Professional Documents
Culture Documents
إلى جانب الرقابة بواسطة جهاز سياسي وجدت كذلك الرقابة الدستورية بواسطة جهاز
قضائي .ومبرر هذا النوع األخير من الرقابة هو حياد القضاة والتزامهم بالموضوعية
واستقاللهم في مباشرة وظيفتهم .وتكمن طرق ممارسة الرقابة في هذه الحالة عن طريق
الدعوى األصلية ،وكذا عن طريق الدفع ،باإلضافة إلى الرقابة عن طريق الحكم التقريري
أو عن طريق األمر القضائي.
-1-2-2الرقابة عن طريق الدعوى األصلية أو اإللغاء :إن الرقابة على دستورية القوانين
عن طريق الدعوى األصلية ينص عليها الدستور صراحة في نصوصه وأحكامه ،ذلك بإسناد
تلك المهمة إلى جهة قضائية فتختص بالنظر في صحة القوانين إذا طعن أحد األفراد في
قانون معين عن طريق دعوى أصلية بعدم دستوريته ،فتقوم وفقا لدراستها بإصدار حكم يثبت
ذلك القانون إذا كان مطابقا للدستور أو يلغيه إذا كان مخالفا له.
تتميز الرقابة على دستورية القوانين عن طريق دعوى اإللغاء بالخصائص التالية :
-ضرورة وجود نص قانوني يحدد شكليات المراقبة ؛
-إقامة دعوى لدى الجهاز القضائي المتخصص للطعن في دستورية القوانين ؛
-يترتب على الحكم بعدم دستورية هذا القانون إبطاله وإلغاءه حتى بالنسبة للسلطة التشريعية
التي وضعته.
-2-2-2الرقابة عن طريق الدفع أو اإلمتناع :إن الرقابة على دستورية القوانين عن طريق
الدفع أو االمتناع تقتصر فقط على عدم تطبيق القانون المطعون فيه إذا كان مخالفا للدستور،
فهذا النوع من الرقابة ال يمارس إال بناءا على طلب أو دعوى مرفوعة أمام المحكمة
المختصة وأن حكمها ال يلغي القانون ولو كان مخالفا للدستور ،فرغم صدور القانون وكونه
يمس بمصلحة وحقوق األفراد لو يطبق عليهم إال أنهم ال يستطيعون مهاجمته طالبين إلغائه،
بل على كل شخص أن ينتظر إلى أن يراد تطبيق ذلك القانون عليه فيمتنع الخضوع واالمتثال
له ،ثم يدفع أمام القضاء بعدم دستورية ذلك القانون باعتباره مخالفا للدستور ،وبعدها تلتزم
المحكمة بفحص دعوى الشخص المقدم للمحاكمة وتبحث على مدى دستورية ذلك القانون،
فإذا ظهر لها أن ذلك القانون غير دستوري فإنها تمتنع عن تطبيقه عليه في تلك الدعوى دون
الحكم بإلغائه .فمثال في الواليات المتحدة االمريكية ،فنفس المحكمة التي أقرت بعدم
دستورية ذالك القانون ،ليست ملزمة بالتقيد بأحكامها بل لها الحرية في الحكم مرة أخرى
بدستورية ذلك القانون الذي قضت بعدم دستوريته في حكمها األول وكذلك الشأن بالنسبة
للمحاكم األخرى ،فإنها ليست مقيدة بأحكام المحاكم األخرى أو بأحكامها إال إذا كان الحكم
صادر من المحكمة االتحادية أو الفيدرالية العليا.
اذن تتميز هذه الرقابة عن طريق االمتناع ،بعدة خصائص نذكر منها :
-أن هذه الرقابة تأتي عرضا أو استثناء أثناء النظر في دعوى لم تستهذف في األصل الطعن
في دستورية القانون المطبق على موضوع الدعوى بل جاء الطعن من دفع أحد األطراف
الذي طلب بصفة استثنائية وعرضية عدم تطبيق القانون لعدم تطابقه مع الدستور حسب
إدعاءه .فإذا تبين للقاضي أن هذا اإلدعاء صحيح .يمتنع عن تطبيق القانون.
-هذا اإلجراء يختلف عن سابقه في كونه ال يؤدي إلى إلغاء القانون ؛بل يترتب عنه فقط عدم
تطبيقه على النازلة المعروضة على القضاء.
-3-2-2الرقابة على دستورية القوانين عن طريق الحكم التقريري :لقد أخذت الواليات
المتحدة األمريكية بهذا النوع من الرقابة التي تعتبر وقائية ،غرضها عدم تطبيق القوانين
المخالفة لمبدأ الدستورية ،بحيث يرفض المعني .بالتنفيذ التقيد بأحكامه باعتباره يحوز على
الحكم التقريري الذي يثبت عدم دستوريته .و لقد استخدمت محاكم الواليات أسلوب الحكم
التقريري في مجال الرقابة على دستورية القوانين منذ عام ،1918و الذي بمقتضاه يلجأ
الفرد الى المحكمة يطلب منها اصدار حكم يقرر ما اذا كان القانون المراد تطبيقه عليه يعد
دستوريا ،أم ال ،و هنا على الموظف المختص بتنفيذ القانون أن يتريث حتى صدور حكم
المحكمة ،فيقوم بتنفيذ القانون اذا و جدت المحكمة أنه دستوري ،أو يمتنع عن تنفيذه اذا
قضت المحكمة بعدم دستوريته .و قد رفضت المحكمة العليا هذا األسلوب في بداية األخذ به،
بحجة أنها ال تختص اال بالنظر في المنازعات ،في حين أن طلب اصدار حكم تقريري فهو
ال ينطوي على أي منازعة .و مع مرور الوقت عدلت المحكمة العليا عن هذا الموقف و
أخذت بهذا االسلوب ابتداءا من سنة .1933و في سنة 1934سن الكونغرس االمريكي
قانون االحكام التقريرية الذي منح المحاكم االتحادية سلطة اصدار أحكام تقريرية في المسائل
المتعلقة بدستورية القوانين.
-4-2-2الرقابة على دستورية القوانين عن طريق األمر القضائي :تكمن عملية الرقابة عن
طريق األمر القضائي من خالل وقف العمل بالقانون المراد تطبيقه ،كما أن األمر القضائي
الغرض منه وقف القانون المراد تطبيقه على الشخص المعني به ،إلى حين الفصل فيه من
طرف جهة قضائية من حيث مدى دستوريته من عدمها .لهذا يستجيب القاضي إلى ذلك من
خالل أمر قضائي ،لكن ال ينظر في مدى دستوريته من عدمها و ٕانما يترك األمر للجهة
المختصة التي تصدر حكما بعدم دستوريته أم ال ،ففي حالة صدور حكم المحكمة بدستورية
القانون يستأنف الموظف عمله ،أما ان كان العكس فيمتنع عن ذلك.
1أصحاب المشروع الدستوري السابق الذكر ،كانوا سباقين إلى تبني نظام االزدواجية البرلمانية :فمنتدى الشورى كان يتكون من
مجلسين :مجلس األمة ومجلس الشرفاء مع إعطاء األولوية لهذا األخير في حالة إذا ما تبين له وجود ما يخالف مقتضيات الفصل
، 54إذ بإمكان مجلس الشرفاء رفض مقترحات ومقررات مجلس األمة مع تبرير أسباب رفضه.
المجلس األ على هي "الغرفة الدستورية" ،لكن باختصاصات محدودة في مجال الرقابة على
دستورية القوانين ،حيث اقتصرت على الرقابة الوجوبية القبلية لكل من القوانين التنظيمية
والقوانين الداخلية للبرلمان ،وهو ما تم تكريس نطاقه وحدوده ،بعد ذلك ،في دستوري 1970
و.1972
وستعرف هذه الرقابة تطورا ملحوظا مع دستور ،1992وذلك ،بإسنادها إلى هيئة مستقلة
عن التنظيم القضائي العادي تُحدَث لهذا الغرض هي :المجلس الدستوري ،وأضيف إليها في
مجال هذا االختصاص إمكانية المراقبة االختيارية للقوانين العادية بإحالة من سلطات سياسية
معينة وفق شروط محددة ،وهو ما تم تكريسه بعد ذلك في دستور.21996
وقد اكتمل قوام الرقابة الدستورية ونضج مع دستور ،2011الذي ارتقى بالمجلس
الدستوري إلى محكمة دستورية ،وبعد أن خفف المشرع الدستوري من القيود على الرقابة
الدستورية االختيارية ،وسّع من هذا االختصاص ليشمل ،إضافة إلى ما سبق ،مراقبة
دستورية االتفاقيات والمعاهدات الدولية.
وعالوة على ذلك ،جعل هذه الرقابة تجمع بين الرقابة السياسية السابقة على صدور األمر
بتنفيذ القوانين وبين الرقابة القضائية التي تتم بواسطة الدفع بعدم الدستورية الذي يثار أمام
المحاكم أثنا ء النظر في قضية بشأن القانون الذي سيطبق في النزاع إذا كان القانون يمس
بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور ،وزاد هذا اإلختصاص توسعا ليشمل ،بموجب
القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية ،الرقابة على دستورية األنظمة الداخلية
للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية.
وهكذا ،يمكن التمييز في تاريخ القضاء الدستوري المغربي بين ثالث مراحل ،كما يلي:
أوال -مرحلة الغرفة الدستورية في نطاق الدساتير الثالثة األولى () 1972 - 70- 62
ثانيا-مرحلة المجلس الدستوري في نطاق دستوري 1996 – 1992
ثالثا -مرحلة المحكمة الدستورية في نطاق دستور .2011
فحسب منطوق الفصل 81من الدستور المغربي لسنة '' : 1996تحال القوانين التنظيمية قبل إصدار األمر بتنفيذها ،والنظام الداخلي 2
لكل من مجلسي البرلمان قبل الشروع في تطبيقه إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور .وللملك أو الوزير األول أو رئيس
مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين أو ربع أعضاء مجلس النواب أو أعضاء مجلس المستشارين أن يحيلوا القوانين قبل إصدار
األمر بتنفي ذها إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور''.
-1مرحلة الغرفة الدستورية:
امتدت من وثيقة 1962إلى دستور 1972حيث أَحدث ال ُمشرع الدستوري غرفة دستورية
لدى لمجلس األعلى ،أُنيطت بها اختصاصات محدودة جدا في مادة مراقبة دستورية القوانين؛
إذ اقتصرت فقط على الرقابة اإللزامية القبلية للقوانين التنظيمية والقوانين الداخلية لمجلسي
البرلمان ،والبت في منازعات االنتخابات التشريعية ،والنظر في صحة العمليات االستفتائية،
والبت في تنازع االختصاص بين الحكومة والبرلمان بخصوص الطبيعة التشريعية أو
التنظيمية للنصوص القانونية ،والنظر في إمكانية تغيير النصوص الصادرة في صيغة قانون
بمرسوم بعد رأي ُمطابق من الغرفة الدستورية لدى المجلس األعلى ،باإلضافة إلى استشارة
الملك لرئيس الغرفة الدستورية قبل حل مجلس النواب.
وفي هذا السياق ،تألفت الغرفة الدستورية بالمجلس األعلى في ظل دستور 1962من خمسة
أعضاء ،فباإلضافة لرئيس المجلس األعلى الذي يتولى رئاسة الغرفة الدستورية ،يُ ِعين الملك
بمرسوم ملكي لمدة ست سنوات قاض من الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى وأستاذ بكلية
الحقوق ،وعضوين يُ َعين أحدهما رئيس مجس النواب واآلخر يعينه رئيس مجلس
المستشارين ،وذلك في مستهل مدة النيابة ( )le mandatأو إثر كل تجديد جزئي
) .(renouvellement partielوقد عرفت تشكيلة الغرفة الدستورية تغيرا طفيفا فيما يتعلق
بتركيبتها ،حيث أضحت مع إقرار دستور 1970تتألف من الرئيس الذي يرأس بقوة القانون
المجلس األعلى وقاض من الغرفة اإلدارية للمجلس األعلى وأستاذ بكلية الحقوق يعينان
بظهير شريف لمدة ست سنوات ،وعضو يعينه رئيس مجلس النواب ،وذلك في مستهل مدة
النيابة .وفي ذات السياق ،وسع ال ُمشرع من خالل دستور 1972من تركيبة الغرفة
الدستورية لتصل إلى سبعة أعضاء ،إذ تشمل باإلضافة إلى الرئيس ثالثة أعضاء يعينون
بظهيرشريف لمدة النيابة التشريعية ،وثالثة أعضاء يعينهم في مستهل مدة النيابة رئيس
مجلس النواب بعد استشارة فرق المجلس.
3نصت الفصول من 216إلى 251من دستور 2011على إحداث المحكمة الدستورية ،وتبيان كيفية تأليفها ،واختصاصاتها .كما
جاء القانون التنظيمي رقم 13.66المتعلق بالمحكمة الدستورية (صدر ظهير شريف بتاريخ 13غشت 2014بتنفيذه ونشر بالجريدة
بمقتضيات قانونية تلزم بعض الجهات باإلحالة الفورية للقوانين التنظيمية واألنظمة الرسمية عدد 6288بتاريخ 4شتنبر ، )2014
الداخلية لمجلس البرلمان وكذا األنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب قوانين تنظيمية.
باإلضافة إلى االختصاصات التي كان يمارسها المجلس الدستوري في ظل دستوري 1992
و ، 1996أصبحت المحكمة الدستورية تنظر في الرقابة على المعاهدات الدولية ،بإحالة
اختيارية من ذوي االختصاص ،والنظر في الدفوعات الدستورية من قبل األطراف استنادا
إلى الفصل 133من الدستور ،ثم مراقبة األنظمة الداخلية للمجالس المنظمة 4بموجب قوانين
تنظيمية ،حيث تنص المادة 11من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية رقم
25.199المشار اليه أعاله " :كما تحال باقي االنظمة الداخلية للمجالس المنظمة بموجب
قوانين تنظيمية ،إلى المحكمة الدستورية للبت في مطابقتها للدستور من لدن رئيس كل
مجلس".
فطبقا للفقرة الثانية من الفصل 132من دستور 2011فإن القوانين التنظيمية تحال قبل
إصدار األمر بتنفيذها و كذالك األنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين
قبل الشروع في تطبيقها على المحكمة الدستورية لتبث في مطابقتها للدستور ،كما يمكن
للملك ولكل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين وخمس
أعضاء مجلس النواب وأربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين أن يحيلوا القوانين
قبل إصدار األمر بتنفيذها إلى المحكمة الدستورية للبث في مطابقتها للدستور.
من جهة ثانية ،تختص المحكمة الدستورية طبقا للفصل 133من الدستور بالنظر في كل
دفع متعلق بعدم دستورية قانون أثير أثناء النظر في قضية إذا دفع أحد األطراف بأن القانون
الذي سيطبق في النزاع يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور وتؤدي اإلحالة على
المحكمة الدستورية إلى وقف سريان أجل إصدار األمر بالتنفيذ .فوفقا للقانون التنظيمي رقم
15.86المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون فإن الدفع بعدم دستورية
قانون يمكن أن يثار أمام مختلف محاكم المملكة وكذا أمام المحكمة الدستورية مباشرة
بمناسبة البت في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان كما يمكن إثارة الدفع ألول مرة
أمام محكمة ثاني درجة أو أمام محكمة النقض إال أنه يجب أن يثار الدفع بعدم الدستورية قبل
اعتبار القضية المعروضة على المحكمة جاهزة للحكم طبقا للمادة الثالثة من القانون التنظيمي
المذكور وال يمكن إثارة الدفع بعدم دستورية قانون تلقائيا من طرف المحكمة .وقد حددت
المادة 5من القانون التنظيمي المذكور شروط إثارة الدفع بعدم دستورية قانون وأهمها
مساسه بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور فإذا تبين لها استيفاء الدفع لجميع الشروط
المنصوص عليها ،وجب عليها إحالة مذكرة الدفع على محكمة النقض وتوقف المحكمة
المثار أمامها الدفع البت في الدعوى باستثناء ما نص عليه في المادة الثامنة من نفس القانون
التنظيمي.
4
كالمجلس االقتصادي و االجتماعي و البيئي ،و المجلس الوطنى لحقوق االنسان و مجلس المنافسة...
المحور الخامس :الديمقراطية
تمهيد
نشأت الديمقراطية وتطورت عبر مسيرة تاريخية بلورها وصقلها الفكر السياسي الغربي،
إلى أن غدت معيارا لألنظمة والحكومات التي تستمد شرعيتها وسيادتها من الشعوب .لهذا
أصبحت الديمقراطية قيمة كونية ال تنتمي إلى بلد في حد ذاته أو شعب بعينه أو بحضارة
معينة ،بحيث تحولت إلى نتاج إنساني مشترك وإن كان موطنها األساسي هو السياق الغربي.
وبقدر ما تعتبر الديمقراطية من أكثر المفاهيم شيوعا ،بقدر ما يصعب إيجاد تعريف محدد
وشامل لهذا المفهوم .من هذا المنطلق ،تباينت التأويالت لهذا المفهوم تبعا للمراحل التاريخية
التي قطعها ،فكلمة ا لديمقراطية لم تكن توحي إلى الذهن في عهد أفالطون نفس المعنى الذي
أوحته في عهد جان جاك روسو ،كما أن هذا المعنى يختلف كلياً عما يقصده بالديمقراطية
مفكرون ككارل ماركس وهيغل .وبالرغم هذه التباينات في مقاربة مصطلح الديمقراطية
سنقوم بتبسيط األمر بعيدا عن التنظيرات المختلفة.
فلغة تتشكل كلمة الديمقراطية من مقطعين ،األول "ديموس" أي الشعب ،و الثاني
"كراتيس " ويفيد السلطة أو الحكم ،وبذلك تعني الديمقراطية حكومة الشعب ،وهو المعنى
الذي نجده في أصل الكلمة عند اليونان.
أما اصطالحا فيمكن تعريف الديمقراطية بأنها طريقة لتنظيم السلطة السياسية ،التي تعتبر
مشروعة عندما تقر بتفوق السيادة الشعبية ،وعندما ترمي إلى التعزيز الفعلي للسيادة عبر
تفويض السلطة إلى أقلية منبثقة من الشعب بواسطة االقتراع العام .وال تنحصر الديمقراطية
في طريقة اختيار ا لحكام ،و إنما هي نمط في ممارسة الحكم غايته ضمان حقوق المواطنين
في المساواة والعدالة والحرية .إذن فالديمقراطية ليست مجرد شكال من أشكال الحكم فحسب،
بل هي نظام اجتماعي كذلك.
لكن تشعب مقومات المعنى العام للديمقراطية وتعدد النظريات بشأنها ،ومحاولة تطبيقها في
مج تمعات ذات قيم وتكوينات اجتماعية وتاريخية مختلفة يجعل مسألة تحديد نمط ديمقراطي
دقيق وثابت مسألة غير واردة عمليا .وعلى العموم ففي الوقت الراهن أمست الديمقراطية
تحيل على حكم األغلبية بواسطة األغلبية ولمصلحة األغلبية مع احترام رأي األقلية .وقد
أفرزت الممارسة السياسية عدة أشكال من الديمقراطية سنقتصر فيما سيأتي على أهمها.
أوال -نشأة الديمقراطية
إن مصطلح الديمقراطية بشكله اإلغريقي القديم ،تم نحته في أثينا القديمة في القرن الخامس
قبل الميالد ،والديمقراطية األثينية عموماً يُنظر إليها على أنها من أولى األمثلة التي تنطبق
عليها المفاهيم المعاصرة للحكم الديمقراطي .كان مواطنو أثينا القديمة يتخذون قراراتهم
مباشرة بدالً من التصويت على اختيار نواب ينوبون عنهم في اتخاذ قرارتهم العامة .لكن
النظام االغريقي القائم على الرق ،كان يميز بين المواطنين االحرار المتمتعين بكافة الحقوق
السياسية و العبيد المحرومين من هذه الحقوق ،كمأنه كان يميز بين الذكور و النساء ،حيث
كانت المشاركة تقتصر على الذكور االحرار .و على هذا االساس ،فالفئة المشاركة في
الشؤون العامة ،كانت قليلة ،لهذا يمكن اعتبار هذا الشكل من الحكم هو حكم االقلية أو
ديمقراطية االقلية.
أما نشأة الديمقراطية في شكلها الحديث ،فترتبط بالخصوص بصعود الطبقة البرجوازية و
ازدياد طموحاتها في أروبا خالل القرن الثامن عشر ،من خالل السعي الى المشاركة في
السلطة و االستالء عليها .فبتبنيها لفكرتي الحرية و المساواة ،و النضال لتجسيدهما على
أرض الواقع ،دافعت عن حكم الشعب و عن السيادة الشعبية.
و بعد الثورتين االمريكية ( )1776و الفرنسية ( ، )1789تطورت الديمقراطية في البلدان
الغربية بفضل نضاالت طبقات اجتماعية أخرى ،كالطبقات العمالية و الشعبية .ألن
الديمقراطية البرجوازية كانب اقصائية في بدايتها ،ففرنسا لم تقر االقتراع العام اال في
دستور الجمهورية الثانية سنة 1848؛ كما أقصيت فئات واسعة من المواطنين من المشاركة
السياسية كالنساء و الشباب و السود .ففي الواليات المتحدة األمريكية لم يتم إنهاء نظام الرق
إال بعد سنة ، 1865وبريطانيا لم تقم بتعميم حق االنتخاب على الرجال والنساء إال سنة
،1918كما أن فرنسا لم تمنح النساء حق التصويت إال سنة 1946وقد جاء ذلك على إثر
الضغط الذي مارسته الجماهير الشعبية قصد إقامة النظام الديمقراطي.
اذن فالمرور الى الشكل الحديث للديمقراطية أي ديمقراطية تمثيلية و تعددية ،تم عبر مسار
طويل أفضى الى ظهور أنماط جديدة من الديمقراطية تقوم بشكل أساسي على المشاركة
الشعبية.
ثانيا -أنواع و أشكال الديمقراطية:
إذا كانت الديمقراطية تعني نظام الحكم الذي يستمد سلطته من الشعب صاحب السيادة
الحقيقي ،فإن طرق ممارسة الديمقراطية متعددة تبعا لكيفية ممارسة الشعب للسلطة .فإذا
تولى الشعب األمور بنفسه مباشرة وقرر شؤونه ونظم عالقاته الداخلية والخارجية عن
طريق جمعية الشعب العامة نكون أمام حالة الديمقراطية المباشرة .وقد ينتخب الشعب من
يمثله ويخوله ممارسة شؤون السلطة ،مع احتفاظ هذا الشعب بصالحيات مراقبة ممثليه،
ومشاركتهم في ممارسة السلطة ،وهنا نكون أمام الديمقراطية شبه أو نصف المباشرة .وقد
يقتصر دور الشعب على انتخاب ممثليه ويخولهم ممارسة السلطة نيابة عنه ،باسمه ولحسابه
وهنا نكون أمام الديمقراطية النيابية أو التمثيلية أو غير المباشرة.
-1الديمقراطية المباشرة:
تعرف الديمقراطية المباشرة كونها ذلك النظام الذي يقرر فيه الشعب الحسم في مختلف
قضاياه بنفسه وبدون وسائط ،سواء تعلق األمر بقضايا التشريع أو كيفية ممارسة الحكم،
ويعتبر هذا النوع من أرقى أشكال الحكم الديمقراطي والشكل األول للديمقراطية ،وقد عرفته
بعض المجتمعات القديمة والسيما المدن – الدول اليونانية ،إذ كان الشعب بالمفهوم اليوناني
القديم يمارس مهام الحكم بطريقة مباشرة.
ففي أثينا كان ا لمواطنون الذكور األحرار يجتمعون في الساحة العامة بشكل دوري للتقرير
في مختلف القضايا الهامة .وإذا كان العدد القليل من السكان والمفهوم الضيق الذي أعطي
للشعب قد ساعدا على إقامة مثل هذا النظام المباشر ،فإنه يستحيل تطبيقه في المجتمعات
المتميزة بنسبة السكان العالية ،إذ يستحيل جمع الشعب المكون من ماليين من المواطنين في
لحظة واحدة ومكان واحد من أجل التشاور والتداول في الشؤون العامة .ذلك لم يعد هذا
الشكل في القت الحاضر إال نموذجا تاريخيا وال يطبق إال في ثالث مقاطعات سويسرية التي
تعرف اجتماع السكان مرة كل سنة من أجل التصويت على الميزانية ،والقوانين ،وتعيين
القضاة وعدد من الموظفين لتولي تسيير شؤون المقاطعة خالل العام اآلتي ،وكذلك انتخاب
مندوبي المقاطعة لمجلسي الجمعية االتحادية.
من مزايا الديمقراطية المباشرة ،أنها تحقق مبدأ السيادة الشعبية ،لذلك لم يتردد جان جاك
روسو في القول بأن هذا النوع من الديمقراطية ليس نظاما مثاليا فقط ،بل إنه الشكل الوحيد
للديمقراطية كما أورد ذلك في كتابه العقد االجتماعي ،مشيرا في هذا الصدد أن السيادة ال
يمكن تمثيلها ألنها ال تنتقل ،فهي تكمن في اإلرادة العامة.
لكن من الصعب جدا في عالم اليوم وألسباب عملية تطبيق الديمقراطية المباشرة بشكل كامل،
نظرا التساع وظائف الدولة وتعددها ،دون أن ننسى اهتمامات الشعب التي تبقى مسألة نسبية
ومتغيرة.
.2الديمقراطية شبه المباشرة:
تشكل الديمقراطية شبه المباشرة نموذجا وسطا بين الديمقراطية المباشرة والديمقراطية
النيابية ،ففي هذا النوع توظف آليات النظام التمثيلي .فهذا النظام يتأسس على رجوع السلطة
الحاكمة إلى الشعب إلشراكه مباشرة في التقرير في بعض القضايا الهامة ،وعلى إتاحة
الفرصة للشعب القتراح نصوص أو قرارات على السلطة السياسية .إذ يترك للشعب إمكانية
التدخل لوضع تشريعات بنفسه ،أو االعتراض على ما تسنه مجالسه النيابية من تشريعات.
وقد أخذت بهذا الشكل الديمقراطي سويسرا منذ دستورها لسنة 1874م .وتترجم الديمقراطية
شبه المباشرة من خالل عدة تقنيات وإجراءات معينة تمثل أبرز مظاهرها ،وهي:
– 1.2االستفتاء الشعبي:
يعد االستفتاء أسلوبا أساسيا لتطبيق الديمقراطية شبه المباشرة ويعني أخذ رأي الشعب
السياسي في قضية معينة قبل البث فيها نهائيا ،أو لجوء السلطة الحاكمة إلى الشعب للحصول
على موافقته على قرار اتخذته أو تعتزم اتخاذه .ويميز فقهاء القانون الدستوري بين نوعين
من االستفتاء :االستفتاء الموضوعي واالستفتاء الشخصي.
فاالستفتاء الموضوعي يعرض على الشعب حول مشروع دستور أو مشروع قانون عادي،
ويكون فيه رأي الشعب منصبا على موقفه من الموضوع المطروح ،بغض النظر عن موقفه
من السلطة .أما االستفتاء الشخصي ،فيتعلق باستفتاء الشعب على قرار اتخذته السلطة
الحاكمة أو تتطلع إلى اتخاذه ،ويرتبط رأي الشعب في هذا القرار بموقفه من السلطة
السياسية ،لذلك يتحول في الغالب إلى فرصة للتعبير عن التأييد الشعبي للسلطة الحاكمة،
ويوظف هذا النوع في الكثير من الحاالت لتعزيز مكانة الرئيس أو موقفه من البرلمان كحالة
توظيف الجنرال ديغول له لهذا الغرض في فرنسا.
و يمكن أن يكون االستفتاء اختياريا ،عندما يكون نابعا من رغبة السلطة في معرفة رأي
الشعب في موضوع معين ،كما يمكن أن يكون االستفتاء الزاميا في القضايا المتعلقة بإقرار
الدستور أو تعديله أو عندما يتعلق األمر بوضع قانون عادي هام.
فمثال ،المادة 89من الدستور الفرنسي لسنة ،1958تنص على ضرورة عرض مشروع
تعديل الدستور على االستفتاء قصد الموافقة عليه؛ كما تنص المادة 123من الدستور
الفيدرالي السويسري لسنة 1874م على أن كل تعديل للدستور الفيدرالي يجب أن يطرح
بشكل إلزامي على االستفتاء .ويأخذ الدستور المغربي لسنة 2011م بنفس الشكل من
االستفتاء ،حيث ينص في فصله 174على ما يلي" :تعرض مشاريع ومقترحات مشاريع
الدستور ،بمقتضى ظهير على الشعب قصد االستفتاء .تكون المراجعة نهائية بعد إقرارها
باالستفتاء".
-2.2المبادرة الشعبية :
تمكن تقنية المبادرة الشعبية الشعب من إمكانية اتخاذ مبادرة القتراح تعديالت على الدستور
أو إجراء تعديالت على القوانين العادية؛ بحيث يأتي هذا االقتراح الشعبي في شكل صياغة
قانونية واضحة المعالم وفق اإلجراءات التي يحددها الدستور ،وتعد فرنسا وسويسرا وبعض
الوالي ات في الواليات األمريكية المتحدة من الدول األولى التي أخذت بهذا األسلوب .فحسب
المادة 121من الدستور الفيدرالي السويسري ،يمكن أن تكون مراجعته عن طريق المبادرة
الشعبية.
-3.2االعتراض الشعبي:
يتمثل أسلوب االعتراض الشعبي في وجود إمكانية دستورية تتيح لعدد من المواطنين
االعتراض خالل مدة محددة على قانون أصدرته السلطة التشريعية أو قرار اتخذته السلطة
التنفيذية وذلك برفع عريضة إلى السلطة المختصة ،التي تعرض األمر على االستفتاء
الشعبي لمعرفة رأي الشعب في هذا االعتراض ،فإذا صوتت األغلبية لصالح االعتراض يتم
إلغاء القانون بصفة نهائية .إذن فحق االعتراض الشعبي ال يلغي القانون ،بل يوقف تنفيذه فقط
إلى أن يقرر الشعب مصيره باستفتاء شعبي .و من بين الدول التي تأخذ بتقية االعتراض
الشعبي ند سويسرا وإيطاليا.
في هذا السياق ،وضع الدستور المغربي لسنة 2011اإلطار المسطري والمؤسساتي
لتفعيل الديمقراطية التشاركية ،و ذالك بالتنصيص على قواعد وآليات وهيئات للتشاور
العمومي ،إذ تنص الفقرة الثانية من الفصل 12منه على ما يلي" :تُساهم الجمعيات المهتمة
بقضايا الشأن العام ،والمنظمات غير الحكومية ،في إطار الديمقراطية التشاركية ،في إعداد
قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية ،وكذا في تفعيلها وتقييمها.
وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة ،طبق شروط وكيفيات يحددها
القانون".
وينص الفصل 13من الدستور على أن "السلطات العمومية "تعمل" على إحداث هيئات
للتشاور ،قصد إشراك مختلف الفاعلين االجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها
وتنفيذها وتقييمها"؛ بينما يشير الفصل 139إلى أن "مجالس الجهات ،والجماعات الترابية
األخرى "تضع" آليات تشاركية للحوار والتشاور ،لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين
والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها" .وينص الفصل من الدستور 18على أنه "تعمل
السلطات العمومية على ضمان أوسع مشاركة ممكنة للمغاربة المقيمين في الخارج في
المؤسسات االستشارية وهيئات الحكامة الجيدة التي يحدثها الدستور أو القانون" .أما الفصل
33من الدستور ،فينص" :على السلطات العمومية اتخاذ التدابير المالئمة لتحقيق ما يلي:
توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية االجتماعية واالقتصادية والثقافية والسياسية
للبالد."..
فضال عن ذلك ،فقد نص الفصل 136من الدستور على أن " التنظيم الجهوي والترابي
للمملكة يرتكز على مبادئ التدبير الحر ،وعلى التعاون والتضامن ،ويؤمن مشاركة السكان
المعنيين في تدبي ر شؤونهم ،والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة"؛
بينما يشير الفصل 139منه إلى أن "مجالس الجهات ،والجماعات الترابية األخرى "تضع"
آليات تشاركية للحوار والتشاور ،لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في
إعداد برامج التنمية وتتبعها".
المحور السادس :االنتخاب و أنماط االقتراع
-1اإلقتراع باألغلبية
1-1االقتراع باألغلبية المطلقة أو باألغلبية النسبية.
-2-1االقتراع الفردي واالقتراع بالالئحة
تمهيد
تصنف عادة طرق و تقنيات إسناد السلطة إلى صنفين رئيسيين :طرق ديمقراطية وأخرى
غير ديمقراطية .أما الوسائل الديمقراطية فتنحصر أساسا في طريقة واحدة أساسية هي
االنتخاب ،وعليه فإن الحكومة الديمقراطية لن تكون مشروعة إال إذا حصلت على تأييد
أغلبية الناخبين ،ويساهم في تحقيق التوافق بين إرادة كل من الحكام والمحكومين فحين
الطرق غير الديمقراطية تشمل الطرق الذاتية الختيار الحكام كالقوة والوراثة واالستخالف أو
التعيين ،كل هذه الطرق تشترك في أن الحكام يعينون أنفسهم بأنفسهم سواء كان في صورة
تعيين الحاكم لذاته وهو ما يحدث عادة بالقوة ،أو في صورة تعيين بعض الحكام للبعض
االخر ليخلفوهم في الحكم أو يشاركوهم فيه ،وهو ما يظهر في حاالت الوراثة ،االستخالف
والتعيين.
من هذا المنظور ،تعتبر االنتخابات مقوما أساسيا للديمقراطية ومحركها األساسي الذي
يعطيها الدينامية التي بدونها تفتقر لكل محتوى وتستعصي ممارستها وترسيخها على ارض
الواقع .و يعتبر حق االنتخاب في الدول الديمقراطية ،من أهم الممارسات السياسية ،فهي
وسيلة لنقل السلطة بطريقة سلمية من شخص إلى آخر ،أو مجموعة إلى أُخرى .و هي تعد
بمثابة الوسيلة األساسية التي تؤهل الناس للمشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلدانهم والتي
بدورها تعتبر حقاً أساسياً من حقوق اإلنسان كافحت من أجله الشعوب في جميع أنحاء العالم.
وقد احتل حق اإلنتخاب هذه المكانة في الوقت الحاضر بسبب استحالة تطبيق النظام
الديمقراطي المباشر الذي كان سائدا في الديمقراطيات القديمة ،الن الديمقراطية النيابية
أصبحت ضرورة حتمية في الوقت الحاضر نظرا لضخامة عدد سكان الدولة المعاصرة .
كما ال يستقيم الحديث عن شرعية سياسية في النظام الديمقراطي إال إذا كان مصدرها
االقتراع ،سواء كان مباشرا أو عبر التفويض للممثلين ،وهذا ما يُسمى في القاموس
الديمقراطي " :بالشرعية الشعبية".
يعرف االنتخاب بأنه اختيار شخص من بين عدد من المرشحين ليكون نائباً يُ َمثِّل الجماعة
الـتي ينتمـي إليها ،وكثيراً مـا يطلـق علـى االنتخـاب اسـم (اقـتراع) أي االقـتراع علـى اسـم
معـين .أي يقصد به ذالك اإلجراء الدستوري الذي به يعبر المواطنين عن إراداتهم ورغبتهم
في اختيار حكامهم ونوابهم البرلمانين من بين عدة مرشحين .و للتدقيق أكثريجب التمييز بين
التصويت ( ، )le voteاالقتراع ( )le scrutinو االنتخاب (: )l’élection
التصويت :من حيث الشكل ،هو عملية تمكن المصوت من وضع ورقة التصويت في
المكان المخصص لها .وفي بعض الحاالت يتم التصويت عن طريق رفع اليد ،أو أية طريقة
أخرى؛ و التصويت قد يكون سريا أو علنيا .أما من الناحية الموضوعية ،فالتصويت هو
تعبير عن االراد يمكن المواطن من المشاركة في اختيار ممثليه ،أو المشاركة في عملية
اتخاذ القرار.
االقتراع :يقصد به الشكل أو االسلوب الذي بواسطته يمارس التصويت ،بحسب األفراد
المزعم انتخابهم ،أي بالنظر الى كيفية تصريف ارادة الناخب الختيار ممثليه .و نجد في هذا
االطار االقتراع االحادي االسمي أو االقتراع بالالئحة أو القائمة؛ أو بالنظر الى المجموع
العددي االزم للحصول على المقاعد ،و يتم التمييز بهذا الخصوص بين االقتراع االغلبي
(بمقتضاه يفوز المترشح الذي يحصل على أكثرية األصوات الصحيحة) أو االقتراع النسبي
الذي يتم تطبيقه عن طريق توزيع عدد المقاعد وفقا لعدد األصوات التي تحصلت عليها كل
الئحة من اللوائح المتنافسة.
االنتخاب :يقصد به طريقة عامة للمشاركة في عملية تدبير الشأن العام من طرف المواطنين،
بحيث أن نتائج االنتخاب تكون ملزمة للحكام .و االنتخاب عملية مركبة تتداخل فيه مجموعة
من المراحل و العمليات ،بدءا بوضع الشروط المتعلقة باألهلية االنتخابية ،التسجيل في
اللوائح االنتخابية ،ايداع و تسجيل الترشيحات ،الحملة االنتخابية ،كيفيات التصويت ،فرز و
احصاء االصوات ،اعالن النتائج االنتخابية ثم معالجة الطعون و المنازعات االنتخابية.
و يقصد باالقتراع العام حق االنتخاب دون تقييده بشرط النصاب المالي أو شرط الكفاءة.
أما االقتراع العام المباشر يعني َّ
أن كل مواطن له الحق في التصويت لتفويض ممثليه ،برسم
والية محددة زمنيا ،ويضبط القانون شروطَ تجديدها واآلجال التي يتم فيها ذلك .وليكون
االقتراع عاما ومباشرا ال بد أن يكون لكل المواطنين الحق في التصويت وفي الترشح ،مع
أن ذلك طبعا يخضع لمقتضيات قانونية محددة .على هذا النحو ،فرغم كون أن االقتراع عام
إال أن ذلك ال يعني انتفاء بعض الشروط والقيود تفرض على الناخبين لممارسة االنتخاب ،
بحيث ال يعقل منح هذا الحق لجميع المواطنين بغض النظر عن سنهم أو مدى تمتعهم
بالحقوق المدنية والسياسية ،كما أنه ال يتصور أن يعطى لألجانب حق االنتخاب ،وعلى هذا
األساس فإنه ال يتعارض تقرير االقتراع العام ببعض الشروط .فالحقوق االنتخابية تكون
أحيانا محددة بسن معينة ،أو األهلية المدنية ،أو سالمة الذمة الجنائية.
لم يكن لالنتخاب في الديمقراطيات اإلغريقية والرومانية دوراً بارزاً ألن الحقوق المدنية
والسياسية كانت محصورة في عدد قليل من السكان أما الباقون فهم عبيد ليست لهم أي
حقوق .كانت الديمقراطية في ذلك الوقت مباشرة؛ حيث يجتمع معظم سكان الدولة في الساحة
العامة ليعقدوا اجتماعاتهم ويتخذون قراراتهم الهامة ثم يتم التصويت مباشرة دون وساطة
النواب ،فكان االعتقاد السائد لديهم أن القرعة تترك األمر إلرادة اآللهة تختار من تشاء ،وهذا
يعكس الشعور بالمساواة بين المواطنين.
في نفس السياق ،قد مرت عملية االنتخابات بمجموعة من المراحل التاريخية التي تميزت
أساسا بالتقييد الليبرالي لإلقتراع العام وبتبرير هذا التقييد بنظرية السيادة الوطنية ،ولهذا
فرضت مجموعة من الشروط المقيدة لمبدأ اإلقتراع العام والتي يمكن إجمالها فيما يلي :
ظهر التصويت العام المباشر أول مرة في فرنسا بعد الثورة عام ،1789إذ أقرته الجمعية
التأسيسية في أعمالها ،وتم تضمينه في دستور عام ،1793الذي وضعته جمعية تأسيسية
تشكلت في معظمها من أرباب أسر ال يقل عمر الواحد منهم عن 25سنة مع شروط أخرى
تتعلق بالمستوى التعليمي والمهني .وكانت هذه المعايير مسايرة للميراث السياسي
واالجتماعي الثقيل لقرون طويلة من االستبداد وغياب التنوير وسيادة الفوارق في جميع
مناحي الحياة .والواقع أن المشرعين والساسة الفرنسيين استلهموا الفكرة من كتابات
الفيلسوف جان جاك روسو ،ال سيما في الجوانب المتعلقة بالعقد االجتماعي الذي يجب أن
يسود ،ومصدر الشرعية السياسية للنظام القائم ،والتي يرون أن مصدرها الوحيد ال يمكن أن
يكون إال اإلرادة الشعبية المعبَّر عنها عبر التصويت العام المباشر.
لكن رغم التنصيص عليه في دستور ،1793فإن فرنسا لم تشهد تطبيق االقتراع العام
المباشر إال في ظل الجمهورية الثانية ،انطالقا من سنة .1848وعلى هذا األساس نجد أن
معظم الدول األوروبية أخذت بتقرير مبدأ االقتراع العام بالتدرج ،حيث تم ذالك على مراحل
خالل القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بحيث ظهر أول مرة في سويسرا سنة 1830
ثم ألمانيا سنة 1871وبريطانيا سنة ...،1958إلخ .وقد كان تعميم حق اإلنتخاب بمثابة
انتصار كبير لنظرية السيادة الشعبية على نظرية السيادة الوطنية ،حيث أن النظرية األولى
اعتبرت اإلنتخاب حقا لكل مواطن دون قيد أو شرط ما عدا الشروط القانونية كشرط السن
والجنسية ...الخ.
فبعد التطورات واألحداث التي عرفتها المجتمعات الغربية ،تم التخلي تدريجيا عن هذه
القيود ،لترتبط بذلك الديمقراطية السياسية الليبرالية بتعميم حق اإلنتخاب ،وليصبح لكل
مواطن صوت شريطة توفره على الشروط القانونية المؤهلة للمشاركة في العملية اإلنتخابية.
وقد تم اإليمان بأن اإلنتخاب ال يكون معبرا عن روح الديمقراطية إال بقدر ما يكون وسيلة
لمشاركة أكبر عدد من المواطنين في عملية إسناد السلطة .وذلك ألنه ال يكفي أن يكون إسناد
السلطة إلى الحكام قد تم عن طريق اإلنتخاب ليصبح النظام ديمقراطيا بمعنى الكلمة ،بل
يجب أن يكون حق اإلقتراع عاما دون أن يكون مقيدا بنصاب مالي معين أو بشرط
الكفاءة .ويفترض مبدأ تعميم حق اإلنتخاب إيجاد مجموعة من األساليب لممارسته ،والتي
من خاللها يتمكن الناخبون من اختيار ممثليهم الذين يمارسون الحكم بإسمهم.
على هذا النحو ،فالربط الجدلي بين الديمقراطية واإلنتخابات يقودنا إلى البحث عن أسلوب
لممارسة العملية اإلنتخابية ،لكونها الوسيلة التقنية التي تمكن المنتخب من النيابة في المؤسسة
التشريعية حسب اتجاهات الرأي العام المعبر عنها في يوم اإلقتراع ؛ وال يمكن التعبير عن
إرادة الناخب إال باللجوء إلى نمط معين من اإلقتراع؛ حيث نجد في هذا الصدد شكلين
رئيسيين :اإلقتراع باألغلبية و اإلقتراع بواسطة التمثيل النسبي.
تجدر اإلشارة بأنه لفهم عملية االنتخاب و كذالك لتقريب كيفية اشتغال نمط االقتراع المعتمد،
ينبغي استحضار مجموعة من المفاهيم /اآلليات " :كاالقتراع األغلبي"" ،االقتراع
بالالئحة" ،و"التمثيل النسبي" و"القاسم أوالحاصل االنتخابي" ،وإعمال قاعدة "أكبر بقية"،
و"التقطيع االنتخابي" ،و"العتبة" ...و تقتضي دراسة أنماط االقتراع في مختلف صورها،
الوقوف عند األساس القانوني و المظهر التقني الذي يتمثل في مختلف اآلليات و الوسائل
المعتمدة في تحديد و توزيع المقاعد على المتنافسين .فهذه األساليب تختلف من دولة إلى
أخرى ،وداخل نفس الدولة باختالف المعطيات والمبررات الواقعية والسياسية.
لكن على العموم يمكن حصر أهم أنواع اإلقتراع في نوعين أو طريقتين أساسيتين وهما،
اإلقتراع باألغلبية واإلقتراع بالتمثيل النسبي.
-1االقتراع باألغلبية :
يعتبر االقتراع باألغلبية من أسهل الطرق االنتخابية و أقدمها ،وقد جرى به العمل طويال في
الدول األوروبية ،إال أنه وقع التخلي عنه لصالح التمثيل النسبي في مجموعة كبيرة من هذه
الدول .قد يكون اإلقتراع باألغلبية ،اقتراعا باألغلبية المطلقة أو باألغلبية النسبية ،كما قد
يكون فرديا (أحاديا أسمي) أو بالالئحة.
إذا كان المقصود باالقتراع باألغلبية هو فوز المرشح الذي حصل على أكبر عدد من
األصوات ،فإن ما يالحظ هو أن القوانين اإلنتخابية تحدد نوعية اغلبية األصوات ،هل هي
أغلبية مطلقة ،أم أغلبية نسبية .ومن هنا نتحدث عن اإلقتراع باألغلبية المطلقة و اإلقتراع
باألغلبية النسبية .فاألول يتطلب ضرورة الحصول على نسبة %50من األصوات زائد
صوت واحد ( . )1+أما الثاني فيكفي في إطاره من أجل الفوز ،الحصول على أكبر عدد
ممكن من األصوات ولو لم يصل إلى نسبة %50من األصوات . 1+
وقد يكون اإلقتراع باألغلبية المطلقة في دورة واحدة أو في دورتين ،ففي الدورة األولى
يجب أن ال تقل نسبة األصوات عن األغلبية المطلقة وفي حالة عدم تحقق ذلك يجب اإللتجاء
إلى دورة انتخابية جديدة يتم اإلكتفاء في إطارها باألغلبية النسبية.
لنفرض أننا أمام دائرة انتخابية (س ) ،عدد الناخبين في هذه الدائرة هو 500ناخب ،وعدد
المقاعد المخصصة لها مقعد واحد يتنافس عليه ثالثة مرشحين .ولنفرض أيضا أن المرشحين
الثالثة حصلوا على األصوات اآلتية :
المرشح األول 240 :صوت
المرشح الثاني 160 :صوت
المرشح الثالث 100 :صوت
الحالة الثانية:
أما إذا كان نمط اإلنتخاب المعمول به هو اإلقتراع باألغلبية المطلقة ،فإن أيا من المرشحين
الثالثة لم يحصل على نسبة %50من األصوات +واحد أي ما مجموعه 251صوت ،لهذا
ال يعلن عن المرشح الفائز ،و إنما يتم إجراء دورة انتخابية ثانية ،ويتم في إطارها اإلكتفاء
باألغلبية النسبية ،بمعنى أن المرشح الذي حصل في الدورة اإلنتخابية الثانية على أكبر عدد
من األصوات ولو لم يصل إلى نسبة % 50من األصوات 1 +يتم إعالنه فائز بالمقعد
المتبارى حوله في نفس المثال.
من جهة ثانية ،إذا كان اإلقتراع باألغلبية يمكن أن يكون إما باألغلبية المطلقة أو باألغلبية
النسبية ،فإنه يمكن أن يكون أيضا إما فرديا وإما بالالئحة.
-اإلقتراع الفردي أو األحادي اإلسمي ،تتم المنافسة في إطاره بين أشخاص معروفين لدى
الهيئة الناخبة ،وفي إطار هذا النوع من االقتراع غالبا ما يتم تقسيم تراب الدولة ( التقطيع
اإلنتخابي ) إلى دوائر انتخابية صغيرة ،وغالبا ما تتحكم في عملية التصويت وفي عملية
اختيار المنتخبين العالقات الشخصية والعائلية ،والوعود االنتخابية ...ويعتبر دور األحزاب
في هذا النوع من اإلقتراع دورا ضعيفا جدا ،ألن المنافسة في إطاره تكون بين األشخاص ال
بين البرامج الحزبية والسياسية.
-أما بالنسبة لإلقتراع بالالئحة ،فالمنافسة في إطاره ال تتم بين األشخاص ،وإنما بين اللوائح
والقوائم اإلنتخابية التي تضم عددا من المرشحين بعدد المقاعد المخصصة لدائرة انتخابية
معينة .فالناخب ال يصوت على مرشح واحد ،بل على الئحة تضم عدة مرشحين في إطار
دائرة انتخابية واسعة ،حيث غالبا ما يت م تقسيم تراب الدولة في هذا النوع من اإلقتراع إلى
دوائر انتخابية كبيرة ،وتكون المنافسة في إطاره بين البرامج واألحزاب السياسية ال بين
األشخاص .ويتحقق االنتخاب حسب الالئحة بطريقتين:
الطريقة األولى :يتم في اطارها ،انتخاب كافة المرشحين الذين تضمهم الالئحة الواحدة في
الدائرة االنتخابية دون التصرف في اللوائح ،وتعرف هذه الطريقة باسم الالئحة المقفلة أو
المغلقة (.)Liste bloquée
الطريقة الثانية :وهي التي تجيز للناخبين اختيار العدد المطلوب من المرشحين من بين
األسماء التي تضمهم مختلف اللوائح اإلنتخابية ،وتسمى هذه الطريقة باسم الالئحة المفتوحة
).)Liste ouverte
على خالف االقتراع باألغلبية الذي قد يكون فرديا أو بالالئحة ،فإن االقتراع بالتمثيل النسبي
ال يمكن أن يكون إال عن طريق الالئحة .والقصد من هذا األسلوب االنتخابي هو تأمين تمثيل
نسبي لجميع األحزاب التي تخوض المنافسة اإلنتخابية ،وذلك بمنح كل الئحة حزبية عددا
من ال مقاعد النيابية التي تتناسب وعدد األصوات التي حصلت عليها .فهذا األسلوب يقوم
على فكرة عادلة حيث يسمح لألقلية بحماية حقوقها ،ومشاركتها في تمثيل إرادة األمة .
وفي إطار هذا األسلوب تقسم الدولة الى دوائر انتخابية كبيرة ،حيث يقدم كل حزب الئحة
تضم عددا من المرشحين بنسبة عدد المقاعد المتبارى عليها .وتوزع المقاعد بنسبة
األصوات التي تحصل عليها القائمة أو الالئحة في الدائرة .ففي إطار اإلقتراع الالئحي
بالتمثيل النسبي ال تفوز الالئحة الحاصلة على أغلبية األصوات سواء كانت هذه األغلبية
نسبية أو مطلقة بجميع المقاعد اإلنتخابية المتنافس عليها ،بل يتم توزيع تلك المقاعد
اإلنتخابية انطالقا من تقنيتين أساسيتين وهما :
التقنية األولى :تتمثل في اعتماد الحاصل أو القاسم االنتخابي ،الذي قد يكون محليا وقد
يكون وطنيا:
يستخرج الحاصل اإلنتخابي المحلي بتقسيم األصوات المعبر عنها على عدد المقاعد
اإلنتخابية المتنافس عليها داخل دائرة انتخابية معينة ،أما الحاصل االنتخابي الوطني
فيستخرج بقسمة األصوات المعبر عنها وطنيا على المجموع اإلجمالي للمقاعد اإلنتخابية.
التقنية الثانية :تتجلى في العدد المتساوي حيث يحدد القانون مسبقا عدد األصوات التي ينبغي
الحصول عليها للفوز بمقعد انتخابي.
ومن خالل ما سبق يتضح بأن أسس و أهداف و مبادئ اإلقتراع بالتمثيل النسبي ،ترمي إلى
تمثيل كل الهيئات السياسية داخل المؤسسات ،وخلق نوع من المساواة السياسية بين
األحزاب المتنافسة في العملية اإلنتخابية ،و قد يكون نمط االقتراع هذا مرفوقا ومقرونا
بأسلوب أكبر البقايا أو بأسلوب أقوى المعدالت.
ولشرح وبسيط طريقة اإلقتراع بالتمثيل النسبي نقدم النموذج التالي :
أول شيء نقوم به هو احتساب الحاصل اإلنتخابي الذي يساوي عدد األصوات المعبر عنها
مقسوم على عدد المقاعد ،وهو في مثالنا . 35000 = 4/140000 :
وبعد احتساب القاسم اإلنتخابي تتم عملية توزيع المقاعد ،وكل الئحة حصلت على عدد من
األصوات مساو للخارج اإلنتخابي نمنحها مقعدا وهكذا دواليك إلى حين مليء جميع المقاعد ،
ففي مثالنا يكون األمر على هذا النحو:
ففي مثالنا هذا حصلت الالئحة األولى والالئحة الثانية على مقعد واحد لكل منهما ،في حين
لم تحصل الالئحتان الثالثة والرابعة على أي مقعد ،كما أن عددا كبير من األصوات بقي
بدون تمثيل ،ولتوزيع المقاعد المتبقية نلجأ إلى اعتماد إحدى الطريقتين اآلتيتين :
أسلوب التمثيل النسبي المقرون بأكبر البقايا أو أسلوب التمثيل النسبي المقرون بأقوى
المعدالت.
اعتمادا على هذا األسلوب نقوم بتوزيع المقاعد المتبقية بناءا على عدد األصوات المتبقية لكل
الئحة ،ونبدأ بأكبر بقية ثم التي تليها إلى حين توزيع ومليء كل المقاعد .ففي مثالنا السابق
يكون األمر على الشكل التالي :
-الالئحة األولى بقي لها 15000صوت
-الالئحة الثانية بقي لها 5000صوت
-الالئحة الثالثة بقي لها 30000صوت ( أول أكبر بقية)
-الالئحة الرابعة بقي لها 20000صوت ( ثاني أكبر بقية )
إذن فالمقعد الثالث يكون من نصيب الالئحة الثالثة صاحبة أول أكبر بقية في حين يكون
المقعد الرابع من نصيب الالئحة الرابعة صاحب ثاني أكبر بقية .وهكذا تكون النتائج النهائية
في مثالنا اعتمادا على طريقة التمثيل النسبي المقرون بأكبر بقية على الشكل التالي:
-الالئحة األولى مقعد واحد
-الالئحة الثانية مقعد واحد
-الالئحة الثالثة مقعد واحد
-الالئحة الرابعة مقعد واحد
لتوزيع بقية المقاعد اعتمادا على التمثيل النسبي المقرون بأقوى المعدالت ،نقوم إضافة
مقعد وهمي لكل الئحة ،ثم نقوم بقسمة عدد األصوات التي حصلت عليها كل الئحة على
عدد المقاعد الحقيقية زائد المقعد الوهمي ،وبعد ذلك نزيل المقاعد الوهمية ونمنح مقعدا
إضافيا حقيقيا لالئحة التي حصلت على أقوى معدل ،ثم نقوم بتكرار العملية مع األخذ بعين
االعتبار المقعد المضاف سابقا لالئحة التي حصلت على أقوى معدل ،وهكذا دواليك إلى
حين توزيع كافة المقاعد المخصصة للدائرة اإلنتخابية وباالعتماد على نفس المثال السابق
يكون األمر على الشكل التالي:
ii-قسمة عدد األصوات التي حصلت عليها كل الئحة على عدد المقاعد الحقيقية زائد
المقعد الوهمي
iii-نقوم بإزالة المقعد الوهمي وإضافة مقعد حقيقي لالئحة التي حصلت على أقوى معدل،
حيث سيصبح األمر على الشكل التالي:
بعد ذلك نقوم بإزالة المقعد الوهمي ،مع إضافة مقعد حقيقي لالئحة التي حصلت على أقوى
معدل حيث ستصبح النتيجة على الشكل التالي:
وهكذا نكون قد وزعنا كل المقاعد وتكون الالئحة األولى قد حازت على مقعدين في حين
حصلت الالئحة الثانية والثالثة على مقعد لكل منهما ،فيما بقيت الالئحة الرابعة بدون مقعد
وتوضح هذه النتيجة بجالء الفرق بين أسلوب أقوى المعدالت وأسلوب أكبر البقايا ،فهذا
األخير غالبا ما يكون في صالح األحزاب السياسية الكبرى.
ولتوضيح بعض خصائص االقتراع بالالئحة مع التمثيل النسبي كمسألة العتبة االنتخابية
( ،)le seuil électoralففي اطار النظام االنتخابي المغربي مثال ،فاستنادا إلى النصوص
القانونية المنظمة له ،بالرجوع إلى المواد المتعلقة بنمط االقتراع سواء في مدونة االنتخابات
أو القانون التنظيمي لمجلس النواب أو القانون التنظيمي لمجلس المستشارين فإنها تحدده بأنه
يتم بالالئحة في دورة واحدة وبالتمثيل النسبي على أساس قاعدة اكبر بقية ودون استعمال
طريقة مزج األصوات وا لتصويت التفاضلي على إن ال يشارك في توزيع المقاعد إال اللوائح
التي حصلت على 6في المائة من األصوات المعبر عنها .
وبذلك لتوزيع المقاعد في دائرة انتخابية معينة يجب تحديد األصوات المعبر عنها وهي عدد
المصوتين ناقص األصوات الملغاة ،وتحديد القاسم االنتخابي بقسمة عدد األصوات المعبر
عنها على عدد المقاعد المتبارى بشأنها ،ليتم بعد ذالك إقصاء اللوائح التي لم تحصل على
عتبة 6في المائة من األصوات .ثم يتم توزيع المقاعد على اللوائح الفائزة وفق ما تم
توضيحه في المثال أعاله.
و على هذا األساس ،يجمع أغلبية الفقهاء الدستوريون على أنه ال يوجد أي نمط اقتراع
مثالي ،انطالقا من فرضة أساسية مفادها أن نمط االقتراع عنصر من عناصر اللعبة السياسية
و أنه يتكيف مع المعطيات االجتماعية و الثقافية لكل بلد و يواكب تطوراتها عبر الزمن.
فاإلطار القانوني لنمط االقتراع يرتبط بدوافع سياسية وموضوعية تحتمها ظرفية سياسية
معينة ،اذ يتضح مما سبق أن اعتماد نظام اقتراع معين دون غيره يحمل دالالت سياسية
تتعلق بالمشاركة السياسية و بالتطور الديمقراطي بكل بلد على حدة.
وبالنسبة للتجربة المغربية يتضح انه تم اعتماد نمط االقتراع الالئحي بالتمثيل النسبي حسب
اكبر بقية وبإعمال نسبة 3في المائة للمشاركة في توزيع المقاعد خالل انتخابات 2002وهو
ما تم تكريسه في انتخابات 2007مع تعديل العتبة إلى 6في المائة من األصوات المعبر
عنها سواء على صعيد الدوائر االنتخابية المحلية أو الوطنية .أما بالنسبة لالنتخابات
التشريعية لسنة 2011فقد تم تحديد عتبة 6في المائة للمشاركة في توزيع المقاعد على
صعيد الدوائر االنتخابية المحلية و 3في المائة للمشاركة في المقاعد الخاصة بالدائرة
الوطنية .وعلى اثر االنتخابات التشريعية لسنة ،2016تم تخفيض العتبة االنتخابية بمقتضى
القانون التنظيمي رقم ،20.16من 6في المائة الى 3في المائة .
يتضح من خالل ما تم توضيحه ،أن أنماط االقتراع تختلف باختالف األنظمة السياسية
والتطورات المجتمعية ،إال أنها تبقى آلية أساسية للمشاركة السياسية التي تؤسس لها معطيات
واقعية وسياسية وأخالقية يبقى القانون مجرد وسيلة تقنية لبلورتها ويبقى قاصرا في تحقيق
الهدف من االنتخابات إذا لم يواكبه النضج السياسي للهيأة الناخبة والمنتخبة على حد سواء.
ومهما يكن فلمقاربة أي نظام انتخابي لن تتم بشكل موضوعي إال باستحضار المنظومة
القانونية التي تؤطره ،ودراسة التركيبة االجتماعية والثقافية لكل مجتمع ودور مختلف
الفاعلين في الحقل االنتخابي من أحزاب سياسية ومجتمع مدني.