن يكون من أرسل العرض إليه قد تمكن من التحقق من تفاصيل‬
‫اإلذن الصادر عنه ومن السعر اإلجمالي ومن تصحيح األخطاء المحتملة‪ ،‬وذلك قبل‬
‫تأكيد اإلذن المذكور ألجل التعبير عن قبوله"‪.‬‬
‫ج‪ :‬تطابق ارادتي المتعاقدين في العقد الحاصل بوسيلة الكترونية‬

‫ان التعاقد عن بعد دائما يطرح اشكالية زمان ومكان العقد‪ ،‬وإذا كان التعاقد‬
‫االلكتروني افرد له المشرع احكام خاصة‪ ،‬في قانون ‪ 53.05‬وعطل بعض االحكام‬
‫العامة من ق‪ .‬ل‪ .‬ع‪ .‬التي ال تنسجم مع التعاقد االلكتروني‪ ،‬وهذا ينطبق على‬
‫الفصول من ‪ 23‬الى ‪ 30‬و‪.32‬‬

‫اما بخصوص كيفية حصول تطابق القبول باإليجاب الحاصل الكترونيا‪ ،‬فقد‬
‫نصت عليه الفقرات الثانية‪ ،‬والثالثة والرابعة من الفصل ‪ 65-5‬من القانون رقم‬
‫‪ ،53.35‬الذي جاء فيه ما يلي‪" :‬يجب على صاحب العرض اإلشعار بطريقة‬
‫إلكترونية‪ ،‬ودون تأخير غير مبرر‪ ،‬بتسلمه قبول العرض الموجه إليه‪.‬‬

‫يصبح المرسل إليه فور تسلم العرض ملزما به بشكل ال رجعة فيه‪.‬‬

‫يعتبر قبول العرض وتأكيده واإلشعار بالتسلم متواصال بها إذا كان بإمكان‬
‫األطراف المرسلة إليهم بإمكان اللجوء اليها"‪.‬‬

‫‪ -20‬العربي جنان‪ ،‬التبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬الطبعة األولى ‪،2008‬‬
‫ص ‪20‬‬

‫‪15‬‬
‫من خالل استقراء الفصل السالف الذكر فزمان العقد المبرم بطريقة االلكترونية‬
‫ليس هو ن فس الزمن المتعلق بالعقد الحاصل بالمراسلة كما هوى منصوص عليه في‬
‫الفصلين ‪ 24‬و‪ 28‬من ق‪ .‬ل‪ .‬ع‪ ،‬فزمن العقد المبرم بطريق الكتروني هو تاريخ‬
‫توصل العارض برد القابل ان شريطة إعالمه هذا األخير بكونه تسلم قبول العرض‬
‫داخل االجل المناسب تطبيقا الفقرة الثانية من الفصل السالف الذكر‪.21‬‬

‫اما بالنسبة لمكان إبرام العقد االلكتروني‪ ،‬يكتسي أهمية بالغة‪ ،‬تظهر عند تحديد‬
‫المحكمة المختصة لفض المنازعات التي يثيرها العقد‪ ،‬سواء فيما يتعلق إبرام العقد‬
‫االلكتروني‪ ،‬أو فيما يتعلق بتنفيذه‪ ،‬ووفقا للقواعد العامة في تحديد االختصاص‬
‫القضائي فأن مكان إبرام العقد هو الذي يحدد االختصاص المكاني للمحكمة‪.22‬‬

‫فعلى غرار جميع أنواع التعاقد التي يكون فيها أطراف العقد غائبين عن بعضها‬
‫البعض‪ ،‬فإن هذه الطريقة تثير بعض اإلشكاالت‪ ،‬التي تتمثل أساسا في تحديد‬
‫المحكمة المختصة بالنظر في النزاعات المتعلقة بإبرام العقد أو تنفيذه‪ ،‬إضافة إلى‬
‫بيان القانون الواجب التطبيق على هذه النزاعات إذا كان أطراف العقد ينتمون إلى‬
‫دول متعددة‪. 23‬قد يتم االحتكام لـشرط تحكيمي مدرج في العقد لبيان الجهة المختصة‬
‫للفصل في المنازعات اإللكترونيـة وقـد يـتم االحتكام إلى االتفاقيات الدولية التي‬
‫صادق عليها ال مغرب في هذا الخصوص إلى غير ذلك من الحلول األخرى المقتبسة‬
‫من القواعد المتعارف عليها في مادة القانون‪.24‬‬

‫‪- 21‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬مصادر االلتزام الجزء األول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ - 22‬ادريس الحياني‪ ،‬عمر انجوم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.62‬‬
‫‪ - 23‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ - 24‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬دراسة مقارنة على ضوء التعديالت الجديدة الواردة في‪ :‬القانون رقم‬
‫(‪ )31.08‬المتعلق بحماية المستهلك‪ .‬المستهلك‪ .‬القانون رقم (‪ )53.05‬المتعلق بتبادل المعطيات القانونية بشكل‬
‫دار األمان‪ ،‬طبعة ‪،2014‬‬ ‫القانون رقم (‪ )21.09‬المتعلق بسالمة المنتوجات والخدمات‪.‬‬ ‫إلكتروني‪.‬‬
‫ص‪.112‬‬

‫‪16‬‬
‫أما بخصوص العقود اإللكترونية الوطنية فإنه بناء على مضمون الفقرة الثالثة‬
‫من الفصل ‪ ، 4-65‬فإن العقد يتم في المكان الذي يتسلم فيه القابـل اإلشارة النهائية‬
‫التي تؤكد توصل العارض بمضمون القبول‪ ،‬إذ ال مجال للتراجع بعد ذلك عن‬
‫مشروع التعاقد النهائي‪ ،‬ويترتب على تحديد مكان إبرام العقد بيان المختصة للفصل‬
‫في المنازعات التي يمكن أن تثور بين طرفي هذه العالقة العقدية‪ .‬وكما هو معروف‬
‫فإن االختصاص المكاني محكوم بأصل عام و جملة من االستثناءات التي يتم فيها‬
‫الخروج عن هذا األصل العام وفقا لما هو منصوص عليه في قانون المسطرة‬
‫وبعض النصوص القانونية الخاصة‪.26‬‬ ‫‪25‬‬
‫المدنية‬

‫تنبغي اإلشارة انه في حالة نشوب نزاع بين المهني والمستهلك‪ ،‬فان‬
‫االختصاص المكاني للنزاع حددته المادة ‪ 202‬من قانون ‪ 31.08‬في حال نزاع‬
‫بين المورد والمستهلك‪ ،‬ورغم وجود أي شرط مخالف‪ ،‬فإن المحكمة المختصة هي‬
‫محكمة موطن أو محل إقامة المستهلك أو محكمة المحل الذي وقع فيه الفعل‬
‫المتسبب في الضرر باختيار هذا األخير‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القوة الثبوتية للمحررات االلكترونية في حماية المستهلك‬
‫تعتبر الكتابة من اهم وسائل االثبات واسمها سواء قديما او حديثا‪ ،‬اال ان هذه‬
‫الوسيلة عرفت تطورا‪ ،‬بسبب التكنولوجيا الحديثة‪ ،‬حيث أصبحت حجيه المحررات‬
‫اإللكترونية متساوية بالمحررات التقليدية (أ) وقوة التوقيع االلكتروني حجية تعبر‬
‫هوية الموقع وعن رضاه (ب)‪.‬‬
‫أ‪ :‬حجية الكتابة االلكترونية كعنصر من عناصر الدليل الكتابي‬
‫كانت الكتابة وال زلت من اهم وسائل اثبات العقود‪ ،‬في شتى المجاالت‪ ،‬غير ان‬
‫التطور الحاصل لم يعد االقتصار على المحررات الورقية بل امتد تحرير العقود‬
‫حيث عملية التحرير والتوثيق تتم داخل‬ ‫الكتابية عن طريق الوسائل االلكترونية‬
‫رقاقات ودعامات الكترونية‪.‬‬

‫‪ - 25‬انظر ما ورد في الفصل ‪ 28‬من قانون المسطرة المدنية‪.‬‬


‫‪ - 26‬عبد القادر العرعاري‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.113‬‬

‫‪17‬‬
‫والكتابة اإللكترونية إما رسمية‪ 27‬او عرفية‪ 28‬أو قد تكون نسخة من الوثيقة‬
‫اإللكترونية‪29،‬فبالرجوع الى قانون ‪ 53.05‬المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات‬
‫القانونية‪ ،‬يالحظ ان هاجس حماية المستهلك برز حتى قبل صدور قانون ‪31.08‬‬
‫من قانون ‪ 53.05‬نجد ان المشرع سوى بإثبات‬ ‫‪30‬‬
‫فباستقراء المادة ‪417- 1‬‬
‫العقود بين الوثائق المحررة ورقيا والمحررة بدعامة الكترونية‪ ،‬وذلك لتعزيز‬
‫الحماية للمستهلك في العقد االلكتروني‪ ،‬فمسواة وظيفة الوثيقة المحررة الكترونية‬
‫بدرجة الوثيقة الورقية‪ ،‬هو رغبة وغاية المشرع في حماية الطرف الضعيف في‬
‫العالقة التعاقدية والمستهلك بإثبات العقد المحرر الكترونيا‪.‬‬
‫وحتى يتم االعتداد بهذه الوثيقة يجب ان تتضمن بينات المنصوص عليها وتوقيع‬
‫الجهة التي صدرت عنها كما بينا سابقا في االيجاب االلكتروني‪.‬‬
‫ولكي يعتد بالكتابة االلكترونية كقوة ثبوتية توازي المحررات الورقية‪ ،‬يشترط‬
‫توقر شرطين نص عليهم الفصل ‪ 417-1‬من قانون ‪:53.05‬‬
‫• التحقق من هوية القانونية للشخص مصدر الوثيقة‪.‬‬
‫• شرط الحفاظ على تماميه الوثيقة واستمرار وجو الكتابة لالطالع على‬
‫جاهزيتها‪.‬‬

‫فبمجرد اعتراف المشرع بمساواة الوثيقة المحررة ورقيا والمحررة الكترونيا‪،‬‬


‫ذهب القضاء المغربي في هذا المنحى‪ ،‬حيث جاء في حيثيات القرار ما يلي "ان‬

‫‪ - 27‬ينص الفصل ‪ 417-2‬على " تصبح الوثيقة رسمية إذا وضع التوقيع المذكور عليها أمام موظف عمومي‬
‫له صالحية التوثيق"‪ .‬إضافة الى شروط المنصوص عليها في الفصل ‪.417-2‬‬
‫‪- 28‬الوثيقة اإللكترونية العرفية هي التي تستوفي شروط الفصلين ‪ 417.1‬و‪ 417.2‬من ق ل ع‪.‬‬
‫‪- 29‬‬
‫‪ - 30‬الفصل ‪ "– 417 - 1‬تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة اإلثبات التي تتمتع بها‬
‫الوثيقة المحررة على الورق‪.‬‬
‫تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني لإلثبات‪ ،‬شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق‪ ،‬شريطة أن‬
‫يكون باإلمكان التعرف‪ ،‬بصفة قانونية‪ ،‬على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق‬
‫شروط من شأنها ضمان تماميتها"‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫المشرع المغربي أضفى على مثل هذا الوثائق الحجية في اإلثبات بمقتضى الظهير‬
‫الشريف بتنفيذ القانون رقم ‪ 05.53‬المؤرخ في ‪ 2007/11/30‬المتعلق بالتبادل‬
‫االلكتروني‪ .‬تتميما للفصل ‪ 417‬من ق ل ع ‪ ,‬حيث اعتبرها دليال كتابيا بعد أن‬
‫عرف الدليل الكتابي بأنه الدليل الناتج عن الوثائق المحررة على الورق أو الوثائق‬
‫الخاصة أو عن أية إشارات أو رموز أخرى ذات داللة واضحة كيفما كانت دعامتها‬
‫وطريقة إرسالها‪.31"...‬‬

‫ب‪ :‬القوة الثبوتية للتوقيعات اإللكترونية‬

‫مصداقية المحررات االلكترونية مرتبطة بتوقيعها االلكتروني‪ ،‬فمن خالله يمكن‬


‫معرفة الشخص الصادر منه التصرف القانوني‪ ،‬ويكون المحرر اقوى حجة يواجه‬
‫به الموقع على المحرر االلكتروني‪ ،‬فالتوقيع هوى اداة توفر األمان والثقة والحماية‬
‫للمتعاملين داخل الفضاء الرقمي المع لوماتي‪ .‬فالمشرع سوى بين التوقيع التقليدي‬
‫وااللكتروني (‪ )1‬وقوة التوقيعات االلكترونية تختلف حسب درجة نوع التوقيع (‪.)2‬‬
‫‪ -1‬مساواة التوقيع االلكتروني بالتقليدي‬
‫تماشيا مع التوجهات الدولية سوى المشرع بين التوقيع التقليدي والتوقيع‬
‫االلكتروني‪ ،‬بإصداره قانون ‪ 35.05‬فأصبح للتوقيع االلكتروني حجية لها نفس قوة‬
‫التوقيع التقليدي بعد استجماع الشروط القانونية الفقرة األخيرة من الفصل ‪.417-3‬‬
‫والمشرع المغربي اشترط لموازاة التوقيع الكتروني للتوقيع التقليدي المؤمن‪:‬‬
‫❖ أن يكون خاصا بالموقع وأن يتم إنشاؤه بطريقة تحتفظ به لصاحبه‪ ،‬وأن يضمن‬
‫االرتباط بالوثيقة المتصلة به وان يتم بالية إلنشاء التوقيع اإللكتروني‪.‬‬
‫وعندما تتيح الوسيلة المستعملة في التوقيع اإللكتروني استخدام توقيع الكتروني‬
‫مؤمنا ومحميا من كل تزويرا فإنها تعتبر أمنة إلى أن يثبت العكس‪.‬‬

‫‪ - 31‬قرار رقم ‪ 228/2012‬الصادر بتاريخ ‪ 16/01/2012‬في الملف عند ‪ .4888/2010/10‬قرار غير‬


‫منشور‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫❖ واشترط المشرع أن يوضع التوقيع بآلة إنشاء التوقيع اإللكتروني تثبت‬
‫صالحيتها بشهادة المطابقة التي تسلمها السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة‬
‫المصادقة اإللكترونية على التوقيع اإللكتروني إذا كانت آلية إنشاء التوقيع تضمن‬
‫أن معطيات إنشاء التوقيع سرية ومضمونة وال يمكن إعدادها أكثر من مرة؛ وأن‬
‫هذه المعطيات ال يمكن الوصول إليها عن طريق االستنباط وأن يكون باإلمكان‬
‫حمايتها من قبل الموقع؛ وإن تحول المعطيات دون أي تغيير أو تبديل لمحتوى‬
‫الوثيقة الموقعة والال تشكل عائقا يحول دون إلمام الموقع إلماما تاما بالوثيقة قبل‬
‫توقيعها (المادة ‪ 9‬من القانون ‪ .)53.05‬واعتبر المشرع أن الشهادة اإللكترونية‬
‫والتي تتمثل في سند يعد إلكترونيا هي التي تثبت العالقة بين المعطيات التي‬
‫تمكن من التحقق من التوقيع اإللكتروني والموقع (المادة ‪.32)10‬‬
‫وقد أكد قضاء النقض المغربي على حجية التوقيع االلكتروني بقرار صادر‬
‫بتاريخ ‪ 06/06/2013‬استندت فيه على الفصل ‪ 417‬من قانون االلتزامات‬
‫والعقود للقول بأن التوقيع اإللكتروني ال يكون بنفس طريقة التوقيع التقليدي بل‬
‫يكون بكل ما يتيح التعرف على شخص الموقع ويعبر عن قبوله لاللتزامات الواردة‬
‫بالوثيقة اإللكترونية‪ ،‬وليس من الضروري أن يتم التوقيع على هذه الوثيقة بخط يد‬
‫الملتزم وال وضع خاتمة عليه‪.33‬‬
‫‪ :2‬القوة الثبوتية للتوقيعات االلكترونية‬
‫‪34‬‬
‫قوة درجات التوقيعات تختلف من توقيع الى اخر وبصدور قانون ‪43.20‬‬
‫المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية‪ ،‬في مادة ‪ ،4‬ميز بين ثالثة‬
‫أنواع من التوقيعات‪ ،‬التوقيع البسيط والتوقيع المقدم والتوقيع المؤهل‪.‬‬

‫‪ - 32‬عطار المختار بن احمد‪ ،‬دراسة في العقد االلكتروني‪ ،‬دار المنظومة الرواد في قواعد المعلومة العربية‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص ‪.110‬‬
‫‪ - 33‬القرار عدد ‪ ،250‬الصادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 06/06/2013‬الملف رقم ‪،20 894/13/2012‬‬
‫منشور بالموقع الرسمي لمحكمة النقض‪.‬‬
‫‪ - 34‬ظهير شريف رقم ‪ 1-20-100‬صادر في ‪ 16‬من جمادى األولى ‪ 31( 1442‬ديسمبر ‪ )2020‬بتنفيذ‬
‫القانون رقم ‪ 43-20‬المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعامالت اإللكترونية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫✓ حجية التوقيع االلكتروني البسيط‬
‫قد عرفت الئحة (‪ ) eIDAS35‬التوقيع االلكتروني البسيط بأنه "بيانات في شكل‬
‫إلكتروني يتم إلحاقها أو ربطها منطقيًا ببيانات أخرى في شكل إلكتروني ويستخدمها‬
‫الموقّع للتوقيع"‪ .‬بإمكان هذا األمر أن يكون أي شيء بداية من توقيعك في صيغة‬
‫رقمية إلى مربع اختيار يشير إلى موافقتك"‪ ،‬كما نصت على أنه ال يجوز نزع األثر‬
‫القانوني ألي توقيع الكتروني أو قابلية تقديمه أمام المحاكم لمجرد أنه ليس توقيعا‬
‫إلكترونيا متقدما أو مؤهالً‪ .‬وال تمنع الئحة ‪ eIDAS‬أي دولة من الدول األعضاء‬
‫من قبول أي نوع من أنواع التوقيع االلكتروني‪.‬‬

‫والمشرع المغربي بدوره سلك نفس المسلك بالتنصيص على عدم رفض التوقيع‬
‫االلكتروني البسيط وذلك رغبة منه لحماية رضا المستهلك في العقود االلكترونية‬
‫لذيوعها وانتشار التعامل بهذا النوع من التوقيعات مما أدى الى إضفاء الحماية‬
‫القانونية ونصت عليه المادة ‪ 7‬من قانون ‪ 43.20‬على انه "ال يمكن رفض األثر‬
‫القانوني للتوقيع اإللكتروني البسيط أو المتقدم كحجة أمام القضاء أو عدم قبوله‬
‫لمجرد تقديم هذا التوقيع في شكل إلكتروني‪ ،‬أو ألنه ال يفي بمتطلبات التوقيع‬
‫اإللكتروني المؤهل المنصوص عليه في المادة ‪ 6‬أعاله"‪.‬‬

‫‪ - 35‬تم تأسيس الئحة ‪( eIDAS‬خدمات تحديد الهوية والمصادقة واالئتمان اإللكترونية) بموجب الئحة االتحاد‬
‫األوروبي رقم ‪ 2014/910‬لتحل محل توجيهات التوقيع اإللكتروني رقم ‪ 1999/93/EC‬ابتدا ًء من ‪ 30‬يونيو‬
‫‪.2016‬‬
‫تمت صياغة هذه المجموعة الجديدة من اللوائح لإلشراف على خدمات تحديد الهوية واالئتمان اإللكترونية في‬
‫السوق الداخلية لالتحاد األوروبي‪ .‬تختص الئحة ‪( eIDAS‬خدمات تحديد الهوية والمصادقة واالئتمان‬
‫اإللكترونية) باإلشراف ع لى عمليات المصادقة وأختام التوقيع وخدمات التوصيل المسجلة والوسم الزمني من‬
‫أجل تنظيم التوقيعات والمعامالت اإللكترونية وعمليات الدمج الخاصة بالمعامالت بين الخدمات العامة أو‬
‫الخاصة‪ .‬كما تعمل الئحة ‪( eIDAS‬خدمات تحديد الهوية والمصادقة واالئتمان اإللكترونية) على تعزيز عملية‬
‫توقيع المستندات بجعلها مريحة وآمنة للغاية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫تنبغي اإلشارة ان التوقيع البسيط هو الشائع في المعامالت لسهولة التعامل به‬
‫وتداوله‪ ،‬ولديه عدة صور كالتوقيع البيو متري او الطبيعي او البيولوجي‪ ،‬ويتميز‬
‫هذا النوع انه خاص بكل شخص مرتبط بجسمه فهو يختلف من شخص الى اخر‪،‬‬
‫والمتمثل ببصمة االصبع او العين او الوجه او الصوت‪ ،‬فال يوجد شخص يحمل‬
‫نفس صفات االخر‪ ،‬فالتوقيع البيومتري او البيولوجي مرتبط بصفات الشخص‬
‫وجسمه‪ ،‬والنوع الثاني يكون بالحروف او األرقام او العالمات او الرموز وهو شائع‬
‫جدا في شتى المجاالت االلكترونية‪.‬‬

‫يؤخذ على هذا التوقيع انه ال يرقى لدرجة الحماية التي يوفرها كل من التوقيع‬
‫االلكتروني المتقدم أو المؤهل‪ ،‬إال أن جل التوقيعات التي تتواجـد فـي الواقع العملـي‬
‫هـي توقيعات الكترونية بسيطة‪ ،‬وذلك راجع لمجموعة من االعتبارات يأتي على‬
‫رأسها سهولة الحصول على هذا ا لتوقيع فضال عن شيوع العمليات اإللكترونية ذات‬
‫الرهانات البسيطة فـي مجـال التجارة االلكترونية‪.36‬‬
‫✓ حجية التوقيع االلكتروني المقدم‬
‫على مجموعة من العمليات التي تجعل من‬ ‫‪37‬‬
‫يعتمد التوقيع اإللكتروني المتقدم‬
‫الممكن التعرف على الموقع بشكل موثوق واكتشاف أي تغيير الحـق فـي البيانات‬

‫‪ - 36‬محمد بيسن‪ ،‬التوقيع االلكتروني في ضوء قانون ‪ ،43،20‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‬
‫تخصص قانون االعمال‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية تطوان‪،‬‬
‫السنة الجامعية‪ ،2021-2020 ،‬ص ‪،83‬‬
‫‪ - 37‬عرفته الئحة ‪ eIDAS‬التوقيع اإللكتروني المتقدم هو في األساس توقيع بسيط مع بعض العناصر‬
‫اإلضافية الموجودة لتحسين صحة وأمن مستنداتك‪ .‬وهذه هي متطلبات التوقيع اإللكتروني المتقدم‪:‬‬
‫‪-‬يجب أن يكون مرتب ً‬
‫طا بشكل فريد بالموقّع‬

‫قادرا على تحديد هوية الموقّع‬


‫‪-‬يجب أن يكون ً‬

‫‪-‬يجب أن يتم إنشاؤه باستخدام البيانات المتاحة لالستخدام من قبل الموقّع بموجب سيطرته الوحيدة وبمستوى‬
‫عا ٍل من الثقة‬

‫يجب أن يكون مرتب ً‬


‫طا بالبيانات الموقّعة بطريقة يمكن من خاللها الكشف عن أي تغيير الحق في البيانات‬

‫‪22‬‬
‫الموقعة مما يضمن سالمة المحتوى الموقع‪ ،‬مـن خـالل الوسائل التي يكون للموقع‬
‫فقط السيطرة الحصرية عليها وهي مصادق عليها من قبل طرف ثالث‪.‬‬
‫وتتجلى أهم ية هذا التوقيع من الناحية العملية في كونه توقيع جديد احدثه المشرع‬
‫لهـدف رئيسي وهو رقمنة غالبية الخدمات ذات المستوى البسيط والمتوسط اما من‬
‫الناحية النظرية فتتجلى أهميته في كونه توقيع يأتي في مرتبة الوسط من ناحية‬
‫الشروط والثقة التي يتمتع بها قانونا‪ ،‬حيث يستلزم معايير ومتطلبات تنظيمية محددة‬
‫كما أنه يرتكز تقنية الشهادة‪.38‬‬
‫وعلى غرار التوقيع االلكتروني البسيط أدرج المشرع التوقيع المقدم او الغير‬
‫مؤهل في نطاق الحماية القانونية‪ ،‬ونظمه في المواد التالية ‪ 4‬و‪ 5‬و‪ 7‬و‪ 35‬من‬
‫قانون ‪ ،43.20‬فالمادة ‪ 5‬اشترطت في التوقيع المقدم الشروط االتية‪:‬‬
‫‪-‬أن يكون خاصا بصاحب التوقيع‪.‬‬
‫‪-‬أن يسمح بتحديد هوية الموقع‪.‬‬
‫‪ -‬أن يتم إنشاؤه بواسطة معطيات إنشاء التوقيع اإللكتروني التي يمكن أن يستعملها‬
‫صاحب‪.‬‬

‫كما ان المادة ‪ 7‬من نفس القانون اكدت على االعتداد بالتوقيع المقدم بحيث‬
‫نصت " ال يمكن رفض األثر القانوني للتوقيع اإللكتروني البسيط أو المتقدم كحجة‬
‫أمام القضاء أو عدم قبوله لمجرد تقديم هذا التوقيع في شكل إلكتروني‪ ،‬أو ألنه ال‬
‫يفي بمتطلبات التوقيع اإللكتروني المؤهل المنصوص عليه في المادة ‪ 6‬أعاله‪".‬‬

‫‪ - 38‬محمد بيسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬

‫‪23‬‬
‫✓ حجية التوقيع المؤهل‬

‫لقد عرف المشرع التوقيع االلكتروني المؤهل في المادة ‪ 396‬من القانون ‪43.20‬‬
‫المتعلق بالثقة بشأن المعامالت االلكترونية " بكونه توقيع الكتروني متقدم يجب‬
‫انتاجه بواسطة الية إلنشاء التوقيع اإللكتروني المؤهلة والذي يستند إلى شهادة‬
‫مؤهلة للتوقيع اإللكتروني"‪ ،‬وهو نفس التعريف الذي أطلقت عليه الالئحة االوربية‬
‫‪.eIDAS40‬‬

‫وال توقيع اإللكتروني المؤهل هو توقيع إلكتروني متقدم مع شهادة رقمية مؤهلة تم‬
‫إنشاؤها بواسطة جهاز إنشاء توقيع مؤهل ‪ (QSCD).‬لكي يعتبر التوقيع‬
‫مؤهال‪ ،‬يجب أن يفي بثالثة متطلبات رئيسية‪ :‬أوالً‪،‬‬
‫ً‬ ‫اإللكتروني توقي ًعا إلكترونيًا‬
‫ومعرفًا به بشكل فريد‪ .‬النقطة الثانية هي أن‬
‫ّ‬ ‫يجب أن يكون الموقّع مرتب ً‬
‫طا بالتوقيع‬
‫البيانات المستخدمة إلنشاء التوقيع يجب أن تكون تحت سيطرة الموقّع وحده‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬يجب أن يكون لديه القدرة على تحديد ما إذا كان قد تم العبث بالبيانات‬
‫ً‬
‫المصاحبة للتوقيع منذ توقيع الرسالة‪.41‬‬

‫‪ - 39‬نصت المادة ‪ 6‬على ما يلي «التوقيع اإللكتروني المؤهل هو توقيع إلكتروني متقدم يجب إنتاجه بواسطة‬
‫آلية إلنشاء التوقيع اإللكتروني المؤهلة المنصوص عليها في المادة ‪ 8‬بعده‪ ،‬والذي يستند إلى شهادة مؤهلة‬
‫للتوقيع اإللكتروني كما هو منصوص عليها في المادة ‪ 9‬أدناه‪.‬‬
‫‪ - 40‬التوقيع اإللكتروني المؤهل هو توقيع إلكتروني متقدم يتم إنشاؤه باستخدام جهاز إنشاء توقيع إلكتروني‬
‫ويستند إلى شهادة مؤهلة للتوقيعات اإللكترونية‪.‬‬
‫‪ -‬قد تكون أجهزة إنشاء التوقيع اإللكتروني اآلمنة (‪ )SSCD‬محلية (على سبيل المثال رموز ‪ USB‬مميزة أو‬
‫مزود خدمات أجهزة إنشاء توقيع إلكتروني آمنة‬
‫ّ‬ ‫بطاقات ذكية وما إلى ذلك) أو يمكن إدارتها عن بُعد من قبل‬
‫(‪.)SSCD‬‬

‫‪ -‬يتم إصدار الشهادات المؤهلة بواسطة الموفرين من القطاعين العام والخاص الذين تم منحهم حالة "المؤهلين"‬
‫من قبل السلطة الوطنية المختصة كما هو موضح في "القوائم الموثوقة" الوطنية للدولة العضو في االتحاد‬
‫األوروبي‪.‬‬

‫‪ - 41‬التوقيع االلكتروني المؤهل مقال منشور في الموقع االلكتروني‪ ،‬دون دكر صاحب المقال‪،‬‬
‫‪ https://www.zoho.com/ar/sign/eidas-regulation.html‬اخر االطالع ‪.22-5-2022‬‬

‫‪24‬‬
‫ونظرا للحماية الكبيرة التي يتميز بها التوقيع االلكتروني المؤهل‪ ،‬الذي يتطلب‬
‫التوفر على شروط محددة واليات متطورة إلنشائه‪ ،‬أقرت معظم التشريعات‪ ،‬في هذا‬
‫الصـدد مـنح هذا التوقيع قرينة الموثوقية‪.42‬‬

‫لهذا نص المشرع المغربي صراحة على ذلك في الفصل ‪ 417-3‬مـن ق ل ع‬


‫اذ نص هذا األخير على ما يلي " يفترض الوثوق في الوسيلة المستعملة في‬
‫التوقيع االلكتروني‪ ،‬عندما تتيح استخدام توقيع الكتروني مؤهل إلى أن يثبت ما‬
‫يخالف ذلك"‪.‬‬

‫كما أكد المشرع المغربي على ذلك في القانون ‪ 43.20‬في المادة ‪ 10‬التي تنص‬
‫على " تؤكد عملية إثبات صحة توقيع إلكتروني مؤهل صحة هذا التوقيع "‪.‬‬

‫‪ - 42‬محمد بيسن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.87‬‬

‫‪25‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حماية المستهلك اإللكتروني في مرحلة تنفيذ العقد‬

‫إن مقومات حماية المستهلك اإللكتروني في مرحلة إبرام العقد‬


‫اإللكتروني من خالل الحماية من عيوب اإلرادة والشروط التعسفية تهدف‬
‫بصفة أساسية إلى حماية رضا المستهلك إلكتروني أثناء إبرام العقد‪.‬‬

‫أما حماية المستهلك في المرحلة الالحقة إلبرام العقد فتتعلق بمرحلة‬


‫تنفيذ العقد‪ ،‬وما قد يصاحب ذلك من حاجة ملحة لحماية المستهلك‬
‫اإللكتروني‪ .‬ألنها يجب أن تكون قائمة بعد إبرام العقد مثلما هي قائمة قبل‬
‫وأثناء إبرامه‪ ،‬وتؤسس هذه الحماية على ذات األسس والمقومات التي تقوم‬
‫عليها الحماية السابقة إلبرام العقد اإللكتروني‪ ،‬والتي تتمثل في الطبيعة‬
‫اإللكترونية الخاصة التي يبرم بها العقد‪ ،‬وتشمل هذه الحماية حماية‬
‫المستهلك في مواجهة العيوب الخفية واستبعاد الشروط التعسفية ‪ ،‬الن‬
‫الحماية من أضرار المنتجات المعيبة فيها حماية للضرر الذي يمكن أن‬
‫يصيب المستهلك سواء فيما له أو بدونه وذلك ضمانا لسالمته (الفقرة‬
‫الثانية) كما تشمل أيضا الحماية من آثار القوة الملزمة للعقد وخصوصا‬
‫العقد اإللكتروني‪ ،‬عن طريق حماية حق المستهلك اإللكتروني في ممارسة‬
‫‪.‬‬‫خيار التراجع عن التعاقد اإللكتروني بعد إبرام العقد(الفقرة االولى)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬حق الرجوع كآلية لحماية المستهلك اإللكتروني‬

‫يعد الحق في التراجع أحد أهم التقنيات القانونية المبتكرة من طرف‬


‫التشريعات االستهالكية الحديثة إلعادة التوازن إلى العالقات التعاقدية بين‬
‫المهنين والمستهلكين سواء تعاقد فيما بينهم بشكل عادي أو عبر شبكة‬
‫االنترنيت‪ ،‬ويتمثل حق المستهلك في التراجع في إمكانية هذا األخير بإعادة‬

‫‪26‬‬
‫النظر في العقد الذي أبرمه والعدول عنه خالل مدة محددة تختلف باختالف‬
‫محل العقد ويتم رد المبيع واسترداد الثمن‪.43‬‬

‫ونظرا ألهمية هذا االلتزام فإن المشرع المغربي على غرار التشريعات‬
‫االستهالكية الحديثة‪ ،‬قد أخذ بخيار الرجوع بمقتضى قانون ‪31.08‬‬
‫وقصره على نوعين من العقود‪ ،‬حيث تناوله بمناسبة تطرقه للعقود المبرمة‬
‫عن بعد والبيوع خارج المحالت التجارية بموجب المواد ‪ 36‬و‪ 46‬و‪49‬‬
‫من القانون السالف الذكر‪.‬‬

‫والحديث عن حق العدول كمكنة منحتها التشريعات للطرف الضعيف‬


‫في العقد اإللكتروني حماية له‪ ،‬ينبغي منا (أوال) تحديد ضوابط ممارسته‪،‬‬
‫ثم الوقوف على أهم األثار المترتبة عنه (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضوابط ممارسة المستهلك لحقه في التراجع في العقود المبرة عن‬


‫بعد‬

‫إن ممارسة حق التراجع في العقود المبرمة عن بعد يحظى بأهمية‬


‫بالغة إذ أنه يعتبر حجر الزاوية في هذا النوع من التعاقدات‪ ،‬مما يتحتم‬
‫علينا الوقوف على المهلة المحددة لممارسته من طرف المشرع (أ)‪ ،‬ثم‬
‫مجال تطبيق الحق في التراجع‪( .‬ب)‬

‫أيم مساعدة وعالء حصاونة‪ ،‬خيار المستهلك بالرجوع في البيوع المنزلية‪ ،‬وبيع المسافة‪ ،‬مقال منشور في‬ ‫‪43‬‬

‫مجلة الشريعة والقانون العدد السادس واألربعون أبريل سنة ‪ 2011‬األردن‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫أ‪ :‬مهلة ممارسة المستهلك لحقه في الرجوع‬

‫تولى المشرع المغربي في المادة ‪ 36‬من القانون القاضي بتحديد تدابير‬


‫لحماية المستهلك تحديد مهلة ممارسة هذا األخير لحقه في الرجوع عن‬
‫العقد‪ ،‬حيث نصت المادة على ما يلي‪:‬‬

‫"للمستهلك أجل‪:‬‬

‫‪ -‬سبعة أيام كاملة لممارسة حقه بالتراجع‪،‬‬

‫‪ -‬ثالثين يوما لممارسة حقه في التراجع في حالة لم يف المورد بالتزامه‬


‫بالتأكيد الكتابي للمعلومات المنصوص عليها في المادتين ‪".32 ،29‬‬

‫وحسب أحكام المادة أعاله يتبين ان المشرع حدد مهلتين للمستهلك‬


‫لممارسة حقه في التراجع في العقود المبرمة عن بعد‪ ،‬مهلة مبدئية تتمثل‬
‫في أجل سبعة أيام‪ ،‬ومهلة استثنائية محددة في ثالثين يوما في حالة إذا لم‬
‫يفي المورد بالتأكيد الكتاب للمعلومات المحددة في المواد ‪29‬و ‪ 32‬من‬
‫قانون ‪.31.08‬‬

‫فعلى مستوى المهلة المبدئية نجد هي نفس المدة التي كان يحددها‬
‫المشرع الفرنسي في المادة ‪ L121.26‬من مدونة االستهالك الفرنسية قبل‬
‫التعديل الذي طال هذا المادة بمقتضى قانون رقم ‪ 344/2014‬المعدل‬
‫والمتمم لقانون االستهالك الفرنسي‪ ،‬حيث ان بعد التعديل أصبحت المدة‬
‫محددة في أجل ‪14‬يوما ‪.44‬‬

‫‪ 44‬وذلك تماشيا مع أقرته المادة ‪ 9‬من التوجيه األوروبي رقم ‪ 2011/83‬المتعلق بحقوق المستهلك‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫والواقع أن األجل المحدد من قبل المشرع الفرنسي يعتبر معقوال‪ ،‬لكونه‬
‫يتيح للمتعاقد تكوين قناعة قاطعة بخصوص المنتوج أو السلعة أو الخدمة‬
‫محل العقد المبرم عن بعد‪ ،‬كما أنه يعتبر أكثر مرونة مقارنة بالتشريع‬
‫المغربي الذي حدده في أجل سبعة أيام‪ ،‬وإن كان بعض الفقه يرى أن أجل‬
‫‪ 14‬يوم يمكن أن يدخل اضطرابات جدية على مستوى توقيعات البائع عن‬
‫بعد‪ ،‬ويؤدي إلى عدم توازن معامالته‪.45‬‬

‫أما بخصوص المهلة االستثنائية فإنه حسب الفقرة األخيرة من المادة ‪36‬‬
‫من قانون ‪ 31.08‬يتبين ان المشرع رفع من المدة المبدئية لممارسة حق‬
‫التراجع في العقود المبرمة عن بعد من ‪ 7‬أيام إلى ‪ 30‬يوما في الحالة التي‬
‫ال يفي فيها المحترف بالتأكيد الكتابي للمعلومات المنصوص عليها في‬
‫المادتين ‪ 32 ،39‬من نفس القانون‪.‬‬

‫وعليه يكون المشرع المغربي اختلف عن نظيره الفرنسي بخصوص‬


‫تحديد المدة االستثنائية للممارسة المستهلك حقه في التراجع‪ ،‬حيث انه‬
‫بالوقوف عند هذا األخير نجده حددها في مدة تصل إلى ‪ 12‬شهرا حسب‬
‫التعديل الذي أجراه المشرع الفرنسي بموجب قانون ‪ ،344/2014‬بعد ما‬
‫كان يحددها بمقتضى الفقرة الثالثة من الفصل ‪ L212/20‬في ‪ 3‬أشهر‪.‬‬

‫ب‪ :‬مجال تطبيق الحق في التراجع‪.‬‬

‫بهدف تعزيز رضا المستهلك فإن مختلف التشريعات الحديثة منحته أيضا‬
‫مهلة إضافية للرجوع عن العقد أو ما يسمى بمهلة الندم أو الرجوع أو‬
‫بحسب تسمية المشرع المغربي مهلة التراجع‪.‬‬
‫‪ 45‬يوسف صدقي‪ " :‬حق التراجع عن العقد‬

‫‪29‬‬
‫وتأسيسا على ذلك نجد المشرع المغربي تعرض لنطاق تطبيق حق‬
‫التراجع من خال تطرقه لجملة من االستثناءات التي وردت في المادة ‪38‬‬
‫من القانون ‪ 31.08‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك‪ ,‬وكذلك ما‬
‫جاءت به الفقرة األخيرة من المادة ‪ 36‬من نفس القانون التي نصت على‬
‫أنه "‪...‬تطبق أحكام هذه المادة مع مراعاة أحكام المادتين ‪38‬و ‪ "42‬كل‬
‫هذا يوضح اتساع نطاق هذا الحق ليشمل جميع العقود االستهالكية سواء‬
‫تلك التي تعتمد على الوسائل العادية أو اإللكترونية‪ ,‬لكن المشرع من خالل‬
‫المادة ‪ 42‬يستثني من العقود التي تتم عن طريق وسائل االتصال عن‬
‫طريق األنترنت من نطاق ممارسة حق التراجع‪ ,‬حيث استثنى بعض السلع‬
‫والخدمات من ممارسة حق التراجع كخدمات التزويد بسجالت سمعية أو‬
‫بصرية‪ ،‬أو الجرائد أو المجالت‪ ،‬أو السلع السريعة التلف‪ ,‬أو التي صنعت‬
‫خصيصا للمستهلك بحسب المواصفات التي طلبها‪.46‬‬

‫ويعد تحديد المشرع المغربي لنطاق حق التراجع عن طريق أسلوب‬


‫االستبعاد إال تجسيدا لما ذهب إليه المشرع الفرنسي لما قرر استبعاد هو‬
‫اآلخر العديد من العقود‪ ،‬طبقا للمادة‪121-1-20.‬‬

‫وفي هذا اإلطار نصت المادة ‪ 38‬من القانون ‪( 31.08‬ق ح م) على ما‬
‫يلي "ال يمكن أن يمارس حق التراجع إال إذا اتفق الطرفان على خالف‬
‫ذلك في العقود المتعلقة بما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬الخدمات التي شرع في تنفيذها بموافقة المستهلك قبل انتهاء أجل‬


‫السبعة أيام‬

‫‪ 46‬لمجلة العربية‪-‬مؤلف جماعي حول حماية المستهلك‬

‫‪30‬‬
‫كاملة؛‬

‫‪ -2‬التزويد بالمنتوجات أو السلع أو الخدمات التي يكون ثمنها أو تعريفتها‬


‫رهينا‬

‫بتقلبات أسعار السوق المالية؛‬

‫‪ -3‬التزويد بالسلع المصنوعة حسب مواصفات المستهلك أو المعدة له‬


‫خصيصا أو التي ال يمكن بحكم طبيعتها إعادة إرسالها أو تكون معرضة‬
‫للفساد أو سريعة التلف؛‬

‫‪ 4‬التزويد بتسجيالت سمعية أو بصرية أو برامج معلوماتية عندما يطلع‬


‫عليها المستهلك؛‬

‫‪ -5‬التزويد بالجرائد والدوريات أو المجالت‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬أثار ممارسة الحق في التراجع في العقود المبرمة عن بعد‬

‫ينجم عن ممارسة المستهلك لحقه في التراجع في العقد المبرم عن بعد‬


‫زوال هذا األخير وانقضاؤه‪ ،‬ويلتزم األطراف بإعادة الحالة إلى ما كانت‬
‫عليه قبل التعاقد ويلتزم األطراف بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل‬
‫التعاقد‪.‬‬

‫وبناء عليه سنحاول الحديث عن اآلثار المترتبة عن ممارسة الحق في‬


‫التراجع بالنسبة للمستهلك من جهة (أ)‪ ،‬ثم بالنسبة للمورد من جهة أخرى‬
‫(ب) ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫أ‪ :‬أثار ممارسة الحق في التراجع بالنسبة للمستهلك‬

‫ان من بين األثار المترتبة عن ممارسة المستهلك االلكتروني حق‬


‫الرجوع نقض العقد السابق المراد إبرامه وفسخه بصفة عامة ويترتب عن‬
‫ذلك أن يكون عليه رد السلعة أو المنتج إلى المهني أو التنازل عن الخدمة‪.‬‬

‫فالمستهلك الذي يمارس هذه الوسيلة داخل األجل المحدد قانونا ال‬
‫يتحمل في مقابل ذلك أي جزاء أو مصروفات‪ ،‬فيما عدا المصروفات‬
‫المحتملة إلرجاع المنتوج ‪ ،47‬وهذا المقتضى تم التنصيص عليه بشكل‬
‫ضمني بموجب أحكام الفقرة الثانية من المادة ‪ 36‬من القانون ‪31.08‬‬
‫القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك إذ جاء في نص المادة ما يلي ‪:‬‬

‫‪"...‬وذلك دون الحاجة إلى تبرير ذلك أو دفع غرامة باستثناء مصاريف‬
‫اإلرجاع إن اقتضى الحال ذلك" ‪...‬‬

‫ومنه يكون على المستهلك عند ممارسة الحق في التراجع ملزم بإعادة‬
‫محل العقد‪ ،‬بحيث يلتزم بإعادة الحالة إلى ما كانت عليها قبل التعاقد‪ ،‬وكما‬
‫انه يتحمل نتيجة لذلك مصاريف اإلرجاع‪ ،‬وهذا في الحقيقة يعتبر استثناء‬
‫على مبدأ مجانية حق التراجع في العقود المبرمة عن بعد‪.48‬‬

‫وإذا كان المشرع المغربي ألقى على كاهل المستهلك عند ممارسة حقه‬
‫في التراجع رد محل التعاقد للمهني‪ ،‬فإنه في مقابل ذلك لم يحدد أجال لذلك‬
‫وال من يمكنه أن يتسلمه مكانه‪ ،‬كما فعل المشرع الفرنسي من خالل المادة‬
‫رضوان جيراني‪" :‬حق التراجع كآلية لحماية المستهلك في عقود التجارة االلكترونية"‪ ،‬مقال منشور في‬ ‫‪47‬‬

‫المجلة العربية للدراسات القانونية والقضائية م س ص ‪.35‬‬


‫وفي نفس االتجاه نجد المشرع الفرنسي ينص على مبدأ المجانية باستثناء مصاريف الرد في المادة‬ ‫‪48‬‬

‫‪ L121.20‬من مدونة االستهالك الفرنسية‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ L221-23‬من قانون االستهالك الفرنسي حيث قال بأن المستهلك عند‬
‫ممارسة حقه في التراجع يجب عليه إرجاع محل التعاقد للمهني أو ألي‬
‫شخص يعينه هذا األخير مكانه‪ ،‬بدون تأخر وداخل أجل أربعة عشر يوما‬
‫من تاريخ تبليغه للمهني قراره بالتراجع عن التعاقد‪ ،‬ما لم يقترح المهني‬
‫أنه هو من سيتكفل بإرجاع محل التعاقد‪.‬‬

‫وباإلضافة إلى ذلك نجد أن المشرع الفرنسي نص في المادة ‪L 221-23‬‬


‫على مقتضى جد مهم‪ ،‬يخص مسؤولية المستهلك عن خفض قيمة محل‬
‫التعاقد الناتج عن استعماله‪ ،‬حيث يطرح سؤال حول إمكانية حرمان‬
‫المستهلك وخصوصا المستهلك المتعاقد إلكترونيا‪ ،‬في حالة فتح غالف‬
‫السلعة محل التعاقد‪ ،‬فهل يمكن اعتبار أن المستهلك هنا عمل على نقص‬
‫‪49‬‬
‫وخفض قيمة ذلك المحل؟‬

‫هذا التساؤل هو ما أجاب عنه القضاء الفرنسي من خالل قرار لمحكمة االستئناف بـبوردو بقوله ‪:‬‬ ‫‪49‬‬

‫" فيما يخص الحق في التراجع فإن شركة ‪ Cdiscount،‬وهي شركة مختصة بالبيع عبر األنترنت‪،‬‬
‫تشترط في العقود التي تبرمها أنه ال تقبل المنتجات التي ترجع في حالة ال تسمح بإعادة تسويقها‪ ،‬حيث إن‬
‫المنتوج يجب أن يرد في حالة جيدة وفي غالفه األصلي‪ ،‬وذلك دون أن يتم فتح هذا األخير وال اتالفه وال أن‬
‫يكتب عليه‪ ،‬وحيث إن جمعية حماية المستهلك‪ UFC que choisir ،‬تعتبر أن هذا الشرط يحرم‬
‫المستهلك المتعاقد إلكترونيا من االستفادة من حقه في التراجع‪ ،‬ألنه ليس بإمكانه أن يتفحص المنتوج الذي‬
‫اقتناه‪ ،‬بما أن شركة ‪ Cdiscount‬تمنع المستهلك في حقيقة األمر من فتح الغالف من خالل الشرط المشار‬
‫إليه‪ ،‬ألنه في حالة فتحه فإنه سيتم اتالفه بالتأكيد‪ ،‬وقد ردت شركة ‪ Cdiscount‬على هذا الدفع‪ ،‬فاعتبرت‬
‫أن الهدف من هذا الشرط ليس هو حرمان المستهلك من ممارسة حقه في التراجع‪ ،‬بل إن هذا الشرط يهدف‬
‫إلى الحفاظ على المنتوج وإرجاعه في حالة جيدة ‪.‬‬
‫إن المنتوج يجب أال يتم خلطه مع الغالف‪ ،‬فهذا الخير من الضروري فتحه حتى يتمكن المستهلك من تصفحه‬
‫السلعة بل ويمكن إتالفه أيضا‪ ،‬لكن هذه المسألة يجب أال تحرم المستهلك من ممارسة حقه في التراجع‪ ،‬لذا‬
‫فإن الشرط المشار إليه أعاله يجب تعديل"‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫ب‪ :‬أثار ممارسة الحق في التراجع بالنسبة للمورد‬

‫يترتب عن ممارسة المستهلك لحقه في التراجع عن العقد المبرم بشكل‬


‫الكتروني بعض اآلثار بالنسبة للمورد تتمثل بصفة أساسية في التزامه برد‬
‫الثمن الذي تسمله من قبل المستهلك‪ ،‬ولعل هذا ما أكدته المادة ‪ 37‬القانون‬
‫‪ 31.08‬القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك حيث جاء في نصها‪:‬‬

‫" عند ممارسة حق التراجع‪ ،‬يجب على المورد أن يرد إلى المستهلك‬
‫المبلغ المدفوع كامال على الفور وعلى أبعد تقدير داخل الخمسة عشر‬
‫يوما الموالية للتاريخ الذي تمت وبعد انصرام اآلجل المذكور‪ ،‬ترتب بقوة‬
‫القانون على المبلغ المستحق فوائد بالسعر القانوني المعمول به‪ .‬فيه‬
‫ممارسة الحق المذكور‪ .‬وبعد انصرام اآلجل المذكور‪ ،‬ترتب بقوة القانون‬
‫على المبلغ المستحق فوائد بالسعر القانوني المعمول به"‪.‬‬

‫وبالتالي يكون المشرع سار على نهج ما تضمنه المادة ‪ L 221-24‬من‬


‫مدونة االستهالك الفرنسية‪ ،‬والتي قضت بأن المهني يقوم بإرجاع المبالغ‬
‫المدفوعة داخل أجل أربعة عشر يوما من تاريخ علمه بقرار المستهلك‬
‫بالتراجع عن التعاقد‪.‬‬

‫غير أن هنا يمكن يثار تساؤل حول ما ورد في المادة ‪ 37‬من القانون‬
‫‪ 31.08‬بخصوص أجل الخمسة عشر يوما هل تحتسب من تاريخ إصدار‬
‫المستهلك رغبته في التراجع أم من تاريخ علم المهني بذلك التراجع؟‬

‫‪34‬‬
‫هنا ال نجد أي إشارة للمشرع المغربي بهذا الخصوص‪ ،‬على خالف‬
‫المشرع الفرنسي الذي قضى بأن هذا األجل يحتسب من تاريخ علم المهني‬
‫‪L221-24.‬‬ ‫‪50‬‬
‫بتراجع المستهلك عن التعاقد كما سبقت اإلشارة في‬

‫وفي حالة ما تجاوز المورد األجل لرد المبلغ المدفوع من قبل المستهلك‬
‫المحدد في المادة ‪ 37‬من القانون ‪ 31.08‬يؤدي استرداد المبلغ المدفوع من‬
‫قبل المستهلك زائد ترتيب فوائد والتي تحتسب على أساس السعر القانوني‬
‫المعمول به‪.51‬‬

‫وقد عاقب المشرع المورد الذي يرفض رد المبالغ المؤدى من قبل‬


‫المستهلك في المادة ‪ 178‬من القانون ‪ ،31.08‬بغرامة مالية من ‪ 1200‬إلى‬
‫‪ 50.000‬درهم وفي حالة العود يمكن أن ترفع إلى الضعف‪.52‬‬

‫وفي نفس االتجاه نجد المشرع الفرنسي جعل من رفض المهني رد‬
‫السلعة التي أعادها له استعماال لحقه في التراجع مخالفة يتم معاينتها‬
‫والتحقق منها من قبل الجهات المنوطة بها التحقق في مجال المنافسة‬

‫بــدر منشيــف‪" :‬حمــاية المستهلك فــي العقد اإللكتروني"‪ ،‬مقال منشور في المجلة العربية للدراسات‬ ‫‪50‬‬

‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية عدد خاص ص ‪.344‬‬


‫‪ 51‬تنص الفقرة األخيرة من المادة ‪ 37‬على ما يلي‪..." :‬وبعد انصرام اآلجل المذكور‪ ،‬ترتب بقوة القانون على‬
‫المبلغ المستحق فوائد بالسعر القانوني المعمول به‪".‬‬
‫تنص المادة ‪ 178‬على ما يلي‪« :‬يعاقب بغرامة مالية من ‪ 1200‬إلى ‪ 50.000‬درهم المورد الذي‬ ‫‪52‬‬

‫يرفض ارجاع المبالغ إلى المستهلك وفق الشروط المنصوص عليها في ال مادتين‪37‬و‪40.‬في حالة العود ترفع‬
‫الغرامة إلى الضعف‪.‬‬
‫يعتبر في حالة العود من يرتكب مخالفة داخل أجل الخمس سنوات الموالية لصدور حكم‬
‫حائز على قوة الشيء المقضي به من أجل أفعال مماثلة‪".‬‬

‫‪35‬‬
‫واالستهالك وقمع الغش‪ ،‬وقد يؤدي ذلك إلى توقيع عقوبة ال تقل عن ‪6‬‬
‫أشهر وغرامة قدرها ‪ 7500‬أورو‪.53‬‬

‫والمالحظ حسب بعض الباحثين‪ ،‬أن المشرع لم يتطرق هنا إلى طريقة‬
‫استرداد هذا المبلغ على الرغم من أهميته في هذا المجال‪ ،‬ألن بعض‬
‫الموردين يعملون على اللجوء إلى رد المبلغ على شكل قسمة شراء مثال أو‬
‫على شكل دفعات أو احتسابها في شكل قروض الشيء الذي يجعل‬
‫المستهلك في حالة تبعية للمورد‪.‬‬

‫لذلك يجب على المشرع أن يشير صرحة إلى هذا االسترداد الذي يجب‬
‫أن يتم بأي وسيلة من وسائل األداء المعروفة قانونا مع تخويل المستهلك‬
‫إمكانية قبول أو رفض هذه الطريقة أو تلك عن طريق األداء‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ضمان العيوب الخفية ومواجهة الشروط التعسفية‬

‫إضافة إلى الضمانات السالفة يعتبر ضمان العيب الخفي‪ ،‬ومواجهة‬


‫الشروط التعسفية من أبرز اآلليات الحمائية التي تلجأ إليها التشريعات‬
‫االستهالكية الحديثة لحماية المستهلك سواء كان عاديا أو الكتروني‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضمان العيوب الخفية‬

‫يعد ضمان العيوب الخفية من بين االلتزامات الملقاة على كاهل‬


‫البائع‪ ،54‬ذلك أن المستهلك الذي يبرم العقد االلكتروني مع المورد القتناء‬

‫زهير الخنسي‪ " :‬حق المستهلك في التراجع – العقود المبرمة عن بعد نموذجا‪ ،"-‬رسالة لنيل ديبلوم الماستر‬ ‫‪53‬‬

‫في القانون الخاص القانون‪ ،‬تخصص القانون المدني‪ ،‬ص‪ ،79‬سنة ‪.2015/2016‬‬
‫نص المشرع على هذا االلتزام في الفقرة الثانية من الفصل ‪ 532‬من ق ل ع‪ ،‬حيث جاء في نص الفصل ما‬ ‫‪54‬‬

‫يلي ‪:‬‬
‫الضمان البائع للمشتري يشمل أمرين ‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫المنتوج او سلعة يفترض مبدئيا أنه خال من العيوب وال تشوبه شائبة‬
‫وصالح لألغراض الذي وقع البيع من أجلها على نحو يمكن االنتفاع به‬
‫لتحقيق الغاية المرجوة منه‪ ،‬بحيث إذا كان المستهلك على بينة بالعيب قبل‬
‫إبرام العقد لما أقدم على اقتنائه‪.55‬‬

‫وإذا كان المشرع المغربي قد أفرد للمستهلكين سواء التقليدين أو‬


‫االلكترونين قانونا خاص بهم والمتمثل في قانون ‪ ،31.08‬المتضمن ثلة‬
‫من االليات الحمائية لهم كما سبقت اإلشارة‪ ،‬إال أنه فيما يخص حق‬
‫المستهلك في ضمان العيوب الخفية التي تلحق محل العقد فقد أحالنا قانون‬
‫المستهلك في مادته ‪ 65‬في تنظيم ذلك إلى قانون االلتزامات والعقود‬
‫‪56‬‬
‫والسيما المواد ‪ 549‬إلى ‪.575‬‬

‫أ‪.... .‬‬
‫"‪.‬‬ ‫ب وثانيهما عيوب الشيء المبيع (ضمان العيب)‬
‫الشرقاوي قرقار‪ " :‬حماية المستهلك االلكتروني من الشروط التعسفية"‪ ،‬مجلة عدالة للدراسات القانونية‬ ‫‪55‬‬

‫والقضائية‪ ،‬ص ‪ ،130‬عدد ‪.3‬‬


‫تنص المادة ‪ 65‬من قانون ‪ 31.08‬على ما يلي‪" :‬تطبق على عقود بيع السلع أو المنتوجات المبرمة بين‬ ‫‪56‬‬

‫المستهلك والمورد األحكا م المتعلقة بالضمان القانوني لعيوب الشيء المبيع والواردة في الفصول من ‪ 549‬إلى‬
‫‪ 575‬من الظهير الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 12 – 1331‬أغسطس ‪ -1913‬بمثابة قانون االلتزامات‬
‫والعقود‪.‬‬
‫‪ 9‬رمضان‬ ‫غير أن أحكام البند الثاني من الفصل ‪ 571‬من الظهير الشريف بتاريخ‬
‫‪1331 – 12‬أغسطس ‪ -1913‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود ال تطبق على عقود بيع السلع‬
‫أو المنتوجات المبرمة بين المستهلك والمورد‪.‬‬
‫خالفا ألحكام المواد ‪ 573‬و‪ 553‬من الظهير الشريف بتاريخ ‪ 12 – 1331‬أغسطس ‪ -1913‬بمثابة‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬كل دعوى ناشئة عن العيوب الموجبة للضمان أو عن خلو المبيع من الصفات‬
‫الموعود بها يجب أن ترفع في اآلجال اآلتية‪ ،‬وإال سقطت‪:‬‬
‫بالنسبة إلى العقارات‪ ،‬خالل سنتين بعد التسليم ؛‬
‫بالنسبة إلى األشياء المنقولة خالل سنة بعد التسليم‪.‬‬
‫وال يسوغ تقصير هذه اآلجال باتفاق المتعاقدين"‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫وعلى أيا كان فإن الحديث عن العيوب الخفية ينبغي أوال تحديد ما‬
‫المقصود بها (أ)‪ ،‬ثم الوقوف على اهم شروطها ومضمونها (ب)‪.‬‬

‫أ‪ :‬المقصود بالعيب الخفي‬

‫كما سبقت اإلشارة أن المشرع المغربي فيما يتعلق بضمان العيوب‬


‫الخفية أحالنا إلى القواعد العامة الواردة في قانون االلتزامات والعقود من‬
‫الفصول ‪ 549‬إلى ‪ ،575‬وبالوقف على هذه األخير نجده لم يحدد ما‬
‫المقصود بالعيب الخفي مكتفيا فقط بتعداد العيوب التي تستوجب الضمان‬
‫بمقتضى الفصل ‪ 549‬من ق ل ع والذي جاء فيه على أنه‪" :‬يضمن البائع‬
‫عيوب الشيء التي تنقص من قيمته نقصا محسوسا أو التي تجعله غير‬
‫صالح الستعماله فيما أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد‪ .‬أما العيوب‬
‫التي تنقص نقصا يسيرا من القيمة أو االنتفاع والعيوب التي جرى العرف‬
‫على ال تسامح فيها فال يصول الضمان‪ .‬ويضمن البائع أيضا وجود الصفات‬
‫التي صرح بها أو التي اشترطها المشتري"‪.‬‬

‫ويمكن تعريف العيب الخفي حسب بعض الفقه‪" :57‬بأنه كل ما يطرأ‬


‫على الشيء من أمر تفوت أو تنقص به المنفعة المرجوة منه بحيث يؤدي‬
‫ذلك إلى نقصان قيمته عند التجار والخبراء وكان الغالب في أمثال وجود‬
‫هذا الشيء عدم وجود هذا األمر"‪ ،‬كما عرفته محكمة النقض المصرية‬
‫قديما بأنه‪" :‬هو ذلك األفة الطارئة التي تخلو منها الفطرة السليمة للمبيع‬

‫‪ 57‬د عباس حسن الصراف‪" ،‬شرح عقدي البيع واإليجار في القانون المدني"‪ ،‬الجديد مطبعة األهالي بغداد‬
‫‪ 1955‬ص ‪.207‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ ،"58‬وعرفته أيضا محكمة القضاء الفرنسي بأنه‪" :‬كل ما يصيب الشيء‬
‫المبيع بطارق عارض وال يوجد حتما في كل األشياء المماثلة‪".‬‬

‫وعلى هذا النحو يمكن القول بأن العيب الخفي هو ذلك اآلفة العارضة‬
‫التي تؤدي إلى نقص قيمة المبيع‪ ،‬أو نقص منفعة المبيع‪.‬‬

‫ب‪ :‬شروط ضمان العيب الخفي‬

‫إن االلتزام بضمان العيوب الخفية الذي يستوجب الضمان ال يترتب في‬
‫جميع األحـوال إال إذا تـوفرت مجموعة من الشروط‪ ،‬لعل أهمها ‪:‬‬

‫‪ -‬أن يكون العيب مؤثرا‬

‫ال يضمن المورد العيب الخفي إال إذ كان له تأثير بالغ على المستهلك‬
‫وينقص من قيمة الشيء محل العقد‪ ،‬أي أن يبلغ قدر من الجسامة التي‬
‫تنقص من قيمة المبيع‪ ،‬ولعل هذا ما يستشف من أحكام الفصل ‪ 549‬من ق‬
‫ل ع‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة أن الفصل ‪ 549‬قد أشار إلى الضوابط التي يتحدد بها‬
‫هذا النقص‪ ،‬يتعلق األول بطبيعة المبيع ذاته‪ ،‬والضابط الثاني يتعلق‬
‫بالغرض الذي أعد له الشيء المبيع‪ ،‬الضابط الثالث فهو نقص منفعة المبيع‬
‫بحسب ما هو مبين في العقد ‪.59‬‬

‫ومن باب التنبيه على أن العيب الخفي الذي يشكل موجب للضمان هو‬
‫العيب الذي ينقص من قيمة الشيء المبيع أو منفعته نقصا محسوسا‪ ،‬أي‬

‫‪ 58‬قرار صادر عن محكمة النقص سنة ‪ 8‬أبريل ‪.1948‬‬


‫بــدر منشيــف "حمــاية المستهلك فــي العقد اإللكتروني" م س ص‪349‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪39‬‬
‫جسيما‪ ،‬أما العيب الذي ينقص من قيمة الشيء نقصا طفيفا أو جرى‬
‫العرف على التسامح بشأنه فال يخول الضمان‪ ،‬وتحديد مدى جسامة العيب‬
‫من عدمه مسألة موضوعية يتمتع القضاء في شأن تقديرها بسلطة واسعة‪.‬‬

‫‪ -‬أن يكون العيب خفيا‬

‫مفاد هذا الشرط أن يكون العيب غير ظاهرا عند التعاقد‪ ،‬فإذا كان كذلك‬
‫فال التزام على البائع بضمان المبيع‪ ،‬أو عندما كان يعلم به المشتري‪ ،‬وقد‬
‫نصت على هذا الشرط أحكام المادة ‪ 569‬من ق ل ع " ال يضمن البائع‬
‫العيوب الظاهرة وال العيوب التي كان المشتري يعرفها‪".‬‬

‫وعليه فإن العيب الذي يشكل موجبا للضمان يجب أن تتوفر في خاصية‬
‫الخفاء‪ ،‬بحيث أن المكتشف والظاهر من طرف المستهلك أثناء مرحلة في‬
‫العقد ال يضمنه المورد‪ ،‬مالم يكن هذا األخير أخل بواجب اإلعالم‬
‫المنصوص في القسم الثاني من القانون رقم ‪ 31.08‬القاضي بتحديد تدابير‬
‫لحماية المستهلك‪.‬‬

‫‪ -‬أال يكون العيب معروفا لدى المستهلك‬

‫يلزم أن يكون المستهلك غير عالم عند ابرام العقد االلكتروني بالعيب‪،‬‬
‫ألن العلم بالعيب يسقط حق المشتري في ضمان‪ ،‬فالبائع ال يضمن العيوب‬
‫التي كان يعرفها وقت ابرام العقد‪ ،‬إذ يعد داللة على تنازل المشتري عن‬
‫حقه في الضمان‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫وهذا الشرط نستشفه من خالل مضمون الفصل ‪ 569‬السالفة الذكر‪،‬‬
‫وكذلك من خالل فحوى الفصل ‪ ،571‬التي تنص على أنه " ال يضمن‬
‫البائع عيوب الشيء أو خلوه من الصفات المتطلبة فيه‪:‬‬

‫أوال‪ :‬إذا صرح بها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إذا اشترط عدم مسؤولية عن أي ضمان"‪.‬‬

‫وفي األخير يمكن القول إن المستهلك رغم أنه يتمتع بحقه في ضمان‬
‫العيوب الخفية حال توفر شروط ذلك‪ ،‬إال أنه ال يستفيد من تلك الضمانة‬
‫القانونية عند تنازله عنها صراحة بعد علمه بالعيب أو عندما يبيع الشيء‬
‫المبيع بعد علمه بالعيب وتصرف فيه باعتباره مالكا له أو عند استعماله‬
‫‪60‬‬
‫للشيء المبيع بشكل شخصي بعد علمه بالعيب الذي يشوبه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مواجهة الشروط التعسفية‬

‫إن تزايد معدالت الطلب على المنتجات االستهالكية وباقي الخدمات‬


‫األخرى من قبل المستهلكين‪ ،‬دفع غالبية المهنين في إطار عالقتهم بهؤالء‬
‫االنفراد في صياغة وتحديد بنود العقد بالشكل الذي يخدم مصالحهم ويضر‬
‫بالمستهلكين نظرا لما يتوفروا عليه من قوة اقتصادية وخبرة فنية تجعلهم‬
‫متفوقين على المستهلك االلكتروني‪ ،‬وبالتالي فرض ما يردون من الشروط‬
‫التعسفية ومع ما يترتب عند ذلك حالة االتوازن في عقد االستهالك‬
‫االلكتروني ‪.‬‬

‫‪ 60‬الشرقاوي قرقار‪ " :‬حماية المستهلك اإل لكتروني من الشروط التعسفية"‪ ،‬مجلة عدالة للدراسات القانونية‬
‫والقضائية‪ ،‬عدد ‪ ،3‬ص‪.148‬‬

‫‪41‬‬
‫ومنه فإن الحديث عن حماية المستهلك اإللكتروني من الشروط تعسفي‬
‫ينبغي الوقوف على تحديد ما المقصود بالشروط التعسفية (أ) ثم تحديد سبل‬
‫مواجهتها (ب)‪.‬‬

‫(أ)‪ :‬المقصود بالشرط التعسفي‬

‫هناك عدة تعاريف فقهية‪ ،61‬وتشريعية حاولت تقريب مفهوم الشرط‬


‫التعسفي إلى األذهان من ذلك ما ورد في المادة ‪ 132‬من مدونة االستهالك‬
‫الفرنسية التي نصت‪ "،‬في العقود المبرمة بين محترفين وغير محترفين أو‬
‫مستهلكين تكون تعسفية الشروط التي يحدث موضوعها وأثارها حالة من‬
‫عدم التوازن بين حقوق والتزامات األطراف المتعاقدة‪".62‬‬

‫وبالرجوع إلى مقتضيات القسم الثالث من القانون رقم ‪ 31.08‬المتعلق‬


‫بحماية المستهلك من الشروط التعسفية فإننا نالحظ أن المشرع المغربي‬
‫عرف الشرط التعسفي في المادة ‪ 15‬من القانون السالف الذكر التي نصت‬
‫على أنه‪ ":‬يعتبر كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختالل كبير‬
‫بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك‪".‬‬

‫وعلى هذا النحو يمكن القول بأن الشرط يعتبر تعسفيا كل شرط يفرض‬
‫على المستهلك من طرف المهني نتيجة تعسف هذا األخير في استعمال‬

‫أورد الفقه مجموعة من التعاريف للشروط التعسفية‪ ،‬منها " أن الشرط التعسفي هو ذلك البند المعد والمهيأ‬ ‫‪61‬‬

‫سلفا من طرف المتعاقد القوي‪ ،‬بمقتضاه يستطيع جني منفعة فاحشة‪ ،‬ويدخل في حكمه شروط اإلعفاء من‬
‫المسؤولية أو المحددة لها‪ ،‬الشروط الجزائية وشروط االختصاص"‪ ،‬ويمكن تعريفه أيضا بأنه‪ " :‬ذلك الشرط‬
‫الذي يترتب عليه عدم توازن تعاقدي لصالح ذلك الذي يفرضه على شخص ال خبرة له‪ ،‬أو أنه قد وجد في‬
‫مركز عدم المساواة الفنية أو االقتصادية في مواجهة الطرف اآلخر‪".‬‬
‫عبد الرحمان الشرقاوي مرجع سابق‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫د‪ .‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر االلتزام الكتاب األول‪ ،‬م‪،‬س ص ‪.214‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪42‬‬
‫سلطته االقتصادية بهدف الحصول على ميزة مجحفة‪ ،‬ويمكن التمييز بين‬
‫صنفين من الشروط التعسفية‪ ،‬األولى شروط تعسفية بذاتها حيث يظهر‬
‫التعسف واضحا منذ إدراجها في العقد‪ ،‬وقد تصدت لها أغلب التشريعات‬
‫بنصوص قانونية ‪ ،‬أما بخصوص الثانية فهي شروط تعسفية بحكم‬
‫استعمالها‪ ،‬إذ أنها شروط عادية ال يظهر فيها التعسف عند إدراجها في‬
‫العقد وإنما عند التطبيق‪ ،‬لذلك فهي أخطر من النوع األول‪ ،‬كما أنها تنبني‬
‫على صفة النسبية إذ تختلف من عقد آلخر لذلك فأمر تقديرها يجب أن‬
‫يترك للقضاء‪.63‬‬

‫كما نسجل هنا أنه بعض الفقه يرى بأنه لكي يعتبر الشرط تعسفيا يجب‬
‫أن تتوفر فيه عنصران هامان‪ ،‬األول يتمثل في العنصر االقتصادي يتمثل‬
‫في استعمال القوة االقتصادية للمهني‪ ،‬بحيث أن وضعه االقتصادي يجعله‬
‫يملك نفوذا وتفوقا على المستهلك الذي ال يجعل أمامه سوى القبول أو‬
‫الرفض للتعاقد بدون مناقشة أو تفاوض‪ ،‬أما العنصر الثاني فيتمثل في‬
‫اختالل التوازن بين الحقوق والتزامات الطرفين في غير مصلحة‬
‫المستهلك‪ ،‬أو هو الميزة المفرطة والمتجاوزة التي يحصل عليها المهني‬
‫بمناسبة التعاقد‪.64‬‬

‫محمد المسلومي‪" :‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية أثناء التعاقد"‪ ،‬مجلة الملف‪ ،‬العدد الثامن‪ ،‬أبريل‬ ‫‪63‬‬

‫‪2006،‬ص ‪.166‬‬
‫حمد محمد حمد هللا‪" ،‬ح ماية المستهلك في مواجهة الشروط التعسفية"‪ ،‬القاهرة دار الفكر العربي‪ ،‬أورده‬ ‫‪64‬‬

‫مزمل سيد أحمد محمود سعيد‪ ،‬بحث لنيل درجة الماستر جامعة النيلين‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬قسم القانون‪ ،‬ص‬
‫‪ ،96‬سنة ‪.2020‬‬

‫‪43‬‬
‫ثالثا‪ :‬سبل مواجهة الشروط التعسفية‬

‫ان طرق مواجهة الشروط التعسفية تختلف من تشريع آلخر بحسب‬


‫األسلوب الذي تعتمده‪ ،‬بحيث عملت بعضها على جعل السلطة التشريعية‬
‫والتنفيذية هي المختصة بتحديد هذه الشروط‪ ،‬ويسمى هذا األسلوب‬
‫تتضمن مجموعة من‬ ‫بأسلوب القائمة ‪ 65‬الذي يتمثل في إعداد الئحة‬
‫الشروط التي تعتبر تعسفية‪ ،‬وهو ما يسمى باألسلوب القائمة‪ ،‬والذي‬
‫بموجبه يتم إعداد الئحة من الشروط التي يمكن اعتبارها تعسفية‪ ،‬وبالتالي‬
‫يستجيب القاضي بإبطالها‪ ،‬إذا ما عمد المورد إلى فرضها على المستهلك‪،‬‬
‫غير أن هذا األسلوب يتميز كونه أنه يجعل هامش تدخل القضاة ضيقا ‪،‬‬
‫يخدم مصلحة المهني ويتفادى تحكم القضاة‪.66‬‬

‫وفي مقابل هذا التوجه ذو طابع الحصري لقائمة الشروط التعسفية التي‬
‫تستوجب اإللغاء‪ ،‬فإن هناك من التشريعات التي نهجت طريق آخر‪ ،‬إذ‬
‫عملت على تخويل القاضي سلطة تقديرية مهمه لدراسة كل حالة على‬
‫حدة‪ ،‬ويسمى هذا األسلوب بالتقديري‪.67‬‬

‫ونظرا لالنتقادات التي وجهت لكال األسلوبين السابقين‪ ،‬فإن هناك من‬
‫التشريعات التي حاولت تجاوز ذلك من خالل تبنيها لألسلوب المختلط‬
‫لمواجهة الشروط التعسفية التي تستوجب اإللغاء‪ ،‬ويهدف هذا االتجاه إلى‬

‫‪ 65‬هذا األسلوب اتبعه‪ ،‬المشرع الفرنسي وبعض التشريعات الي تأثرت به‬
‫‪ 66‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬مصادر االلتزام الجزء األول‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.278‬‬

‫هذا األسلوب يخول للقاضي إمكانية إبطال شروط العقد التعسفية استنادا إلى وجود تعريف قانوني لها‪ ،‬وإذإ‬ ‫‪67‬‬

‫كان هذا األسلوب يتميز بالبساطة والمرونة فإن أهم عيب تم توجهيه له يتمثل في الخوف من سوء استعمال‬
‫القضاة للسلطة التقديرية المخولة لهم‪ ،‬وما يترتب عن ذلك من تحكم يهدد استقرار المعمالت‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫العمل باألسلوبين السابقين معا‪ ،‬حيث يتم التنصيص على قائمة تتضمن‬
‫مجموع الشروط التي تعتبر تعسفية في نظر السلطات العامة‪ ،‬إضافة إلى‬
‫تخويل القاضي سلطة إبطال الشروط التعسفية‪ ،‬تأسيسا على التعريف التي‬
‫تم وضعه من طرف المشرع ‪.‬‬

‫أما بالنسبة للنهج الذي سلكه المشرع المغربي في القانون رقم ‪،31.08‬‬
‫الذي عالج فيه مصير الشرط التعسفي المدرج في العقد االستهالكي يتبن‬
‫من خالل المواد ‪ 15‬إلى ‪ 20‬أن موقفه أقرب إلى األسلوب المختلط‪ ،‬بحيث‬
‫أنه باإلضافة لتخويله للقاضي سلطة تقديرية إلبطال الشرط التعسفي متى‬
‫توفرت الشروط المحددة في المادة ‪ ،15‬فأنه في مقابل ذلك قام بتعداد‬
‫العديد من الشروط معتبرا إياها تعسفية بمقتضى المادة ‪ 18‬وذلك على‬
‫سبيل المثال للحصر‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد يرى بعض الفقه أن نماذج الشروط التعسفية المنصوص‬
‫عليه في المادة ‪ 18‬من القانون ‪ ،31.08‬ال تخرج عن المنظومة التقليدية‬
‫مصلحة المشترط أو المهني الذي‬ ‫ألنماط الشروط التعسفية التي تخدم‬
‫يهدف من ورائها اعفاءه من تحمل الضمان والمسؤولية أو الحد منها أو‬
‫احتفاظ المورد ببعض االمتيازات العقدية التي تمكنه من االنفراد بتعديل‬
‫بنود العقد وآجال التسليم بإرادته من المنفردة أو حرمان المستهلك من‬
‫االستفادة من آجال الضمان ومهل التقاضي أو إلزامه بالوفاء بتعهداته ولو‬
‫لم ينفذ المهني التزامه المقابل‪ ،‬وكذا الحاالت التي ينفرد فيها المهني‬
‫‪68‬‬
‫بالحسم في مصير العقد إراديا أو انهاء العالقة العقدية دون سابق إنذار‪.‬‬

‫عبد العرعاري‪ :‬نظرية العقد‪ ،‬مصادر االلتزام الكتاب األول‪ ،‬ص‪ ،220‬م س‪.‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪45‬‬
‫وحسب أحكام المادة ‪ 19‬من قانون ‪ ،31.08‬فإن العقد المتضمن شرطا‬
‫تعسفيا من النوع الذي تنطبق عليه المواصفات المحددة في المواد ‪15‬‬
‫و‪ ،18‬فإن مآله هذا الشرط هو البطالن مع بقاء العقد على حالته األصلية‬
‫‪69‬‬
‫في حالة إذا كان من الممكن بقاءه دون الشرط التعسفي المذكور‪.‬‬

‫تنص المادة ‪ 20‬من القانون رقم ‪ " ،31.08‬يعتبر باطال والغيا الشرط التعسفي الوارد في العقد المبرم‬ ‫‪69‬‬

‫بين المورد والمستهلك‪.‬‬


‫تطبق باقي مقتضيات العقد األخرى إذا أمكن أن يبقى العقد قائما بدون الشرط التعسفي المذكور‪".‬‬

‫‪46‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الحماية المؤسساتية للمستهلك االلكتروني‬
‫كما هو معلوم وبعد أن ساهم التطور العلمي والتكنولوجي في بروز ظاهرة‬
‫التعاقد االلكتروني‪ ،‬اهتم المشرع المغربي وغيره من التشريعات بضمان حماية‬
‫خاصة للمستهلك في العقود اإللكترونية وطبعا هذه الحماية ترجع إلى مركز‬
‫المستهلك وخاصة في العقود التي تبرم بشكل إلكتروني بحيث يجد نفسه أمام عقد‬
‫نمطي محدد سابقًا من طرف المهني وهذا ما دفع المشرع لتنظيم وتدعيم مجموعه‬
‫من المؤسسات واألجهزة التي تلعب دورا مهما في حماية المستهلك على المستوى‬
‫الوطني (المطلب األول) وعلى مستوى الدولي أيضًا (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬دور المؤسسات الوطنية في حماية المستهلك‬


‫االلكتروني‬
‫تشير الدراسات واألبحاث إلى االزدياد الملحوظ الذي باتت تعرفه المعامالت‬
‫نظرا للموقف‬
‫ً‬ ‫والعقود اإللكترونية والتي توضح مركز وثقل كل من المستهلك‬
‫الضعيف والهش الذي يجد نفسه إزاء إبرامه لهذا النوع من المعامالت اإللكترونية‬
‫في المقابل المقدرة االقتصادية والخبرة الفنية التي يتميز بها المورد هو ما حتم‬
‫ضرورة خل ق جهات اخرى ذات طابع مناصر للمستهلك يتنوع بين جهة‬
‫حكومية وأخرى خاصة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دور وزارة الصناعة والتجارة واالستثمار واالقتصاد‬


‫الرقمي في المراقبة‬
‫تسعي حماية المستهلك إلى معالجة االختالالت في التوازن بين مؤسسات‬
‫األعمال والمستهلكين في جميع أشكال التجارة وهنا يأتي دور وزارة الصناعة‬
‫والتجارة واالستثمار واالقتصاد الرقمي في المراقبة فهي تلعب دورين أساسين في‬
‫حماية المستهلك اإللكتروني‪ ،‬مراقبة تطبيق قانون ‪ 31.08‬ثم تلقي‬
‫الشكايات والبت فيها‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫اوال‪ :‬دور وزارة الصناعة والتجارة واالستثمار واالقتصاد الرقمي في‬
‫المر اقبة‪.‬‬
‫بالنسبة للمراقبة فقد تم اتخاذ العديد من اإلجراءات لتحقيق أهداف وطموحات‬
‫الثقة الرقمية‪ ،‬بما في ذلك الجانب المتعلق بالمبيعات عبر األنترنيت‪ ،‬حيث أنشئت‬
‫سنة ‪ 2015‬خلي ة لمراقبة المواقع التجارية على األنترنيت‪ ،‬وقد سندت إليها مهمة‬
‫التحقُّق من مدى تطابق اإلعالنات مع مقتضيات القانون رقم ‪ 31.08‬القاضي‬
‫بتحديد تدابير لحماية المستهلك وباألخص الشق المتعلق بالبيع عن بعد وشهدت سنة‬
‫‪ 2016‬تعزيز الرقابة عن طريق إجراء ‪ 103‬عملية مراقبة‪ 96 ،‬منها كانت‬
‫موضوع إنذار حيث تم إرسال رسائل للشركات المعنية لحثها على احترام مقتضيات‬
‫‪70‬‬
‫القانون‪.‬‬
‫فيما يخص القطاعات التي خضعت لعملية المراقبة فتتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬المواقع العامة‬
‫‪ -‬الجمال والصحة‬
‫‪ -‬عروض الخصم‬
‫‪ -‬المنتوجات االلكترونية والكهرو منزلية‬
‫‪ -‬أما فيما يخص الخروقات التي تم ضبطها من خالل هذه المراقبة فتتعلق أساسا بما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -‬عدم تواجد ترجمة للشروط التعاقدية للبيع باللغة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬عدم تواجد معلومات تخص حق التراجع‪.‬‬
‫‪ -‬عدم وجود معلومات عن هوية المورد وكذا كيفية االتصال به‪.‬‬
‫‪ -‬وجود بند متعلق باالختصاص القضائي الحصري للمحكمة حيث يتواجد‬
‫مقر المورد‪.‬‬

‫قرار مشترك لوزير العدل ووزير الصناعة والتجارة واالستثمار الرقمي رقم ‪ 18.895‬في ‪ 22‬مارس‬ ‫‪70‬‬

‫‪2018‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -‬وجود إشهارات تتضمن ادعاءات أو بيانات كاذبة أو من شأنها أن توقع في‬
‫الغلط‪.‬‬
‫‪ -‬عدم وجود معلومات تخص آجال التسليم‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التذكير باألحكام والشروط التعاقدية قبل قبول العرض‪.‬‬
‫‪ -‬غياب األحكام والشروط التعاقدية للبيع أو استحالة الولوج إليها من خالل‬
‫الصفحة الرئيسية‪.‬‬
‫‪ -‬فترة السداد التي تفوق ‪ 15‬يوما في حالة عدم توفر المنتوج‪.‬‬
‫‪ -‬عدم االمتثال لألحكام المتعلقة بالبيع بالتخفيض (عدم تحديد المدة)‪.‬‬
‫‪ -‬غياب اإلشارة إلى سعر البيع بالدرهم‪.71‬‬

‫ثانيا‪ :‬دور وزارة الصناعة والتجارة واالستثمار واالقتصاد الرقمي في‬


‫تلقي الشكايات‬
‫أما بالنسبة لتلقي الشكايات فقد أحدثت الوزارة بوابة خدمة المستهلك‪ ،‬والتي‬
‫عن طريقها يمكن للمستهلكين إيداع شكاياتهم في حال وقوع أي مشكل ناتج عن‬
‫شراء منتوج عبر األنترنيت‪ ،‬وتتيح الخدمة االلكترونية للشكايات للمستهلك إيداع‬
‫شكايته حول منتوجات أو خدمات أو ممارسات تجارية مشينة‪ ،‬وذلك وفق طبيعة‬
‫شكاية المستهلك‪ ،‬ويتم تحويل الشكاية إلى الجهة المعنية للمعالجة وهي في األساس‬
‫إدارات و‪/‬أو جمعيات وبعد هذه المرحلة‪ ،‬يتم إحاطة المشتكي بكافة الجوانب المتعلقة‬
‫بدراسة شكايته ومعالجتها‪ ،‬ليمنح بعد ذلك رقما لتمكينه من تتبع المراحل التي‬
‫ق طعتها الشكاية‪ ،‬وقد تكون الشكاية ذا طابع قانوني عندما يتعلق االمر بعدم احترام‬
‫مقتضيات قانون ‪ 31.08‬القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك أو عندما يتعلق‬
‫األمر بخالفات بين المستهلك وصاحب المنتوج أوالخدمة‪.72‬‬

‫‪Www.khidmat-almostahlik.ma71‬‬
‫تطور التشريع السيبراني بالمملكة المغربية تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي ندوة وطنية حول‬ ‫‪72‬‬

‫المتطلبات القانونية والتنظيمية لإلقامة مجتمع معرفة مستدام في المنطقة العربية بتاريخ‪ 2012 19/20‬ص ‪6‬‬
‫من التقرير‬

‫‪49‬‬
‫والتراجع واالختيار واإلصغاء وتتمحور خدمتهم حول التوجيه عن طريق‬
‫تحديد الجهة المختصة لحل النزاع وكذا الوساطة عن طريق مرافقة المستهلك في‬
‫حل نزاعه مع السعي الى الحلول الودية‪.‬‬
‫وفي هذا الصدد صدر قرار مشترك لوزير العدل ووزير الصناعة‬
‫واالستثمار واالقتصاد الرقمي رقم ‪ 895.18‬في ‪ 22‬مارس ‪ 2018‬يتعلق بتحديد‬
‫كيفية إي داع جمعيات حماية المستهلك غير المعترف لها بصفة المنفعة العامة لطلبات‬
‫الحصول على اإلذن الخاص بالتقاضي ودراستها وكذا شكليات وكيفيات منح هذا‬
‫اإلذن وسحبه‪ ،‬حيث تنص المادة الرابعة من هذا القرار على أنه " تقوم السلطة‬
‫الحكومية المكلفة بالعدل بمنح اإلذن الخاص بالتقاضي أو رفضه بعد توصلها برأي‬
‫السلطة أو السلطات الحكومية الوصية على القطاع المعني"‪.73‬‬
‫هذا وتنص المادة الخامسة على أنه " يمنح اإلذن الخاص بالتقاضي بقرار من‬
‫للوزير المكلف بالعدل داخل أجل ‪ 60‬يوما إبتداءا من تاريخ إيداع الطلب وذلك لمدة‬
‫‪ 3‬سنوات ويبلغ قرار منح اإلذن الخاص بالتقاضي للجمعية المعنية داخل أجل ‪15‬‬
‫يوما من تاريخ صدوره"‪.74‬‬

‫‪Directive 95/46/CE du parlement européen et du conseil, du 24 octobre‬‬ ‫‪73‬‬

‫‪1995, relative à la protection des personnes physiques à l'égard du traitement‬‬


‫‪des données à caractère personnel et à la libre novembre 1995 n° L 281.‬‬
‫‪P31. Circulation de ces données, JOCE 23.‬‬
‫‪74‬ظهير شريف رقم ‪ 1.9.15‬صادر في ‪ 22‬من صفر ‪ 18( 1430‬فبراير ‪ )2009‬بتنفيذ القانون رقم‬
‫‪ 08.09‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي مرسوم رقم ‪.165‬‬
‫‪ 2 .09‬صادر في ‪ 25‬من جمادى األولى ‪21(1430‬ماي‪ )2009‬لتطبيق القانون رقم ‪ 08.09‬المتعلق بحماية‬
‫األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي ‪.‬‬
‫فعلى صعيد القانون األوروبي الموحد فقد أقر التوجيه رقم ‪ CE/95/46‬الصادر في ‪ 24‬أكتوبر ‪1995‬‬
‫المتعلق بحماية األشخاص الطبيعيين تجاه معالجة بياناتهم ذات الطابع الشخصي وحرية حركة هذه البيانات‬
‫هامشا كبيرا من الحماية المعطيات الشخصية فقد جاء لتوضيح المبادئ التي جاءت بها االتفاقية رقم ‪108‬‬
‫للمجلس األوروبي واالستفاضة فيها بشكل مفصل والتي كانت تهدف إلى وضع مسطرة مماثلة على مستوى‬
‫عالي في كافة الدول االعضاء في االتحاد بغية الغاء العقبات امام تبادل البيانات الضرورية لعمل السوق‬
‫الداخلية‪ .‬راجع ‪:‬‬

‫‪50‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور اللجنة الوطنية لمراقبة حماية ذات الطابع الشخص‬
‫في حماية المستهلك االلكتروني‬
‫أصبحت البيانات الشخصية المعالجة الكترونيا أمرا جوهريا ولها أهمية‬
‫كبرى على المستوى الوطني والدولي وهذا ما جعل االمم المتحدة تتبنى عام ‪1989‬‬
‫دليال يتعلق باستخدام الحوسبة في عملية تدفق البيانات الشخصية وبتاريخ‬
‫‪ 1990/12/14‬تم تبني دليل تنظيم استخدام المعالجة االلية للبيانات الشخصية وفي‬
‫المقابل نجد المشرع المغربي سار مع التوجه التشريعي للعديد من الدول التي تهدف‬
‫الى تحقيق حماية فعالة للبيانات الشخصية فاصدر قانون ‪ 08.09‬المتعلق بحماية‬
‫االشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات الطابع الشخصي بتاريخ ‪ 18‬فبراير‬
‫‪ 2009‬الذي كرس بجالء مالمح هذه الحماية فقد نصت احكام هذا القانون‬
‫المستوحاة أساسا من التجارب االجنبية الفرنسية واالوروبية على وجه الخصوص‬
‫على احداث اللجنة الوطنية لمراقبة حماية ذات الطابع الشخصي والتي تعد هي‬
‫االخرى من اهم وابرز األجهزة التي تساهم في توفير حماية قانونية وقضائية لتقنية‬
‫فعاله للمستهلك االلكتروني‪.‬‬
‫وتضطلع هذه اللجنة بمهمة التحقق من ان عمليات معالجة المعطيات‬
‫الشخصية تتم بشكل قانوني وأنها ال تمس بالحياة الخاصة او بحقوق االنسان‬
‫االساسية او بالحريات وتتشكل من شخصيات تتمتع بالحياد والنزاهة وتملك كفاءة‬
‫في الميدان القانوني والقضائي ومجال المعلومات مما يعزز حماية المستهلك بصفة‬
‫‪.‬‬
‫عامة وااللكتروني بصفة خاصة والحفاظ على معطياته الشخصية بشكل قانوني‬
‫وبمقتضى المادة ‪ 27‬من القانون رقم ‪ 08.09‬نصت على انه تحدث لدى الوزير‬
‫االول (رئيس الحكومة حاليا) اللجنة الوطنية لمراقبة حماية ذات الشخص ذات‬
‫المعطيات الشخصية تتكلف بتفعيل احكام هذا القانون والسهر على التقيد به وضبط‬
‫عمل المسؤولين عن معالجة المعطيات الشخصية بالمغرب‪.‬‬
‫وتتشكل هذه اللجنة حسب المادة ‪ 32‬من القانون السالف الذكر من ‪7‬‬
‫أعضاء‪:‬‬

‫‪51‬‬
‫‪ - .‬رئيس يعينه جالله الملك ‪ 6‬االعضاء يعينهم الملك بناء على اقتراح‬

‫‪ -‬الوزير االول (رئيس الحكومة حاليا) عضوان‬

‫‪ -‬رئيس مجلس النواب عضوان‬

‫‪ -‬رئيس مجلس المستشارين عضوان‬

‫تحدد مده العضوية للجنة الوطنية في ‪ 5‬سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة‬
‫هدفها الرئيسي هو احترام والحريات والحقوق االساسية لألشخاص الذاتيين تجاه‬
‫معالجة معطياتهم ذات الطابع الشخصي وتقوم بعدة مهام منها ما هو متعلق باإلخبار‬
‫والتحسيس واستشارية ومهام حمائية وايضا تقوم اختصاصات في مجال التحري‬
‫والمراقبة و اليقظة القانونية والتكنولوجية ومن خالل هذه المهام نجد العديد من‬
‫االختصاصات التي تهدف وتعزز حماية المستهلك االلكتروني والذي بدوره يحتاج‬
‫هو االخر الى حماية معطياته ذات الطابع الشخصي في حاله ادالئه بها في التعاقد‬
‫عن بعد‪-‬التعاقد عن طريق الشبكة العنكبوتية‪-‬‬

‫فعلى المستوى المهام الحمائية للمستهلك االلكتروني نجد ان اللجنة الوطنية‬


‫هي الهيئة المغربية الرسمية التي انيط لها حماية المعطيات الشخصية وهذه الصفة‬
‫تسمح لها بال عمل على اظفاء المزيد من الشفافية في مجال استعمال المعطيات‬
‫الشخصية من طرف المؤسسات العمومية والخاصة وضمان توازن بين الحياه‬
‫الخاصة لألفراد الى استعمال المعطيات الشخصية في أنشطتها وتعزز ذلك من‬
‫خالل تلقي الشكايات من كل شخص يعتبر نفسه متضرر بنشر معالجة معطيات ذات‬
‫طابع شخصي والتحقيق بشأنها واالستجابة لها والرد عليها باألمر بنشر تصحيحاتها‬
‫او احالتها على وكيل الملك قصد المتابعة او هما معا وأيضا تقوم بإجراء خبرة بناء‬
‫على طلب السلطة العمومية والسيما السلطة القضائية على العناصر الخاضعة‬
‫لتقديرها أثناء النزاعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون‪.75‬‬

‫‪ - 75‬البند ‪ 15‬من الماده ‪ 28‬من القانون رقم ‪08.09‬‬

‫‪52‬‬
‫وتتوفر هذه اللجنة على عدة سلط التي تساهم هي االخرى في حماية‬
‫المستهلك االلكتروني من أهمها‪:‬‬

‫‪ -‬سلطة التحري والبحث التي تمكن أعوانها المفوضين لهذا الغرض بصفة‬
‫قانونية من قبل الرئيس بالولوج الى المعطيات الخاضعة للمعالجة والمطالبة بالولوج‬
‫المباشر للمحال التي تتم فيه المراجعة وتجميع المعلومات والوثائق الضرورية للقيام‬
‫بمهام المراقبة والمطالبة بها‬

‫‪ -‬سلطة االمر بتزويدها بالوثائق أيا كانت طبيعتها وكيف ما كانت دعامتها‬
‫التي تمكنها من دراسة وقائع الشكايات المحال عليها في المجال االلكتروني‪.‬‬

‫‪ -‬سلطة االمر بالتغييرات الالزمة من اجل حفظ نزيه للمعطيات المحتواة في‬
‫الملف‪.‬‬

‫‪ -‬سلطة االمر بإغالق معطيات ومسحها او اتالفها ومنع معالجة المعطيات‬


‫ذات الطابع الشخصي بصفه مؤقتة او دائمة بما في ذلك بما في ذلك المعطيات‬
‫المتضمنة في شكايات مفتوحة لإلرسال المعطيات انطالقا من خدمات تقع داخل‬
‫التراب الوطني‪.76‬‬

‫‪ -‬اطالع االفراد بما فيها المستهلك على حقوق التي يمنحهم اياها اإلطار‬
‫القانوني الجديد فيما يتعلق بمعالجة المعطيات الشخصية بالمغرب‪.‬‬

‫‪ -‬ارشاد وتوجيه جميع االفراد لحمايتهم من كل استعمال متعسف لمعطياتهم‬


‫الشخصية‪ .‬توقيع القواعد واالليات التي تؤطر نقل المعطيات الشخصية الى الخارج‬
‫وذلك لفائدة الفاعلين االقتصاديين‪.‬‬

‫وكذلك تتوفر على سلطة التحري والبحث في مجال المعطيات الشخصية‬


‫للتأكد من توافقها مع مقتضيات القانون رقم ‪ 08.09‬وتقوم هذه اللجنة أيضا بمراقبة‬

‫‪ - 76‬البند ‪ 15‬من القانون رقم ‪08.09‬‬

‫‪53‬‬
‫ودراسة وتحليل التوجهات والتحوالت التكنولوجية واالقتصادية والقانونية‬
‫والمجتمعية التي يمكن ان تؤثر على مجال حماية المعطيات الشخصية بالمغرب‪.77‬‬

‫هذه اللجنة لم تقتصر جذورها على التراب الوطني فقط بل أنشأت عالقات‬
‫دولية مما يعزز حماية المعطيات الشخصية في المجال االلكتروني بشكل عام‬
‫وحماية المستهلك المتعاقد إلكترونيًا على وجه الخصوص وذلك من خالل نيل‬
‫المغرب باعتباره اول بلد عربي افريقي مسلم على اإلعتماد لدى المؤتمر الدولي‬
‫لمندوبي حماية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة وأيضا الحصول هذه اللجنة‬
‫بعضوية الجمعية الفرانكفورنية لسلطات المعطيات الشخصية وأيضا إنضمام‬
‫المغرب إلي االتفاقية رقم ‪ 108‬بعد الموافقة على طلبه من قبل المجلس األوروبي‬
‫عام ‪ 1981‬كاول إلتزام قانوني دولي في مجال حماية المعطيات الشخصية‪.78‬‬

‫وفي االخير يمكن القول أن أهمية هذا القانون تتجلى في كونه سيساهم في‬
‫تقوية ثقة المستهلك في المعامالت اإللكترونية واالستفادة من مزايا التجارة‬
‫اإللكترونية وسيشكل هذا التشريع أداة مهمة لحماية الحياة الخاصة والبيانات‬
‫الشخصية للمواطن المغربي على وجه العموم والمستهلك اإللكتروني خصوصا في‬
‫مجال المعل وميات وهكذا تعززت المنظومة القانونية المغربية بالتزامات من نوع‬
‫جديد بخضوع المعطيات ذات الطابع الشخصي لتصريح لدى اللجنة الوطنية لمراقبة‬
‫حماية ذات طابع الشخصي وإحترام حق االخبار أثناء تجميع المعطيات وإحترام‬
‫حق التعرض لمعالجتها والولوج اليها وكذا تصحيحها ‪ ،‬وهي التزامات سعى القانون‬
‫إلي ضمان شروط تحقيقها بمد اللجنة بوسائل متعددة لممارسة مهامها بفعالية ودقة‬
‫ونجاعة وإتخاذ قراراتها في إطار اإلستقاللية والمسؤولية‪.79‬‬

‫‪ - 77‬انظر الماده ‪ 30‬من قانون رقم ‪08.09‬‬

‫‪ - 78‬الموقع الرسمي للجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ‪:‬‬
‫‪htpps ://www.cndp.ma/ar‬‬
‫‪ 79‬القانون رقم ‪08.09‬‬

‫‪54‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬حماية الدولية المستهلك االلكتروني‬
‫لقد ساهم التطور العلمي والتكنولوجي في بروز ظاهرة التعاقد االلكتروني‪،‬‬
‫األمر ال يخلو من سلبيات رغم محاسنه فقد يتعرض المستهلكين االلكترونيين‬
‫ألضرار كثيرة لتطور الصناعات ونظم توزيعها ‪ ،‬وبما أن القانون أداة التنظيم في‬
‫المجتمع كان البد من تعرضه لهذه الظواهر وذلك إلعادة التوازن في العالقات‬
‫االستهالكية لدفع الضرر والخطر عن المستهلكين وألن عقود االستهالك كما لها‬
‫طابع محلي لها طابع دولي وعليه ارتأينا أن نعالج في هذا المطلب الحماية الدولية‬
‫للمستهلك االلكتروني‪ ،‬وذلك لما يثيره الموضوع من إشكاليات قانونية كثيرة تمثل‬
‫تحديا للنظم القانونية القائمة‪ ،‬منها إشكالية تحديد االختصاص القضائي الدولي بنظر‬
‫المنازعات الناشئة عنها‪ .‬ولمن المستقر عليه أن النظم القانونية المقارنة وضعت‬
‫قواعد تسمح بتحديد االختصاص القضائي الدولي في مجال العالقات الخاصة‬
‫الدولية‪ ،‬إال أن مقتضيات إعمال مبدأ حماية الطرف الضعيف في هذه العالقات أدى‬
‫إلى التساؤل عن قدرة هذه القواعد على توفير الحماية للمستهلك اإللكتروني‪ .‬لذلك‬
‫نبحث عن فاعلية قواعد االختصاص القضائي الدولي في توفير الحماية الالزمة‬
‫للمستهلك اإللكتروني‪ ،‬ببيان القصور الذي يعتري القواعد التقليدية لالختصاص‬
‫القضائي الدولي وإبراز الحاجة إلى تكريس قواعد اختصاص قضائي خاصة لتحقيق‬
‫الهدف المنشود‪ .‬وعليه سوف نعرض كال من حماية المستهلك االلكتروني من خالل‬
‫قواعد االختصاص القضائي والقانون الواجب التطبيق ( الفقرة األولى‪ ،‬لكن تبقى‬
‫الوسائل البديلة لفض النزاعات التي تساهم في حل مشكلة االختصاص والقانون‬
‫الواجب التطبيق (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الحماية المستهلك االلكتروني من خالل قواعد الموضوعية‬

‫نظرا لتطور وسائل التكنولوجيا واالتصاالت أصبحت الشركات في مختلف‬


‫البلدان تستخدم الوسائل االلكترونية نظرا لقلة التكاليف وسرعة االنتشار وسهولة‬
‫الوصول الى المستهلك‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫ونظرا النحسار فكرة االقليمية لصالح الدولية بدأت تبرز االشكاالت القانونية‬
‫التي اثير قواعد القانون الدولي الخاص‪.‬‬

‫ولعل من أبرز االشكاالت التي تواجه العقود االلكترونية اشكال تنازع‬


‫القوانين وتحديد القانون الواجب التطبيق (أوال) ‪ ،‬فضال عن مشكلة تحديد جهة‬
‫االختصاص القضائي (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حماية المستهلك من خالل القانون الواجب التطبيق‬

‫سبقت االشارة أن العالم شهد تطورا في العديد من المجاالت كالمجال‬


‫التكنولوجي وفي ميادين الصناعة والتجارة ‪ ،‬وزيادة العالقات بين الدول أدت إلى‬
‫انتقال ذلك التطور وانتشاره في مختلف الدول فلم تعد التبادالت التجارية في السلع‬
‫والمنتجات قاصرة على الدولة في داخلها بل ازداد حجم ذلك إلى الدول األخرى‬
‫بزيادة حجم البيع الدولي والتجارة الدولية بين الدول سواء كانت متقدمة أو النامية‬
‫صناعية أو من دول العالم الثالث ‪ ،‬كبيرة أو صغيرة‪ ،‬فكان من البديهي النظر إلى‬
‫حماية المستهلك نظرة واسعة تتجاوز اإلطار الوطني ‪ ،‬وذلك لما لهذه الحماية‬
‫القانونية من طابع دولي ‪ ،‬إذ أنه نظرا للتبادل االقتصادي والتجاري بين الدول يتعين‬
‫وجود نوع من التماثل في القواعد القانونية التي تحمي مصلحة المستهلك فهذا ما‬
‫يقتضيه التبادل التجاري للسلع بين الدول ‪ ،‬ومن هذا تأتي أهمية االتفاقيات الدولية‬
‫كوسيلة من وسائل التنسيق في مجال التشريعات وعليه قد أبرمت العديد من‬
‫االتفاقيات بغرض تنظيم مسؤولية المنتجين وتحقيق الحماية الالزمة للمستهلكين ‪،‬‬
‫وقد كان ذلك واضحا من خالل اتفاقية ستراسبورغ والتوجه األوربي الصادر بشأن‬
‫المسؤولية عن المنتجات فأما عن االتفاقية األولى اتفاقية ستراسبورغ) فقد قام‬
‫المجلس األوربي‪ ، 80‬بتشكيل لجنة لسنة ‪ 1970‬تضم خبراء من دول أوربا لدراسة‬
‫إمكانية توحيد قواعد المسؤولية المتعلقة بالمنتج‪ ،‬ومن ثم تم وضع اتفاقية بهذا‬
‫الخصوص بعد دراسة وضع المنتج‪ ،‬والموزع في تشريعات الدول االوروبية‬

‫‪ 80‬تأسس سنة ‪1949‬لتحقيق التألف والتعاون بين الدول األوربية‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫وبعض الدول الصناعية مثل كندا والواليات المتحدة واليابان ‪ ،‬وبالفعل تم وضع‬
‫مشروع اتفاقية قدم إلى المجلس األوربي للموافقة عليه ومصادقة وزراء العدل في‬
‫الدول األعضاء ‪ ،‬وتمت المصادقة في ‪ ، 1976‬ثم تقرر التوقيع عليها من قبل الدول‬
‫األعضاء ‪ ،‬خالل فترة أقصاها ‪ ، 1977 / 1 / 27‬فانبثق عنها اتفاقية ستراسبورغ‬
‫بشأن مسؤولية المنتج عن األضرار الجسدية والوفاة‪ .‬ولقد تأثر المشرع األوربي‬
‫بالوثيقة التي أصدرها المعهد األمريكي للقانون عام ‪ 1946‬والتي تتعلق بالمسؤولية‬
‫وما يجب أن تتجه إليه من تطور ‪ ،‬وتضمنت هذه الوثيقة بعض النصوص القانونية‬
‫التي كانت المصدر الرئيسي للمشرع األوربي عند إعداده لمشروع االتفاقية‬
‫األوربية للمسؤولية عن المنتجات ) اتفاقية ستراسبورغ ) وكذلك عند تنظيمه‬
‫للتوجيه األوربي‪ .‬تتكون االتفاقية من ‪ 17‬مادة‪ ،‬وما يعنينا من هذه االتفاقية هو أنها‬
‫تناولت مسؤولية المنتج عن األضرار التي تسببها منتجاته‪ ،‬إلى أنها لم تشر‬
‫بصراحة إلى االلتزام بضمان السالمة ‪ ،‬إال أن ذلك يمكن استنتاجه من خالل‬
‫نصوصها‪ ،‬ونتيجة لعدم كفاية هذه االتفاقية في توفير الحماية لمواطني الدول‬
‫األعضاء ‪ ،‬فإن دول المجموعة األوربية سعت إلى إصدار اتفاقية تقترب بين‬
‫تشريعات الدول األعضاء وتعمل على وضع نظام خاص للمسؤولية عن المنتجات‬
‫المعيبة لتوفير الحماية للمستهلكين سواء كانوا متعاقدين أم من الغير ونتج عن تلك‬
‫الجهود إصدار التوجيه األوربي في ‪ .1985 / 7 / 25‬أما فيما يخص اتفاقية‬
‫التوجيه األوربي بشأن المسؤولية عن المنتجات فقد قامت الدول األعضاء في‬
‫المجموعة األوربية بتشكيل لجنة قانونية في محاولة منها لتوحيد قواعد المسؤولية‬
‫بين دول السوق األوربية المشتركة وكانت تستهدف حماية فعالة للمستهلك األوربي‬
‫في ظل االختالف الحاد بين قوانين الدول األعضاء ‪ ،‬مما أدى ذلك إلى االنعكاس‬
‫سلبا ً على المستهلك والمنتج ‪ ،‬ألن بعض الدول متشددة في تنظيمها لهذه المسؤولية‬
‫في حين أن دوالً أخرى ال يوجد فيها مثل هذا التشدد ‪ ،‬وبذلك يكون موقف المنتج‬
‫ضعيفا ً في الدول ذات القوانين المتشددة مقارنة مع منافسيه في الدول األخرى ‪،‬‬
‫والمستهلك يتعرض في بعض الدول إلى خطر المنتجات المستوردة من الدول‬

‫‪57‬‬
‫األخرى دون أن توجد له حماية كافية وفعالة في مواجهة تلك األخطار ‪ ،‬لذلك فإن‬
‫اللجنة المشكلة أعدت مسودة بمشروع قانوني موحد تحكم مسؤولية المنتج رفعت في‬
‫تاريخ ‪ 1979‬إلى مجلس وزراء دول السوق األوربية للمصادقة عليها فحظيت‬
‫بالمصادقة سنة ‪ ، 1979‬وعدلت في ‪ 1985‬التي تم بموجبها إقرار التوجيه األوربي‬
‫بشأن المسؤولية عن المنتجات المعيبة‪ .‬حدد المشرع األوربي ثالث سنوات من‬
‫تاريخ إصدار التوجيه لتقوم الدول األعضاء بإدخاله في تشريعاتها الداخلية على أن‬
‫يتم ذلك خالل موعد أقصاه ‪ ، 1988‬لذلك قامت معظم الدول‬

‫األعضاء بإصدار القوانين لتطبيق التوجيه وجعله جزءا من التشريعات‬


‫الداخلية ‪ .81‬ولقد تأخرت فرنسا كثيرا ً في إصدار القانون الذي يجعل من التوجيه‬
‫جزءا ً من القوانين الداخلية ‪ ،‬ورغم العديد من المحاوالت إلصدار مشروع قانوني‬
‫إال أن‪ .‬تلك المحاوالت لم تلقى النجاح‪ ،‬إلى أن تم نجاح المحاولة االخيرة بالصدار‬
‫قانون ‪ 1998‬الذي تم بموجبه تنظيم المسؤولية الموضوعية عن المنتجات ‪ ،‬إال أن‬
‫المشرع الفرنسي لم يجعل التوجيه تشريعا ً مستقالً بل ادمجه في القانون المدني‬
‫الفرنسي واعتبره جزءا ً منه إن التوجيه يؤكد بصورة صريحة على االلتزام بضمان‬
‫السالمة الملقى على عاتق المنتج وقيام مسؤوليته تجاه المتضرر المتعاقد وغير‬
‫المتعاقد إذ جاء في حيثيات إصدار التوجيه أن المسؤولية التي تقوم بموجب أحكام‬
‫التوجيه تسمح بمواجهة صحيحة وعادلة للمشكالت التي تنتج عن تطور التقنية‬
‫المستخدمة في اإلنتاج ويسمح بتوزيع عادل للمخاطر الناجمة عن اإلنتاج الذي يعتمد‬
‫على التقدم والتطور التكنولوجي في العصر الحالي حيث إن المسؤولية بموجب‬
‫أحكام التوجيه هي مسؤولية موضوعية ‪ ،‬تنهض فيها مسؤولية المنتج بمجرد إثبات‬
‫العيب في السلعة سواء كان المقصود بالعيب عيبا" بالمعنى الفني الذي يؤدي إلى‬
‫حدوث الضرر أم كان المقصود به الخطورة التي تسببت في حدوث الضرر‬

‫كما هو الحال بالنسبة للملكة المتحدة البريطانية بموجب القانون الصادر سنة ‪ ،1978‬إيطاليا بموجب‬ ‫‪81‬‬

‫المرسوم الصادر سنة ‪ ،1988‬اليونان بموجب المرسوم الصادر سنة‪،1988‬ألمانيا االتحادية بموجب قانون‬
‫‪ 1989‬الدانمارك بموجب قانون ‪،1989‬البرتغال بقانون هولندا بقانون‪ 1990‬بلجيكا ‪1991‬‬

‫‪58‬‬
‫والمشرع األوربي قد فصل تماما ً بين فكرتي السالمة وصالحية المبيع لالستعمال‬
‫ألن المادة السادسة من التوجيه تجعل المبيع معيبا ً متى كان ال يتضمن األمان الذي‬
‫يحق للجمهور أن ينتظره على ضوء جميع الظروف المحيطة وعلى وجه‬
‫الخصوص طريقة تقديم السلعة واستعمالها ولحظة إطالق السلعة في التداول‪ ،‬بحيث‬
‫يجب على المنتج توفير المعلومات والبيانات الضرورية والمتعلقة بالسلعة ‪ ،‬وأن يتم‬
‫االستخدام وفقا ً لمعايير معقولة‪ .‬وهذا يدل على اختالف مضمون كل من االلتزام‬
‫بضمان السالمة وضمان العيوب الخفية فلكل منهما مجاله وإن كان مجال ضمان‬
‫السالمة أوسع مدى وأكثر شمولية ‪ ،‬فوفقا ً للمعطيات الحالية في عصرنا هذا فقد‬
‫أصبح ضمان السالمة أكثر أهمية من العيوب الخفية بل أصبح يهيمن عليه ‪ ،‬ولذلك‬
‫الحظنا كيف أن القضاء الفرنسي وسع من نطاقه في عقد البيع ليشمل المضرور‬
‫المتعاقد ووغير المتعاقد وحاول كثيرا ً التقريب في أحكامه من التوجيه األوربي‬
‫فأسس القضاء والفقه الفرنسي نظاما ً قانونيا ً خاصا ً وشامالً حتى قبل إصدار قانون‬
‫‪ 1998‬والذي هيأ المجال إلصدار هذا القانون‪ .‬ونرى أنه من الضروري أن تقوم‬
‫الدول بمساير التطور وأن ال تكتفي بإصدار القوانين الداخلية التي تضمن وتحقق‬
‫سالمة المستهلك ‪ ،‬بل إن تضع قانونا ً موحدا ً لتنظيم هذه المسؤولية وتعمل على جعله‬
‫جزءا ً من تشريعاتها الداخلية لكي تكون الحماية على وجه اكبر وأكثر شمولية ‪،‬‬
‫فتقوم على األقل بتوحيد قوانينها التي تحمي المستهلك على غرار ما يتم في الدول‬
‫األوربية لكي ال يكون المواطن العربي أقل حماية من المواطن األوربي‪.‬‬

‫ومن االتفاقيات األخرى التي عقدت بهدف حماية المستهلكين نجد اتفاقية‬
‫روما بشأن القانون الواجب التطبيق على االلتزامات التعاقدية ‪ ، 1980‬حيث‬
‫حرصت هذه اتفاقية على تكريس ضابط محل اإلقامة المعتادة للمستهلك وذلك‬
‫بالنص في المادة الخامسة من هذه االتفاقية‪.‬‬

‫وبالتسليط الضوء على مواد هذه االتفاقية‪ ،‬نجد في هذا الصدد أن اتفاقية‬
‫روما لسنة ‪ 1980‬تطبق مبدأ القانون األصلح للمستهلك‪ ،‬فهي تسمح لألطراف في‬

‫‪59‬‬
‫العقد الدولي الذي يكون أحد أطرافه مستهلكا بأن يختاروا القانون واجب التطبيق‬
‫على عقدهم‪ ،‬ويصبح هذا القانون هو واجب التطبيق‪ ،‬لكن بشرط أن يحترم هذا‬
‫القانون المختار الحد األدنى من الضمانات الممنوحة للمستهلك في القانون الذي‬
‫يوجد به محل إقامته المعتاد‪ ،‬أما في يختر فيها طرفي العقد الذي أحد أطرافه‬
‫مستهلكا قانونا ينظم عالقاتهم‪ ،‬أو اختاروا قانونا يقدم ضمانات أقل من الضمانات‬
‫التي يمنحها قانون محل االقامة المعتاد للمستهلك هو الذي يكون واجب التطبيق‪.‬‬

‫و نجد كذلك اتفاقية الهاي لسنة ‪ 1980‬الخاصة بالقانون الواجب التطبيق‬


‫على بيوع المستهلكين الذي نص في مادته ‪ 6‬على أن القانون الذي اختاره االطراف‬
‫يحكم البيوع الواردة في هذه االتفاقية‪ ،‬وال يجوز أن يترتب على هذا االختيار‬
‫حرمان المستهلك من حماية التي تقررها له النصوص االمرة في قانون بلد محل‬
‫اقامته المعتادة وقت الطلب‪.‬‬

‫و بالرجوع إلى القانونين النموذجين المعدين من قبل لجنة األمم المتحدة‬


‫للقانون التجاري الدولي ‪ UNCITRAL‬بشأن التجارة االلكترونية والتوقيعات‬
‫االلكترونية‪ ،‬نجد أنهما قد تركا مسألة القانون الواجب التطبيق على تعامالت‬
‫المستهلكين خيارا لكل دولة ترغب في وضع تشريعات وطنية لديها على غرار هما‪،‬‬
‫دون إلزام بتنظيم هذه التعامالت‪ ،‬ونستطيع أن نستخلص ذلك من بعض مواد هذين‬
‫القانونين ومن التوضيحات الواردة لهما في الدليل الملحق بكل قانون والمسألة‬
‫األخرى التي أكد عليها القانونان النموذجيان هي قابلية هذين القانونين للتطبيق على‬
‫العقود التي تبرم في الدولي‪ ،‬حيث من الممكن اختيار قانون التجارة االلكترونية‬
‫النموذجي من قبل األطراف كالقانون واجب التطبيق‪ ،‬وبذلك يمكنهم تجنب متاهات‬
‫القانون الدولي الخاص وفرض قانون معين على عالقتهم العقدية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حماية المستهلك االلكتروني من خالل قواعد االختصاص القضائي‬

‫يعرف االختصاص القضائي؛ بأنه سلطة الحكم بمقتضي القانون في خصومة‬


‫معينة‪ ،‬واختصاص محكمة ما يعني نصيبها من المنازعات التي يجوز لها الفصل‬
‫‪60‬‬
‫فيها‪ ،‬بمعنى أن السلطة التي تملكها احدى المحاكم للنظر والفصل في نزاع معروض‬
‫عليها‪ ،‬ويقابل االختصاص عدم االختصاص عندما تكون المحكمة ممنوعة من‬
‫سماع الدعوي‪ ،‬ويثير استخدام شبكات االتصال االلكتروني في انجاز المعامالت‬
‫عدة مسائل مرتبطة باالختصاص القضائي بمنازعاتها‪ ،‬من حيث اختيار الجهة التي‬
‫يجري من خاللها تسوية النزاع ‪ ،‬وأيضا تحديد معايير تحديد المحكمة المختصة‬
‫بنظر الدعوي من بين محاكم الدول التي تتنازع‬

‫االختصاص‪ ،‬ولهذا فالسؤال الذي يثار هنا ماهي الضوابط أو نقاط االرتكاز‬
‫في تحديد المحكمة المختصة دوليا بنظر في منازعات العقد المبرم بشكل إلكتروني؟‬

‫أ‪ -‬االختصاص القضائي بحكم القانون في العقد اإللكتروني‪:‬‬

‫من أهم التطورات القانونية والقضائية التي عرفها المغرب هو إنشاء المحاكم‬
‫التجارية‪ ،‬حيث انتقل المغرب من نظام القضاء الموحد إلى نظام القضاء المزدوج‬
‫وفي ظل االزدواجية‪ ،‬فماهي المحكمة المختصة نوعيا ومحليا بالنظر في النزاعات‬
‫المتعلقة بالبطاقة البنكية (كمثال)؟‬

‫االختصاص النوعي ‪:‬‬

‫عند احداث المحاكم التجارية بدأ طرح التساؤل حول كيفية تحديد مجال‬
‫اختصاصها‪ ،‬فهل يكون مناط اختصاصها هو وجود معاملة تجارية بغض النظر عن‬
‫صفة أطرافها ؟ أي أن تكون نقطة البدء هي النظر إلى أشخاص أطراف هذه‬
‫المعاملة‪ ،‬والتحقق من وجود الحرفة التجارية‪ ،‬بحيث ال يكون االختصاص منعقد إال‬
‫إذا صدرت المعاملة عن تاجر في سياق ممارسة األنشطة التجارية‪.‬‬

‫فإذا كان المجال الذي تمارس فيه هذه المحاكم سلطاتها القضائية هي أ أن‬
‫المشرع قام بمقتضي المادة ‪ 5‬من القانون رقم ‪ 53 82-95‬المحدث لهذه المحاكم‬

‫‪ 82‬ظهير الشريف ‪ 1-97-65‬الصادر بتاريخ ‪04‬شوال‪1417‬النوافق‪12‬فبراير‪ 1997‬المنشور في الجريد‬


‫الرسمية عدد ‪ 4482‬بتاريخ ‪15‬ماي ‪1999‬‬

‫‪61‬‬
‫بالنص علي القضايا التي يرجع لهذه المحاكم حق النظر فيها إال أن محاولة المشرع‬
‫تحديد هذه القضايا يثير إشكاليات متعدد ألنها تتضمن عناوين وعبارات فضفاضة‬
‫يمكن أن تودي إلى احتمال التفسير الضيق وفرض البحث باستمرار عن صفة‬
‫التاجر والطبيعة التجارية للعمل التجاري للقول بإسناد االختصاص للمحاكم‬
‫التجارية‪.‬‬

‫االختصاص المكاني‪:‬‬

‫إن مسألة االختصاص المكاني ال تشكل إشكاال جوهريا‪ ،‬ألن االختصاص‬


‫المحلي ال يختلف باختالف المحكمة المختصة نوعيا إال قليال‪ .‬فإذا انعقد االختصاص‬
‫النوعي للمحاكم التجارية أو المدنية علي حد سواء اختصت محليا محكمة الموطن‬
‫الحقيقي أو المختار للمدعي عليه‪ ،‬فإذا لم يكن لهذا األخير موطن في المغرب‪ ،‬ولكن‬
‫يتوفر على محل إقامة به‪ ،‬كان االختصاص لمحكمة هذا المحل‪ ،‬وقد حددت المادة‬
‫‪ 520‬من قانون المسطرة المدنية محل اإلقامة بالمحل الذي يوجد به الشخص فعال‬
‫في الوقت معين‪ .‬ب االختصاص القضائي بحكم االتفاق في العقد اإللكتروني‬

‫تتجه معظم التشريعات المقارنة ‪ ،‬إلى إمكانية اتفاق األطراف على تحديد‬
‫المحكمة المختصة‪ ،‬وذلك من أجل التيسير على المدعي حتى يمكنه الحصول على‬
‫الحماية القضائية المطلوبة‪ ،‬ويشترط لصحة اتفاق المتعاقدين أو األشخاص على‬
‫تحديد المحكمة المختصة بالنظر في النزاع توفر عدة شروط هي‪ - :‬أال يكون‬
‫االتفاق منطويا على غش‪ - .‬أن تكون هناك مصلحة مشروعة لجعل االختصاص‬
‫لمحكمة معينة بالذات‪ .‬توفر رابطة جدية بين النزاع والمحكمة التي أتفق على تقدير‬
‫‪83‬‬
‫االختصاص لها‪.‬‬

‫هناك بعض التشريعات المقارنة ‪،‬ذهبت إلى إمكانية اتفاق األطراف على‬
‫تحديد المحكمة المختصة‪ ،‬وذلك من أجل التيسير على المدعي حتى يمكنه الحصول‬
‫على الحماية القضائية المطلوبة‪.‬‬

‫‪ 83‬التشريع الفرنسي المادة ‪ 31‬من قانون المرافعات‬

‫‪62‬‬
‫كما يجوز أن يكون االتفاق على تحديد محكمة بالذات صريحا أو ضمنيا‪.‬‬
‫ويجوز أن يكون هذا االتفاق سابقا على نشوء النزع ‪ ،‬أو بعد نشوء هذا النزع‪.‬‬

‫ونشير إلى أن هذا الضابط تعرض بدوره لالنتقاد لكونه يتصف بالشرط‬
‫التعسفي‪ ،‬بل أكثر من ذلك قد ال يطلع عليه المتعاقد قبل الضغط على أيقونة‬
‫الموافقة‪ .‬وفي الواقع أن طبيعة هذا الضابط عامة‪ ،‬بحيث تشمل كل أنواع الدعاوى‬
‫في مجال المعامالت االلكترونية وغيرها وبصرف النظر عن جنسية الخصوم أما‬
‫المشرع المغربي فلم يتطرق إلى األحكام والقواعد المرتبطة باالختصاص القضائي‬
‫الدولي للمحاكم المغربية‪ ،‬وهو ما يفسر ضرورة اللجوء إلى القواعد العامة‬
‫المستسقاة سو راء من الظهير المتعلق بالوضعية المدنية للفرنسيين واألجانب‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬أو من قانون المسطرة المدنية أو من قانون‬
‫التبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية رقم ‪ ، 05-53‬أو حتى تلك المستخلصة من‬
‫القوانين المقارنة في هذا الصدد‪ ،‬نشير إلى أنه إذا انعدام ضابطي االختصاص‬
‫القائمين على موطن أو محل إقامة المدعى عليه وعلى الخضوع االختياري وقبول‬
‫االختصاص‪ ،‬فال مناص في هذه الحالة من الرجوع إلى ضابط اختصاص نوعي‬
‫وهو ضابط محل إبرام العقد أو تنفيذه‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دور الوساطة والتحكيم في حماية المستهلك االلكتروني‬

‫في غالب األحيان العقود التي تنشا بين األطراف عبر شبكة االنترنيت تكون‬
‫دولية وعابرة للحدود مما تطلب األمر اللجوء الى قواعد القانون الدولي الخاص‬
‫لتحديد المحكمة المختصة والقانون الواجب التطبيق كما تطرقنا اليه في الفقرة‬
‫السابقة ) لكن هذه القواعد تعتمد على ضوابط جغرافية وهو ما يتالزم وطبيعة‬
‫المنازعات الناتجة عن العقود التجارية االلكترونية وهو ما أدى الى ظهور التحكيم‬
‫(أوال ) والوساطة االلكترونية (ثانيا ) كأهم وسيلتين التي تساهم في‬ ‫‪84‬‬
‫االلكتروني‬

‫يونس المسعودي‪ ،‬القانون الواجب التطبيق على العقد اإللكتروني‪ ،‬المركز الجامعي تهراست ص‪150‬‬ ‫‪84‬‬

‫‪63‬‬
‫حل مشكلة االختصاص والقانون الواجب التطبيق وهو ما أكدت عليه المؤتمرات‬
‫‪85‬‬
‫الدولية باعتباره كبديل للقضاء ضمن التعاقد اإللكتروني‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التحكيم االلكتروني‬

‫يع د التحكيم االلكتروني بمثابة نظام قضائي خاص يتم اللجوء اليه أطراف‬
‫النزاع ويختار في قضائهم ويعهدون اليه بمقتضى اتفاق مهامه تسوية المنازعات‬
‫التي قد تنشأ أو نشأت بالفعل بينهم ‪86‬وتعد إرادة األطراف هي المحرك األساسي‬
‫مثله مثل التحكيم التقليدي اال انه يتميز بخصوصية الكترونية تتجلى خالل مرحلة‬
‫إبرام اتفاق التحكيم‪ ،‬حيث يجري تقديم الطلب والرد عليه بشكل الكتروني وكذلك‬
‫االتصال بين أطراف النزاع والهيئات التي تقدم خدمات التحكيم االلكتروني‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل البريد االلكتروني أو من خالل موقع الويب الخاص بالقضية بعد تسلم‬
‫الشفرات الخاصة التي يقدمها مركز التسوية لألطراف‪ ،‬أو من خالل الفيديو‬
‫كونفرنس بذلك تتحقق السرعة والمصداقية للتحكيم االلكتروني وتتم جلسات الفصل‬
‫في النزاع وسماع الشهود والخبراء دون الحضور المادي لألطراف وذلك عبر‬
‫الوسائل االلكترونية‪ ،‬ويستمر األمر كذلك حتى صدور الحكم وتنفيذه في اغلب‬
‫األحوال مما يساعد على ازدهار التجارة االلكترونية وتطورها وتحقيق العديد من‬
‫المزايا والخصائص مما يكون مع اعمالها حماية المستهلك االلكتروني ‪ ،‬لعل أهمها‬
‫سرعة وسهول ة إجراءاته حيث يوفر على األطراف عناء االنتقال لحضور جلسات‬
‫التحكيم‪ ،‬أو نقل وارسال الوثائق تتم بطريقة الكترونية الية" وبذلك فإن التحكيم‬
‫االلكتروني قد فاق التحكيم التقليدي سرعة وسهولة‪ ،‬حيث نجد أن المادة التي يتم‬
‫الفصل في النزاع خاللها تتراوح بين ‪ 4‬ساعات إلى ‪ 60‬يوما‪ ،‬والبعض منها يجعل‬
‫مدة الفصل خالل ‪ 40‬يوما وفقا للتقويم الميالدي‪ ،‬وبذلك فإنه يحقق أكبر قدر من‬

‫‪ 85‬عبد الفتاح الزيتوني‪ ،‬تنازل االختصاص في العقد اإللكتروني ص ‪.278‬‬


‫‪ 86‬بوديه كريم‪ ،‬التحكيم االلكتروني‪ .‬مذكرة نيل شهادة الماستر القانون والتعاون الدولي‪ ،‬جامعة مولود معمري‬
‫تيزى سنة ‪2012‬ص‪ 4‬محمد الحسني‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني في القانون الدولي الخاص دار النهضة‬
‫العربية القاهرة ‪2013‬ص‪295\293‬‬

‫‪64‬‬
‫االقتصاد في النفقات فال يحتاج إلى تكاليف السفر إذ إن مباشرة يتم حسم النزاع‪،‬‬
‫فالتحكيم االلكتروني يتناسب مع منازعات المستهلكين االلكترونية والتي تكون قليلة‬
‫الق يمة عادة‪ ،‬بل إنه يفوق المحاكم الوطنية حتى محكمة موطن المستهلك وفق‬
‫القواعد الخاصة بحماية المستهلك فهو يحقق السرعة ووفرة التكاليف‪ ،‬فيوفر تكاليف‬
‫انتقال األطراف لحضور الجلسات وتكاليف إرسال الوثائق والمستندات ويوفر‬
‫تكاليف االستعانة بالخبراء كما أن المحكمين أغلبهم من ذو مرونة فأطراف النزاع‬
‫يستطيعون تحديد أوقات إدارة النزاع في الوقت الذي يرونه مناسبا لهم‪ ،‬وفي مقابل‬
‫هذه المزايا التي يحققها التحكيم االلكتروني للمستهلك المتعاقد الكترونيا إال انه‬
‫تعترضه العديد من الصعوبات في الواقع العملي‪ ،‬والحقيقة أن السبب الرئيس في‬
‫بروز تلك الصعوبات هو قصور النظم القانونية للبلدان خصوصا البلدان النامية عن‬
‫مواكبة التطورات الهائلة فيمجال التجارة االلكترونية‪ ،‬وجمود قواعدها القانونية‬
‫خصوصا تلك المتعلقة باالختصاص القضائي واإلثبات وغيرها من القواعد‪ .‬ولعل‬
‫أبرز تلك الصعوبات التي تواجه التحكيم اإللكتروني "‪ .‬هي مدى صحة اتفاق‬
‫التحفظي‪ .‬مشكلة االعتراف بتنفيذ األحكام التي تصدر عن هيئة التحكيم أخرى وهي‬
‫أن تحديد‪.‬‬

‫وهناك صعوبات تتعلق بمدى صالحية محل التحكيم‪ ،‬وذلك في العقود التي‬
‫تبرم بين المهني والمستهلك حيث يعد هذا األخير الطرف الضعيف في العقد‪،‬‬
‫‪87‬‬
‫والخوف من عدم تطبيق القواعد االمرة المنصوص عليها في القوانين الوطنية‬

‫وعليه فيمكن القول أن التحكيم االلكتروني يسير في اتجاه االزدهار والتطور‬


‫ولم تعد تلك الصعوبات التي واجهته في بادئ األمر تمثل عقبة أمامه وتطوره فهو‬
‫الوسيلة المثلى لحل منازعات التجارة االلكترونية التحكيم وقد القى رواجا واصبح‬
‫واقعا معاشا وقد عملت العديد من الدول إلى االعتراف بالتحكيم االلكتروني من‬

‫‪ 87‬محمد الحسني‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني في القانون الدولي الخاص‪ .‬دار النهضة العربية القاهرة‬
‫‪2013‬ص‪299‬‬

‫‪65‬‬
‫خالل التعديل في تشريعاتها‪ ،‬كما اعترف القضاء بتلك األحكام الصادرة عنه كونه‬
‫وسيلة من وسائل فض المنازعات التجارية والمدنية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الوساطة كالية لحل النزعات االستهالكية‬

‫في أواخر القرن العشرين قامت الدولة الفرنسية على إنشاء هيئات المصالحة‬
‫كلف البعض منها بإجراء تسوية ودية في قضايا المنازعات االستهالكية‪ ،‬وبالوقوف‬
‫على مقتضيات قانون االستهالك المغربي ‪ 31.08‬القاضي بتحديد التدابير حماية‬
‫المستهلك نجده يهد ف إلى ضمان المستهلك من كل نواحي التي تمس حقوقه‬
‫المشروعة أمام المهني فالوساطة أو ما تعرف بالمصالحة ‪ 88‬من بين أهم الطرق‬
‫البديلة لحل النزاعات ذو الطبع االستهالكي الذي يضم المستهلك المتضرر من‬
‫تعسف المهني‪ ،‬فلجوء المستهلك إلى الوسائل القضائية قد يطيل أمد النزاع وذلك‬
‫بفعل إجراءات المعقدة‪ ،‬فالجدير بالذكر أن الوساطةيعنى بها التوجه بشكل إرادي‬
‫إلى شخص أجنبي عن العقد أي من الغير للتوسط لدى الخصوم من أجل بحث‬
‫إجراءات تسوية الودية للنزاع ويقتصر دور الوسيط أو مصالح على مساعدة‬
‫الطرفين في إيجاد حل عاجل للمشاكل التي تعتري السير العادي لعالقاتها وهو ال‬
‫يختص بإصدار األحكام‪.‬‬

‫فغالبا ما يتردد المستهلك في إقامة دعوى في مواجهة المهني‪ ،‬أما اقتناعا منه‬
‫بأن الشروط الواردة في العقد هي تنظيمية و بمثابة قانون أو لعدم جدوى اللجوء إلى‬
‫القضاء إما لتفاهة موضوع العقد أو لضخمة المصاريف القضائية وأتعاب المحامي‪،‬‬
‫ولتبسيط االجراءات المحاولة تخطي المعيقات ظهرت الى الوجود فعاليات المجتمع‬
‫المدني المتمثلة في جمعيات محلية وأخرى وطنية ينحصر مجالها في الدفاع على‬
‫المستهلك وعليه تقوم هذه الجمعيات بالتأثير على المهني من خالل تنظيم إعالنات‬
‫وتفرض عليه الخضوع لطلبات الجمعية ‪ ،‬مما يحتم على المهني تحت وطأة الحاجة‬
‫وبغرض الحفاظ على الزبناء الخضوع لها‪.‬‬

‫‪ 88‬يوجد فرق بين الوسيط والمصالح‬

‫‪66‬‬
‫هو ما سعى اليه المشرع المغربي من خالل تنصيصه على جمعيات حماية‬
‫المستهلك في القسم السابع ‪ 89‬من القانون ‪ 31.08‬وإلى جانب الجمعيات الخاصة‬
‫بحماية المستهلك ودورها كوسيط في حل نزاعات االستهالك‪ ،‬نجد المحتسب وأمناء‬
‫الحرف المؤطرون بقانون ‪ 02.82‬حيث نصت المادة ‪ 10‬منه على ما يلي‪ " :‬يساعد‬
‫االمناء المحتسب في مزاولة مهامه ويتمتعون تحت إمرته كل منه فيما يخص حرفته‬
‫بسلطة توفيقية للعمل على أن تقضي على سبيل التراضي الخالفات والنزاعات‬
‫الناشئة والوساطة يمكن أن تكون اتفاقية بناء على شرط مضمن في العقد بمقتضاه‬
‫يتفق الطرفان على اختياره دون أن ينفرد أحد األطراف باختيار هو الجهة التي تقوم‬
‫بدور الوساطة وذلك تكريسا لمبدأ الشفافية في االختيار وهذا االختيار قد يكون عند‬
‫ابرام العقد أو قد يؤجل إلى حين نشوء النزاع‪ ،‬وينحصر دور الوسيط في مثل هذه‬
‫الحاالت على البحث عن حل النزاع القائم‪ ،‬فهو يقترح الحل ويبقى لألطراف‬
‫المتعاقدة كامل الحرية في قبوله أو رفضه ‪ ،‬ففي حالة انتهاء مسطرة الوساطة دون‬
‫التوصل إلى حل‪ ،‬فإن المستهلك غالذي توصل إليه الوسيط حتى وإن لم يكن في‬
‫مصلحته هذا ويتقرر بطالن الشرط التعسفي وفقا لما تنص عليه المادة ‪19‬من‬
‫القانون‪ 31.08‬وما تجب اإلشارة إليه أن مسطرة الوساطة تبقى خاضعة لقانون‬
‫المسطرة حيث يجب أن يتوفر في عقد الوساطة وجوبا تحت طائلة البطالن تحديد‬
‫كامل لموضوع النزاع وعلى تعيين الوسيط أو التنصيص على كيفية تعيينه‪.‬‬

‫كما يجب أن يكون كتابيا حسب المادة ‪ 60.327‬من القانون ‪ 05.08‬من‬


‫األغيار ‪ ،‬أو طلب خبرة إذا دعتها الضرورة وفي األخير يقترح مشروع الصلح‪،‬‬
‫ويحرر ذلك هذا ويمكن أن تمنح الوساطة لشخص طبيعي أو شخص معنوي كما‬
‫يتبع الوسيط المعين من قبل األطراف‪ ،‬مسطرة خاصة لحل النزاع‪ ،‬ويقارن بين‬
‫وجهة نظرهم‪ ،‬ويجوز له االستماع إلى أحد في وثيقة صلح تتضمن وقائع النزاع‬
‫وكيفية فضه وما اتفق عليه األطراف ويوقع األطراف الصلح كما يوقعه الوسيط‬

‫‪ 89‬المادة ‪ 152‬من القانون ‪31.08‬‬

‫‪67‬‬
‫وفي حالة عدم التوصل إلى الصلح‬ ‫‪90‬‬
‫وتكون له حجيته فيما اتفق عليه األطراف‬
‫ألي سبب من األسباب فإن الوسيط يسلم وثيقة عدم الوصول إلى صلح لألطراف‬
‫أما اآلن سننتقل للحديث عن دور الوساطة‬ ‫‪91‬‬
‫والتي يجب أن توقع من طرفهم‪.‬‬
‫التابعة للدولة فإنه على عكس المشرع الفرنسي الذي اهتم بإنشاء عدد كبير من‬
‫هيئات المصالحة وكلف البعض منها بإجراء التسوية الودية في قضايا االستهالك‪،‬‬
‫فان المشرع المغربي لم يحدد الشروط أو الجهة المكلفة بعملية الوساطة‪ ،‬إذ أن‬
‫المشرع الفرنسي عمل على تكريس اإلجراءات المتبعة أمام لجنة اإلشراف وفي‬
‫االستدانة‪ ،‬وذلك من خالل المواد من ‪ 331.1‬إلى المادة ‪ 331.12‬وهذه المواد تبين‬
‫كيفية تشكيل هذه اللجنة‪ ،‬وكيفية عرض النزاع عليها‪ ،‬وكيفية العمل وفي األخير‬
‫خطة التقويم االتفاقية التي تعدها اللجنة وبالرجوع إلى القانون المغربي ال نجد لهذه‬
‫اإلجراءات تنظيم خاص به سواء في القانون ‪ 31.08‬وال في قانون المسطرة المدنية‬
‫والتعديال ت التي طرأت عليه بموجب القانون ‪ ، 17.95‬المتعلق بالتحكيم والوساطة‬
‫االتفاقية مما عدا الندوات الوطنية المنظمة لمشروع الوساطة القضائية في المحاكم‬
‫التجارية‪ ،‬والتي يخضع في إطاره قضاة المحاكم التجارية إلى تكوين من أجل‬
‫دراسة مدى جدوى المشروع‪ ،‬والذي من الممكن أن يطبق على األعمال التجارية‬
‫ومن بينها األعمال التجارية المختلطة التي قد يكون المستهلك طرفا فيها لقد تميزت‬
‫الطرق البديلة لمعالجة المنازعات االستهالكية وفق تجربة التشريعات المقارنة‬
‫بالتنوع في غضون سنوات قليلة‪ ،‬إذ تعدد أنواع الوسطاء والمصالحين وظهرت‬
‫مجموعة كبيرة من لجان التسوية‪ ،‬وهو األمر الذي أدى إلى تداخل االختصاصات‬
‫ما بين عدة جهات لحل نفس القضايا وضع كهذا ال يخدم مصالح المستهلك بطبيعة‬
‫الحال خاصة وأنه يجد نفسه تاتها بين عدة جهات لحل مشاكله‪ ،‬وبالتالي يصعب‬
‫عليه اختيار أفضلها‪ ،‬ولكن على الرغم من ذلك فقد تميزت مساطر المصالحة أو‬
‫الوساطة بتحقيق نتيجتين‪ :‬األولى تتمثل في تخفيف العبء على المحاكم‪.‬‬

‫‪ 90‬الفصل ‪ 327.68‬من القانون ‪ 08.05‬المتعلق بالمسطرة المدنية‬


‫‪ 91‬وذلك ألن الصلح يكتسي قوة الشيئ المقضي به طبقا لما جاء في الفصل ‪327.69‬‬

‫‪68‬‬
‫الثانية وتبرز من خالل الطريقة المستعملة لحل النزاع‪ ،‬بواسطة التسوية‬
‫الودية التي تتميز بالبساطة والسهولة‪ ،‬بمجرد اختيار إجراء المصالحة عكس‬
‫المحكمة التي تأخذ في النزاع وقت طويل قبل إيجاد الحل‪ ،‬نظرا لوجود إجراءات‬
‫طويلة وغير مبسطة‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫فمن خالل ما تم عرضه في هذه الورقة البحثية يتضح لنا جليا أن للمستهلك‬
‫مكانة هامة ضمن اهتمامات العالم‪ ،‬سيما بعد تأسيس منظمة التجارة الدولية‪ ،‬وقيادة‬
‫العالم نحو عالم جديد ال يعرف الحدود والفواصل‪.‬‬

‫و لئن كان االهتمام بقضية حماية المستهلك على المستوى الدولي تولد منذ‬
‫الثالثينيات الميالدية من القرن المنصرم‪ ،‬وتبلورت في الخمسينيات إثر تكون عدة‬
‫جمعيات في عدة دول لحماية المستهلك‪ ،‬ثم انعكس على توجهات العديد من الدول‬
‫العربية‪ ،‬حيث بادرت إلى تأسيس االتحاد العربي للمستهلك مع بداية األلفية الثالثة ؛‬
‫فإن المغرب لم يخرج عن سنة التطور وأوجد قانون رقم ‪ 31.08‬يقضي بتحديد‬
‫تدابير لحماية المستهلك بعد ما مكث أكثر من ثالثين سنة كمشروع‪.‬‬

‫و رغم كون قانون االستهالك ما زال في بدايته أو طفولته بحيث لم يمر على‬
‫وجوده بمدة طويلة ‪ ،‬وتضمن عدة مكتسبات للمستهلك من إعالمه بكل ما يتعلق‬
‫بالمنتوج أو السلعة‪ ،‬وبآجال التسليم‪ ،‬ومنحه حق الخيار في اآلجال والتقاضي‪،‬‬
‫وحمايته من الشروط التعسفية‪ ،‬ومن االشهارات الخادعة أو الكاذبة‪ ،‬أو ما يتعلق‬
‫بالوسائل الحديثة إلبرام العقود‪ ،‬وتقرير الضمان القانوني‪ ،‬والخدمة بعد البيع‪،‬‬
‫وتقرير قواعد في القروض االستهالكية‪ ،‬والدفاع عنه بواسطة جمعيات مؤسسة لهذا‬
‫الغرض‪ ...‬إال أن هذا القانون دفع الباحثين والممارسين إلى تقييم أولي له‪ ،‬فانسابت‬
‫األقالم نحو تقديم فرضيات عدة‪ ،‬ومازالت تناسب لكونه قانون يحتاج إلى عشرات‬
‫الدراسات والندوات واأليام الدراسية لتحليل مضامينه‪ ،‬ومضامين نصوصه‬
‫التنظيمية‪.‬‬

‫فقد نهض بحثنا هذا المتواضع بدراسة أهمية الحاجة إلى ضرورة توفير‬
‫الحماية الالزمة للمستهلك الذي يتعاقد عبر وسائل االتصال الحديثة وذلك نظرا‬
‫لخصوصية الوسيلة التي يتم من خاللها التعاقد ‪ ،‬حيث يتم في الفضاء الكتروني‬
‫ودون وجود مادي يسمح للمستهلك بمعاينة وتفقد السلعة المراد التعاقد بشأنها ‪،‬‬
‫‪70‬‬
‫األمر الذي يدعو إلى حماية أكبر لسالمة المستهلك ‪ ،‬وتقديم معلومات كافية‬
‫وصحيحة له تمكنه من تكوين قناعته في التعاقد واالبتعاد عن االعالنات الكاذبة التي‬
‫تجذب المستهلك إلى التعاقد وكذلك احترام حق المستهلك بالعدول أو الرجوع عن‬
‫السلعة أو الخدمة‪ ،‬كما حاولنا تناول في هذا البحث المؤسسات واألجهزة التي نظمها‬
‫المشرع المغربي والتي تلعب دورا مهما في حماية المستهلك االلكتروني على‬
‫المستوى الوطني كما ال ننسى المجهودات المبذولة على الصعيد الدولي من خالل‬
‫اقرار مجموعة من االتفاقيات بهذا الخصوص وتحديد االختصاص القضائي الدولي‬
‫بالنظر في النزاعات الناشئة مع تحديد الوسائل البديلة لفض هذه النزاعات‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫الئحة المراجع‬
‫الموقع اإللكتروني ‪tèjarie.com‬‬
‫د إيمان التيس "حماية المستهلك من اإلشعارات الخادعة على ضوء قانون ‪31‬‬
‫‪ 08‬مقال منشور في مجلة القضاء المدني‬
‫د خالد ممدوح ابراهيم "حماية المستهلك في العقد اإللكتروني " دار الفكر‬
‫الجامعي اإلسكندرية ‪2008‬‬
‫د عبد الكريم عباد‪" ،‬حماية المستهلك من سلبيات اإلشهار التجاري " مقال‬
‫منشور في مجلة القانون واالعمال‬

‫د محمد بدالي‪" ،‬حماية المستهلك في القانون المقارن " دار الكتاب الحديثة‬
‫القاهرة ‪2006‬‬
‫د كوثر سعيد عدنان خالد " حماية المستهلك اإللكتروني " دار الجامعة الجديدة ‪،‬‬
‫مصر الطبعة الثانية ‪2016‬‬
‫د حليمة سهيل" الحماية المدنية للمستهلك المتعاقد إلكترونيا "‬
‫‪ -‬ممون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزام في ضوء قانون االلتزامات والعقود‬
‫المغربي‪ ،‬الجزء األول مصادر االلتزام‪ ،‬منشورات‪ ،‬طبعة ‪2020‬‬
‫‪ -‬ادريس الحياني‪ ،‬عمر انجوم‪ ،‬إبرام العقد االلكتروني وفق القواعد العامة‪،‬‬
‫وعلى ضوء مشروع قانون التبادل االلكتروني للبيانات القانونية‪ ،‬مقال‬
‫منشور بالمجلة المغربية لقانون األعمال والمقاوالت‪ ،‬عدد ‪ ،11‬أكتوبر‬
‫‪2006‬‬
‫‪ -‬عبد الحق الصافي‪ " :‬الوجيز في القانون المدني‪ ،‬الجزء األول‪ :‬المصادر‬
‫اإلراديةٌ لاللتزام‪ ،‬العقد واإلرادة المنفردة‪ ،‬دراسة في ق‪ .‬ل‪ .‬ع والقوانين‬
‫األخرى‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫طارق عبد الرحمان ناجي كميل‪ ،‬التعاقد عبر االنترنيت وشره‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الراسة العليا المسلة في القانون الخاص‪ ،‬وحدة لتكون والبحث‪ ،‬قانون المقاوالت‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالتصالية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‬
‫الكال‪ ،‬موسم ‪2004-2003‬‬
‫محمد مزوزي‪ ،‬الضمانات ل القانونية في العود االلكترونية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في فانون العقود والعقار جامعة محمد األول كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة السنة الجامعية ‪.2011-2010‬‬
‫العربي جنان‪ ،‬التبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬المطبعة والوراقة‬
‫الوطنية‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2008‬‬
‫عبد القادر العرعاري‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬دراسة مقارنة على ضوء التعديالت الجديدة‬
‫الواردة في‪ :‬القانون رقم (‪ )31.08‬المتعلق بحماية المستهلك‪ .‬المستهلك‪ .‬القانون‬
‫رقم (‪ )53.05‬المتعلق بتبادل المعطيات القانونية بشكل إلكتروني‪ .‬القانون رقم‬
‫(‪ )21.09‬المتعلق بسالمة المنتوجات والخدمات‪ .‬دار األمان‪ ،‬طبعة ‪،2014‬‬
‫‪ -‬قرار رقم ‪ 228/2012‬الصادر بتاريخ ‪ 16/01/2012‬في الملف عند‬
‫‪ .4888/2010/10‬قرار غير منشور‪.‬‬
‫‪ -‬عطار المختار بن احمد‪ ،‬دراسة في العقد االلكتروني‪ ،‬دار المنظومة‬
‫الرواد في قواعد المعلومة العربية‪2009 ،‬‬
‫‪ -‬القرار عدد ‪ ،250‬الصادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪06/06/2013‬‬
‫الملف رقم ‪ ،20 894/13/2012‬منشور بالموقع الرسمي لمحكمة‬
‫النقض‪.‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1-20-100‬صادر في ‪ 16‬من جمادى األولى ‪1442‬‬
‫(‪ 31‬ديسمبر ‪ )2020‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 43-20‬المتعلق بخدمات الثقة‬
‫بشأن المعامالت اإللكترونية‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ -‬محمد بيسن‪ ،‬التوقيع االلكتروني في ضوء قانون ‪ ،43،20‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الماستر في القانون الخاص تخصص قانون االعمال‪ ،‬جامعة عبد‬
‫المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية تطوان‪،‬‬
‫السنة الجامعية‪2021-2020 ،‬‬

‫‪ -‬التوقيع االلكتروني المؤهل مقال منشور في الموقع االلكتروني‪ ،‬دون دكر‬


‫‪https://www.zoho.com/ar/sign/eidas-‬‬ ‫صاحب المقال‪،‬‬
‫‪ regulation.html‬اخر االطالع ‪.22-5-2022‬‬
‫يوسف صدقي‪ " :‬حق التراجع عن العقد لمجلة العربية‪-‬مؤلف جماعي حول‬
‫حماية المستهلك‬
‫رضوان جيراني‪" :‬حق التراجع كآلية لحماية المستهلك في عقود التجارة‬
‫االلكترونية"‪ ،‬مقال منشور في المجلة العربية للدراسات القانونية والقضائية‪.‬‬
‫بــدر منشيــف‪" :‬حمــاية المستهلك فــي العقد اإللكتروني"‪ ،‬مقال منشور في‬
‫المجلة العربية للدراسات القانونية واالقتصادية واالجتماعية عدد خاص‪.‬‬
‫زهير الخنسي‪ " :‬حق المستهلك في التراجع – العقود المبرمة عن بعد نموذجا‪-‬‬
‫"‪ ،‬رسالة لنيل ديبلوم الماستر في القانون الخاص القانون‪ ،‬تخصص القانون‬
‫المدني‪.‬‬
‫الشرقاوي قرقار‪ " :‬حماية المستهلك االلكتروني من الشروط التعسفية"‪ ،‬مجلة‬
‫عدالة للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬عدد ‪.3‬‬
‫د‪ .‬عباس حسن الصراف‪" ،‬شرح عقدي البيع واإليجار في القانون المدني"‪،‬‬
‫الجديد مطبعة األهالي بغداد ‪.1955‬‬
‫قرار صادر عن محكمة النقص سنة ‪ 8‬أبريل ‪.1948‬‬

‫‪74‬‬
‫الشرقاوي قرقار‪ " :‬حماية المستهلك اإللكتروني من الشروط التعسفية"‪ ،‬مجلة‬
‫عدالة للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬عدد ‪.3‬‬
‫محمد المسلومي‪" :‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية أثناء التعاقد"‪ ،‬مجلة‬
‫الملف‪ ،‬العدد الثامن‪ ،‬أبريل ‪.2006 ،‬‬
‫حمد محمد حمد هللا‪" ،‬حماية المستهلك في مواجهة الشروط التعسفية"‪ ،‬القاهرة‬
‫دار الفكر العربي‪ ،‬أورده مزمل سيد أحمد محمود سعيد‪ ،‬بحث لنيل درجة‬
‫الماستر جامعة النيلين‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬قسم القانون‪ ،‬سنة ‪.2020‬‬
‫هذا األسلوب اتبعه‪ ،‬المشرع الفرنسي وبعض التشريعات الي تأثرت به‬
‫عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬مصادر االلتزام الجزء األول‪.‬‬
‫عبد العرعاري‪ :‬نظرية العقد‪ ،‬مصادر االلتزام الكتاب األول‪.‬‬
‫• ‪Www.khidmat-‬‬
‫‪almostahlik.ma‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.9.15‬صادر في ‪ 22‬من صفر ‪ 18( 1430‬فبراير ‪)2009‬‬
‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 08.09‬المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة‬
‫المعطيات ذات الطابع الشخصي مرسوم رقم ‪ 2 .09 .165‬صادر في ‪ 25‬من‬
‫جمادى األولى ‪21(1430‬ماي‪ )2009‬لتطبيق القانون رقم ‪ 08.09‬المتعلق‬
‫بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي‪.‬‬
‫‪ -‬الموقع الرسمي للجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ‪:‬‬
‫‪htpps ://www.cndp.ma/ar‬‬
‫القانون رقم ‪08.09‬‬
‫ظهير الشريف ‪ 1-97-65‬الصادر بتاريخ ‪ 04‬شوال ‪1417‬الموافق ‪12‬‬
‫فبراير‪ 1997‬المنشور في الجريد الرسمية عدد ‪ 4482‬بتاريخ ‪ 15‬ماي ‪1999‬‬

‫‪75‬‬
‫يونس المسعودي‪ ،‬القانون الواجب التطبيق على العقد اإللكتروني‪ ،‬المركز‬
‫الجامعي تهراست‬
‫عبد الفتاح الزيتوني‪ ،‬تنازل االختصاص في العقد اإللكتروني‪.‬‬
‫بوديه كريم‪ ،‬التحكيم االلكتروني‪ .‬مذكرة نيل شهادة الماستر القانون والتعاون‬
‫الدولي‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزى سنة ‪2012‬ص‪ 4‬محمد الحسني‪ ،‬حماية‬
‫المستهلك اإللكتروني في القانون الدولي الخاص دار النهضة العربية القاهرة‬
‫‪.2013‬‬
‫محمد الحسني‪ ،‬حماية المستهلك اإللكتروني في القانون الدولي الخاص‪ .‬دار‬
‫النهضة العربية القاهرة ‪.2013‬‬

‫‪76‬‬
‫الفهرس‬

‫مقدمة‪2............................. ................................ ................................ ................................ :‬‬

‫العقد ‪5...................‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الحماية القانونية للمستهلك السيبراني خالل مرحلة‬

‫العقد ‪5..........................................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬حماية المستهلك خالل مرحلة تكوين‬

‫التفاوض ‪5................ ................................‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬حماية المستهلك خالل مرحلة‬

‫االلكتروني ‪11.......................................‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬حماية المستهلك اثناء ابرام العقد‬

‫العقد ‪26...........................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬حماية المستهلك اإللكتروني في مرحلة تنفيذ‬

‫اإللكتروني ‪26.................................‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬حق الرجوع كآلية لحماية المستهلك‬

‫التعسفية ‪36...............................‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬ضمان العيوب الخفية ومواجهة الشروط‬

‫االلكتروني ‪47.........................................‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الحماية المؤسساتية للمستهلك‬

‫االلكتروني ‪47................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬دور المؤسسات الوطنية في حماية المستهلك‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دور وزارة الصناعة والتجارة واالستثمار واالقتصاد الرقمي في‬
‫‪47......................... ................................ ................................ ................................‬‬ ‫المراقبة‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور اللجنة الوطنيةٌ لمراقبة حمايةٌ ذات الطابع الشخص في حمايةٌ‬
‫االلكتروني ‪51.................................... ................................ ................................‬‬ ‫المستهلك‬

‫االلكتروني ‪55................. ................................‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬حماية الدولية المستهلك‬

‫الموضوعية ‪55..............‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬الحماية المستهلك االلكتروني من خالل قواعد‬

‫االلكتروني ‪63.....................‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬دور الوساطة والتحكيم في حماية المستهلك‬

‫خاتمة‪70........................... ................................ ................................ ................................ :‬‬

‫المراجع ‪72.............. ................................ ................................ ................................‬‬ ‫الئحة‬

‫‪77‬‬
‫‪77......................... ................................ ................................ ................................‬‬ ‫الفهرس‬

‫‪78‬‬

You might also like