You are on page 1of 12

‫دراسات قانونية‬ ‫مجلة كلية دجلة الجامعة‬

‫كلية الفارابي الجامعة‬


‫قسم القانون‬
‫‪Mouafaq.1942@gmail.com‬‬

‫الرقابة على دستورية القوانين أنواعها ورأي الفقه فيها‬


‫‪The control over the constitutionality of laws, types and the opinion of jurisprudence‬‬

‫موفق صبري شوكت‬


‫‪Mouafaq Sabry Shwkat‬‬

‫اخلالصــة ‪:‬‬
‫تضمن البحث ماهية الرقابة على دستورية القوانين‪,‬واستعراض ايجابيات وسلبيات الصيغ املطبقة في ميدان الرقابة‬
‫السياسية‪,‬وكذلك الرقابة القضائية من حيث املفهوم‪,‬والرقابة‪,‬وتعديل القوانين او الغائها‪.‬وتطرق املبحث الثاني‪,‬النواع الرقابة‬
‫وراي الفقه الدستوري على مستوى القوانين املطبقة‪.‬وقد تم استعراض العديد من االراء الفقهية ومنها على سبيل املثال الفقه‬
‫القانوني الفرن�سي والفقه القانوني املصري فضال عن الفقه القانوني االمريكي‪.‬‬

‫‪Abstract‬‬
‫‪The research included the nature of oversight on the constitutionality of laws, and a review of the pros‬‬
‫‪and cons of the formulas applied in the field of political oversight, as well as judicial oversight in terms of‬‬
‫‪concept, oversight, and amending or repealing laws. From jurisprudential opinions, including, for example‬‬
‫‪French legal jurisprudence, Egyptian legal jurisprudence, as well as American jurisprudence‬‬

‫املقدمــــــة‪:‬‬
‫ً‬
‫يعد الدستور القانون األعلى في الدولة نظرا ملا يتميز به من سمو‪,‬حيث يتربع على عرش القواعد القانونية أجمع‪.‬فهو يتناول‬
‫شكل الدولة ونظام الحكم بجميع مؤسساتها وعالقتها بحقوق اإلفراد والحريات واملبادئ االساسية لحقوق اإلنسان‪.‬وقد اجمع‬
‫ً‬
‫الفقه القانوني والدستوري بعلويته على سائر القواعد القانونية‪,‬انطالقا من املبدأ املعروف بسمو الدستور‪,‬والذي يعني علو‬
‫الدستورعلى جميع القوانين الصادرة في الدولة‪.‬وال يجوزللمشرع تشريع إي قانون يخالفه‪.‬عليه فإن الدستوريعد املركزاألساس‬
‫في بناء وتنظيم الدولة بجميع مؤسساتها ونظامها السيا�سي ‪,‬فهو الذي يحدد شكل وأسس نظام الحكم واالتجاه السيا�سي للدولة‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك فأن املركز القانوني للقواعد الدستورية يعد األساس الفعلي للتنظيم السيا�سي واالجتماعي واالقتصادي للدولة‪,‬‬
‫وأن املحافظة على هذا املركزيتطلب حماية هذه القواعد من أي تدخل مهما كانت قوتها السلطوية ‪.‬ويتوجب على سلطات الدولة‬
‫التشريعية والتنفيذية والقضائية احترامها والعمل بموجبها دون تحريف ‪ ,‬وتعد القواعد الواردة فيها هي القواعد األسمى واألعلى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من جميع القوانين الصادرة في الدولة ‪.‬كما أن مبدأ سمو الدستور يرتبط ارتباطا وثيقا بمبدأ املشروعية والذي يعني خضوع‬
‫الدولة للقانون بجميع سلطاتها وتصرفاتها‪.‬وملا كان للدستور هذا العلو والسمو املطلق على جميع القواعد القانونية‪ ,‬فأصبح‬
‫ً‬
‫لزاما على الدولة حمايتها من أي تدخل وأصبح من املؤكد إيجاد وسيلة فعالة لحماية القواعد الدستورية وإيجاد نوع من الرقابة‬
‫ملنع أي تدخل أو اختراق غيرمشروع ومن أي جهة كانت‪ ,‬وقد اختلفت الدساتيرفي تحديد الهيئة التي تمارس الرقابة على دستورية‬
‫القوانين فمنها السياسية ومنها القضائية والتي سنأتي على تفاصيلها في هذا البحث ومن الجديربالذكرأن الرقابة على دستورية‬
‫القوانين ال تثار إال في الدول ذات الدساتير الجامدة أما في الدول ذات الدساتير املرنة فال تعرف الرقابة الدستورية على القوانين‬

‫‪57‬‬ ‫املجلد (‪ )5‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2022‬‬


‫دراسات قانونية‬ ‫مجلة كلية دجلة الجامعة‬

‫‪,‬ألن القوانين الدستورية املرنة التي تضعها السلطة التشريعية تعدلها بنفس اإلجراءات التي أتبعتها في وضع القوانين العادية‪,‬أي‬
‫بأمكان املشرع تعديل القانون في أي وقت يشاء‪.‬‬

‫أمهية البحث‬
‫أن موضوع الرقابة على دستورية القوانين يتمتع بأهمية بالغة في استقرار النظام السيا�سي ألي دولة ‪,‬ويعد الطريق األمثل في‬
‫املحافظة على تطبيق القواعد التي يتضمنها الدستورمن الحقوق والحريات العامة في الدولة وكيفية ممارسة السلطة وبها تتقيد‬
‫سلطة الحكام ‪,‬وكذلك الفصل والتوازن بين سلطات وهيئات الدولة املختلفة وبها تتحقق حماية مبدأ سيادة القانون والتي تضمن‬
‫ً‬
‫حقوق اإلفراد وحرياتهم االساسية ولكون الدستور هو القانون األسا�سي في الدولة فال تجوز مخالفته من أي سلطة انطالقا من‬
‫مبدأ سمو الدستوروعلوه على جميع القواعد القانونية ‪,‬ويراعى ذلك عند تشريع القوانين وإال عدت هذه القوانين غيردستورية‬
‫ومن ثم يتوجب إلغاؤها أو االمتناع عن تطبيقها ‪.‬وال يعطي مبدأ سمو الدستورأثره إن لم يكفل احترامه وحمايته بوسائل يحددها‬
‫الدستورفي نصوصه وتتقيد بها السلطات عند التشريع وتتحقق هذه الوسائل بالرقابة على دستورية القوانين التي تشرع ومن هنا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تظهرأهمية الرقابة ‪,‬وذلك ببطالن كل قانون يصدرخالفا لنصوص الدستوربطالنا مطلقا‪.‬‬

‫مشكلة البحث‬
‫ما املقصود بالرقابة على دستورية القوانين؟ وكيف نشأت تلك الرقابة وما هي أنواعها وما هو رأي الفقه في الرقابة؟‬

‫المبحث االول‬
‫ماهية الرقابة على دستورية القوانين‬
‫من اجل الوقوف على ماهية الرقابة على دستورية القوانين يتعين ضرورة بيان تعريف الرقابة على دستورية القوانين فضأل عن‬
‫بيان نشأتها لذا أقت�ضى تقسيم هذا املبحث الى مطلبين‪ ,‬تناول في املطلب االول‪,‬تعريف الرقابة على دستورية القوانين أما املطلب‬
‫الثاني ‪,‬فتناول نشأت الرقابة على دستورية القوانين وعلى النحو االتي‪:‬‬

‫املطلب االول ‪ :‬تعريف الرقابة على دستورية القوانني‬


‫ن‬
‫يقصد بالرقابة على دستورية القوانين هو منع صدور أي قانو يخالف الدستور وحمايته من أي تدخل قد يحدث ‪,‬ولتحقيق‬
‫هذه الرقابة يجب إناطة هذه املهمة إلى هيئة معينة مهمتها مر اقبة كل تشريع يصدرمن الدولة ملعرفة مدى مطابقتها للدستورمن‬
‫عدمه‪ .‬وهي الطريقة الفعالة واملثلى لحماية الدستورمن أي مخالفة أو اختراق ‪,‬كون الدستورهو القانون األعلى واألسمى من بين‬
‫ً‬
‫القوانين املطبقة في الدولة وموقعه هو في قمة الهرم القانوني نظرا لسموه املوضوعي والشكلي ‪,‬وإن عدم تقريرالوسيلة الفاعلة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لحماية هذا املبدأ (أي مبدأ سمو الدستور) يجعل من هذا املبدأ أمرا نظريا وعبثا ال طائل من وراءه ‪ ,‬ويدع الدستورعرضة النتهاك‬
‫السلطات األخرى وخاصة السلطة التشريعية التي من واجباتها األصلية تشريع القوانين‪ .‬عليه فإن أغلبية الفقهاء يتفق على أن‬
‫الضمانة الفاعلة لحماية مبدأ سمو الدستورهي الرقابة على دستورية القوانين(‪. )1‬‬
‫ً‬
‫ولذلك يعد مبدأ سمو الدستورمن املبادئ املسلم بها في كل الدول القانونية حيث يخضع فيها الجميع حكاما ومحكومين للقانون‬
‫(‪ )2‬سواء من حيث اإلدارة أو القضاء أو التشريع ‪,‬بخالف الدولة البوليسية التي تخضع فيها اإلدارة االستبدادية للسلطة الحاكمة‬
‫(‪)3‬‬
‫وحتى لو تو افرت في األخيرة وثائق يطلق عليها دستور‬
‫وعلى الرغم من اختالف وسائل الرقابة على دستورية القوانين باختالف األنظمة الدستورية في الدول املختلفة‪ ,‬إال أنها تؤول إلى‬
‫أسلوبين رئيسين هما الرقابة السياسية والرقابة القضائية (‪, )4‬وسنتطرق إليهما في املبحث الثاني من هذا البحث‪.‬‬
‫وتعد الرقابة على دستورية القوانين هي الوسيلة األمثل لضمان احترام الدستور وسموه على بقية القواعد القانونية والحفاظ‬
‫عليه وحمايته من أية مخالفة أو تدخل من قبل الجهات القابضة على السلطة‪.‬‬
‫وبما أن هذه القواعد الدستورية تقع في قمة التدرج الهرمي للنظام القانوني‪ ,‬أي القواعد القانونية في الدولة(‪. )5‬بحيث أن القواعد‬
‫القانونية تتسلسل في ثالث درجات تعلو على قمتها الدستور (التشريع األسا�سي) وأوسطها القانون بمعناه الخاص (القانون‬
‫العادي) وأدناه األنظمة (التشريع الفرعي)‪ .‬وهذا التدرج يؤدي إلى وجوب تقييد التشريع األدنى بالتشريع األعلى وعدم مخالفته‪.‬‬

‫‪58‬‬ ‫املجلد (‪ )5‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2022‬‬


‫دراسات قانونية‬ ‫مجلة كلية دجلة الجامعة‬

‫فالقانون يجب إن يتقيد بالدستوروال يخالفه‪ ,‬وكذلك بالنسبة لألنظمة أن تتقيد بأحكام الدستوروالقانون وال يخالفه وعليه فإن‬
‫سمو الدستوريعني أن الدستوريسمو (يعلو) على مختلف القواعد القانونية األخرى في الدولة(‪.)6‬‬
‫ويطلق على وجوب اتفاق القوانين العادية مع إحكام الدستوروعدم مخالفتها لها مبدأ دستورية القوانين ‪,‬والذي يق�ضي بوجوب‬
‫احترام إحكام الدستورمن قبل جميع السلطات وعلى رأسها السلطة التشريعية ‪,‬فال يجوزإصدارقانون مخالف ألحكام الدستور‪,‬‬
‫وإال عد هذا القانون غيردستوري (‪. )7‬‬
‫ومن هذا املنطلق فأن الدولة القانونية تعني خضوع الدولة في جميع مظاهر نشاطها للقانون وهذا القانون هو الدستور والذي‬
‫ً‬
‫يقع في قمة الهرم القانوني انطالقا من مبدأ سمو الدستورأي علو القواعد الدستورية على غيرها من القواعد القانونية املطبقة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫في الدولة وعلى جميع السلطات احترامها وعدم الخروج عن نصوصها ويعد باطال بطالنا مطلقا أي نص يصدر من أي جهة كانت‬
‫في الدولة يخالف إحكام الدستور‪.‬‬
‫وقد عرفت فكرة سمو الدستورمنذ القدم وتناولها كتاب نظرية العقد االجتماعي أمثال (روسو ‪,‬وهوبز‪,‬ولوك ) في القرنين السابع‬
‫والثامن عشرإال أنها لم تظهربالصورة الدستورية املطلوبة إال بعد الثورة األمريكية سنة ‪ 1787‬والثورة الفرنسية سنة ‪ 1789‬وبعد‬
‫ذلك تبنت دساتيردول العالم هذا املبدأ ومنها دول العالم الثالث‪,‬عليه فإن أفضل طريقة لتحقيق حماية مبدأ سمو الدستورمن‬
‫تعرضه ألية مخالفة هي الرقابة على دستورية القوانين‪.‬‬
‫وأزاء ما تقدم ‪,‬ولضمان احترام الدستور ‪,‬بعده القانون األعلى واألسمى في الدولة ‪,‬وحمايته من أية مخالفة من قبل الجهات‬
‫القابضة على السلطة‪ ,‬ولغرض تحقيق هذا الهدف ‪,‬نشأت الرقابة على دستورية القوانين‪ ,‬والتي عدت أفضل طريقة لتحقيق‬
‫وحماية مبدأ سمو الدستورمن تعرضه ألية مخالفة ومن هنا نشأت العالقة بين الدستوروالرقابة‪ ,‬أي الرقابة على القوانين التي‬
‫تصدرها السلطة التشريعية في الدولة ‪,‬وملا كانت الرقابة على دستورية القوانين تعد من أهم الوسائل القانونية الكفيلة باحترام‬
‫سمو الدستور‪ ,‬فأنه ال يمكن تصورها إال في ظل الدساتيرالجامدة التي ال يمكن تعديلها إال بإتباع إجراءات خاصة ومعقدة تختلف‬
‫عن اإلجراءات املتبعة في تعديل القانون العادي من قبل السلطة التشريعية وكذلك تستطيع هذه السلطة إجراء التعديالت على‬
‫الدساتيراملرنة بنفس اإلجراءات املتبعة في تعديل القانون العادي‪.‬‬
‫ً‬
‫وبالنتيجة فعلى السلطة التشريعية احترام الدستور وعدم مخالفتها لقواعده عند إقرارها وإصدارها التشريعات انطالقا من‬
‫مبدأ سمو الدستور‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬نشأة الرقابة على دستورية القوانني‬


‫أول ما ظهرت الرقابة في فرنسا والواليات املتحدة األمريكية ولقد نصت دساتير وإعالنات الحقوق الواردة في النصوص األولى في‬
‫دستوري الثورتين الفرنسية واألمريكية ‪,‬على مر اقبة سياسية ال تتضمن حق املواطن في مقاومة االستبداد وهكذا فإن دستور‬
‫سنة ‪ 1791‬الفرن�سي قد فرض على الشعب احترامه‪ ,‬كما في دستور سنة ‪ 1793‬حيث نص على إعدام أي فرد يمس الدستور‬
‫من قبل األحرار املدافعين عن الدستور وإذا خرقت الحكومة حقوق اإلفراد فإن االنتفاضة واجبة من قبل الشعب وكانت هذه‬
‫التصريحات تستهدف تبريرعمل الثوار‪,‬الذين أستولوا على الحكم ‪,‬ومن هذا املنطلق نشأت الرقابة وتركت ملبادرة الشعب وكانت‬
‫لها قيمة فلسفية أكثر منها قانونية ‪,‬فسميت بالرقابة السياسية ولم تعرف الدساتير األولى للثورة الفرنسية كدستور سنة ‪1791‬‬
‫ودستورسنة ‪ 1793‬هذا النوع من الرقابة ‪ ,‬وأن املحاولة األولى للرقابة على دستورية القوانين في فرنسا ظهرت عند إعداد دستور‬
‫عا م ‪ 1795‬عندما اقترح الفقيه الفرن�سي (فقيه الجمعية التأسيسية) (‪ )sieyes‬أنشاء هيئة محلفين دستورية �‪Jury/constitu‬‬
‫‪ tinnaier‬يتم تشكيلها من بين أعضاء السلطة التشريعية‪ ,‬ويعهد لها مهمة مر اقبة دستورية القوانين وإلغاء القوانين املخالفة‬
‫للدستورإال أن هذا االقتراح رفض بإجماع أعضاء الهيئة التأسيسية إال أن الفقيه (‪ )sieyes‬نجح في إقناع واضعي دستورالسنة‬
‫ً‬
‫الثامنة ‪ 1799‬في عهد اإلمبراطور (نابليون) ‪,‬بقبول اقتراحه السابق وانشأ على هذا األساس مجلس وفقا لدستور السنة الثامنة‬
‫وأطلق عليه (املجلس املحافظ)‪ .‬تكون مهمته التحقق من عدم مخالفة مشروعات القوانين للدستورإال أن هذا املجلس لم يوفق‬
‫في مهمته ولم يقم بأي عمل ملموس‪ ,‬ويعزى هذا الفشل إلى سببين رئيسين‪ ,‬األول عدم تمتع املجلس باالستقالل الفعلي‪ ,‬حيث‬
‫كان لإلمبراطورتأثيركبيرعليه‪,‬وذلك لدوره الواضح في تعيين أعضائه‪ ,‬أما السبب األخرفيعود إلى عدم ممارسة املجلس للرقابة إال‬
‫على مشروعات القوانين التي تحال إليه من الحكومة (اإلمبراطور)‪ ,‬أو من هيئة خاصة أنشأت لهذا الغرض‪ .‬واستمرت الرقابة‬
‫على دستورية القوانين في فرنسا حتى الوقت الحاضر‪ ,‬وهي رقابة سياسية وسنتناولها في املطلب األول من املبحث الثاني من هذا‬
‫البحث ‪,‬ومن فرنسا انتقلت إلى الدول اإلفريقية بعد نيل استقاللها‪ .‬كما أن غالبية الدول االشتراكية السابقة ومنها االتحاد‬

‫‪59‬‬ ‫املجلد (‪ )5‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2022‬‬


‫دراسات قانونية‬ ‫مجلة كلية دجلة الجامعة‬

‫السوفيتي السابق أخذت بهذه الطريقة من الرقابة (‪. )8‬‬


‫وأخذت الرقابة على دستورية القوانين إلى الواليات املتحدة األمريكية ولكن كانت رقابة قضائية وكانت السباقة في األخذ بها على‬
‫الرغم من أن دستوراغلب الدول لم ينص صراحة على األخذ بهذا األسلوب من الرقابة‪.‬‬
‫ويعد العراق من اول الدول العربية التي أخذت بالرقابة على دستورية القوانين وفي أول دستورللدولة العر اقية واملعروف بالقانون‬
‫االسا�سي العراقي لعام ‪ 1925‬حيث تضمن هذا الدستور النص على أنشاء محكمة عليا يكون من ضمن اختصاصها الرقابة على‬
‫دستورية القوانين‪ ,‬أما في ظل العهد الجمهوري فال توجد رقابة على دستورية القوانين ويعوز سبب ذلك الى أن الدساتير في تلك‬
‫الفترة كانت مؤقتة (‪, )9‬أما في ظل دستور العراق لعام ‪ 2005‬النافذ حاليا” فقد أخذ بالرقابة على دستورية القوانين وباألخص‬
‫الرقابة القضائية وذلك في نص املادة (‪ )93‬من دستورالعراق لعام ‪ ,2005‬إذ منحت املحكمة االتحادية العليا سلطة الرقابة على‬
‫دستورية القوانين واالنظمة النافذة (‪.)10‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫أنواع الرقابة ورأي الفقه الدستوري على دستورية القوانين‬
‫بما أن الدساتير تختلف في تحديد الهيئة التي تكون من مهمتها االساسية الرقابة على دستورية القوانين‪ .‬حيث أن بعض الدول‬
‫تسند هذه املهمة إلى هيئة سياسية‪ ,‬وأخرى تسندها إلى هيئة قضائية‪ ,‬وذلك للتأكد من مطابقة القوانين التي تشرع من السلطة‬
‫التشريعية ألحكام الدستور وقد انتهى الفقه الدستوري والقضائي إلى أن الو اقع العملي في أغلب الدساتير إلى ضرورة أيجاد‬
‫الرقابة على دستورية القوانين ‪,‬لضمان ثبات علو الدستور واحترامه ‪,‬واتفقوا على وجوب الرقابة لحماية الدستور من التدخل‬
‫‪,‬ولكنهم اختلفوا في الهيئة التي يجب أن تمارس هذه الرقابة فبعضهم ذهب إلى اسناد الرقابة إلى هيئة سياسية‪ ,‬فيما أرتئى البعض‬
‫األخر اسناد هذه املهمة إلى الهيئة القضائية عليه يتطلب منا تقسيم هذا املبحث إلى مطلبين وكاألتي‪-:‬‬
‫املطلب األول‪ :‬انواع الرقابة على دستورية القوانين‬
‫املطلب الثاني‪ :‬رأي الفقه في الرقابة على دستورية القوانين‬

‫املطلب األول ‪ :‬انواع الرقابة على دستورية القوانني‬


‫أن القوة امللزمة للقاعدة الدستورية تأتي من مبدأ سمو الدستور‪ ,‬ولضمان سمو الدستور‪ ,‬نشأت الرقابة على دستورية‬
‫القوانين‪,‬بحيث ال تكون هذه القوانين مخالفة ملبادئ أو لروح املواد الدستورية املوجودة في الدساتير املكتوبة الجامدة‪,‬لذا‬
‫فقد أتجهت الدول الى تطبيق الرقابة على دستورية القوانين‪,‬وبذلك ظهرت نوعين من الرقابة وهي الرقابة السياسية والرقابة‬
‫القضائية وهذا ما سنتناوله في الفرعين االتيين‪-:‬‬

‫الفرع االول‪ :‬الرقابة السياسية على دستورية القوانني‬


‫أوأل‪ :‬مفهوم الرقابة السياسية‬
‫يقصد بالرقابة السياسية وقاية القانون قبل صدوره والتي تحول دون صدورالقانون الذي يخالف الدستورأونص من نصوصه‪.‬‬
‫وتقوم بهذه الرقابة هيئة أو لجنة خاصة ينتخب أعضائها من السلطة التشريعية‪ ,‬وباالشتراك مع الهيئة التأسيسية التي وضعت‬
‫ً‬
‫الدستور‪ ,‬وباإلمكان إشراك السلطة التنفيذية أيضا ‪.‬وتختلف الدساتير في تشكيل هذه الهيئة وحسب ما ينص عليه دستور كل‬
‫دولة والنظام السيا�سي املطبق فيها‪ .‬فقد يتم تشكيل هذه الهيئة من قبل البرملان ‪,‬أو من قبل السلطة التنفيذية‪ ,‬أو من قبل لجان‬
‫خاصة تشكل لهذا الغرض‪ ,‬أو يتم تشكيلها باالنتخاب‪.‬واكبر مثال على ذلك الرقابة على دستورية القوانين في فرنسا‪ ,‬والتي تعد‬
‫النموذج البارزللرقابة السياسية على دستورية القوانين‪ .‬حيث أن فرنسا أخذت بالرقابة السياسية في دساتيرها القديمة وكذلك‬
‫في دساتيرها الحديثة وخاصة دستور سنة ‪ 1946‬ودستور سنة ‪ 1958‬إال أن املحاولة األولى لتقرير هذه الرقابة كانت سنة ‪1795‬‬
‫وباقتراح من الفقيه الفرن�سي (‪ )sieyes‬بإنشاء هيئة سياسية تكون مهمتها إلغاء القوانين املخالفة للدستور‪,‬واملحاولة الثانية‬
‫للرقابة على دستورية القوانين كانت تحت ظل دستور سنة ‪, 1852‬حيث عهد بها إلى مجلس الشيوخ وكان للمجلس حق مراجعة‬
‫القوانين قبل أصدارها للتأكد من عدم مخالفتها للدستور‪,‬وكانت لها سلطة إلغاء القوانين التي تتعارض مع إحكام الدستور‪ .‬إال‬
‫أن حظ هذا املجلس لم يكن أفضل من حظ مجلس دستور السنة الثامنة‪ ,‬حيث سيطر عليه اإلمبراطور (نابليون) وجعله أداة‬

‫‪60‬‬ ‫املجلد (‪ )5‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2022‬‬


‫دراسات قانونية‬ ‫مجلة كلية دجلة الجامعة‬

‫ً‬
‫مطيعة في يده يستخدمها وفقا ملشيئته (‪. )11‬‬
‫وقد باشرت الرقابة على دستورية القوانين في فرنسا وفق دستور‪ 1946‬لجنة سميت(اللجنة الدستورية) وتألفت وفق املادة (‪)91‬‬
‫من الدستور‪.‬‬
‫حيث أوجد في ظل دستور سنة ‪ 1958‬هيئة سياسية أطلق عليها (املجلس الدستوري)‪ .‬مهمته الرقابة على دستورية القوانين‬
‫قبل إصدارها وقد نصت املادة السادسة والخمسون من الدستور‪,‬على تشكيل هذا املجلس وكانت رقابتها سابقة وليست الحقة‪,‬‬
‫وهي على نوعين وجوبيه وجوازيه فبالنسبة لألولى‪ ,‬فقد أوجب الدستورعرض القوانين االساسية قبل إصدارها ولوائح املجالس‬
‫البرملانية قبل تطبيقها‪ ,‬على املجلس ليرى مدى مطابقتها للدستور‪.‬‬
‫أما بالنسبة لألخرى فيجوز لرئيس الجمهورية أو الوزير األول أو رئيس أي من املجلسين‪,‬عرض القوانين على املجلس الدستوري‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قبل إصدارها‪,‬وكذلك أجاز الدستور لستين نائبا أو ستين شيخا الطعن بعدم دستورية قانون أو معاهدة دولية أمام املجلس‪ ,‬مع‬
‫مالحظة أن املجلس أستبعد القوانين التي يستفتى الشعب عليها من رقابته ‪,‬على أساس أنها تعبير مباشر عن السيادة الشعبية‪,‬‬
‫وتعد قرارات املجلس الدستوري باتة ‪,‬وال تقبل الطعن وملزمة للسلطات العامة ولجميع السلطات اإلدارية والقضائية (‪. )12‬‬
‫وقد تبنت دول أخرى فكرة الرقابة السياسية على دستورية القوانين‪ ,‬بعد الحرب العاملية الثانية ال سيما الدول ذات االتجاه‬
‫االشتراكي‪ ,‬حيث يالحظ أن دستور االتحاد السوفيتي لسنة ‪ 1977‬اخذ بهذه الرقابة وجعلها من اختصاص هيئة رئاسة السوفيت‬
‫األعلى‪ .‬وحسب نص املادة (‪ )121‬من الدستور وكذلك اخذ بالرقابة السياسية الدستور الصيني لسنة ‪ 1954‬وأناط بهذه املهمة‬
‫بالجمعية الصينية لنواب الشعب ودستور يوغسالفية لسنة ‪, 1946‬حيث أسند الرقابة باملكتب االداري للمجلس الشعبي ومن‬
‫الدول العربية التي أخذت بنهج فرنسا دول املغرب العربي‪ ,‬فالدستور املغربي لسنة ‪ 1996‬أسند مهمة الرقابة على دستورية‬
‫القوانين ملجلس دستوري والدستور الجزائري لسنة ‪ 1996‬نص على إيجاد مجلس دستوري ‪,‬وكذلك فعل الدستور التون�سي‬
‫لسنة ‪ ,1995‬حيث نص على أنشاء مجلس دستوري يتولى مر اقبة مشاريع القوانين التي تعرض على رئيس الجمهورية للتأكد من‬
‫مطابقتها للدستور(‪. )13‬‬
‫ثانيأ‪ :‬مميزات وعيوب الرقابة السياسية‬
‫‪ -:1‬املميزات‬
‫تتميزالرقابة على دستورية القوانين عن طريق هيئة سياسية باالتي ‪:‬‬
‫(‪)14‬‬

‫‪ .1‬أنها رقابة وقائية ألنها تسبق صدورالقانون‪ ,‬وتهدف إلى التحقق من مدى دستورية القانون املزمع إصداره وليست رقابة الحقة‬
‫على صدوره كما هو الحال في الرقابة القضائية‪ ,‬وبالتالي فإن الرقابة السابقة تهدف إلى الحيلولة دون صدور القانون املخالف‬
‫للدستور‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ .2‬تتولى هذه الرقابة هيئة سياسية ويكو اختيارأعضائها بواسطة البرملان أو انتخاب الشعب وباالشتراك مع السلطة التنفيذية‬
‫وليس هيئة قضائية كما هو الحال في الرقابة القضائية‪.‬‬
‫‪ .3‬تستمد هذه الرقابة أساسها من مبدأ الفصل بين السلطات‪ ,‬باعتبارإن هذا املبدأ هدفه جوازتدخل السلطة القضائية في عمل‬
‫السلطة التشريعية ‪,‬وبهذه الرقابة تمكن البرملان من تفادي سيطرة القضاة وتدخله‪ ,‬وبالتالي فإن هذه الرقابة تتفادى الصدام‬
‫بين السلطات‪.‬‬

‫‪ :1‬عيوب الرقابة السياسية‬


‫على الرغم مما تميزت به الرقابة السياسية من مميزات إال أنها تعرضت للنقد من قبل فقهاء القانون نوجزها باالتي ‪:‬‬
‫(‪)15‬‬

‫‪ .1‬أن الهيئة التي تشكل للرقابة على دستورية القوانين من قبل السلطة قد تتجاوز على السلطة التي ساهمت في تكوينها وهي‬
‫ليست بمنأى من الخضوع للسلطة السياسية التي شكلتها وهذا يفسد الغاية من عملها في الرقابة‪ .‬فالهيئة التي تشكل من قبل‬
‫البرملان بالتعيين تكون عرضه بالتبعية لها‪ ,‬أما إذا كان التعيين من قبل السلطة التنفيذية فتكون الهيئة ملزمة لتلك السلطة في‬
‫تعليماتها ‪,‬وبالتالي فإن رقابتها ألعمال السلطة التشريعية ستكون مثارلتصادم مستمربين السلطتين التشريعية والتنفيذية ‪,‬وأما‬
‫إذا كان تشكيل الهيئة عن طريق االنتخاب من قبل الشعب فإن ذلك سيؤدي الى سيطرة االتجاهات السياسية ذاتها التي تسيطر‬
‫على البرملان وبالتالي تنعدم القيمة من أنشاؤها‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .2‬تفسيرات الهيئة املشكلة سياسيا غالبا ما تكون سياسية عند أداء مهمتها أكثر من كونها قانونية ‪,‬فهي ال تحدد القوانين وفق‬

‫‪61‬‬ ‫املجلد (‪ )5‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2022‬‬


‫دراسات قانونية‬ ‫مجلة كلية دجلة الجامعة‬

‫مطابقتها للدستورولكنها تحددها وفق االختيارات السياسية التي تؤمن بها أعضاء الهيئة‪.‬‬
‫‪ .3‬افتقار القائمين على أمر هذه الهيئة للكفاءة الفنية على البحث ودراسة املشاكل القانونية‪ ,‬حيث إن الرقابة على دستورية‬
‫القوانين تتميز بطبيعة قانونية تفترض من القائمين عليها تو افر الكفاءة واملقدرة القانونية ‪,‬لغرض تحديد وبيان مدى مطابقة‬
‫القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية مع نصوص وإحكام الدستور‪ ,‬والذي يؤدي إلى اتخاذ القرارات الصحيحة والفعالة في‬
‫عملها‪.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬الرقابة القضائية على دستورية القوانني‬


‫بالنظر لالنتقادات الكثيرة التي وجهت إلى الرقابة السياسية علي دستورية القوانين من قبل الفقهاء‪ ,‬اتجه الفقه الدستوري إلى‬
‫ً‬
‫الرقابة القضائية بسبب ما تتصف به هذه الرقابة من حيادية وعدم تأثرها باألهواء السياسية نظرا للتكوين القانوني ألعضائها‬
‫ً‬
‫‪,‬والتي تؤهلهم ملمارسة هذه الرقابة بكل كفاءة بعيدا عن التأثيرات السياسية من أية سلطة‪.‬‬
‫أوأل‪-:‬مفهوم الرقابة القضائية‬
‫يقصد بالرقابة القضائية هو أن تتولى هيئة قضائية مر اقبة دستورية القوانين أي ان يتولى القضاء فحص القوانين لتتحقق‬
‫من مطابقة احكامها للدستور(‪ )16‬وهذا يشمل الجهة القضائية التي جعل الدستورمن أختصاصها الرقابة على دستورية القوانين‬
‫عندما تكون الرقابة مركزية أي قضاء دستوري متخصص‪ ,‬ونظرأ ملا يتسم به القضاء عامة من الحياد واملوضوعية وبعده عن‬
‫األهواء والنزوات‪,‬واالستقالل في أداء مهماته وما يتوفر لدى القضاة من مؤهالت قانونية تسمح لهم باالطالع بمهمة فحص‬
‫القوانين لتتحقق من مدى مطابقتها ألحكام الدستور‪,‬فأن الرقابة القضائية على دستورية القوانين هي أفضل وسيلة للحفاظ‬
‫على احكام الدستور‪,‬فأن تبين للمحكمة دستورية القانون فأنها تق�ضي برد الدعوى واذا تبين لها أنه مخالف للدستور فتق�ضي‬
‫بألغاه‪,‬وعليه فأن الدعوى االصلية تجيزللقضاء ابطال القانون غيرالدستوري في مواجهة الكافة أي اعتباره كأن لم يكن من تاريخ‬
‫صدوره او على االقل أنهاء حياته بالنسبة للمستقبل بحيث ال يمكن االستناد عليه (‪. )17‬‬
‫ثانيأ‪-:‬صورالرقابة القضائية‬
‫تتخذ الرقابة القضائية على دستورية القوانين صورتين وعلى النحو االتي‪-:‬‬
‫‪ .1‬الرقابة عن طريق االمتناع‬
‫هذه الطريقة بالرقابة على دستورية القوانين أخذت بها الواليات املتحدة األمريكية‪ ,‬والتي تعتبر مهد لنشأة النظام القضائي‬
‫للرقابة على دستورية القوانين بالرغم أن دستورها لم ينص صراحة على هذه الرقابة‪ ,‬إال أنها بنيت على يد املحكمة االتحادية‬
‫العليا في الواليات املتحدة األمريكية‪ ,‬وذلك في عهد القا�ضي (مارشال) حيث قررحق القضاء في النظربدستورية القوانين‪ ,‬وذلك‬
‫عندما عرضت عليها قضية القا�ضي (ماربوري) ضد وزير داخلية الواليات املتحدة األمريكية (ماديسون) سنة ‪ 1803‬وبررت‬
‫ً‬
‫املحكمة ذلك بإن من واجب القا�ضي تطبيق القانون ولكن عليه التأكد أوال من وجود القانون الواجب تطبيقه (‪. )18‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ويالحظ أن تطبيق املحاكم لهذه الطريقة ليس حقا خاصا بها أي أنها ال تمارسها بمحض أرادتها ‪,‬إال أنها تتصدى لها في حالة‬
‫وجود نزاع معروض عليها في دعوى مدنية أو جنائية أو إدارية وهناك قانون معين ويطلب أخذ الخصوم تطبيقه فيطعن األخر‬
‫بالدفع بعدم دستورية هذا القانون‪,‬فإذا تأكدت املحكمة من جدية ذلك الدفع وأنه يخالف الدستور‪ ,‬فإن املحكمة ال تقوم بإلغاء‬
‫القانون وإنما تمتنع عن تطبيقه على القضية املعروضة‪.‬وتسمى هذه الطريقة بطريقة الدفع الفرعي‪,‬وبهذه الطريقة فإن املحكمة‬
‫ً‬
‫تمتنع عن تطبيق القانون لعدم دستوريته في هذه الدعوى‪,‬وأن القانون يبقى قائما وباإلمكان تطبيقه في محكمة أخرى في قضية‬
‫أخرى أذا لم يدفع احد الخصوم بعدم دستوريته (وهذه من الناحية النظرية) ولكن من الناحية العملية فإن املحكمة التي قضت‬
‫بعدم دستوريته تمتنع عن تطبيقه في النزاع وكذلك في املنازعات األخرى‪,‬وقد تمتنع أيضا املحاكم األخرى إذا كان الحكم صادرمن‬
‫محكمة عليا‪.‬‬
‫عليه فأن طريقة الدفع الفرعي هي طريقة دفاعية هدفها استبعاد تطبيق القانون وليس إلغاءه من قبل املحكمة‪ ,‬وأن حكمها في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هذا املوضوع ليس ملزما للمحاكم األخرى ما لم يكن صادرا من املحكمة االتحادية العليا‪.‬‬
‫والرقابة عن طريق الدفع بعدم دستورية القوانين يمكن ألي قا�ضي أو محكمة أن يأخذها وال تحتاج املحكمة عند قيامها بالدفع‬
‫بعدم دستورية القانون املعروض أمامها إلى وجود نص دستوري‪ ,‬ألن جوهر وطبيعة القا�ضي أن يرجح كفة الدستور باعتباره‬
‫التشريع األعلى عند تعارضه مع قانون ادني‪ ,‬ومن املعروف أن النص األعلى وهو من الدستوريقدم على النص األدنى وهو القانون‬

‫‪62‬‬ ‫املجلد (‪ )5‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2022‬‬


‫دراسات قانونية‬ ‫مجلة كلية دجلة الجامعة‬

‫العادي عند تعارضها ‪,‬وقد أخذت املحاكم في الواليات املتحدة األمريكية بهذه الطريقة رغم عدم وجود نص في دستورها وتعد‬
‫الواليات املتحدة األمريكية هي مهد ومنشأ طريق الدفع الفرعي في الرقابة على دستورية القوانين‪ ,‬ومن أهم مميزات هذه الرقابة‬
‫أنها ال تتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات‪.‬‬
‫‪ .2‬الرقابة عن طريق اإللغاء‬
‫وتقوم هذه الرقابة على أساس حق القضاء بإلغاء القانون غيرالدستوري‪ ,‬وبموجب هذا النوع من الرقابة يحق لإلفراد أو الهيئات‬
‫الحكومية الطعن بالقانون لعدم دستوريته‪ ,‬وذلك عن طريق إقامة الدعوى أمام القضاء يطلب فيها إلغاء القانون ملخالفته‬
‫ً‬
‫ألحكام الدستور‪ .‬والحكم الصادربخصوص الدعوى بإلغاء القانون املخالف يتمتع بحجية مطلقة تجاه الكافة (‪ , )19‬ونظرا ألهمية‬
‫هذا املوضوع والقا�ضي بإلغاء قانون صادرمن السلطة التشريعية فإن الدول أخذت تنظم دعوى اإللغاء وإجراءاتها في دساتيرها‪,‬‬
‫وأن الهيئة التي تشكل للفصل في هذه الدعوى يجب أن تكون أعلى هيئة قضائية في الدولة ألن اسناد أوترك موضوع إلغاء القانون‬
‫للمحاكم يؤدي إلى نتائج ضارة الستقرارالنظام القضائي باإلضافة إلى املشاكل التي تحدث بين املحاكم والسلطة التشريعية التي‬
‫شرعت القانون‪ ,‬وتختلف دساتير الدول في الجهة التي تعهد إليها هذه املهمة‪,‬فبعض الدساتير أسندتها إلى املحكمة العليا وأخرى‬
‫إناطة هذه الرقابة إلى محكمة دستورية متخصصة‪.‬‬
‫ً‬
‫وأيا كانت االتجاهات الدستورية بهذا الصدد فإن الرأي الصائب هو حصرهذه الرقابة بمحكمة دستورية متخصصة تقوم بهذه‬
‫املهمة‪ ,‬ألن من شأنه أن يضفي على موضوع الرقابة أهمية كبيرة يمنحها االحترام من قبل الجميع وخاصة املشرع العادي‪ ,‬باإلضافة‬
‫إلى أن تشكيل املحكمة الدستورية يضم العناصرالقانونية ذو الخبرة والكفاءة العالية واملتخصصة في املسائل الدستورية والذي‬
‫يؤدي إلى إصداراإلحكام الصحيحة والى سرعة حسم الدعاوى‪.‬‬
‫ونرى أن غالبية دساتير الدول تسند اختصاص الرقابة على دستورية القوانين للمحكمة العليا أو املحكمة االتحادية أو محكمة‬
‫خاصة تنشأ لهذا الغرض‪ ,‬ويجب مالحظة أن األخذ بهذه الرقابة يتوقف على وجود نص صريح في الدستور يجيز الرقابة وفي حالة‬
‫عدم وجود النص ال يجوزممارسة الرقابة القضائية عن طريق الدعوى األصلية وإنما عن طريق أخروهوالدفع بعدم الدستورية‪,‬‬
‫هذا وللرقابة على دستورية القوانين صورتان هما رقابة االلغاء السابقة ورقابة االلغاء (‪. )20‬‬
‫أ‪ -‬رقابة اإللغاء السابقة‬
‫ووفق هذه الطريقة يقوم رئيس الدولة بفحص مشروعات القوانين قبل إصدارها حيث يجوزلرئيس الدولة وقبل إصدارالقانون‬
‫أحالته إلى املحكمة املختصة بالرقابة على دستورية القوانين لبيان مدى مطابقته للدستور‪,‬وهذا ما أخذ به دستورأيرلندا لسنة‬
‫(‪)21‬‬
‫‪ 1937‬ودستورسوريا لسنة ‪ 1950‬و‪. 1973‬‬
‫وقد أيد جانب من الفقه الرقابة السابقة وسندهم في ذلك أن الرقابة السابقة يؤدي إلى منع صدور قوانين مخالفة للدستور‬
‫ويفضلها على الرقابة الالحقة ملا تسفرعنه من عدم استقرارتشريعي‪.‬‬
‫ب‪ -‬رقابة اإللغاء الالحقة‬
‫وتباشر هذه الرقابة على القوانين بعد صدورها‪ ,‬وبذلك سميت بالرقابة الالحقة وباإلمكان لإلفراد والهيئات الحكومية املباشرة‬
‫بالطعن في القانون غيرالدستوري وذلك عن طريق إقامة دعوى أصلية أمام املحكمة املختصة التي خولها الدستوربالنظرفي هذه‬
‫الدعوى‪ ,‬وتعد هذه الطريقة في إقامة الدعوى هجومية حيث ال ينتظرالفرد بتطبيق القانون عليه لكي يطعن بعدم دستوريته ‪,‬بل‬
‫يهاجمه من خالل رفع دعوى عدم الدستورية‪.‬‬
‫أن هذه الطريقة في الرقابة تهدف إلى عالج ما أصاب البناء القانوني في الدولة من وجود نصوص أو تشريعات مخالفة ملا يعلوها‬
‫من قواعد قانونية وعلى قمتها القواعد الدستورية‪.‬‬
‫وقد أيد معظم الفقه هذا األسلوب من الرقابة مستندين بذلك بأن مواطن العيب ال يظهرإال من خالل التطبيق العملي وفي ضوء‬
‫اآلثارالتي أحدثتها في مجال تطبيقها لتكون الرقابة ‪,‬وذلك من خالل ما هو قائم وليس ما هو مفترض (‪. )22‬‬
‫ومن الدساتير التي أخذت بهذا األسلوب من الرقابة إال أنها تباينت في مسألة اإلجازة لإلفراد بالطعن بدستورية القانون‪ ,‬حيث أن‬
‫هناك دساتيرحصرت حق الطعن بهيئات عامة كاملجالس التشريعية واملحكمة القضائية العليا واملحكمة اإلدارية العليا واملحكمة‬
‫املختصة باالنتخابات ‪.‬مثل دستورتشيسكلوفاكيا لسنة ‪ 1920‬والدستورالتركي لسنة ‪ 1961‬ودستورالنمسا لسنة ‪.1920‬‬
‫وهناك دساتيرأجازت ألصحاب املصلحة من اإلفراد الطعن بعدم دستورية القوانين ‪.‬مثل الدستورالبحريني لسنة ‪ 2002‬ودستور‬
‫(‪)23‬‬
‫الصومال لسنة ‪ 1961‬ودستورالعراق لسنة ‪2005‬‬

‫‪63‬‬ ‫املجلد (‪ )5‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2022‬‬


‫دراسات قانونية‬ ‫مجلة كلية دجلة الجامعة‬

‫ومن الجديربالذكرهنا أن نتطرق إلى وسيلة فعالة أيضا للرقابة على دستورية القوانين والتي تؤشرإلى أماكن الخلل في الدستور‬
‫وكذلك الرقابة عليه من قبل السلطة وهي رقابة الرأي العام ووسائل اإلعالم ومنظمات املجتمع املدني ولكن يالحظ أنها ال يمكن‬
‫أن تقدم الحماية التي تقدمها الرقابة القضائية والتي تكون مجدية وفعالة‪.‬‬
‫عليه فإن حماية الدستور من تدخالت السلطة لغرض مخالفة نصوصها وألغراض مصلحيه هي من أهم أسباب الرقابة على‬
‫الدستور‪ ,‬ومن غير هذه الرقابة فإن السلطات الحاكمة في الدولة ستكون لديها اليد الطولى في التالعب بالدستور كيفما شاءت‬
‫لتحقيق مصالحها والتي هي أهداف جميع األحزاب السياسية التي تصل إلى السلطة (‪. )24‬‬
‫ونخلص مما تقدم ان هناك وجهة اختالف بين الرقابة السياسية والرقابة القضائية هي أن االولى تعتبرسابقة لصدورالقانون‪,‬أما‬
‫الثانية فهي الحقة لصدور القانون وأن القضاء يمارس عمله في الرقابة بعد صدور القانون للتأكد من دستورية القانون الصادر‬
‫من عدمه‪ .‬ويقف على معرفة مدى التزام السلطة التشريعية بأختصاصاتها وعملها على أصدارالقوانين املطابقة للدستور‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬رأي الفقه يف الرقابة على دستورية القوانني‬


‫سبق االشارة الى أن الفقه الدستوري والقضائي قد انتهى باالتفاق على ضرورة الرقابة على دستورية القوانين لضمان علوية‬
‫ً‬
‫واحترام الدستور من االختراق‪ ,‬إذ يرى الفقيه الفرن�سي (جورج بوردو) في أهمية الرقابة على دستورية القوانين قائال (ما دام‬
‫الدستور هو القانون األعلى في الدولة فال مناص من احترامه بما سيتتبعه هذا االحترام من بطالن القوانين املخالفة له‪ ,‬وملا‬
‫كان من غير املقصود اسناد عملية الرقابة على دستورية القوانين إلى واضعيه ‪,‬فأنه يتعين وجود هيئة أخرى تختص بإقرار عدم‬
‫الدستورية وبالتالي الحيلولة دون ترتيب القانون غيرالدستوري ألية أثار) (‪. )25‬‬
‫يرى البعض االخرمن الفقه ومنها الفقه الفرن�سي التي أنيطت مهمة الرقابة على دستورية القوانين إلى هيئة سياسية غيرمختصة‬
‫أطلق عليها اسم املجلس الدستوري‪ ,‬حيث يكون من اختصاصه الرقابة على دستورية القوانين قبل إصدارها ‪.‬ورأي الفقه‬
‫الفرن�سي من الرقابة الدستورية على القوانين من الناحية املوضوعية من قبل املحاكم فقد انقسم الفقهاء إلى فريقين‪ .‬األول‬
‫ينكر على املحاكم اختصاص النظر بدستورية القوانين مستندين إلى النصوص القانونية والى إن مباشرة املحاكم لهذه الرقابة‬
‫ً‬
‫يشكل خرقا ملبدأ فصل السلطات‪,‬إذ يرون أن وظيفة القضاء هو تطبيق القانون وليس الحكم عليه وإن باشر القا�ضي الرقابة‬
‫الدستورية فأنه يكون قد تعدى حدود اختصاص املشرع‪,‬في حين يرى الفريق الثاني حق املحاكم النظر في دستورية القوانين وأن‬
‫ممارسة هذا االختصاص ليس فيه أي تعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات ألن طبيعة عمل القا�ضي وهي تطبيق القانون‪,‬‬
‫تحتم عليه عند تعارض القانون العادي مع إحكام الدستور تطبيق القانون األسمى وهو الدستور واالمتناع عن تطبيق القانون‬
‫ً‬
‫العادي‪ ,‬وال يعد تصرف القا�ضي بهذه الصورة تدخال في إعمال املشرع إذ أنه ال يحكم فيه بإلغاء القانون وإنما يمتنع عن تطبيقه‬
‫ً‬
‫نظرا ملخالفته لقانون أسمى منه هو الدستور(‪ )26‬وعليه لو قلنا أن القا�ضي يطبق القانون كما هو ولو خالف الدستورلكان في ذلك‬
‫اعتداء على السلطة القضائية من جانب املشرع ومن ثم إهدارملبدأ فصل السلطات (‪. )27‬‬
‫وسكتت بعض دساتيرالدول عن معالجة موضوع الرقابة على دستورية القوانين وقد ذهب بعض الفقه الى تفسيرهذا السكوت‬
‫في الدستورعلى أنه أباحة لرقابة القضاء على دستورية القوانين في حين ذهب أخرون على أنه ال يبيح تلك الرقابة‪.‬‬
‫ً‬
‫أما الفقه املصري فقد استقر القضاء االداري فيه على تقرير الرقابة القضائية بدءا من عام ‪ 1948‬دون وجود نص دستوري‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يعطيه هذا الحق (رقابة امتناع بطريق الدفع الفرعي) (‪ )28‬عندما أصدرت محكمة القضاء االداري حكما رائدا في هذا املجال عام‬
‫‪ 1948‬جاء فيه (ليس في القانون املصري ما يمنع املحاكم املصرية من التصدي لبحث دستورية القوانين سواء من حيث الشكل‬
‫أو املوضوع)‪.‬‬
‫وعد الفقه املصري الرقابة القضائية وفي جميع األحوال رقابة مشروعية وليست رقابة مالئمة حيث تقتصر على التحقق من‬ ‫َ‬
‫مطابقة النص التشريعي املطعون فيه مع النصوص الدستورية ولم يتمسك الفقه والقضاء املصري بالبواعث التي دفعت املشرع‬
‫على إقرارنص تشريعي باعتبارها من املالئمات التي يجب تركها للمشرع (‪. )29‬‬
‫أما الرقابة القضائية والتي أخذت بها غالبية الدول‪ ,‬إال أنها لم تتفق على أسلوب واحد فبعضها أخذت برقابة اإللغاء والبعض‬
‫األخر أخذت برقابة االمتناع ‪,‬حيث أن األولى تعني إبطال القانون غير الدستوري في مواجهة الجميع أما الثانية فتعني امتناع‬
‫القا�ضي عن تطبيق القانون غير الدستوري في القضية املعروضة أمامه أذا ما دفع احد اإلطراف بعدم دستوريته دون أن يكون‬
‫لحكمه أثر‪ ,‬إال في مواجهة أطراف القضية الصادرة فيها الحكم‪ ,‬وقد أخذت بهذه الطريقة الواليات املتحدة األمريكية وبصورها‬
‫الثالثة الدفع بعدم الدستورية واألمرالقضائي والحكم التقريري‪.‬‬

‫‪64‬‬ ‫املجلد (‪ )5‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2022‬‬


‫دراسات قانونية‬ ‫مجلة كلية دجلة الجامعة‬

‫وقد أعتمد الفقهاء األمريكيون على أسلوب الحكم التقريري على أسلوبي الدفع واألمر القضائي ‪,‬على اعتبار انه يحقق الغرض‬
‫املقصود في الرقابة‪ .‬ويمكن املحاكم من إعالن رأيها في دستورية القانون املعروض عليها دون الحاجة إلى خلق منازعات صورية‪ ,‬من‬
‫اجل الوصول إلى معرفة رأي املحاكم في دستورية قانون معروض إمامها كما يحدث في األسلوبين اآلخرين باإلضافة إلى إن الحكم‬
‫التقريري يمتازبأنه يقرراملراكزالقانونية للخصوم في الدعوى دون إن يتضمن إي أمرتنفيذي ‪,‬فانه ال يشترط إلصداره إن يشكو‬
‫طالبه من وقوع ضررمعين‪ ,‬كما أنه ال يشترط إن يكون هناك ضرروشيك الوقوع كما هو مشروط إلصدارأوامراملنع‪.‬‬
‫وقد أسرفت املحكمة العليا في الواليات املتحدة األمريكية في رقابتها على دستورية القوانين االتحادية إلى درجة أثارت ضدها‬
‫السلطتين التشريعية والتنفيذية‪ ,‬حتى أنها وقفت ضد برنامج إنعاش النظام االقتصادي واالجتماعي الذي طرحه الرئيس األمريكي‬
‫روزفلت عام ‪ 1933‬حيث قضت بعدم دستورية قوانين اإلصالح بحجة مخالفتها للمفاهيم التقليدية للنظام الدستوري األمريكي‬
‫‪,‬وهذا ما دفع بعض الفقهاء على إن يطلقوا على املحكمة العليا تسمية(حكومة قضاة) وعلى القا�ضي مارشال تسمية (املؤسس‬
‫الثاني للدستور)‪.‬‬
‫ونحن من جانبنا نميل الى االخذ برأي الفقه املصري ويعوز سبب ذلك الى توسع القضاء االداري في مصر على خالف القضاء‬
‫االداري في فرنسا‪.‬‬

‫اخلامتة‬
‫أن األخذ بمبدأ الرقابة على دستورية القوانين من شأنه حفظ الدستور وحمايته‪ ,‬و إقرار قاعدة (سمو الدستور) وإبعاد ألثار‬
‫الحكم الدكتاتوري املطلق وفرض مبدأ سيادة الشعب وبما أن الدستور هو قانون فإن مهمة رقابته يجب إن توكل إلى هيئة‬
‫قضائية‪ ,‬الن القضاء اثبت نجاحه في الرقابة على دستورية القوانين في جميع الدول التي طبقت هذه الوسيلة في الرقابة‪.‬‬
‫أوأل‪-:‬النتائج‬
‫وأن أهم النتائج التي تم التوصل إليها هي‪:‬‬
‫‪ .1‬من املعلوم وجود أسلوبين للرقابة على دستورية القوانين الرقابة السياسية وهي رقابة سابقة لصدورالقانون ورقابة قضائية‬
‫والتي تعتبر الحقة على صدور القانون وفي رأينا أن الرقابة القضائية هي األفضل للدور الفعال الذي تقوم عليه هذه الرقابة في‬
‫حماية الدستور وبالرغم من ذلك يجب أن ال نن�سى دور الرقابة السياسية في هذا املجال وذلك بتفعيل دور البرملان عند عرض‬
‫مشروع قانون عليه‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .2‬أن أنشاء محكمة اتحادية عليا أو محكمة دستورية تأخذ على عاتقها الرقابة على دستورية القوانين‪ ,‬يعد من حيث املبدأ كسبا‬
‫ً‬
‫يستحق التقديرالن وجود مثل هذه املحاكم يعتبرضمانا أكيدا للحقوق والحريات العامة التي نص عليها الدستور‪.‬‬
‫‪.3‬إن األخذ بمركزية الرقابة على دستورية القوانين بحيث تناط هذه الرقابة ملحكمة عليا واحدة أفضل من نظام الالمركزية في‬
‫الرقابة ‪,‬وذلك لتجنب التضارب والتعارض في إحكام املحاكم في دستورية وعدم دستورية قانون ما‪ ,‬كما أن جزاء اإللغاء املرتبط‬
‫بمركزية الرقابة يرفع اإلشكاالت التي قد تحدث عند امتناع املحكمة عن تطبيق قانون معين في دعوى معروضة عليها مع بقائه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫رغم ذلك قائما فيما عداها ومنتجا لجميع اثأرنفاذه‪.‬‬
‫‪ .4‬أن ما تمثله اإلحكام الصادرة من املحاكم املختصة بالرقابة على دستورية القوانين من أهمية نرى أن هذه املحاكم يجب أن‬
‫تشكل من رجال القانون ذوو الكفاءة والخبرة العالية‪ ,‬لكي تصدر إحكامها الخاصة بدستورية القوانين بأغلبية تتفق مع أهمية‬
‫الحكم بعدم دستورية القوانين وأخيرا فإن رأينا أن الرقابة القضائية هي الطريقة املثلى للمحافظة على دستورية القوانين ‪,‬حيث‬
‫ً‬
‫أن الجهات القضائية تعد أكثرنزاهة واستقالال من الهيئات السياسية التي تخضع للضغوطات الحزبية كما أن معظم دول العالم‬
‫أخذت بهذا األسلوب من الرقابة‪.‬‬
‫‪ .5‬تبين لنا الدور الكبير والهام للرأي العام والصحافة ووسائل االعالم في الدول الديمقراطية‪ ,‬والتي يطلق عليها السلطة الرابعة‬
‫والتي تلعب دورأ كبيرا في الرقابة على دستورية القوانين ‪,‬حيث دساتيربعض الدول تمنح هذه الجهات الحق في االحتجاج على خرق‬
‫قانون ما لقواعد الدستوروالطلب الى املحاكم الدستورية ملعالجة هذا االعتداء على الدستوروفق القانون وقد تبنت دساتيركل‬
‫من املانيا وغانا وسلوفاكيا هذا االسلوب في دساتيرها‪.‬‬
‫‪ .6‬أن رقابة منظمات املجتمع املدني على دستورية القوانين من خالل املنظمات غير الحكومية والتي تعتبر العين الساهرة على‬
‫املجمتع وعلى الدستور‪,‬ويطلق على هذه املنظمات بالسلطة الخامسة‪,‬حيث يقوم افرادها بممارسة دورها من خالل هذه املنظمات‬

‫‪65‬‬ ‫املجلد (‪ )5‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2022‬‬


‫دراسات قانونية‬ ‫مجلة كلية دجلة الجامعة‬

‫بمر اقبة السلطات العامة في الدولة وبما تصدره من قوانين وتشريعات ومدى مطابقتها للدستور‪ .‬وتقوم منظمات املجمتع املدني‬
‫ومنظمات حقوق االنسان بمهمة الرقابة على دستورية القوانين‪.‬‬
‫ثانيأ‪:‬املقترحات‬
‫‪ .1‬العمل على تقوية الجهازالقضائي العراقي واالرتقاء به كي يتمكن من اداء مهامه كسلطة مستقلة‪.‬‬
‫‪ .2‬وجوب احترام احكام املحكمة املختصة (املحكمة االتحادية العليا) بالرقابة على دستورية القوانين من قبل كافة سلطات‬
‫الدولة وأجهزتها‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ .3‬نقترح ان تكو للرقابة على دستورية القوانين القابلية الكاملة أي يجب ان يمتد نطاقها ليشمل احد العيوب الخطيرة والحديثة‬
‫الظهورفي املجال الدستوري وهو عيب االنحراف في السلطة التشريعية‪.‬‬

‫‪66‬‬ ‫املجلد (‪ )5‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2022‬‬


‫دراسات قانونية‬ ‫مجلة كلية دجلة الجامعة‬

‫اهلوامش‬
‫‪ .1‬د‪.‬سامي جمال الدين‪,‬القانون الدستوري والشرعية الدستورية على ضوء قضاء املحكمة الدستورية العليا‪,,‬منشأة املعارف االسكندرية‬
‫‪,‬سنة‪,2005‬ص‪142‬‬
‫‪ .2‬املصدرنفسه ص‪124‬‬
‫‪ .3‬د‪.‬ثروت بدوي الدولة القانونية مجلة ادارة قضايا الحكومة (القاهرة) العدد‪3‬السنة الثالثة ‪1959‬ص‪31‬‬
‫‪ .4‬د‪.‬سامي جمال الدين‪.‬املصدرالسابق ‪,‬م‪.‬س‪.‬ز‪ ,‬ص‪144‬‬
‫‪ .5‬د‪.‬ثروت بدوي‪.‬القانون الدستوري وتطوراالنظمة الدستورية في مصر‪/‬جامعة القاهرة ‪ 1969‬ص‪99‬‬
‫‪ .6‬د‪.‬منذرالشاوي ‪.‬القانون الدستوري ‪,‬جامعة بغداد‪1970 ,‬ص‪55‬‬
‫‪ .7‬د‪.‬محمد كامل ليلة‪.‬القانون الدستوري‪/‬جامعة عين شمس القاهرة ‪ 1967‬ص‪119‬‬
‫‪ .8‬د‪.‬حميد حنون خالد‪.‬مبادئ القانون الدستوري وتطورالنظام السيا�سي في العراق ‪,‬بغداد‪,‬سنة‪ 2013‬ص‪157‬و‪158‬‬
‫‪ .9‬سليم نعيم خضيرالخفاجي‪,‬الرقابة القضائية على دستورية القوانين في الدساتيرالعر اقية‪,‬بحث منشورفي مجلة اهل البيت‪,‬العدد الثامن‪,‬ص‪.316‬‬
‫‪ .10‬ينظراملادة (‪ )93‬من الدستورالعراقي لعام‪.2005‬‬
‫‪ .11‬د‪.‬حميد حنون خالد‪.‬مصدرسابق‪ ,‬ص‪158‬‬
‫‪ .12‬د‪.‬عبد الغني بسيوني عبد هللا‪,‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪,‬مطبعة الدارالجامعية‪,1985,‬ص‪ 55‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ .13‬د‪.‬رمزي الشاعر‪.‬القانون الدستوري في مملكة البحرين دراسة مقارنة‪ 2003‬ص‪20‬‬
‫‪ .14‬ينظرد‪.‬يحيى الجمل‪,‬القانون الدستوري‪,‬املبادئ الدستورية العامة‪,‬دستورعام ‪,1970‬دارالنهضة العربية‪,2004,‬ص‪.176‬‬
‫‪ .15‬د‪.‬احسان حميد املفرجي واخرون‪,‬نظرية الدستور‪,‬وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪,‬كلية القانون‪,‬العراق‪,1990,‬ص‪.175‬‬
‫‪ .16‬د‪.‬احمد كمال ابو املجد‪,‬الرقابة على دستورية القوانين في الواليات املتحدة االمريكية واالقليم املصري‪,‬مكتبة النهضة العربية‪,‬القاهرة‪,1960,‬ص‪577‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫‪ .17‬د‪.‬احمد مهدي الديواني‪,‬السلطة القضائية‪,‬بحث منشورفي مجلة العدالة‪,‬العدد‪,14‬السنة الرابعة‪,1977,‬ص‪.180‬‬
‫‪ .18‬د‪.‬حميد حنون خالد‪,‬املصدرالسابق‪ ,‬ص‪166‬‬
‫‪ .19‬د‪.‬محمد كامل ليلة‪,‬مصدرسابق‪,‬ص‪.144‬‬
‫‪ .20‬د‪.‬احسان حميد املفرجي‪,‬املصدرالسابق‪,‬ص‪.177‬‬
‫‪ .21‬حميد حنون خالد‪,‬املصدرالسابق‪ ,‬ص‪174‬‬
‫‪ .22‬د‪.‬سامي جمال الدين‪.‬املصدرالسابق ص‪185‬‬
‫‪ .23‬د‪.‬حميد حنون خالد‪,‬املصدرالسابق ‪ ,‬ص‪176‬‬
‫‪ .24‬د‪.‬علي السيد الباز‪,‬الرقابة على دستورية القوانين في مصرمع املقارنة باالنظمة الدستورية االجنبية‪,‬دارالجامعات املصرية‪,‬االسكندرية‪, 1982‬ص‪674‬‬
‫‪ .25‬د‪.‬رمزي الشاعر‪,‬رقابة دستورية القوانين دراسة مقارنة‪ ,‬سنة‪, 2004‬ص‪708‬‬
‫‪26-Dugut0 traite de dt 0cons0t03019380p0720‬‬
‫‪ .27‬د‪.‬عبد العزيزمحمد سلمان‪,‬رقابة دستورية القوانين ‪,‬دارالفكرالعربي القاهرة‪, 1955 ,‬ص‪205‬‬
‫‪ .28‬د‪.‬السيد خليل هيكل ‪,‬القانون الدستوري واالنظمة الدستورية ‪,‬جامعة أسيوط ‪, 1983‬ص‪110‬‬
‫‪ .29‬د‪.‬رمزي الشاعر‪,‬املصدرالسابق ‪,‬ص‪708‬‬

‫املصـــادر‬
‫• أحسان حميد املفرجي وأخرون‪,‬نظرية الدستور‪,‬وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‪,‬كلية القانون‪,‬العراق‪.1990,‬‬
‫• أحمد كمال أبو املجد‪,‬الرقابة على دستورية القوانين في الواليات املتحدة االمريكية واالقليم املصري‪,‬مكتبة النهضة العربية‪,‬القاهرة‪.1960,‬‬
‫• ثروت بدوي‪,‬القانون الدستوري وتطوراألنظمة السياسية في مصر‪,‬جامعة القاهرة‪.1969,‬‬
‫• حميد حنون خالد‪,‬القانون الدستوري وتطورالنظام السيا�سي في العراق‪,‬بغداد‪.2013,‬‬
‫• خليل هيكل‪,‬القانون الدستوري واألنظمة الدستورية‪,‬جامعة أسيوط‪.1983,‬‬
‫• رمزي الشاعر‪,‬القانون الدستوري في محكمة البحرين‪,‬دراسة مقارنة‪.2003,‬‬
‫• سامي جمال الدين‪,‬القانون الدستوري والشرعية الدستورية على ضوء املحكمة الدستورية العليا(منشأة املعارف االسكندرية‪.)2005‬‬
‫• عبد الحميد متولي‪,‬القانون الدستوري‪,‬جامعة اإلسكندرية‪.1964,‬‬
‫• عبد العزيزمحمد سلمان‪,‬الرقابة على دستورية القوانين‪,‬دارالفكرالعربي‪,‬القاهرة‪.1955,‬‬

‫‪67‬‬ ‫املجلد (‪ )5‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2022‬‬


‫دراسات قانونية‬ ‫مجلة كلية دجلة الجامعة‬

‫• عبد الغني بسيوني عبد هللا‪,‬النظم السياسية والقانون الدستوري‪,‬مطبعة الدارالجامعية‪.1985,‬‬


‫• علي السيد الباز‪,‬الرقابة على دستورية القوانين في مصرمع املقارنة في النظم الدستورية األجنبية‪,‬دارالجامعات املصرية‪,‬اإلسكندرية‪.1982,‬‬
‫• عمراملجذوب‪,‬القانون الدستوري اللبناني وأهم األنظمة السياسية في العالم‪,‬جامعة بيروت‪.1998,‬‬
‫• كمال الغالي‪,‬مبادئ القانون الدستوري والنظم السياسية‪,‬جامعة دمشق‪.1989,‬‬
‫• محمد كامل ليلة‪,‬القانون الدستوري‪,‬جامعة عين شمس‪,‬القاهرة‪.1967,‬‬
‫• منذرالشاوي‪,‬القانون الدستوري‪,‬جامعة بغداد‪.1970,‬‬
‫• يحيى الجمل‪,‬القانون الدستوري واملبادئ الدستورية العامة‪,‬دستورعام ‪,1970‬دارالنهضة العربية‪.2004,‬‬

‫‪-‬البحوث القانونية‬
‫‪ .1‬احمد مهدي الديواني‪,‬السلطة القضائية‪,‬بحث منشورفي مجلة العدالة‪,‬العدد‪,14‬السنة الرابعة‪.1977,‬‬
‫‪ .2‬سليم نعيم خضيرالخفاجي‪,‬الرقابة القضائية على دستورية القوانين في الدساتيرالعر اقية‪,‬بحث منشورفي مجلة اهل البيت‪,‬العدد الثامن‪.‬‬

‫‪-‬الدساتري‬
‫‪ .1‬القانون األسا�سي العراقي لعام ‪1925‬‬
‫‪ .2‬دستورالعراق لعام‪ 2008‬النافذ حاليأ‪.‬‬

‫‪-‬املصادر الفرنسية‬
‫‪.1-Dugut,Traite dedt-cons.T 3-paris 1938‬‬
‫‪.2-Duverger (m.)institutions politiques et deoit constitutionnel,8 edit,themis,p.u.f,paris 1965‬‬
‫‪.3-Michel-henry fabre,principles republicains de droit constitutionnel ,paris,1967‬‬

‫‪68‬‬ ‫املجلد (‪ )5‬العدد (‪ )1‬كانون الثاني ‪2022‬‬

You might also like