You are on page 1of 7

‫سمو الدستور ومراقبة دستورية القوانين‬

‫ال قواعد الدستورية تعتبر أسمى قواعد قانونية داخل الدولة‪ .‬ويقتضي مبدأ سمو الدستور خضوع الحكام والمحكومين ألحكامه‪ ،‬كما يقتضي توفير األساليب الكفيلة باحترام هذه‬
‫األحكام حتى ال تتم مخالفتها‪ .‬وهذه التقنية تدعى‪ :‬مراقبة دستورية القوانين‬

‫سمو الدستور‬
‫يترتب على هذا السمو نتيجتان هامتان هما‪ :‬توسيع مبدأ الشرعية‪ ،‬وتحريم التفويض في االختصاصات التي منحها الدستور (سمو موضوعي)‪.‬‬

‫يشكل الدستور بسموه قمة الشرعية في الدولة‪ ،‬وعلى جميع الحكام االلتزام بأحكامه وان كانت تصرفاتهم باطلة‪ .‬من جهة ثانية‪ ،‬يمنح الدستور السلطات والهيئات الحاكمة‬
‫اختصاصات محددة لكل منها‪ .‬وهذه االختصاصات ال تعتبر حقوقا شخصية أو مزايا خاصة لمن يمارسها‪ ،‬كما ينبغي ألية سلطة أو هيئة حاكمة أن تتصرف في هذه‬
‫االختصاصات عن طريق تفويضها ما عدا إذا أجاز لها الدستور ذلك‪ .‬ويترتب على السمو الشكلي للدستور احتالله لقمة التدريج الهرمي للنظام القانوني في الدولة‪ ،‬بحيث يمنع‬
‫على السلطة التشريعية ان تخرج على قواعده فيما تسنه من قوانين(دساتير الجامدة)‪.‬‬

‫تدرج القوانين‬
‫نشير إلى أن سمو الدستور موضوعيا وشكليا يقتضي تشكل وضعية لتدرج القوانين‪ .‬وهذا السمو يتطلب وضع المقتضيات الدستورية في وضع أسمى من باقي القواعد القانونية‪.‬‬
‫ففي فرنسا والمغرب مثال تأتي المعاهدات الدولية بعد الدستور مباشرة بحيث ال يلتزم هذان البلدان من األعمال االتفاقية إال بما يتوافق ومقتضيات دستورهما‪ .‬وكلما كانت بعض بنود‬
‫هذه األعمال مخالفة للدستور كلما استدعي ذلك إجراء تحفظات (‪ )Réserves‬من قبل السلطات الموقعة على االتفاق‪.‬‬

‫في ميدان التشريع يلي الدستور مباشرة القوانين التنظيمية ألنها تتمم مقتضيات الدستور في مجال يتعلق بتنظيم السلطات‪ ،‬وتأتي بعد ذلك القوانين العادية‪ ،‬ثم مراسيم القوانين (أو‬
‫المراسيم التشريعية ‪ )Décrets-lois‬وهي التي تخول نواب األمة صالحية وضعها وتنفيدها للحكومة رغم انتمائها لمجال القوانين العادية‪ ،‬ولكن خالل ظرف محدود ولغاية معينة‬
‫على أن تعرض في أجل محدد على البرلمان)‪ .‬ومن الدستور تنحدر مباشرة التشريعات والقوانين التي يخول الدستور لرئيس الدولة صالحية وضعها وتطبيقها في حالة االستثناء‪.‬‬

‫قررات الوزراء فالمقررات اإلدارية مثل‬


‫في المجال التنظيمي تنحدر من الدستور المراسيم المتخذة من قبل رئيس الدولة أو الوزير األول أو هما معا (بالعطف)‪ ،‬وتأتي بعد ذلك ا‬
‫مقررات العمال ورؤساء المجالس البلدية بالمغرب‪.‬‬
‫مراقبة دستورية القوانين‬
‫يقصد بهذا المبدأ أو هذه التقنية التأكد من أن القواعد القانونية التي توجد في مرتبة أدنى من الدستور مطابقة لهذا األخير‪ .‬ومن ثم فإن هذه الرقابة ال تتم إال في البلدان التي‬
‫تتوفر على دساتير جامدة حيث يعد الدستور أسمى قانون بها‪ .‬فالهدف إذن من هذه الرقابة هو حماية الحريات من تعسف المشرع العادي‪ ،‬ومراقبة شرعية االنتخابات واالستفتاءات‬
‫والحرص على احترام توزيع االختصاصات بين السلطات العامة‪ ،‬وعلى العموم كفالة تطبيق مقتضيات القانون األساسي للبالد‪.‬‬

‫تعد الواليات المتحدة األمريكية أول بلد ظهرت فيه طريقة الرقابة على دستورية القوانين ومنه انتشرت إلى العديد من دول العالم‪ ،‬فنظ ار لصمت دستور ‪ 1787‬على تنظيم الرقابة‬
‫القضائية على دستورية القوانين قررت المحكمة االتحادية العليا (‪ ) Supreme court of the United States‬حق القضاء في التأكد من دستورية القوانين في حكمها الشهير‬
‫الخاص بقضية ماربوري ‪ Marbury‬ضد (ماديسون ‪ )Madison‬برئاسة القاضي ماشارل (‪ )Marshall‬وذلك عام ‪.1803‬‬

‫استندت المحكمة في حكمها إلى أن الدستور األمريكي هو القانون األساسي للبالد‪ ،‬وينبغي أن تكون السلطة التشريعية مقيدة في نشاطها بحدود هذا القانون األساسي المكتوب‪،‬‬
‫ويبطل التشريع إذا خالف الدستور‪،‬‬

‫نجد أن معظم األجهزة التي أنيطت بها مهمة الرقابة الدستورية قد انقسمت إلى نوعين‪ :‬أجهزة طابع سياسي‪ ،‬وأخرى ذات طابع قضائي‪ .‬والتجربة المغربية في هذا الشأن لها‬
‫طابعها الخاص حيث تماس الرقابة من قبل جهاز مختلط سياسي‪ -‬قضائي‪.‬‬

‫الرق ابة الدستورية بواسطة جهاز سياسي‬


‫معنى الرق ابة السياسية‬

‫ا لرقابة السياسية هي رقابة وقائية تسبق صدور القانون ومن ثم تحول دون صدوره إذا خالف نصا في الدستور وتقوم بها لجنة سياسية يتم اختيار أعضائها بواسطة السلطة‬
‫التشريعية أو باالشتراك مع السلطة التنفيذية‪ ،‬فالرقابة تمارس على مشروعات القوانين‬

‫مميزات الرق ابة السياسية‬

‫‪ -‬أنها رقابة سابقة على صدور القانون ال تهدف إلى التحقق من مدى دستوريته‪ ،‬وبالتالي فان هذه الرقابة تهدف الى الحيلولة دون صدور القانون المخالف للدستور‬

‫‪ -‬تتولى مهمة هذه الرقابة هيئة سياسية‪ ،‬يكون اختيار أعضائها بواسطة السلطة التشريعية وحدها أو باالشتراك مع السلطة التنفيذية‪ ،‬وتستمد الرقابة السياسية أساسها من مبدأ الفصل‬
‫بين السلطات‪ ،‬باعتبار أن هذا المبدأ يقوم على أنه ال يجوز للسلطة القضائية التدخل في أعمال السلطة التشريعية‪ ،‬وبهذه الرقابة يتمكن البرلمان من تفادي سيطرة القضاء وتدخله‬
‫عيوب الرق ابة السياسية‬

‫‪ -‬إن الهيئة السياسية التي تقوم بمهمة الرقابة على دستورية القوانين ليست بمنأى من الخضوع للنزوات السياسية ‪.‬فالهيئة التي يتم تشكيلها بالتعيين من قبل البرلمان تكون عرضة ألن‬
‫تكون تابعة لها‪ ،‬وبالتالي تفقد السبب من وجودها وهو الرقابة على نشاطه وأما اذا كان التعيين بواسطة السلطة التنفيذية تصبح ملتزمة لتلك السلطة في تعليماتها وبالتالي فان رقابتها‬
‫ألعمال السلطة التشريعية مثار لتصادم مستمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية‪ .‬وأما اذا كان تشكيل الهيئة بطريق االنتخاب من قبل الشعب فان ذلك يؤدي الى سيطرة‬
‫االتجاهات السياسية ذاتها التي تسيطر على البرلمان وبالتالي تنعدم القيمة من انشائها‪.‬‬

‫افتقار القائمين على أمر هذه الهيئة للقدرة الفنية على بحث ودراسة المشاكل القانونية حيث ان هذه الرقابة تتميز بطبيعة قانونية خاصة تفترض في القائمين بها ضرورة توافر‬ ‫‪-‬‬
‫الكفاءة القانونية ال مكان تحديد مدى تطابق القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية مع أحكام الدستور‪.‬‬

‫الرق ابة الدستورية بواسطة جهاز قضائي‬


‫الرقابة القضائية يقصد بها أن يتولى القضاء فحص دستورية القوانين الصادرة عن البرلمان‪ ،‬للتحقق من مطابقتها أو مخالفتها لقواعد الدستور ولذلك فان الفرق بين الرقابة‬
‫السياسية والرقابة القضائية في أن األول سابقة على صدور القانون أما الثانية فإنها تفترض صدور ذلك القانون الغير دستوري لكي تتمكن من ممارسة دورها في الرقابة وبالتالي فإن‬
‫الرقابة القضائية تعطي القاضي الحق في التحقق من تطابق القانون مع أحكام الدستور‪ ،‬لكي يقف على مدى التزام البرلمان لالختصاصات وكما أن فرنسا هي المثال البارز للرقابة‬
‫السياسية فانه في المقابل تعتبر الواليات المتحدة األمريكية هي مهد نشأة النظام القضائي في الرقابة على دستورية القوانين‪.‬‬

‫الرق ابة عن طريق الدعوى األصلية‪:‬‬

‫تكون الرقابة مركزية فيعهد الرقابة لجهة قضائية واحده يكون الحق للمواطن رفع دعوى أصلية مباشرة أمام المحكمة الدستورية العليا او المحكمة العليا‪ ،‬ففي هذه الصورة يقوم‬
‫صاحب الشأن بمهاجمه القانون الذي يدعي عدم دستوريته طالباً إلغاءه لمخالفته نصوص الدستور ‪.‬‬

‫هذه الط ريقة تخصص محكمة دستورية تتولى الفصل في دستورية القوانين‪ ،‬حيث ان هذه المحكمة قد تكون محكمة دستورية عليا وقد تكون المحكمة العليا وذلك طبقاً لما ينص‬
‫عليه دستور كل دولة‪.‬‬

‫الرق ابة عن طريق الدفع الفرعي‪:‬‬

‫حيث ان في هذه الطريقة يفترض وجود دعوى أمام محكمة جنائية أو مدنية أو إدارية وهناك قانون معين مطلوب تطبيقه في هذا النزاع حينئذ يقوم الخصم بالمطلوب تطبيق‬
‫القانون عليه بالدفع بعدم دستورية ذلك القانون‪.‬‬
‫إذا ما تأكد قاضي الموضوع من جدية ذلك الدفع وأنه يخالف الدستور‪ ،‬فال يقوم بإلغاء ذلك القانون‪ ،‬وانما فقط يمتنع عن تطبيقه في القضية المطروحة‪.‬ولذلك فان القانون يبقى‬
‫قائماً وموجود بل وأكثر من ذلك يمكن لمحكمة أخرى أن تطبق ذات القانون في قضية أخرى إذا لم يدفع بعدم دستوريته ( من الناحية النظرية ولكن من الناحية الواقعية فان المحكمة‬
‫التي قضت بعدم دستوريته تمتنع عن تطبيقه في النزاع وكذلك في المنازعات األخرى‪ ،‬وقد تمتنع أيضا المحاكم األخرى عن تطبيقه إذا كان الحكم صادر من محكمة عليا‪.‬‬

‫لذلك فان طريقة الدفع الفرعي هي طريقة دفاعية تستهدف فقط استبعاد تطبيق القانون في قضية ما وال تستهدف إلغاءه‪.‬‬

‫الرق ابة عن طريق الدفع المقترن بدعوى عدم الدستورية ( الجمع بينهما)‪:‬‬

‫هناك دساتير تبنت الجمع بين الطريقتين االلغاء واالمتناع‪ ،‬حيث انه يمكن اثناء نظر دعوى قضائية يراد فيها تطبيق قانون معين ان يدفع احد افراد الدعوى بعدم دستورية‬
‫القانون المراد تطبيقه في هذه الدعوى امام ذات المحكمة التي تنظر فيها‪ ،‬فال تتعرض المحكمة للفصل في هذا الدفع بل توقف نظر الدعوى‪ ،‬ويحال الطعن بعدم الدستورية القانون‬
‫الى محكمة أخرى تختص بالفصل في دستورية القوانين‪ ،‬ويكون للحكم الصادر حجية مطلقة عامة‪.‬ومن الدول التي أخذت بهذا األسلوب مصر‪.‬‬

‫التجربة المغربية في مجال الرق ابة على دستورية القوانين‬


‫تعامل المغرب مع مراقبة دستورية القوانين من خالل مؤسستين قبل دستور ‪ :2011‬الغرفة الدستورية سابقا‪ ،‬ثم المحكمة الدستورية ‪.‬‬

‫الغرفة الدستورية ( سابق ا)‬

‫تولدت هذه التجربة في ظل دستور ‪ 1962‬الذي أناط مهمة الرقابة على دستورية القوانين بغرفة دستورية كمؤسسة سياسية‪ ،‬قضائية أو جهاز مختلط‪.‬‬

‫تعتبر مؤسسة سياسي ة ألن الملك كان له حق تعيين بعض أعضائها‪ ،‬كما كان يحق ذلك أيضا لرئيس البرلمان‪ ،‬ويمكن اختيار أعضائها خارج أسالك القضاء‪ ،‬وبإمكانها أن‬
‫تضم شخصيات سياسية نظ ار لصفتهم السياسية‪.‬‬

‫كما تعد مؤسسة قضائية ألنها كانت تشتغل حسب إجراءات قضائية‪ ،‬وتابعة للمجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) كأعلى درجات القضاء‪ .‬وعلى العموم فإنها تكتسي طابعها‬
‫القضائي من رئاستها المكونة من الرئيس األول للمجلس األعلى سابقا (وهو قاضي)‪ ،‬وتوفر أعضائها على استقاللية من خالل استقالل القضاء وحياده من خالل نظامها‪،‬‬
‫واختصاصها بالبت في النزاعات التي تحدث بين الحكومة والبرلمان‪ ،‬ومسطرة إصدار أحكامها‪ ،‬وحيثيات ق ارراتها‪ ،‬وحجية األمر المقضي به التي كانت تتمتع بها أحكامها‪ .‬لقد نص‬
‫دستور ‪ 1962‬على تركيبها من الرئيس األول للمجلس األعلى وقاضي من الغرفة اإلدارية (التابعة للمجلس األعلى سابقا) وأستاذ بكلية الحقوق وعضوين يعين أحدهما رئيس مجلس‬
‫النواب واآلخر رئيس مجلس المستشارين (حيث كان المغرب آنذاك يأخذ بنظام المجلسين)‪.‬‬
‫لم يغير دستور ‪ 1970‬هذه التركيبة إال بحذف العضو المعين من طرف رئيس مجلس المستشارين ألن المغرب أصبح يتوفر على مجلس واحد هو مجلس النواب‪ .‬أما دستور‬
‫‪ 1972‬فقد أدخل تعديال على تركيبة هذه الغرفة بحيث أصبحت تتكون باإلضافة إلى الرئيس األول للمجلس األعلى من ثالثة أعضاء يعينهم الملك وثالثة أعضاء يعينهم رئيس‬
‫مجلس النواب‪ .‬كما نصت جميع الدساتير على إسناد رئاستها إلى الرئيس األول للمج لس األعلى سابقا تركي از للصبغة القضائية‪ ،‬وترك الباب مفتوحا الختيار األعضاء المعينين –‬
‫بالظهير أو من لدن رئيس مجلس النواب – حيث كانوا يختارون إما من بين القضاة أو من خارج أسالك القضاء‪ ،‬وكان بإمكان رئيس مجلس النواب أن يختار شخصيات من خارج‬
‫مجلس النواب للقيام بمهمة الرقابة‪.‬‬

‫صالحيات هذه المؤسسة فقد كانت محددة ضمن إحالة إجبارية في النظر في دستورية القوانين التنظيمية والقانون الداخلي للبرلمان ومراقبة صحة عمليات االستفتاء‪ ،‬ودفع‬
‫الحكومة بعدم قبول مقترح قانون ال يدخل في مجال القانون‪ ،‬والمنازعات االنتخابية‪ .‬من هنا فإن هذه الغرفة لم يكن بإمكانها التدخل أو إبداء رأيها أثناء اإلعالن عن حالة االستثناء‪.‬‬

‫المالحظ أن صالحيات هذه الغرفة كانت بعيدة عن أن تكون ذات صبغة قضائية أو سياسية بالمفهوم الواسع‪ .‬حيث طرق المراقبة القضائية كانت منعدمة سواء طريقة الدفع‬
‫(ألن الفصل ‪ 25‬من قانون المسطرة المدنية يمنع على المحاكم النظر في دستورية القوانين) أو طريقة الدعوى (ألن الغرفة اإلدارية بالمجلس األعلى سابقا كانت تمتنع عن النظر‬
‫في دعاوي الشطط المرفوعة ضد الظهائر الملكية سواء تضمنت تدبي ار فرديا أو تشريعيا‪ ،‬ومن ثم فإنها تضفي الحصانة المطلقة على هذه الظهائر‪ ،‬كذلك ألن األفراد والنواب والفرق‬
‫البرلمانية لم يكن بإمكانهم اللجوء إلى الغرفة الدستورية حيث كان هذا الحق يناط فقط برئيس مجلس النواب أو الوزير األول‪ ،‬وألن هذه الغرفة لم تكن مختصة في النظر في دستورية‬
‫القوانين العادية)‪.‬كما أن أن حق اللجوء إلى هذه الغرفة كان منحص ار في الوزير األول أو رئيس مجلس النواب بالنسبة لرقابة القوانين التنظيمية والقانون الداخلي لمجلس النواب‪،‬‬
‫ومعلوم أن هذه الرقابة كانت إجبارية‪.‬‬

‫المحكمة الدستورية ( المجلس الدستوري سابق ا)‬

‫استجابة لتحوالت الحياة السياسية المغربية ولمطالب أحزاب المعارضة الواردة ضمن مذكرتها الموجهة إلى الملك في يونيو ‪ ،1992‬كان من بين أهم التجديدات التي جاءت بها‬
‫المراجعة الدستورية ل ‪ 1992/09/04‬إحداث مجلس دستوري يحل محل الغرفة الدستورية‪ .‬وتبعا لما جاءت به هذه المراجعة وما ستتممه مراجعة ‪ ، 1996/09/13‬و بموجب‬
‫الدستور الجديد لسنة ‪ 2011‬تم التنصيص صراحة في الفصل ‪ 129‬منه على إحداث محكمة دستورية تمارس االختصاص المسند إليها بفصول الدستور و بأحكام القوانين التنظيمية‬
‫و من هنا سنعمل على توضيح تأليف المحكمة الدستورية من منظور القانون ‪ 66.13‬المحدث للمحكمة الدستورية ثم سنحاول جرد أهم االختصاصات الموكول لها من خالل إبراز‬
‫أهم المستجدات المتعلقة بالدفع بعدم دستورية القوانين ‪.‬‬

‫أ‪ .‬تأليف المحكمة الدستورية‬

‫تتألف المحكمة الدستورية من ‪ 12‬عضوا يعينون لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد ‪ ،‬ينقسم هؤالء األعضاء إلى فئتين‪:‬‬
‫‪ -‬فئة معينة‪ :‬يعين الملك خمسة أعضاء من هذه الفئة بشكل منفرد وعضو سادس باقتراح من رئيس المجلس العلمي األعلى‪.‬‬

‫‪ -‬فئة منتخبة‪ :‬ثالثة أعضاء منها ينتخبون على مستوى مجلس النواب‪ ،‬وثالثة أعضاء على مستوى مجلس المستشارين‪.‬‬

‫وذلك بواسطة االقتراع السري بأغلبية ثلثي األعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس‪.‬‬

‫بالنسبة لرئيس المحكمة يتم تعيينه من طرف الملك من بين أعضائها‪.‬‬

‫المشرع الدستوري أبقى على نفس عدد األعضاء بالمقارنة مع عدد أعضاء المجلس الدستوري‪ ،‬كما تم تقليص العدد الذي كان يتم تعيينه من قبل الملك بشكل مطلق من ستة‬
‫أعضاء إلى خمسة أعضاء مع تعيين العضو السادس باقتراح من رئيس المجلس العلمي األعلى مما يوحي بالتحديد المسبق النتماء العضو المقترح إلى المجلس المذكور‪.‬‬

‫كما تم إعمال المنهجية الديمقراطية في اختيار نصف األعضاء الذين ينتخبون من طرف المؤسسة التشريعية ‪ ،‬وذلك باشتراط عنصر االنتخاب بدل التعيين الذي كان يتم من‬
‫قبل رئيسي مجلسي البرلمان واستشارة الفرق البرلمانية‪ ،‬مع الرفع من نصاب التصويت باشتراط أغلبية الثلثين من األعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس وعدم االكتفاء باألغلبية‬
‫المطلقة ‪.‬‬

‫يؤدي أعضاء المحكمة الدستورية بعد تعيينهم وقبل ممارسة مهامهم اليمين أمام الملك‬

‫تتخذ المحكمة الدستورية ق ارراتها بأغلبية ثلثي أعضائها ومن أجل الحفاظ على وتيرة سير عمل المحكمة الدستورية في الحالة التي يتعذر على أحد مجلسي البرلمان أو هما معا‬
‫انتخاب فئة األعضاء الخاصة بهما داخل األجل القانوني المحدد للتجديد يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصاتها وتتخذ قراراتها بحضور ستة من أعضائها على األقل وذلك وفق‬
‫نصاب ال يحتسب فيه األعضاء الذين لم يتم انتخابهم بعد حيث يوحي األمر هنا باالقتصار على األعضاء المعينين من طرف الملك فقط وذلك إلى غاية انتخاب باقي األعضاء‬
‫من لدن البرلمان‪.‬‬

‫نالحظ أن المشرع الدستوري قد تشدد وألول مرة في اختيار أعضاء المحكمة الدستورية باشتراط الكفاءة والنزاهة والتجرد باإلضافة إلى التجربة الواسعة والتكوين العالي‪ ،‬زيادة على‬
‫توسيع هامش حاالت التنافي بالنسبة للمهام التي ال يمكن الجمع بينها وبين عضوية المحكمة الدستورية استحضا ار لعوامل استقاللية أعضاء المحكمة‪.‬‬

‫ب‪ .‬اختصاصات المحكمة الدستورية‪:‬‬

‫تحال إلى المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية قبل إصدار األمر بتنفيذها‪ ،‬واألنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين قبل الشروع في تطبيقها‪ .‬وتبت‬ ‫‪‬‬
‫المحكمة في هذه الحاالت داخل أجل شهر من تاريخ اإلحالة‪ .‬غير أن هذا األجل يخفض في حالة االستعجال إلى ثمانية أيام‪ ،‬بطلب من الحكومة‪ .‬وتؤدي اإلحالة إلى المحكمة‬
‫الدستورية في هذه الحاالت‪ ،‬إلى وقف سريان أجل إصدار األمر بالتنفيذ‪.‬‬
‫تبت في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان‪ .‬في أجل سنة‪ ،‬ابتداء من تاريخ انقضاء أجل تقديم الطعون إليها‪ .،‬غير أن للمحكمة تجاوز هذا األجل بموجب قرار‬ ‫‪‬‬
‫معلل‪ ،‬إذا استوجب ذلك عدد الطعون المرفوعة إليها‪ ،‬أو استلزم ذلك الطعن المقدم إليها‪.‬‬

‫في حالة ما إذا صرحت المحكمة الدستورية‪ ،‬إثر إحالة الملك‪ ،‬أو رئيس مجلس المستشارين‪ ،‬أو سدس أعضاء المجلس األول‪ ،‬أو ربع أعضاء المجلس الثاني‪ ،‬األمر إليها‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫أن التزاما دوليا يتضمن بندا يخالف الدستور‪ ،‬فإن المصادقة على هذا االلتزام ال تقع إال بعد مراجعة الدستور‪.‬‬

‫تختص المحكمة الدستورية بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون‪ ،‬أثير أثناء النظر في قضية‪ ،‬وذلك إذا دفع أحد األطراف بأن القانون‪ ،‬الذي سيطبق في النزاع‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور‪.‬‬

‫المحكمة الدستورية تمارس رقابة قبلية وبعدية في نفاذ القانون‪ ،‬أي رقابة قبل صدور ظهير تنفيذ القانون ورقابة بعد صدور ظهير تنفيذ القانون في حالة ما إذا أثيرت عدم‬
‫دستورية النص القانوني في إحدى القضايا التي ثبت فيها المحاكم العادية نتيجة مساسه بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور‪.‬‬

‫ت‪ .‬أصحاب الحق في الدفع بعدم دستورية الق انون‪:‬‬

‫أصحاب الحق في الدفع بعدم دستورية القانون نوعان‪ :‬النوع األول‪ ،‬هم أصحاب الحق العام الذي يأتي قبل صدور ظهير تنفيذ القانون‪ .‬والنوع الثاني هم أصحاب الحق الخاص‬
‫الذي يتمخض بعد صدور تنفيذ القانون‪.‬‬

‫‪ -1‬أصحاب الحق العام‪:‬‬

‫استنادا إلى مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 132‬من الدستور يمكن للملك‪ ،‬وكذا لكل من رئيس الحكومة‪ ،‬أو رئيس مجلس النواب‪ ،‬أو رئيس مجلس المستشارين‪ ،‬أو ُخمس‬
‫أعضاء مجلس النواب أو أربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين‪ ،‬أن يحيلوا القوانين‪ ،‬قبل إصدار األمر بتنفيذها‪ ،‬إلى المحكمة الدستورية‪ ،‬لتبت في مطابقتها للدستور‪.‬‬

‫‪ -2‬أصحاب الحق الخاص‪:‬‬

‫أصبح‪ ،‬من اآلن فصاعدا‪ ،‬لكل متقاضي أمام المحاكم العادية الحق في الدفع بعدم دستورية النص القانوني الذي سيعتمده القاضي في حكمه أمام المحكمة الدستورية إذا كان‬
‫هذا النص يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور – كما أشرنا إلى ذلك سابقا‪.‬‬

‫المادة ‪ 28‬من القانون التنظيمي رقم ‪ – 066.13‬السالف الذكر – المتعلق بالمحكمة الدستورية قد أرجأت التطرق إلى شروط واجراءات ممارسة المحكمة الدستورية‬
‫الختصاصاتها في مجال النظر في كل دفع بعدم دستورية القانون – أو إحدى مقتضياته –‪ ،‬واكتفت بالتنصيص على أن هذا األمر سيحدده قانون تنظيمي الحق‪.‬‬

You might also like